You are on page 1of 73

‫جامعة الشهيد محة خلضر – الوادي‪-‬‬

‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيري‬


‫قسم‪ :‬علوم التسيري‬

‫مطبوعة موجهة إلى طلبة السنة األولى ‪LMD‬‬

‫من اعداد‪:‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬

‫السنة اجلامعية‪.2019-2018 :‬‬


‫‪2‬‬
‫مق ـدم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‪‌ .....................................................................‬‬
‫‌‬ ‫الفص ـ ـ ــل األول‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬نشأته‪ ،‬ماهيته‪ ،‬فروعه‪ ،‬فوائده‪‌ .‬‬
‫‌‬ ‫‪3‬‬
‫ملاذا‌ندرس‌علم‌االجتماع‪‌ ...............................................................‬‬
‫ماهية‌علم‌االجتماع‪‌ 6 ‌ .....................................................................‬‬
‫‪8‬‬
‫نشأة‌علم‌االجتماع‪.....................................................................‬‬
‫‪10‬‬
‫فروع‌وميادين‌علم‌االجتماع‪‌ .............................................................‬‬
‫‪11‬‬
‫فوائد‌علم‌االجتماع‪....................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬علم االجتماع والعلوم االجتماعية األخرى‪‌ .‬‬
‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بعلم‌االقتصاد‪‌ 14‌ ..........................................................‬‬
‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بعلم‌السياسة‪‌ 14 ‌ ..........................................................‬‬
‫‪15‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بعلم‌التاريخ‪..........................................................‬‬
‫‌‬ ‫‌ ‪15‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بعلم‌النفس‪............................................................‬‬
‫‌‬ ‫‪16‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بعلم‌األنثروبولوجيا‪‌ ...................................................‬‬
‫‌‬ ‫‪16‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌باجلغرافيا‪‌ ...........................................................:‬‬
‫‪17‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌باإلدارة‪‌ .............................................................:‬‬
‫‌‬ ‫‪17‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌باللغة‪‌ ...............................................................:‬‬
‫‌‬ ‫‪18‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌بالقانون‪‌ .............................................................:‬‬
‫‪18‬‬ ‫عالقة‌علم‌االجتماع‌باخلدمة‌االجتماعية‪‌ .................................................:‬‬
‫‌‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬رواد علم االجتماع (المؤسسون)‪‌ .‬‬
‫‌‬ ‫‪20‬‬
‫عبد‌الرمحان‌بن‌خلدون‪‌ .............................................................‬‬
‫‌‬ ‫‪24‬‬ ‫أوغست‌كونت‪‌ ...........................................................................‬‬
‫‌‬
‫‌‬ ‫إميل‌دوركامي‪28 ‌ .............................................................................‬‬
‫‌‬ ‫ماكسيميليان‌كارل‌إميل‌فيرب‪31 ‌ ..............................................................‬‬
‫‌‬ ‫كارل‌ماركس‪35 ‌ .............................................................................‬‬

‫‌‬ ‫هربرت‌سبنسر‪38 ‌ ...........................................................................‬‬

‫‌أ‬
‫الفص ـ ــل الرابع‪ :‬نظريات علم االجتماع‬
‫‌‪40‬‬ ‫النظرية‌الوضعية‪............................................................................‬‬
‫‌‬ ‫‌ ‪41‬‬ ‫النظرية‌الوظيفية‌الكالسيكية‪................................................................‬‬
‫‌‬ ‫نظرية‌الفعل‌االجتماعي‪42 ‌ ....................................................................‬‬
‫‌‬ ‫النظرية‌املاركسية‪44 ‌ ..........................................................................:‬‬
‫‌‬ ‫النظرية‌الصراعية‪45 ‌ ..........................................................................:‬‬

‫‌‬ ‫‌ ‪45‬‬ ‫النظرية‌التفاعلية‌الرمزية‪...................................................................‌:‬‬


‫‌‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬النظم االجتماعية ‌‬
‫‌‬ ‫‌ ‪46‬‬ ‫تعريف‌النظام‌االجتماعي‪..................................................................:‬‬
‫‌‬ ‫‌ ‪46‬‬ ‫خصائص‌النظام‌االجتماعي‪...............................................................:‬‬
‫‌‬ ‫وظائف‌النظم‌االجتماعية‪47 ‌ .................................................................:‬‬
‫‌‬ ‫عناصر‌النظام‌االجتماعي‪47 ‌ .................................................................:‬‬

‫‌‬ ‫‌ ‪48‬‬ ‫أنواع‌النظم‌االجتماعية‪....................................................................:‬‬


‫‌‬ ‫الفصل السادس‪ :‬العمليات االجتماعية والثقافية‬
‫التعاون‪‌ ‌ ‌ 56 ..................................................................................:‬‬
‫املنافسة‪‌ ‌ ‌ 56 ..................................................................................:‬‬
‫التوافق‌االجتماعي‪‌ 57‌ ‌.........................................................................‬‬
‫التغري‌االجتماعي‪‌ 59 ‌ ..........................................................................‬‬
‫أمهية‌اجلماعة‌بالنسبة‌للفرد‌يف‌منوه‌االجتماعي‪‌ 60‌ ‌...............................................:‬‬
‫أمهية‌اجلماعة‌بالنسبة‌للمجتمع‪‌ 61 ‌ ............................................................:‬‬
‫معايري‌اجلماعة‪‌ 61 ‌ ...........................................................................:‬‬
‫أنواع‌اجلماعات‌االجتماعية‪‌ 61 ‌ ................................................................:‬‬
‫املنظمات‌االجتماعية‪‌ 63 ‌ .....................................................................:‬‬
‫اجلماعة‌املرجعية‪‌ 63 ‌ ..........................................................................:‬‬
‫اجملتمع‌احمللي‪‌ 64‌ ..............................................................................‬‬
‫اجلماعات‌االجتماعية‌غري‌البنيوية‪‌ 65 ‌ ...........................................................‬‬
‫العالقات‌االجتماعية‌يف‌اجلماعات‪‌ 66‌ ..........................................................‬‬

‫‌ب‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫هتدف هذه املادة إىل تزويد الطالب بنظرة عامة عن علم االجتماع‪ ،‬كتعريفه‪ ،‬نشأته‪ ،‬وعالقته‬
‫بالعلوم األخرى‪ .‬واعطائه فكرة عن أهم التطورات والتغريات النظرية واملنهجية اليت طرأت على هذا‬
‫العلم‪ .‬إضافة إىل عرض ألهم أعالمه‪ ،‬وهذا يشمل البيئة اليت عاشوا فيها وأفكارهم وأثرهم واسهاماهتم‬
‫يف تطويره‪ .‬اضافة إىل أهم نظرياته‪ ،‬واملوضوعات اليت يهتم بدراستها‪ .‬وقد مت تكييف ماء جاء يف هذه‬
‫املطبوعة وفقا للربنامج الوزاري لنظام ‪.LMD‬‬

