Professional Documents
Culture Documents
سهام
مصر04....................................................................................................................................................................
-املرحلة املمهدة لنشأة علم االجتماع) من بداية القرن التاسع عشر إلى
04............................................................) 1908
ًا
-املرحلة الثانية :مرحلة نشأة علم االجتماع مؤسسي (-1908
05............................................................................)1952
شمال أفريقيا........................................................................................................................................................
07
الخاتمة………………………………10.…………………………..…………………………………………………………..........…............
1
املراجع………….…………………………………………………………………………………………………............……………...........
11
2
مقدمة
ًا ًا ًا
تلعب العلوم االجتماعية دور مهم ومرموق في قائمة العلوم الحديثة .وهي باإلضافة إلى ذلك تلعب
ًا ًا
دور حيوي في تحليل أوضاع العالم الحديث وتغيراته ،ويعتمد عليها في العديد من دول العالم الصناعية
بوصفها وسائل مهمة ملواجهة متطلبات التكييف والتعامل ،بل وأحيانا كثيرة تشكيل بنية املجتمع
والثقافة ،وتستخدم العديد من دول العالم العلوم االجتماعية أدوا ت ملعرفة ما يدور في املجتمع ومن ثم
ًا
العمل على سن التشريعات والقوانين التي من شأنها أن تحقق له آفاق جديدة ملزيد من تطور املجتمع
وتنميته ،وربما ضبط بعض اتجاهاته.
تنتهج العلوم االجتماعية الحديثة أساليب نظرية وتطبيقية تميزها من سالفتها التي بدأت تباشير
ًا ًا
مقدمات ظهورها ،فلم يعد النقد االجتماعي أو الثقافي أمرا فلسفي مجرد يقوم على التنظير الفلسفي أو
الطموحات األخالقية ،كما كان عليه الحال من فالسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر ،ممن تطلعوا
ًا ًا ًا
إلى إقامة مجتمع فاضل متحضر ،على العكس من ذلك تمام ،تقوم العلوم االجتماعية ،استناد واعتماد
على فلسفة ومنهجية علمية متطورة ،على أساس دراسة الواقع االجتماعي والعمل على سبر أغواره من
أجل فهم أفضل ملا يجري ،ومن ثم إمكانية تفسيره أو تعليله ،مع سعي بعض منهم التوصل إلى) قوانين (أو
ًا
عموميات يمكن عدها سنن أو قواعد اجتماعية ،يفسر على أساسها السلوك االجتماعي.
وباالستناد الى ما سبق ،أدى اعتماد هذه األساليب املنهجية العلمية إلى السعي وبشكل منهجي منظم إلى
إبداع وسائل عديدة كمية وكيفية تسمح للمختص في العلوم االجتماعية جمع البيانات واملعلومات التي من
شأنها أن تسمح لو أن يقارن ويوازن بين هذه البيانات ليتمكن في املحصلة ،من فهم الواقع االجتماعي
وتحليله ،ويمكننا في هذا املجال التأكيد على أن املنهجية العلمية تطورت وتتطور بشكل مستمر وبسرعة
مذهلة ،وقد ساعدت علوم اإلحصاء والرياضيات في تقدم هذه املنهجية وتطورها ،بحيث يمكننا الحديث
عن قدرات ومهارات عالية الجودة في مجاالت املسوح والدراسات االجتماعية بشكل عام.
