Professional Documents
Culture Documents
240 Ec 6 BFB 382 F 5 Ba
240 Ec 6 BFB 382 F 5 Ba
()
م .بدرية صالح عبد هللا
المقدمة:
تعد االحزاب السياسية في اي دولة هي عنصر اساس في مؤسساته السياسية
وهي ظاهرة اجتماعية سياسية تتطور وتتجدد مع تطور فلسفة النظام السياسي وهي التي
تقود المجتمع نحو التغيير والبناء والتطوير نحو األفضل بمعنى ان وجود االحزاب أداة
فعالة في عملية االصالح وتختلف فاعليتها ونشاطاتها حسب طبيعة االنظمة السياسية.
لهذا فان تحول النظام السياسي في العراق بعد عام 2003من نظام دكتاتوري الى
نظام ديمقراطي احدث التغيير في النظام الحزبي المعتمد من نظام الحزب الواحد الى
التعددية الحزبية ،ان هذه التعددية جاءت مفرطة وغير محددة وذلك لغياب االطار
القانوني الذي يحدد وجود هذه االحزاب وينظم عملها.
هدف البحث:
تهدف الدراسة الى بيان او توضيح اثر رد فعل قانون االحزاب السياسية في
تحقيق الوحدة الوطنية في العراق بعد ان شهد العراق خالل فترة االنتقال من الحزب
الواحد الى التعددية بعد عام 2003حالة من الفوضى السياسية فيما يتعلق في انتشار
واتساع الظاهرة الحزبية بشكل غير مقنن اثر في الوحدة الوطنية.
اهمية البحث:
تأتي في ضوء صدور قانون االحزاب الوطنية بعد تطبيق التعددية الحزبية في
العراق لسنوات طويلة بدون وجود قانون االحزاب السياسية وبالتالي تأتي اهمية هذه
الدراسة في محاولة اظهار الجوانب االيجابية في فقرات هذا القانون والوقوف عندها
ومحاولة تعزيزها في المستقبل لتمثل االحزاب وفق هوية وطنية جامعة لكل المذاهب
واألطياف في المجتمع.
فرضية البحث:
يؤدي صدور قانون االحزاب السياسية الى ترصين وتقنين وجود االحزاب
بشكل تؤدي فيها ادوار رئيسة في تحقيق الوحدة الوطنية اذا ما طبقت فقراته بالشكل
الصحيح.
الفصل األول :الوحدة الوطنية
المبحث االول :مفهوم الوحدة الوطنية:
يكمن في تحديد ماهيتها وحدودها والذي سيجنبنا الوقوع في ضبابية المفهوم
اذا ما استعمل لغايات بعيدة اصال عن المعنى الحقيقي لها .وترى ان الوحدة الوطنية
من المفاهيم التي وجدت لها مكانا في القاموس السياسي حديثا لذلك فإذا ما اردنا
تحديد بدقة وتجاوز اللبس والتداخل المفاهيم من المفاهيم االخرى والتي تقترب منها
فان ذلك يفرض علينا اوال تحليل هذا المفهوم الى مفردات االساسية المكونة له ،
فالوحدة كفلسفة سياسية قد حظيت بالعديد من التعريفات لكنها في الوقت ذاته لم
تتفق غلى رابط جامع لهذا المفهوم .من هذه التعاريف ما ذهب اليه (حامد ربيع)
عندما عد الوحدة : 1المنطلق الحقيقي لخلق االرادة المتكاملة من جانب والتعبير
الشكلي عن مفهوم التكامل االجتماعي والسياسي من جانب اخر .أما (غانم محمد
صالح ) يرى الوحدة ما هي إال مفهوم اثير ويتأثر في اغلب االحيان وهو مرتبط في
عملية التجميع ازاء عدد خارجي .2ان الوحدة تتمثل في شعور االفراد داخل المجتمع
بالرغبة في التقارب في اطار المجموعة الواحدة بحكم الروابط والخصائص المشتركة
التي تصب في مصلحة الجماعة بصورة طواعية وعبر االطار السياسي .ونرى ان مفردة
1عبد الجبار احمد عبد اهلل ،العالم الثالث بين الوحدة الوطنية والديمقراطية ،اطروحة الدكتوراه غير منشورة مقدمة الى كلية
العلوم السياسية ،جامعة بغداد،2002 ،ص . 15
2غانم محمد صالح ،العراق والوحدة العربية بين ( )1958/1939الفكر والممارسة ،دار الحكمة للطباعة والنشر
،بغداد ، 1990،ص. 13
949 المجلة السياسية والدولية
الوحدة تتداخل معها مفاهيم اخرى تقترب كثيرا او قليال منه كاالندماج والتكامل للتمييز
بين هذه المفاهيم سنتطرق لكل واحدة منها .