‫‪1‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫علم االجتماع من بني أطرف الدراسات االجتماعية وأكثرها جذبا للقارئ‪ ،‬إالا أناه ليس بأبسطها‬
‫يف الفهم والدراسة‪ ،‬ذلك أ ان العالقات اإلنسانية من أكثر الظواهر تعقيدا‪ .‬إضافة إىل أ ان أهم جوانب‬
‫العالقات اإلنسانية ليس ظاهرا للعيان‪ ،‬وغري واضح وضوحا تاما‪ ،‬كما أ ان بعض جوانب تلك العالقات‬
‫ال ميكن مالحظتها مباشرة‪ .‬والنسق االجتماعي هو أهم وحدات الدراسة يف علم االجتماع‪ ،‬هذا النسق‬
‫يتكون من جمموعة من الناس يعيشون معا‪ ،‬ويشرتكون يف واحد أو أكثر من األنشطة‪ .‬ويرتبطون ببعضهم‬
‫البعض بروابط وصالت معينة (رابط ديين‪ ،‬عرقي‪ ،‬لغوي‪ ،‬قومي‪...،‬اخل)‪ ،‬وقد يكون هذا النسق صغريا‪،‬‬
‫كأن يتكون من زوجني‪ ،‬وقد يكون كبري احلجم (مؤسسة كبرية أو جيش)‪ ،‬وبعض األنساق ال تدوم إالا‬
‫حلظات عابرة (جتمع الناس حول حادث يف الطريق)‪ ،‬وبعضها يستمر عرب أجيال وقرون طويلة ( قبائل‬
‫الغجر)‪.‬‬
‫وكل نسق اجتماعي خيلق عددا من الوقائع أو األحداث االجتماعية (الظواهر االجتماعية)‪ ،‬وهي‬
‫أشكال أو أمناط منتظمة (متكررة احلدوث) من السلوك يفرضها هذا النسق على األفراد املنتمني إليه‪،‬‬
‫ويف حالة النسق االجتماعي الكبري تنشأ املاليني من األحداث االجتماعية‪ ،‬اليت يهتم علم االجتماع‬
‫بدراستها‪ .‬ومن البديهي أ ان هذا الكم اهلائل من األحداث ال ميكن دراسته دفعة واحدة‪ ،‬فيكون من‬
‫الضروري تقسيمه إىل فئات أصغر‪ ،‬فتتم دراسة الوقائع املتصلة بالسكان واملدن‪ ،‬الطبقات االجتماعية‪،‬‬
‫التنظيمات‪ ،‬العمل‪ ،‬اجلرمية‪ ،‬االنتحار‪ ،‬احلرب‪ ... ،‬اخل‪ .‬وهذا التصنيف من هذا النوع ميثل موضوع أو‬
‫ميدان الدراسة يف علم االجتماع‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن يكون اأول سؤال يثار حول هذا العلم‪ ،‬هو مدى اعتباره علما مستقال بذاته‪،‬‬
‫وهل تتوافر فيه شروط العلم املستقل‪ .‬إ ان اإلجابة على هذه األسئلة تقتضي مناا البحث يف موضوع هذا‬
‫العلم ومنهجه‪ ،‬والتعرف على قوانينه ونظرياته‪ .‬فموضوع علم االجتماع هو الظواهر االجتماعية‪ ،‬اليت هي‬
‫ضرب من السلوك اإلنساين متارس ضغطا على االفراد‪ .‬هذه الظواهر سلك علم االجتماع خطوات‬
‫أهم مناهج البحث العلمي (املنهج التارخيي‪ ،‬املنهج املقارن‪،‬‬ ‫املنهج العلمي يف معاجلتها‪ ،‬مستخدما ا‬
‫املسح االجتماعي‪ ،‬القياس االجتماعي‪ ،‬املنهج االحصائي)‪ ،‬مستعينا باملنهج التجرييب يف دراسة‬
‫وتوصل بذلك إىل جمموعة من النظريات‪ ،‬متجها للكشف عن القوانني اليت ختضع هلا تلك‬ ‫مواضيعه‪ .‬ا‬
‫الظواهر‪ ،‬هذه القوانني ليست كقوانني العلوم التجريبية‪ ،‬نظرا حلداثة هذا العلم مقارنة بالعلوم األخرى‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويعتقد جورج لندبرج (‪ )George A. Lundberg‬أ ان مناهج البحث يف علم االجتماع ينبغي أن حتذو‬
‫حذو مناهج علم الطبيعة‪ ،‬من حيث اهتمامها بالتجريب والقياس الدقيق‪ .‬وكان ي ادعي أناه ال توجد أي‬
‫فروق جوهرية بني الظواهر الطبيعية والسلوك االجتماعي‪ ،‬وأ ان كالمها ميكن دراسته بنفس الدرجة من‬
‫املوضوعية اليت يدرس هبا اآلخر‪ .‬غري أ ان احلقيقة أ ان الغالبية العظمى من علماء االجتماع ال يستطيعون‬
‫أن يسقطوا من حساباهتم الظواهر الذاتية‪ ،‬كالقيم والعواطف‪ ،‬وال أن يستبعدوها من دائرة االهتمام‬
‫العلمي للبحث يف علم االجتماع‪.‬‬
‫الفص ـ ـ ــل األول‪ :‬علم االجتماع‪ ،‬نشأته‪ ،‬ماهيته‪ ،‬فروعه‪ ،‬فوائده‪.‬‬
‫لماذا ندرس علم االجتماع‪:‬‬
‫إ ان تاريخ علم االجتماع كعلم مستقل‪ ،‬له حدود ال تزيد عن املئة ومخسني عاما (‪ 150‬سنة)‪ ،‬لكن‬
‫هذا ال يعين أ ان اإلنسان مل يهتم بقضايا وموضوعات احلياة االجتماعية‪ ،‬إالا منذ هذا التاريخ القريب‪ .‬يف‬
‫احلقيقة لقد انتبه البشر منذ آالف السنني إىل الكثري من تلك املوضوعات والقضايا اليت تتم اليوم‬
‫دراستها دراسة علمية‪ ،‬إالا أ ان ما مييز دراسات اليوم‪ ،‬هو استخدام املنهج العلمي يف مجع املعلومات‬
‫وتفسريها‪ .‬كما أ ان دوافع االشتغال هبذا العلم ختتلف من شخص إىل آخر‪ ،‬بل حىت علماء االجتماع‬
‫أنفسهم ال يتفقون على أهداف واحدة لدراستهم‪.‬‬
‫فقد نتساءل ملاذا ندرس علم االجتماع‪ ،‬أو مبعىن آخر ما هي فائدته‪ ،‬والقيمة من وراء دراسته؟‬
‫وحنن يف الواقع لو أمعناا النظر يف حياتنا اليومية العادية‪ ،‬لوجدنا أنفسنا وسط كم هائل من التساؤالت‬
‫تطرح نفسها‪ ،‬من خالل ما نشاهده يوميا من أشياء وظواهر‪ ،‬وما نسمعه من أخبار وشائعات‪ ،‬قد تثري‬
‫كون ألنفسنا فيه إجابات‬
‫دهشتنا وحريتنا يف كثري من األحيان‪ ،‬بل وجتعلنا يف موقف ال نستطيع أن ن ا‬
‫شافية هلا‪ .‬ومن هنا تزداد حرية االنسان ودهشته‪ ،‬خاصة إذا كان ما يتل اقاه من إجابات وتفسريات غري‬
‫كافية لتربير ما حيدث حوله‪ ،‬أو يشاهده من ظواهر‪ ،‬وجيد نفسه جادا يف سبيل البحث عن طبائع‬
‫األشياء وحقيقتها وما يكمن خلفها من علل حقيقية‪ ،‬أل ان ما يشاهده االنسان ويستلفت انتباهه يقع‬
‫أساسا يف اجملتمع الذي هو جزء منه‪.‬‬
‫وهنا يتجلى لنا سؤال آخر ملاذا دراسة اجملتمع بالذات؟ واإلجابة على ذلك تتضح يف أنانا نرى‬
‫أشياء ومظاهر ال حنبها‪ ،‬ونرغب يف معرفة االسباب لظهورها ووقوعها‪ ،‬وما إذا كانت ضرورية أم غري‬
‫ضرورية‪ ،‬آملني من وراء ذلك القضاء على تلك األسباب وتغيري العامل‪ .‬وكثريا ما يتضح أن األشياء اليت‬
‫‪3‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫نشاهدها ليست هي الواقع كما يبدو لنا‪ ،‬وأ ان ما هو صادق يف ظل ظروف معينة ليس صادقا يف ظل‬
‫ظروف أخرى‪ .‬لذلك فعلم االجتماع ال يتطرق إىل دراسة اإلنسان إالا من حيث كونه كائنا اجتماعيا‪،‬‬
‫وهو مهيأ بطبيعته للحياة يف اجملتمع‪ ،‬وال يتصور نظريا وعمليا أنه قادر على احلياة بغري جمتمع‪ ،‬بل إناه‬
‫وحتمل الصعوبات يف حماولة فهم اإلنسان ككائن اجتماعي‪ ،‬ليس ثابتا‪ ،‬بل‬ ‫يستمد انسانيته من اجملتمع‪ .‬ا‬
‫متغري باستمرار يعيش وسط عامل متغري ال سيطرة له عليه‪ ،‬سيؤدي بنا إىل إزالة التناقض املدمر بني رغبة‬
‫اإلنسان وقدرته على السيطرة على بيئته اخلارجية من جانب‪ ،‬ومعرفته بنفسه وقدرته على السيطرة عليها‬
‫من جانب آخر‪.‬‬
‫فقد تتأثر حياتنا اليومية مبجموعة من الوقائع االقتصادية والثقافية والنفسية والتارخيية وحىت‬
‫السياسية‪ ،‬وفهم هذه املعطيات ال بد أن يتم عرب حتليل السياقات الكربى (السياق االجتماعي‪،‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬السياسي‪...‬اخل) اليت جتري داخل اجملتمع‪ ،‬وهذا هو جوهر النظرية السوسيولوجية‪.‬‬
‫فائدة‬
‫إ ان البش ين ينينر بط ين ينينبعهم علوق ين ينينات اجتماعي ين ينينة‪ ،‬هت ين ينينديهم أعظ ين ينينم نين ين ينوازعهم وغرائ ين ينينزهم أص ين ينينالة إىل أن‬
‫ينشئوا قواعد خلقية تربط بينهم‪ ،‬فتحيلهم إىل جمتمعات‪ .‬فرانسيس فوكوياما‪.‬‬

‫اإلنس ين ينينان ث ين ينينالوثي التعري ين ينينف‪ ،‬فه ين ينينو يش ين ينينتمل عل ين ينينى جان ين ينينب ف ين ينينردي‪ ،‬وآخ ين ينينر اجتم ين ينيناعي‪ ،‬وثال ين ينينث‬
‫بيولين ينينوجي‪ .‬هين ينينذه األقسين ينينام ال تلتين ينينئم لتش ين ين تكل اإلنسين ينينان الشين ينينمو ‪ ،‬فهين ينيني ليسين ينينت ثلثين ينينا منين ينينه‪ ،‬بين ينينل‬
‫ه ين ين ين ين ينيني كلايا ين ين ين ين ينة‪ :‬اإلنس ين ين ين ين ينينان ف ين ين ين ين ينينردي ‪ ،100%‬واجتم ين ين ين ين ينيناعي ‪ ،100%‬وبيول ين ين ين ين ينينوجي ‪ .100%‬لك ين ين ين ين ينينن‪ ،‬يف‬
‫التين ينيندريس والبحين ينينث‪ ،‬هين ينينذه األسين ينينس الثالثين ينينة تعين ينينا بطريقين ينينة مفككين ينينة‪ ،‬وال حاجين ينينة للتأكيين ينيند علين ينينى‬
‫ينتم بالتعقيين ين ينيندات البش ين ين ينرية‪ ،‬والين ين ينينيت ال حاجين ين ينينة مل تحين ين ينينة هلين ين ينينا إىل‬
‫ختصصين ين ينينات ريثيين ين ينينة كثين ين ينينرية ال هتين ين ين ا‬
‫أن ُّ‬
‫دراس ين ين ينينة اإلنس ين ين ينينان يف كلايات ين ين ينينه‪ ،‬وال ح ين ين ينينىت التفك ين ين ينينري في ين ين ينينه بش ين ين ينينمولية‪ .‬إدغ ـ ـ ــار م ـ ـ ــورا ‪ ،‬التفكي ـ ـ ــر‬
‫الشمولي‪ ،‬اإلنسا وعالمه‪.2015 ،‬‬

‫التفكي ـ ـ ــر وسريق ـ ـ ــة و ـ ـ ـ ـيولوجية (التفكي ـ ـ ــر الش ـ ـ ــمولي ‪ :‬تب ين ين ينينين ملقارب ين ين ينينة تتس ين ين ينينم بالش ين ين ينينمولية‬
‫واالتس ين ينيناع‪ ،‬ه ين ينينذه املقارب ين ينينة تتض ين ينينمن كاف ين ينينة أبع ين ينيناد الواق ين ينينع االجتم ين ينيناعي‪ .‬ويتطل ين ينينب اخلي ين ينينال السوس ين ينينيولوجي‬
‫أن يبتعد الفرد عن الروتينيات‪ ،‬وينظر للظاهرة من مجيع جوانبها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫مثال عن التفكير وسريقة و يولوجية‬


