You are on page 1of 321

‫‪ – covi‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ –d‬العدد ‪18‬‬ ‫كورونـا *‪9‬‬


‫كوفيد‪191‬‬ ‫صـ‪*22‬‬
‫جبائحة كورونا *‬ ‫ملفـخا‬
‫خاصـ‬ ‫جملة الباحث –عدد‬

‫جملة الباحث‬
‫للدراسات واألحباث القانونية والقضائية‬
‫جملة علمية فصلية حمكمة تعىن بنشر املقاالت واألحباث القانونية والقضائية‬

‫رئيس التحرير‪ :‬ذ‪ .‬جعفر القامسي‬ ‫֎֎֎‬


‫املدير املسؤول‪ :‬ذ‪ .‬حممد القامسي‬

‫دراسات وأحباث قانونية وقضائية باللغة العربية‬


‫حالة الطوارئ الصحية وسؤال املواطنة الرقمية‪...................................................................‬د‪ .‬مسري أيت أرجدالـ‬ ‫‪‬‬
‫التوجهات امللكية السامية ملواجهة جائحة كورونا‪..................... ................................................‬دة‪ .‬أمينة رضوانـ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫احلجر الصحي للمصابني بأمراض معدية يف سياق مكافحة جائحة كورونا‪....................................‬ذ‪..‬ملختار العياديـ‬ ‫‪‬‬
‫سياسة التجريم والعقاب يف ظل حالة الطوارئ الصحية‪.................................................‬ذ‪ .‬يوسف سلموني زرهونيـ‬ ‫‪‬‬
‫احرتام مبدأ الشرعية اجلنائية يف زمن الطوارئ الصحية‪................................................................‬د‪ .‬أنس سعدونـ‬ ‫‪‬‬
‫احلاجة اىل التقاضي عن بعد يف زمن اجلائحة وسؤال احملكمة الرقمية‪..........................................‬د‪ .‬شريف الغيامـ‬ ‫‪‬‬
‫احتاد السواعد يبين الوطن وتآزر القلوب خيفف احملن‪..............................................................‬د‪ .‬سعيد بوطويلـ‬ ‫‪‬‬
‫مفهوم األجل القانوني يف ضوء املادة ‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الصحية‪.............................................‬د‪ .‬امبارك جانويـ‬ ‫‪‬‬
‫مدى انطباق مرسوم القانون املتعلق حبالة الطوارئ على مدد التقادم؟‪........ ...........................‬د‪ .‬عبد الرزاق اجلباريـ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الرأي والرأي األخر يف أثر العفو امللكي على مسار الدعوى العمومية‪.............................................‬ذ‪ .‬يوسف قجاجـ‬ ‫‪‬‬
‫قراءة يف أحكام حالة الطوارئ الصحية‪...................................................................................‬ذ‪ .‬يونس احلاجيـ‬ ‫‪‬‬
‫أثر انتشار فريوس كورونا املستجد على عالقات الشغل يف ضوء مدونة الشغل‪.....................................‬ذ‪ .‬هشام أوهيا‬ ‫‪‬‬
‫تأثري جائحة كورونا على أطراف العالقة الشغلية‪...................................................................‬ذ‪ .‬إبراهيم سدزاويـ‬ ‫‪‬‬
‫جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‪.............................‬ذ‪ .‬احلسني بيكاسـ‬ ‫‪‬‬
‫فريوس كرونا والكتاب اخلامس من مدونة التجارة‪......................................................................‬ذ‪ .‬احلسني كزاز‬ ‫‪‬‬
‫املستهلك بني رهان احلماية وهاجس تلبية احلاجة يف ظل فريوس كورونا‪..............................‬ذ‪ .‬عبد اهلادي رشديـ‬ ‫‪‬‬
‫من أجل مقاربة بيداغوجية إلرساء التعليم عن بعد يف ظل جائحة كورونا‪....................................‬ذ‪ .‬امبارك حريوشـ‬ ‫‪‬‬
‫حقوق اإلنسان وحالة الطوارئ‪ :‬ما بني التعطيل والتفعيل‪...........................................................‬ذ‪ .‬يوسف رحبيـ‬ ‫‪‬‬
‫احلماية اجلنائية من فريوس كرورنا املستجد يف التشريع املغربي‪..................................................‬ذ‪ .‬فيصل كرماتـ‬ ‫‪‬‬
‫إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد ‪-‬كفيد‪ -19‬يف ضوء قانون ‪...............................12.18‬ذ‪ .‬رضوان الفيزازيـ‬ ‫‪‬‬
‫تأثري فريوس كورونا املستجد على العالقات الكرائية السكنية واملهنية‪..........................................‬ذة‪ .‬هناء بوكطوبـ‬ ‫‪‬‬
‫ردمد ‪ISSN: 2550 – 603X :‬‬
‫®‬
‫مجيع حقوق النشر حمفوظة لسنة ‪ 201 7‬م‬
‫‪1‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬
‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫صدق اهلل العظيم‬


‫اآليتين ‪ 156 - 155‬من سورة البقرة‬

‫‪2‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية‬


‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة تعىن بنشر املقاالت واألحباث القانونية والفقهية والقضائية‬

‫رئـيس التحرير‪:‬‬ ‫املدير املسؤول‪:‬‬


‫ذ جعفر القامسي ـ ـ‬ ‫ذ حممد القامسي ـ ـ‬

‫اللجنة العلمية‪:‬‬
‫دة‪ .‬أمينة رضوان‪..............................................................................................‬دكتورة وقاضيةـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬أنس سعدون‪..................................................................................................‬دكتور وقاضيـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬فريد خري الدين‪...............................................................................................‬دكتور وقاضيـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬املصطفى الطايل‪...................... ..................................................................‬أستاذ التعليم العاليــــ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫دة‪ .‬نوال جمدوب‪.........................................................................................‬أستاذة التعليم العاليـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خنفوسي‪....................................................................................‬أستاذ التعليم العاليـــ‬ ‫‪‬‬
‫دة‪ .‬سهام صربي‪.............................................................................................‬دكتورة يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫دة‪ .‬مجيلة بوستاوق‪..........................................................................................‬دكتورة يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬هشام أزوكار‪...............................................................................................‬دكتور يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد الدايف‪..........................................................................................‬دكتور يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬رضوان العنيب‪.............................................................................................‬دكتور يف احلقوقـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬موحى اسيدي اعمر‪........................................................................................‬دكتور يف احلقوقـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬بدر بوخلوف ‪..............................................................................................‬دكتور يف احلقوقـــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬خالد احلمدوني‪............................................................................................‬دكتور يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬همام القوصي‪..............................................................................................‬دكتور يف احلقوقــ‬ ‫‪‬‬
‫ذ‪ .‬زكرياء القامسي‪...............................................................................................‬حمافظ عقاريــ‬ ‫‪‬‬

‫جلنة التنسيقـ والتتبع‪:‬‬


‫ذة‪ .‬حليمة عبد الرمى‪..................................................................................‬باحثة يف القانون اخلاصـــ‬ ‫‪‬‬
‫ذ‪ .‬عدنان الزرزوري‪....................................................................................‬باحث يف القانون اخلاصـــ‬ ‫‪‬‬
‫ذ‪ .‬حممد أمني امساعيلي‪...............................................................‬باحث يف القانون اخلاص ومصمم غرافيكـــ‬ ‫‪‬‬
‫ذ‪ .‬ياسني الصبار‪.......................................................................................‬باحث يف القانون اخلاصـــ‬ ‫‪‬‬
‫ذة ‪ .‬ايتسام الشرقاوي‪..................................................................................‬باحثة يف القانوون اخلاصـــ‬ ‫‪‬‬
‫ذ‪ .‬حممد انفالس‪................................................................................................‬مصمم الغرافيكـــ‬ ‫‪‬‬

‫‪3‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية‬


‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة تعىن بنشر املقاالت واألحباث‬
‫القانونية والفقهية والقضائية‬
‫تصدر كمبدأ عام كل شهرين على املوقع اإللكرتوني‬

‫"‪"www.justicemaroc.com‬‬
‫وكذا العديد من املواقع القانونية األخرى املغربية‬
‫والعربية املشهود هلا بالكفاءة واألمانة العلمية‬

‫* كل املواقف واآلراء الواردة يف اجمللة ال تعرب سوى عن آراء كاتبيها وال تعرب عن رأي اجمللة *‬

‫شروط وقواعد النشر يف جملة الباحث‬


‫أن ينصب موضوع املقال على اجملال القانوني أو القضائي حسب األحوال‪..........................................‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون البحث أو املقال حمرتما لشروط وأجبديات البحوث العلمية الدقيقة‪.......................................‬‬ ‫‪‬‬
‫احرتام األمانة العلمية‪ ،‬وتوثيق املعلومات‪ ،‬وتفادي األخطاء املادية واملنهجية‪.......................................‬‬ ‫‪‬‬
‫أن يكون البحث أو املقال قد أجاب عن اإلشكالية اليت يطرحها يف جمملها‪...........................................‬‬ ‫‪‬‬
‫يتحمل كاتب كل مقال منشور باجمللة ما به من سرقات ومغالطات عليمة‪.........................................‬‬ ‫‪‬‬
‫يرفض كل مقال ال يتوفر على احلد األدنى من الشروط السالفة الذكر أعاله ‪.........................................‬‬ ‫‪‬‬
‫إرسال املقال بصيغة )‪ (word‬إىل الربيد اإللكرتوني (‪......................)majalatlbahit@gmail.com‬‬ ‫‪‬‬
‫يرفق املقال وجوبا ببطاقة تعريفية للكاتب تتضمن (امسه ودرجته العلمية وصفته املهنية) ‪.................. ...........‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تعمل اجمللة على إخبار كاتب كل مقال بالعدد الذي سينشر فيه مقاله‪..............................................‬‬ ‫‪‬‬
‫تسلم شهادة النشر للراغب فيها تتضمن تقييما شامال للمقال وهي مؤدى عنها‪......................................‬‬ ‫‪‬‬
‫تنشر اجمللة على أوسع نطاق‪ ،‬وذلك يف مواقع إلكرتونية مغربية وعربية‪.............................................‬‬ ‫‪‬‬

‫‪4‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فهرس العدد‬
‫‪07‬‬ ‫كلمة افتتاحية للعدد‪....................................................................................................................‬‬
‫ذ ‪ .‬محمد ال قاسمي‬

‫مقاالت وأحباث قانونية باللغة العربية‬

‫‪09‬‬ ‫حالة الطوارئ الصحية وسؤال املواطنة الرقمية‪.............................................................................‬‬


‫الدكتور سمير أيت أ رجدال‬
‫‪13‬‬ ‫التوجهات امللكية السامية ملواجهة جائحة كورونا‪...........................................................................‬‬
‫ال د كتورة أمينة رضوان‬
‫‪31‬‬ ‫الحجرالصحي للمصابين بأمراض معدية في سياق مكافحة جائحة كورونا‪..........................................‬‬
‫األستاذ املختار العيادي‬
‫‪78‬‬ ‫سياسة التجريم والعقاب في ظل حالة الطوارئ الصحية‪..................................................................‬‬
‫األستاذ يوسف سلموني زرهوني‬
‫‪109‬‬ ‫احترام مبدأ الشرعية الجنائية في زمن الطوارئ الصحية‪..................................................................‬‬
‫الدكتور أنس سعدون‬
‫‪115‬‬ ‫الحاجة الى التقاض ي عن بعد في زمن الجائحة وسؤال املحكمة الرقمية‪............................................‬‬
‫الدكتور شريف الغيام‬
‫‪121‬‬ ‫اتحاد السواعد يبني الوطن وتآزرالقلوب يخفف املحن‪....................................................................‬‬
‫الدكتور سعيد بوطويل‬
‫‪125‬‬ ‫مفهوم األجل القانوني في ضوء املادة ‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الصحية‪.................................................‬‬
‫الدكتور امبا رك جانوي‬

‫‪129‬‬ ‫مدى انطباق مرسوم القانون املتعلق بحالة الطوارئ على مدد التقادم؟‪............................................‬‬
‫الدكتور عبد الرزاق الجباري‬

‫‪139‬‬ ‫الرأي والرأي األخرفي أثرالعفو امللكي على مسارالدعوى العمومية‪.....................................................‬‬


‫األستاذ يوسف قجاج‬

‫‪5‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪145‬‬ ‫قراءة في أحكام حالة الطوارئ الصحية‪...........................................................................................‬‬


‫األستاذ يونس الحاجي‬
‫‪158‬‬ ‫أثرانتشارفيروس كورونا على عالقات الشغل في ضوء مدونة الشغل‪.................................................‬‬
‫الباحث هشام أ وهيا‬

‫‪177‬‬ ‫تأثيرجائحة كورونا على أطراف العالقة الشغلية‪.............................................................................‬‬


‫الباحث إبراهيم سد زاوي‬

‫‪187‬‬ ‫جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خالل فترة الطوارئ الصحية‪..................................‬‬
‫الباحث الحسين بيكاس‬
‫‪202‬‬ ‫فيروس كرونا والكتاب الخامس من مدونة التجارة‪...........................................................................‬‬
‫الباحث الحسين كزاز‬
‫‪210‬‬ ‫املستهلك بين رهان الحماية وهاجس تلبية الحاجة في ظل فيروس كورونا‪............................................‬‬
‫الباحث عبد الهادي رشدي‬
‫‪251‬‬ ‫من أجل مقاربة بيداغوجية إلرساء التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا‪...........................................‬‬
‫األستاذ امبا رك حيروش‬
‫‪274‬‬ ‫حقوق اإلنسان وحالة الطوارئ‪ :‬ما بين التعطيل والتفعيل‪...............................................................‬‬
‫األستاذ يوسف ربحي‬
‫‪288‬‬ ‫الحماية الجنائية من فيروس كرورنا املستجد في التشريع املغربي‪.......................................................‬‬
‫األستاذ فيصل كرما ت‬
‫‪299‬‬ ‫إصابة األجيربفيروس كورونا املستجد‪-‬كفيد‪ - 19‬في ضوء قانون ‪..............................................12.18‬‬
‫الباحث رضوان الفيزازي‬
‫‪314‬‬ ‫تأثيرفيروس كورونا املستجد على العالقات الكرائية السكنية واملهنية‪...............................................‬‬
‫الباحثة هناء بوكطوب‬

‫‪6‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫* افتتاحية للعدد *‬

‫املدير املسؤول‪:‬‬ ‫خاصـ‪ 2‬جبائحة ‪covid19‬‬


‫ذ‪ .‬حممد القا مسي‬ ‫العدد ‪ 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بسم هلل الكريم‪ ،‬وبه نستعني‪ ،‬وبفضله منضي ونغدو يف طريقنا حىت نبلغ مقام اليقني‪ ،‬والصالة‬

‫والسالم على أشرف املرسلني‪ ،‬نهر اهلدى وحبر الندى وعلى آله وصحبه أمجعني‪ ،‬رب اشرح يل صدري ويسر‬

‫يل أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قويل‪...‬‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫تتمة للمسار الذي بدأناه مند سنوات خلت يف جمال النشر العلمي والبحث األكادميي‪ ،‬فمن‬

‫دواعي السرور أن نقص شريط عدد جديد من أعداد جملتنا‪ ،‬لكن؛ وباملقابل‪ ،‬فنفوسنا غامرة بأسف شديد‬

‫وعزاء كبري‪ ،‬وذلك نظرا للظروف واألوضاع التي مير بها العامل بصفة عامة ومغربنا احلبيب على وجه‬

‫التخصيص‪ ،‬ويتمثل سبب احلزن واألسى يف جائحة فريوس كورونا الذي أضحى ذا أثر وخيم علي مجيع‬

‫اجملاالت‪ ،‬على اإلنسان‪ ،‬على الصحة‪ ،‬على التعليم‪ ،‬على االقتصاد‪...،‬اخل‪ ،‬فنظرا ملا خلفه من أثر جسيم‪ ،‬فقد‬

‫تناولته أنامل الباحثني والدارسني وباألخص القانونيني بدراسته ومقاربته مقاربات قانونية عدة‪ ،‬لذلك؛‬

‫ارتأت معه جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية بعدما خصصت امللف اخلاصـ ‪ 1‬لنشر‬

‫املقاالت التي تعاجل هذه الظاهرة‪ ،‬أن ختصص ملف خاصـ ‪ - 2‬كورونا – كويفيد‪ 19‬أي العدد ‪ 18‬ماي ‪2020‬‬

‫لنشر باقي املقاالت التي تهم هذه اجلائحة‪ ،‬آملني أن يرفع اهلل البالء والوباء عن البالد والعباد‪ ،‬آمني‪.‬‬

‫فالعدد الثامن عشر من هذا الصرح غني مبقاالت وأحباث‪ ،‬ألفها دكاترة وباحثني وممارسني يف اجملال‬
‫القانوني والقضائي‪ ،‬ستشكل بال شك إضافة للخزانة القانونية‪ ،‬وتقييما ملدى تأثري هذه املعضلة على‬
‫خمتلف جماالت احلياة داخل الوطن‪.‬‬
‫فالشكر اجلزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد على مناقشة الظاهرة مناقشة قانونية حمكمة‪ ،‬ويف‬
‫انتظار العدد التاسع عشر –خاصـ ‪ 3‬كورونا – كوفيد ‪ 19‬لشهر يونيو ‪ ،2020‬تفضلوا بقبول أمسى عبارات‬

‫التقدير واالحرتام‪ .‬والسالم‪...‬‬

‫حرر بتازارين– اململكة املغربية يف ‪2020/03/28‬‬

‫‪7‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مق االت وأبحاث‬


‫ق انونية وقضائية‬
‫باللغة العربية‬

‫‪8‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور مسري أيت أرجدال‬


‫دكتور يف احلقوق – أستاذ باملعهد‬
‫العالي للقضاء‬

‫حــالة الـطــــوارئ الـصحية‬


‫وسـؤال الـمواطنة الرقمية‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫إن االستعمال املتزايد من طرف املواطنني مبختلف أعمارهم وانتماءاتهم‬


‫واهتماماتهم ملواقع التواصل االجتماعي خالل فرتة احلجر املنزلي املقررة بعد إعالن‬
‫حالة الطوارئ الصحية هو الذي جعلين أتقاسم مع املهتمني هذا املوضوع الذي أضحى‬
‫يشكل واقعا اجتماعيا وثقافيا وحقوقيا يتعني مالمسة أنساقه االفرتاضية والتحسيس‬
‫بآثاره الواقعية‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ال جدال يف أن التغلغل الكبري لشبكة األنرتنيت واالخنراط الالمتناهي للمواطن‬


‫يف تطبيقاتها بشكل جعلها خيارا ال مناص له منها‪ ،‬ساهم بشكل أو بآخر يف رسم‬
‫صورة جديدة ملفهوم املواطنة‪ ،‬بني أفراد ينزوون يف أركان بيوتهم وثنايا حجراتهم‬
‫ويتفاعلون مع غريهم عن بعد‪ ،‬فأصبحت بذلك املواطنة رقمية والتعابري عن التشاركية‬
‫االجتماعية إلكرتونية‪.‬‬

‫وال شك أن غياب الرقابة القبلية واعتماد نسق اجملهول )‪ )Anonyme‬كان‬


‫هلما األثر البليغ يف ممارسة املواطنة الرقمية بشكل الفت و واسع عرب بيئة افرتاضية‬
‫يسعى مستعملوها إىل رصد ومراقبة القيم اجملتمعية والتدابري االحرتازية املعتمدة‬
‫والتعبري عن اهتماماتهم منها وانتقاداتهم هلا وأحيانا عن اقرتاحاتهم يف تنفيذها‪.‬‬

‫وال شك أنه مع إعالن وإقرار حالة الطوارئ الصحية باململكة املغربية‪ ،‬لعبت‬
‫مواقع التواصل االجتماعي دورا كبريا يف قياس درجة املواطنة ومؤشر املنبهات‬
‫السلوكية والثقافية ملستعمليها‪ ،‬حيث إىل جانب جمموعة من مواقع الشبكات‬
‫االجتماعية والوسائط الرقمية والتفاعلية اليت كان هلا الفضل يف نشر قيم املواطنة‪،‬‬
‫رغبة منها يف بلورة مفهوم واعي للمواطن الرقمي ‪ Digital Citizenship‬حسب‬
‫تعبري الفقيه برنسكي‪ ،" Prensky" :‬ظهرت مواقع أخرى ومت استعمال وسائط‬
‫شتى كالواتساب‪ watsapp :‬واليوتوب‪ Youtube :‬وتويرت‪ twitter :‬وفيسبوك‪:‬‬
‫‪ Facebook‬وأنستغرام‪ Instagram :‬وغريها‪ ،‬واعتمدت يف خطابها اليومي على‬

‫‪10‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حمادثات صوتية وملفات وصور وتعليقات وفيديوهات تسيء يف مضمونها إىل‬


‫اجملهودات املبذولة من طرف خمتلف الفاعلني الطبيني واملدنيني والعسكريني‬
‫والسياسيني واإلعالميني لتجاوز هذه األزمة االستثنائية‪ ،‬وهو ما استغلته بعض‬
‫املنابر اإلعالمية األجنبية وعمدت على توظيفه بشكل خيدش صورة املغرب ويعاكس‬
‫تنويه جمموعة من املتتبعني الدوليني ملا حققه من استباقية بتوجيهات سامية‬
‫لصاحب اجلاللة امللك حممد السادس من أجل رصد وتتبع مؤشرات اجلائحة الطارئة‬
‫وحماصرتها من االنتشار‪.‬‬

‫ولعلي أجد نفسي إىل جانب خمتلف املتتبعني بأن هذه السلوكيات تضرب يف‬
‫العمق قيم املواطنة باعتبارها جمموعة من املعايري واملبادى اليت توجه سلوك الفرد‬
‫داخل اجملتمع وجتعله قادرا على ممارسة حقوقه والقيام مبسؤولياته و واجباته‬
‫واملشاركة الفاعلة يف حميطه الواقعي أو االفرتاضي‪.‬‬

‫ولست أعين بذلك احلد من التشاركية الرقمية‪ ،‬ولكن أؤكد بأن جناح رهان‬
‫املواطنة الرقمية رهني بامتالك بيداغوجيا موازية ومهارات معرفية جتعل املواطن‬
‫املغربي الرقمي يساهم يف خلق النقاش العمومي بكل لياقة رقمية وسلوكيات واعية‬
‫تراعي القيم اجملتمعية ومتطلبات الصحة النفسية والبدنية للمستخدمني وفق مبادئ‬
‫علم األرجونوميكس‪ "Ergonimics" :‬الذي ينبين يف عمق منهجه على أساس‬
‫املالءمة الفيزيائية والنفسية بني التكنولوجيا والبشر الذي يتعامل معها‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وألجل ذلك ومحاية لوطننا ال سيما يف ظل هذه املرحلة العصيبة اليت خلقت‬
‫القالقل االجتماعية واالضطرابات النفسية‪ ،‬فإن النفاذ الرقمي يقتضي منا يف مرحلة‬
‫أوىل الوعي باملوضوع ومآالته فيما يتعلق بسؤال االنتماء واهلوية‪ ،‬ويف مرحلة ثانية‬
‫بتوجيه املمارسة الرقمية وذلك باكتساب أساليبها واليت حدد املتخصصون أبرز‬
‫مظاهرها يف ضرورة االنصياع إىل اللياقة الرقمية والقوانني الرقمية‪ ،‬ويف االستعمال‬
‫للتكنولوجيا يف احرتام تام للحقوق واملسؤوليات‪ ،‬مبا يضمن األمن الرقمي والصحة‬
‫الرقمية‪ ،‬وذلك يف أفق بلورة النمذجة والقدوة يف املواطنة الرقمية كمرحلة ثالثة من‬
‫مراحل تنمية الذات الرقمية‪ ،‬واليت ال ميكن بلوغها إال بوعي الفاعل العمومي بأهمية‬
‫تدريس موضوع املواطنة الرقمية يف إطار مناهج الرتبية والتعليم كما هو الشأن يف كل‬
‫من بريطانيا والواليات املتحدة األمريكية وكندا وأسرتاليا‪ ،‬وذلك يف أفق ترويض‬
‫السلوك التكنولوجي بشكل جيعله يتسم بالقبول االجتماعي‪ ،‬ويضمن للمواطن وعيه‬
‫الرقمي‪ ،‬ضدا على العزل االفرتاضي الذي خيتزل كينونته يف بعده املادي دون أدنى‬
‫اهتمام حباجات حميطه والتزام اجتاه غريه‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪12‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتورة أمينة رضوان‬


‫دكتورة يف احلقوق – باحثة يف الشؤون‬
‫القانونية والقضائية‬

‫الــتوجهات الـملكية السامية‬


‫لـمواجهة جـائحة كـورونا‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تعترب جائحة كورونا آفة كونية خطرية أودت بأرواح اآلالف من األشخاص يف‬
‫العامل‪ ،‬وجتنّدت هلا خمتلف الدول‪ ،‬وضاق مرارتها مجيع األجناس‪ ،‬ومن أجل‬
‫مواجهتها واحلد منها اجتهد العلماء من أجل إجياد دواء للشفاء منها‪ ،‬وباملوازاة مع‬
‫ذلك اختذت دول العامل تدابري فورية للحد من تفشي الوباء بني األفراد‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ويف إطار التدابري الوقائية ملواجهة جائحة كورونا كان املغرب كسائر بلدان‬
‫العامل سبّاقا الختاذ تدابري احرتازية للحد من هاته الظاهرة الكونية املخيفة‪ ،‬وهكذا‬
‫ترأس جاللة امللك حممد السادس نصره اهلل وأيده‪ ،‬جلسات عمل خصصت لتتبع تدبري‬
‫انتشار وباء فريوس "كورونا" ببالدنا ومواصلة اختاذ مزيد من اإلجراءات ملواجهة أي‬
‫تطور‪ ،‬وفق ما ذكرته بالغات للديوان امللكي‪ ،‬وقد عمل جاللته على تتبع تطورات هذا‬
‫الوباء منذ بداية انتشاره على الصعيد العاملي‪ ،‬ومباشرة بعد ظهور احلاالت األوىل على‬
‫الرتاب الوطين أصدر جاللة امللك‪ ،‬حفظه اهلل وأيده‪ ،‬القائد األعلى ورئيس أركان‬
‫احلرب العامة للقوات املسلحة امللكية‪ ،‬تعليماته السامية للمفتش العام للقوات‬
‫املسلحة امللكية‪ ،‬من أجل وضع املراكز الطبية اجملهزة‪ ،‬اليت سبق جلاللته أن أمر‬
‫بإحداثها هلذا الغرض‪ ،‬مبختلف جهات اململكة‪ ،‬رهن إشارة املنظومة الصحية بكل‬
‫مكوناتها‪ .‬كما أعطى أوامره السامية لتقوية الطاقة السريرية لإلنعاش واملقدرة‬
‫ب‪ 1640‬سرير إىل حوالي ‪ 3000‬سرير‪ ،‬وأمر جاللته األطباء العسكريني بالعمل‬
‫سويا مع نظرائهم املدنيني يف عمليات مكافحة فريوس كورونا‪ .‬كما أمر بإغالق اجملال‬
‫اجلوي والبحري املغربي أمام املسافرين‪ ،‬وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية‬
‫والثقافية والفنية‪ ،‬وإحداث صندوق خاص بتدبري جائحة فريوس كورونا "كوفيد‬
‫‪ ،"19‬وتوقيف الدراسة باملدارس واجلامعات‪ ،‬واإلغالق املؤقت للمساجد‪ ،‬وتعليق‬
‫اجللسات مبختلف حماكم اململكة‪ ،‬إضافة إىل جمموعة من اإلجراءات اليت بادرت‬
‫القطاعات املعنية الختاذها‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ومن أجل احلرص على تطبيق هاته التدابري على الوجه السليم أمر جاللته‬
‫(‪)1‬‬
‫بإنزال وحدات اجليش لفرض احرتام حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬

‫فما هي التدابري الفورية اليت اختذتها خمتلف الوزارات والقطاعات ملواجهة‬


‫جائحة كورونا بناء على التوجهات امللكية السامية؟‬

‫ذلك ما سنحاول مقاربته من خالل جرد هاته االجراءات والتدابري يف خمتلف‬


‫الوزارات والقطاعات واملؤسسات املعنية‪ ،‬سواء أكانت أمنية أوتعليمية أواجتماعية‬
‫أوقانونية أوغريها‪:‬‬

‫على املستوى التعليمي‪:‬‬

‫يف ظل ما بات يعرف ب"جائحة كورونا القاتلة" أمر امللك حممد السادس نصره‬
‫اهلل وأيده بإجالء مائة مواطن معظمهم من الطالب‪ ،‬من مدينة ووهان الصينية اليت‬
‫توصف بأنها بؤرة تفشي فريوس كورونا املستجد‪ ،‬واختاذ اإلجراءات الالزمة على‬
‫مستوى املطارات واملوانئ ملنع تفشي هذا املرض يف اململكة‪.‬‬

‫وبتاريخ اجلمعة ‪ 13‬مارس ‪ 2020‬أعلنت وزارة الرتبية الوطنية والتكوين‬


‫املهين والتعليم العالي والبحث العلمي يف بالغ هلا توقيف الدراسة يف املغرب‪،‬‬
‫كإجراء وقائي يسعى إىل محاية صحة التلميذات والتالميذ واملتدربات واملتدربني‬
‫والطالبات والطلبة‪ ،‬واألطر اإلدارية والرتبوية العاملة بهذه املؤسسات ومجيع‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.goud.ma... https://www.hespress... https://www.skynewsarabia.com/middle-‬‬

‫‪15‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املواطنني‪ ،‬من تفشي "فريوس كورونا" (كوفيد ‪ )19‬خاصة بعد أن صنفته منظمة‬
‫الصحة العاملية بأنه "جائحة عاملية"‪ ،‬ويهم توقيف الدراسة مجيع األقسام والفصول‬
‫انطالقا من يوم االثنني ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬حتى إشعار آخر‪ ،‬مبا يف ذلك رياض األطفال‬
‫ومجيع املؤسسات التعليمية ومؤسسات التكوين املهين واملؤسسات اجلامعية التابعة‬
‫لوزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬سواء منها‬
‫العمومية أو اخلصوصية‪ ،‬ومؤسسات تكوين األطر غري التابعة للجامعة واملدارس‪،‬‬
‫ومراكز اللغات التابعة للبعثات األجنبية‪ ،‬ومراكز اللغات‪ ،‬ومراكز الدعم الرتبوي‬
‫اخلصوصية‪.‬‬

‫واستطرد البالغ أن األمر ال يتعلق بتاتا بإقرار عطلة مدرسية استثنائية‪ ،‬اعتبارا‬
‫لكون الدروس احلضورية ستعوض بدروس عن بعد تسمح للتالميذ والطلبة واملتدربني‬
‫باملكوث يف منازهلم ومتابعة دراستهم عن بعد‪.‬‬

‫وأضاف البالغ أنه مساهمة يف مواجهة هذا الوضع االستثنائي‪ ،‬فإن األطر‬
‫الرتبوية واإلدارية مدعوة إىل االخنراط بشكل فعال ومكثف يف مجيع التدابري اليت‬
‫سيتم اختاذها من أجل ضمان االستمرارية البيداغوجية عن طريق كل ما ميكن توفريه‬
‫من موارد رقمية ومسعية بصرية وحقائب بيداغوجية الزمة لتوفري التعليم والتكوين‬
‫عن بعد بغية متكني املتعلمات واملتعلمني من االستمرار يف التحصيل الدراسي‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبذلك يظهر مدى اخنراط وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم‬
‫العالي والبحث العلمي يف التعامل مع ظاهرة وباء كورونا عن طريق وقف الدراسة‬
‫تفاديا للعدوى بني صفوف التالميذ والطلبة واملتدربني يف خمتلف التخصصات‪ ،‬مقررة‬
‫أن األمر ال يتعلق بعطلة استثنائية‪ ،‬وأنه جيب متابعة الدراسة عن بعد‪ ،‬داعية من‬
‫خالل بالغ آخر هلا استثنائي بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 2020‬معنون ب"تدبري استثنائي‬
‫للمؤسسات التعليمية خالل فرتة توقيف الدروس احلضورية" إىل حث مجيع األطر‬
‫االدارية والرتبوية إىل االخنراط يف الربنامج الرتبوي للتدريس عن بعد‪ ،‬والذي متت‬
‫تسميته ب"املداومة الرتبوية" بغية إجناز املساهمة يف إنتاج املضامني الرقمية‬
‫والدروس املصورة‪ ،‬وأخذ املبادرة من أجل اقرتاح بدائل أخرى مبتكرة تضمن التحصيل‬
‫الدراسي للتلميذات والتالميذ‪ ،‬وتتبع عملية سري التعليم عن بعد والتواصل‬
‫االلكرتوني مع التالميذ كلما دعت الضرورة اىل ذلك‪ ،‬وعقد اجتماعات تربوية من أجل‬
‫التحضري لعملية "الدعم الرتبوي" اليت سيتم إعطاء انطالقتها مباشرة بعد استئناف‬
‫الدراسة واالعداد اجليد ملختلف العمليات الرتبوية املربجمة يف ما تبقى من املوسم‬
‫الدراسي احلالي‪.‬‬

‫وباعتبار الوضع احلالي الذي ميرّ منه املغرب كباقي دول العامل نتيجة تفشي‬
‫جائحة كورونا فقد ساهمت شركات االتصال الثالثة‪ ،‬اتصاالت املغرب وأرونج‬
‫وإنووي‪ ،‬يف إطالق شبكاتها بصفة جمانية ومؤقتة من أجل الولوج إىل املنصّات املتعلقة‬
‫بالتعليم أوالتكوين عن بعد‪ ،‬حسبما هو ثابت من بالغ مشرتك لوزارة الرتبية الوطنية‬

‫‪17‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫والتكوين املهين والتعليم العالي البحث العلمي ووزراة الصناعة والتجارة واالقتصاد‬
‫األخضر والرقمي‪.‬‬

‫هي إذن بادرة إنسانية حتسب هلاته الشركات إلتاحة الفرصة لألطفال والطلبة‬
‫ومن يف حكمهم للتعليم عن بهد يف زمن الكورونا‪.‬‬

‫على املستوى القانوين‪:‬‬

‫صدر بالغ مشرتك بني وزارة العدل واحلريات واجمللس األعلى للسلطة القضائية‬
‫ورئاسة النيابة العامة‪ ،‬مفاده‪ :‬تعليق انعقاد اجللسات مبختلف حماكم اململكة ابتداء‬
‫من يوم الثالثاء ‪ 17‬مارس ‪ 2020‬إىل إشعار آخر اململكة باستثناء اجللسات املتعلقة‬
‫بالبت يف قضايا املعتقلني‪ ،‬واجللسات املتعلقة بالبت يف القضايا االستعجالية‪ ،‬وقضاء‬
‫التحقيق‪ ،‬وذلك يف إطار التدابري الوقائية الرامية إىل احلد من تفشي و انتشار وباء‬
‫كورونا املستجد ( كوفيد‪ ،)19‬وحرصا على سالمة كل العاملني مبحاكم اململكة‪ ،‬قضاة‬
‫وموظفني ومساعدي القضاء‪ ،‬وكذا املتقاضني واملرتفقني‪ ،.‬ويأتي البالغ انسجاما مع‬
‫التدابري اليت مت اإلعالن عنها من طرف احلكومة حملاصرة هذا وباء كورونا ومنع‬
‫انتشاره‪ ،‬ومن منطلق احلرص على ضمان األمن الصحي داخل احملاكم‪.‬‬

‫كما صدر مرسوم بقانون (‪ )2‬والذي ينص يف مادته السادسة على أن مجيع اآلجال‬
‫املنصوص عليها يف النصوص التشريعية‪ ،‬سواء يف قوانني الشكل أو قوانني املوضوع‪،‬‬

‫‪ 2‬صدر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية‬
‫وإجراءات اإلعالن عنها‬

‫‪18‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وكذا النصوص التنظيمية‪ ،‬سيتوقف احتسابها‪ ،‬وسيستمر هذا التوقف طيلة فرتة‬
‫حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها‪ ،‬وإىل غاية اإلعالن الرمسي عن رفع هذه احلالة‪،‬‬
‫حيث سيستأنف احتساب األجل ابتداء من اليوم املوالي لرفع احلالة املذكورة‪.‬‬

‫ومبوجب الفقرة الثانية من هذه املادة‪ ،‬فإن آجال الطعن باالستئناف اخلاصة‬
‫بالقضايا املتابع فيها أشخاص يف حالة اعتقال‪ ،‬وكذا مدد احلراسة النظرية ومدد‬
‫االعتقال االحتياطي املنصوص عليها يف قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬لن يتوقف احتسابها‬
‫خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وستبقى مستثناة من مقتضى الوقف املنصوص‬
‫عليه يف الفقرة األوىل‪.‬‬

‫ودائما يف إطار احلد من العدوى بسبب تفشي وباء كورونا القاتل فان السيد‬
‫الرئيس املنتدب للسلطة القضائية أصدر يوم ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬مذكرة عدد ‪1/151‬‬
‫واليت وجهها إىل كافة املسؤولني القضائيني مبختلف حماكم اململكة من أجل اختاذ‬
‫جمموعة من التدابري واالحتياطات الالزمة للحد من انتشار وباء كورونا املستجد‪ ،‬كما‬
‫وجه يوم ‪ 23‬مارس ‪ 2020‬مذكرة عدد ‪ 3/13‬واليت ناشد فيها املسؤولني القضائيني‬
‫ورؤساء اهليئات الفضائية مبختلف احملاكم اليت ختتص بالبت يف قضايا اجلنح‬
‫واجلنايات أو قضايا التحقيق أن تعمل ما بوسعها لتفادي إحضار املعتقلني إىل قاعات‬
‫اجللسات‪ ،‬وأالّ يكون ذلك إال عند الضرورة القصوى‪ ،‬مراعاة لظروف وامكانيات‬
‫االدارة العامة للسجون وإعادة االدماج اليت يتحتم عليها بذل املزيد من اجملهودات‬

‫‪19‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫للحفاظ على سالمة وصحة مجيع نزالء املؤسسات السجنية‪ ،‬و هو ما يفرض اختاذ ما‬
‫أمكن من االحتياط عند خروج بعضهم حلضور اجللسات املخصصة هلم ‪ ،‬وممّا جاء يف‬
‫املذكرة أيضا البت يف تأخري امللفات دون إحضار املعتقلني وتأخري ملفات اجلنايات إىل‬
‫حني انتهاء احلجر الصحي واحتاذ االجراءات الالزمة ملنع اتصال املعتقلني بالغري يف‬
‫احملاكم‪.‬‬

‫ويف نفس السياق صدر بالغ عن رئاسة النيابة العامة مؤرخ يف ‪ 17‬مارس ‪2020‬‬
‫يعلن فيه الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة أن تعليمات صارمة أعطيت‬
‫للنيابات العامة لدى حماكم اململكة من أجل متابعة كل من يروج أخبارا زائفة ذات‬
‫عالقة مبوضوع فريوس كورونا‪ ،‬من شأنها إثارة الفزع بني الناس أو املساس بالنظام‬
‫العام‪.‬‬

‫على املستوى االجتماعي‬

‫بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬أعلنت وزارة الداخلية أنه تقرر إغالق املقاهي‪،‬‬


‫واملطاعم‪ ،‬والقاعات السينمائية‪ ،‬واملسارح‪ ،‬وقاعات احلفالت‪ ،‬واألندية والقاعات‬
‫الرياضية‪ ،‬واحلمامات‪ ،‬وقاعات األلعاب ومالعب القرب‪ ،‬يف وجه العموم‪ ،‬وحتى‬
‫إشعار آخر‪ ،‬انطالقا من اليوم االثنني‪ ،‬على الساعة السادسة مساء‪ ،‬وذلك يف إطار‬
‫التدابري واإلجراءات االحرتازية املتخذة للتصدي خلطر تفشي وباء كورونا املستجد‬

‫‪20‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫باململكة‪ ،‬ومن منطلق املسؤولية واحلرص على ضمان األمن الصحي للمواطنات‬
‫واملواطنني‪.‬‬

‫مع االشارة إىل أن هذا اإلجراء ال يشمل األسواق واملتاجر وحمالت عرض وبيع‬
‫املواد واملنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنني واملطاعم اليت توفر خدمة‬
‫توصيل الطلبات للمنازل‪ ،‬مؤكدة احلرص على ضمان التموين املستمر واملنتظم للسوق‬
‫الوطنية باملواد التموينية األساسية وعدم املساس مبسالك التوزيع وتأمني توفر العرض‬
‫الكايف من هذه املواد مبختلف نقاط البيع ومبجموع أسواق اململكة‪.‬‬

‫ويأتي البالغ يف إطار التدابري واالجراءات االحرتازية املتخذة حملاصرة هذا‬


‫الوباء‪ ،‬ومن منطلق املسؤولية واحلرص على ضمان األمن الصحي للمواطنات واملواطنني‪.‬‬

‫كما سنّ املشرع املغربي قانون حالة الطوارئ الصحية مبوجب مرسوم بقانون رقم‬
‫‪ 2.20.292‬صادر يف ‪ 28‬من رجب ‪ 23( 1441‬مارس ‪ )2020‬يتعلق بسن أحكام‬
‫خاصة حبالة الطوارئ الصحية واالجراءات االعالن عنها‪ ،‬ومرسوم رقم ‪2.20.293‬‬
‫صادر يف ‪ 29‬من رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ )2020‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية‬
‫بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا كوفيد ‪ )3(19‬اللذين جاءا‬
‫مبجموعة من االجراءات جنملها يف اآلتي‪:‬‬

‫‪ 3‬مرسومين منشورين بالجريدة الرسمية‪ ،‬السنة التاسعة بعد المائة‪ ،‬العدد ‪ 6867‬مكرر‪ 29 ،‬من رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪)2020‬‬
‫الصفحة ‪.1783_1782‬‬

‫‪21‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬إن حالة الطوارئ الصحية مفروضة على صعيد الرتاب الوطين نظرا‬
‫لتهديد وباء كورونا حياة األشخاص و سالمتهم‪،‬‬

‫‪ -‬مت حتديد فرتة زمنية حلالة الطوارئ الصحية تبتدأ من ‪2020/03/20‬‬


‫وتنتهي يف ‪ 2020/04/20‬مع إمكانية متديد مدة سريان مفعوهلا‪،‬‬

‫‪ -‬ال حتول التدابري املتخذة من طرف احلكومة خالل فرتة الطوارئ‬


‫الصحية من ضمان استمرارية املرافق العمومية احليوية وتأمني‬
‫اخلدمات للمرتفقني‪،‬‬

‫‪ -‬يتعني على األفراد التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات‬


‫العمومية‪،‬‬

‫‪ -‬خوّل قانون الطوارئ الصحي للسلطات العمومية اختاذ التدابري‬


‫التالية‪ :‬عدم مغادرة األشخاص حملل سكناهم‪ ،‬منع أي تنقل لكل‬
‫شخص خارج حمل سكناه إال يف احلاالت الضرورية القصوى‬
‫واحملصورة يف الفقرة باء من املادة الثانية من املرسوم رقم ‪2.20.293‬‬
‫الصادر يف ‪ 29‬من رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ )2020‬املتعلق بإعالن حالة‬
‫الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس‬
‫كورونا كوفيد ‪ ،19‬منع التجمعات والتجمهرات واالجتماعات‬

‫‪22‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫لألشخاص إال إذا كانت لغرض مهين و روعيت فيها تدابري الوقاية‪،‬‬
‫إغالق احملالت التجارية ومن يف حكمها اليت تستقبل العموم‪.‬‬

‫‪ -‬ميكن للحكومة يف حالة الضرورة القصوى أن تتخذ بصفة استثنائية أي‬


‫إجراء ذي طابع اقتصادي أومالي أواجتماعي أوبيئي يكتسي صبغة‬
‫استعجالية يكون من شأنه االسهام مباشرة يف مواجهة اآلثار السلبية‬
‫املرتتبة عن إعالن حالة الطوارئ‪.‬‬

‫وقد نص هذين املرسومني على جمموعة عقوبات يف حق املخالفني هلذا القانون‪،‬‬


‫تكمن يف معاقبة املخالفني لألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية باحلبس‬
‫من شهر إىل ثالثة أشهر و بغرامة بني ‪ 300‬و‪ 1300‬درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني‬
‫دون االخالل بالعقوبة اجلناية األشد‪ ،‬كما يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ‬
‫قرارات السلطات العمومية املتخذة عن طريق العنف أوالتهديد أوالتدليس أواالكراه‪،‬‬
‫ويعاقب أيضا كل من قام بتحريض الغري على خمالفة هاته القرارات بواسطة اخلطب‬
‫أوالصياح أوالتهديدات املفوّه بها يف األماكن أواالجتماعات العمومية‪ ،‬أوبواسطة‬
‫املكتوبات أواملطبوعات أوالصور أواألشرطة املبيعة أواملوزعة أواملعروضة يف األماكن‬
‫أواالجتماعات العمومية‪ ،‬أوبواسطة امللصقات املعروضة على أنظار العموم أوبواسطة‬
‫خمتلف وسائل االعالم السمعية البصرية أوااللكرتونية وأي وسيلة أخرى‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫على املستوى االقتصادي‪:‬‬

‫أعلنت احلكومة املغربية عن إنشاء جلنة يقظة لتتبع وحتديد االجراءات الالزمة‬
‫ملواكبة التأثريات احملتملة على االقتصاد املغربي‪ ،‬وبذلك أعلنت وزارة االقتصاد‬
‫واملالية وإصالح اإلدارة املغربية‪ ،‬عن تشكيل جلنة اليقظة االقتصادية‪ ،‬واليت تضم كل‬
‫من‪ :‬وزارة الداخلية‪ ،‬وزارة الشؤون اخلارجية والتعاون اإلفريقي واملغاربة املقيمني‬
‫باخلارج‪ ،‬وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية واملياه والغابات‪ ،‬وزارة‬
‫الصحة‪ ،‬وزارة الصناعة والتجارة واالقتصاد األخضر والرقمي‪ ،‬وزارة السياحة‬
‫والصناعة التقليدية والنقل اجلوي واالقتصاد االجتماعي‪ ،‬وزارة الشغل واإلدماج‬
‫املهين‪ ،‬بنك املغرب‪ ،‬اجملموعة املهنية لبنوك املغرب‪ ،‬االحتاد العام ملقاوالت‬
‫املغرب‪ ،‬جامعة الغرف املغربية للتجارة والصناعة واخلدمات وجامعة غرف الصناعة‬
‫التقليدية‪.‬‬

‫وقد شرعت جلنة اليقظة االقتصادية (‪ )CVE‬يف عقد اجتماعها الثاني يوم‬
‫اخلميس ‪ 19‬مارس ‪ 2020‬مبقر وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬حيث أعطت‬
‫األولوية خالل هذا االجتماع للجانب االجتماعي الذي يهم األجراء الذين توقفوا عن‬
‫العمل‪ ،‬وكذلك الختاذ تدابري لفائدة املقاوالت األكثر تضررا من األزمة‪ ،‬وأيضا لتحديد‬
‫جمموعة تدابري على املستوى اجلبائي‪ .‬ومت اختاذ جمموعة من اإلجراءات لفائدة‬
‫االجراء واملقاوالت اليت ستظل سارية املفعول حتى نهاية يونيو ‪.2020‬‬

‫‪24‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وتتجلى هاته التدابري و االجراءات يف‪:‬‬

‫تدابري لفائدة األجراء واملشغلني‪:‬‬

‫سيستفيد مجيع األجراء املص ّرح بهم لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي‬
‫املتوقفون عن العمل من طرف مقاولة يف وضعية صعبة‪ ،‬من تعويض قدره ‪ 1000‬درهم‬
‫خالل شهر مارس ‪ ،2020‬وتعويض قدره ‪ 2000‬درهم خالل أشهر أبريل وماي‬
‫ويونيو ‪ ،2020‬باإلضافة إىل التعويضات العائلية وتلك املتعلقة بالتأمني االجباري عن‬
‫املرض (‪.) AMO‬‬

‫سيتمكن هؤالء األجراء أيضًا من االستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية‬


‫(قروض االستهالك وقروض السكن) إىل غاية ‪ 30‬يونيو ‪.2020‬‬

‫إختاذ تدابري لفائدة املقاوالت واملقاوالت املتوسطة والصغرى واملقاوالت املتوسطة‬


‫والصغرية جدا واملهن احلرة اليت تواجه صعوبات‪.‬‬

‫تعليق أداء املساهمات االجتماعية إىل غاية ‪ 30‬يونيو ‪.2020‬‬

‫تأجيل سداد القروض البنكية وتلك املتعلقة بقروض اإلجيار (‪ )leasings‬حتى‬


‫‪ 30‬يونيو بدون أداء رسوم أو غرامات‪.‬‬

‫تفعيل خط إضايف للقروض متنحها البنوك ويضمنها الصندوق املركزي للضمان‬


‫‪.CCG‬‬

‫‪25‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫التدابري الضريبية‬

‫ميكن للمقاوالت اليت يقل رقم معامالتها للسنة املالية ‪ 2019‬عن ‪ 20‬مليون‬
‫درهم‪ ،‬االستفادة من تأجيل وضع التصرحيات الضريبية حتى ‪ 30‬يونيو ‪ 2020‬إذا‬
‫رغبت يف ذلك‪،‬‬

‫تعليق املراقبة الضريبية واالشعار لغري احلائز (‪ )ATD‬حتى ‪ 30‬يونيو‬


‫‪ .)13(2020‬أنظر‪https://ahdath.info/562524 :‬‬

‫ويف اجتماع ثالث للجنة اليقظة االقتصادية يوم اجلمعة ‪ 27‬مارس ‪2020‬‬
‫أصدرت اللجنة املذكورة بالغا يهم عملية الدعم املؤقت لألسر العاملة يف القطاع غري‬
‫املهيكل‪ ،‬وهي األسر غري املسجلة يف الصندوق الوطين للضمان االجتماعي واملتضررة‬
‫من جائحة كورونا‪ ،‬و أن هذه االستفادة ستكون على مرحلتني‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬املرحلة األوىل‪ :‬تهم األسر اليت تستفيد من خدمة "راميد" وتعمل يف‬
‫القطاع غري املهيكل‪ ،‬وأصبحت ال تتوفر على مدخول يومي إثر احلجر‬
‫الصحي‪ ،‬حيث إن هذه األسر يُمكنها االستفادة من مساعدة مالية‬
‫متكنها من املعيش‪ ،‬واليت ستُمنح من موارد صندوق حماربة جائحة‬
‫"كورونا"‪ ،‬الذي أنشئ تبعًا لتعليمات امللك حممد السادس‪.‬‬

‫وحتدد هذه املساعدة املالية على النحو التالي‪:‬‬

‫أولًا‪ 800 :‬درهم لألسرة املكونة من فردين أو أقل‪،‬‬

‫‪26‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ثانيًا‪ 1000 :‬درهم لألسرة املكونة من ثالثة إىل أربعة أفراد‪،‬‬

‫ثالثًا‪ 1200 :‬درهم لألسرة اليت يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص‪،‬‬

‫وجيب على رب األسرة الذي يستفيد من خدمة "راميد" إرسال رقم بطاقة‬
‫"راميد" اخلاصة به عن طريق رسالة قصرية من هاتفه احملمول إىل الرقم‪.1212 :‬‬

‫وستُقبل بطاقات "راميد" اليت كانت صاحلة يف ‪ 31‬دجنرب ‪ ،2019‬وميكن اإلدالء‬


‫بالتصرحيات ابتداءً من االثنني ‪ 30‬مارس‪ ،‬على أن تُوزع املساعدات تدرجييًا ابتداء‬
‫من االثنني ‪ 6‬أبريل ‪ ،2020‬من أجل احرتام اإلجراءات الوقائية اليت ُتمليها‬
‫اجلائحة‪.‬‬

‫‪ -‬املرحلة الثانية‪ :‬تهم األسر اليت ال تستفيد من خدمة "راميد"‪ ،‬واليت‬


‫تعمل يف القطاع غري املهيكل‪ ،‬واليت توقفت عن العمل بسبب احلجر‬
‫الصحي‪ ،‬إذ ستُمنح هلا املبالغ املذكورة نفسها سابقًا‪ ،‬على أن تُطلق‬
‫منصة إلكرتونية خمصصة لوضع التصرحيات يف األيام املقبلة(‪. )4‬‬

‫وإذا قاربنا ما جاء به االجتماع الثاني الذي همّ اجلانب االجتماعي لألجراء‪،‬‬
‫نالحظ أنه مل خيرج عن روح نظام الضمان االجتماعي عندما قرر منح تعويض شهري‬
‫ثابت وصايف وتعويضات عائلية وتعويضات متعلقة بالتأمني االجباري عن املرض‬
‫جلميع األجراء املصرح بهم لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي واملتوقفون عن‬

‫‪4‬‬
‫‪https://www.hespress.com/economie/465217.html‬‬

‫‪27‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫العمل من طرف مقاولة يف وضعية صعبة‪ .‬كما أنه راعى الظروف الصعبة اليت قد تكون‬
‫متر منها مقاولة من املقاوالت عندما قرّر اختاذ تدابري لفائدة املقاوالت املتوسطة‬
‫والصغرى والصغرية جدا واملهن احلرة‪ .‬ومراعاة ملا مترّ منه عجلة االقتصاد ليس‬
‫الوطين فحسب بل العاملي بسبب فريوس كورونا‪ ،‬فقد أحسنت جلنة اليقظة‬
‫االقتصادية خالل اجتماعها الثالث عندما اختذت قرارا من األهمية مبكان باستفادة‬
‫أجراء القطاع غري املهيكل املتوفرين على بطاقة املساعدة الطبية "راميد"‪ ،‬يف انتظار ما‬
‫ستسفر عنه اجتماعاتها املقبلة إلدراج حتى األسر املعوزة اليت ال تتوفر على مثل‬
‫هاته البطائق من أجل االستفادة من املساعدات املالية‪.‬‬

‫وجتدر االشارة إىل أن التعويضات اليت سيمنحها الصندوق الوطين للضمان‬


‫االجتماعي لألجراء الذين توقفوا عن الشغل نتيجة مرور مقاوالتهم بظروف صعبة‬
‫نتيجة جائحة فريوس كورونا‪ ،‬خيتلف متاما عن التعويضات اليت مينحها ذات‬
‫الصندوق لألجراء عند فقدهم لشغلهم‪ ،‬فالتعويض األخري خيوّل للمؤمن له الذي‬
‫يكون فقد شغله بكيفية ال إرادية‪ ،‬والذي جيب عليه أن يثبت توفّره على فرتة‬
‫للتأمني بنظام الضمان االجتماعي ال تقل عن ‪ 780‬يوما خالل السنوات الثالث السابقة‬
‫لتاريخ فقدان الشغل‪ ،‬منها ‪ 260‬يوما خالل اإلثين عشر شهرا السابقة هلذا التاريخ‪،‬‬
‫كما يتعني عليه أن يكون مسجّال كطالب للشغل لدى الوكالة الوطنية إلنعاش التشغيل‬
‫والكفاءات‪ ،‬وأن يكون قادرا على العمل‪ ،‬وعندها مينح التعويض عن فقدان الشغل ملدة‬
‫ستة أشهر تبتدئ من اليوم املوالي لتاريخ فقدان الشغل‪ ،‬وميكن للمؤمن له أن يستفيد‬

‫‪28‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫من جديد من التعويض املذكور متى استوفى هاته الشروط‪ .‬ويساوي مقدار التعويض‬
‫عن فقدان الشغل ‪ %70‬من األجر الشهري املتوسط املصرح به لفائدة األجري خالل‬
‫الستة وثالثني شهرا األخرية اليت تسبق تاريخ فقدان الشغل‪ ،‬دون أن يتجاوز هذا‬
‫املقدار احلد األدنى القانوني لألجر‪ ،‬وجيب إيداع طلب التعويض عن فقدان الشغل‬
‫لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي‪ ،‬حتت طائلة سقوط احلق‪ ،‬داخل أجل‬
‫الستني يوما لليوم األول من فقدان الشغل‪ ،‬ماعدا يف حالة قوة قاهرة (‪. )5‬‬

‫كما أصدرت وزارة الصناعة واالستثمار والتجارة و االقتصاد الرقمي إخبار رقم‬
‫‪ 267/20‬موجه اىل التجار واملهنيني بشان اغالق حمالت بيع املواد الغذائية‬
‫واملساحات الكربى غريها على متم الساعة السادسة مساء من كل يوم حيث يدخل‬
‫هذا االجراء حيز التنفيذ انطالقا من يوم االجد ‪ 22‬مارس ‪.2020‬‬

‫ويف بالغ لوزارة الداخلية تقرر ابتداء من منتصف ليلة ‪ 21‬مارس ‪ 2020‬منع‬
‫استعمال وسائل التنقل اخلاصة والعمومية بني املدن‪ ،‬وأن هذا املنع ال يشمل حركة‬
‫نقل البضائع واملواد االساسية اليت تتم يف ظروف عادية وانسانية مبا يضمن تزويد‬
‫املواطنني جبميع حاجياتهم اليومية‪ ،‬كما أن املنع ال يشمل التنقالت ألسباب صحية و‬
‫مهنية املثبتة بالوثائق املسلمة من طرف االدارات و املؤسسات‪.‬‬

‫وبهذا نقف على جمموعة التدابري االحرتازية اليت اختذها املغرب بناء على‬
‫التوجهات امللكية السامية للحد من تفشي فريوس كورونا املستجد‪ ،‬واليت أبانت كلها‬
‫‪ 5‬أنظر‪ :‬الفصل ‪ 46‬مكرر و مايليه من نظام الضمان االجتماعي‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫عن يقظة املغرب وسياسته االستباقية للتصدي هلذا الوباء‪ ،‬باختاذ جمموعة إجراءات‬
‫مهمة على خمتلف األصعدة واجملاالت توقيا لتفشي وباء يصنف عامليا بأنه "قاتل"‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪30‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ املختار العيادي‬


‫بـاحث يف العلوم اجلنائية‬

‫‪1‬‬
‫‪6‬‬ ‫احلجر الصحي للمصابني بأمراض معدية‬
‫يف سياق مكافحة جائحة كورونا املستجد‬
‫اإلطار القانوني ‪ -‬اإلسرتاتيجية الوطنية ملكافحة اجلائحة ‪ -‬عالقة التدابري املتخذة مبنظومة حقوق‬
‫اإلنسان ‪ -‬دراسة مقارنة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يف غمرة الصراع املتسارع مع فريوس كورونا " كوفيد ‪ " 19‬الذي ظهر مؤخرا يف‬
‫الصني وأصبح يثري انتشاره رعباً عاملياً وتعددت القصص املأساوية لضحاياه وذويهم مما‬
‫أرعب السلطات الصينية يف حماولة منها حملاصرة هذا الفريوس‪ .‬وقد ارتفعت حصيلة‬
‫الوفيات النامجة عن فريوس كورونا يف الصني القاريّة إىل ‪ 3163‬حالة كما بلغ عدد‬
‫املصابني بالفريوس يف عموم أحناء الصني ‪ 81470‬مصاب‪.‬‬

‫إنسان آخر أو حيوا ٍن ما‪ ،‬وغالبًا ما تحدث العدوى عن طريق الفيروسات أو‬
‫ٍ‬ ‫‪ - 6‬ويطلق عليها ذلك االمراض السارية وهي األمراض التي تنتقل إلى اإلنسان من‬
‫البكتيريا الهوائية ‪ ،‬أو عن طريق الدم أو سوائل الجسم األخرى ‪ ،‬ويستخدم مصطلح األمراض المعدية أيضًا لإلشارة إلى هذه األمراض ‪.‬‬

‫‪31‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وقد انتقت عدوى هذا الفريوس إىل دول أخرى ففي اليابان أعلنت السلطات‬
‫اليابانية عن وفاة شخصني مسنني أصيبا بفريوس كورونا أثناء وجودهما على منت‬
‫السفينة السياحية "داميوند برينسيس" اليت ختضع حلجر صحّي يف ميناء يوكوهاما‬
‫بسبب تفشّي الوباء فيها وهما أول شخصني يفارقان احلياة من أصل أكثر من ‪ 600‬شخص‬
‫انتقلت إليهم العدوى على منت السفينة املوبوءة ليصل إمجالي عدد املصابني على متنها‬
‫إىل‪.621.‬شخصاً‪.‬‬
‫هذا الرعب دفع السلطات الصينية إىل عزل مدن بأكملها عن العامل اخلارجي‬
‫حيث مت إىل حدود الساعة عزل عشر مدن واقعة مبحيط مركز انتشار الفريوس بل وصل‬
‫األمر إىل احتجاز املصابني أو املشتبه بإصابتهم بالفريوس واقتيادهم عنوة إىل أماكن‬
‫احلجر الصحي لتطويق انتشاره‪ .‬سكان هوبي يتعرضون للتمييز"‪...‬هكذا شكا أحد سكان‬
‫إقليم هوبي ‪ -‬الذي يسكنه قرابة ‪ 56‬مليون شخص‪ -‬والذي فرضت عليه احلكومة‬
‫الصينية حجرا صحيا‪ ،‬بعد تفشي فريوس كورونا اجلديد يف مدينة "ووهان" التابعة‬
‫لإلقليم‪.‬وقد مت إغالق املدن‪،‬وتوقفت حركة النقل داخل اإلقليم وخارجه‪ ،‬وأغلقت‬
‫املدارس‪،‬ومت تعليق االحتفاالت التقليدية بالعام القمري اجلديد‪ ،‬وأنشأت السلطات‬
‫مراكز عزل ملراقبة األشخاص الذين كانوا على اتصال مع حاملي الفريوس‪ .‬وقال تشونغ‬
‫نانشان ‪ -‬وهو مسؤول باللجنة الوطنية للصحة يف الصني‪ -‬إن الطريقة األكثر فاعلية‬
‫لوقف الفريوس هو "احلجر الصحي"‪ ،‬وأصبح عشرات املاليني من الصينيني مقيدي‬
‫احلركة بسبب هذا احلظر الذي وصف بأنه "األكرب يف تاريخ البشرية"‪.‬و يف خضم‬
‫التطورات الوبائية انتقلت بؤرة الوباء إىل القارة األوربية حيث بلغ عدد‪ :‬املصابني‬
‫بإسبانيا ‪ 87956‬مصاب و بفرنسا ‪ 44550‬مصاب و بإيطاليا ‪ 101739‬مصاب و بلجيكا‬

‫‪32‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ 11899‬مصاب و أملانيا ‪ 66885‬مصاب كما انتقلت العدوى إىل الواليات املتحدة‬


‫األمريكية حيث بلغ عدد املصابني ‪ .161647‬وجتاوزت حصيلة الوفيات عامليا ‪33.000‬‬
‫حالة‪ ،‬منها حنو ‪ 26‬ألفا يف أوروبا‪ ،‬وتتصدر إيطاليا قائمة الدول األكثر تسجيال‬
‫للوفيات؛ حيث أحصت ‪ 11‬ألفا و‪ 591‬وفاة‪ ،‬تليها إسبانيا بـ ‪ 7340‬وفاة‪ ،‬وتعافى أكثر‬
‫من ‪ 160‬ألف مصاب يف أحناء العامل‪.7‬‬
‫واحلجر الصحي إجراء ينطوي على تقييد حركة الناس والسلع ملنع انتشار‬
‫األمراض املعدية‪ ،‬حتى ولو مل يكن لديهم تشخيص طيب يؤكد إصابتهم باملرض‪.‬‬
‫يف خضم هذه التطورات اختذت دول العامل عدة إجراءات وقائية لتفادي انتقال‬
‫هذا الفريوس إىل أراضيها ومن بينها املغرب أصدرت وزارة الصحة املغربية مخس‬
‫بالغات بشأن احلالة الوبائية بالبالد املرتبطة بهذا الفريوس و متت إعادة ‪ 167‬مواطنا‬
‫مغربيا كانوا متواجدين مبدينة ووهان الصينية بؤرة الفريوس إىل أرض الوطن و مت‬
‫إخضاعهم للحجر الصحي ملدة عشرين يوما بكل من املستشفى العسكري حممد اخلامس‬
‫بالرباط و مستشفى سيدي سعيد مبكناس وخضعوا للرعاية الطبية من طرف فرق طبية‬
‫متخصصة‪.‬‬
‫من هنا كان ال بد من التعرف على مفهوم احلجر الصحي والعزل الصحي وحتديد‬
‫إطاره القانوني واآلثار املرتتبة عليه ونطاقه (األمراض املشمولة باحلجر الصحي)‬
‫واإلطالع على اإلسرتاتيجية الوطنية ملكافحة جائحة كورونا املستجد ثم سنتطرق ملدى‬
‫تأثري تدابري احلجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية على منظومة حقوق االنسان وقبل‬
‫ذلك ال بد من وضع املوضوع يف سياقه التارخيي للتعرف على املمارسات األوىل هلذا‬
‫اإلجراء يف اجملتمعات البشرية عرب العصور و ذلك يف ثالث مباحث مستقلة‪.‬‬

‫‪ - 7‬إحصائيات إلى حدود تاريخ ‪ 2020/03/30 :‬أخذت من الموقع اإللكتروني لمنظمة الصحة العالمية ‪.https://www.who.int :‬‬

‫‪33‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املبحث األول‪ :‬اإلطار املفاهيمي للحجر الصحي‪ :‬مفهومه وتطوره‬


‫التارخيي ونطاقه لإلطار التارخيي للحجر الصحي يف مطلب أول على أن نتناول ماهيته‬
‫ونطاقه يف مطلب ثان‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اإلطار التارخيي للحجر الصحي‪ ،‬سنتعرض لتطبيقات‬
‫احلجر الصحي يف العصر اإلسالمي يف فرع أول على أن نستعرض تطبيقاته يف العصر‬
‫احلديث يف فرع ثان‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬احلَجر الصحي يف الشريعة اإلسالمية‬
‫عرف املسلمون نوعني من احلجر الصحي‪ :‬احلجر املكاني لألشخاص وحجر‬
‫احليوانات‪ .‬وقد نهى الرسول صلى اهلل عليه وسلم عن الدخول أو اخلروج من البلد الذي‬
‫تنتشر فيه األوبئة كالطاعون مثالً‪ ،‬كما أمر أال يأتي صاحب احليوانات املريضة‬
‫حبيواناته لرتعى مع احليوانات السليمة‪.‬‬
‫وجيد تدبري احلجر الصحي أسسه وأدلته يف الشريعة اإلسالمية منها قوله‬
‫تعاىل‪{ :‬وَال تُ ْلقُوا ِب َأيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُ َكةِ}‪ 8‬وقوله تعاىل‪{ :‬يَا أ َُّيهَا الَّذِي َن آ َمنُوا خُذُوا‬
‫حِ ْذرَكُمْ}‪ 9‬كما للحجر الصحي‪ 10‬أسسا يف السنة النبوية حيث بني النيب صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يف عدد من األحاديث مبادئ احلجر الصحي بأوضح بيان فمنع الناس من الدخول‬
‫إىل البلدة املصابة بالطاعون‪،‬ومنع كذلك أهل تلك البلدة من اخلروج منها‪،‬بل وجعل ذلك‬
‫كالفرار من الزحف الذي هو من كبائر الذنوب‪،‬وجعل للصابر فيها أجر الشهيد فقد روي‬
‫عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال‪ ":‬فِرَّ من اجملذوم فرارك من األسد"‪ 11‬وقوله صلى‬

‫‪ - 8‬سورة النساء اآلية ‪.71:‬‬


‫‪ - 9‬سورة النساء اآلية ‪.71‬‬
‫‪ - 10‬للمزيد من اإلطالع على موضوع الحجر الصحي في الشريعة اإلسالمية يراجع مقال ذ‪/‬عبد الكريم القاللي‪ :‬الحجر الصحي في الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫منشور بجريدة هسبريس اإللكترونية بتاريخ‪.2020/03/29:‬‬
‫‪ - 11‬صحيح البخاري‪ ،‬الحديث رقم‪.5707:‬‬

‫‪34‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اهلل عليه وسلم‪ " :‬إذا مسعتم به (الطاعون) بأرض فال تقدموا عليه‪ ،‬وإذا وقع وأنتم بها‬
‫فال خترجوا فرارا منه " ‪ 12‬وهذا يعترب تأسيسا صرحيا ملشروعية احلجر الصحي وأصله‪.‬‬
‫كما روى البخاري يف صحيحه قصة عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه حني خرج إىل‬
‫الشام فلما وصل إىل منطقة قريبة منها يقال هلا( سرغ ) بالقرب من الريموك لقيه أمراء‬
‫األجناد أبو عبيدة بن اجلراح وأصحابه‪،‬فأخربوه أن الوباء قد وقع بأرض‬
‫الشام‪،‬فقال عمر ادع لي املهاجرين األولني‪ ،‬فدعاهم فاستشارهم ‪ ،‬وأخربهم أن الوباء قد‬
‫وقع بالشام‪ ،‬فاختلفوا‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬قد خرجتَ ألمر وال نرى أن ترجع عنه‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم‪ :‬معك بقية الناس وأصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال نرى أن ُت ْقدِمَهم‬
‫على هذا الوباء‪ ،‬فقال‪ :‬ارتفعوا عين‪ ،‬ثم قال‪ :‬ادعوا لي األنصار‪ ،‬فدعاهم فاستشارهم‪،‬‬
‫فسلكوا سبيل املهاجرين‪ ،‬واختلفوا كاختالفهم‪ ،‬فقال‪ :‬ارتفعوا عين‪ ،‬ثم قال‪ :‬ادع لي‬
‫من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح‪ ،‬فدعاهم فلم خيتلف منهم عليه‬
‫رجالن‪ ،‬فقالوا‪ :‬نرى أن ترجع بالناس وال ُتقْدِمَهم على هذا الوباء‪ ،‬فنادى عمر يف الناس‬
‫إني مُصَبِّحٌ على َظ ْهرٍ فأَ ْصبِحوا عليه‪ ،‬فقال أبو عبيدة بن اجلراح ‪:‬أفراراً من قدر اهلل ؟‬
‫فقال عمر لو غريُك قاهلا يا أبا عبيدة نعم‪ ،‬نفرُّ من قدر اهلل إىل قدر اهلل‪ ،‬أرأيتَ لو كان لك‬
‫إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة واألخرى جدبة‪ ،‬أليس إن رعيت اخلصبة‬
‫رعيتها بقدر اهلل‪ ،‬وإن رعيت اجلدبة رعيتها بقدر اهلل ؟ قال‪ :‬فجاء عبد الرمحن بن‬
‫عوف وكان متغيبا يف بعض حاجته‪ ،‬فقال‪ :‬إن عندي يف هذا علما‪ ،‬مسعت رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم يقول ( ‪ :‬إذا مسعتم به بأرض فال تقدموا عليه‪ ،‬وإذا وقع بأرض وأنتم بها‬
‫فال خترجوا فرارا منه قال‪ :‬فحمد اهلل عمر ثم انصرف‪.‬‬

‫‪ - 12‬صحيح البخاري‪ ،‬الحديث رقم‪.3473:‬‬

‫‪35‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما روى اإلمام أمحد عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ( :‬ال تفنى أميت إال بالطعن والطاعون‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل هذا الطعن قد‬
‫عرفناه‪ ،‬فما الطاعون ؟ قال‪ :‬غدة كغدة البعري‪ ،‬املقيم بها كالشهيد‪ ،‬والفار منها كالفار‬
‫من الزحف ( ‪ ،‬وعن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنه قال؛ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ( ‪ :‬الفار من الطاعون كالفار من الزحف ‪ ،‬والصابر فيه كالصابر يف الزحف‪. 13‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬احلَجر الصحي يف العصر احلديث‬

‫يعود مصطلح احلجر الصحي ( ‪ ) la quarantaine‬مبفهومه احلديث إىل القرن‬


‫الرابع عشر امليالدي يف مدينة البندقية اإليطالية واشتق من كلمة تعين أربعني يوما وهي‬
‫الفرتة اليت طلب فيها عزل ركاب السفن يف جزر قريبة ملعرفة إذا ما كان لديهم أعراض‬
‫الطاعون‪ ،‬قبل أن يسمح هلم بالوصول لشواطئ املدن أثناء الوباء أو املوت األسود الذي‬
‫اجتاح أوروبا بني عامي ‪ 1347‬و‪ 1352‬ليقضي على حوالي عشرين مليون إنسان قرابة‬
‫القارة‪14.‬‬
‫‪ %30‬من سكان‬
‫ويف كتاب سفر الالويني (أحد األسفار املقدسة للتوراة أو العهد القديم) توجد‬
‫إشارة لعزل املصابني ملنع عدوى األمراض اليت تسبب قرحة يف اجللد‪.‬‬
‫وقبل تطبيق احلجر الصحي يف جنوة والبندقية ومدن جنوب أوروبا‪ ،‬عرفت‬
‫دمشق تطبيق العزل الصحي‪ ،‬وقام اخلليفة األموي السادس الوليد بن عبد امللك ‪ -‬الذي‬
‫حكم عشر سنوات بني ‪715 - 705‬م املوافق ‪96 - 86‬هـ‪ ،‬ببناء أول مستشفى‬

‫‪ - 13‬رواه أحمد في مسنده‪.145-133:‬‬


‫‪ - 14‬انظر‪ :‬جوزيف بيرن‪ ،‬الموت األسود‪ ،‬منشورات هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2014‬الصفحة ‪ 18‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪36‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫"بيمارستان" يف دمشق وأصدر أمرا بعزل املصابني باجلذام وجتنب اختالطهم ببقية‬
‫املستشفى‪15.‬‬ ‫املرضى يف‬
‫وأجرى اخلليفة رواتب للمرضى مبا يف ذلك املصابون باجلذام‪ ،‬وقدم املعونة‬
‫والعالج باجملان‪ ،‬وانتقى أفضل األطباء واملعاجلني خلدمة املرضى‪.‬‬
‫واستمرت ممارسة احلجر الصحي غري الطوعي للجذام يف املستشفيات العامة‬
‫بالعامل اإلسالمي لقرون‪ ،‬ويف عام ‪ 1431‬بنى العثمانيون مستشفى للجذام يف عاصمة‬
‫الدولة العثمانية أدرنة‪.‬‬
‫ودمرت أوبئة "احلمى الصفراء" اجملتمعات احلضرية يف أمريكا الشمالية طوال‬
‫أواخر القرن ‪ 18‬والقرن ‪ ،19‬ومن أشهر األمثلة انتشار وباء احلمى الصفراء ‪ 1793‬يف‬
‫فيالدلفيا‪ ،‬وتفشي املرض يف جورجيا (‪ )1856‬وفلوريدا (‪ .)1888‬واستمر وباء الكولريا‬
‫واجلدري طوال القرن ‪ ،19‬إذ اعتمدت حكومات الواليات عمومًا على احلجر الصحي‪،‬‬
‫إجراء إداريا واحرتازيا للسيطرة على حركة الناس داخل وخارج اجملتمعات‬
‫‪16‬‬
‫املصابة‪.‬‬
‫وخالل العصر الصناعي‪ ،‬عززت الدول األوروبية احلجر الصحي بواسطة حراس‬
‫مسلحني مينعون دخول أو خروج أي شخص يظهر أنه مصاب مبرض وبائي‪ ،‬ومع ذلك‬
‫شاب كثري من هذه اإلجراءات اعتبارات سياسية أو جرى التعسف يف استخدامها لتخرج‬
‫عن املمارسة الصحية البحتة‪.‬‬

‫‪ -15‬انــظـر‪ :‬شلدون واتس‪ :‬األوبئة والتاريخ‪ :‬المرض والقوة اإلمبريالية ترجمة أحمد محمود عبد الجواد‪ ،‬المركز القومي للترجمة –القاهرة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬الصفحة ‪ 25‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ - 16‬انظر‪ :‬شلدون واتس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪ 239‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬ماهية احلجر الصحي‬


‫سنقوم بتحديد ماهية احلجر الصحي ومتييزه عن العزل الصحي يف فرع أول على‬
‫أن نتناول نطاقه يف فرع ثان ثم حتديد إجراءاته يف فرع ثالث‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ماهية احلَجر الصحي والعزل الصحي‬

‫إبعاد وعزل األشخاص الذين خالطوا املصابني‬ ‫الصحي‪17‬‬ ‫يقصد باحلَجر‬


‫باألمراض أو حيتمل إصابتهم باملرض‪ ،‬فقد يكون الشخص السليم حامالً لفريوس أو‬
‫مسبباً للمرض لكن ال تظهر عليه العالمات واألعراض لكن بعد فرتة يبدأ التأثري‬
‫بالظهور ويكون بذلك قد ساهم يف نقل املسبب للكثري من األشخاص‪ .‬ويتم خالل احلجر‬
‫الصحي تقديم جمموعة من اإلجراءات الطبية لوقف انتشار العدوى بني الناس مبرض‬
‫ما‪ .‬فاحلَجْر الصحي يقصد به منع اختالط مرضى األمراض املعدية جبمهور األصحاء‪.‬‬
‫يطبق مفهوم احلَجْر الصحي على نطاق واسع قد يبدأ بإلزام األفراد املصابني واملشتبه‬
‫بإصابتهم بعدوى مرضية بالبقاء يف منازهلم أو قد يتم على مستوى إقليمي كحجر‬
‫مناطق معينة وعدم مغادرتها جتنباً النتشار العدوى بشكل أكرب‪.‬‬
‫عن احلَجر الصحي يف كون العزل الصحي يكون‬ ‫الصحي‪18‬‬
‫وخيتلف العزل‬
‫لألشخاص املصابني فعالً باملرض وقد ظهرت عليهم األعراض والعالمات‪ ،‬لوقف انتشار‬
‫املسبب‪ ،‬وقد يتلقون العالج والرعاية اخلاصة يف منازهلم أو املستشفيات أو منشآت‬

‫‪17‬‬
‫‪-"La quarantaine est le fait de mettre à l'écart des personnes, des animaux, ou des végétaux durant une certaine‬‬
‫‪période. Cet isolement sanitaire forcé avait pour but d'empêcher la transmission de maladies supposées contagieuses‬‬
‫‪et est toujours utilisé en cas de suspicion de ce type de maladies. Elle désigne aussi au figuré la condition d'une‬‬
‫"‪personne mise volontairement à l'écart.‬‬
‫‪Françoise Bériac, Histoire des lépreux au moyen-âge : une société d'exclus, Imago, 1988 , partie III, chap. II (« La‬‬
‫‪ségrégation des lépreux »), p. 180-202.‬‬
‫‪ - 18‬اللوائح الصحية الدولية لسنة ‪ 2005‬عرفت العزل بكونها‪ ":‬تعني فصل األشخاص المرضى أو الذين يحملون التلوث عن غيرهم أو األمتعة أو الحاويات‬
‫أو وسائل النقأل والبضائع أو الطرود البريدية الموبوءة عن غيرها بطريقة تحول دون انتشار العدوى أو التلوث "‪.‬‬

‫‪38‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫خاصة‪ ،‬ويطلق على املكان الذي يتم فيه عزل األشخاص أو األماكن أو احليوانات اليت‬
‫حتمل خطر العدوى باملَحْجَر الصحي‪.‬‬
‫فالعزل الصحي يطبق على جمموعة تضم عدد أقل من األفراد املصابني فقط بعد‬
‫التأكد من إصابتهم وظهور أعراض املرض عليهم حبيث يعزلون عن التواصل مع‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة أنه ويف كلتا احلالتني (احلجر الصحي و العزل الصحي ) خيضع‬
‫املرضى للمراقبة والعناية الصحية من قبل فريق طيب متخصص بعالج األوبئة والسيطرة‬
‫عليها‪،‬ويتم العزل واحلَجر الصحي يف أغلب احلاالت طواعية بشكل كامل وبالتشارك‬
‫والتعاون بني املريض ومقدمي اخلدمة من األخصائيني واملمرضني واألطباء‪ ،‬لكن يف‬
‫احلاالت اليت يرفض املريض االستجابة للحجر فإنّ للسلطات احلق يف وضعه جرباً‬
‫للمحافظة على سالمة اآلخرين من إصابتهم بالعدوى‪ .‬ذلك أنه من خالل احلَجر الصحي‬
‫والعزل ميكن تقديم الرعاية احلثيثة واملكثّفة للمصابني وناقلي املرض‪ ،‬وبالتالي‬
‫مساعدتهم على منع تقدّم األعراض وتفاقم املشكلة اليت قد تؤدي يف بعض األحيان إىل‬
‫الوفاة‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬إجراءات احلَجر الصحي‬

‫إن تطبيق تدابري احلجر الصحي يستدعي تنفيذ عدة إجراءات مصاحبة نذكر‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬احلَجر الصحي قصري املدى الذي يتم تطبيقه من خالل إلزام املصاب بالبقاء باملنزل‬
‫طواعية ومن غري إجبار‪.‬‬
‫‪ -‬حجر مناطق معينة وعدم مغادرتها جتنباً النتشار العدوى بشكل أكرب‪.‬‬

‫‪39‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬منع ركاب السفن والطائرات من الدخول غألى أراضي دولة معينة يشتبه إصابتهم‬
‫بالعدوى لتفادي انتقاهلا إىل مواطين الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬حجر السفن و الطائرات‪.‬‬
‫‪ -‬منع األشخاص احملتمل إصابتهم باملرض من السفر‪.‬‬
‫‪ -‬منع املصابني واألشخاص احملتمل إصابتهم من التحرّك داخل البلد أو املدينة‬
‫واختالطهم بالعامة‪.‬‬
‫‪ -‬إلغاء االحتفاالت العامة اليت قد توجِد أعداداً كبرية من الناس يف املكان نفسه‪،‬‬
‫وتعليق التجمعات العامة‪.‬‬
‫‪ -‬التحذير من التواجد بالقرب من التجمعات مثل املوالت املغلقة و املراكز التجارية‬
‫و املالهي العمومية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نطاق احلَجر الصحي‬
‫ما هي األمراض اليت متكن السلطات من إخضاع املصابني بها أو املشتبه إصابتهم‬
‫بها للحَجْر الصحي يف حال انتشارها؟ كثرية هي األمراض سريعة االنتشار حبسب‬
‫خطورتها وطرق العدوى فقد حتدث عن طريق التنفس أو تلوث املاء أو تلوث أو نقل‬
‫سوائل اجلسم أو التالمس مع األسطح املصابة مثال ذلك األمراض التالية‪:‬‬
‫الكولريا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫السُل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫احلصبة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطاعون‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التيفوئيد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اجلذام‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪40‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املالريا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫اجلذري‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فريوس إنفلونزا الطيور ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فريوس إنفلونزا اخلنازير‬ ‫‪-‬‬
‫فريوس اجلمرة اخلبيثة ‪. SARS‬‬ ‫‪-‬‬
‫فريوس الكبد الوبائي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفريوس إيبوال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فريوس نقص املناعة البشرية‪/‬اإليدز‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وتنتهي مدة احلجر بعد انقضاء فرتة احلضانة وختتلف املدة من مرض آلخر وال‬
‫تتعدى ‪ 40‬يوماً‪.‬‬
‫وإعالن احلَجْر الصحي يف منطقة ما ال يعين أن مجيع من فيها قد أُصيبوا‬
‫باملرض‪ ،‬لذلك جيب أخذ احليطة للتقليل من فرص اإلصابة‪ ،‬ويكون ذلك كما يأتي‪:‬‬
‫ارتداء وسائل احلماية املناسبة ملنع التقاط مسببات املرض مثل الكمامة والقفازات‬ ‫‪-‬‬
‫الطبية يف حاالت التالمس مع األسطح امللوثة‪.‬‬
‫احلرص على تعقيم األدوات الشخصية وعدم مشاركتها مع اآلخرين خصوصاً يف‬ ‫‪-‬‬
‫بيئة العمل أو التجمعات الكثيفة واملدارس واملراكز الصحية‪.‬‬
‫تفادي االتصال املباشر مع اآلخرين جسدياً كاملصافحة واليت تزيد من فرص‬ ‫‪-‬‬
‫انتقال العدوى يف حال كان املرض ينتقل عن طريق التنفس‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬تناول معززات املناعة الطبيعية كاخلضار والفواكه واالبتعاد عن تناول اللحوم إذا‬
‫كان من املمكن انتقال العدوى عن طريقها مثل حلوم الطيور يف حالة انتشار فريوس‬
‫إنفلونزا الطيور‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة الطبيب بشكل فوري عند ظهور أي من أعراض املرض واحلصول على‬
‫الرعاية الطبية املناسبة‪.‬‬
‫هناك حاالت أخرى تستلزم العزل الطيب مثل حاالت بعض األفراد الذين يعانون‬
‫من نقص املناعة يف اجلسم مثل مرضى السرطان ومرضى اإليدز واملرضى الذين يتناولون‬
‫أدوية مثبطة للمناعة بعد إجراء عملية زراعة ألحد األعضاء أو أي إجراء صحي حساس‬
‫مثل حاالت جراحة العني‪ ،‬حبيث يسهل التقاط أي مسبب مرضي ويكون لتأثريه أضرار‬
‫صحية‪ ،‬فيتم عزهلم وقائياً لتجنب أي مضاعفات تؤخر تعافيهم‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬اإلطار القانوين للحجر الصحي للمصابني بأمراض‬
‫معدية واإلستراتيجية الوطنية ملكافحة جائحة كورونا‪.‬‬
‫سنتطرق لإلطار القانوني للحجر الصحي يف النظام القانوني املغربي يف نقطة أوىل‬
‫على أن نتعرض لإلسرتاتيجية الوطنية ملكافحة جائحة كورونا املستجد يف نقطة ثانية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬اإلطار العام للحجر الصحي للمصابني بأمراض معدية‬
‫يف النظام القانوني املغربي يقصد باملرض أي علة او حالة مرضية بصرف النظر عن‬
‫منشئها أو مصدرها و تلحق أو ميكن أن تلحق ضررا بالغا بصحة اإلنسان ‪.19‬‬
‫ويقصد باملريض الشخص الذي يشكو أو الشخص املتضرر من علة جسدية قد‬
‫‪.20‬‬
‫يرتتب عليها خماطر حمتملة حمدقة بالصحة العمومية‬

‫‪ - 19‬اللوائح الصحية الدولية لسنة ‪. 2005‬‬


‫‪ - 20‬اللوائح الصحية الدولية لسنة ‪. 2005‬‬

‫‪42‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ويقصد باألمراض املعدية أو العدوى حسب لوائح منظمة الصحة العاملية دخول‬
‫أحد العوامل املعدية إىل أجسام البشر أو احليوانات و تطوره أو تكاثره فيها على حنو قد‬
‫يشكل خماطر حمتملة حمدقة بالصحة العمومية‪.21‬‬
‫وقد عرفت لوائح منظمة الصحة العاملية احلجر الصحي‪ 22‬بكونه تقييد أنشطة‬
‫أشخاص ليسوا مرضى يشتبه يف إصابتهم أو أمتعة أو حاويات أو وسائل نقل أو بضائع‬
‫يشتبه يف إصابتها و فصل هؤالء عن غريهم أو فصل األمتعة أو احلاويات أو وسائل النقل‬
‫أو البضائع عن غريها بطريقة تؤدي إىل احليلولة دون إمكانية انتشار العدوى أو التلوث‪.‬‬
‫كما قد عرفه املشرع السوداني يف قانون احلجر الصحي رقم ‪ 18‬لسنة ‪1974‬‬
‫(‪ )1974/03/14‬بكونه ‪ ":‬احلالة و املدة اليت يف أثنائها تتخذ السلطات الصحية‬
‫اإلجراءت الالزمة للسفينة أو الطائرة أو عربة النقل أو أية وسيلة نقل أخرى للشحن أو‬
‫تفريغ البضاعة ملنع تسرب املرض أو مستودعه أو ناقلة من أجل تنفيذ احلجر‬
‫الصحي‪.23".‬‬

‫‪ - 21‬اللوائح الصحية الدولية لسنة ‪. 2005‬‬


‫‪ - 22‬اللوائح الصحية الدولية لسنة ‪. 2005‬‬
‫‪ -23‬قانون الحجر الصحي رقم ‪ 18‬لسنة ‪ 1974‬الباب األول‪.‬‬
‫كما عرف المشرع السوداني العزل بقوله‪ ":‬يقصد به عند تطبيقه على شخص أو مجموعة من األشخاص عزل ذلك الشخص أو تلك المجموعة عن‬
‫غيرهم فيما عدا موظفي الصحة القائمين بالعمل من أجل منع انتشار العدوى‪".‬‬
‫‪ -‬المشرع المصري أصدر قانون رقم ‪ 137:‬بتاريخ‪ 1958/09/11:‬بشأن االحتياطـات الصحية للوقاية من األمراض المعدية باإلقليم المصري تضمن‬
‫العديد من اإلجراءات المتعلقة بالتطعيم ضد األمراض المعدية كما أصدر القانون رقم‪ 45:‬لسنة ‪ 1955‬بشأن إجراءات الحجر الصحي‪.‬‬
‫‪ -‬المشرع القطري أصدر قانون رقم‪ 17:‬بتاريخ‪ 1990/09/03:‬بشأن ال وقاية من األمراض المعــدية عــرف فيه الـعـزل في مادته األولى بقوله‪":‬‬
‫الـعـزل‬
‫هو عزل المريض المصاب او المشتبه في إصابته بأحد األمراض المعدية في أمـاكـن وظــروف خـــاصـة لمنع انـتـشــار مسببات المرض بطريق‬
‫مباشر‬
‫أو غير مباشر إلى األشخاص اآلخرين‪ .‬وال ي سمح بدخول أحد على الشخص المعزول إال لمن يقومون بمعالجته وخدمته بإذن من الطبيب المسئول "‪.‬‬
‫‪ -‬المشرع الفلسطيني أصدر قانون رقم‪ 124:‬لسنة ‪ 1922‬بمثابة قانون الحجر الصحي والذي قرر في مادته الثانية ما يلي‪:‬‬
‫" ينشىء مـديـــر الــصـحة مصلحة حجر صحي في فلسطين لمنع تسرب األمراض السارية إلى فلسطين عن طريق البر أو البحر وانتقالها منها إلى‬
‫البالد األخرى "‪.‬‬
‫‪ -‬المشرع العراقي أصدر قانون رقم‪ 06:‬بتاريخ‪ 1992/01/01:‬بشأن نـظــام الحجر الصحي حدد فيه إجراءات الحجر الصحي ومدته التي تختلف حسب‬
‫مدة حضانة كل مرض من األمراض المعدية‪.‬‬

