You are on page 1of 14

‫الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫‪-‬جامعة الجزائر ‪2-‬‬

‫نشأة علم االجتماع في الوطن العربي‪ :‬خالل القرن التاسع‬


‫عشر‬

‫تحت اشراف األستاذة‪:‬‬


‫بوصبيعات‬

‫سهام‬

‫من اعداد الطلبة‪:‬‬

‫مداسي يمين‬ ‫‪-‬‬


‫حمالوي محمد اسالم‬ ‫‪-‬‬
‫يحياوي سمير‬ ‫‪-‬‬
‫بن شابة سليم‬ ‫‪-‬‬
‫املجموعة‪02 :‬‬
‫الفوج‪08 :‬‬

‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬


‫الفهرس‬
‫املقدمة‪02................................................................................................................................................................‬‬

‫نشأة علم االجتماع في الوطن العربي‪........................................................................................................................‬‬


‫‪04‬‬

‫كرونولوجية تاريخية لعلم االجتماع في الوطن العرب ‪.…….........……….…………………….....‬‬


‫……………………………………‪04‬‬

‫مصر‪04....................................................................................................................................................................‬‬

‫‪-‬املرحلة املمهدة لنشأة علم االجتماع) من بداية القرن التاسع عشر إلى‬
‫‪04............................................................) 1908‬‬
‫ًا‬
‫‪-‬املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة نشأة علم االجتماع مؤسسي (‪-1908‬‬
‫‪05............................................................................)1952‬‬

‫‪-‬املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة) النضج (حتى نهاية الستينيات من ‪-‬القرن‬


‫العشرين‪05.................................................................‬‬

‫املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة ظهور مراكز قومية للبحوث‬


‫االجتماعية‪05................................................................................‬‬

‫املرحلة الخامسة‪ :‬مرحلة السبعينيات وتجربة‬


‫إعارة‪05................................................................................................. :‬‬

‫املشرق العربي‪..................................................................................................................................................... :‬‬


‫‪06‬‬

‫شمال أفريقيا‪........................................................................................................................................................‬‬
‫‪07‬‬

‫دول الخليج واليمن‪................................................................................................................................................‬‬


‫‪08‬‬

‫الخاتمة………………………………‪10.…………………………..…………………………………………………………..........…............‬‬

‫‪1‬‬
‫املراجع…………‪.…………………………………………………………………………………………………............……………...........‬‬

‫‪11‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬
‫ًا‬ ‫ًا ًا‬
‫تلعب العلوم االجتماعية دور مهم ومرموق في قائمة العلوم الحديثة‪ .‬وهي باإلضافة إلى ذلك تلعب‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫دور حيوي في تحليل أوضاع العالم الحديث وتغيراته‪ ،‬ويعتمد عليها في العديد من دول العالم الصناعية‬
‫بوصفها وسائل مهمة ملواجهة متطلبات التكييف والتعامل‪ ،‬بل وأحيانا كثيرة تشكيل بنية املجتمع‬
‫والثقافة‪ ،‬وتستخدم العديد من دول العالم العلوم االجتماعية أدوا ت ملعرفة ما يدور في املجتمع ومن ثم‬
‫ًا‬
‫العمل على سن التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تحقق له آفاق جديدة ملزيد من تطور املجتمع‬
‫وتنميته‪ ،‬وربما ضبط بعض اتجاهاته‪.‬‬

‫تنتهج العلوم االجتماعية الحديثة أساليب نظرية وتطبيقية تميزها من سالفتها التي بدأت تباشير‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫مقدمات ظهورها‪ ،‬فلم يعد النقد االجتماعي أو الثقافي أمرا فلسفي مجرد يقوم على التنظير الفلسفي أو‬
‫الطموحات األخالقية‪ ،‬كما كان عليه الحال من فالسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر‪ ،‬ممن تطلعوا‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫إلى إقامة مجتمع فاضل متحضر‪ ،‬على العكس من ذلك تمام ‪ ،‬تقوم العلوم االجتماعية‪ ،‬استناد واعتماد‬
‫على فلسفة ومنهجية علمية متطورة‪ ،‬على أساس دراسة الواقع االجتماعي والعمل على سبر أغواره من‬
‫أجل فهم أفضل ملا يجري‪ ،‬ومن ثم إمكانية تفسيره أو تعليله‪ ،‬مع سعي بعض منهم التوصل إلى) قوانين (أو‬
‫ًا‬
‫عموميات يمكن عدها سنن أو قواعد اجتماعية‪ ،‬يفسر على أساسها السلوك االجتماعي‪.‬‬

‫وباالستناد الى ما سبق‪ ،‬أدى اعتماد هذه األساليب املنهجية العلمية إلى السعي وبشكل منهجي منظم إلى‬
‫إبداع وسائل عديدة كمية وكيفية تسمح للمختص في العلوم االجتماعية جمع البيانات واملعلومات التي من‬
‫شأنها أن تسمح لو أن يقارن ويوازن بين هذه البيانات ليتمكن في املحصلة‪ ،‬من فهم الواقع االجتماعي‬
‫وتحليله‪ ،‬ويمكننا في هذا املجال التأكيد على أن املنهجية العلمية تطورت وتتطور بشكل مستمر وبسرعة‬
‫مذهلة‪ ،‬وقد ساعدت علوم اإلحصاء والرياضيات في تقدم هذه املنهجية وتطورها‪ ،‬بحيث يمكننا الحديث‬
‫عن قدرات ومهارات عالية الجودة في مجاالت املسوح والدراسات االجتماعية بشكل عام‪.‬‬