‫كين ين ينينل ص ين ين ينينباح جتتم ين ين ينينع العائلين ين ينينة ح ين ين ينينول مائ ين ين ينيندة اإلفطين ين ينينار لش ين ين ينينرب أك ين ين ينواب مين ين ينينن القه ين ين ينينوة أو الش ين ين ينيناي‬
‫واالسين ينينتمتاع هبين ينينا‪ .‬مين ينينا الين ينينذي ميكننين ينينا قولين ينينه حين ينينول هين ينينذا املوقين ينينف مين ينينن ناحيين ينينة علين ينينم االقتصين ينيناد؟ األمين ينينر‬
‫ال يتعين ين ين ادى أن يك ين ينينون جم ين ينينرد تكلف ين ينينة إض ين ينينافية بالنس ين ينينبة ل ين ينينرب األس ين ينينرة‪ .‬غ ين ينينري أن األم ين ينينر خيتل ين ينينف م ين ينينن‬
‫ناحي ينينة عل ينينم االجتم ينيناع‪ .‬كي ينينف؟ فالشين ينيناي والقه ينينوة ليس ينينا جم ينينرد ش ين ينراب‪ ،‬ب ينينل إن هلم ينينا قيم ينينة رمزيين ينينة‪،‬‬
‫فبس ينينببهما جتتم ينينع األس ينينرة ك ينينل ص ينينباح‪ ،‬ع ينينا خيل ينينق نوع ينينا م ينينن التفاع ينينل ب ينينني أفراده ينينا‪ .‬كم ينينا أن ه ينينذين‬
‫املش ين ين ينينروبني حيتوي ين ين ينينان عل ين ين ينينى نس ين ين ينينبة م ين ين ينينن العق ين ين ينيناقري ا ف ين ين ينينزة لل ين ين ينيندمات‪ ،‬ال ين ين ينينيت ت ين ين ينينؤدي مب ين ين ينينن يش ين ين ينرهبا إىل‬
‫اإلدم ين ينينان عليه ين ينينا‪ ،‬هب ين ينينذا املنط ين ينينق ميك ين ينينن الق ين ينينول ع ين ينينن ش ين ينينارب الش ين ينيناي أو القه ين ينينوة أناين ينينه م ين ينيندمن‪ ،‬لك ين ينينن‬
‫أغلين ينينب النين ينيناس ال يعتين ينينربون شين ينينرب الشين ينيناي أو القهين ينينوة ادمانين ينينا‪ .‬وهنين ينينا يطين ينينرح الس ين ينؤال‪ ،‬هين ينينل اإلدمين ينينان‬
‫مفه ين ينينوم ط ين ينينيب ري ين ينينت أم ه ين ينينو مفه ين ينينوم اجتم ين ينيناعي؟ فم ين ينينا ه ين ينينو غ ين ينينري مقب ين ينينول وحم ين ين اينرم ل ين ينيندى جمتمعين ين ينات‪،‬‬
‫يعت ينينرب ش ينينيء ع ينينادي ومقب ينينول يف جمتمع ينينات أخ ينينرى (ش ينينجرة الق ينينات ال ينينيت ميض ينينق ورقه ينينا بع ينينض أه ينينل‬
‫ال ين ينينبالد‪ ،‬ك ين ينيناليمن‪ ،‬وجن ين ينينوب اجلزي ين ينينرة العربي ين ينينة‪ ،‬وب ين ينينالد الق ين ينينرن اإلفريق ين ينيني وم ين ينينا جاوره ين ينا‪ ،‬وه ين ينيني مباح ين ينينة‬
‫عن ين ين ينيندهم‪ ،‬حمرم ين ين ينينة يف جمتمع ين ين ينينات أخ ين ين ينينرى‪ ،‬ب ين ين ينينل إ ان عقوب ين ين ينينة م ين ين ينينن يس ين ين ينينتعملها‪ ،‬كعقوب ين ين ينينة م ين ين ينينن يتن ين ين ينيناول‬
‫املخ ين ينيندرات املعروف ين ينينة)‪ .‬والقهين ين ينينوة منت ين ينينوج مسين ين ينينياس‪ ،‬بسين ين ينينب السين ين ينينجاالت الين ين ينيندائرة حين ين ينينول العمالين ين ينينة يف‬
‫حق ين ينينول انتاجه ين ينينا‪ .‬وه ين ينيني م ين ينينن املنتج ين ينينات ال ين ينينيت تين ين ينربط ب ين ينينني فقين ين ينراء الع ين ينينامل وأغنيائ ين ينينه (تن ين ينينتج يف أفق ين ينينر‬
‫بلين ينيندان العين ينينامل‪ ،‬وتسين ينينتهلك بكثين ينينرة يف أغناهين ينينا)‪ .‬كم ين ينا أ ان ش ين ينراء الشين ينيناي والقهين ينينوة ينين ينيندرج يف الثقافين ينينة‬
‫االس ين ين ينينتهالكية وطريق ين ين ينينة الع ين ين ينينيش‪ ،‬فس ين ين ينينكان اجل ين ين ينينزء الغ ين ين ينينرض م ين ين ينينن األرض يفض ين ين ينينلون القه ين ين ينينوة عل ين ين ينينى‬
‫الش ين ينيناي‪ ،‬بينم ين ينينا يفض ين ينينل س ين ينينكان اجل ين ينينزء الش ين ينينرقي الش ين ينيناي عل ين ينينى القه ين ينينوة‪ ،‬ح ين ينينىت أن القين ين ينرارات ال ين ينينيت‬
‫يتخذها املستهلكون حول الشاي والقهوة أصبحت متثل خيارات ألسلوب احلياة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ما هو علم االجتماع‪:‬‬


‫علم االجتماع أحد فروع العلوم االجتماعية‪ ،‬فكل النتائج اليت يتوصل إليها هذا العلم مستخلصة‬
‫من البحوث األمربيقية‪ ،‬اليت جترى وفقا لقواعد املنهج العلمي‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫البحين ينينث األمربيقين ينيني‪ :‬هين ينينو البحين ينينث الين ينينذي حيين ينينتكم إىل الواقين ينينع‪ ،‬أي يين ينيندرس أمين ينينورا قائمين ينينة فعين ينينال‬
‫يف الواقع‪.‬‬

‫قواعين ينيند املين ينيننهج العلمين ينيني‪ ،‬تشين ينينمل‪ :‬املوضين ينينوعية‪ ،‬اسين ينينتخدام األرقين ينينام كلمين ينينا أمكين ينينن ذلين ينينك‪ ،‬بيين ينينان‬
‫نق ين ينيناط الض ين ينينعف يف البح ين ينينث‪ ،‬كم ين ينينا تب ين ينينني نق ين ينيناط الق ين ينينوة في ين ينينه‪ ،‬التس ين ينينليم من ين ينينذ البداي ين ينينة بض ين ينينرورة‬
‫وضين ينينع كين ينينل النتين ينينائج الين ينينيت يين ينينتم التوصين ينينل إليهين ينينا علين ينينى حمين ينينك االختبين ينينار لكين ينيني تتأكين ينيند صين ينينحتها‪،‬‬
‫أو تع ين ينيندل‪ ،‬أو تلغ ين ينينى كلي ين ينينة‪ .‬وي ين ينينتم ه ين ينينذا االختب ين ينينار م ين ينينن قب ين ينينل الب ين ينيناحثني اآلخين ين ينرين يف املي ين ينيندان‬
‫نفسه‪.‬‬

‫ّأوالا‪ ،‬تعريف علم االجتماع‪:‬‬


‫ليس من اليسري وضع تعريف حمدد لعلم االجتماع‪ ،‬ومن الصعوبة مبكان أن يصل البحث فيه إىل‬
‫تعريف جامع مانع‪ ،‬نظرا لتعدد موضوعاته واختالفها‪ ،‬وعلى ذلك فقد تعددت تعريفات هذا العلم‪،‬‬
‫بتعدد تصورات العلماء والنظريات واملذاهب‪.‬‬
‫‪ -1‬التعريف اللغوي‪ :‬ظهرت كلمة سوسيولوجي (‪ )sociology‬سنة ‪ 1830‬ملا صاغها "أوجست كونت"‪،‬‬
‫ا‬
‫وهي مشتقة من كلمة التينية (‪ )socio‬وتعين رابطة أو رفيق أو جمتمع‪ ،‬وأخرى يونانية (‪ )logie‬وتعين علم‬
‫أو منطق أو دراسة على مستوى عا ‪ .‬وقد شاع استعماهلا‪ ،‬واعرتف هبا يف اللغات األخرى‪ ،‬كما جندها‬
‫يف العربية "علم االجتماع"‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫سبق بن خلدون أوجست كونت بثمانية قرون يف تسمية علم االجتماع بعلم العمران‬
‫البشري‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -2‬التعريف االصسالحي‪ :‬ا‬


‫يعرف علم االجتماع اصطالحا بأناه علم اجملتمع‪ ،‬باعتبار اختصاصه بكل ما‬
‫هو اجتماعي (انساين)‪ ،‬أو بكل ما يتعلق باإلنسان من الناحية االجتماعية‪ ،‬وكل ما يرتبط باجملتمع من‬
‫الناحية اإلنسانية‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫اجملتمع‪ :‬تطلق على شبكة العالقات اإلنسانية‪ ،‬وهي عبارة عن سلوك أي مجاعة مكونة من أعضاء‬
‫يعيشون حياة تضامن‪ ،‬ووسيلتهم يف ذلك التفاعل والعالقات املتبادلة‪.‬‬

‫‪ -3‬تعريفات علماء االجتماع‪ :‬تعددت التعريفات طبقا لوجهات النظر واجتاه كل مذهب‪ ،‬وفيما يلي‬
‫أهم التعريفات‪:‬‬
‫‪ -‬أوجست كونت (‪ :)Auguste Comte‬العلم النظري اجملرد للظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬هربرت سبنسر (‪ :)Herbert Spencer‬العلم الذي يدرس الظواهر فوق العضوية أو التطور فوق‬
‫العضوي بتغيري أكثر دقة‪.‬‬
‫‪ -‬جيمس ض (‪ :)Gims Bey‬العلم الذي يدرس طبيعة العالقات االجتماعية وأسباهبا ونتائجها‪.‬‬
‫‪ -‬اميل دوركامي (‪ :)Émile Durkheim‬دراسة الظواهر االجتماعية‪ ،‬ويرى أناه دراسة جتددت طبيعتها‬
‫من خالل موضوعها‪.‬‬
‫عرفه بأناه دراسة الفعل‬‫‪ -‬ماكس فيرب (‪( :)Max Weber‬ينطوي على قدر كبري من الغموض) ا‬
‫وعرفه أيضا بأناه دراسة الفعل االجتماعي النموذجي‪ ،‬وكان‬ ‫االجتماعي الذي يتضمن معىن ذاتيا‪ ،‬ا‬
‫مييل إىل األخذ بالتعريف الثاين‪.‬‬
‫‪ -‬كارل ماركس (‪ :)Karl Marx‬علم االجتماع حماولة للوصول إىل نظرية متكاملة عن بناء اجملتمع‬
‫وتغريه‪.‬‬
‫‪ -‬سوروكن (‪ :)Pitirim Sorokin‬هو دراسة اخلصائص املشرتكة بني كل أنواع الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬روبرت ماكيفر (‪ :)Robert Maciver‬العلم الذي يدور حول العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫من مجلة التعريفات السابقة‪ ،‬يتضح أ ان علم االجتماع ال يهتم ببناء اجلسد االنساين أو بوظائف‬
‫أعضائه أو بالعمليات العقلية يف حد ذاهتا‪ ،‬بل يهتم مبا حيدث عندما يقابل االنسان انسانا‪ ،‬أو عندما‬
‫يتفاعالن ويتعاونان أو العكس يتنافسان ويتصارعان‪ ،‬ومهما كانت هذه العمليات االجتماعية اليت تقوم‬