‫‪43‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما عرف املشرع اإلماراتي احلجر الصحي بكونه‪ ":‬تقييد أنشطة األصحاء من‬
‫األشخاص أو احليوانات الذين تعرضوا للعامل املمرض أثناء فرتة انتشار املرض و ذلك‬
‫‪24‬‬
‫لفرتة تعادل أطول مدة حضانة‪.".‬‬
‫أما املشرع املغربي مل يضع تعريفا للحجر الصحي وإمنا حدد نطاق األمراض‬
‫اجلاري عليها احلجر الصحي‪ ،‬ويعترب املرسوم امللكي رقم‪65.554:‬‬
‫بتاريخ‪ 1967/06/26:‬مبثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض األمراض واختاذ‬
‫تدابري وقائية للقضاء على هذه األمراض‪ 25‬و قرار وزير الصحة العمومية رقم‪65.511:‬‬
‫هما‬ ‫رقم‪2665.554:‬‬
‫بتاريخ‪ 1967/06/27:‬بتحديد كيفيات تطبيق املرسوم امللكي‬
‫‪.27‬‬
‫باملغرب‬ ‫اإلطار القانوني للحجر الصحي للمصابني باألمراض املعدية‬
‫وقد حدد املشرع املغربي نطاق األمراض اخلاضعة للحجر الصحي يف الفصل األول‬
‫من مرسوم رقم‪ 65.554:‬املشار إليه أعاله إذ جاء فيه ‪:‬‬
‫" إن حاالت األمراض اجلاري عليها احلجر الصحي واألمراض ذات الصبغة‬
‫االجتماعية واألمراض املعدية أو الوبائية املوضوعة قائمتها بقرار لوزير الصحة‬
‫العمومية‪،‬جيب التصريح بها على الفور من طرف أصحاب املهن الطبية الذين أثبتوا‬
‫وجودها إىل كل من السلطة اإلدارية احمللية والسلطة الطبية للعمالة أو اإلقليم‪.‬ويتعني‬
‫على أصحاب املهن الشبيهة بالطبية املأذون هلم قانونيا مبزاولة املهنة كلما ارتابوا يف‬

‫‪ - 24‬المادة األولى من القانون االتحادي رقم ‪ 14:‬لسنة ‪ 2014‬في شأن مكافحة األمراض السارية‪.‬‬
‫‪ - 25‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 2853:‬بتاريخ‪ 1967/07/05:‬الصفحة‪.1483 :‬‬
‫‪ - 26‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 2855:‬بتاريخ‪ 1967/07/19:‬الصفحة‪.1608:‬‬
‫‪ - 27‬هذا وتجدر اإلشارة أن المشرع المغربي أصدر العديد من النصوص القانونية تتعلق باتخاذ تــدابــيــر صحية بيـطــرية عند استيراد بعض الحيوانات‬
‫والمواد الحيوانية والمنتجات من أصل حيواني والمواد المستخدمة لتناسل الحيوانات ومنتجات البحر والمياه المعدنية منها‪:‬‬
‫‪ -‬قــانــون رقـــم‪ 89.24:‬متعلق باتـخــاذ تــدابـيـــر صحية بيطرية عند استيراد بعض الحيوانات والمواد الحيوانية والمنتجات من أصل حيواني والمواد‬
‫المستخدمة لتناسل الحيوانات ومنتجات البحر والمياه المعدنية منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 4225:‬بتاريخ‪ 1993/10/20:‬والـمـرسوم التطبيقي له‬
‫الصادر بتاريخ‪ 1993/10/12:‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 4227:‬بتاريخ‪ 1993/11/03:‬صفحة‪ 620 :‬وظــهـيـــر بمثابة قـانـون رقم ‪-75-1:‬‬
‫‪292‬‬
‫يتعلق باتخاذ التدابير الكفيلة بحماية الحيوانات الداجنة من األمراض المعدية منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 3388:‬بتاريخ ‪ 1977/10/05‬ومـرسوم ‪12‬‬
‫أكتوبر ‪.1993‬‬

‫‪44‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وجود حالة من حاالت األمراض املذكورة أن يصرحوا بها فورا إىل السلطة الطبية للعمالة‬
‫أو اإلقليم اليت تعمل على التأكد من هذه احلالة بواسطة أحد األطباء"‪.‬‬
‫كما حدد الفصل الرابع من املرسوم املذكور أنه‪ ":‬يف حالة وجود خطر جسيم على‬
‫الصحة العمومية يستوجب اختاذ تدابري مستعجلة فإن الطبيب الرئيس لإلقليم أو‬
‫العمالة املوكول إليه مهمة تقدير درجة خطورة احلالة و استعجاهلا يؤهل لألمر بأن‬
‫يدخل إىل املستشفى حتما كل شخص مصاب بأحد األمراض املنصوص عليها يف الفصل‬
‫األول أو كل شخص قابل لنشر هذا املرض"‪.‬‬
‫ويف هذا السياق حدد قرار وزير الصحة العمومية رقم‪ 65.511:‬الصادر‬
‫بتاريخ‪ 1967/06/27:‬يف فصله األول األمراض الواجب التصريح بها يف ما يلي‪:‬‬
‫" إن األمراض الواجب التصريح بها عمال بالفصل األول من املرسوم امللكي‬
‫رقم‪ 65.544:‬املشار إليه أعاله الصادر يف ‪ 17‬ربيع ال‪،‬ل ‪ 26( 1387‬ينويه ‪)1967‬‬
‫مبثابة قانون هي‪:‬‬
‫الطاعون‪،‬الكولريا‪،‬احلمى‬ ‫الصحي‪:‬‬ ‫احلجر‬ ‫عليها‬ ‫اجلاري‬ ‫‪ )1‬األمراض‬
‫الصفراء‪،‬اجلدري‪،‬التيفوس الوبائي الناتج عن القمل واحلمى العائدة الناجتة عن‬
‫القمل‪.‬‬
‫‪ )2‬األمراض ذات الصبغة االجتماعية‪ :‬السل الرئوي‪،‬الزهري االبتدائي والثانوي ومحى‬
‫املستقعات‪.‬‬
‫‪ )3‬األمراض املعدية أو الوبائية‪ :‬محى التيفويد‪،‬احلمى القريبة من التيفويد‪،‬أمراض‬
‫كزاز‬ ‫أو‬ ‫كزاز‬ ‫بيان‬ ‫السيالن‪.‬األبيض‪،‬الكزاز(التيتانوس)(مع‬

‫‪45‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الصغار)‪،‬الذباح(الدفرتيا)‪،‬الشلل‪،‬اإللتهاب املخي واألمراض الوبائي الناجتة عن‬


‫اإلصابة جبرثومة "بروسيال "‪.‬‬
‫بالرجوع إىل الفصل األول من املرسوم امللكي رقم‪ 65.544 :‬جند أن املشرع املغربي‬
‫حدد حاالت األمراض اخلاضعة لزوما للحجر الصحي وتتمثل فقط‬
‫يف‪:‬الطاعون‪،‬الكولريا‪،‬احلمى الصفراء‪،‬اجلدري‪،‬التيفوس الوبائي الناتج عن القمل‬
‫واحلمى العائدة الناجتة عن القمل‪.‬‬
‫غري أن تطور اجملتمع الدولي وما واكبه من ظهور فريوسات وأمراض أخرى أكثر‬
‫فتكا من تلك اليت حددها املشرع يؤكد أن نطاق األمراض اخلاضعة للحجر الصحي وردت‬
‫على سبيل املثال فقط والدليل على ذلك جلوء السلطات املغربية يف إطار ممارسة مهام‬
‫الشرطة اإلدارية إىل إخضاع املواطنني املغاربة العائدين من ووهان الصينية (بؤرة تفشي‬
‫فريوس كورونا القاتل) وعددهم ‪ 167‬شخصا إىل احلجر الصحي ملدة ‪ 20‬يوما‬
‫وإخضاعهم للمراقبة الطبية من طرف فرق متخصصة و قد مت أفرج عنهم بعدما تأكد عدم‬
‫إصابة أيّ منهم بالفريوس‪.‬‬
‫أما يف فرنسا فقد أتاح الفصل‪ L3115-10 :‬من مدونة الصحة العمومية ملمثل‬
‫الدولة أن يتخذ مبوجب مرسوم معلل أي تدبري فردي يسمح مبكافحة االنتشار الدولي‬
‫لألمراض مبا يف ذلك عزل الناس أو وضعهم حتت احلجر الصحي سواء املصابني بالعدوى‬
‫أو احملتمل إصابتهم بها بناء على اقرتاح املدير العام للوكالة اجلهوية للصحة على أن‬
‫يشعر فورا املدعي العام بذلك‪ .28‬وحسنا فعل املشرع الفرنسي ملا اشرتط إشعار املدعي‬

‫‪Le représentant de l'Etat peut prendre, par arrêté motivé, toute mesure individuelle permettant de lutter contre la propagati on - 28‬‬
‫‪internationale des maladies, notamment l'isolement ou la mise en quarantaine de personnes atteintes d'une infection contagieuse ou‬‬
‫‪susceptibles d'être atteintes d'une telle infection, sur proposition du directeur général de l'agence régionale de santé. Il en informe sans délai le‬‬
‫‪procureur de la République. Un décret en Conseil d'Etat détermine les conditions dans lesquelles le représentant de l'Etat peut recourir à de‬‬
‫‪telles mesures, notamment au regard de la gravité de l'infection et des risques de sa transmission.‬‬

‫‪46‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫العام بالتدابري االستثنائية مل جند هلا شبيها يف التشريعات املقارنة ويبدو أن احلكمة‬
‫من ذلك هو تتبع املدعي العام للتدابري املتخذة حتى تتم وفقا للقانون وبشكل يضمن‬
‫احرتام حقوق األفراد وحرياتهم وحتى ال يتم خرق منظومة حقوق اإلنسان أثناء تنفيذها‬
‫وحبذا لو أن املشرع املغربي حذا حذو املشرع الفرنسي وذلك باشرتاط إشعار السيد رئيس‬
‫النيابة العامة‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة أنه يف ‪ 05‬فرباير ‪ 2020‬صوت أعضاء جملس الشيوخ لصاحل‬
‫مشروع قانون األمن الصحي ويتعلق هذا القانون باحلبس املنزلي واإلخالء والعزل‬
‫القسري واحلجر الصحي‪.‬فتم تعديل املادة ‪ 3131-1‬اجلديدة من قانون الصحة العامة‬
‫واليت نصت على ما يلي‪ ":‬جيوز للمدير العام للوكالة الصحية اجلهوية بناء على مشورة‬
‫طبية مربرة أن يتخذ نيابة عن ممثل الدولة يف اإلدارة تدبريا اإلخالء أو البقاء يف املنزل‬
‫فيما يتعلق بشخص مصاب بسبب تعرضه ألحد األمراض املذكورة املادة ‪ L 3113-1‬من‬
‫قانون الصحة العامة"‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اإلستراتيجية الوطنية ملكافحة جائحة كورونا‬
‫منذ ظهور جائحة كورونا بالصني اختذت احلكومة املغربية العديد من اإلجراءات‬
‫االحرتازية و الوقاية حلماية املواطنني من هذا الوباء الفتاك وتفادي دخول فريوس‬
‫كوفيد ‪ 19‬إىل الرتاب املغربي حبيث قامت السلطات املغربية بإعادة املواطنني املغاربة‬
‫العائدين من ووهان الصينية (بؤرة تفشي فريوس كورونا القاتل) وعددهم ‪ 167‬شخصا‬
‫إىل احلجر الصحي ملدة ‪ 20‬يوما و إخضاعهم للمراقبة الطبية من طرف فرق متخصصة ثم‬
‫أفرج عنهم بعدما تأكد عدم إصابة أيّ منهم بالفريوس‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ويف إطار مواكبة هذه اجلائحة وتطوراتها أعدت وزارة الصحة املغربية خطة‬
‫وطنية للرصد والتصدي هلذا الفريوس تبقى متالئمة مع الوضعية‪،‬وذلك من خالل‬
‫حماورها األربعة اليت تضم اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الرصد الوبائي والطيب‪.‬‬
‫‪ -‬الكشف املبكر والتحري الوبائي والفريوسي‪.‬‬
‫‪ -‬التكفل الطيب‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بني كافة املتدخلني‪.‬‬
‫هذا فضال عن التزامها بإشعار الرأي العام الوطين بشكل شفاف باحلالة الوبائية‬
‫باملغرب ‪.‬‬
‫ويف إطار تعزيز منظومة السالمة الوطنية اختذت احلكومة املغربية يف العديد من‬
‫اإلجراءات االحرتازية منها ‪:‬‬
‫‪ -‬إغالق احلدود الربية و اجلوية و البحرية للمملكة أمام املسافرين لتفادي دخول‬
‫الفريوس إىل الرتاب الوطين‪.‬‬
‫‪ -‬توقيف الدراسة باملدارس و اجلامعات‪.‬‬
‫‪ -‬إلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية و الثقافية و الفنية‪.‬‬
‫‪ -‬تعليق اجللسات مبختلف حماكم اململكة‪.29‬‬
‫‪ -‬اإلغالق املؤقت للمساجد‪.‬‬

‫‪ - 29‬دورية السيد الرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية عدد‪ 1/151:‬بتاريخ‪ 2020/03/16:‬بشأن تنظيم العمل بالمحاكم للوقاية من وباء‬
‫كورونا و التي تضمنت تعليق انعقاد جميع الجلسات بمختلف محاكم المملكة ابتداء من يوم الثالثاء ‪ 17‬مارس ‪ 2020‬حتى إشعار آخر باستثناء الجلسات‬
‫التي ال يمكن إيقافها و التي تتعلق بما يلي ‪ -:‬قضايا الجنا يات و الجنح الخاصة بالمتهمين الذين يكونون في حالة اعتقال احتياطي ومودعين بمؤسسات‬
‫سجنية – قضايا التحقيق للتقرير في وضعية األظناء المقدمين للتحقيق معهم بعد إيداعهم في إحدى المؤسسات السجنية أو التحقيق معهم في حالة‬
‫سراح‪ -‬ق ضايا األحداث للتقرير فيما إذا كان سيتم إيداعهم في إحدى مؤسسات إعادة التربية او تسليمهم إلى ذويهم ‪ -‬القضايا االستعجالية وهي التي ال‬
‫تحتمل التأخير حيث يتعين البت فيها حتى خارج أوقات العمل و بكيفية مستعجلة تفاديا لضياع حقوق أحد األطراف في انتظار البت في النزاع من طرف‬
‫محكمة الموضوع ‪.‬‬

‫‪48‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬إضافة إىل جمموعة من اإلجراءات يف جماالت النقل العمومي وإغالق اجملاالت‬


‫العمومية غري الضرورية‪.‬‬
‫وبعد ظهور احلاالت األوىل هلذا الفريوس على الرتاب الوطين ترأس جاللة امللك‬
‫حممد السادس نصره اهلل بتاريخ‪ 2020/03/17:‬جلسة عمل خصصت لتتبع تدبري انتشار‬
‫هذا الوباء ومواصلة اختاذ املزيد من اتدابري واإلجراءات ملواجهة أي تطور حيث أمر‬
‫جاللته حبسن تطبيق التدابري الناجعة وإحداث مستشفيات ميدانية عسكرية يف خمتلف‬
‫جهات اململكة لتعزيز اهلياكل الطبية املخصصة لتدبري هذا الوباء كما أمر جاللته‬
‫بإحداث صندوق خاص بتدبري جائحة كورونا "كوفيد ‪. "19‬‬
‫ومن أهم اإلجراءات املتخذة من طرف اململكة املغربية ملكافحة جائحة كورونا‬
‫إحداث صندوق تدبري اجلائحة (فرع أول) وتعزيز املنظومة القانونية الوطنية بإصدار‬
‫مرسومي حالة الطوارئ الصحية (فرع ثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬إحداث صندوق خاص بتدبري جائحة كورونا‬
‫بتعليمات من جاللة امللك حممد السادس نصره اهلل أصدرت احلكومة املغربية‬
‫مرسوم رقم‪ 269-20-2:‬الصادر بتاريخ‪ 2020/03/16:‬بإحداث حساب مرصد ألمور‬
‫"كوفيد‪30"19-‬‬
‫خصوصية حيمل إسم "الصندوق اخلاص بتدبري جائحة فريوس كورونا‬
‫خصص أساسا للتكفل بالنفقات املتعلقة بتأهيل اآلليات والوسائل الصحية‪،‬سواء فيما‬
‫يتعلق بتوفري البنيات التحتية املالئمة أو املعدات اليت يتعني اقتناؤها باستعجال‪ .‬كما‬
‫سيسهم يف دعم االقتصاد الوطين من خالل دعم القطاعات األكثر تأثرا بتداعيات فريوس‬
‫كورونا واحلفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات االجتماعية هلذه اجلائحة‪.‬‬

‫‪ - 30‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 6865:‬مكرر بتاريخ‪ 2020/03/17:‬صفحة ‪.1540 :‬‬

‫‪49‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫هذا و قد تفاعل املغاربة مؤسسات عمومية و خاصة و أفراد بشكل إجيابي مع هذه‬
‫املبادرة امللكية السامية وأبانوا عن حس وطين و تضامين كبري عن طريق املساهمة‬
‫بتربعاتهم يف حساب الصندوق املذكور‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تعزيز املنظومة القانونية الوطنية الصحية املتعلقة‬
‫مبكافحة األمراض املعدية يف سياق مكافحة فريوس كورونا املستجد‬
‫سبق أن قلنا أن املرسوم امللكي رقم‪ 65.554:‬بتاريخ‪ 1967/06/26:‬مبثابة قانون‬
‫يتعلق بوجوب التصريح ببعض األمراض واختاذ تدابري وقائية للقضاء على هذه األمراض‬
‫وقرار وزير الصحة العمومية رقم‪ 65.511:‬بتاريخ‪ 1967/06/27:‬بتحديد كيفيات‬
‫تطبيق املرسوم امللكي رقم‪ 65.554:‬هما اإلطار القانوني للحجر الصحي للمصابني‬
‫باألمراض املعدية باملغرب‪.‬ونظرا لقصور التشريع يف مكافحة األمراض املعدية بالنظر‬
‫لتغري احلالة الوبائية وظهور أوبئة جديدة أصبحت املنظومة القانونية الصحية الوطنية‬
‫غري كافية ملكافحة األمراض املعدية املستجدة ومن ضمنها ظهور وتفشي فريوس كورونا‬
‫(كوفيد ‪ )19‬ولذلك تدخل املشرع املغربي لتعزيز هذه املنظومة وذلك بإصدار نصني‬
‫قانونيني مهمني ويتعلق األمر مبرسومني ‪ )1:‬مرسـوم رقم‪2-20-292:‬‬
‫بتاريخ‪ 2020/03/23:‬يتعلق بسن أحكام خاصة حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات‬
‫اإلعالن عنها ‪ )2‬مرسوم رقم‪ 293-20-2:‬بتاريخ‪ 2020/03/24:‬بإعالن حالة الطوارئ‬
‫الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا ‪ -‬كوفيد ‪.19‬‬

‫‪50‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬إصدار مرسوم بقانون رقم‪2-20-292:‬‬


‫بتاريخ‪ 31 2020/03/23:‬يتعلق بسن أحكام خاصة حبالة الطوارئ‬
‫الصحية و إجراءات اإلعالن عنها‬
‫تضمن هذا املرسوم العديد من األحكام العامة حلالة الطوارئ الصحية‪ 32‬من حيث‬
‫حتديد املسطرة القانونية إلعالن حالة الطوارئ الصحية واجلهة املختصة بإعالنها‬
‫ونطاقها واإلجراءات الزجرية ملخالفة أحكامها‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬مـن حيث املسطرة اخلاصـة بإعـالن حـالـة الـطـوارئ الصحية و اجلهة‬
‫املختصة بإعالنها ونطاقها‪:‬‬
‫لقد أوكل مرسوم رقم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬للحكومة بإعالن حالة‬
‫الصحية مبوجب مرسوم باقرتاح مشرتك للسلطتني احلكوميتني املكلفتني‬ ‫الطوارئ‪33‬‬

‫بالصحة والداخلية‪.‬‬
‫وإعالن حالة الطوارئ الصحية يتعني أن يتضمن ثالث حمددات أساسية وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يكون حمددا من حيث النطاق املكاني‪ :‬ذلك أنه ميكن حسب املادة األوىل من‬
‫املرسوم املذكور أن تعلن حالة الطوارئ الصحية يف جهة أو عمالة أو إقليم أو مجاعة‬
‫أو أكثر أو مبجموع الرتاب الوطين كلما كانت حياة األشخاص وسالمتهم مهددة من‬
‫جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية‪.‬‬
‫‪ )2‬أن يكون إعالن حالة الطوارىء الصحية حمددا من حيث الزمن‪ :‬ذلك أن املادة‬
‫الثانية من املرسوم املذكور اشرتطت أن تكون مدة سريان حالة الطوارئ الصحية‬

‫‪ - 31‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 6867:‬مكر بتاريخ‪ 2030/03/24:‬صفحة‪.1782 :‬‬


‫‪ - 32‬للمزيد من االطالع على مفهوم الطوارئ الصحية و تمييزها عن المفاهيم المشابهة انظر مقال لزميلنا ذ‪.‬امـبــارك بـوطـلحـة ‪:‬الــنـظـــام القانوني‬
‫لحالة الطوارئ بالمغرب وفق المعايير الدولية ‪،‬منشور بمجلة مغرب القانون ‪ www.maroclaw.com‬بتاريخ‪.2020/03/29:‬‬
‫‪ - 33‬في فرنسا صدر قــانــون رقــــم‪ 2020-290:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬المتعلق بالطوارئ الصحية لمكافحة كوفيد ‪ 19‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ 73:‬بتاريخ‪.2020/03/25:‬‬

‫‪51‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حمددة‪ .‬ويف هذا السياق حددت املادة األوىل من مرسوم رقم‪293-20-2:‬‬


‫بتاريخ‪ 2020/03/24:‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين‬
‫ملواجهة تفشي فريوس كورونا ‪ -‬كوفيد ‪ 19‬أن مدة سريان حالة الطوارئ الصحية‬
‫بسائر أرجاء الرتاب الوطين إىل غاية يوم ‪ 20‬أبريل ‪ 2020‬على الساعة السادسة‬
‫مساء‪ .‬وجتدر اإلشارة أن املادة األوىل الذكورة أعاله مل حتدد تاريخ بدء سريان حالة‬
‫الطوارئ غري أنه سبق لرئاسة احلكومة أن أصدرت بالغا بشأن إعالن حالة الطوارئ‬
‫بكافة الرتاب الوطين ابتداء من الساعة السادسة مساء من يوم‪.2020/03/20 :‬‬
‫وقد أتاحت املادة الثانية من مرسوم رقم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪2020/03/23:‬‬
‫للحكومة متديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية وفق الكيفيات املنصوص عليها‬
‫يف الفقرة األوىل‪.‬‬
‫وال شك أن هذا التمديد يكون ملرة واحدة فقط وال ميكن أن يظل مفتوحا يف الزمن‬
‫بالنظر لسكوت النص من جهة وبالنظر لصريح الفقرة األوىل من املادة الثانية من مـرسوم‬
‫رقـــم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬اليت اشرتطت أن حيدد مرسوم إعالن حالة‬
‫الطوارئ مدة سريان مفعوهلا‪.‬‬
‫ويف فرنسا حددت املادة الثالثة قانون رقم‪ 2020-290:‬بتاريخ‪2020/03/23:‬‬
‫املتعلق بالطوارئ الصحية ملكافحة كوفيد ‪ 19‬يف شهرين تبتدئ من تاريخ نشر القانون‬
‫احملددة‪35.‬‬
‫وميكن متديدها كما ميكن إنهائها قبل انقضاء املدة‬ ‫‪34‬‬
‫باجلريدة الرمسية‬

‫‪ - 34‬حيث نصت المادة المذكور على أنه‪:‬‬


‫‪" Dans les conditions prévues à l'article 38 de la Constitution, le Gouvernement est habilité à prendre‬‬
‫‪par voie d'ordonnance, dans un délai de deux mois à compter de la publication de la présente loi, les‬‬
‫‪mesures d'adaptation destinées à adapter le dispositif de l'état d'urgence sanitaire dans les‬‬
‫‪collectivités régies par l'article 74 de la Constitution et en Nouvelle-Calédonie, dans le respect des‬‬
‫‪compétences de ces collectivités.".‬‬
‫‪Un projet de loi de ratification est déposé devant le Parlement dans un délai de trois mois à compter‬‬
‫‪de la publication de l'ordonnance".‬‬
‫‪ - 35‬حيث نصت المادة الرابعة من قانون رقم‪ 2020-290:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬المتعلق بالطوارئ الصحية لمكافحة كوفيد ‪ 19‬على أنه ‪:‬‬

‫‪52‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أن يكون إعالن حالة الطوارئ ضروريا‪ :‬اشرتط املشرع املغربي يف الفقرة األوىل‬ ‫‪)3‬‬
‫من املادة الثانية من مرسوم رقم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬إلعالن حالة‬
‫الطوارئ الصحية أن تقتضي الضرورة ذلك‪.‬وقد حددت املادة األوىل من املرسوم‬
‫املذكور األسباب الضرورية املربرة إلعالن حالة الطوارئ فيما يلي‪:‬‬
‫أن تكون حياة األشخاص مبنطقة معينة أو مبجموع الرتاب الوطين وسالمتهم‬ ‫‪-‬‬
‫مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية‪.‬‬
‫أن تقتضي الضرورة اختاذ تدابري استعجالية حلمايتهم من هذه األمراض واحلد‬ ‫‪-‬‬
‫منها‪.‬‬
‫أن يكون هناك خطر ميكن أن ينتج عن انتشار هذه املراض املعدية أو الوبائية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ثانيا‪ :‬من حيث اإلجراءات املصاحبة إلعالن حالة الطوارئ الصحية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أتاحت املادة الثالثة من املرسوم املذكور للحكومة خالل مدة سريان حالة الطوارئ‬
‫الصحية اختاذ مجيع التدابري الالزمة اليت تقتضيها احلالة مبوجب مراسيم و مقررات‬
‫تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشري وبالغات من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة‬
‫دون تفاقم احلالة الوبائية للمرض كما ميكنها تعبئة مجيع الوسائل املتاحة حلماية حياة‬
‫األشخاص وضمان سالمتهم ‪.‬غري أن هذه التدابري املتخذة ال ميكن حبال من األحوال أن‬
‫حتول دون ضمان استمرار املرافق العمومية احليوية و تأمني اخلدمات اليت تقدمها‬
‫للمرتفقني‪.‬‬

‫‪" Par dérogation aux dispositions de l'article L. 3131-13 du code de la santé publique, l'état d'urgence‬‬
‫‪sanitaire est déclaré pour une durée de deux mois à compter de l'entrée en vigueur de la présente loi .‬‬
‫‪L'état d'urgence sanitaire entre en vigueur sur l'ensemble du territoire national. Toutefois, un décret‬‬
‫‪en conseil des ministres pris sur le rapport du ministre chargé de la santé peut en limiter‬‬
‫‪l'application à certaines des circonscriptions territoriales qu'il précise.‬‬
‫‪La prorogation de l'état d'urgence sanitaire au delà de la durée prévue au premier alinéa du prése nt‬‬
‫‪article ne peut être autorisée que par la loi.‬‬
‫‪Il peut être mis fin à l'état d'urgence sanitaire par décret en conseil des ministres avant l'expiration‬‬
‫"‪du délai fixé au même premier alinéa.‬‬

‫‪53‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وإن متكني احلكومة من اختاذ هذه اإلجراءات االستثنائية خالل مدة سريان حالة‬
‫الطوارئ الصحية قد يكون له آثار سلبية على العديد من األصعدة االجتماعية واملالية‬
‫واالقتصادية ولذلك أتاح املشرع للحكومة طبقا للمادة اخلامسة من املرسوم املذكور إذا‬
‫اقتضت الضرورة القصوى أن تتخذ بصفة استثنائية أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي‬
‫أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة االستعجال والذي من شأنه اإلسهام بكيفية مباشرة‬
‫يف مواجهة اآلثار السلبية املرتتبة عن إعالن حالة الطوارئ السلبية‪.‬‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬من حيث آثار حالة الـطـوارئ الصحية على اآلجال الـقـانـونـيـة اجلاري بها‬
‫العمل‪:‬‬
‫نصت املادة السادسة من مرسوم رقم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬على‬
‫أنه‪ " :‬يوقف سريان مفعول مجيع اآلجال املنصوص عليها يف النصوص اللتشريعية‬
‫والتنظيمية اجلاري بها العمل خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها‪،‬ويستأنف‬
‫احتسابها ابتداء من اليوم املوالي ليوم رفع حالة الطوارئ املذكورة‪.‬‬
‫تستثنى من أحكام الفقرة األوىل أعاله آجال الطعن باالستئناف اخلاصة بقضايا‬
‫األشخاص املتابعني يف حالة اعتقال‪،‬وكذا مدد الوضع حتت احلراسة النظرية واالعتقال‬
‫االحتياطي ‪.".‬‬
‫وقد أثارت املادة السادسة املذكورة نقاشا قانونيا خاصة يف مدى خضوع مدد التقادم‬
‫هلذه املادة من عدمه‪ .‬فذهب بعض الفقه‪ 36‬إىل أن كلمة "مجيع " اليت استعملها املشرع‬

‫‪ - 36‬انــظــــر زميلنا ذ‪/‬امبارك جانوي‪ :‬مـفـهــوم األجــل في ضـوء المادة ‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الـصحـيــة‪ :‬مـقـــال منـشـور بـمــجــلـة الـعـلوم‬
‫القانونية‬
‫اإللكترونية بتاريخ‪ 2020/03/30:‬على الرابط التالي‪. https://www.facebook.com/MarocDroit:‬‬
‫‪ -‬ا نــظــر في هــذا االتجاه ذ‪/‬يـوســف قــجـــاج‪ :‬وقف تقادم الدعوى ال عمومية في ظل حالة الـطــوارئ الصحية‪ ،‬مقال منشور بمجلة هسبريس‬
‫اإللكترونية‬
‫بتاريخ‪ 2020/03/29:‬على الرابط التالي‪. https://www.hespress.com:‬‬
‫‪ -‬انــظــر كذلك ذ‪/‬عبد الكـبـيـر طـبـيـح ‪ :‬قراءة في مرسوم القانون رقم ‪ 2/20/292‬المتعلق بحالة الطوارئ الصحية‪،‬مقال منشور بمجلة العمق‬
‫المغربي‬

‫‪54‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫يراد بها مجيع أنواع اآلجال املنصوص عليها يف مجيع القوانني‪،‬وأنواع اآلجال متنوعة‬
‫ومتعددة منها آجال سقوط‪،‬وآجال حلول ديون وأجال انتهاء مدة بعض العقود كعقد‬
‫التأمني مثال وآجال إعداد الدفاع وتقديم للمتهم أمام النيابة العامة‪،‬وآجال مباشرة بعض‬
‫احلقوق‪،‬وآجال الطعون يف األحكام‪،‬ومنها أيضا آجال التقادم‪.‬‬
‫بينما ذهبت بعض اآلراء‪ 37‬والذي نعتقد أن له جانب من الصواب حبيث يرى أن‬
‫هذه املادة خاصة بآجال السقوط وال تشمل آجال التقادم وحصرت نطاق تطبيقها على‬
‫اآلجال احملددة قانونا ملمارسة إجراء من اإلجراءات املنصوص عليها يف خمتلف‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية وبالتالي ال يشمل اإليقاف مدد تقادم الدعاوى املدنية‬
‫واجلنائية وتنفيذ األحكام ومدد العقوبات‪.‬ومن ثم فإن كل أنواع التقادم املنصوص عليها‬
‫يف القانون ستظل سارية منتجة آلثارها خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية وال تتوقف‬
‫طاملا أن املادة السادس املذكورة مل تدرجها ضمن نطاق سريان الوقف واقتصرت على مشول‬
‫اإليقاف على مؤسسة اآلجال وحدها دون مؤسسة التقادم‪.‬‬
‫وال شك أن هذا املقتضى سوف يثري العديد من اإلشكاليات على املستوى العملي‬
‫ويبقى اجتهاد القضاء هو السبيل حلفظ حقوق املتقاضني حسين النية وإعمال قواعد‬
‫العدالة واإلنصاف‪.‬‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬من حيث اجلزاء املرتب عن خمالفة أحكام حالة الطوارئ الصحية‪:‬‬
‫نصت املادة الرابعة من مرسوم رقم‪ 2-20-292:‬بتاريخ‪ 2020/03/23:‬على‬
‫أنه‪:‬‬

‫اإللكترونية بتاريخ‪ 2020/03/25:‬على الرابط التالي‪. https://al3omk.com:‬‬

‫‪ - 37‬انــظــــر زميلنا ذ‪.‬عبد الرزاق ال جباري ‪ :‬مـدى انـطـبــاق مرســوم القانون المتعلق بحالـة الـطوارئ على مـدد الـتـقـادم ‪،‬مقال منشور بمجلة‬
‫هسبريس‬
‫اإللكترونية بتاريخ‪ 2020/03/20:‬على الرابط التالي‪. https://www.hespress.com:‬‬

‫‪55‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫" جيب على كل شخص وجد يف منطقة من املناطق اليت أعلنت فیھا حالة‬
‫الطوارئ الصحیة‪ ،‬التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية املشار‬
‫إلیھا يف املادة الثالثة أعاله ‪.‬یعاقب على خمالفة أحكام الفقرة السابقة باحلبس من‬
‫شھر إىل ثالثة أشھر وبغرامة ترتاوح بني ‪ 300‬و ‪ 1300‬درھم أو بإحدى ھاتني‬
‫العقوبتین‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بالعقوبة اجلنائیة األشد ‪.‬‬
‫وعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفیذ قرارات السلطات العمومیة املتخذة‬
‫تطبیقا لھذا املرسوم بقانون‪ ،‬عن طریق العنف أو التھديد أو التدلیس أو اإلكراه‬
‫‪ ،‬وكل من قام بتحریض الغیر على خمالفة القرارات املذكورة يف ھذه الفقرة‪ ،‬بواسطة‬
‫اخلطب أو الصیاح أو التھديدات املفوه بھا يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪،‬أو‬
‫بواسطة املكتوبات أو املطبوعات أو الصور أو األشرطة املبيعة أو املوزعة أو املعروضة‬
‫للبیع أو املعروضة يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬أو بواسطة امللصقات املعروضة‬
‫على أنظار العموم أو بواسطة خمتلف وسائل اإلعالم السمعیة البصریة أو اإللكرتونية و‬
‫أي وسيلة ستعمل لھذا الغرض دعامة إلكرتونية‪.".‬‬
‫ويف إطار تعزيز دور النيابة العامة يف مكافحة اإلخالل حبالة الطوارئ وجه السيد‬
‫الوكيل العام للملك لدى حمكمة النقض رئيس النيابة العامة إىل كافة قضاة النيابة العامة‬
‫مبحاكم اململكة دورية‪ 38‬بتاريخ‪ 2020/03/24:‬حتثهم على التطبيق الصارم واحلازم‬
‫رقم‪2-20-292:‬‬ ‫بقانون‬ ‫مرسوم‬ ‫تضمنها‬ ‫اليت‬ ‫الزجرية‬ ‫للمقتضيات‬
‫بتاريخ‪ 2020/03/23:‬وبضرورة إجراء األحباث وإقامة الدعاوى العمومية بشأن‬
‫املخالفات املرتكبة بشأن تطبيق التدابري اليت تتخذها السلطات العمومية يف إطار حالة‬

‫‪ - 38‬الدورية عدد‪ 13:‬س‪/‬ر‪.‬ن‪.‬ع وتاريخ‪ 2020/03/24:‬بشأن حالة الطوارئ الصحية الصادرة عن السيد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة‪.‬‬

‫‪56‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الطوارئ الصحية سواء مت اختاذها مبوجب مراسيم أو مقررات أو مناشري أو بالغات‬


‫واليت تستهدف محاية املواطنني يف حياتهم و صحتهم و معاشهم‪.‬‬
‫هذا وتطبق هذه املقتضيات الزجرية على األفعال املرتكبة بعد نشر هذا املرسوم‬
‫بقانون باجلريدة الرمسية بتاريخ‪ 24:‬مارس ‪ 2020‬احرتاما ملبدأ شرعية اجلرائم و‬
‫العقوبات ‪.39‬‬
‫هذا وقبل صدور هذا املرسوم ثار نقاش فقهي حول املقتضيات الزجرية الواجب‬
‫تطبيقها على حاالت خرق قرار حالة الطوارئ املعلنة قبل ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬حبيث‬
‫برزت ثالث اجتاهات‪:40‬‬
‫‪ -‬اجتاه أول‪ :‬يرى أن مقتضيات الفصل السادس من املرسوم امللكي رقم‪554.65:‬‬
‫الصادر بتاريخ‪ 1967/06/26:‬مبثابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعض‬
‫األمراض واختاذ تدابري وقائية للقضاء على هذه األمراض هو الواجب التطبيق‬
‫والذي نص على أنه‪ ":‬يعاقب عن املخالفات ملقتضيات هذا املرسوم امللكي‬
‫والنصوص املتخذة لتطبيقه بالسجن ملدة ترتاوح بني ستة أيام وشهرين وبغرامة‬
‫يرتاوح قدرها بني ‪ 40‬درهما و‪ 2.400‬درهم أو بإحدى هاتينب العقوبتني‬
‫فقط‪".‬غري أنه يعاب على هذا االجتاه أن املخاطب بهذه املقتضيات الزجرية هم‬

‫‪ - 39‬الفــصـل الثالث من القانون الجنائي المغربي نص على أنــه‪ " :‬ال يســوغ مؤاخـــذة أحــد على فـعـل ال يـعـد جـريمة بصريح القانون والمعاقبته‬
‫بعقوبات لم يقررها القانون‪.".‬‬
‫وهو ما أكدته دورية السيد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة عدد‪ 13:‬س‪/‬ر‪.‬ن‪.‬ع وتاريخ‪ 2020/03/24:‬بشأن حالة الطوارئ الصحية و التي‬
‫جاء فيها‪ " :‬و إذا كنا على يقين من وعي المواطنين بخطورة الوباء‪،‬و إدراكهم ألهمية احترام التدابير المقرة للغاية و العالج كما يتجلى ذلك من‬
‫انخر اطهم الواعي في تطبيقها و شجبهم لبعض التصرفات المخالفة لها التي ارتكبها بعض األشخاص‪ ،‬فإن استعمال التدابير الزجرية المنصوص عليها‬
‫في المرسوم بقانون‪،‬يعتبر ضروريا لردع المخالفين الذين يستهينون بحياة المواطنين و بسالمتهم ويعرضونهم للخطر‪ .‬ولذلك يتعين تطبيقها بالحزم‬
‫الالزم و الصرامة الواجبة على جميع األفعال المرتكبة ابتداء من يومه ‪ 24‬مارس وهو تاريخ نشر المرسوم بقانون‪ ،‬و إألى غاية الساعة السادسة من‬
‫يوم ‪ 20‬أبريل ‪. 2020‬مع العلم أن هذا الجل يمكن تمديده بمقتضى مرسوم عمال بأحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من المرسوم بقانون السالف‬
‫الذكر‪.".‬‬
‫‪ -‬ا نــظــر كذلك ذ‪/‬عبد الكـبـيـر طـبـيـح ‪ :‬قــراءة فـــي مـرسوم القانون رقم ‪ 2/20/292‬المتعلق بحالة الطوارئ الصحية مقال منشور بمجلة العمق‬
‫المغربي‬
‫اإللكترونية بتاريخ‪ 2020/03/25:‬على الرابط التالي‪. https://al3omk.com:‬‬
‫‪ - 40‬انـظـر بعض هــذه اآلراء‪ :‬مقال لزميلنا ذ‪/‬أنس سعدون بعنوان‪ :‬احترام مبدأ الشرعية الجنائية في زمن الطوارئ الصحية‪ :‬منشور بمجلة‬
‫هسبريس‬
‫اإللكترونية بتاريخ‪.2020/03/25:‬‬

‫‪57‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أصحاب املهن الطبية وأصحاب املهن الشبيهة بالطبية املأذون هلم قانونا مبزاولة‬
‫املهنة امللزمون بالتصريح لدى السلطات بوجود حالة من حاالت األمراض املعدية‬
‫احملدد قائمتها بقرار لوزير الصحة العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬اجتاه ثان‪ :‬يرى أن خرق حالة الطوارئ الصحية تشكل وعاء جلنحة العصيان‬
‫املنصوص عليها و على عقوبتها يف الفصل ‪ 308‬من جمموعة القانون اجلنائي واليت‬
‫تنص على أنه‪:‬‬
‫" كل من قاوم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب‬
‫باحلبس من شهرين إىل ستة أشهر وبغرامة ال تقل عن مائة وعشرين درهما وال تتجاوز‬
‫ربع مبلغ التعويضات‪ .‬أما األشخاص الذين يتعرضون على تنفيذ هذه األشغال بواسطة‬
‫التجمهر أو التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون باحلبس من ثالثة أشهر إىل سنتني‬
‫وبالغرامة املشار إليها يف الفقرة السالفة‪".‬‬
‫غري أنه يعاب على هذا التوجه أن الفقه اجلنائي يعرف جرمية العصيان بأنها‬
‫املقاومة بواسطة العنف من أحد األفراد ضد املؤمتن على السلطة العامة عند ممارسته‬
‫املشروعة لوظائفه‪.‬فلتحقق جرمية مقاومة تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة ال بد‬
‫من توفر عناصرها املتمثلة أساسا بوجود فعل مقاومة وأن تتعلق املقاومة بأشغال أمرت‬
‫بها السلطة العامة أو صرحت بها وتكون ذات منفعة عامة مع توفر النية اإلجرامية وهو‬
‫ما استقرت عليه حمكمة النقض‪. 41‬‬

‫‪ - 41‬قــــرار صادر عـن محكمة النـقـض حاليا (المجلس األعلى سابقا) بتاريخ‪ 2005/12/14:‬تحت عدد‪ 21/338:‬في الملف عدد‪ 05/5294:‬منشور‬
‫بمجلة‬
‫المرافعة عدد‪ 17:‬صفحة ‪ 115‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬و تم تأكيد ذلك في قرار آخر لمحكمة النقض حاليا (المجلس األعلى سابقا) صادر بتاريخ‪ 2010/02/25:‬تحت عدد‪ 8/145:‬في الملف الجنحي‬
‫عدد‪ 08/4325:‬جاء فيه‪" :‬قيام المتهمة بانتزاع الفأس من يد المهندس المكلف بعملية التحديد المؤقت في إطار مسطرة التحفيظ و الحيلولة دون‬
‫قيامه بعمله كاف لإلدانة من أجل جنحة عرقلة أشغال أمرت بها السلطة العامة" منشور بمجلة الملف العدد‪ 17:‬الصفحة ‪ 291‬و ما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬وهو ما أكدته كذلك محكمة النقض في قرارها عدد‪ 1089:‬الصادر بتاريخ‪ 2012/10/31:‬في الملف الجنحي عدد‪ 2012/3/6/10221:‬منشور بمجلة‬
‫قضاء محكمة النقض عدد‪ 76:‬الصفحة ‪ 300‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬اجتاه ثالث‪ :‬يرى أن أن خمالفة حالة الطوارئ الصحية تنطبق عليها مقتضيات البند‬
‫احلادي عشر من الفصل ‪ 609‬من القانون اجلنائي و الذي ينص على أنه‪:‬‬
‫" يعاقب بغرامة من عشرة إىل مائة و عشرين درهما من ارتكب إحدى املخالفات‬
‫اآلتية‪ -11...:‬من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة اإلدارية بصورة قانونية إذا‬
‫كان هذا املرسوم أو القرار مل ينص على عقوبات خاصة ملن خيالف أحكامه‪"...‬‬
‫وهذا التوجه نعتقد أنه األقرب إىل الصواب وينسجم مع املنطق القانوني اجلنائي‬
‫السليم ومع مبدأ الشرعية اجلنائية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إصدار مرسوم رقم‪ 293-20-2:‬بتاريخ‪2020/03/24:‬‬
‫بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي‬
‫فريوس كورونا – كوفيد ‪42 19‬طبقا ملرسوم بقانون رقم‪ :‬رقم‪2-20-292:‬‬
‫رقم‪293-20-2:‬‬ ‫مرسوم‬ ‫احلكومة‬ ‫أصدرت‬ ‫بتاريخ‪2020/03/23:‬‬
‫بتاريخ‪ 2020/03/24:‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين‬
‫ملواجهة تفشي فريوس كورونا – كوفيد‪ 19‬والذي حدد يف مادته الثانية للسلطات‬
‫العمومية املعنية اختاذ التدابري الالزمة من أجل‪:‬‬
‫أ) عدم مغادرة األشخاص حملل سكناهم مع اختاذ االحتياطات الوقائية‬
‫الالزمة طبقا لتوجيهات السلطات الصحية؛‬
‫ب) لكل شخص خارج حمل سكناه‪ ،‬إال يف حاالت الضرورة القصوى التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التنقل من حمل السكنى إىل مقرات العمل‪ ،‬وال سيما يف املرافق العمومية‬
‫احليوية واملقاوالت اخلاصة واملهن احلرة يف القطاعات واملؤسسات األساسية احملددة‬

‫‪ - 42‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 6867:‬مكرر الصادرة بتاريخ‪ 2020/03/24:‬الصفحة‪.1783:‬‬

‫‪59‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بقرارات للسلطات احلكومية املعنية‪ ،‬مع مراعاة الضوابط اليت حتددها السلطات اإلدارية‬
‫املعنية من أجل ذلك؛‬
‫‪ -‬التـنـقـل من أجـــل اقـتـناء املنتجات والسلع الضرورية للمعيشة‪ ،‬مبا يف ذلك‬
‫اقتناء األدوية من‬
‫الصيدليات؛‬
‫‪ -‬الـتـنـقـل من أجـل الذهاب إىل العيادات واملصحات واملستشفيات وخمتربات‬
‫التحليالت الطبية‬
‫ومــراكـز الفحص باألشعة وغريها من املؤسسات الصحية ‪ ،‬ألغراض التشخيص‬
‫واالستشفاء‬
‫والعالج؛‬
‫‪ -‬التنقل ألسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة األشخاص املوجودين يف وضعية‬
‫صعبة‪ ،‬أو يف‬
‫حاجة إىل اإلغاثة ‪.‬‬
‫ج) مـنــع أي تـجـمـع أو جتمهـر أو اجتماع جملموعة من األشخاص مهما كانت‬
‫األسباب الداعية إىل‬
‫ذلك‪ ،‬ويستثنى من هذا املنع االجتماعات اليت تنعقد ألغراض مهنية‪ ،‬مع مراعاة‬
‫التدابري الوقائية‬
‫املقررة من قبل السلطات الصحية؛‬
‫د) إغــالق املـحــالت التجارية وغريها من املؤسسات اليت تستقبل العموم خالل‬
‫فرتة حالة الطوارئ‬

‫‪60‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الصـحية املعـلـنـة‪،‬وال ميكن فـتــح هـذه احملالت واملـؤسسات من قـبـل‬


‫أصـحـابها إال ألغراضهم‬
‫الشخصية فقط‪ .‬كما أتاحت املادة الثالثة من املرسوم املذكور لوالة اجلهات وعمال‬
‫األقاليم والعماالت اختاذ مجيع التدابري التنفيذية اليت يستلزمها حفظ النظام العام‬
‫الصحي يف ظل حالة الطوارئ املعلنة‪،‬سواء كانت هذه التدابري ذات طابع توقعي أو وقائي‬
‫أو محائي‪،‬أو كانت ترمي اىل فرض أمر حبجر صحي اختياري أو إجباري‪،‬أو فرض قيود‬
‫مؤقتة على إقامة األشخاص مبساكنهم‪،‬أو احلد من تنقالتهم‪،‬أو منع جتمعهم‪،‬أو إغالق‬
‫احملالت املفتوحة للعموم‪،‬أو إقرار أي تدبري آخر من تدابري الشرطة اإلدارية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬تدابري احلجر الصحي وإعالن حالة الطوارئ الصحية‬
‫يف سياق مكافحة فريوس كورونا املستجد وعالقتها مبنظومة حقوق‬
‫اإلنسان‬
‫كـشـفت إجـراءات املكافحـة املتباينة اليت اتبعتها دول العامل يف جمابهـة وبـاء‬
‫فـريوس كــورونا )‪ (Covid-19‬للرأي العام الدولي واإلقليمي مالحظات عديدة تتعلق‬
‫مبستوى وفائها بالتعاون الدولــي فـيما يتصل بالقضايا والتحديات االقتصادية‬
‫واالجـتمـاعية‪،‬واملـسـاواة بني الشعـوب فـي التمتع حبـقوق اإلنسان وحرياته األساسية‬
‫وبكرامة‪.‬األفراد‪.‬دون‪.‬متييز‪.‬‬
‫كما كشف وصول درجة انتشار املرض إىل مرحلة وباء عاملي‪،‬مفارقـات غري‬
‫متــصـورة حـول مدى استعداد األنظمة الصحية يف الـدول املتقدمة اليت كـان نصيبها من‬
‫اإلصابــات أكـبـر مـقـارنـة مع نظرياتها من الدول النامية‪.‬على الرغم من توفر أنظمة‬
‫اإلنذار املبكر ومراكز البحوث واملعامل األكـثر تطورا حول العامل‪.‬‬
‫وهو ما يدفعنا لطرح تساؤالت بشأن جدية الدول يف الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ‬

‫‪61‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫واحرتام ومحاية احلق يف الصحة‪ ،‬الذي يُـعـد واحـدا مـن حقـوق اإلنسان األساسية‬
‫املنصوص عليها يف العهد الدولي اخلاص باحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫الذي اعتمدته اجلمعية العام لألمم املتحدة يف ‪ 1966‬و الـذي دخـل حـيـز النفاذ يف العام‬
‫‪ 1976‬وصادقت عليه ‪ 170‬دولة أي مضت أكثر من أربعني عـاما من تعهد الدول‬
‫األطراف حبق كل إنسان يف التمتع بأعلى مستوى يف الصحة اجلسمية والعقلية ميكن‬
‫بلوغه‪.‬‬
‫وحسب املادة ‪ 12‬من العهد فـقـد أقـرت الـدول األطـراف بأن ضمان ممارسة‬
‫التمتع الـتـام بـهـذا احلــق يـفـرض عـليـها الـعـمـل على الوقـايـة من األمـراض‬
‫الوبـائـيـة واملتوطنة واملهنية واألمـراض األخـرى وعـالجها ومـكـافـحـتـهـا‪ ،‬مع‬
‫مراعاة أن تكون هناك استعدادات جيدة لتأمني اخلدمة والـعـناية الطبية للجميع يف‬
‫حالة املرض‪ ،‬مبا يف ذلك االهـتــمـام بتحسني مجيع جوانب صحة البيئة احمليطة من‬
‫حولنا‪.‬‬
‫وكما هو معلوم فإن تنفيذ احلق يف الصحة يكون بالتدرج باعتباره أحد احلقوق‬
‫االقتصادية واالجـتماعية والثقافية اليت يتطلب تنفيذها توفر موارد مالية كافية‪ ،‬تفوق‬
‫يف كثري من األحيان إمكانية الدولة‪ ،‬خـاصة إذا كانت من ضمن الدول النامية‪ ،‬شـريـطـة‬
‫أن تبذل الدولة املعنية أقصى ما ميكن من مواردها احمللية للوفاء بالتزاماتها يف‬
‫جمـاالت الصحة حتى تستحق الدعــم الدولي من هيئات األمم املتحدة املتخصصة‬
‫املاحنة‪.‬‬ ‫الدول‬ ‫أو‬ ‫العاملية‬ ‫كالصحة‬
‫وما يدعم ذات املبدأ القائم على أن اإلنسان هو حمور التنمية وأن احـتـرام الـدول‬
‫حلقوقـه وحـرياتـه هو املعيار األساسي لقياس مدى حتضر الدول وتقدمها‪ ،‬حيث ال‬

‫‪62‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫يكفي القول بأن احلـق فـي الصحة هو فقط احلق يف التمتع بصحة جيدة‪،‬إمنا يشمل‬
‫احلصول على مياه الشرب النظيفة‪،‬والـغـذاء الـصحـي والكـايف واآلمن‪ ،‬واحلصول على‬
‫التوعية واملعلومات الصحية‪،‬والظروف الصحية يف مكان العمل‪ ،‬مع مراعاة توفر تكافؤ‬
‫الفرص بني األفراد يف الوصول واالستفادة من النظام احمللي للحماية الصحية‪ ،‬مبا يف‬
‫ذلك حقوق وحريات أساسية أخرى منها حق يف سالمته النفسية واجلسدية بأن يكون يف‬
‫مأمن مـن التعذيب‪ ،‬أو إجراء التجارب الطبية عليه دون إذنه‪.‬‬
‫فهل تعد القيود املفروضة عن طريق تدابري احلجر الصحي و إعالن الطوارىء الصحي‬
‫انتهاكا‪.‬حلقوق‪.‬اإلنسان‪.‬؟‬
‫وفقا ملا تقدم فإن دول العامل ينبغي عليها أن تتضامن فيما بينها‪ ،‬ألجـل التغلب‬
‫على هـشاشـة النظم الصحية العاملية بتقديم املساعدة هلا يف العديد من الدول حول العامل‬
‫وأن توازن كذلك بني جهـودهـا يف مكافحة وباء كرونا واحرتام ومحاية حقوق اإلنسان‬
‫وحرياته العامة‪،‬من خــالل الـتحـمـل املشـتـرك ملا يتوقع أن تتعرض له احلكومات‬
‫وشركات القطاعني الـعـام واخلـاص من خـسائـر ناجـمة عن إجـراءات احلجر الصحي‬
‫وتقييد ممارسة معظم احلقوق األساسية ما قد يؤدي إىل ركـود اقتصادي طـويـل األمـد‪،‬‬
‫وتأثريه‪.‬‬ ‫نسبه‬ ‫حلساب‬ ‫مبكرا‬ ‫الوقت‬ ‫يزل‬ ‫مل‬ ‫حيث‬
‫الظروف‪:‬‬ ‫هذه‬ ‫يف‬ ‫مباشر‬ ‫بشكل‬ ‫تتأثر‬ ‫اليت‬ ‫احلقوق‬ ‫أبرز‬ ‫ومن‬
‫‪ -‬احلق يف الصحة‪ :‬بأن تضمن الدول أن يكون هذه احلق متوفرا وجيدا‪ ،‬مع إمكانية‬
‫الوصول إليه مبا‬
‫يشمل الـحــق يف العالج من األوبئة‪ ،‬وتـقــديم املساعدات اإلنسانية والتكنولوجية‬

‫‪63‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املتصلة بنظم رصد ومراقبة األوبئة والتحصني منها وطرق معاجلتها‪.‬‬


‫‪ -‬عــدم التـمـيـيــز‪:‬بأن تضمن الدول متتع مجيع األفراد باحلق يف الصحة دون أي‬
‫متييز بسبب العرق أو اللـون أو اجلنس أو اللغة أو الـديـن أو الرأي سياسيا أو غـيـر‬
‫سياسي أو األصل القومي أو االجتماعي أو الثروة أو النسب أو غري ذلك من األسباب‪.‬‬
‫‪ -‬احلق يف التنقل‪ :‬مبا ميكن األفراد واجلماعات من التواصل مع بعض البعض‬
‫والعودة‪.‬إىل‪.‬أوطانهم‪.،‬وممارستهم‪.‬نشاطاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬احلق يف العمل‪ :‬مبا يشمل توفري البيئة الصحية السليمة‪،‬واألجر الذي يكفل هلم‬
‫عيشا كرمياً‪.‬‬

‫‪-‬احلق‪.‬يف‪.‬الغذاء‪.‬‬
‫‪ -‬احلق يف حرية الرأي والتعبري‪ :‬مبا يشمله من طلب املعلومات الصحيحة واالطالع‬
‫عليها ونشـرها‬
‫حوله‪.‬‬ ‫يدور‬ ‫مبا‬ ‫اجلمهور‬ ‫معرفة‬ ‫حيقق‬ ‫مبا‬
‫وحتى تنجح الدول يف حتقيق نتائـج ملموسة يف مكافحة هذا الوباء وغريه من‬
‫األوبئة‪،‬فإن عليها واجـب إشراك األفراد واجلماعات من سكانها ووضعهم يف كـامـل‬
‫صور مراحـل اتـخـاذ الـقـرارات املـتعـلقـة بالصحة وتطبقها واحرتامها‪،‬حيث اتـضح‬
‫من الـتجارب اإلجيـابية عند التزام األفراد اخنفـاض معـدالت اإلصابة بينما يف حاالت‬
‫الضحايا‪.‬‬ ‫وأعداد‬ ‫اإلصابة‬ ‫حدة‬ ‫تصاعدت‬ ‫األفراد‬ ‫التزام‬ ‫ضعف‬
‫و جتدر اإلشارة أن حاالت الطوارئ جتيز قانونية تقييد بعض احلقوق‪ t‬القانون الدولي‬
‫حلـقـوق اإلنـسان مسح للدول بتقييد ممارسة بعض احلقوق األساسية يف حـاالت‬
‫الـطـوارئ االستثنائـية اليت تُـهـدد أمـنـها وسالمة مواطنيها كـمـا ورد يف املادة الرابعة‬

‫‪64‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫والسياسية‪.‬‬ ‫املدنية‬ ‫باحلقوق‬ ‫اخلاص‬ ‫الدولي‬ ‫العهد‬ ‫من‬


‫فقد وضعت شروطا غري يسرية إلعالن حالة الطوارئ تسمح لألنظمة بفرض حالة الطوارئ‬
‫يف أضيق احلدود مع حتديد مدتها وإخطار الدول عن طـريـق األمني العام لألمم املتحدة‬
‫بها‪ ،‬مبا يـضـمـن تـحـقـق املساواة وعدم التمييز يف تطبيقها على مجيع السكان‪ .‬ولكن‬
‫هناك حقوق أساسية تستثنى بعينها مـن هـذا التقييد حتى يف إعالن حالة الطوارئ وهي‪:‬‬
‫‪ -‬احلق يف احلياة حيث ال جيوز حرمان أحد من حياته تعسفا‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جواز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو‬
‫احلاطة بالكرامة‪.‬‬
‫‪ -‬معايري احملاكمة العادلة‪.‬‬
‫‪ -‬حظر االسرتقاق بكافة أشكاله‪،‬مبا يف ذلك عدم جواز إكراه أحد على السخرة أو‬
‫العمل اإللزامي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جواز سجن أي إنسان جملرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم رجعية القوانني عن األفعال اليت مل تكن جمرمة وقت ارتكابها‪.‬‬
‫‪ -‬حق كل إنسان يف االعرتاف بالشخصية القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬احلق يف حرية الفكر والوجدان والدين‪،‬حبيث ال جيوز إخضاع هذا احلق إال لقيود‬
‫ضرورية وقانونية حلماية السالمة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو‬
‫اآلداب العامة أو حقوق اآلخرين وحرياتهم األساسية‪.‬‬
‫وقد أضاف انتشار وباء كورنا)‪ ، (Covid-19‬حقـوقا أخـرى ميكن وضعـهـا حتت‬
‫طـائـلـة التـقـيـيـد بغرض حتقيق السالمة العامة والصحة العامة‪،‬منها احلق يف التنقل‬
‫واحلق‪.‬يف‪.‬العمل‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وال شك أن مكافحة فريوس كورونا على املستويني الوطين و الدولي أفرز مظاهر سلبية‬
‫وإجيابية‪:‬‬
‫‪ -‬املظاهر اإلجيابية‪ :‬فقد ظهرت حـالـة من الشعور اإلنساني اجلمعي املـشـرتك بأن‬
‫مجيع األفـراد حول العامل متساوون يف احلقوق والواجبات سواء كانوا أثرياء أو‬
‫فقراء‪،‬جنوماً أو أشخاصا عـاديني‪ ،‬كلهم يواجهون تهديدا مشرتكا لعدوى تنتقل‬
‫باملصافحة‪ ،‬أو بلمس األسـطـح‪ ،‬أو عرب رذاذ املصابني‪ ،‬األمر جعل الطائرات والقطارات‪،‬‬
‫وقاعـات املؤمترات ودور السينما واملالعب الريـاضـيـة‪ ،‬وحتى دور العبادة كلها أماكن ال‬
‫بد من جتنبها فأصبح اجلميع ودون سابق إنذار يف حاجة ماسة إلتباع نفس اإلرشادات‬
‫ودون‪.‬استثناء‪.‬‬
‫ومن اإلجيابيات أيضا عودة وسائل اإلعالم والصحافة االحرتافية ومنصاتها الرقمية‬
‫لصدارة املشهد واختطاف انتباه ومتابعة اجلمهور للتطورات العاملية واحمللية املتعلقة‬
‫بانتشار الـوبـاء من مـصـادر تلتزم الدقة واملصداقية واملوضوعية وهلا القدرة على الوصول‬
‫إىل املعلومات الرمسـيـة واستنطاق املسئولني‪،‬حيث ال ميضي يوم إال ومئات املؤمترات‬
‫والنشرات والـتصـرحيـات وامللـخـصات متـأل الفضاءات العامة ‪ ،‬يف ظـل كـثافة انتشار‬
‫املعلومات املضللة واألخبار الكاذبة اليت أصبحت وسائط التواصل االجتماعي الفردية‬
‫منربا‪.‬هلا‪.‬‬
‫ومن إجيابيات جمابهة هذا الفريوس أيضا اجتماع األسر لساعات وأيام ليكتشف فيها‬
‫الوالدان قصص أبنائهم ونشاطاتهم يف املنزل‪،‬وما تقوم به الزوجة من أدوار مل تكن‬
‫منظورة‪.‬للزوج‪.‬‬
‫‪ -‬املظاهر السلبية‪ :‬فقد كشف الوباء عن حـالة ضعف استجابة النظم الصحية‬

‫‪66‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫واالرتفاع غري املتوقع يف نسبة اإلصابات يف دول عديدة حول العامل منها أمريكا وإيطاليا‬
‫وإسبانيا‪،‬وعـــدم اكـتـراث بـعض الدول بإقامة نظام صحي مناسب لسكانها وحالـتهـم‬
‫االقـتـصاديـة‪ .‬كما ظهـر جـلـيا خـطاب الكراهـية الصادر عن املسئولني والسياسيني‬
‫الذين مل يتوانوا يف توجيه خـطـاب متييزي للدول اليت انتشر فيها الوباء‪،‬ومن ذلك‬
‫تصريح الرئيس األمريكي دونالد ترامب الذي حتدث علنا عن الوباء الصيين و كأن‬
‫اجلنسية‪.‬‬ ‫صيين‬ ‫العامل‬ ‫بقاع‬ ‫معظم‬ ‫يف‬ ‫انتشر‬ ‫الذي‬ ‫الفريوس‬
‫فقد نادت السيدة ميشل باشليه املفوضة السامية لألمم املتحدة حلقوق اإلنسان ‪":‬بـضرورة‬
‫أن حتـتّـل كـرامـة اإلنسان وحقوقه األولويّة يف هذه اجلهود املبذولة ملكافحة فريوس‬
‫كورونا‪ COVID-19‬ال أن نرتكها ملرحلة الحقة‪ ".‬وأضافت ‪ ":‬وجيب دائمًا أن يتمّ تنفيذ‬
‫عمليات اإلغالق واحلجر الصحـي وغريها من التدابري األخرى املخصّصة الحتواء‬
‫ومكافحة انتشار فريوس كورونا مبا يتماشى متامًا مع معايري حقوق اإلنسان و وفقًا‬
‫للضرورة وبطريقة متناسبة مع املخاطر اليت يتم تقييمها‪".‬‬
‫وينطوي التصدي للوباء على إمكانية التأثري على حقوق اإلنسان ملاليني البشر‪.‬‬
‫أوالً وقبل كل شيء‪ ،‬فحق الفرد يف الصحة مكفول مبوجب اإلعالن العاملي حلقوق‬
‫اإلنسان‪،‬الـذي ينص على احلق يف الوصول إىل الرعاية الصحية واحلق يف الوصول إىل‬
‫املعلومات وحظر التمييز يف تقديم اخلدمات الطبية وعدم اإلخضاع للعالج الطيب دون‬
‫موافقة املريض وغريها من الضمانات املهمة‪.‬‬
‫وقال نيكوالس بيكيلني‪ 43‬بتاريخ‪ 2020/02/05:‬املدير اإلقليمي يف منظمة العفو‬
‫الدولية‪ " :‬ليس للرقابة والتمييز واالحتجاز التعسفي وانتهاكات حقوق اإلنسان مكان يف‬

‫‪ - 43‬نقال عن موقع منظمة العفو الدولية‪. /https://www.amnesty.org/ar :‬‬

‫‪67‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مكافحة وباء فريوس كورونا فانتهاكات حقوق اإلنسان تعرقل‪ ،‬بدالً من تسهل‪،‬‬
‫االستجابة حلاالت الطوارئ الصحية العامة‪ ،‬وتقوض فعاليتها‪.".‬‬
‫" فانتهاكات حقوق اإلنسان تعرقل‪ ،‬بدالً من تسهل‪ ،‬االستجابة حلاالت الطوارئ‬
‫الصحية العامة‪ ،‬وتقوض فعاليتها ‪".‬‬
‫واحلقوق األخرى معرضة للخطر أيضًا أثناء وقوع وباء‪ ،‬وهي‪ :‬احلماية من‬
‫االعتقال التعسفي وحرية التنقل‪ ،‬وحرية التعبري‪ ،‬وغريها من احلقوق االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪ .‬وميكن تقييد هذه احلقوق‪ ،‬ولكن فقط إذا كانت هذه القيود تستويف مبادئ‬
‫الضرورة والتناسب والشرعية‪.‬‬
‫وقال نيكوالس بيكيلني‪ " :‬جيب على احلكومات منع نشر املعلومات اخلاطئة‪،‬‬
‫وتقديم إرشادات صحية دقيقة‪ ،‬ويف الوقت املناسب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬جيب أن تكون أي قيود‬
‫مفروضة على حرية التعبري متناسبة ومشروعة وضرورية‪.".‬كما قال‪ " :‬جيب على‬
‫احلكومات منع نشر املعلومات اخلاطئة‪ ،‬وتقديم إرشادات صحية دقيقة‪ ،‬ويف الوقت‬
‫املناسب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬جيب أن تكون أي قيود مفروضة على حرية التعبري متناسبة‬
‫ومشروعة وضرورية‪.".‬‬
‫وال جيوز تربير احلجر الصحي‪ ،‬الذي يقيد احلق يف حرية التنقل‪ ،‬مبوجب‬
‫القانون الدولي‪ ،‬إال إذا كان متناسباً وحمدداً زمنياً‪ ،‬ومضطلع به لتحقيق أهداف‬
‫مشروعة‪ ،‬وضرورياً للغاية‪ ،‬وطوعياً‪ ،‬حيثما كان ذلك ممكناً‪ ،‬وأن يطبق بطريقة غري‬
‫متييزية‪.‬‬

‫‪68‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وجيب فرض احلجر الصحي بطريقة آمنة‪،‬وعلى حنو الئق‪ .‬وجيب احرتام‬
‫ومحاية حقوق األشخاص اخلاضعني للحجر الصحي‪ ،‬مبا يف ذلك ضمان احلصول على‬
‫الرعاية الصحية والغذاء‪ ،‬وغريها من الضروريات‪.‬‬
‫واختتم نيكوالس بيكيلني قائالً‪ ":‬احلكومات تواجه وضعاً يتسم بالتحدي ‪،‬‬
‫وجيب عليها اختاذ تدابري ملنع انتشار فريوس كورونا ‪ -‬مع ضمان وصول املصابني إىل‬
‫الرعاية الصحية اليت حيتاجونها "‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة أنه يف إطار مكافحة وباء إيبوال طلبت منظمة "هيومن رايتس‬
‫ووتش" احلقوقية الدولية‪ ،‬من حكومة مجهورية الكونغو الدميقراطية "مراعاة حقوق‬
‫اإلنسان" يف إطار تعاملها مع تفشي فريوس "إيبوال"‪ .‬وقال ديدريك لومان‪ ،‬مدير شؤون‬
‫الصحة وحقوق اإلنسان باملنظمة‪ ،‬يف بيان‪" :‬محاية حقوق اإلنسان هي مفتاح االستجابة‬
‫لتفشي اإليبوال مؤخرا"‪ .‬ودعا احلكومة للحد من استخدام احلجر الصحي كأحد طرق‬
‫مكافحة املرض‪.‬وأشار لومان إىل أن "القيود املفروضة على حرية التنقل وغريها من‬
‫التدابري اليت تقيد احلقوق األساسية‪ ،‬يف إطار تدابري مكافحة هذا الفريوس‪ ،‬جيب أن‬
‫تكون قانونية وضرورية ومتناسبة"‪ .‬كما حث حكومة الكونغو الدميقراطية على "جعل‬
‫محاية العاملني باجملال الصحي‪ ،‬السيما النساء‪ ،‬أولوية هلا"‪.‬‬
‫كما دعت رئيسة املفوضية العليا حلقوق اإلنسان التابعة لألمم املتحدة ميشيل‬
‫باشليه‪ 44‬بتاريخ‪ 2020/03/06:‬احلكومات اليت تلجأ إلجراءات إقفال ملناطق وفرض‬
‫حجر صحي ملكافحة كورونا املستجد "كوفيد‪ ،"19-‬إىل ضمان احرتام حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪. - 44‬بتاريخ‪ 2020/03/05:‬نقال عن موقع ‪. https://www.aljazeera.net :‬‬

‫‪69‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وأفاد بيان صادر عن مكتب باشليه جبنيف بأن "على عمليات اإلغالق والعزل‬
‫وغريها من اإلجراءات الحتواء انتشار كوفيد‪ 19-‬ومكافحة تفشيه أن تتم بشكل يتوافق‬
‫متاما مع معايري حقوق اإلنسان وبطريقة تعد ضرورية ومتناسبة مع تقييم اخلطر‪".‬‬
‫كما دعى برنامج األمم املتحدة املشرتك املعين بفريوس نقص املناعة البشرية‪/‬‬
‫اإليدز ‪ ONUSIDA‬جبنيف بتاريخ‪ 20:‬مارس ‪ 2020‬البلدان إىل اعتماد نهج قائم على‬
‫حقوق اإلنسان ملعاجلة وباء ‪ COVID-19‬العاملي‪ .‬وطلب أن تركز هذه االسرتاتيجية على‬
‫اجملتمعات وحترتم حقوق وكرامة اجلميع‪ .‬ويف هذا السياق أعد برنامج األمم املتحدة‬
‫املشرتك املعين بفريوس نقص املناعة البشرية ‪ /‬اإليدز دليالً جديداً يستفيد من الدروس‬
‫املستفادة من االستجابة لوباء فريوس نقص املناعة البشرية‪.‬وتهدف هذه الوثيقة إىل‬
‫مساعدة احلكومات واجملتمعات واجلهات الفاعلة األخرى على وضع وتنفيذ تدابري‬
‫الحتواء الوباء‪ :‬احلقوق يف وقت ‪ :COVID-19‬دروس من فريوس نقص املناعة البشرية‬
‫من أجل استجابة فعالة يقودها اجملتمع‪ .‬ويوفر هذا الدليل معلومات مهمة من‬
‫االستجابة لإليدز وهي ضرورية لضمان اتباع نهج فعال قائم على حقوق اإلنسان يف‬
‫حاالت الطوارئ الصحية ‪:‬‬
‫‪ -‬مكافحة وصمة العار والتمييز اليت يعاني منها األفراد واجملتمعات املتضررة‪.‬‬
‫‪ -‬حتديد أولويات التدابري ألكثر الفئات السكانية ضعف ًا ‪.‬‬
‫‪ -‬إزالة العقبات اليت تعيق التمتع حبقوق اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ -‬بناء الثقة بني اجملتمعات والسلطات الصحية ‪.‬‬
‫‪ -‬فضال عن محاية املوظفني الطبيني يف اخلط األمامي‪.‬‬

‫‪70‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وقال ويين بيانيما‪ ،‬املدير التنفيذي لربنامج األمم املتحدة املشرتك املعين‬
‫بفريوس نقص املناعة البشرية‪ /‬اإليدز‪" ،‬إن أي استجابة ناجحة لوباء عاملي هلا جذورها‬
‫دائماً فيما يتعلق حبقوق اإلنسان والقيادة اجملتمعية"‪".‬إن البلدان األكثر جناحا يف احلد‬
‫من تأثري فريوس نقص املناعة البشرية هي تلك اليت اعتمدت اسرتاتيجيات تشجع‬
‫اجملتمعات على االختبار أو االختبار‪،‬وعند االقتضاء‪ ،‬لرعاية ومحاية أنفسهم‬
‫"‪45‬‬ ‫واآلخرين من تلوث الفريوس‪.‬‬
‫ويف سياق محاية الالجئني من فريوس كورونا دعا مفوض األمم املتحدة السامي‬
‫لشؤون الالجئني‪ ،‬فيليبو غراندي بتاريخ‪ 2020/04/19:‬إىل عدم نسيان الفارين من‬
‫احلروب واملضطهدين يف هذه األوقات الصعبة‪ ،‬قائال إن هؤالء – وكذلك حنن مجيعا –‬
‫حباجة إىل " التضامن والتعاطف اآلن أكثر من أي وقت مضى"‪ .‬ودعا املسئول األممي‬
‫مجيع الدول إىل إدارة حدودها‪،‬كما تراه مناسبا‪،‬يف سياق هذه األزمة الفريدة من نوعها‪.‬‬
‫"ولكن من الواجب أال تؤدي هذه اإلجراءات إىل إغالق سبل طلب اللجوء‪ ،‬أو إجبار‬
‫الناس على العودة إىل أوضاع يسودها اخلطر‪ ".‬وأضاف ‪ " :‬احللول موجودة‪ .‬فإذا مت‬
‫حتديد املخاطر الصحية‪،‬من املمكن وضع ترتيبات لعمليات الفحص‪،‬إىل جانب‬
‫االختبارات واحلجر الصحي وغريها من التدابري‪ .‬كل ذلك سوف ميكّن السلطات من‬
‫إدارة وصول طاليب اللجوء والالجئني بطريقة آمنة‪،‬مع احرتام املعايري الدولية حلماية‬
‫الالجئني واليت مت وضعها إلنقاذ األرواح"‪.46‬‬
‫ويف سياق تدابري احلجر الصحي و حالة الطوارئ الصحية املعلنة ببالدنا أتيحت‬
‫الفرصة للقضاء املغربي يف سابقة هي األوىل من نوعها منذ تنفيذ قرار إغالق احلدود‬

‫انـــــظــر ‪ RIGHTS IN THE TIME OF COVID-19 LESSONS FROM HIV FOR AN EFFECTIVE ,COMMUNITY-LED RESPPONSE :‬على الموقع اإلألكتروني ‪:‬‬ ‫‪- 45‬‬
‫‪. https://www.unaids.org/sites/default/files/styles/webstory_ptohogallerytopimage/public/rights-COVID19_960.jpg?itok=qvG3kAEE‬‬
‫‪ - 46‬نقال عن موقع أخبار األمم المتحدة ‪. https://news.un.org/ar:‬‬

‫‪71‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اجلوية و الربية و البحرية أن تصدى لبعض حاالت األجانب و أقر محاية خاصة هلم يف‬
‫ظل إغالق اجملال اجلوي الوطين من بينها حالة مواطن لييب اجلنسية أخذ رحلة إىل‬
‫تونس متوجهة عرب مطار حممد اخلامس غري أنه ملا وصل إىل هذا املطار صادف فرتة‬
‫احلظر اجلوي الذي فرضته السلطات املغربية مما تعذر معه إقالع الطائرة اليت كانت‬
‫ستتوجه اىل تونس وهكذا بقي عالقا بقاعة العبور باملطار بدون أي مربر ملا يزيد عن‬
‫ثالثة أيام إىل أن فوجئ باملصاحل املختصة باملطار وهي متنعه من الدخول اىل املغرب‬
‫‪.‬فتقدم أمام السيد رئيس احملكمة اإلدارية بالدار البيضاء بطلب رام إىل اإلذن له بولوج‬
‫الرتاب الوطين من مطار حممد اخلامس بالدار البيضاء‪.‬فأصدر السيد رئيس احملكمة‬
‫اإلدارية أمرا بأحقيته يف الولوج إىل الرتاب املغربي بعد التأكد من عدم إصابته بفريوس‬
‫كورونا املستجد (كوفيد ‪ )19‬و ذلك طيلة فرتة احلظر اجلوي مع حتديد مكان إقامته‬
‫بالدار البيضاء وتسجيل تعهد القنصل العام للقنصلية العامة الليبية بالدار البيضاء‬
‫بالسهر على إجراءات سفره مباشرة بعد رفع احلظر اجلوي‪ 47.‬وال شك أن هذه القرار‬
‫القضائي الذي أقر حق االجنيب يف الدخول إىل الرتاب املغربي رغم قرار السلطات‬
‫املغربية بإغالق احلدود و فرض حالة الطوارئ الصحية ملواجهة خطر تفشي فريوس‬
‫كورونا يربز مدى مساهمة القضاء املغربي ودوره االجيابي يف محاية احلريات العامة‬
‫لألفراد و مراكزهم القانونية‪ .‬غري أن حمكمة اإلستئناف اإلدارية باعتبارها مرجعا‬
‫استئنافيا قضت بإلغاء األمر القضائي االستعجالي املذكور بالتعليل التالي‪:‬‬
‫" وحيث إنه من جهة أخرى‪ ،‬فإن البادي من أوراق امللف أن استمرا تواجد‬
‫املستأنف عليه يف منطقة العبور مبطار حمكمة اخلامس بعدما كان قادما من دولة ليبيا يف‬

‫‪ - 47‬أمر استعجالي عدد‪ 239:‬صادر بتاريخ‪ 2020/03/23:‬في الملف عدد‪ 2020/7101/358:‬صادر عن السيد رئيس المحكمة االدارية بالدار البيضاء‬
‫وهو غير منشور‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اجتاه دولة تونس إمنا يرجع إىل قرار السلطات املغربية بفرض حظر جوي يف إطار‬
‫التدابري االحرتازية املتخذة حملاربة انتشار وباء كورونا املستجد (كوفيد ‪،)19‬وهو‬
‫قرار سيادي بامتياز ال ميكن تعطيل آثاره القانونية او اخلروج على مقتضياته إال يف‬
‫احلاالت اليت يقررها قرار احلظر نفسه أو قرارات الحقة متخذة من نفس السلطة‬
‫املختصة ‪،‬وال جمال يف ظل هذا الوضع للدفع خبرق املقتضيات الواردة يف املادة ‪ 38‬من‬
‫القانون رقم ‪ 02.03‬املتعلق بدخول وإقامة اجلانب باململكة املغربية و باهلجرة غري‬
‫املشروعة‪،‬واليت ختص اإلجراءات املواكبة لالحتفاظ باألجنيب يف منطقة االنتظار ألسباب‬
‫فردية ختص هذا األخري ويسري تطبيقها يف احلاالت العادية و ليس استنادا اىل أوضاع‬
‫استثنائية‪.‬ومن جهة أخرى فإن اإلذن لألجنيب للدخول اىل الرتاب الوطين يقتضي‬
‫تواجده يف وضعية نظامية حيال القانون املذكور والسيما توفره على السند القانوني الذي‬
‫يسمح له بذلك الدخول‪،‬و هو معطى غري متوافر يف حالة املستأنف عليه الذي مل يستظهر‬
‫مبا يفيد حصوله على تأشرية للدخول للرتاب الوطين مسلمة له بصفة قانونية وفق‬
‫الضابط اجلاري بها العمل‪،‬واألمر املستأنف بعدم مراعاته جلميع ما ذكر حينما أجاز‬
‫للمست‪،‬اف عليه بالدخول ‪،‬يكون قد جانب الصواب و يتعني إلغاؤه و تصديا التصريح‬
‫برفض الطلب‪.48".‬‬
‫ويف سابقة قضائية أخرى قضت احملكمة اإلدارية بالرباط برفض طلب مواطنني‬
‫مغربيني ظال عالقني باجلزيرة اخلضراء اإلسبانية بالولوج إىل الرتاب املغربي عرب‬
‫ميناء طنجة املتوسطي رغم التزامهما باالمتثال جلميع اإلجراءات الوقائية و االحرتازية‬

‫‪ - 48‬قرار عدد‪ 210:‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ‪ 2020/03/26:‬في الملف عدد‪ ،2020/7202/422:‬قرار غير‬
‫منشور‪.‬‬

‫‪73‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اليت أمرت بها السلطات العامة خاصة منها اخلضوع إلجراءات احلجر الصحي و عدم‬
‫مغادرة املنزل بالتعليل التالي‪:‬‬
‫" وحيث لئن كان الطالبان حيمالن اجلنسية املغربية وقاطنني باملغرب وهلما حق‬
‫اخلروج والدخول من وإىل الرتاب الوطين املكفول دستوريا استنادا ملقتضيات الفقرة‬
‫الرابعة من الفصل ‪ 24‬من الدستور اليت تنص على أن "حرية التنقل عرب الرتاب الوطين‬
‫واالستقرار فيه واخلروج منه والعودة إليه مضمونة للجميع وفق القانون"‪،‬إال أن ذلك‬
‫يبقى يف احلاالت العادية‪،‬أما يف نازلة احلالة فإن استمرار تواجد الطالبني يف منطقة‬
‫العبور باجلزيرة اخلضراء بعدما كانا قادمني من اسبانيا إىل املغرب إمنا يرجع إىل تدابري‬
‫احرتازية سريعة وحامسة اختذتها السلطات املغربي بفرض حظر جوي وحبري استنادا‬
‫للسلطة التقديرية الواسعة املمنوحة هلا يف هذا اجملال ملواجهة موقف خطري صونا‬
‫ومحاية للصحة العامة وذلك ملنع انتشار داء وباء فريوس كورونا املستجد كوفيد ‪19‬‬
‫وهي تدابري أخذت بالفعل شكلها و صيغتها القانونية بصدور مرسوم بقانون رقم‬
‫‪ 2.20.292‬بتاريخ‪ 28:‬رجب ‪ 1441‬املوافق ل ‪ 23‬مارس ‪ 2020‬يتعلق بسن احكام‬
‫خاصة حبالة الطوارئ الصحية و اجراءات االعالن عنها‪،‬واملرسوم رقم ‪2.20.293‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 29‬رجب ‪ 1441‬املوافق ل ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬بإعالن حالة الطوارئ‬
‫الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا كوفيد‬
‫‪،19‬واملنشوران باجلريدة الرمسية عدد ‪ 6867‬بتاريخ‪ 29:‬مارس ‪،2020‬وعليه فإن هذه‬
‫التدابري ال ميكن تعطيل آثارها القانونية أو اخلروج على مقتضياتها إال يف احلاالت اليت‬
‫يقررها تدبري احلظر نفسه أو قرارات الحقة متخذة من نفس السلطة وذلك يف إطار قاعدة‬
‫توازي الشكليات(نفس االجتاه قرار حمكمة االستئناف عدد ‪ 210‬املؤرخ يف‬

‫‪74‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ 2020/03/26‬يف امللف عدد ‪،)2020/7202/422‬مما جيعل حالة احلظر اجلوي‬


‫الساري املفعول يف حق الطالبني أعاله جمرد تدبري تنظيمي غري خمل مببد أحرية‬
‫الدخول و اخلروج من و إىل الرتاب الوطين كأصل عام خاصة وأن سنده نفس مقتضيات‬
‫الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 24‬من الدستور املشار إليها أعاله واليت أكدت على أن التعامل‬
‫مع حرية الدخول واخلروج للرتاب الوطين سوف تتم من خالل ضوابط يؤسسها القانون‬
‫نفسه‪،‬ذلك انه بالرغم من أن هذه احلرية مضمونة إال أنه من نتائج الظروف االستثنائية‬
‫الصحية اليت تعيشها اململكة املغربية ضرورة فرض قيود خاصة على هذه احلرية محاية‬
‫للصحة العامة‪.‬‬
‫وحيث إنه عطفا على ما ذكر أعاله فإن طلب خرق حالة الطوارئ الصحية عن‬
‫طريق اإلذن للطالبني بالدخول إىل الرتاب الوطين املغربي يبقى مستند على غري ذي‬
‫أساس‪،‬خاصة وأن ما قامت به السلطات املغربية ميثل املشروعية اآلنية يف ظل الوضع‬
‫السائد‪،‬وأن القاضي اإلداري االستعجالي حيمي املشروعية يف كل األحوال‪،‬مما يتعني معه‬
‫ونعتقد أن هذا االجتهاد القضائي وإن‬ ‫‪49".‬‬
‫رفض الطلب و إبقاء الصائر على عاتق رافعه‬
‫كان ينتصر للمشروعية القانونية غري أنه مل ينتصر لقواعد العدالة و اإلنصاف خاصة أن‬
‫الطالبني غري مصابني بفريوس كوفيد ‪ 19‬وأنهما التزما باالمتثال جلميع اإلجراءات‬
‫الوقائية و االحرتازية اليت تتخذها السلطات العامة ومنها اخلضوع إلجراءات احلجر‬
‫الصحي و عدم مغادرة املنزل‪.‬‬
‫وبالرجوع إىل القانون الدولي حلقوق اإلنسان يتبني أن اإلجراءات املتخذة لتدبري‬
‫جائحة كورونا (كوفيد ‪ )19‬سواء ما تعلق منها بإجراءات احلجر الصحي أو تقييد‬

‫‪ - 49‬أمــــر قـضــائـي اســتـعـجالـي عـدد‪ 955:‬صــادر عن السـيــد رئـيــس المحكمة االدارية بالرباط بتاريــخ‪ 2020/03/31:‬في الملف (القضاء‬
‫المستعجل)‬
‫عدد‪، 2020/7101/667:‬أمر قضائي غير منشور‪.‬‬

‫‪75‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حرية حركة األشخاص ينبغي أن تتم يف احرتام تام ملنظومة حقوق اإلنسان واليت تشرتط‬
‫أن تكون هذه التدابري‪:‬‬
‫‪ )1‬أن تتسم باملشروعية القانونية أي أن تكون هلا سند قانوني‪.‬‬
‫‪ )2‬أن تكون ضرورية‪.‬‬
‫‪ )3‬أن تكون حمددة يف الزمن‪.‬‬
‫‪ )4‬أن تكون متناسبة‪.‬‬
‫‪ )5‬عدم التمييز‪.‬‬
‫وبالرجوع إىل املادتني األوىل و الثانية من مرسوم بقانون رقم‪2-20-292:‬‬
‫بتاريخ‪ 2020/03/23:‬املتعلق بسن أحكام خاصة حالة الطوارئ الصحية وإجراءات‬
‫اإلعالن عنها جندها قد احرتمت املنظومة الدولية حلقوق اإلنسان حبيث اشرتطت‬
‫إلعالن حالة الطوارئ الصحية ما يلي‪:‬‬
‫أن يتم إعالن حالة الطوارئ الصحية مبرسوم تتخذه احلكومة باقرتاح مشرتك‬ ‫‪)1‬‬
‫للسلطتني احلكوميتني املكلفتني بالداخلية و الصحة (املشروعية القانونية) ‪.‬‬
‫أن تقتضي الضرورة إعالن حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫أن تكون حالة الطوارئ الصحية حمددة من حيث الزمان و املكان‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫وميكن التخفيف من آثار تدابري احلجر الصحي و حالة الطوارئ الصحية إذا ما‬
‫جلأت احلكومة إىل تطبيق مقتضيات املادة اخلامسة من املرسوم بقانون املذكور وذلك‬
‫باختاذ اإلجراءات االستعجالية ذات الطابع االقتصادي واملالي واالجتماعي والبيئي‬
‫ملواجهة اآلثار السلبية املرتتبة عن هاذين التدبريين ويف هذا السياق مت إحداث جلنة‬
‫اليقظة االقتصادية لتتبع انعكاسات وباء فريوس كورونا املستجد ( كوفيد ‪)19 -‬‬

‫‪76‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫واإلجراءات املواكبة وذلك يف إطار اجملهودات االستباقية اليت تقوم بها احلكومة‬
‫ملواجهة االنعكاسات االقتصادية املباشرة وغري املباشرة للوباء على االقتصاد الوطين‬
‫حيث مت اختاذ عدة إجراءات منها‪:‬‬
‫‪ -‬على املستوى االجتماعي‪ :‬مت اختاذ إجراءات لفائدة األجراء الذين توقفوا عن العمل‬
‫املصرح بهم لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي أو املشتغلني يف القطاعات‬
‫غري املهيكلة تأجيل‪.‬‬
‫‪ -‬على املستوى االقتصادي‪ :‬دعم املقاوالت املتوسطة و الصغرى والصغرية جدا واملهن‬
‫احلرة اليت تواجه صعوبات عن طريق تعليق املساهمات االجتماعية وتأجيل سداد‬
‫القروض البنكية و تلك املتعلقة بقروض اإلجيار (االئتمان اإلجياري) وتفعيل خط‬
‫إضايف للقروض اليت متنحها البنوك ويضمنها الصندوق املركزي للضمان ‪.‬‬
‫‪ -‬على املستوى املالي‪ :‬متكني بعض الفئات االجتماعية من تأجيل سداد القروض‬
‫البنكية ملدة ثالثة أشهر قابلة للتمديد ومتكني بعض املقاوالت اليت يقل رقم‬
‫معامالتها للسنة املالية ‪ 2019‬عن ‪ 20‬مليون درهم‪،‬واالستفادة من تأجيل وضع‬
‫التصرحيات الضريبية وتعليق املراقبة الضريبية واإلشعار لغري احلائز )‪(ATD‬‬
‫حتى ‪ 30‬يونيو ‪.2020‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪77‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ يوسف سلموني زرهوني‬


‫عضو نادي قضاة املغرب‬

‫سياسة التجريم والعقاب يف ظل حالة‬


‫الطوارئ الصحية‬
‫(دراسة مقارنة بني القانون املغربي ونظريه الفرنسي)‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ف شكلت الفرتة الفاصلة بني ظهور أول إصابة بفريوس كورونا كوفيد‪ 19-‬يف‬
‫مدينة ووهان الصينية بتاريخ ‪ 12‬دجنرب ‪ ،2019‬وظهور أول إصابة باملغرب بتاريخ ‪2‬‬
‫مارس ‪ 2020‬من جهة‪ ،‬وبني إعالن حالة الطوارئ الصحية باملغرب بالبالغ الصادر عن‬
‫وزارة الداخلية وتاريخ صدور مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬املتعلق بسن أحكام خاصة‬
‫حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬واملرسوم رقم ‪ 2.20.293‬بإعالنها‬
‫بسائر أرجاء الرتاب الوطين من جهة أخرى‪ ،‬مناسبة حلدوث عدة تغريات على الصعيد‬
‫الوطين والدولي ملواجهة هذا الوباء وعلى رأسها تصنيفه من قبل منظمة الصحة العاملية‬
‫جائحة عاملية ‪.‬‬

