Professional Documents
Culture Documents
ترجمة:
ســارة عبــد املؤمن
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
:ترجمة
)2(
ســارة عبــد املؤمن
تقديم الترجمة
نعيــش يف ســياق العالَـ ِـم املعــومل منــذ نحــو َعقديْــن اآلن ،وهــو الســياق الــذي فتــح لنــا
وعلينــا آفاقًــا جديــد ًة مــن التقــارب الثقــايف والدراســات املقارنــة عــى جميع املســتويات .ال
يبعــد القائــل أن يقــول إن واحــد ًة مــن أخــص ســات هــذا الســياق قــد أصبحــت املقارنــة.
إن إنســان اليــوم يقــارن وضْ َعــ ُه االجتامعــي واالقتصــادي والثقــايف والســيايس ،وحتــى
ـي ،ميارســه شــكله باآلخريــن يف العــامل البعيــد .وال شـ َّـك أن املقارنــة فعــل إنســا ٌّين طبيعـ ٌّ
اإلنســان منــذ ال ِقـ َدم ،فيقــارن باســتمرار بــن املتامثــات واملتباينــات حولَــه ،ولكــن الــذي
ـياق املعــومل الجديــد هــو الوفــرة الكبــرة يف البيانــات واملعلومــات عــى نحـ ٍو أضافــه السـ ُ
مل يكــن متا ًحــا مــن قبــل ،وهــو األمــر الــذي أدى إىل مزيـ ٍـد مــن االنفتــاح النفــي والتف ُّهــم
ـرض مــن املقارنــة مجــر َد الدفــاع أو الهجــوم البســيط َْي العاطفــي لآلخــر ،فلــم يعــد الغـ ُ
اض جديــدة كالتف ُّهــم والتعايــش واالســتفادة كــا كان يف الســابق ،ولكــن نشــطت أغــر ٌ
مــن اآلخــر .مل تعــد املحليــة والخصوصيــة الثقافيــة مان ًعــا مــن املثاقفــة والتبــادل الفكــري،
نفســها قــد ظهــر أنهــا مل تكــن بهــذه الحتم َّيــة والح ِّديــةوبخاصــة أن تلــك الخصوصيــة َ
الصارمــة التــي كانــت متخ َّيلــة مــن قبــل ،والتــي تجــادل دراســاتٌ ثقافيــة أن ذلــك التحلُّــل
النســبي للخصوصيــة الثقافيــة نفســه هــو أحــد آثــار العوملــة .ليــس الوقــوف عــى ذلــك
وكدنــا يف هــذا املقــام عــى كل حــال ،ولكــن املقصــود الوقــوف أمــام تلــك الظاهــرة مــن ِ
واالنتفــاع مبــا هــو نافـ ٌع فيهــا.
الســياق إىل مالحظــة الكثــر مــن املســاحات الثقافيــة ُ كــا أرشنــا ،فقــد أدى ذلــك
املشــركة بــن األُمــم والشــعوب ،ورجــوع كث ـرٍ مــن التباينــات الفرعيــة بينهــا إىل أصــو ٍل
قريبــة أو متشــابهة ،وهــو األمــر الــذي ميكــن أن يحـ ُّد كثـ ًرا مــن ثقافــة الصــدام بالتحـ ُّول
إىل ثقافــة التفاهــم والحــوار.
تــأيت هــذه الورقـ ُة يف ذلــك الســياق ،حيــث تتنــاول املرشوعـ ِ
ـات البحثيــة التــي تســتهدف
القانــو َن حــول العــامل -القانــون العاملــي -بالتأريــخ ،محا ِول ـ ًة تجــاو َز صعوبــات التنافــر
الظاهــري أحيانًــا والحقيقــي أحيانًــا أخــرى :بــن املفاهيــم والفلســفات واملؤسســات
4
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
والتكوينــات الذهنيــة واإلجرائيــة املتباينــة لل ُّنظُــم القانونيــة املختلفــة حــول العــامل .يــدرك
العديـ ُد مــن الباحثــن يف مجــاالت القانــون والديــن واالجتــاع والسياســة -بصفـ ٍة أساســية
-أهمي ـ َة ذلــك املجــال الحديــث نســب ًّيا للتأريــخ القانــوين العاملــي ،لِــا ميكــن أن يرتتــب
ـر مــن حركــة اإلنســان الفكريــة واملاديــة يف عــامل اليــوم ـي ييـ ِّ
عليــه مــن تقــا ُر ٍب ترشيعـ ٍّ
ـات عومليــة باتــت رضوريــة ،وكذلــك مبــا ميكــن أن يرتتــب عــى ذلــك النوع مبــا لــه مــن سـ ٍ
ـاحات أوســع مــن التفاهــم الفكــري والثقايف مــن التأريــخ القانــوين العاملــي مــن إتاحــة مسـ ٍ
الــذي قــد يــري العديــد مــن الحــوارات الفلســفية واالجتامعيــة والحقوقيــة واألخالقيــة
وليــس فقــط القانونيــة باملعنــى اإلجـرايئ الض ِّيــق.
تقـ ِّدم الورقـ ُة التــي بــن أيدينــا رش ًحــا لإلشــكالية األساســية حول ماهيــة مفهــوم "التأريخ
إطالقــات بحثيــة مختلفــة ،ثــم تتطــرق لتأريــخ ٍ القانــوين العاملــي" ،ومــا يُــراد بــه مــن
مو َجــز لهــذا االتجــاه وأهميتــه ،وموقعــه الوســيط بــن الدراســات القانونيــة والتاريخيــة،
ـي :هي ـات منهجيــة أربــع تُسـهِم يف العمــل عــى تحقيــق تأريــخ قانــو ٍّين عاملـ ٍّ وتقـ ِّدم مقاربـ ٍ
التوطــن ،والتع ُّدديــة املعياريــة ،والتنميــط ،والرتجمــة .مــع مالحظــات ختاميــة تتض َّمــن
موســعة حــول املجــال وأهــم الدراســات النظريــة والتطبيقيــة فيه. توصيــات ،وببليوغرافيــا َّ
5
املترجم
َ النص
ُّ
َّ
امللخص:
بســبب التحــوالت التــي طــرأت عــى ال ُّنظــم القانونيــة يف العــامل ،ثَ َّــة حاجــة إىل التفكــر
ـي .إن هنــاك مطالب ـ ًة بشــأن القانــون والدراســات العلميــة القانونيــة عــى صعيـ ٍـد عاملـ ٍّ
ـي للقانــونَّ ،إل أنــه ال يوجــد توافــق يف اآلراء بشــأن ماهيــة هــذا متزايــد ًة بتأريــخ عاملـ ٍّ
التاريــخ وال بشــأن األهــداف التــي يســعى إليهــا هــذا التأريــخ القانــوين ،أو حتــى مــدى
ـي التع ُّددي َة
ـات أخــرى .باإلضافــة إىل ذلــك ،يعكــس التاري ُخ القانــوين العاملـ ُّ بتخصصـ ٍ
ارتباطــه ُّ
التقليديــة للمناهــج واألهــداف واألشــكال املوجــودة يف التأريــخ القانــوين الحــايل .هــذا هــو
ـي .ال ميكــن أن الســبب يف أنــه مــن الصعــب الحديــث عــن منه ـ ٍج لتاري ـ ٍخ قانــو ٍّين عاملـ ٍّ
ترســم هــذه املســاهمة -املكتوبــة مــن منظــو ٍر غــر ٍّيب -ســوى بانورامــا عا َّمــة وبعــض
الخاصــة .يبــدأ األمــر بدراســة معــاين "التاريــخ القانــوين العاملــي" ،ثــم َّ املشــكالت املنهجيــة
برســم بعــض الطــرق املنهجيــة .وتؤكِّــد املالحظــات الختاميــة عــى أنــه ال يجــب ترســيخ
االفرتاضــات الفكريــة فحســب ،بــل يجــب أيضً ــا ترســيخ االفرتاضــات املؤسســية لإلنتــاج
العاملــي للمعرفــة التاريخيــة القانونيــة.
6
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
منــذ التســعينيات مــن القــرن املــايض ،كانــت املحــاوالت إلكــال األغلبيــة الســاحقة مــن التقاليــد
ـي ،كانــت يف ازديــاد .ويف الوقــت نفســه ،اســتخدم عــد ٌد التاريخيــة الدوليــة عــن طريــق إدخــال بُ ْعــد عاملـ ٍّ
ـح «عاملــي» ،ومثَّــة مقــاالت نظاميــة ومحــاوالت إلضفــاء متزايــد مــن اإلصــدارات التاريخيــة القانونيــة مصطلـ َ
الطابــع املؤســي عــى ذلــك .كان للقانــون العابــر للجنســيات وبــروز التاريــخ العاملــي والدراســات العامليــة
بصفـ ٍة عا َّمــة أثـ ٌر يف التأريــخ القانــوين .ونظـ ًرا للتحــوالت الكبــرة التــي تشــهدها ال ُّنظُـ ُم القانونيــة يف العــامل
ـذري بشــأن القانــون والدراســات العلميــة القانونيــة ،ودعــوة حاليًــا ،كانــت هنــاك حاجــة إىل تفك ـرٍ جـ ٍّ
جديــدة لتصــورات طويلــة األمــد عــى الصعيــد العاملــي .ونتيجــة لذلــك ،أصبحــت هنــاك دعــواتٌ متزايــدة
ـي للقانــون.
إىل تاريـ ٍخ عاملـ ٍّ
ـال بــدأ يتش ـكَّل ببــطء .إن عــى الرغــم مــن هــذه التطــورات ،فــإن التاريــخ العاملــي للقانــون هــو مجـ ٌ
هنــاك تقاليـ َد وطنيــة وإقليميــة مختلفــة لكتابــة التاريــخ القانــوين ،فعــى ســبيل املثــال :التاريــخ القانــوين
األنجلو-أمريــي واآلســيوي والبلجيــي والهولنــدي والفرنــي واألملــاين واإليطــايل واإليبريي-أمريــي ،وهــي
تعمــل عــى دمــج وجهــات النظــر العابــرة للحــدود الوطنيــة بشــكلٍ متزايـ ٍـد يف أطرهــا التحليليــة .لقــد
تســببت «عوملــة» التواصــل األكادميــي ( )D’Haen 2016والتعــاون الــدويل املتنامــي يف عمليــة بطيئــة،
ولكنهــا مطَّــردة مــن تحـ ُّول األســاليب وقوانــن املعرفــة واملامرســات األكادمييــة -حتــى يف مجــال التاريــخ
التخصصــات ،يُكمــل
ُّ القانــوين الصغــر نســب ًّيا .فهنــاك خطــاب مســتجد عابــر للحــدود الوطنيــة ومتع ـ ِّدد
التقالي ـ َد املحليــة والوطنيــة .تــأيت اإلســهامات امله َّمــة مــن التجديــد النقــدي لدراســات القانــون املقــارن.
ومــع ذلــك ،تجــري ترجم ـ ُة هــذه الخطابــات العابــرة للحــدود الوطنيــة إىل تقاليــد تاريخيــة وطنيــة ويف
ـياقات مؤسســية .ونتيجــة لذلــك ،ال يوجــد توافــق يف اآلراء بشــأن ماهيــة التاريــخ القانــوين العاملــي ،وال سـ ٍ
بالتخصصات
ُّ بشــأن األهــداف التــي يســعى إليهــا هــذا النــو ُع مــن التأريخ القانــوين ،أو حتــى مــدى ارتباطــه
األخــرى .باإلضافــة إىل ذلــك ،يعكــس التاريـ ُخ القانــوين العاملــي التع ُّدديـ َة التقليديــة للمناهــج واألهــداف
واألشــكال املوجــودة يف التأريــخ القانــوين الحــايل .وهــذا هــو الســبب يف أنــه مــن الصعــب الحديــث عــن
ـي .ورمبــا ليــس مــن املستحســن حتــى القيــام بذلــك. منهـ ٍج لتاريـ ٍخ قانــو ٍّين عاملـ ٍّ
ومــع أخــذ ذلــك يف االعتبــار ،ال ميكــن أن ترســم هذه املســاهمة -املكتوبة مــن منظو ٍر أملــا ٍّين أو «غر ٍّيب» -
الخاصــة املتعلِّقــة بالتاريــخ القانــوين العاملــي .فهــي تبــدأ
َّ ســوى بانورامــا عا َّمــة وبعــض املشــكالت املنهجيــة
التخصصيــة (أ) .ثــم برســم بعــض الطــرق املنهجيــة ُّ بالنظــر يف معــاين «التاريــخ القانــوين العاملــي» ومهامــه
(ب) .وســوف تؤكِّــد املالحظــات الختاميــة عــى أنــه ليــس مــن الــروري ترســيخ االفرتاضــات الفكريــة
7 فحســب ،بــل يجــب أيضً ا ترســيخ االفرتاضات املؤسســية لإلنتــاج العاملــي للمعرفــة التاريخيــة القانونية (ج).
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
التخصصية:
ُّ ً
(أول) التاريخ القانوني العاملي :معانيه املختلفة ومهامه
ميكــن أن يكــون لهــذا املنظــور العاملــي آثــا ٌر مختلفــة متا ًما .ففي املقــام األول ،ميكــن أن تعنــي املنظورات
العامليــة دراسـ ًة نقديـ ًة وتعديـ ًـا لإلطــار املــكاين الــذي تقوم عليــه العديد مــن التقاليــد التأريخيــة القانونية.
خاصــة بالنظــر إىل أن املؤسســات األكادمييــة وكذلــك التقاليــد الفكريــة والتحليليــة للتأريــخ ولهــذا أهميـ ٌة َّ
القانــوين قــد نشــأت مــن حقبــة الدولــة القوميــة .ونتيج ـ ًة لذلــك ،أصبحــت الدول ـ ُة القوميــة وتشــكيالت ُها
املكانيــة مبثابــة نقطـ ٍة مرجعيــة طبيعيــة للبحــث ( .)Duve 2014cولكــن بالنظــر إىل التاريــخ القانــوين يف
العصــور القدميــة والوســطى وأوائــل العــر الحديــث ،يبــدو مــن الواضــح أن املســاحات غــر الوطنيــة بــل
اإلمربياليــة األوســع نطاقًــا كانــت يف كث ـرٍ مــن األحيــان أك ـ َر مــن مج ـ َّرد كونهــا قاعــد ًة للتاريــخ القانــوين
(Benton 2012؛ .)Benton / Ross 2013فداخــل هــذه املســاحات اإلمربياليــة وفيــا بينهــا ،كان هنــاك
عــد ٌد كبــر مــن الروابــط والتفاعــات املتبادلــة التــي يجــب أن تؤخــذ يف االعتبــار .فلــم يكــن مســتغربًا أن
ـات «أوروبيـ ًة» كــا هــي اليــوم .وعــى تكــون تلــك التجــارب اإلمربياليــة بالتحديــد هــي مــا جعــل املؤسسـ ِ
ســبيل املثــال ،مل يكــن الفكــر القانــوين يف أوائــل العــر الحديــث يف بعــض أجـزاء أوروبــا أقـ َّـل تأث ُّـ ًرا مبدرســة
التوســع اإلمربيــايل للماملــك اإليبرييــة.