‫وتوسعت تطبيقاتها في كل املجاالت التي تتطلب دراسات اتجاهات أفراد املجتمع ومواقفهم وسلوكهم‪،‬‬
‫ًا‬
‫وتطورت أساليب تحليلية متقدمة لتحليل البيانات‪ .‬ولم يقتصر الحال على ذلك‪ ،‬إذ تطورت ايض وسائل‬
‫التحليل الكيفي؛ من مالحظة وتأويل‪ ،‬وبشكل مذهل‪ ،‬حيث نجد اليوم العديد من الدراسات‬
‫األنثروبولوجية تقدم مالحظات تفصيلية عن ثقافات مجتمعات عديدة‪ .‬وتولد من توسع االعتماد على‬
‫مصداقية العلوم االجتماعية‪ ،‬قيام العديد من الجهود لتداخل وتكامل العلوم االجتماعية) االجتماعية‪،‬‬
‫ًا‬
‫الثقافية‪ ،‬السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬السلوكية ‪ ...‬إلخ (وتكاملها مع بعضها البعض‪ ،‬وقامت أيض جهود‪،‬‬
‫مبدعة في مجاالت السلوك اإلنساني االجتماعي وعلى األخص في مجاالت اإلدارة لتبسيط مفاهيم العلوم‬
‫االجتماعية والسعي لتقديمها لجماهير الناس لالستفادة منها لكن مع زيادة االهتمام بالعلوم االجتماعية‬
‫وازدهارها في العالم الحديث‪ ،‬توسعت وتفرعت مدارسها النظرية ومناهجها‪ ،‬واحتدم الجدل حول العديد‬
‫من مفاهيمها وتصوراتها النظرية‪ ،‬بل وكثر نقد األفكار فيما بين هذه املدارس واملنهجيات وصراعها‪ ،‬مما‬

‫‪3‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ّل‬
‫قد يو د عند البعض نوع من اللبس‪ ،‬خاصة وأن إمكانيات هذه العلوم أصبحت ذات طابع مؤدلج وأحيان‬
‫مسّي س‪ ،‬مما استدعى قيام فروع في علم االجتماع تهتم بدراسة هذه التعددية‪ ،‬منها علم اجتماع املعرفة‬
‫والعلم واللغة‪ ،‬و هذه الفروع تسهم في تعميق الكيفية التي تتشكل على أساسها املعرفة وتوضيحها‪ ،‬ومن‬
‫تمكين املختص من فرز األسئلة الشائكة وتقديمها في كيفية تلقي نتائج العلوم االجتماعية وقبولها‪ ،‬وما‬
‫يزيد من تعقد األمور تدفق املعرفة املتزايد‪ ،‬وتغيرات العالم السريعة والتي تتطلب تحليالت ودراسات آنية‬
‫‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫نشأة علم االجتماع في الوطن العربي‬

‫كرونولوجية تاريخية لعلم االجتماع في الوطن العربي‬


‫ًا‬
‫أن توطين علم االجتماع وبقية العلوم االجتماعية في األكاديمية العربية مبكر جد ‪ ،‬وسبق العديد من‬
‫الدول الصناعية الغربية‪ ،‬وقد ساعد كتاب نقوال حداد) علم االجتماع‪ :‬حياة الهيئة االجتماعية‬
‫وتطورها (الصادر عام ‪ 1924‬على ظهور اهتمامات مبكرة بعلم االجتماع الحديث‪ ،‬بطبيعته دون االرتهان‬
‫ًا ًا‬ ‫ًا‬
‫ملسألة تأسيس ابن خلدون لعلم العمران‪ ،‬إذن كان قبول علم االجتماع الحديث مؤسسي مبكر جد في‬
‫العالم العربي‪ ،‬وباالرتكاز الى كتابات شحاتة سعفان ‪ 1‬يمكننا الحديث عن مراحل تاريخية مر بها وجود‬
‫علم االجتماع في املؤسسات األكاديمية والبحثية في مصر وبعدها بقية دول العالم العربي‪،‬‬
‫ّذ‬
‫بطبيعة الحال يجرنا هذا التاريخ املبكر إلى السؤال عن مدى تج ر علم االجتماع في الفكر العربي الحديث‬
‫ًا‬
‫وأهميته‪ ،‬علم بأن الثمانينيات والتسعينيات من القرن املاضي شهدت مشاريع فكرية عربية كبرى‪،‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫لكن معظمها أخذت منهج فلسفي ولم تهتم أو تتوقف عند الطرح االجتماعي‪ ،‬في الوقت الذي زادت‬
‫الكتابات والدراسات االجتماعية عن العالم العربي من منظور العلوم االجتماعية في الغرب‪ ،‬أمريكا‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫وبريطانية وفرنسة تحديد ! يظهر أن هناك عوامل وشروط مساعدة هي التي تمكن من ظهور الجامعة إلى‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫قيام البحث االجتماعي وقبول نتائجه وإعطائها نوع من املصداقية والقبول في األوساط املثقفة عموم ‪ .‬بل‬
‫وإن عملية إعداد الباحثين والدارسين في العلوم االجتماعية ليسوا على مقدرة واحدة‪ ،‬في استخدام ما‬
‫تقدمه مفاهيم‪ ،‬لكن مع ذلك تبقى املفارقة حفية بالتأمل؛ إذ تحولت الكتب الجامعية في علم االجتماع‬
‫ملجرد تقديم مادة علمية ال تصدق سوى على املجتمع األمريكي‪ ،‬بينما املطلوب معرفته ودراسته أوال وقبل‬
‫أي شيء املجتمع العربي‪.‬‬
‫‪ .I‬مصر‪:‬‬
‫يذكر شحاتة سعفان في كتابه‪ ):‬موجز في تاريخ علم االجتماع في مصر منذ بدء القرن املاضي حتى‬
‫اآلن (أن علم االجتماع مر بثالث مراحل أساسية هي ‪:‬‬
‫أ ‪-‬املرحلة املمهدة لنشأة علم االجتماع) من بداية القرن التاسع عشر إلى ‪) 1908‬‬
‫تميزت هذه املرحلة في نظره بدخول تيارات الثقافة الغربية إلى مصر عن طريق الخبراء األوروبيين الذين‬
‫ُا‬
‫ستقدموا لإلفادة منهم في امليادين العلمية املختلفة‪ ،‬وعن طريق بعثات الطلبة املصريين للدراسة في‬
‫أوروبا‪،‬‬
‫ليقوموا بعد عودتهم بنقل ما يصلح لبيئتهم املصرية من الثقافة الغربية الترجمة إلى العربية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫إقامة املدارس واملؤسسات العلمية املختلفة التي أنشئت على النمط األوروبي الحديث‪ ،‬ولقد أسهمت هذه‬
‫الفًت ة في تقديم العديد من الترجمات والكتب التي يعد بعضها بواكير الكتابات االجتماعية في العالم العربي‪.‬‬