‫‪78‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وقد اختذت اإلجراءات اليت مت تبنيها وطنيا منحى تصاعديا بدءا من تعليق بعض‬
‫الرحالت اجلوية إىل اإلغالق التام جلميع منافذ اململكة اجلوية والبحرية والربية أمام‬
‫تنقل األشخاص‪ ،‬مرورا بتوقيف الدراسة باملؤسسات التعليمية مبختلف أصنافها‪ ،‬ثم‬
‫احلد من ولوج املرتفني إىل خمتلف اإلدارات واملؤسسات العمومية‪ .‬إال أن بروز شبح‬
‫انتشار اجلائحة بشكل ال ميكن السيطرة عليه‪ ،‬فرض على السلطات احلكومية اختاذ‬
‫إجراءات حتد من احلقوق واحلريات األساسية وأبرزها فرض عدم مغادرة األشخاص‬
‫حملل سكناهم إال يف حاالت الضرورة القصوى‪.‬‬
‫ويف ظل تعدد اإلجراءات املتخذة يبقى التساؤل الذي يطرحه كال من املرسوم‬
‫بقانون ‪ 2.20.292‬ومرسوم ‪ 2.20.293‬يتمثل يف مدى موازنتهما بني واجب محاية‬
‫احلقوق واحلريات األساسية للمواطنني‪ ،‬وبني محاية حياتهم وسالمتهم من تهديد‬
‫انتشار األمراض املعدية أو الوبائية‪.‬‬
‫وحلصر خمتلف جوانب هذا اإلشكال يبدو من املناسب الوقوف على أبرز مالمح‬
‫املقتضيات الزجرية اليت وردت يف النصوص املذكورة وذلك من خالل احلديث عن جوانب‬
‫التجريم املقررة مبوجب املرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬ومقارنتها مبا أفرزته التجربة‬
‫الفرنسية يف هذا الباب (املبحث األول)‪ ،‬على أن نقف على اآلثار املرتتبة على إحداث‬
‫جرائم جديدة (املبحث الثاني) لتكون فرصة للوقوف على بعض التأثريات العملية هلذه‬
‫اآلثار من خالل مقاربة إحصائية (املبحث الثالث)‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬سياسة التجرمي املرتبطة حبالة الطوارئ الصحية بني‬
‫املقاربتني املغربية والفرنسية‬
‫للوقوف على موقف كل من املشرع املغربي واملشرع الفرنسي خبصوص األفعال‬
‫الواجب احلماية من ناحية التجريم خالل فرتة الطوارئ الصحية سنتطرق للرؤية‬

‫‪79‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املغربية يف جمال التجريم من خالل رصد أحكام اجلرائم املنصوص عليها يف املرسوم‬
‫بقانون رقم ‪( 2.20.292‬املطلب األول) على أن نتطرق للمقاربة اليت نهجها املشرع‬
‫الفرنسي ملواجهة التحديات اليت تواجه فرض حالة الطوارئ الصحية فوق الرتاب‬
‫الفرنسي (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مظاهر التجرمي من خالل املرسوم بقانون بسن أحكام‬
‫خاصة حبالة الطوارئ الصحية‬
‫لقد شكلت املادة الرابعة قانون حالة الطوارئ الصحية أساس التجريم‪ ،‬وقد أكدت‬
‫املادة املذكورة على وجوب التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية‬
‫املشار إليها يف املادة الثالثة من نفس القانون‪ ،‬واليت تشري إىل اختاذ احلكومة خالل فرتة‬
‫إعالن حالة الطوارئ للتدابري املالئمة اليت تقتضيها هذه احلالة مبوجب مراسيم‬
‫ومقررات تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشري وبالغات‪.‬‬
‫وتطبيقا هلذه املقتضيات صدر املرسوم رقم ‪ 2.20.293‬بإعالن حالة الطوارئ‬
‫بسائر الرتاب الوطين وتضمنت املادة الثانية منه إلزام األشخاص بعدم مغادرة حمل‬
‫سكناهم إال يف حالة الضرورة القصوى‪ ،‬الشيء الذي جيعل من أية خمالفة هلذه‬
‫املقتضيات جرمية قائمة األركان طبقا للمادة الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫وهو األمر الذي يدعونا إىل رصد صور التجريم اليت أقرها القانون املذكور حسب ما‬
‫سنحاول التفصيل فيه يف الفقرات التالية‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬جرمية عدم التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن‬
‫السلطات احلكومية خالل فترة إعالن حالة الطوارئ‬
‫باستقراء خمتلف التدابري املنصوص عليها يف مرسوم إعالن حالة الطوارئ الصحية‬
‫بسائر الرتاب الوطين يتضح لنا أن املرسوم حاول احلد من مجيع صور األنشطة اليت من‬

‫‪80‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫شأنها الزيادة يف احتمال املساهمة يف انتشار الوباء وبالتالي الزيادة يف نسبة احتمال‬
‫حتقق املخاطر‪ ،‬وميكن رصد أهم التدابري املنصوص عليها يف املرسوم املذكور وفق التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬عدم مغادرة حمل السكىن وعدم اختاذ االحتياطات الوقائية‬
‫الالزمة طبقا لتوجيهات السلطات الصحية‪.‬‬
‫مما يسرتعي االنتباه يف هذا املقام أن املشرع قرن بني االلتزامني معا‪ ،‬غري أن الربط‬
‫بني االلتزام بعدم مغادرة حمل السكنى وااللتزام وعدم اختاذ االحتياطات الالزمة وإن‬
‫كانا يفيدان االلتزام باحلجر الصحي وذلك باملكوث يف املنزل طيلة املدة احملددة يف‬
‫مرسوم إعالن حالة الطوارئ الصحية فإن ربط اجلملتني حيدث لبسا يف فهم سياقها‬
‫العام‪.‬‬
‫فاختاذ االحتياطات الالزمة تتمثل يف القيام بأعمال لتفادي التقاط العدوى‬
‫كاحلرص على غسل اليدين واستعمال منديل ورقي أثناء العطس والتخلص منه يف مكان‬
‫خمصص لذلك‪ ،‬وبذلك يتعذر ربط االلتزام األول الواضح يف مقصده مع االلتزام الثاني‬
‫الذي هو سلوك شخصي وقائي يصعب رصده وبالتالي جعله حتت طائلة املسائلة‬
‫القانونية‪ .‬وعليه نعتقد أن هناك صياغة هذا املقتضى يبقى حمل انتقاد ملا قد يشكله من‬
‫تداخل يف املعنى‪.‬‬
‫ومما يرتتب عن جتريم فعل مغادرة األشخاص حملل سكناهم ما مل تتوفر حاالت‬
‫الضرورة القصوى أن يكون امللتزم بهذا اإلجراء مستقرا يف سكن‪ .‬وهكذا يتم استبعاد كل‬
‫من ال يتوفر على سكن كاملشردين‪ -‬باستثناء من مت إيوائهم يف أحد األماكن الصاحلة‬
‫للسكن ‪ -‬واألشخاص الذين يتم طردهم من سكنهم يف حالة انتزاع عقارهم بالقوة‪،‬‬
‫واألشخاص الذي مل يعد بإمكانهم اإلقامة يف الفنادق لقلة مواردهم املالية‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ولتحديد طبيعة السكن املقصود من هذا االلتزام فإنه باإلمكان االستئناس‬


‫مبقتضيات الفصلني ‪ 580‬و‪ 581‬من القانون اجلنائي واليت جتعل السكن شامال لكل مبنى‬
‫أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت أو متنقل أو باخرة أو سفينة أو متجر أو ورش‬
‫إذا كانت هذه احملالت مسكونة أو معدة للسكنى‪ ،‬ولذلك فإننا نرى إمكانية األخذ بهذا‬
‫التعريف لتحديد مفهوم السكن باعتباره شامال ملفهوم السكن باملعنى املتداول‪.‬‬
‫وهكذا يقع حتت طائلة التجريم مغادرة سفينة سياحية راسية يف ميناء مغربي أو‬
‫يف املياه اإلقليمية املغربية خارج حاالت الضرورة القصوى‪ ،‬وكذا حترك سيارات السكن‬
‫املتنقل )‪ (Caravanes‬خارج املرائب اليت كانت تتواجد فيها‪ ،‬وانتقال البدو الرحل‬
‫خبيامهم خارج مكان استقرارهم املؤقت بعد فرض حالة الطوارئ الصحية باملكان الذي‬
‫كانوا يتواجدون به‪.‬‬
‫وااللتزام امللقى على عاتق األشخاص هو عدم مغادرة حمل السكنى‪ ،‬وبالتالي يعد‬
‫اخلروج إىل الفضاء املشرتك خمالفة للتدابري الواردة يف املرسوم‪ ،‬ومن ذلك احلدائق‬
‫واملسابح وغريها من املرافق املتواجدة باإلقامات املغلقة وأسطح العمارات‪ .‬فاهلدف من‬
‫هذه التدابري هو منع األشخاص من اختالط ببعضهم ببعض ملنع تفشي الوباء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنقل خارج حمل السكن يف غري حاالت الضرورة القصوى‪.‬‬
‫الغاية من إعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر الرتاب الوطين ملواجهة وباء كوفيد‬
‫‪ 19‬هو فرض عزل صحي منزلي كإجراء وقائي لتفادي نقل العدوى بني األشخاص‪،‬‬
‫ولذلك مت النص على عدم مغادرة األشخاص ملنازهلم‪ .‬إال أنه مت السماح يف بعض احلاالت‬
‫باخلروج من املنزل والتنقل خارجه‪ ،‬وهي احلاالت احملددة يف املادة الثانية من مرسوم‬
‫إعالن حالة الطوارئ الصحية كما يلي‪:‬‬

‫‪82‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ .1‬التنقل إىل مقرات العمل وخاصة املرافق العمومية احليوية‪ ،‬واملقاوالت‬


‫اخلاصة‪ ،‬واملهن احلرة يف القطاعات واملؤسسات األساسية احملددة بقرارات‬
‫للسلطات احلكومية املعنية‪ ،‬مع مراعاة الضوابط اليت حتددها السلطات‬
‫اإلدارية املعنية من أجل ذلك‪ .‬إال أنه مل يصدر حلد اآلن أي قرار حكومي‬
‫حيدد الئحة املرافق واملقاوالت واملؤسسات الشيء الذي جيعل من مجيعها‬
‫مشمولة بهذه اإلباحة‪.‬‬
‫‪ .2‬من أجل اقتناء املنتجات والسلع الضرورية للمعيشة‪ ،‬مبا يف ذلك اقتناء‬
‫األدوية من الصيدليات‪.‬‬
‫‪ .3‬التنقل من أجل الذهاب إىل العيادات واملصحات واملستشفيات وخمتربات‬
‫التحاليل الطبية ومراكز الفحص باألشعة وغريها من املؤسسات الصحية‬
‫ألغراض التشخيص واالستشفاء والعالج‪.‬‬
‫‪ .4‬التنقل ألسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة األشخاص املوجودين يف‬
‫وضعية صعبة أو يف حاجة إىل اإلغاثة‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم املشاركة يف جتمع أو اجتماع خالل حالة الطوارئ الصحية‪ .‬فباستثناء‬
‫االجتماعات اليت تنعقد ألغراض مهنية مع مراعاة التدابري الوقائية املتخذة‬
‫من قبل السلطات الصحية‪ ،‬أصبح كل جتمع أو جتمهر خيضع هلذا القانون‪.‬‬
‫‪ .6‬فتح احملالت التجارية أو املؤسسات اليت تستقبل اجلمهور خالل فرتة‬
‫حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫‪ .7‬خمالفة التدابري والقرارات املتخذة من قبل والة اجلهات وعمال العماالت‬
‫واألقاليم‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ .8‬خمالفة القرارات الصادرة عن السلطات الصحية‪.‬‬


‫وأعتقد أنه لتجريم خمالفة التدابري والقرارات املتخذة من السلطات العمومية‬
‫يتعني أن يثبت تبليغها إىل املواطنني‪ ،‬وليس هناك من وسيلة أضمن لتحقيق هذه الغاية‬
‫من نشرها يف اجلريدة الرمسية‪ ،‬إال أنه يكتفى حاليا بنشر بعض القرارات يف مواقع‬
‫إلكرتونية رمسية وتوجيهها إىل اإلعالم على اعتبار انفتاح الولوج إليه من قبل أغلبية‬
‫املواطنني كما ميكن إبالغها إىل العموم عن طريق ما يسمى تقليديا "بالرباح"‪.‬‬
‫وكإجراء لتفعيل تدابري اخلروج من املنازل عن طريق توزيع مطبوع معنون‬
‫ب"شهادة تنقل استثنائية" لتمكني األشخاص من التنقل‪ .‬وتتضمن هذه الشهادة خانات‬
‫تهم التنقل إىل العمل‪ ،‬واقتناء املشرتيات الضرورية للمعيش اليومي يف حميط السكن‪،‬‬
‫والتنقل من أجل العالج‪ ،‬واقتناء األدوية‪ ،‬وأخريا من أجل غاية ملحة واليت أضيفت‬
‫إليها العبارة التالية "بعد موافقة العون املراقب" دون توضيح املقصود به‪ ،‬وإن كان عمليا‬
‫يسند توقيعها إىل املقدمني احلضريني والقرويني‪.‬‬
‫واملصطلحات املضمنة بشهادة التنقل االستثنائية هي نفس املصطلحات الواردة يف‬
‫بالغ وزارة الداخلية الصادر بتاريخ ‪ 19‬مارس ‪ ،2020‬وبالتالي يالحظ أنها أغفلت‬
‫اإلشارة إىل احلاالت الواردة يف مرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وهي الواجبة‬
‫التطبيق قانونا‪ ،‬كما أنها أكثر مرونة وتوسعا يف حاالت الضرورة القصوى‪ .‬وعلى سبيل‬
‫املثال تضمن هذا املرسوم بقانون السماح بالتنقل من أجل اقتناء املنتجات والسلع‬
‫الضرورية للمعيشة دون أن يتم تقييدها بضرورة أن تكون يف حميط السكن‪ ،‬فقد يكون‬
‫حمل للبقالة هو األقرب للسكنى لكن الشخص املعين يرغب يف التوجه إىل سوق ممتاز أو‬

‫‪84‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مكان آخر به توجد به البضائع اليت يرغب يف اقتناءها واليت مل يعثر عليها يف احملل‬
‫املتواجد مبحيط سكنه‪.‬‬
‫وباإلطالع على مرسوم إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬يالحظ أنه مل يتضمن اإلشارة إىل هذه‬
‫الوثيقة أو طبيعتها أو ضرورة موافقة العون املراقب باستثناء ما تضمنته املادة الثالثة من‬
‫اختاذ والة اجلهات وعمال العماالت واألقاليم جلميع التدابري التنفيذية اليت يستلزمها‬
‫حفظ النظام العام الصحي‪ .‬وهذه الشهادة رغم أن منوذجها أعد ووزع من قبل السلطات‬
‫احمللية اإلدارية فإنه ال ميكن اعتبارها شهادة صادرة عن اإلدارة‪ ،‬وتبقى جمرد تصريح‬
‫ملن يرغب يف اخلروج من سكناه بصحة املعلومات اليت يدلي بها واملطابقة حلاالت‬
‫الضرورة القصوى الواردة يف املرسوم‪ .‬وميكن تضمني هذا التصريح ولو على ورق عادي‬
‫يشرح فيه املعين باألمر أسباب رغبته يف مغادرة سكناه واليت ينبغي أن تطابق‬
‫االستثناءات الواردة يف املرسوم‪.‬‬
‫أما بالنسبة للموظفني واألعوان واملأجورين العاملني باإلدارات واملؤسسات‬
‫واملقاوالت العمومية أو املؤسسات اخلاصة فيتم متكينهم من قبل رؤسائهم من رخص‬
‫استثنائية للعمل حتمل أمساءهم‪ ،‬وتعوض التصريح املعمول به إذا كان املعنيون بها‬
‫يقصدون بتنقلهم التوجه من حمل سكناهم إىل حمل عملهم أو العكس‪ ،‬إال أنه ال يعتد به‬
‫يف حالة التوجه لقضاء مآرب شخصية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬جرمية عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية‬
‫وحتريض الغري على خمالفتها‬
‫يندرج حتت هذه اجلرمية جمموعة من الصور ميكن إيرادها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪85‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوال‪ :‬عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية املتخذة لتطبيق‬


‫املرسوم بقانون‪.‬‬
‫مت النص على جتريم كل عرقلة لقرارات السلطات العمومية عن طريق العنف أو‬
‫التهديد أو التدليس أو اإلكراه‪ .‬وعرقلة تنفيذ هذه القرارات عن باستعمال العنف أو‬
‫التهديد جيعل الفعل اجلرمي املرتكب يشكل جرمية العصيان الواقعة حتت طائلة‬
‫الفصول ‪ 300‬وما يليها من القانون اجلنائي (‪ .)50‬أما بالنسبة الستعمال التدليس فهو‬
‫الصورة الوحيدة املستجدة واليت ميكن ارتكابها عن يف التصريح بوجود حالة من حاالت‬
‫الضرورة القصوى ثم يتبني عدم صحتها كالشخص الذي يصرح بأنه سيتوجه إىل صيدلية‬
‫بينما يثبت أنه توجه ملكان آخر غري ضروري بالنسبة إليه‪.‬‬
‫وفيما يتعلق باإلكراه فيمكن تصوره من خالل إجبار شخص على مغادرة مكان‬
‫سكناه املعتاد كطرد صاحب الفندق لنزيل يف إقامته بعد أن تقطعت به السبل وتعذر عليه‬
‫األداء‪ ،‬أو طرد أب البنه‪ ،‬وطرد أحد الزوجني لآلخر من بيت الزوجية وإن كان هذا‬
‫الفعل األخري جمرم مبقتضى الفصل ‪ 480-1‬من القانون اجلنائي (‪.)51‬‬
‫ثانيا‪ :‬حتريض الغري على خمالفة القرارات املتخذة لتطبيق‬
‫املرسوم بقانون‬
‫يتم ارتكاب التحريض على خمالفة القرارات بإحدى الوسائل التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬بواسطة اخلطب أو الصياح‪.‬‬
‫‪ .2‬بواسطة التهديدات املفوه بها يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪.‬‬

‫‪ 50‬عرفت المادة ‪ 300‬من القانون الجنائي جريمة العصيان بأنه "كل هجوم أو مقاومة‪ ،‬بواسطة العنف أو اإليذاء ضد موظفي أو ممثلي‬
‫السلطة العامة القائمين بتنفيذ األوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو‬
‫قراراته أو األوامر القضائية يعتبر عصيانا‪ .‬والتهديد بالعنف يعتبر مماثال للعنف نفسه‬
‫‪ 51‬الفصل ‪" 480-1‬يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثالثة أشهر وغرامة من ‪ 2.000‬إلى ‪ 5.000‬درهم‪ ،‬عن الطرد من بيت‬
‫الزوجية أو االمتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية‪ ،‬وفقا لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 53‬من مدونة األسرة‪،‬‬
‫وتضاعف العقوبة في حالة العود‪".‬‬

‫‪86‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ .3‬بواسطة املكتوبات أو املطبوعات أو الصور أو األشرطة املبيعة أو املوزعة أو‬


‫املعروضة للبيع أو املعروضة يف األماكن أو االجتماعات العمومية أو بواسطة‬
‫امللصقات املعروضة على أنظار العموم أو بواسطة خمتلف وسائل اإلعالم‬
‫السمعية البصرية أو اإللكرتونية أو بأية وسيلة أخرى تستعمل هلذا‬
‫الغرض دعامة إلكرتونية‪.‬‬
‫وهذه الوسائل هي نفسها الواردة يف الفقرة األوىل من املادة ‪ 72‬من القانون رقم‬
‫‪ 88.13‬املتعلق بالصحافة والنشر (‪ .)52‬وميكن متابعة من يقومون بالتحريض على‬
‫استعمال العنف أو التهديد من أجل املشاركة يف جرمية العصيان‪.‬‬
‫إن احلديث عن املقاربة اليت نهجها املشرع املغربي يف جمال جتريم خرق حالة‬
‫الطوارئ الصحية لن تتيح الوقوف على أهميتها إال من خالل الوقوف على جتربة أخرى‬
‫ارتأينا أن نعرض هلا يف املطلب املوالي‪ ،‬وهي التجربة الفرنسية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التجربة الفرنسية يف جمال التجرمي املتعلق خبرق‬
‫حالة الطوارئ الصحية‬
‫بعد ظهور فريوس كوفيد‪ 19-‬بفرنسا صدرت بني ‪ 14‬مارس ‪ 2020‬إىل غاية ‪26‬‬
‫مارس ‪ 2020‬عدة قوانني ومراسيم وأوامر وقرارات ترمي إىل مواجهة انتشار الوباء عرب‬
‫فرض عدة إجراءات وتدابري تهدف إىل ضمان الصحة العامة ومواجهة التداعيات‬
‫االجتماعية واالقتصادية للوباء‪ ،‬موزعة كما يلي‪ :‬قانونني اثنني‪ ،‬عشرون مرسوما‪،‬‬

‫‪ 52‬المادة ‪ 72‬من قانون الصحافة والنشر الفقرة األولى "يعاقب "بغرامة من ‪ 20.000‬إلى ‪ 200.000‬درهم كل من قام بسوء نية بنشر‬
‫أو إذاعة أو نقل نبأ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلقة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو‬
‫أثارت الفزع بين الناس‪ ،‬بأية وسيلة من الوسائل وال سيما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في األماكن أو‬
‫االجتماعات العمومية و إما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في األماكن أو‬
‫االجتماعات العمومية و اما بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم‪ ،‬أو بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية البصرية أو‬
‫اإللكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية‪".‬‬

‫‪87‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مخسة عشر أمرا وسبعة عشر قرارا مبا جمموعه أربعة ومخسون نصا نشرت مجيعها يف‬
‫اجلريدة الرمسية الفرنسية (‪.)53‬‬
‫غري أنه بالنسبة للمغرب فلم يصدر إال بقانون إعالن حالة الطوارئ بتاريخ ‪23‬‬
‫مارس ‪ ،2020‬وثالثة مراسيم وهي واملرسوم رقم ‪ 2.20.269‬بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪2020‬‬
‫بإحداث الصندوق اخلاص بتدبري جائحة كورونا كوفيد‪ ،)54( 19-‬واملرسوم ‪2.20.282‬‬
‫بتاريخ ‪ 17‬مارس بتأجيل االنتخابات اجلزئية ملإل ثالثة مقاعد شاغرة مبجلس‬
‫املستشارين وأخريا مرسوم إعالن حالة الطوارئ بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ ،)55( ،2020‬فضال‬
‫عن القرار رقم ‪ 20.986‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬مارس عن وزير االقتصاد واملالية وإصالح‬
‫اإلدارة باختاذ تدابري مؤقتة ضد ارتفاع أسعار املطهرات الكحولية (‪ ،)56‬مبا جمموعه‬
‫مخسة نصوص‪.‬‬
‫وهكذا؛ يالحظ قصور يف إصدار قوانني ومراسيم لتنظيم عدة جماالت ملواجهة هذه‬
‫اآلفة‪ ،‬واالقتصار على برقيات موجهة من وزارة الداخلية إىل والة اجلهات وعمال‬
‫العماالت واألقاليم‪ ،‬مت يف بعض األحيان تبليغ مضمونها إىل املواطنني عن طريق بالغات‬
‫موجهة إىل وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫وبالنسبة للمنظومة الفرنسية فإن القانون رقم ‪ 2020.290‬املتعلق "بتقييد ومنع‬
‫حركة األشخاص واملركبات يف األماكن ويف األوقات اليت حتدد مبرسوم" الصادر بتاريخ‬
‫‪ 23‬مارس ‪ ،)57( 2020‬واملرسوم الصادر عن الوزير األول رقم ‪ 2020-260‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬كما مت تعديله وتتميه املتعلق ب "منع تنقل األشخاص خارج‬

‫‪53‬‬
‫‪https://www.centre-inffo.fr/site-droit-formation/actualites-droit/coronavirus-les-textes-juridiques‬‬
‫‪ 54‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6865‬مكرر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪.2020‬‬
‫‪ 55‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6865‬مكرر مرتين بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪2020‬‬
‫‪ 56‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6865‬مكرر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪2020‬‬
‫‪57‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/jo_pdf.do?id=JORFTEXT000041746313‬‬

‫‪88‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫منازهلم إىل غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية"(‪ ،)58‬يشكالن أهم النصوص اليت تعاجل‬
‫هذه حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وهما النصان اللذين سنعمل على التطرق إليهما يف الفقرتني‬
‫املواليتني‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التدابري املنصوص عليها مبوجب القانون رقم‬
‫‪ 2020.290‬املتعلق "بتقييد ومنع حركة األشخاص واملركبات يف األماكن‬
‫ويف األوقات اليت حتدد مبرسوم"‪.‬‬
‫تضمن هذا القانون النص على تعديل مدونة الصحة العمومية وإضافة مواد تتعلق‬
‫بإجراءات وتدابري لفرض حالة الطوارئ الصحية مع النص على العقوبات املرتتبة عن‬
‫خمالفتها‪ .‬وحدد عشر جماالت يسمح فيها للوزير األول بالتدخل مبرسوم من أجل‬
‫اختاذ التدابري اليت حتد من احلريات من أجل هدف وحيد وهو ضمان الصحة العامة‪،‬‬
‫وهذه التدابري هي‪:‬‬
‫‪ .1‬احلد أو منع حتركات األشخاص واملركبات يف األماكن والساعات‬
‫احملددة مبرسوم‪.‬‬
‫‪ .2‬منع األشخاص من مغادرة حمل سكناهم‪ ،‬مع استثناء حاالت الضرورة‬
‫القصوى ألسباب عائلية أو صحية‪.‬‬
‫‪ .3‬اختاذ تدابري ترمي إىل احلجر الصحي‪ ،‬مبفهوم املادة ‪ 1‬من اللوائح‬
‫الصحية الدولية لعام ‪ ،2005‬لألشخاص احملتمل إصابتهم‪.‬‬
‫‪ .4‬اختاذ تدابري ‪ -‬مبفهوم املادة ‪ - 1‬ترمي إىل وضع وعزل األشخاص‬
‫املصابني داخل منازهلم أو أي مسكن آخر مناسب‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000041728476&categorieLien=id‬‬

‫‪89‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ .5‬األمر باإلغالق املؤقت لفئة أو عدة فئات من املؤسسات اليت تستقبل‬


‫العموم‪ ،‬وكذا أماكن االجتماعات‪ ،‬باستثناء املؤسسات اليت تقدم السلع‬
‫أو اخلدمات األساسية‪.‬‬
‫‪ .6‬احلد أو منع التجمهر يف الطريق العام وكذا االجتماعات كيفما كانت‬
‫طبيعتها‪.‬‬
‫‪ .7‬األمر بتسخري مجيع املمتلكات واخلدمات الالزمة ملواجهة الكارثة‬
‫الصحية‪ ،‬وكذلك أي شخص ضروري لتشغيل هذه اخلدمات أو‬
‫الستخدام تلك املمتلكات مع خضوع التعويض عن هذا التسخري لقانون‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫‪ .8‬اختاذ تدابري مؤقتة للتحكم يف أسعار بعض املنتجات الالزمة ملنع أو‬
‫تصحيح التقلبات امللحوظة يف السوق ملنتجات معينة‪ ،‬ويتم إعالم‬
‫اجمللس الوطين للمستهلكني بالتدابري املتخذة يف هذا الصدد‪.‬‬
‫‪ .9‬اختاذ مجيع التدابري اليت تسمح ‪ -‬حسب احلاجة ‪ -‬بتوفري األدوية‬
‫املناسبة للمرضى للقضاء على الكارثة الصحية‪.‬‬
‫‪ .10‬اختاذ أي إجراء تنظيمي آخر مبرسوم ‪ -‬حسب احلاجة ‪ -‬حيد من‬
‫حرية املبادرة‪ ،‬لغرض وحيد هو إنهاء الكارثة الصحية املنصوص عليها‬
‫يف املادة ‪" .L.3131-12‬‬

‫‪90‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التدابري املنصوص عليها املرسوم رقم ‪2020.260‬‬


‫املتعلق ب"منع تنقل األشخاص خارج منازهلم إىل غاية انتهاء حالة‬
‫الطوارئ الصحية"‬
‫نص املرسوم رقم ‪ 2020-260‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬كما مت تعديله‬
‫وتتميه على منع تنقل األشخاص خارج منازهلم إىل غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية‬
‫مع االستثناءات التالية‪:‬‬
‫التنقل من حمل السكنى إىل مكان أو أماكن ممارسة النشاط املهين‬ ‫‪.1‬‬
‫والتنقالت املهنية اليت ال ميكن تأجيلها‪.‬‬
‫التنقل إلجراء املشرتيات من األدوات الالزمة للنشاط املهين‪ ،‬وشراء‬ ‫‪.2‬‬
‫املواد األساسية من املؤسسات اليت ال تزال أنشطتها مرخصة بقرار من وزير‬
‫الصحة على أساس أحكام املادة ‪ 1- .3131‬من قانون الصحة العامة‪.‬‬
‫التنقل ألسباب صحية‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫التنقل ألسباب عائلية ملحة‪ ،‬أو ملساعدة األشخاص املوجودين يف وضعية‬ ‫‪.4‬‬
‫صعبة‪ ،‬أو لرعاية األطفال‪.‬‬
‫تنقل وجيز على مقربة من املنزل مرتبط بالنشاط البدني الفردي‬ ‫‪.5‬‬
‫لألشخاص‪ ،‬باستثناء أي ممارسة رياضية مجاعية ‪ ،‬وحاجيات احليوانات‬
‫األليفة‪.‬‬
‫التنقل الناتج عن االلتزام بالتقدم أمام مصاحل الشرطة أو الدرك الوطين أو‬ ‫‪.6‬‬
‫أمام أية مصلحة أخرى تفرضها الشرطة اإلدارية أو السلطة القضائية؛‬
‫‪ .7‬التنقل بسبب استدعاء صادر من حمكمة إدارية أو من السلطة القضائية‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ .8‬التنقل هلدف وحيد وهو املشاركة يف مهام ذات منفعة عامة بناء على طلب‬
‫من السلطة اإلدارية وبالشروط اليت حتددها‪.‬‬
‫وجيب أن يكون لدى األشخاص الذين يرغبون يف االستفادة من أحد هذه‬
‫االستثناءات‪ ،‬عندما يتنقلون خارج منازهلم‪ ،‬وثيقة متكنهم من تربير أن التنقل يقع يف‬
‫نطاق أحد هذه االستثناءات‪.‬‬
‫كما مت تفويض ممثل الدولة يف الدائرة املعنية باختاذ إجراءات أكثر تقييدا فيما‬
‫يتعلق بتنقالت وحتركات األشخاص عندما تقتضي الظروف احمللية ذلك‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬تقييم املقاربتني املغربية والفرنسية‬
‫متكننا مقارنة املقتضيات املضمنة يف القانون واملرسوم الفرنسي بنظرييه املغربيني‬
‫من تسجيل املالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬أن القانونني صدرا يف نفس التاريخ (‪ 23‬مارس ‪ )2020‬ونشرا يف اجلريدتني‬
‫الرمسيتني للبلدين يف نفس التاريخ كذلك (‪ 24‬مارس ‪.)2020‬‬
‫‪ ‬أن القانون الفرنسي حدد بدقة تدخل السلطة التنفيذية يف عشر جماالت‪،‬‬
‫يسمح فيها للوزير األول باختاذ التدابري اليت حتد من احلريات مبرسوم‪،‬‬
‫من أجل هدف وحيد وهو ضمان الصحة العامة‪ .‬بينما مل حيدد املرسوم‬
‫بقانون املغربي هذه اجملاالت وأمجلها يف عبارة عامة فضفاضة باملادة الثالثة‬
‫منه‪ ،‬وهي اختاذ التدابري الالزمة اليت تقتضيها حالة الطوارئ الصحية‪،‬‬
‫وكذا ما تضمنته املادة اخلامسة من املرسوم بقانون من اختاذ احلكومة بصفة‬
‫استثنائية ألي إجراء ذو طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي‬
‫يكتسي صبغة االستعجال‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬أن القانون الفرنسي تضمن تدابري مل ترد ال يف املرسوم بقانون وال يف املرسوم‬
‫املغربيني‪ ،‬وهي احلد أو منع حتركات املركبات‪ ،‬واألمر بتسخري املمتلكات‬
‫واخلدمات واألشخاص الالزمني ملواجهة الكارثة الصحية والتعويض عنها‪،‬‬
‫والتحكم يف أسعار بعض املنتجات الالزمة ملنع أو تصحيح التقلبات امللحوظة‬
‫يف السوق ملنتجات معينة‪ ،‬مع إعالم اجمللس الوطين للمستهلكني بالتدابري‬
‫املتخذة يف هذا الصدد‪ ،‬وأخريا احلد من حرية املبادرة‪.‬‬
‫‪ ‬أن القانون الفرنسي نص صراحة يف املادة ‪ 18-3131‬على إمكانية اللجوء‬
‫إىل القضاء اإلداري للطعن يف التدابري املتخذة تطبيقا ألحكامه‪ ،‬ورغم عدم‬
‫النص على نفس املقتضيات صراحة يف املرسوم بقانون املغربي إال أنه ال‬
‫يوجد ما مينع قانونا من اللجوء إىل القضاء اإلداري للطعن يف القرارات‬
‫اإلدارية الصادرة تطبيقا له‪.‬‬
‫‪ ‬أن املرسوم الفرنسي تضمن استثناءات للرتخيص بالتنقل خارج املنزل وهي‬
‫رعاية األطفال‪ ،‬والتنقل الوجيز على مقربة من املنزل املرتبط بالنشاط‬
‫البدني الفردي لألشخاص باستثناء أي ممارسة رياضية مجاعية (وهذا‬
‫مقتضى جد هام للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية لألشخاص)‪،‬‬
‫وحاجيات احليوانات األليفة‪ ،‬والتنقل الناتج عن االلتزام بالتقدم أمام‬
‫مصاحل الشرطة أو الدرك الوطين أو أمام أية مصلحة أخرى تفرضها الشرطة‬
‫اإلدارية أو السلطة القضائية‪ ،‬أو بسبب استدعاء صادر من حمكمة إدارية أو‬
‫من السلطة القضائية‪ ،‬والتنقل هلدف املشاركة يف مهام ذات منفعة عامة‬
‫بناء على طلب من السلطة اإلدارية‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبناء على ما ذكر يتضح أن املقاربة الفرنسية كانت أكثر تفصيال من نظريتها‬
‫املغربية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬اآلثار املترتبة عن إقرار جرائم بشأن خمالفة أحكام‬
‫حالة الطوارئ الصحية‬
‫إن احلديث عن اآلثار املرتبة عن التجريم ال تتحدد يف النظام العقابي الذي أقره‬
‫واضع النص اجلنائي (املطلب األول) ولكن ميتد ذلك إىل القواعد املرتبطة بالقواعد‬
‫اإلجرائية (املطلب الثاني)‬
‫املطلب األول‪ :‬العقوبات املقررة يف القانون املغريب والفرنسي على‬
‫خمالفة حالة الطوارئ الصحية‪:‬‬
‫لقد حنا كل من املشرعني املغربي والفرنسي منحيني خمتلفني بشأن املقاربة‬
‫العقابية عن اجلرائم املقرتفة ضد نظام التدابري املتخذة يف حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬ففي‬
‫الوقت الذي ذهب املشرع الفرنسي إىل الرتكيز أساسا على العقوبات املالية اعتمد املشرع‬
‫املغربي مقاربة تزاوج بني العقوبة السالبة للحرية والعقوبة املالية‪.‬‬
‫تعترب املادة الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية اإلطار القانوني لنظام‬
‫العقوبة املعتمد من قبل املشرع املغربي‪ ،‬وقد اعتمد املشرع املغربي نظام العقوبة املوحدة‬
‫للجرائم الناجتة عن خرق تدابري حالة الطوارئ الصحية فحددها يف احلبس من شهر إىل‬
‫ثالثة أشهر وبغرامة ترتاوح بني ‪ 300‬و‪ 1.300‬درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني‪ ،‬ودون‬
‫اإلخالل بالعقوبة األشد‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقانون الفرنسي رقم ‪ ،2020.290‬فقد مت تعديل مقتضيات املادة‬
‫‪ 3136-1‬بإضافة مخسة فقرات نصت على عقوبات ملخالفة أحكام قانون الطوارئ‬
‫الصحية‪ .‬وقد نصت على املعاقبة بغرامة ‪ 135‬أورو عن خمالفة التدابري املشار إليها‬

‫‪94‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أعاله‪ ،‬ويف حالة العود حيكم بغرامة ترتاوح بني ‪ 1.500‬و‪ 3.000‬أورو‪ .‬أما إذا تكررت‬
‫املخالفة ألكثر من ثالث مرات خالل الثالثني يوما‪ ،‬فتكون العقوبة هي احلبس ملدة ستة‬
‫أشهر وغرامة ‪ 3.750‬أورو‪ .‬وحيكم بعقوبة تكميلية إذا ارتكبت املخالفة باستعمال‬
‫عربة وذلك بسحب رخصة السياقة ملدة ال تزيد عن ثالث سنوات‪ .‬ويف حالة خمالفة‬
‫األوامر بالتسخري فتكون العقوبة احلبس ملدة ستة أشهر وغرامة ‪ 10.000‬أورو‪.‬‬
‫وقد اعتمدت فرنسا على غرار عدد من الدول األوربية مقاربة تعتمد على التدرج‬
‫يف العقوبة من الغرامة إىل الرفع منها ثم النص على العقوبة احلبسية كعقوبة مشددة‪.‬‬
‫ونرى أن هذا االختالف يف املقاربة العقابية يرجع إىل خصوصية البلد‪ ،‬فمن خالل ما‬
‫تناقلته وسائل اإلعالم يتبني أن الفئات اهلشة والقاطنة باألحياء الشعبية مل متتثل متاما‬
‫للتدابري املتخذة بعدم مغادرة حمل السكن (مع التحفظ أمام غياب إحصائيات رمسية)‪.‬‬
‫وقد يكون الوعي املسبق للحكومة بهذه الوضعية هو الذي أدى إىل اعتماد املزاوجة بني‬
‫العقوبة احلبسية مقرونة بالعقوبة املالية أو تطبيق إحداهما‪ .‬ومن شأن اعتماد الغرامات‬
‫املالية لوحدها أال يسهم يف فرض تنزيل إجراءات حالة الطوارئ الصحية على أرض‬
‫الواقع لعدم قدرة الفئات املستهدفة على أداءها من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ختول‬
‫العقوبة احلبسية املنصوص عليها قانونا إمكانية وضع املخالفني ألحكام القانون مبرسوم‬
‫حتت احلراسة النظرية‪ .‬وميكن أن يكون هذا التدبري األخري كافيا يف عدد من احلاالت‬
‫لردع املخالفني‪.‬‬
‫وإذا كانت خطورة خرق إجراءات الطوارئ الصحية تكمن يف احتمال نقل الوباء‪،‬‬
‫فإن وسائل النقل هي اليت متكن األشخاص عادة من التحرك خارج جمال إقامتهم‪ .‬فكان‬
‫حريا أن يتم النص على إضافة عقوبة تكميلية كما أقرها القانون الفرنسي‪ ،‬وإن كنا نعتقد‬

‫‪95‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أن األمر بوضع مركبة املخالف يف احملجز ملدة معينة أكثر ردعا من سحب رخصة‬
‫السياقة‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد ميكن القول بأن قضاء املوضوع هو الذي يبقى حمقا يف تقرير‬
‫العقوبة اليت يراها مناسبة تبعا لظروف املتهم االجتماعية وسنه والسبب الذي دفعه إىل‬
‫خرق التدابري املتخذة‪ .‬ويصدر بناء على ذلك حكمه إما بعقوبة حبسية نافذة أو موقوفة‬
‫التنفيذ مقرونة بغرامة مالية‪ ،‬أو يصدر إحدى هاتني العقوبتني فقط‪ .‬وبالنسب لألحداث‬
‫فيمكن للمحكمة أن تتخذ التدابري املنصوص عليها يف املادة ‪ 481‬من قانون املسطرة‬
‫اجلنائية‪.‬‬
‫ومادام أن املتابعة بقانون حالة الطوارئ الصحية ال مينع من املتابعة من أجل‬
‫أفعال جرمية أشد‪ ،‬فيمكن رصد بعض األفعال اليت تقع حتت طائلة قانون حالة الطوارئ‬
‫والقوانني اجلنائية األخرى وهي أفعال قد تكون مقرونة بعقوبات أشد‪.‬‬
‫ويف هذا الصدد نص مرسوم إعالن حالة الطوارئ على منع أي جتمع أو جتمهر أو‬
‫اجتماع‪ .‬وهو ما يتيح األمر إلمكانية تفعيل النظام العقابي املنصوص عليه يف الظهري‬
‫الشريف ‪ 1.58.377‬بشأن التجمعات العمومية عاقب يف الفصل ‪ 9‬على خمالفة املقتضيات‬
‫املتعلقة باالجتماعات العمومية بغرامة ترتاوح بني ‪ 2.000‬إىل ‪ 5.000‬درهم ويف حالة‬
‫العود حببس بني شهر واحد وشهرين وبغرامة بني ‪ 2.000‬درهم إىل ‪ 10.000‬درهم أو‬
‫إحدى هاتني العقوبتني‪ .‬وحددها الفصل ‪ 10‬يف عقوبة بغرامة ترتاوح بني ‪ 1.200‬إىل‬
‫‪ 5.000‬وحببس من شهر واحد إىل ثالثة أشهر أو إحدى هاتني العقوبتني يف حالة محل‬
‫أسلحة‪ .‬وبالتالي تكون العقوبة الواردة يف الفصل ‪ 10‬من الظهري الشريف هي األشد‪،‬‬
‫ويتعني احلكم بها عمال مبقتضيات الفصل ‪ 120‬من القانون اجلنائي‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وزيادة على ذلك فإن املشرع سبق أن أقر جرمية التجمهر وعاقب كل من شارك يف‬
‫جتمع مسلح بعد توجيه إنذار له ودون استعمال أسلحة باحلبس ملدة ترتاوح بني ستة‬
‫أشهر وسنة‪ .‬وإذا مل يتم تفريق التجمهر إال بالقوة أو بعد استعمال املتجمهرين ألسلحة‬
‫فتكون العقوبة بالسجن أقصاها مخس سنوات (الفصل ‪ 20‬من الظهري الشريف) )‪ (59‬أما‬
‫يف حالة التجمهر غري املسلح ومل يتم تفريقه إال بعد توجيه اإلنذارات الثالث فالعقوبة‬
‫هي احلبس من شهر إىل ثالثة أشهر وغرامة ترتاوح بني ‪ 1.200‬و‪ 5.000‬درهم‪ ،‬أما إذا‬
‫وقع تفريق التجمهر إال بالقوة فتكون العقوبة ملدة ترتاوح بني شهر واحد و ستة أشهر‬
‫(الفصل ‪ 21‬من الظهري الشريف )‪ ، (60‬وبالتالي تكون هذه املقتضيات اليت تتضمن‬
‫العقوبة األشد هي الواجب التطبيق‪.‬‬
‫وقد سبقت اإلشارة إىل بعض األفعال املرتكبة يف نطاق قانون الطوارئ واجملرمة‬
‫كذلك طبقا للقانون اجلنائي كطرد أحد الزوجني من بيت الزوجية‪ ،‬وانتزاع عقار من‬
‫حيازة الغري بالقوة وطرده خارج سكناه خالل فرتة اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية‪،‬‬
‫ففي مثل هذه احلاالت متى ما ثبت أن العقوبة أشد من تلك املنصوص عليها يف املادة‬
‫الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية فإنها تبقى هي الواجبة التطبيق‪.‬‬

‫‪ 59‬الفصل ‪ 20‬من الظهير الشريف‪ " 1.58.377‬يعاقب كل من شارك في تجمع مسلح كما يلي ‪ :‬أوال‪ :‬إذا انفض التجمهر بعد توجيه‬
‫إنذار له ودون استعمال أسلحته تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة‪ .‬ثانيا ‪ :‬إذا وقع التجمهر ليال تكون العقوبة‬
‫بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وسنتين‪ .‬ثالثا ‪ :‬إذا لم يتم تفريق التجمهر إال بالقوة أو بعد استعمال األسلحة من قبل المتجمهرين تكون‬
‫العقوبة بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات ‪ .‬ويمكن في الحالتين المنصوص عليهما في الفقرتين ‪ 2‬و ‪ 3‬من المقطع األول من هذا‬
‫الفصل الحكم بالمنع من اإلقامة على األشخاص المثبتة إدانتهم‪".‬‬
‫‪ 60‬الفصل ‪ 21‬من الظهير الشريف‪ " 1.58.377‬كل تجمهر غير مسلح يقع تفريقه وفق نفس الكيفية المنصوص عليها في الفصل ‪19‬‬
‫مع تالوة العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذا الفصل ‪.‬ويعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وثالثة أشهر‬
‫وبغرامة تتراوح بين ‪ 1.200‬و‪ 5.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من شارك في تجمهر غير مسلح ولم ينسحب منه بعد‬
‫توجيه اإلنذار األول والثاني والثالث ‪ .‬وإذا لم يتأت تفريق التجمهر إال بالقوة تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة‬
‫أشهر‪" .‬‬

‫‪97‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إن احلديث عن اآلثار املرتتبة عن جتريم كل األفعال ملخالفة للتدابري املتخذة‬


‫لتنفيذ حالة الطوارئ الصحية ال يقتصر على العقوبات فقط وإمنا ميتد ليشمل بعض‬
‫اآلثار اإلجرائية وهو ما سيتم الوقوف عليه يف املطلب املوالي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اآلثار اإلجرائية لتجرمي خمالفة تدابري حالة الطوارئ‬
‫الصحية‬
‫يف البداية البد من التأكيد على أن دور النيابة العامة مل يطرأ عليه أي تغيري من‬
‫حيث صالحيتها يف اختاذ القرارات املناسبة ألية حالة على حدة‪.‬‬
‫ويف هذا السياق ميكن القول بأنه أثناء دراسة النيابة العامة للمحاضر املنجزة‬
‫بشأن اجلرائم املرتكبة خالل سريان حالة الطوارئ الصحية تبقى هلا صالحية تقرير ما‬
‫إذا كانت عناصر الفعل اجلرمي مكتملة لتحريك الدعوى العمومية‪ ،‬كما هلا صالحية‬
‫حفظها لعدم مالءمة املتابعة‪ ،‬أو املتابعة يف حالة اعتقال أو سراح‪.‬‬
‫وإذا كانت القواعد اإلجرائية املتعلقة بسريان الدعوى العمومية املنصوص عليها يف‬
‫قانون املسطرة اجلنائية كأصل‪ ،‬فإنه يبقى لنا نثري بعض املالحظات خبصوص كل من‬
‫االختصاص املكاني (الفقرة األوىل) على أن خنصص (الفقرة الثانية) للحديث عن أحكام‬
‫الزمن يف قانون حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬االختصاص املكاين لتطبيق مقتضيات قانون حالة‬
‫الطوارئ الصحية‬
‫نصت املادة األوىل من املرسوم بقانون على تطبيق هذا األخري مكانيا بسائر أرجاء‬
‫الرتاب الوطين‪ .‬ويفهم من عبارة سائر أرجاء الرتاب الوطين أن االختصاص املكاني ميكن‬
‫أن ميتد إىل السفن املبحرة يف املياه الدولية احلاملة للعلم املغربي‪ ،‬ومجيع السفن املتواجدة‬
‫يف املياه الوطنية‪ ،‬والطائرات املغربية املسموح هلا بالتحليق‪ .‬كما تشمل السفارات‬

‫‪98‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫والقنصليات املغربية باخلارج ‪ -‬باعتبارها جزء من الرتاب الوطين ‪ -‬بالنسبة للتدابري‬


‫واإلجراءات املتخذة بداخل بناياتها‪.‬‬
‫وكان حريا مبشرع املرسوم رقم ‪ 2.20.293‬أن يضيف السفراء والقناصلة املعتمدين‬
‫باخلارج إىل جانب والة اجلهات وعمال العماالت واألقاليم املخول هلم اختاذ التدابري‬
‫التنفيذية اليت يستلزمها حفظ الصحة‪ .‬أما خارج بناياتها فهم خيضعون للتدابري‬
‫الصحية املوصى بها من قبل بلد االعتماد ولو على سبيل املعاملة باملثل‪.‬‬
‫ويف هذا السياق فقد أصدرت وزارة الشؤون اخلارجية والتعاون اإلفريقي واملغاربة‬
‫املقيمني باخلارج مذكرة شفوية موجهة إىل البعثات الدبلوماسية واملنظمات الدولية‬
‫املعتمدة باململكة املغربية حول التدابري املتعلقة بالصحة العمومية‪ 61‬دعتهم من خالهلا‬
‫إىل مالزمة بيوتهم وعدم مغادرتها إال يف احلاالت املنصوص عليها يف القرارات والتدابري‬
‫اجلاري بها العمل وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬التنقل للعمل بالنسبة لألشخاص الضروري تواجدهم مبقرات العمل‪.‬‬
‫‪ .2‬التنقل من أجل اقتناء املشرتيات الضرورية للمعيش اليومي يف حميط مقر‬
‫السكنى ‪.‬‬
‫‪ .3‬التنقل لتلقي العالجات أو القتناء األدوية الضرورية من الصيدليات ‪.‬وقد متت‬
‫دعوتهم إىل التقليص إىل أقصى حد‪ ،‬من عدد املوظفني املتواجدين يف مقراتها‪،‬‬
‫وأن يكونوا حاملني لشهادة موقعة وخمتومة من طرف رئيس البعثة أو املركز‬
‫تثبت احلاجة للتنقل لإلدالء بها عند املراقبة من طرف أعوان القوة العمومية‪ .‬كما متت‬
‫دعوتهم إىل االلتزام بالقرارات والتدابري اجلاري بها العمل‪ .‬وبالتالي ميكن متابعة‬

‫الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون اإلفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫‪99‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مجيع العاملني واملستخدمني يف خمتلف التمثيليات الديبلوماسية يف حالة خرقهم‬


‫لتدابري حالة الطوارئ الصحية باستثناء املتمتعني باحلصانة الديبلوماسية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تطبيق قانون حالة الطوارئ الصحية من حيث الزمان‬
‫نصت املادة األوىل من قانون الطوارئ الصحية على سريان العمل بأحكام هذا‬
‫األخري متتد إىل غاية يوم ‪ 20‬أبريل ‪ 2020‬على الساعة السادسة مساء‪ ،‬إال أن الالفت‬
‫أنه مل يتم حتديد تاريخ بداية العمل به‪ .‬وهو ما يطرح اإلشكال املتعلق بالتاريخ‬
‫احملتسب لتطبيقه هل من تاريخ صدور بالغ وزارة الداخلية الصادر بتاريخ ‪ 19‬مارس‬
‫‪ 62 2020‬أم من تاريخ نشر القانون باجلريدة الرمسية؟‬ ‫)‬ ‫(‬

‫لقد تضمن البالغ الصادر عن وزارة الداخلية بشأن اإلعالن عن حالة الطوارئ‬
‫الصحية وتقييد احلركة يف البالد أن مفعوله سيبتدئ من يوم اجلمعة ‪ 20‬مارس ‪2020‬‬
‫على الساعة السادسة مساء ألجل غري مسمى‪ ،‬واختاذ تدابري استثنائية تستوجب احلد‬
‫من حركة املواطنني من خالل اشرتاط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رمسية لدى‬
‫رجال وأعوان السلطة وفق احلاالت اليت مت حتديدها كما يلي‪:‬‬

‫‪ 62‬نص البالغ كما نشر على موقع البوابة الوطنية )‪ ":(MAROC.MA‬حفاظا على صحة وسالمة المواطنات والمواطنين‪ ،‬وفي سياق‬
‫التحلي بحس المسؤولية وروح التضامن الوطني‪ ،‬وبعد تسجيل بعض التطورات بشأن إصابة مواطنين غير وافدين من الخارج‬
‫بفيروس "كورونا المستجد"‪ ،‬تقرر إعالن "حالة الطوارئ الصحية" وتقييد الحركة في البالد ابتداء من يوم الجمعة ‪ 20‬مارس ‪2020‬‬
‫على الساعة السادسة مساء ألجل غير مسمى‪ ،‬كوسيلة ال محيد عنها إلبقاء هذا الفيروس تحت السيطرة‪ .‬وأوضح بالغ لوزارة الداخلية‬
‫أن حالة الطوارئ الصحية " ال تعني وقف عجلة االقتصاد‪ ،‬ولكن اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين‪ ،‬من خالل‬
‫اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة‪ ،‬وفق حاالت معينة‪ .‬وأضاف البالغ أن هذه الحاالت‬
‫تم تحديدها في " التنقل للعمل بالنسبة لإلدارات والمؤسسات المفتوحة‪ ،‬بما فيها الشركات والمصانع واألشغال الفالحية‪ ،‬والمحالت‬
‫والفضاءات التجارية ذات االرتباط بالمعيش اليومي للمواطن‪ ،‬والصيدليات‪ ،‬والقطاع البنكي والمصرفي‪ ،‬ومحطات التزود بالوقود‪،‬‬
‫والمصحات والعيادات الطبية‪ ،‬ووكاالت شركات االتصاالت‪ ،‬والمهن الحرة الضرورية‪ ،‬ومحالت بيع مواد التنظيف"‪ .‬وأكد المصدر‬
‫ذاته‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أن التنقل سيقتصر على األشخاص الضروري تواجدهم بمقرات العمل‪ ،‬شريطة أن يتم تسليمهم شهادة بذلك‬
‫موقعة ومختومة من طرف رؤساءهم في العمل‪ ،‬والتنقل من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط مقر سكنى‬
‫المعني باألمر‪ ،‬أو تلقي العالجات الضرورية أو اقتناء األدوية من الصيدليات‪ .‬ويتعين على كل مواطنة ومواطن‪ ،‬يضيف البالغ‪ ،‬التقيد‬
‫وجوبا بهذه اإلجراءات اإل جبارية‪ ،‬تحت طائلة توقيع العقوبات المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬مضيفا أن السلطات‬
‫المحلية والقوات العمومية‪ ،‬من أمن وطني ودرك ملكي وقوات مساعدة‪ ،‬ستسهر على تفعيل إجراءات المراقبة‪ ،‬بكل حزم ومسؤولية‪،‬‬
‫في حق أي شخص يتواجد بالشارع العام‪ .‬وإيمانا بضرورة تظافر جهود الجميع‪ ،‬أكد البالغ على مسؤولية كل مواطن لحماية أسرته‬
‫وحماية مجتمعه‪ ،‬من خالل الحرص على التزام الجميع بالتدابير االحترازية والوقائية وقواعد النظافة العامة لمحاصرة وتطويق‬
‫الفيروس‪ .‬وجاء في البالغ أنه و"إذ تؤكد السلطات العمومية أن كل الوسائل متوفرة لضمان إنجاح تنزيل هذه القرارات‪ ،‬فإنها تطمئن‬
‫المواطن من جديد على أنها اتخذت كل اإلجراءات للحفاظ على مستويات التموين بالشكل الكافي‪ ،‬من مواد غذائية وأدوية وجميع‬
‫المواد الحيوية والمتطلبات التي تحتاجها الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين‪( .‬و‪.‬م ع ‪.")2020/03/19‬‬

‫‪100‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪. 1‬التنقل للعمل بالنسبة لإلدارات واملؤسسات املفتوحة مبا فيها الشركات‬
‫واملصانع واألشغال الفالحية‪ ،‬احملالت والفضاءات التجارية ذات االرتباط باملعيش‬
‫اليومي للمواطن‪ ،‬الصيدليات‪ ،‬القطاع البنكي واملصريف‪ ،‬حمطات التزود بالوقود‪،‬‬
‫املصحات والعيادات الطبية‪ ،‬وكاالت شركات االتصاالت‪ ،‬املهن احلرة الضرورية‪،‬‬
‫وحمالت بيع مواد التنظيف ‪.‬‬
‫‪. 2‬التأكيد على أن التنقل يقتصر على األشخاص الضروري تواجدهم مبقرات‬
‫العمل‪ ،‬شريطة أن يتم تسليمهم شهادة بذلك موقعة وخمتومة من طرف رؤسائهم يف‬
‫العمل‪.‬‬
‫‪. 3‬التنقل من أجل اقتناء املشرتيات الضرورية للمعيش اليومي يف حميط مقر‬
‫سكنى املعين باألمر أو تلقي العالجات الضرورية أو اقتناء األدوية من الصيدليات‪.‬‬
‫والالفت أن اإلجراءات الواردة يف بالغ وزارة الداخلية مشابهة يف معظمها ملا‬
‫تضمنه املرسوم بقانون‪ ،‬إال أنها تفتقر إىل صياغة قانونية واضحة ومل تكن شاملة لعدد‬
‫من احلاالت‪ .‬أما صياغة املرسوم بقانون فأكثر مرونة واكتفت بسرد بعض األماكن اليت‬
‫ميكن التنقل إليها على سبيل املثال‪.‬‬
‫والبالغ الذي صدر عن وزارة الداخلية مت نسخه ضمنا بصدور املرسوم بقانون‬
‫والذي بدأ سريانه ابتداء من تاريخ نشره باجلريدة الرمسية كما نصت على ذلك املادة‬
‫اخلامسة منه حيث نشر بالفعل بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬أي يف اليوم املوالي لصدوره‪.‬‬
‫كما صدر ونشر يف نفس اليوم املرسوم املتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر‬
‫الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا كوفيد ‪ .19‬وبذلك فإن مجيع املخالفات‬
‫للتدابري الواردة يف بالغ وزارة الداخلية ال ميكن املعاقبة عليها طبقا ملقتضى العقوبة‬

‫‪101‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الواردة يف املرسوم بقانون ما دامت قد ارتكبت قبل دخول القانون املذكور حيز التنفيذ‬
‫تطبيقا للفصل السادس من الدستور القاضي بأن القانون ليس له أثر رجعي‪.‬‬
‫وقد يعترب البعض أن خمالفة التدابري املتخذة ابتداء من تاريخ ‪ 20‬مارس ‪2020‬‬
‫من القانون اجلنائي‪ .‬إال أن‬ ‫(‪)64‬‬
‫أو الفصل ‪11/609‬‬ ‫(‪)63‬‬
‫تقع حتت طائلة الفصل ‪308‬‬
‫الفصل ‪ 308‬ينص على مقاومة تنفيذ أشغال )‪ (Traveaux‬أمرت أو صرحت بها السلطة‬
‫العامة‪ .‬غري أن التدابري الواردة يف البالغ ليست بأشغال بل جمموعة من اإلجراءات‬
‫االحرتازية املتخذة ملواجهة الوباء‪ ،‬واحرتاما للمبدأ القانوني بعدم جواز التوسع يف‬
‫تفسري القانون اجلنائي فإن الفصل ‪ 308‬ميكن تطبيقه على خمالفة التدابري الواردة ببالغ‬
‫وزارة الداخلية ‪.‬‬
‫وقد يعترب البعض اآلخر أنه باإلمكان تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 11/609‬والذي‬
‫ينص على معاقبة من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة اإلدارية بصورة قانونية‬
‫إذا مل يكن هذا املرسوم أو القرار مل ينص على عقوبات خاصة ملن خيالف أحكامه‪.‬‬
‫إن احلديث عن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 11/609‬جيرنا للبحث عن الوصف‬
‫القانوني للبالغ الصادر عن وزارة الداخلية‪ .‬فمما الشك فيه أن دستور اململكة مل ينص‬
‫على حالة إعالن الطوارئ الصحية‪ ،‬وبالنظر لكون التدابري الواردة تنص على إجراءات‬
‫حتد من بعض احلقوق واحلريات األساسية كاحلق يف التنقل فإن اختصاص تقييدها يعود‬
‫إىل جمال القانون طبقا ‪ 71‬من الدستور (‪ .)65‬وميكن للحكومة أن تصدر مراسيم بقوانني‬
‫خالل الفرتة الفاصلة بني الدورات طبقا لإلجراءات املنصوص عليها يف الفصل ‪ 81‬من‬
‫‪ 63‬الفصل ‪ " 308‬كل من قاوم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة‬
‫ال تقل عن مائتي درهم‪ 63‬وال تتجاوز ربع مبلغ التعويضات‪ .‬أما األشخاص الذين يعترضون على تنفيذ هذه األشغال بواسطة التجمهر‬
‫أو التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون بالحبس من ثالثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة المشار إليها في الفقرة السالفة"‪.‬‬
‫‪ 64‬الفصل ‪ 11/609‬من القانون الجنائي تعاقب كل" من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة اإلدارية بصورة قانونية‪ ،‬إذا كان هذا‬
‫المرسوم أو القرار لم ينص على عقوبات خاصة لمن يخالف أحكامه"‪.‬‬
‫‪ 65‬الفصل ‪ 71‬من الدستور " يختص القانون‪ ،‬باإلضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور‪ ،‬بالتشريع في‬
‫الميادين التالية‪ :‬الحقوق والحريات األساسية المنصوص عليها في التصدير‪ ،‬وفي فصول أخرى من هذا الدستور‪."..‬‬

‫‪102‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدستور (‪ ،)66‬وهو ما مت اللجوء إليه بإصدار املرسوم بقانون رقم ‪ .2.20.292‬وبذلك‬


‫خنلص إىل أن بالغ وزير الداخلية يعد أوامر داخلية بواسطة برقيات موجهة باألساس‬
‫إىل العاملني يف اإلدارة الرتابية‪ ،‬وأن االكتفاء ببالغ موجه إىل الصحافة ال يكفي لتحقق‬
‫عنصر العلم به من قبل املواطنني‪ .‬وتبعا لذلك فإن مقتضيات املادة ‪ 11/609‬من القانون‬
‫اجلنائي ال تنطبق بدورها على املخالفات ملا تضمنه بالغ وزير الداخلية يف الفرتة ما بني‬
‫‪ 20‬و‪ 24‬مارس ‪.2020‬‬
‫صحيح أن وقوفنا على أهم املقتضيات واألحكام اليت مت التنصيص عليها يف القانون‬
‫املتعلق حبالة الطوارئ له أهميته‪ ،‬غري أنه يف مثل هاته احلاالت فإن الصدى الذي ميكن‬
‫أن ترتكه تلك القوانني هو األهم‪ ،‬لذلك وجب عليها رصد وتتبع اإلجراءات العملية اليت‬
‫اختذت تنفيذا لتنفيذ اجلوانب الزجرية املتعلقة بقانون حالة الطوارئ‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬دراسة إحصائية للجوانب املتعلقة بتنفيذ السياسة‬
‫اجلنائية يف إطار حالة الطوارئ الصحية‬
‫جاء يف بالغ عن رآسة النيابة العامة (منشور يف موقعها الرمسي) أن "النيابات‬
‫العامة مبحاكم اململكة تابعت منذ دخول املرسوم بقانون املذكور حيز التنفيذ بتاريخ ‪24‬‬
‫مارس ‪ 2020‬إىل غاية يوم اخلميس ‪ 02‬أبريل ‪ 2020‬على الساعة الرابعة زواال‪ ،‬ما‬
‫جمموعه ‪ 4835‬شخصا قاموا خبرق حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬من بينهم ‪ 334‬أحيلوا على‬
‫احملكمة يف حالة اعتقال ‪.‬كما كانت النيابات العامة قد تابعت ‪ 263‬شخصا منهم ‪43‬‬
‫شخصا يف حالة اعتقال‪ ،‬من أجل خمالفة بعض مقتضيات القانون اجلنائي‪،‬منذ إعالن‬

‫‪ 66‬الفصل ‪ 81‬من الدستور "يمكن للحكومة أن تصدر‪ ،‬خالل الفترة الفاصلة بين الدورات‪ ،‬وباتفاق مع اللجان التي يعنيها األمر في كال‬
‫المجلسين‪ ،‬مراسيم قوانين‪ ،‬يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان‪ ،‬خالل دورته العادية الموالية ‪.‬يودع مشروع‬
‫المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب‪ ،‬وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كال المجلسين‪ ،‬بغية التوصل داخل أجل ستة أيام‪ ،‬إلى‬
‫قرار مشترك بينهما في شأنه‪ .‬وإذا لم يحصل هذا االتفاق‪ ،‬فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب"‪ ،‬و هو ما أشارت‬
‫إليه المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬بعرضه على البرلمان في دورته العادية الموالية‪.‬‬

‫‪103‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السلطات العمومية حلالة احلجر الصحي بتاريخ ‪ 20‬مارس وإىل غاية ‪ 23‬مارس‪ ،‬ليصل‬
‫بذلك جمموع املتابعني يف هذا اإلطار إىل ‪ 5098‬شخصا‪".‬‬
‫و بقراءة هذه اإلحصائيات الرمسية يتبني أنه خالل مدة عشرة مت تقديم ما‬
‫جمموعه ‪ 4835‬شخصا من أجل خرق قانون الطوارئ الصحية مبعدل ‪ 483,5‬يوميا‪،‬‬
‫وبلغت نسبة املتابعني يف حالة اعتقال ‪ .%6,91‬بينما مت تقديم ‪ 593.315‬شخصا خالل‬
‫سنة ‪ 2018‬مبا معدله ‪ 1625,5‬شخصا يوميا‪ .‬وإن كان هذا املعدل اليومي للتقديم عن‬
‫املعدل املسجل خالل سنة ‪ ،2018‬إال أنه ينبغي األخذ بعني اإلعتبار أنه نتيجة لفرض‬
‫حالة الطوارئ الصحية فقد اخنفض بشكل كبري عدد املقدمني يف القضايا الغري املتعلقة‬
‫بقانون حالة الطوارئ‪.‬‬
‫كما نشرت وسائل إعالم وطنية (‪ )67‬بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪( 2020‬وهو تاريخ نشر‬
‫مرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية ومرسوم إعالنه بكافة الرتاب الوطين) بالغا‬
‫للمديرية العامة لألمن الوطين مفاده أن مصاحل األمن بسال‪ 68‬أوقفت ‪ 113‬راشدا و‪9‬‬
‫أحداث بعد رفضهم االمتثال لتدابري الطوارئ الصحية‪ .‬كما أورد موقع إخباري وطين‬
‫(‪ )69‬نقال عن معطيات رمسية (مل يتم التأكد منها) أن األسبوع األول أفضى إىل متابعة‬
‫‪ 1462‬شخصا‪ ،‬وأنه خالل األيام الثالثة األوىل متت متابعة ‪ 1225‬شخصا‪ ،‬فيما مل‬
‫يتجاوز العدد خالل نهاية نفس األسبوع املوالي ‪ 237‬متابعا‪ .‬وتهم املتابعات املذكورة‬
‫جرائم العصيان وعدم االمتثال للتدابري املتخذة يف إطار حالة الطوارئ الصحية‪ .‬وقد مت‬

‫‪ 67‬الفصل ‪ 21‬من الظهير الشريف‪ " 1.58.377‬كل تجمهر غير مسلح يقع تفريقه وفق نفس الكيفية المنصوص عليها في الفصل ‪19‬‬
‫مع تالوة العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذا الفصل ‪.‬ويعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وثالثة أشهر‬
‫وبغرامة تتراوح بين ‪ 1.200‬و‪ 5.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من شارك في تجمهر غير مسلح ولم ينسحب منه بعد‬
‫توجيه اإلنذار األول والثاني والثالث ‪.‬وإذا لم يتأت تفريق التجمهر إال بالقوة تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة‬
‫أشهر‪" .‬‬
‫‪ 68‬الموقع الرسمي للقناة الثانية ‪ 2M‬على األنترنيت‪.‬‬
‫‪ 69‬مقال بموقع هسبريس اإللكتروني بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪.2020‬‬

‫‪104‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اعتقال ما جمموعه ‪ 231‬شخصا‪ ،‬فيما متت متابعة ‪ 1231‬يف حالة سراح يف ربوع‬
‫اململكة‪ .‬كما مت تسجيل متابعة ‪ 531‬شخصا خالل أول يوم من دخول املرسوم بقانون‬
‫حيز التنفيذ من ضمنهم ‪ 60‬شخصا يف حالة اعتقال‪ ،‬لينخفض العدد إىل حوالي ‪117‬‬
‫متابعا بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ ،2020‬من ضمنهم ‪ 11‬شخصا متت متابعتهم يف حالة اعتقال‪.‬‬
‫وبالقراءة املتأنية هلذه اإلحصائيات فإنها تظهر ارتفاعا كبريا يف عدد املوقوفني‬
‫مقارنة باأليام العادية‪ ،‬وهو ما سيشكل ضغطا هائال على خمتلف مصاحل الشرطة‬
‫القضائية وعلى القضاء ملعاجلة ملفاتهم‪ ،‬ويطرح حتدي إجناز حماضر قانونية وحماكمات‬
‫عادلة تراعي الضمانات القانونية املمنوحة للمتهمني‪ .‬كما أن تقديم مجيع املوقوفني‬
‫وإصدار عقوبات حبسية قصرية األمد يف حقهم سيشكل عائقا أمام تنفيذ السياسة‬
‫اجلنائية املرتكزة على أساسا على تقليل االعتقال االحتياطي‪ ،‬وعدم إصدار العقوبات‬
‫احلبسية القصرية املدة اليت ال جتدي نفعا يف إصالح املتهم‪ ،‬والتقليل من تقديم األشخاص‬
‫أمام النيابات العامة خاصة يف حالة ارتكابهم جلرائم بسيطة كاجلنح الضبطية‪.‬‬
‫إال ان الظرفية الصحية العصيبة اليت مير بها املغرب والعامل بأسره اقتضت‬
‫إحداث تغيريات همت ثوابت السياسة اجلنائية‪ ،‬وذلك لتحقيق هدف أمسى وهو احلفاظ‬
‫على الصحة العامة‪.‬‬
‫وانطالقا من رصد هذه الوضعية ميكن اقرتاح بعض احللول العملية كما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬تفعيل مسطرة الصلح طبقا للمادة ‪ 41‬من قانون املسطرة اجلنائية (‪ )70‬وذلك‬
‫بأداء نصف احلد األقصى للغرامة املقررة (‪ 650‬درهما) مع تقديم التزام مكتوب باحرتام‬
‫تدابري حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫‪ 70‬المادة ‪ 41‬من قانون المسطرة الجنائية " ‪ ...‬إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك‪ ،‬وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب‬
‫صادر عنه‪ ،‬أو في حالة عدم وجود مشتك‪ ،‬يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو المشتبه فيه صلحا ً يتمثل في أداء‬
‫نصف الحد األقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصالح الضرر الناتج عن أفعاله‪ ،‬وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك محضرا ً‬
‫يتضمن ما تم االتفاق عليه وإشعار المعني باألمر أو دفاعه بتاريخ جلسة غرفة المشورة‪ ،‬ويوقع وكيل الملك والمعني باألمر على‬

‫‪105‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪-2‬إحداث أماكن خاصة لوضع املوقوفني بداخلها كاملؤسسات املدرسية مثال بعد‬
‫إعادة جتهيزها‪ ،‬وذلك حفاظا على صحة كل من املوقوفني وعناصر القوة العمومية ومنع‬
‫اختالطهم باملوقوفني يف جرائم احلق العام‪.‬‬
‫‪-3‬انتقال قاضي النيابة العامة إىل مكان وضع املوقوفني حتت احلراسة النظرية‬
‫واستنطاقهم بداخله وذلك ملنع انتقاهلم مباشرة إىل احملاكم وتفادي أي اختالط بينهم‬
‫وبني املعتقلني االحتياطيني الذين يتم إحضارهم من السجن‪.‬‬
‫‪-4‬ختويل أعوان الشرطة القضائية وضباط القوات املساعدة الصفة الضبطية لتحرير‬
‫حماضر اإليقاف واملعاينة دون باقي إجراءات البحث التمهيدي الذي يعهد به إىل ضابط‬
‫للشرطة القضائية‪.‬‬
‫‪-5‬تعديل قانون الطوارئ الصحية مبا ميكن من حجز املركبات اليت يتم بواسطتها‬
‫خرق أحكام قانون الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫نشر مجيع املقررات التنظيمية واإلدارية يف اجلريدة الرمسية إىل جانب الوسائل‬
‫املشار إليها يف املادة الثالثة من املرسوم‪.‬‬

‫المحضر‪ .‬يحيل وكيل الملك المحضر على رئيس المحكمة االبتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة‬
‫والمعني باألمر أو دفاعه‪ ،‬بمقتضى أمر قضائي ال يقبل أي طعن‪ .‬توقف مسطرة الصلح واألمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من‬
‫ي نوب عنه‪ ،‬في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية‪ .‬ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على‬
‫محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ االلتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل األجل المحدد أو إذا ظهرت‬
‫عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية‪ ،‬ما لم تكن هذه األخيرة قد تقادمت‪ .‬يشعر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وكيل الملك فورا ً‬
‫باألمر الصادر عنه‪ .‬يتأكد وكيل الملك من تنفيذ االلتزامات التي صادق عليها الرئيس‪”.‬‬

‫‪106‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫إن إثارة املالحظات بشأن قانون ومرسوم حالة الطوارئ الصحية ومقارنتها‬
‫بنظريتها الفرنسية إمنا تهدف إىل حتليل تلك املقتضيات وتقريبها للباحث‪ ،‬وطرحها‬
‫للنقاش‪ .‬وسيتمكن الربملان املغربي من مناقشة هذا القانون وتعديله خالل دورته العادية‬
‫املوالية مبا يضمن حتقيق هذا التوازن‪ ،‬وقد تتمكن احملكمة الدستورية من إبداء رأيها‬
‫فيه إذا أحيل عليها للبت يف مدى مطابقته للدستور‪ .‬كما قد تصدر أحكام وقرارات عن‬
‫احملاكم اإلدارية للنظر يف مدى قانونية القرارات اإلدارية املتخذة لتطبيق حالة الطوارئ‬
‫الصحية‪.‬‬
‫لقد فاجئ حتول وباء كورونا كوفيد‪ 19-‬من وباء إىل جائحة عاملية عددا من الدول‬
‫ومن بينها فرنسا واملغرب‪ ،‬األمر الذي تطلب إصدار قوانني ومراسيم وقرارات عاجلة‬
‫لفرض حالة الطوارئ الصحية حلماية املواطنني واملقيمني‪ .‬ولقد شكلت مناسبات عدة‬
‫إنذارا مسبقا بانتشار أوبئة باملغرب‪ ،‬كفريوس أيبوال ‪ -‬والذي مت على إثره تأجيل‬
‫نهائيات كأس أمم إفريقيا‪ ،-‬وفريوس إنفلونزا اخلنازير‪ ،‬وفريوس إنفلونزا الطيور‪.‬‬
‫وكان حريا أن يتم بشكل استباقي إعداد منظومة تشريعية لفرض أحكام الطوارئ الصحية‬
‫مبا يوازن بني احلقوق واحلريات األساسية ومحاية الصحة العامة للمواطنني من أي‬
‫خطر‪.‬‬
‫إن هذه املقتضيات ‪ -‬موضوع الدراسة ‪ -‬وضعت بصفة استثنائية حمددة يف الزمان‬
‫واملكان وذلك إىل حني احنسار موجة اجلائحة الصحية واليت شكلت حتديا جلميع دول‬
‫العامل مبا يف ذلك الدول األكثر تقدما‪.‬‬

‫‪107‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إن املرحلة املفصلية احلالية اقتضت إخراج هذين النصني واختاذ عدد من القرارات‬
‫بشكلها احلالي وذلك ملواجهة خطر داهم وحال يهدد ليس فقط سالمة املواطنني بل يهدد‬
‫حياتهم‪.‬‬
‫إال أنه ال ينبغي أن يتم التضحية بثوابت دولة احلق والقانون ومحاية حقوق‬
‫اإلنسان واحلريات األساسية يف سبيل محاية حق املواطنني من األوبئة‪ .‬وقد أصدرت‬
‫املفوضية حلقوق اإلنسان بيانا أكدت فيه "أن احرتام كامل حقوق اإلنسان مبا فيها‬
‫احلقوق االقتصادية واالجتماعية واحلقوق املدنية والسياسية أساسي لنجاح خطط التصدي‬
‫اليت تعتمدها الصحة العامة"(‪)71‬‬
‫نسأل اهلل تعاىل أن متر هذه األيام العصيبة وأن حيفظ بلدنا ومواطنيه والبشرية‬
‫مجعاء من شر هذا الوباء‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪71‬‬
‫‪https://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/COVID-19.aspx‬‬

‫‪108‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور أنس سعدون‬


‫دكتور يف احلقوق‬
‫عضو نادي قضاة املغرب‬

‫احرتام مبدأ الشرعية اجلنائية يف‬


‫زمن الطوارئ الصحية‬
‫(رأي ووجهة نظر)‬

‫أمام االنتشار السريع لفريوس الكورونا‪ ،‬اضطر املغرب ‪-‬كغريه من بلدان العامل‪-‬‬
‫إىل اعالن حالة الطوارئ الصحية وتقييد احلركة يف البالد‪ ،‬وهو القرار الذي دخل حيز‬
‫التنفيذ عشية يوم اجلمعة ‪ 20‬مارس ‪ 2020‬مبوجب بالغ أصدرته وزارة الداخلية‪.‬‬
‫قرار الطوارئ الذي جاء بشكل مفاجئ يف بلد مل يعهد تطبيق مثل هذه االجراءات‬
‫االستثنائية مند عقود‪ ،‬بالنظر إىل حالة االستقرار السياسي الذي يعرفه‪ ،‬طرح عدة‬
‫نقاشات قانونية‪ ،‬متحورت باألساس يف طبيعة حالة الطوارئ املعلن عنها وسندها‬
‫الدستوري‪ ،‬والسند القانوني لتدخل السلطة القضائية لزجر خمالفيها‪.‬‬
‫حالة "طوارئ صحية" وليست "حالة استثناء سياسية"‬

‫‪109‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أول مالحظة ينبغي االشارة إليها هي أن دستور ‪ 2011‬مل يتضمن أي اشارة‬


‫مباشرة حلالة الطوارئ‪ ،‬فالدستور يتحدث عن حالتني غري مألوفتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل نص عليها الفصل ‪ 74‬الذي يتيح إمكانية االعالن عن "حالة‬
‫احلصار"‪ ،‬اليت تؤدي إىل حلول السلطة العسكرية حمل السلطات املدنية يف مهام الضبط‬
‫االداري‪ ،‬اليت تصبح إجراءاتها واسعة وغري مألوفة يف الظروف العادية؛ ويتم اعالن‬
‫هذه احلالة مبقتضى ظهري يوقعه بالعطف رئيس احلكومة‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬نص عليها الفصل ‪ 59‬الذي يتيح االعالن عن "حالة االستثناء" إذا‬
‫كانت "حوزة الرتاب الوطين مهددة‪ ،‬أو وقع من األحداث ما يعرقل السري العادي‬
‫للمؤسسات الدستورية"‪ ،‬ويتم اعالن هذه احلالة من طرف امللك مبوجب ظهري‪ ،‬بعد‬
‫استشارة كل من رئيس احلكومة‪ ،‬ورئيس جملس النواب‪ ،‬ورئيس جملس املستشارين‪،‬‬
‫ورئيس احملكمة الدستورية‪ ،‬وتوجيه خطاب إىل األمة‪.‬‬
‫وال شك أن هذه املقتضيات ال تنطبق متاما على حالة "الطوارئ الصحية"‪ ،‬اليت مت‬
‫االعالن عنها مبوجب بالغ صادر عن وزارة الداخلية‪ ،‬مما جيعلنا أمام قرار اداري يدخل‬
‫ضمن اجملال التنظيمي املكفول للحكومة طبقا ألحكام الدستور‪.‬‬
‫جزاء خمالفة قرار "الطوارئ الصحية" واحرتام مبدأ الشرعية اجلنائية‬
‫طرح سؤال حول السند القانوني لتدخل السلطة القضائية للزجر يف حالة عدم‬
‫احرتام قرار الطوارئ الصحية؟‬
‫باستجماع اآلراء اليت قدمت ميكن التمييز بني ثالثة توجهات أساسية‪:‬‬
‫التوجه األول‪ :‬االستناد اىل مرسوم ملكي يتعلق باألوبئة لسنة ‪1967‬‬

‫‪110‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ذهب أصحاب االجتاه األول‪ ،‬إىل أن النص اجملرم خلرق قرار "حالة الطوارئ‬
‫الصحية"‪ ،‬موجود‪ ،‬ويتمثل يف مرسوم ملكي مبثابة قانون‪ ،‬يتعلق بوجوب التصريح‬
‫ببعض األمراض واختاذ تدابري وقائية للقضاء على هذه األمراض‪ ،‬ويسند االختصاص يف‬
‫تدبري األوبئة إىل وزير الصحة مبساعدة السلطات العمومية‪ ،‬وقد نص يف مادته السادسة‬
‫على عقوبات زجرية للمخالفني‪ ،‬بالسجن ملدة ترتاوح بني ستة أيام وشهرين‪ ،‬وبغرامة‬
‫يرتاوح قدرها بني ‪ 40‬درهما و‪ 2.400‬درهم‪ ،‬أو بإحدى هاتني العقوبتني فقط‪.‬‬
‫لكن باالطالع على مضمون هذا املرسوم يتبني أنه خياطب أساسا األطباء واألطر‬
‫الشبيهة هلم الذين يكتشفون حبكم ممارستهم ملهامهم حاالت األمراض املعدية‪،‬‬
‫ويلزمهم بواجب اخبار السلطات بها‪ ،‬كما أنه يلزم السلطة الطبية للعمالة أو اإلقليم‬
‫بواجب تطهري األماكن املسكونة واألثاث املستعملة من طرف كل شخص مصاب ببعض‬
‫األمراض احملددة مبوجب قرار لوزير الصحة‪ ،‬كل ذلك حتت طائلة العقوبة الزجرية‬
‫املنصوص عليها يف الفصل ‪ 6‬من القانون املذكور‪.‬‬
‫وبالتالي فإن أي حماولة لتطبيق هذا النص بشكل موسع على حالة خرق قرار‬
‫الطوارئ الصحية من طرف املواطن العادي‪ ،‬سيعترب من قبيل التوسع يف تفسري النص‬
‫اجلنائي‪ ،‬وهو ما ال يتالءم مع احرتام مبدأ الشرعية اجلنائية‪.‬‬
‫التوجه الثاين‪ :‬يرى أن خرق قرار الطوارئ الصحية يعترب مبثابة جرمية‬
‫العصيان‪ ،‬ويقع حتت طائلة الفصل ‪ 308‬من القانون اجلنائي الذي ينص على أن‪" :‬كل من‬
‫قاوم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب باحلبس من شهرين‬
‫إىل ستة أشهر وبغرامة ال تقل عن مائيت درهم وال تتجاوز ربع مبلغ التعويضات‪.‬‬

‫‪111‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أما األشخاص الذين يعرتضون على تنفيذ هذه األشغال بواسطة التجمهر أو‬
‫التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون باحلبس من ثالثة أشهر إىل سنتني وبالغرامة املشار‬
‫إليها يف الفقرة السالفة‪".‬‬
‫ويؤسس أصحاب هذا االجتاه رأيهم على خطورة فريوس كورونا واليت تقتضي‬
‫التزام اجلميع بقرار احلجر الصحي‪ ،‬والزجر الصارم لكل خمالفيه‪ ،‬وهو ما يستوجب‬
‫تشديد العقاب‪ ،‬مبا يف ذلك تطبيق العقوبات السالبة للحرية‪.‬‬
‫ويصطدم هذا الرأي بالتفسري الذي أعطاه املشرع اجلنائي جلرمية العصيان‪ ،‬واليت‬
‫تقتضي استعمال "هجوم أو مقاومة‪ ،‬بواسطة العنف أو اإليذاء ضد موظفي أو ممثلي‬
‫السلطة العامة القائمني بتنفيذ األوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمني‬
‫بتنفيذ القوانني أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو األوامر القضائية"‪ ،‬كما يصطدم‬
‫بصعوبة تكييف األمر املتعلق باحلجر الصحي على أنه مبثابة أشغال أمرت بها السلطة‬
‫العامة‪ ،‬مما يعين عدم امكانية تطبيق هذا املقتضى بسالسة يف حاالت كثرية ال ينجم عن‬
‫خرق قرار الطوارئ الصحي استعمال عنف أو هجوم ضد األشخاص املكلفني بإنفاذ‬
‫القانون‪.‬‬
‫التوجه الثالث مييل اىل تطبيق البند ‪ 11‬من الفصل ‪ 609‬من القانون اجلنائي‬
‫الذي ينص على أنه‪" :‬يعاقب بغرامة من عشرة إىل مائة وعشرين درهما من ارتكب‬
‫إحدى املخالفات اآلتية‪ -11...‬من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة اإلدارية‬

‫‪112‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بصورة قانونية‪ ،‬إذا كان هذا املرسوم أو القرار مل ينص على عقوبات خاصة ملن خيالف‬
‫أحكامه ‪"...‬‬
‫واستند أصحاب هذا الرأي إىل أن قرار "حالة الطوارئ الصحية" يعترب من الناحية‬
‫القانونية قرارا إداريا صادرا عن سلطة إدارية ممثلة يف كل من وزارة الداخلية ووزارة‬
‫الصحة‪ ،‬كما أن القرار املذكور مل ينص يف حيثياته على أي مقتضى من شأنه حتديد‬
‫اجلرائم والعقوبات املرتبطة خبرقه‪ ،‬مما يعين أن خرق قرار الطوارئ الصحية‪ ،‬يعد‬
‫جمرد خمالفة‪ ،‬يعاقب عليها بغرامة مالية‪ ،‬وهو ما يتالءم مع ما ذهبت اليه عدة دول‬
‫مقارنة تعاقب على خرق قرار احلجر الصحي بغرامات مالية‪.‬‬
‫لكن اعمال هذا االجتاه ورغم تقيده مببدأ الشرعية اجلنائية‪ ،‬قد يشجع على عدم‬
‫احرتام القرارات اليت تتخذها السلطات للحفاظ على الصحة العامة‪ ،‬يف ظرف دقيق‪،‬‬
‫خاصة وأن الغرامات املنصوص عليها يف النص املذكور تبقى خمففة‪.‬‬
‫مرسوم قانون الطوارئ الصحية ينهي اجلدل‬
‫حسما هلذا اجلدل‪ ،‬تدخلت احلكومة يف اطار ما يسمح به الفصل ‪ 81‬من الدستور‬
‫وأعدت مرسوما مبثابة قانون يتعلق حبالة الطوارئ الصحية‪ ،‬عاقب باحلبس من شهر‬
‫اىل ثالثة أشهر وبغرامة ترتاوح بني ‪ 300‬و‪ 1300‬درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني على‬
‫خمالفة األوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العامة تنفيذا حلالة الطوارئ الصحية‪،‬‬
‫كما عاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ هذه القرارات عن طريق العنف أو التهديد‬
‫أو التدليس أو االكراه‪ ،‬وكل من قام بتحريض الغري على ذلك‪.‬‬

‫‪113‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بقيت االشارة يف األخري إىل أن هذه املقتضيات الزجرية اجلديدة ستطبق على‬
‫حاالت خرق قرار احلجر الصحي اليت سجلت بعد نشر القانون اجلديد باجلريدة‬
‫الرمسية‪ ،‬بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ ،2020‬احرتاما ملبدأ عدم رجعية القانون اجلنائي‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪114‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور شريف الغيام‬


‫دكتور يف احلقوق وأستاذ جامعي زائر‬
‫مستشار مبحكمة اإلستئناف باحلسيمة‬

‫احلاجة إىل التقاضي عن بعد يف زمن‬


‫اجلائحة وسؤال احملكمة الرقمية‬
‫لقد فرضت التحوالت الصحية احلاصلة بالعامل أزمة متعددة اجلهات‪ ،‬واليت‬
‫تراخت معلمها على كل جوانب احلياة االجتماعية واالقتصادية والسياسية على حني‬
‫غرة‪ ،‬مما فرض حتريك عجالت الضغط الفكري حنو إجياد حلول سريعة وفعالة لكل‬
‫املعضالت اليت قد تعوق دون حتقيق النتائج املرجوة للوقوف صدا ضد إنتشار وباء‬
‫كورونا‪ ،‬الذي أطلق عليه من قبل منظمة الصحة العاملية باجلائحة‪ ،‬والذي كان له السبب‬
‫املباشر يف تعليق كل مناحي احلياة العادية لألفراد واجلماعات‪ ،‬الشئ الذي جنم عنه‬
‫تباعا تعطيل حتصيلهم حلقوقهم املسندة هلم التمتع بها‪ ،‬والذي يشكل فيه احلق يف‬
‫التقاضي حقا من حقوقها‪.‬‬

‫‪115‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فإذا كان من الطبيعي إقرار تدابري حتد من نشاط األفراد وحتركاتهم بغاية‬
‫حبمايتهم من خالل سن قانون حالة الطوارئ الصحية وفتح الباب أمام تعزيزها بتدابري‬
‫احرتازية و إجراءات موازية ال تقطع عالقة املواطن باإلدارة وفقط بل ترسم له خطوطا‬
‫آمنة لالستفادة من خدماتها سواءا تعلق األمر بقطاع الصحة أو التعليم أو األمن و القضاء‬
‫وغريها…من القطاعات احليوية‪ ،‬اليت بطبيعتها تلك يصعب إن مل نقل أنه من‬
‫املستحيل عدم استفادته منها أو جمرد تصور توقفها‪.‬‬
‫هذا الذي استدعى يف ضرورة البحث عن آليات بديلة للتحصيل املادي هلاته‬
‫احلقوق يف حماولة استبدال ذلك بوسائل حديثة فرضت إعطاء هامش أوسع للوسائل‬
‫املعلوماتية كبديل آمن ميكن االعتماد عليه لتفادي املخاطرة بصحة املواطنني عن طريق‬
‫تسهيل ولوجهم اخلدماتي بالرغم من االكراهات اليت قد تعرتي ذلك‪ ،‬لكنها تبقى بادرة‬
‫جد مهمة يف باب تقريب اإلدارة من املواطن اليت ما فتئ املغرب يشتغل عليها ضمن‬
‫برامج مسطرة سلفا‪.‬‬
‫الشئ الذي يطرح معه بشدة اليوم و أكثر من أي وقت مضى ضرورة التعجيل‬
‫الفوري واآلني هلاته الربامج والسعي حنو إخراجها إىل حيز الوجود بتقليص عامل‬
‫الزمن‪.‬‬
‫فإذا كانت احلاجة أم االخرتاع فإن حاجتنا اليوم لعدالة رقمية تفرض علينا‬
‫اسراع وترية مضينا حنو حمكمة رقمية تستجيب ملتطلبات العدالة وأحقية املواطنني يف‬
‫ممارسة حقهم يف التقاضي عن بعد بشكل يالمس التطلعات امللكية السامية املرسومة اليت‬
‫جعلت من إصالح القضاء ورشا مفتوحا على الدوام قوامه “جعل القضاء يف خدمة املواطن ”‬
‫والذي نادى بشأنه صاحب اجلاللة امللك حممد السادس حفظه اهلل ورعاه من خالل‬