ســاالمانكا ،التــي ال ميكــن فه ُمهــا إلَّ يف ســياق ُّ
إن التفكــر املعيــاري لالهوتيــن والفقهــاء القانونيــن أو الفالســفة ليــس مج ـ َّرد ظاهــرة «إســبانية» أو
«برتغاليــة» فحســب ،بــل هــو نتيجــة محتملــة للعوملــة األوىل التــي ع َّدلــت الطريق ـ َة التــي تط ـ َّورت بهــا
ال ُّنظُــم القانونيــة بشــكل أكــر (ملزيــد مــن املراجــع ،انظــر .) Duve 2012 :ميكــن قــول الــيء نفســه
بالنســبة إىل املبــادئ األساســية للفكــر القانــوين األورويب مثل «الســيادة» ( ،)Benton 2010أو نشــأة القانون
الـ�دويل ،الـ�ذي كان «أوروب ًّيـ�ا» فقـ�ط باعتبـ�ار أنـ�ه كانـ�ت هنـ�اك هيمنـ�ة أوروبيـ�ة عـلى إنتاجـ�ه( (�Kosken
.)niemi 2011,2014ومــع ذلــك ،كانــت هنــاك مســاهامتٌ كبــرة مــن ِقبَــل مــا يُسـ َّمى بـــ «فقهــاء القانون
شــبه الهامشــيني» ( .)Becker Lorca 2014فعــى ســبيل املثــال ال الحــر :لقــد تعومــل مــع العبوديــة
وأُلغيــت باعتبارهــا جــز ًءا مــن التواريــخ الوطنيــة ،ومــع ذلــك فــا ميكــن فهــم هــذه التواريــخ الوطنيــة مــن
دون صياغــة أو تأطــر لقانــون العبيــد العابــر للحــدود الوطنيــة ( .)Gross / de la Fuente 2013وبطريقــة
مامثلــة ،فــإن املناطــق املســتعمرة لديهــا أســباب تدعــو إىل التدقيــق يف األبعــاد املكانيــة لتأريخهــا ،فكثـ ًرا
مــا كان تاريخهــا یُکتــب مــن عصــور مــا قبــل التاريــخ إلدراجهــا يف اإلمرباطوريــة االســتعامرية .عــى ســبيل
املثــال ،ال يوجــد تاريــخ قانــو ٌّين ألمريــكا الالتينيــة يتض َّمــن جــز ًءا كبـ ًرا مــن املــايض القانــوين الــذي يســبق
االســتعام َر األورويب ،ورمبــا ال يكــون مــن املنطقــي دمــج هــذه التواريــخ الســابقة لالســتعامر يف إطــا ٍر مــكا ٍّين
شـكَّله التاريـ ُخ االســتعامري ( .)Clavero 2014وقــد ال يكــون هنــاك -عــى ســبيل املثــال -يش ٌء مــا عــى
غـرار «القانــون الهنــدويس» ( .)Srikantan 2014ومــن ثَـ َّم فقــد ال يعنــي إنهــا ُء االســتعامر الفكــري تضمـ َن
9
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
أشــكال أخــرى مــن املعياريــة والتنظيــم االجتامعــي فحســب ،بــل قــد يُثــر أيضً ــا أســئل ًة حــول التكوينــات
املكانيــة املختلفــة للتاريــخ القانــوين للمناطــق التــي فرضتهــا القــوى االســتعامرية عــى ال ِب َنــى اإلمربياليــة.
عــاوة عــى ذلــك ،يجــب فهــم «والدة العــامل الحديــث» ( ،)Bayly 2004وحــركات االســتقالل يف أواخــر
القــرن الثامــن عــر وأوائــل القــرن التاســع عــر ،وعــر الدولــة القوميــة -مبؤسســاتها القانونيــة الرمزيــة
-يجــب فهمهــا يف ســياقها العاملــي .وكان قــرن بنــاء األُ َّمــة يف أوروبــا والغــرب -يف الوقــت نفســه -هــو فــرة
كانــت فيهــا عوملــة القانــون والفكــر القانــوين عــى الطريــق ،وكانــت مؤثِّــر ًة للغايــة (.)Kennedy 2006
تُ َعـ ُّد اآلثــار القانونيــة لعمليــة بنــاء األُ َّمـ ِة هــذه -أي وضــع التقنينــات والدســاتري -جــز ًءا مــن عمليــة اتصا ٍل
ـي .فقــد جــرى تعميــم القوانــن والدســاتري مــن مختلــف أنحــاء مع َّقــدة لهــا مــن بعــض النواحــي بُ ْعـ ٌد عاملـ ٌّ
كل أُ َّمـ ٍة (انظــر -عــى ســبيل املثــال -املســاهامت يف:
العــامل وترجمتهــا -بدرجـ ٍة تكــر أو تقــل -إىل واقـعِ ِّ
،Duve 2014aوخاصـ ًة .)Zimmermann 2014
املجال أمـام إمكانية توسـيع نطاق الفئـات التحليلية.عاملي يُفسـح َ كما أن التاريـخ القانـوين مـن منظـور ٍّ
ال ينطبـق هـذا فقـط على تأريـخ مـا بعـد االسـتعامر وإرصاره على مراعـاة مختلـف النظريـات ونظريـات
املعرفـة اآلتيـة مـن الجنـوب ( ،)Costa 2013; Santos 2014; Comaroff/Comaroff 2012فـإىل جانـب
التنقيـح املصاحـب للرسديـات التاريخيـة ،فقد أصبح مـن املمكن نقل أسـئلة البحث التاريخـي وموضوعاته
إىل التواريـخ القانونيـة للمناطـق األخـرى .فعلى سـبيل املثـال ،يق ِّدم التبـادل مـع التاريخ القانـوين األنجلو-
أمريكي أو التاريـخ القانـوين االسـتعامري للتقاليـد األوروبية القارية أسـئل ًة جـرى إهاملهـا يف خطاباتها ،مثل
أهميـة األدبيـات الرباجامتيـة ،والعدالـة العلامنيـة ،والتصـورات غري العلامنيـة للقانون وتأثريهـا بعيد املدى،
وتاريـخ القضـاء ،ومجموعـات األقليـات ،وعدم املسـاواة ،إلـخ .ويف الوقت نفسـه -عىل سـبيل املثال -جرى
التقليـل مـن تقديـر القانـون العـام ius communeلفترة طويلـة يف العديـد مـن املجتمعـات التاريخيـة
ٍ
ومفـردات أساسـي ًة للتواصـل بشـأن القانـون عىل القانونيـة غير األوروبيـة ،وأُعيـد اكتشـافُه بوصفـه قواعـ َد
نط�اق عامل�ي (انظ�ر -على س�بيل املث�ال -لألمريكتَ ْين Tau Anzoátegui 2002 :؛ Cassi 2004؛ �Strau
.)mann 2016ومـن ث َـ َّم ،فـإن وجهـات النظـر العامليـة التاريخيـة تسـاهم -كما تفعـل جميـع الدراسـات
رص ٍـد مغايرة ،فهي
املقارنـة -يف االبتعـاد امل ُثمـر واملن ِتـج عـن هدف البحث الذي يسـتند فيـه املرء إىل نقطة ْ
ت ُسـاهم يف تهميـش التاريـخ القانـوين ومن ث َـ َّم إعـادة تأويلـه (.)Davis 2011; Conrad 2016
التوســع يف املســاحات ،والفئــات التحليليــة ،وكذلــك أســئلة وموضوعــات التاريــخ باإلضافــة إىل هــذا ُّ
القانــوين التقليــدي ذي التو ُّجــه الوطنــي؛ فــإن هنــاك أيضً ــا وظيف ـ ًة ذات طابــع تح ـ ُّرري بالدرجــة األوىل،
10
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
تتعلَّــق مبواجهــة هيمنــة التقاليــد البحثيــة األوروبيــة يف القرنــن التاســع عــر والعرشيــن عــى تلــك
خدمت الفئــاتُ األوروبيــة لتحليــل تاريخهــا القانــوين .إن مــا كُ ِتــب بالفعــل يف ســياق املناطــق التــي اس ـتُ ِ
التاريــخ االقتصــادي قبــل عرشيــن عا ًمــا ال يــزال ســاريًا عــى التاريــخ القانــوين« :يبــدو أن التاريــخ يف
كثـرٍ مــن األحيــان يصــل إىل الشــعوب غــر الغربيــة عنــد اتصالهــا باألوروبيــن .فالتاريــخ الحديــث لهــذه
ـدي عــى محــور االســتجابات املحليــة للتحديــات الغربيــة .ذلــك ـي بشــكل تقليـ ٍّالشــعوب غــر الغربیــة مبنـ ٌّ
يف حــن أنــه باألحــرى قــد تكــون الســامة الثقافيــة والتاريخيــة للمجتمعــات غــر الغربيــة معتــر ًة مبعـ ِز ٍل
ـات مختلط ـ ًة مبنيــة عــى مزي ـ ٍج مــن التأث ـرات املحليــةعــن التأث ـرات األوروبيــة ،أو باعتبارهــا مجتمعـ ٍ
والغربيــة «( .)Bin Wong 1997، 1األمثلــة متعــ ِّددة ،وال تقتــر عــى بــدء تأريــخ القانــون ألمريــكا
الالتينيــة مــع اســتعامر اإلســبان .فعــى ســبيل املثــال ،اعتمــد بعــض املؤرخــن القانونيــن اليابانيــن عــى
ياملفاهيــم األملانيــة لكتابــة التاريــخ اليابــاين يف حــن أنهــم قــد يحتاجــون إىل البحــث عــن إطــار تحلي ـ ٍّ
خــاص بهــم ( .)Nishikawa 2007a، 2007bومــن شــأن زيــادة الوعــي باألثــر الثقــايف الدائــم أو حتــى ٍّ
إمربياليــة الدراســات العلميــة الغربيــة أن يســاعد يف خلــق أُســس مفاهيميــة جديــدة للتاريــخ القانــوين
غــر الغــريب (عــى ســبيل املثــال ،بالنســبة إىل الصــن ،انظــرBourgon 2002; Ocko 2004 :؛ وبالنســبة إىل
الهنــد ،انظــر عــى ســبيل املثــال .)Srikantan 2014 :أخـ ًرا ،إن تعزيــز وجهــات النظــر التاريخيــة العامليــة
يعنــي أيضً ــا إتاحــة املجــال للرسديــات التاريخيــة غــر املهيمنــة حتــى اآلن .فعــى ســبيل املثــال ،كان مــن
خالصــا للرجــالاملمكــن كتابــة تاريــخ الدســتورية أو حقــوق اإلنســان بطريقــة مختلفــة لــو مل يكــن تاريــخ ً
البيــض ،مــع مــا يرتتــب عــى ذلــك مــن عواقــب مه َّمــة بالنســبة إىل العديــد مــن الشــعوب األصليــة وتاريــخ
العــامل عــى هــذا النحــو (.)Clavero 2005; 2014; 2015
ب) التاريخ القانوين لعوملة القانون:
الطريق ــة الثاني ــة الت ــي ميك ــن م ــن خالله ــا فه ــم “التاري ــخ القان ــوين العامل ــي» ه ــي أن ــه يعال ــج عومل ـ َة
القان ــون .ع ــى ه ــذا النح ــو ،فه ــي ال متثِّ ــل منظ ــو ًرا ،وإمن ــا ه ــي توس ــي ٌع لنط ــاق الدراس ــات العلمي ــة
للتاري ــخ القان ــوين وكذل ــك املوضوع ــات والقضاي ــا الت ــي تتناوله ــا .إن اله ــدف م ــن البح ــث به ــذا املعن ــى
ه ــو تأث ــر ضغ ــط الزم ــان وامل ــكان (ك ــا ه ــو موضَّ ــح في ــا يتعلَّ ــق بـــ «العومل ــة») يف القان ــون و َد ْو ِر
القان ــون يف ه ــذه العملي ــة .يت ـ ُّم تخصي ــص التاري ــخ القان ــوين لعومل ــة القان ــون إىل ح ـ ٍّد م ــا لحال ــة معين ــة
م ــن إع ــادة اإلنت ــاج الناش ــئ ال ــذي ميك ــن مالحظت ــه باس ــتمرار للقان ــون يف الزم ــان وامل ــكان ،وال ــذي
ميتــ ُّد ع ــر مس ـ ٍ
ـاحات واس ــعة م ــن الح ِّي ــز امل ــكاين ،وم ــن ثَــ َّم ينته ــك املجتمع ــات املعرفي ــة املختلف ــة أو
11 «الثقاف ــات القانوني ــة».
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
يُفه ــم م ــن ه ــذه الطريق ــة أن التاري ــخ القان ــوين العامل ــي منخ ــر ٌط -م ــن ناحي ــة -م ــع إع ــادة اإلنت ــاج
املح ــي للقواع ــد القانوني ــة يف إط ــار املعطي ــات املعياري ــة العاملي ــة املمكن ــة ،أو «التقالي ــد القانوني ــة»
باملعن ــى ال ــوارد لـــدى ) ( .Glenn 2006, 2014فتتو َّجـــه اهتامم ــات هـــذه الطريقـــة نح ــو العملي ــات
الت ــي تتناف ــس فيه ــا املعطي ــات املعياري ــة املختلف ــة م ــع بعضه ــا البع ــض ،وم ــا ميك ــن أو يج ــب ع ــى
ٍ
جامعـــات -أن تختـــار مـــن بينهـــا .إنهـــا إذن تتنـــاول الرتجمـــة الجهـــات الفاعلـــة -أفـــرا ًدا كانـــت أو
الثقافي ــة للمعاي ــر .إنه ــا تس ــأل ،ع ــى س ــبيل املث ــال :كي ــف تُرجم ــت ال ُّنظُ ــم املعياري ــة ذات االدع ــاءات
ٍ
مامرســـات إقليميـــة؟ ومـــا هـــي التغيـــرات التـــي العامليـــة مثـــل القانـــون العـــام ius communeإىل
ميكنن ــا مالحظته ــا يف دالالته ــا؟ ومل ــاذا وكي ــف اخت ــار الفقه ــاء القانوني ــون الش ــيليون أو الياباني ــون يف
منـــاذج محـــ َّدد ًة -فرنســـية وأملانيـــة وإنجليزيـــة -وليـــس غريهـــا؟
َ القرنـــن التاســـع عـــر والعرشيـــن
وكي ــف أث َّــر ه ــذا يف املامرس ــات القضائي ــة أو الفك ــر القان ــوين أو س ــر العدال ــة؟ (ملعرف ــة املزي ــد ح ــول
هـــذا املوضـــوع ،راجـــع املســـاهامت يف.)Rechtsgeschichte—Legal History 22, 2014 :
ويف الوق ــت نفس ــه ،ي ــدور التاري ــخ القان ــوين العامل ــي ح ــول تحلي ــل التعاي ــش والتفاع ــل ب ــن ال ُّنظُ ــم
املعياري ــة املختلف ــة .وغال ًب ــا م ــا يرتب ــط ه ــذا التعاي ــش بت ــداول أو انتش ــار األش ــخاص واألش ــياء واألف ــكار
ـرون والجن ــود ونخ ــب املجتم ــع واملؤسس ــات يف الس ــياقات االس ــتعامرية .لق ــد حص ــل الت َّج ــار واملب ـ ِّ
والبريوقراطي ــون واملس ــتوطنون والبح ــارة وحت ــى العبي ــد -ع ــى مفاهيمه ــم ع ــن الص ــواب والخط ــأ،
وامتيازاته ــم وواجباته ــم ،وحت ــى س ــلطاتهم القضائي ــة ع ــى أفــراد املجتم ــع نفس ــه واآلخري ــن معه ــم -
يف كث ـرٍ مــن األحيــان -يف أثنــاء هــذه الرحلــة .كانــت املواقــف التــي وصفــت بـــ «التع ُّدديــة القضائيــة/
أو القانونيـــة» هـــي النتيجـــة لذلـــك ( .)Benton / Ross 2013وكان مـــن العواقـــب طويلـــة األجـــل
لعملي ــات الرتاب ــط ه ــذه ظه ــور «التداخ ــل» أو البيني ــة الترشيعي ــة ،)interlegality (Hoekema 2005
وبع ــض ال ُّنظ ــم املعياري ــة املح ــددة العاب ــرة للح ــدود الوطني ــة أو «العاملي ــة» ،مث ــل القان ــون ال ــدويل.