‫‪7‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫بني االنسان وغريه من البشر‪ ،‬فوحدة الدراسة السوسيولوجية ليست على االطالق فردا واحدا‪ ،‬ولكنها‬
‫كونان معا عالقة بشكل ما‪ .‬واعا تقدم يتضح أن علم االجتماع هو أحد‬
‫تتمثل على األقل يف فردين‪ ،‬ي ا‬
‫العلوم االجتماعية‪ ،‬وهو عبارة عن جمموعة العمليات والظواهر االجتماعية اليت توجد بني االفراد‬
‫واجلماعات اليت ينتمون إليها‪ ،‬وبني اجملموعات يف عتلف صورها‪ ،‬وذلك على أساس البحث العلمي‬
‫املنظام‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫وصين ين ينينف بين ين ينينن خلين ين ينيندون عل ين ين ينينم االجتمين ين ينيناع بقولين ين ينينه "وأعلين ين ينينم أ ان الك ين ين ينينالم يف هين ين ينينذا الغين ين ينينرض مس ين ين ينينتحدث‬
‫الص ين ينيننعة‪ ،‬غري ين ينينب النزع ين ينينة‪ ،‬عزي ين ينينز الفائ ين ينيندة‪ ،‬أعث ين ين ينر علي ين ينينه البح ين ينينث‪ ،‬و اأدى إلي ين ينينه الغ ين ينينو ‪ ،‬وه ين ينينو ل ين ينينيس‬
‫بِعلين ينينم اخلطابين ينينة‪ ،‬وإامنين ينينا هين ينينو األق ين ينوال املقنعين ينينة النافعين ينينة يف اسين ينينتمالة اجلمهين ينينور إىل رأ ٍي أو صين ينيندهم عنين ينينه‪،‬‬
‫وال هين ينينو أيضين ينينا مين ينينن علين ينينم السياسين ينينة املدنيين ينينة‪ ،‬وكأنين ينينه علين ينينم مسين ينينتنبط النشين ينينأة‪ ،‬ولعمين ينينري أنين ينينين مل أق ين ينينف‬
‫عل ينينى الك ينينالم يف منح ينيناه ألح ينيند م ينينن اخلليق ينينة‪ ،‬وال أدري ه ينينل غفل ين ينوا ع ينينن ذل ينينك؟ ول ينينيس الظ ينينن هب ينينم‪،‬‬
‫أو لعلاه ين ينينم كتب ين ين ينوا يف ه ين ينينذا الغ ين ينينرض واسين ين ينينتوفوه ومل يص ين ينينل إلينين ين ينينا ف ين ينينالعلوم كث ين ينينرية‪ ،‬واحلكمين ين ينيناء يف أم ين ينينم‬
‫الن ين ينينوع اإلنس ين ينيناين متعين ين ين اددون‪ ،‬وم ين ينينا مل يص ين ينينل إلين ين ينينا م ين ينينن العل ين ينينوم أكث ين ينينر ع ين ينينا وص ين ينينل"‪ .‬او ـ ــن خل ـ ــدو ‪،‬‬
‫تاريخ ون خلدو ‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬

‫ثانيا‪ ،‬نشأة علم االجتماع‪:‬‬


‫يعترب علم االجتماع حديثا إىل ٍ‬
‫حد ما‪ ،‬مقارنة بالعلوم االجتماعيا ِة األخرى‪ ،‬مبا فيها علم السياسة‬
‫واالقتصاد وعلم اإلنسان والتاريخ‪ ،‬إضافة إىل علم النفس‪ ،‬فقد ظهر هذا العلم بالشكل الذي هو عليه‬
‫كنوع من الرد األكادميي على‬
‫كصياغة علمياة يف بدايات القرن التاسع عشر للميالد‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يف وقتنا الراهن‬
‫حتدي احلداثة‪ .‬يف تلك األثناء متىن علماء االجتماع فهم تلك التحوالت‪ ،‬اليت طرأت على ٍ‬
‫عدد من‬
‫نوع من الدواء حلاالت التفكك االجتماعي‪ ،‬فقد أصبح الفرد‬ ‫اجملموعات االجتماعياة‪ ،‬ساعني لتطوير ٍ‬
‫أكثر انعزاال وانطوائية‪ .‬ليكونوا هبذا قد وضعوا أسسا لتساءل سوسيولوجي يتجاوز مرحلة التفكري‬
‫األخالقي‪ ،‬اليت سادت الفكر الفلسفي اإلغريقي واإلسالمي‪ ،‬إىل تفكري أكثر موضوعية يف أسباب‬
‫ونتائج الظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫لقد كان للثورة الفرنسية (‪ )1789‬على الصعيد السياسي والثورة الصناعية على الصعيد االقتصادي‬
‫األثر البالق يف إعادة صياغة النظام االجتماعي القدمي‪ ،‬عا اجنر عنه رهانات جديدة متعلقة باجملتمع‬
‫اجلديد قيد البناء‪ ،‬من املخاوف النامجة عن انتشار العديد من املشكالت االجتماعية امللحة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫البطالة‪ ،‬البؤس‪ ،‬الكحول‪ ،‬االكتظاظ يف املدن‪ ،‬إضافة إىل ارتقاء مكانة العقل وظهور فلسفة األنوار‪ ،‬هذا‬
‫التوجه العقالين أنتج يف اجملتمعات األوربية اجنذابا قويا حنو العلم واملعرفة‪ ،‬ليكون عصر التنوير مناسبة‬
‫لظهور العلموية والفلسفة الوضعية‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫العلموي ـ ـ ــة‪ :‬نزع ين ين ينينة تق ين ين ينينوم عل ين ين ينينى اإلمي ين ين ينينان ب ين ين ينينالقوة الكب ين ين ينينرية للعل ين ين ينينم‪ ،‬وقدرت ين ين ينينه عل ين ين ينينى ح ين ين ينينل مش ين ين ينيناكل‬
‫البش ين ينرية‪ .‬وه ين ينيني ك ين ينينذلك اعتق ين ينيناد فلس ين ينينفي يؤك ين ينيند عل ين ينينى أ ان العل ين ينينم يت ين ينينيح لن ين ينينا معرف ين ينينة كلي ين ينينة لألش ين ينينياء‬
‫املوجودة يف الكون‪.‬‬
‫الوض ـ ـ ــعية‪ :‬عقي ين ين ينيندة فلس ين ين ينينفية تعتق ين ين ينيند ب ين ين ينينأ ان الس ين ين ينينبيل الوحي ين ين ينيند للمعرف ين ين ينينة‪ ،‬ه ين ين ينيني مالحظ ين ين ينينة الوق ين ين ينينائع‬
‫والتجربة العلمية‪.‬‬

‫وميكن حصر أهم الظروف اليت ساعدت على بروز علم االجتماع يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬تقدم العلم الطبيعي كعلوم الفلك والطبيعة واألحياء والكيمياء‪ ،‬والتقدم يف الفلسفة واملنطق‬
‫والرياضيات‪.‬‬
‫‪ -2‬قيام الثورة الصناعية‪ ،‬نتيجة التقدم الصناعي الناتج عن تطور العلوم‪.‬‬
‫‪ -3‬قيام الثورة الفرنسية‪ ،‬نتيجة تطور األفكار الفلسفية والسياسية‪.‬‬
‫‪ -4‬احلاجة إىل علم جديد حيرز تقدما يف دراسة اآلثار املرتتبة على هذه التغريات على مستوى احلياة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وكان هذا العلم هو علم االجتماع‪.‬‬
‫‪ -5‬ظهوﺭ نظاﻡ ﺍجتماعي متغير باستمرﺍﺭ‪ ،‬ﻭﺍتساﻉ قوﺓ ﺍالتصاﻝ ﻭتعاظم تأثريها‪.‬‬
‫‪ -6‬ﺍلرغبة ﺍلمتزﺍيدﺓ في ﺇعاﺩﺓ تشكيل ﺍلوﺍقع ﺍالجتماعي‪ ،‬ﻭﺍلتخطيط له من ﺃجل ﺍلتقدﻡ‪ .‬ﻭال يمكن‬
‫ﺇتماﻡ ﺫلك بغير معرفه حقيقية بالوﺍقع ﺍالجتماعي‪ ،‬ﻭهي ما يطلق عليها ﺍسم ﺍلسوسيولوجية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫فائدة‪:‬‬
‫العوامل اليت حالت دون تأسيس علم عرض لدراسة اجملتمع‪:‬‬
‫‪ -1‬اهنيار الدولة نتيجة الصراعات الداخلية‪.‬‬
‫‪ -2‬غزو التتار واملغول‪.‬‬
‫‪ -3‬سقوط دولة العرب يف األندلس‪.‬‬

‫ثالثا‪ ،‬فروع وميادين علم االجتماع‪:‬‬


‫حيتوي اجلدول املوا على قائمة بأهم فروع علم االجتماع وجمال الدراسة فيه‪ .‬إذ يظهر التنوع‬
‫الواضح يف الدراسات السوسيولوجية‪ ،‬وذلك عائد اىل تنوع احلياة االجتماعية‪ ،‬فهي تشمل على ما هو‬
‫اقتصادي‪ ،‬سياسي‪ ،‬ثقايف‪ ،‬ديين‪ ،‬تربوي‪...‬إخل‪.‬‬
‫اجلدول رقم ‪ :1‬أهم فروع علم االجتماع‪.‬‬
‫حول العمل‬
‫علم اجتماع املهن‬ ‫علم اجتماع العالقات الصناعية‬
‫علم اجتماع النقابات واجلمعيات‬ ‫علم اجتماع العمل‬
‫علم اجتماع املؤسسة‬ ‫علم اجتماع املنظمات‬
‫علم االجتماع االقتصادي‬ ‫علم اجتماع البطالة‬
‫حول عالقة الفرد والمجتمع‬
‫علم اجتماع الطبقات االجتماعية‬ ‫علم اجتماع الفرد‬
‫علم االجتماع العائلي‬ ‫علم اجتماع التغري االجتماعي‬
‫عل ين ين ين ينينم اجتم ين ين ين ينيناع اجلن ين ين ين ينيند (الن ين ين ين ينينوع نس ين ين ين ينيناء‪ ،‬علم اجتماع اهلوية‬
‫رجال)‬
‫علم النفس االجتماعي‬
‫حول طرق العيش‬
‫علم االجتماع الريفي‬ ‫علم االجتماع احلضري‬
‫علم اجتماع االستهالك‬ ‫علم اجتماع الفقر‬
‫‪10‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫علم اجتماع الفن‬ ‫علم اجتماع الثقافة‬