‫شحاتة سعفان" موجز في تاريخ علم االجتماع في مصر‬ ‫‪.1‬‬

‫‪5‬‬
‫ًا‬
‫ب ‪-‬املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة نشأة علم االجتماع مؤسسي (‪)1952-1908‬‬
‫فكما هو معروف أنشئت الجامعة املصرية عام ‪ 1908‬وبدأت فيها الدراسات الحديثة‪ ،‬وكانت بداية‬
‫الدراسات االجتماعية الحديثة في كلية اآلداب عام ‪ ، 1914‬وبعد مضي أعوام من تدريس مواد متخصصة‬
‫ًا‬
‫في علم االجتماع‪ ،‬تأسس قسم االجتماع بكلية اآلداب بالجامعة املصرية عام ‪ 1952‬رسمي ‪ ،‬ولقد دّع م هذا‬
‫التأسيس عودة بعض أوائل الخريجين الذين كانوا قد بعثوا إلى فرنسا من أمثال منصور فهمي وطه‬
‫حسين ممن دفعوا وشجعوا هذه االتجاهات العلمية الحديثة‪ ،‬على الرغم من عدم انشغال بعضهم مباشرة‬
‫في تطوير العلوم االجتماعية‪ ،‬ويعد علي عبد الواحد من أهم رواد هذه املرحلة‪ ،‬و ممن وجهوا وشكلوا‬
‫ًا‬
‫علم االجتماع في الجامعة املصرية‪ ،‬وربما العربية أيض ‪.‬‬

‫ج ‪-‬املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة) النضج (حتى نهاية الستينيات من ‪-‬القرن العشرين‬


‫اتسمت هذه املرحلة بالتوسع الكمي والكيفي في أقسام علم االجتماع في العديد من الجامعات املصرية‪،‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫وتزايدت أعداد الطلبة واألساتذة‪ ،‬وأصبح علم االجتماع في هذه املرحلة مكّو ن أساسي للحياة األكاديمية‬
‫في مصر ومن خاللها العديد في الدول العربية‪.‬‬
‫د‪-‬املرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة ظهور مراكز قومية للبحوث االجتماعية‬
‫كان النتشار أقسام االجتماع وتأهيلها ألعداد كبيرة من الباحثين كبير األثر في استقبال هؤالء في الحياة‬
‫العامة خبراء مختصين في بعض املشاكل االجتماعية‪ ،‬ولقد تأسس املركز القومي للبحوث االجتماعية‬
‫والجنائية ومن ثم بدأ االهتمام املؤسسي الحكومي باألبحاث االجتماعية‪ ،‬وتفريغ أعداد كبيرة من علماء‬
‫االجتماع للقيام بهذه البحوث والدراسات التي تساعد الحكومة على بلورة سياساتها و برامجها االجتماعية‬
‫والثقافية‪.‬‬
‫ه‪-‬املرحلة الخامسة‪ :‬مرحلة السبعينيات وتجربة إعارة‪:‬‬
‫في هذه املرحلة تم اعارة األساتذة املصريين للتدريس في البلدان العربية‪ ،‬وتأثير ذلك على فتح أقسام علم‬
‫ًا‬
‫اجتماع في العديد من الدول العربية وخصوص الخليجية‪ ،‬فكما هو معروف مع بداية تأسيس الجامعات في‬
‫دول الجزيرة العربية تمت استعارة العديد من األكاديميين املصريين لالستعانة بهم أعضاء هيئة تدريس في‬
‫هذه املؤسسات الجامعية الناشئة‪ ،‬ولقد حظي علم االجتماع باالستفادة املباشرة من قدوم هؤالء في‬
‫تأسيس أقسام علم االجتماع وتوافر املقررات الدراسية والخبرات التي تشكلت في الجامعات املصرية‬
‫ًا‬
‫والعربية عموم ‪.‬‬
‫يمكننا‪ ،‬باإلضافة إلى املراحل التاريخية السابقة‪ ،‬التأكيد على أن علم االجتماع من حيث مدارسه‬
‫واتجاهاته قد تأثر في الجامعة املصرية وربما في غيرها بحسب املدارس التي استقى منها الرواد تدريبهم‬
‫وعلومهم‪ ،‬يتضح لنا من خالل كتابات عبد القادر العرابي ‪ 2‬بأن الرواد األوائل كانوا متأثرين باملدرسة‬
‫ًا‬
‫الدوركايمية نظر ألن غالبيتهم إما درسوا في فرنسا أو تتلمذوا على يد أساتذة يتبنون هذه املدرسة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫عبد القادر عرابي ) ترجمة لزمد الجوىري ( حول الوضع الراىن لعلم االجتماع‪ ،‬القاىرة الكتاب –‬ ‫‪.2‬‬