االندماج كما يعرفه (محمد السيد سعيد) كونه عملية اجتماعية تعنى بتكوين
جماعة اكبر بالتحام جماعات فرعية اصغر ،وتتضمن تلك العملية وحدة االعراف،
والقوانين والنظم االدارية التي توجه حركة الموارد واألشخاص واألفكار وقد يتطلب
االندماج معامالت شتى بين المناطق والسكان داخل الجماعة المندمجة ولكنها مع
ذلك تظل تؤكد وحدة الجماعة 3،في حين ان هناك من عرفه ضمن اطاره القومي وعده
ادماج العناصر االجتماعية واالقتصادية والعرقية والجغرافية ،في الدولة القومية الواحدة،
او تجميع الجماعات المتباعدة ودمجها في صورة اكثر تكامال او محاولة لخلق قومية
واحدة في عدة جماعات صغيرة4وان ما يميز (االندماج) عن (التكامل) ان االول يعبر
عن درجة من التفاعل واالنسجام داخل الوحدات المكونة للنظام ،اما االخر فهوة نتيجة
وهوة حالة نظام تعمل اجزاءه وتقوم بوظائف حيوية وبذلك نستطيع القول ان االندماج
يسبق الوحدة وان كليهما يجب ان يتم سلميا ومن ثم فسوف ينجز التكامل باعتبار ان
الوحدة هي اللبنة االولى نحو تحقيق التكامل .اما مصطلح الوطنية كما يراها
(البستاني) ،وكما يفهم في سياق فهمه لها بأنها تتضمن عنصرين اساسيين هما :االرض
واللغة والعادات المشتركة ،اذ عد االرض اساس المجتمع الوطني ،اما اللغة فقد عدها
الرابطة الوطنية ،والعادات المشتركة فيراها المكون االساس لإلخوة الوطنية 5.اما
(ساطع الحصري) يعرفها كونها تعني حب الوطن والشعور بارتباط باطني نحوه ،وهي في
تقديره اقوى النزاعات االجتماعية المتأصلة في نفوس البشرية 6.وينطلق الدكتور رياض
عزيز هادي من منطلق اكثر شمولية ليؤكد بان الوطنية تعني التعلق بأرض االجداد
3خيري عبد الرزاق جاسم ،مشكلة االندماج الوطني في الجزائر ،رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية العلوم
السياسية ،جامعة بغداد ،1992 ،ص.5
4اكرم بدر الدين ،ازمة التكامل والتنمية ،مجلة السياسة الدولية ،القاهرة ،العدد( ،1982 ،)68ص.18
5ناصيف انصار ،نحو مجتمع متجدد ،مقدمات اساسية في نقد المجتمع الطائفي ،ط ،4دار الطليعة للطباعة والنشر،
بيروت ،1981 ،ص.27
6ساطع الحصري ،اراء وأحاديث الوطنية والقومية ،ط ،3دار العلم للماليين ،بيروت ،1979 ،ص.25
950 المجلة السياسية والدولية
والتمسك واإلحساس بالقيم المشتركة ،والتفكير ،والرغبة في العيش معا 7.في حين
عدها دكتور (عبد الجبار احمد عبد اهلل) المشاعر الداخلية التي يشعر بها الفرد باتجاه
تربته 8.اما (الموسوعة االمريكية) استعمال هذا المصطلح للتأكيد على المشاعر
الوطنية وتغذيتها العوامل تؤدي الى الشعور بالفخر واالعتزاز بمآثر الماضي واالستعداد
نحو تكوين مجتمع اكثر قوة وتماسكا من خالل المستقبل وتعني بمجملها حب الوطن
وأرضه وشعبه وتاريخه 9.مما تقدم نستطيع القول ان الوطنية ما هي إال تعبير عن الشعور
الذي يقود الى تماسك االفراد وتوحدهم ومن ثم والئهم للوطن وتقاليده والدفاع عنه
وهذا الشعور يتولد منذ ارتباط الفرد في اول عهده بالبيئة التي يعيش فيها ومن خالل
المشاعر التي تتولد لدى الوطني والتي ال تستند الى التفكير بقدر ما تستند الى العاطفة
فان ذلك يقود الى ما يعرف (بالمواطنة والمواطنية) .اما تعريف الوحدة الوطنية يرى
(دكتور صادق االسود) بأنها صهر العناصر السكانية المختلفة بوحدة اجتماعية هي
االمة وتنظيمها في نظام سياسي معين واحتوائها في هيئات ومؤسسات الدولة او بعبارة
اخرى تنظيم العناصر السكانية في هيئة دولة مستقلة ذات مصالح متميزة عن الدول
االخرى 10.كما انها ال تعني مجرد تشكيل امة واحدة داخل اطار الكيان السياسي
للدولة وإنما نشر الشعور باالنتماء لدولة واحدة واإلحساس بالتطابق مع الجماعات
االخرى في تلك الدولة التي تشترك في نفس الهدف .بمعنى البد ان يكون هناك حد
ادنى من االتفاق حول القيم التي تعد ضرورية لإلبقاء على النظام االجتماعي والتقريب
بين الهويات ،واالنتماءات الفرعية ،ووضعها في اطار وطني عام وتعزيز شعور افرادها
بانتمائهم سياسيا ومجتمعيا واقتصاديا الى الدولة القائمة والتي عادة ما تصبح في ضل
وجود الوحدة الوطنية والوالء للدولة عنصرا يغني المجتمع مع اهمال المشاعر الخاصة
7رياض عزيز هادي ،المشكالت السياسية في العالم الثالث ،مطابع التعليم العالي ،الموصل ، 1989 ،ص.407
8عبد الجبار احمد عبد اهلل ،العالم الثالث بين الوحدة الوطنية والديمقراطية ،مصدر سبق ذكره ،ص.13
ز9( Encyclopedia Americana, New York, 1979, pp.403
10د .صادق االسود ،السياسة في الدول النامية ،محاظرات مطبوعة ،1971 ،ص ،139وقد تبناها كل من دكتور رياض
عزيز هادي ،المشكالت السياسية ف ي العالم الثالث ،مصدر سبق ذكره ،ص ،407عبد الجبار احمد عبد اهلل ،العالم
الثالث بين الوحدة الوطنية والديمقراطية ،ص.13
951 المجلة السياسية والدولية
العرقية او الطائفية او المذهبية 11.ويرى الدكتور رياض عزيز هادي هي انها التعلق
باالرتباط بأرض االجداد وكذا التمسك واإلحساس بالقيم المشتركة والتفكير بالرغبة
والعيش معا .فيما يعتقد الدكتور ناظم عبد الواحد جاسور الوحدة الوطنية هي العملية
التي تعني تحقيق االندماج االجتماعي وتالحم عناصر االمة وذلك بمزج الجماعات
المختلفة والمتميزة بعضها عن بعض الخصائص الذاتية (مذهبية وعرقية ) في نطاق
سياسي واحد تسيره سلطة مركزية واحدة وبقوانين سارية المفعول على كل اقاليم الدولة
وتنطبق على كل افراد المجتمع بدون تمييز او محاباة على اساس اللون او القومية او
الجنس .
12
تبني آلية انتخابات نزيهة تمثل عموم المجتمع تؤدي الى تأسيس سلطة تنفيذية - ت
وتشريعية والتداول السلمي للسلطة.