‫علم اجتماع االعالم واالتصال‬ ‫علم اجتماع الرياضة‬
‫علم االجتماع الرتبوي‬ ‫علم اجتماع احلياة اليومية‬
‫علم اجتماع العلوم‬
‫حول األفكار والمعتقدات‬
‫علم اجتماع القيم‬ ‫علم اجتماع األديان‬
‫علم اجتماع الفرق الدينية‬ ‫علم اجتماع املعرفة‬
‫حول المواطنة‬
‫علم اجتماع االنتخابات‬ ‫علم اجتماع السياسة‬
‫راوعا‪ ،‬فوائد علم االجتماع‪:‬‬
‫ملحة كعلم‬
‫لقد تق ادم علم االجتماع يف السنوات األخرية تق ادما كبريا‪ ،‬وأصبحت احلاجة إليه ا‬
‫يدرس احلياة االجتماعية‪ ،‬ويتوقاع منه املهتمون به فوائد عديدة للفرد واجملتمع‪ .‬والسؤال املهم الذي‬
‫نطرحه‪ ،‬هو‪ :‬ما الفائدة اليت تعود علينا من دراسة علم االجتماع؟ هل هو علم مفيد لنا يف حياتنا؟ أم‬
‫هو لون من ألوان العلوم اليت تضيف إلينا بعض املعرفة وحسب‪ ،‬هل هو علم له آثاره التطبيقية العملية‬
‫اليت تظهر يف ميدان احلياة؟ أم هو جمرد علم تنظريي عل؟ باملختصر‪ :‬هل هو علم مفيد أم ال؟ هل‬
‫يستحق العناء يف دراسته أم ال؟ بالتأكيد سيتوقف جواب هذا السؤال‪ ،‬على استمرارنا يف دراسة علم‬
‫االجتماع أو توقفنا عن ذلك‪ .‬وسنحاول اإلجابة عن هذه األسئلة من خالل املفردات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬فهم الحياة‪:‬‬
‫علم االجتماع جيعلنا نفهم اجملتمع البشري‪ ،‬كيف بين؟ وكيف يتغري؟ وكيف يتفاعل أفراده مع‬
‫التغريات اليت تعرض هلم؟ والذي يفهم اجملتمع‪ ،‬يفهم نفسه‪ ،‬ومن فهم نفسه فهم احلياة‪ .‬إذ إ ان احلياة‬
‫ليست أكثر من أرض وناس يعيشون عليها‪ ،‬وعلم االجتماع يدرس هذا وذاك‪ .‬وميكننا من خالل علم‬
‫االجتماع أن نتجاوز أفعال الناس إىل دوافعها‪ ،‬وجيعلنا ندرك ‪-‬بقليل من اجلهد‪ -‬البواعث الكامنة وراء‬
‫كثري من السلوكيات اليت نراها يف الشارع‪ ،‬واليت منارسها أيضا‪ .‬وهذه الثمرة بال شك مثرة تستحق العناء‬
‫يف سبيلها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -2‬نظرة مختلفة إلى الحياة‪:‬‬


‫نكتسب من دراسة علم االجتماع القدرة على النظر إىل األشياء املألوفة بطريقة غري مألوفة‪ ،‬وهذا‬
‫ما يسمى باإلبداع‪ ،‬والفارق بني الدارس لعلم االجتماع وبني من ال يعرفه كبري جدا‪ .‬فحني ننظر إىل أي‬
‫شيء يف الشارع‪ ،‬كالسيارة مثال‪ ،‬تعد عند اإلنسان العادي وسيلة للتنقل وحسب‪ ،‬ولكنها عند الدارس‬
‫لعلم االجتماع شيء آخر‪ ،‬فهي إضافة لوظيفتها يف النقل‪ ،‬أداة من أدوات الربوز االجتماعي‪ ،‬والتعبري‬
‫عن الثروة أو الفقر‪ ،‬وميكن النظر إليها بشكل عتلف كليا عن النظرة العادية‪.‬‬
‫إ ان مطاعم "ماكدونالدز" يف نظر اإلنسان العادي جمرد أماكن لتناول الطعام‪ ،‬يتكرر وجودها على‬
‫نطاق واسع‪ ،‬لكنها ترتبط لدى الدارس لعلم االجتماع بألوان كثرية من املعطيات والنتائج‪ ،‬اليت قد تبدو‬
‫بعيدة عن مرمى بصر اإلنسان العادي‪ .‬إن ماكدونالدز وسيلة من وسائل اهليمنة على ثقافة اجملتمع‪ ،‬تعين‬
‫توجه اجملتمع إىل أن يكون نسخة غري مرسومة بعناية من "أمريكا"‪ ،‬وهي تعين حني تنتشر يف مكان ما‪،‬‬
‫أ ان مثاة ضعفا يف احلياة املنزلية‪ ،‬وأن هناك ابتعادا عن املكونات الغذائية التقليدية‪ ،‬ما يعين أشياء كثرية‪،‬‬
‫منها على سبيل املثال‪ :‬زيادة معدالت السمنة‪ ،‬وانتشار بعض األمراض الناجتة عن ذلك‪ ،‬وأشياء أخرى‪.‬‬
‫والكالم نفسه ميكن أن يقال عن‪ :‬ألعاب الفيديو‪ ،‬وكوب القهوة‪ ،‬وانتشار أسواق "السوبرماركت" على‬
‫حساب الدكاكني الصغرية املتخصصة‪ ،‬واختفاء األلعاب الشعبية‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫إن علين ينينم االجتمين ينيناع جيعين ينينل عيوننين ينينا مين ينينن ليين ينينزر‪ ..‬وجيعلنين ينينا نين ينينرى احليين ينيناة شين ينينيئا عتلفين ينينا عين ينينن املين ينينألوف‪،‬‬
‫وه ين ينينذا م ين ينينا مينحنين ين ينينا بص ين ينينرية‪ ،‬وجيع ين ينينل أحاديثنين ين ينينا يف اجملين ين ينينالس أكثين ين ينينر عمقين ين ينينا وطرافين ين ينينة‪ ،‬وأكث ين ينينر إفين ين ينينادة‬
‫وإثارة ومتيزا‪.‬‬
‫‪ -3‬توقعات صائبة‪:‬‬
‫التنبؤ هدف من أهداف العلوم كلها‪ .‬وعلم االجتماع جيعلنا نتوقع هنايات بعض املعارك‬
‫والصراعات يف اجملتمع الذي نعيش فيه منذ بداية املعركة أو أثناءها‪ ،‬وجيعلنا ال نستبعد حدوث الكثري من‬
‫الصراعات والعصبيات اليت ال يتوقعها من ال يعرف شيئا عن علم االجتماع‪ ،‬والقوانني اليت حتكم تغري‬
‫اجملتمع‪ ،‬وبذلك نصبح أكثر اطمئنانا إىل طبيعة األيام‪ .‬إ ان الذي يدرك أن األفكار اجلديدة ال ميكن أن‬
‫تنتشر دون أن تواجه بالرفض وشيء من املغالبة واملقاومة للتغيري‪ ،‬مث يكتب هلا االنتصار حني تستويف‬
‫بعض الشروط‪ ،‬يستطيع أن يعرف ملاذا متت مواجهة األنبياء واملصلحون‪ ،‬كما متت مواجهة املفسدين‬
‫‪12‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫على مر التاريخ‪ ،‬بكثري أو قليل من املمانعة واملقاومة‪ .‬وكيف أن من صرب‪ ،‬وكابد وعمل على التغيري‪،‬‬
‫وفق السنن والقوانني املتحكمة يف تغري اجملتمع‪ ،‬وصل إىل مراده‪ ،‬ومن خالف هذه القوانني انتهت مهمته‬
‫بالفشل‪.‬‬
‫‪ -4‬معرفة العام من خالل الخاص‪:‬‬
‫يهتم عامل االجتماع عادة بأسئلة كيف وملاذا؟ كما يقوم عامل االجتماع بدراسة ظاهرة ما‬
‫(كاالنتحار أو االغتصاب أو السرقة أو التمييز العنصري) من خالل جمموعة من الناس‪ ،‬ويصفهم‬
‫حسب جنسهم (ذكر أم أنثى) أو وظيفتهم أو نوع دينهم ( بروتستانت كاثوليك مسلمني‪ ...‬اخل)‬
‫أو لوهنم (أبيض أسود أصفر) أو فقرهم و غناهم (طبقاهتم االجتماعية) ومستوى تعليمهم (ابتدائي‪،‬‬
‫ثانوي‪ ،‬جامعي‪ ...‬اخل) وهذا يف احلقيقة ما ميكن تسميته مبعرفة العام من خالل اخلا ‪ .‬وهو منهج متبع‬
‫من مناهج علم االجتماع‪ .‬ولعل من أوىل الظواهر االجتماعية املدروسة علميا هي ظاهرة االنتحار يف‬
‫فرنسا‪ ،‬من طرف العامل الفرنسي دوركامي‪ ،‬كما سنرى ذلك الحقا‪.‬‬
‫‪ -5‬معرفة المجهول من خالل المتعارف عليه‪:‬‬
‫وهي إحدى وجهات النظر يف علم االجتماع‪ ،‬حيث ننظر إىل الغريب يف اجملتمع ونقيسه على‬
‫املتعارف عليه بني الناس‪ .‬فقد نشاهد األشياء ألول مرة فنشعر أهنا غريبة‪ ،‬بينما يراها آخرون يف مكان‬
‫آخر وكأهنا عادية عندهم‪ .‬وينحصر دور عامل االجتماع هنا جبمع املعلومات الضرورية لتحليل الظاهرة‬
‫قيد البحث حىت يفهمها ويصفها كما هي (واقعية) ال كما جيب أن تكون(مثالية)‪ .‬وال كما يراها الناس‬
‫بعيوهنم (حسا) أو ظنوا أهنم رأوها (ختيال)‪ .‬وبالطبع فإن رؤية الظاهرة بعني بصرية حيتاج إىل خربة وجتربة‬
‫عما‬
‫يف جماهلا‪ ،‬ولذلك فإ ان علماء االجتماع حني يصفون ظاهرة معينة تبدو وكأهنا صورة جديدة ختتلف ا‬
‫يراه الناس لنفس الظاهرة‪ .‬وهناك العديد من األمثلة على هذه الظاهرة‪ ،‬إذ خيتلف اآلباء وأبناؤهم حول‬
‫التقاليد‪ ،‬كما خيتلف املتعلم عن غريه يف رؤية األشياء والظواهر‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ابين ين ينينن خل ين ين ينيندون ه ين ين ينينو اأول م ين ين ينينن دع ين ين ينى إىل قي ين ين ينيناس الظ ين ين ينواهر الس ين ين ينينابقة عل ين ين ينينى مثيالهت ين ين ينا م ين ين ينينن‬
‫الظواهر احلاضرة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫الفصل الثاني‪ ،‬علم االجتماع والعلوم االجتماعية األخرى‪:‬‬