‫ويعد مقدم حسن ساعاتي بداية لظهور تأثير املدرسة االنجلوسكونية امليدانية في علم االجتماع‪ ،‬ثم تلتها‬
‫بوادر ظهور علماء تأثروا باملدرسة األملانية وإن كان بشكل خافت‪ ،‬ولقد شهدت فًت ة نهاية الثمانينيات‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫توسع واضح في االنفتاح على املدرسة األمريكية‪ ،‬وخصوص على املقررات الجامعية األمريكية عند‬
‫ًا‬
‫محمدالجوهري وزمالئه‪ ،‬لكن تبقى الدراسات املبدعة األصيلة محدودة‪ ،‬غالب ما تظهر في إطار دراسات‬
‫ًت‬
‫بعض املراكز الجامعية األجنبية مثل الجامعة األمريكية أو بعض األبحاث املش ركة‪ ،‬ولعل أبحاث محمود‬
‫عودة عن القرية املصرية والتنمية واالستيراد‪ ،‬أو أبحاث سعد الدين إبراهيم ودراساته عن التنمية‬
‫والتحوالت االجتماعية‪ ،‬أو دراسات نادرفرجاني أمثلة جديرة باإلشادة في هذا املجال ‪..‬‬
‫‪ .II‬املشرق العربي‪:‬‬
‫بالنسبة إلى لبنان ‪ :‬نجد أن هناك ثالث مدارس مختلفة‪ ،‬لكل واحدة منها اهتماماتها‪ ،‬وتوجهاتها املختلفة‪،‬‬
‫وتعد مدرسة الجامعة األمريكية في بيروت أبرزها وأشهرها؛ حيث ظهرت اهتمامات مبكرة من طرف علماء‬
‫اجتماع في دراسة األسرة وما طالها من تغيرات‪ ،‬وكذلك دراسة التحوالت الحضرية‪ ،‬وعلى األخص في‬
‫منطقة رأس بيروت‪ ،‬وفي هذا الخصوص يظهر أن االهتمام بالدراسات االجتماعية امليدانية ‪ ،‬التي نالحظ‬
‫ازدهارها وتنوعها في العقود الحالية في الجامعة األمريكية في القاهرة‪ ،‬كانت بيروت سابقة عليها‪ ،‬وإن لم‬
‫تكن بالحجم نفسه من االهتمام والتنوع ‪.‬‬
‫أما املدرسة الثانية فكانت ذات اهتمامات نظرية فلسفية‪ ،‬وكانت تظهر في شكل دراسات تاريخية‬
‫اجتماعية‪ ،‬أو دراسات مطولة لطائفة أو منطقة في جامعة القديس يوسف‪ ،‬وبطبيعة الحال واضح فيها‬
‫تأثير املدرسة الدوركايمية الفرنسية‪.‬‬
‫واملدرسة الثالثة هي الجامعة اللبنانية‪ ،‬ممثلة على وجو الخصوص بمعاهد العلوم االجتماعية املختلفة‬
‫والتي تضم بين جنباتها معظم علماء االجتماع اللبنانيين الذين يقومون بالتدريس واإلشراف على أعداد‬
‫كبيرة من الدارسين‪ ،‬وفي هذه املعاهد نج اهتمامات مختلفة ومدارس نظرية متنوعة‪ ،‬ويظهر أن هذه‬
‫املعاهد هي األكثر انشغاال بتأهيل علماء اجتماع املستقبل‪ ،‬وهي كذلك على الرغم من كل املشاكل‬
‫والصعوبات االقتصادية "وهي مدرسة الجامعة األمريكية ببيروت"‪ ،‬وباألخص دراسات خلف والخوري‬
‫وبروتو وزمالؤهم ‪ ،‬ولقد نشرت أعمالهم‪ ،‬لكن جلها باإلنجليزية مما ربما حال دون تداولها بشكل واسع‬
‫ًا‬
‫خارج إطار الجامعة األمريكية‪ .‬وإجماال يمكننا القول بأن البحث االجتماعي في لبنان ال يخرج كثير عن‬
‫إطار املدرسة الفرنسية‪ ،‬وأن معظم البحوث والدراسات هي عبارة عن جهود طالب دراسات عليا يقومون‬
‫بإعداد أطروحاتهم للدكتوراه‪ ،‬ولم تتوفر بعد بشكل قوي اهتمامات ‪ -‬مؤسسية للبحث العلمي في مجال‬
‫العلوم االجتماعية ‪. -‬‬
‫أما بالنسبة إلى سوريا‪ ،‬فإننا نجد أن علم االجتماع ُي درس في إطار كليات اآلداب‪ ،‬وربما كان تحت مظلة‬
‫قسم الفلسفة أو أنه ال يبتعد عنها‪ ،‬والكوادر العاملة في مجال علم االجتماع متأثرة لدرجة ما بالدراسات‬
‫ًت‬
‫االجتماعية التي كانت سائدة في األقطار االش راكية‪ ،‬وال يظهر أن علم االجتماع يحتل مكانة عالية في‬