كما ان القواعد التي يقوم عليها المجتمع الديمقراطي هي المساواة بين المواطنين في
التمتع بالحقوق وما عليهم من واجبات دون اي تمييز بين افراد المجتمع ،فضال عن
هذه القواعد هناك عدة اليات لتعزيز الديمقراطية منها وجود االحزاب السياسية الفاعلة
وإجراء انتخابات دورية وتشكيل البرلمان وحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة .وهي
اليات تعزز الوحدة الوطنية بين فئات المجتمع14.كما ان وجود التعددية ووجود نظم
ديمقراطية معادلة مهمة تضمن وجود وترسيخ الوحدة الوطنية ،ومن اهم المداخل
الضرورية إلنهاء االزمة بين الدولة والمجتمع هي تطوير مستوى المشاركة السياسية
وتوطيد اركان المشاركة الديمقراطية15عن طريق تنمية مؤسسات المجتمع المدني،
والسماح بإنشاء االحزاب السياسية والتشكيالت الثقافية واالقتصادية ،وحرية التعبير
عن الرأي واالنتخاب .ومن المالحظ ظلت االنظمة السياسية المتعاقبة تكرس التعبئة
بدل المشاركة السياسية وظلت نتائج االنتخابات رهينة بإرادة الحاكم ال تعبير عن ارادة
المجتمع لذلك يجب ان تكون االنتخابات تعبير عن مشاركة سياسية حقيقية .اذا
االنتخابات ايا كان شكلها وطبيعتها البد وان تؤدي الى توسيع قاعدة المشاركة
السياسية التي من دونها ال يمكن الحديث عن المشاركة الحقيقية 16.ان وجود
الديمقراطية في اي بلد يؤدي الى تعزيز افضل صورة للوحدة الوطنية قائمة على التعايش
السلمي والتسامح بين الهويات الدنية والوطنية بين االقليات االثنية والقوميات االخرى،
وهو الحل االسلم للوصول الى ثقافة واحدة وطنية بشكل تدريجي بما يعزز الهوية
الوطنية الواحدة .17اذا اقامة دولة وطنية قائمة على اساس القانون والمساواة هي
14عامر حسن فياض ،أزمات ومزالق بناء الدولة وإدارة الحكم في العراق المعاصر ،مجلة حمورابي ،بغداد ،العدد الثالث
،حزيران ، 2012 ،ص.12
15د.على دريول محمد ،اعادة تشكيل الهوية الوطنية مقدمة لبناء عراق ديمقراطي ،مجلة العلوم السياسية ،جامعة بغداد ،
العدد ، 36حزيران ، 2008 ،ص.678
16بشيركو كرمانج ،الهوية واالمة في العراق ،ترجمة عوف عبد الرحمن عبد اهلل ،دار الساقي ،لبنان ،2013 ،ص.289
17نادية سعد الدين ،الشروط المعززة ومستقبل الدولة العراقية في مواجهة عوامل تفكك مقيدة ،ملحق السياسة الدولية،
العدد ( ، )195يناير ، 2014 ،ص.13
953 المجلة السياسية والدولية
الطريق لتحقيق الوحدة الوطنية 18.اضافة الى ان الروح العقالنية هي احدى الصفات
االساسية للوطنية لذا ستكون الديمقراطية والمشاركة السياسية ضرورة مهمة لبناء
الوحدة الوطنية .وال ننسى دور النخب الوطنية داخل الدولة وتحديد االولويات
والضرورات االساسية لتحقيق الوحدة الوطنية ،ويجب ان تتمتع هذه النخب الحاكمة
بالشرعية الن الشرعية هي االساس لبناء الدولة المدنية وتحقيق االستقرار الن هذه
النخبة تحظى بالدعم من المجتمع إلدارة شؤونه اليومية وإلشباع حاجات المواطنين
سواء الخارجية والداخلية ولحماية حقوق المواطنين الضرورية وصيانتها .
-2بناء نظام اجتماعي عادل لجميع الفئات والمكونات االجتماعية قائم على اساس
المواطنة :ان وجود تعددية حزبية يعطي المجال للفئات والمكونات االجتماعية
والتوجهات السياسية المختلفة لألفراد للتعبير عن ارائهم وأفكارهم الن وجود االحزاب
ضرورة اساسية لوجود الديمقراطية وتعزيز الوحدة الوطنية ،ويظهر دور هذه االحزاب
واضحا من خالل االنتخابات النيابية ودورها في تشكيل الحكومة وتطبيق برامجها
السياسية التي انتخبها االفراد ألجلها في حين تعمل االحزاب التي اخذت اقلية برلمانية
في تشكيل المعارضة البرلمانية داخل البرلمان وبذلك تكون الحياة الحزبية الصورة
. الصحية للعمل الديمقراطي وتعزيز صور التماسك االجتماعي بين فئات المجتمع
بمعنى اخر ان االنتخابات من الممكن ان تفيد في وضع االفراد على عتبة المواطنة ان
افرغت االحزاب السياسية والشخصيات السياسية المشاركة في االنتخابات من برامجها
كل عوامل شخصنة السلطة والنزعة الطائفية والمذهبية والعشائرية لصالح البرامج
الوطنية وهنا البد من التأكيد على ان الضرورة تقتضي ان يكون هذا التحول منفذ على
ارض الواقع وليس مجرد شعارات تطرح اثناء الحملة االنتخابية وتنتهي بانتهاء
18خميس البدري ،الثقافة السياسية والنظام السياسي نقد المفهوم الغربي للثقافة السياسية ،مجلة العلوم السياسية ،جامعة
بغداد ،العدد ( ، )28كانون الثاني ، 2004 ،ص.94
19احمد بو دراع ،المواطنة :حقوق وواجبات ،المجلة العربية للعلوم السياسية ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت،
العددان ( ، 2014 ، )44 – 43ص.153
954 المجلة السياسية والدولية
20د .خيري عبد الرزاق جاسم ،نظام الحكم في العراق بعد 2003والقوى المؤثرة فيه ،بيت الحكمة ،بغداد،2012 ،
ص.182
21وليد سالم محمد ،الثقافة السياسية واهميتها في ممارسة السلطة وبناء الدولة في العراق:الرؤية واالليات ،المجلة العربية
للعلوم السياسية ،مركز دراسات الواحدة العربية ،بيروت ،العددان ، 42-41شتاء-ربيع ، 2014 ،ص.132
22د .ثناء محمد صالح عبد الرحيم ،قرائات في علم االجتماع السياسي رؤية استشرافية ،بيت الحكمة ،بغداد 2013 ،
،ص. 195
955 المجلة السياسية والدولية
المجتمع الذي يوجد فيه .وتقسم المؤسسات السياسية الى مؤسسات تخلق من قبل
االفراد نتيجة الحاجة اليها وتضم مؤسسات لها مهام سياسية يعمل االفراد على ادارتها
ومنها السياسات الحكومية والبرلمان واالحزاب السياسية ولها ايدلوجية معينة وحاجات
مشتركة تخضع لقواعد مقررة وثابتة منصوص عليها في الدستور .لذلك هذه المؤسسات
تضع اسس السلم واالستقرار داخل المجتمعات وتضمن حقوق المواطن االساسية
وتحقيق االستقرار للدول والمجتمعات وضمان حقوق االفراد وسد احتياجاتهم كرديف
مهم للدولة وربط الفرد بهذه المؤسسات ليزيد احساسه بقرب الدولة منه وتلبيه
السياسية مستقرة قائمة على اساس 2ديمقراطي
3
احتياجاته .ويعد وجود المؤسسات
ودستوري عامال معززا لوجود الوحدة الوطنية ،ولهذا فان تكوين او تاسيس اي مؤسسة
يكون الحاجة اليها من قبل المجتمع وما تلبث ان تصبح فوق ارادة مؤسسيها مثال على
ذلك الدولة .وهنا البد ان نميز بين الدولة التقليدية ودولة المؤسسات حيث الدولة
التقليدية هي دولة مشخصنة اي ان الدولة تتمثل بشخص يكون هو مصدر السلطات له
4
دولة سلطات مطلقة وهو الواهب للخيرات او الحارم منها .اما دولة المؤسسات فهي
تقوم على اساس تقسيم السلطات ليس بين افراد وجماعات .بل بين سلطات
ومؤسسات مقرة في الدستور ( التشريعية _ التنفيذية_ القضائية) .وان بناء دولة ما على
اسس سليمة هو وجود فصل بين السلطتين المدنية والعسكرية الن وجود ترابط بين
السلطتين العسكرية والمدنية يؤدي الى عدم االستقرار السياسي .اذا المؤسسة هنا هي
طراز مستمر من السلوك االجتماعي والحياة المشتركة بين االفراد داخل الجماعة
الواحدة والحاجات المتعددة تدفعهم الى ان يطوروا عادات جماعية داخل الجماعة
5
الواحدة او طرق مقبولة لتحقيق االهداف المشتركة .