‫ليس من اليسري أن نتصور حدودا واضحة‪ ،‬تفصل فصال تاما بني فروع العلوم االجتماعية‬
‫املختلفة‪ .‬ذلك أل ان اإلنسان هو موضوع اهتمامها مجعيا‪ ،‬وإن تباينت الزوايا اليت يتناول منها كل علم‬
‫دراساته وحتليالته‪ .‬ومع ذلك فإن معرفة حدود كل علم يهتم بدراسة اإلنسان وما يصدر عنه من‬
‫تصرفات وسلوكيات‪ ،‬تكشف عن مالمح عديدة متيز كل فرع من هذه الفروع عن اآلخر‪.‬‬
‫‪ -1‬عالقة علم االجتماع وعلم االقتصاد‪:‬‬
‫يعىن علم االقتصاد بصفة عامة بدراسة إنتاج وتوزيع السلع واخلدمات‪ ،‬وقد تطور هذا العلم يف‬
‫العامل الغرض‪ ،‬يف ظل املدرسة الكالسيكية بإجنلرتا‪ ،‬وتناول العالقات املتبادلة بني املتغريات االقتصادية‬
‫البحتة‪ ،‬كالعالقة بني سعر السلعة والكمية املعروضة منها‪ ،‬والبحث يف نظريات العرض والطلب‪ .‬ويهتم‬
‫علم االقتصاد بالصناعة واملؤسسات االقتصادية مثل‪ :‬البنوك وشركات التجارة والنقل‪ .‬ورغم أن هذه‬
‫املؤسسات هي اجملال اخلا للدراسات االقتصادية‪ ،‬إالا أن علماء االجتماع أيضا يهتمون بدراستها‪،‬‬
‫ألهنام يدرسون النواحي االجتماعية لألنشطة االقتصادية‪ .‬ومن املالحظ أن الكثري من املشكالت اهلامة‬
‫ذات الصلة الوثيقة بعلم االقتصاد‪ ،‬مل تتناوهلا البحوث االقتصادية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك دراسة دور القيم‬
‫والتفضيل يف التأثري يف قوة العمل‪ ،‬وأثر العادات االجتماعية يف األسعار‪ ،‬ودور التعليم يف اإلنتاج وغري‬
‫ذلك من املوضوعات‪ ،‬اليت تركت ليتناوهلا يف الدراسة علماء االجتماع وعلماء النفس‪.‬‬
‫ويلتقي علم االقتصاد وعلم االجتماع يف أكثر من موضوع‪ ،‬فالثروة اليت هي بؤرة علم االقتصاد ال‬
‫توجد إالا يف اجملتمع وال تنتج إالا عن طريق األيدي العاملة‪ ،‬وال تتناول إالا بني أفراد تربطهم نظم وأوضاع‬
‫اجتماعية‪ .‬كما يهتم علماء االجتماع بدراسة العالقات االقتصادية بني العمال وأصحاب األعمال‪ ،‬أي‬
‫بني العمل ورأس املال‪ ،‬الذي أصبح قوة مجعية ألنه مثرة اجلهد الذي يبذله أفراد اجملتمع منذ القدم‪ .‬ومن‬
‫مهدت لقيام نظم سياسية واجتماعية‪ ،‬تستند إىل أسس اقتصادية‪.‬‬ ‫هنا نشأت النظريات االشرتاكية‪ ،‬اليت ا‬
‫‪ -2‬عالقة علم االجتماع وعلم السيا ة‪:‬‬
‫يلتقي أحد فروع علم االجتماع‪ ،‬وهو علم االجتماع السياسي‪ ،‬مع علم السياسة يف االهتمام‬
‫مبوضوعات واحدة ومتاثل يف أسلوب الدراسة‪ ،‬فعلم السياسة يعىن باإلدارة العامة وكيفية رفع كفاءة‬
‫األجهزة احلكومية‪ ،‬يف حني يهتم علم االجتماع "بالبريوقراطية" والضغوط املتصلة هبا‪ .‬وقد حاول علماء‬
‫االجتماع‪ ،‬خالل النصف الثاين من القرن العشرين‪ ،‬أن يربزوا الفوارق بني دراساهتم والدراسات السياسية‬
‫‪14‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫البحتة‪ ،‬فأزداد اهتمامهم بالبحوث االجتماعية يف جمال السلوك السياسي‪ ،‬فبحثوا يف السلوك االنتخاض‬
‫واجتاهات الرأي العام حنو املوضوعات السياسية املختلفة‪ ،‬وعمليات اختاذ القرارات يف اجملتمعات ا لية‬
‫الصغرية‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة علم االجتماع وعلم التاريخ‪:‬‬
‫علم التاريخ هو علم إنساين اجتماعي يف نفس الوقت‪ ،‬ويصناف بأناه أبو العلوم ألنه من أقدمها‪،‬‬
‫يعرف بأناه ذلك العلم الذي يتخذ من الوقائع واألحداث التارخيية اليت تظهر يف مسرح احلياة‬ ‫كما ا‬
‫البشرية موضوعا‪ ،‬ويهدف إىل استخال العرب من جتارب السابقني‪ .‬وعامل االجتماع يهتم بدراسة‬
‫التاريخ‪ ،‬لكن على حنو عتلف‪ ،‬فمهمته األساسية هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفهم الشمو للعمليات االجتماعية املتكررة بالنسبة للجماعة أو اجملتمع‪ ،‬مبعىن حتليل القوى‬
‫االجتماعية والثقافة والسياسية والعسكرية اليت لعبت دورا بارزا يف تشكيل الواقع االجتماعي يف فرتة‬
‫زمنية‪ ،‬وكيف متخض عن ذلك ظهور بعض الظواهر أو املشاكل االجتماعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوقوف عند العالقات العملية اليت تربط املاضي واحلاضر‪ ،‬وكيف تفسر وتؤثر يف املستقبل‪ .‬مبعىن أن‬
‫عامل االجتماع يهتم باملاضي‪ ،‬لكي يفسر به احلاضر‪ ،‬وكالمها (املاضي واحلاضر) يعطي صورة تنبؤيه‬
‫للمستقبل‪.‬‬
‫ج‪ -‬الكشف عن النظريات اليت تفسر التطور التارخيي‪ ،‬مثل ما قام به ماركس يف حماولة الكشف عن‬
‫ميكانيزمات الصراع االجتماعي وما ينتج عن ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية‪ ،‬ش اكلت‬
‫جمرى التاريخ اإلنساين‪ ،‬وكذلك يهدف البحث التارخيي إىل وضع نظريات اجتماعية تفسر ثقافات‬
‫وأشكال احلضارات اإلنسانية‪ ،‬مثل "سوروكن" و"سيجر" و"بارسونز"‪ ،‬يف جمادلتهم استقصاء التاريخ من‬
‫أجل تفسري أشكال التغري الثقايف واالجتماعي‪ ،‬يف اجملتمعات اإلنسانية قدميا وحديثا‪.‬‬
‫‪ -4‬عالقة علم االجتماع وعلم النفس‪:‬‬
‫علم النفس هو ذلك العلم‪ ،‬من العلوم االجتماعية‪ ،‬الذي تدرس األفراد يف حاالت منعزلة ويهتم‬
‫بدراسة مظاهر السلوكيات‪ ،‬اليت تعرب عن شخصيات األفراد الذين يتأثرون باألوضاع االجتماعية‬
‫املختلفة‪ .‬وقد يتصور البعض أن علم االجتماع يهتم بدراسة اجلماعة بينما يهتم علم النفس بدراسة‬
‫الفرد‪ ،‬غري أن هذا االجتاه ال يقرر احلقيقة كاملة‪ ،‬فاجلماعة ما هي إالا عدد أقل أو أكثر من األفراد‪،‬‬
‫واجلماعات ال تفكر أو تشعر أو تتصرف إالا يف أسلوب جمازي‪ ،‬إذ إ ان التفكري والسلوك ال يصدران إالا‬
‫‪15‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫عن األفراد‪ ،‬كما أن اإلنسان الفرد ليس له وجود واحلياة اإلنسانية ال ميكن أن تتحقق إالا يف وسط‬
‫مجعي‪ .‬هذا ويظهر التداخل بني كل من علم االجتماع وعلم النفس‪ ،‬ويظهر بوضوح يف فرع علم النفس‬
‫االجتماعي الذي يقع على احلدود بني العلمني‪.‬‬
‫‪ -5‬عالقة علم االجتماع وعلم األنثرووولوجيا‪:‬‬
‫هتتم األنثروبولوجيا أو علم اإلنسان ببيان أوجه النشاط اإلنساين يف عصور قدمية أو جمتمعات‬
‫معزولة وصغرية نسبيا‪ ،‬وهتتم أيضا بدراسة احلضارة البشرية والتطور املادي والثقايف لإلنسان‪ .‬لقد ارتبطت‬
‫حتليالت دراسات األنثروبولوجيا مبجموعة كبرية من رواد علماء االجتماع واألنثروبولوجيا‪ ،‬من أمثال راد‬
‫كليف براون ومالينوفسكي وكروبر وغريهم آخرون‪ .‬ولقد تأثر هبذه التحليالت كثري من رواد علم‬
‫االجتماع‪ ،‬من أمثال دروكامي وغريه‪ ،‬من رواد االجتاه البنائي الوظيفي يف دراسة احلياة االجتماعية يف‬
‫اجملتمعات احلديثة‪ .‬كما تعددت اهتمامات األنثروبولوجيا يف الوقت الراهن ومل تقتصر على دراسة‬
‫اجملتمعات البدائية أو البسيطة فقط‪ ،‬بل أصبحت أيضا هتتم بدراسة مشكالت اجملتمع احلديث‪ ،‬خاصة‬
‫املناطق املتخلفة واملناطق الصناعية‪ ،‬وحتليل مشكالت اجلرمية واالحنراف يف اجملتمعات املتحضرة‪ ،‬لتشارك‬
‫عموما جمموعة اهتمامات علماء االجتماع والعلوم االجتماعية يف الكثري من امليادين واجملاالت املختلفة‪.‬‬
‫‪ -6‬عالقة علم االجتماع والجغرافيا‪:‬‬
‫تعترب دراسة الظواهر اجلغرافية من الدراسات اهلامة اليت يهتم هبا علماء االجتماع العتبارها جزء‬
‫من البيئة اخلارجية اليت حتيط باإلنسان ذاته‪ ،‬فدراسة البيئة اجلغرافية من قبل علماء االجتماع جتعلهم‬
‫يتعرفون على كثري من اجلوانب املتداخلة أو املسبقة حلدوث الظاهرة االجتماعية ذاهتا‪ ،‬وهذا ما يعترب يف‬
‫حد ذاته موضع اهتمام لعلماء اجلغرافيا أنفسهم‪ .‬فدراسة الظواهر السكانية أو اهلجرة أو النشاط‬
‫يتعرف على طبيعة وأثر البيئة اجلغرافية والعوامل املناخية‬
‫االقتصادي مثال‪ ،‬جيعل عامل االجتماع ا‬
‫والتضاريس والعوامل االقتصادية‪ ،‬اليت تؤثر يف توزيع السكان أو الكثافة السكانية أو نوعية النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬وعملية الطرد أو اجلذب عند دراسة اهلجرة‪ ،‬سواء كانت داخلية أو خارجية أو مؤقتة أو‬
‫دائمة‪.‬‬
‫كما أن دراسة الرتكيب السكاين والدميوغرايف للسكان جيعلنا هنتم بدراسة مجيع العوامل املتداخلة‬
‫مع نوعية تركيب السكان‪ ،‬الوضع الطبقي واملهين ومجيع األنشطة االقتصادية‪ .‬إ ان عامل االجتماع يهتم‬
‫كثريا بدراسة اهتمامات وموضوعات علماء اجلغرافيا‪ ،‬من أجل االستفادة من مداخلهم ومناهجهم‬