وتوسعت تطبيقاتها في كل املجاالت التي تتطلب دراسات اتجاهات أفراد املجتمع ومواقفهم وسلوكهم،
ًا
وتطورت أساليب تحليلية متقدمة لتحليل البيانات .ولم يقتصر الحال على ذلك ،إذ تطورت ايض وسائل
التحليل الكيفي؛ من مالحظة وتأويل ،وبشكل مذهل ،حيث نجد اليوم العديد من الدراسات
األنثروبولوجية تقدم مالحظات تفصيلية عن ثقافات مجتمعات عديدة .وتولد من توسع االعتماد على
مصداقية العلوم االجتماعية ،قيام العديد من الجهود لتداخل وتكامل العلوم االجتماعية) االجتماعية،
ًا
الثقافية ،السياسية ،االقتصادية ،السلوكية ...إلخ (وتكاملها مع بعضها البعض ،وقامت أيض جهود،
مبدعة في مجاالت السلوك اإلنساني االجتماعي وعلى األخص في مجاالت اإلدارة لتبسيط مفاهيم العلوم
االجتماعية والسعي لتقديمها لجماهير الناس لالستفادة منها لكن مع زيادة االهتمام بالعلوم االجتماعية
وازدهارها في العالم الحديث ،توسعت وتفرعت مدارسها النظرية ومناهجها ،واحتدم الجدل حول العديد
من مفاهيمها وتصوراتها النظرية ،بل وكثر نقد األفكار فيما بين هذه املدارس واملنهجيات وصراعها ،مما
3
ًا ًا ّل
قد يو د عند البعض نوع من اللبس ،خاصة وأن إمكانيات هذه العلوم أصبحت ذات طابع مؤدلج وأحيان
مسّي س ،مما استدعى قيام فروع في علم االجتماع تهتم بدراسة هذه التعددية ،منها علم اجتماع املعرفة
والعلم واللغة ،و هذه الفروع تسهم في تعميق الكيفية التي تتشكل على أساسها املعرفة وتوضيحها ،ومن
تمكين املختص من فرز األسئلة الشائكة وتقديمها في كيفية تلقي نتائج العلوم االجتماعية وقبولها ،وما
يزيد من تعقد األمور تدفق املعرفة املتزايد ،وتغيرات العالم السريعة والتي تتطلب تحليالت ودراسات آنية
.
4
نشأة علم االجتماع في الوطن العربي
5
ًا
ب -املرحلة الثانية :مرحلة نشأة علم االجتماع مؤسسي ()1952-1908
فكما هو معروف أنشئت الجامعة املصرية عام 1908وبدأت فيها الدراسات الحديثة ،وكانت بداية
الدراسات االجتماعية الحديثة في كلية اآلداب عام ، 1914وبعد مضي أعوام من تدريس مواد متخصصة
ًا
في علم االجتماع ،تأسس قسم االجتماع بكلية اآلداب بالجامعة املصرية عام 1952رسمي ،ولقد دّع م هذا
التأسيس عودة بعض أوائل الخريجين الذين كانوا قد بعثوا إلى فرنسا من أمثال منصور فهمي وطه
حسين ممن دفعوا وشجعوا هذه االتجاهات العلمية الحديثة ،على الرغم من عدم انشغال بعضهم مباشرة
في تطوير العلوم االجتماعية ،ويعد علي عبد الواحد من أهم رواد هذه املرحلة ،و ممن وجهوا وشكلوا
ًا
علم االجتماع في الجامعة املصرية ،وربما العربية أيض .
6
عبد القادر عرابي ) ترجمة لزمد الجوىري ( حول الوضع الراىن لعلم االجتماع ،القاىرة الكتاب – .2
ويعد مقدم حسن ساعاتي بداية لظهور تأثير املدرسة االنجلوسكونية امليدانية في علم االجتماع ،ثم تلتها
بوادر ظهور علماء تأثروا باملدرسة األملانية وإن كان بشكل خافت ،ولقد شهدت فًت ة نهاية الثمانينيات
ًا ًا ًا
توسع واضح في االنفتاح على املدرسة األمريكية ،وخصوص على املقررات الجامعية األمريكية عند
ًا
محمدالجوهري وزمالئه ،لكن تبقى الدراسات املبدعة األصيلة محدودة ،غالب ما تظهر في إطار دراسات
ًت
بعض املراكز الجامعية األجنبية مثل الجامعة األمريكية أو بعض األبحاث املش ركة ،ولعل أبحاث محمود
عودة عن القرية املصرية والتنمية واالستيراد ،أو أبحاث سعد الدين إبراهيم ودراساته عن التنمية
والتحوالت االجتماعية ،أو دراسات نادرفرجاني أمثلة جديرة باإلشادة في هذا املجال ..
.IIاملشرق العربي:
بالنسبة إلى لبنان :نجد أن هناك ثالث مدارس مختلفة ،لكل واحدة منها اهتماماتها ،وتوجهاتها املختلفة،
وتعد مدرسة الجامعة األمريكية في بيروت أبرزها وأشهرها؛ حيث ظهرت اهتمامات مبكرة من طرف علماء
اجتماع في دراسة األسرة وما طالها من تغيرات ،وكذلك دراسة التحوالت الحضرية ،وعلى األخص في
منطقة رأس بيروت ،وفي هذا الخصوص يظهر أن االهتمام بالدراسات االجتماعية امليدانية ،التي نالحظ
ازدهارها وتنوعها في العقود الحالية في الجامعة األمريكية في القاهرة ،كانت بيروت سابقة عليها ،وإن لم
تكن بالحجم نفسه من االهتمام والتنوع .