‫‪116‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫رسالته السامية بتاريخ ‪ 2019-10-21‬للمؤمتر الدولي مبراكش بدورته الثانية حول‬


‫“العدالة واالستثمار” بضرورة تبين المادية اإلجراءات و للمساطر القضائية و التقاضي‬
‫باخنراط كل مكونات العدالة يف ورش التحول الرقمي (مقتطف من الرسالة امللكية‬
‫السامية ‪”:‬ندعو إلستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية من إمكانيات لنشر املعلومة‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬وتبين خيار تعزيز وتعميم ال مادية اإلجراءات واملساطر القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬والتقاضي عن بعد ‪،‬باعتبارها وسائل فعالة تسهم يف حتقيق السرعة و‬
‫النجاعة…‪.‬مع احلرص على تقعيدها قانونيا ‪ ،‬واخنراط كل مكونات منظومة العدالة يف‬
‫ورش التحول الرقمي‪ ”..‬انتهى اخلطاب امللكي السامي‪).‬‬
‫فإذا كانت اجملهودات اليت أجنزت سالفا قد وصفت باجلبارة و اجلد متقدمة يف‬
‫باب إصالح القضاء وحتديث اإلدارة القضائية ‪ ،‬فهذا ال مينعنا من مواصلة املسري حنو‬
‫األفضل بالتعجيل بهذا املشروع الضخم (العدالة الرقمية) الذي سيشكل ال حمالة قفزة‬
‫نوعية يف العدالة باملغرب ومكسبا وطنيا حيق لنا به االلتحاق مبصاف دول متقدمة‬
‫معلوماتيا يف أنظمتها القضائية واليت ستسهم من جهة أخرى على ضمان سريورة‬
‫اخلدمات القضائية جبميع الظروف و الصعاب مهما كانت‪ ،‬وعليه نسجل و بتنويه كبري‬
‫اجملهودات املتخذة يف هذا الشأن من قبل مؤسسة اجمللس األعلى للسلطة اليت كانت‬
‫سباقة إلعالن خطوات غري مسبوقة يف باب ترشيد اجللسات وكيفية انعقادها واضعة‬
‫نصب أعينها رؤية اسرتاتيجية قضائية ذات أبعاد توازنية بني كل من محاية مرتفقي‬
‫القضاء من خالل ضمان حتصيلهم القضائي يف قضايا حمددة وبني محاية أسرته العاملة‬
‫به‪ ،‬بتسخري كل الوسائل اللوجيستيكية واملعلوماتية املتوفرة لديها لتوفري مناخات آمنة‬

‫‪117‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وإحرتازية تنسجم متام االنسجام مع سياسة الدولة االستباقية حملاربة هذا الوباء‪،‬‬
‫دون التفريط بإستمرارية املرفق القضائي يف ممارسة مهامه املنوطة به دستوريا‪.‬‬
‫كما أن رئاسة النيابة العامة‪ ،‬اليت ما فتئت منذ استقالهلا عن اجلهاز التنفيذي‬
‫أن ختطوا خطوات ثابتة يف رسم معامل نيابة عامة مواطنة ‪،‬مل تتأخر هي كذلك يف‬
‫تسجيل حضورها يف املشهد القضائي بقوة متناهية من خالل إعتماد الشكايات‬
‫اإللكرتونية أو الربيدية ( الربيد االلكرتوني) و كذا تعميم أرقام اهلواتف والفاكس‬
‫اخلاصة بالنيابات العامة بربوع اململكة و تعزيز ذلك بدوريات نيابية حتث من خالهلا‬
‫لضرورة املواكبة و ضمان نفاذ القانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية بكل صرامة كلما‬
‫استجد نص قانوني بشأن ذلك‪.‬‬
‫مما ال جيعل جماال للشك أن االلتحاق بركب احملكمة الرقمية أضحى ضرورة‬
‫ملحة وليس خيارا اسرتاتيجيا الغاية منه تطوير العدالة بل نقطة فاصلة بني مفهوم‬
‫احملاكمة الكالسيكية واحملاكمة عن بعد أو ما قد يطلق عليه ب”احملاكمة الرقمية ”‬
‫اليت ستمكن مرتفقي القضاء من مواصلة دعاويهم القضائية دون تواجدهم املادي مبرفق‬
‫احملكمة ال جمرد االطالع اإللكرتوني على مآالتها ‪.‬‬
‫كما أن هذا النوع اجلديد من التقاضي احلديث سيسهل ال حمالة من ختفيف‬
‫العبئ على احملاكم بأقل التكاليف املرصدة مؤادها مأسسة القضاء الرقمي‪ .‬إن مفهوم‬
‫احملكمة الرقمية بصيغته هاته يروم لعصرنة القضاء وضمان إستمرارية عطاءاته اليت قد‬
‫تتاح من خالل إعمال مبدأ التقاضي عن بعد بإعتباره نظام قضائي معلوماتي يتم مبوجبه‬
‫تطبيق كافة إجراءات التقاضي عن طريق أجهزة احلاسوب املرتبطة بشبكة االنرتنت‬
‫وقواعد البيانات االلكرتونية لغرض سرعة الفصل يف الدعاوى و تسهيل إجراءاتها على‬

‫‪118‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املتقاضني و ملا ال تنفيذ حتى األحكام الكرتونيا‪ .‬و بهذا نكون أمام آلية ناجعة ومستمرة‬
‫كتصور لتطبيق نظام قضائي جديد قائم على أسس وقواعد تشريعية و أحكام قضائية قادر‬
‫على مواجهة كل التحديات اليت قد تعيق املسار التحصيلي للمواطنني يف ممارسة حقهم‬
‫يف التقاضي ‪.‬‬
‫هذا الذي لن يتحقق دون بلورة هذا التصور عاجال من خالل االنتقال الفوري من‬
‫مستوى التصور التنظريي إىل مستوى أجرأت احملكمة الرقمية وتنزيلها يف أقرب وقت‬
‫كان وخاصة أنها تشكل بندا مهما من البنود املعتمدة من قبل ميثاق إصالح العدالة الذي‬
‫مت إطالقه يف ‪ 30‬يوليوز ‪ 2013‬والذي جاء يف أحد توصياته ‪-9”:‬وضع أسس “حمكمة‬
‫رقمية” منفتحة على حميطها وعلى املتقاضني…‪..‬مع سن املقتضيات الالزمة لذلك‪”..‬‬
‫الشئ الذي حذى بالرئيس املنتدب للسلطة القضائية للتشديد ما مرة على إرساء دعائم‬
‫احملكمة الرقمية كمدخل أساسي للحكامة القضائية خاصة يف كلمته اليت ألقاها باجللسة‬
‫االفتتاحية ملؤمتر مراكش الدولي حول العدالة و االستثمار واليت جاء فيها ‪ ”:‬إن خلق‬
‫فضاء آمن لالستثمار مبضامينه االقتصادية واالجتماعية واحلقوقية واإلدارية واهليكلية‬
‫وتهيئة األجواء املناسبة له حسب املعايري املتوافق عليها عامليا يفرض علينا اليوم دعم‬
‫استقالل السلطة القضائية وتأهيل عناصرها وتطوير اإلدارة القضائية وتعزيز حكامتها‪،‬‬
‫بإرساء مقومات احملكمة الرقمية وحتديث خدماتها وتيسري انفتاحها على حميطها‬
‫والرفع من مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهالتها”‪.‬‬
‫هذا الذي فرض علينا اليوم أكثر من أي يوم مضى تناول هذا املوضوع اإلحلاح أكرب‬
‫باعادة فتح النقاش بشأنه‪ ،‬خاصة اذا ما استحضرنا حالة الطوارئ الصحية املاسة بالدنا‪،‬‬
‫وملا ال حتويلها من من نقطة معطلة للمؤسسة القضائية لنقطة إنتاج نظام رقمي قضائي‬

‫‪119‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ودافع وطين حمفز لالجتهاد بشكل مجاعي لتطويع كل الصعاب و االكراهات بالتعجيل‬
‫خبروج “احملكمة الرقمية” إىل حيز الوجود بإعتبارها خيارا ملكيا وواجبا وطنيا يف آن‬
‫واحد ‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪120‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور سعيد بوطويل‬


‫دكتور يف احلقوق‬

‫احتاد السواعد يبني الوطن‬


‫وتآزر القلوب خيفف احملن‬
‫قلما أكتب للعلن‪...‬لكن ما يعرفه العامل االن أمر ينطق اجلماد ويسيل‬
‫املداد‪.......‬‬
‫فريوس كورونا وباء اجتاح العامل وجاله من دون اعرتاف باحلدود وال‬
‫باجلنسيات؛ انتشر بسرعة الريح وما استطاع اإلنسان ان يفهم شيئا خبصوصه؛ فقد‬
‫تأملنا يف هذا املصاب إىل أن أدركنا ضعفنا وقلة حيلتنا‪...‬ورجاؤنا يف قدرته سبحانه‬
‫ورمحته؛ ويف عظمة شعبنا تبقى املالذ ‪...‬‬
‫وان كان رب العزة وامللكوت يأمرنا باال نلقي بأنفسنا إىل التهلكة فعلينا الطاعة‬
‫واالمتثال بالتفكري يف كل التدابري اليت من شأنها أن تقينا التهلكة‪...‬‬

‫‪121‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فقوا انفسكم واهليكم هذا الوباء الفتاك‪...‬وارمحوا تعب وعناء وشقاء مالءكة‬
‫الرمحة وفرسان األمن وجنوده ألجلكم فقد تركوا أسرهم ليضحوا بسالمتهم وحياتهم‬
‫ألجل مساعدتكم‪...‬فساعدوهم فقط باالمتناع عن اخلروج والتجمع‪...‬من فضلكم الزموا‬
‫بيوتكم ثم الزموا بيوتكم وال تتهاونوا أو تستسهلوا خطورة الداء‪...‬‬
‫حافظوا على اخوتكم وانشروا الوعي بسلوككم وتعاملكم‪...‬تآزروا وتعاونوا يف هذه‬
‫احملنة وساعدوا بعضكم‪...‬فمن مغاربتنا من لن يستطيع تدبر قوت عيشه بركود جتارته‬
‫البسيطة أو اغالق منافذ رزقه‪...‬انها الفرصة للتقرب إىل اهلل لعله يغفر ذنوبنا‪ .‬فإن اهلل‬
‫يف عون العبد ما دام العبد يف عون أخيه‪...‬فاسالمنا فخرنا وعزتنا‪...‬فجميعا ومعا ألجل‬
‫التكافل االجتماعي الذي برهن عليه املغاربة يف هذه الظرفية وأكدوا فعال على أنهم شعب‬
‫عظيم بكل شيء؛ بايثاره وتناغمه ومتاسكه كالبنيان املرصوص‪.‬‬
‫واعرتافا باجلميل البد أن نرفع قبعة االحرتام والتقدير للدولة املغربية اليت‬
‫نفتخر بوطنيتنا وانتماءنا هلا واليت ابانت عن شجاعة يف محاية مواطنيها ووضعت‬
‫نصب عينيها أبناءها وال شيء غريهم‪....‬فأن يقرر املغرب ومند ظهور احلاالت األوىل‬
‫لالصابة بالفريوس تعليق الرحالت وإغالق احلدود مع اعظم الدول وإغالق املساجد‬
‫واحملالت واملقاهي واملدارس‪...‬امر عظيم وقرار حكيم مل جترأ عليه سابقا الدول‬
‫املتقدمة‪....‬وان يأمر جاللته باإلحداث الفوري لصندوق خاص لتدبري ومواجهة وباء‬
‫فريوس كورونا ‪،‬للتكفل بالنفقات املتعلقة بتأهيل اآلليات والوسائل الصحية ولدعم‬
‫االقتصاد الوطين‪،‬للحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات االجتماعية‪...‬‬
‫هو قرار إنساني لصاحب اجلاللة علينا أن نقف كشعب رجال واحدا ألجل أن نربهن عن‬

‫‪122‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫نبل أخالقنا ومسو إنسانيتنا يف التكافل للتخفيف من تلك التداعيات االجتماعية‬


‫احملتملة‪.‬‬
‫فاملغرب بالقيادة الرشيدة لصاحب اجلاللة امللك حممد السادس نصره اهلل وايده‬
‫وحفظه مل يبالي اال بصحة وسالمة شعبه اوال وأخريا ‪.‬‬
‫فاختيار اسالفنا لشعار اهلل الوطن امللك امنا كان أساسه ارتباط الشعب بالدين‬
‫والوطن وامللك كثالثية حتمية جسدتها الثقة واملصداقية واحلب والفخر باإلسالم واملغرب‬
‫وملكه اهلمام‪...‬واهلل إن االمر ليذكرني مبلحمة وطنية خالدة اال وهي ثورة امللك والشعب‬
‫اليت مجعت ملكا جماهدا وشعبا مناضال ملتحما ؛فالتحامنا متجذر يف وطنيتنا اليت‬
‫حتدث عنها العامل ؛ فكم لنا الفخر بأن يصنف املغرب االول عامليا من قبل منظمة‬
‫"غالوب" األمريكية ‪،‬لتقديم اإلستشارات و البحوث اإلحصائية اليت صرحت بأن "‬
‫الشعب املغربي هو األكثر استعدادا للتضحية بكل ما أوتي من أجل الدفاع عن ثوابت‬
‫الوطن ووحدته" ؛فلندافع عن الوطن ضد العدو الوبائي الذى فتك بصحة وسالمة‬
‫الشعوب‪.‬‬
‫وان كان جاللتة وحكومة املغرب قد ابانا عن هذا االرتباط الوثيق بالشعب وحرصا‬
‫على املواطنني حرص االم برمحتها على رضيعها واألب املسؤول عن أسرته‪...‬فاآلن يبقى‬
‫دور الشعب العظيم الفيصل يف حتقيق احلماية وتأكيد اللحمة بني الشعب وامللك‬
‫باالمتثال الطوعي لكل التدابري الوقائية اليت مل يكن اهلذف منها سوى محايتك‪.‬‬
‫هيا أيها الشعب العظيم لنبهر العامل بسمو أخالقنا وحضارة ونبل سلوكنا فليس‬
‫ذلك جبديد وال عزيز عليك فلنظهر للعامل بامجعه ان تقدم الدول وحتضرها ليس أساسا‬

‫‪123‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫يف مكننتها العالية واقتصادها الرقمي وإمنا يف الوعي والتحضر السلوكي واملعامالتي‬
‫والتالحم اإلنساني والوطين يف الوقت الذي تنعدم فيه فاءدة اآللة واملال‪...‬‬
‫اجدد اننا فخورون داءما وابدا مبغربيتنا واحساسنا باألمان كيف ال ولنا اب‬
‫حنون يف عطفه ‪،‬حكيم يف قراراته‪ ،‬مسؤول عن رعيته هو ملكنا اهلمام الذي مل يدخر‬
‫جهدا يف محاية شعبه والرقي به‪.‬‬
‫فلنظهر يا شعب املغرب رقينا وحضارتنا وتكافلنا وانسجامنا روحا وجسدا فنحن‬
‫امام امتحان يسجله التاريخ ويكتبه لنا أو علينا ‪ ..‬اهلل الوطن امللك ‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪124‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور امبارك جانوي‬


‫دكتور يف القانون‬
‫قاضي باحملكمة االبتدائية بفاس‬

‫مفهوم األجل القانوني يف ضوء املادة‬


‫‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الصحية‬
‫أثارت املادة ‪ 6‬من مرسوم قانون رقم ‪ 292.20.2‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪2020‬‬
‫يتعلق املتعلق بسن أحكام خاصة حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬نقاشا‬
‫قانونيا خاصة يف مدى خضوع مدد التقادم هلذه املادة من عدمه‪.‬‬
‫وقد ذهبت بعض اآلراء إىل أن هذه املادة خاصة بآجال السقوط وال تشمل آجال‬
‫التقادم‪ .‬وحملاولة االجابة على هذا التساؤل البد من الرجوع اىل تعريف مصطلح اآلجال‬
‫الذي استعمله املشرع يف املادة أعاله حينما نص على ما يلي‪" :‬يوقف سريان مفعول مجيع‬
‫اآلجال املنصوص عليها يف النصوص التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل خالل فرتة‬

‫‪125‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها‪ ،‬ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم املوالي ليوم‬
‫رفع حالة الطوارئ املذكورة" ‪.‬‬
‫وبغض النظر على أن املشرع كان واضحا يف مراده ملا نص على أن مجيع اآلجال‬
‫تتوقف خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬ويف نظرنا على أن كلمة "مجيع " اليت‬
‫استعملها املشرع يراد بها مجيع أنواع اآلجال املنصوص عليها يف مجيع القوانني‪ ،‬وأنواع‬
‫اآلجال متنوعة ومتعددة منها آجال سقوط‪ ،‬وآجال حلول ديون وأجال انتهاء مدة بعض‬
‫العقود كعقد التأمني مثال وآجال اعداد إعداد الدفاع وتقديم للمتهم أمام النيابة العامة‪،‬‬
‫وآجال مباشرة بعض احلقوق‪ ،‬وآجال الطعون يف األحكام‪ ،‬ومنها أيضا واألكيد آجال‬
‫التقادم‪.‬‬
‫ومما يزكي هذا الطرح أيضا هو التعريف اللغوي واالصالحي ملصطلح األجل‪،‬‬
‫فاألجل لغة هو مدة الشيء‪ ،‬أي مدة حمددة وزمن معرف وحمدد‪ .‬وقد عرفه لسان العرب‬
‫ُدةُ الشيء‪.‬‬
‫بكونه مدة الشيء جاء يف لسان العرب ‪:‬األَجَلُ ‪ :‬م َّ‬
‫واألَجَ ُل الوقت الذي يُحَدَّدُ النتهاء الشيء أَو حُلُوِلهِ‪.‬‬
‫يقال‪ :‬ضربت له أَجَالً‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬جاء أَجَلُه‪ :‬إذا حان موته‪ .‬واجلمع آجال‪.‬‬
‫جلَنا ا َّلذِي أَجَّلْتَ‬
‫واألَجَلُ غاية الوقت احملدَّد لشيء‪ ،‬ويف التنزيل العزيز‪ :‬وبَ َلغْنا أَ َ‬
‫لنا‪ .‬األنعام آية ‪. 128‬‬
‫أما يف اإلصطالح القانوني فرغم أننا مل نقف على تعريف حمدد لألجل كمصطلح‬
‫عام‪ ،‬إال أنه يالحظ أن مصطلح األجل يستعمل كثريا سواء يف القوانني املسطرية قانون‬

‫‪126‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املسطرة املدنية مثال لكن حتى يف قوانني املوضوع كقانون االلتزامات والعقود مثال الذي‬
‫استعمل هذا املصطلح يف مواضيع عدة‪ ،‬ويف أبواب خمتلفة‪.‬‬
‫كما أنه بالرجوع إىل الدراسات الفقهية فمصطلح األجل يستعمل أيضا للداللة على‬
‫أجل التقادم‪ ،‬ويقال أجل تقادم وأجل سقوط‪ ،‬وهو نفس النهج الذي اعتمده حتى املشرع‬
‫فقد استعمل مصطلح االجل للداللة على التقادم وكمثال على ذلك نص الفصل ‪ 375‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود اليت تنص‪ ":‬ال يسوغ للمتعاقدين‪ ،‬مبقتضى اتفاقات خاصة‪،‬‬
‫متديد أجل التقادم إىل أكثر من اخلمس عشرة سنة اليت حيددها القانون"‪ ،‬ونصت أيضا‬
‫الفقرة اخلامسة من الفصل ‪ 380‬من قانون االلتزمات والعقود " ال يسري التقادم‪...‬‬
‫إذا وجد الدائن بالفعل يف ظروف جتعل من املستحيل عليه املطالبة حبقوقه خالل‬
‫األجل املقرر للتقادم‪ ".‬بل وحتى يف قانون املسطرة اجلنائية جند املادة ‪ 113‬تنص ‪" :‬‬
‫يتم مببادرة من قاضي التحقيق أو من النيابة العامة املختصة إبادة التسجيالت‬
‫واملراسالت عند انصرام أجل تقادم الدعوى العمومية أو بعد اكتساب احلكم الصادر يف‬
‫الدعوى قوة الشيء املقضي به‪ .‬وحيرر حمضر عن عملية اإلبادة حيفظ مبلف القضية"‪.‬‬
‫لذلك فحتى يف اإلصطالح القانوني فمصطلح األجل يطلق على آجال التقادم ويطلق‬
‫على آجال السقوط‪ ،‬وعلى مجيع اإلجراءات املرتبطة بعامل املدة‪ ،‬وباقي املدد القانونية‬
‫اليت حددها املشرع ورتب عليها أثارا قانونية‪ ،‬والتقادم سواء كان مكسبا أو مسقط فهو‬
‫األكيد مرتبط مبرور مدة معينة من الزمن حددها القانون مسبقا وبالتالي فهي تبقى آجاال‬
‫حمددة‪ ،‬ينقضي بها التزام املدين بعدم املطالبة به يف حالة االجل املسقط و تكتسب بها‬
‫احلقوق يف التقادم املكسب نتيجة عدم املنازعة يف احلق‪.‬‬

‫‪127‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وملا كان التقادم خاصة املسقط آجاال أي مدة معينة من الزمن ينقضي فيها دين‬
‫املدين فقد ربط املشرع ذلك بقدرة الدائن على مباشرة حقوقه لذلك فالتقادم ال يسري على‬
‫القاصر إىل حني بلوغه سن الرشد القانوني وال على ناقص االهلية إىل حني تعيني نائب‬
‫قانوني له أو مقدم‪ ،‬املادة ‪ 379‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وال يسري التقادم أيضا‬
‫على الغائب اىل حني أن يعني نائب قانوني عنه‪ ،‬وال على املدين الذي يوجد يف حالة ال‬
‫يستطيع معها مباشرة حقوقه‪.‬‬
‫وإذا كانت الكثري من آجال التقادم ترتاوح بني اخلمس سنوات وأكثر فإن هناك‬
‫مدد تقادم أخرى قصرية جدا منها مثال مدد التقادم املنصوص عليها مبدونة التجارة‬
‫خاصة تلك املتعلقة باألوراق التجارية بالكمبيالة والشيك وغريها‪ .‬ومدد التقادم‬
‫املنصوص عليها مبدونة الشغل خاصة دعاوى االجري ضد مشغله وهذه املدد القصرية فهي‬
‫ستتأثر كثريا مبدة احلجر الصحي خاصة يف حالة متديده مرة أخرى ال قدر اهلل‪.‬‬
‫كما أن توسيع تفسري املادة ‪ 6‬أعاله أكثر عدال وأعم فائدة على اجلميع‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪128‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدكتور عبد الرزاق اجلباري‬


‫الكاتب العام لـ "نادي قضاة املغرب‬

‫مدى انطباق مرسوم القانون املتعلق‬


‫حبالة الطوارئ على مدد التقادم؟‬
‫أثار املادة السادسة من مرسوم القانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‪ ،‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ ،2020-03-24‬واليت قضت بإيقاف مجيع اآلجال املنصوص عليها يف النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية خالل مدة الطوارئ‪ ،‬نقاشا عاما بني خمتلف القانونيني يف‬
‫املغرب‪ ،‬توزع بني اجتاهني اثنني‪ :‬أحدهما‪ ،‬يرى أن مفهوم تلك اآلجال ال يشمل مدد‬
‫التقادم‪ ،‬ويقتصر فقط على آجال اإلجراءات املنصوص عليها يف القانون مبفهومه العام‪،‬‬
‫أي النصوص التشريعية والتنظيمية‪ .‬فيما ذهب االجتاه اآلخر إىل عكس ما ذهب إليه‬
‫األول‪ ،‬مستندا‪ ،‬يف رأيه‪ ،‬على أن عموم الصيغة املستعملة من قبل املشرع تشمل مجيع‬
‫اآلجال املنصوص عليها يف تلك النصوص‪ ،‬مبا فيها مدد التقادم املشار إليها‪.‬‬

‫‪129‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وملا كان منزع هذا النقاش العلمي‪ ،‬وال شك‪ ،‬هو جتويد العمل القضائي املرتقب يف‬
‫حال ما إذا عرضت على أنظار القضاء املغربي نازلة يف نفس املوضوع‪ ،‬فقد ارتأينا املشاركة‬
‫فيه من خالل هذه الورقة املتواضعة‪ .‬وقبل تفصيل الرأي الذي ذهبنا إليه‪ ،‬يقمن بنا‬
‫التذكري بنص املادة السادسة أعاله‪ ،‬اليت جاءت كالتالي‪" :‬يوقف سريان مفعول مجيع‬
‫اآلجال املنصوص عليها يف النصوص التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل خالل فرتة‬
‫حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها‪ ،‬ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم املوالي ليوم‬
‫رفع حالة الطوارئ"‪.‬‬
‫يبدو من خالل هذه املادة‪ ،‬وكما هو واضح من داللة منطوقها‪ ،‬أنها حتدد نطاق‬
‫تطبيقها من حيث املوضوع يف اآلجال املنصوص عليها يف النصوص التشريعية والتنظيمية‪.‬‬
‫بيد أن ما أثري‪ ،‬فرعيا‪ ،‬من تساؤل خبصوصها‪ ،‬هو‪ :‬هل يعد التقادم أجال يف عُرف‬
‫القانون؟‬
‫واستنطاقا هلذا التساؤل‪ ،‬ليس هناك بد من تفكيك املسؤول عنه حبسب ما يرتكب‬
‫منه‪ ،‬وذلك إىل مفردين اثنني‪ ،‬وهما‪ :‬التقادم‪ ،‬ثم األجل‪.‬‬
‫فمن جهة أوىل‪ ،‬يتوزع مفهوم التقادم من الناحية القانونية على نوعني‪ :‬أوهلما‪،‬‬
‫مُكسب‪ ،‬والثاني مسقط‪ .‬وينقسم هذا األخري‪ ،‬بدوره‪ ،‬إىل قسمني‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬مدنيٌ‪ ،‬ومُبدَّاه‪ ،‬حبسب جتميع مقتضيات الفصول ‪ 371‬و‪ 372‬و‪ 380‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬أنه واقعة مادية تؤدي إىل انقضاء االلتزام‪ ،‬وتنشأ بتأخر‬
‫صاحب احلق املرتتب عليه عن املطالبة حبقه خالل مدة معينة حيددها القانون ابتداء من‬
‫تاريخ اكتساب ذلك احلق‪.‬‬

‫‪130‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وثانيهما‪ :‬جنائيٌ‪ ،‬ويتجلى‪ ،‬كذلك‪ ،‬حبسب جتميع مقتضيات املواد ‪ 4‬و‪ 5‬و‪ 6‬من‬
‫قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬يف واقعة مادية تؤدي إىل انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬وتنشأ بعدم‬
‫اختاذ أي إجراء من إجراءات املتابعة أو التحقيق أو احملاكمة ضد املتهم خالل مدة‬
‫معينة ابتداء من تاريخ ارتكاب اجلرمية‪ ،‬أو من تاريخ أي إجراء من إجراءات احملاكمة‬
‫بالنسبة هلذه األخرية‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬يتأدى مفهوم األجل قانونا‪ ،‬حبسب تعريف الدكتور عبد‬
‫الرزاق السنهوري‪ ،‬يف "حتديد الوقت الذي جيب فيه استعمال رخصة قررها القانون"‪،‬‬
‫أو بعبارات األستاذ عبد العزيز توفيق‪" :‬هو الفرتة الزمنية اليت حددها القانون للقيام‬
‫بإجراء ما‪ ،‬وأوجب القيام به خالل هذه الفرتة أو بعد نهايتها أو قبلها حتت طائلة‬
‫سقوط احلق يف اإلجراء"‪ .‬وهو بهذا املعنى‪ ،‬ال يكون إال مُسقطا للحق يف ممارسة إجراء‬
‫معني خالفا للتقادم الذي قد يكون مكسبا‪.‬‬
‫فمن خالل هذه التعريفات‪ ،‬ميكن اجلزم بأن التقادم ال يعترب أجال يف اصطالح‬
‫املشرع املغربي‪ .‬وبيان ذلك من عدة وجوه‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬أن العربة يف البحث عن مدى وحدة املفهوم من عدمه‪ ،‬حبسب ما تقرر يف‬
‫علم املنطق‪ ،‬تكمن يف التحقق مما إذا كان "ماصَدق" اللفظ املتحقق به املفهوم‪ ،‬أي ما يصدق‬
‫عليه من مفردات‪ ،‬هو واحد بالنسبة ملفهومني أو أكثر‪ ،‬وهذا ما نعدمه يف مفهومي‬
‫التقادم واألجل‪ ،‬إذ إن ما يصدقان عليه من حيث املوضوع خمتلف متام االختالف ؛‬
‫فمفهوم التقادم ال ينطبق إال على مضمون احلق املرتتب إما عن اإلخالل بااللتزام‪ ،‬وإما‬
‫عن ارتكاب اجلرمية‪ .‬بينما ال ينطبق مفهوم األجل‪ ،‬إال على احلق يف ممارسة إجراء‬
‫ينص عليه القانون دومنا اعتبار ملضمون احلق املراد حتصيله من اإلتيان بهذا اإلجراء‪.‬‬

‫‪131‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ثانيها‪ :‬أنه‪ ،‬وبثبوت اختالف "ماصدق" املفهومني‪ ،‬يثبت بالتبع اختالف‬


‫ماهيتهما ؛ فجنس التقادم من طبيعة موضوعية‪ ،‬إذ ال ينصب إال على مضمون احلق‪ .‬أما‬
‫جنس األجل‪ ،‬فهو من طبيعة شكلية ال ينصب إال على إجراء شكلي بعينه‪ .‬لذلك‪ ،‬فمن‬
‫غري املستساغ‪ ،‬منطقا وعقال‪ ،‬التعامل مع املفهومني‪ ،‬قانونا‪ ،‬باعتبارهما مفهوما واحدا‪.‬‬
‫يؤكد هذا‪:‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن لكال املفهومني أنواعا مفردة تشرتك يف ماهية كل واحد منهما‪ ،‬وأن‬
‫هلذه األنواع فصوال وخصائص وأعراضا قانونية‪ ،‬متيز كل واحد منهما عن اآلخر‪،‬‬
‫وميكن التمثيل عليها بأمور‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬خيضع التقادم املسقط يف املادتني املدنية واجلنائية‪ ،‬إىل إجراءات تؤدي إىل‬
‫قطعه‪ ،‬وهو الواضح من الفصل ‪ 381‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ومن املادة ‪ 6‬من قانون‬
‫املسطرة اجلنائية‪ ،‬بينما األجل ال خيضع ملثل تلك اإلجراءات إطالقا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يرتتب عن التقادم يف املادة املدنية التزام طبيعي يظل على عاتق املدين‪ ،‬كما‬
‫يرتتب عنه‪ ،‬يف املادة اجلنائية‪ ،‬التزام طبيعي من جهة‪ ،‬والتزام مدني قانوني من جهة‬
‫أخرى (املادة ‪ 12‬من قانون املسطرة اجلنائية)‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يعترب األجل‪ ،‬سواء يف قانون املسطرة اجلنائية أو يف قانون املسطرة املدنية‪،‬‬
‫من النظام العام ويتعني إثارته تلقائيا من قبل القضاء دون متسك صاحب املصلحة به‪،‬‬
‫واألمثلة على ذلك كثرية‪ ،‬ميكن التمثيل هلا بـ‪ :‬آجال الطعن‪ ،‬أجل البت يف قضايا‬
‫الصحافة‪ ،‬أجل بعض اإلنذارات‪ ،‬أجل عرض أمر وكيل امللك القاضي حتفظيا بإرجاع‬
‫حيازة عقار طبقا للمادة ‪ 40‬من قانون م ج‪ ،‬وأجل تنفيذ الصلح اجلنائي‪ ،‬أجل تبليغ‬
‫االستدعاءات‪ ،‬أجل إيداع أتعاب اخلرباء‪ ،‬أجل التصريح بالوالدة والوفاة‪ ،‬أجل التعرض‬

‫‪132‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫على مطلب التحفيظ ‪ ..‬إخل‪ .‬بينما التقادم يف املادة املدنية ليس كذلك‪ ،‬باعتباره من النظام‬
‫اخلاص‪ ،‬ويتعني التمسك به من ذي مصلحة (الفصل ‪ 372‬من ق ل ع)‪ ،‬وإن كان يف املادة‬
‫اجلنائية خالفه‪ ،‬ويعترب من النظام العام (املادة ‪ 4‬من ق م ج)‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬أن هذا االختالف يف املاهية بني التقادم واألجل‪ ،‬يستتبعه‪ ،‬ال حمالة‪،‬‬
‫اختالف آخر يف الفلسفة الكامنة وراء كل منهما‪ ،‬إذ إن "املواعيد املسقطة [أي اآلجال]‬
‫هلا مهمة غري املهمة اليت ملواعيد التقادم‪ ،‬فهي قد وضعها القانون‪ ،‬ال كما يف مواعيد‬
‫التقادم املسقط حلماية األوضاع املستقرة أو للجزاء على إهمال الدائن أو لتقوم قرينة على‬
‫الوفاء‪ ،‬بل لتعيني امليعاد الذي جيب أن يتم فيه حتما عمل معني" (عبد الرزاق‬
‫السنهوري‪ ،‬الوسيط‪ ،‬ج ‪ ،3‬ص ‪.)1000‬‬
‫رُب معرتضٍ على هذا املنحى يعلل اعرتاضه بكون الصيغة اليت اعتمدها املشرع يف‬
‫املادة السادسة موضوع التعليق‪ ،‬جاءت بصيغة العموم اليت تشمل كل اآلجال مبا فيها‬
‫آجال التقادم‪ ،‬وعباراتها كما يلي‪" :‬يوقف سريان مفعول مجيع اآلجال املنصوص عليها‬
‫يف النصوص التشريعية والتنظيمية"‪ .‬وهو ما ال يستقيم‪ ،‬يف نظرنا‪ ،‬من عدة مسالك‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬أن مفهوم العموم كما تقرر يف علم األصول‪ ،‬هو استغراق كل ما تناوله‬
‫اللفظ‪ .‬وإذا عُلم هذا‪ ،‬فإن الصيغة املستعملة من قبل املشرع‪ ،‬وإن كانت تفيد العموم‪ ،‬فإن‬
‫لفظ األجل ال يستغرق التقادم‪ ،‬طاملا أن ماهية كل واحد منهما مغايرة عن اآلخر‪ ،‬مما‬
‫يعين أن املشرع بصيغته تلك يقصد عموم اآلجال املنصوص عليها يف النصوص التشريعية‬
‫والتنظيمية غري التقادم‪ ،‬وهو بذلك من قبيل "العام املخصوص" بها‪ .‬ويؤيد هذا‪:‬‬
‫ثانيها‪ :‬أن املشرع يف املادة السادسة موضوع التعليق‪ ،‬قد أورد على عموم اآلجال‬
‫املنصوص عليها يف النصوص التشريعية والتنظيمية مجلة من االستثناءات بقوله‪:‬‬

‫‪133‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫"تستثنى من الفقرة األوىل أعاله آجال الطعن باالستئناف اخلاصة بقضايا األشخاص‬
‫املتابعني يف حالة اعتقال‪ ،‬وكذا مدد الوضع حتت احلراسة النظرية واالعتقال‬
‫االحتياطي"‪ .‬ومعلوم من علم األصول بالضرورة‪ ،‬أن من شروط االستثناء املخصص للعام‪،‬‬
‫أن يكون من جنس املستثنى منه‪ ،‬وما دام األمر كذلك‪ ،‬فال ميكن اعتبار مدد التقادم‬
‫مشمولة بباقي اآلجال غري املستثناة ؛ ألنها ليست من جنس آجال الطعن ومدد احلراسة‬
‫النظرية واالعتقال االحتياطي‪ ،‬وإمنا هي من جنس آخر كما مت حتريره آنفا‪ .‬ويعضد‬
‫هذا‪:‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن استعمال لفظ "األجل" بشكل جمرد عن كل نعت‪ ،‬سواء بصيغة املفرد‬
‫أو اجلمع‪ ،‬يف عرف القانون املغربي‪ ،‬ال يقصد منه التقادم البتة‪ ،‬بدليل ما نص عليه‬
‫الفصل ‪ 511‬من قانون املسطرة املدنية الذي جاء كما يلي‪" :‬حترتم مجيع اآلجال مبقتضى‬
‫هذا القانون ملمارسة أحد احلقوق وإال سقط احلق"‪ .‬مع العلم أن قانون املسطرة املدنية ال‬
‫ينص على أي مقتضى خاص بالتقادم‪ ،‬وهو ما يعين أن إرادة مشرع املادة السادسة أعاله‬
‫تتجه حنو أجل اإلجراءات الشكلية وليس التقادم كمؤسسة قانونية موضوعية‪ .‬ومما‬
‫يؤكد هذا‪:‬‬
‫رابعها‪ :‬أن املشرع املغربي حينما يبتغي سن حكم متعلق بالتقادم‪ ،‬ينحت دائما‬
‫ألفاظا خاصة تدل على ذلك‪ ،‬ومل يستعمل‪ ،‬إطالقا‪ ،‬لفظ "األجل" جمردا عن كل نعت‬
‫للداللة عليه‪ ،‬وهو ما يتبدى وفق التفصيل التالي‪ :‬استعمال لفظ "التقادم" جمردا‪ ،‬وهذا‬
‫هو الغالب األعم‪ ،‬كما يف‪ :‬الفصول ‪ 68‬و‪ 73‬و‪ 85‬و‪ 106‬و‪ 158‬و‪ 159‬و‪ 176‬و‪ 185‬و‪188‬‬
‫و‪ 311‬و‪ .. 372‬إخل من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬واملواد‪ 4 :‬و‪ 5‬و‪ 14‬و‪ 41‬و‪ 372‬و‪449‬‬
‫و‪ 453‬و‪ 461‬و‪ 572‬و‪ 648‬و‪ .. 649‬إخل من قانون املسطرة اجلنائية‪ .‬أو استعمال عبارة‬

‫‪134‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫"مدة التقادم" كما يف الفصول‪ 312 :‬و‪ 383‬و‪ 389‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬واملواد‪:‬‬
‫‪ 6‬و‪ 650‬و‪ 688‬من قانون املسطرة اجلنائية‪ .‬أو استعمال عبارة "أجل التقادم" كما يف‬
‫الفصل ‪ 375‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬واملواد‪ 113 :‬و‪ 393‬و‪ 688‬من قانون املسطرة‬
‫اجلنائية‪ .‬أو استعمال عبارة "األجل املقرر للتقادم" كما يف الفصل ‪ 380‬منه‪.‬‬
‫وال خيفى على ذي رجاحة عقل‪ ،‬ما يستبطنه هذا املنهج من داللة واضحة على أن‬
‫لفظ "األجل" املنعوت بالتقادم يف االستعمال التشريعي‪ ،‬ال يعدو أن يكون تعبريا من‬
‫املشرع على لفظ "املدة" مبفهومها اللغوي ليس إال‪ ،‬وال ينطبق‪ ،‬بأي حال من األحوال‪،‬‬
‫على مفهوم األجل مبعناه االصطالحي املومإ إليه آنفا‪.‬‬
‫خامسها‪ :‬أن إمكانية إيقاف سريان مفعول التقادم نتيجة حلالة الطوارئ‪،‬‬
‫خبالف األجل‪ ،‬ال حتتاج إىل نص يُتيحها‪ ،‬ألمور ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن مدته طويلة مقارنة مبدة األجل‪ ،‬وبالتالي فمن طبيعة الظروف الطارئة‬
‫أن تكون استثنائية وقصرية املدة ولو اقتضى األمر متديدها‪ .‬ويتجلى ذلك مما نص عليه‬
‫املرسوم املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‪ ،‬والصادر تنظيما ملرسوم القانون موضوع التعليق‪،‬‬
‫حيث حدد مبقتضى مادته األوىل مدتها من تاريخ ‪ 2020-03-24‬إىل غاية ‪-04-20‬‬
‫‪ ،2020‬مما يعد معه هذا التحديد قرينة على أن املقصود من اآلجال املنصوص عليها يف‬
‫املادة السادسة أعاله ال ينصرف إىل مدد التقادم‪ ،‬وإمنا إىل آجال اإلجراءات الوقتية اليت‬
‫يستحيل إجنازها يف ظل هذا الظرف املادي الطارئ‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن القواعد العامة املنصوص عليها يف قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وخصوصا‬
‫يف البند ‪ 5‬من الفصل ‪ 380‬منه‪ ،‬قد نظمت إيقاف سريان التقادم بسبب الظروف‬
‫الطارئة‪ ،‬ووضعت لذلك شروطا بقوهلا‪" :‬ال يسري التقادم بالنسبة للحقوق إال من يوم‬

‫‪135‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اكتسابها‪ ،‬وبناء على ذلك ال يكون للتقادم حمل‪)..( -1 :‬؛ ‪)..( -2‬؛ ‪)..( -3‬؛ ‪-4‬‬
‫(‪)..‬؛ ‪ -5‬إذا وجد الدائن بالفعل يف ظروف جتعل من املستحيل عليه املطالبة حبقوقه‬
‫خالل األجل املقرر للتقادم"‪ .‬ومعلوم‪ ،‬أن أمر تقدير مدى توافر تلك الشروط من عدمها‪،‬‬
‫موكول إىل السلطة التقديرية للمحكمة‪ ،‬اليت هلا الصالحية الكاملة للبحث يف مدى تأثري‬
‫الظروف الطارئة على قيام عنصر االستحالة الذي حال دون مطالبة الدائن باحلق خالل‬
‫مدة التقادم‪ ،‬أم أن األمر ال يعدو أن يكون تهاونا منه ليس إال‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن مشرع قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬كان حامسا يف عدم اعتبار أي ظرف‬
‫مادي طارئ سببا يف إيقاف سريان مفعول التقادم اجلنائي‪ ،‬وذلك بنص الفقرة ‪ 7‬من املادة‬
‫‪ 6‬من قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬اليت جاءت كالتالي‪" :‬تتوقف مدة تقادم الدعوى‬
‫العمومية فيما إذا كانت استحالة إقامتها ترجع إىل القانون نفسه"‪ .‬فمنطوق هذه املادة‪،‬‬
‫ال يدع جماال لتبيان إرادة املشرع املتمثلة يف عدم خضوع مدة تقادم الدعوى العمومية‬
‫لإليقاف بسبب الظروف الطارئة‪ ،‬ذلك أنه حصر سبب إيقافها يف قيام حالة االستحالة‬
‫العائدة للقانون فقط‪ ،‬مع أنه كان يف معرضٍ يبني أسباب قطعها وإيقافها‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫"السكوت يف معرض البيان يفيد احلصر"‪.‬‬
‫رب خمالف هلذا التوجه‪ ،‬استدل على رأيه بقاعدة القرار الصادر عن حمكمة‬
‫النقض املغربية بتاريخ ‪ ،2007-02-14‬حتت عدد ‪ ،7/370‬يف امللف اجلنحي عدد‬
‫‪ ،06-135550‬واليت أخذت من خالله بـ‪" :‬مبدأ وقف تقادم الدعوى العمومية لوجود‬
‫مانع مادي‪ ،‬حيث اعتربت وجود متهم بالسجن ملدة ‪ 4‬سنوات تنفيذا لعقوبة خارج‬
‫الرتاب الوطين يوقف تقادم الدعوى العمومية‪ ،‬وال يبدأ سريانها إال بزوال هذا‬
‫السبب"وهو ما يُنتقَد عليه بأمرين اثنني‪:‬‬

‫‪136‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوهلما‪ :‬أن دور حمكمة النقض‪ ،‬وإن افرتضنا صحة نقل قاعدة القرار املستدل به‬
‫أعاله‪ ،‬فإنه ال خيرج عن أمرين اثنني حبسب املادة ‪ 518‬من قانون املسطرة اجلنائية‪،‬‬
‫وهما‪ :‬السهر على التطبيق الصحيح للقانون‪ ،‬ثم العمل على توحيد االجتهاد القضائي‪.‬‬
‫وإذا عُلم هذا‪ ،‬تبني منذ الوهلة األوىل أن القرار املستدل به خمالف لصحيح القانون‪ ،‬ذلك‬
‫أنه اشرتع سببا آخر إليقاف الدعوى العمومية خالفا إلرادة املشرع نفسه املعرب عنها يف‬
‫املادة ‪ 6‬من قانون املسطرة اجلنائية أعاله‪ ،‬ومعلوم أن "ال اجتهاد قضائي إال يف إطار‬
‫النص"‪ .‬لذلك‪ ،‬وجب االحرتاز والرتيث يف التعامل مع القواعد املستخرجة من قرارات‬
‫حمكمة النقض من طرف هيآت اإلدارة لدى اجملالت القانونية املنشورة فيها‪ .‬ومما يؤكد‬
‫هذا‪:‬‬
‫ثانيهما‪ :‬أن قاعدة القرار أعاله‪ ،‬خمالف حلقيقةِ ما ذهبت إليه حمكمة النقض يف‬
‫حيثيات القرار نفسه‪ ،‬ذلك أنها التزمت بصريح نص الفقرة ‪ 7‬من املادة ‪ 6‬من قانون‬
‫املسطرة اجلنائية‪ ،‬ومل تشرتع أي سبب آخر إليقاف تقادم الدعوى العمومية‪ ،‬بل جاءت‬
‫حيثياتها واضحة يف أن وجود متهم بسجن دولة أجنبية يعد سببا قانونيا حيول دون‬
‫استمرار مدة التقادم يف مواجهته‪ ،‬معربة عن موقفها مبا يلي‪" :‬حيث إنه ملا كان الثابت‬
‫من أوراق امللف أن الطاعن أجنزت يف حقه مذكرة حبث عقب ارتكابه األفعال بتاريخ‬
‫‪ ،1998-01-21‬فأفيد عنه بأنه يوجد بالسجن بإسبانيا تنفيذا لعقوبة حبسية مدتها‬
‫أربع سنوات ابتداء من شهر أبريل ‪ ،1998‬وأنه مبقتضى طلب تسليم من السلطات‬
‫القضائية املغربية وضع رهن إشارة هذه األخرية بتاريخ ‪ ،2004-03-18‬وكان املقرر‬
‫مبقتضى املادة السادسة من قانون املسطرة اجلنائية أن مدة التقادم تتوقف كلما كانت‬
‫استحالة القيام بإجراءات الدعوى العمومية متأصلة من القانون‪ ،‬فإنه ملا كان من‬

‫‪137‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املستحيل مواصلة إجراءات الدعوى العمومية يف مواجهة الطاعن بسبب وجوده ملدة أربع‬
‫سنوات بالسجن خارج الرتاب الوطين إىل حني تاريخ تسليمه‪ ،‬فإن مدة التقادم تتوقف‬
‫وال يبتدئ سريانها إال بزوال السبب املذكور‪ ،‬األمر الذي جيعل قرار احملكمة برد‬
‫التقادم‪ ،‬وإن مل يعلل مبا ذكر‪ ،‬غري خمالف للقانون" (منشور مبجلة قضاء اجمللس‬
‫األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،69‬ص ‪ 256‬وما يليها)‪.‬‬
‫وترتيبا على كل ما سلف‪ ،‬فإن كل أنواع التقادم املنصوص عليها يف القانون‪،‬‬
‫مبادتيه املدنية واجلنائية‪ ،‬غري مشمولة مبقتضى املادة السادسة موضوع التعليق‪،‬‬
‫وستظل‪ ،‬بالتبع‪ ،‬سارية املفعول خالل فرتة حالة الطوارئ‪ ،‬وال ميكن إيقافها مؤقتا‬
‫مبوجب املادة املذكورة‪ ،‬على خالف آجال اإلجراءات املنصوص عليها يف النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية‪ ،‬اليت يتوجب إيقافها مؤقتا إىل حني انتهاء مدة الطوارئ‬
‫الصحية‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪138‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ يوسف قجاج‬


‫باحث يف العلوم اجلنائية‬

‫الرأي و الرأي األخر يف آثر العفو‬


‫امللكي على مسار الدعوى العمومية‬
‫إن أهم ما مييز العفو امللكي كونه ال ميحو الصفة اجلرمية عن الفعل املرتكب وال‬
‫يؤثر على ما يستتبع الفعل من أثار‪ ،‬وإمنا يؤدي إىل انقضاء حق الدولة يف تنفيذ العقوبة‬
‫أو جزء منها‪ ،‬فهو إجراء يعفى به املتهم املدان من تنفيذ العقوبة الصادرة يف حقه‪،‬‬
‫وميكن إصداره سواء قبل حتريك الدعوى العمومية أو خالل ممارستها أو على إثر حكم‬
‫بعقوبة أصبح نهائيا‪ ،‬وهو حق من حقوق امللك طبقا ألحكام الفصل ‪ 58‬من الدستور‪،‬‬
‫ويرجع النظر فيه إىل جنابه الشريف طبقا ألحكام الفصل ‪ 01‬من ظهري ‪ 06‬فرباير‬
‫‪.1958‬‬
‫فاملمارسة العملية ملوضوع العفو امللكي أثبت وجود إشكاالت طرحت أمام احملاكم‬
‫إستعصى يف أحايني كثرية إجياد احلل األنسب بشأنها‪ ،‬وذلك خبصوص مآل القضايا‬

‫‪139‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املعروضة عليها بعد متتيع املتهمني فيها بالعفو املولوي السامي‪ ،‬ومدى صالحيتها للبت‬
‫يف جوهرها ومدى صالحية املتهم يف ممارسة طعنه يف احلكم الصادر يف مواجهته بعد‬
‫صدور قرار العفو امللكي يف حقه‪.‬‬
‫كل هذه اإلشكاالت أفرزت لنا آراء متباينة إختلفت يف سندها و جعلت من مسألة‬
‫إجياد حل قانوني لقضايا عرضت على احملاكم بعدما إستفاد املتهمون فيها من عفو ملكي‬
‫تعرتضها نوع من الصعوبة‪ ،‬حيث إعتمد بعضها على مؤيدات قانونية‪ ،‬يف حني أن‬
‫البعض األخر إستند على مؤيدات واقعية‪ ،‬لذلك إرتأينا من خالل هذه الدراسة الوقوف‬
‫عند كل رأي منها واملؤيدات اليت إستند عليها كل فريق تباعا ‪.‬‬
‫الرأي األول ‪ :‬سقوط الدعوى العمومية‬
‫ذهب أنصار هذا الرأي إىل أن العفو امللكي يرتتب عنه سقوط الدعوى العمومية‪،‬‬
‫وهو رأي جيانب الصواب و ال يرتكز على أي أساس ويفتقر للسند القانوني‪ ،‬كما أنه‬
‫خيلط بني العفو العام أو الشامل و بني العفو اجلزئي أو اخلاص و ال يطرح أدنى إشكال‬
‫أمام قضاة األحكام‪ ،‬ذلك أنه بالرجوع إىل مقتضيات املادة ‪ 4‬من قانون املسطرة اجلنائية‬
‫جندها نصت على أن العفو الشامل هو الذي يرتتب عنه سقوط الدعوى العمومية – طبعا‬
‫إىل جانب أسباب أخرى حددها نص املادة‪ ،- 4‬والعفو الشامل حسب منطوق الفصل ‪51‬‬
‫من القانون اجلنائي ال يكون إىل بنص تشريعي صريح‪ ،‬يف حني أن العفو امللكي أو العفو‬
‫اجلزئي‪ ،‬فهو حسب منطوق الفصل ‪ 53‬من نفس القانون حق من حقوق امللك و يباشر وفق‬
‫الرتتيبات اليت تضمنها ظهري ‪ 06‬فرباير ‪.1958‬‬
‫الرأي الثاين‪ :‬وقف سري الدعوى العمومية‬
‫يذهب أصحاب هذا الرأي إىل أن العفو امللكي يرتتب عنه وقف سري الدعوى‬
‫العمومية يف مجيع مراحلها ويستند أنصار هذا الرأي على مقتضيات الفقرة األوىل من‬

‫‪140‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفصل الثاني من ظهري ‪ 06‬فرباير ‪ 1958‬املتعلق بالعفو كما مت تعديله و اليت نصت على‬
‫أن العفو الصادر قبل الشروع يف املتابعات أو خالل إجرائها حيول دون ممارسة الدعوى‬
‫العمومية أو يوقف سريها حسب احلالة يف مجيع مراحل املسطرة ولو أمام حمكمة النقض‬
‫فإذا كان وقف سري الدعوى العمومية ال يطرح أي إشكاالت قبل حتريك الدعوى‬
‫العمومية أو أثناء حتريكها و ممارستها يف املرحلة اإلبتدائية‪ ،‬فإنه باملقابل يطرح‬
‫إشكاالت عدة أمام حماكم الدرجة الثانية على إعتبار أنه يعطل اآلثرين الناقل و الناشر‬
‫للطعن باإلستئناف للدعوى العمومية‪ ،‬سواء يف مواجهة املتهم املستفيد من العفو الطاعن‬
‫يف احلكم اإلبتدائي الصادر يف حقه أو لباقي األطراف الذين هلم الصالحية قانونا يف‬
‫الطعن احلكم كما هو احلال بالنسبة لألطراف املدنية‪ ،‬ذلك أن وقف سري الدعوى‬
‫العمومية يغل يد احملكمة املرفوع إليها الطعن يف بسطها على ملف القضية ومناقشة‬
‫وقائعه وخمتلف وثائقه ومستنداته وحججه لتتأكد من حسن تطبيق القانون من طرف‬
‫احملكمة مصدرة املقرر املطعون فيه‪ ،‬و يغل يدها أيضا لتدارك سوء تطبيقه‪ ،‬فهو مينعها‬
‫واقعا من اخلوض يف جوهر الطعن سواء بتأييد أو بتعديل أو بإلغاء احلكم اإلبتدائي يف‬
‫الشق املتعلق باإلدانة‪ ،‬وقد يبقى معه أمر الدعوى املدنية التابعة للدعوى العمومية‬
‫معلقا‪ ،‬وستجد نفسها يف حالة أرادت البت فيها لتقدير التعويض املدني بعد قرارها‬
‫وقف سري الدعوى العمومية جمربة على مناقشة األفعال اجلرمية موضوع الدعوى‬
‫العمومية ومدى نسبتها للمتهم‪ ،‬وهذا يفرض باألساس مناقشة الدعوى العمومية يف‬
‫مجيع جوانبها‪ ،‬األمر الذي حيتم عليها إستنفاذ مجيع اإلجراءات املسطرية املتعلقة‬
‫بإنعقاد اجللسات واحملاكمة منها إعادة إستدعاء املتهم و مجيع األطراف للمثول أمامها‬
‫ومناقشة احلجج و عرضها أمامها من جديد‪ ،‬كما أن وقف سري الدعوى العمومية من‬

‫‪141‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫خالل مفهومه العام يغلب عليه طابع التأقيت‪ ،‬وهو من هذا املنظور يطرح إشكاالت‬
‫عملية عديدة حول مدى إمكانية الرتاجع عنه متى ظهرت أسباب جديد متس الدعوى‬
‫العمومية؟‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬عدم قبول طعن املتهم املتمتع بالعفو امللكي‬
‫يذهب أنصار هذا الرأي إىل أن القرار األمثل الذي ينبغي إختاذه هو عدم قبول‬
‫الطعن املقدم من طرف املتهم الذي إستفاد من العفو اخلاص‪ ،‬سواء عدم قبول الطعن‬
‫باإلستئناف من طرف حمكمة الدرجة الثانية إذا متع بالعفو امللكي بعد صدور احلكم‬
‫اإلبتدائي يف حقه‪ ،‬أو عدم قبول الطعن بالنقض إذا متع بالعفو بعد صدور احلكم‬
‫اإلستئنايف يف حقه‪ ،‬ويستند أنصار هذا الرأي على قرارين صادرين عن حمكمة النقض‬
‫األول رقم ‪ 3286‬بتاريخ ‪ ،1986/04/22‬والذي إعتربت فيه أن الطاعن متتع بالعفو‬
‫امللكي مما جيعل حدا ملمارسة الدعوى العمومية يف حقه‪ ،‬وجيعل طلب النقض املقدم من‬
‫طرفه غري مقبول‪ ،‬والثاني رقم ‪ 1/425‬بتاريخ ‪ ،2006/03/22‬اعتربت مبوجبه أن‬
‫الدعوى العمومية قد توقفت‪ ،‬وأن الطعن بالنقض قد أصبح غري ذي موضوع‪.‬‬
‫وهذا الرأي مل يلق ترحيبا كبريا يف صفوف املهتمني بالشأن القضائي‪ ،‬إعتبارا‬
‫لكون عدم قبول الطعن هو جزاء إجرائي ينتج عن عدم إحرتام بعض اإلجراءات املسطرية‬
‫و الشكلية املرتبطة بالدعوى كسقوط احلق يف الطعن بعد ممارسته خارج األجل احملدد‬
‫قانونا له ‪ ،‬واحلال أن املتهم متسك بطعنه و مارسه داخل األجل احملدد قانونا حمرتما‬
‫مجيع اإلجراءات الشكلية و املسطرية املرتبطة بالدعوى‪.‬‬

‫‪142‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الرأي الرابع‪ :‬العفو امللكي ال حيول دون بت احملكمة يف جوهر‬


‫القضية‬
‫يذهب أنصار هذا الرأي إىل أن العفو امللكي ال حيول دون احملكمة والبت يف‬
‫القضية‪ ،‬على إعتبار أن مصلحة املتهم تبقى قائمة يسعى من خالهلا الدفاع عن مصاحله‬
‫وإبراء ساحته من األفعال املنسوبة إليه‪ ،‬وبالتالي ال ميكن مصادرة حقه يف الطعن يف‬
‫احلكم الصادر ضده يف مجيع مراحل الدعوى العمومية إىل أن يصدر قرار نهائي بشأنها‪،‬‬
‫ويرى أنصار هذا الرأي على أن العفو امللكي ال ميحو اجلرمية واإلدانة الصادرة خبصوص‬
‫املستفيدين منه بل يؤثر فقط يف العقوبة‪ ،‬لذلك فهو ال حيدث أثره إال بالنسبة للمستقبل‬
‫ألنه ال ميحو اجلرمية وال احلكم‪ ،‬وإمنا يعفي من تنفيذ العقوبة يف حدود ما هو منصوص‬
‫عليه يف أمر العفو‪ ،‬وبالتالي يبقى للمتهم الصالحية يف ممارسة طعنه يف احلكم الصادر يف‬
‫حقه و يبقى للمحكمة اليت عرضت عليها القضية املطعون فيها البت يف جوهرها‪.‬‬
‫وصفوة القول‪ ،‬فإن الرأي األخري يبقى الرأي الصائب واملؤسس سواء من الناحية‬
‫القانونية أو الواقعية‪ ،‬فإذا كان األصل هو وجوب البت يف كل الدعاوى املعروضة على‬
‫القضاء وأن مقتضيات الفصل ‪ 120‬من دستور اململكة أعطت لكل شخص احلق يف حماكمة‬
‫عادلة‪ ،‬ويف حكم يصدر داخل أجل معقول ‪ ،‬و أن من حق املتهم الذي متع بعفو مولوي أن‬
‫يستنفد كل أوجه الدفاع عن حقوقه للوصول إىل األصل الذي هو الرباءة‪ ،‬إستنادا ألحكام‬
‫الفصلني ‪ 23‬الذي نص على أن قرينة الرباءة واحلق يف حماكمة عادلة مضمونان و ‪118‬‬
‫الذي نص أيضا على أن حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصاحله‬
‫اليت حيميها القانون ‪ ،‬فإن للمتهم الذي صدر يف حقه حكم إبتدائي أو قرار استئنايف‬
‫جنحي أو جنائي بعقوبة قضى منها ما قضى‪ ،‬ومت متتعيه بعفو ملكي سام و تزامن ذلك‬
‫مع طعنه باإلستئناف يف مواجهة احلكم اإلبتدائي أو بالنقض ضد القرار املستأنف‪ ،‬احلق‬

‫‪143‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫يف أن يواصل الدفاع عن حقوقه إلستصدار قرار إستئنايف أو بالنقض واإلحالة حيسم مصري‬
‫قضيته‪ ،‬و أن قرار العفو ال ميكن يف أي حال من األحوال أن حيرمه من ذلك احلق بعلة‬
‫أن الدعوى العمومية قد توقفت والطعن أصبح غري ذي موضوع‪.‬‬
‫فالدعوى العمومية تفرتض لزوما أن تنتهي بصدور حكم‪ ،‬إما إبتدائي يقضي‬
‫باإلدانة أو باإلعفاء أو بالرباءة أو بعدم اإلختصاص‪ ،‬طبقا ألحكام املواد ‪366‬و ‪390‬‬
‫و=‪ 434‬و ‪ 439‬من قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬و إما إستئنايف يقضي بتأييد احلكم‬
‫اإلبتدائي أو تعديله أو إلغاءه طبقا ألحكام املواد من ‪ 408‬إىل ‪ 413‬من نفس القانون‪ ،‬وأن‬
‫كل منطوق مقرر قضائي مل يبت يف جوهر القضية و قضى سواء بوقف سري الدعوى‬
‫العمومية أو عدم قبول الطعن فيها‪ ،‬قد يشكل مصادرة حلقوق املتهم القانونية و‬
‫الدستورية وحائال دون ممارسته هلا‪.‬‬
‫ختاما ينبغي التأكيد على أن خمتلف هذه األراء والقراءات خبصوص استمرار‬
‫الدعوى العمومية من عدمها بعد صدور أمر بالعفو امللكي‪ ،‬راجعة بالتأكيد إىل إشكال‬
‫تشريعي مرتبط مبقتضيات ظهري العفو‪ ،‬والذي أضحت احلاجة ملحة معه و تفرض‬
‫تعديل بعض منها وجعل أمر العفو مقتصرا على األشخاص الذي صدرت يف حقهم‬
‫مقررات نهائية مكتسبة لقوة الشيء املقضي به‪ ،‬تفاديا ألي إشكال عملي قد يطرح أمام‬
‫احملاكم وذلك يف غياب إجتهاد قضائي متواتر من جهة‪ ،‬وحتقيقا لألمن القضائي الذي‬
‫يقع على عاتق القضاة جتسيده على أرض الواقع من جهة ثانية‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪144‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ يونس احلاجي‬


‫باحث بسلك الدكتوراه يف القانون اخلاص‬
‫جامعة سيدي حممد بن عبد اهلل – فاس‬

‫قراءة يف أحكام حالة الطوارئ الصحية‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫ال خيفى العامل خالل الظرفية الراهنة من نكبة وبائية اجتاحت معظم دول‬
‫العامل‪ ،‬مع اختالف متباين يف حجم اإلصابات وانتقال العدوى من بلد إىل آخر‪.‬على أحد‬
‫ما مير به‬
‫هذه النكبة اليت يتجرع العامل ويالتها مند أواخر العام املاضي إىل حدود اليوم‬
‫أطلق عليها اسم " فريوس كورونا ‪ . "COVID 19‬والذي يتميز بكونه فريوسا معديا‪،‬‬
‫يسبب التهابا حادا يف اجلهاز التنفسي‪ ،‬مت اكتشافه ألول مرة يف مقاطعة ووهان بالصني‬
‫دجنرب ‪.2019‬‬
‫واملالحظ أن هذه اجلائحة قد متيزت خباصية عدم اإلنصياع للحدود اجلغرافية‬
‫حيث جتاوزت احلدود الربية والبحرية يف غضون أيام وأشهر قليلة لتصبغ بصبغة‬

‫‪145‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫العاملية‪ ،‬ما وضع املنتظم الدولي أمام واقع مسارعة اخلطى يف سبيل إجياد حل ميكن من‬
‫احلد منها او التخفيف من آثارها ‪.‬‬
‫وقد ولْد انتشار هذا الوباء يف الدول اليت طاهلا آآلف املصابني والوفيات ‪ ،‬ما خلق‬
‫نوعا من االضطراب يف األنظمة الصحية‪ ،‬ورزع اخلوف واهللع يف نفوس املواطنني سواء‬
‫املصابني منهم أو املتعافني على حد سواء ‪.‬‬
‫هذه اجلائحة خلفت آثارا عدة جتاوزت هي األخرى اجلانب الصحي ِلتَمس‬
‫بتداعياتها كال من اجلانب اإلقتصادي واإلجتماعي والسياسي واألمين وكذا التشريعي ‪.‬‬
‫ويعترب املغرب من بني البلدان اليت مل تسلم من بطشه ‪ ،‬ما دفعه إىل اختاد مجلة‬
‫من التدابري الوقائية واإلستباقية ذات أبعاد متعددة للحيلولة دون زيادة انتشاره‬
‫وتقليص رقعته ‪.‬‬
‫مجلة هذه التدابري املتخدة من قبل السلطة العامة كانت حمط نقاش جمتمعي لعل‬
‫ما كان على رأسها تلك املتعلقة بتنفيد حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها مبوجب قرار‬
‫وزير الداخلية بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪ ، 2020‬واملقررة مبقتضى املرسوم ‪ 2.20.292‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬حيث تارت أسئلة من قبيل األساس القانوني لإلعالن عن حالة‬
‫الطوارئ الصحية ؟ إىل جانب التساؤل عن خمتلف التدابري املوازية هلذا االجراء من قبل‬
‫السلطة العامة دات الطابع التنظيمي والزجري ؟‬
‫مجلة هذه التساؤالت ميكن صياغتها على النحو االتي‪ :‬اىل أحد استطاع جهاز‬
‫الدولة ضبط وتنظيم أحكام حالة الطوارئ الصحية املعلن عنها‬
‫وحملاولة اإلجابة عن التساؤالت الفرعية املكونة لصرح اإلشكالية الرئيسية‬
‫للبحث‪ ،‬ارتأيت تناول اإلجابة يف حمورين على النحو االتي‪ :‬احملور االول‪ :‬األساس‬

‫‪146‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫القانوني حلالة الطوارئ الصحية‪ .‬احملور الثاني‪ :‬حالة الطوارئ الصحية بني‬
‫االجراءات التنظيمية واملقتضيات الزجرية‪.‬‬
‫احملور االول‪ :‬األساس القانوين حلالة الطوارئ الصحية‬
‫سرعان ما تعالت األصوات واهلتافات اإلجتماعية للتساؤل حول األساس القانوني‬
‫والسند التشريعي الذي مبقتضاه أعلن املغرب حالة الطوارئ الصحية يوم ‪ 20‬مارس‬
‫‪ 2020‬واليت مبقتضاها يتم احلد من مجلة من احلقوق واحلريات اخلاصة باالفراد‬
‫وتفعيل مقتضيات زجرية مل يكن هلا مكان يف سابق احلال‪.‬‬
‫فبتقصي أحكام دستور ‪ 2011‬جنده يضمن مجلة من احلقوق خاصة يف الباب‬
‫التاني املعنون‪ :‬باحلريات واحلقوق األساسية‪ .‬والذي يهمنا يف هذا املقام هو تكريسه ملبدأ‬
‫ضمان السالمة الصحية لألفراد حيث تعمل الدولة واجلماعات الرتابية على تعبئة كل‬
‫الوسائل املتاحة لتيسري أسباب استفادة املواطنني واملواطنات على قدم املساواة بالعالج‬
‫والعناية الصحية مبتقضى الفصل ‪ 31‬منه‪ ،‬إىل جانب حقوق أخرى ذات مساس بالصحة‬
‫العامة واليت تلتزم الدولة بضمانها‪.‬‬
‫ويف حماولة لرصد األساس التشريعي املباشر لدخول املغرب خانة احلجر الصحي‬
‫واعالن حالة الطوارئ كتدبري وقائي يرمي إىل وقف انتشار الفريوس بني الساكنة‬
‫وحصره وإخضاع املصابني للرعاية الصحية‪ ،‬والذي مت اختاده بشكل استباقي ويف أوىل‬
‫مراحل اإلصابة اليت مل تتعدى سقف األربعني حالة‪ ،‬جند أساسه يف املرسوم ‪292.20.2‬‬
‫الصادر ‪ 28‬رجب ‪ 1441‬املوافق‪ 23‬مارس ‪ 2020‬املتعلق بسن أحكام خاصة حبالة‬
‫الطوارئ‪ ،‬حيث نصت املادة التانية منه على شكلية إعالن حالة الطوارئ واليت تتخد‬
‫مرسوما مشرتكا للسلطتني احلكوميتني املكلفتني بالداخلية والصحة‪ ،‬وحيدد هذا األخري‬
‫النطاق الرتابي لتطبيقها ومدة سريانها واإلجراءات املتخدة فيها‪ ،‬وذلك كلما كانت حياة‬

‫‪147‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األشخاص وسالمتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية ووبائية‪ ،‬واقتضت الضرورة‬
‫اختاد تدابري استعجالية حلمايتهم من هذه األمراض واحلد من انتشارها‪ ،‬تفاديا‬
‫لألخطار اليت ميكن اأن تنتج عنها‪.‬‬
‫واعتبارا للظرفية الالمستقرة اليت تشهدها ويرتقب أن تشهدها حاالت الطوارئ‬
‫فإن للحكومة خالل هذه الفرتة أن تتخد مجيع التدابري اليت تقتضيها احلالة سواءً‬
‫مبوجب مراسيم ومقررات تنظيمية‪ ،‬أو ادارية‪ ،‬او بواسطة مناشري أو بالغات ‪ ،‬غايتها‬
‫التدخل الفوري للحيلولة دون تفاقم احلالة الوبائية للمرض وهو ما يستشف من منطوق‬
‫املادة التالتة من املرسوم السالف الذكر‪.‬‬
‫وانسجاما مع مضمون أحكام املرسوم املتعلق بسن أحكام الطوارئ الصحية فاألمر‬
‫ينطبق على تفشي فريوس كورونا يف املغرب ما جيعل واقعة تهديد سالمة األشخاص‬
‫وحياتهم قائمة من جراء بداية انتشاره‪ ،‬وهو ما جيعل أمر اختاد تدابري احرتازية‬
‫ووقائية بل وحتى زجرية من أوىل أولويات الدولة باعتبارها ضامنة حقوق األفراد‬
‫وسالمة أشخاصهم‪ ،‬حيث تعمل بتسخري كل الوسائل املتاحة الستفادة املواطنني على‬
‫قدم املساواة على مستوى صحي ووقايتهم من انتشار عدوى الفريوس بكل الوسائل‬
‫املمكنة‪.‬‬
‫ويف نفس السياق مت اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية طبقا ألحكام املرسوم املتعلق‬
‫بسن أحكامها مبوجب مرسوم رقم ‪ 2.20.293‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬رجب ‪ 1441‬املوافق‬
‫‪ 24‬مارس ‪ 2020‬بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا‪.‬‬
‫وبالرجوع إىل أحكام املادة األوىل منه جنده يؤطر حالة الطوارئ يف الشق املكاني‬
‫حيث مت التنصيص على مشوهلا لسائر أرجاء الرتاب الوطين‪ ،‬ما يلغي أي استثناء ألي‬

‫‪148‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫منطقة يف ربوع اململكة‪ ،‬كما حدد إطارها الزمين يف يوم صدور املرسوم باجلريدة الرمسية‬
‫‪ .‬أي ابتداء من ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬إىل غاية يوم ‪ 20‬ابريل ‪ ،2020‬غري أنه بالرجوع إىل‬
‫أحكام املادة التانية من املرسوم املتعلق بسن أحكام خاصة حلالة الطوارئ يف فقرتها‬
‫األخرية تنص على إمكانية متديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية وفق‬
‫الكيفيات املنصوص عليها يف ذات املادة‪ ،‬وهو ما يزكي فرضية إمكانية متديد حالة‬
‫الطوارئ الصحية مع مراعاة أحكام املادة األوىل من كون استمرارية انتشار أمراض معدية‬
‫أو وبائية تهدد حياة االشخاص وسالمتهم‪.‬‬
‫ويرمي املرسوم املعلن عن حالة الطوارئ الصحية إىل خلق إطار تنظيمي يهدف إىل‬
‫تقنني جمموعة من حقوق وحريات األفراد يف مقابل حماصرة انتشار عدوى الفريوس ‪ ،‬ملا‬
‫تقتضيه الضرورة امللحة ملواجهته‪ ،‬وذلك من خالل اعتماد مجلة من التدابري ذات الطابع‬
‫الوقائي والتحسيسي وكدا الزجري ما سيأتي بيانه يف احملور الثاني من هذا البحث ‪.‬‬
‫كما ينضاف إىل األساس التشريعي حلالة الطوارئ اليت اقتضتها الضرورة‬
‫الصحية ملا مير به العامل من نكبة وبائية من جراء انتشار فريوس كورونا بوصفه مرضا‬
‫معديا أحكام املرسوم امللكي رقم ‪ 56.554‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬ربيع االول ‪ 1387‬املوافق‬
‫‪ 26‬يونيو ‪ 1967‬مبُابة قانون يتعلق بوجوب التصريح ببعص األمراض واختاد تدابري‬
‫وقائية للقضاء عليها‪ ،‬حيث أحالت املادة األوىل على قرار وزير الصحة العمومية احملدد‬
‫لقائمة األمراض املوجبة للحجر الصحي وكّذا االمراض ذّات الصبغة االجتماعية‬
‫واألمراض املعدية والوبائية الواجب التصريح بها فورا من طرف أصحاب املهن الطبية‪،‬‬
‫وكذلك أصحاب املهن الشبه طبية املأذون هلم قانونيا مزاولة املهنة‪ ،‬الذين تبث لديهم‬
‫وجودها اىل السلطة الطبية للعمالة أو األقليم اليت تعمل على التأكد من هذه احلالة‪.‬‬

‫‪149‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبالرجوع اىل القرار املتعلق بالئحة هذه األمراض رقم ‪ 511.65‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 27‬يونيو ‪ 1967‬جند يف فصله األول حيصر األمراض اجلاري عليها احلجر الصحي يف‪:‬‬
‫‪ -‬الطاعون‪ ،‬الكولريا‪ ،‬احلمى الصفراء‪ ،‬اجلدري‪ ،‬التيفوس الوبائي الناتج عن‬
‫القمل واحلمى العائدة الناجتة عن القمل ‪.‬‬
‫‪ -‬األمراض ذات الصبغة اإلجتماعية‪ :‬السل الرئوي‪ ،‬الزهري اإلبتدائي‬
‫والثانوي ومحى املستنقعات‬
‫‪ -‬األمراض املعدية أو الوبائية‪ :‬محى التيفويد‪ ،‬احلمى القريبة من التيفويد‪،‬‬
‫أمراض السيالن األبيض‪ ،‬الكراز التيتانوس مع بيان كراز أو كراز الصغار‪،‬‬
‫الذباح الدفترييا‪ ،‬الشلل‪ ،‬االلتهاب املخي واالمراض الوبائية الناجتة عن‬
‫االصابة جبرتومة برويسال‪.‬‬
‫اىل جانب مجلة هذه األمراض يلزم األطباء كذلك بالتصريح بغريها من حاالت‬
‫األمراض األخرى الغري املعروفة أسبابها واملتجلية يف شكل وبائي ‪.‬‬
‫احملور الثاين‪ :‬حالة الطوارئ الصحية بني االجراءات التنظيمية‬
‫واملقتضيات الزجرية‬
‫إن املغرب وعلى غرار جمموع الدول املوبوءة جراء انتشار الفريوس يف أوطانها‬
‫بادرت إىل اختاذ تدابري وإجراءات ذات أبعاد خمتلفة‪ ،‬ترمي باألساس إىل حماولة‬
‫احتواء الفريوس والتقليص من تداعياته‪ ،‬سواءا يف اجلانب اإلقتصادي أو اإلجتماعي أو‬
‫غريه‪.‬‬
‫واملالحظ أن بلدنا املغرب‪ ،‬وعلى خالف غالبية الدول‪ ،‬كان سباقا إىل سن إجراءات‬
‫تدبري األزمة الوبائية‪ ،‬منها ما يتعلق بالشق اإلجتماعي‪ ،‬وأخرى بالشق اإلقتصادي‪،‬‬
‫وكذلك الزجري‪ .‬حيث جند لبعض منها مراسيم وقرارات وزارية تهم اململكة ككل‪،‬‬

‫‪150‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وأخرى حملية تبتغي تنظيم الشأن احمللي مبنطقة من املناطق‪ ،‬وهو ما يستفاد من‬
‫منطوق املادة الثالثة من املرسوم املتعلق بسن أحكام حالة الطوارئ‪ ،‬حيث نصت على أنه‬
‫وبالرغم من مجيع األحكام التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل‪ ،‬تقوم احلكومة‬
‫خالل فرتة إعالن حالة الطوارئ باختاد مجيع التدابري الالزمة اليت تقتضيها هذه‬
‫احلالة وذلك مبوجب مراسيم وقرارات تنظيمية وادارية‪ ،‬أو بواسطة مناشري وبالغات‬
‫من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم احلالة الوبائية للمرض وتعبئة‬
‫مجيع الوسائل املتاحة حلماية حياة االشخاص وضمان سالمتهم‪.‬‬
‫كما ينصرف مقتضى املادة اخلامسة من نفس املرسوم اىل ذات املعنى من إمكانية‬
‫اختاد التدابري واإلجراءات من قبل احلكومة‪ ،‬إذا اقتضتها الضرورة القصوى وبصفة‬
‫استثنائية‪ ،‬سواء تعلق األمر بإجراءات ذات طابع إقتصادي أو مالي أو إجتماعي أو‬
‫بيئي‪ .‬والذي من شأنه اإلسهام بكيفية مباشرة يف مواجهة اآلثار السلبية املرتتبة على‬
‫اعالن حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫واستنادا على هذه املقتضيات فقد مت اختاد جمموعة من التدابري ذات الطابع‬
‫التنظيمي ملواجهة تفشي هذا الفريوس‪ ،‬حيث نصت املادة الثانية من املرسوم املعلن‬
‫حلالة الطوارئ عن مجلتها من قبيل‪:‬‬
‫‪ -‬عدم مغادرة األشخاص حملل سكناهم مع اختاد اإلحتياطات الوقائية‬
‫الالزمة طبقا لتوجيهات السلطات الصحية ‪.‬‬
‫‪ -‬منع أي تنقل لكل شخص خارج حمل سكنته اال يف حاالت الضرورة القصوى‬
‫‪ -‬التنقل من حمالت السكنى إىل مقرات العمل وال سيما املرافق العمومية‬
‫احليوية واملقاوالت اخلاصة واملهن احلرة يف القطاعات واملؤسسات األساسية‬

‫‪151‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫احملدد بقرار للسلطات احلكومية املعنية مع مراعاة الضوابط اليت حتددها‬


‫السلطات االدارية املعنية ألجل ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬التنقل من أجل اقتناء املنتجات والسلع الضرورية للمعيشة مبا يف ذلك اقتناء‬
‫االدوية من الصيدليات ‪.‬‬
‫‪ -‬التنقل من أجل الذهاب إىل العيادات واملصحات واملستشفيات وخمتربات‬
‫التحليالت الطبية ومراكز الفحص باألشعة وغريها من املؤسسات الصحية‬
‫ألغراض التشخيص واالستشفاء والعالج ‪.‬‬
‫‪ -‬التنقل ألسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة األشخاص املوجودين يف‬
‫وضعية صعبة او يف حاجة اىل اإلغاثة ‪.‬‬
‫‪ -‬منع أي جتمع أو جتمهر أو اجتماع جملموعة من األشخاص مهما كانت‬
‫األسباب الداعية لذلك‪ ،‬ويستثنى من هذا املنع اإلجتماعات اليت تنعقد‬
‫ألغراض مهنية مع مراعاة التدابري الوقائية املقررة من قبل السلطات‬
‫الصحية ‪.‬‬
‫‪ -‬إغالق احملالت التجارية وغريها من املؤسسات اليت تستقبل العموم خالل‬
‫فرتة حالة الطوارئ الصحية املعلنة‪ ،‬وال ميكن فتح هذه املؤسسات‬
‫واحملالت من قبل أصحابها إال ألغراضهم الشخصية فقط ‪.‬‬
‫كذلك بالرجوع إىل أحكام قرار وزير الصحة العمومية ‪ 511.65‬املتعلق بالئحة‬
‫األمراض املعدية الواجب التصريح بها من قبل األطباء واملمارسني‪ ،‬جنده ينص يف املادة ‪4‬‬
‫و‪ 5‬على اإلجراءات الواجب اختادها يف حالة ما إذا تعلق األمر بإحدى األمراض املعدية‬

‫‪152‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اجلاري عليها احلجر الصحي‪ ،‬ويتعلق هذا بكل من التطهري اإلجباري واستعمال‬
‫مبيدات احلشرات يف حاالت خمصوصة‪.‬‬
‫كما يندرج أيضا يف إطار تفعيل أحكام املادة الثالثة من املرسوم السالف الذكر‬
‫واهلادفة إىل اختاد مجيع التدابري الالزمة اليت تقتضيها احلالة‪ ،‬بغية التدخل الفوري‬
‫والعاجل للحيلولة دون تفاقم احلالة الوبائية للمرض‪ ،‬ومضمون البالغ املشرتك لوزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬والصحة‪ ،‬واملالية واصالح االدارة‪ ،‬والصناعة واالستثمار والتجارة‪ ،‬واالقتصاد‬
‫الرقمي‪ ،‬باجبارية وضع الكمامات الواقية بالنسبة جلميع األشخاص املسموح هلم‬
‫بالتنقل خارج املقرات السكنية يف احلاالت اإلستثنائية‪ ،‬وذلك ابتداء من يوم التالثاء ‪7‬‬
‫ابريل ‪.2019‬‬
‫وبناء على أحكام املادة الثالثة من املرسوم املعلن حلالة الطوارئ الصحية اليت‬
‫خولت لوالة اجلهات وعمال العماالت واألقاليم مبوجب الصالحيات املخولة هلم طبقا‬
‫للنصوص التشريعية والتنظيمية اختاذ مجيع التدابري التنفيدية اليت يستلزمها حفظ‬
‫النظام العام الصحي يف ضل حالة الطوارئ املعلنة ‪ ،‬سواء كانت هذه التدابري ذات طابع‬
‫توقعي‪ ،‬أو وقائي‪ ،‬او محائي‪ ،‬أو كانت ترمي إىل فرض أمر حبجر صحي اختياري أو‬
‫إجباري‪ ،‬أو فرض قيود مؤقتة على إقامة األشخاص مبساكنهم واحلد من تنقالتهم ‪ ،‬أو‬
‫منع جتمعهم‪ ،‬أو إغالق احملالت املفتوحة للعموم‪ ،‬أو إقرار أي تدبري آخر من تدابري‬
‫الشرطة اإلدارية‪.‬‬
‫وتفعيال ألحكام املادة أعاله يف إطار منح والة اجلهات وعمال األقاليم صالحية‬
‫اختاذ خمتلف التدابري اليت من شأنه احلد من تفشي فريوس‪ -‬كورونا‪ -‬مت إصدار قرار‬
‫عاملي بعمالة مراكش عدد ‪ 553‬بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ 2020‬يتعلق مبنع إركاب األشخاص‬

‫‪153‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫على منت الدراجات النارية والعادية والعربات تالثية العجالت‪ ،‬ابتداء من تاريخ‬
‫صدوره ( اي ابتداء من يوم ‪ 29‬فرباير ‪ )2020‬حتى إشعار آخر‪ ،‬ملا من شأن إركاب أي‬
‫شخص إضايف زيادة على سائق الدراجة سواء عادية أو نارية أو ثالثية العجالت أن‬
‫يساهم يف تفشي فريوس‪ -‬كورونا كوفيد ‪.-19‬‬
‫اىل جانب قرار مجاعي مؤقت بإقليم ورزازات رقم ‪ 2020/02‬بتاريخ‬
‫‪ 2020/04/9‬يف إطار التعبئة اإلستباقية للتصدي للفريوس املستجد واحلد من احتمالية‬
‫تفشيه‪ ،‬بهدف احلفاظ على صحة وسالمة املواطنني‪ ،‬مت تقرير اإللتزام بإغالق مجيع‬
‫احملالت التجارية والوحدات اإلنتاجية واخلدماتية املسموح بفتحها خالل سريان حالة‬
‫الطوارئ الصحية‪ ،‬حسب وقت االغالق احملدد يف الساعة التالثة زواال‪ ،‬وذلك ابتداء من‬
‫يوم السبت ‪ 2020/04/11‬إىل حني رفع حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫إىل جانب املقتضيات التنظيمية املنصوص عليها يف خمتلف التشريعات سواء‬
‫الوطنية او احمللية‪ ،‬واليت ترمي باألساس إىل احلد من تفشي الفريوس ومحاية الصحة‬
‫العامة للمواطنني‪ ،‬جند قواعد أخرى ذات صبغة زجرية تهدف إىل إضفاء صيغة إلزامية‬
‫على قواعد الطوارئ املعلن عليها ‪ ،‬حبيث سن املرسوم مجلة من املقتضيات مبوجب املادة‬
‫‪ 4‬من املرسوم املتعلق بسن أحكام خاصة حبالة الطوارئ الصحية‪ ،‬تهدف إىل زجر‬
‫املخالفني‪ ،‬حبيث ألزمت كل شخص يوجد يف منطقة من املناطق اليت أعلنت فيها حالة‬
‫الطوارئ الصحية التقيد باالوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية‪.‬‬
‫كتوجيه عام بإلزامية اإلمتثال ألوامر السلطة العامة يف الظرفية اإلستثنائية‪،‬‬
‫وذلك حتت طائلة العقوبات املقررة يف الفقرة الثانية من نفس املادة‪ ،‬واليت نصت على أنه‬
‫يعاقب باحلبس من شهر إىل تالثة أشهر وبغرامة ترتاوح بني ‪ 300‬و ‪ 1300‬أو بإحدى‬

‫‪154‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫هاتني العقوبتني‪ ،‬كل خمالفة ألوامر السلطة املومإ إليها أعاله ‪ ،‬دون اإلخالل بالعقوبة‬
‫اجلنائية األشد‪ .‬كما يعاقب بنفس العقوبات كل من عرقل تنفيد قرارات السلطة‬
‫العمومية املتخدة‪ ،‬تطبيقا ملرسوم أحكام الطوارئ عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس‬
‫أو اإلكراه‪ ،‬وكل من قام بتحريض الغري على خمالفة القرارات املذكورة يف هذه الفقرة‬
‫بواسطة اخلطب أو الصياح أو التهديدات املفوه بها يف األماكن أو اإلجتماعات العمومية‪،‬‬
‫أو بواسطة املكتوبات أو املطبوعات أو الصور أو األشرطة املبيعة أو املوزعة أو املعروضة‬
‫للبيع او املعروضة يف األماكن واالجتماعات العمومية أو بواسطة امللصقات املعروضة على‬
‫أنظار العموم بواسطة خمتلف وسائل اإلعالم السمعية البصرية او اإللكرتونية‪ ،‬أو أي‬
‫وسيلة أخرى تستعمل هلذا الغرض ‪.‬‬
‫كما تضمنت دورية رئاسة النيابة العامة املوجه إىل السادة احملامي العام األول‬
‫واحملامني العامني لدى حمكمة النقض‪ ،‬والوكالء العامني للملك لدى حماكم اإلستئناف‬
‫وحماكم االستئناف التجارية ونوابهم‪ ،‬ووكالء امللك لدى احملاكم اإلبتدائية‪ ،‬واحملاكم‬
‫التجارية ونوابهم‪ ،‬أحكاما خاصة مبخالفة محل الكمامات خالل فرتة الطوارئ حيث‬
‫اعتربت الدورية عدم اخلضوع ألحكام وضع الكمامات الواقية جنحة منفصلة عن جنحة‬
‫خرق التدابري الصحية املتعلقة بعدم مالزمة مكان اإلقامة‪ ،‬أو خرق غريها من التدابري‬
‫األخرى اليت قررتها السلطة العمومية املختصة ‪.‬‬
‫وتطبق نفس مقتضيات عدم االمتثال لتدابري حالة الطوارئ الصحية على تدبري‬
‫الزامية وضع الكمامات الواقية من قبيل حتريض الغري‪ ،‬سواء كان هذا التحريض‬
‫بواسطة اخلطب أو الصياح أوغريه من الوسائل املشار إليها اعاله مبناسبة التدابري‬

‫‪155‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الزجرية عن خمالفة أحكام حالة الطوارئ‪ ،‬حيث يعاقب عليها مبقتضى املادة الرابعة‬
‫من املرسوم مبعزل عن جنحة خرق التدبري‪.‬‬
‫إىل جانبه يتضمن املرسوم املتعلق بوجوب التصريح ببعض األمراض املعدية‪،‬‬
‫واختاذ تدابري وقائية للقضاء عليها‪ ،‬بدوره شقا زجريا يف شأن خمالفي أحكامه‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر باملادة ‪ 6‬منه حيث عاقبت على خمالفة أحكام املرسوم والنصوص املتخدة لتطبيقه‬
‫بالسجن ملدة ترتاوح بني ستة أيام وشهرين‪ ،‬وبغرامة يرتاوح قدرها بني ‪ 40‬و ‪2400‬‬
‫درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني ‪.‬‬

‫‪156‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫ويف األخري خنلص من خالل التتبع للشأن القانوني واإلجتماعي خبصوص فريوس‬
‫‪ -‬كورونا ‪ -COVID 19‬إىل أنه خلّف تداعيات جد مؤثرة على خمتلف األصعدة‪،‬‬
‫سواء اإلجتماعية أو اإلقتصادية أو السياسية أواألمنية‪ ،‬ما جعل الدول أمام واقع تدبري‬
‫وإدارة األزمة هي احملك احلقيقي بغية اخلروج بأقل األضرار من هذه احلرب‬
‫اإلفرتاضية‪.‬‬
‫وجدير بالتنويه التجربة املغربية يف التعاطي مع هذا الفريوس حيث جعلت‬
‫أولوياتها تنصب حول العنصر البشري‪ ،‬من حيث سالمة وصحة املواطنني كالتزام أخدته‬
‫الدولة على عاتقها ولو على حساب باقي القطاعات‪ ،‬كما عملت التخفيف من اآلثار‬
‫السلبية املباشرة املاسة باملواطن من جراء هذا الفريوس من خالل اعتماد خمتلف الربامج‬
‫اإلجتماعية للدعم‪ ،‬واليت تهدف إىل ختفيف وقع األزمة يف صفوف املواطنني‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪157‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد هشام أوهيا‬