‫‪7‬‬
‫الجامعات السورية مقارنة بالفلسفة أو التاريخ االجتماعي‪ ،‬واهتمامات الرواد مختلفة وتمتزج باهتمامات‬
‫فلسفية وأدبية واضحة ‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى العراق‪ ،‬فإننا نجد أن االهتمام بعلم االجتماع واسع ومبكر‪ ،‬وهناك العديد من الرواد‬
‫والرموز العلمية من أمثال على الوردي وجواد طاهر ومصطفى شاكر وغيرهم‪ ،‬ويظهر أن اهتمام‬
‫الجامعات العراقية مبكر بعلم االجتماع‪ ،‬وعلى األخص في جامعة بغداد‪ ،‬حيث ُد رس علم االجتماع منذ‬
‫بداية الستينيات بعد عودة هؤالء الرواد وقيامهم بالتدريس ونشر أبحاثهم ودراساتهم العلمية‪.‬‬
‫تمركزت اهتمامات الدراسات االجتماعية العراقية على دراسة ظاهرة التحضر وصراعها مع أسلوب‬
‫الحياة الرعوي البدوي‪ ،‬وكذلك دراسة األسرة وقيمها االجتماعية‪ ،‬تميزت املدرسة العراقية بتنوع مشارب‬
‫ّل‬
‫العاملين فيها‪ ،‬مما و د حيوية خاصة في اهتمامات العاملين في حقول علم االجتماع ومن ثم دراساتهم‪،‬‬
‫ًا‬
‫ترجمة وتأليف ودراسات ميدانية‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلى األردن ‪ ،‬فإن التوسع في أعداد الجامعات‪ ،‬ووجود أقسام متخصصة في علم االجتماع كان‬
‫ًا ًا‬ ‫ًا‬
‫دافع وحافز مهم لوجود أعداد كبيرة من املختصين في علم االجتماع للقيام أوال بتلبية االحتياجات‬
‫امللحة ألعضاء هيئة التدريس في هذه األقسام‪ ،‬وفي الوقت نفسه بدء ظهور اهتمامات مختلفة بالدراسات‬
‫ًا‬
‫والبحوث االجتماعية سواء من طرف الحكومة ملواجهة العديد من مشاكل التنمية وخصوص الفقر‬
‫ومشاكل التكيف مع حياة املدنية‪ ،‬أو التحوالت التي طرأت على األسرة األردنية‪ ،‬وكانت هناك اهتمامات‬
‫بدراسة قضايا الهجرة‪ ،‬كذا اهتمامات من طرف املؤسسات والجمعيات الخيرية واإلنسانية ملواجهة العديد‬
‫من قضايا الالجئين واملهجرين و نحو ذلك‪ ،‬وال تزال الدراسات االجتماعية في األردن في بداية مسيرتها‪،‬‬
‫لكنها على ما يظهر تعد بالكثير ‪ ، 3‬اهتمت املدرسة األردنية بالدراسات امليدانية‪ ،‬لكن لعدم وجود برنامج‬
‫دراسات عليا دكتوراه لم تنتج كما ينبغي‪.‬‬
‫ًا‬
‫وما يجري في الجامعات ومراكز البحوث في فلسطين غالب ما ركز على قضايا املقاومة وتشخيص أوضاع‬
‫الفلسطينيين في تكيفهم مع قوى االستيطان والجبروت والصلف اإلسرائيلي‪ ،‬وتعد دراسات عزمي بشارة‬
‫وعزيز حيدر وغيرهم ممثلة لالهتمامات‪،3‬‬