أما املدرسة الثانية فكانت ذات اهتمامات نظرية فلسفية ،وكانت تظهر في شكل دراسات تاريخية
اجتماعية ،أو دراسات مطولة لطائفة أو منطقة في جامعة القديس يوسف ،وبطبيعة الحال واضح فيها
تأثير املدرسة الدوركايمية الفرنسية.
واملدرسة الثالثة هي الجامعة اللبنانية ،ممثلة على وجو الخصوص بمعاهد العلوم االجتماعية املختلفة
والتي تضم بين جنباتها معظم علماء االجتماع اللبنانيين الذين يقومون بالتدريس واإلشراف على أعداد
كبيرة من الدارسين ،وفي هذه املعاهد نج اهتمامات مختلفة ومدارس نظرية متنوعة ،ويظهر أن هذه
املعاهد هي األكثر انشغاال بتأهيل علماء اجتماع املستقبل ،وهي كذلك على الرغم من كل املشاكل
والصعوبات االقتصادية "وهي مدرسة الجامعة األمريكية ببيروت" ،وباألخص دراسات خلف والخوري
وبروتو وزمالؤهم ،ولقد نشرت أعمالهم ،لكن جلها باإلنجليزية مما ربما حال دون تداولها بشكل واسع
ًا
خارج إطار الجامعة األمريكية .وإجماال يمكننا القول بأن البحث االجتماعي في لبنان ال يخرج كثير عن
إطار املدرسة الفرنسية ،وأن معظم البحوث والدراسات هي عبارة عن جهود طالب دراسات عليا يقومون
بإعداد أطروحاتهم للدكتوراه ،ولم تتوفر بعد بشكل قوي اهتمامات -مؤسسية للبحث العلمي في مجال
العلوم االجتماعية . -
أما بالنسبة إلى سوريا ،فإننا نجد أن علم االجتماع ُي درس في إطار كليات اآلداب ،وربما كان تحت مظلة
قسم الفلسفة أو أنه ال يبتعد عنها ،والكوادر العاملة في مجال علم االجتماع متأثرة لدرجة ما بالدراسات
ًت
االجتماعية التي كانت سائدة في األقطار االش راكية ،وال يظهر أن علم االجتماع يحتل مكانة عالية في
7
الجامعات السورية مقارنة بالفلسفة أو التاريخ االجتماعي ،واهتمامات الرواد مختلفة وتمتزج باهتمامات
فلسفية وأدبية واضحة .
أما بالنسبة إلى العراق ،فإننا نجد أن االهتمام بعلم االجتماع واسع ومبكر ،وهناك العديد من الرواد
والرموز العلمية من أمثال على الوردي وجواد طاهر ومصطفى شاكر وغيرهم ،ويظهر أن اهتمام
الجامعات العراقية مبكر بعلم االجتماع ،وعلى األخص في جامعة بغداد ،حيث ُد رس علم االجتماع منذ
بداية الستينيات بعد عودة هؤالء الرواد وقيامهم بالتدريس ونشر أبحاثهم ودراساتهم العلمية.
تمركزت اهتمامات الدراسات االجتماعية العراقية على دراسة ظاهرة التحضر وصراعها مع أسلوب
الحياة الرعوي البدوي ،وكذلك دراسة األسرة وقيمها االجتماعية ،تميزت املدرسة العراقية بتنوع مشارب
ّل
العاملين فيها ،مما و د حيوية خاصة في اهتمامات العاملين في حقول علم االجتماع ومن ثم دراساتهم،
ًا
ترجمة وتأليف ودراسات ميدانية.