‫خريج ماسرت املهن القانونية والقضائية‬
‫حاصل على األهلية ملزاولة مهنة احملاماة‬

‫أثر انتشار فريوس كورونا املستجد على‬


‫عالقات الشغل يف ضوء مدونة الشغل‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫حيثما وجدت مجاعة من األفراد يتكون منها نظام اجتماعي‪ ،‬قامت سلطة معينة‬
‫بتنظيم هذه اجلماعة وإدارتها وفرض احرتام قواعد السلوك الالزمة حلياة هذه‬
‫اجلماعة‪ ،‬ال فرق يف ذلك بني النظم االجتماعية العامة أو اخلاصة‪.72‬‬

‫وقد أثارت خماطر األوبئة واألمراض الفتاكة عرب العصور الكثري من األسئلة‬
‫وطرحت العديد من اإلشكاليات االجتماعية والقانونية ليمتد ذلك إىل االقتصاد وأسواق‬
‫املال والتجارة العاملية‪ ،‬وهو نفس النقاش الذي يطرحه اآلن فريوس كورونا املستجد‬

‫‪- 72‬خالد آيت عالل‪":‬حدود السلطة التأديبية للمشغل" تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬وجدة ‪ 2006/2005‬ص ‪.1‬‬

‫‪158‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ covid19‬الذي ظهر بالصني لينتشر بسرعة يف جل بقاع العامل‪ ،‬وقد أثر انتشار هذا‬
‫الفريوس وبشكل سليب على احلياة العامة ومعها املعامالت التجارية مبجموعة من الدول‬
‫من بينها املغرب‪ ،‬حيث أعلنت اململكة املغربية حالة الطوارئ الصحية‪ 73‬وسنت أحكاما‬
‫هلا‪ ،74‬وقررت تقييد احلركة ألجل غري مسمى بسائر أرجاء الرتاب الوطين غري أن ذلك‬
‫ال يعين وقف عجلة االقتصاد ولكن اختاذ تدابري استثنائية تستوجب احلد من حركة‬
‫املواطنني‪.‬‬
‫وقد خلف هذا الفريوس ركودا على مستوى االقتصاد العاملي وفاقم األزمات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وأرخى بظالله على فئة األجراء الذين ما فتئ املشرع املغربي يسعى إىل‬
‫محاية هؤالء باعتبارهم الفئة الضعيفة يف العالقة الشغلية من خالل مدونة الشغل‪،‬‬
‫ووضع هلم قواعد محائية حتميهم عند تسرحيهم أو فصلهم أو إنهاء العالقة الشغلية‬
‫بصفة تعسفية من قبل املشغل‪.‬‬
‫واألكيد أن املغرب ليس يف منأى عن هذا الوباء العاملي‪ ،‬حيث توقفت العديد من‬
‫املقاوالت العاملية العابرة للحدود ذات الفروع يف املغرب‪ ،‬باإلضافة إىل جمموعة من‬
‫الشركات واملقاوالت احمللية بشتى أصنافها وأنواعها العاملة يف العديد من القطاعات‬
‫اإلنتاجية واليت توقفت بسبب القرار اإلداري بوقف مجيع األنشطة االقتصادية‬

‫‪ - 73‬وذلك بمقتضى مرسوم رقم ‪ 2.20.293‬صادر في ‪ 29‬رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬المتعلق بإعالن حالة‬
‫الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني بمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد ‪ ،19‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 6867‬مكرر ‪ 29‬رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬ص‪.1783:‬‬
‫‪ - 74‬وذلك بمقتضى مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬الصادر في ‪ 28‬رجب ‪ 23( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬المتعلق بسن‬
‫أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر ‪ 29‬رجب‬
‫‪ 24( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬ص‪ - .1782 :‬وما تجدر اإلشارة إليه هو أن هذين المرسومين يطرحان إشكالية األجل‬
‫حيث لم يتم تعيين تاريخ بداية حالة الطوارئ ال في المرسوم المتعلق بأحكام الطوارئ (المادة ‪ 6‬منه)‪ ،‬وال المتعلق‬
‫بإعالن حالة الطوارئ‪ ،‬ما سيكون له بليغ األثر حول استئناف اآلجال القانونية المنصوص عليها ال سواء في القوانين‬
‫الموضوعية وال تلك المتعلقة باستئناف ألحكام القضائية الرائجة أمام محاكم المملكة‪ ،‬في انتظار ما سيسفر عنه االجتهاد‬
‫القضائي حول هذه النقطة‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫باململكة‪ ،‬هذا الوضع االستثنائي كان له بليغ األثر على عالقات الشغل بني املشغلني‬
‫واألجراء‪.‬‬
‫إشكالية املوضوع‪:‬سأحاول االنطالق من إشكالية مركزية مفادها‪ :‬ما هي انعكاسات‬
‫انتشار فريوس كورونا املستجد على عالقات الشغل؟‪.‬‬
‫إن البحث يف هذا املوضوع أكرب من أن يكون جمرد مقال سأتناوله على الشكل‬
‫التالي‪ :‬املطلب األول‪ :‬التكييف القانوني لفريوس كورونا‪ .‬املطلب الثاني‪ :‬أثر انتشار‬
‫فريوس كورونا على التزامات طريف عقد الشغل‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التكييف القانوين لفريوس كورونا املستجد‪.‬‬
‫يعترب حتليل الوقائع والتصرفات القانونية من الضرورة مبا كان متهيدا إلعطائها‬
‫وصفا قانونيا معينا ووضعها يف املكان املناسب هلا بني فروع القانون املتشعبة‪ ،‬وحتديد‬
‫طبيعتها وضمها إىل نظام قانوني معني‪ ،‬وبيان الواقعة القواعد القانونية الواجبة‬
‫التطبيق‪ ،‬ومن هنا تظهر لنا ضرورة التكييف القانوني لفريوس كورونا املستجد‬
‫باعتبارها واقعة طبيعية ومنه استجالء ما مدى إمكانية اعتبار فريوس كورونا املستجد‬
‫ضمن حاالت القوة القاهرة؟‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬فريوس كورونا املستجد كقوة قاهرة‪.‬‬
‫بالرجوع إىل قانون االلتزامات والعقود املغربي وباستقرائنا ملقتضيات الفصل ‪269‬‬
‫جند املشرع املغربي وكغري عادته أعطى تعريفا للقوة القاهرة‪ ،‬إذ جاء فيه‪ " :‬القوة‬
‫القاهرة هي كل أمر ال يستطيع اإلنسان أن يتوقعه‪ ،‬كالظواهر الطبيعية والفيضانات‬
‫واجلفاف؛ والعواصف واحلرائق واجلراد‪ ،‬وغارات العدو وفعل السلطة‪ ،‬ويكون من شأنه‬
‫أن جيعل تنفيذ االلتزام مستحيال‪ ،‬وال يعترب من قبيل القوة القاهرة األمر الذي كان من‬
‫املمكن دفعه‪ ،‬ما مل يقم املدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه‪.‬‬

‫‪160‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وكذلك ال يعترب من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين"‪.‬‬
‫فمن خالل مقتضيات هذا النص ميكن أن خنلص إىل أن املشرع املغربي يعترب أن القوة‬
‫القاهرة تتحقق كلما حدث أمر مل يكن يف احلسبان‪ ،‬وال ميكن دفعه‪ ،‬أي ضرورة توفر‬
‫عنصر املباغتة و املفاجأة‪ ،‬إضافة إىل عنصر العجز عن رد هذا احلادث زيادة على شرط‬
‫استقالل هذا األمر عن إرادة املدين‪ ،‬فال يكون له يد يف حدوثه‪.‬‬
‫ويالحظ أن هذا التعريف الذي جاء به املشرع املغربي أنه ال خيتلف كثريا عن التعريف‬
‫الذي وضعه الفقيه الروماني ‪ ، Ulpien‬حيث عرف القوة القاهرة بأنها‪ " :‬كل ما مل يكن‬
‫يف وسع اإلدراك اآلدمي أن يتوقعه‪ ،‬وإذا أمكن توقعه فإنه ال ميكن مقاومته"‪.75‬‬
‫وقد جاء يف قرار للمجلس األعلى سابقا (حمكمة النقض حاليا)‪ ،‬أن القوة القاهرة‬
‫هي كل أمر ال يستطيع اإلنسان أن يتوقعه‪ ،‬ويكون من شأنه أن جيعل تنفيذ االلتزام‬
‫مستحيال‪ ،‬وال يعترب املرض من القوة القاهرة‪ ،‬وجيب إعالم الصندوق الوطين للضمان‬
‫االجتماعي بالتوقف عن العمل خالل ‪ 15‬يوما املوالية للتوقف‪ ،76‬وميكن التمسك بالقوة‬
‫القاهرة أيضا يف إطار املسؤولية التقصريية باعتبارها من األسباب املؤدية إىل اإلعفاء من‬
‫املسؤولية بناء على الفصل ‪ 7795‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬ومن خالل التعريفني‬
‫أعاله ميكن القول أنه لتحقق الدفع بناء على القوة القاهرة جيب حتقق شرطني أساسيني‪،‬‬

‫‪ - 75‬حسين عامر وعبد الرحيم عامر‪ .‬المسؤولية المدنية التقصيرية العقدية‪ .‬ط ‪ .2‬دار المعارف‪ .‬القاهرة‪.1979 .‬‬
‫ص ‪.391‬‬
‫‪ - 76‬قرار صادر عن المجلس األعلى سابقا محكمة النقض حاليا بتاريخ ‪ ،15/01/2008‬أشار إليه محمد بفقير‪،‬‬
‫قانون االلتزامات والعقود والعمل القضائي المغربي‪ ،‬قانون االلتزامات والعقود مع آخر التعديالت‪ .‬ط ‪،2010‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ .‬الدار البيضاء‪ ،‬ص‪.169:‬‬
‫‪ - 77‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 95‬من قانون االلتزامات والعقود على أنه‪ ":‬ال محل للمسؤولية المدنية في حالة‬
‫الدفاع الشرعي‪ ،‬أو إذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ به‬
‫المدعى عليه‪."...‬‬

‫‪161‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫استحالة دفع الضرر الناشئ عن القوة القاهرة‪ ،‬وأن يكون احلادث املتسبب يف الضرر غري‬
‫متوقع احلدوث‪.‬‬
‫ولتنزيل ما مت بسطه على فريوس كورونا املستجد فإنه ميكن القول أن هذا األخري‬
‫يعترب وباءا عامليا استعصى على الدول املتقدمة علميا وتكنولوجيا إجياد دواء مناسب‬
‫للقضاء على هذا الفريوس واحلد من انتشاره وتبني أن غالبية الدول التجئت إىل احلجر‬
‫الصحي كتدبري استثنائي وقائي للحد من انتشاره‪ ،‬مما ميكن معه اعتباره واقعة مادية‬
‫ال دخل لإلنسان فيها ويستحيل دفع الضرر الناجم عنه‪ ،‬وميكن اعتباره من قبيل القوة‬
‫القاهرة‪ ،‬حيث أدت إىل إيقاف مجيع االلتزامات التعاقدية عموما بشكل اضطراري‬
‫ومعها االلتزامات الناشئة عن عقود الشغل املربمة بني املشغلني واألجراء يف خمتلف‬
‫القطاعات‪ ،‬وهو ما أكده القضاء الفرنسي جمسدا يف الغرفة السادسة حملكمة اإلستئناف‬
‫كوملار حينما اعتربت يف قرار حديث صادر عنها أن فريوس كورونا املستجد قوة‬
‫قاهرة‪.78‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور كورونا كقوة قاهرة يف إيقاف عقد الشغل‪.‬‬
‫توقف عقد الشغل يقصد به تعليق سريانه لوجود استحالة تستمر مدة من الزمن‬
‫يعود بعدها للسريان مبجرد زوال االستحالة‪ ،‬وأسباب توقف عقد الشغل متعددة منها‬
‫ما يرجع لألجري ومنها ما يرجع للمشغل ومنها ما يكون خارجا عن إرادتهما معا‪ ،‬وقد‬
‫حدد املشرع املغربي يف الفرع الثاني من الباب اخلامس من القسم األول من الكتاب األول‬
‫من مدونة الشغل املغربية كيفية إنهاء عقد الشغل‪ ،‬وقد جاء يف الفقرة الثانية من املادة‬
‫‪ - 78‬قرار صادر عن الغرفة السادسة لمحكمة اإلستئناف كولمار عدد ‪ ،01098/20‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ ،2020‬غير منشور‪.‬‬
‫ومن حيثيات القرار‪:‬‬
‫‪«force majeure et épidéme de covid 19 une première décision vient d’être rendue‬‬
‫‪La cour d'appel de Colmar vient de statuer sur la qualification de force majeure de l’épidémie de covid‬‬
‫‪-19 (Colmar 6 ch. …12 mars 2020 n 20/01098 saisie à propos de la rétention administrative d une‬‬
‫‪personne frappée par cette mesure elle n a pas pus le faire en sa présence. En effet cette dernière‬‬
‫» …‪avait été en contact avec des personnels susceptibles d être infectées par le virus covid 19‬‬

‫‪162‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ 7933‬من املدونة أنه‪ ":‬يستوجب قيام أحد الطرفني بإنهاء عقد الشغل احملدد املدة قبل‬
‫حلول أجله تعويضا للطرف اآلخر‪ ،‬ما مل يكن اإلنهاء مربرا بصدور خطإ جسيم عن‬
‫الطرف اآلخر أو ناشئا عن قوة قاهرة‪.‬‬
‫وبالتمعن يف مقتضيات الفصل أعاله ميكن القول أن عقد الشغل حمدد املدة الذي‬
‫ينتهي قبل حلول أجله والذي ال يستوجب أي تعويض للطرف اآلخر سواء كان أجريا أو‬
‫مشغال ‪ ،‬إذا تعلق األمر بالقوة القاهرة اليت ال يد ألي طرف من طريف العقد فيها‪ ،‬كما أن‬
‫املادة ‪ 43‬من نفس املدونة نصت على إعفاء األجري واملشغل من وجوب التقيد بأجل‬
‫اإلخطار يف حالة القوة القاهرة‪.‬‬
‫وبتفحصنا ألسباب توقف عقد الشغل الواردة على سبيل املثال يف املادة ‪ 8032‬من‬
‫مدونة الشغل يالحظ أن أغلب هذه األسباب تعود إىل األجري‪( ،‬فرتة اخلدمة العسكرية‬
‫اإلجبارية؛‪ -2‬تغيب األجري ملرض‪ ،‬أو إصابة‪ ،‬يثبتهما طبيب إثباتا قانونيا؛‪ -3‬فرتة‬
‫ما قبل وضع احلامل محلها‪ ،‬وما بعده‪ -4 ،‬فرتة العجز املؤقت الناتج عن حادثة شغل أو‬
‫مرض مهين؛ ‪ -5‬فرتات تغيب األجري ؛ ‪ -6‬مدة اإلضراب‪ ،)...‬وواحد منها فقط يعود‬
‫إىل املشغل وهو اإلغالق القانوني للمقاولة بصفة مؤقتة‪ ،81‬وهنا ميكن إدخال إيقاف عقد‬
‫الشغل بسبب انتشار فريوس كورونا ضمن التوقف املؤقت لعقد الشغل‪ ،‬دون أن يرتب‬
‫ذلك أي مسؤولية على طريف العقد أو أن يكون للطرف اآلخر طلب فسخ العقد أو التنفيذ‬
‫العيين له‪ ،‬وبالتالي فإن توقف عقد الشغل هو جمرد إجراء احرتازي وقائي أدى إىل‬
‫انقضاء مؤقت للرابطة العقدية بني األجري واملشغل‪.‬‬

‫‪ - 79‬انظر المادة ‪ 33‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 80‬انظر المادة ‪ 32‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 81‬باإلضافة إلى الحاالت الواردة في المادة ‪ .300‬والمادة ‪ 543‬من مدونة الشغل‬

‫‪163‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وما مييز هذه احلالة كسبب من أسباب التوقف املؤقت لعقد الشغل أنها مشرتكة‬
‫بني األجري واملشغل‪ ،‬نظرا ملا هلذا املرض من خطورة على الصحة والسالمة العامة وصحة‬
‫وسالمة األجراء واملشغلني وامتثاال ألوامر السلطة العامة بإيقاف مجيع األنشطة‪.‬‬
‫إال أنه ميكن تسجيل أن بعض املقاوالت واحملالت التجارية استمرت يف مباشرة‬
‫نشاطها تلبية للحاجيات الضرورية للمواطنني‪ ،‬وفق اإلجراءات القانونية احملددة من‬
‫قبل السلطات العامة‪ ،‬حتت طائلة املسائلة القانونية يف حال خمالفة تلك األحكام‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أثر انتشار فريوس كورونا املستجد على التزامات‬
‫طريف عقد الشغل‪ ،‬والتدابري املتخذة للحد من آثار هذا الفريوس على‬
‫األجراء‪.‬‬
‫ومبا أن حماولتنا تكييف فريوس كورونا املستجد قادنا إىل القول بأنهه قوة قاهرة‬
‫ال يد لألجري وال املشغل فيها وكونها علقت تنفيذ االلتزامات القانونية‪ ،‬وكونها أدت إىل‬
‫إيقاف عقود الشغل بشكل مؤقت‪ ،‬ومبا أنه عقد الشغل هو من العقود التبادلية اليت‬
‫حتتم على األجري أداء العمل يف مقابل أجرة يف ذمة املشغل كيفما كان نوعها وطريقة‬
‫أدائها‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬أثر فريوس كورونا على تنفيذ التزامات كل من‬
‫األجري واملشغل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أثر فريوس كورونا املستجد على تنفيذ التزامات األجري‪.82‬‬
‫من املتعارف عليه أن أداء العمل من االلتزامات املرتتبة عن عقد الشغل حبيث‬
‫يضع األجري نفسه حتت تصرف مشغله يف الزمان واملكان املعني من أجل تنفيذ العمل‬

‫‪ - 82‬ويمكن تعريف األجير حسب مقتضيات المادة ‪ 6‬من مدونة الشغل المغربية بأنه كل شخص التزم ببذل‬
‫نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين مقابل أجر أيا كان نوعه أو طريقة أدائه‪ ،‬ويظل األجير‬
‫كذلك أيا كان نوع النشاط الذي يؤديه عضليا أو ذهنيا أو فنيا أو زراعيا أو تجاريا ومهما كانت درجته داخل‬
‫المقاولة مديرا أو مستخدما أو عامال بسيطا‪.‬‬

‫‪164‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املتعاقد عليه‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 83723‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وأكدته‬
‫املادة ‪ 6‬من مدونة الشغل‪ ،‬وبالتالي فال جيوز لألجري التحلل من التزامه إال إذا كانت‬
‫هناك قوة قاهرة حالت بينه وبني تنفيذه‪ ،‬وباعتبارنا فريوس كورونا املستجد وباءا عامليا‬
‫كقوة قاهرة فيمكن لنا أن نعرض للحاالت القانونية املمكنة تصور وضع األجري فيها‬
‫بفعل جائحة كورونا وأثر ذلك على التزامات املشغل‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة مرض األجري بفريوس كورونا املستجد الغري املثبت بشهادة طبية‪:‬‬
‫وهنا نقول أنه إذا تعذر على األجري االلتحاق بعمله بسبب هذه القوة‬
‫القاهرة اليت تتمثل يف إصابته بفريوس كورونا املستجد فال ميكن اعتبار‬
‫ذلك خطأ جسيما من قبله ألن الفقرة األخرية من املادة ‪ 271‬من مدونة‬
‫الشغل أعفت األجري من تربير غيابه عن العمل إذا كان السبب يف ذلك قوة‬
‫قاهرة‪ ،‬ومبجرد زوال القوة القاهرة فمن حق األجري الرجوع إىل عمله وأي‬
‫فصل من قبل املشغل يف هذا الصدد يعترب فصال تعسفيا موجبا للتعويض‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد وأثبت ذلك بشهادة طبية ‪:‬‬
‫األصل أن مرض األجري ال يؤدي إىل إنهاء عقد شغله طبقا ملا تنص عليه‬
‫الفقرة األوىل من املادة ‪ 32‬من مدونة الشغل ففي هذه احلالة ميكن إثبات‬
‫غياب األجري عن عمله بشهادة طبية حيث يتوقف عقد الشغل عند تغيب‬
‫األجري بسبب املرض أو اإلصابة بالفريوس وذلك شريطة أن ال تزيد مدة‬
‫التغيب عن ‪ 180‬يوما متتالية خالل فرتة ‪ 365‬يوما‪ ،‬حيث يتم وقف عقد‬
‫الشغل وليس إنهاؤه‪ ،‬شريطة أال ترتتب عن هذا املرض أو اإلصابة فقدان‬
‫‪ - 83‬ينص الفصل ‪ 723‬من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي‪ ":‬إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه‬
‫أحد طرفيه بأن يقدم لآلخر خدماته الشخصية ألجل محدد‪ ،‬أو من أجل أداء عمل معين‪ ،‬في نظير أجر يلتزم هذا‬
‫اآلخر بدفعه له‪."...‬‬

‫‪165‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األجري لقدرته على االستمرار يف أداء شغله‪ ،‬أما إذا جتاوزت مدة املرض‬
‫املدة أعاله أو كان األجري مصابا بعجز صحي مينعه من مواصلة عمله‪ ،‬أمكن‬
‫اعتباره مبثابة املستقيل حتى قبل انتهاء املدة املذكورة‪.84‬‬
‫ويبقى على األجري املصاب بفريوس كورونا إخبار السلطات املعنية أوال الختاذ‬
‫اإلجراءات املرصودة ملكافحة هذا الوباء‪ ،‬ثم إخبار مشغله مبرضه داخل ‪ 48‬ساعة من‬
‫املرض‪ ،‬وأن يقدم الشهادة الطبية اليت تثبت ذلك بعد أربعة أيام من تغيبه عن العمل‬
‫(الفقرة األوىل من املادة ‪ 272‬من مدونة الشغل)‪.‬‬
‫على أن عدم إشعار األجري للمشغل خالل فرتة ‪ 48‬ساعة ال ميكن اعتباره خطأ‬
‫جسيما يربر الفصل ألن الفقرة الثانية من املادة ‪ 85271‬من املدونة ربطت مدة ‪ 48‬ساعة‬
‫باستمرار الغياب ألكثر من أربعة أيام‪ ،86‬وباملقابل يبقى من حق املشغل اختاذ التدابري‬
‫الالزمة طبقا ملا ورد يف الفقرة األخرية من نفس املادة‪ ،‬واليت تشري إىل إمكانية تعيني‬
‫املشغل لطبيب وعلى نفقته بالقيام بفحص طيب مضاد لألجري املريض‪ ،‬وذلك خالل مدة‬
‫التغيب املنصوص عليها يف الشهادة الطبية املدىل بها من قبل األجري‪ ،‬غري أنه ميكن‬
‫استحضار فلسفة املشرع من ضرورة اإلدالء بشهادة طبية للحد من األمراض الكيدية اليت‬
‫قد خيتلقها بعض األجراء‪ ،‬خصوصا يف مثل هذه الظرفية حيث أن املشغلني الذين حتمت‬

‫‪ - 84‬وفي هذا الصدد تنص المادة ‪ 272‬من مدونة الشغل على أنه‪ ":‬يمكن للمشغل أن يعتبر األجير في حكم‬
‫المستقيل‪ ،‬إذا زاد غيابه لمرض غير المرض المهني‪ ،‬أو لحادثة غير حادثة الشغل‪ ،‬على مائة وثمانين يوما متوالية‬
‫خالل فترة ثالثة مائة وخمسة وستين يوما‪ ،‬أو إذا فقد األجير قدرته على االستمرار في مزاولة شغله‪.‬‬
‫‪ - 85‬تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 271‬من مدونة الشغل على أنه‪ ":‬يجب على كل أجير‪ ،‬تعذر عليه االلتحاق‬
‫بشغله بسبب مرض أو حادثة‪ ،‬أن يبرر ذلك‪ ،‬ويشعر مشغله خالل الثماني واألربعين ساعة الموالية لذلك إال إذا‬
‫حالت القوة القاهرة دون ذلك‪.‬‬
‫‪ - 86‬محمد سعيد بناني" قانون الشغل في المغرب في ضوء مدونة الشغل‪ ،‬عالقات الشغل الفردية الجزء الثاني‪،‬‬
‫المجلد األول يناير ‪ ،2007‬مكتبة دار السالم ص‪.673 :‬‬

‫‪166‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫عليهم الظرفية االستمرار يف الشغل‪ ،‬سيكونون يف أمس احلاجة ألجرائهم لتوفري اإلنتاج‬
‫نظرا لتزايد الطلب على بعض القطاعات‪.‬‬
‫‪ -3‬حالة األجري الذي يرفض أداء العمل بسبب انتشار فريوس كورونا‪ :‬يلتزم‬
‫األجري يف عقد الشغل بأن يضع عمله يف خدمة املشغل‪ ،‬ويف ظل انتشار‬
‫فريوس كورونا املستجد فهناك بعض املقاوالت فرضت عليها الضرورة‬
‫االستمرار يف أداء عملها لضمان سري االقتصاد ولتلبية حاجيات املواطنني من‬
‫املواد األساسية وغريها‪ ،‬فعندما توفر املقاولة لألجري كافة شروط السالمة‬
‫وإزالة احتمال إصابته بفريوس كورونا املستجد‪ ،‬واختاذ كافة االحتياطات‬
‫والتدابري وشروط السالمة الالزمة ومتكينه من شهادة التنقل االستثنائية‬
‫املسلمة من قبل السلطات املختصة‪ ،‬ففي هذه احلالة ميكن اعتبار األجري‬
‫الذي مل يلتحق بعمله مرتكبا خطأ جسيما يربر فصله دون أي تعويض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أثر فريوس كورونا على تنفيذ التزامات املشغل‪.‬‬
‫وهنا نقول بأنه تقابل التزامات األجري جمموعة من احلقوق واليت تقع على عاتق‬
‫املشغل‪ ،‬ومن أهمها أداء األجر واحرتام املقتضيات القانونية وتوفري الظروف املناسبة‬
‫للعمل واختاذ مجيع التدابري الالزمة حلماية سالمة األجراء وصحتهم املادة ‪ 24‬من‬
‫م‪،‬ش‪ ،‬ويف هذا الصدد وضعت مدونة الشغل العديد من املؤسسات القانونية حلماية صحة‬
‫وسالمة األجراء‪ ،‬بدءا بتنظيم مهام واختصاصات طبيب الشغل واملصلحة الطبية للشغل‪،‬‬
‫(املادة ‪ ،)87307‬وجلنة الصحة والسالمة املهنية‪( ،‬املادة ‪ ،)88337‬وتعزيز اختصاصات‬
‫مفتش الشغل يف جمال الصحة والسالمة املهنية‪( ،‬املادة ‪ ،)89530‬ويف حالة القوة القاهرة‬

‫‪ - 87‬انظر المادة ‪ 307‬من مدونة الشغل‪.‬‬


‫‪ - 88‬انظر المادة ‪ 337‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ - 89‬انظر المادة ‪ 530‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪167‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الناشئة عن فريوس كورونا املستجد ميكن عرض احلاالت القانونية اليت ميكن تصورها‬
‫بالنسبة للمشغل جراء انتشار هذا الفريوس وحناول تبيان أثر ذلك على التزاماته‪:‬‬
‫‪ -1‬حالة االتفاق على العمل عن بعد‪ :‬تتيح املادة ‪ 8‬من مدونة الشغل إمكانية‬
‫تشغيل األجراء عن بعد (أي يف منازهلم)‪ ،‬مع ربط هذه اإلمكانية بتوفري‬
‫شروط الصحة والسالمة املهنية‪( ،90‬وتوفري التأمني ضد حوادث الشغل‬
‫القانون رقم ‪ )9118.12‬شريطة حصول اتفاق بني أطراف العالقة الشغلية‬
‫ودون املساس باحلقوق املكتسبة‪ ،‬ويف ظل انتشار وباء كورونا ميكن أن يكون‬
‫العمل عن بعد من ضمن اإلجراءات القانونية املمكنة للحد من انتشار هذا‬
‫الفريوس واحلفاظ على صحة وسالمة األجراء وعلى مناصب الشغل وضمان‬
‫حقوق أطراف العالقة الشغلية‪ ،‬وبالتالي فاألجري الذي يشتغل عن بعد‪،‬‬
‫يعترب كأنه يشتغل باملقاولة ما دام يقوم باملهام املسندة إليه من قبل املشغل‬
‫ويأمتر بأوامره وعليه فهو يتمتع بكافة احلقوق املرصودة له كأنه يشتغل‬
‫داخل املقاولة‪ ،‬وجيب على األجراء‪ ،‬املشتغلني مبنازهلم أن يتقيدوا‬
‫بالتعليمات اليت يقدمها هلم املشغل‪ ،‬وأن يستعملوا وبكيفية صحيحة‪،‬‬
‫وسائل الوقاية اليت تتوفر عليها جتهيزات العمل‪ ،‬وال ميكنهم إزالة أو‬
‫تغيري هذه الوسائل الوقائية بدون موافقة املشغل‪.‬‬

‫‪ - 90‬وفي هذا الصدد صدر مرسوم رقم ‪ 2.12.262‬صادر في‪ 20‬من شعبان ‪ 10( 1433‬يوليو ‪ )2012‬المتعلق‬
‫بتحديد القواعد الصحية السارية على األجراء المشتغلين بمنازلهم‪ ،‬وااللتزامات المنوطة بالمشغلين الذين‬
‫يستنجزون أشغاال منزلية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6067‬الصادرة بتاريخ ‪ 3‬رمضان ‪ 23( 1433‬يوليو ‪.)2012‬‬
‫‪ - 91‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.190‬صادر في ‪ 6‬ربيع األول ‪ 29( 1436‬ديسمبر‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 18.12‬المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6328‬الصادرة بتاريخ فاتح ربيع اآلخر‬
‫‪ 22 ( 1436‬يناير‪2015‬‬

‫‪168‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما يتعني عليهم أن يستعملوا‪ ،‬بكيفية صحيحة أيضا معدات الوقاية الفردية‬
‫اليت يضعها املشغل رهن إشارتهم‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة استفادة األجراء من عطلة سنوية‪ :‬ومفاد ذلك أن أي أجري قضى ستة‬
‫أشهر من الشغل متصل يف نفس املقاولة عطلة سنوية مؤدى عنها‪ ،‬حتدد‬
‫مدتها بناء على مقتضيات املادة ‪ 231‬من مدونة الشغل وميكن االستفادة من‬
‫العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي األجراء واملمثلني النقابيني باملقاولة‬
‫عند وجودهم وميكن جتزئة العطلة السنوية املؤدى عنها أو اجلمع بني‬
‫أجزاء من مددها على مدى سنتني متتاليتني ويتم حتديد تواريخ مغادرة‬
‫األجراء لشغلهم قصد قضاء عطلهم السنوية املؤدى عنها بعد استشارة‬
‫املعنيني باألمر بناء على مقتضبات املادة ‪ 245‬من م‪،‬ش‪ ،‬مع ضرورة إشعار‬
‫مفتش الشغل إذا اقرتنت العطلة باإلغالق الكلي أو اجلزئي للمؤسسة‪ ،‬وهنا‬
‫ميكن أن تستفيد املقاولة من هذه اإلمكانية كإجراء وقائي من احلد من‬
‫انتشار فريوس كورونا خالل فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬وهنا يستحق األجراء‬
‫أجورهم عن أيام العطلة السنوية‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة ختفيض مدة العمل لألجراء‪ :‬وذلك لتفادي االختالط واالحتكاك‬
‫(بفعل أن الفريوس ينتشر باملصافحة‪ )...‬بني األجراء‪ ،‬وللوقاية من هذه‬
‫األزمة العابرة ميكن للمشغل ختفيض مدد الشغل وفقا ملقتضيات املادة‬
‫‪ 92185‬من مدونة الشغل‪ ،‬مع احرتام شرط استشارة مندوب األجراء واملمثل‬

‫‪ - 92‬تنص المادة ‪ 185‬من مدونة الشغل على أنه‪ ":‬يمكن للمشغل‪ ،‬للوقاية من األزمات الدورية العابرة وبعد‬
‫استشارة مندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم‪ ،‬توزيع المدة السنوية اإلجمالية للشغل على‬
‫السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة أال تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم‪.‬ال يترتب عن هذا‬
‫اإلجراء أي تخفيض من األجر الشهري ويمكن للمشغل‪ ،‬بعد استشارة مندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة‬
‫عند وجودهم‪ ،‬أن يقلص من مدة الشغل العادية ولفترة متصلة أو منفصلة ال تتجاوز ستين يوما في السنة‪ ،‬وذلك عند‬

‫‪169‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫النقابي باملقاولة عند وجوده‪ ،‬والتزامه بأداء األجرة عن مدة الشغل الفعلية‬
‫على أال يقل يف مجيع احلاالت عن ‪ 50‬يف املائة من األجر العادي ما مل تكن‬
‫هنا مقتضيات أكثر فائدة لألجراء‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة إضافة ساعات شغل إضافية‪ :‬وساعات الشغل اإلضافية هي تلك‬
‫الساعات اليت يشتغلها األجري خارج نطاق استدراك ساعات الشغل الضائعة‬
‫وخارج نطاق الساعات اليت تقتضي الضرورة تأديتها‪ ،93‬فهي ساعات يطلب‬
‫من األجري اشتغاهلا‪ ،‬ويف ظل الفرتة اليت مير منها املغرب بفعل التخوف‬
‫من انتشار جائحة كورونا وتلبية لنداء الوطن‪ 94‬فإن بعض املقاوالت حتتم‬
‫عليها الشغل مددا إضافية تلبية بنداء الوطن وتلبية حلاجيات املواطنني من‬
‫املواد األساسية للعيش‪ ،‬وهنا فإن هؤالء األجراء يستفيدون إضافة إىل‬

‫حدوث أزمة اقتصادية عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته‪ .‬يؤدى األجر عن مدة الشغل الفعلية‬
‫على أال يقل في جميع الحاالت عن ‪ %50‬من األجر العادي ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة لألجراء‪ .‬إذا كان‬
‫التقليص من مدة الشغل العادية تزيد مدته عن الفترة المحددة في الفقرة األولى أعاله‪ ،‬وجب االتفاق بين المشغل‬
‫ومندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم حول الفترة التي سيستغرقها هذا التقليص‪.‬‬
‫وفي حالة عدم التوصل إلى أي اتفاق‪ ،‬ال يسمح بالتقليص من مدة الشغل العادية إال بإذن يسلمه عامل العمالة أو‬
‫اإلقليم طبقا للمسطرة المحددة في المادة ‪ 67‬أعاله‪.‬‬
‫‪ - 93‬تنص المادة ‪ 196‬من مدونة الشغل على أنه‪ ":‬يمكن‪ ،‬إذا تحتم على المقاوالت أن تواجه أشغاال تقتضيها‬
‫مصلحة وطنية‪ ،‬أو زيادة استثنائية في حجم الشغل‪ ،‬تشغيل أجرائها خارج مدة الشغل العادية‪ ،‬وفق الشروط التي‬
‫ستحدد بنص تنظيمي‪ ،‬شرط أن تدفع لهم باإلضافة إلى أجورهم‪ ،‬تعويضا عن الساعات اإلضافية"‪.‬‬
‫‪ - 94‬وفي هذا اإلطار صدر مرسوم رقم ‪ 2.04.570‬في ‪ 16‬ذو القعدة ‪ 1425‬موافق ل ‪ 29‬ديسمبر ‪ ،2004‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5279‬بتاريخ ‪ 2005/01/03‬ص‪ 17 :‬والذي سمح في مادته األولى للمقاوالت التي يتحتم‬
‫عليها أن تواجه أشغاال تقتضيها مصلحة وطنية أن تشغل أجرائها خارج أوقات الشغل العادية طيلة مدة إنجاز‬
‫األشغال المطلوبة مع مراعاة الشروط التالية ‪ -:‬أال تتجاوز مدة الشغل اليومية ‪ 10‬ساعات كحد أقصى ؛‬
‫‪ -‬أال يتم وقف الراحة األسبوعية لألجراء المعنيين؛‬
‫‪ -‬عدم تطبيق مقتضيات هذه المادة على األجراء الذين تقل أعمارهم عن ‪ 18‬سنة وعلى األجراء المعاقين؛‬
‫‪-‬إبالغ العون المكلف بتفتيش الشغل كتابة بالسبب والمبرر الموجب للعمل بهذه المادة‪ ،‬وذلك حسب كل حالة على‬
‫حدة‪.".....‬‬

‫‪170‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أجرهم العادي من تعويض عن الساعات اإلضافية‪ ،‬يتم احتسابه بالنظر إىل‬


‫‪95‬‬
‫الوقت الذي يقوم فيه األجري بإجناز الشغل اإلضايف‬
‫‪ -3‬حالة تقليص عدد األجراء باملقاولة‪ :‬تسمح املادة ‪ ،9666‬من مدونة‬
‫الشغل للمشغل بالتخفيض من عدد األجراء بالنسبة للمقاوالت اليت تشغل‬
‫اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر‪ ،‬وألسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما‬
‫مياثلها‪ ،‬وفق إجراءات االستشارة والتفاوض مع مندوب األجراء أو املمثل‬
‫النقابي باملقاولة عند وجودهم أو عرب جلنة املقاولة‪ ،‬وتوجيه حمضر نتائج‬
‫املشاورات واملفاوضات إىل املندوب اإلقليمي املكلف بالشغل‪ ،‬واحلصول على‬
‫إذن يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم ومن املمكن اعتبار جائحة كورونا من‬
‫األسباب املؤدية إىل اإلنقاص يف عدد األجراء وتدخل يف خانة ما مياثل‬
‫األسباب االقتصادية‪ ،‬ويف هذه احلالة يستفيد األجراء من التعويض عن أجل‬
‫اإلخطار والتعويض عن الفصل‪ ،‬مع متتيع األجراء املفصولني باألولوية يف‬
‫إعادة تشغيلهم‪.‬‬

‫‪ - 95‬يستفيد األجير كيفما كانت طريقة أجره من زيادة نسبتها ‪ %25‬عن الساعات اإلضافية إذا قضاها فيما بين‬
‫الساعة السادسة صباحا والتاسعة ليال‪ ،‬في النشاطات غير الفالحية وفيما بين الساعة الخامسة صباحا والثامنة‬
‫ليال في النشاطات الفالحية وتصبح النسبة ‪ %50‬إذا أدى العمل يوم راحته األسبوعية ولو عوضت له فترة‬
‫الراحة‪.‬‬
‫وترفع هذه الزيادة إلى ‪ %50‬إذا أدى العمل فيما بين التاسعة ليال والسادسة صباحا في النشاطات غير الفالحية‬
‫وفيما بين الثانية ليال والخامسة صباحا في النشاطات الفالحية‪ ،‬وترتفع هذه النسبة إلى ‪ %100‬بالنسبة للتوقيت‬
‫السابق إذا أدى األجير عمله في يوم راحته األسبوعية حتى ولو عوضت له فترة الراحة (المادة ‪ 202‬من مدونة‬
‫الشغل)‪.‬‬
‫ويؤدى هذا التعويض دفعة واحدة مع األجر المستحق (المادة ‪ 198‬من مدونة الشغل)‪ ،‬ويحسب على أساس‬
‫األجر وتوابعه باستثناء التعويضات العائلية والحلوان (إال إذا كان األجر يتكون من الحلوان فقط)‪ ،‬والمبالغ‬
‫المستردة تغطية لمصاريف أو نفقات سبق تحملها األجير بسبب شغله‪.‬‬
‫‪ - 96‬انظر المادة ‪ 66‬من مدونة الشغل‪.‬‬

‫‪171‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -4‬حالة إغالق املقاولة بناء على قرار السلطات العامة‪ :‬لقد أدخلت مدونة‬
‫الشغل مدة اإلغالق الناجتة عن قوة قاهرة ضمن مدد الشغل الفعلي حسب ما‬
‫يستشف من مقتضيات املادة ‪ 54‬من مدونة الشغل واليت يتم احتسابها من‬
‫أجل متتيع األجري بالعطلة السنوية (املادتني ‪ 352‬و ‪ 323‬من مدونة‬
‫الشغل)‪.‬‬
‫وكذلك االنقطاع املؤقت عن الشغل بسبب توقف املقاولة كليا أو جزئيا بفعل قوة‬
‫قاهرة‪ ،‬وبفعل األزمة اليت يعيشها املغرب يف ظل انتشار فريوس كورونا املستجد فقد‬
‫أصدرت السلطات العامة للحفاظ على النظام العام مبدلوالته الثالث (األمن العام‪ ،‬الصحة‬
‫العامة‪ ،‬السكينة العامة)‪ ،‬تعليق مجيع األنشطة االقتصادية وغريها إىل أجل غري‬
‫مسمى‪ ،‬وبالتالي ميكن اعتبار إغالق املقاوالت يف هذه الظرفية امتثاال ألوامر السلطة‬
‫العامة واعتبار عقد الشغل موقفا مؤقتا ألسباب خارجة عن إرادة طرفيه‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التدابري املتخذة للحد من وطئة فريوس كورونا على‬
‫فئة األجراء‪.‬‬
‫تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب اجلاللة امللك حممد السادس حفظه اهلل‪ ،‬مت‬
‫إحداث صندوق خاص لتدبري ومواجهة وباء فريوس كورونا‪ ،‬وذلك من أجل التكفل‬
‫بالنفقات املتعلقة بتأهيل البنيات الصحية‪ ،‬واحلد من أثار هذا الوباء على االقتصاد‬
‫الوطين‪.‬‬
‫وتنزيال ملقتضات املادة اخلامسة من املسوم املتعلق بأحكام الطوارئ‪ ،97‬وبعد‬
‫مشاورات واجتماعات متواصلة‪ ،‬قررت جلنة اليقظة االقتصادية منح تعويض شهري‬
‫‪ - 97‬تنص المادة الخامسة من المرسوم المتعلق بأحكام حالة الطوارئ على أنه‪ ":‬يجوز للحكومة إذا اقتضت‬
‫الضرورة القصوى ذلك أن تتخذ بصفة استثنائية أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي‬
‫يكتسي صبغة االستعجال والذي من شأنه اإلسهام بكيفية مباشرة في مواجهة اآلثار السلبية المترتبة على اإلعالن‬
‫على حالة الطوارئ الصحية المذكورة‪.‬‬

‫‪172‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫جزايف قدره ‪ 2000‬درهم‪ ،‬باإلضافة إىل االستفادة من خدمات التغطية الصحية اإلجبارية‬
‫والتعويضات العائلية‪ ،‬لفائدة األجراء واملستخدمني مبوجب عقود االندماج والبحارة‬
‫الصيادين املتوقفني مؤقتا عن العمل املصرح بهم لدى الصندوق الوطين للضمان االجتماعي‬
‫برسم شهر فرباير ‪ ،2020‬واملنتمني للمقاوالت املنخرطة يف الصندوق الوطين للضمان‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫ويهم هذا التعويض الفرتة املمتدة من ‪ 15‬مارس إىل ‪ 30‬يونيو ‪. 2020‬‬
‫وجيب أن يكون األجراء الذين سيستفيدون من هذه التعويضات موضوع تصريح‬
‫بالشرف من طرف املقاوالت اليت تشغلهم وأن يكون مصرحا بهم لدى الصندوق الوطين‬
‫للضمان االجتماعي برسم شهر فرباير ‪ ،2020‬وذلك عرب البوابة اإللكرتونية لصندوق‬
‫الوطين للضمان االجتماعي اخلاصة بالتعويضات اجلزافية الشهرية‪ ،‬ويفيد هذا التصريح‬
‫بأن املقاولة توجد يف حالة توقف كلي أو جزئي ألنشطتها بسبب تفشي فريوس كورونا‬
‫املستجد‪ ،‬أو أنها تواجه صعوبات يف ظل هذه األزمة‪ ،‬وبالتالي فكل أجري غادر عمله عن‬
‫قصد فلن يستفيد من هذا التعويض‪.‬‬
‫وأما خبصوص القطاع غري املهيكل املتأثر مباشرة باحلجر الصحي ونظرا لتعقد‬
‫هذه اإلشكالية فقد ركزت جلنة اليقظة االقتصادية على دعمها عرب مرحلتني‪:‬‬
‫املرحلة األوىل‪ :‬تهم األسر اليت تستفيد من خدمة راميد وتعمل يف القطاع غري‬
‫املهيكل وأصبحت ال تتوفر على مدخول يومي إثر احلجر الصحي‪ ،‬هذه األسر ميكنها‬
‫االستفادة من مساعدة مالية متكنها من املعيش واليت سيتم منحها من موارد صندوق‬
‫حماربة جائحة كورونا الذي انشأ تبعا لتعليمات صاحب اجلاللة امللك حممد السادس‬
‫نصره اهلل‪.‬‬

‫‪173‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وحددت هذه املساعدة املالية على النحو التالي‪:‬‬


‫أوال‪ 800 :‬درهم لألسرة املكونة من فردين أو أقل‪،‬‬
‫ثانيا‪ 1000 :‬درهم األسرة املكونة من ثالث إىل أربع أفراد‪،‬‬
‫ثالثا‪ 1200 :‬درهم لألسرة اليت يتعدى عدد أفرادها أربعة أشخاص‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬بالنسبة لألسر اليت ال تستفيد من خدمة راميد واليت تعمل يف‬
‫القطاع غري املهيكل واليت توقفت عن العمل بسبب احلجر الصحي‪ ،‬سيتم منحها نفس‬
‫املبالغ املذكورة سابقا‪.‬‬
‫وما جتدر اإلشارة إليه هو أن التعويضات اليت سيمنحها الصندوق الوطين للضمان‬
‫االجتماعي لألجراء الذين توقفوا عن الشغل نتيجة إغالق املقاوالت اليت يشتغلون بها‬
‫بصفة مؤقتة ختتلف متاما عن التعويضات اليت مينحها ذات الصندوق لألجراء عند‬
‫فقدانهم لشغلهم‪.‬‬
‫فالتعويض األخري خيول للمؤمن له االستفادة من هذا التعويض‪،‬عندما يفقد عمله‬
‫يف ظروف خارجة عن إرادته شريطة أن يتوفر على فرتة تأمني ال تقل عن ‪ 780‬يوما‬
‫خالل الستة وثالثني شهرا السابقة لفقدان العمل‪ ،‬منها ‪ 260‬يوما خالل اإلثين عشر‬
‫شهرا السابقة لتاريخ فقدان العمل‪.‬‬
‫املبلغ الشهري للتعويض يساوي ‪ 70‬يف املائة من األجر املرجعي (متوسط األجور‬
‫الشهرية املصرح بها خالل ‪ 36‬شهراً األخرية) دون جتاوز احلد األدنى لألجر املعمول‬
‫به‪ ،‬ويشمل صرف هذا التعويض مدة أقصاها ستة أشهر ابتداء من اليوم املوالي لتاريخ‬
‫االنقطاع عن العمل ويف حالة استئناف عمل مأجور‪ ،‬يتم إيقاف صرف التعويض‪.‬‬

‫‪174‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبعد عرضنا للتدابري املتخذة من قبل السلطة احلكومية املكلفة للحد من آثار‬
‫انتشار فريوس كورونا املستجد على فئة األجراء الذين توقفت موارد رزقهم بسبب قوة‬
‫قاهرة فهذا األمر يدفعنا إىل التساؤل حقيقة ‪ :‬هل فعال تتناسب تلك التعويضات والضرر‬
‫الالحق باألجراء خالل هاته الفرتة؟ وهل ستؤدي حتما إىل التخفيف من عبء انتشار‬
‫فريوس كورونا املستجد ووقعه على فئة األجراء؟‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫وعموما فقد ظهر لنا جليا أن القوة القاهرة تنفي العالقة السببية بني الضرر‬
‫احلاصل ألحد أطراف العالقة الشغلية وبني عدم التزام الطرف اآلخر بتنفيذ أي التزام‬
‫من االلتزامات امللقاة على عاتقه‪ ،‬مبا يعين أن قانون الشغل ال يستقل بذاته عن القواعد‬
‫العامة‪ ،‬ويظهر كذلك أن املشرع املغربي مل يوفق يف معاجلة حالة القوة القاهرة يف املادة‬
‫الشغلية كما هو احلال عليه بالنسبة لقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وإمنا أشار إليها فقط يف‬
‫نصوص متناثرة تقر من خالهلا إعفاء أطراف العالقة الشغلية من التزاماتهم املتبادلة‬
‫مراعاة بذلك خلصوصية القاعدة االجتماعية يف قانون الشغل‪ ،‬واليت تستدعي تدخل طرف‬
‫ثالث لتنظيمها ومحايتها وتصحيح عدم توازنها أال وهو الدولة‪.‬‬
‫وبطبيعة احلال فإنه بزوال القوة القاهرة وهنا نقصد زوال فريوس كورونا ورفع‬
‫حالة الطوارئ املقررة يوم ‪ ،2020/04/20‬فإن تشريع الشغل مبقتضى املادة ‪ 175‬منه‬
‫يبيح للمشغل تشغيل مجيع أصناف األجراء مبن فيهم املطبق عليهم االستثناء ملواجهة‬

‫‪175‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بطالة ناجتة عن قوة قاهرة أو توقف عارض ال يكتسي طابعا دوريا يف حدود ما يتطلبه‬
‫السري العادي للمقاولة‪.‬‬
‫وميكن القول أن فريوس كورونا املستجد يشكل أكرب أزمة على مستوى العامل يف‬
‫هذا القرن‪ ،‬فالتداعيات االقتصادية واملالية بهذا الفريوس ميكن أن تغري النظام العاملي‪،‬‬
‫وميكن أن يقوي هذا الفريوس مفهوم الدولة ويعزز القومية وقبضة احلكومات اليت‬
‫فرضت إجراءات استثنائية للسيطرة على الفريوس وسيكون من الصعب أن تتخلى على‬
‫سلطاتها اجلديدة بعد انتهاء األزمة‪.‬‬
‫ويف انتظار االجتهاد القضائي يف إغناء هذا املوضوع وما سيسفر عنه من أحكام‬
‫وقرارات قضائية ستكون جديرة بالدراسة والتحليل‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪176‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد إبراهيم سدزاوي‬


‫حاصل شهادة املاسرت ختصص عالقات الشغل‬
‫ونظم احلماية االجتماعية‬

‫تأثري جائحة كورونا على‬


‫أطراف العالقة الشغلية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عرف قانون الشغل تطورا ملحوظا باختالف العصور حيث مل تكن هناك قواعد‬
‫منظمة لقانون الشغل يف القديم‪ ،‬وأخدت قواعده تظهر على شكل أنظمة إقطاعية يف‬
‫الزراعة وأنظمة الطوائف احلرفية يف الصناعة خالل العصر الوسيط‪ ،‬اىل أن مت اإلعالن‬
‫على مبادئ احلرية واملساواة اليت تولد عنها مبدأ سلطان اإلرادة يف العصر احلديث‪.‬‬
‫ويعد قانون الشغل من أهم فروع القانون اخلاص على االطالق‪ ،‬ويعرف بكونه‬
‫جمموع القواعد القانونية املطبقة على العالقات الفردية واجلماعية الناشئة بني املؤاجرين‬

‫‪177‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اخلصوصيني من جهة ومن يشتغلون حتت سلطتهم وإشرافهم من جهة أخرى بسبب‬
‫الشغل‪.‬‬
‫كما أثارت خماطر األوبئة واالمراض خالل العشرين سنة األخرية العديد من‬
‫اإلشكاليات ذات االبعاد القانونية واالقتصادية واالجتماعية يف ارتباطها باألمن الصحي‬
‫العاملي‪ 98‬وبالعوائق واالكراهات النامجة عنها يف جمال تبادل السلع واخلدمات وذلك‬
‫مرورا بوباء " سراس " يف ‪ 2003‬و"ابوال" سنة ‪ 200999‬باإلضافة عدة أوبئة أخرى‬
‫ليتجدد بذلك النقاش يف الساحة القانونية وطنيا ودوليا خبصوص أثار هذه األوبئة على‬
‫أطراف عالقة اإلنتاج‪.‬‬
‫‪-‬هل يعد فريوس كورونا أحد تطبيقات القوة القاهرة؟‬
‫‪-‬ما هو تأثري فريوس كورونا على أطراف العالقة الشغلية؟‬
‫هذا ما سنحاول اإلجابة عليه وفق مطلبني على الشاكلة اليت ستأتي بعده تبعا‪:‬‬

‫‪ 98‬دراسة بعنوان "وباء كورونا وعالم العمل " اثار المرض وردود األفعال عليه " منظمة العمل الدولية ‪ 18‬مارس ‪2020‬‬
‫‪-99‬الخضراوي "كورونا وااللتزامات النعاقدية" س ‪ 2020‬ص‪1. :‬‬

‫‪178‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املطلب األول‪ :‬مدى اعتبار فريوس كورونا مبثابة قوة قاهرة‬


‫يقصد بالتكييف القانوني حتليل واقعة أو تصرف قانوني معني قصد وضعها يف‬
‫املكان املالئم من بني التقسيمات السائدة يف فرع معني من فروع القانون وهو العملية‬
‫‪100‬‬
‫الذهنية املتمثلة يف إنزال حكم القانون على الواقع أو إدراج الواقعة يف طائفة معينة‪.‬‬
‫ويقصد بالقوة القاهرة يف هذا الباب وحسب منطوق الفصل ‪ 269‬من ظهري‬
‫االلتزامات والعقود كل امر ال يستطيع االنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية ويكون من‬
‫شأنه ان جيعل تنفيذ االلتزام مستحيال‪.‬‬
‫وال يعترب من قبيل القوة القاهرة االمر الذي كان من املمكن دفعه‪ ،‬مامل يقم املدين‬
‫الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه عن نفسه‪.‬‬
‫كما ال يعترب من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين‪.‬‬
‫لكن حتى يتقرر االعفاء من املسؤولية بسبب القوة القاهرة فإنه يلزم توفر الشروط‬
‫االتية‪:‬‬
‫‪-1‬أن يكون احلادث غري ممكن التوقع‬
‫ويقصد بهذا الشرط ان ال خيطر يف احلسبان حصول مثله عند وقوع الفعل‬
‫الضار‪ ،101‬وبالتالي إذا أمكن توقع ذلك كفيضان نهر حيصل يف أوقات دورية‪ 102‬فال‬
‫يشكل قوة قاهرة حتى ولو استحال دفعه و اثبات أن احلادث كان غري ممكن التوقع‬
‫يقاس مبعيار الشخص العادي الذي يوجد يف نفس الظروف اخلارجية وليس الرجل‬
‫شديد الفطنة و الذكاء‬
‫‪ -2‬أن يكون احلادث غري ممكن ال الدفع‬
‫‪100‬محمد طارق " أثر جائحة كورونا على عالقات الشغل " س ‪ 2020‬ص‪.1 :‬‬
‫‪ 101-‬األستاذة فريدة اليرموكي " عالقة السببية في مجال المسؤولية التقصيرية بين رأي الفقه و موقف القضاء –دراسة مقارنة‪"-‬‬
‫الطبعة األولى‬
‫‪2009-1430‬‬
‫‪ 102‬األستاذ عبد الرحيم عامر " المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ط‪ 2‬دار المعارف القاهرة ‪ 1979‬ص ‪392‬‬

‫‪179‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ويقصد بذلك أن يستحيل على الشخص جتنب نتائج احلادث استحالة مطلقة‬
‫مبعنى أنه ال يستطيع أن مينع نتائجه بأي طريقة كانت أما اذا كان من شأن احلادث أن‬
‫جيعل تفادي الضرر أكثر ارهاقا و مشقة فانه ال تكون هناك قوة قاهرة تنتفي معها‬
‫املسؤولية واالستحالة املقصودة هنا تلك اليت تكون بالنسبة ألي شخص يوجد يف موقف‬
‫املدعى عليه او املتابع‪.‬‬
‫‪-3‬أن يكون احلادث أجنيب عن املدين‬
‫مبعنى أن ال يكون هناك خطأ من جانب املسؤول أدى اىل احلادث و عليه اذا كان‬
‫احلادث نتيجة خلطأ املدعى عليه فإننا ال نكون أمام قوة قاهرة و هذا نص عليه صراحة‬
‫الفصل ‪ 95‬ق ل ع وهكذا فإن قيام القوة القاهرة يقتضي أن يكون احلادث خارجيا ال يد‬
‫للمدين فيه سواء بفعله أو مساهمته أو مشاركته‪.‬‬
‫وبإعمال الشروط أعاله على حالة فريوس كورونا يتضح لنا أن هذا األخري‬
‫"فريوس" غري متوقع حيث يعترب حسب منظمة الصحة العاملية فصيلة كبرية من‬
‫الفريوسات اليت قد تسبب املرض لإلنسان و يسبب لدى البشر حالة من الضيق يف اجلهاز‬
‫التنفسي مثل متالزمة الشرق الوخيمة اليت تعرف بالسارس كما أنه يستحيل دفع‬
‫الضرر الناتج عنه يف هاته األيام العصيبة و ليس للمدين دخل يف إثارته كما أنه ذات‬
‫مصدر اجنيب عن املدين مما جيعله مبثابة قوة قاهرة‪ 103‬إذ نفس االجتاه سارت عليه‬
‫حمكمة االستئناف الفرنسية يف إحدى قراراتها حيث اعتربت جائحة كورونا احدى‬
‫و جيعل تبعا لذلك تنفيذ االلتزامات التعاقدية الشغلية‬ ‫‪104‬‬
‫تطبيقات القوة القاهرة‬
‫مستحيلة وهذا ما سنحاول اإلحاطة به يف إطار املطلب الثاني‬

‫‪ 103‬أمينة رضوان "مدى مساهمة فيروس كورونا في إنهاء العالقة الشغلية‬


‫‪ 104‬قرار محكمة االستئناف الفرنسية " كولمار" عدد ‪ 20/01098‬بتاريخ ‪2020/03/12‬‬

‫‪180‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬تأثري فريوس كورونا على أطراف العالقة الشغلية‬


‫اعتبارا لكون عقد الشغل عقد تبادلي يرتب التزامات متبادلة يف ذمة طرفيه فإن‬
‫االجري يف إطار االلتزامات اليت تفرضها عليه مدونة الشغل يكون مسؤوال عن فعله‬
‫واهماله كما يرتب التزامات على عاتق املشغل الذي يكون مقيد باحرتامها وتبعا ملا‬
‫قلناه سابقا من تكييف جائحة كورونا بكونها مبثابة قوة قاهرة فإنه يثار سؤال حول‬
‫مشروعية أثر عدم أداء االجري املشغل هلاته االلتزامات‬
‫‪-1‬أثر فريوس كورونا على تنفيذ التزامات االجري‬
‫بالرجوع اىل مقتضيات الفصل ‪ 723‬ق ل ع واملادة ‪ 6‬م ش فالعمل يعترب من أهم‬
‫االلتزامات القانونية اليت تقع على عاتق االجري وتبعا لذلك ال ميكنه التحلل من هذا‬
‫االلتزام إال إذا كانت هناك قوة قاهرة حتول بينه وبني االلتزام امللقى على عاتقه كلما‬
‫توفرت الشروط املبينة أعاله‪.‬‬
‫‪-‬يف حالة مرض االجري هبذا الفريوس‬
‫إذا كان مرض االجري مثبت مبوجب شهادة طبية فإن عقد الشغل يتوقف عند‬
‫تغيب االجري بسبب هذا املرض غري املهين وذلك وفق شرطني األول أال تزيد مدة الغياب‬
‫عن ‪ 180‬يوما متوالية خالل فرتة ‪ 365‬يوما‪ ،‬والثاني أال يرتتب عن املرض فقدان االجري‬
‫لقدرته على االستمرار يف مزاولة لشغله‪ ،‬ويف هذه احلالة سيكون هذا الغياب مشمول‬
‫مبقتضيات قانون الضمان االجتماعي وأي فصل لألجري خالله ميكن تكييفه كفصل تعسفي‬
‫أما إذا كان مرض االجري غري مثبت بشهادة طبية كما يف حالة ما إذا دخل االجري‬
‫مرحلة احلجر الصحي بشكل ارادي فإن تغيبه هذا يعترب تغيبا غري مربر ويعترب تبعا‬
‫للمادة ‪ 39‬من م ش من قبيل األخطاء اجلسيمة اليت يرتكبها االجري إذا جتاوز مدة‬
‫الغياب أكثر من ‪ 4‬أيام أو مثانية أنصاف يوم خالل االثين عشر شهرا‪ ،‬ويف حالة حتريك‬

‫‪181‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املشغل ملسطرة اخلطأ اجلسيم واحرتامه اآلجال القانونية‪ ،‬ميكن أن يفصل االجري عن‬
‫العمل ويعترب ذلك فصال مربرا‪ ،‬مبا يعين أن مدونة الشغل مل تتناول حالة احلجر‬
‫الصحي الطوعي‪.‬‬
‫لكن هل ميكن احلد من ولوج أماكن العمل لألجري يف حالة إصابته بهذا املرض‬
‫نتيجة الوباء؟‬
‫جيب على املشغل وفقا للقانون أن مينع االجري الذي مت تسجيل حالة مرضه من‬
‫ولوج أماكن العمل‪ ،‬باعتبار املشغل مسؤوال على نظافة أماكن الشغل وملزما بتوفري شروط‬
‫الوقاية الصحية ومتطلبات السالمة الالزمة للحفاظ على صحة االجراء وجيب على‬
‫املشغل االتصال باجلهات املعنية قصد اختاذ التدابري الالزمة‪.‬‬
‫أما يف حالة ما إذا رفض االجري القيام بعمله بسبب انتشار جائحة كورونا‬
‫فاملدونة مل تتطرق صراحة ألثار ذلك وبالتالي متى رفض االجري أداء العمل لعلة انتشار‬
‫الفريوس يكون قد ارتكب خطأ جسيما خيول للمشغل إمكانية فصله وفق ملقتضيات املادة‬
‫‪ 62‬وما يليها خالفا ملا نصت عليه االتفاقية رقم ‪ 155‬منظمة العمل الدولية اخلاصة‬
‫بالسالمة واليت اقرت حبق االجري يف االنسحاب من العمل كلما كان هناك سبب معقول‬
‫يهدده ويشكل خطر على حياته وعلى صحته‪.‬‬
‫‪-2‬أثر فريوس كورونا على تنفيذ التزامات املشغل‬
‫إذا كان االجري ملزما بالقيام بالعمل باعتباره احد اهم االلتزامات امللقاة على‬
‫عاتقه فإن املشغل بدوره ملزما باحرتام جمموعة من االلتزامات أهمها أداء االجر وتوفري‬
‫الظروف املالئمة للعمل واختاذ مجيع التدابري املمكنة للحفاظ على صحة و سالمة‬
‫االجراء هلذا الغرض جاءت مدونة الشغل مبجموعة من املؤسسات القانونية اليت تسهر‬

‫‪182‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫على حفظ صحة وسالمة االجراء من قبيل طبيب الشغل و جلان الصحة و السالمة وتعزيز‬
‫و تقوية دور مفتشي الشغل لذلك فجائحة كورونا تضع املشغل يف جمموعة من الوضعيات‬
‫تؤثر على التزاماته جتاه االجراء من قبيل‪:‬‬
‫‪-‬اعتماد العمل عن بعد‬
‫تتيح مدونة الشغل يف مادتها ‪ 8‬إمكانية تشغيل االجراء باملنازل لفائدة املشغل‬
‫شريطة توفري شروط الصحة والسالمة واملنصوص عليها يف املرسوم رقم ‪2.12.262‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 10‬يوليوز ‪ 2012‬وكذا توفري التأمني ضد حوادث الشغل طبقا ملقتضيات‬
‫القانون ‪ 18.12‬وشريطة حصول اتفاق بني الطرفني ودون مساس باحلقوق املكتسبة‬
‫الناجتة عن العالقة الشغلية القائمة قبل اللجوء اىل النمط من التشغيل‪.‬‬
‫‪-‬ختفيض مدة عمل االجراء‬
‫ميكن للمشغل للوقاية من االزمات الدورية العابرة ختفيض مدة العمل وفقا‬
‫ملقتضيات املادة ‪ 185‬من مدونة الشغل‪ ،‬مع احرتام شرط استشارة مندوب االجراء واملمثل‬
‫النقابي باملقاولة عند وجودهم‪ ،‬والتزامه بأداء االجر عن مدة الشغل الفعلية على أال يقل‬
‫يف مجيع احلاالت عن ‪ 50‬يف املئة من االجر العادي ما مل تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة‬
‫لألجراء‪.‬‬
‫‪-‬حالة تنظيم العمل بالتناوب‬
‫أجاز املشرع هذه االمكانية وفق املادة ‪ 188‬من مونة الشغل شريطة اال تتجاوز‬
‫املدة املقرر لكل فرقة مثاني ساعات يف اليوم وينبغي ان تكون هذه املدة متصلة مع التوقف‬
‫لفرتة اسرتاحة ال تتعدى الساعة‪.‬‬

‫‪183‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪-‬حالة استفادة االجراء من عطلة سنوية‬


‫يستحق كل اجري قضى ستة أشهر متصلة من الشغل يف نفس املقاولة عطلة سنوية‬
‫مؤدى عنها حتدد مدتها بناء على مقتضيات املادة ‪ 231‬من م ش و ميكن االستفادة من‬
‫العطلة السنوية املودى عنها‪ ،‬خالل أي فرتة من فرتات السنة و يتوىل املشغل حتديد‬
‫تواريخ العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي االجراء و املمثلني النقابيني باملقاولة عند‬
‫وجودهم وميكن جتزئة العطلة السنوية املؤدى عنها أو اجلمع بني أجزاء من مددها على‬
‫مدى سنتني متتاليتني ويتم حتديد تواريخ مغادرة االجراء لشغلهم قصد قضاء عطلهم‬
‫السنوية املؤدى عنها بعد استشارة املعنيني باألمر بناء على مقتضيات املادة ‪ 245‬من‬
‫مدونة الشغل مع ضرورة اشعار مفتش الشغل إذا اقرتنت العطلة باإلغالق الكلي أو‬
‫اجلزئي للمؤسسة وهنا ميكن أن تستفيد املقاولة من هذه االمكانية كإجراء وقائي من‬
‫احلد من انتشار جائحة كورونا وخالل فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬وهنا يستحق االجراء‬
‫اجورهم عن أيام العطلة السنوية‪.‬‬
‫‪-‬االغالق الكلي للمقاولة‬
‫أجاز املشرع يف املادة ‪ 66‬للمشغل امكانية إغالق املقاولة كلما تعلق االمر‬
‫باملقاوالت اليت تشغل اعتياديا ‪ 10‬اجراء أو اكثر ألسباب اقتصادية او تكنولوجيا أو‬
‫هيكلية أو ما مياثلها وفق إجراءات استشارة والتفاوض مع مندوب االجراء او املمثل‬
‫النقابي باملقاولة عند وجودهم أو عرب جلنة املقاولة و توجيه حمضر نتائج املشاورات و‬
‫املفاوضات اىل املندوب اإلقليمي املكلف بالشغل واحلصول على إذن يسلمه عامل العمالة أو‬
‫اإلقليم هلذا ميكن اعتبار جائحة كورونا من األسباب املؤدية لتقليص عدد االجراء‬

‫‪184‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بالتالي فاألجراء يستفيدون من التعويض عن أجل االخطار و التعويض عن الفصل مع‬


‫استفادتهم من حق األولوية يف إعادة تشغليهم‪.‬‬
‫‪-‬االغالق اجلزئي‬
‫بالرجوع اىل مقتضيات املادة ‪ 66‬من م ش جندها تسمح للمشغل ختفيض عدد‬
‫االجراء باملقاولة كلما تعلق االمر باملقاوالت اليت تشغل اعتياديا ‪ 10‬اجراء أو اكثر‬
‫ألسباب اقتصادية او تكنولوجيا أو هيكلية أو ما مياثلها وفق إجراءات استشارة‬
‫والتفاوض مع مندوب االجراء او املمثل النقابي باملقاولة عند وجودهم أو عرب جلنة‬
‫املقاولة و توجيه حمضر نتائج املشاورات و املفاوضات اىل املندوب اإلقليمي املكلف‬
‫بالشغل واحلصول على إذن يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم هلذا ميكن اعتبار جائحة‬
‫كورونا من األسباب املؤدية لتقليص عدد االجراء بالتالي فاألجراء يستفيدون من‬
‫التعويض عن أجل االخطار و التعويض عن الفصل مع استفادتهم من حق األولوية يف‬
‫إعادة تشغليهم‪.‬‬
‫‪-‬إغالق املقاولة بناء على قرار السلطات العمومية‬
‫السلطات العمومية ويف إطار ممارستها لصالحيتها سوآءا يف الظروف العادية او يف‬
‫مرحلة الطوارئ بإمكانها اختاذ جمموعة من القرارات اإلدارية حلفظ النظام العام‬
‫املتجلي يف الصحة العامة وأن متنع بعض األنشطة االقتصادية وتامر بإغالقها مؤقتا وهو‬
‫ما يقع يف العديد من القطاعات االقتصادية باملغرب بسبب جائحة كورونا‪.‬‬
‫من خالل كل ما سبق فعقد الشغل من العقود التبادلية اليت تفرض جمموعة من‬
‫االلتزامات على عاتق طرفيه‪ ،‬وال ميكن التحلل منها اال إذا كانت هنا قوة قاهرة حتول‬
‫دون تنفيذها‪ ،‬ونظرا هلذه األهمية فقد أوىل املشرع من خالل مدونة الشغل أهمية كبرية‬
‫حلاالت إنهاء هذا العقد ملا يرتبه من أثار على االجري من ماسي اجتماعية الشيء الذي‬

‫‪185‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫سيحظى ال حمال بنقاش كبري يف نظر احملاكم فيما يتعلق بتكييف هذه اجلائحة هل‬
‫تعترب قوة قاهرة أم ال؟‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪186‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد احلسني بيكاس‬


‫طالب باحث مباسرت القانون املدني املعمق‬
‫كلية احلقوق ‪ -‬أكادير‬

‫جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة‬


‫العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫كما هو معلوم فإن فريوس كورونا كوفيد ‪ 19‬كان قد ظهر يف الصني أواخر شهر‬
‫دجنرب من السنة الفارطة‪ ،‬وبدأ يف االنتشار يف باقي دول العامل مبا فيها املغرب‪ ،‬ونظرا‬
‫خلطورة هذا الفريوس على الصحة العامة فقد اختذت الدول عدة اجراءات احرتازية‬
‫للحيلولة دون الزيادة يف انتشاره‪ ،‬وذلك من خالل اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫واملغرب كغريه من الدول أعلن عن حالة الطوارئ الصحية من أجل احلفاظ على‬
‫الصحة العامة‪ ،‬ويف هذا اإلطار صدر مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬يتعلق بسن أحكام‬
‫خاصة حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،105‬كما صدر مرسوم رقم‬

‫‪ - 105‬صادر بتاريخ ‪ 28‬رجب ‪ 23( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر بتاريخ‬
‫‪ 29‬رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ )2020‬الصفحة ‪.1782‬‬

‫‪187‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ 2.20.293‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي‬
‫فريوس كورونا كوفيد ‪.10619‬‬
‫وسأقتصر يف هذا املقال على دراسة املادة الرابعة من املرسوم بقانون رقم‬
‫‪ 2.20.292‬واليت جاء فيها‪" :‬جيب على كل شخص يوجد يف منطقة من املناطق اليت‬
‫أعلنت فيها حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات‬
‫العمومية املشار إليها يف املادة الثالثة أعاله‪.‬‬
‫يعاقب على خمالفة أحكام الفقرة السابقة باحلبس من شهر إىل ثالثة أشهر‬
‫وبغرامة ترتاوح بني ‪ 300‬و‪ 1300‬درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني‪ ،‬وذلك دون إخالل‬
‫بالعقوبات اجلنائية األشد‪.‬‬
‫يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية املتخذة‬
‫تطبيقا هلذا املرسوم بقانون‪ ،‬عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو اإلكراه‪ ،‬وكل‬
‫من قام بتحريض الغري على خمالفة القرارات املذكورة يف هذه الفقرة‪ ،‬بواسطة اخلطب أو‬
‫الصياح أو التهديدات املفوه بها يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬أو بواسطة‬
‫املكتوبات أو املطبوعات أو الصور أو األشرطة املبيعة أو املوزعة أو املعروضة للبيع أو‬
‫املعروضة يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬أو بواسطة امللصقات املعروضة على أنظار‬
‫العموم أو بواسطة خمتلف وسائل اإلعالم السمعية البصرية أو االلكرتونية‪ ،‬وأي وسيلة‬
‫أخرى تستعمل هلذا الغرض دعامة الكرتونية"‪.‬‬
‫ويف ضوء ما سبق ميكن أن نتساءل حول فلسفة املشرع من وراء سن أحكام هذه‬
‫املادة؟ وكذا التساؤل حول نطاق تطبيقها؟ ولإلجابة على هاذين السؤالني سأتطرق يف‬

‫‪ - 106‬صادر بتاريخ ‪ 29‬رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ ،)2020‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6867‬مكرر بتاريخ‬
‫‪ 29‬رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ )2020‬الصفحة ‪.1783‬‬

‫‪188‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املطلب األول لفلسفة املشرع من وراء سن املادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة‬
‫الطوارئ الصحية‪ ،‬قبل أن أتطرق يف املطلب الثاني لنطاق التجريم الوارد باملادة الرابعة‬
‫من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‬
‫املطلب األول‪ :‬فلسفة املشرع من وراء سن املادة الرابعة من املرسوم‬
‫بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‬
‫إن تضمني املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية للمادة الرابعة واليت‬
‫مبقتضاها مت جتريم عدم التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية خالل‬
‫فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬ال ميكن أن يفهم منه إال عدم كفاية املقتضيات الواردة مبجموعة‬
‫لردع هذه األفعال اجلرمية‪ ،‬ويف هذا اإلطار يطرح التساؤل حول‬ ‫اجلنائي‪107‬‬
‫القانون‬
‫جرمية العصيان‪ ،‬ومدى إمكانية انطباقها على احلاالت اليت يتم فيها خرق قرارات‬
‫السلطات العمومية املتعلقة حبالة الطوارئ الصحية؟‬
‫إن اإلجابة على هذا السؤال تقتضي منا الرجوع للمقتضيات القانونية املنظمة‬
‫جلرمية العصيان‪ ،‬وموقف قضاء حمكمة النقض منها‪ ،‬للوقوف على مدى قابليتها‬
‫للتطبيق على احلاالت اليت ال يلتزم فيها األفراد باالمتثال ألوامر السلطة العامة خالل‬
‫حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫فقد نظمت جرمية العصيان يف الفرع الثاني من الباب اخلامس من اجلزء األول من‬
‫الكتاب الثالث من جمموعة القانون اجلنائي‪ ،‬وبالضبط من الفصل ‪ 300‬إىل الفصل ‪،308‬‬
‫ويف هذا اإلطار نص الفصل ‪ 300‬من اجملموعة على ما يلي‪" :‬كل هجوم أو مقاومة‪،‬‬
‫بواسطة العنف أو اإليذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمني بتنفيذ األوامر أو‬

‫‪ - 107‬ظهير شريف رقم ‪ 1.59.413‬صادر بتاريخ ‪ 28‬جمادى الثانية ‪ 26( 1382‬نونبر ‪ )1962‬بالمصادقة على‬
‫مجموعة القانون الجنائي‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2640‬مكرر بتاريخ ‪ 12‬محرم ‪ 5( 1383‬يونيو‬
‫‪ )1963‬الصفحة ‪.1253‬‬

‫‪189‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمني بتنفيذ القوانني أو النظم أو أحكام القضاء أو‬
‫قراراته أو األوامر القضائية يعترب عصيانا‪ .‬والتهديد بالعنف يعترب مماثال للعنف‬
‫نفسه"‪.‬‬
‫كما نصت الفقرة األوىل من الفصل ‪ 308‬من القانون اجلنائي على أنه‪" :‬كل من قاوم‬
‫تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب باحلبس من شهرين إىل‬
‫ستة أشهر وبغرامة ال تقل عن مائيت درهم وال تتجاوز ربع مبلغ التعويضات"‪.‬‬
‫انطالقا من الفصلني السالفي الذكر‪ ،‬فاملشرع املغربي يكون قد عرف العصيان بكونه‬
‫كل هجوم أو مقاومة‪ ،...‬ويف هذا اإلطار يطرح التساؤل حول ماهية اهلجوم واملقاومة‬
‫وهل يكفي جمرد االمتناع وعدم االمتثال ألمر السلطة العامة للقول بتحقق اهلجوم‬
‫واملقاومة؟‬
‫يقال يف اللغة العربية قاوم مبعنى‪ :‬تصدى وجابه وحارب وصارع وقارع‪ ،‬وهي‬
‫نقيض استسلم ورضخ وخضع‪ ،‬فيقال قاوم أعداء بالده مبعنى ناضل ضدهم وقاومهم‪،‬‬
‫ويقال أيضا يقاوم اجلسد املرض مبعنى يواجهه ويصارعه‪ ،‬أما معنى كلمة هاجم فهو‬
‫مصطلح مبعنى‪ :‬غزا واقتحم واجتاح‪ ،‬وهاجم هي نقيض انكسر وتراجع وانغلب‪ ،‬فيقال‬
‫يف اللغة العربية هاجم العدو مبعنى‪ :‬اندفع حنوه فجأة دون ترقب‪ ،‬ويقال هاجم اجليش‬
‫املدينة مبعنى‪ :‬اكتسحها واجتاحها‪ ،‬ويقال أيضا هامجه مبعنى‪ :‬انقض عليه‪.108‬‬
‫ومنه فإن اهلجوم واملقاومة كأفعال تقوم عليها جرمية العصيان ال ميكن أن تتحقق‬
‫مبجرد االمتناع أو اإلعراض عن االستجابة ألوامر السلطة العامة‪ ،‬بل البد وأن يصاحب‬
‫ذلك فعل معني خيرجه من طابعه السليب‪ ،‬ويكون ذلك غالبا من خالل اللجوء لوسائل‬
‫العنف اليت جتسد بشكل فعلي املعنى احلقيقي ملصطلحي اهلجوم واملقاومة‪.‬‬
‫‪ - 108‬موقع معجم المعاني‪ ،www.almaany.com ،‬تاريخ االطالع‪ ،2020/03/28 :‬على الساعة‪.18:30 :‬‬

‫‪190‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وهو ما أكده املشرع املغربي حينما نص يف الفصل ‪ 300‬من جمموعة القانون‬


‫اجلنائي على ضرورة أن يتحقق اهلجوم أو املقاومة بالعنف أو اإليذاء أو التهديد بالعنف‬
‫والذي اعتربه املشرع اجلنائي مماثال للعنف نفسه‪ ،‬ومبفهوم املخالفة هلذا الفصل فإن‬
‫غياب العنف أو اإليذاء أو التهديد بالعنف‪ ،‬يؤدي بالتبعية إىل انعدام وجود اهلجوم‬
‫واملقاومة كأحد العناصر األساسية لقيام جرمية العصيان‪ ،‬والقول خبالف ذلك خيرق أحد‬
‫أهم القواعد اليت تقوم عليه املادة اجلنائية وهي قاعدة عدم التوسع يف تفسري النص‬
‫اجلنائي‪.‬‬
‫وهو التوجه الذي دأبت عليه حمكمة النقض‪ ،‬ويف هذا الصدد جاء يف قرار هلا ما‬
‫يلي‪" :‬فالظاهر من التعليل أنه جعل من جمرد قيام الظنني مبنع اخلبري من الدخول إىل‬
‫العقار ملعاينته مقاومة ألشغال أمرت بها السلطة العامة‪ ،‬دون أخذ بعني االعتبار أن‬
‫مقاومة شخص أو أمر كيفما كانت طبيعته يعين استعمال العنف أو التهديد أو الوعيد أو‬
‫غريه من مظاهر القوة والعنف والصالبة وغريه‪ ،‬مما يبعث يف نفس الشخص املقاوم‬
‫الرهبة واخلوف مما يثنيه عن مواصلة مقصده ومهمته"‪.109‬‬
‫وهو ما أكده حكم حديث صادر عن احملكمة االبتدائية بوجدة يوم االثنني ‪30‬‬
‫مارس ‪ 2020‬وقد جاء فيه‪" :‬وحيث ينبغي التأكيد بداية أن العصيان وفق صحيح القانون‬
‫يقوم وجودا وعدما بثبوت سلوك مادي إجيابي وأن املقرر يف قضاء حمكمة النقض أن‬
‫املقاومة السلبية ال تعترب جرما معاقب عليه وفق أحكام الفصل ‪ 300‬املذكور"‪.110‬‬

‫‪ - 109‬قرار عدد ‪ ،1089‬ملف جنحي عدد ‪ ،2012/3/6/10221‬صادر بتاريخ ‪ ،2012/10/31‬منشور بمجلة‬


‫قضاء محكمة النقض‪ ،‬العدد ‪ ،76‬الصفحة ‪ 300‬إلى ‪.303‬‬
‫‪ - 110‬حكم صادر في الملف الجنحي التلبسي ‪ ،2020/466‬منشور بالموقع االلكتروني‬
‫‪ www.maroclaw.com‬اطلع عليه يوم ‪ ،2020/03/31‬على الساعة ‪.22:30‬‬

‫‪191‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫جوابا على اإلشكال املطروح سلفا‪ ،‬نصل إىل أن خرق األوامر والقرارات املتخذة من‬
‫طرف السلطة العامة وعدم االمتثال هلا‪ ،‬مبا فيها تلك املتخذة يف حالة الطوارئ‬
‫الصحية‪ ،‬إن هو كان من خالل العنف أو اإليذاء أو التهديد بالعنف أو غريها من‬
‫الوسائل اليت تكتسي طابع القوة‪ ،‬فإن ذلك يكيف بدون أدنى شك على أنه جرمية‬
‫عصيان‪ ،‬لكن األمر خبالف ذلك إن كان االمتناع جمردا من العنف وغري مقرتن به‪،‬‬
‫حيث واحلالة هذه ال تسعف النصوص القانونية املنظمة جلرمية العصيان يف مؤاخذة‬
‫املعين باألمر‪.‬‬
‫ومن هنا جاءت املادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‬
‫من أجل سد هذا النقص‪ ،‬واليت من خالهلا ميكن متابعة كل شخص مل يتقيد بقرارات‬
‫السلطات العمومية املتعلقة حبالة الطوارئ الصحية‪ ،‬واحلكم عليه بالعقوبات املقررة يف‬
‫هذه املادة‪ ،‬ولو مل يكن ذلك مقرتنا بالعنف أو اإليذاء‪.‬‬
‫فإذا كانت األحكام العامة جلرمية العصيان ال تسعف يف مؤاخذة املعين باألمر‪ ،‬إن‬
‫كان خرق قرارات السلطات العامة متحققا مبجرد االمتناع فقط وعلى درجة من البساطة‪،‬‬
‫فإن هذا اخلرق اليسري أصبح معاقبا عليه يف حالة الطوارئ الصحية على األقل‪ ،‬نظرا‬
‫ألهمية هذه القرارات يف حفظ الصحة العامة‪.‬‬
‫وعليه فإذا كانت جرمية العصيان جرمية إجيابية كما استقر على ذلك قضاء‬
‫حمكمة النقض‪ ،‬حيث البد من مقاومة وهجوم عن طريق اإليذاء أو العنف أو التهديد‬
‫به‪ ،‬فإن جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خال فرتة الطوارئ الصحية‬
‫هي جرمية سلبية‪ ،‬تقوم مبجرد عدم االمتثال لتلك األوامر والقرارات‪.‬‬

‫‪192‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وما يعضد ذلك أن الفقرة الثانية من املادة السالفة الذكر قد صيغت بكيفية مرنة‪،‬‬
‫فلم يستعمل املشرع مصطلحات "مقاومة أو هجوم"‪ ،‬كما أنه مل يشرتط أن تكون خمالفة‬
‫أوامر السلطة العامة مقرونا بالعنف أو ما شبه‪ ،‬بل جعل أي خمالفة لتلك األوامر موجبا‬
‫لتطبيق العقوبات املنصوص عليها يف نفس املادة‪.‬‬
‫ومرد ذلك باألساس أن القرارات اليت تتخذها السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ‬
‫الصحية إمنا تهدف باألساس إىل محاية املصلحة العامة‪ ،‬وضمان سالمة اجملتمع من‬
‫تفشي األمراض واألوبئة املعدية‪ ،‬ومن مت ارتأى املشرع ضرورة عقاب كل من خولت له‬
‫نفسه خرق هذه األوامر والقرارات ولو كان ذلك اخلرق خاليا من العنف أو اإليذاء أو‬
‫التهديد به‪ ،‬نظرا ملا ينتج عن ذلك من اضطراب اجتماعي‪.111‬‬
‫ويف هذا الصدد جاء يف حيثيات احلكم الصادر عن ابتدائية وجدة املشار له سابقا ما‬
‫يلي‪" :‬خبصوص جنحة عدم التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطة العامة يف‬
‫منطقة أعلنت فيها حالة الطوارئ الصحية ‪ ....‬وحيث أن قيام املتهمني بالتجمع داخل‬
‫منزل مهجور من أجل االحتفال باملتهم (م‪.‬ك) مبناسبة اإلفراج عنه من السجن يشكل‬
‫تهديدا حقيقيا على الصحة العمومية‪ ،‬وجيهض االجراءات االحرتازية املتخذة ملواجهة‬
‫الوضع االستثنائي املتعلق خبطر تفشي جائحة فريوس كورونا"‪.‬‬
‫وقد عادت الفقرة الثالثة من نفس املادة ونصت على تطبيق نفس العقوبات على من‬
‫عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية املتخذة مبناسبة حالة الطوارئ الصحية عن‬
‫طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو اإلكراه‪ ،‬وهو حتصيل حاصل ما دام األمر هنا‬
‫جمرم أصال يف جمموعة القانون اجلنائي‪ ،‬حيث بعد سرد املشرع للعقوبة املقررة ملخالفة‬

‫‪ - 111‬نص الفصل األول من القانون الجنائي على أنه‪" :‬يحدد التشريع الجنائي أفعال اإلنسان التي يعدها جرائم‪،‬‬
‫بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي‪ ،‬ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية"‪.‬‬

‫‪193‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوامر السلطة العامة‪ ،‬عاد لينص على أن ذلك ال حيول دون تطبيق العقوبات اجلنائية‬
‫األشد الواردة بالقانون اجلنائي‪.‬‬
‫هذا ويثار سؤال حول احلالة اليت يقاوم فيها شخص بالقوة والعنف أو التهديد‬
‫به تنفيذ أوامر وقرارات السلطات العامة مبناسبة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬فهل خيضع‬
‫لألحكام املتعلقة جبرمية العصيان أم لتلك الواردة باملادة الرابعة من املرسوم بقانون‬
‫املتعلق حبالة الطوارئ الصحية ما دامت شروط تطبيق النصني السابقني متوفرة؟‬
‫جييبنا على هذا السؤال الفصل ‪ 118‬من القانون اجلنائي والذي جاء فيه‪" :‬الفعل‬
‫الواحد الذي يقبل أوصافا متعددة جيب أن يوصف بأشدها"‪ ،‬وعليه فإن الفعل خيضع‬
‫ألحكام جرمية العصيان باعتبارها الوصف األشد‪ ،‬حيث عاقب عليها املشرع مبوجب‬
‫الفصل ‪ 308‬من القانون اجلنائي باحلبس من شهر إىل ستة أشهر وغرامة ال تقل عن‬
‫مائيت درهم‪ ،‬خالفا للمادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‬
‫حيث العقوبة من شهر إىل ثالثة أشهر إضافة للغرامة‪ ،‬كما أنها خريت القاضي بني‬
‫احلكم باحلبس والغرامة معا أو إحداهما فقط‪ ،‬خالفا جلرمية العصيان حيث يكون‬
‫القاضي ملزما باحلكم بالعقوبة احلبسية والغرامة معا‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬نطاق التجرمي الوارد باملادة الرابعة من املرسوم‬
‫بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‬
‫كما هو معلوم فإن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت عن حالة الطوارئ الصحية‬
‫بتاريخ اجلمعة ‪ 20‬مارس ‪ ،2020‬غري أن املرسوم بقانون املتعلق بسن أحكام خاصة‬
‫حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها مل ينشر باجلريدة الرمسية إال بتاريخ‬
‫‪ 24‬مارس ‪ ،2020‬وعليه فإن األفعال اإلجرامية اليت تدخل يف التكييف القانوني للمادة‬
‫الرابعة من املرسوم بقانون السالف الذكر‪ ،‬هي تلك املرتكبة بعد نشر هذا املرسوم‬

‫‪194‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫باجلريدة الرمسية‪ ،‬أما تلك املرتكبة قبل هذا التاريخ فال تطبق عليها إال أحكام جرمية‬
‫العصيان إن هي توفرت شروط تطبيقها‪.‬‬
‫ذلك أن القوانني اجلنائية – وكغريها من القوانني‪ -‬ال تسري بأثر رجعي‪ ،‬وهو ما‬
‫أكده الفصل الرابع من القانون اجلنائي الذي جاء فيه‪" :‬ال يؤاخذ أحد على فعل مل يكن‬
‫جرمية مبقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه"‪ ،‬كما نصت الفقرة األخرية من‬
‫الفصل السادس من الدستور املغربي‪ 112‬على أنه‪" :‬ليس للقانون أثر رجعي"‪.‬‬
‫أما عن النطاق الزمين لنهاية ارتكاب األفعال اجلرمية املوجبة لتطبيق املادة‬
‫الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية فقد حدد يف ‪ 20‬أبريل ‪2020‬‬
‫يف الساعة السادسة مساء‪ ،‬حسب املادة األوىل من املرسوم رقم ‪ 20.293.2‬املتعلق بإعالن‬
‫حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء الرتاب الوطين ملواجهة تفشي فريوس كورونا‬
‫(كوفيد ‪ ،)19‬وذلك ما مل يقع متديد أجل حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن نطاق التطبيق الزمين للمادة الرابعة من املرسوم بقانون‬
‫املتعلق حبالة الطوارئ الصحية ال ينتهي مبجرد نهاية فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬بل ميتد‬
‫إىل ما بعد نهاية هذه الفرتة‪ ،‬وذلك من أجل حتريك الدعوى العمومية يف مواجهة‬
‫األشخاص الذين خرقوا قرارات السلطات العامة خالل تلك الفرتة‪ ،‬وهو ما نص عليه‬
‫الفصل السابع من القانون اجلنائي الذي جاء فيه‪" :‬ال تشمل مقتضيات الفصلني ‪ 5‬و‪6‬‬
‫القوانني املؤقتة اليت تظل ولو بعد انتهاء العمل بها سارية على اجلرائم املرتكبة خالل‬
‫مدة تطبيقها"‪ ،‬أما عن نطاقها الرتابي فإنه يشمل كل الرتاب الوطين‪ ،‬مادامت املادة‬