‫‪ .III‬شمال أفريقيا‬
‫ًا‬
‫يمكننا الحديث عن مدرسة اجتماعية ذات تأثير مهم في شمال أفريقية عموم والجزائر على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬تأسست على يد ثلة من املختصين الفرنسيين‪ ،‬في أثناء االحتالل االستعماري‪ ،‬وكان هدف‬
‫هذه املدرسة معرفة املنطقة وتحليل البنيات األولية التي تقوم عليها‪ ،‬ولقد اهتمت هذه املدرسة بشكل‬
‫ًا‬
‫خاص بموضوع الدولة وعالقتها بالبدو أو القبائل تحديد ‪ ،‬ولعل دراسات روبرت مونتجاي وتالميذه‬
‫وجهودهم‪ ،‬ومنهم األبحاث املبكرة لبيير بورديو‪ ،‬وكذلك دراسات لوطرنو و بيل وجاك بيرك‪ ،‬وشيء من‬
‫دراسات لوسيت فالنسي وغيرهم‪ ،‬وبطبيعة الحال‪ ،‬على الرغم من أهمية هذه الدراسات إال أنها تعالج‬
‫موضوعاتها من زاوية مصلحة اإلدارة االستعمارية‪ ،‬وكذلك انحصرت اهتماماتها في تلك االهتمامات‪.‬‬
‫لكن مع االستقالل ظهرت اهتمامات جديدة جادة‪ ،‬لعل أبرزها معهد الدراسات والبحوث االجتماعية الذي‬
‫ترأسه لفترة عبد الكبير الخطيبي املغرب‪ ،‬وفي هذه الفترة ظهرت دراسات غاية في األهمية‪ ،‬وتعد دراسات‬

‫‪8‬‬
‫بول باسكون امليدانية من أبرز النماذج وأفضلها‪ ،‬تركزت االهتمامات حول قضيةالتنمية والتغير‬
‫الجغرافي‪ ،‬وتأسس‬
‫قسم لعلم االجتماع في جامعة محمد الخامس برئاسة محمد جسوس والتحق بالقسم كثير من العلماء‪،‬‬
‫ويظهر بعض االهتمامات بالدراسات االثنوجرافية‪.‬‬

‫معن خليل عمر‪ ،‬رواد علم االجتماع في العراق‬ ‫‪.3‬‬

‫يعد قسم االجتماع بالجامعة التونسية من األقسام البارزة؛ سواء من حيث الكوادر من أمثال عبد‬
‫ًا‬
‫الوهاب بوجوبتة و الهرماسي والطاهر لبيب وغيرهم‪ ،‬وتتميز تونس أيض بمراكزها البحثية التي يجد‬
‫فيها‬
‫بعض علماء االجتماع الدعم‪ ،‬كما هو الحال في دراسات عبد القادر الزغل وزمالئه ‪.‬‬
‫ًا‬
‫وال بد من اإلشارة إلى أن أقسام االجتماع في الجزائر شهدت ازدهار ‪ ،‬و برز االهتمام بدراسة (اإلسالم‬
‫السياسي ( ‪ ،‬أما في ليبيا فإن االهتمام بتأسيس أقسام االجتماع كان من مهام مصطفى الثبر الذي يهتم‬
‫ًا‬
‫بالدراسات الحضرية واأليكولوجية عموم ‪.‬‬
‫ًال‬
‫وإجما ‪ ،‬ال يمكننا القول بأن علم االجتماع في شمال أفريقيا يمر بمرحلة مخاض‪ ،‬إذ ال تزال املدرسة‬
‫الفرنسية التقليدية والحديثة هي املسيطرة‪ ،‬لكن هناك بوادر ظهور تأثير للمدرسة األمريكية في أبحاث‬
‫بعض الدارسين‪ ،‬باإلضافة الى ميل بعض الدراسات إلى الدراسات األنثروبولوجية وذات الطبيعة املتعددة‬
‫املراحل‪ ،‬حيث تتشابك الدراسات التاريخية واألدبية بالدراسة االجتماعية؛ على الطريقة الفرنسية‪ ،‬و مما‬
‫ًا‬
‫يلفت النظر أن العديد من الدراسات الجادة تصدر بالفرنسية أو اإلنجليزية‪ ،‬أحيان ‪ ،‬وبهذا تبقى الخزانة‬
‫ًا‬
‫االجتماعية العربية محدودة‪ ،‬إضافة إلى أن اإلنتاج الشمال إفريقي قليال ما يكون معروف في بقية العالم‬
‫العربي‪ ،‬وهو أمر ال يصدق على الكتاب املشرقي‪ ،‬وعلى األخص الذي ُي طبع أو يوزع في القاهرة أو بيروت أو‬
‫دمشق‪.‬‬

‫‪ .IV‬دول الخليج واليمن‬


‫ًا‬
‫نشأت الجامعات ومن ثم أقسام االجتماع متأخرة نوع ما ‪ ،‬أثرت فيها تقاليد الجامعات العربية وعلى‬
‫األخص املصرية بسبب اعتمادها على استعارة العديد من أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬بل والكتب الجامعية‪،‬‬
‫على األقل في السنوات األولى من بدايات هذه الجامعات‪ ،‬لكن هذه الجامعات قامت بابتعاث العديد من‬
‫ًا‬
‫الطالب للدراسات العليا في جامعات غربية وعربية وتمكن العديد منهم من لعب أدوار مهمة جد في الدفع‬
‫ًا‬
‫باملستوى الجامعي إلى األمام بعد عودتهم‪ ،‬ونظر ألن دول مجلس التعاون كانت تمر بمرحلة تنمية شاملة‪،‬‬
‫كان التوّس ع في بناء الجامعات وإعداد الكوادر التي عليها القيام بالعديد من املساهمات في تحديث البالد‬
‫وتطويرها ‪.‬‬
‫برز بعض الرواد في هذه التجربة‪ ،‬مع قصرها‪ ،‬فعلى سبيل املثال تميزت التجربة الكويتية بإصدار دوريات‬
‫جامعية متخصصة في العلوم االجتماعية تقوم على تحكيم علمي صارم‪ ،‬وشبكة توزيع واسعة شملت كافة‬
‫أرجاء العالم العربي‪ ،‬واهتم بعض علماء االجتماع بدراسة أثر البترول على املجتمعات الخليجية كما هو‬