أما بالنسبة إلى األردن ،فإن التوسع في أعداد الجامعات ،ووجود أقسام متخصصة في علم االجتماع كان
ًا ًا ًا
دافع وحافز مهم لوجود أعداد كبيرة من املختصين في علم االجتماع للقيام أوال بتلبية االحتياجات
امللحة ألعضاء هيئة التدريس في هذه األقسام ،وفي الوقت نفسه بدء ظهور اهتمامات مختلفة بالدراسات
ًا
والبحوث االجتماعية سواء من طرف الحكومة ملواجهة العديد من مشاكل التنمية وخصوص الفقر
ومشاكل التكيف مع حياة املدنية ،أو التحوالت التي طرأت على األسرة األردنية ،وكانت هناك اهتمامات
بدراسة قضايا الهجرة ،كذا اهتمامات من طرف املؤسسات والجمعيات الخيرية واإلنسانية ملواجهة العديد
من قضايا الالجئين واملهجرين و نحو ذلك ،وال تزال الدراسات االجتماعية في األردن في بداية مسيرتها،
لكنها على ما يظهر تعد بالكثير ، 3اهتمت املدرسة األردنية بالدراسات امليدانية ،لكن لعدم وجود برنامج
دراسات عليا دكتوراه لم تنتج كما ينبغي.
ًا
وما يجري في الجامعات ومراكز البحوث في فلسطين غالب ما ركز على قضايا املقاومة وتشخيص أوضاع
الفلسطينيين في تكيفهم مع قوى االستيطان والجبروت والصلف اإلسرائيلي ،وتعد دراسات عزمي بشارة
وعزيز حيدر وغيرهم ممثلة لالهتمامات،3
.IIIشمال أفريقيا
ًا
يمكننا الحديث عن مدرسة اجتماعية ذات تأثير مهم في شمال أفريقية عموم والجزائر على وجه
الخصوص ،تأسست على يد ثلة من املختصين الفرنسيين ،في أثناء االحتالل االستعماري ،وكان هدف
هذه املدرسة معرفة املنطقة وتحليل البنيات األولية التي تقوم عليها ،ولقد اهتمت هذه املدرسة بشكل
ًا
خاص بموضوع الدولة وعالقتها بالبدو أو القبائل تحديد ،ولعل دراسات روبرت مونتجاي وتالميذه
وجهودهم ،ومنهم األبحاث املبكرة لبيير بورديو ،وكذلك دراسات لوطرنو و بيل وجاك بيرك ،وشيء من
دراسات لوسيت فالنسي وغيرهم ،وبطبيعة الحال ،على الرغم من أهمية هذه الدراسات إال أنها تعالج
موضوعاتها من زاوية مصلحة اإلدارة االستعمارية ،وكذلك انحصرت اهتماماتها في تلك االهتمامات.
لكن مع االستقالل ظهرت اهتمامات جديدة جادة ،لعل أبرزها معهد الدراسات والبحوث االجتماعية الذي
ترأسه لفترة عبد الكبير الخطيبي املغرب ،وفي هذه الفترة ظهرت دراسات غاية في األهمية ،وتعد دراسات
8
بول باسكون امليدانية من أبرز النماذج وأفضلها ،تركزت االهتمامات حول قضيةالتنمية والتغير
الجغرافي ،وتأسس
قسم لعلم االجتماع في جامعة محمد الخامس برئاسة محمد جسوس والتحق بالقسم كثير من العلماء،
ويظهر بعض االهتمامات بالدراسات االثنوجرافية.
يعد قسم االجتماع بالجامعة التونسية من األقسام البارزة؛ سواء من حيث الكوادر من أمثال عبد
ًا
الوهاب بوجوبتة و الهرماسي والطاهر لبيب وغيرهم ،وتتميز تونس أيض بمراكزها البحثية التي يجد
فيها
بعض علماء االجتماع الدعم ،كما هو الحال في دراسات عبد القادر الزغل وزمالئه .
ًا
وال بد من اإلشارة إلى أن أقسام االجتماع في الجزائر شهدت ازدهار ،و برز االهتمام بدراسة (اإلسالم
السياسي ( ،أما في ليبيا فإن االهتمام بتأسيس أقسام االجتماع كان من مهام مصطفى الثبر الذي يهتم
ًا
بالدراسات الحضرية واأليكولوجية عموم .
ًال
وإجما ،ال يمكننا القول بأن علم االجتماع في شمال أفريقيا يمر بمرحلة مخاض ،إذ ال تزال املدرسة
الفرنسية التقليدية والحديثة هي املسيطرة ،لكن هناك بوادر ظهور تأثير للمدرسة األمريكية في أبحاث
بعض الدارسين ،باإلضافة الى ميل بعض الدراسات إلى الدراسات األنثروبولوجية وذات الطبيعة املتعددة
املراحل ،حيث تتشابك الدراسات التاريخية واألدبية بالدراسة االجتماعية؛ على الطريقة الفرنسية ،و مما
ًا
يلفت النظر أن العديد من الدراسات الجادة تصدر بالفرنسية أو اإلنجليزية ،أحيان ،وبهذا تبقى الخزانة
ًا
االجتماعية العربية محدودة ،إضافة إلى أن اإلنتاج الشمال إفريقي قليال ما يكون معروف في بقية العالم
العربي ،وهو أمر ال يصدق على الكتاب املشرقي ،وعلى األخص الذي ُي طبع أو يوزع في القاهرة أو بيروت أو
دمشق.