‫‪ - 112‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.91‬صادر في ‪ 27‬شعبان ‪ 29( 1432‬يوليوز ‪ )2011‬بتنفيذ نص الدستور‪،‬‬


‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر بتاريخ ‪ 28‬شعبان ‪ 30( 1432‬يوليوز ‪ )2011‬الصفحة ‪،3600‬‬
‫كما نصت الفقرة الخامسة من الفصل السادس من الدستور على ما يلي‪" :‬تعتبر دستورية القواعد القانونية‪،‬‬
‫وتراتبيتها‪ ،‬ووجوب نشرها مبادئ ملزمة"‪.‬‬

‫‪195‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األوىل من املرسوم رقم ‪ 2.20.293‬السالف الذكر قد أعلنت حالة الطوارئ الصحية‬


‫بسائر أرجاء الرتاب الوطين‪.‬‬
‫وحسب الفقرة األوىل من املادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ‬
‫الصحية فإن االمتناع عن التقيد بأوامر وقرارات السلطات العمومية والذي يوجب تطبيق‬
‫العقوبة املنصوص عليها بالفقرة الثانية من نفس املادة‪ ،‬هي األوامر اليت تتخذ يف نطاق‬
‫املادة الثالثة من نفس املرسوم‪ ،‬أي تلك اليت يكون الغرض منها احليلولة دون تفاقم‬
‫احلالة الوبائية للمرض وتعبئة مجيع الوسائل املتاحة حلماية األشخاص وضمان‬
‫سالمتهم‪.‬‬
‫ومن أمثلة تلك التدابري جند ما يتعلق مبنع مغادرة األشخاص حملل سكناهم إال‬
‫يف حاالت الضرورة القصوى‪ ،‬كما هو احلال بالنسبة للتنقل من حمل السكن ملقر العمل‪،‬‬
‫أو التنقل ألسباب عائلية ملحة‪ ،‬أو قصد اقتناء املنتجات والسلع الضرورية للمعيشة أو‬
‫اقتناء مواد طبية من الصيدليات‪ ،‬إضافة إىل منع التجمهرات‪.113‬‬
‫وعليه فإن خمالفة التدابري السالفة الذكر وغريها من التدابري األخرى املتخذة‬
‫بشأن حالة الطوارئ الصحية تشكل الركن املادي جلنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات‬
‫السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‪ ،114‬ومبفهوم املخالفة فإن أوامر وقرارات‬
‫السلطات العمومية اليت ال يربطها أي صلة حبالة الطوارئ الصحية تبقى خارجة عن‬

‫‪ - 113‬المادة الثانية من المرسوم رقم ‪ 293.2.20‬المتعلق بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب‬
‫الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا (كوفيد ‪.)19‬‬
‫‪ - 114‬جاء في حيثيات الحكم الصادر عن ابتدائية وجدة المشار له سابقا ما يلي‪" :‬ويفهم أيضا من محضر المعاينة‬
‫واالنتقال أن عملية إيقاف المتهمين تمت في حدود الساعة ‪ 19‬و‪ 30‬د مساء دون أن يثبتوا بوثيقة إدارية أن‬
‫خروجهم كان بسبب اقتناء مشتريات ضرورية للمعيش اليومي في محيط مقر سكناهم أو تلقي العالجات‬
‫الضرورية أو اقتناء األدوية من الصيدليات مخالفين بذلك التقيد باألوامر والقرارات الصادرة عن السلطات‬
‫العمومية القاضية بمنع الخروج من المنزل بعد الساعة ‪ 18‬مساء"‪.‬‬

‫‪196‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫نطاق التجريم الوارد باملادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية‪،‬‬
‫وتبقى خاضعة للقواعد العامة‪.‬‬
‫إضافة إىل ضرورة توفر الركن املعنوي واملتمثل يف القصد اجلنائي‪ ،‬ذلك أن جنحة‬
‫عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية هي جنحة‬
‫عمدية مادام املشرع مل ينص على إمكانية العقاب عليها إن ارتكبت بشكل غري‬
‫متعمد‪ ،115‬ويتحقق القصد اجلنائي بتوجيه اجلاني إرادته الرتكاب اجلرمية‪ ،‬مع علمه‬
‫حبقيقة هذه األخرية من الناحية الواقعية والقانونية‪ ،116‬ومن مت فإنه يصعب بشكل‬
‫كبري على املتهم أن يثبت انتفاء القصد لديه خبرق االجراءات اليت أمرت بها السلطة‪،‬‬
‫أو كونه ال يعلم بالواقعة اإلجرامية من الناحية القانونية أو الواقعية‪ ،‬خاصة وأن حالة‬
‫الطوارئ الصحية واجراءاتها هي حديث الساعة ال من طرف وسائل اإلعالم فحسب بل‬
‫حتى بني أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫وتطبق نفس العقوبات على كل من قام بتحريض الغري على خمالفة قرارات‬
‫السلطة العامة املتخذة مبناسبة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬سواء كان ذلك بواسطة اخلطب‬
‫أو الصياح أو التهديدات املفوه بها يف األماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬أو بواسطة‬
‫املكتوبات أو املطبوعات أو الصور أو األشرطة املبيعة أو املوزعة أو املعروضة للبيع يف‬
‫األماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬أو بواسطة امللصقات املعروضة على أنظار العموم أو‬

‫‪ - 115‬نصت الفقرة األولى من الفصل ‪ 133‬من القانون الجنائي على ما يلي‪" :‬الجنايات والجنح ال يعاقب عليها‬
‫إال إذا ارتكبت عمدا‪ ،‬إال أن الجنح التي ترتكب خطأ يعاقب عليها بصفة استثنائية في الحاالت الخاصة التي‬
‫ينص عليها القانون"‪.‬‬
‫‪ - 116‬عبد الواحد العلمي‪" ،‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ ،‬القسم العام‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة السابعة ‪ ،2016‬الصفحة ‪.223‬‬

‫‪197‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بواسطة خمتلف وسائل اإلعالم السمعية البصرية أو االلكرتونية‪ ،‬وأي وسيلة أخرى‬
‫تستعمل هلذا الغرض دعامة إلكرتونية‪.117‬‬
‫وجتدر اإلشارة أيضا إىل أن العقوبة اليت قررها املشرع جلرمية عدم التقيد بأوامر‬
‫وقرارات السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬هي احلبس من شهر إىل ثالثة‬
‫أشهر وغرامة من ‪ 300‬إىل ‪ 1300‬درهم أو بإحدى هاتني العقوبتني فقط‪ ،‬وعليه فإن‬
‫املشرع يكون قد جعل من اجلرمية السالفة الذكر جنحة ضبطية استنادا إىل الفصل‬
‫‪ 118111‬من القانون اجلنائي‪.‬‬
‫وعليه فإن االختصاص النوعي بالنظر فيها ينعقد للمحاكم االبتدائية حسب املادة‬
‫‪ 119252‬من قانون املسطرة اجلنائية‪ ،120‬وتستأنف األحكام الصادرة بصددها أمام غرفة‬
‫االستئنافات بنفس احملكمة حسب الفقرة األخرية من املادة ‪ 121253‬من قانون املسطرة‬
‫اجلنائية‪ ،‬اللهم إذا كانت هذه اجلنحة مرتبط جبناية حينها ينعقد االختصاص لغرفة‬
‫اجلنايات االبتدائية‪ 122‬مبحكمة االستئناف‪.‬‬

‫‪ - 117‬الفقرة األخيرة من المادة الرابعة من مرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫‪ - 118‬جاء في هذا الفصل‪" :‬الجرائم إما جنايات أو جنح تأديبية أو جنح ضبطية أو مخالفات على النحو االتي‪... :‬‬
‫الجريمة التي يعاقب عليها القانون بحبس حده األقصى سنتان أو أقل أو بغرامة تزيد عن ألف ومائتي درهم تعد‬
‫جنحة ضبطية"‪.‬‬
‫‪ - 119‬تنص هذه المادة على ما يلي‪" :‬تختص المحاكم االبتدائية بالنظر في الجنح والمخالفات"‪.‬‬
‫‪ - 120‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.255‬صادر بتاريخ ‪ 25‬رجب ‪3( 1423‬أكتوبر ‪ )2002‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 22.01‬المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5078‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬ذي القعدة‬
‫‪ 30( 1423‬يناير ‪ ،)2003‬الصفحة ‪.315‬‬
‫‪ - 121‬والتي نصت على أنه‪" :‬استثناء من أحكام الفقرة االولى تختص غرفة االستئنافات بالمحكمة االبتدائية‬
‫بالنظر في االستئنافات المرفوعة ضد األحكام الصادرة ابتدائيا عن المحاكم االبتدائية في قضايا المخالفات‬
‫المشار إليها في المادة ‪ 396‬بعده‪ ،‬وفي القضايا الجنحية التي ال تتجاوز عقوبتها سنتين حبسا وغرامة أو إحدى‬
‫هاتين العقوبتين فقط"‪.‬‬
‫‪ - 122‬المادة ‪ 416‬من قانون المسطرة الجنائية‪" :‬تختص غرفة الجنايات بمحكمة االستئناف بالنظر تطبيقا للمادة‬
‫‪ 254‬أعاله في الجنايات والجرائم التي ال يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها وفقا لمقتضيات المواد من ‪255‬‬
‫إلى ‪ 257‬من هذا القانون"‪.‬‬

‫‪198‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما أن مدة تقادم هذه اجلرمية باعتبارها جنحة هي أربع سنوات ميالدية كاملة‬
‫تبتدئ من يوم ارتكاب اجلنحة‪ ،123‬كما جتدر اإلشارة إىل أن املادة السادسة من املرسوم‬
‫بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية قد نصت على وقف مجيع األجال املنصوص عليها‬
‫يف النصوص التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية‬
‫املعلن عنها‪ ،‬ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم املوالي ليوم رفع حالة الطوارئ‬
‫املذكورة‪ ،124‬ليطرح السؤال حول أمد تقادم هذه اجلنحة أهو مشمول بهذا بالوقف؟‬
‫يرى البعض أن البون شاسع بني مؤسسيت االجل والتقادم‪ ،‬فاألول ذو طبيعة‬
‫اجرائية مقرر ملمارسة اجراءات قانونية كالطعون‪ ،‬والتقادم ذو طبيعة موضوعية مسنون‬
‫ملمارسة احلق يف إقامة الدعاوى واملطالبة باحلقوق‪ ،‬ومن مت فالوقف ال يشمل مدة تقادم‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬بينما يذهب البعض األخر إىل القول بأنه ال فرق بني األجل والتقادم‬
‫ومن مت فإن هنا الوقف يطال مدة تقادم الدعوى العمومية‪.125‬‬
‫ونعتقد أن الوقف ال يشمل مدة تقادم الدعوى العمومية ذلك أنه بالرجوع للفقرة ما‬
‫قبل األخرية من قانون املسطرة اجلنائية جندها تنص على ما يلي‪" :‬تتوقف مدة تقادم‬
‫الدعوى العمومية إذا كانت استحالة إقامتها ترجع إىل القانون نفسه"‪ ،‬وميثل لذلك‬
‫بعض الفقه‪ 126‬باحلالة اليت ترتكب فيها جرمية وقبل تقادمها يصبح اجملرم متمتعا‬
‫باحلصانة فال تستطيع النيابة العامة حتريك الدعوى العمومية لسبب قانوني وهو‬
‫احلصانة‪ ،‬وعليه تتوقف مدة التقادم وال تستأنف إال بعد زوال احلصانة عن اجملرم‪.‬‬

‫‪ - 123‬المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪ - 124‬باستثناء أجال الطعن باالستئناف الخاصة بقضايا األشخاص المتابعين في حالة اعتقال‪ ،‬وكذا مدد الوضع‬
‫تحت الحراسة النظرية واالعتقال االحتياطي‪.‬‬
‫‪ - 125‬يوسف قجاج‪" ،‬وقف تقادم الدعوى العمومية في ظل حالة الطوارئ الصحية"‪ ،‬مقال منشور بموقع‬
‫‪ ،WWW.HESPRESS.COM‬اطلع عليه بتاريخ ‪ ،2020/03/28‬على الساعة ‪.23:05‬‬
‫‪ - 126‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة لنجاح‬
‫الجديدة بالدار البيضاء‪ ،‬الطبعة السابعة ‪.2018‬‬

‫‪199‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فحسب الفقرة ما قبل األخرية من املادة السادسة من قانون املسطرة اجلنائية فإن‬
‫توقف أجل التقادم يكون يف حالة استحالة حتريك الدعوى العمومية لسبب قانوني‪،‬‬
‫وكما هو معلوم فإن املادة السادسة من مرسوم بقانون املتعلق حبالة الطوارئ الصحية مل‬
‫تنص على أي مقتضى من شأنه تقييد إقامة الدعوى العمومية وغل يد النيابة العامة يف‬
‫حتريكها‪ ،‬بل على العكس من ذلك فإن النيابات العامة حترك الدعاوى العمومية بشأن‬
‫كل اجلرائم الواقعة خالل هذه الفرتة مبا فيها جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة‬
‫العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‪ ،‬صحيح قد تكون الوضعية اليت متر منها البالد‬
‫سببا يف تعذر حتريك الدعوى العمومية يف بعض احلاالت‪ ،‬لكن ذلك ال ينهض سببا‬
‫لوقف تقادم الدعوى العمومية ما دام سببا واقعيا‪ ،‬وكما هو معلوم فإن املشرع املغربي‬
‫قصر أسباب وقف الدعوى العمومية على األسباب القانونية دون الواقعية‪.‬‬
‫كما يالحظ أن هذه اجلنحة تتوفر فيها الشروط اليت حددها املشرع املغربي‬
‫مبوجب املادة ‪ 41‬من قانون املسطرة اجلنائية إلمكانية اللجوء للصلح‪ ،127‬حيث ميكن‬
‫لوكيل امللك باحملكمة االبتدائية يف حالة تنازل املتضرر أو عند عدم وجوده أصال (وهذه‬
‫هي احلالة الغالبة)‪ ،‬أن يقرتح على املشتبه فيه صلحا يتمثل يف إصالح الضرر الناتج عن‬
‫اجلريم أو أداء نصف احلد األقصى للغرامة املقررة قانون للجرمية (أي ‪ 650‬درهما)‪،‬‬
‫وإن هو وافق على ذلك حرر وكيل امللك حمضرا بذلك حيال على رئيس احملكمة‬
‫االبتدائية أو من ينوب عنه للمصادقة عليه مبقتضى أمر غري قابل ألي طعن‪ ،‬ويرتتب‬
‫عن ذلك وقف إقامة الدعوى العمومية اليت ميكن لوكيل امللك إقامتها يف حالة عدم‬

‫‪ - 127‬ويتعلق األمر بالجرائم المعاقب عليها بسنتين سجنا أو أقل أو بغرامة ال يتجاوز حدها األقصى ‪5000‬‬
‫درهم‪.‬‬

‫‪200‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املصادقة على الصلح من طرف رئيس حملكمة أو من ينوب عنه‪ ،‬أو إذا ظهرت عناصر‬
‫جديدة متس الدعوى العمومية ما مل تكن هذه األخرية قد تقادمت‪.‬‬
‫وعليه فقد جتد النيابات العامة أنه من األحسن اللجوء للصلح املقرتح الذي تسمح‬
‫به املادة ‪ 41‬من قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬وذلك خاصة يف حالة كثرة املتابعات‪ ،‬حيث‬
‫تكون مسطرة الصلح بسيطة وسريعة مقارنة مع شكليات ممارسة الدعوى العمومية اليت‬
‫تتميز بطول االجراءات‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫تكمن فلسفة املشرع وراء سن املادة الرابعة من املرسوم بقانون املتعلق حبالة‬
‫الطوارئ الصحية‪ ،‬يف معاقبة وزجر كل من خالف أوامر وقرارات السلطة العامة خالل‬
‫فرتة الطوارئ الصحية ولو مبجرد االمتناع السليب اجملرد عن املقاومة‪ ،‬حيث تكون هذه‬
‫القرارت على قدر من األهمية بالنسبة لصحة وحياة املواطنني‪.‬‬
‫وإن مناط سن املادة الرابعة السالفة الذكر يربز من خالل جهتني‪ ،‬فمن جهة أوىل‬
‫احرتام مبدأ الشرعية اجلنائية الذي ميتنع مبقتضاه متابعة شخص عن أفعال غري‬
‫جمرمة قانونا‪ ،‬ومن جهة ثانية ضمان احرتام األفراد للقرارات املتخذة مبناسبة حالة‬
‫الطوارئ الصحية فإن كان بعضهم حيرتم هذه القرارات اختيارا وطوعا وعيا منه‬
‫بأهميتها‪ ،‬فإن البعض األخر لن حيرتمها إال خوفا من العقاب الذي سيوقع عليه إن هو‬
‫خالفها‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪201‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد احلسني كزاز‬


‫طالب باحث مباسرت املنازعات‬
‫القانونية والقضائية‬

‫فريوس كرونا والكتاب اخلامس‬


‫من مدونة التجارة‬
‫متهيد‪:‬‬
‫عمل املغرب على إدخال عدة إصالحات همت على اخلصوص اجملاالت اليت هلا‬
‫ارتباط مبيدان املال واالعمال‪ ،‬وذلك بهدف حتسني األسس والقواعد اليت تساعد على‬
‫بناء اقتصاد قوي‪.‬‬
‫وبعدما كان االنشغال على استمرار توفري األرضية املناسبة عن طريق وضع آليات‬
‫تهدف إىل إقرار مناخ قانوني واقتصادي قوي‪ ،‬اصطدم املغرب على غرار باقي دول العامل‬
‫مبا يسمى فريوس كورونا املستجد (كوفيد _‪ ،)19‬الذي اكتسح العامل خلطورته وسرعة‬
‫انتشاره‪ ،‬الشيء الذي كسر اجلهود املبذولة للنهوض باجملال االقتصادي يف خمتلف‬

‫‪202‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أقطار املعمور‪ .‬فهو إذن ليس فقط أزمة صحية‪ ،‬أو سياسية‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬بل تعداه‬
‫ليصبح أزمة اقتصادية ستتكبد مرارتها خمتلف شرائح اجملتمع‪.‬‬
‫ففي ظل حالة الطوارئ الصحة املعلن عنها يف البالد‪ ،‬توقفت العديد من العالقات‬
‫التجارية الدولية من وإىل املغرب‪ ،‬وعرفت الكثري من املقاوالت العابرة للحدود واملستقرة‬
‫باملغرب حاالت توقف اضطراري‪ ،‬أضف إىل ذلك جمموعة من الشركات العاملة يف‬
‫العديد من القطاعات اإلنتاجية‪.128‬‬
‫وبناء عليه ميكن طرح االشكالية التالية ‪ :‬أي تأثري لوباء كورنا على السري‬
‫العادي للمقاوالت ؟‬
‫ملعاجلة هذه اإلشكالية نتبع التقسيم التالي‪ :‬املطلب االول‪ :‬األثر االقتصادي‬
‫لوباء كورونا على املقاولة‪ .‬املطلب الثاني‪ :‬تأثري وباء كورونا على اآلجال املسطرية‬
‫املطلب األول‪ :‬األثر االقتصادي لفريوس كورونا على املقاولة‬
‫من املعلوم أن فريوس كورونا (كوفيد _‪ ،) 19‬سيأثر وبشكل كبري على املقاوالت‬
‫التجارية مما سيجعلها تعاني من صعوبات‪( ،‬الفقرة األوىل)‪ ،‬ومع هذا االنتشار املتزايد‬
‫هلذا الفريوس واستمرار الوضع احلالي قد جتد العديد من املقاوالت نفسها يف حالة‬
‫توقف عن الدفع‪( ،‬الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬الصعوبات االقتصادية اليت تواجه املقاولة بسبب‬
‫فريوس كورونا‬
‫تتلقى خمتلف قطاعات االقتصاد العاملي ضربات موجعة بسبب تأثري انتشار‬
‫فريوس كورونا وتزايد عدد املصابني به حول العامل‪ ،‬ومل يكن املغرب مبنأى عن‬
‫التداعيات السلبية لفريوس كورونا‪ ،‬ويف ظل اإلجراءات االحرتازية غري املسبوقة اليت‬

‫‪128‬ـ محمد طارق‪ ،‬اثر جائحة كورونا على عالقات الشغل‪ ،‬ص ‪.1‬‬

‫‪203‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اختذتها دول عديدة‪ ،‬ومن بينها املغرب مؤخرا للحد من تفشي وباء كورونا املستجد‪،‬‬
‫(كوڤيد _‪ )19‬واليت مشلت تعليق الدراسة وتقييد حركة املواطنني‪ ،‬وإغالق احلدود‬
‫وتعطيل الرحالت واحلجر الصحي اجلماعي‪ ،‬وإيقاف العديد من املقاوالت‪ ،‬إجراءات‬
‫كلها أربكت السري العادي للحياة‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه ان عددا كبريا من املقاوالت املغربية يف عالقاتها االقتصادية‬
‫ومبادالتها التجارية الوطنية والدولية تأثرت وبشكل كبري من جراء الوضع احلالي‬
‫الذي تعيشه البالد ـ حالة الطوارئ الصحيةـ‪ ،‬حيث إن توقف العديد من املقاوالت إما‬
‫بقرار من السلطات املعنية‪ ،129‬أو توقف إنتاجها بسبب وقف بعض املكونات املعتمدة يف‬
‫االنتاج خاصة املستوردة من بعض الدول األخرى‪ ،‬كالصني وفرنسا‪ ،‬سيجعل املقاوالت‬
‫تعيش صعوبات مالية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬وكذا اجتماعية‪ ،‬مما سيؤثر ال حمال على هذه‬
‫املقاوالت‪ ،‬وكذا على االقتصاد الوطين والدولي‪.‬‬
‫ومعلوم أن املقاوالت ترتبط بعقود عمل وكراء حمالت‪ ،‬وعليها ديون جيب عليها‬
‫تأديتها‪ ،‬ومن املقاوالت أيضا من تشتغل مبواد أولية قد تنتهي صالحيتها قبل استغالهلا‬
‫بعد قرار اإلغالق‪ ،‬الشي الذي سيجعل املقاوالت تعرف صعوبات وجيهة‪ ،‬ستجعلها غري‬
‫قادرة حتى على حتقيق استقرارها‪ ،‬مما يستدعي التدخل والوقوف جنبا إىل جنب مع‬
‫هذه املقاوالت خاصة الصغرية واملتوسطة والصغرية جدا‪ ،‬إىل حني فوات هذه األزمة اليت‬
‫يعرفها البالد بسبب انتشار فريوس كورونا‪.‬‬

‫‪ .129‬ـ بالغ وزارة الداخلية بإغالق المقاهي‪ ،‬والمطاعم‪ ،‬والقاعات السينمائية‪ ،‬والمسارح‪ ،‬وقاعات الحفالت‪ ،‬واألندية‬
‫والقاعات الرياضية‪ ،‬والحمامات‪ ،‬وقاعات األلعاب‪ ،‬ومالعب القرب في وجه العموم‪ ،‬وحتى إشعار آخر‪ ،‬وذلك انطالقا من‬
‫يومه االثنين ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬على الساعة السادسة مساء‪.‬‬

‫‪204‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬فريوس كورونا والتوقف عن الدفع‬


‫إن استمرار الوضع احلالي الذي تعرفه البالد بسبب تفشي فريوس كورونا‬
‫املستجد‪ ،‬وارتفاع نسبة احلاالت املصابة به يوم بعد يوم‪ ،‬أضحى يهدد املقاوالت بشكل‬
‫كبري ويزيد من تأزم وضعيتها‪ ،‬يف ظل الصعوبات اليت أسفرت عنها هذه اجلائحة‪.‬‬
‫واألكيد أن هذه الصعوبات ستشكل عجزا مالي واقتصادي للمقاولة‪ ،‬أي أنها ستجد‬
‫نفسها عاجزة عن أداء ديونها املستحقة بسبب عدم كفاية أصوهلا املتوفرة‪ ،130‬مما يعين‬
‫دخول املقاولة يف حالة التوقف عن الدفع‪ ،‬املنصوص عليه يف املادة ‪ 575‬من القانون‬
‫‪.73.17‬‬
‫غري أنه ال ميكننا احلديث عن توقف هذه املقاوالت عن الدفع اال بتوفر ثالثة‬
‫عناصر وهي‪:‬‬
‫‪‬اخلصوم املستحقة وتعين الديون املدنية والتجارية غري املتنازع‬
‫عليها اليت حيق للدائن املطالبة بها دون أن تتوقف على أجل أو شرط‪.‬‬
‫‪‬األصول املتوفرة وتتمثل يف األموال واملبالغ املالية اليت تضمن األداء‬
‫الفوري للديون وتشمل املبالغ املتوفرة يف خزينة املقاولة ويف حساباتها البنكية‬
‫والقيم املنقولة القابلة للتصرف‪.‬‬
‫‪‬استحالة جمابهة اخلصوم املستحقة باألصول املتوفرة‪ ،‬فوضعية‬
‫املقاولة بني هذين العنصرين هوما ما يؤدي إىل اعتبارها يف حالة التوقف عن‬
‫الدفع من عدمه‪ ،131‬وهذا ما أشار إليه املشرع املغربي يف املادة ‪ 575‬من القانون‬
‫‪.73.17‬‬

‫‪ 130‬ـ مصطفى بونجة ونهال اللواح‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم ‪، 17.73‬مطبعة ليتوغراف طنجة‪ ،‬الطبعة االولى‬
‫‪ ،2018‬ص ‪.136‬‬
‫‪ 131‬ـ يونس الحكيم‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة في ضوء القانون ‪ 17.73‬والعمل القضائي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة المعرفة مراكش‬
‫‪ ،2019‬ص ‪.101‬‬

‫‪205‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫واملؤكد ان استمرار تفشي فريوس كورونا (كوفيد ـ ‪ ،)19‬وبقاء االوضاع كما هي‬
‫_حالة الطوارئ _ سيزيد من حدة تأثر املقاوالت وتأزم وضعياتها‪ ،‬مما سيزيد من عدد‬
‫املقاوالت اليت ستتوقف عن الدفع يوما بعد يوم‪ ،‬مما ميكن معه القول بأن االقتصاد‬
‫الوطين سيعرف نوع من الركود الطويل األمد‪.‬‬
‫لكن ماذا عن تأثري جائحة كورونا على اآلجال املسطرية املتعلقة بإجراءات مساطر‬
‫صعوبات املقاولة ؟‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬تأثري فريوس كورونا على اآلجال املسطرية‬
‫لن تتأثر فقط املقاوالت الغري متوقفة عن الدفع من هذه األوضاع‪ ،‬بل سيتعداه‬
‫ليشمل حتى املقاوالت املتوقفة عن الدفع سواء اليت مل تفتح بعد يف وجها احدى مساطر‬
‫معاجلة صعوبات املقاولة‪ ( ،‬الفقرة األوىل)‪ ،‬أو حتى اليت مت فتح هذه املساطر يف‬
‫وجهها‪( ،‬الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬ما قبل فتح املسطرة‬
‫يعد محاية املقاولة وضمان استمراريتها هو الرهان الذي تسعى اليه خمتلف‬
‫الدول‪ ،‬على اعتبار أن املقاولة تشكل النموذج املثالي ملمارسة األنشطة التجارية واداة‬
‫لإلقالع االقتصادي‪ ،‬وسعيا من املشرع يف انقاذ املقاولة ألزم مبقتضى املادة ‪ 132576‬من‬
‫القانون ‪ 73.17،‬رئيس املقاولة بأن يتقدم بطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية‬
‫القضائية حسب احلالة يف أجل أقصاه ثالثون يوما تلي توقفه عن الدفع وذلك حتت طائلة‬
‫احلكم مبسؤوليته املدنية وبسقوط أهليته التجارية‪ .‬دون أن حيدد املشرع ما إذا كان سبب‬
‫عدم تقديم الطلب يرجع إىل سبب خارجي‪ ،‬كما هو احلال للوضع احلالي الذي تعرفه‬

‫‪132‬ـ المادة ‪ " : 576‬يجب على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة التسوية القضائية في أجل أقصاه ثالثون يوما من تاريخ‬
‫توقف المقاولة عن الدفع"‪.‬‬

‫‪206‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫البالد بسبب تفشي فريوس كورونا‪ ،‬الشي الذي يطرح معه التساؤل حول مدى إمكانية‬
‫تدرع رئيس املقاولة بنظرية القوة القاهرة‪ ،‬عند عدم تقدميه لطلب فتح املسطرة بعد اجل‬
‫ثالثون يوما من توقفه عن الدفع‪.‬‬
‫لكن وبعد مشروع مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬يتعلق بسن أحكام خاصة‬
‫حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬مت مبقتضى املادة السادسة منه وقف‬
‫سريان مفعول مجيع اآلجال املنصوص عليها يف التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل‬
‫خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬وعليه سيتم إيقاف احتساب أجل الشهر على أساس‬
‫استئنافه يف اليوم املوالي لرفع حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫أما خبصوص أجل البت يف الطلب من طرف احملكمة فإن املشرع حدد هذا األجل‬
‫يف ‪ 15‬يوما على األكثر‪ ،‬وهذا ما أشارت إليه املادة ‪ 133582‬من القانون ‪ ،73.17‬دون أن‬
‫يرتب أي جزاء على عدم احرتام هذا األجل‪ ،‬إذ غالبا ال حيرتم يف ظل كثرة القضايا‬
‫املعروضة على احملاكم التجارية‪ ،‬لكن هذا األمر ال يثري إشكاال كبريا يف هذه الظرفية‬
‫احلرجة اليت وتعيشها البالد‪ ،‬خاصة وأنه مت إيقاف انعقاد اجللسات مبختلف حماكم‬
‫اململكة‪.‬‬

‫‪133‬ـ المادة ‪ " : 582‬تبت المحكمة بشأن فتح المسطرة بعد استماعها لرئيس المقاولة أو استدعائه قانونيا للمثول أمام غرفة‬
‫المشورة‪.‬‬

‫يمكن للمحكمة أيضا‪ ،‬االستماع لكل شخص يتبين لها أن أقواله مفيدة دون أن يتمسك بالسر المهني‪ ،‬كما يمكنها أن تطلب من كل‬
‫شخص من ذوي الخبرة إبداء رأيه في األمر‪.‬‬

‫تبت المحكمة بعد خمسة عشر يوما على األكثر من رفع الدعوى إليها"‪.‬‬

‫‪207‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ما بعد فتح املسطرة‬


‫يرتتب على صدور احلكم القاضي بفتح املسطرة _ التسوية أو التصفية‬
‫القضائية_ دخول املقاولة يف مرحلة انتقالية تتميز بالتشخيص الدقيق لوضعيتها بهدف‬
‫اقرتاح العالج املالئم هلا‪.‬‬
‫ويشكل التصريح بالديون أحد اآلثار املرتتبة عن احلكم القاضي بفتح املسطرة‪،‬‬
‫حيث جاء يف املادة ‪ 719‬من القانون ‪ 73.17‬أنه يوجه كل الدائنني الذين يعود دينهم إىل‬
‫ما قبل صدور احلكم بفتح املسطرة‪ ،‬باستثناء األجراء‪ ،‬تصرحيهم بديونهم إىل‬
‫السنديك‪ ،‬غري أن الوضع احلالي الذي تعرفه البالد _ حالة الطوارئ الصحية _ بفعل‬
‫فريوس كورونا املستجد‪ ،‬جيدون أنفسهم غري قادرين على التصريح بديونهم‪ ،‬خاصة‬
‫‪134‬‬
‫وأن املشرع املغربي حدد أجل التصريح بالديون يف شهرين‪ ،‬كما نصت عليه املادة ‪720‬‬
‫من القانون ‪ .73.17‬الشيء الذي قد يفوت على الدائنني فرصة التصريح بديونهم مما‬
‫يعين سقوطها طبقا للفقرة األخرية من املادة ‪ 723‬من القانون ‪.73.17‬‬
‫فقد أثار األمر يف البداية العديد من االشكاالت حول إمكانية اعتبار عدم تصريح‬
‫الدائنني يف ظل تفشي هذه اجلائحة (فريوس كورونا )‪ ،‬سبب مربرا يف سلوك مسطرة‬
‫رفع السقوط اليت يتقدم بها الدائن داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ فتح املسطرة‪ ،‬أمام‬
‫القاضي املنتدب‪ ،‬خاصة وأن العمل القضائي جد متشدد يف مسألة رفع السقوط‪ ،‬لكن‬

‫‪ 134‬ـ المادة ‪ " : 720‬يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين ابتداء من‪:‬‬

‫تاريخ اإلشعار المنصوص عليه في المادة السابقة بالنسبة للدائنين المدرجين بالقائمة وكذا المعروفين لدى السنديك‪.‬‬

‫تاريخ اإلشعار المنصوص عليه في المادة السابقة بالنسبة للدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم إشهارھما‪.‬‬

‫تاريخ نشر المقرر القاضي بفتح المسطرة بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنين‪.‬‬

‫ويمدد ھذا األجل بشهرين بالنسبة إلى الدائنين القاطنين خارج تراب المملكة المغربية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فيما يخص المتعاقد المشار إليه في المادة ‪ ،588‬ينتهي أجل التصريح خمسة عشر يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي‬ ‫‪‬‬
‫عن مواصلة العقد‪ ،‬إذا كان ھذا التاريخ الحقا لتاريخ األجل المنصوص عليه في الفقرة األولى" ‪.‬‬

‫‪208‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫سرعان ما مت إصدار مشروع مرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬يتعلق بسن أحكام خاصة‬
‫حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬حيث جاء يف الفقرة األوىل من مادته‬
‫السادسة ما يلي ‪" :‬يوقف سريان مفعول مجيع اآلجال املنصوص عليها يف النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية اجلاري بها العمل خالل فرتة حالة الطوارئ الصحية املعلن‬
‫عنها‪ ،‬ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم املوالي ليوم رفع حالة الطوارئ املذكورة"‪.‬‬
‫الشي الذي يستنتج معه أنه سيتم إيقاف احتساب أجل التصريح بالديون على أن‬
‫يستأنف احتسابها انطالقا من اليوم املوالي لرفع حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫وختاما ميكن القول على أن لفريوس كورونا (كوفيد _‪ )19‬تأثري كبري على‬
‫املقاوالت وعلى االقتصادي الذي سيعرف ركودا طويل األمد‪ ،‬الشيء الذي يستدعي‬
‫التدخل وتظافر اجلهود من أجل ختفيف أثار األزمة الناجتة عن جائحة كورونا‬
‫وتداعياتها على املقاوالت‪ ،‬مع إعطاء األولوية للمقاوالت الصغرى واملتوسطة والصغرية‬
‫جدا‪.‬‬

‫مت حبمد هلل‬

‫‪209‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد عبد اهلادي رشدي‬


‫طالب باحث مباسرت العقار والتعمري‬
‫بكلية احلقوق‪ ،‬جامعة املوىل امساعيل مبكناس‪.‬‬

‫املستهلك بني رهان احلماية وهاجس‬


‫تلبية احلاجة يف ظل فريوس كورونا‬
‫ملخص املقال‪:‬‬

‫يعتـرب املغـرب من بني البلــدان اليت عرفـــت انتشــار فيـــروس كورونا املستجد‪-‬‬
‫كوفيد‪ ،-19-‬وهذا األخري أحدث تأثريا واضحا على املستهلك املغربي‪.‬‬

‫إن أهم مظاهر تأثري ظهور هذا الفريوس على املستهلك تتجلى يف الزيادة يف األسعار‬
‫واالدخار السري من أجل املضاربة‪ ،...‬األمر الذي يستلزم الكشف عن موقف القانون‬
‫املغربي من هذا التأثري‪.‬‬

‫‪210‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إن هذا الوضع غري املطمئن‪ ،‬دفع السلطات املعنية إىل اختاذ جمموعة من التدابري على‬
‫املستوى الوطين واحمللي حلماية املستهلك املغربي‪.‬‬

‫مقدمـ ـ ــة‪:‬‬

‫يعاني العـــامل اليوم من أزمة صحية متثلت يف انتشــــار وباء كورونا املستجد وهو‬
‫الوباء الذي مل تسلم منه أعظم دول العامل‪ ،‬ويعترب املغرب من بني دول العامل اليت عرفت‬
‫انتشار هذا الوباء اخلطري‪ ،‬الذي مل يرخي بظالل تأثريه على اجلانب الصحي واجلسدي‬
‫فحسب‪ ،‬بل امتد تأثريه ليشمل اجلانب االقتصادي للمواطنني واألكثر من ذلك اجملال‬
‫القانوني بصفة عامة‪.‬‬

‫و أمــــام هذا الوضع جلـأت احلكومـة املغربية إىل اختـــاذ جممـوعة من التدابـري‬
‫االحرتازية واالستباقية ملواجهة خطورة هذه اجلائحة‪ ،‬ومن أهم هذه التدابري إعالن حالة‬
‫الطوارئ‪ 135‬وفرض احلجر الصحي باملغرب‪.‬‬

‫و حيتاج يف حياته اليومية إىل جمموعة من‬ ‫‪136‬‬


‫واإلنسان بطبعه مستهلك‬
‫احلاجيات واملتطلبات اليت يسعى مبا له من إمكانيات إىل تلبيتها وإشباعها‪ ،‬واليت‬
‫ازدادت اليوم أمام انتشار هذا الوباء أهمية تلبيتها وإشباعها وبطرق تراعي السالمة‬
‫الصحية للمواطنني‪.‬‬

‫وباملقابل عمد الكثري من احلرفيني واملهنيني والباعة مستغلني هذه األوضاع للقيام‬
‫مبجموعة من األفعال اهلادفة إىل التعسف واستغالل ضعف املستهلك وحاجته امللحة يف‬
‫‪ 135‬تم إعالن حالة الطوارئ بالمرسوم رقم ‪ 2.20.293‬في ‪ 29‬رجب ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 24‬مارس ‪ ،2020‬المتعلق بإعالن حالة‬
‫الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا –كوفيد ‪ ، -19‬الجريدة الرسمية عدد ‪،6867‬‬
‫ص‪.1783‬‬
‫‪ 136‬عرفت المادة األولى من قانون ‪ 31.08‬المستهلك بأنه‪ :‬كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير‬
‫المهنية منتوجات أو سلع أو خدمات معدة الستعماله الشخصي أو العائلي‪.‬‬

‫‪211‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ظل هذا األزمة‪ ،‬كالزيادة مثال يف أسعار بعض املواد بشكل غري مربر‪ ،‬واالدخار السري‬
‫لبعض السلع‪ ،‬كما جلأ بعض املستهلكني ‪ -‬بعامل خوفهم‪ -‬إىل احتكار بعض املنتوجات‬
‫حبيث أصبح الشخص يقتين ضعف ما حيتاجه من حاجيات‪ ،‬وهي أفعال يف حقيقة‬
‫األمر ال تبت لإلنسانية بصلة وال ملبادئ التضامن والتعاون املكرسة دستوريا‪ ،137‬واألكثر‬
‫‪138‬‬
‫من ذلك أنها أفعال ممنوعة قانونا ومذمومة شرعا‪.‬‬

‫ويف خضم هذه األوضاع غري املرحية واليت يعيشها العامل‪ ،‬أصبح اهلم الوحيد‬
‫والشغل الشاغل للجهات املعنية هو توفري احلماية الالزمة للمواطن باعتباره مستهـلك‬
‫ضعيف مقارنة مع املهين واحلريف ذو املركز االقتصادي القوي‪ ،‬كما أصبح هذا اهلم وهذا‬
‫اهلاجس من أكرب التحديات اليت تواجهها اجلهات املعنية يف ظل هذا الوضع غري‬
‫املطمئن‪ ،‬حيث أثبت الواقع أن العديد من املستهلكني كانوا عرضة للنصب واالستغالل‬
‫والزيادة غري املربرة يف األسعار‪ ،‬ناهيك عن االدخار السري الذي يعمد له بعض‬
‫احلرفيني والباعة‪.‬‬

‫وبالتالي فهذا املوضوع اليوم يطرح أكثر من أي وقت مضى ضرورة الوقوف عن حقيقة‬
‫متغريين فرضتهم ظروف احلال‪ ،‬فمن جهة جند املستهلك هاجسه الوحيد هو تلبية‬
‫وإشباع احلاجة‪ ،‬فيسعى بكل ما له من إمكانات إىل تلبية املتطلبات اليومية اليت‬
‫حيتاجها وأسرته‪ ،...‬ومن جهة أخرى جند السلطات املختصة تراهن وتسعى بكل ما هلا‬
‫من آليات ووسائل قانونية ومادية وبشرية إىل توفري احلماية الالزمة للمستهلك من كل‬
‫استغالل وتعسف من طرف احلريف‪ ،‬وذلك لتحقيق األمن التعاقدي و ضمان استقرار‬

‫‪ 137‬ينص الفصل ‪ 40‬من دستور ‪ 2011‬على ما يلي‪ ":‬على الجميع أن يتحمل بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي‬
‫يتوفرون عليها‪ ،‬التكاليف التي تتطلبها تنمية البالد‪ ،‬وكذا تلك الناتجة عن األعباء الناجمة عن اآلفات والكوارث الطبيعية التي تصيب‬
‫البالد‪".‬‬
‫‪ 138‬يقول هللا سبحانه وتعالى في سورة القلم { َمنَّاعٍ ِّل ْل َخير ُم ْعت َ ٍد أَث ٍ‬
‫ِّيم } صدق هللا العظيم‬

‫‪212‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املعامالت يف ظل ظهور وباء كورونا‪ ،‬وهو ما يربر األهمية النظرية والعملية للموضوع‬
‫حمل النقاش‪.‬‬

‫وهذه األهمية تربز عنها اشكالية رئيسية تتمحور حول واقع وضعية املستهلك أمام‬
‫ظهور فريوس كورونا وسبل محايته يف ظل هذا الوضع؟‬

‫وهذه االشكالية تتفرع عنها العديد من االسئلة الفرعية من قبيل‪:‬‬

‫‪ ‬ما واقع وضعية املستهلك أمام ظهور فريوس كورونا ؟‬

‫‪ ‬ما موقف القانون املغربي من هذه الوضعية؟‬

‫‪ ‬ما أهم التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى الوطين يف ظل هذا‬
‫الوضع ؟‬

‫‪ ‬ما أهم التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى احمللي يف ظل هذا‬
‫الوضع؟‬

‫وحملاولة مقاربة املوضوع واإلحاطة باإلشكالية املطروحة ارتأينا اقرتاح التقسيم‬


‫التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬واقع وضعية املستهلك يف ظل فريوس كورونا –كوفيد‪ -19‬وموقف القانون من‬
‫ذلك‬

‫ثانيا‪ :‬التدابري املتخذة وطنيا وحمليا حلماية املستهلك يف ظل ظهور فريوس كورونا‬

‫‪213‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوال‪ :‬واقع وضعية املستهلك يف ظل فريوس كورونا وموقف القانون‬


‫من ذلك‪.‬‬

‫يف الوقت الذي تضاعف احلكومة املغربية من االجراءات الوقائية ملواجهة انتشار‬
‫فريوس كورونا املستجد‪ ،‬جلأ بعض املهنيني إىل استغالل األوضاع لتحقيق الربح بشكل‬
‫غري مشروع‪ ،‬كما تهافت بعض املستهلكني إىل شراء كميات كبرية من السلع خوفا من‬
‫نفادها وهو ما شكل ضررا ببين صنفهم من املستهلكني‪ ،‬و على الرغم من تأكيد احلكومة‬
‫على وجود ما يكفي من مؤن إلشباع حاجة املواطنني‪.‬‬

‫وعموما لتشخيص واقع وضعية املستهلك يف ظل ظهور فريوس كورونا البد من تسليط‬
‫الضوء عن أهم مظاهر تأثري ظهور هذا الفريوس على املستهلك املغربي (أ)‪ ،‬ثم الكشف‬
‫عن موقف القانون من هذا التأثري (ب)‪.‬‬

‫أ‪ :‬مظاهر تأثري ظهور فريوس كورونا على املستهلك املغريب‬

‫تتجلى أهم مظاهر تأثري ظهور فريوس كورونا – كوفيد‪ -19‬على املستهلك املغربي‪،‬‬
‫يف الزيادة غري املربرة يف االسعار و االدخار السري لبعض السلع من اجل بيعها بأمثنة‬
‫مرتفعة‪.‬‬

‫‪- ‬فبالنسبة للزيادة يف األسعار‪:‬‬

‫يعترب السعر أو الثمن الشغل الشاغل واهلم الراهن بالنسبة للمستهلك املغربي فعند‬
‫اإلقدام على اقتناء أي سلعة فضال عن مراعاة جودتها فاملستهلك يأخذ بعني االعتبار مقابل‬
‫تلك السلعة الذي جيب أن يتالءم مع قدرته الشرائية‪.‬‬

‫‪214‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وأمام ظهور وباء كورونا وإعالن حالة الطوارئ باملغرب‪ ،‬بدأت العديد من الشكايات‬
‫تتوافد على مجعيات محاية املستهلك مبختلف املدن املغربية‪ ،‬واليت يؤكد فيها املشتكون‬
‫على االرتفاع الصاروخي وغري املربر ألمثنة بعص املنتوجات كاملطهرات الكحولية‬
‫والقفازات والكمامات وغريها من املواد الطبية‪.‬‬

‫فضال عن هذا ويف جمال النقل العمومي تلقت بعض اجلمعيات شكايات يؤكد فيها‬
‫املشتكون على خمالفة بعض أرباب سيارات األجرة الكبرية للتعريفة القانونية بعد‬
‫تقليص عدد ركابها من ستة ركاب إىل ثالثة‪ ،‬يف اطار التدابري االحرتازية وخوفا من‬
‫تفشي هذا الوباء‪ ،‬وبالتالي أصبح املسافر يؤدي املقابل املالي لراكبني‪.‬‬

‫و ميكن وبكل سهولة الربهنة على ذلك مبثال واضح ‪ :‬فاملتنقل من مدينة مكناس إىل‬
‫مدينة بين مالل كان يؤدي يف األوضاع العادية حوالي ‪ 110‬دراهم‪ ،‬لكن اليوم أصبح يؤدي‬
‫‪ 220‬درهم‪ ،....‬بل ميكن اعتبار هذا املثال مؤشرا واضحا على استغالل ضعف املستهلك‬
‫واضطراب وضعيته يف ظل انتشار هذا الوباء‪.‬‬

‫ومل تتوقف الزيادة غري املربرة يف األسعار عند هذا احلد‪ ،‬بل مست حتى باجلانب‬
‫األكثر استهالكا من طرف املواطنني وهو اجلانب املتعلق باخلضر والفواكه والقطاني واملواد‬
‫األساسية بصفة عامة‪ ،‬حيث أكد أحد رؤساء مجعية محاية املستهلك على أن العديد من‬
‫الشكايات واملراسالت يؤكد فيها بعض املواطنني على ارتفاع أسعار اخلضر والقطاني من‬
‫لدن بعض االنتهازيني وبعض الباعة‪ ،‬مستغلني يف ذلك هذا الوضع املتأزم‪.‬‬

‫وباملثال على ذلك‪ :‬مثن الكيلوغرام الواحد من الفاصولياء العادية يف االحوال العادية‬
‫كان ال يتعدى ‪ 13‬درهم‪ ،‬لكن اليوم أصبح مثن الكيلوغرام الواحد هو ‪ 20‬درهم ‪.‬‬

‫‪215‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ويف استشارة مع أحد أصحاب احملالت التجارية أكد لنا أن الكيلوغرام الواحد‬
‫للفاصولياء العادية بثمن اجلملة أصبح هو ‪ 18‬درهم‪ ،‬مضيفا أنه ال يد لصغار التجار يف‬
‫مثل هاته الزيادات‪ ،‬بل بدورهم يتعرضون للزيادة يف السعر من طرف جتار اجلملة‪.‬‬

‫ويف اعتقادنا املتواضع فإن القبول بهذا الرأي هلو قبول بفتح باب التحكم والتعسف يف‬
‫استغالل ضعف املواطن وحاجته امللحة ملثل هذه املواد‪.‬‬

‫ويقــال حقا أن مثل هذه االفعــال تعترب خمالفــة لواجب التضامــن والتعــاون‬
‫املنصوص عليه يف الفصل ‪ 40‬من دستور اململكة املغربية‪ ،‬ولذلك فكل بائع قام بالزيادة يف‬
‫األسعار بشكل غري مربر يعترب خمالفا لواجب دستوري‪ ،..‬ففي ظل هذا األجدر على‬
‫هؤالء الباعة التخفيض من السعر نظرا للقدرة الشرائية لبعض املواطنني‪ ،‬وان اقتضى‬
‫احلال اعطاء سلفات ملثل هاته الفئات وليس الزيادة يف االمثنة‪.‬‬

‫لذا وجب على اللجان املكلفة مبراقبة األسعار وجودة املواد الغذائية التحرك ملعاجلة‬
‫الوضع‪ ،‬كما جيب على مجعيات محاية املستهلك يف خمتلف املدن املغربية أن تتحرك‬
‫لتنوير بصرية املستهلكني وتلقي الشكايات منهم واختاذ ما هو مالئم‪.‬‬

‫وقد جاء يف عرض قدمه وزير الصناعة والتجارة واالقتصاد يوم اخلميس ‪ 12‬مارس‬
‫‪ 2020‬بالرباط ‪ ،‬حول التأثري احملتمل لفريوس كورونا املستجد على قطاعي الصناعة‬
‫والتجارة باملغرب " متت مالحظة زيادة طفيفة يف أسعار بعض املنتوجات الغذائية وزيادة‬
‫كبرية يف أسعار مواد النظافة‪ ،‬مضيفا أن سالسل التموين ال تتوقع اضطرابات مهمة حيث‬
‫‪139‬‬
‫مت تأمني مسالك بديلة من طرف الفاعلني‪.‬‬

‫جريدة ‪ IDM‬عربية‪ .‬جريدة الكترونية متخصصة في الصناعة واالستثمار واالبتكار بالمغرب‬ ‫‪139‬‬

‫‪216‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪- ‬أما بالنسبة لالحتكار أو االدخار السري‪:‬‬


‫‪140‬‬
‫فقد تعددت الكلمات يف كتب ومصادر اللغة العربية حول كلمة االحتكار واحلكرة‬
‫وقال اجلوهري ‪":‬احتكار الطعام‪ :‬مجعه وحبسه يرتبص به الغالء‪ ،‬وهو احلكرة‬
‫بالضم"‪ ،141‬وقال ابن فارس‪ " :‬احلاء والكاف والراء أصل واحد وهو احلبس‪ ،‬واحلكرة‬
‫حبس الطعام منتظرا لغالئه‪ ،‬وأصله يف كالم العرب احلكر‪ ،‬وهو املاء اجملتمع كأنه‬
‫‪142‬‬
‫احتكر لقلته"‪.‬‬

‫و تطرق املشرع املغربي لالدخار السري يف الباب الثاني من القسم السادس من قانون‬
‫‪ 104.12‬املتعلق حبرية األسعار واملنافسة‪ .143‬وبالرجوع إىل املادة ‪ 62‬من قانون ‪104.12‬‬
‫يالحظ أن املشرع املغربي عرب عن االحتكار باالدخار السري ومل حيدد له أي تعريف‪،‬‬
‫بل اكتفى بتحديد األفعال املعتربة ادخار سري مرتبا عنها جزاء املنع‪.‬‬

‫وأمام ظهور وباء كورونا وإعالن حالة الطوارئ عمد العديد من أصحاب احملالت‬
‫التجارية مستغلني هذا الوضع إىل عملية االحتكار أو االدخار السري لبعض املنتوجات‬
‫بهدف املضاربة ‪ ،‬وهو ما انعكس سلبا على املستهلك املغربي‪ ،‬ولعل املواد اليت كانت‬
‫حمال لالدخار السري بشكل كبري وهي املواد االساسية املتمثلة يف الدقيق والشاي‬
‫والسكر‪ ،..‬واليت ال ميكن للمواطن املغربي االستغناء عنها‪.‬‬

‫‪ 140‬يقول ابن الحزم األندلسي ( الفقه الظاھري) في كتابه المحلى ‪" :‬أن الحكرة المضرة حرام سواء في الشراء أو في إمساك ما‬
‫اشترى"‬
‫‪ 141‬معجم الصحاح ‪ ،2‬ص ‪235‬‬
‫‪ 142‬معجم مقاييس اللغة ‪ :2‬ص ‪92‬‬
‫‪ 143‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.116‬صادر في ‪ 2‬رمضان ‪ 1435‬الموافق ل ‪ 30‬يونيو ‪ ،2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 104.12‬المتعلق‬
‫بحرية األسعار والمنافسة ‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6276‬بتاريخ ‪ 26‬رمضان ‪ 1435‬الموافق ل ‪ 24‬يوليوز ‪ ،2014‬ص‬
‫‪.6077‬‬

‫‪217‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبال ريب فإن هذا الوضع خلق نوعا من اخلوف لدى املواطنني من نفاذ السلع‬
‫واملنتوجات‪ ،‬رغم تأكيد احلكومة كما سبق القول على وجود ما يكفي من املنتوجات لتلبية‬
‫حاجة املواطن املغربي‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أن االحتكار أو االدخار السري اليوم ال ينظر له من جانب املهين‬


‫أو صاحب احملل التجاري فقط بل ينظر له أيضا من جانب بعض املستهلكني‪ ،‬الذين‬
‫أبانوا عن أنانيتهم وحبهم لذواتهم دون مراعاة مبادئ األخوة والتضامن والتعاون يف ظل‬
‫هذه األزمة الصحية واليت تستوجب التأزر أكثر من أي وقت أخر‪.‬‬

‫فما معنى أن حيتكر الناس السلع مشكلني بذلك أضرار بباقي املواطنني‪ ،‬ألسنا جسدا‬
‫واحدا إذا اشتكى له عضو تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى؟ وأين مبادئ اإلنسانية‬
‫اليت تستوجب التفكري بالنفس والغري يف أن واحد؟ أين حنن من اإلحسان الذي أقرته‬
‫الشريعة اإلسالمية؟‪ ،..‬وحقيقة إن استيعاب و تقبل ما جيري يف الواقع اليوم أمر صعب‬
‫وحمال ألنه ليس سهال أن ترى مثل هذه األفعال داخل جمتمع طبعه الكرم والسخاء‬
‫واإلحسان إىل الغري منذ القدم‪.‬‬

‫ونشري يف ختام هذه الفقرة أن االحتكار ملا فيه من تضييق على عباد اهلل حمرم بالكتاب‬
‫والسنة لقول اهلل سبحانه وتعاىل ﴿يَا أ َُّيهَا الَّذِينَ آ َمنُواْ ال َتأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ َب ْي َنكُمْ بِالبَاطِلِ إِال أَن‬
‫‪144‬‬
‫تَكُونَ تِجَا َرةً عَن َترَاضٍ مِّنكُمْ ﴾‬

‫وقال الشراح يف هذه اآلية إنّ أكل املال عن طريق االحتكار‪ 145‬ال يصنّفه العقالء إال أكالً‬
‫للمال بالباطل‪ ،‬فيكون مشموالً باآلية الكرمية‪.‬‬

‫سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪29‬‬ ‫‪144‬‬

‫‪218‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫غ ِنيَاءِ مِنكُمْ‪146) ..‬‬


‫‪﴿ :‬كَيْ ال يَكُونَ دُو َلةً ب ْينَ األَ ْ‬ ‫وقوله تعاىل‬

‫ومن الواضح أنّ االحتكار جيعل املال خاصّاً يف تداوله بني األغنياء دون الفقراء‪ ،‬نظراً ملا‬
‫يستدعيه من ارتفاع األسعار مبا يعجز معه الفقري عن الشراء‪.‬‬

‫وهناك آيات قرآنية عديدة تدلّ داللةً واضحة على حتريم حكر وشحّ ومجع املال دون‬
‫نظر إىل الفقراء واحملتاجني‪.‬‬

‫وبناء عليه سوف يكون من السهل الربهنة على أنّ االحتكار من أبغض مظاهر‬
‫استغالل الضعفاء الذي حتدّثت عنه اآليات الكريم ونهت عنه وذمته‪.‬‬

‫وبصريح حديث الرسول صل اهلل عليه وسلم الذي قال فيه" ال حيتكر إال خاطئ "‬
‫وقوله صل اهلل عليه وسلم " من احتكر طعاما اربعني ليلة فقد برئ من اهلل تعاىل وبرئ اهلل‬
‫منه"‪ ،‬وقد جاء يف موطأ اإلمام مالك من األثر عن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه قال" ال‬
‫حكرة يف سوقنا‪ ،‬رجال من بأيدهم فضول من أذهاب رزق اهلل نزل بساحتنا فيحتكرونه‬
‫علينا"‪.147‬‬

‫وباملعقول فال جيادل لبيب على أن االحتكار حيمل يف طياته بذور اهلالك والدمار‪،‬‬
‫ملا يسببه من ظلم وغالء وبالء وملا فيه من إهدار حلرية التجارة والصناعة‪ ،‬وإغالق ألبواب‬
‫األمل ومداخل الرزق أمام غري احملتكرين‪.‬‬

‫‪ 145‬يقول ابن خلدون ‪ " :‬أن نفوس الناس تبقى متعلّقة بأموالهم التي بذلوھا في سبيل الحصول على أقواتهم بأضعاف مضاعفة تحت‬
‫وطأة الحاجة إليها من غير رضا ً منهم؛ فتكون وباالً على َم ْن يأخذھا مجّاناً‪"...‬‬
‫‪ 146‬سورة الحشر ‪ ،‬اآلية ‪7‬‬
‫‪ 147‬موطأ االمام مالك ‪ ،‬كتاب البيوع ‪ ،‬باب الحكرة والتربص‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪.447‬‬

‫‪219‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وإذا كان االمجاع منعقد كتابا وسنة وفقها على حتريم االحتكار يف األوضاع العادية‬
‫وأثناء سريورة احلياة بشكل عادي وهادئ‪ ،‬فإنه من املهم جدا التأكيد على أن التشدد يف‬
‫هذا التحريم يزداد اليوم بفعل ما تعيشه البشرية من أزمات وأوضاع متأزمة على كافة‬
‫املستويات‪.‬‬

‫وهكذا فإذا كانت مصلحة املستهلك تستلزم اليوم أكثر من أي وقت مضى التصدي لكل‬
‫من سولت له نفسه القيام مبثل هاته األفعال‪ ،‬وعدم إفالته من املالحقة القضائية كأحد‬
‫أهم اخليارات األساسية للدفاع عن املركز الضعيف للمستهلك املغربي‪ ،‬األمر الذي يقتضي‬
‫ويستدعي تفعيل املقتضيات القانونية بنوع من احلزم والشدة يف ظل هذا الوضع‪ ،‬وذلك‬
‫وقوفا إىل جانب الطرف الضعيف يف املعادلة أال وهو املستهلك من جهة وتطبيقا ملبادئ‬
‫العدالة واالنصاف من جهة اخرى‪.‬‬

‫وبعد الوقوف على واقع وضعية املستهلك و التطرق ألهم مظاهر وجتليات تأثري‬
‫ظهور فريوس كورونا على املستهلك املغربي‪ ،‬يصبح من املشروع التساؤل عن موقف‬
‫قوانني االستهالك من واقع الوضعية اليت يعيشها املستهلك املغربي اليوم؟ و بتعبري أدق‬
‫ما مدى مواكبة القانون ملا يتعرض له املستهلك واقعيا؟‬

‫ب‪ :‬موقف القانون من وضعية املستهلك أمام ظهور فريوس‬


‫كورونا‬

‫من املتفق عليه أن هناك جمموعة من القوانني اليت برزت مع مطلع القرن الواحد‬
‫حلماية رضا املستهلك ومواكبة التطورات االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والعشرين‬
‫والتكنولوجية اليت عرفها اجملتمع‪ ،‬واليت بالنتيجة أدت (التطورات االقتصادية) إىل‬

‫‪220‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫عجز القواعد العامة عن مواكبة هذه التطورات وبالتبعية محاية املستهلك وحتقيق‬
‫التوازن العقدي بني أطراف العقد بصفة عامة‪.‬‬

‫ولعل أهم قانونني حيتالن بكل جالء مكانة رئيسية يف السياسة التشريعية اليت‬
‫ينهجها املشرع املغربي إلسعاف ما عجزت النظرية العامة للعقد عن مواكبته‪ ،‬هما‬
‫القانون ‪ 104.12‬املتعلق حبرية األسعار واملنافسة والقانون رقم ‪ 31.08‬املتعلق بتحديد‬
‫تدابري محاية املستهلك‪ ،148‬ولذلك فالسؤال املطروح يف هذا الصدد والذي يتعني االجابة‬
‫عليه بنوع من التدقيق‪ ،‬و الذي يتعلق مبوقف كل من قانون ‪ 104.12‬وقانون ‪ 31.08‬من‬
‫وضعية املستهلك يف ظل ظهور وباء كورونا املستجد؟ وهل مقتضيات هاته القوانني قادرة‬
‫على توفري احلماية الالزمة للمستهلك يف زمن كورونا؟‬

‫‪ ‬بالنسبة ملوقف قانون ‪ 104.12‬املتعلق حبرية األسعار واملنافسة ‪:‬‬

‫قبل الغوص يف اجلواب عن السؤال املطروح سلفا جتب االشارة إىل أن قانون‬
‫‪ 104.121‬الصادر يف ‪ 30‬يونيو ‪ 2014‬صدر كتعديل للقانون ‪ 06.99‬الصادر يف ‪ 5‬يونيو‬
‫‪ ،2000‬كما جاء هذا القانون يف إطار سلسلة حتديث الرتسانة القانونية املتعلقة بقانون‬
‫األعمال‪ ،‬وذلك أخذا بعني االعتبار التطورات اليت يعرفها اجملال االقتصادي باملغرب‪.‬‬

‫وللكشف عن موقف قانون حرية األسعار واملنافسة من الزيادة غري املربرة يف األسعار‬
‫ومن االحتكار أو االدخار السري‪ ،‬فال مناص من الرجوع إىل ثنايا هذا القانون والبحث بني‬
‫مواده ومقتضياته عن موقف صريح يسعف الواقع ويشفي الغليل‪.‬‬

‫‪ 148‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.03‬صادر بتاريخ ‪ 14‬ربيع األول ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 18‬فبراير ‪ ،2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪31.08‬‬
‫القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5932‬بتاريخ ‪ 3‬جمادى األولى ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 7‬أبريل‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.1072‬‬

‫‪221‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فبالرجوع ملقتضيات املادة ‪ 6‬من قانون ‪ 104.12‬جندها تقضي مبنع أو حظر كل‬
‫عمل أو اتفاق أو حتالف يكون اهلدف منه أو يرتتب عليه عرقلة املنافسة أو حتريف‬
‫سريها يف السوق وال سيما حينما تهدف إىل عرقلة تكوين األسعار عن طريق األليات احلرة‬
‫للسوق بإحداث ارتفاع فيها أو اخنفاض ‪.‬‬

‫ومل يقف املشرع عند هذا احلد بل تدخل أيضا مبوجب املادة ‪ 7‬من نفس القانون وقضى‬
‫حبظر ومنع قيام أي منشاة أو جمموعة من املنشآت مبجموعة من األعمال اليت تعترب‬
‫مبثابة استغالل تعسفي‪ ،‬ليختم املشرع مسلسل احلظر واملنع يف هذا الباب جبزاء قانوني‬
‫أال وهو ترتيب البطالن عن كل التزام أو اتفاقية أو بند تعاقدي يتعلق مبمارسة ممنوعة‬
‫طبقا للمادتني ‪ 6‬و‪ 7‬أعاله‪.‬‬

‫وبناء عليه سوف يكون من السهل الربهنة على أن املشرع املغربي كان صرحيا‬
‫خبصوص حظر مسألة الزيادة غري املربرة يف األسعار مرتبا عن جتاوز هذا املنع جزاء‬
‫مدني واضح يتمثل يف البطالن‪ ،‬غري أن التساؤل املطروح يف هذا الصدد يتعلق باجلزاء‬
‫اجلنائي الذي رتبه املشرع يف حالة خرق مقتضيات املواد السابقة؟‬

‫كجواب وبالرجوع إىل املادة ‪ 75‬من قانون ‪ 104.12‬يتضح أن املشرع رتب عن خمالفة‬
‫مقتضيات املواد ‪ 6‬و‪ 7‬من نفس القانون جزاء جنائي يتمثل يف معاقبة كل شخص ذاتي‬
‫شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية يف ختطيط أو تنظيم أو تنفيذ أو‬
‫مراقبة املمارسات املشار هلا يف املادتني أعاله‪ ،‬باحلبس من شهرين إىل سنة وبغرامة من‬
‫‪ 10000‬درهم إىل ‪ 500000‬درهم أو بإحدى العقوبتني‪.‬‬

‫‪222‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وباستقراء املادة ‪ 76‬من نفس القانون جندها تعاقب باحلبس من شهرين إىل سنتني‬
‫وبغرامة من ‪ 10000‬إىل ‪ 500000‬أو بإحدى العقوبتني كل من قام أو حاول القيام برفع‬
‫أو ختفيض سلعة أو خدمات معينة أو سندات عامة أو خاصة‪...‬‬

‫وإذا تعلق األمر برفع أو ختفيض أسعار املواد الغذائية أو احلبوب أو الدقيق أو املواد‬
‫الطحينية وكذا املشروبات أو العقاقري الطبية أو الوقود أو السماد التجاري تكون العقوبة‬
‫هي احلبس من سنة إىل ثالث سنوات وبغرامة ال يزيد قدرها عن ‪ 800.000‬درهم‪.‬‬

‫واجلدير باألهمية أن مدة احلبس هاته ميكن أن ترفع إىل مخس سنوات والغرامة إىل‬
‫‪ 1000000‬درهم إذا تعلقت املضاربة مبواد غذائية أو بضائع ال تدخل يف زمرة املمارسة‬
‫االعتيادية ملرتكب املخالفة‪.‬‬

‫وغين عن البيان يف هذا الصدد أنه يف مجيع احلاالت املنصوص عليها يف املواد ‪ 75‬و‪76‬‬
‫من قانون ‪ ، 104.12‬ميكن أن يعاقب مرتكب املخالفة باحلرمان من حق أو أكثر من‬
‫احلقوق املنصوص عليها يف الفصل ‪ 14940‬من القانون اجلنائي املغربي‪.‬‬

‫وميكن استنتاج على ضوء هذه النصوص أن املشرع املغربي كان واضحا خبصوص‬
‫اجلزاء اجلنائي املرتتب عن خمالفة املنع املنصوص عليه يف املادتني ‪ 6‬و‪ 7‬من قانون حرية‬
‫األسعار واملنافسة‪ ،‬حيث أفرد عقوبة لكل شخص ذاتي شارك عن علم يف ختطيط أو تنفيذ‬
‫أو مراقبة أحد املمارسات املنصوص عليها يف املادة ‪ ،75‬كما أقر عقوبة خاصة بكل شخص‬
‫قام عن عمد بزيادة السعر أو ختفيضه بشكل غري مربر‪ ،‬يف حني شدد من العقوبة كلما كان‬

‫‪ 149‬ينص الفصل ‪ 40‬من القانون الجنائي على ما يلي‪ ":‬يجوز للمحاكم في الحاالت التي يحددھا القانون إذا حكمت بعقوبة جنحية أن‬
‫تحرم المحكوم عليه لمدة تتراوح بين سنة وعشر سنوات من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪"...26‬‬

‫‪223‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حمل املخالفة أحد املواد املذكورة يف املادة ‪ 76‬من هذا القانون‪ ،‬وتشدد أكثر هذه العقوبة‬
‫كلما تعلق األمر مبواد أو بضائع ال تدخل يف املمارسات االعتيادية ملرتكب املخالفة‪.‬‬

‫ونعتقد بناء على ما سبق أن موقف قانون حرية األسعار واملنافسة كان واضحا‬
‫خبصوص الزيادة غري املربرة يف األسعار‪ ،‬سواء من حيث حتديد األفعال املعتربة زيادة‬
‫يف السعر أو من حيث اجلزاء املرتتب عن هذه الزيادة‪.‬‬

‫غري أن ما جتب اإلشارة إليه أنه إذا كانت هذه العقوبات مقررة كقاعدة عامة يف‬
‫األحوال العادية ‪ ،‬فإنه اليوم وأمام تزعزع أوضاع املستهلك بسبب األزمة الصحية اليت‬
‫تعرفها البالد وجب تفعيل هذه املقتضيات وتطبيقها بنوع من احلزم والشدة وبكل جرأة‬
‫على كل من سولت له نفسه اإلقدام على مثل هذه األفعال‪.‬‬

‫وإذا كان هذا هو موقف قانون ‪ 104.12‬من الزيادة غري املربرة يف األسعار‪ ،‬فماذا عن‬
‫موقفه من االحتكار أو االدخار السري؟‬

‫باستقراء املادة ‪ 62‬من قانون ‪ 104.12‬جندها حتدد أربع أعمال تعتربها ادخار سري‬
‫وترتب عنها املنع‪ ،‬ومن هذه األعمال حيازة جتار أو أرباب الصناعة العصرية أو التقليدية‬
‫أو الفالحني ملدخرات من بضائع أو منتوجات خيفونها قصد املضاربة فيها بأي حمل كان‪.‬‬

‫وأضافت نفس املادة أن املدخر من البضائع أو املنتوجات الذي ال تربره حاجات النشاط‬
‫املهين ملن توجد يف حوزته والذي تتجاوز أهميته بكثري حاجات التموين العائلي املقدرة‬
‫على أساس األعراف احمللية فيعترب يف حوزته ألجل البيع‪.‬‬

‫‪224‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫عالوة على ذلك فبقراءة منطوق املادة ‪ 66‬من نفس القانون يستشف أن املشرع املغربي‬
‫تدخل مبوجب قاعدة أمرة وأضاف فعلني اعتربهما ادخارا ورتب عنهما املنع ويتعلق‬
‫ألمر بكل من ‪:‬‬

‫القيام حبيازة مدخر من البضائع او املنتوجات اليت مل يصرح بها يف حني أنه كان من‬
‫الواجب التصريح بها طبقا للمادة ‪ 64‬من نفس القانون‪.‬‬

‫وكذلك القيام حبيازة املنتوجات املدعمة أو نقلها أو بيعها يف عماالت وأقاليم غري تلك‬
‫املوجهة إليها تلك املنتوجات‪.‬‬

‫فالواضح إذن وبكل جالء أن املشرع تدخل بقاعدتني أمرتني حدد من خالهلما األفعال‬
‫املعتربة ادخار سري من جهة ورتب عنها املنع من جهة أخرى‪ ،‬لكن السؤال الذي يثار يف‬
‫هذا الصدد حول اجلزاء اجلنائي الذي رتبه املشرع عن خمالفة املنع املنصوص عليه يف‬
‫املادتني ‪ 62‬و‪66‬؟‬

‫اجلواب عن هذا السؤال يوجد بني ثنايا املادة ‪ 79‬من قانون حرية األسعار واملنافسة‬
‫واليت تقضي بغرامة من ‪ 100.000‬درهم إىل ‪ 500.000‬وباحلبس من شهرين إىل سنتني‬
‫لكل من خالف أحكام املادتني ‪ 62‬و‪ 66‬من نفس القانون‪ ،‬وأضافت نفس املادة انه ميكن‬
‫احلكم كذلك مبصادرة حمل املخالفة ووسائل النقل املستعملة لذلك الغرض‪.‬‬

‫واملالحظة اليت ال تعوزنا يف هذا املقام تتعلق بالصياغة اللغوية للمادة ‪ 79‬حيث جند‬
‫املشرع يف هذه املادة مل يسلك منطق التخيري بني العقوبة املالية والعقوبة احلبسية‬
‫باستعماله عبارة "أو بإحدى العقوبتني فقط " للتخيري بني العقوبة احلبسية والغرامة‬

‫‪225‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املالية‪ ،‬كما فعل يف بعض املواد السابقة الذكر‪ ،‬بل استعمل "الواو" للعطف‪ ،‬وهذا ما يدل‬
‫على حرصه على عدم إفالت املخالفني ألحكام املادتني ‪ 62‬و ‪ 66‬من العقوبات احلبسية‪.‬‬

‫وغين عن البيان أنه يف حالة اإلدانة من أجل ادخار سري ميكن للمحكمة أن‬
‫تأمر بإغالق خمازن أو مكاتب مرتكب املخالفة بصفة مؤقتة أو ملدة ال تتجاوز ثالثة‬
‫أشهر‪ ،‬كما جيوز هلا ‪ -‬احملكمة‪ -‬أن متنع احملكوم عليه إما بصفة مؤقتة أو ملدة ال‬
‫تتجاوز سنة من ممارسة مهنته أو من القيام بأي عمل جتاري‪ ،‬ويستمر املخالف طوال‬
‫مدة هذا اإلغالق املؤقت يف صرف ما يستحقه املستخدمون من أجور وحلوان وتعويضات أو‬
‫أي منافع كانوا ينتفعون بها‪.‬‬

‫كما يعاقب بغرامة من ‪ 1200‬درهم إىل ‪ 200.000‬درهم وباحلبس من شهرين إىل‬


‫سنتني أو بإحدى هاتني العقوبتني كل خمالف حلكم صادر باإلغالق أو باملنع من مزاولة‬
‫‪150‬‬
‫املهنة أو القيام بأي عمل جتاري‪.‬‬

‫كما ال جيوز للمحكوم عليه وحتت طائلة العقوبات املنصوص عليها يف الفقرة الرابعة‬
‫من املادة ‪ 81‬أن يشتغل وبأي صفة كانت يف املؤسسة اليت كان يستغلها ولو كان قد باعها‬
‫أو قام بكرائها أو فوض تسيريها ‪ ،‬كما ال يكن تشغيله يف املؤسسة اليت يتوىل زوجه‬
‫‪151‬‬
‫استغالهلا‪.‬‬

‫من‬ ‫‪152‬‬
‫ونشري يف ختام هذه الفقرة إىل أنه ال جمال لتطبيق مقتضيات الفصل ‪146‬‬
‫القانون اجلنائي املتعلقة بالظروف املخففة على العقوبات بالغرامة‪ 153‬الصادرة طبقا هلذا‬

‫‪ 150‬المادة ‪ 81‬من قانون ‪104.12‬‬


‫‪ 151‬المادة ‪ 82‬من القانون ‪. 104.12‬‬
‫‪ 152‬ينص الفصل ‪ 146‬من القانون الجنائي على ما يلي ‪ ":‬إذا تبين للمحكة الزجرية بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة‬
‫عليها‪ ،‬أن الجزاء المقرر في القانون قاس بالنسبة لخطورة األفعال المرتكبة ‪ ،‬او بالنسبة لدرجة إجرام المتهم ‪ ،‬فإنها تستطيع ألن‬
‫تمنحه التمتع بظروف التخفيف ‪،‬إال إذا وجد نص قانوني يمنع ذلك‪"..‬‬

‫‪226‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫القانون‪ ،154‬وإن دل هذا على شيء فإمنا يدل على حرص املشرع املغربي على ضرورة‬
‫تطبيق العقوبات املالية على املخالفني وعدم إفالتهم من العقاب بسبب ما أقدموا عليه من‬
‫أعمال واليت ال تبت للتضامن والتعاون بصلة‪.‬‬

‫وبناء عليه فيمكن القول أن موقف أو مواقف قانون حرية األسعار واملنافسة من‬
‫التعسف واالستغالل‪ ،‬كانت واضحة إذ تعترب كل تلك األفعال مبثابة خمالفات معاقب‬
‫عنها بعقوبات حبسية وغرامات مالية‪.‬‬

‫إذن فماذا عن موقف قانون ‪ 31.08‬املتعلق بتحديد تدابري محاية املستهلك من‬
‫الوضعية املضطربة للمستهلك أمام ظهور وباء كورونا‪.‬‬

‫‪ ‬أما بالنسبة ملوقف قانون ‪ 31.08‬من وضعية املستهلك أمام ظهور‬


‫فريوس كورونا‪:‬‬

‫يف معرض اجلواب عن السؤال املطروح سلفا البد من اإلشارة إىل أنه وأمام عجز‬
‫وعدم كفاية مقتضيات الشريعة العامة يف توفري احلماية الالزمة للطرف الضعيف يف بعض‬
‫صور التعاقد مل جتد األنظمة القانونية مفرا من جتديد النصوص القانونية ملسايرة‬
‫املتطلبات اجلديدة وذلك بتكريس مقتضيات تقف جبانب املستهلك الذي يشكوا من‬
‫ضعفه وقلة جتربته وعدم قدرته على استيعاب تقنيات التعامل اجلديدة اليت تتسم‬
‫‪155‬‬
‫بالتعقد مما قد جيعله عرضة لالستغالل وضياع حقوقه‪.‬‬

‫‪ 153‬بخصوص العقوبات الحبسية فال يوجد داخل قانون ‪ 104.12‬ما يمنع عدم إخضاعها لظروف التخفيف ‪ ،‬وبالتالي قيمكن أن‬
‫تخضع لظروف التخفيف ولمقتضيات الفصل ‪ 146‬من القانون الجنائي ‪ ،‬وتطبيقا للقاعدة المعمول بها في مجال القوانين الموضوعية‬
‫" كل ما ليس ممنوع بنص صريح فهو مباح"‬
‫‪ 154‬المادة ‪ 84‬من القانون ‪104.12‬‬
‫‪ 155‬أبو بكر مهم‪ ،‬حماية المستهلك المتعاقد دراسة تحليلية معمقة في ضوء مستجدات القانون رقم ‪ 31.08‬المتعلق بتحديد تدابير‬
‫حماية المستهلك‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬مطبعة الكرامة ‪ 4‬زنقة المامونية الرباط‪.12 ،‬‬

‫‪227‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حيث أظهرت التجربة أن املستهلك حينما يقدم على التعاقد‪ ،‬إمنا يقدم على ذلك يف‬
‫مواجهة شخص له مصلحة يف أن يدفعه إىل إبرام العقد بأسرع وقت ممكن‪ ،‬ودون أن يفصح‬
‫له ‪-‬يف بعض احلاالت ‪ -‬عن كل املعلومات املتعلقة مبحل العقد مستغال يف ذلك جهله‪.‬‬

‫وأمام هذا الوضع غري األخالقي وغري املتوازن ارتفعت األصوات منددة بهذا االستغالل‬
‫وبهذه املمارسات‪ ،‬وتدعو إىل ضرورة إعادة املساواة بني أطراف العالقة التعاقدية خاصة‬
‫مع تطور احلركة االستهالكية وانتعاشها يف العديد من البلدان‪ ،‬وتطالب املشرع بأن‬
‫‪156‬‬
‫يتدخل لتحقيق املساواة بني األطراف‪.‬‬

‫وفعال استجاب املشرع هلذه األصوات وقام بإصدار القانون رقم ‪ 31.08‬الذي دخل‬
‫حيز التنفيذ يف ‪ 7‬أبريل ‪ 2011‬وهو القانون الذي أسال مداد العديد من الفقهاء والباحثني‪.‬‬

‫ويف ظل الوضعية الراهنة اليت يعيشها املغرب واليت تعرف انتشار وباء كوفيد‪،19‬‬
‫األمر الذي دفع احلكومة إىل إعالن حالة الطوارئ بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬وإغالق احلدود‬
‫الربية والبحرية واجلوية وااللتزام بقواعد احلجر الصحي‪ ،‬هذا الوضع خلق هلعا يف‬
‫صفوف املواطنني وهوما دفعهم إىل التوجه حنو األسواق التجارية واحملالت التجارية‬
‫القتناء كميات كبرية من السلع واملنتوجات‪ ،‬وهو ما دفع ببعض التجار وأصحاب‬
‫احملالت التجارية إىل الزيادة يف مثن بعض السلع واألكثر من ذلك احتكارها خمالفني‬
‫بذلك القانون وضاربني بذلك قيم اإلنسانية والتضامن عرض احلائط‪.‬‬

‫وكجواب عن السؤال املطروح سلفا واملتعلق مبوقف قانون ‪ 31.08‬من االستغالل‬


‫والتعسف الذي يتعرض له املستهلك أمام ظهور وباء كورونا‪.‬‬

‫أبوبكر مهم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.14‬‬ ‫‪156‬‬

‫‪228‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فبالرجوع إىل مقتضيات املادة ‪ 59‬من القانون املذكور جندها تنص على ما يلي ‪":‬‬
‫يقع باطال بقوة القانون كل التزام نشأ بفعل استغالل ضعف أو جهل املستهلك مع حفظ‬
‫حقه يف اسرتجاع املبالغ املؤداة من طرفه وتعويضه عن األضرار الالحقة‪".‬‬

‫إن الواضح من املادة أعاله أن املشرع املغربي تدخل بقاعدة أمرة ال جيوز االتفاق على‬
‫خمالفتها و رتب جزاء واضحا أال وهو البطالن عن كل اتفاق أو التزام كان بسبب‬
‫استغالل ضعف املستهلك أو جهله‪ ،‬مع متكينه ‪-‬املستهلك ‪ -‬من حق اسرتجاع املبالغ‬
‫املدفوعة من طرفه وختويله حق طلب التعويض عن األضرار اليت قد تصيبه من جراء هذا‬
‫االلتزام‪.‬‬

‫وإذا ما ارتكزنا ملقتضيات املادة أعاله فإننا نعتقد وطبقا ملضمون هذه املادة أن ما‬
‫يتعرض له املستهلك اليوم ويف ظل هذه األزمة الصحية ‪ ،‬مبثابة استغالل لضعف‬
‫املستهلك وبالتالي فال غرابة من اعتبار كل زيادة يف السعر بشكل غري مربر وكل ادخار‬
‫سري مبثابة التزام نشأ بفعل استغالل ضعف أو جهل املستهلك وإخضاعها جلزاء‬
‫البطالن مع حفظ حق املستهلك يف اسرتجاع الثمن واحلق يف التعويض إن ترتبت أضرار عن‬
‫ذلك‪.‬‬

‫أما خبصوص اجلزاء اجلنائي املرتتب عن خمالفة أحكام املادة ‪ 59‬أعاله فيتمثل يف‬
‫عقوبة حبسية من شهر إىل مخس سنوات وبغرامة من ‪ 1200‬إىل ‪ 50000‬درهم أو بإحدى‬
‫هاتني العقوبتني فقط ‪ ،‬وذلك دون اإلخالل بأحكام الفصل ‪ 552157‬من القانون اجلنائي‪.‬‬

‫‪ 157‬ينص الفصل ‪ 552‬من القانون الجنائي على مايلي ‪ " :‬من استغل حاجة قاصر دون الواحد والعشرين أو بالغا فاقد األھلية أو‬
‫محجورا‪ ،‬أو استغل أھواءه أو عدم خبرته‪ ،‬ليحصل منه على التزام أو إبراء ‪....‬يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات‬
‫وغرامة من ‪ 200‬إلى ‪ 2000‬درھم‪"...‬‬

‫‪229‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫غري أنه إذا كان املخالف شخصا معنوي فإن العقوبة هي غرامة من ‪ 50000‬إىل‬
‫‪158‬‬
‫‪ 1000.000‬درهم‪.‬‬

‫وما قيل فقها عن نظرية استغالل الضعف واجلهل لدى املستهلك‪ ،‬أن قانون ‪31.08‬‬
‫تناوهلا يف نص مقتضب وهو الفصل ‪ 59‬والذي يعرب حبق عن قمة قصور هذا القانون‪،‬‬
‫ولتأكيد هذا الطرح برهن الفقه مبا يلي‪:‬‬

‫أن قانون ‪ 31.08‬نظم نظرية استغالل املستهلك يف مادة فريدة يتيمة وبشكل مقتضب ال‬
‫ينسجم مع الرهانات اليت كانت معلقة على هذا القانون حلماية املستهلك فهذا إذن إقصاء‬
‫وتهميش هلذه النظرية وكبحا جلماح تطورها حيث اكتفى القانون املذكور باستعمال‬
‫مصطلحي االستغالل والضعف واحلال أن املستهلك قد يتعرض للكثري من مظاهر‬
‫‪159‬‬
‫االستغالل مثل االشهار الكاذب وغريها‪.‬‬

‫وهنا جتدر اإلشارة إىل أنه ال مانع من الرجوع للقواعد العامة‪ ،‬للمطالبة باسرتداد‬
‫املبالغ املدفوعة على اعتبار أن كل تعسف أو استغالل تعرض له املستهلك يف هذه الظرفية‬
‫‪160‬‬
‫العصيبة يعترب خمالفا للقانون وملبادئ التعاون واإلنسانية‪.‬‬

‫و بناء عليه ميكن القول أن قانون ‪ 31.08‬من خالل نظرية استغالل ضعف وجهل‬
‫املستهلك رغم ما قيل عنها فقها‪ ،‬تستطيع اليوم مواكبة وإسعاف الواقع الذي يعيشه‬
‫املستهلك يف ظل هذه األزمة ويف ظل هذا الوضع غري املريح‪.‬‬

‫‪ 158‬المادة ‪ 184‬من قانون ‪ 31.08‬المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك‬


‫‪ 159‬المعزوز البكاي‪ ،‬اضطراب نظرية العقد‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون المدني ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2016‬ص ‪.18-17‬‬
‫‪ 160‬ينص الفصل ‪ 72‬من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي‪ ":‬يجوز استرداد ما دفع لسبب مخالف للقانون أو للنظام العام أو‬
‫لألخالق الحميدة‪".‬‬

‫‪230‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ونشري يف ختام هذه الفقرة أن مواكبة قانون تدابري محاية املستهلك للواقع اليوم ليس‬
‫بقدر مواكبة قانون حرية األسعار واملنافسة الذي جاءت مقتضياته كثرية يف هذا الشأن‪.‬‬

‫وبعد تشخيص واقع وضعية املستهلك يف ظل ظهور وباء كورونا املستجد وبيان‬
‫موقف كل من قانون ‪ 104.12‬وقانون ‪ 31.08‬من تأثري ظهور هذا الفريوس على‬
‫املستهلك‪ ،‬يصبح من الواجب التساؤل عن أهم التدابري املتخذة حلماية املستهلك يف ظل‬
‫هذا الوضع الراهن؟‬

‫ثانيا‪ :‬التدابري املتخذة حلماية املستهلك يف ظل ظهور فريوس كورونا‬

‫يعد يف احلقيقة املغرب من بني الدول اليت تنبهت خلطورة هذا الوباء فاختذت‬
‫السلطات املختصة جمموعة من االجراءات ذات الطابع االحرتازي والوقائي ملواجهة‬
‫االثار الوخيمة هلذه اجلائحة‪ ،161‬ومن أهم االجراءات اليت سلكتها السلطات املغربية‬
‫إعالن حالة الطوارئ الصحية يوم ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬وفرض احلجر الصحي على املواطنني‬
‫وحثهم على عدم مغادرة املنازل إال للضرورة القصوى‪ ،‬وكل ذلك من أجل توفري احلماية‬
‫الصحية والسالمة اجلسدية للمواطنني وهذه خطوات إجيابية حتسب للسلطات املعنية‪.‬‬

‫لكن احلماية املقصودة يف هذا الباب هي محاية املستهلك من كل استغالل وتعسف‬


‫قد يتعرض له من طرف بعــض املهنيني أو التجــار أو احلرفيني مبنــاسبة تلبية‬
‫حاجياته اليومية‪ ،‬إذ السؤال املطروح يف هذا الصدد يتمحور حول أهم التدابري املتخذة من‬
‫طرف السلطات املعنية حلماية املستهلك يف ظل هذه األوضاع؟‬

‫‪ 161‬ھناك نظرية في الفقه المالكي تسمى بنظرية الجوائح ‪ ،‬والجائحة عرفها جمال الدين ابن منظور في معجمه لسان العرب ‪ :‬بأنها‬
‫الشدة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة‪.‬‬

‫‪231‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اجلواب عن هذا السؤال يقتضي منا البحث عن أهم التدابري املتخذة على املستوى‬
‫الوطين(أ)‪ ،‬ثم الوقوف على أهم التدابري املتخذة على املستوى احمللي(ب)‪.‬‬

‫أ‪ :‬التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى الوطين‬

‫هناك جمموعة من التدابري اليت اختذتها السلطات املختصة على الصعيد الوطين واليت‬
‫تهدف من خالهلا إىل ضمان نوع من احلماية القانونية للمستهلك من كل استغالل او‬
‫تعسف قد يتعرض له مبناسبة تلبيته حلاجياته اليومية‪ ،‬ومن بني هذه التدابري جند‪:‬‬

‫حتديد األسعار القصوى للمطهرات الكحولية بقرار‪ 162‬لوزير االقتصاد واملالية وذلك‬
‫منعا لالحتكار والتالعب إذ جاء يف املادة األوىل من هذا القرار " تنظم لفرتة مؤقتة حتدد يف‬
‫(‪ )6‬أشهر‪ ،‬أسعار البيع القصوى باجلملة وبالتقسيط للمطهرات الكحولية‪".‬‬

‫كما نصت املادة الثانية من نفس القرار على أنه حتدد األسعار القصوى للمنتوجات‬
‫املذكورة يف املادة أعاله طبقا لالئحة امللحقة بهذا القرار ‪".‬‬

‫وبعد استشارة جملس املنافسة وبعد استطالع رأي جلنة األسعار املشرتكة بني‬
‫الوزارات تقرر حتديد الئحة أسعار البيع باجلملة والتقسيط على الشكل التالي‪:‬‬

‫الئحة أسعار البيع القصوى للمطهرات الكحولية باجلملة‬

‫سعر البيع باجلملة دون احتساب الرسوم‬ ‫شكل التقديم‬

‫‪ 162‬قرار لوزي االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة رقم ‪ 986.20‬صادر في ‪ 21‬رجب ‪ 16( 1441‬مارس ‪ )2020‬باتخاذ تدابير‬
‫مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية‪.‬‬

‫‪232‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ 200‬درهم للرت‬ ‫قنينة من ‪ 50‬ميليلرت أو أقل ‪....‬‬

‫‪ 150‬درهم للرت‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 50‬إىل غاية ‪ 100‬ميليلرت‬