23ناظم نواف الشمري ،طه حميد حسن العمبكي ،ازمة المواطنة في العراق وسبل معالجتمها ،المجلة السياسية الدولية ،
كلية العلوم السياسية ،الجامعة المستنصرية ،بغداد ،العددان ، 2015 ، 27-26ص. 365
24د.عامر حسن فياض وكاظم علي مهدي ،اشكاليات بناء الدولة وادارة الحكم في العراق المعاصر ،مجلة قضايا سياسية
،كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،بغداد ،العدد ، 2013 ، 34ص. 41-40
25د .خيري عبد الرزاق جاسم ،العملية السياسية في العراق ومشكالت الوصول لدولة القانون ،ط ، 1مركز العراق
للدراسات ،بغداد ، 2009 ،ص.24
956 المجلة السياسية والدولية
-4تعزيز ثقافة التسامح بين فئات المجتمع :عرف التسامح اصطالحا بأنه رؤية متفهمة او
متحررة فكريا حيال العقائد والممارسات المغايرة او المضادة لعقائد الشخص المتسامح
وممارسته .لذا فأن التسامح هو تفهم القيم والعقائد واالفكار ويسمح بتعايش الرؤى
واالتجاهات المختلفة على اساس شرعية االخر دينيا وسياسيا كما يبنى التسامح على
2
اساس وجود تقبل االختالف والتعددية .وهنا يكون التسامح ليس منة 6او هبة بل حق
و واجب المجتمعات لتعزيز االختالف والتنوع .ان بناء وقيام مجتمع على اساس مبادئ
التسامح يحتاج الى بناء ثقافة سياسية بين االفراد وتكون الثقافة السياسية مرتكزا مهما
في تكوين تماسك المجتمع وتطوره وهي احدى صور الثقافة العامة المهمة التي ترسم
2 7
السياسية عنصرا مهما في بناء الصور المستقبلية ألي مجتمع .كما لعبت المشاركة
الوحدة الوطنية وترسيخ التسامح وتعزيز دور اكبر للفرد داخل المجتمعات للمشاركة في
اساس من متطلبات التحول الديمقر2اطي في بلدان
8
الحكم والمشاركة السياسية مطلب
العالم الثالث ،ونرى ان معظم دول العالم الثالث لم تعرف المشاركة السياسية الحقيقية
وبالتالي عانت تلك المجتمعات من ازمة في المشاركة ،وتنشأ تلك االزمة عندما تطالب
2 9
كبيرة النها ركن من الجماعات المهمشة باشراكها بالحكم ،وللمشاركة السياسية اهمية
اركان التنمية السياسية حاولت معظم البلدان التي حصلت على استقاللها االخذ بمبدأ
(المشاركة السياسية) ولكن معظم التطبيقات التي تم االخذ بها في بلدان العالم الثالث
0
حيث ان المشاركة كانت مشاركة مشوهة لم ترقى الى مستويات البلدان المتقدمة
الفاعلة لالفراد وفئات المجتمع تؤدي الى االنتقال في المجتمعات من مجتمع تحكمه
26علي عبود المحمداوي ،اشكالية التسامح واالعتراف باالخر ،مجلة المواطنة والتعايش ،مركز وطن للدراسات ،بغداد ،
العدد ( ، )9نيسان ، 2009 ،ص.8
27عبد العظيم جبر حافظ ،المثقف والسلطة والتحول الديمقراطي في العراق ،مجلة دراسات سياسية ،بيت الحكمة ،
بغداد ،العدد ( ، 2014 ، )29ص.111
28د .خيري عبد الرزاق ،مصدر سبق ذكره ،ص.12
29حميد حمد السعدون وآخرون ،استراتيجية التدمير وآليات االحتالل االمريكي للعراق ونتائجه (الطائفية -الهوية الوطنية
-ا لسياسات االقتصادية) ،ازمة الهوية في ظل االحتالل ،ط ، 1مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ، 2006 ،
ص.49
30حميد فاضل حسن ،مبدأ التسامح أنساقه الفكرية ودوره في تعزيز العملية السياسية العراقية ،مجلة العلوم السياسية،
جامعة بغداد ،العدد ( ، )33تموز ، 2006 ،ص.276
957 المجلة السياسية والدولية
الوالءات والروابط الفرعية الى مجتمع تحكمه دولة القانون وترسيخ المؤسسات
واستقاللها عن االشخاص واولوية الوالء للوطن .كما ان وجود بناء اجتماعي سليم قائم
على المساواة والعدالة بين جميع االفراد داخل المجتمع يضمن التماسك بين فئات
المجتمع وبهذا يعزز بصورة تامة الوحدة الوطنية ،ونرى ان الجذور االجتماعية الي بلد
تلعب دورا مهما في رسم العالقات االجتماعية في المجتمعات من التكوين االجتماعي
لبلد ما يهيئ االوضاع الالزمة المكانات ممارسة الحقوق والحريات للجميع اذا كان
عادال ،اما في حالة عدم وجود عدالة اجتماعية فيؤدي ذلك الى اختالل في الحقوق
وااللتزامات ويلعب الترابط السياسي واالجتماعي واالقتصادي دورا مهما في تحقيق
عدالة اجتماعية ويعزز بذلك الوحدة الوطنية ،بمعنى ان وجود نظام سياسي عادل قائم
على المساواة والحرية بين ابناء المجتمع الواحد دون تسلط جماعة او فئة اجتماعية
1
على اخرى يعطي المجتمع تماسكا واضحا بين افراد المجتمع .وعند التحدث عن
العراق فأن التسامح هو ضرورة لمعالجة جميع التراكمات التي واجهت الدولة العراقية
والعمل على حل جميع المشاكل اهمها:
الجهل السياسي والثقافي لدى النخب الحاكمة نتيجة للجذور التاريخية لهذه التراكمات
الموروثة فتجد ان معظم القوى السياسية العراقية قد تبنت مشاريع خارجية قومية وطائفية
وأمميه منافية للوحدة الوطنية ،مما أدخلها في احتقانات عديدة فيما بينها وبهذا اعاقة
تكوين هوية عراقية متكاملة على اساس التسامح ،الن وجود التسامح يخلق الهوية
الوطنية التي تعزز الوحدة الوطنية بين فئات المجتمع ويعطي المجتمع التنوع واالنفتاح
في تقبل االخر من الهويات المحلية والداخلية الدينية ،المذهبية والقبلية والمناطقية
وتعطي بالنتيجة االنفتاح على الخارج دون ان تنغلق على ذاتها وبالتالي تبتعد عن جميع
صور االحتقان وعدم االستقرار داخل المجتمع الواحد.