9
واضح في دراسات محمد الرميحي وغيره ،أو دراسة القبيلة والدولة كما هو الحال في دراسات خلدون
النقيب ،أو دراسات التغيرات االجتماعية في األسرة والجريمة وغيرها من تحوالت في املجتمع الكويتي
املعاصر كما هو الحال في دراسات ثاقب فهد الثاقب .باإلضافة إلى ذلك قدمت العديد من الدراسات
السكانية.
ًا
نظر لتوافر اإلحصائيات العامة بشكل منظم ،وكذلك دراسة العمالة الوافدة وخصوصاً عمالة الخدم
والسائقين .شكل ) النموذج ( الجامعي الكويتي مثاال للعديد من البلدان الخليجية ،وتعد تجربة الجامعة
البحرينية والقطرية واإلماراتية والعمانية تجارب مشابهة ،وإن كانت ال تزال حديثة ،وبدأت تتشكل فيها
اهتمامات بحثية تخص منطقة الخليج ،وربما كانت جمعية علم االجتماع اإلماراتية رائدة في االهتمام
بدراسة مظاهر التحوالت االجتماعية والثقافية في املجتمع اإلماراتي الذي يمر بتحوالت سريعة ،ويعد
ًا
الكتاب السنوي لدراسات اإلمارات العربية نموذج ملا يمكن أن تسهم به مؤسسة من مؤسسات املجتمع
املدني املختصة باإلضافة إلى مجلة شؤون اجتماعية.
ًا ًا
ان تشكل أقسام االجتماع الخليجية إجماال رافد مهم في دراسة ثقافة املجتمعات الخليجية وبنيتها ،ويعد
مركز التراث الشعبي في قطر معلمة لالهتمام بالتراث والتقاليد الشعبية في دول الخليج ،ولقد اعتمد
املركز وأمثاله على الكوادر األكاديمية ،مما أدى إلى زيادة االهتمام بهذا التراث ،وال تشذ التجربة اليمنية
عن التجارب الجامعية الخليجية ،فقد مرت باملؤثرات نفسها ،وشكلت اليوم منها كوادر وطنية طورت
ًا ًا ًا
االهتمام بدراسة املجتمع اليمني اجتماعي وثقافي ،لكن نظر لبعض الخصوصيات التي يتميز بها املجتمع
4
اليمني.
ان تجربة الجامعة الكويتية تستحق اإلشادة ولكنها في الوقت نفسه يتوقع منها أكثر مما قدم إلى اآلن
وخاصة في الجوانب التنظيرية! املوضوعات حظيت باهتمام ربما ال لصده في العديد من الجامعات
الخليجية األخرى،
ًا
وتبقى التجربة السعودية فريدة ،فهي بدأت في مرحلة مبكرة نسبي ،ربما مع البداية الكويتية أو قبلها،
ًال
وكانت قد تأثرت باملدرسة املصرية بسبب استعانتها بكادر تعليمي مصري وعربي إجما ،لكن ظهر فيها تيار
يدعو ملا عرف بالتأصيل اإلسالمي للعلوم االجتماعية ،باإلضافة إلى أن أعداد كبيرة من الدارسين قدموا
ًا
دراسات وأبحاث في مجاالت التنمية والدراسات الديموغرافية.