‫‪84‬درهم للرت‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 100‬ميليلرت إىل ‪ 300‬مليليرت‬

‫‪ 75‬درهم للرت‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 300‬ميليلرت إىل غاية لرت واحد‬

‫‪ 50‬درهم للرت‬ ‫قنينة ألكثر من لرت‬

‫الئحة أسعار البيع القصوى للمطهرات الكحولية بالتقسيط‬

‫سعر البيع األقصى بالتقسيط الشامل للرسوم‬ ‫شكل التقديم‬

‫‪ 300‬درهم للرت أي ‪ 15‬درهم كسعر أقصى للقنينة الواحدة من حجم ‪ 50‬ملل‬ ‫قنينة من ‪ 50‬ميليلرت أو أقل‬

‫‪ 200‬درهم للرت أي ‪ 20‬درهم كسعر أقصى للقنينة الواحدة من حجم ‪ 100‬ملل‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 50‬إىل غاية ‪ 100‬ميليلرت‬

‫‪ 117‬درهم للرت أي ‪ 35‬درهم كسعر أقصى للقنينة الواحدة من حجم ‪ 300‬ملل‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 100‬ميليلرت إىل ‪ 300‬مليليرت‬

‫‪ 105‬درهم للرت أي ‪ 105‬دراهم كسعر أقصى للقنينة الواحدة من حجم لرت واحد‬ ‫قنينة أكثر من ‪ 300‬ميليلرت إىل غاية لرت واحد‬

‫‪ 70‬درهم للرت أي ‪ 140‬درهم كسعر أقصى للقنينة الواحدة من حجم ‪ 2‬لرت‬ ‫قنينة ألكثر من لرت‬

‫‪233‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وقد مت هذا التحديد تطبيقا للمادة ‪ 4‬من قانون ‪ 104.12‬املتعلق حبرية األسعار‬
‫واملنافسة واليت تنص على أنه‪ ":‬ال حتول أحكام املادتني ‪ 2‬و‪ 1633‬أعاله دون امكانية قيام‬
‫االدارة بعد استشارة جملس املنافسة‪ ،‬باختاذ تدابري مؤقتة ضد ارتفاع أو اخنفاض فاحش‬
‫يف األسعار تعلله ظروف استثنائية أو كارثة عامة أو وضعية غري عادية بشكل واضح يف‬
‫السوق بقطاع معني‪.‬‬

‫وال جيوز أن تزيد مدة تطبيق التدابري املذكورة على ستة أشهر قابلة للتمديد مرة‬
‫واحدة من طرف اإلدارة‪".‬‬

‫كما مت هذا اإلجراء تفعيال للمادة الثالثة من املرسوم التطبيقي‪ 164‬لقانون ‪104.12‬‬
‫واليت تقضي بأنه ميكن لرئيس احلكومة أو السلطة املفوضة من لدنه أن يتخذ بقرار‬
‫التدابري املؤقتة املنصوص عليها يف املادة ‪ 4‬من قانون حرية األسعار واملنافسة بعد استشارة‬
‫جملس املنافسة واستطالع رأي جلنة األسعار املشرتكة بني الوزارات‪.‬‬

‫وخبصوص املدة اليت جيب أن يدلي فيها جملس املنافسة برأيه فتحدد يف أجل أقصاه‬
‫شهران إذا تعلق األمر بتحديد األسعار طبقا للمادة الثالثة من قانون حرية األسعار‬
‫واملنافسة‪ ،‬وميكن أن خيفض هذا األجل إىل شهر واحد إذا تعلق األمر باختاذ تدابري‬
‫مؤقتة طبقا للمادة ‪ 4‬من نفس القانون‪.‬‬

‫أما إذا تعلق األمر حباالت استثنائية تستدعي التدخل على وجه االستعجال فيجوز‬
‫لرئيس احلكومة أو السلطة احلكومية املفوضة من لدنه هلذا الغرض‪ ،‬أن يطلب من جملس‬

‫‪ 163‬تنص المادة ‪ 3‬من قانون ‪ 104.12‬على ما يلي ‪":‬يمكن فيما يتعلق بالقطاعات أو المناطق التي تكون فيها المنافسة باألسعار‬
‫محدودة إما بسبب حاالت احتكار قانوني واما بفعل دعم االدارة لبعض القطاعات او المواد عند االنتاج او التسويق او بفعل صعوبات‬
‫دائمة في التموين واما ن تيجة احكام تشريعية او تنظيمية ‪ ،‬أن تنظم األسعار من لدن اإلدارة بعد استشارة مجلس المنافسة‪"...‬‬
‫‪ 164‬مرسوم رقم ‪ 2.14.652‬بتاريخ ‪ 8‬صفر ‪ 1436‬الموافق لفاتح دجنبر ‪ 2014‬المتعلق بتطبيق القانون رقم ‪ 104.12‬المنظم لحرية‬
‫األسعار والمنافسة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية ‪ 6314‬بتاريخ ‪ 11‬صفر ‪ 1436‬الموافق ل ‪ 4‬دجنبر ‪ ، 2014‬ص ‪.8230‬‬

‫‪234‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املنافسة أن يدلي برأيه داخل أجل أقصر حيدد يف الرسالة املوجهة للمجلس‪ ،‬وتسري‬
‫اآلجال املذكورة من تاريخ إحالة الطلب على جملس املنافسة ويف حالة عدم إدالء اجمللس‬
‫‪165‬‬
‫برأيه داخل األجل احملدد أصبحت قرارات اإلدارة قابال للتنفيذ‪.‬‬

‫غري أن أسعار بعض السلع واملنتوجات واخلدمات واليت تكتسي طابعا حمليا واحملددة‬
‫قائمتها بالقرار املشار له أعاله حتدد من لدن عمال العماالت أو األقاليم املعنية بعد‬
‫استطالع رأي جلنة إقليمية حتدث هلذا الغرض من قبل العامل واليت تضم حتت رئاسته‬
‫رؤساء املصاحل اخلارجية للقطاعات الوزارية املعنية‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أنه وطبقا لقاعدة توازي الشكليات يتم السحب النهائي للمنتوجات‬
‫والسلع واخلدمات املذكورة بقرار لرئيس احلكومة أو السلطة املفوضة من لدنه هلذا‬
‫‪166‬‬
‫الغرض‪ ،‬بعد استطالع رأي اللجنة السالفة الذكر‪.‬‬

‫فضال عن ذلك مت حتديد مثن البيع القصوى بالتقسيط للكمامات الواقية غري املنسوجة‬
‫املوجهة لالستعمال غري الطيب‪ ،‬بقرار‪ 167‬لوزير االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة يف ‪2.50‬‬
‫درهم للوحدة مع احتساب الضريبة على القيمة املضافة بالنسبة للعلبة من ‪ 10‬وحدات‪،‬‬
‫ودرهمني للوحدة مع احتساب الضريبة على القيمة املضافة بالنسبة للعلبة من ‪ 50‬وحدة‪.‬‬

‫ومن بني التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى الوطين تعزيز التموين املباشر‬
‫للمحالت التجارية املتوسطة والكربى من الفواكه واخلضر من قبل املنتجني‪ ،‬حيث مت‬
‫اختاذ هذا االجراء بشكل مشرتك من طرف وزارة الداخلية ووزارة الفالحة والصيد‬

‫‪ 165‬المادة ‪ 4‬من المرسوم التطبيقي رقم ‪2.14.652‬‬


‫‪ 166‬المادة األولى من المرسوم التطبيقي رقم ‪2.14.652‬‬
‫‪ 167‬قرار وزير االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة رقم ‪ 1020.20‬صادر في ‪ 6‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 31‬مارس ‪ 2020‬باتخاذ‬
‫تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار الكمامات الواقية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ، 6670‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪ ،2020‬ص‪.111‬‬

‫‪235‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫البحري والتنمية القروية واملياه والغابات يوم ‪ 18‬مارس ‪ 2020‬وسيستمر ملدة شهر وذلك‬
‫ملدة حتدد يف ستة أشهر‪.168‬‬

‫وقد مت اختاد هذا االجراء من أجل ضمان التموين املستمر لألسواق الوطنية وذلك عرب‬
‫بالغ وجه للرأي العام يوم ‪ 16‬مارس ‪ ،2020‬وأوضحت الوزارة املعنية بأن متوين االسواق‬
‫باملنتوجات الفالحية والسمكية سيتم بطريقة منتظمة ومستمرة‪ ،‬كما انه لن يتم أي انقطاع‬
‫‪169‬‬
‫يف التموين او اي انقطاع فيما خيص املنتوجات الفالحية او السمكية‪.‬‬

‫وقد أكدت وزارة الداخلية يف بالغ هلا أن منع استعمال وسائل النقل اخلاصة‬
‫والعمومية بني املدن ‪ ،‬ال يشمل حركة نقل البضائع واملواد االساسية اليت تتم يف ظروف‬
‫‪170‬‬
‫عادية مبا يضمن تزويد املواطنني جبميع حاجياتهم اليومية‪.‬‬

‫ومن التدابري أيضا املتخذة حلماية املستهلك على الصعيد الوطين حرص السلطات‬
‫املعنية على تعبئة وتوزيع قنينات غاز البوتان يف نقاط البيع بشكل يغطي حاجة‬
‫املستهلك‪.‬‬

‫وقد جاء يف بالغ مشرتك بني وزارة الداخلية ووزارة الطاقة واملعادن ما يلي‪:‬‬

‫إىل السيدات والسادة ‪ - :‬والة اجلهات وعمال عماالت وأقاليم اململكة‬

‫‪-‬املدراء اجلهويني واإلقليميني لوزارة الطاقة واملعادن والبيئة‬

‫المادة األولى من القرار رقم ‪ ،1020.20‬باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار الكمامات الواقية‪.‬‬ ‫‪168‬‬

‫بالغ صحفي رقم ‪ ،3‬صادر في ‪ 17‬مارس ‪ ،2020‬وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات‪.‬‬ ‫‪169‬‬

‫بالغ لوزارة الداخلية بتاريخ ‪ 21‬مارس ‪.2020‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪236‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫يف ظل الوضع االستثنائي املرتبط جبائحة فريوس كورونا‪ ،‬فإن خماوف بعض األسر‬
‫والفالحني فيما يتعلق بتوفر املنتجات األساسية بالسوق الوطنية‪ ،‬وال سيما قنينات غاز‬
‫البوتان‪ ،‬قد خلقت تهافتا غري مربر على اقتناء قنينات الغاز‪ ،‬مما قد يؤدي إىل حدوث‬
‫خلل يف سوق بيع قنينات الغاز بالتقسيط يف بعض املناطق ببالدنا‪.‬‬

‫كما تعمد بعض نقاط البيع إىل تزويد الزبناء بقنينات معينة دون استالم القنينات‬
‫الفارغة وجلوء بعض االشخاص إىل التزويد بأعداد كبرية من هذه القنينات قصد تكوين‬
‫احتياطي شخصي مما يتسبب يف خلق اضطراب يف سلسلة االنتاج والتزود بهذه املادة‬
‫احليوية‪ ،‬زيادة عن املخاطر األمنية املتعلقة بعملية التخزين الذاتي لقنينات الغاز لدى‬
‫األسر‪.‬‬

‫وللحيلولة دون حدوث اضطرابات يف تزويد السوق الوطنية بغاز البوتان واحلفاظ على‬
‫سالمة املواطنني‪ ،‬املرجو دعوة مجيع املتدخلني احملليني من شركات االنتاج والتوزيع‬
‫وأصحاب نقط البيع بالتقسيط هلذه القنينات إىل التقيد بهذه اإلجراءات‪:‬‬

‫‪-‬إلزامية بيع قنينات الغاز املعينة مقابل نفس عدد القنينات الفارغة‪ ،‬وإعادتها إىل‬
‫سلسلة التعبئة من قبل املوزعني‬

‫‪-‬بيع قنينة واحدة لكل زبون عند كل مرحلة التزويد‬

‫‪-‬السهر على ضمان توفري وسائل النقل الكافية للحفاظ على سالمة التزويد بهذه املادة‬
‫احليوية‬

‫‪237‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪-‬تكثيف زيارات جلان املراقبة بهدف رصد التجاوزات واختاد ما يلزم من إجراءات‬
‫قانونية إزاء مرتكبيها‪.‬‬

‫واعتبارا للظرفية اخلاصة احلالية‪ ،‬جيب العمل على اختاد التدابري الضرورية لضمان‬
‫التنفيذ السريع لإلجراءات املقررة مع طمأنة املواطنني أن بالدنا تتوفر على املخزون الكايف‬
‫‪171‬‬
‫من غاز البوتان وكذا اآلليات اللوجيستيكية لضمان التزويد املستمر للسوق الوطنية‪.‬‬

‫وقد اكدت اللجنة الوزارية املكلفة بتتبع التموين وعمليات مراقبة األسعار واجلودة‬
‫التابعة لوزارة االقتصاد واملالية وإصالح االدارة يف اجتماع هلا يوم االثنني ‪ 23‬مارس‬
‫‪ ،2020‬على تسجيل استقرار يف األسعار يف أغلب املواد األكثر استهالكا على صعيد أقاليم‬
‫اململكة‪ ،‬كما وقفت على الرتاجع النسيب ألسعار بعض املواد اليت عرفت بعض االرتفاعات‬
‫خالل األسبوع الفارط‪.‬‬

‫كما أكدت أن عملية متوين االسواق عادية‪ ،‬ويتم تزويد األسواق بانتظام بكل املواد‬
‫األساسية وبكميات وافرة تفوق الطلب يف غالبية األحيان‪.‬‬

‫وخبصوص املواد اليت عرفت ارتفاع كبري يف الطلب‪ ،‬وضغطا مرحليا يف بعض املناطق‬
‫فإن التدابري واإلجراءات املعتمدة من قبل مجيع املتدخلني مكنت من مواجهة هذا الضغط‪.‬‬

‫كما مت التأكيد على أن هذه اللجنة ستواصل عقد اجتماعاتها بشكل منتظم يومي‬
‫االثنني واخلميس من كل أسبوع‪ ،‬ملتابعة تطور األسواق ووضعية التموين ومراقبة‬
‫األسعار‪ ،‬وستتخذ كل اإلجراءات والتدابري القانونية يف مواجهة كافة أساليب الغش‬

‫بالغ مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الطاقة والمعادن والبيئة‪ ،‬رقم ‪ ،3096‬صادر بتاريخ ‪ 22‬مارس ‪.2020‬‬ ‫‪171‬‬

‫‪238‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫واالحتكار واملضاربة والتالعب يف األسعار‪ ،‬وفق مقتضيات القانون رقم ‪ 104.12‬املتعلق‬


‫‪172‬‬
‫حبرية األسعار واملنافسة‪.‬‬

‫عالوة على ما سبق فقد عملت وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية واملياه‬
‫والغابات‪ ،‬على اختاذ عدة تدابري من أجل تعزيز اإلنتاج الوطين وضمان مستويات مرحية‬
‫يف املخزون من هذه التدابري‪:‬‬

‫تعزيز خمططات توزيع الزراعات الذي مت وضعها خالل فصل الشتاء وخاصة بالنسبة‬
‫بشكل يسمح بتغطية‬ ‫للخضروات األكثر استهالكا كالطماطم والبصل والبطاطس‬
‫االحتياجات االستهالكية ما بني شهري أبريل وماي‪.‬‬

‫‪-‬تأمني التموين من احلبوب والقطاني باختاذ جمموعة من التدابري بتعاون مع بعض‬


‫الفاعلني‪ ،‬مؤكدة أن وضعية املخزون كافية لتغطية ما بني ثالث أو أربع أشهر خصوصا‬
‫القمح والذرة والشعري والقطاني‪.‬‬

‫‪-‬احلرص على الوضعية الصحية للقطيع الوطين من قبل املصاحل اجلهوية واالقليمية‬
‫للمكتب الوطين للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية‪ ،‬بدعم من البياطرة العاملني يف‬
‫القطاع اخلاص‪.‬‬

‫‪-‬دعم علف القطيع للتخفيف من اثار نقص التساقطات املطرية‪ ،‬وهلذا الغرض وضعت‬
‫الوزارة املعنية برنامج يرتكز على توزيع ‪ 2.5‬مليون قنطار من الشعري املدعم لفائدة مربي‬
‫املاشية‪ ،‬بسعر ثابت يبلغ درهمني للكيلوغرام الواحد‪ ،‬وقد بدأت عملية التوزيع يف ‪29‬‬
‫مارس ‪.2020‬‬

‫‪ 172‬بالغ لوزارة االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬قطاع الشؤون العامة والحكامة‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪.2020‬‬

‫‪239‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما أكدت وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية واملياه والغابات‪ ،‬أن‬
‫املصاحل املركزية التابعة هلا ستبقى معبأة لتلبية احتياجات املستهلكني‪ ،‬يف احرتام‬
‫‪173‬‬
‫لتدابري النظافة واحلماية الصحية الفردية واجلماعية‪.‬‬

‫إضافة إىل سبق فمن التدابري املتخذة ملواكبة هذه األوضاع‪ ،‬مصادقة اجمللس احلكومي‬
‫على جمموعة من املراسيم اليت تهدف إما إىل متديد وقف استيفاء رسوم االسترياد أو إىل‬
‫وقف استيفاء هذه الرسوم بالنسبة للحبوب والقطاني ويتعلق األمر‪:‬‬

‫‪ -1‬باملرسوم رقم ‪ 1742.20.295‬املتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على القمح اللني ومشتقاته‪ ،‬وهذا التمديد سيكون إىل غاية‬
‫‪ 15‬يونيو ‪ 1752020‬دون األخالل بأحكام البند االنتقالي للفصل‪13‬‬
‫من مدونة اجلمارك والضرائب غري املباشرة‪.176‬‬

‫‪ -2‬املرسوم رقم ‪ 2.20.296177‬املتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على القمح الصلب‪ ،‬وذلك ابتداء من فاتح أبريل‬
‫‪ ،1782020‬ويطبق هذا اإلجراء دون املساس بأحكام البند االنتقالي‬
‫للفصل ‪ 13‬من مدونة اجلمارك والضرائب غري املباشرة طبقا للمادة‬
‫الثانية من املرسوم‪.‬‬

‫‪ 173‬بالغ صحفي (رقم ‪ ،)6‬لوزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات‪ ،‬بتاريخ ‪ 2‬أبريل ‪ 2020‬بالرباط‪.‬‬
‫‪ 174‬مرسوم رقم ‪ 2.20.295‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس ‪ 2020‬المتعلق بتمديد وقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على القمح اللين ومشتقاته‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،6869‬ص ‪.1803‬‬
‫‪ 175‬المادة األولى من المرسوم رقم ‪.2.20.295‬‬
‫‪ 176‬المادة الثانية من المرسوم رقم ‪2.20.295‬‬
‫‪ 177‬مرسوم رقم ‪ 2.20.296‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس‪ 2020‬والمتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على القمح الصلب‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،6869‬ص‪.1804‬‬
‫‪ 178‬المادة األولى من مرسوم ‪ 2.20.296‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد المفروض على القمح الصلب‪.‬‬

‫‪240‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -3‬مرسوم رقم‪ 2.20.297179‬املتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على العدس‪ ،‬وذلك ابتداء من فاتح أبريل كما تنص على‬
‫ذلك املادة األوىل من املرسوم‪ ،‬ويطبق هذا االجراء دون املساس‬
‫بأحكام البند االنتقالي للفصل ‪ 13‬من مدونة اجلمارك والضرائب‬
‫غري املباشرة‪.‬‬

‫‪ -4‬مرسوم رقم ‪ 1802.20.298‬ويتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على احلمص‪ ،‬وذلك ابتداء من فاتح أبريل ‪ ،2020‬ويطبق‬
‫كذلك هذا اإلجراء دون املساس بأحكام البند االنتقالي للفصل ‪13‬‬
‫من مدونة اجلمارك والضرائب غري املباشرة‪.181‬‬

‫‪ -5‬مرسوم رقم ‪ 1822.20.299‬املتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على الفول ‪ ،‬وذلك ابتداء من فاتح أبريل ‪ 2020‬ودون‬
‫املساس بأحكام البند االنتقالي للفصل ‪ 13‬من مدونة اجلمارك‬
‫والضرائب غري املباشرة كما تنض على ذلك املادة األىل والثانية من‬
‫‪183‬‬
‫املرسوم‪.‬‬

‫‪ 179‬مرسوم رقم ‪ 2.20.297‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس ‪ 2020‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على العدس‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،6969‬ص ‪.1805‬‬
‫‪ 180‬مرسوم رقم ‪ 2.20.298‬صادر بتاريخ ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس ‪ 2020‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على الحمص‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ ،6969‬ص ‪.1805‬‬
‫‪ 181‬المادة األولى والثانية من مرسوم ‪ 2.20.298‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد المفروض على الحمص‪.‬‬
‫‪ 182‬مرسوم رقم ‪ 2.20.299‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس ‪ 2020‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على الفول‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‪ ،6899‬بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ ،2020‬ص ‪1806‬‬
‫‪ 183‬المادة األولى والثانية من مرسوم ‪.2.20.299‬‬

‫‪241‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -6‬مرسوم رقم ‪ 2.20.300184‬املتعلق بوقف استيفاء رسم االسترياد‬


‫املفروض على الفاصولياء العادية‪ ،‬وحسب املادة األوىل من املرسوم‬
‫سيتم وقف االستيفاء ابتداء من فاتح أبريل ‪ ،2020‬ودون املساس‬
‫بأحكام البند االنتقالي للفصل ‪ 13‬من مدونة اجلمارك والضرائب‬
‫غري املباشرة‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أن تنفيذ هذه املراسيم يسند لوزير االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة‬
‫بعد نشرها يف اجلريدة الرمسية‪.185‬‬

‫بناء عليه ميكن القول أن اجمللس احلكومي خطى خطوة حسنة حينما قرر وقف‬
‫استيفاء الرسوم اجلمركية املفروضة على هاته املواد‪ ،‬مع العلم أن احلبوب والقطاني هي‬
‫املواد األكثر استهالكا من طرف الطبقة املتوسطة والضعيفة داخل اجملتمع املغربي‪.‬‬

‫بالتالي سيكون من السهل الربهنة على أن مصادقة احلكومة عل كل هذه املراسيم‬


‫يعترب من أهم التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى الوطين ويف ظل جائحة وباء‬
‫كورونا‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أن هناك جهة تسهر بدورها على الدفاع عن حقوق املستهلك على‬
‫الصعيد الوطين واملتمثلة يف اجلامعة الوطنية حلماية املستهلك‪ 186‬واليت تضم مجعيات‬
‫محاية املستهلك املعرتف هلا باملنفعة العامة ‪ ،‬ويعرتف للجامعة الوطنية حلماية‬

‫‪ 184‬مرسوم رقم ‪ 2.20.3200‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 27‬مارس ‪ 2020‬المتعلق بوقف استيفاء رسم االستيراد‬
‫المفروض على الفاصولياء العادية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،6969‬ص ‪.1807‬‬
‫‪ 185‬المادة الثالثة من كل مرسوم من المراسيم السابقة الذكر‪.‬‬
‫‪ 186‬تنص المادة ‪ 157‬من قانون ‪ 31.08‬على أنه ‪ ":‬يمكن للجامعة الوطنية ولجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة‬
‫العامة طبقا ألحكام المادة ‪ 154‬أن ترفع دعاوى قضائية ‪ ،‬أو تتدخل في دعاوى جارية‪ ،‬أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي‬
‫التحقيق‪ ،‬للدفاع عن مصالح المستهلك‪ ،‬وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني والمتعلقة باألفعال والتصرفات التي تلحق ضررا‬
‫بالمصلحة الجماعية للمستهلكين‪".....‬‬

‫‪242‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املستهلك بقوة القانون بصفة املنفعة العامة‪ ،‬وحيدد النظام األساسي للجامعة الوطنية‬
‫‪187‬‬
‫مبرسوم ‪،‬ومينح هلا االعرتاف بصفة املنفعة العامة مبوجب مرسوم‪.‬‬

‫كما يتم إنشاء صندوق حلماية املستهلك وذلك لتمويل األنشطة واملشاريع اهلادفة إىل‬
‫محاية املستهلك‪ ،‬وتطوير الثقافة االستهالكية ودعم مجعيات محاية املستهلك ‪ ،‬وتشرف‬
‫على هذا الصندوق الوزارة املكلفة بالتجارة والصناعة على حد تعبري املادة ‪ 156‬من قانون‬
‫‪.31.08‬‬

‫ونشري يف ختام هذه األسطر أنه و تنفيذا لقرارات جلنة اليقظة االقتصادية أعلنت‬
‫اجملموعة املهنية لبنوك املغرب تأجيل سداد أقساط قروض السكن وقروض االستهالك‬
‫وبدون فوائد ألشهر مارس وابريل وماي ويونيو بناء على طلب الزبون ‪ ،‬وكل ذلك وقوفا‬
‫إىل جانب املستهلك يف اجملال البنكي نظرا لضعف قدرته عن األداء يف ظل هذه األزمة‪.‬‬

‫كما مت تفعيل خط اضايف للقروض متنحها البنوك ويضمنها الصندوق املركزي للضمان‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫كما قررت اجلامعة املغربية لشركات التامني واعادة التامني أن شهادات التأمني على‬
‫السيارات اليت تنتهي صالحيتها يف هذه الفرتة متدد صالحيتها إىل أخر ابريل ‪.2020‬‬

‫وتلكم إذن بعض التدابري املتخذة من طرف اجلهات املعنية على الصعيد الوطين‬
‫حلماية املستهلك املغربي‪ ،‬إذن فماذا عن التدابري املتخذة على املستوى احمللي؟‬

‫‪ 187‬المادة ‪ 155‬من قانون ‪ 31.08‬المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك‪.‬‬

‫‪243‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ب‪ :‬التدابري املتخذة حلماية املستهلك على املستوى احمللي‬

‫تتجلى التدابري املتخذة على املستوى احمللي حلماية املستهلك ‪ ،‬يف جمموع‬
‫اإلجراءات املتخذة من طرف كل جهة‪ 188‬أو كل عمالة‪ 189‬أو كل مجاعة ترابية‪ 190‬يف‬
‫إطار الصالحيات املخولة هلا‪ ،‬وميكن القول بداية أن معظم هذه التدابري املتخذة اليوم‬
‫على الصعيد احمللي حلماية املستهلك تكون ذات طابع عملي إما عن طريق تشكيل جلان‬
‫معينة تسند هلا العديد من الصالحيات‪ ،‬وإما عن طريق تكليف رجال السلطة للقيام‬
‫ببعض املهام يف هذا الشأن‪ ،‬كما قد تتخذ هذه التدابري من طرف مجعيات محاية‬
‫املستهلك املوجودة على مستوى كل مدينة‪.‬‬

‫وقبل الشروع يف استعراض مناذج لبعض التدابري املتخذة على الصعيد احمللي‬
‫حلماية املستهلك البد لنا من اإلشارة إىل أن بعض املنتوجات أو السلع احملددة أسعارها‬
‫بقرار لرئيس احلكومة أو السلطة املفوضة من طرفه‪ ،‬واليت تكتسي طابعا حمليا يرجع أمر‬
‫حتديد أسعارها لعمال العماالت أو األقاليم بعد استطالع رأي جلنة إقليمية حتدث هلذا‬
‫الغرض من طرف عامل العمالة واليت تضم حتت رئاسته رؤساء املصاحل اخلارجية‬
‫‪191‬‬
‫للقطاعات الوزارية املعنية‪.‬‬

‫ومن بني االجراءات املتخذة على الصعيد احمللي ويف إطار تنفيذ التدابري الرامية إىل‬
‫احلد من فريوس كورونا املستجد مت إحداث جلان إقليمية ملراقبة اجلودة واألسعار وذلك‬
‫من أجل تشديد املراقبة اليومية واملنتظمة لألسواق وحماربة أي احتكار أو زيادة يف‬

‫‪ 188‬في شأن اختصاصات الجهة أنظر القسم الثاني من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‬
‫‪ 189‬في شأن اختصاصات العمالة انظر القسم الثاني من القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعمالت واألقاليم‬
‫‪ 190‬في شأن اختصاصات الجماعة الترابية انظر القسم الثالث من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.12‬المتعلق بالجماعات‬
‫‪ 191‬المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 8 2.14.652‬صفر ‪ 1436‬الموافق لفاتح دجنبر ‪ ،2014‬بتطبيق القانون ‪ 104.12‬المتعلق بحرية‬
‫األسعار والمنافسة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪،6314‬ص ‪.8230‬‬

‫‪244‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األسعار وكذلك من أجل طمأنة املواطنني بشأن وضعية متوين األسواق احمللية باملواد‬
‫الغذائية من خالل الزيارات امليدانية من جهة ‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن هذه احلمالت الرقابية اليت جتري بتنسيق مع املندوبيات‬
‫اإلقليمية للتجارة والصناعة والسلطات الالممركزة تراهن على تقوية وتعزيز عمليات‬
‫املراقبة وضمان االلتزام بالقوانني اجلاري بها العمل‪ ،‬وهي جلان مت تشكيلها على صعيد‬
‫كل جهة باململكة ‪.‬‬

‫كما ان هذه اللجان تعمل بنوع من احلزم والشدة‪ ،‬حيث املالحظ عمليا أنه يتم حترير‬
‫العديد من احملاضر‪ 192‬لبعض التجاوزات املسجلة يف بعض احملالت التجارية‪ ،‬مثل‬
‫الزيادة يف أسعار بعض املنتوجات وبعض القطاني ومواد التنظيف‪ ،‬وعدم تقديم فواتري‬
‫الشراء‪ ،‬وعدم حتديد بعض األسعار يف الئحة‪.‬‬

‫ويف نفس الصدد تتلقى هذه اللجان تقارير يومية مفصلة عن وضعية األسواق واملراكز‬
‫‪193‬‬
‫التجارية‪ ،‬واليت تؤكد معظمها على أن وضعية التموين كافية لتلبية حاجة املستهلك‪.‬‬

‫أما خبصوص النقل العمومي فالواضح مما جيري واقعيا أن أقسام الشؤون االقتصادية‬
‫والتنسيق تقوم حبمالت حتسيسية يومية لدى سائقي سيارات األجرة الكبرية من أجل‬
‫حثهم على اتباع تعليمات وزارة الداخلية وعدم استغالل ضعف املستهلك‪.‬‬

‫‪ 192‬تنص المادة ‪ 69‬من قانون ‪ 104.12‬على أنه ‪ ":‬يمكن أن يترتب عن األبحاث تحرير محاضر وإن اقتضى الحال تقارير بحث‪.‬‬
‫ترفع المحاضر وتقارير البحث التي يحررھا الباحثون والمتعلقة بالممارسات المشار لها في المواد ‪ 6‬و‪7‬و‪ 8‬من ھذا القانون إلى‬
‫السلطة التي طلبتها‪.‬‬
‫مع مراعاة القسم التاسع من ھذا القانون‪ ،‬توجه المحاضر المثبتة فيها المخالفة ألحكام القسمين السادس والسابع إلى وكيل الملك‪"..‬‬

‫‪ 193‬في شأن القيام باأل بحاث انظر الباب األول المعنون باألبحاث‪ ،‬من القسم الثامن المعنون باألبحاث والعقوبات‪ ،‬من قانون ‪104.12‬‬
‫المتعلق بحرية األسعار والمنافسة‪.‬‬

‫‪245‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫كما تقوم اللجنة اإلقليمية لليقظة على صعيد كل عمالة جبوالت ملراقبة األسعار‬
‫ملنتوجات اخلضر والفواكه والقطاني اليت يكثر عليها الطلب خالل هذه الفرتة والتحقق من‬
‫مدى جودتها وخضوعها ملعايري الصحة والسالمة ‪ ،‬وكذلك للتأكد من وضعية التموين‬
‫داخل األسواق‪.‬‬

‫ويف هذا الصدد أكد رئيس قسم الشؤون االقتصادية والتنسيق بعمالة الفقيه بن صاحل‪":‬‬
‫على أن بعض أصحاب املتاجر وصلوا إىل مجيع املمارسات غري القانونية واليت تبتز‬
‫املستهلك كعرض بعض املواد غري القابلة لالستهالك النتهاء صالحيتها أو فسادها‪ ،‬كما‬
‫أكد أن عمليات املراقبة تشمل مجيع أصناف التجار سواء بالتقسيط أو باجلملة واملراكز‬
‫التجارية الكربى‪ ،"194‬وهذه اإلجراءات من شأنها وقف املضاربات والزيادة يف أسعار‬
‫املواد االستهالكية اليت حيتاجها املواطن يف ظل هذه األزمة الصحية‪ ،‬فلجان اليقظة تقوم‬
‫يوميا بالتحقيقات على مستوى األسواق احمللية والتصدي لكل ما من شأنه استغالل‬
‫ضعف املستهلك‪.‬‬

‫واملالحظ أيضا من خالل جمموعة من مقاطع الفيديو املنشورة على بعض املواقع‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬قيام رجال السلطة ‪ -‬القياد‪ -‬وضباط الشرطة ورجال القوات املساعدة‬
‫‪،‬حبمالت ملراقبة األسعار يف األسواق اليومية ‪ ،‬وكذلك مراقبة أسعار املواد الغذائية داخل‬
‫األحياء‪ ،‬وإلزام أصحاب احملالت التجاري بتعليق الئحة لألمثنة يف باب احملل وذلك‬
‫تفاديا لكل زيادة غري مربرة‪.‬‬

‫واجلدير بالذكر أنه بعد ما مت تعليق مجيع األسواق األسبوعية يف مدن اململكة ملا‬
‫تشكله من خطر على صحة املواطنني‪ ،‬واإلبقاء على األسواق اليومية فقط‪ ،‬مع مراعاة قواعد‬
‫"عز الدين غازي" رئيس قسم الشؤون االقتصادية والتنسيق بعمالة الفقيه بن صالح‪ ،‬تصريح لقناة األولى يوم ‪ 3‬أبريل ‪2020‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪246‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الصحة والسالمة‪ ،‬جلأت جلان حتديد أمثنة اخلضر والفواكه بسوق اجلملة ببعض املدن‬
‫بإعداد الئحة ألمثنة اخلضر والفواكه اخلاصة بكل يوم وذلك تفاديا لكل استغالل‬
‫للمستهلك الضعيف‪.‬‬

‫ويف النهاية البد من التنويه بالدور الذي تلعبه مجعيات محاية املستهلك املتواجدة‬
‫على مستوى املدن كأهم اجراء حملي حلماية املستهلك‪ ،‬اليت تقوم مبهام إعالم وتوجيه‬
‫املستهلكني والدفاع عن مصاحلهم االقتصادية طبقا للمادة ‪ 152‬من قانون ‪ ،31.08‬وتلقي‬
‫الشكايات من املواطنني وإيالئهم األهمية الالزمة ورفعها إىل اجلهات املعنية‪ ،‬واملالحظ‬
‫على مستوى الواقع أن عدد الشكايات املرفوعة إىل اجلمعيات قد ارتفعت وبشكل كبري‬
‫اليوم أمام ظهور وباء كورونا‪ .‬ومعظم هذه الشكايات يشتكون فيها املواطنون من ارتفاع‬
‫أسعار بعض املواد واحتكارها كما سبق القول‪.‬‬

‫وخلدمة املستهلك تقوم بعض اجلمعيات بتنظيم مداومة يف مقراتها وتوفر خلدمة‬
‫املستهلك فريقا للتوجيه واإلعالم وتقديم االستشارة واملساعدة يف حالة وقوع أي نزاع‪،‬‬
‫ولتقريب اخلدمة من املواطن فهناك قائمة شبابيك املستهلك على املوقع االلكرتوني‬
‫التالي‪ ،www .khidmat-almostahlik.ma ":‬وهو عبارة عن بوابة تتضمن خمتلف‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية املنظمة جملال االستهالك باملغرب ‪ ،‬ومجيع حقوق‬
‫املستهلك‪ ،‬كما تتوفر هذه البوابة على باب تودع فيه الشكايات من طرف املستهلك وكذا‬
‫التعريف جبمعيات املستهلك املتواجدة على صعيد املدن املغربية‪.‬‬

‫ومن مجعيات املستهلك املتواجدة ببعض املدن املغربية جند‪:‬‬

‫‪ ‬مجعية محاية البيئة واملستهلك بين مالل املتواجدة ببين مالل‬

‫‪247‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬اجلمعية املغربية حلماية املستهلك وتوجيه املستهلك شتوكة املتواجدة‬


‫بشتوكة أيت باها‬

‫‪ ‬مجعية محاية املستهلك جلهة الشرق – وجدة املتواجدة مبدينة وجدة‬

‫‪ ‬مجعية محاية املستهلك بإقليم آسفي واليوسفية املتواجدة مبدينة آسفي‬

‫‪ ‬مجعية محاية البيئة واملستهلك – أحفري املتواجدة بأحفري‬

‫‪ ‬مجعية زريس حلماية البيئة و املستهلك املتواجدة بأرفود‬

‫‪ ‬مجعية املستهلكني املتحدين املتواجدة بأزمور‬

‫‪ ‬مجعية املستهلكني املتحدين املتواجدة باجلديدة‬

‫‪ ‬اجلمعية املغربية حلماية وتوجيه املستهلك أسا املتواجدة بأسا‬

‫‪ ‬مجعية الدفاع عن حقوق املستهلكني املتواجدة بأصيلة‬

‫‪ ‬مجعية محاية املستهلك الداخلة وادي الذهب املتواجدة مبدينة الداخلة‬

‫اجلمعية املغربية للدفاع عن حقوق املستهلك املتواجدة مبدينة الدار‬ ‫‪‬‬

‫‪195‬‬
‫البيضاء‪.‬‬

‫فهذه بعض اجلمعيات من جمموع اجلمعيات املتواجد باململكة املغربية واليت ال يتسع‬
‫املقام لذكرها مجيعها‪.‬‬

‫البوابة اإللكترونية لشبابيك المستهلك على الموقع ‪.www .khidmat-almostahlik.ma‬‬ ‫‪195‬‬

‫‪248‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وميكن هلاته جلمعيات محاية املستهلك املعرتف هلا بصفة املنفعة العامة طبقا للمادة‬
‫‪ 154‬من قانون تدابري محاية املستهلك‪ ،‬أن ترفع دعاوى قضائية‪ ،‬أو تتدخل يف دعاوى‬
‫جارية‪ ،‬أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق‪ ،‬للدفاع عن مصاحل املستهلك‬
‫ومتارس كل احلقوق املخولة للطرف املدني واملتعلقة باألفعال والتصرفات اليت تلحق‬
‫ضرارا باملصلحة اجلماعية للمستهلكني‪.‬‬

‫مع اإلشارة إىل أن مجعيات محاية املستهلك غري املعرتف هلا بصفة املنفعة العامة‬
‫واليت يكون غرضها حصريا هو محاية املستهلك‪ ،‬ال ميكن هلا أن متارس احلقوق املذكورة‬
‫أعاله إال بعد احلصول على إذن خاص بالتقاضي من اجلهة املختصة وحسب الشروط‬
‫‪196‬‬
‫احملددة بنص تنظيمي‪.‬‬

‫ويسلم اإلذن بالتقاضي هلذه اجلمعيات من طرف وزارة العدل‪ ،‬وبعد أخذ رأي‬
‫‪197‬‬
‫السلطات احلكومية الوصية على قطاع النشاط املعين بطلب اإلذن اخلاص بالتقاضي‪.‬‬

‫ونشري أخريا ملالحظة مفادها أن التدابري املتخذة املستوى الوطين حلماية املستهلك يف‬
‫ظل ظهور وباء كورونا‪ ،‬تبقى كثرية ومتعددة مقارنة مع التدابري املتخذة على املستوى‬
‫احمللي وهذا ما يربر قلة الصفحات يف هذا الباب‪.‬‬

‫خامتـ ـ ــة‬

‫ختاما ميكن القول أن ظهور فريوس كورونا املستجد مل يرخي مبخالب تأثريه على‬
‫اجلانب الصحي للمواطنيــن فحسب‪ ،‬بل شكل تأثريا واضحا على اجلــانب االستهالكي‬

‫‪ 196‬المادة ‪ 157‬من قانون تدابير حماية المستهلك‪.‬‬


‫‪ 197‬المادة ‪ 3‬من المرسوم رقم ‪ 2.12.503‬الصدر في ‪ 4‬ذي القعدة ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 11‬شتنبر ‪ 2013‬بتطبيق بعض أحكام القانون‬
‫‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6192‬ص ‪.5384‬‬

‫‪249‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫هلؤالء املواطنني‪ ،‬وللتخفيف من حدة هذا التأثري فقد عمدت السلطات املعنية مبا هلا من‬
‫وسائل إىل اختاذ جمموعة من التدابري وطنيا وحمليا‪ ،‬و اهلادفة من خالهلا إىل محاية‬
‫املستهلك من كل غصب وتعسف واستغالل‪.‬‬

‫كما ميكن اإلشادة باجملهودات اجلبارة اليت تقوم بها السلطات املعنية ببالدنا حتت‬
‫القيادة العليا لصاحب اجلاللة نصره اهلل‪.‬‬

‫كما أحيط القارئ علما أن هذه الصفيحات املتواضعة ما هي إال وجهة نظر متواضعة‬
‫لطالب باحث‪ ،‬ومناقشة هذه األفكار وتقويم معوجها وتصويب ودعم الصائب منها‪...‬‬
‫عسانا نضيء قنديال يف طريق‪ ،‬أو نرفع أساسا يف بناء قانوني مرسوم بالدقة وعدم التعقيد‪.‬‬
‫كما أحيط القارئ أنه كيفما كان إجنازنا هلذا العمل فإننا نعرتف مبا قد يشوبه من خطأ‬
‫وقصور‪ ،‬أثناء تدبيج الفقرات وحبك السطور وذلك راجع ملا يشوب العقل األدمي من‬
‫نقص وفتور‪.‬‬

‫كما نهيب بالشعب املغربي احلبيب إىل االلتزام التام بقواعد الوقاية والسالمة الصحية‬
‫سائلني العلي الكريم أن يرفع عنا هذا الوباء وخيلصنا من شر هذا البالء‪.‬‬

‫وخنتم بقوله تعاىل " للذين أحسنوا احلسنى وزيادة وال يرهق وجوههم قرت وال ذلة‬
‫أولئك أصحاب اجلنة هم فيها خالدون" صدق اهلل العظيم‪.‬‬

‫مت بتوفيق من اهلل‬

‫‪250‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ امبارك حريوش‬


‫باحث يف سلك الدكتوراه كلية‬
‫علوم الرتبية‪/‬جامعة اخلامس‪ ،‬الرباط‬

‫من أجل مقاربة بيداغوجية إلرساء‬


‫التعليم عن بعد يف ظل جائحة كورونا‬
‫‪-‬جتربة املركز اجلهوي ملهن التربية والتكوين جلهة كلميم واد نون أمنوذجا‪-‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫عرف العامل مؤخرا أزمة صحية متثلت يف انتشار فريوس كورونا‪ ،‬والذي سبب يف‬
‫ارتفاع عدد القتلى وركودا اقتصاديا عامليا‪ ،‬واملغرب من بني الدولة اليت مل تسلم هي‬
‫األخرى من هذه األزمة فريوس "كورونا املستجد"‪ ،‬األمر الذي دفع بالدولة إىل دخول يف‬
‫حالة الطوارئ الصحية وتقييد احلركة يف البالد ألجل غري مسمى كألية تدابري احرتازية‬
‫الرامية إىل احلد من العدوى وانتشار "وباء كورونا" (كوفيد ‪ ،)19‬وتكثيف اجلهود من‬
‫خمتلف القطاعات للعمل على مواجهة هذه اجلائحة بنوع من املسؤولية وهو ما جسدته‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم العالي والبحث العلمي اليت أعلنت عن‬

‫‪251‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫توقيف الدراسة جبميع األقسام والفصول منذ يوم االثنني ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬حتى اشعار‬
‫لضمان االستمرارية‬ ‫آخر‪ ،‬واعتماد بيداغوجية جديدة قوامها التعليم عن بعد‬
‫البيداغوجية والتحصيل الدراسي جلميع املتعلمات واملتعلمني‪ ،‬وذلك عن طريق املنصة‬
‫اإللكرتونية ‪ ،TelmideTICE‬وصفحات التواصل االجتماعي وعن طريق موارد رقمية‬
‫ومسعية بصرية‪ ،‬كما شرعت املراكز اجلهوية للرتبية والتكوين على تبين اسرتاتيجيه‬
‫حمكمة تكمن يف التكوين عن بعد‪ ،‬وإعداد خمططات جهوية إلرساء ذلك‪.‬‬

‫وأمام هذه االعتبارات ماذا يقصد بالتعليم عن بعد؟ و ما هي ابرز جمهودات الوزارة‬
‫واملركز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين لكسب رهان التعليم عن بعد يف ظل جائحة‬
‫كورونا؟‬

‫فالغرض من هذه الدراسة اذا استكشاف التعليم عن بعد يف املواثيق الدولية والوثائق‬
‫الرتبوية الرمسية‪ ،‬وأليات التدبري البيداغوجي للتعليم عن بعد‪ ،‬و استكشاف جمهودات‬
‫وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم العالي والبحث العلمي و املركز اجلهوي‬
‫ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون يف تفعيل التكوين عن بعد‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬التعليم عن بعد‪ :‬التعريف‪ ،‬االطار القانوين والتنظيمي‬

‫‪)1‬التعليم عن البعد‪ :‬التعريف‬

‫ارتبط ظهور التعليم عن بعد بعدة اعتبارات منها اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية‬
‫وصحية‪ ،‬وتزايدت أهميته مع انتشار وباء كورونا املستجد‪ ،‬فالتعلم عن بعد يف اللغة‬
‫‪ Formation ouverte‬أو ‪l'enseignement à‬‬ ‫‪198‬‬
‫الفرنسية يعين التعلم املفتوح‬
‫‪198‬‬
‫‪- Chantal D’Halluin et Michel Loonis,1999 ,« Les formations ouvertes et à distance », Revue internationale‬‬
‫‪d’éducation de Sèvres.p107‬‬

‫‪252‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ،distance‬ونعثه مايكل سيمونسون ‪ Michael Simonson‬وكاري بريج ‪Gary A.‬‬


‫‪ Berg‬بالتعليم االليكرتوني" أو التعليم عرب االنرتنيت‪ ،199‬أي التعليم الذي يثم عن بعد‬
‫باستخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت خاصة عرب االنرتنيت لتسهيل التواصل بني‬
‫األستاذ واملتعلم‪ ،‬قدم كذلك كل من مور ‪ Moore‬و وكريسلي ‪ Kearsley‬تعريفا للتعليم‬
‫عن بعد بكونه "التعلم املخطط له والذي حيدث عادة يف لغة خمتلفة و يتطلب أساليب‬
‫اخلاصة لالتصال عن طريق التكنولوجيا اإللكرتونية‪ ،200‬يف حني اعتربته غابرييال‬
‫كريياكوفا ‪ Gabriela Kiryakova‬شكل من أشكال التعليم بفصل املشاركني يف العملية‬
‫التعليمية التعلمية أي املعلم واملتعلمني جسديا والتواصل بوسائل خمتلفة ويف أوقات‬
‫خمتلفة‪.201‬‬

‫نستنتج اذا من خالل كل تلك التعاريف‪ :‬أن التعليم عن بعد هو التعليم الذي يثم‬
‫بني األستاذ واملتعلم مع الفصل بينهما ويثم عرب عدة وسائل سواء أكانت االنرتنيت أو‬
‫املراسالت‪ ،‬أو القنوات التلفزيونية أو أي قناة أخرى للتواصل واالتصال‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫اكتساب معارف وقدرات ومهارات وقيم للمتعلم كما يوفر الفرصة للجميع للتعلم طوال‬
‫حياتهم‪ ،‬وألجرة هذا النموذج البيداغوجي البد من شروط منها‪:‬‬

‫‪ ‬القصدية‬

‫‪ ‬الفعالية‬

‫‪-Michael Simonson .Gary A. Berg: https://www.britannica.com/topic/distance-‬‬


‫‪199‬‬

‫‪learning/Modern-distance-learning‬‬
‫‪- Moore, M. G. & Kearsley, G. (1996). Distance education: a systems view, Wadsworth, Belmont,‬‬
‫‪200‬‬

‫‪CA.‬‬
‫‪201- Gabriela Kiryakova، 2009. REVIEW OF DISTANCE EDUCATION . Trakia Journal of‬‬
‫‪Sciences, Vol. 7, No. 3, pp 29-34‬‬

‫‪253‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬الدافعية‬

‫‪ ‬البعد اجملالي بني األستاذ واملتعلم؛‬

‫‪ ‬وجود قناة للتواصل واالتصال (االنرتنيت‪ ،‬تلفاز‪ ،‬راديو‪ ،‬مراسالت‪)...‬‬

‫‪ ‬املنهاج والربنامج الدراسي؛‬

‫‪ ‬التقويم؛‬

‫‪ ‬التغذية الرجعية‬

‫فالتعليم عن البعد اذا خيتلف عن التعلم داخل احلجرات الدراسية‪ ،‬ويتلخص ذلك يف‬
‫اجلدول التالي‪:‬‬

‫اجلدول رقم‪ :1‬اختالف بني التعليم عن بعد و التعليم داخل الفصل الدراسي‬

‫التعلم داخل الفصل الدراسي‬ ‫التعليم عن بعد‬

‫وقنوات التعلم باملؤسسات التعليمية؛‬


‫‪‬‬ ‫‪ ‬التعلم عرب وسائل االعالم واالتصال‪،‬‬
‫االنرتنيت‪،‬‬ ‫التلفاز‪،‬‬ ‫(الراديو‪،‬‬ ‫أخرى‬
‫‪ ‬استخدام الدعامات الديداكتيكية (السبورة‪،‬‬
‫مراسالت‪)...‬؛‬
‫الكتاب املدرسي‪)...‬؛‬
‫‪ ‬حتكم املتعلم يف العملية التعليمية التعلمية و‬
‫‪ ‬حتكم األستاذ يف العملية التعليمية التعلمية؛‬
‫حيدد سرعة التعلم؛‬
‫‪ ‬االنضباط؛‬
‫‪ ‬املرونة واالستقاللية؛‬

‫‪254‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬التعلم اجلماعي والتفاعل بني خمتلف‬ ‫‪ ‬الفردية يف التعلم؛‬


‫املتعلمني يف العملية التعليمية التعلمية‬
‫‪ ‬احرتام قدرات املتعلم؛‬
‫‪ ‬االرتباط باملنهاج والربنامج الدراسي؛‬
‫‪ ‬املرونة يف التوقيت؛‬
‫‪ ‬احرتام توقيت الدراسي؛‬
‫‪ ‬تنويع حمتوى التعلم بالصوت والصور‬
‫‪ ‬استخدام التكنولوجية يف الدرس‬ ‫ومقاطع الفيديو؛‬

‫‪ ‬التفاعل بأنواعه‪:‬‬ ‫‪ ‬العزلة؛‬

‫‪ ‬األستاذ واملتعلم‪ :‬يوفر دافعية للتعليم‬ ‫‪ ‬التفاعل تكنولوجي؛‬


‫والتغذية الراجعة واحلوار بني األستاذ‬
‫‪ ‬استخدام وسائل التواصل االجتماعي والربيد‬
‫واملتعلم‪ ،‬ويالحظ األستاذ الفوارق بني‬
‫االلكرتوني؛‬
‫املتعلمني‬
‫‪ ‬التواصل العمودي‪ :‬األستاذ املتعلم‬
‫‪ ‬التواصل بأنواع‪:‬‬

‫‪ ‬االستاذ –املتعلم‬

‫‪ ‬املتعلم‪ -‬املتعلم‬

‫املصدر‪ :‬عملي تركييب شخصي‬

‫‪255‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪)2‬السياق التارخيي للتعليم عن بعد‬

‫لقد مر التعليم عن بعد من عدة مراحل‪ ،‬فكل مرحلة تتميز خبصائص متيزها عن‬
‫األخرى‪ ،‬ويف هذا الصدد ميكن حتديد أربعة مراحل أساسية مر بها التعليم عن بعد‪:‬‬
‫‪202‬‬
‫اجلدول رقم ‪ :1‬مراحل الكربى اليت مر منها التعليم عن بعد‬

‫الوسائل‬ ‫اخلصائص‬ ‫التاريخ‬

‫‪ o‬الدروس مطبوعة؛‬ ‫‪ o‬التعلم بواسطة‬ ‫القرن ‪19‬‬

‫‪ o‬دليل الدراسة‬ ‫الرسائل‬

‫‪ o‬املراسالت؛‬ ‫خالل السبعينات ‪ o‬التعلم بواسطة الراديو‬


‫والتلفاز‬
‫‪ o‬الراديو؛‬ ‫من القرن ‪20‬‬

‫‪ o‬التلفاز؛‬

‫‪ o‬شرائط صوتية؛‬

‫‪ o‬هاتف‪.‬‬

‫‪ o‬اهلاتف‬ ‫‪ o‬اتصال صوتي‬ ‫خالل الثمانينيات‬

‫‪asserini, K. and Granger, M. J. (2000). A developmental model for distance learning using the - 202‬‬
‫‪Internet, Computers & Education, 34, 1-15.‬‬

‫‪256‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ o‬األقراص املدجمة‬ ‫من القرن ‪20‬‬

‫الكتب‬ ‫‪o‬‬ ‫انتشار التعلم‬ ‫‪o‬‬ ‫التسعينيات وبداية‬


‫االليكرتونية‬ ‫االليكرتوني بفضل‬ ‫القرن ‪21‬م‬
‫االنرتنيت؛‬
‫االنرتنيت‬ ‫‪o‬‬
‫تفاعل املتعلم‪-‬‬ ‫‪o‬‬
‫شبكات التواصل‬ ‫‪o‬‬
‫املتعلم (التعلم باألقران)‬
‫االجتماعي‬

‫البث املباشر‬ ‫‪o‬‬


‫للدروس‬

‫التقويم بواسطة‬ ‫‪o‬‬


‫االنرتنيت‬

‫أصبح التعلم عن بعد خالل السنوات األخرية أكثر تنوعا وجاذبية باستخدام الكتب‬
‫االليكرتونية واالنرتنيت‪ ،‬والتفاعل املباشر صوتا وصورة ‪ ،‬فاختزلت بذلك املسافات‬
‫اجلغرافية‪ ،‬وارتفعت مردوديته وناجعته‪ ،‬ومتكن املتعلم من مواكبة التطور يف الوسائل‬
‫التكنولوجية واملواد الرقمية‪ ،‬كما وفرت هذه الوسائل الرقمية مصادر غري حمددة للمعرفة‬
‫من قبيل املواقع االلكرتونية‪ ،‬ومواقع اجلامعات املكتبات وطنية واجنبية وفرت للمتعلمني‬
‫والطلبة كتبا ومراجع رقمية‪ ،‬باإلضافة اىل مراكز البحث العلمي‪ ،‬كما توجد مواقع لبيع‬
‫الكتب إلكرتونيا عن طرق التجارة االليكرتونية‪ ،‬فاملنظومة التعليمية العاملية عرفت‬
‫حتوال جذريا من النمط التقليدي (السبورة‪ ،‬الكتاب املدرسي) إىل النمط العصري باستخدام‬

‫‪257‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫االنرتنيت والوسائل الرقمية‪ ،‬ساعد ذلك يف تكوين االجتاهات العلمية املرغوب فيها‬
‫واملساعدة على ختطي حدود الزمان واملكان‪ ،‬واشباع حاجيات املتعلم‪ ،‬لدى أصبح من‬
‫الضروري على الدول خاصة النامية حتديث و رقمنة منظومتها الرتبوية وتبين التعليم‬
‫عن بعد وبطريقة فعالة‪ ،‬فالتعليم ليس شأن تربوي بل هو شأن جمتمعي‪ ،‬اذ ينعكس على‬
‫القطاعات األخرى‪ ،‬فقوة الدولة يف قوة تعليمها وبالتالي سيمكن ذلك من انتاج كفاءات و‬
‫موارد بشرية مواكبة للتحوالت الرقمية والتكنولوجية‪.‬‬

‫‪)3‬االطار القانوني والتنظيمي للتعلم عن بعد‬

‫‪ 2.1‬املرجعية التشريعية والتنظيمية‪:‬‬

‫‪ 2.1.1‬املواثيق الدولية‬

‫سعت منظمة األمم املتحدة منذ تأسيسها ‪ 24‬أكتوبر ‪ 1945‬إىل محاية حق التعلم‬
‫باعتباره حقا من حقوق االنسان الكونية‪ ،‬وقد نصت عليه مجيع املواثيق الدولية وغريها‬
‫من مصادر القانون الدولي‪ ،‬فاملادة ‪ 26‬من االعالن العاملي حلقوق االنسان اكدت أن حق‬
‫التعليم من احلقوق األساسية "لكلِ شخص احلق يف التعليم‪ ،‬وجيب أن يوفر التعليم‬
‫جمانا‪ ،‬على األقل يف مرحلتيه االبتدائية واألساسية‪ ،‬ويكون التعليم االبتدائي إلزاميا‪،‬‬
‫ويكون التعليم الفين واملهين متاحا للعموم‪ ،‬ويكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا‬
‫لكفاءتهم"‪ ،203‬كما نصت املادة ‪ 13‬من العهد الدولي اخلاص باحلقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية سنة ‪ 1966‬على ضرورة متكني كل فرد من حقه يف التعلم" تقر‬
‫الدول األطراف يف هذا العهد حبق كل فرد يف الرتبية والتعليم‪ ،‬وهى متفقة على وجوب‬

‫‪ - 203‬المادة ‪ 26‬من اإلعالن العالمي لحقوق االنسان‬

‫‪258‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫توجيه الرتبية والتعليم إىل اإلمناء الكامل للشخصية اإلنسانية واحلس بكرامتها وإىل‬
‫توطيد احرتام حقوق اإلنسان واحلريات األساسية‪ ،‬وهى متفقة كذلك على وجوب‬
‫استهداف الرتبية والتعليم ومتكني كل شخص من اإلسهام بدور نافع يف جمتمع حر‪،‬‬
‫وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بني مجيع األمم وخمتلف الفئات الساللية أو‬
‫‪204‬‬
‫اإلثنية أو الدينية‪ ،‬ودعم األنشطة اليت تقوم بها األمم املتحدة من أجل صيانة السلم"‬
‫نفس املنحى نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل سنة ‪ 1989‬و اتفاقية القضاء على أشكال‬
‫التمييز ضد املرأة وغريها من االتفاقية والربوتكوالت اليت نصت كلها على أهمية التعليم‬
‫كحق من حقوق االنسان‪.‬‬

‫‪ 2.1.2‬املرجعية الوطنية‪:‬‬

‫حضي التعليم مبكانة خاصة يف اإلصالحات الدستورية جبعله حقا دستوريا وذلك‬
‫من خالل مقتضيات الفصول ‪ ،33 ،32 ،31‬و ‪ 168‬من الدستور اذ نصت املادة ‪ 31‬على‬
‫ضرورة تعبئة الدولة واملؤسسات العمومية واجلماعات الرتابية يف ورش التعليم "تعمل‬
‫الدولة واملؤسسات العمومية واجلماعات الرتابية‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل املتاحة‪ ،‬لتيسري‬
‫أسباب استفادة املواطنات واملواطنني‪ ،‬على قدم املساواة‪ ،‬من احلق يف احلصول على تعليم‬
‫عصري ميسر الولوج وذي جودة‪ ...‬التكوين املهين واالستفادة من الرتبية البدنية‬
‫والفنية‪ "205‬نفس الشيء للمادة ‪ 32‬من دستور ‪ 2011‬اذ أكدت على ان التعليم واجب على‬
‫الدولة واالسرة يف آن واحد "التعليم األساسي حق للطفل وواجب على األسرة والدولة‪."206‬‬

‫‪- 204‬المادة ‪ 13‬من من العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬
‫‪ - 205‬المادة ‪ 31‬من الستور المغربي ‪2011‬‬
‫‪- 206‬المادة ‪ 32‬من الدستورالمغربي ‪2011‬‬

‫‪259‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬الرؤية االسرتاتيجية ‪ :2030-2015‬أقرت الرؤية االسرتاتيجية لإلصالح يف‬


‫الرافعة الثانية العشر املعنونة بتطوير منوذج بيداغوجي قوامه التنوع‬
‫واالنفتاح والنجاعة واالبتكار واليت أكدت على تعزيز إدماج التكنولوجيات‬
‫الرتبوية يف النهوض جبودة التعلمات‪ ،‬وإعداد اسرتاتيجية وطنية جديدة‬
‫ملواكبة املستجدات الرقمية‪ ،‬واالستفادة منها يف تطوير مؤسسات الرتبوية‬
‫والتكوين والبحث‪ ،‬وخاصة على مستوى املناهج والربامج والتكوينات منذ‬
‫املراحل األوىل من التعليم‪ ،‬بإدماج الربجميات الرتبوية االليكرتونية‬
‫والوسائل التفاعلية‪ ،‬واحلوامل الرقمية يف عملية التدريس وأنشطة التعلم‬
‫والبحث واالبتكار‪.‬‬

‫‪ ‬قانون اإلطار رقم ‪ :51.17‬يعد قانون اإلطار مبثابة اإلطار العام الذي ترتكز‬
‫عليه املنظومة الرتبية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬واألهداف العامة للسياسة‬
‫الرتبوية واختيارات االسرتاتيجية لإلصالح‪ ،‬فقد أكدت على تعميم التمدرس‬
‫ذي جودة وفرض إلزاميته بالنسبة جلميع األطفال يف سن التمدرس‪ ،‬باعتباره‬
‫حقا للطفل‪ ،‬وواجبا على الدولة وملزما لألسرة؛ مع تنويع ومالءمة املقاربات‬
‫البيداغوجية يف ممارسة أنشطة التدريس والتكوين والتعلم‪ ،‬مبا يكفل املزيد‬
‫من االستقاللية البيداغوجية هلذه األنشطة‪207‬؛ كما نصت املادة ‪ 33‬على‬
‫إدماج تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت يف النهوض جبودة التعلمات‬
‫وحتسني مردوديتها؛ إحداث خمتربات لالبتكار وإنتاج املوارد الرقمية‪،‬‬
‫وتكوين خمتصین يف ھذا اجملال؛ و تنمية وتطوير التعلم عن بعد‪،‬‬

‫‪ - 207‬المادة ‪ 28‬من قانون االطار رقم ‪ ،51.17‬ص‪17‬‬

‫‪260‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫باعتباره مكمال للتعلم احلضوري؛ وتنويع أساليب التكوين والدعم املوازية‬


‫للرتبية املدرسية واملساعدة هلا؛ إدماج التعليم اإللكرتوني تدرجييا يف أفق‬
‫تعميمه‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬النموذج البيداغوجي للتعلم عن البعد ‪-‬التعليم االليكتروين‬


‫أمنوذجا‪-‬‬

‫يكتسي التدبري البيداغوجي لتوظيف التعليم عن بعد أهمية بالغة خاصة يف ظل‬
‫جائحة كورونا وانعكاساتها على املنظومة التعليمية‪ ،‬وتعين كلمة التدبري يف اللغة‬
‫دبر‪ ،‬أدبر‪ ،‬دبر‪ ،‬دبر أموره أي فكر فيها وخطط هلا‪ ،‬دبر القائد خطة‬ ‫‪208‬‬
‫العربية‬
‫عسكرية أي رسم أهدافها‪ ،‬دبر له مكيدة أي نصبها له واحتال بها علية‪ ،‬وتقابله كلمة‬
‫‪ Gestion‬يف اللغة الفرنسية اليت تعين جمموعة من األساليب اليت تستعملها املؤسسات‬
‫لتحقيق أهدافها‪ ،‬إذا فالتدبري يعين التخطيط اجليد واملعقلن والرشيد‪ ،‬أي اعمال العقل يف‬
‫األمور قبل اختاد القرار و وضع اخلطط هلا‪ ،‬بيد أن التدبري ارتبط ارتباطا باالقتصاد‬
‫فاقرتنت بالقيادة والتسيري والتنظيم و من رواد ذلك ادم مسيت ‪ Adam Smith‬من خالل‬
‫كتابه ثروة األمم‪ ،‬رالف تايلور (‪ ،)F.Taylor‬وقد وظف التدبري يف اجملال الرتبوي‬
‫خالل الثمانينيات بعد توظيف بيداغوجية األهداف‪ ،‬ويعين تدبري املدخالت واملخرجات‬
‫للمنهاج‪ ،‬وتدبري العملية التعليمية التعلمية‪ 209‬بهدف حتقيق اجلودة والفعالية‪.‬‬

‫وهكذا فالتدبري البيداغوجي للتعليم عن بعد يعين جمموعة من التقنيات واالليات‬


‫والعمليات اليت يلتجأ هلا األستاذ من أجل تدبري العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬مبعنى كل‬

‫‪ - 208‬معجم المعاني ‪ :‬تاريخ التصفح ‪ 7‬ابريل ‪2020‬‬


‫‪https://www.maajim.com/dictionary/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%B1‬‬
‫‪ - 209‬محمد أمزيان‪ ، 2005 ،‬تدبير جودة التعليم‪ ،‬مطبعة أفريقيا الشرق‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪103‬‬

‫‪261‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اليات تدبري العملية التعلمية عن بعد سواء على املستوى الكفايات واألهداف‪ ،‬واشكال‬
‫التقويم‪ ،‬تدبري الزمن الدراسي للمادة‪ ،‬الدعم الرتبوي‪.‬‬

‫وعليه فإن التدبري البيداغوجي ينصب على بناء مقاطع التعلم عن بعد‪ ،‬ويتأسس على‬
‫أربعة أقطاب مشكلة بذلك أسس العملية التعليمية التعلمية عن بعد‪ :‬املتعلم‪ ،‬املعرفة‪،‬‬
‫األستاذ‪ ،‬الوسائل االعالم واالتصال‪ ،‬هذا النموذج مستمد من املثلث البيداغوجي جلان‬
‫هوساي ‪ ،Jean Houssaye‬ففي اية عملية تعليمية تعلمية عن بعد البد من استحضار‬
‫هذه األقطاب األربع وهي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬األقطاب األساسية يف التعلم عن بعد‬

‫المعرفة‬

‫القطب‬
‫السيكولوجي‬
‫‪ :‬عالقة‬ ‫القطب‬
‫التمثالت‬ ‫األبستمولوجي‬
‫‪ :‬عالقة النقل‬
‫الديداكتيكي‬

‫الوسائل‬
‫الرقمية‬

‫األستاذ‬
‫المتعلم‬
‫القطب البيداغوجي‪ :‬عالقة‬
‫التعاقد الديداكتيكي‬

‫‪262‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املصدر‪ :‬سهيل اليندوزي (ماي‪ :) 2012‬املنهج واملنهاج والربنامج‪ ،‬جملة دفاتر الرتبية‬
‫والتكوين‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،7-6‬اجمللس األعلى للتعليم‪ ،‬مطبعة مكتبة املدراس‪ ،‬ص ‪،121‬‬
‫بتصرف‬

‫وأضفنا الوسائل الرقمية للمثلث الديداكتيكي كعنصر أساسي العتبارات عديدة أبرزها‬
‫أهميتها يف التعلم عن بعد‪ ،‬وكذا آلية من آليات التوصل البيداغوجي بني األستاذ واملتعلم‪،‬‬
‫وألجل بلورة هذا التعلم عن بعد البد من شروط لعلى ابرزها‪:‬‬

‫‪ ‬حتديد الكفايات والقدرات واالجتاهات املراد اكسابها للمتعلم؛‬

‫‪ ‬حتديد خمتلف احلاجيات (أدوات لوجستيكية‪ ،‬موارد رقمية‪ ،‬الدعامات‬


‫الديداكتيكية)‬

‫‪ ‬حتديد املعرفة املراد نقلها ديداكتيكيا للمتعلمني؛‬

‫‪ ‬بلورة مقاطع التعلم‬

‫‪ ‬ختطيط خمتلف املقاطع التعلم وضبطها زمنيا؛‬

‫‪ ‬حتديد أدوار كل من املتعلم واألستاذ؛‬

‫‪ ‬مراعاة خصوصيات املتعلم النفسية واالجتماعية؛‬

‫‪ ‬رصد متثالت املتعلمني بغية تصحيها أثناء العملية التعليمية التعلمية عن‬
‫بعد؛‬

‫‪263‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ ‬بلورة مقاطع التعلم عن بعد؛‬

‫‪ ‬االلتزام مبنهاج املادة؛‬

‫‪ ‬تقنيات التنشيط؛‬

‫‪ ‬تقييم أدائه من جهة وقيادة العمليات املختلفة على ضوء تلك األهداف‪.‬‬

‫فهي بذلك خريطة طريق للتعلم عن بعد باإلجابة عن جمموعة من األسئلة من قبيل‬
‫ماذا سأدرس؟ ملن؟ وألي هدف؟ وبأية وسيلة؟ وما هي املدة الزمنية للحصة؟ كيف سأقدم‬
‫ذلك؟ ما هي معارفهم السابقة؟ وما هي امتدادات هذه التعلمات؟ وماهي حاجيات املتعلم‬
‫وإمكاناته ورغباته؟ كيف أجعله ينمي كفاياته ويبين تعلماته؟‪.‬‬

‫اذا فالتدبري البيداغوجي عن بعد يتطلب ختطيطا مسبقا وحمكما من اجل إجناح‬
‫العملية التعليمية التعلمية‪ ،‬وتتطلب حتديد‪:‬‬

‫‪ o‬املادة‪ :‬تاريخ‪ ،‬جغرافيا ‪...‬‬

‫‪ o‬الفئة املستهدفة‪ :‬املستوى الدراسي‪.‬‬

‫‪ o‬الزمن اإلمجالي للحصة‪ 45 :‬دقيقة‪ ،‬ساعة‪..‬‬

‫‪ o‬الوسائل املعتمدة‪ :‬حاسوب حممول‪ ،‬مسالط إلكرتوني‪ ،‬حواسيب‪ ،‬ارتباط‬


‫باإلنرتنت‪ ،‬برامن ‪ ،‬موارد رقمية منتقاة‪...‬‬

‫‪ o‬املوقع‪ ،talmidtice :‬الوتساب‪ ،‬الفسبوك‪ ،‬الربيد االليكرتوني‬

‫‪264‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ o‬الكفايات املراد حتقيقها‪ :‬كفاية تواصلية‪ ،‬كفاية منهجية ‪..‬‬

‫‪ o‬األهداف البيداغوجية‪ :‬وحتدد تبعا لألستاذ واحلصة‪.‬‬

‫فالتعلم عن بعد له عدة مزايا منها إدماج املتعلمني يف املنظومة الرقمية‪ ،‬وتنمية االبداع‬
‫والفكر النقدي‪ ،‬باإلضافة إىل كون الوسائل الرقمية تتجاوز حدود الزمان واملكان مما يساعد‬
‫على إيصال املعرفة لكافة املتعلمني يف أي جمال جغرايف‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬جمهودات يف تفعيل التعليم عن بعد‬

‫‪ )1‬دور وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم العالي والبحث العلمي‬
‫يف إرساء التعليم عن بعد‬
‫‪210‬‬
‫قررت وزارة الرتبية الوطنية والتكوين املهين والتعليم العالي والبحث العلمي‬
‫توقيف الدراسة ابتداء من ‪ 16‬مارس ‪ 2020‬جبميع املؤسسات التعليمية ومؤسسات‬
‫التكوين املهين واملؤسسات اجلامعية‪ ،‬سواء منها العمومية أو اخلصوصية‪ ،‬وكذا مؤسسات‬
‫تكوين األطر غري التابعة للجامعة واملدارس ومراكز اللغات التابعة للبعثات األجنبية‬
‫وكذا مراكز اللغات ومراكز الدعم الرتبوي اخلصوصية؛ كإجراء وقائي يسعى إىل محاية‬
‫صحة التلميذات والتالميذ واملتدربات واملتدربني والطالبات والطلبة وكذا األطر اإلدارية‬
‫والرتبوية العاملة بهذه املؤسسات‪ ،‬مع ضمان االستمرارية البيداغوجية عرب التعليم عن‬
‫بعد من خالل املنصة االلكرتونية ‪ TelmidTICE‬اليت مت احداثها هلذا الغرض لتوفري‬
‫الدروس والشروحات على شكل فيديوهات‪ ،‬باإلضافة إىل متارين وحلوهلا على شكل‬
‫ملفات قابلة للتحميل‪ ،‬باإلضافة اىل دروس يف القنوات التلفازية‪.‬‬

‫‪ - 210‬بالغ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ ‪ 14‬مارس ‪2020‬‬

‫‪265‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الصورة رقم ‪ :1‬موقع ‪ telmidtice‬لتفعيل التعلم عن بعد‬

‫املصدر‪https://telmidtice.men.gov.ma:‬‬

‫‪ )2‬دور االكادمييات اجلهوية للرتبية والتكوين واملديريات االقليمية‬

‫شرعت االكادمييات اجلهوية للرتبية واملديريات اإلقليمية إىل تصوير الدروس وبثها‬
‫يف موقع ‪ ،telmidtice‬باإلضافة إىل جتميع الدروس ورقيا وتوزيعها على تالميذ بالعامل‬
‫القروي كأكادميية جهة كلميم واد نون بغية حتقيق تكافؤ الفرص بني املتعلمني ومتكينهم‬
‫من التحصيل الدراسي‪.‬‬

‫‪266‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ )3‬اخنراط الشغيلة التعليمية يف التعليم عن بعد‬

‫اخنراط الشغيلة التعليمية من أجل إجناح هذا النموذج البيداغوجي باستخدام‬


‫الصفحات التواصل االجتماعي كالوتساب والفيسبوك وتفعيل األقسام االفرتاضية يف موقع‬
‫‪ ،telmidtice‬و باإلضافة إىل تصوير دروس بالقنوات التلفازية‬

‫‪ )4‬دور اجلماعات الرتبية يف املساهمة يف إجناح التعليم عن بعد‬

‫اخنرطت اجلماعات الرتبية يف دعم التعلم عن بعد بتوزيع ‪ Tablet‬على املتعلمني‬


‫خاصة من طرف اجملالس اإلقليمية اليت يعد ذلك من اختصاصاتها حيث نصت املادة ‪79‬‬
‫من قانون التنظيمي رقم ‪" 112.14‬متارس العمالة واإلقليم اختصاصات ذاتية ‪...‬تشخيص‬
‫احلاجيات يف جماالت الصحة والسكن والتعليم والوقاية وحفظ الصحة"‪ ،211‬ركزت‬
‫الرافعة اخلامسة عشرة من الرؤية االسرتاتيجية ‪ 2030 -2015‬على ضمان مشاركة‬
‫ناجعة للجهات واجلماعات الرتابية للنهوض باملدرسة‪ ،‬عرب مراجعة القوانني املؤطرة‬
‫ألدوار اجلهات واجلماعات الرتابية يف إرساء آليات للشراكة والتمويل والتشاور‪ ،‬اكدت‬
‫الرافعة الثانية والعشرون على استثمار مجيع االمكانيات اليت تتيحها مقومات اجلهوية‬
‫املوسعة من جهة‪ ،‬والقانون التنظيمي للجماعات الرتابية من جهة أخرى؛ إذ من شأن‬
‫ذلك أن يوفر دعما ماديا ولوجستيك للتعلم عن بعد‬

‫‪ - 211‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 06‬شوال ‪ 23( ،1436‬يوليوز ‪)2015‬‬

‫‪267‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬جتربة املركز اجلهوي ملهن التربية والتكوين جلهة كلميم واد‬
‫نون يف إرساء التكوين عن بعد‬

‫أحدث املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون بناء على املرسوم‬
‫‪ 2.11.672‬الصادر يف ‪ 27‬من حمرم ‪ 23( 1433‬ديسمرب ‪ )2011‬يف شأن إحداث وتنظيم‬
‫املراكز اجلهوية ملهن الرتبية والتكوين باجلريدة الرمسية عدد ‪ 6018‬بتاريخ ‪ 9‬ربيع‬
‫األول ‪ 2( 1433‬فرباير ‪ )2012‬وعلى قرار وزير الرتبية الوطنية والتكوين املهين رقم‬
‫‪ 551.16‬الصادر يف ‪ 22‬ربيع اآلخر (‪ 2‬فرباير ‪ )2016‬باجلريدة الرمسية عدد ‪6481‬‬
‫بتاريخ ‪ 11‬يوليوز ‪ . 2016‬ويعترب املركز مبثابة مؤسسة لتكوين األطر العليا خاضعة‬
‫لوصاية السلطة احلكومية املكلفة بالتعليم املدرسي‪ ،‬واملركز اجلهوي ملهن الرتبية‬
‫والتكوين جلهة كلميم واد نون من بني املراكز اليت شرعت يف التكوين عن بعد منذ ‪16‬‬
‫مارس ‪ ،2020‬كألية للحد من انتشار فريوس كورونا املستجد‪ ،‬وضمان استمرارية‬
‫البيداغوجية‪ ،‬وتنفيذا للتوجيهات الوزارية يف هذا الشأن‪ ،‬فثم اعداد خمطط جهوي جلهة‬
‫كلميم واد نون لتدبري التكوين عن بعد االجباري لفائدة املتدربات واملتدربني باملركز‬
‫اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‪ ،‬اذ بلغ عدد املستفيدين حوالي ‪730‬‬
‫مستفيد موزعة على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪268‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬عدد املستفيدين من التكوين عن بعد باملركز اجلهوي ملهن الرتبية‬
‫نون‬ ‫واد‬ ‫كلميم‬ ‫جلهة‬ ‫والتكوين‬

‫املصدر‪ :‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم وانون‬

‫فشرع املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون يف احداث اقسام‬
‫افرتاضية على مسطحة ‪ ،Plateforme de formation à distance dédiée‬اذ بلغ عدد‬
‫األقسام االفرتاضية حوالي ‪ 13‬قسما موزعة على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪269‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الشكل رقم ‪ :2‬توزيع األقسام حسب املسالك‬

‫املصدر‪ :‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‬

‫ويتكون هذا التكوين عن بعد االجباري على الشكل التالي‪:212‬‬

‫‪ ‬تكوين عن بعد حر من خالل املواد الرقمية على املسطحة ‪Plateforme‬‬


‫‪de formation à distance dédiée‬؛‬

‫‪ ‬تكوين عن بعد تفاعلي وفق برنامج حمدد من املركز اجلهوي ملهن الرتبية‬
‫والتكوين؛‬

‫فنخرط مجيع اإلداريني واألساتذة املكونني يف هذا املخطط اجلهوي وكانت نتائج جد‬
‫متميزة و تتضح من خالل هذه االحصائيات"‬

‫‪ - 212‬المخطط الجهوي لتدبير التكوين عن بعد الخاص بمتدربات ومتدربي المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة كلميم واد‬
‫نون‪ ،‬السنة التكوينية ‪ 2020-2019‬ابتداء من ‪ 16‬مارس ‪2020‬في سياق التدابير المتخذة لمواجهة فيروس كورونا‬

‫‪270‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الشكل رقم ‪ :3‬مساهمة األساتذة املكونني باملسطحة ‪Plateforme‬‬

‫‪word‬‬ ‫‪excel‬‬ ‫‪video‬‬ ‫‪PPT‬‬

‫املصدر‪ :‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‬

‫كما عرف هذا النموذج البيداغوجي القائم على التكوين عن بعد تفاعل من الطلبة‬
‫األساتذة املتدربون تفاعال ويتضح ذلك من خالل الشكل التالي‪:‬‬

‫الشكل رقم ‪ :4‬تفاعل أساتذة املتدربون سلك االبتدائي باملسطحة ‪Plateforme‬‬

‫املصدر‪ :‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‬

‫نفس الشيء بالنسبة ملسلك تكوين أطر اإلدارة حيث تبني من خالل حتليل املؤشرات‬
‫واالحصائيات على اخنراطهم و تفاعلهم يف التكوين عن بعد وذلك من خالل الشكل التالي‪:‬‬

‫‪271‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الشكل رقم ‪ :4‬مؤشر تتبع سري التكوين عن بعد –مسلك تكوين أطر اإلدارة‪-‬‬

‫امل‬
‫صدر‪ :‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون‬

‫نستنتج مما سبق أن املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد نون عمل‬
‫على إرساء منوذج بيداغوجي للتعليم عن بعد عن طريق خمطط جهوي لتدبري التكوين عن‬
‫بعد اخلاص مبتدربات ومتدربي املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين جلهة كلميم واد‬
‫نون‪ ،‬فشكلت جلن متعددة املهام والوظائف إلرساء هذا النموذج البيداغوجي‪ ،‬بهدف‬
‫متكني املستفيدين من تنمية الكفايات املتعلقة باملواد األساسية‪ ،‬وكذا الكفايات املهنية‪،‬‬
‫باإلضافة اىل ترسيخ أخالقيات مهنية بواسطة جمزوءات متكاملة ومتمفصلة فيما بينها ‪.‬‬

‫‪272‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫خامتة‪:‬‬

‫شكل التعليم عن بعد إسرتاتيجية معقلنة ساهمت يف جتويد منظومة الرتبية‬


‫والتكوين العلمي بكل مقاييسها حيث مثلت جائحة "كورونا املستجد"األرضية اليت‬
‫رمست عليها إسرتاتيجية التعليم عن بعد حفاظا على صحة املواطنني وحسب ما مت‬
‫التطرق اليه فقد أسفرت هذه اإلسرتاتيجية عن حتقيق نتائج أولية اجيابية على عدة‬
‫مستويات وذلك بفضل تضافر جهود الشغيلة التعليمية من أطر إدارية وتربوية‪ ،‬وتعترب‬
‫جتربة املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين من بني التجارب اليت استطاعت إرساء‬
‫التكوين عن بعد بفضل تكاثف اجلهود من اإلداريني واملكونني وفق خمطط جهوي اعد‬
‫هلذا الغرض‪.‬‬

‫مت بتوفيق من اهلل‬

‫‪273‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ يوسف رحبي‬


‫باحث يف العلوم القانونية والسياسية‬

‫حقوق اإلنسان وحالة الطوارئ‪:‬‬


‫ما بني التعطيل والتفعيل‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعترب محاية احلقوق واحلريات‪ ،‬وضمان التمتع بها‪ ،‬والنهوض ضد كل‬
‫االنتهاكات واخلروقات املاسة بها‪ ،‬من أهم األهداف االسرتاتيجية اليت يروم إىل‬
‫حتقيقها اجملتمع الدولي‪ ،‬وعلى هذا األساس فقد صدرت العديد من اإلعالنات‬
‫واالتفاقيات الدولية اليت سطرت العديد من احلقوق واحلريات ونصت على ضمانات‬
‫ممارستها وعلى كيفية الرقابة على مدى احرتامها‪ .213‬هذا باإلضافة إىل عقد العديد من‬

‫‪ 213‬وبهذا‪ ،‬فالمرجعية الدولية المتمثلة في منظو متي القانون الدولي لحقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬تشكل األساس المتين‬
‫والمنهج القويم لضمان حماية فعالة للحقوق والحريات كما هي متعارف عليها دوليا‪ ،‬وكما هي مكرسة في إطار التجارب والممارسات‬
‫الفضلى‪.‬‬

‫‪274‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املؤمترات واللقاءات الدولية‪ ،‬واليت متخضت عنها العديد من اإلعالنات والتوصيات‬


‫والقرارات اليت من شأنها ضمان محاية فعالة حلقوق اإلنسان وتعزيزها سواء على‬
‫‪215‬‬
‫مستوى التشريع أو على مستوى املمارسة‪ 214‬دوليا ووطنيا‬
‫غري أنه وباملوازاة مع هذا اإلقرار واإلمجاع الدوليني على ضرورة العمل على ضمان‬
‫التمتع جبميع احلقوق واحلريات يف بعدها الكوني‪ ،‬فإنه باملقابل ومن خالل تفحص‬
‫االتفاقيات الدولية واإلقليمية ذات الصلة حبقوق اإلنسان جندها قد رخصت للدول‬
‫مبخالفة هذه االتفاقيات‪ ،‬وذلك يف ظروف معينة‪ ،‬هذا الرتخيص االستثنائي يعرف يف‬
‫أو "نظام التعطيل"‪ ،‬وهي أنظمة‬ ‫‪216‬‬
‫أدبيات فقه حقوق اإلنسان ب "نظام التحلل"‬
‫وتدابري تقييدية تعطل االلتزامات يف جمال حقوق االنسان بشكل جزئي لتنزيل بعض‬
‫التدابري واإلجراءات يف حاالت األزمات البالغة اخلطورة اليت تستدعي إعالن حالة‬
‫الطوارئ أو حالة االستثناء‪ ،‬حيث تفرض الدول قيودا على التمتع بكثري من احلقوق‬
‫كاحلق يف االجتماع والتجمع ألغراض مشروعة معينة‪ ،‬أو احلق يف التجول‪.‬‬
‫ويف ذات السياق‪ ،‬وملا كان ظهور وتفشي وباء "كورونا" قد أثار حالة من الذعر‬
‫واهللع على املستوى العاملي والوطين بالنظر حلجم املخاطر اليت محلها معه واملهددة‬

‫‪ 214‬جمعية عدالة "الحماية القضائية للحقوق والحريات األساسية"‪ ،‬مطبعة ‪ ،2015 ،Blue Reflex‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 215‬ثمة حقيقة قد ال يختلف فيها اثنان‪ ،‬أن حقوق اإلنسان أضحت حقيقة أكيدة على كل المستويات القانونية و السياسية وغيرهما‪ ،‬و‬
‫ألدل على ذلك تلك المكانة التي باتت تشغلها على كل األصعدة الرسمية منها و غير الرسمية‪ ،‬الوطنية منها و الدولية‪ ،‬فأصبحت‬
‫تخصص لها حقيبة وزارية تكنى باسمها و أفردت لها مقررات دراسية ترافق المتمرس طوال دراسته‪ ،‬و أنشئت لها جمعيات تحمل‬
‫على عاتقها إعالء راية حقوق اإلنسان في كل المحافل الوطنية‪ ،‬و قبل ذلك كله دسترة ‪1‬حقوق اإلنسان و تخصيص فصول من‬
‫الدستور للتغني و اإلشادة و حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ 216‬زغدود جغلول "التحلل من االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان بين الضرورة والخطورة"‪ ،‬مجلة الحكمة‪ ،‬المجلد ‪ 02‬العدد ‪03‬‬
‫يوليوز ‪ ،2010‬مؤسسة كنوز الحكمة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫‪275‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫للحياة البشرية يف وجودها‪ ،‬ويف ظل ارتفاع عدد اإلصابات والوفيات‪ ،‬وعلى غرار غالبية‬
‫الدول اليت اجتاحها الفريوس‪ ،‬فقد أعلن املغرب بدوره عن حالة الطوارئ الصحية‪.‬‬
‫وإزاء هذا الوضع‪ ،‬وباملوازاة مع فرض احلجر الصحي وصدور املرسومني املتعلقني‬
‫حبالة الطوارئ الصحية‪ ،217‬فقد ثارت باملقابل بعض املشكالت‪ ،‬وبرزت بعض‬
‫االنتهاكات واخلروقات املتعلقة بالشطط يف استعمال السلطة وتعنيف املواطنني من طرف‬
‫املكلفني بإنفاذ القانون‪ ،‬مما يشكل انتهاكا صرحيا للحق يف السالمة اجلسدية وتعريضا‬
‫للمواطنني للمعاملة الالإنسانية واحلاطة بالكرامة‪ ،‬وهو ما ميكن اعتباره خرقا لنظام‬
‫"التحلل" الذي وإن كان يبيح تعطيل بعض احلقوق خالل حالة الطوارئ‪ ،‬فإنه من جهة‬
‫أخرى يشدد على ضرورة عدم انتهاك جمموعة من احلقوق يف أي حال من األحوال‪ ،‬وأيا‬
‫كان السبب‪.‬‬
‫وعطفا على ما سبق‪ ،‬سنحاول من خالل هذه الورقة حتديد مفهوم حالة الطوارئ‬
‫ونظام التحلل‪ ،‬باإلضافة إىل حماولة ترسيم احلدود الفاصلة ما بني تطبيق نظام التحلل‬
‫الذي يعطل جمموعة من احلقوق وما بني ضرورة التقيد بواجب عدم انتهاك احلقوق‬
‫واحلريات املستثناة من نظام التحلل أثناء فرتة الطوارئ‪ ،‬وذلك من خالل أربعة حماور‬
‫أساسية‪.‬‬

‫‪ 217‬يتعلق األمر بمرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬يتعلق بسن أحكا م خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬ومرسوم‬
‫رقم ‪ 2.20.293‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا‪-‬كوفيد‪19‬‬

‫‪276‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم حالة الطوارئ‬


‫مل يتفق فقهاء القانون العام على وضع تعريف حمدد حلالة الطوارئ‪ ،‬إذ خيتلف‬
‫من دولة إىل أخرى‪ ،‬على اعتبار أن حالة الطوارئ ليس هلا أسلوب واحد يف التطبيق‪ ،‬بل‬
‫هلا عدة أساليب‪ ،‬ولكن الفقهاء اتفقوا يف الغاية اليت من أجلها فرضت حالة الطوارئ‪،‬‬
‫وهي مواجهة ظروف استثنائية طارئة متر بها البالد تهدد أمنها وسالمته‪.218‬‬
‫ومن املفيد التذكري يف هذا املقام على أن حلالة الطوارئ مفهومان‪ ،‬مفهوم واقعي‬
‫ومفهوم قانوني‪ ،‬وال جيب اخللط بينهما‪ .‬فإن املفهوم الواقعي فيمثل يف حادثة أو‬
‫حوادث حتل بالبالد أو حتدق بها‪ ،‬ويتعذر مواجهة هذه احلالة أو اخلطر بالوسائل‬
‫القانونية العادية‪.219‬‬
‫وأما املفهوم القانوني‪ ،‬فيمثل يف وجود نظام قانوني يشمل جمموعة من القواعد‬
‫القانونية اليت تضعها السلطة التشريعية يف الدولة‪ ،‬ملواجهة ما قد يطرأ من حوادث ال‬
‫ميكن مواجهتها وفقا لقواعد القانون املوضوعة ملواجهة احلوادث العادية‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن الدستور املغربي خيلو من أية عبارة تفيد حالة الطوارئ‪ ،‬حيث‬
‫يكتفي يف الفصل ‪ 49‬بذكر القضايا اليت يتداول فيها اجمللس الوزاري‪ ،‬اليت تشمل إعالن‬
‫حالة احلصار‪ ،‬دون أي حتديد مسبق ملضمونها‪ ،‬فيما يكتف الفصل ‪ 74‬بالتنصيص على‬