‫‪16‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وتفسريهم للظواهر اجلغرافية‪ ،‬وهذا ما ينطبق على سعي علماء اجلغرافيا لالستفادة من حتليالت علماء‬
‫االجتماع‪ ،‬ال سيما أن اجلميع يهتم بدراسة اجملتمع ككل‪.‬‬
‫‪ -7‬عالقة علم االجتماع واإلدارة‪:‬‬
‫يعترب علم اإلدارة من العلوم االجتماعية اليت استقلت حديثا على علم االقتصاد‪ .‬ولقد ارتبط علم‬
‫اإلدارة بعلم االجتماع‪ ،‬نظرا لالهتمامات املتزايدة لعلماء هذا العلم املتخصصني منه وال سيما يف‬
‫السنوات األخرية‪ ،‬فأصبحت جماالته وميادينه تتداخل يف الكثري من العلوم‪ ،‬أو فروع العلوم االجتماعية‬
‫ذاهتا‪ .‬فلقد جاءت اهتمامات عامل االجتماع لتدرس مجيع املؤسسات والتنظيمات االجتماعية كاملة‪،‬‬
‫وإن علم االجتماع يدرس األفراد واجلماعات ليس فقط بأهنم أفراد جمردين‪ ،‬ولكن أيضا عن طريق‬
‫وجودهم كأعضاء داخل تنظيمات ومؤسسات اجتماعية عيزة‪ .‬ويعتمد علم االجتماع التنظيم أحد‬
‫اجملاالت اهلامة لعلم االجتماع‪ ،‬اليت يهتم بدراسة طبيعة اإلدارة داخل التنظيمات االجتماعية املختلفة‪،‬‬
‫اليت يقوم بدراستها علماء االجتماع‪ ،‬بدءا من الشركات العاملية والشركات العمالقة‪ ،‬حىت دراسة مجاعة‬
‫أو تنظيمات عصابات األحداث‪ .‬إن مهمة علم االجتماع ال تكرس فقط لدراسة األفراد واجلماعات‬
‫باعتبارهم أفراد عاديني‪ ،‬لكن تفسري سلوكهم وأنشطتهم وتفاعلهم داخل التنظيمات االجتماعية اليت‬
‫يولدون‪ ،‬يرتبون‪ ،‬ينشؤون‪ ،‬يعملون‪ ،‬ويرفهون فيها أو يوقع عليهم اجلزاء والعقاب‪.‬‬
‫‪ -8‬عالقة علم االجتماع واللغة‪:‬‬
‫يعد علم اللغة من العلوم االجتماعية‪ ،‬الذي يهتم بدراسة الكثري من أنشطة اإلنسان خالل تفاعله‬
‫وعالقاته‪ ،‬وتعترب اللغة رمز االتصال بني البشر‪ ،‬كما تعترب جزء من مكونات الثقافة وعناصرها املختلفة‪،‬‬
‫اليت ال يهتم هبا علماء اللغة فقط‪ ،‬بل الكثري من علماء العلوم االجتماعية‪ .‬ولقد ظهر منذ عدة عقود يف‬
‫اجلامعات الغربية والعاملية اهتماما ملحوظا بعلم اجتماع اللغة‪ ،‬كأحد الفروع اليت تربط بني اهتمامات كل‬
‫من علماء االجتماع وعلماء اللغة‪ .‬ويركز علم اجتماع اللغة على دراسة طبيعة ومكونات وتراكيب اللغة‪،‬‬
‫وأسباب انتشارها‪ ،‬واختالف وتباين اللغات العاملية‪ ،‬ونوعية اختالف اللغات واللهجات العاملية‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫اللهجات الساحلية عن الداخلية‪ ،‬أو أهل الريف عن أهل احلضر‪ ،‬أو التطور اللفظي ملفردات اللغة‬
‫واشتقاقاهتا املختلفة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -9‬عالقة علم االجتماع والقانو ‪:‬‬


‫القانون هو جمموعة قواعد قانونية تنظم سلوكيات أفراد اجملتمع‪ ،‬هذه القواعد منها ما هو آمر وما هو‬
‫تكميلي‪ .‬وتبزر العالقة بني العلمني يف أ ان كالمها يهتم بدراسة الفرد واجملتمع‪ .‬ورغم أهنا يهتمان بدراسة‬
‫اإلنسان يف الوسط االجتماعي‪ ،‬إال أن علم االجتماع أمشل من علم القانون‪ ،‬هذا األخري يف نظر بعض‬
‫السوسيولوجيني‪ ،‬يعد فرعا ثانويا من فروع علم االجتماع‪ .‬ويلتقي العلمان يف فرع مشرتك‪ ،‬يسمى علم‬
‫االجتماع القانوين‪ ،‬ومن بني املواضيع اليت يهتم هبا هذان العلمان جند‪ :‬قانون األسرة‪ ،‬قانون اجلماعات‬
‫االجتماعية‪ ،‬قانون املرأة‪ ،‬قانون الثقافة‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫‪ -10‬عالقة علم االجتماع والخدمة االجتماعية‪:‬‬
‫ترتبط اخلدمة االجتماعية‪ ،‬وفروعها وميادينها‪ ،‬املختلفة بعلم االجتماع‪ ،‬ويف كثري من األحيان يقع‬
‫نوع من اخللط يف طبيعة االهتمامات بني هذين العلمني‪ ،‬فعلم االجتماع يركز على استخدام النظريات‬
‫السوسيولوجية يف حتديد وتوجيه البحث االجتماعي ومناهجه وأدوات مجع بياناته املختلفة‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫كيفية استخدام وتطبيق واختبار تلك النظريات يف الواقع‪ .‬اأما علم اخلدمة االجتماعية بأقسامه املختلفة‬
‫(مثل‪ :‬خدمة الفرد واجلماعة‪ ،‬وتنظيم اجملتمع)‪ ،‬فيهتم بتوصيف أمناط اخلدمة من الناحية العلمية الواقعية‪،‬‬
‫وما ينبغي أن يقوم به األخصائيون أو القائمني على التخطيط االجتماعي‪ ،‬ألساليب الرعاية املختلفة‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬إ ان علم االجتماع بوصفه أحد العلوم االجتماعية‪ ،‬له وظيفة عامة تناسب تلك‬
‫الوظائف اليت تؤديها بقية العلوم االجتماعية‪ ،‬والعلوم االجتماعية كلها تدرس السلوك البشري‪ ،‬لكن من‬
‫زوايا عتلفة‪ ،‬هذا االختالف راجع إىل االختالف يف موضوعات الدراسة‪ ،‬ونوع املتغريات املستخدمة يف‬
‫التفسري‪ .‬ويؤكد الكثري من العلماء أ ان االختالف يف العلوم االجتماعية هو اختالف متليه ضرورة الدراسة‬
‫والتحليل فقط‪ ،‬غري أن نتائج البحوث يف ميادين العلوم االجتماعية متشابكة ومرتابطة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫فائدة‪:‬‬
‫يظهر الفرق بني علم االجتماع وباقي العلوم االجتماعية‪ ،‬إذا ما تناولنا دراسة ظاهرة اجتماعية‬
‫معينة‪ ،‬كاالنتحار مثال‪ ،‬فاالقتصاد يرجع أسباهبا إىل الفقر‪ ،‬وعلم النفس يرجعها إىل أزمة عاطفية‬
‫أو صدمة نفسية‪ ،‬والسياسة تردها إىل اإلخفاق يف امليدان السياسي‪ ،‬والدين يربطها بفساد اخللق‬
‫واالبتعاد عن احلق‪ ،‬واجلغرافيا تعزوها إىل أثر املناخ أو البيئة‪ ...‬إخل‪ .‬وعلى الرغم من توصل هذه‬
‫التفسريات إىل جانب أو أخر من حقيقة االنتحار‪ ،‬إالا أن كل منها على حدة ال يستطيع أن‬
‫يقدم سببا كافيا ميكن االعتماد عليه‪ ،‬ألناه مل يدخل يف تبيان اخلصائص الرئيسية لالنتحار‪ ،‬ونوع‬
‫األشخا املنتحرين وفرتات الزيادة والنقصان يف معدالت االنتحار‪ ،‬وتوزيع نسب املنتحرين يف‬
‫اجملتمعات املختلفة‪ .‬والذي يستطيع أن يقدم تلك األسباب ويقوم بكل هذه التفسريات هو علم‬
‫االجتماع‪ ،‬وهذا ال يعين أن هناك قطيعة بني علم االجتماع والعلوم االجتماعية األخرى‪ ،‬بل على‬
‫العكس‪ ،‬فنظرية كارل ماركس االجتماعية – على سبيل املثال – كان هلا أكرب األثر على‬
‫الدراسات االجتماعية واالقتصادية والسياسية والنفسية على السواء‪ ،‬إال أن علم االجتماع –‬
‫دون العلوم االجتماعية األخرى – يدرس الظواهر االجتماعية‪ ،‬يف تفاعلها بعضها مع بعض‪ ،‬ويف‬
‫أثر كل منها على األخرى‪ ،‬والوظائف اليت تؤديها واالرتباط فيما بينها‪ .‬فهو إذا علم تركييب شامل‬
‫حيوي عتلف العلوم االجتماعية األخرى‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫الفصل الثالث‪ :‬رواد علم االجتماع (المؤ سو ‪.‬‬