وم ــع ذل ــك ،ال يــزال هن ــاك العدي ــد م ــن القضاي ــا ،فق ــط يحت ــاج امل ــرء إىل التفك ــر يف قان ــون الكنيس ــة
الكاثوليكي ــة أو حت ــى عل ــم الاله ــوت األخالق ــي العم ــي ،أو القان ــون البح ــري ،وقان ــون التج ــارة ،وقان ــون
األعـــال التجاريـــة ،أو يف اآلونـــة األخـــرة ،ميكـــن للمـــرء أن ينظـــر يف القانـــون الدســـتوري واملبـــادئ
الدس ــتورية (مثـــل «ســـيادة القان ــون») .يس ــأل التاريـــخ القان ــوين العامل ــي :مـــاذا حـــدث يف عملي ــات
التعاي ــش ب ــن ال ُّنظ ــم املعياري ــة املختلف ــة؟ وم ــا ه ــي اآلث ــار الت ــي تخلفه ــا العالق ــات املتبادل ــة ع ــى
ـات قانونيــة، ـات قانونيــة وثقافـ ٍمشــاريعنا التصنيفيــة املتمثِّلــة يف ترتيــب العــامل يف دوائــر قانونيــة وعائـ ٍ
وع ــى مناقش ــات نظامن ــا القان ــوين الي ــوم؟ وم ــا ه ــو ال ــدور ال ــذي يلعب ــه القان ــون وغ ــره م ــن أش ــكال
12
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
يتعــن عليــه أن يعتمــد عــىَّ للتعامــل مــع هــذه التســاؤالت الهائلــة ،فــإن تاريــخ عوملــة القانــون
األبحــاث الدراســية لحقــل العلــوم اإلنســانية واالجتامعيــة .وميكنــه أيضً ــا -مــع ذلــك -الوصــول إىل
ـتودعات كبــرة مــن املعرفــة تنبــع مــن التقاليــد التاريخيــة القانونيــة .إن عمليــات التبــادل والتعايــش ٍ مسـ
بــن الجامعــات املختلفــة يف منطقــة البحــر األبيــض املتوســطالهلنســتي واإلمرباطوريــة الرومانيــة
والبيزنطيــة واإلمرباطوريــة الكارولنجيــة واإلمرباطوريــة الرومانيــة املق َّدســة لأل َّمــة األملانيــة واإلمرباطوريــات
وتوســع القانــون الكنــي
التوســع األورويب ومــا يُسـ َّمى باســتقبال القانــون الرومــاين الكنــيُّ ، خــال عــر ُّ
يف مختلــف أنحــاء العــامل ،وإمربياليــة القرنَـ ْـن التاســع عــر والعرشيــن ،وظواهــر اإلمربياليــة املعياريــة
غــر الرســمية ،مثــل انتشــار الثقافــة القانونيــة األنجلو-أمريكيــة؛ كل ذلــك ليــس ســوى بضعــة أمثلــة ألكــر
األمثلــة املعروفــة يف علــم التاريــخ القانــوين ،وهــي تتيــح الكثــر مــن املــواد التاريخيــة الغنيــة لدراســة عوملة
القانــون .بطبيعــة الحــال ،أحــد الــروط امله َّمــة لجعــل هــذا النــوع مــن األبحــاث مثم ـ ًرا هــو أن يصبــح
واملتأصــل يف هــذا التقليــد -أن يصبــح موضــع ِّ املنظــور األورو ُّيب -التو ُّجــه واالنتشــار يف كثـرٍ مــن األحيــان
ـص دقيــق (انظــر عــى ســبيل املثــالDuve 2012، 2014a، 2014b :؛ Zhang 2016؛ مــن ـتجواب ومتحيـ ٍ
ٍ اسـ
منظــور التاريــخ العاملــي العــام ،انظــر.)Conrad 2016 :
ج) التاريخ القانوين كجزء من تاريخ العامل:
أخـ ًرا ،ميكــن أيضً ــا اعتبــار التاريــخ القانــوين العاملــي جــز ًءا مــن محاولــة كتابــة تاريــخ العــامل (Christian
يل
.)2010وإذا كان هــذا التاريــخ العاملــي يهــدف إىل تحليــل تاريــخ العــامل -مــن حيــث کونــه التاريــخ الــك َّ
ـاري عــن هــذه الصــورة .ومــع ذلــك، أو الكبــر -يف ســياق مجملــه ،فــا ينبغــي أن يغيــب ال ُب ْعــد املعيـ ُّ
يُســتخدم مصطلــح «تاريــخ العــامل» واألفــكار املرتبطــة بــه عــى نح ـ ٍو مختلــف للغايــة ومثــر للجــدل إىل
حـ ٍّد كبــر .يُنظــر إىل التاريــخ العاملــي مــن ِقبــل بعــض املؤلفــن عــى أنــه مجـ َّرد نســخة جديــدة أو كجــزء
ـي يركِّــز عــى عــر العوملــة ،ومــن ث َـ َّم فهــم مييلــون إىل اســتخدام املصطلــح دون متييــز مــن تاري ـ ٍخ عاملـ ٍّ
لــه .ومــع ذلــك ،كانــت هنــاك محــاوالتٌ ســابقة أثــارت إشـ ٍ
ـكاالت إىل حـ ٍّد كبـرٍ لكتابــة التاريــخ «العاملــي»
كتاريــخ للعــامل ،وأيضً ــا جــاءت محــاوالت مــن مجــال القانــون والتاريــخ القانــوين واألنرثوبولوجيــا القانونيــة،
والتــي ميكــن أن تكــون مبثابــة تحذيــر مــن إغـراءات التبســيط املفــرط.
13
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
بنــاء األُ َّم ـ ِة ممك ًنــا عــر اللجــوء إىل الشــبكات العابــرة للحــدود الوطنيــة ،ومــا هــو الــدور الــذي يلعبــه
القانــون النابــع مــن البلــدان األخــرى يف تح ـ ُّوالت ال ُّنظُــم القانونيــة .ميكــن أن يتتبــع التاري ـ ُخ القانــوين
ـات الرســمي َة وغــر الرســمية وتأثرياتهــا املتبادلــة ،وميكنــه أن يكشــف عــن فهـ ٍ
ـوم وأنــوا ٍع العاملــي اإلمربياليـ ِ
مــن املنطــق الضمنــي إلعــادة إنتــاج التفكــر القانــوين طويــل األمــد .وميكــن أن تظهــر األهميــة التاريخيــة
للقانــون باعتبــاره وســيل ًة لتشــكيل العالقــات والهيــاكل املجتمعيــة .ونتيجـ ًة لذلــك ،يواجــه التاريـ ُخ القانوين
أدوات ُمقارِنــ ٍة ُمجديــة
ٍ ٍ
مجموعــات أو صعوبــات منهجيــ ًة كالســيكية ،مثــل إمكانيــة تشــكيل ٍ العاملــي
ُّ
لتحليــل إعــادة اإلنتــاج الثقــايف يف املــكان والزمــان .وعــاوة عــى ذلــك ،يجــب أن يراعــي التاريـ ُخ القانــوين
ـي خصوصي ـ َة املعياريــة باعتبارهــا حال ـ ًة خاص ـ ًة لإلنتــاج الثقــايف ،والتقنيــة العاليــة ،ومــا ينتــج عــن العاملـ ُّ
خاصــة إلعــادة إنتــاج «القانــون» للنظــام الثقــايف يف الوقــت املناســب. ذلــك مــن أســاليب َّ
ب) التاريخ القانوين العاملي كجزء من الدراسات القانونية:
نفس ــه منتم ًي ــا للبح ــوث القانوني ــة ال ِعلمي ــة ،أي كج ــز ٍء م ــن
إذا كان التاري ـ ُخ القان ــوين العامل ــي يعت ــر َ
ـات املعرفيــ َة للمناقش ــات القانوني ــة العلمي ــة .وم ــن الدراس ــات القانوني ــة ،ف ــا بــ َّد أن يتن ــاول االهتامم ـ ِ
ث َ ـ َّم ،ف ــإن لدي ــه إمكاني ــة دم ــج أبحاث ــه التاريخي ــة يف ح ــوا ٍر ح ــول تط ـ ُّور القان ــون .وميك ــن أن يس ــهم يف
ـداف وغاي ــات ،والت ــي ق ــد تختل ــف ب ــن التقالي ــد األبح ــاث العلمي ــة القانوني ــة ،ب ــكل م ــا له ــا م ــن أه ـ ٍ
وال ُّنظُ ــم القانوني ــة املختلف ــة.
ومــع ذلــك ،يتعـ َّـن عــى التاريــخ القانــوين العاملــي أن يفعــل ذلــك بطريقــة مختلفــة عــا كان عليــه
الحــال يف التقاليــد األوروبيــة للتاريــخ القانــوين يف القــرن التاســع عــر؛ فــإن هــذا التقليــد الــذي ش ـكَّلتْه
بقــ َّو ٍة اهتاممــاتُ القانــون املعــارص يُ َعــ ُّد دامئًــا يف خطــ ٍر أن يشــ ِّوه صــور َة املــايض مــن خــال تطبيــق
ات عــن حقائــق عامليــة أعــى (فيــا يتعلَّــق بهــذا التقليــد ،انظــر: املفاهيــم املعــارصة ،التــي اعتُــرت تعبـر ٍ
.)Duve 2012, 2014bوعــى النقيــض مــن ذلــك ،يتعـ َّـن عــى التاريــخ القانــوين العاملــي إقامــة حــوا ٍر بــن
األوســاط العلميــة مــن مختلــف الثقافــات واملجــاالت القانونيــة بشــأن مفاهيمهــا وتصوراتهــا عــن املــايض
العاملــي ،وكذلــك حــول توقعاتهــا بشــأن كيفيــة تشــكيل هــذا املــايض ملســتقبل أنظمتهــم القانونيــة .كــا
ـام
ـي ،وكذلــك دراســة عوملــة القانــون مــع اهتـ ٍ يتعـ َّـن عليــه تحليـ ُـل التاريــخ القانــوين مــن منظــو ٍر عاملـ ٍّ
ـي ومنــاذج نظريــة ،وليــس أقلهــا شــأنًا أدوات تحليليــة لتقييــم تطــور القانــون ـاص بتوفــر إطــار مفاهيمـ ٍّخـ ٍّ
عــى الصعيــد العاملــي .إذا جــرى القيــام بذلــك بشــكلٍ جيــد ،فقــد يتبـ َّـن أنــه املجــال الرئيــس للتفكــر
بشــأن تطــور القانــون يف ظــل ظــروف العوملــة .وفــوق ذلــك كلــه ،فــإن التعــاون الوثيــق مــع النظريــة
15
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
القانونيــة وعلــم االجتــاع القانــوين والدراســات األساســية األخــرى للقانــون ،ميكــن أن يســاعد يف تهيئــة
ـات علميـ ٍة قانونيــة عابــرة للحــدود الوطنيــة ،ويف الوقــت ِ
نفســه، الــروط املســبقة وإرســاء األســاس لدراسـ ٍ
تحقيــق مه َّمــة نقديــة داخــل النظــام القانــوين.