32
31شهاب احمد الفضلي ،المواطنة والسلوك ،مجلة المواطنة والتعايش ،مركز وطن للدراسات ،بغداد ،العدد ، 8كانون
الثاني ، 2009ص . 23
32د.رشيد عمارة الزيدي ،اليات التعايش السلمي في العراق ،اعمال المؤتمر السنوي الثاني لكلية العلوم السياسية
واالجتماعية ،جامعة سليمانية5 ،نيسان ،2011 ،ص.126_125
958 المجلة السياسية والدولية
اما التعصب والعصبية فهما نقيض التسامح والذي يفرض الصراع بدل التعايش والصدام
بدل الحلول السلمية ،وبالتالي يؤدي الى تفتيت المجتمع وتحويله الى خطر يهدد الهوية
الجماعية والدولة .اذا يسهم التعايش السلمي في تحقيق االندماج بين فئات المجتمع
المختلفة ويسهم في تحقيق االستقرار واالمن في المجتمع ،وفي تعزيز الثقة واالحترام
والمتبادلين ،ثم يعمل على صهر الوالءات الفرعية في بوتقة واحدة يكون الوالء االول
33
فيها للوطن الواحد ،كل ذلك من شئنه ان يفضي الى تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيقها.
-5تعزيز قيم الوالء واالنتماء داخل المجتمع الوطني :ان تعزيز مفهوم المواطنة يرتبط
بالهوية بمعنى تعزيز الشعور لدى جميع المكونات باالنتماء لهذا البلد ،وهذا الشعور
ينمي الوعي بالذات لدى االفراد والوعي باالخر ،والوعي بالمواقف والسلوك وكل ذلك
4
يسهم في بناء المجتمع والحفاظ على شبكة نسيجه االجتماعي والحضاري .وليس
هناك مجتمع يستمر بالتعايش دون ان يكون هناك نوع معين للوحدة وبدون عدد معين
من الروابط بين اعضائه فااليدلوجية تخلق الوحدة بين اجزاء المجتمع وتعمل على خلق
الوالءات للمثل العليا في المجتمع وتمنع االختالفات والتناقضات بين افراد
3
الوالءات الفرعية المجتمع .وهناك عالقات عكسية بين5وجود قوة الدولة وبين قوة
وتطورها ،اذ نرى الوالءات الطائفية والعشائرية تزداد في حالة غياب او ضعف الدولة
وتضمحل في حالة وجود قوة الدولة ،وهذا ما نراه في العراق في عام 2006ثم
ضعفت الوالءات بعد فرض الدولة سيطرتها .لذا ينبغي العمل بكل الوسائل 6المتاحة،
وكل الجهات المعنية في العراق على ترسيخ مفهوم المواطنة الحقة وذلك من خالل
تجسيد مبدأ المساواة بين كل ابناء الشعب العراقي على اختالف انتماءاتهم ومكوناتهم
33علي حسن الربيعي ،تحديات بناء الدولة العراقية (صراع الهويات ومأزق المحاصصة الطائفية ) ،المستقبل العربي ،
بيروت ،العدد ، 337اذار ، 2007ص. 89
34ميثم الجنابي ،العراق ،حوار البدائل ،مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي ،مصر ، 2009 ،ص.217
35فالح عبد الجبار ،التحول الديمقراطي في العراق الواقع والمستقبل ،مؤسسة مصر مرتضى للكتاب العراقي ،مصر ،
، 2011ص .347
36سليم مطر ،يقضه الهوية العراقية ،مجلة ميزويوتايمة ،ط ، 1دار الحكمة الحرة ،بيروت .حزيران ، 2010 ،ص
، 15_14وانظر عبد الحسين شعبان ،جدل الهويات في العراق (الدولة والمواطنة ) ،ط ، 1الدار العربية للعلوم ،
ناشرون ،بيروت ، 2010 ،ص.39
959 المجلة السياسية والدولية
واتجاهاتهم ،والعمل على الغاء كل اشكال التمييز على اساس الجنس او اللون او
القومية او الدين او الطائفة او االنتماء السياسي ،والمشاركة والعدالة بين جميع
7
المواطنين العراقيين يوفر افاقا واسعة وفرصة للتعايش .بل يمكن ان يمهد لتحقيق
االندماج االجتماعي وذلك لفعل تنامي الشعور لدى الجميع بانهم يعملون ويعيشون معا
من اجل مستقبلهم المشترك ويكون للجميع حضور ومشاركة حقيقة في بناء المجتمع
والدولة وكذا االنتفاع من ثروات البلد ومقدراته دون تمييز .بمعنى يمكن اعتماد مبدأ
النسبية الذي تحدث عنه (ليبهارات) حالً مرضياً لكل مكونات الشعب العراقي .
الفصل الثاني :االحزاب العراقية بعد العام : 2003
لقد شهد العراق انفتاح ديمقراطي باتجاه واضح نحو التعددية الحزبية جاءت بعد
تجربية طويلة استمرت طويال في الحكم المركزي وهيمنة نظام الحزب الواحد .وأفرزت
تطورات ما بعد سقوط النظام العراقي حراك سياسي ،وفتح الباب على مصراعيه لتأسيس
حركات وتنظيمات سياسية متنوعة ومنذ العام 2003ظهرت في الساحة السياسية
العراقية احزاب وهيكل تنظيمية بمسميات متعددة بعضها اسالمي واآلخر علماني،
وبعض االحزاب كبير قوي و بعضها صغير وضعيف ال يحمل من معنى الحزب سوى
االسم ،بعضها لديه قاعدة شعبية واسعة وبعضها يفتقد لذلك 39،بعضها معروف لدى
الشارع العراقي ولها تاريخ طويل وخبرة في مجال العمل السياسي في صفوف المعارضة
والبعض االخر لم يظهر إال بعد عام . 2003
المبحث االول :اسباب االتجاه نحو التعددية الحزبية في العراق بعد العام
:2003
ان تبني النظام الديمقراطي لعب دورا واضحا في االتجاه نحو التعددية ،والديمقراطية
عملية بناء ايجابي تحتاج الى مواد وموارد وأساليب ومناهج عمل عدة ،مما ال شك
37حسين علوان حسين ،بناء الدولة والوحدة الوطنية في العراق ،مجلة العلوم السياسية ،كلية العلوم السياسية ،جامعة
بغداد ،العدد ، 36حزيران ، 2008ص.157
38آرنت ليبهارات ،الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد ،ترجمة حسين زينة ،معهد الدراسات االستراتيجية ،دار الفرات
للنشر والتوزيع ،بغداد ، 2002 ،ص، 8مبدأ الديمقراطية التوافقية بديالً عن نظام الديمقراطي التعددي .