‫‪9‬‬
‫واضح في دراسات محمد الرميحي وغيره‪ ،‬أو دراسة القبيلة والدولة كما هو الحال في دراسات خلدون‬
‫النقيب ‪ ،‬أو دراسات التغيرات االجتماعية في األسرة والجريمة وغيرها من تحوالت في املجتمع الكويتي‬
‫املعاصر كما هو الحال في دراسات ثاقب فهد الثاقب‪ .‬باإلضافة إلى ذلك قدمت العديد من الدراسات‬
‫السكانية‪.‬‬
‫ًا‬
‫نظر لتوافر اإلحصائيات العامة بشكل منظم‪ ،‬وكذلك دراسة العمالة الوافدة وخصوصاً عمالة الخدم‬
‫والسائقين‪ .‬شكل ) النموذج ( الجامعي الكويتي مثاال للعديد من البلدان الخليجية ‪ ،‬وتعد تجربة الجامعة‬
‫البحرينية والقطرية واإلماراتية والعمانية تجارب مشابهة‪ ،‬وإن كانت ال تزال حديثة‪ ،‬وبدأت تتشكل فيها‬
‫اهتمامات بحثية تخص منطقة الخليج‪ ،‬وربما كانت جمعية علم االجتماع اإلماراتية رائدة في االهتمام‬
‫بدراسة مظاهر التحوالت االجتماعية والثقافية في املجتمع اإلماراتي الذي يمر بتحوالت سريعة‪ ،‬ويعد‬
‫ًا‬
‫الكتاب السنوي لدراسات اإلمارات العربية نموذج ملا يمكن أن تسهم به مؤسسة من مؤسسات املجتمع‬
‫املدني املختصة باإلضافة إلى مجلة شؤون اجتماعية‪.‬‬
‫ًا ًا‬
‫ان تشكل أقسام االجتماع الخليجية إجماال رافد مهم في دراسة ثقافة املجتمعات الخليجية وبنيتها‪ ،‬ويعد‬
‫مركز التراث الشعبي في قطر معلمة لالهتمام بالتراث والتقاليد الشعبية في دول الخليج‪ ،‬ولقد اعتمد‬
‫املركز وأمثاله على الكوادر األكاديمية‪ ،‬مما أدى إلى زيادة االهتمام بهذا التراث‪ ،‬وال تشذ التجربة اليمنية‬
‫عن التجارب الجامعية الخليجية‪ ،‬فقد مرت باملؤثرات نفسها‪ ،‬وشكلت اليوم منها كوادر وطنية طورت‬
‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫االهتمام بدراسة املجتمع اليمني اجتماعي وثقافي ‪ ،‬لكن نظر لبعض الخصوصيات التي يتميز بها املجتمع‬
‫‪4‬‬
‫اليمني‪.‬‬
‫ان تجربة الجامعة الكويتية تستحق اإلشادة ولكنها في الوقت نفسه يتوقع منها أكثر مما قدم إلى اآلن‬
‫وخاصة في الجوانب التنظيرية! املوضوعات حظيت باهتمام ربما ال لصده في العديد من الجامعات‬
‫الخليجية األخرى‪،‬‬
‫ًا‬
‫وتبقى التجربة السعودية فريدة‪ ،‬فهي بدأت في مرحلة مبكرة نسبي ‪ ،‬ربما مع البداية الكويتية أو قبلها‪،‬‬
‫ًال‬
‫وكانت قد تأثرت باملدرسة املصرية بسبب استعانتها بكادر تعليمي مصري وعربي إجما ‪ ،‬لكن ظهر فيها تيار‬
‫يدعو ملا عرف بالتأصيل اإلسالمي للعلوم االجتماعية‪ ،‬باإلضافة إلى أن أعداد كبيرة من الدارسين قدموا‬
‫ًا‬
‫دراسات وأبحاث في مجاالت التنمية والدراسات الديموغرافية‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬يمكننا القول إن علم االجتماع في دول مجلس التعاون يمر بمرحلة تطور مستمر‪ ،‬ألسباب عديدة‪،‬‬
‫لعل من أهمها أن هذه املجتمعات مرت في العقود القليلة املاضية بتطورات وتحوالت مادية سريعة تقتضي‬
‫عمليات تكيف اجتماعي وثقافي واسعة‪ ،‬وهذا يجعل الحاجة لدراسات علماء االجتماع وتحليالتهم ماسة‬
‫لتوضيح مدى التكيف أو عدمه في هذه املجتمعات مع هذه التحوالت‪ ،‬كذلك مرت هذه املجتمعات‬
‫بتحوالت بنيوية عميقة في البنية االجتماعية على املستوى الفردي واألسري واملجتمعي املحلي‪ ،‬وجميعها‬
‫ًا‬
‫تستلزم فهم ودراية للتفاعل مع هذه التحوالت والقدرة على إيجاد صيغ اجتماعية ثقافية جديدة من‬
‫ّك‬
‫شأنها أن تم ن املجتمع بشكل عام ليس أن يفهم ما يجري فقط‪ ،‬وإنما أن يبدع أساليب توفيق بين التقاليد‬