ومــع ذلــك ،فــإن ظاهــرة املعياريــة غــر الحكوميــة التــي تتجــاوز الحــدود الوطنيــة والثقافيــة ال تقتــر
-يف كثـرٍ مــن األحيــان -عــى عــامل االقتصــاد أو الرياضــة أو اإلصالحــات النيوليرباليــة فحســب .فمــع تزايــد
التن ـ ُّوع داخــل مجتمعاتنــا ،أصبحــت أهمي ـ ُة املجــاالت املعياريــة مســتقل ًة عــن اإلطــار القانــوين الوطنــي
املحــدد ،ومنفصلـ ًة أحيانًــا حتــى عــن الثقافــة الســائدة يف البيئــة املحيطــة ،وأصبحــت ملموسـ ًة يف حياتنــا
اليوميــة .فالقواعــد املســتم َّدة مــن املعتقــدات الدينيــة التــي تُعــاش وتُط َّبــق يف إطــار نُظـ ٍـم قانونيــة وطنيــة
ـاؤالت حــول الكيفيــة التــي ميكــن ليســت هــذه املعتقــداتُ جــز ًءا أساسـ ًّيا منهــا .تثــر هــذه التطــوراتُ تسـ ٍ
ـتقل عــن بنيــة بهــا إضفــاء الرشعيــة عــى ال ُّنظُــم املعياريــة وأنظمــة صنــع القـرار التــي منــت بشــكلٍ مسـ ٍّ
واملتغــرة التــي تعتمــد عــى الدولــة. ِّ الدولــة ،والســيطرة عليهــا ،ودمجهــا يف ال ُّنظُــم القانونيــة القامئــة
ونظـ ًرا لهــذا الوضــع ،فــا تـزال املناقشــاتُ األكادمييــة نابضـ ًة بالحيــاة ،وميكننــا أن نالحــظ إضفــاء الطابــع
املؤســي عــى الدراســات حــول «القانــون العاملــي» أو «القانــون العابــر للحــدود الوطنيــة» مــن خــال
الربامــج البحثيــة وقواعــد البيانــات والصحــف وسالســل الكتــب واملناهــج الدراســية الجديــدة .ومــع ذلــك،
فــإن هــذا النمــو ال يعنــي تلقائيًّــا ظهــور «دراســات علميــة قانونيــة عابــرة للحــدود الوطنيــة» .فمثــل هــذه
ـري ،فهــي تتطلَّــب ـي ،ولكنهــا يف الغالــب تحـ ٍّد معــر ٌّيف ونظـ ٌّ
الدراســات العلميــة ليســت مجـ َّرد تحـ ٍّد مؤسـ ٍّ
االســتعداد والقــدرة عــى تحريــر نفســها مــن الفئــات واألســاليب واملبــادئ املجربــة والصحيحــة -والتــي
ـات جديــدة يجــب أن قــد ال تكــون كافيـ ًة عــى نطــاقٍ عابـ ٍر للحــدود الوطنيــة – فضـ ًـا عــن البحــث عــن فئـ ٍ
تكــون منفتحـ ًة عــى أفــكا ٍر بديلــة عــن املعياريــة ،وعــى الهيــاكل الداخليـ ِة املختلفــة للقانــون والدراســات
العلميــة القانونيــة ،وكذلــك عــى مجموع ـ ٍة واســع ٍة مــن األفــكار الناتجــة عــن دراســات األكادمييــن مــن
ـات مختلفــة؛ ألنــه ال ميكــن تصــور دراســات علميــة قانونيــة عامليــة أو عابــرة للحــدود الوطنيــة تكــون ثقافـ ٍ
ـارك واحـ ٍـد يف الحــوار .يجــب أن يُســمح ملختلــف الثقافــات والتقاليــد القانونيــة وفــق التقاليــد الوطنيــة ملشـ ٍ
بالدخــول يف حــوار مــع بعضهــا البعــض ،والتعــاون يف املســائل البحثيــة قبــل معالجتهــا فيــا بعد ،والســاح
للمشــاركني بالتعلُّــم مــن بعضهــم البعــض .قــد ينطــوي هــذا التحـ ِّدي املعــريف عــى توليــد وتجميــع الكثــر
مــا قــد يبــدو «معــارف غــر قانونيــة» وتطويــر البنــى التحتيــة البحثيــة املقابلــة للقيــام بذلــك .باإلضافــة
إىل ذلــك ،تش ـكِّل الدراســاتُ العلميــة القانونيــة العابــرة للحــدود الوطنيــة أيضً ــا تحديًــا نظريًّــا ،ويتعـ َّـن
الخاصــة -وليــس فقــط إدمــاج «اإلنتــاج العاملــي للمعايــر» يف بنياتهــا َّ عليهــا تطويــر مفاهيمهــا وأســاليبها
الفكريــة وأنظمتهــا القانونيــة القامئــة .ويجــب أن يُســأل كيــف ومــا إذا كان ميكننــا تص ـ ُّور إطــار عمــلٍ
ي واســع مبــا فيــه الكفايــة ،خــا ٍل مــن االفرتاضــات الثقافيــة ،منفت ـ ٍح عــى األفــكار املعياريــة للعــامل تحلي ـ ٍّ
بــأرسه ،ويبقــى بإمكانــه مــع ذلــك بطريقـ ٍة مــا االحتفــاظ بقوتــه التحليليــة (انظــر يف هــذا.)Duve 2014c :
17
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
ـــن مـــن التحديـــات -املعرفيـــة والنظريـــة -عـــى مـــدار الســـنوات القليلـــة وقـــد نوقـــش كال النو َع ْ
التخص ــص ال ــذي
ُّ املاضي ــة ،وأحيانً ــا تح ــت عن ــوان الفق ــه القان ــوين الع ــام ،jurisprudence generalأي
ي ــدرس العن ــارص البنيوي ــة للقان ــون يف س ــياق العومل ــة (ع ــى س ــبيل املث ــال .)Twining 2009 ،ولق ــد
أظه ــرت ه ــذه املناقش ــة أن الدراس ــات العلمي ــة القانوني ــة العاب ــرة للح ــدود الوطني ــة الت ــي تتواف ــق م ــع
تخصصاته ــا األكادميي ــة «املج ــاورة» ،مبعن ــى ـاص ع ــى ُّه ــذه املعاي ــر ال ب ـ َّد أن تك ــون منفتح ـ ًة بش ــكلٍ خ ـ ٍّ
التخصص ــات .وق ــد يتب ـ َّـن يف نهاي ــة األم ــر أنه ــا علــ ٌم
ُّ أنه ــا ال ميك ــن أن تس ــتند َّإل إىل مقاربــ ٍة متعــ ِّددة
أوســ ُع للمعاي ــر أو علــ ٌم للتنظي ــم.
ـي كج ــزء م ــن الفق ــه القان ــوين الع ــام. وهن ــا بالتحدي ــد ت ْك ُم ــن نقط ــة االنط ــاق لتاريــ ٍخ قان ــو ٍّين عامل ـ ٍّ
فبالنس ــبة إىل التحدي ــات املعرفي ــة والنظري ــة الت ــي تواج ــه الفق ــه الع ــام ،فإنه ــا تتواف ــق م ــع تحدي ــات
التاري ــخ القان ــوين العامل ــي .وهك ــذا ،ف ــإن اإلمكاني ــات الفكري ــة للتاري ــخ القان ــوين العامل ــي كب ــر ٌة نس ــبيًّا:
متخصــص يف تحليــل تطــور القانــون يف مجموع ـ ٍة متن ِّوعــة مــن الســياقات ِّ إن التاريــخ القانــوين -كمجــال
املختلف ــة كليًّ ــا -يتن ــاول بالفع ــل العدي ــد م ــن املس ــائل األساس ــية الت ــي ينط ــوي عليه ــا الفق ــه القان ــوين
مجـــال متعـــ ِّد َد
ً العـــام ،ويقـــوم بذلـــك بصفـــ ٍة يوميـــة .وميكـــن للتاريـــخ القانـــوين العاملـــي -بوصفـــه
خصيص ــا للفق ــه القان ــوينً األدوات الرئيســ َة املط ــورةِ التخصص ــات لألبح ــاث -أن يعم ــل ك ِج ـ ْ ٍ
ـر ويتي ــح ُّ
الع ــام .وميك ــن أن يوفِّ ــر أيضً ــا رشوطً ــا مس ــبقة للح ــوار ب ــن الثقاف ــات القانوني ــة املختلف ــة ،م ــن خ ــال
تحلي ــل تقاليده ــا القانوني ــة وتقدي ــم إط ــار للمناقش ــات.
( )2التواريخ القانونية العاملية النقدية:
وبقــدر مــا متلــك األبحــاثُ التاريخيــة القانونيــة بُ ْع ـ ًدا ب َّنــا ًء ،فإنهــا تــؤدي أيضً ــا مهم ـ ًة أخــرى بالغــة
األهميــة :وهــي امله َّمــة النقديــة ،بــل وحتــى التفكيكيــة يف بعــض األحيــان (انظــر .)Dubber 2015 :يســتند
وكل إعــادة صياغـ ٍة ونَ ذجــة للقانــون (التدريــب القانــوين) ( )Rechtsfortbildungعــى ـام قانــو ٍّين ُّ
كل نظـ ٍ
ُّ
تبعــات املســار(((() ،ورسديــات التربيــر ،والنــاذج املثاليــة املســتم َّدة مــن مفاهيــم رصيحــة أو ضمنيــة عن
ـام قانــو ٍّين يعتمــد عــى الســياق .ينطــوي أحــد الجوانــب األساســية للبحــوث التاريخيــة ـكل نظـ ٍاملــايض .فـ ُّ
عــى الكشــف عــن هــذه املفاهيــم والتصــورات الضمنيــة والنظــر فيهــا وتنقيحهــا عنــد الــرورة .بيــد أن
((( تبعــات املســار :path dependenciesمبــدأ يــرح كيــف أن القـرارات التــي يتخذهــا النــاس تكــون مقيَّــد ًة بقـرار ٍ
ات ســابقة
ـروف أخــرى ،حتــى وإن بــدا أنهــا غــر ذات صلـ ٍة بالقـرارات أو املواقــف الحاليــة( .املرتجمــة)
كانــوا قــد اتخذوهــا يف ظـ ٍ 18
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
النظــرة الثاقبــة بشــأن تبعــات املســار ،ال تفــرض بالــرورة الخــروج عــن املســار؛ بــل إنهــا تع ـ ِّزز الوعــي
بالحــوادث التاريخيــة الطارئــة ،ومــن ث َ ـ َّم تزيــد مــن مســاحات الحريــة .أخ ـ ًرا وليــس آخ ـ ًرا ،ينبغــي أن
ـص يرصــد تطــو َر القانــون ،وبخربتــه يف تخصـ ٌ
يكــون التاريــخ القانــوين العاملــي -الــذي يُفهــم عــى أنــه ُّ
مهتــا بعمليــة العوملــة والرقمنــة يف مجتمعاتنــا ،وتأثرياتهــا يف
ًّ تحليــل وســائطية medialityالقانــون -
النظــام القانــوين ،وتحليــل هــذه التحــوالت مــن منظــور تاريخــي.
لقــد أســفرت التواريــخ القانونيــة النقديــة عــن نتائــج مه َّمــة خــال العقــود املاضيــة .وقــد قـ َّدم تأريــخ
القانــون الــدويل أمثل ـ ًة توضيحي ـ ًة لهــذه امله َّمــة النقديــة ( .)Fassbender / Peters 2012وعــى املنــوال
نفســه ،صــدرت خــال الســنوات األخــرة أعــال مه َّمــة يف املجــاالت املركزيــة والكالســيكية للبحــث
التاريخــي القانــوين ،مثــل تاريــخ الدســتورية أو حقــوق اإلنســان ،مــع إرصارهــا عــى رضورة إيجــاد وجهــات
نظـ ٍر وأســاليب عامليــة إلعــادة بنــاء العالقــات املتبادلــة والرتابــطMoyn 2010( .؛ .)Clavero 2014، 2015
ومــن األهميــة مبــكانٍ كــون النقــد متعلِّ ًقــا بالتصــور الــذايت للتقاليــد القانونيــة األوروبيــة أو الغربيــة .وهنــا،
ـروف معينــة -التشــكيك يف اإلجــاع األســايس عــى املفهــوم ميكــن للتاريــخ القانــوين العاملــي -يف ظــل ظـ ٍ
الــذايت الغــريب وفتــح حــوا ٍر مــع تلــك الثقافــات القانونيــة املشــاركة حال ًيــا يف عمليــة تحريــر نفســها مــن
األُطــر الفكريــة املهيمنــة مســبقًا.
بعضهــا البعــض Glocalization« -التوطــن» ( .)١ويتعـ َّـن عليــه أن يعمــل عــى تطويــر املصطلحــات
مـ�ن أجـ�ل التمييـ�ز بـين أمنـ�اط مختلفـ�ة مـ�ن املعياريـ�ة فضـ ًلا عـ�ن ديناميكيـ�ات تفاعلهـ�ا Multinorma� « -
tivityالتع ُّدديــة املعياريــة» ( .)2كــا يتعـ َّـن عــى التاريــخ القانــوين العاملــي أن ينظــر يف مشــكلة إيجــاد
ي للمقارنــة Typology « -التنميــط» ( .)3وأخ ـ ًرا ،يجــب عليــه تطويــر طريقــة إلعــادة بنــاء إطــار تحلي ـ ٍّ
عمليــة تخصيــص املعايــر ،والتــي ترتبــط ارتباطًــا وثي ًقــا بالتحديــات األخــرى « -الرتجمــة» ( .)4متثِّــل هــذه
كل شــكلٍ مــن أشــكال املقاربــاتُ املنهجيـ ُة األربـ ُع املشـ ِ
ـكالت املنهجيـ َة األوليـ َة التــي توضَ ــع يف االعتبــار يف ِّ
البحــوث القانونيــة التاريخيــةَّ ،إل أنهــا ُم َص َّمم ـ ٌة وف ًقــا للمتطلبــات واألهــداف املحــددة للتاريــخ القانــوين
العاملــي وتكتســب أهمي ـ ًة خاص ـ ًة يف ســياق الدراســات العامليــة .وعــاوة عــى ذلــك ،يتعـ َّـن عــى هــذه
املقاربــات إتاحــة النظــر املنهجــي يف القانــون يف ســياق العوملــة ،ومــن ث َـ َّم املســاعدة يف تطبيــق التاريــخ
تخص ًصــا تاريخيًّــا وكش ـكْلٍ ملــا يُس ـ َّمى يف التقاليــد الناطقــة باللغــة األملانيــة
القانــوين العاملــي باعتبــاره ُّ
«البحــوث العلميــة القانونيــة األساســية» .rechtswissenschaftliche Grundlagenforschung
.1التوطين:
َــن املحــي والعاملــي تتنــاول املقاربــ ُة األوىل مــن املقاربــات املنهجيــة مشــكل َة كيف َّيــ ِة ارتبــاط املجال ْ
ببعضهــا البعــض .ففــي املــايض ،كث ـ ًرا مــا كان يُ ـزال التوت ـ ُر بــن هذيْــن القطبــن عــن طريــق املحل َّيــة
رشح صناعــة القانــون أو النشــاط القضــايئ أو املنطــق القانــوين أو الحــد مــن االنتشــار(((() .فقــد جــرى ُ
باعتبــار الوضــع املحــي أو الوطنــي فقــط ،أو ُهـ ِـدف إىل نــر ال ِب َنــى أو األســاليب القانونيــة املحـ َّددة فقــط
-ومــن ث َـ َّم تحـ َّدث البعــض عــن «املســرة املظفــرة للقانــون الرومــاين» أو عــن «صالحيــة القانــون املــدين
األملــاين ( )BGBيف جميــع أنحــاء العــامل» ،ومــا إىل ذلــك .كلتــا هاتــن الصورتــن لالختـزال ال تخدمــان ســوى
ـي أو كنتيجــة الســتقبال املنتــج مصالــح التأريــخ الوطنــي؛ ألن االبتــكار كان يُنظَــر إليــه عــى أنــه ُم ْنتَـ ٌ
ـج وطنـ ٌّ
الوطنــي عــى النطــاق العاملــي .ولكــن ،عــى الرغــم مــن الكـ ِّم املعــريف الكبــر الناتــج عــن هــذه املامرســات
األكادمييــة االختزاليــة ،فكالهــا -يف نهايــة املطــاف -غــر مرضيـ ْـن عــى املســتوى الفكــري.