39مهدي انيس جرادات ،االحزاب و الحركات السياسية في الوطن العربي ،دار اسامة ،االردن ،2010 ،ص. 152
960 المجلة السياسية والدولية
فيه ان االنضمام الى االحزاب والتنافس بينها هما من الخصائص البارزة لألنظمة
الديمقراطية والتعددية الحزبية ،حيث ان االخيرة من االحزاب السياسية ذات توجهات
مختلفة ،وان هذه التعددية الحزبية هي نتاج طبيعي لرغبة القوى والتيارات السياسية
واالجتماعية في ممارسة حقها الديمقراطي في العلن بعد حرمانها من ذلك لسنوات
40
طويلة.
مما تقدم يمكن القول ان الوحدة الوطنية الحقيقية تتأتى من الوسائل السلمية والفدرالية
في سبيل تدعيم الوحدة الوطنية و الديمقراطية كونها الفدرالية الطوعية وليست قسرية.
وإذا كانت الفدرالية والوحدة الوطنية عملية قسرية او اكراهية مثلما كانت في ظل النظام
السابق فإننا ال نجد االحترام للتنوع الثقافي و االجتماعي والسياسي بل سنجد سياسة
الحزب الواحد وعندها سنرى اصوات ال تنادي بالفدرالية بالمعنى السياسي السليم بل
بمعنى قد تبتعد من الفدرالية وتطالب باالنفصال واالنقسام .وان سبل تعزيز الوحدة
الوطنية داخليا هي في قبول التعددية والتنافس ،والقبول باالختالف وتعدد االراء وتنوع
القوميات واالديان والطوائف وتنوع االحزاب ،اقرار واحترام مبدأ حقوق االقليات كذلك
استحداث مجلس خاص يعنى بالوحدة الوطنية ويضم جميع التيارات الفكرية والقوى
السياسية التي تمثل كل اطياف المجتمع العراقي .وطرح برنامج وطني لبناء العراق
الجديد يستند على فكرة المواطنة الصادقة بغض النظر عن الجنس او العرق او الطائفة
و انتهاج سيل العمل السياسي السوي .
كما ان اسقاط نظام الحزب الواحد المحتكر للعمل السياسي في العراق وفر مساحة
سياسية واسعة للعمل مما مكن احزابا عدة وعلى مختلف توجهاتها من الظهور العلني ،
حيث استطاع عدد من االحزاب القديمة والمعروفة التي لم تتمكن من العمل داخل
العراق ان تجد فرصتها في العمل و التأثير ،كما سارعت شخصيات من الداخل الى
االعالن عن تشكيل العديد من االحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة .
40علي حسين حسن سفيح ،السياسة العامة في النظام السياسي العراقي و العوامل المؤثرة فيها بعد عام ، 2003دار
المرتضى ،ص. 109
961 المجلة السياسية والدولية
كذلك المجتمع العراقي يمتاز بالتعدد والتنوع من حيث تركيبته الدينية والقومية واالثنية،
ومن ثم فان النظام الصالح والناجح هو الذي يراعي خصوصيات المجتمع العراقي
وينسجم معها ،ويحاول ان يلتقي مع القواسم المشتركة للتكوينات االجتماعية دون ان
يلغي شخصيتها وتميزها ،بمعنى ان يكون النظام قائم على التعايش والتعارف بين هذه
المكونات ،والتنافس السلمي والسياسي بينها على السلطة ،واقتسامها والتشارك بها
على نحو توافقي ،هذا يمنح كل واحدة منها شعورا باالطمئنان على وجودها وحقوقها
1
وحريتها ودورها في ادارة شؤون البالد دون شعور بالغبن او الظلم ويفرض التنوع في
تركيبة المجتمع التعددية في الحياة السياسية لتكون االطار العام الذي تتحرك في داخله
المكونات المختلفة للمجتمع العراقي التي يجمع بينها عقد سياسي يحفظ لكل طرف
حريته وإرادته ووجوده ودوره في اطار وطن واحد ،تدار شؤونه على اساس االليات
الديمقراطية.
اضافة الى ان شكل النظام االنتخابي الذي اعتمد النظام القائم على التمثيل النسبي كان
سبب اخر ساهم في تبني النظام الحزبي القائم على التعددية الحزبية ،اذ يتيح التمثيل
النسبي لكل حزب فرصة للتمثيل في البرلمان ،وما يتبع ذلك من االخذ بنظام تعدد
4
عدد ما حصل االحزاب .حيث يخصص لكل حزب 2عدد من المقاعد يتناسب مع
عليه من أصوات .والناخب يعطي صوته لمرشح الحزب الذي يفضله وكله ثقة من ان
هذا الوضع يشجع على قيام احزاب عديدة تحتفظ بوجودها المستقل عن بعضها البعض
مما يستنتج قيام نظام تعدد االحزاب.
ان التعددية الحزبية ظاهرة صحية والتستطيع عجلة الديمقراطية من دوران من دون هذه
االحزاب .كما وان اعتماد هذه االحزاب على الوسائل السليمة الدارة النشاط السياسي
شيء جيد ولكن ما نخشى منه هو ان يسود فيه نمط االدارة ويقوم على التصفيات
المتبادلة وبهذا لن يكون شيء غير جيد من حيث النتائج واالثار.
41ليث عبد الحسن الزبيدي ،رشا رعد حميد ،مستقبل الدولة الوطنية في العراق بين عوامل القوة وتحدي الضعف ،مجلة
قضايا سياسية ،كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ،العدد ( ، 2015 ، )41ص.35
42خير الدين حسيب ،العراق من االحتالل الى التحرير ،مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ، 2006 ،ص.367
962 المجلة السياسية والدولية
كما يؤخذ على هذه التعددية الحزبية انها الزالت تعمل وفق قانون االحزاب والهيئات
السياسية رقم ( )97لسنة 2004الصادر عن سلطة االئتالف المؤقتة التي تولى ادارتها
3
بول بريمر ،وهذا القانون يثير الكثير من االشكاالت منها :
.1ان السلطة التي اصدرت هذا القانون هي سلطة غير منتخبة السيما اذ علمنا ان القانون
صدر من بريمر نفسه باعتباره المدير االداري لسلطة االئتالف المؤقت وهذا ما جاء
في نص القانون نفسه .