‫‪ 218‬محمد يوسف محيميد "حالة الطوارئ والسلطة المختصة بإعالنها في الدساتير المقارنة"‪ ،‬مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬السنة ‪08‬‬
‫المجلد ‪ 04‬العدد ‪ ،2016 ،29‬ص ‪.303‬‬
‫‪ 219‬عبد الحميد الشواربي‪ ،‬شريف جاد هللا "شائبة عدم دستورية ومشروعية قراري إعالن ومد حالة الطوارئ واالوامر العسكرية"‪،‬‬
‫منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2000 ،‬ص ‪.62‬‬

‫‪277‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إمكانية إعالن حالة احلصار ملدة ‪ 30‬يوما‪ ،‬مبقتضى ظهري يوقعه بالعطف رئيس‬
‫احلكومة‪ ،‬ال متدد إال بقانون‪.220‬‬
‫وبالرجوع إىل التعريفات الفقهية اليت تناولت حالة الطوارئ جند أن هناك من‬
‫عرفها بأنها‬
‫"حالة تنظم شروطها واوضاعها الدساتري والقوانني أو االثنان معا‪ ،‬ويصار إليها‬
‫مؤقتا يف الظروف االستثنائية اليت تلم بالدولة وتعجز التشريعات العادية عن‬
‫مواجهتها‪ ،‬هذه احلالة تفرض خالهلا متتع اهليئة التنفيذية باختصاصات استثنائية‬
‫واسعة ولكنها ليست طليقة من كل قيد‪ ،‬بل ختضع فيها ما مارسته من اختصاصات‬
‫ملراجعة الربملان والقضاء حبسب ما ورد‪ ،‬من قيود يف الدساتري والتشريعات يف الدولة‬
‫وينتهي العمل بها حال انتهاء الظروف اليت استدعت إعالنها‪.221‬‬

‫‪ 220‬و حيث أن قواعد التأويل الدستوري تفترض أنه وثيقة تحمل مضامين متكاثفة ومكملة لبعضها البعض‪ ،‬وتشكل وحدة قانونية ال‬
‫يمكن الفصل بينها‪ ،‬فإن السند الدستوري إلعالن حالة الطوارئ الصحية ال يوجد في الفصلين ‪ 49‬و‪ ،74‬لكونهما يؤطران في األصل‬
‫حالة الحصار‪ ،‬بل في مقتضيات الفصول التالية‪( 20 :‬الحق في الحياة) و‪( 21‬الحق في السالمة البدنية وحماية الممتلكات) و‪( 31‬الحق‬
‫في العالج والعناية الصحية) و‪( 35‬الرعاية الخاصة للفئات الهشة) و‪( 40‬تحمل الجميع لألعباء الناتجة عن اآلفات والكوارث‬
‫الطبيعية) و‪( 72‬يختص المجال التنظيمي بكل ما ال يشمله اختصاص القانون‪ ،‬مثل تدبير الكوارث الطبيعية والصحية) و‪( 92‬تداول‬
‫مجلس الحكومة في القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق اإلنسان وبالنظام العام) و‪ 145‬و‪ ( 146‬تنفيذ الوالة والعمال للنصوص التنظيمية‬
‫ولمقررات الحكومة)‪ .‬وهي كلها مقتضيات يستفاد منها التدخل الدائم للسلطات العمومية‪ ،‬ضمن ما تقتضيه ضرورة استمرارية األمن‬
‫العام والسالمة الصحية للمواطنين في األوقات العادية‪ ،‬فما بالك باألوقات االستثنائية‪ ،‬التي تستوجب تدخلها المباشر والممتد‪.‬‬

‫عبد الحميد بنخطاب " السند القانوني إلعالن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب"‪ ،‬مقال منشور بموقع هسبريس بتاريخ ‪ 23‬مارس‬
‫‪.2023‬‬

‫‪ 221‬حقي إسماعيل بربوتي "الرقابة على أعمال السلطة القائمة في حالة الطوارئ"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‬
‫‪ ،1981‬ص ‪.21‬‬

‫‪278‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بأنها‪" :‬نظام قانوني يتقرر مبقتضى‬ ‫‪222‬‬


‫يف حني عرفها جانب آخر من الفقه‬
‫قوانني دستورية عاجلة حلماية املصاحل الوطنية وال يلجأ إليها إال بصفة استثنائية‬
‫ومؤقتة ملواجهة الظروف الطارئة اليت تقتصر عنها اإلدارة الشرعية"‪.‬‬
‫وقد عرفها البعض اآلخر بأنها "احلالة اليت تتحقق إذا قامت ضرورة حتث‬
‫السلطة التنفيذية عن اخلروج على أحكام الدستور أو حكم القانون وذلك عن طريق‬
‫ممارسة بعض اإلجراءات اخلطرية املاسة باحلريات العامة عندما تكون القواعد القانونية‬
‫املتبعة يف الظروف العادية عاجزة عن متكني السلطة التنفيذية عن مواجهة خطر جسيم‬
‫‪223‬‬
‫حمدق"‪.‬‬
‫ومما تقدم‪ ،‬نستطيع القول أن حالة الطوارئ هي تلك احلالة اليت ختول السلطة‬
‫التنفيذية سلطات واسعة ال تتمتع بها يف الظروف العادية‪ ،‬وذلك ملواجهة ظروف‬
‫استثنائية تتمثل بوجود خطر جسيم يهدد النظام العام وسري احلياة العامة‪ ،‬وأن ال‬
‫يكون يف وسع السلطات العامة مواجهة هذا الظرف الشاذ بتطبيق القوانني العادية مما‬
‫‪224‬‬
‫تضطر معه إىل اللجوء إلجراءات استثنائية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف التحلل وموقعه من داخل االتفاقيات الدولية‬
‫بالرغم من أن جمموعة من االتفاقيات الدولية قد أقرت نظام التحلل‪ ،‬غري أنها مل‬
‫تكلف نفسها وضع تعريف هلذا النظام‪ ،‬مفسحة اجملال للفقه يف تقديم تعريف له‪،‬‬
‫وعليه وقبل الوصول إىل تعريف نظام التحلل‪ ،‬نرى أنه من الضروري حتديد النصوص‬

‫‪ 222‬محمد طه بدوي "القانون والدولة"‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة ‪ ،1955 ،01‬ص ‪.59‬‬
‫‪ 223‬حقي إسماعيل برتوتي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪ 224‬زكريا عبد الحميد محفوظ "حالة الطوارئ والقوانين المنظمة لها"‪ ،‬مطبعة اإلسكندرية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.159‬‬

‫‪279‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدولية اليت أشارت إليه سواء أكانت عاملية أو إقليمية‪ ،‬ثم بعد ذلك الوقوف عند‬
‫تعريف التحلل‪.‬‬
‫ففيما خيص النصوص ذات البعد العاملي جند املادة ‪( 4‬الفقرة ‪ )1‬من العهد الدولي‬
‫اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية واليت تنص على أنه‪ " :‬يف حاالت الطوارئ‬
‫االستثنائية اليت تهدد حياة األمة واملعلن عن قيامها رمسيا جيوز للدول األطراف يف هذا‬
‫العهد أن تتخذ يف أضيق احلدود اليت يتطلبها الوضع تدابري ال تتقيد بااللتزامات‬
‫املرتتبة عليها مبقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابري لاللتزامات األخرى‬
‫املرتتبة عليها مبقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على متييز يكون مربره الوحيد هو‬
‫العرق أو اللون أو اجلنس أو اللغة أو الدين أو األصل االجتماعي"‪.‬‬
‫أما النصوص اإلقليمية‪ ،‬فنجد االتفاقية األوروبية حلقوق االنسان لعام ‪،1950‬‬
‫واليت نصت يف الفقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 15‬على أنه‪ " :‬يف حالة احلرب أو اخلطر العام الذي‬
‫يهدد حياة األمة جيوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابري ختالف االلتزامات‬
‫املنصوص عليها يف هذا امليثاق يف أضيق احلدود اليت يتطلبها الوضع وبشرط أال تتناقض‬
‫هذه التدابري مع بقية االلتزامات املنبثقة عن القانون الدولي"‪.‬‬
‫أما االتفاقية األمريكية حلقوق اإلنسان لعام ‪1969‬فقد أكدت املادة (‪ )1/27‬منها‬
‫على أنه ال ميكن للدولة الطرف يف أوقات احلرب أو اخلطر العام أو سواهما يف احلاالت‬
‫الطارئة اليت تهدد استقالل الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات حتد من التزامها‬
‫مبوجب االتفاقية احلالية ولكن فقط بالقدر وخالل املدة اليت تقتضيها ضرورات الوضع‬

‫‪280‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الطارئ شريطة أن تتعارض تلك اإلجراءات مع التزاماتها األخرى مبقتضى القانون‬


‫الدولي وال تنطوي على متيز بسبب العرق أو اللون أو اجلنس أو اللغة أو الدين أو األصل‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫وهو نفس التوجه الذي سار عليه امليثاق العربي حلقوق االنسان يف الفقرة ‪ 01‬من‬
‫مادته ‪ ،04‬إذ ينص على أنه‪ " :‬يف حاالت الطوارئ االستثنائية اليت تهدد حياة األمة‬
‫واملعلن قيامها رمسيا‪ ،‬جيوز للدول األطراف يف هذا امليثاق أن تتخذ يف أضيق احلدود‬
‫اليت يتطلبها الوضع تدابري ال تتقيد فيها بااللتزامات املرتتبة عليها مبقتضى امليثاق"‪.‬‬
‫هذه أغلب النصوص الدولية واإلقليمية اليت أباحت للدول تقييد بعض احلقوق‬
‫وتعطيل نصوص اتفاقية أثناء إعالن الدول األطراف حلالة الطوارئ كتجسيد فعلي ملبدأ‬
‫الضرورة القاضي يف بعض الظروف االستثنائية خمالفة االتفاقيات بشكل مؤقت‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل استمرار الدولة يف القيام بوظائفها‪ ،‬لضمان حقوق االنسان وانتظام سري املرافق‬
‫‪225.‬‬
‫العامة‬
‫وعليه وبناء على ما سبق‪ ،‬فإنه ميكن تعريف التحلل بأنه‪" :‬خروج الدول عن‬
‫أحكام االتفاقيات الدولية وعدم التقيد بها‪ ،‬سواء أكان األمر مبخالفة االلتزامات‬
‫املنصوص عليها يف هذه االتفاقيات أو تعطيلها وذلك يف حدود الضوابط والقيود اليت‬
‫فرضتها هذه االتفاقيات"‪ ،‬فالتحلل يف جوهره إذن هو رخصة قانونية منحتها االتفاقيات‬

‫‪225‬‬
‫‪Rusen Ergec "Les droits de l'homme a l'épreuve des circonstances exceptionnel", Etude sur l'article‬‬
‫‪15 du la convention européenne des droits de l'homme, Edition Brylant, Belgique, 1987, p 24.‬‬

‫‪281‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الدولية حلقوق االنسان للدول يتم مبوجبها عدم التقيد بهذه االتفاقيات الدولة متى‬
‫توافرت الشروط القانونية املنظمة هلذه الرخصة‪.226‬‬
‫هذا وإذا سلمنا بأن التحلل يف أساسه هو ترخيص قانوني منحته االتفاقيات‬
‫الدولية حلقوق االنسان وأجازته استثناء للدول‪ ،‬فهل يعين ذلك أن االتفاقيات الدولية‬
‫حلقوق االنسان تندرج يف خانة القواعد غري امللزمة‪ ،‬أم أن املسألة ال خترج من نطاق‬
‫االستثناء الذي استوجبته الضرورة؟‬
‫اجلواب عن هذا السؤال يسوقنا للجدل والنقاش املرتبط بضرورة وخطورة التحلل‪،‬‬
‫فلئن كان التحلل من بعض املقتضيات الواردة يف االتفاقيات الدولية هو إجراء أكثر من‬
‫ضروري ‪-‬حسب الرأي املؤيد له‪ -‬باعتباره وسيلة لضبط التوازن بني مصلحة اجلماعة‬
‫وحقوق الفرد‪ ،‬أي بني محاية النظام العام من اخلطر املوجب للتحلل وبني التمتع‬
‫باحلقوق‪ ،‬فإنه باملقابل يشكل خطرا يف حد ذاته – حسب الرأي املعارض له‪ -‬باعتباره‬
‫جاء يف نصوص يلفها الغموض وتشوبها الصيغ الفضفاضة‪ ،‬نصوص ال تعني على حتديد‬
‫املفهوم القانوني لعبارات الظروف االستثنائية حمل التطبيق‪ ،‬مما يفتح الباب واسعا‬
‫للتفسري يف مدلول كلمة اخلطر أو الظروف االستثنائية من خالل توظيف بعض املفاهيم‬
‫اليت ال تتساوى مع فكرة اخلطر الذي يهدد حياة األمة‪.‬‬

‫‪ 226‬عالوة هوام "الطبيعة القانونية لقواعد حقوق اإلنسان"‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،10‬يناير ‪ ،2014‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية باتنة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.244‬‬

‫‪282‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ثالثا‪ :‬شروط ممارسة نظام التحلل‬


‫حتى يتسنى للدول ممارسة وتفعيل نظام التحلل‪ ،‬فإنه يلزم توافر بعض الشروط‬
‫املعينة املتعارف عليها يف أدبيات القانون الدولي حلقوق اإلنسان‪ ،‬وهي شروط تنصرف‬
‫إىل ما هو موضوعي وما هو شكلي‪ ،‬وهي يف جوهرها تروم ضمان حقوق االنسان من إساءة‬
‫استخدام نظام التحلل‪.‬‬
‫أ – الشروط املوضوعية‬
‫‪ -‬وجود حالة استثنائية‪.‬‬
‫‪ -‬كون تدابري املخالفة يف احلدود اليت يقتضيها املوقف‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تعارض تدابري التحلل مع االلتزامات األخرى املقررة يف القانون‬
‫الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬حظر املساس ببعض احلقوق‪.‬‬
‫‪ -‬حظر تدابري التمييز‪.‬‬
‫‪ -‬حظر التدابري اليت يكون هلا هدف آخر ال ينسجم واحملافظة على حياة‬
‫األمة‪.‬‬
‫‪ -‬حظر التدابري اليت متس باحلقوق املعرتف بها يف القانون أو املعاهدات‬
‫الدولية األخرى‪.‬‬
‫ب – الشروط الشكلية‬
‫‪ -‬اإلعالن‪.‬‬

‫‪283‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬التبليغ‪.‬‬
‫فالتحلل إذن هو رخصة قانونية منحتها االتفاقيات الدولية حلقوق االنسان للدول‬
‫يتم مبوجبها عدم التقيد بهذه االتفاقيات متى توفرت الشروط القانونية املنظمة هلذه‬
‫الرخصة بشقها املوضوعي والشكلي‪ ،‬غري أن سالمة إعالن حالة الطوارئ تستدعي أن‬
‫يتضمن قرار اإلعالن النقاط السالفة الذكر‪ ،‬كما جيب أن يتضمن مرسوم إعالن حالة‬
‫الطوارئ بيان احلالة اليت أعلنت بسببها‪ ،‬وحتديد املنطقة اليت تشملها‪ ،‬وتاريخ بدء‬
‫السريان‪ ،‬باإلضافة إىل ضرورة حتديد احليز الزمين حلالة الطوارئ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬احلقوق اليت ال تقبل التحلل أو التعطيل أثناء حالة الطوارئ‪.‬‬
‫مبوجب االتفاقيات الدولية حلقوق اإلنسان وخاصة املواد اليت تضمنت نصوص‬
‫التحلل‪ ،‬فإن هناك عددا من احلقوق ال جيوز تقييدها وال خمالفتها بأي حال من األحوال‬
‫وأيا كان السبب ‪ ،227‬وتتنوع هذه احلقوق كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬احلقوق املقررة مبقتضى املادة ‪ 4‬من العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية‬
‫والسياسية‪ ،‬إذ نص العهد يف فقرته الثانية من هذه املادة على مجلة من‬
‫احلقوق ال جيوز تقييدها وهي‪ :‬احلق يف احلياة‪ ،‬حظر التعذيب‪ ،‬حظر‬
‫العبودية‪ ،‬حظر االحتجاز بسبب الوفاء بدين‪ ،‬حظر تطبيق القوانني‬
‫اجلنائية بأثر رجعي‪ ،‬احلق يف االعرتاف بالشخصية القانونية‪ ،‬حرية‬
‫الفكر والضمري والدين والعقيدة‪.‬‬

‫‪ 227‬عالوة هوام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.245‬‬

‫‪284‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪ -‬احلقوق املقررة مبقتضى املادة ‪ 15‬من االتفاقية األوروبية حلقوق االنسان‬


‫واليت نصت عليها الفقرة ‪ 2‬وهي‪ :‬احلق يف احلياة‪ ،‬حظر التعذيب‪ ،‬حظر‬
‫الرق والعبودية‪ ،‬حظر تطبيق القوانني بأثر رجعي‪.‬‬
‫‪ -‬احلقوق املقررة مبقتضى املادة ‪ 27‬من االتفاقية األمريكية حلقوق االنسان‪،‬‬
‫حيث نصت الفقرة الثانية من هذه املادة على أنه "ال جيوز تعليق أي حق‬
‫من احلقوق التالية‪ :‬احلق يف الشخصية القانونية‪ ،‬احلق يف احلياة‪ ،‬احلق يف‬
‫املعاملة اإلنسانية‪ ،‬التحرر من العبودية‪ ،‬حظر تطبيق القوانني بأثر‬
‫رجعي‪ ،‬حرية الضمري والعقيدة‪ ،‬حقوق األسرة‪ ،‬احلق يف احلصول على‬
‫اسم‪ ،‬حقوق الطفل‪ ،‬احلق يف اجلنسية‪ ،‬احلق يف املشاركة السياسية‪،‬‬
‫الضمانات القضائية األساسية حلماية هذه احلقوق‪.‬‬
‫‪ -‬احلقوق املقررة مبقتضى املادة ‪ 4‬من امليثاق العربي حلقوق اإلنسان واليت‬
‫حيظر امليثاق املساس بها وعدم جواز تقييدها يف أي ظرف كان‪ ،‬وهي‬
‫كاآلتي‪ :‬احلق يف احلياة‪ ،‬حظر التعذيب‪ ،‬التحرر من الرق والسخرة‪ ،‬ضمان‬
‫احملاكمة العادلة‪ ،‬الطعن يف إجراء االعتقال‪ ،‬مبدأ الشرعية اجلنائية‪ ،‬عدم‬
‫حبس شخص معسر عن وفاء دين ناتج عن التزام تعاقدي‪ ،‬عدم حماكمة‬
‫شخص عن جرم مرتني‪ ،‬املعاملة اإلنسانية للمسجون‪ ،‬االعرتاف بالشخصية‬
‫القانونية‪ ،‬طلب اللجوء السياسي‪ ،‬التمتع باجلنسية‪ ،‬حرية الفكر والعقيدة‬
‫والدين‪ ،‬عدم تعليق الضمانات القضائية الالزمة حلماية تلك احلقوق‪.‬‬

‫‪285‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫نستنتج من خالل سرد احلقوق املشمولة باحلماية واملستثناة من التحلل أثناء‬


‫حاالت الطوارئ‪ ،‬على أن هذه احلقوق تعترب حقوقا من الدرجة األوىل واليت ترتبط‬
‫وتتعلق باألفراد مهما كانت الظروف وال غنى للبشر عنها‪ ،‬وال ميكن املساس بها أو‬
‫تقييدها أو تعطيلها حتت أي ظرف كان نظرا لبالغ أهميتها‪ .228‬وهي حقوق تنظمها‬
‫قواعد قانونية من النوع اآلمر‪ ،‬أما عدا هذه احلقوق‪ ،‬ولئن كانت مهمة للحياة اإلنسانية‬
‫إال أن شأنها ليس كشأن هذه النواة الصلبة من احلقوق اإلنسانية‪ ،‬إذ ميكن تقييدها‬
‫واخلروج عن القواعد اليت تنظمها‪ ،‬وليس يف ذلك ما ميكن أن يشكل خطرا على اإلنسان‬
‫ما دام األمر يتعلق مبصلحة عليا يتم السعي للحفاظ عليها‪ ،229‬مع احلفاظ على األساسي‬
‫من احلقوق وإن كان االمر يف حقيقته يدفعنا للقول أن كل حقوق اإلنسان أمر مهم وال‬
‫ميكن االستغناء عنها‪.‬‬
‫وخنلص للقول أيضا‪ ،‬على أن االمتثال لنظام التحلل واالنضباط لقرار حالة‬
‫الطوارئ بالرغم من تقييده لبعض احلقوق واحلريات وعلى وجه اخلصوص حق التجول‬
‫وحق التجمع وحق التظاهر – هو أمر ضروري طاملا يتوخى محاية النظام العام (الصحة‬
‫العامة) من اخلطر الوبائي احملدق به‪ ،‬باملقابل فإن املنطق احلقوقي السليم يستوجب‬
‫مساءلة كل منتهك للحقوق اإلنسانية الغري قابلة للتحلل واليت ال ميكن بأي حال من‬
‫األحوال تعطيلها وتقييدها كاحلق يف السالمة اجلسدية وتعريض األفراد لإلهانة‬

‫‪ 228‬يطلق على هذا الصنف من الحقوق اسم "الحقوق المقدسة" أو "النواة الصلبة" لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ 229‬عالوة هوام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪24‬‬

‫‪286‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫والتعنيف غري املربر وغري املتناسب‪ ،‬والتعذيب وغريه من ضروب العقوبات أو املعامالت‬
‫القاسية أو املهينة‪ ،‬وعدم املساس حبرمة احلياة اخلاصة‪.‬‬

‫مت بتوفيق من اهلل‬

‫‪287‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫األستاذ فيصل كرمات‬


‫باحث بسلك الدكتوراه بأكادير‬
‫موظف باحملكمة االبتدائية بامينتانوت‬

‫احلماية اجلنائية من فريوس كرورنا‬


‫املستجد يف التشريع املغربي‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يشكل فريوس كورنا حتديا عامليا يتطلب من كل شخص سلوكا مسؤوال‪ ،‬وبإمكان‬
‫اجلميع كمواطنني أو شركات أو مؤسسات أو منظمات اختاذ تدابري للحماية من الفريوس‬
‫والتصدي له‪،‬وبالتالي فإن كل من خيالف أحكام احلجر الصحي الذي ميثل بوابة التعايف‬
‫يكون قد ارتكب جرمية‪ ،‬ويستوجب إعمال القانون يف حقه‪ ،‬السيما أن أرواح األفراد هي‬
‫حمل تقديس ومحاية‪،‬وأفرد املشرع هلا محاية جنائية تصل إىل حد اإلعدام‪ ،‬وذلك يف‬

‫‪288‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫حالة القتل العمد كمن يكتم بصمته مبا حيمل من مرض معدن نتج عنه وفاة املخالطني‬
‫له‪.‬‬
‫يف خضم أزمة كورنا اليت تعصف بالعامل برمته يف الوقت الراهن ظهرت مثة‬
‫جوانب إجيابية فقد عززت من روح املسؤولية والتضامن بني السكان‪،‬وبات اجلميع أكثر‬
‫يقينا من قبل أن مدى التزام املواطنني باإلجراءات املتخذة من قبل احلكومات هو ما‬
‫يضمن هلا القدرة على السيطرة على انتشار الفريوس‪ ،‬ورغم اختاذ اجلهات املختصة‬
‫إجراءات وقرارات صارمة يف مواجهة الفريوس كإغالق املساجد وأماكن التجمعات‬
‫وايقاف املدارس والعمل عن بعد‪ ،‬تسبب االستهتار الذي أبداه بعض املواطنني الذين مل‬
‫يلتزموا بالتدابري الوقائية املتخذة من اجلهات املختصة إىل مسألة املشرع املغربي‬
‫خبصوص استهتار هؤالء؟ وكذا أي محاية جنائية وضعها املشرع ملواجهة فريوس‬
‫كورنا ؟‬
‫وتقتضي اإلجابة عن هذين السؤالني اجلوهريني التطرق إىل التدابري اإلجرائية‬
‫ملواجهة وباء كورنا (الفقرة األوىل)‪ ،‬ثم إىل احلديث عن التدابري الزجرية ملواجهة وباء‬
‫كورنا(الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪:‬التدابري اإلجرائية ملواجهة وباء كورنا‬
‫فريوس كورنا املستجد هو ساللة جديدة من فئة فريوس كورنا‪ ،‬ويتسبب يف مرض‬
‫معد يصيب اجلهاز التنفسي وميكن أن يؤدي إىل مضاعفات وخيمة يف بعض احلاالت ‪،‬‬
‫وقد مت تشخيصه يف مدينة ووهان بالصني يف أواخر دجنرب ‪ ،2019‬وحسب املعطيات‬

‫‪289‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املتوفرة حلد االن‪ ،‬ينتقل فريوس كورنا عند االتصال الوثيق بشخص مصاب بهذا‬
‫الفريوس‪ ،‬وفرتة حضانة اجلسم لفريوس كورنا متتد من يومني إىل ‪ 14‬يوما‪ ،‬ومن بني‬
‫أعراض هذا املرض جند محى‪ ،‬وكذلك كحة باإلضافة إىل صعوبة يف التنفس‪.‬‬
‫حلدود الساعة‪ ،‬ال يوجد عالج أو لقاح حمددين هلذا املرض‪ ،‬عدا عالج للتخفيف‬
‫من حدتها وتفادي املضاعفات‪ ،‬وينبغي إدخال األشخاص املصابني به إىل املستشفيات‬
‫وذلك قصد القيام بالعزل الصحي هلم‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل أن العزل الصحي هو إجراء‬
‫أكثر فصال لألفراد الذين يعانون من مرض معدي والذي قد ينقلونه بسهولة للمحيطني‬
‫واملخالطني له وخالل العزل يبقى هؤالء األفراد منفصلني عن األخرين عادة داخل منشأة‬
‫للرعاية الصحية ويكون لدى الشخص املعزول غرفة خاصة به‪ ،‬ويتخذ القائمون على‬
‫الرعاية الصحية احتياطات معينة للتعامل معه مثل ارتداء مالبس واقية‪.‬‬
‫من جهة أخرى يعترب احلجر الصحي إجراء خيضع له األشخاص الذين تعرضوا‬
‫ملرض معد وهذا إذا أصيبوا باملرض أو مل يصابوا به‪ ،‬ويف احلجر الصحي يطلب من‬
‫األشخاص املعنيني البقاء يف منازهلم أو أي مكان آخر ملنع املزيد من انتشار املرض‬
‫لآلخرين ولرصد آثار املرض عليهم وعلى صحتهم ‪.‬‬
‫يف إطار اجملهودات االستباقية اليت تقوم بها احلكومة الرامية إىل مواجهة وباء‬
‫فريوس كورنا املستجد كوفيد ‪ ،19‬أعلنت وزارة االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة إنشاء‬
‫جلنة اليقظة االقتصادية لتتبع انعكاسات وباء فريوس كورنا املستجد كوفيد‬
‫‪19‬واإلجراءات املواكبة‪ ،‬وذلك ملواجهة االنعكاسات االقتصادية املباشرة للوباء على‬

‫‪290‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫االقتصاد الوطين‪ ،‬كما أصدر وزير االقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة منشورا بتاريخ ‪26‬‬
‫مارس ‪ ، 2020‬حيث فيه القطاعات الوزارية واملؤسسات واملقاوالت العمومية على اختاذ‬
‫ما يلزم من إجراءات لتسريع صرف مستحقات املقاوالت وخاصة املقاوالت الصغرية جدا‬
‫والصغرى واملتوسطة‪ ،‬وذلك لتخفيف الضغط على خزينتها ومتكينها من الوفاء‬
‫بالتزاماتها املالية‪.‬‬
‫ويف نفس اإلطار وتنفيذا للتعليمات السامية لصاحب اجلاللة امللك حفظه اهلل‪ ،‬مت‬
‫إحداث صندوق خاص لتدبري ومواجهة وباء فريوس كورنا‪ ،‬وذلك من أجل التكفل‬
‫بالنفقات املتعلقة بتأهيل البنيات الصحة‪ ،‬واحلد من آثار هذا الوباء على االقتصاد‬
‫الوطين‪ ،‬وكذلك إمداد املنظومة الصحية بكل الوسائل لضمان حماربة فريوس كورنا‬
‫كوفيد ‪. 19‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أنه بناء على االعتبارات اإلنسانية اليت مافتئ يؤكد عليها‬
‫جاللة امللك‪ ،‬ومحاية لصحة وسالمة املعتقلني‪ ،‬السيما يف هذه الظروف الصعبة‪ ،‬وما‬
‫تتطلبه من شروط الوقاية املؤسسات السجنية واإلصالحية من انتشار فريوس كورنا‬
‫املستجد كوفيد ‪ 19‬أصدر جاللة امللك أعزه اهلل‪ ،‬أوامره باختاذ مجيع التدبري الالزمة‬
‫لتعزيز محاية نزالء هذه املؤسسات خاصة من انتشار هذا الوباء‪ ،‬ويف إطار العناية‬
‫املوصولة اليت حييط بها جاللة امللك رعاياه املعتقلني باملؤسسات السجنية واإلصالحية‬
‫تفضل ملك البالد بإصدار عفوه املولوي الكريم على ‪ 5654‬معتقال‪ ،‬ومت انتقاء املعتقلني‬
‫املستفيدين من هذا العفو بناء على معايري إنسانية وموضوعية مضبوطة تأخذ بعني‬

‫‪291‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫االعتبار سنهم وهشاشة وضعيتهم الصحية ومدة اعتقاهلم وما أبانوا عنه من حسن‬
‫السرية والسلوك واالنضباط طيلة مدة اعتقاهلم‪.‬‬
‫ويف هذا اإلطار فإن املستفيدين من العفو امللكي الكريم سيخضعون للمراقبة‬
‫واالختبارات الطبية ولعملية احلجر الصحي الالزمة يف منازهلم للتأكد من سالمتهم‪.‬‬
‫من جهة أخرى قررت السلطة العمومية العمل بإجبارية وضع الكمامات الواقية‬
‫باململكة ابتداء من يوم الثالثاء ‪07‬ابريل ‪2020‬بالنسبة لألشخاص املسموح هلم بالتنقل‬
‫خارج مقرات السكن يف احلاالت االستثنائية املقرر سلفا‪ ،‬وأوضح بالغ مشرتك لوزارة‬
‫الداخلية‪ ،‬والصحة‪ ،‬واالقتصاد واملالية وإصالح اإلدارة‪ ،‬والصناعة واالستثمار والتجارة‬
‫واالقتصاد األخضر والرقمي ‪ ،‬أن هذا القرار يأتي يف إطار اجملهودات املبذولة للحد من‬
‫انتشار وباء فريوس كورنا املستجد (كوفيد ‪ )19‬وتبعا للتعليمات السامية اليت أعطاها‬
‫صاحب اجلاللة امللك حممد السادس‪ ،‬نصره اهلل وأيده‪ ،‬من أجل اختاد اإلجراءات الزمة‬
‫لتوفري الكمامات الواقية لعموم املواطنني بسعر مناسب‪ ،‬وكذلك بناء على املادة الثالثة‬
‫للمرسوم بقانون رقم ‪. 2.20.293‬‬
‫واجلدير بالذكر أنه يف حالة عدم التزام األفراد بالتدابري الرامية إىل احلد من‬
‫تداعيات جائحة فريوس كورنا املستجد كوفيد ‪19‬اليت تفرضها عليهم اجلهة املختصة‬
‫وكسروا حاجز الوقاية والعالج وخالطوا الناس بقصد أو غري قصد وامتنعوا عن أي‬
‫إجراء طلب منهم ملنع تفشي العدوى يكونوا قد ارتكبوا جرما جيب عقابهم عليه‪.‬‬

‫‪292‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬التدبري الزجرية ملواجهة وباء كورنا‬


‫تزامنت الظاهرة اإلجرامية يف نشوئها مع نشوء أول جمتمع بشري على هذه‬
‫البسيطة‪ ،‬وقد منت هذه الظاهرة واختذت أشكاال متعددة تبعا لتنامي وتطور اجملتمعات‬
‫البشرية اليت ضاقت بتلك الظاهرة يف ظل سيطرة مبدأ سيادة القانون على الدولة‬
‫احلديثة‪ ،‬إذ إن من أهم مقتضيات هذا املبدأ تفعيل دور املشرع اجلنائي يف محاية احلقوق‬
‫واحلريات الفردية واملصاحل العامة عند املساس بها‪ ،‬وذلك باعتبار أن هذه احلقوق‬
‫واحلريات واملصاحل العامة تأخذ مكانا حاكما يف التشريع اجلنائي سواء أكان ذلك يف‬
‫جمموعة القانون اجلنائي أم قانون املسطرة اجلنائية املغربي‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن الوسيلة التقليدية اليت يتوىل من خالهلا املشرع اجلنائي أداء‬
‫وظيفته تلك تنبثق من خالل ما يعرف بسياسة التجريم والعقاب‪ ،‬اليت تقوم على‬
‫التوازن بني احلقوق واحلريات الفردية من جهة واملصلحة العامة من جهة أخرى‪ ،‬وذلك‬
‫مبا يكفل حتقيق احلماية لكال اجلهتني حبيث ال ميكن السماح باملساس باحلقوق‬
‫واحلريات الفردية من خالل التجريم والعقاب إال إذا اقتضى ذلك حتقيق هدف معني‬
‫هو محاية املصلحة العامة أو محاية احلقوق واحلريات اليت من املمكن أن تكون عرضة‬
‫للضرر أو اخلطر‪ ،‬وتكون يف نظر املشرع جديرة باحلماية بواسطة التجريم والعقاب‪.‬‬
‫وتضمن املرسوم املعلن حلالة الطوارئ الصحية رقم ‪ 2.20.293‬الذي مت نشره‬
‫باجلريد الرمسية بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ 2020‬مقتضيات زجرية لكل من خالف أوامر‬
‫السلطة العامة ورفض االمتثال هلا وذلك بعقوبة حبسية ترتاوح مابني شهر وثالثة‬

‫‪293‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أشهر وغرامة مالية ترتاوح بني ‪ 300‬درهم و ‪1300‬درهم ‪ ،‬دون اإلخالل بالعقوبة‬
‫األشد املنصوص عليها يف جمموعة القانون اجلنائي يف الفصول من ‪ 300‬إىل ‪. 302‬‬
‫ويشكل املرسوم املذكور أعاله السند القانوني للسلطة العمومية الختاذ مجيع‬
‫التدبري الالزمة اليت تقتضها هذه احلالة خالل الفرتة احملدد لذلك مبوجب مراسيم‬
‫ومقررات تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشري وبالغات من أجل التدخل الفوري‬
‫والعاجل للحيلولة دون تفاقم احلالة الوبائية للمرض وتعبئة مجيع الوسائل املتاحة‬
‫حلماية حياة األشخاص وضمان سالمتهم‪.‬‬
‫وأعلنت رئاسة النيابة العامة أنه يف إطار تفعيلها للمقتضيات الزجرية اليت جاء‬
‫بها املرسوم املتعلق بسن أحكام خاصة حبالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عليها‪،‬‬
‫فإن النيابات العامة مبحاكم اململكة تابعت ما جمموعه‪ 4835‬شخصا قاموا خبرق حالة‬
‫الطوارئ الصحية أي معدل ‪ 539‬موقوفا يوميا‪ ،‬وأحيل على احملاكم ‪ 434‬شخصا يف‬
‫حالة اعتقال وذلك خالل الفرتة املمتدة بني ‪ 24‬مارس إىل غاية اخلميس ‪ 02‬ابريل‬
‫‪ 2020‬على الساعة الرابعة زوال‪.‬‬
‫وأصدرت حماكم اململكة يف حق جمموعة من األشخاص املتابعني‪ ،‬أحكاما قضت‬
‫بالعقوبة احلبسية إىل جانب الغرامة املالية ‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل أن أول حكم صدر يف‬
‫هذا الشأن ذلك الصادر عن احملكمة االبتدائية بامنتانوت وذلك بتاريخ ‪ 23‬مارس‬
‫‪ 2020‬حيث حكمت على املتهمني بشهر واحد حبسا نافذا على كل واحد منهما وغرامة‬
‫مالية قدرها ‪ 1100‬درهم وقد مت تقديم املتهمني يف حالة اعتقال‪.‬‬

‫‪294‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫و تفاعال مع ذلك أصدر رئيس النيابة العامة دورية عدد ‪ 13‬دعا فيها مجيع قضاة‬
‫النيابة العامة مبحاكم اململكة‪ ،‬إىل التطبيق الصارم واحلازم للمرسوم رقم ‪2.20.293‬‬
‫فيما خيص املقتضيات الراجعة إىل اختصاصهم‪.‬‬
‫ومن األسئلة اليت تطرح بالنسبة للباحث يف اجملال القانوني سؤال مؤداه‪:‬‬
‫هل ميكن معاقبة الشخص الذي خيفي مرض وبائي كورنا كوفيد ‪ 19‬طبقا‬
‫للقانون املغربي؟‬
‫إن اإلجابة عن هذا السؤال املركزي تقتضي منا الرجوع إىل جمموعة القانون‬
‫اجلنائي والقوانني املغربية األخرى والبحث عن األساس القانوني املؤطر هلذا النوع من‬
‫اجلرائم‪.‬‬
‫من خالل استقرائنا هلذه الفصول ال جند فصال واضحا جيرم هذا النوع من األفعال‬
‫واملتمثل يف إخفاء املصاب ملرضه‪ ،‬لكن ميكن تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 413‬من جمموعة‬
‫القانون اجلنائي اليت تنص على‪:‬‬
‫يعاقب باحلبس من شهر إىل ثالث سنوات وغرامة من مائة وعشرين درهم إىل‬
‫مخسمائة درهم ‪ ،‬من سبب لغريه مرضا أو عجزا عن األشغال الشخصية ‪ ،‬بإعطائه عمدا‬
‫وبأية وسيلة كانت بدون قصد القتل مواد تضر بالصحة ‪.‬‬
‫فإذا نتج عن ذلك مرض أو عجز عن األشغال الشخصية تتجاوز مدته عشرين يوم‬
‫فعقوبته احلبس من سنتني إىل مخس سنوات‪.‬‬

‫‪295‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫و جيوز عالوة على ذلك أن حيكم باحلرمان من واحد أو أكثر من احلقوق املشار‬
‫إليها يف الفصل ‪ 40‬و باملنع من اإلقامة‪ ،‬من مخس سنوات إىل عشر‪.‬‬
‫و يف حالة ما إذا نتج عن املواد اليت أعطيت مرض ال يرجى برؤه‪ ،‬أو فقد منفعة‬
‫عضو أو عاهة دائمة‪ ،‬فعقوبته السجن من مخس إىل عشر سنوات‪.‬‬
‫أما إذا نتج عنها املوت‪ ،‬دون أن يقصد اجلاني‪ ،‬فعقوبته السجن من عشر إىل‬
‫عشرين سنة‪.‬‬
‫جتدر اإلشارة إىل أن هنالك قرار لوزير الصحة العمومية رقم ‪ 683. 95‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 31‬مارس ‪ 1995‬بتحديد كيفية تطبيق املرسوم امللكي رقم ‪ 65. 554‬مبثابة‬
‫قانون املتعلق بوجوب التصريح ببعض األمراض واختاذ تدابري وقائية للقضاء عليها‪،‬‬
‫وقد نص يف فصله الثاني على أنه يتعني وجوبا التصريح باألمراض اجلاري عليها احلجر‬
‫الصحي وهي الطاعون الكولريى‪ ،‬احلمى‪ ،‬الصفراء‪ ،‬اجلدري ‪ ...‬وكذا األمراض غري‬
‫املعروفة أسبابها واجملهولة واليت تكتسي صبغة وبائية وهو ما ينطبق حاليا على وباء‬
‫كورنا كوفيد ‪. 19‬‬
‫بالرجوع إىل املرسوم امللكي رقم ‪ 65. 554‬مبثابة قانون املتعلق بوجوب التصريح‬
‫ببعض األمراض واختاذ تدابري وقائية للقضاء عليها‪ ،‬الصادر يف ‪ 26‬يونيو ‪،1967‬‬
‫خاصة يف فصله ‪ 6‬الذي ينص على (يعاقب عن املخالفات ملقتضيات هذا املرسوم امللكي‬
‫والنصوص املتخذة لتطبيقه بالسجن ملدة ترتاوح بني ‪ 6‬أيام وشهرين وبغرامة يرتاوح‬
‫قدرها بني ‪ 40‬درهم و ‪ 2400‬درهم وبإحدى هاتني العقوبتني)‪.‬‬

‫‪296‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إال أن اإلشكال الذي يطرحه هذا املرسوم هو اقتصاره على اجلهات اليت ألزم‬
‫عليها التصريح بهذه األمراض يف كل من أصحاب املهن الطبية وكذا أصحاب املهن‬
‫الشبيهة بالطبية املأذون هلم قانونيا يف مزاولة املهنة دون ذكر جهات أخرى وذلك ما‬
‫نص عليه الفصل األول من املرسوم امللكي املذكور‪.‬‬
‫كان حريا أن يتم التنصيص على إجبارية التصريح باملرض املعد من طرف كل من‬
‫يعلم بوجود شخص مصاب به حتى نتفادى هذا اإلشكال املطروح‪.‬‬
‫وانطالقا من كل ما سبق‪ ،‬ميكن القول أن كل شخص مصاب بوباء كورنا كوفيد‬
‫‪ ،19‬يعلم أنه كذلك وقد تنتقل عدواه إىل الغري ومل يقم بإخبار اجلهات املختصة يكون‬
‫قد ارتكب جرمية قائمة األركان كجرمية شكلية ويرتتب عن ذلك مساءلته جنائيا‪.‬‬
‫لقد استطاع املغرب دولة وجمتمعا باختاذ تدابري استباقية واحرتازية للتدخل يف‬
‫الوقت املناسب من أجل الوقاية من هذا الفريوس ومنع انتشاره وذلك من خالل جمموعة‬
‫من التدابري الصارمة‪ ،‬وهذا يبني أن الدولة واجملتمع تعامال مع هذا الوباء بكل جدية‬
‫ومسؤولية حملاصرته واخلروج من هذه احملنة بأقل اخلسائر‪،‬إننا أمام مسؤولية‬
‫أخالقية أساسية يف ظل أزمة صحية عاملية جيب أن نتجاوزها بكل تداعياتها‬
‫وانعكاساتها بدون استهتار وبكثري من املسؤولية وااللتزام واالنضباط ‪.‬‬
‫ويف اخلتام ميكن القول أنه بالرغم من اجملهودات اليت تبدهلا كافة مكونات‬
‫الدولة للتطويق هذا الوباء واحلد من انتشاره‪ ،‬فاجلميع يتحمل املسؤولية يف مكافحة‬

‫‪297‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فريوس كورنا ومحاية اإلنسانية من أخطاره‪ ،‬وااللتزام بالتعاليم الصحية والتنظيمية‬


‫اليت تصدرها اجلهات الرمسية املختصة‪.‬‬

‫مت بتوفيق من اهلل‬

‫‪298‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيد الفيزازي رضوان‬


‫بــاحث يف القانون اخلاص‬

‫إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد‪-‬كفيد‪ - 19‬يف‬

‫ضوء قانون ‪12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث‬

‫الشغل واألمراض املهنية‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫ال أحد جيادل يف كون األوبئة على مر العصور إعتربت أحد أهم األخطار اليت‬
‫أرعبت البشرية بإعتبارها عدوا فتاكا ولقد تعددت األوبئة وإختلفت تسمياتها حيث‬
‫كان لوباء الطاعون الذي عصفى ببالد املغرب األقصى سنة‪1799‬و ‪1800‬م أثر وخيمة‬
‫وعواقب إجتماعية وإقتصادية وسياسية‪ 230‬لتظهر بعد ذلك العديد من األوبئة وصوال إىل‬
‫وباء اإلنفلونزا الذي ظهر أكثر من مرة حتت تسميات عدة بدءا من اإلنفلونزا االسبانية‬

‫‪230‬‬
‫انظر الموقع اإللكتروني ‪www.ar.wikipedia.org‬‬

‫‪299‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اليت أوقعت أكثر من ‪25‬مليون نسمة من الوفيات يف سنة‪1918‬و‪1919‬ومرورا بانفلونزا‬


‫ثم انفلونزا الطيور‬ ‫قتيل‪231‬‬ ‫األسيوية وانفلونزا هونكونغ اليت خلفت حولي مليوني‬
‫سنة‪ 2003‬وفريوس‪ H1N1232‬سنة ‪،2009‬ثم إبوال سنة ‪2014‬ليظهر فريوس كورونا‬
‫‪233‬‬ ‫املستجد ‪-‬كوفيد‪-19‬والذي اجتاح العامل بل إن منظمة الصحة العاملية إعتربته‬
‫جائحة عاملية وأطلق على هذا املرض الناجم عن فريوس التاجي اجلديد الذي ظهر ألول‬
‫مرة يف‪ -‬ووهان‪-‬بالصني مرض الفريوس ‪ -‬كوفيد‪ -19‬وهو فريوس جديد يرتبط بعائالت‬
‫الفريوسات نفسها اليت ينتمي إليها الفريوس الذي يتسبب مبرض املتالزمة التنفسية‬
‫‪234‬‬ ‫احلادة الوخيمة ‪-‬سارز‪-‬وبعض أنواع الزكام‬
‫وال خيفى على أي مهتم باحلقل القانوني عامة والقانون اإلجتماعي خاصة ما‬
‫للفريوس من أثر سوءا االقتصادية واالجتماعية والسياسية ولعل عالقات الشغل‬
‫وحتديات احلماية االجتماعية من أحد أهم املراكز تأثرا جبائحة فريوس كورونا‬
‫املستجد وإرتباطا بهذا فإن موضوع قيد التحليل ذا أهمية نظرية وعملية غاية يف الدقة‬
‫تتجلى األوىل يف مقاربة اإلطار القانوني حلادثة إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد‬
‫أما الثانية فتتجلى يف مقاربة و معرفة مدى إعتبار إصابة األجري أثناء الشغل أو خالل‬

‫‪ 231‬ابراهيم احطاب‪ .‬فيروس كورونا‪-‬كفيد‪ -19‬بين القوة القاهرة ونظرية الظروف الطارئة مقال منشور بالمجلة اإللكترونية مغرب‬
‫القانون‬
‫‪ 232‬هو مرض يسببه نوع من أنواع فيروس االنفلونزا تطور وتكيف في أجسام الطيور للتوسع أكثر انظر ‪www.ar.ma‬‬
‫‪Wikipedia. Org‬‬
‫‪ 233‬منظمة الصحة العالمية ‪www.who.in‬‬
‫‪ 234‬انظر ‪www.Unicef.or‬‬

‫‪300‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫قطعه ملسافة التنقل بفريوس كورونا املستجد حادثة الشغل أو حادثة طريق او مرض‬
‫مهين وأي إمكانية للتعويض ذوي احلقوق عن وفاته بسب هذا الفريوس‪.‬‬
‫إذا ثبت هذا فإن اإلشكالية األساسية للموضوع جتلى يف حماولة إبراز مدى‬
‫إمكانية إستفادة األجري املصاب بفريوس كورونا املستجد ‪ -‬كفيد‪ -19‬أثناء الشغل‬
‫وخالل قطعه ملسافة التنقل من ضمانات قانون ‪ 12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫الشغل واألمراض املهنية؟‪.‬‬
‫وعليه ملناقشة هذه التساؤالت سنعمل على مقاربتها من خالل ما يلي‪.‬‬
‫احملور األول ‪ :‬تساؤالت حول إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد يف‬
‫ضوء قانون ‪12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل واألمراض‬
‫إن مقاربة هذا احملور تقتضي منا حتليل مدى اعتبار إصابة األجري بفريوس‬
‫كورونا املستجد خالل الشغل وأثناءه حادثة شغل (أوال) ثم الوقوف على حدود اعتبار‬
‫هذه اإلصابة حادثة طريق او مرض مهنيا (ثانيا)‬
‫أوال ‪:‬مدى اعتباراصابة األجري بفريوس كرونا املستجد خالل الشغل وأثنائه‬
‫حادثة شغل‬
‫ال خيفى على أي مهتم حبقل التشريع االجتماعي أن املشرع املغربي عمل‬
‫جاهدا يف السنوات األخرية على حتديث الرتسانة القانونية مبا يتمشى مع متطلبات‬
‫توفري احلماية االجتماعية ألجري من جهة ومالئمة أحكام التشريع االجتماعي مع‬
‫املواثيق الدولية من جهة ثانية وأمام هذا الوضع كان اهلاجس لدى خمتلف الفرقاء هو‬

‫‪301‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ضرورة تعديل مقتضيات ظهري ‪1963‬بشأن حوادث الشغل وهو ما تكلل بإصدار القانون‬
‫والذي يعترب إطار قانونيا‬ ‫الشغل‪235‬‬ ‫اجلديد رقم‪ 12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫جديد حبمولة من الضمانات احلمائية من األهمية مبكان ببالدنا وبالرغم من بعض‬
‫مظاهر القصور سوءا اإلجرائية أو املوضوعية اليت تعرتي مضامني قانون ‪12.18‬واليت ال‬
‫تنقص من بعض املكتسبات اجلديدة اليت حيملها‪.‬‬
‫فإن مظاهر حتليلنا يف هذا املقام ستسلط على نقطة غاية يف األهمية والدقة‬
‫واملتمثلة يف مدى إمكانية إعتبار إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد أثناء الشغل‬
‫وخالله حادثة شغل أم ال وما مدى إمكانية إستفادة األجري املصاب بهذا الفريوس من‬
‫مقتضيات قانون ‪12.18‬؟‪.‬‬
‫إن اإلجابة عن هذا اإلشكال تقتضي منا الوقوف على ما هي حادثة الشغل وما هي‬
‫شروط وعناصر قيامها ثم البحث يف سبل إسقاط هذه املقومات على إصابة األجري بفريوس‬
‫كورونا ‪ -‬كفيد‪_19‬وتكييف مدى إمكانية إستفادة األجري املصاب بهذا الوباء من‬
‫ضمانات قانون ‪ 12.18‬أم إن األمر غري ذلك؟‬
‫بالرجوع إىل قانون ‪ 12.18‬جند املشرع قد خرج عن املبدأ كون التعريف هو من‬
‫إختصاص الفقه والقضاء وأعطى تعريف حلادث الشغل من خالل املادة ‪3‬من ق‪12.18.‬‬
‫عرب إراده ما يلي ‪:‬‬

‫‪ 235‬ظهير شريف رقم ‪1-14-190‬الصادر في ربيع األول ‪29(1436‬دسمبر‪)2014‬بتنفيذ القانون ‪12.18‬المتعلق بالتعويض عن‬
‫حوادث الشغل ج‪ .‬ر‪ .‬ع‪6328‬فاتح ربيع األخر ‪1436‬ه ‪22‬يناير ‪2015‬ص ‪489‬‬

‫‪302‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫"تعترب حادثة الشغل كل حادثة كيفما كان سببها يرتتب عنها ضرر للمستفيد من‬
‫أحكام هذا القانون سوءا كان أجري أو يعمل بأية صفة تبعية كانت ويف أي حمل كان إما‬
‫حلساب مشغل واحد أو عدة مشغلني وذلك مبناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به‬
‫وكانت هذه احلادثة ناجتة عن قوة قاهرة أو كانت ظروف الشغل قد تسببت يف مفعول‬
‫هذه القوة أو زادة يف خطورتها إال إذا أثبت املشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون‬
‫أن مرض املصاب كان سببا يف وقوع احلادثة ‪.‬‬
‫يقصد بالضرر يف مفهوم هذا القانون كل إصابة جسدية أو نفسية تسببة فيها‬
‫حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي مؤقت أو دائم للمستفيد من أحكامه‪".‬‬
‫وبالتمعن يف املادة أعاله يتضح أن املشرع تعامل مع مفهوم حادثة الشغل بشكل‬
‫عام يفتقد للدقة ولعل توظيف املشرع ملصطلح" تعترب حادثة الشغل كل حادثة كيف ما‬
‫كان سببها يرتتب عنها ضرر للمستفيد من أحكام هذا القانون… "‬
‫كما يتضح أن املشرع وسع من حاالت حادثة الشغل حيث أضاف القانون ‪18 .12‬‬
‫احلوادث الناجتة عن قوة قاهرة والذي مل يكن القانون امللغى يسمح بها إذا مل يعد‬
‫بإمكان املشغل إثارة دفع القوة القاهرة أو احلادث الفجائي للتملس من التعويض‪. 236‬‬
‫وإذا كان من املعلوم أنه لقيام حادثة الشغل البد من توفر عنصر العالقة السببية‬
‫بني احلادث والضرر الالحق باملصاب إذ ال ميكن وصف احلادثة بكونها حادثة الشغل إال‬

‫‪ 236‬عبد الغاني عباش‪ .‬مظاهر الحماية في إطار قانون رقم ‪12.18‬المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل‪ .‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫في قانون الشغل والعالقات المهنية جامعة محمد الخامس الرباط كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية سال السنة الجامعية‬
‫‪2016_2015‬ص ‪.16‬‬

‫‪303‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫إذا تبني أن هناك عالقة بني هذه احلادثة والضرر ووجود عالقة التبعية بني املشغل‬
‫واألجري باإلضافة عنصراملفاجأة الذي تواتر االجتهاد القضائي االجتماعي على اعتباره‬
‫معيارا لتكيفيف احلادثة كونها حادثة شغل‪،‬أي انه باإلضافة إىل مقتضيات املادة ‪3‬‬
‫تطلب القضاء عنصر املفاجأة والسرعة يف احلادثة‪.‬‬
‫وهو ما يستشف معه أن هذا العنصر (املفاجأة) يف إطار إصابة األجريبفريوس‬
‫كورونا أثناء الشغل مستبعد يف إعتقادنا طاملا أن الفريوس يعترب جائحة عاملية وإحتمالية‬
‫اإلصابة به واردة األمر الذي يفرض إجراءات إحرتازية هامة سواء من جانب األجري أو‬
‫املشغل (خاصة وأن مقتضيات الفقرة الثانية من املادة ‪ 185‬من مدونة الشغل تتيح‬
‫للمشغل إمكانية تقليص مدة الشغل عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة للمقاولة أو لظروف‬
‫طارئة خارجة عن إرادته) بل إن عنصر املفاجأة وإن كان غري مغيب يف احلالة هذه إال أن‬
‫مسألة العلم بالوباء وإحتمالية اإلصابة به واردة لدى اجلميع األمر الذي سيكون معه‬
‫للقضاء دور هام وسلطة تقديرية واسعة يف تقدير مدى إعتبار إصابة األجري بفريوس‬
‫كورونا خالل الشغل حادثة شغل أم ال خاصة وأن عبئ اإلثبات يقع على املشغل كما أن‬
‫املادة ‪ 3‬من ق‪ 12.18.‬املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ال تستوعب هذه احلالة رغم‬
‫توسيع املشرع من احلاالت وانفتاحه على حالة القوة القاهرة فإن اعتبار فريوس كورونا‬
‫ضمن حاالت القوة القاهرة بدوره سيعرف تضاربا حادا يف إطار الفصل ‪ 269‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬‬
‫خاصة وأن املشرع يف الفقرة الثانية من ذات الفصل إستبعد ‪ -‬األمر الذي كان من املمكن‬
‫دفعه من نطاق القوة القاهرة ‪ -‬وهو األمر الذي ينطبق يف إعتقادنا على فريوس كورونا‬

‫‪304‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫طاملا أن الوباء هو جائحة عاملية وحظرت منظمة الصحة العاملية ووزارة الصحة املغربية‬
‫والسلطات العمومية من خطوراته من خالل احلت على ضرورة التقيد باإلجراءات‬
‫االحرتازية لتجنب اإلصابة به‪،‬‬
‫األمر الذي يبدومعه إمكانية دفعه من طرف األجري واردة متى إختذ األجري‬
‫اإلجراءات االحرتازية مبا يف ذلك التوقف عن العمل يف إطار املادة ‪32‬من مدونة الشغل‬
‫وإن كان هذه املادة بدورها ال تستوعب أيضا هذا النوع من األوبئة واألمراض كمربر‬
‫موجب لوقف عقد الشغل‪.‬‬
‫وعليه فإن اعتبار إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد‪ -‬كفيد ‪-19‬أثناء العمل‬
‫وخالله مبثابة حادثة شغل أمر مرتوك لتقدير السلطة القضائية وهو ما نأمل معه أن يتم‬
‫التعامل مع مضامني قانون ‪ 12.18‬يف عالقة جبائحة كورونا بنوع من املرونة خاصة يف‬
‫احلاالت اليت يثبت فيها األجري أنه فعل مابوسعه لتجنب اإلصابة بفريوس كورونا غري‬
‫أن ظروف العمل وطبيعته كانت هي العامل األساسي لإلصابة بالوباء…‬
‫ثانيا‪:‬إصابة األجري بفريوس كورونا أثناء الشغل وخالل قطعه مسافة التنقل‬
‫حادثة طريق أم مرضا مهنيا‬
‫إذا كان املشرع قد وسع من احلاالت املعتربة ضمن نطاق حادثة الشغل من خالل‬
‫النص يف املادة ‪ 4‬من قانون ‪12.18‬على انه تعترب كذلك مبثابة حادثة الشغل احلادثة‬
‫الواقعة للمستفيد من أحكام هذا القانون يف مسافة الذهاب واإلياب بني‪:‬‬

‫‪305‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫✔ حمل الشغل وحمل إقامته الرئيسية أو إقامة ثانوية تكتسي صبغة ثابتة أو‬
‫أي حمل أخر يتوجه إليه بصفة اعتيادية‬
‫✔ حمل الشغل واحملل الذي يتناول فيه بصفة اعتيادية طعامه وبني هذا‬
‫األخري وحمل إقامته‬
‫وال تعترب احلادثة مبثابة حادثة شغل إذا إنقطع أو إحنرف األجري أو املستخدم‬
‫عن مساره املعتاد لسبب ال تربره احلاجيات األساسية للحياة العادية أو تلك املرتبطة‬
‫مبزاولة النشاط املهين للمصاب‪.‬‬
‫فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هو مدى إعتبار إصابة األجري بفريوس كورونا‬
‫املستجد خالل قطعه للمسافة التنقل يف إطار مقتضيات املادة أعاله حادثة شغل أم حادثة‬
‫طريق أم غري ذلك؟‪.‬‬
‫كما سبق اإلشارة إن احلديث عن مدى إعتبار إصابة األجري خالل قطعه ملسافة‬
‫التنقل بفريوس كورونا يف إطار مقتضيات املادة‪ 4‬تقتضي منا الوقوف على شروط وعناصر‬
‫قيام هذه احلادثة‪.‬‬
‫ومعلوم أن الفقه إستقر ‪237‬على معيار أساسي هو معيار "التبعة القانونية" فإذا‬
‫وقعت احلادثة خارج املؤسسة يف مسافة الذهاب واإلياب بني إحدى األماكن احملددة يف‬
‫‪4‬أعاله دون خضوع األجري إلشراف وتوجيه املشغل نكون أمام حادثة طريق؛أما‬ ‫املادة‬
‫إذا كان خاضعا هلذا اإلشراف وهلذا التوجيه فإن األمر يتعلق حبادثة شغل‪.‬‬

‫‪ 237‬محمد بنحساين‪ .‬التعويض عن حوادث الشغل‪ .‬دراسة ألحكام القانون الجديد رقم ‪ 18-12‬مطبعة طوب بريس الرباط ط‬
‫‪2016‬ص‪.2‬‬

‫‪306‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وعليه فإن مسألة إعتبار إصابة األجري بفريوس كورونا حادثة طريق أو حادثة‬
‫شغل يف ضوء أحكام املادتني ‪ 3‬و‪ 4‬من قانون ‪ 12.18‬مرتبطة بالسلطة التقديرية للقضاء‬
‫أيضا فمتى تبني للقضاء من خالل مستندات طالب التعويض أو ذويه أو من خالل دفوع‬
‫املشغل خاصة وان املشرع ألقى بعبئ إثبات على املشغل لدفع مزاعم األجري أن األمر‬
‫يدخل ضمن نطاق حوادث الطريق ال الشغل كون األجري غري خاضع يف ما أىل اليه‬
‫لتوجيهات وتبعة املشغل والعكس صحيح…‬
‫أما عن حدود إعتبار إصابة األجري بهذا الوباء هو مرض مهين أوغري ذلك؟‪.‬‬
‫بالرجوع إىل املادة ‪ 11‬من قانون ‪ 12.18‬جند املشرع نص صراحة على أن أحكام‬
‫هذا القانون تطبق أيضا على األجراء واملستخدمني املصابني بأمراض مهنية طبقا للشروط‬
‫احملددة يف النصوص التنظيمية والتشريعية املتعلقة باألمراض املهنية‪.‬‬
‫وبالرجوع إىل اإلطار القانوني لألمراض املهنية جند إضافة ألحكام املادة ‪ 11‬أعاله‬
‫قرارا مشرتك لوزارة الشغل والصحة مبوجبه مت حتديد قائمة األمراض املهنية حصرا‬
‫مبقتضى جمموعة من اللوائح والقوائم لألمراض املهنية ال جند لإلصابة بفريوس كورونا‬
‫أو الفريوسات عامة ضمن قائمة األمراض املهنية وإن كان يوجد اإلضطرابات الكبدية‬
‫والكلوية واليت تعترب من أعراض فريوس كورونا إال أن فريوس ‪-‬كوفيد‪ -19‬كمرض‬
‫مهين ال جند له أي مصطلح مرادف ضمن قائمة األمراض املهنية احملددة من طرف‬
‫وزارة الشغل باستشارة مع وزارة الصحة؛ األمر الذي سيكون للقضاء دور احلسم يف هذه‬

‫‪307‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫اإلشكالية خاصة وأن من خصائص املرض املهين هو متيزه بصبغت البطء والتدرج عكس‬
‫حادثة الشغل اليت تعتمد على عنصر املفاجأة والسرعة ‪.‬‬
‫وباستحظار مميزات اعتبار إصابة األجري داخلة ضمن نطاق األمراض املهنية‬
‫أعاله واليت يبدو أن عنصر التدرج والبطئ يف اإلصابة يطغى عليها حسب الثابت‬
‫وإسقاطها على جائحة كورونا يبدوا أنها غري متوفرة؛ وإن كان غري مستبعدة طاملا أن‬
‫اإلصابة بالفريوس‪ -‬كفيد ‪ -19‬حسب وزارة الصحة ببالدنا تستغرق فرتة حظانته‬
‫جبسم اإلنسان حسب احلاالت بني معدل اليومني وأربعة عشر يوما وهو ما يبدوا معه‬
‫عنصر التدرج زمنيا يف اإلصابة حاضر؛وهو ما سيكون معه للقضاء أيضا دورا احلسم يف‬
‫مدى اعتربه كذلك خاصة وأن جائحة كورونا املستجد تعترب كارثة إن صحة التعبري‬
‫ستسمح خبلق قواعد قضائية جديدة يف حقل االجتهاد القضائي االجتماعي‪.‬‬
‫احملور الثاين ‪ :‬اإلجراءات املسطرية إلستفادة األجرياملصاب بفريوس‬
‫كورونا املستجد من ضمانات قانون ‪12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫الشغل واألمراض املهنية‬
‫لعل احلديث عن اإلجراءات املسطرية إلستفادة األجري األجري املصاب بفريوس‬
‫كورونا املستجد أثناء الشغل من ضمانات قانون ‪ 12.18‬يقتضي منا يف البداية إبرزها‬
‫(أوال)ثم مقاربة مدى إستفادة ذوى احلقوق عن وفاة األجري بسب فريوس كورونا‬
‫املستجد أثناء الشغل وخالله من اإليراد (ثانيا)‪.‬‬

‫‪308‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫أوال‪:‬اإلجراءات املسطرية إلستفادة األجري املصاب بفريوس كورونا من ضمانات‬


‫قانون ‪.12.18‬‬
‫مما الشك فيه أن إستفادة األجري املصاب من ضمانات قانون ‪ 12.18‬رهني بالتقيد‬
‫باإلجراءات القانونية املسطرة يف هذا األخري سوءا تلك املرتبطة مبرحلة ماقبل اللجوء‬
‫للقضاء اوتلك الالحق هلا أي املرحلة القضائية‪.‬‬
‫وعليه فإن إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد‪ -‬كفيد‪-19‬متى اعتربت ضمن‬
‫نطاق حوادث الشغل املشمولة بقانون ‪ 12.18‬وفقا ملا أشرنا اليه سابقا تعني على األجري‬
‫املصاب سلوك مايلي ‪:‬‬
‫● مسطرة ماقبل املرحلة القضائية ‪:‬‬
‫بالرجوع إىل أحكام القسم الثاني من قانون ‪ 12.18‬املتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫الشغل املادة ‪ 14‬ومابعدها جند تكريس املشرع مجلة من اإلجراءات يتعني على األجري‬
‫املصاب املؤمن سلوكها قبل اللجوء إىل القضاء ولعل اإلخبار والتصريح باحلادثة من أهمها‬
‫حيث تنص املادة ‪ 14‬على مايلي "يتعني على املصاب حبادثة الشغل أوذوي حقوقه أو من‬
‫ميثله أن خيرب بها املشغل أو أحد مأموريه أو أن يعمل على إخباره بها يف اليوم الذي‬
‫طرأت فيه احلادثة أو يف ظرف الثمانية واألربعون ساعة على أبعد تقدير ماعدا يف حالة‬
‫القوة القاهرة أو االستحالة املطلقة أو ألسباب مشروعية… "‬
‫كما نص يف مقتضيات ذات املادة على ضرورة تسليم املشغل مبجرد التوصل‬
‫باإلخبار باحلادثة للمصاب او ذوي حقوقه أو من ميثلهم شهادة تتضمن أساسا امسي‬

‫‪309‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫املشغل واملصايب باحلادثة وعنوانهما ونوع احلادثة وتاريخ وقوعها واسم املقاولة املؤمنة‬
‫ورقم بوليصة التأمني ورقم تسجيل املصاب بالصندوق الوطين للضمان االجتماعي‪.‬‬
‫وبالتمعن يف هذه املقتضيات يتضح أن املشرع تعامل معها بإلزامية سواء تلعق األمر‬
‫بضرورة إخبار األجري املصاب للمشغل باحلادثة أو من خالل إجبار املشغل بتسليم‬
‫الشهادة للمصاب أو ذوي حقوقه وهو ماينم عن توجه حممود من شأنه توفري محاية‬
‫إجتماعي لألجري من خالل اإلرتقاء مبضامني هذه املسطرة إىل مصاف القواعد االلزامية‪.‬‬
‫كما أنه من اإلجراءات السابقة للمرحلة القضائية الواجب التقيد بها من طرف‬
‫األجري املصاب مانصت عليه املادة ‪ 16‬واملتعلقة بضرورة إرفاق التصريح باحلادثة بنظري‬
‫من الشهادة الطبية األولية املنصوص عليها يف املادة ‪19‬من ذات القانون‪.‬‬
‫وعند االقتضاء مبحضر الضابطة القضائية أو وصل معاينة احلادثة يف حالة وقوعها‬
‫أثناء مسافة الذهاب أواإلياب مامل حتول دون ذلك أسباب مشروعة‪.‬‬
‫إضافة ملا سبق فإن من اإلجراءات املسطرية الواجب سلوكها إلزامية حماولة الصلح‬
‫مع شركة التأمني بالنسبة ألجري املؤمن فما املقصود بهذه املسطرة؟‬
‫يقصد مبسطرة الصلح طبقا للمادة ‪133‬من قانون ‪ 12.18‬ذلك االتفاق املربم بني‬
‫املصاب باحلادثة أو ذوي حقوقه واملقاولة املؤمنة للمشغل من أجل متكينهم من االستفادة‬
‫من املصاريف والتعويضات املنصوص عليها يف املادة ‪37‬اعاله وتلك املنصوص عليها يف‬
‫القسم الرابع من هذا القانون‪.‬‬

‫‪310‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وبالتمعن يف مدلول املادة أعاله يتضح لنا أن املشرع ميز يف هذه املسطرة بني حالة‬
‫األجري املصاب املؤمن واألجري غري املؤمن ‪،‬فإذا كان املشرع ألزم األجري املصاب املؤمن أو‬
‫ذوي حقوقه مبقتضى املادة ‪132‬من ق‪ 12.18 .‬بتتبع مسطرة الصلح مع املقاولة املؤمنة‬
‫للمشغل وذلك قبل القيام باإلجراءات القضائية طبقا ألحكام هذا القانون وظهري ‪1974‬‬
‫بشأن ق‪ .‬م‪ .‬م؛ فإنه على العكس من ذلك خص األجري املصاب غري املؤمن أو ذوي حقوقه‬
‫طبقا للمادة ‪ 18‬بإتباع املسطرة القضائية وفق الكيفيات والشروط املنصوص عليها يف املواد‬
‫من ‪141‬اىل ‪144‬من هذا القانون‪.‬‬
‫ويبدوا لنا من خالل هذه األحكام أن املشرع خصص للمسطرة الصلح حيزا هاما‬
‫ضمن قانون ‪12.18‬وهو مايوحي بأهمية هذه األخرية وضماناتها‪.‬‬
‫● املرحلة القضائية‬
‫لعل احلديث عن املرحلة القضائية كإجراء من اإلجراءات الواجب التقيد بها من‬
‫قبل األجري املصاب يقتضي منا إبراز أهم احلاالت املربرة لعبور هذه احملطة‪.‬‬
‫بالرجوع إىل مقتضيات قانون ‪ 18-12‬جند من أهم احلاالت املربرة للسلوك‬
‫املرحلة القضائية مانصت عليه املادة ‪ 138‬واملتمثلة يف رفض األجرياملصاب املصاريف‬
‫والتعويضات املقرتحة من طرف املقاولة املؤمنة للمشغل؛إضافة حلالة املنصوص عليها يف‬
‫املادة ‪ 18‬واملتعلقة باألجري املصاب غري املؤمن‪.‬‬
‫يتضح إذن من خالل مقتضيات املادة ‪ 18‬و‪ 138‬أعاله أن املشرع خول لألجري يف‬
‫هذه املرحلة طرق باب القضاء وفق القواعد العامة للخصومة القضائية املنصوص عليها يف‬

‫‪311‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫قانون املسطرة املدنية مع إستحضار خصوصيات املسطرة يف املادة االجتماعية وحوادث‬


‫الشغل خاصة‪.‬‬
‫وعليه فإن إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد متى اعتربت حادثة شغل أو‬
‫مرضا مهنيا أو حادث مسافة وفق املقومات أعاله وجب التقيد بالضوابط املسطرية أعاله‬
‫إلستفادة من تعويض اإلصابة الناجتة عن جائحة كورونا أثناء الشغل وخالله‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وفاة األجري بسب فريوس كورونا املستجد أثناء الشغل وخالله أي إمكانية‬
‫للتعويض ذوي احلقوق‪.‬‬
‫معلوم أن املشرع تطلب الستفادة ذوي احلقوق من اإليراد الناتج عن الوفاة بسب‬
‫حوادث الشغل إثبات صفة إستحقاقهم هلذا اإليراد جبميع وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫وهو األمر الذي أكد عليه االجتهاد القضائي من خالل قرار اجمللس األعلى ‪-‬‬
‫حمكمة النقض حاليا ‪-238‬يف قرار عدد ‪488‬الصادر بتاريخ ‪28‬ابريل ‪2011‬يف امللف‬
‫االجتماعي عدد ‪2011-1-5-1336‬والذي جاء فيه ما يلي ‪...‬التأخري يف أداء اإليراد ‪-‬‬
‫اشرتاط املؤمن توصله بالوثائق املثبة الستحقاق‪.‬‬
‫من حق مؤمنة املشغل مطالبة ذوي احلقوق املصاب املتوفى يف إطار تنفيذها للحكم‬
‫القاضي باإليراد أن يدلو هلا مبا يثبت استحقاقهم له كشهادة احلياة الن صرف اإليراد‬
‫العمري يكون ملن هم على قيد احلياة وشهادة عدم الزواج لألرملة الن صرف اإليراد هلا‬
‫يكون بشرط عدم زواجها من جديد والشهادات املدرسية لألبناء املرتاوح أعمارهم‬

‫‪238‬‬
‫قرار منشور بالموقع اإللكتروني لمحكمة النقض ‪www.greffe.courdecassation‬‬

‫‪312‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫بني‪16‬و‪21‬الن صرف إليراد هلم ال يكون إال بشرط متابعة دراستهم وان تأخري تنفيذها‬
‫احلكم القضائي كان مربرا بانتظار توصلها من املستفيد بالوثائق املذكورة وبالتالي ال سند‬
‫للحكم عليها بالغرامة اإلجبارية‪.‬‬
‫وعليه فان مسألة تعويض ذوي احلقوق عن وفاة األجري بسب اإلصابة بفريوس‬
‫كرونا ‪-‬كفيد‪-19‬مرتبطة وجودا وعدما مبدى إمكانية اعتبار هذه اإلصابة حادثة شغل أو‬
‫مرض مهين تندرج ضمن نطاق حوادث الشغل آم أن هذه اإلصابة ستأخذ تكيف أخر من‬
‫جهة ومبدى تقيد ذوي احلقوق باإلجراءات املسطرية أعاله‪.‬‬
‫خامتة‪.‬‬
‫ختاما ميكن القول أن املشرع رغم تنظيمه لإلطار القانوني للتعويض عن حوادث‬
‫الشغل مبوجب قانون ‪12.18‬وتكريسه جلملة من الضمانات اجلديدة يف ميدان احلماية‬
‫االجتماعية إالأنه مثت ظواهر قانونية مستجدة مل يتنبئ املشرع هلا لعل إصابة األجري‬
‫بفريوس كورونا املستجد ‪-‬كفيد ‪ -19‬من أبرزها وهو ما يدفعنا للقول إن مسألة اعتبار‬
‫إصابة األجري أثناء الشغل وخالله بهذا الوباء حادثة شغل أم حادثة طريق ام هي مرضا‬
‫مهنيا ومامدى إمكانية تعويض ذوي احلقوق عن الوفاة بسب اإلصابة بالفريوس مرتبطة‬
‫أساسا بالتكييف القضائي لإلصابة هل هي تدخل ضمن نطاق قانون ‪12.18‬أم غري ذلك‪.‬‬

‫مت بتوفيق من اهلل‬

‫‪313‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫السيدة هناء بوكطوب‬


‫باحثة يف سلك ماسرت املهن القانونية‬
‫والقضائية بطنجة‬

‫تأثري جائحة فريوس كورونا املستجد على العالقات‬

‫الكرائية املتعلقة باجملال السكني واملهني‬

‫بعد صدور القانون رقم ‪ 12.67‬املتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بني املكري‬
‫واملكرتي للمحالت املعدة للسكنى أو لالستعمال املهين‪ ،‬الذي جاء‪ ،‬لالنسجام مع‬
‫الربنامج احلكومي يف جماالت السكنى والتعمري وسياسة املدينة‪ ،‬ووضع إطار جديد‬
‫لتحقيق االندماج احلضري واالجتماعي هلذه الربامج‪ ،‬كما يرمي هذا القانون إىل دعم‬
‫مبدأ االستقرار القانوني يف العالقات الكرائية وإعادة التوازن للعالقات التعاقدية بني‬
‫املكري‪.‬واملكرتي‪.‬‬

‫‪314‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫وقد جاء هذا القانون بعدة مقتضيات جديدة استطاعت يف جمملها اإلجابة عن‬
‫إشكاليات تثار يف الواقع العملي دون أن جند هلا نصا قانونيا واضحا‪ ،‬باستثناء ما يقوم‬
‫به القضاء من اجتهاد قد يتضارب بني حمكمة وأخرى‪.‬‬
‫ولعل هذا التضارب سيظهر مستقبال‪ ،‬خصوصا مع الظروف اليت تعيشها بالدنا‬
‫حاليا واملتمثلة يف جائحة كورونا وآثارها على املواطنني وأخص بالذكر املكري واملكرتي‬
‫يف الكراء السكين واملهين والذي ينظمه قانون ‪. 67.12‬‬
‫فبعد أخذ الدولة املغربية بالتدابري االحرتازية ملواجهة الوضع االستثنائي‬
‫املتعلق بظهور فريوس كورونا كوفيد‪19 -‬وقيامها باختاذ جمموعة من االجراءات‬
‫الصحية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬أدت إىل تقييد حرية التنقل يف االماكن العمومية‪،‬‬
‫كمقدمة إلقرار حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬الرامية إىل احليلولة دون ظهور بؤر للفريوس‬
‫ناجتة عن التجمع والتنقل البشريني ‪ ،239‬كل هذه اإلجراءات أدت بتوقيف جمموعة من‬
‫األنشطة املهنية والتجارية‪ ،‬وهذا ما سيوقف دخل جمموعة من املواطنني الذين هلم‬
‫التزامات كرائية حبيث لن يستطيعوا تأدية الوجيبة الكرائية بسبب األزمة املالية اليت‬
‫يعانون منها نظرا لتوقفهم املفاجئ عن العمل‪.‬‬
‫كل هذه األسباب ستؤدي باملكرتي إىل التماطل عن أداء الوجيبة الكرائية على‬
‫اعتبار هذه األخرية التزاما ملقى على عاتقه واملتمثل يف الوفاء بأجرة الكراء كما نص على‬

‫‪ - 239‬المرسوم الملكي رقم ‪ 65_554‬بتاريخ ‪ 17‬ربيع االول ‪26(1387‬يونيو ‪ )1967‬بمثابة قانون متعلق بوجوب التصريح ببعض‬
‫األمراض واتختذ تدابير وقائية للقضاء على هذه االمراض‪ .‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2853‬بتاريخ ‪ 5‬يوليو ‪.1967‬‬

‫‪315‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫ذلك الفصل ‪ 663‬من ق‪،‬ل‪،‬ع ‪ ،‬ويف حالة إخالله بهذا االلتزام‪ ،‬فإن املؤيد القانوني‬
‫‪240‬‬
‫املرتتب عن ذلك هو فسخ الكراء وفقا للفصل ‪ 692‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪.‬‬
‫وإذا كانت القاعدة العامة تقضي بأن املدين يصبح يف حالة املطل مبجرد حلول‬
‫األجل املقرر يف السند املنشئ لاللتزام تطبيقا للفقرة األوىل من الفصل ‪ 255‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬‬
‫فأن مجهور الفقه والقضاء املغربي ذهب إىل أن هذا الوصف ال ينطبق على املكرتي بالنظر‬
‫لقسوة هذه القاعدة عليه‪ ،241‬وقد ذهب القانون ‪ 67.12‬خمالفا للمقتضيات العامة‪ ،‬ذلك‬
‫أن عنصر التماطل املؤدي إىل الفسخ ال يثبت مبجرد عدم أداء واجبات الكراء اليت حل‬
‫أجلها بل ال بد من توجيه إنذار باألداء للمعين باألمر وتوصله به وحتديد أجل هلذا‬
‫األداء حتى ميكن للمحكمة ترتيب اآلثار عن التماطل يف حال ثبوته" على اعتبار أن‬
‫الكراء مطلوب ال حممول‪.‬‬
‫وبالنظر للظروف االستثنائية اليت متر بها بالدنا خالل هذه الفرتة‪ ،‬وإذا ربطنا‬
‫هذه الوقائع مبصري املكرتي الذي توقف عن العمل وليس له أي مورد آخر ‪ ،‬مع افرتاض‬
‫غياب روح التضامن والتكافل بني أفراد اجملتمع‪ ،‬وأن كل التوقعات املتعلقة حبصر هذا‬
‫الوباء يف مدة معينة ال جيدي نفعا ألننا نتحدث فقط عن فرضيات ال أقل وال أكثر‪.‬‬
‫ولنكون أكثر واقعية وجنيب بشكل موضوعي عن هذا االشكال‪ ،‬نرى أن على‬
‫القانون أن يكون أكثر مرونة يف هذه الظروف‪ ،‬فكما أن هناك قاعدة هناك استثناء ‪،‬يف‬

‫‪ - 240‬عبد الرحمان الشرقاوي "قانون العقود الخاصة‪ ،‬قد الكراء "الطبعة الخامسة ‪ ،2018‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪ - 241‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.179 ، 178‬‬

‫‪316‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫مقابل ذلك ‪ ،‬فإن املكري ينبغي عليه أن يكون أكثر رأفة‪ ،‬ومينح للمكرتي مهلة طويلة‬
‫لتسديد السومة الكرائية وملا ال إعفاءه من السداد‪.‬‬
‫يف مجيع األحوال‪ ،‬يبقى التساؤل مثارا حول مصري املكرتي يف هذه احلالة‪ ،‬وهل‬
‫سيستطيع القضاء إجياد حل وسط يرضي طريف عقد الكراء(مكري واملكرتي)‪ ،‬مع العلم أن‬
‫املكرتي ال يكون دائما احللقة األضعف يف هذه العالقة؟ وإىل أين ستؤول تلك العالقات‬
‫الكرائية السكنية غري املنظمة مبقتضى عقد؟‬
‫ستبقى هذه األسئلة قائمة إىل أن جييب عنها أو عن بعضها القضاء الذي سيجد‬
‫بدون شك نفسه أمام حتديات كربى فرضتها عليه هذه الظروف االستثنائية وعليه‬
‫التعامل معها ومواجهتها مع ما يعنيه ذلك من صعوبة يف الكثري من احلاالت‪.‬‬

‫‪317‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫انتهى حبمد هلل وتوفيقه‬

‫‪318‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫فهرس العدد‬
‫‪07‬‬ ‫كلمة افتتاحية للعدد‪....................................................................................................................‬‬
‫ذ ‪ .‬محمد ال قاسمي‬

‫مقاالت وأحباث قانونية باللغة العربية‬

‫‪09‬‬ ‫حالة الطوارئ الصحية وسؤال املواطنة الرقمية‪.............................................................................‬‬


‫الدكتور سمير أيت أ رجدال‬
‫‪13‬‬ ‫التوجهات امللكية السامية ملواجهة جائحة كورونا‪...........................................................................‬‬
‫الدكتورة أمينة رضوان‬
‫‪31‬‬ ‫الحجرالصحي للمصابين بأمراض معدية في سياق مكافحة جائحة كورونا‪..........................................‬‬
‫األستاذ املختار العيادي‬
‫‪78‬‬ ‫سياسة التجريم والعقاب في ظل حالة الطوارئ الصحية‪..................................................................‬‬
‫األستاذ يوسف سلموني زرهوني‬
‫‪109‬‬ ‫احترام مبدأ الشرعية الجنائية في زمن الطوارئ الصحية‪..................................................................‬‬
‫الدكتور أنس سعدون‬
‫‪115‬‬ ‫الحاجة الى التقاض ي عن بعد في زمن الجائحة وسؤال املحكمة الرقمية‪............................................‬‬
‫الدكتور شريف الغيام‬
‫‪121‬‬ ‫اتحاد السواعد يبني الوطن وتآزرالقلوب يخفف املحن‪....................................................................‬‬
‫الدكتور سعيد بوطويل‬
‫‪125‬‬ ‫مفهوم األجل القانوني في ضوء املادة ‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الصحية‪................................................‬‬
‫الدكتور امبا رك جانوي‬

‫‪129‬‬ ‫مدى انطباق مرسوم القانون املتعلق بحالة الطوارئ على مدد التقادم؟‪............................................‬‬
‫الدكتور عبد الرزاق الجباري‬

‫‪139‬‬ ‫الرأي والرأي األخرفي أثرالعفو امللكي على مسارالدعوى العمومية‪.....................................................‬‬


‫األستاذ يوسف قجاج‬

‫‪319‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫جملة الباحث – ملفـ خاصـ ‪ 2‬جبائحة كورونا * كوفيد ‪ – 19‬العدد ‪ – 18‬مايو ‪2020‬‬

‫‪145‬‬ ‫قراءة في أحكام حالة الطوارئ الصحية‪...........................................................................................‬‬


‫األستاذ يونس الحاجي‬
‫‪158‬‬ ‫أثرانتشارفيروس كورونا على عالقات الشغل في ضوء مدونة الشغل‪.................................................‬‬
‫الباحث هشام أوهيا‬

‫‪177‬‬ ‫تأثيرجائحة كورونا على أطراف العالقة الشغلية‪.............................................................................‬‬


‫الباحث إبراهيم سد زاوي‬

‫‪187‬‬ ‫جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خالل فترة الطوارئ الصحية‪..................................‬‬
‫الباحث الحسين بيكاس‬

‫‪202‬‬ ‫فيروس كرونا والكتاب الخامس من مدونة التجارة‪...........................................................................‬‬


‫الباحث الحسين كزاز‬

‫‪210‬‬ ‫املستهلك بين رهان الحماية وهاجس تلبية الحاجة في ظل فيروس كورونا‪............................................‬‬
‫الباحث عبد الهادي رشدي‬

‫‪251‬‬ ‫من أجل مقاربة بيداغوجية إلرساء التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا‪...........................................‬‬
‫األستاذ امبا رك حيروش‬

‫‪274‬‬ ‫حقوق اإلنسان وحالة الطوارئ‪ :‬ما بين التعطيل والتفعيل‪...............................................................‬‬


‫األستاذ يوسف ربحي‬

‫‪288‬‬ ‫الحماية الجنائية من فيروس كرورنا املستجد في التشريع املغربي‪.......................................................‬‬


‫األستاذ فيصل كرما ت‬

‫‪299‬‬ ‫إصابة األجيربفيروس كورونا املستجد‪-‬كفيد‪ - 19‬في ضوء قانون ‪..............................................12.18‬‬

‫الباحث رضوان الفيزازي‬

‫‪314‬‬ ‫تأثيرفيروس كورونا املستجد على العالقات الكرائية السكنية واملهنية‪...............................................‬‬


‫الباحثة هناء بوكطوب‬

‫‪320‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬


‫‪ – covi‬مايو ‪2020‬‬
‫‪ –d‬العدد ‪18‬‬ ‫كورونـا *‪9‬‬
‫كوفيد‪191‬‬ ‫صـ‪*2 2‬‬
‫جبائحة كورونا *‬ ‫ملفـخا‬
‫خاصـ‬ ‫جملة الباحث –عدد‬

‫جملة الباحث‬
‫للدراسات واألحباث القانونية والقضائية‬
‫جملة علمية فصلية حمكمة تعىن بنشر املقاالت واألحباث القانونية والقضائية‬

‫رئيس التحرير‪ :‬جعفر القامسي‬ ‫֎֎֎‬


‫املدير املسؤول‪ :‬حممد القامسي‬

‫دراسات وأحباث قانونية وقضائية باللغة العربية‬


‫حالة الطوارئ الصحية وسؤال املواطنة الرقمية‪...................................................................‬د‪ .‬مسري أيت أرجدالـ‬ ‫‪‬‬
‫التوجهات امللكية السامية ملواجهة جائحة كورونا‪..................... ................................................‬دة‪ .‬أمينة رضوانـ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫احلجر الصحي للمصابني بأمراض معدية يف سياق مكافحة جائحة كورونا‪....................................‬ذ‪..‬ملختار العياديـ‬ ‫‪‬‬
‫سياسة التجريم والعقاب يف ظل حالة الطوارئ الصحية‪.................................................‬ذ‪ .‬يوسف سلموني زرهونيـ‬ ‫‪‬‬
‫احرتام مبدأ الشرعية اجلنائية يف زمن الطوارئ الصحية‪................................................................‬د‪ .‬أنس سعدونـ‬ ‫‪‬‬
‫احلاجة اىل التقاضي عن بعد يف زمن اجلائحة وسؤال احملكمة الرقمية‪..........................................‬د‪ .‬شريف الغيامـ‬ ‫‪‬‬
‫احتاد السواعد يبين الوطن وتآزر القلوب خيفف احملن‪..............................................................‬د‪ .‬سعيد بوطويلـ‬ ‫‪‬‬
‫مفهوم األجل القانوني يف ضوء املادة ‪ 6‬من مرسوم الطوارئ الصحية‪.............................................‬د‪ .‬امبارك جانويـ‬ ‫‪‬‬
‫مدى انطباق مرسوم القانون املتعلق حبالة الطوارئ على مدد التقادم؟‪........ ...........................‬د‪ .‬عبد الرزاق اجلباريـ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الرأي والرأي األخر يف أثر العفو امللكي على مسار الدعوى العمومية‪.............................................‬ذ‪ .‬يوسف قجاجـ‬ ‫‪‬‬
‫قراءة يف أحكام حالة الطوارئ الصحية‪...................................................................................‬ذ‪ .‬يونس احلاجيـ‬ ‫‪‬‬
‫أثر انتشار فريوس كورونا املستجد على عالقات الشغل يف ضوء مدونة الشغل‪.....................................‬ذ‪ .‬هشام أوهيا‬ ‫‪‬‬
‫تأثري جائحة كورونا على أطراف العالقة الشغلية‪...................................................................‬ذ‪ .‬إبراهيم سدزاويـ‬ ‫‪‬‬
‫جنحة عدم التقيد بأوامر وقرارات السلطة العامة خالل فرتة الطوارئ الصحية‪.............................‬ذ‪ .‬احلسني بيكاسـ‬ ‫‪‬‬
‫فريوس كرونا والكتاب اخلامس من مدونة التجارة‪......................................................................‬ذ‪ .‬احلسني كزاز‬ ‫‪‬‬
‫املستهلك بني رهان احلماية وهاجس تلبية احلاجة يف ظل فريوس كورونا‪..............................‬ذ‪ .‬عبد اهلادي رشديـ‬ ‫‪‬‬
‫من أجل مقاربة بيداغوجية إلرساء التعليم عن بعد يف ظل جائحة كورونا‪....................................‬ذ‪ .‬امبارك حريوشـ‬ ‫‪‬‬
‫حقوق اإلنسان وحالة الطوارئ‪ :‬ما بني التعطيل والتفعيل‪...........................................................‬ذ‪ .‬يوسف رحبيـ‬ ‫‪‬‬
‫احلماية اجلنائية من فريوس كرورنا املستجد يف التشريع املغربي‪..................................................‬ذ‪ .‬فيصل كرماتـ‬ ‫‪‬‬
‫إصابة األجري بفريوس كورونا املستجد ‪-‬كفيد‪ -19‬يف ضوء قانون ‪...............................12.18‬ذ‪ .‬رضوان الفيزازيـ‬ ‫‪‬‬
‫تأثري فريوس كورونا املستجد على العالقات الكرائية السكنية واملهنية‪..........................................‬ذة‪ .‬هناء بوكطوبـ‬ ‫‪‬‬
‫ردمد ‪ISSN: 2550 – 603X :‬‬
‫®‬
‫مجيع حقوق النشر حمفوظة لسنة ‪ 201 7‬م‬
‫‪321‬‬ ‫جملة قانونية علمية فصلية حمكمة‬

You might also like