إن لــدى التاريــخ القانــوين العاملــي -بــدوره -الحاجــة والفرصــة لجعــل هــذا التوتــر مثم ـ ًرا .إ َّن عليــه
ـح والتوافُـ َـق بــن وجهــات النظــر املحليــة والعامليــة .وهــذا
أن يطلــب عــى وجــه التحديــد التــواز َن الصحيـ َ
يعنــي -يف املقــام األول -االنفتــاح عــى األبعــاد العامليــة .ويف الوقــت نفســه ،فــإن هــذا يعنــي إعطــاء
ـب تركي ُزنــا عــى املو ِقــع امللمــوس الــذي يقــع فيــه التفكـ ُر
ي .ففقــط عندمــا ينصـ ُّ األولويــة املنهجيــة للمحـ ِّ
وس ـ ُّنه؛ يصبــح مــن املمكــن إعــادة بنــاء عمليــات إنتــاج (أو إعــادة القانــوين ،حيــث يت ـ ُّم تعيــن القانــون َ
إنتــاج) القانــون .مــن هــذا املنظــور املحــي فقــط ،ميكــن تت ُّبــع الوضــع التواصــي واملعــريف للقانــون ،ومــن
ث َـ َّم إنشــاء روابــط إقليميــة أو عامليــة بــن ال ُّنظُــم القانونيــة.
هــذه الــرورة املتمثِّلــة يف إعطــاء األولويــة للظــروف املحليــة لإلنتــاج الثقــايف والجمــع بينــه وبــن
األبعــاد العامليــة كانــت ت ُس ـ َّمى يف بعــض األحيــان «التوطــن» ،وهــو التعبــر الــذي يالئــم العدي ـ َد مــن
مجــاالت اإلنتــاج الثقــايف (انظــر عــى ســبيل املثــال .)Robertson 1995 :ومــع ذلــك ،فــإن رضورتهــا تنتــج
أيضً ــا عــن خصوصيــة هــدف إعــادة البنــاء التاريخيــة القانونيــة نفســها ،وهــو :إنتــاج القانــون .ففيــا
يتعلَّــق بـــ «القانــون» ،نحــن نعمــل عــى إعــادة البنــاء كمؤ ِّرخــن -عــى األقــل يف التقليــد التأريخــي
ـي .بــل إن هــدف ـاص ًة -حيــث ال يُ َعـ ُّد «القانــونُ» نظا ًمــا معيّ ًنــا وقامئًــا بشــكل موضوعـ ٍّ
الغــريب األكــر ُمعـ َ
التحليــل القانــوين التاريخــي ال ميكــن أن يكــون مجـ َّرد التواصــل مــع املعن ّيــن بشــأن مــا يُ َعـ ُّد صحي ًحــا أو
ليــس صحي ًحــا .ففــي الوقــت الحــايل ،إذا ن َّحيْنــا املشــكلة املتعلِّقــة بالتاميــز بــن مختلــف أمنــاط املعياريــة
جان ًبــا ،والتــي ســتت ُّم مناقشــتها مبزيـ ٍـد مــن التفصيــل أدنــاه ،والحديــث ببســاطة عــن «القانــون»؛ ميكننــا
بســط ،وفيــا يتعلَّــق باألهــداف التــي تجــري مناقشــتها هنــا :إن هــدف مالحظتنــا أن نقــول عنــه مبعنــى ُم َّ
التاريخيــة -لـــ القانــون -يتألَّــف مــن األمنــاط التنظيميــة التــي يتـ ُّم االعـراف مبطالبهــا امللزمــة بشــكلٍ أو
بآخــر ،والتــي يجــري تطبيقهــا يف الســياقات القانونيــة املؤسســية بكفــاء ٍة إىل حـ ٍّد مــا ،والتــي يجــب عــى
املــرء أن يتعامــل معهــا يف إطــار الحــاالت الطارئــة يف العــامل االجتامعــي.
نتيجــة لذلــك ،يتعـ َّـن عــى التاريــخ القانــوين أن يعيــد بنــاء هــذا العــامل االجتامعــي الــذي يُ َع ـ ُّد فيــه
القانــون جــز ًءا ال يتجـ َّزأ منــه .وعــاوة عــى ذلــك ،فــإن عمليــة إنشــاء معنــى مــا يُسـ َّمى «القانــون» تحــدث
ـاري .وهــذا يعنــي أن الرتكيــز يف عمليــة إعــادة البنــاء التاريخــي يف كل مــرة يت ـ ُّم فيهــا صياغــة بيــانٍ معيـ ٍّ
للقانــون ،يجــب أن يكــون ُمنص ًّبــا عــى ظــروف عمليــة توليــد املعنــى .وبنــا ًء عــى ذلــك ،فــإن إعــادة البنــاء
التاريخــي القانــوين يجــب أن تعيــد بنــاء اإلطــار املعــريف والتواصــي بأكملــه والــذي يتض َّمــن تعيــن القانــون
وتطبيقــه -وهــذا أمــر ممكــن فقــط مــع النظــر إىل الوضْ ــع املحــي امللمــوس.
إن تحديــد أولويــات املحليــة يعنــي بالــرورة إعطــاء األولويــة للمامرســات املحليــة .ومــع ذلــك ،تشــر
«املامرســات املحليــة» إىل جميــع املامرســات املوجــودة محليًّــا ،التــي تتعلَّــق بعمليــة إنتــاج املعايــر أو
إعــادة إنتاجهــا .وبعبــارة أخــرى ،نحــن نتحــ َّدث عــن «« »praxisالتطبيــق العمــي» مبعنــى املامرســة
21
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
كل ِمــن املعرفــة الضمنيــة وكذلــك املكتســبة وغــر ذلــك مــن أشــكال املامرســات املجســدة ،والتــي تشــمل ًّ
االجتامعيــة .ميكــن أن تؤثــر هــذه األشــكال الضمنيــة مــن املعرفــة واملامرســات يف صياغــة قانــونٍ أو تأليــف
ـاب أو رســم صــورة مــا -وقــد لعبــت األخــر ُة دو ًرا مهـ ًّـا ،ال ســيام فيــا
ـاب أو صياغــة ُح ْكـ ٍـم أو خطـ ٍ كتـ ٍ
يُسـ َّمى مبجتمعــات مــا قبــل العــر الحديــث؛ فيــا يتعلَّــق بالتواصــل القانــوين ،متا ًمــا كــا أصبــح «التمثيل
البــري visualizingللقانــون» ذا أهميــة متزايــدة يف الثقافــة املرئيــة اليــوم .وعــى هــذا ،فــإن تصــور
التاريــخ القانــوين العاملــي باعتبــاره عمليــة «توطــن» يعنــي إعــادة بنــاء تخصيــص املعايــر (العامليــة)،
بإحالتهــا بطريق ـ ٍة أو بأخــرى إىل أولئــك الذيــن يقومــون بإنتــاج القانــون ،مــن خــال النظــر يف الظــروف
املحليــة إلنتــاج املعنــى .إذن ،يختلــف التاريــخ القانــوين العاملــي متا ًمــا -كــا هــو مفهــوم هنــا -عــن
التاريــخ القانــوين للعــامل ،وال ميكــن فصلــه عــن التاريــخ املحــي.
املتعددة:
ِّ .2املعيارية
وتتطــرق املقاربــة املنهجيــة الثانيــة إىل التفاعــل بــن مختلــف ال ُّنظُــم املعياريــة التــي تنشــأ -عــى وجــه
الخصــوص -داخــل الحيــز اإلمرباطــوري أو التشــكيالت االســتعامرية .وإن مــا ينتــج عــن ذلــك مــن تداخــل
يف املجــاالت املعياريــة ،وتعايشــها وتفاعلهــا ،هــو إحــدى القضايــا الرئيســة يف التاريــخ القانــوين العاملــي،
وقضيــة رئيســة يف املناقشــات الحاليــة للدراســات القانونيــة (انظــر عــى ســبيل املثــالBerman 2012( :
كاف بشــأن هــذه املجــاالت املعياريــة املختلفــة متا ًمــا دون تشــويه كيــف ميكننــا التواصــل عــى نحــ ٍو ٍ
التكوينــات التاريخيــة التــي نقــوم بتحليلهــا؟ وكيــف ميكننــا فهــم إعــادة إنتاجهــا؟ وكيــف ميكننــا تحليــل
ديناميكيــات التفاعــل بــن هــذه املجــاالت املعياريــة؟
الئــة للتحليل املشــرك بــن الثقافات فيــا يتعلَّق مصطلحات ُم ِ
ٍ ولــي يتـ َّم ذلــك ،فمــن الــروري تطبيــق
باملجــاالت القانونيــة -وكثـ ًرا مــا تجــري مناقشـ ُة ذلــك تحــت عنــوان «التع ُّدديــة القانونيــة» والتسـ ِميات
املامثِلــة (أ) .ومــع ذلــك ،فنظـ ًرا لحقيقـ ِة أ َّن املعنــى يتـ ُّم إنتاجــه يف بيئـ ٍ
ـات محل َّيـ ٍة محـ َّددة ،فمــن الرضوري
دمــج املجــاالت املعياريــة التــي ال تؤخــذ عــاد ًة يف االعتبــار يف هــذه األُطــر املفاهيميــة ،مثــل املعايــر التــي
نفســه (ب) .باإلضافــة إىل ذلــك ،ولــي يكــون مفهــوم «التع ُّدديــة املعياريــة تو ِّجــه عملي ـ َة إنتــاج املعنــى ِ
ـاذج تحليليَّ ـ ٍة
والقضائيــة» ُمث ِم ـ ًرا مــن الناحيــة التحليليــة ،فــإ َّن التاريــخ القانــوين العاملــي يحتــاج إىل منـ َ
تُســاعد عــى فهــم ديناميكيــات إعــادة اإلنتاج املعيــاري يف التشــكيالت املجتمعية التي تتســم بالتنـ ُّوع (ج).
يُشــار إىل الج ْمــع بــن هــذه املقاربــات التحليليــة التــي تركِّــز عــى املجــاالت املعياريــة املختلفــة ،وعــى
القواعــد التوجيهيــة واملامرســات الثقافيــة األساســية ،وعــى ديناميكيــات اإلنتــاج الثقــايف يف البيئــات 22
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
االجتامعيــة التــي تتســم بالتن ـ ُّوع :مبصطلــح «« »multinormativityاملعياريــة املتع ـ ِّددة» (انظــرDuve :
2014b؛ ولالطــاع عــى االســتخدام األ َّو ِّيل واملختلــف قليـ ًـا لهــذا املصطلــح ،انظــر.)Vec 2009 :
أ -التعدُّ دية القانونية واملعيارية والقضائية:
ر األول مشــكل ًة منهجي ـ ًة عا َّمــة للبحــوث القانونيــة التاريخيــة ،والتــي يطرحهــا التاريــخ يعـ ِّـن العن ـ ُ
ـط مــن أمنــاط املعياريــة -القانــون ،وال ُعــرف،كل منـ ٍ
القانــوين العاملــي بطريقــة محـ َّددة عــى النحــو اآليتُّ :
ومــا إىل ذلــك -هــو جــز ٌء مــن ســياقٍ أوسـ َع نطاقًــا للمعياريــة .ومــع ذلــك ،فكيــف ميكــن للمــرء أن ينظِّــم
ـي ُمشـ َّو ٍه ،عــى هــذا املجــال ،وكيــف ميكنــه وصــف أجـزاء مــن هــذه ال ُّنظُــم دون الوقــوع يف نظـ ٍ
ـام تنميطـ ٍّ
ســبيل املثــال ،املنظــور القانــوين الــذي يركِّــز عــى دولـ ٍة ذات تو ُّجـ ٍه أورويب؟
ـائل مامثلــ ٌة التقاليــ َد القانوني ــة التأريخي ــة -النظري ــة القانوني ــة -وعل ــم االجت ــاع لق ــد ش ــغلت مس ـ ُ
القان ــوين الوطن ــي لبع ــض الوق ــت .بي ــد أنه ــا اكتس ــبت -يف ظ ــل ظ ــروف العومل ــة -ش ــعو ًرا متجــ ِّد ًدا
بالحاج ــة املاس ــة (ع ــى س ــبيل املث ــال ،انظ ــر)Alford 1997 :؛ ألن ــه عندم ــا يتعلَّ ــق األم ــر بالدراس ــات
العاملي ــة ،ف ــإن األم ــر ال بــ َّد أن ي ــدور ح ــول إيج ــاد لغــ ٍة مناس ــبة ليس ــت ق ــادر ًة ع ــى الوقاي ــة م ــن
ـح
ُفسـ َ اإلســقاطات الحديثــة أو الغربيــة فقــط ،بــل وأيضً ــا قــادرة عــى إدراك التن ـ ُّوع ،ويتعـ َّـن عليهــا أن ت ِ
ـال لتقاليـ َد لُغويـ ٍة ومفاهيميــة مختلفــة متا ًمــا وألفكارِهــا املتعلِّقــة باملعياريــة ،والتــي تُخفــي ورا َءهــا املجـ َ
نُظُـ ًـا يُحتم ــل أن تك ــو َن غ ـ َر مكافئ ــة .وم ــن ث َ ـ َّم ،ال ميك ــن له ــذا املج ــال أن يس ــمح لنفس ــه ب ــأن يك ــون
ُم َنظَّ ـ ًـا وف ًق ــا للمنط ــق الثن ــايئ ،ع ــى س ــبيل املث ــال« ،القان ــوين» /و»غ ــر القان ــوين» ،أو االنط ــاق م ــن
مفه ــوم القان ــون املو ِّج ــه للدول ــة وال ــذي يق ــع يف مرك ــزه ،وال ــذي يحظُ ــر أمن ــا َط املعياري ــة األخ ــرى من ــه
بع ــد ذل ــك -ك ــا كان الح ــال يف التقالي ــد األوروبي ــة.