.2وان هذا القانون اعطى الحق حتى الشخاص منفردين ان يكونو كيانات سياسية لغرض
خوض العملية االنتخابية وهو مبدأ غريب انفرد به هذا القانون الباقي للتشريعات
االنتخابية الموجودة في الدول االخرى ،وهذا ما جاء في النظام رقم ( )3لسنة
2004المتعلق وتصديق الكيانات السياسية .
.3ان هذا القانون استوجب حصول اية منظمة او شخص على المصادقة الرسمية ككيان
سياسي من المفوضية الخاضعة لسلطة االئتالف .
.4ان هذا القانون استوجب الحصول على توقيع ( )500ناخب مؤهل باعتباره العدد
المطلوب للموافقة على الكيان السياسي.
.5وفقا للمادة ( )39من الدستور العراقي لعام 2005التي تنص على ان حرية تأسيس
الجمعيات واالحزاب السياسية واالنظمام اليها مكفولة على ان ينظم ذلك بقانون .
بمعنى ان التعددية الحزبية تحتاج لوجود ضوابط محددة ونزيهة وموضوعية تنظم
وجودها ،ضوابط يتظمنها قانون عصري لالحزاب السياسية تخص وجودها القانوني .عبر
تنظيم قانون لالحزاب السياسية العراقية ،شرط ان ال تتضمن هذه الظوابط فرض قيود
على االحزاب تتناقض مع جوهر الديمقراطية ،بل تقيد االيجابية والتنظيم للنشاط
الحزبي في العراق وبما يخدم جميع االحزاب .
43مشروع قانون خاص بالجمعيات المدنية واالحزاب السياسية ،اعد هذا القانون لجنة مكونة من ( د .يحيى الحمبلي ،د.
محمد المحذوب ،د.عصام نعمان ،د.عبد الحسين شعبان ،د .خليل الحديثي ،كتاب برنامج لمستقبل العراق بعد انهاء
االحتالل ،مركز الدراسات الوحدة الوطنية ،بيروت ،تشرين االول ، 2005 ،ص .94
44الدستور العراقي لعام .2005
963 المجلة السياسية والدولية
45سيناء علي ،التعددية الحزبية في العراق بعد عام ،2003رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية العلوم السياسية ،جامعة
بغداد . 2011 ،ص.122
964 المجلة السياسية والدولية
عن مؤتمره التأسيسي الذي تناقش فيه اسس نظامه الداخلي وإعالن مبادئه .اما
عكس ذلك فال يمكن له اكتساب الشرعية وال دخوله اي عملية انتخابية ،اما
المؤتمر التأسيسي فال يعد صحيحا إال اذا حضره عدد معين من ليصل في بعض
القوانين الى ( )500عضو من بينهم ثالث ارباع االعضاء المؤسسين على االقل كما
تؤكد اغلب قوانين االحزاب ،وهذا ما لم نجده في الكثير من االحزاب التي
اشتركت في االنتخابات النيابية في العراق.
)4ان قانون االحزاب يستوجب وجود احزاب سياسية تمتلك نظام داخلي وفق معايير
وأهداف معينة يستمد قواه من الدستور .في حين ان اغلب االحزاب السياسية
الموجودة تفتقر الى التنظيم فهي ال تعدو ان تكون اكثر من مجموعات من الموالين
ترتكز حول شخصية قيادية وال وجود لهيكل تنظيمي حقيقي .وما يؤكد ذلك ان
الكثير من االحزاب التي سجلت في المفوضية لم تقدم نظامها الداخلي مع طلب
التسجيل ،وهذا ما يتناقض مع شروط تقديم الطلب و التي تستوجب ان تقدم مع
طلب الحصول على الترخيص للنظام الداخلي الذي يحكم تنظيم الكيان السياسي
6
. بما في ذلك طريقة اختيار الرؤساء و المرشحين
)5ان القانون سيضع حد لألحزاب التي تبني تنظيمها على اساس االنتماءات الثانوية ال
على اساس الهوية الوطنية العراقية وهذا يتناقض مع نص المادة ( )7من الدستور
والتي ايضا يتناقض مع المادة ( )5من قانون االحزاب لسنة . 2015
)6ان القانون سيحدد مصادر تميل االحزاب ،وما يالحظ على االحزاب حجم تمويلها
الذي يفوق الحد الطبيعي من اصدار صحف وتأسيس القنوات الفضائية وصوال الى
الدعاية االنتخابية .
)7ان قانون األحزاب سيحدد الشروط الواجب توفرها في برامج االحزاب ويكون
الرقيب على هذه البرامج ،الن التعددية الحزبية تعني وجود احزاب متعددة لها
برامج سياسية محددة وأفراد يؤمنون بهذه البرامج ويعملون على نشرها بين االفراد
ويتعهدون بتطبيقها في حال الوصول الى السلطة ،ويبقى النجاح في الوصول
4 7
الجماهير للحزب ومدى االقبال عليه من بجاذبية البرنامج السياسي للسلطة رهن
وكفاءة العناصر الذين يمثلون الحزب .
مما تقدم نرى ان قانون االحزاب والذي هو مجموعة من القواعد التي تضعها الدولة
تملي بها على االحزاب ،وما يجب القيام به من االعمال المشروعة وغير المشروعة من
السياسات الحزبية كما يهدف ايضا تحديد مقومات الحزب ،وتنظيم انواع النشاطات
التي يحق للحزب مداولتها ،والحفاظ على االشكال المناسبة من التنظيم و السلوك
الحزبي .
المبحث الثاني :مستقبل قانون االحزاب في تعزيز الوحدة الوطنية
عند قراءة قانون االحزاب السياسية الذي اقره مجلس النواب العراقي في
/27اب ، 2015/نرى هناك الكثير من المالحظات منها االيجابية والتي تعزز العمل
السياسي في العراق ومنها السلبية في طيات هذا القانون وقدر تعلق االمر في هذا
المبحث الذي يتناول مستقبل قانون االحزاب العراقية في تعزيز الوحدة الوطنية نرى اننا
امام مشهدين اساسيين هما :
اما يؤدي قانون االحزاب العراقية الى تعزيز الوحدة الوطنية فيما اذا طبقت فقراته )1
بالشكل الصحيح .