‫‪10‬‬
‫املتوارثة والظروف واملالبسات الحديثة‪ ،‬بحيث ال تقع قطائع ثقافية بين األجيال أو بين فئات اجتماعية‬
‫املختلفة ‪ :‬تقليدية حديثة‪. 5‬‬

‫أبو بكر باقادر‪ ،‬تراث وتحديات وآفاق العلوم االجتماعية في العالم العربي‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫عبد القادر عرابي وعبد هللا الذمالي‪ ،‬إشكالية ‪ -‬علم االجتماع في الجامعات العربية‪،‬بيروت __‬ ‫‪.5‬‬

‫‪11‬‬
‫الخاتمة‬
‫وهكذا في ظل الحضور املؤثر للغرب‪ ،‬سواء في سورة استعمار عسكري‪ ،‬أو في صورة فكر‪ ،‬وفي ظل‬
‫سياسات تعليمية خاضعة لذلك التأثير‪ ،‬كان من الطبيعي أن تتجه طالئع املبعوثين للدارسة في مجال علم‬
‫االجتماع إلى الغرب‪ " ،‬فقد تلقى علماء االجتماع العرب األوائل أمثال ‪ " :‬علي عبد الواحد وافي " ‪ ،‬و "‬
‫عبد العزيز عزت " ‪ ،‬و " عبد الكريم اليافي " ‪ ،‬و " مصطفى الخشاب " ‪ ،‬و " عبد الجميل الظاهر " ‪ ،‬و‬
‫" حسن سعفان " ‪ ،‬تعليمهم في جامعات الغرب‪ ،‬و حصلوا على شهاداتهم العليا منها‪ ،‬و عاد هؤالء من‬
‫بعثاتهم متأثرين باالتجاهات السوسيولوجية الغربية الكالسيكية ذات النزعة الوضعية‪ ،‬انصرفوا إلى وضع‬
‫مصنفات هي في جوهرها عبارة عن تجميعات لنظريات مختلفة‪ ،‬دون أي ربط بينيا و بين املشكالت امللحة‬
‫القائمة في املجتمع ‪ .‬لقد انصب جل جهدهم على إعداد الكتب املدرسية في علم االجتماع العام‪ ،‬يشرحون‬
‫فيها طبيعة هذا العلم وتاريخه‪ ،‬و عالقته بالعلوم االجتماعية األخرى‪ ،‬أو الكتب التي تعالج بعض النظم و‬
‫الظواهر االجتماعية من منظور السوسيولوجيا الغربية تماما‪ ،‬مما جعل كتاباتهم تجيء خليطا من الترجمة‬
‫و النقل‪ ،‬و تتسم أحيانا بعدم الوضوح و دائما بعدم وجود صلة بينها و بين الواقع املجتمعي و املشكالت‬
‫االجتماعية‪ ،‬و حين ظهور أول كتاب في علم االجتماع باللغة العربية ملؤلفه " نيقوال حداد " عام ‪1924‬‬
‫بعنوان علم االجتماع‪ ،‬فإنه جاء حامال كل خصائص تلك األفكار و في تحليله ملحتوي هذا الكتاب‪ ،‬يقول "‬
‫فردريك معتوق " أن التصورات التي يتضمنه و طريقة تأليفه‪ ،‬و الطابع الالوعي و الال نظري الذي يتسم‬
‫به‪ ،‬و عدم اكتراثه بالجانب التطبيقي‪ ،‬كل ذلك أثر تاثيرا سلبيا ‪ ،‬وبصور مباشرة في األجيال الالحقة من‬
‫املهتمين بعلم االجتماع‪ ،‬سواء أكانوا أساتذة أم طالبا‪ ،‬و " ذلك ألن " نيقوال حداد "‬
‫قد قام بنقل اإلرث الغربي في علم االجتماع جزئيا دون العمل على نقده‪ ،‬ودون البحث عما هو قيم‬
‫ومماثل له في إرثنا الثقافي العربي‪ ،‬هذا النقل الجزئي دون تفنيد أو نقد‪ ،‬مع رفض أو العجز عن العودة إلى‬
‫الينابيع الفكرية العربية‪ ،‬أسهم في أن تجيء نشأة علم االجتماع في الوطن العربي مشوهة وسابق ألوانه‪ ،‬و‬
‫غير طبيعية‪ ،‬و أن يكون تطوره أيضا فيما بعد تطورا سابق ألوانه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫املراجع ‪:‬‬

‫شحاتة سعفان" موجز في تاريخ علم االجتماع في مصر‬ ‫‪.1‬‬

‫عبد القادر عرابي ) ترجمة لزمد الجوىري ( حول الوضع الراىن لعلم االجتماع‪ ،‬القاىرة الكتاب –‬ ‫‪.2‬‬

‫معن خليل عمر‪ ،‬رواد علم االجتماع في العراق‬ ‫‪.3‬‬

‫أبو بكر باقادر‪ ،‬تراث وتحديات وآفاق العلوم االجتماعية في العالم العربي‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫عبد القادر عرابي وعبد هللا الذمالي‪ ،‬إشكالية ‪ -‬علم االجتماع في الجامعات العربية‪،‬بيروت __‬ ‫‪.5‬‬

‫‪13‬‬

You might also like