ـاالت املعياريــة ذات الصلــة تحــت عنــوان «التع ُّدديــة غالبًــا مــا تجــري املناقشــات حــول تن ـ ُّوع املجـ ِ
ـوم اس ـتُ ِ
خد َم ألكــر مــن أربعــن عا ًمــا -يف املقــام األول -مــن القانونيــة» .نحــن هنــا نتح ـ َّدث عــن مفهـ ٍ
فضــا عــن املنظِّريــن القانونيــن،
ً ِقبَــل علــاء األنرثوبولوجيــا القانونيــة ،وعلــاء االجتــاع القانونيــن،
والــذي اســتخدمه املؤ ِّرخــون بتوات ُ ـ ٍر أكــر عــى مــدار الخمســة عــر عا ًمــا املاضيــة أو نحــو ذلــك مــن
أجــل وصــف الحــاالت التــي تتعايــش فيهــا ال ُّنظُـ ُم القانونيــة الناشــئة مــن مصــاد َر مختلفـ ٍة تشــغل الحيــز
ـي الــذي يُس ـتَ ْخ َدم يف بعــض األحيــان مشــحونًا سياس ـ ًّيا مــن نفســه .يكــون املفهــو ُم الوصفـ ُّ
االجتامعــي َ
الناحيــة املعياريــة؛ فهنــاك فــوارق بــن التع ُّدديــة القانونيــة «القويــة» والتع ُّدديــة القانونيــة «الضعيفــة»،
23 ـف يف ســياق املجــاالت االجتامعيــة املختلفــة للغايــة .فقبل ويجــري اســتخدا ُم هــذه املعياريـ ُة بشــكلٍ مختلـ ٍ
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
عــر ســنوات ،اقــرح جــون غريفيثــس ،John Griffithsأحــد أبــرز ممثِّــي هــذا النقــاش ،أنــه مــن األفضــل
�دل مـ�ن ذلـ�ك مصطلـ�ح «التع ُّدديـ�ة املعياريـ�ة»( (�Grif ببسـ�اطة تج ُّنـ�ب مصطلـ�ح «قانـ�ون» ،حيـ�ث اقـترح بـ ً
ـح يف
.)fiths 2005وعــاوة عــى ذلــك ،فــإن لوريــن بينتــون ،Lauren Bentonالــذي أدخــل هــذا املصطلـ َ
املناقشــات التاريخيــة القانونيــة ،أصبــح مؤ ّخ ـ ًرا مؤيِّـ ًدا لتســمية «التع ُّدديــة القضائيــة» (Benton / Ross
.)2013ويعـ ِّزز آخــرون فكــرة «التهجــن »hybridityويحلِّلــون «التع ُّدديــة القضائيــة» مــن هــذا املنظــور
(.)Heirbaut / Donlan 2015
ات أحادية-إطاريــة مفتوحــة ،وفتــح أعيننــا وقــد أدى النقــاش حــول هــذا املفهــوم إىل فــرض منظــور ٍ
عــى الوضــع الطبيعــي التاريخــي للتعايــش والتنافــس (املمكــن) بــن املجــاالت املعياريــة .وعــى الرغــم
مــن هــذه اآلثــار اإليجابيــة امله َّمــة ،فقــد أدت بعــض افرتاضــات التعميــم حــول الطبيعــة «القانونيــة»
و»التع ُّدديــة» ،والرجــوع املتكـ ِّرر إىل املواقــف واملامرســات الفعليــة (مثــل «املفاضلــة بــن املحاكــم») ،أدت
إىل بعــض التبســيط للطــرق املع َّقــدة واملختلفــة اختالفًــا كبـ ًرا «قبــل العــر الحديــث» لتنظيــم العدالــة.
فهــو يغرينــا -عــى ســبيل املثــال -بافـراض الســذاجة يف أن اختيــار املحاكــم ينطــوي دامئًــا عــى اختيــار
ـات مح ـ َّددة مــن التنظيــات ـات قضائيــة معينــة مبجموعـ ٍ القانــون ،فضـ ًـا عــن أنــه ميكــن تحديــد واليـ ٍ
«اللوائــح» -وهــو أمــر ليــس كذلــك بالــرورة مــن الناحيــة التاريخيــة .باإلضافــة إىل ذلــك ،فــإن هنــاك
شــكوكًا معقولــة بشــأن القــوة التحليليــة للمفهــوم ،إذا مل تكــن مرتبطـ ًة بحالــة ملموســة قــادرة عــى رشح
ديناميكيــة اإلنتــاج املعيــاري والتفاعــل ( .)von Benda- Beckmann 2009ويبــدو أن مفاهيــ َم أخــرى
مثــل التداخــل الترشيعــي « »interlegalityواعــد ٌة بصــورة أكــر يف هــذا الصــدد (.)Hoekema 2005
ـف أشــكال ـف ُمختلَـ ِ
ـروض مفيــدة تتعلَّــق بوصـ ِ ومــع ذلــك ،فقــد أســفرت املناقشــة -بــا شـ ٍّـك -عــن عـ ٍ
املعياريــة التــي ينبغــي أن يتناولهــا التاريــخ القانــوين العاملــي .فعــى ســبيل املثــال ،اقــرح برايــن تاماناهــا
للتواصــل مــن خــال مــا أســاه «الســاحات االجتامعيــة القانونيــة ُ Brian Z. Tamanahaإطــا ًرا براجامتيًّــا
التع ُّدديــة» ،وهــو ال ي َّدعــي رصاحـ ًة أنــه يقــرح نظريـ ًة للقانــون بــن الثقافــات أو عــر الثقافــات .فهــو مي ِّيــز
بــن :ال ُّنظُــم القانونيــة الرســمية ،وال ُّنظُــم املعياريــة ال ُعرفية/الثقافيــة ،وال ُّنظُــم املعياريــة الدينية/الثقافيــة،
وال ُّنظُــم املعياريــة االقتصادية/الرأســالية ،وال ُّنظُــم املعياريــة الوظيفيــة ،وال ُّنظــم املعياريــة املجتمعيــة/
الثقافيــة .وفيــا يتعلَّــق بوضــع هــذه املجــاالت ،فإنــه يؤكِّــد« :أنهــا تتداخــل ،وهنــاك حــاالت حدوديــة
وخطــوط مختلفــة كان مــن املمكــن رســمها ،وفئــات مختلفــة كان مــن املمكــن إنشــاؤها .وتعتمــد قيمـ ُة
هــذا اإلطــار كليًّــا عــى مــا إذا كان يوفِّــر طريق ـ ًة مفيــد ًة ملقاربــة حــاالت التع ُّدديــة القانونيــة ودراســتها
وفهمهــا» ( .)Tamanaha 2010مــن خــال تجربتــه يف القانــون الهنــدويس والرشيعــة اإلســامية ،طــ َّور
24
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
ـنوات منوذ ًجــا مث ـ ًرا لالهتــام ومعت ِم ـ ًدا ألشــكا ٍل مختلفــة مــن
فرينــر منســي Werner Menskiعــر سـ ٍ
املعياريــة بــن الثقافــات وف ًقــا لنقــاط انطــاقٍ مختلفــة متا ًمــا (.)Menski 2012
ب) التوافقات:
ـاالت مختلفــة مــن املعياريــة وإيجــاد لغــة مشــركة لهــا هــي بالفعــل خطــوة مه َّمــة. إن اإلشــارة إىل مجـ ٍ
ومــع ذلــك ،يجــب أن تكــون هــذه املصطلحــات مصحوب ًة بــأداة تحليلية تســاعد عىل جعــل ال ُب ْعــد املعياري
ـوي يف عمليــة إنتــاج املعنــى ،ولكنــه ال ينتمــي إىل القواعــد األ َّوليــة أو الثانويــة اآلخــر مرئ ًّيــا ،وهــو أمــر حيـ ٌّ
باملعنــى الــذي يشــر إليــه هـــ .ل .إيــه .هــارت .H. L. A. Hartإنــه يتعلَّــق باالفرتاضــات األساســية التــي
جــرى التوافُــق عليهــا ،ومــن ثَـ َّم املامرســات الثابتــة بطريقــة أو بأخــرى ،حــول املعايــر التــي تؤثــر يف جميع
أنــواع إعــادة اإلنتــاج الثقــايف ،وبالتــايل تؤثــر أيضً ــا يف إنتــاج البيانــات املعياريــة ،والتــي تظـ ُّـل -رغــم ذلــك -
ـح التعبري -ودمجهــا يف تحليلنا؟ ضمن ّيـ ًة متا ًمــا .كيــف ميكننــا فهم هــذه املعايــر « -القواعد الثالثيــة» ،إذا صـ َّ
يواج ــه أولئ ــك الذي ــن يتعامل ــون م ــع التاري ــخ القان ــوين العديــ َد م ــن األمثل ــة ع ــى األهمي ــة الكب ــرة
الت ــي ميك ــن أن تتس ــم به ــا ه ــذه املج ــاالت املعياري ــة .فع ــى س ــبيل املث ــال ،التواف ــق الضمن ــي بش ــأن
التنفي ــذ االنتق ــايئ املناس ــب للقواع ــد ،س ــواء بش ــكلٍ ع ــا ٍّم أو يف بع ــض الح ــاالت املحــ َّددة (يف س ــياق
القانـــون األمريـــي الالتينـــي املبكِّـــر الحديـــث ،انظـــر عـــى ســـبيل املثـــال ،)Duve 2007 :أو اإلجـــاع
الضمن ــي تقريبً ــا بش ــأن العوام ــل الت ــي يب ــدو أنه ــا مه َّم ــة إلقام ــة الع ــدل يف ظ ـ ٍ
ـروف محــ َّددة ،مث ــل
االنت ــاء العرق ــي ،أو من ــط الحي ــاة ،أو االنت ــاء إىل طائف ــة ديني ــة معين ــة (انظ ــر ع ــى س ــبيل املث ــال:
.)Herzog 2003وع ــاوة ع ــى ذل ــك ،تنتم ــي التنظي ــات أو اللوائ ــح الطقوس ــية والتقني ــة وم ــا متلي ــه
األذواق أو املوض ــة إىل ذل ــك املج ــال أيضً ــا ،م ــا دام ــت ه ــذه التنظي ــات أو اللوائ ــح ليس ــت مدرجــ ًة
بالفعـــل يف مجـــا ٍل مـــا ميكـــن اعتبـــاره «تع ُّدديـــة معياريـــة» ،وبالتـــايل اعتبـــاره جـــز ًءا مـــن املجـــاالت
املعياري ــة الت ــي يتــ ُّم تناوله ــا عمو ًم ــا تح ــت عن ــوان «التع ُّددي ــة القانوني ــة» ( .)Vec 2009، 2011ولع ــل
ه ــذه األش ــكال م ــن املعياري ــة -الت ــي غالبً ــا م ــا تك ــون غريب ـ ًة ع ــى التحلي ــل القانوين-التاريخ ــي -ه ــي
م ــا ق ــد يقــ ِّدم مفتا ًح ــا لفه ــم بع ــض األس ــباب املنطقي ــة إلنت ــاج املعاي ــر أو صن ــع القــرار .وم ــن املث ــر
لالهت ــام أن بع ــض ه ــذه الظواه ــر ق ــد عولج ــت يف «سوس ــيولوجيا التوافق ــات» الفرنس ــية الحديث ــة
(Diaz-Bone / Thévenot 2010؛ .)Diaz-Bone / Didry / Salais 2015وفيهــا يجــري فهــم التوافقــات
تنس ــق املواق ـ َـف العملياتي ــة .تنت ــج ه ــذه التوافق ــات ع ــن مواق ــف م ــن جه ــة األُطُ ــر التفس ــرية الت ــي ِّ
ملموس ــة ،وميك ــن أن تنش ــئ ش ـ ٍ
ـبكات م ــن األبني ــة ،وه ــي تتعلَّ ــق بأش ــكا ٍل مح ـ َّددة م ــن اإلدراك يج ــري
25
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
ـاري .تب ــدو االنعكاس ــات املفاهيمي ــة لسوس ــيولوجيا التوافق ــات مفي ــد ًة للغاي ــة تطبيقُه ــا بقص ـ ٍـد معي ـ ٍّ
عنــ�د إعــ�ادة بنــ�اء العمليــ�ة املعقَّــ�دة إلنتــ�اج املعياريــ�ة ،ال ســ�يام يف ســ�ياق «التوطــ�ن» « «�glocaliza
»tions؛ حي ــث ميك ــن أن تُ ِــ َّد التاريــ َخ القان ــوين ب ـ ٍ
ـأدوات لتحلي ــل املجتمع ــات املع َّق ــدة واملتن ِّوع ــة م ــع
تع ُّددي ــة املؤسس ــات الت ــي تنت ــج القان ــون وتق ــوم بذل ــك اس ــتنا ًدا إىل املامرس ــات الثقافي ــة املتن ِّوع ــة.