او يؤدي قانون االحزاب العراقية الى بقاء هذه التنظيمات السياسية ذات تعددية )2
مفرطة و التي تساهم في تشرذم الحياة السياسية وبقاء الوضع على ما هو عليه وفقا
لمبدأ المحاصصة السياسية والطائفية و العرقية .
.1المشهد االول :قانون االحزاب العراقية يعزز الوحدة الوطنية :
ان المسيرة الديمقراطية الصحيحة تتطلب وجود تنظيمات وتجمعات سياسية
وديمقراطية تقوم على القيم والمبادئ الوطنية ،وتكون متفقة قوال وعمال على تحريم
العنف واالحتكار السياسي سواء من اطار التنظيم ام السلطة ،والقبول باالنتقال
السلمي للسلطة في ظل توفير الية انتخابات حرة وقانون ينظم عملها ومن اجل
47قانون االحزاب السياسية العراقية لعام ، 2015الوقائع العراقية العدد ( ، )4383لسنة ، 2015ص. 31
966 المجلة السياسية والدولية
المحافظة على العملية الديمقراطية في العراق ،وبعد اقرار قانون االحزاب العراقي
ووفقا لفقراته و المواد التي نصت عليه نرى اننا نعزز من الوحدة الوطنية ووفقا
للمادة( )5من القانون والتي تنص على:
اوال :يؤسس الحزب او التنظيم السياسي على اساس المواطنة وبما ال يتعارض مع
احكام الدستور .
ثانيا :ال يجوز تأسيس الحزب او التنظيم السياسي على اساس العنصرية او االرهاب او
التكفير او التعصب الطائفي او العرقي او القومي .
ثالثا :يمنع تأسيس الحزب او التنظيم السياسي الذي يتبنى او يروج لفكر او منهج
حزب البعث المنحل .
اما المادة ( : )6تعميد الحزب او التنظيم السياسي االليات الديمقراطية الختيار
قيادات الحزب او التنظيم السياسي .
اما المادة ( : )21فقد نصت على للحزب او التنظيم السياسي الحق في :
اوال :المشاركة في االنتخابات و الحياة السياسية وفق القانون .
ثانيا :االجتماع والتظاهر بالطرق السلمية وفق القانون .
اذا وفق المادة رقم ( )5و ( )6و ( )21كلها عوامل تعزز العمل الديمقراطي في
الحياة الحزبية حيث حددت االحزاب على اساس المواطنة ونبذ االرهاب و العنصرية
و التعصب الطائفي و العرقي والقومي ،كذلك عزز المشاركة السياسية وفق القانون اذا
هي من االليات الديمقراطية في تعزيز الوحدة الوطنية .
كذلك نصت المادة (:)22
اوال :للحزب او التنظيم السياسي صحيفة سياسية ومجلة سياسية او اكثر وانشاء
موقع الكتروني وامتالك واستخدام وسائل االتصال كافة للتعبير عن اراءه ومبادئه وفق
القانون .
ثانيا :يكون رئيس تحرير صحيفة او مجلة الحزب او التنظيم السياسي هو المسؤول
عما ينشر فيها .
967 المجلة السياسية والدولية
الخاتمة :
ان نجاح العملية السياسية في العراق والقدرة على بناء نظام سياسي وديمقراطي يحترم
حقوق االنسان وحرياته تتطلب وجود تعددية سياسية حقيقية ،الن العمل الحزبي من
انضج انماط العمل المجتمعي تأثيرا في المسار السياسي في الدولة الحديثة اذا ما
قورن بأشكال العمل االخرى ،وذلك بسبب قوة تماسكه الذاتي وقوة وحدته الفكرية
والياته التنظيمية وإمكانياته الحاسمة في صناعة الرأي العام وقيادته .إال ان االحزاب ال
يمكنها ان تؤدي رسالتها الوطنية التي أسست من اجلها اال اذا ما التزمت بمجموعة من
شروط العمل الحزبي وهذه الشروط هي تبني قيم الوالء الوطني المعزز للوحدة الوطنية
بعيدا عن الوالءات العائلية والعشائرية و االثنية والمذهبية الضيقة وتجنب االضرار
بالنسيج المجتمعي و المصالح الوطنية الكبرى .كذلك العمل بعيدا عن اي ارتباط
خارجي يصادر استقالليتها ووالئها الوطني .وتختلف االحزاب العراقية في مدى التزامها
بهذه الشروط والمحددات وهي تمارس نشاطاتها من فترة زمنية الى اخرى .ونرى الكثير
من االحزاب السياسية العراقية بعد عام 2003عززت من االستقطاب الطائفي واالثنية
من خالل وقوفها موقف المدافع عن حقوق الطائفة او االثنية وليس كما كان مرجو منها
ان تدافع عن حقوق جميع العراقيين ،وهذا يعود الى افتقارها الى مشروع وطني شامل
يحافظ على هوية الدولة وكيانها وكذلك غياب العنصر الوطني عن ميدان النزاع و هذا
الغياب يرجع الى ان احد اسبابه غياب قانون االحزاب السياسية العراقية الذي يضعها
امام نقطة مهمة هي مدى تطابق شعاراتها الوطنية مع التنفيذ على ارض الواقع .ووفقا
لفقرات قانون االحزاب السياسية العراقية نرى ان من مصلحتها ان تتطور الى احزاب
سياسية تعتمد الوطنية العراقية بحيث تكون قادرة على استيعاب المواطن العراقي بغض
النظر من التمايزات الطائفية واالثنية وهذا ال ينظم االمن خالل قانون االحزاب
السياسية العراقية .كما ان رجوع العراق الى ذاته يفترض الرجوع الى مكوناته الجوهرية
عبر صياغة مشروع عملي للمعاصرة والعيش المشترك ومستقبل العراق ووحدته الوطنية
واخراج الدولة من ازمتها هو الرهان التاريخي االكبر لقواه االجتماعية و الوطنية.
970 المجلة السياسية والدولية
الملخص
البحث عبارة عن بيان او توضيح اثر رد فعل قانون االحزاب السياسية في تحقيق
الوحدة الوطنية في العراق بعد ان شهد العراق خالل فترة االنتقال من الحزب الواحد
حالة من الفوضى السياسية فيما يتعلق في انتشار واتساع2003 الى التعددية بعد عام
.الظاهرة الحزبية بشكل غير مقنن اثر في الوحدة الوطنية
Abstract
The search is a statement or clarification of the effect of the
reaction of the law of political parties in the achievement of
national unity in Iraq after Iraq witnessed during the period of
transition from one party to pluralism after 2003 a state of political
chaos in relation to the spread and breadth of the party
phenomenon in an unregulated effect in the unit National.