عموما ،يمكننا القول إن علم االجتماع في دول مجلس التعاون يمر بمرحلة تطور مستمر ،ألسباب عديدة،
لعل من أهمها أن هذه املجتمعات مرت في العقود القليلة املاضية بتطورات وتحوالت مادية سريعة تقتضي
عمليات تكيف اجتماعي وثقافي واسعة ،وهذا يجعل الحاجة لدراسات علماء االجتماع وتحليالتهم ماسة
لتوضيح مدى التكيف أو عدمه في هذه املجتمعات مع هذه التحوالت ،كذلك مرت هذه املجتمعات
بتحوالت بنيوية عميقة في البنية االجتماعية على املستوى الفردي واألسري واملجتمعي املحلي ،وجميعها
ًا
تستلزم فهم ودراية للتفاعل مع هذه التحوالت والقدرة على إيجاد صيغ اجتماعية ثقافية جديدة من
ّك
شأنها أن تم ن املجتمع بشكل عام ليس أن يفهم ما يجري فقط ،وإنما أن يبدع أساليب توفيق بين التقاليد
10
املتوارثة والظروف واملالبسات الحديثة ،بحيث ال تقع قطائع ثقافية بين األجيال أو بين فئات اجتماعية
املختلفة :تقليدية حديثة. 5
أبو بكر باقادر ،تراث وتحديات وآفاق العلوم االجتماعية في العالم العربي. .4
عبد القادر عرابي وعبد هللا الذمالي ،إشكالية -علم االجتماع في الجامعات العربية،بيروت __ .5
11
الخاتمة
وهكذا في ظل الحضور املؤثر للغرب ،سواء في سورة استعمار عسكري ،أو في صورة فكر ،وفي ظل
سياسات تعليمية خاضعة لذلك التأثير ،كان من الطبيعي أن تتجه طالئع املبعوثين للدارسة في مجال علم
االجتماع إلى الغرب " ،فقد تلقى علماء االجتماع العرب األوائل أمثال " :علي عبد الواحد وافي " ،و "
عبد العزيز عزت " ،و " عبد الكريم اليافي " ،و " مصطفى الخشاب " ،و " عبد الجميل الظاهر " ،و
" حسن سعفان " ،تعليمهم في جامعات الغرب ،و حصلوا على شهاداتهم العليا منها ،و عاد هؤالء من
بعثاتهم متأثرين باالتجاهات السوسيولوجية الغربية الكالسيكية ذات النزعة الوضعية ،انصرفوا إلى وضع
مصنفات هي في جوهرها عبارة عن تجميعات لنظريات مختلفة ،دون أي ربط بينيا و بين املشكالت امللحة
القائمة في املجتمع .لقد انصب جل جهدهم على إعداد الكتب املدرسية في علم االجتماع العام ،يشرحون
فيها طبيعة هذا العلم وتاريخه ،و عالقته بالعلوم االجتماعية األخرى ،أو الكتب التي تعالج بعض النظم و
الظواهر االجتماعية من منظور السوسيولوجيا الغربية تماما ،مما جعل كتاباتهم تجيء خليطا من الترجمة
و النقل ،و تتسم أحيانا بعدم الوضوح و دائما بعدم وجود صلة بينها و بين الواقع املجتمعي و املشكالت
االجتماعية ،و حين ظهور أول كتاب في علم االجتماع باللغة العربية ملؤلفه " نيقوال حداد " عام 1924
بعنوان علم االجتماع ،فإنه جاء حامال كل خصائص تلك األفكار و في تحليله ملحتوي هذا الكتاب ،يقول "
فردريك معتوق " أن التصورات التي يتضمنه و طريقة تأليفه ،و الطابع الالوعي و الال نظري الذي يتسم
به ،و عدم اكتراثه بالجانب التطبيقي ،كل ذلك أثر تاثيرا سلبيا ،وبصور مباشرة في األجيال الالحقة من
املهتمين بعلم االجتماع ،سواء أكانوا أساتذة أم طالبا ،و " ذلك ألن " نيقوال حداد "
قد قام بنقل اإلرث الغربي في علم االجتماع جزئيا دون العمل على نقده ،ودون البحث عما هو قيم
ومماثل له في إرثنا الثقافي العربي ،هذا النقل الجزئي دون تفنيد أو نقد ،مع رفض أو العجز عن العودة إلى
الينابيع الفكرية العربية ،أسهم في أن تجيء نشأة علم االجتماع في الوطن العربي مشوهة وسابق ألوانه ،و
غير طبيعية ،و أن يكون تطوره أيضا فيما بعد تطورا سابق ألوانه.
12
املراجع :
عبد القادر عرابي ) ترجمة لزمد الجوىري ( حول الوضع الراىن لعلم االجتماع ،القاىرة الكتاب – .2
أبو بكر باقادر ،تراث وتحديات وآفاق العلوم االجتماعية في العالم العربي. .4
عبد القادر عرابي وعبد هللا الذمالي ،إشكالية -علم االجتماع في الجامعات العربية،بيروت __ .5
13