ج) الديناميكيات:
إن الجمــع بــن هذيــن املنظوريْــن -املقاربــة النظريــة للمعايــر «التع ُّدديــة املعياريــة والقضائيــة»،
وكذلــك املقاربــة النظريــة ذات املنحــى العمــي لـــ «سوســيولوجيا التوافقــات» -يزيــد مــن فــرص وصــف
تعقيــد ال ُّنظُــم املعياريــة ،فضـاً عــن عمليــة التخصيــص(((() يف مجــال املعياريــة .ولكــن حتــى مــع هــذا،
ـات املؤدي ـ َة إىل هــذه العمليــات املتمثِّلــة يف (إعــادة) إنتــاج املعايــر، فإنــه ال يجعلنــا نــدرك الديناميكيـ ِ
خاصــ ًة يف األوســاط املتن ِّوعــة .وقبــل كل يشء ،وحتــى عندمــا نجمــع بــن هذيــن املنظوريــن ســالفي
الذكــر ،فإننــا ال نُفلــت مــن خطــر جوهرانيــة essentializingاملجــاالت املعياريــة ،أي معاملتهــا كــا
لــو كانــت ثابت ـ ًة .وعــى النقيــض مــن ذلــك ،أظهــرت الدراســاتُ الثقافيــة والعلــوم االجتامعيــة أن إنتــاج
املعياريــة مــن ِق َبــل املجموعــات املختلفــة ال ميكــن فه ُمــه إلَّ بشــكلٍ ديناميـيٍّ ،وظــر ٍّيف ،وعقــا ٍّين .ومــن ثَـ َّم
يجــب أن يكــون تحليـ ُـل هــذه املجــاالت املعياريــة مصحوبًــا بالتفكــر حــول ديناميكيــات إنتــاج املعياريــة
التوصــل إىل صــورة لل ُّنظُــم املعياريــة ــط يتم َّيــز بالتنــ ُّوع .إذا أراد املــر ُء -عــى ســبيل املثــال ُّ - وس ٍ
يف َ
للشــعوب األصليــة يف ظــل الحكــم االســتعامري ،فلــن يكــون ذلــك ممك ًنــا مــا مل يتــم وضــع آليــات بنــاء
ال ِعــرق يف االعتبــار (انظــر عــى ســبيل املثــال .)Rappaport 2014 :وعــى نح ـ ٍو مامثــل ،ال ميكــن فهــم
الوضــع القانــوين لليهــود يف العصــور الوســطى ،أو اللوثريــن يف املجتمعــات الكاثوليكيــة يف أوائــل العــر
الحديــث ،عــى ســبيل املثــال ،إلَّ مــن خــال التحقيــق يف الظــروف التــي شـكَّلت فيهــا هــذه املجموعــاتُ
ـاري يف التفاعــات نفســها كمجموعــة ،فهــي ُمنشــأة ثقاف ًّيــا و ُمج َّه ـ َز ٌة بشــكلٍ معيـ ٍّ
-العالئقيــة ،الظرفيــة َ -
ـات املع َّقــد َة واألشــكال مــع املجموعــات األخــرى ( .)Nirenberg 2013وإذا أراد املــر ُء أن يفهــم املجتمعـ ِ
نفســها ،فــإن التاريــخ القانــوين العاملــي ال بـ َّد أن يعتمــد عــى ـاج ِالتــي تعيــد بهــا أنظمتُهــا التنظيميــة إنتـ َ
الخـرات العلميــة االجتامعيــة املشــارِكة يف تحليــل هــذه الديناميكيــات -عــى ســبيل املثــال -يف املناقشــات
الجاريــة حــول صناعــة الحــدود العرقيــة والعيــش املشــرك (.)Wimmer 2013; Vertovec 2015
((( املقصــود بالتخصيــص يف عمليــة املعياريــة هــو اآلليــة التــي تأخــذ بهــا معياري ـ ٌة مــا بعـ َ
ـض املجــاالت أو ال ِب َنــى التــي ســبق
ذكرهــا ســواء أكانــت ثقافيــة أو اجتامعيــة أو اقتصاديــة أو غــر ذلــك ،لجعلهــا جــز ًءا مــن النظــام املعيــاري( .املرتجمــة) 26
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
.3التنميط:
وهنــاك مشــكلة أساســية أخــرى مرتبطــة بالبحــوث التاريخيــة (القانونيــة) والبحــوث (القانونيــة)
املقارنــة ،والتــي يطرحهــا التاريــخ القانــوين العاملــي بشــكل مكثــف ،وتتمثَّــل يف إدمــاج دراسـ ِ
ـات الحالــة
ي ذي معنــى. التاريخيــة يف إطــا ٍر تحليــ ٍّ
الخاص ــة
َّ تعم ــل الدراس ــاتُ التاريخي ــة القانوني ــة األوروبي ــة باألس ــاس مبس ــاعدة الن ــاذج املثالي ــة(((()
بـــ ماك ــس في ــر .وهن ــا يج ــب التمييــ ُز ب ــن الطريق ــة املس ــتوحاة م ــن في ــر في ــا يتعلَّ ــق بتكوي ــن
نفس ــه -والت ــي ج ــرى انتقا ُده ــا يف النق ــاش الن ــاذج املثالي ــة والن ــاذج الت ــي أنش ــأها ماك ــس في ــر ُ
ـي نفس ــه بس ــبب م ــا اتس ــمت ب ــه م ــن أس ـ ٍ
ـاس تجريب ـ ٍّ ال ــذي دار يف ف ــرة م ــا بع ــد االس ــتعامر يف الوق ــت ِ
مح ــدو ٍد نس ــب ًّيا وانع ــكاس الص ــور ذات النزع ــة األوروبي ــة (انظ ــر ع ــى س ــبيل املث ــال.)Marsh 2000 :
جهـــد ممكـــن للتوصـــل بعنايـــة وبدقَّـــة إىل ٍ يذكِّـــر هـــذا النقـــ ُد التاريـــ َخ القانـــوين العاملـــي ببـــذل كل
من ــاذج ال مركزي ــة ،أي ع ــدم اس ــتنتاج الن ــاذج املثالي ــة م ــن مج ـ َّرد تص ـ ُّور مس ــبقٍ واح ـ ٍـد ج ــرى اش ــتقاقُه
م ــن س ــياقٍ واح ـ ٍـد ،ع ــى س ــبيل املث ــال ،م ــن التجرب ــة األوروبي ــة .وإىل أي م ــدى يج ــب فه ــم مذه ــب
الن ــاذج نفس ــه م ــن زاوي ــة االفرتاض ــات املعرفي ــة املتعلِّق ــة بالفك ــر الكانط ــي الجدي ــد(((() ،وم ــن ثَــ َّم
الخاصــة الطارئــة .ففــي حــن أن َّ فــا زال هنــاك مــا يســتوجب النقــاش فيــا يتعلَّــق بالحــاالت الثقافيــة
الطريقــة نفســها يف إنتــاج النــاذج املثاليــة قــد تبــدو واضح ـ ًة بالنســبة إىل األوروبيــن ،فــإن املجتمعــات
املعرفي ــة األخ ــرى ق ــد ت ــرى األم ــور بش ــكلٍ مختل ـ ٍ
ـف متا ًم ــا.
وإذا ن َّحينــا هــذه األســئل َة املفتوحـ َة جان ًبــا ،فــإذا كان الفــرد يبحــث عــن منــاذج مثاليــة مناســبة لألهــداف
املحــددة للتاريــخ القانــوين العاملــي ،فــإن البحــوث الحديثــة التحليليــة املنحــى بشــأن الحوكمــة تبــدو
واعــد ًة للغايــة .فهــي تركِّــز باألســاس عــى إيجــاد مجموع ـ ٍة مــن األدوات لوصــف مامرســات الحوكمــة
ومؤسســاتها وتحليلهــا يف ضــوء جعــل القانــون عابـ ًرا للحــدود الوطنيــة .ومــن بــن االهتاممــات األساســية
((( النــاذج املثاليــة :هــي الطريقــة التــي اقرتحهــا فيــر لدراســة املعــاين الذاتيــة للظواهــر االجتامعيــة ،وهــي عبــارة عــن أبنيــة
عقليــة مــن املفاهيــم املجــ َّردة ال يوجــد لهــا نظــر يف الواقــع التجريبــي ،فهــي أداة تحليليــة يســتعملها الباحــث لتحليــل أو
املقارنــة بــن الظواهــر االجتامعيــة بصــورة موضوعيــة مــن خــال مــدى قُربهــا مــن هــذا النمــوذج املثــايل( .املرتجمــة)
((( الكانطيــة الجديــدة :مذهــب فلســفي نشــأ يف النصــف الثــاين من القرن التاســع عرش ،اســتهدف إحيــاء آراء كانط وأفــكاره حول
نقــد الــروط التــي تكــون معهــا املعرفـ ُة صحيحـةً ،وأن هــذا هــو مــا ينبغــي أن يكــون هاجــس الفلســفة األول ،وقــد رفــض هــذا
27 االتجــاه امليتافيزيقــا بصــورة واســعة -رمبــا أوســع مــن الكانطيــة األصليــة -وإن كان مل يبلــغ درجــة العلمويــة املحضــة( .املرتجمــة)
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
هنــا املؤسســات والهيــاكل التنظيميــة التــي تنتمــي إىل «تج ُّمعــات الحوكمــة» ،والتــي يشــار إليهــا أيضً ــا
باســم «التج ُّمعــات التنظيميــة» .وقــد جــرى التأكي ـ ُد عــى مثــار التبــا ُدل بــن مجــاالت البحــوث هــذه
والبحــوث التاريخيــة مــن ِق َبــل الجانبــن ( ،)Esders / Schuppert 2015فيمكــن أن يكــون نقطــة انطــاق
ملزيـ ٍـد مــن الحــوار بهــدف تطويــر لغــة مناســبة لتحليــل الحوكمــة يف بيئــة مشــركة بــن الثقافــات ،والتــي
ٍ
أدوات تحليلي ـ ًة ُمثــرة لالهتــام للتاريــخ القانــوين العاملــي. قــد تق ـ ِّدم بعــد ذلــك
.4الترجمة:
تتمثَّ ــل املش ــكلة األساس ــية الرابع ــة يف تطوي ــر طريق ــة ق ــادرة ع ــى املس ــاعدة يف تحلي ــل تفاصي ــل
ـاالت أخــرى يف عمليــة إنتــاج املعياريــة .يــدور األمــر يفتخصيــص الخيــارات املعياريــة املنبثقــة عــن مجـ ٍ
نهاي ــة املط ــاف ح ــول النظ ــر يف عملي ــة التخصي ــص بش ــكلٍ أك ــر ُعم ًق ــا ،والت ــي ج ــرى رس ــمها يف س ــياق
امل ــداوالت املتعلِّق ــة بـــ «التوط ــن» .ف ــإذا كان تكوي ــن املعن ــى يح ــدث محل ًّي ــا ،فكي ــف ينبغ ــي لن ــا أن
نحلِّ ـ َـل م ــا يح ــدث يف عملي ــة التخصي ــص ه ــذه بالضب ــط؟
هن ــا أيضً ــا ميك ــن للتاري ــخ القان ــوين العامل ــي االس ــتفادة م ــن التقالي ــد التاريخي ــة القانوني ــة طويل ــة
األمـــد (انظـــر .)Duve 2014b :لبعـــض الوقـــت ،كانـــت عمليـــة التبـــادل املعيـــاري تتســـم مبفهـــوم
«االس ــتقبال» .وم ــع ذل ــك ،ف ــإن تجس ــيد التقالي ــد التأريخي ــة املتعلِّق ــة باالس ــتقبال وانتش ــارها مل ي ــرك
الخلقــة التــي جــرى رســم مالمحهــا بحيــث تتعلَّــق ُّ
بتجســد ـال كب ـ ًرا لتحليــل عمليــة إعــادة اإلنتــاج َّ
مجـ ً
املفاهي ــم يف ِف ْع ــل «التوط ــن» .وع ــى النقي ــض م ــن ذل ــك ،فحت ــى وق ــت قري ــب مل يُ ـ َ
ـول س ــوى القلي ــل
مــن االهتــام يف التاريــخ القانــوين للمقاربــات العلميــة للرتجمــة .وهــي املقاربــات التــي تهت ـ ُّم بتحليــل
قابلي ــة النق ــل املتعــ ِّدد لل ُّنظُ ــم والعالم ــات ذات األهمي ــة ،وطريق ــة التأث ــر م ــن خ ــال عملي ــات النق ــل
اللغوي ــة أو حت ــى غ ــر اللغوي ــة م ــن خ ــال آثاره ــا العلمي ــة واللغوي ــة .وحت ــى ل ــو مل يرغ ــب امل ــرء يف
النظ ــر إىل جمي ــع الدراس ــات العاب ــرة للثقاف ــات ع ــى أنه ــا مش ــكلة ترجم ــة ،فيج ــب أن يك ــون م ــن
ـي .ولع ــل الجه ــودالواض ــح أن تش ــكيل مقارب ــة لغوي ــة ثقافية-علمي ــة ال غن ــى عن ــه لتاري ـ ٍخ قان ــو ٍّين عامل ـ ٍّ
الت ــي تجم ــع ب ــن املنظ ــور التاريخ ــي املفاهيم ــي واملنظ ــور العلم ــي للرتجم ــة لعله ــا تك ــون م ــن ب ــن
الخاص ــة للتاري ــخ القان ــوين العامل ــي ،ك ــا اق ــرح بي ــر ب ــرك يف عمل ــه ح ــول «الرتجم ــة َّ االهتامم ــات
الثقافي ــة» (Burke 2007؛ انظ ــر أيضً ــا.)Foljanty 2015 :
28
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
مالحظات ختامية:
رمب ــا أوضح ــت ه ــذه املالحظ ــات أن الدراس ــات التاريخي ــة القانوني ــة -س ــواء كتاريــ ٍخ قان ــو ٍّين م ــن
ـي أو كتاريــ ٍخ لعومل ــة القان ــون ،وس ــواء باعتباره ــا ج ــز ًءا م ــن التاري ــخ الع ــام أو ـي عامل ـ ٍّ
منظ ــور تاريخ ـ ٍّ
ـاس؛ فإنه ــا تق ــف موق ًف ــا مذه ـ ًـا ،ولكن ــه مخي ــف أيضً ــا .ذل ــك أن كبح ــث قانوين-علم ــي بش ــكل أس ـ ٍ
ـص يتن ــاول القان ــو َن الوطن ــي ،ولف ــرة طويل ــة كان كتخص ـ ٍ
ُّ ه ــذه الدراس ــات كان ــت ت ُص ــاغ م ــن أصله ــا
التخصصي ــة ،الت ــي رمب ــا مل يك ــن مفهومه ــا التأس ــييس املتمح ــور ح ــول ُّ هن ــاك إج ــا ٌع ع ــا ٌّم ع ــى هويته ــا
نفس ــها تابعــ ًة ُّ
لتخص َص ـ ْـن ع ــى األق ــل :عل ــم الدول ــة واض ًح ــا ،ولكن ــه كان ميثِّ ــل إجام ًع ــا .والي ــوم تعت ــر َ
التأري ــخ والعل ــوم القانوني ــة .إ َّن ج ْع ــل النظ ــام القان ــوين نظا ًم ــا عاب ـ ًرا للح ــدود الوطني ــة ،إضاف ــة لكون ــه
ضم ــن نظ ــام التعلي ــم الع ــايل والبح ــث؛ يق ــي بأن ــه بس ــبب ال ُب ْع ــد الوطن ــي غ ــر القاب ــل لالختــزال
للعل ــوم القانوني ــة ،فإن ــه س ــيواصل خدم ــة املنط ــق الوطن ــي ،ويف الوق ــت نفس ــه ،أن ــه يحت ــاج إىل تطوي ــر
املنط ــق العامل ــي .إن التحدي ــات الفكري ــة واملؤسس ــية هائل ــة ،وكذل ــك أيضً ــا الف ــرص املتاح ــة.
ع ــى الرغ ــم م ــن ع ــدم معالج ــة كل املش ــكالت الت ــي تتطلَّ ــب مزيــ ًدا م ــن التحلي ــل ،مث ــل نظري ــات
التغي ــر ،واملس ــائل املع َّق ــدة املتعلِّق ــة بإمكاني ــة مالحظ ــة تط ــور ال ُّنظُ ــم ع ــى ه ــذا النح ــو ،ف ــإن ه ــذه
النظ ــرة العام ــة للمقارب ــات املنهجي ــة -رغ ــم ذل ــك -توضِّ ــح أ َّن التاري ــخ القان ــوين العامل ــي لدي ــه أيضً ــا
التخصص ــات املج ــاورة .فه ــو يق ــف أم ــام ُّ فُرصــ ٌة لالس ــتفادة م ــن الكث ــر م ــن املع ــارف املرتاكم ــة يف
ـات أخ ــرى يف العل ــوم اإلنس ــانية تخصص ـ ٍـايس للبح ــث يف ُّ ـدف األس ـ َّأساس ــا اله ـ َ
ـات منهجي ــة ،متثِّ ــل ًتحدي ـ ٍ
واالجتامعي ــة .فف ــي املقارب ــات املنهجي ــة األرب ــع املخت ــارة هن ــا ،ف ــإن التاري ــخ القان ــوين العامل ــي ميك ــن
ويجـ�ب عليـ�ه أن يعتمـ�د عـ�ى النظريـ�ة القانونيـ�ة واإلبسـ�تمولوجيا العا َّمـ�ة [ألجـ�ل] (التوطـ�ن)( (�glocal
،)izationsوع ــى نظري ــات القواع ــد واإلج ـراءات [ألج ــل] (التع ُّددي ــة املعياري ــة) (،)multinormativity
وع ــى األمن ــاط العلمي ــة االجتامعي ــة والسياس ــية [ألج ــل] (التنمي ــط) ،وكذل ــك ع ــى الدراس ــات العلمي ــة
الثقافي ــة [ألج ــل] (الرتجم ــة) .وه ــذا يتطلَّ ــب املعرف ــة واملفاضل ــة ب ــن النظري ــات واألس ــاليب املتن ِّوع ــة
واملعروض ــة .أخــ ًرا ولي ــس آخــ ًرا ،ف ــإن الس ــؤال املط ــروح في ــا يتعلَّ ــق ب ــكل ه ــذه األُس ــس ه ــو م ــا إذا
كان ــت ه ــذه األُس ــس صالحــ ًة حت ــى في ــا ب ــن الثقاف ــات.
تشـــر املناقشـــة الالزمـــة الدوليـــة واملشـــركة بـــن الثقافـــات لهـــذه املســـائل إىل البُ ْعـــد املؤســـي.
ـي للعل ــوم القانوني ــة -يف
كتخص ــص فرع ـ ٍّ
ُّ فيج ــب أن تس ــتمر الدراس ــات التاريخي ــة القانوني ــة -وال س ــيام
29 تولي ــد املعرف ــة التاريخي ــة املحلي ــة ،وتضطل ــع بدوره ــا يف ال ُّنظُ ــم الوطني ــة .ويف الوق ــت نفس ــه ،يتع ـ َّـن
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
ـكل موازيًــا عاب ـ ًرا للح ــدود الوطني ــة .ب ــل إن ــه يب ــدو أحيانًــا وكأن الهي ــاكل الوطني ــة عليه ــا أن تش ـكِّل هي ـ ً
والتخصصي ــة تت ــآك َُل مؤسس ـيًّا وفكريًّــا م ــن خ ــال الطاب ــع العاب ــر للح ــدود الوطني ــة والحاج ــة (الضغ ــط ُّ
التخصصي ــة والوطني ــة ُّ التخصص ــات .ه ــذا الضع ــف يف الهي ــاكل ُّ الس ــيايس) إىل التع ــا ُون املش ــرك ب ــن
ـاج املعرف ــة وج ــو َد ع ــد ٍد م ــن املتطلب ــات الالزم ــة للعم ــل، التقليدي ــة ال يخل ــو م ــن املخاط ــر .يف ــرض إنت ـ ُ
وق ــد ت ـ َّم حت ــى اآلن تش ــكيل ه ــذه الظ ــروف يف ع ــر الدول ــة القومي ــة .كي ــف ميكنن ــا اس ــتبدالها ع ــى
التخصص ــاتُ ف َّعالــ ًة ،يج ــب أن تركِّ ــز ُّ نط ــاقٍ عاب ــر للح ــدود الوطني ــة؟ ع ــى س ــبيل املث ــال ،ل ــي تك ــو َن
ـات لض ــان الج ــودة اهتام َمه ــا العلم ــي ع ــى مجموع ـ ٍة مح ــدود ٍة م ــن املش ــكالت .فه ــي بحاج ــة إىل آلي ـ ٍ
والس ــمعة .وه ــي بحاج ــة إىل آلي ــات التنش ــئة االجتامعي ــة ،واالختي ــار ،والتسلس ــات الهرمي ــة؛ آلي ــات ُّ
ـات جدي ــدة به ــا .إنه ــا تتطلَّ ــب التع ُّددي ــة - ـت آلخ ــر -اإلطاح ــة به ــا واس ــتبدال آلي ـ ٍ يج ــب -م ــن وق ـ ٍ
الفكري ــة واللغوي ــة ع ــى ح ـ ٍّد س ــواء .يف الوق ــت الح ــايل ،يب ــدو أن العدي ــد م ــن ه ــذه اآللي ــات الحيوي ــة
إلنت ــاج املعرف ــة والت ــي تعم ــل جيــ ًدا ق ــد أصبح ــت تح ــت التهدي ــد .ق ــد ت ــؤدي رضورة عب ــور الح ــدود
والتخصصي ــة
ُّ ـي وإىل تدم ــر الهي ــاكل التقليدي ــة والوطني ــة التخصصي ــة والتع ــاون ال ــدويل إىل خلَ ــلٍ وظيف ـ ٍّ ُّ
دون إنش ــاء وتثبي ــت هي ــاكل عاب ــرة للح ــدود .ويف ه ــذا الس ــياقِ ،ت ــزداد أهميــ ُة كيفي ــة إنش ــاء ال ِب َن ــى
التحتي ــة البحثي ــة لدين ــا .بَيْــ َد أن ه ــذه املس ــألة ليس ــت مس ــأل َة كف ــاء ٍة فحس ــب ،ب ــل مس ــألة عدال ــة
فرص ــا هائل ــة ،ولكنه ــا ت ــؤدي أيضً ــا إىل تعمي ــق فكري ــة أيضً ــا .ميك ــن أن توف ــر البن ــى التحتي ــة البحثي ــة ً
أوج ــه ع ــدم املس ــاواة القامئ ــة أو إىل إيج ــاد أوج ــه ع ــدم مس ــاواة جدي ــدة .ق ــد توف ــر البن ــى التحتي ــة
ـاحات لالندم ــاج للمجتمع ــات العلمي ــة ،لتح ــل مح ـ َّـل بع ــض الوظائ ــف الحيوي ــة الت ــي املعرفيــ ُة مس ـ ٍ
حققته ــا املجتمع ــاتُ الوطني ــة ،أو املؤسس ــات البحثي ــة ،أو املس ــاحات املادي ــة يف امل ــايض .ق ــد تس ــاهم
آليـــات جديـــدة ٍ أيضً ـــا يف إنشـــاء طـــرقٍ جديـــدة لرتكيـــز االهتـــام العلمـــي عـــى قضايـــا محـــ َّددة أو
ملراقب ــة الج ــودة .وينبغ ــي عليه ــا بالتأكي ــد أن تتي ــح إمكاني ــة الوص ــول للمش ــاركة يف املناقش ــات العلمي ــة
ع ــى ق ــدم املس ــاواة ،ال س ــيام في ــا يتعلَّــق بتل ــك املج ــاالت الت ــي كان ــت ُم َمثَّل ـ ًة متثي ـ ًـا ً
ناقص ــا تقليديًّــا.
ك ــا ينبغ ــي عليه ــا أن تع ـ ِّزز التن ـ ُّو َع .فق ــط عن ــد القي ــام بذل ــك ،ميك ــن أن يك ــون هن ــاك تاري ـ ٌخ قان ــو ٌّين
ـي ُمث ِمــ ٌر م ــن الناحي ــة الفكري ــة. عامل ـ ٌّ
30
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
:الببليوغرافيا
• William P. Alford, Law, Law, What Law? Why Western Scholars of Chinese History
and Society Have Not Had More to Say about Its Law, 23 Modern China (1997).
• Christopher A. Bayly, The Birth of the Modern World, 1780–1914. Global Connec-
tions and Comparisons (Blackwell Publishing 2004).
• Arnulf Becker Lorca, Mestizo International Law. A Global Intellectual History
1842–1933 (Cambridge University Press 2014).
• Franz von Benda-Beckmann, Gefangen im Rechtspluralismus. Zum Umgang mit
Normkollisionen in rechtlich pluralen sozialen Räumen, in Normative Pluralität
Ordnen: Rechtsbegriffe, Normenkollisionen und Rule of Law in Kontexten Dies-
und Jenseits des Staates (Matthias Kötter & Gunnar Folke Schuppert eds., 2009).
• Lauren Benton, A Search for Sovereignty. Law and Geography in European Em-
pires, 1400–1900 (Cambridge University Press 2010).
• Lauren Benton, Introduction. AHR Forum: Law and Empire in Global Perspective,
117 Hispanic American Historical Review (2012).
• Lauren A. Benton & Richard J. Ross, Legal Pluralism and Empires, 1500–1850 (New
York University Press 2013).
• Paul Schiff Berman, Global Legal Pluralism. A Jurisprudence of Law Beyond Bor-
ders (Cambridge University Press. 2012).
• Jérôme Bourgon, Uncivil Dialogue: Law and Custom Did Not Merge into Civil Law
under the Qing, 23 Late Imperial China (2002).
• Peter Burke, Cultures of Translation in Early Modern Europe, in Cultural Transla-
tion in Early Modern Europe (Peter Burke & Ronnie Po-Chia Hsia eds., 2007).
• John L. Campbell, Institutional Reproduction and Change, in The Oxford Hand-
book of Comparative Institutional Analysis (Glenn Morgan et al. eds., 2010).
• Aldo Andrea Cassi, Ius Commune Tra Vecchio e Nuovo Mondo. Mari, Terra, Oro
Nel Diritto Della Conquista (1492–1680) (Giuffrè Editore 2004).
31
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
• David Christian, The Return of Universal History, 49, 4 History and Theory (2010)
(http://dx.doi.org/10.1111/j.1468-2303.2010.00557.x).
• Bartolomé Clavero, Freedom’s Law and Indigenous Rights: From Europe’s Oecono-
my to the Constitutionalism of the Americas (The Robbins Collection 2005).
• Bartolomé Clavero, Derecho Global. Por Una Historia Verosímil De Los Derechos
Humanos (Editorial Trotta 2014).
• Bartolomé Clavero, ¿Se debe a derechos humanos la abolición de la esclavitud? (A
propósito de los Usos de la Historia de Samuel Moyn y de sus críticos), XLIV Quad-
erni Fiorentini per la Storia del Pensiero Giuridico Moderno (2015).
• Jean Comaroff & John L. Comaroff, Theory from the South. Or, How Euro-America
is Evolving toward Africa (Paradigm Publishing 2012).
• Sebastian Conrad, What is Global History? (Princeton University Press 2016).
• Pietro Costa, Reading Postcolonial Studies: Some Tentative Suggestions for Legal
Historians, 35 Zeitschrift für Neuere Rechtsgeschichte (2013).
• Eve Darian-Smith, Laws and Societies in Global Contexts. Contemporary Ap-
proaches (Cambridge University Press 2013).
• Natalie Zemon Davis, Decentering History: Local Stories and Cultural Crossings in
a Global World, 50 History and Theory (2011).
• Theo D’Haen, Worlding in Social Sciences and Humanities, 24 European Review (2016).
• Rainer Diaz-Bone et al., Conventionalist’s Perspectives on the Political Econo-
my of Law. An Introduction, 40 Historical Social Research (2015), http://dx.doi.
org/10.12759/hsr.40.2015.1.7-22.
• Rainer Diaz-Bone & Laurent Thévenot, Die Soziologie der Konventionen. Die The-
orie der Konventionen als ein zentraler Bestandteil der neuen französischen Sozial-
wissenschaften, 5 Trivium. Socioligie des Conventions [Online] (2010).
• Markus D. Dubber, New Historical Jurisprudence: Legal History as Critical Analysis
of Law, 2 Critical Analysis of Law (2015), http://cal.library.utoronto.ca/index.php/
cal/article/view/22512/18320. 32
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت
• Thomas Duve, Algunas observaciones acerca del modus operandi y la prudencia del
juez en el Derecho Canónico Indiano, 35 Revista de Historia del Derecho (2007).
• Thomas Duve, Von der Europäischen Rechtsgeschichte zu einer Rechtsgeschichte
Europas in globalhistorischer Perspektive, 20 Rechtsgeschichte—Legal History
(2012),
• http://dx.doi.org/10.12946/rg20/018-071.
• Thomas Duve, Entanglements in Legal History: Conceptual Approaches (Thomas
Duve ed., Max Planck Institute for European Legal History 2014a), http://dx.doi.
org/10.12946/gplh1.
• Thomas Duve, European Legal History—Concepts, Methods, Challenges, in Entan-
glements in Legal History: Conceptual Approaches (Thomas Duve ed., 2014b).
• Thomas Duve, German Legal History: National Traditions and Transnational Per-
spectives, 22 Rechtsgeschichte—Legal History (2014c).
• Thomas Duve, Entanglements in Legal History. Introductory Remarks, in Entangle-
ments in Legal History: Conceptual Approaches (Thomas Duve ed., 2014d).
• Stefan Esders & Gunnar Folke Schuppert, Mittelalterliches Regieren in der Moderne
oder Modernes Regieren im Mittelalter? (Nomos-Verlagsgesellschaft 2015).
• Bardo Fassbender & Anne Peters, The Oxford Handbook of the History of Interna-
tional Law (Oxford University Press 2012).
• Lena Foljanty, Legal Transfers as Processes of Cultural Translation: On the Conse-
quences of a Metaphor, No. 2015-09 Max Planck Institute for European Legal His-
tory Research Paper Series (2015), http://ssrn.com/abstract=2682465.
• H. Patrick Glenn, Comparative Legal Families and Comparative Legal Traditions,
in The Oxford Handbook of Comparative Law (Mathias Reimann & Reinhard Zim-
mermann eds., 2006).
• H. Patrick Glenn, Legal Traditions of the World. Sustainable Diversity in Law (Ox-
33 ford University Press 5 ed. 2014).
ترجمات | التاريخ القانوين العاملي
• Jens Greve & Annette Schnabel, Einleitung, in Emergenz. Zur Analyse und Erk-
lärung Komplexer Strukturen (Jens Greve & Annette Schnabel eds., 2011).
• John Griffiths, The Idea of Sociology of Law and Its Relation to Law and to Sociol-
ogy, 8 Current Legal Issues (2005).
• Ariela Gross & Alejandro De la Fuente, Slaves, Free Blacks, and Race in the Legal Regimes
of Cuba, Louisiana and Virginia: A Comparison, 91 North Carolina Law Review (2013).
• Dirk Heirbaut & Sean Patrick Donlan, The Law’s Many Bodies: Studies in Legal
Hybridity and Jurisdictional Complexity, c1600–1900 (Duncker & Humblot 2015).
• Jean-Louis Halpérin, Profils des Mondialisations du Droit (Dalloz 2009).
• Marc Hertogh, What Is Non-state Law? Mapping the Other Hemisphere of the Le-
gal World, in International Governance and Law. State Regulations and Non-State
Law (Hanneke van Schooten &Jonathan Verschuuren eds., 2008).
• Tamar Herzog, Defining Nations. Immigrants and Citizens in Early Modern Spain
and Spanish America (Yale University Press 2003).
• André J. Hoekema, European Legal Encounters Between Minority and Majority
Culture: Cases of Interlegality, 51 Journal of Legal Pluralism (2005).
• Lynn Hunt, Writing History in the Global Era (W. W. Norton & Company 2014).
• Duncan Kennedy, Three Globalizations of Law and Legal Thought: 1850–2000, in
The New Law and Economic Development. A Critical Appraisal (David M. Trubek
& Alvaro Santos eds., 2006).
• Martti Koskenniemi, Empire and International Law: The Real Spanish Contribution,
61 University of Toronto Law Journal (2011), http://dx.doi.org/10.3138/utlj.61.1.001.
• Martti Koskenniemi, Vitoria and Us. Thoughts on Critical Histories of Interna-
tional Law, 22 Rechtsgeschichte—Legal History (2014), http://dx.doi.org/10.12946/
rg22/119-138.
• Pia Letto-Vanamo, Towards Global Legal History?, in Liber Amicorum Ditlev
Tamm. Law, History and Culture (Per Andersen et al. eds., 2011). 34
مركز نهوض للدراسات والنشر
ﻟﻠﺒﺤــﻮث واﻟﺪراﺳــــﺎت