‫ّأواال‪ ،‬عبد الرحما ون خلدو (‪: 1406-1332‬‬
‫و الدين أبو زيد عبد الرمحن بن حممد بن حممد بن احلسن بن جابر بن حممد بن إبراهيم بن عبد‬
‫الرمحن بن خالد (خلدون) احلضرمي ‪ ...‬املعروف باسم بن خلدون (ولد يف يوم األربعاء ‪ 27‬مايو‬
‫‪ ،1332‬وتويف يف يوم اجلمعة ‪ 19‬مارس ‪ .)1406‬كان فلكيا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬مؤرخا‪ ،‬فقيها‪ ،‬حافظا‪ ،‬عامل‬
‫رياضيات‪ ،‬اسرتاتيجيا عسكريا‪ ،‬فيلسوفا‪ ،‬ورجل دولة‪ ،‬يعترب مؤسس علم االجتماع‪ .‬ولد يف إفريقية فيما‬
‫يعرف اآلن بتونس يف عهد احلفصيني‪ .‬كانت عائلته متلك يف االندلس مزرعة "هاسيندا توري دي دونيا‬
‫ماريا" القريبة من دوس هرماناس (اشبيلية)‪.‬‬
‫لقد أصبح من املسلام به تقريبا يف مشارق األرض ومغارهبا‪ ،‬أ ان بن خلدون هو مؤسس علم‬
‫االجتماع أو علم العمران البشري كما يسميه‪ .‬ويبدو واضحا أن اكتشاف بن خلدون هلذا العلم قاده‬
‫إليه منهجه التارخيي العلمي الذي ينطلق من أ ان الظواهر االجتماعية ختضع لقوانني ثابتة‪ ،‬وأ اهنا ترتبط‬
‫ببعضها ارتباط العلة باملعلول‪ ،‬فكل ظاهرة هلا سبب‪ ،‬وهي يف ذات الوقت سبب للظاهرة اليت تليها‪،‬‬
‫لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر‪ ،‬سواء كانت سكانية‪ ،‬دميوغرافية‪ ،‬اجتماعية‪،‬‬
‫سياسية‪ ،‬اقتصادية أو ثقافية‪.‬‬
‫وال تكمن أمهية بن خلدون يف مؤلفه‪ ،‬كتاب العبر‪ ،‬وديوا المبتدأ والخبر‪ ،‬في أيام العرب‬
‫والعجم والبرور‪ ،‬ومن عاصرهم من ذوي السلسا األكبر‪ .‬بل يف املقدمة اليت وضعها مدخال هلذا‬
‫ليتزود املؤرخ مبعيار ميكنه على‬
‫الكتاب‪ ،‬اليت درس فيها طبيعة اجملتمعات وتطورها من حال إىل حال‪ ،‬ا‬
‫أساسه‪ ،‬التحقق من األحداث واحلكم عليها‪ .‬فابن خلدون يرى أ ان احلاضر يشبه املستقبل كما يشبه‬
‫املاء املاء‪ ،‬ومن مث فإ ان دراسة علم العمران (وهو دراسة احلاضر)‪ ،‬من شأنه أن يسلاط الضوء على التاريخ‬
‫يزود التاريخ علم االجتماع مبادته‪.‬‬
‫( دراسة املاضي)‪ ،‬مثلما ا‬
‫عرف بن خلدون علم االجتماع بأناه ما يعرض لطبيعة ذلك العمران من األحوال‪ ،‬مثل‬ ‫وقد ا‬
‫التوحش‪ ،‬التأنس‪ ،‬العصبيات‪ ،‬أصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض‪ ،‬وما ينشأ عن ذلك من‬
‫امللك والدول ومراتبه‪ ،‬وما ينتحله البشر باعماهلم ومساعيهم من الكسب واملعاش والعلوم والصنائع‪ ،‬وأثر‬
‫ما حيدث يف ذلك العمران بطبيعته من األحوال‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ا هاماته في علم االجتماع‪:‬‬


‫كان بن خلدون اأول من ح ادد بوضوح وطباق بعض املبادئ الرئيسية اليت ينبغي أن يرتكز عليها‬
‫علم االجتماع‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أ ان الظواهر االجتماعية ختضع لقوانني قد ال تكون من الثبات كتلك اليت حتكم الظواهر الطبيعية‪،‬‬
‫غري أ ان فيها من عناصر الثبات ما يسمح لألحداث االجتماعية أن تتواىل وفق أمناط منتضمة وحمددة‪.‬‬
‫‪ -2‬أ ان تلك القوانني تفعل فعلها يف اجلماعات وال تتأثر بصورة كبرية باألفراد واألحداث املنعزلة‪،‬‬
‫فمحاولة فرد واحد الصالح جمتمع أو دولة فاسدة‪ ،‬قلاما تصادف النجاح‪ ،‬أل ان جهود الفرد سرعان ما‬
‫يكتسحها التيار اجلارف العنيف‪ ،‬الذي متثله القوى االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬أ ان اكتشاف تلك القوانني ال ميكن أن يتحقق إالا بعد مجع عدد ضخم من احلقائق‪ ،‬ومالحظة ما‬
‫يقرتن هبا أو يليها من وقائع‪.‬‬
‫‪ -4‬إ ان منظومة القوانني االجتماعية الواحدة تصدق على اجملتمعات املتماثلة البنية‪ ،‬على الرغم من‬
‫تباعدها يف املكان والزمان‪.‬‬
‫‪ -5‬اجملتمعات ليست ساكنة بطبيعتها‪ ،‬أي أ ان األشكال االجتماعية عرضة للتغري والتطور‪ ،‬والعامل‬
‫الوحيد الذي يكون سببا للتغري‪ ،‬هو التماس واالتصال بني الشعوب والطبقات املختلفة‪.‬‬
‫‪ -6‬كل تلك القوانني اجتماعية يف طابعها‪ ،‬وليست نابعة من دوافع بيولوجية أو من عوامل بدنية‪.‬‬
‫ويرى أ ان اإلنسان ال يستطيع العيش مبعزل عن أبناء جنسه (االنسان اجتماعي بطبعه)‪ ،‬إذ إ ان‬
‫االجتماع اإلنساين ضروري‪ ،‬فاإلنسان مدين بالطبع‪ ،‬أي ال بد له من االجتماع الذي هو املدنية‪ ،‬وهو‬
‫معىن العمران‪.‬‬
‫وقد تعرض للعمران البشري على العموم‪ ،‬مبينا أثر البيئة يف الكائنات البشرية‪ ،‬وهو ما يدخل‬
‫تطرق ألنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم اإلنتاجية‪،‬‬
‫حاليا يف علم األنثروبولوجيا‪ .‬و ا‬
‫قائال‪ :‬إ ان اختالف األجيال يف أحواهلم إمنا هو باختالف حنلتهم يف املعاش‪ ،‬مبتدئا بالعمران البدوي‬
‫باعتباره أسلوب اإلنتاج األو الذي ال يرمي إىل الكثري‪ ،‬بل فقط حتقيق ما هو ضروري للحياة‪.‬‬
‫كما أ اكد أن الدعامة األساسية للحكم تكمن يف العصبية‪ ،‬والعصبية عنده أصبحت مقولة‬
‫اجتماعية‪ ،‬احتلت مكانة بارزة يف مقدمته‪ ،‬حىت اعتربها العديد من املؤرخني مقولة خلدونية ريتة‪ .‬فقد‬
‫ربط كل األحداث اهلامة والتغيريات اجلذرية اليت تطرأ على العمران البدوي أو العمران احلضري بوجود أو‬
‫‪21‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫فقدان العصبية‪ .‬كما أهنا يف رأيه ا ور األساسي يف حياة الدول واملمالك‪ ،‬مبينا أ ان العصبية نزعة طبيعية‬
‫يف البشر مذ كانوا‪ ،‬ذلك أهنا تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوهتا أو ضعفها على درجة قرب‬
‫النسب أو بعده‪ .‬مث يتجاوز نطاق القرابة الضيقة املتمثلة يف العائلة‪ ،‬ويبني أن درجة النسب قد تكون يف‬
‫الوالء للقبيلة وهي العصبية القبلية‪ .‬أما إذا أصبح النسب جمهوال غامضا ومل يعد واضحا يف أذهان الناس‪،‬‬
‫فإن العصبية تضيع وختتفي هي أيضا‪ ،‬مبعىن أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة اليت حتمل‬
‫هذه العصبية‪ ،‬فال منفعة فيه حينئذ‪ .‬هذا وال ميكن للنسب أن خيتفي وخيتلط يف العمران البدوي‪ ،‬ذلك‬
‫أ ان قساوة احلياة يف البادية جتعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش‪ ،‬رييث ال تطمح األمم يف االختالط‬
‫هبا ومشاركتها يف طريقة عيشها‪ ،‬وبذلك حيافظ البدو على نقاوة أنساهبم‪ ،‬ومن مث على عصبيتهم‪،‬‬
‫فالصريح من النسب إمنا يوجد للمتوحشني يف القفر‪ ،‬اأما إذا تطورت حياهتم وأصبحوا يف رغد العيش‬
‫بانضمامهم إىل األرياف واملدن‪ ،‬فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة االختالط ويفقدون بذلك‬
‫عصبيتهم‪ .‬وهكذا خلص للقول إىل أ ان العصبية تكون يف العمران البدوي وتفقد يف العمران احلضري‪.‬‬
‫ويرى بن خلدون أن اجملتمع يولد كما يولد الفرد‪ ،‬ومير كما مير الكائن احلي بطور الطفولة‬
‫(النشأة‪ ،‬التكوين) والشباب والنضج‪ ،‬مث مرحلة الشيخوخة (اهلرم)‪ .‬وإن كانت اجملتمعات ختضع بالضرورة‬
‫هلذه األدوار‪ ،‬إالا أ ان املدة اليت تتطلبها كل مرحلة ختتلف عن األخرى‪ .‬وتقسيم بن خلدون هذا كان على‬
‫أساس اجتماعي‪ ،‬من مشاهدته للمجتمع اإلسالمي‪ ،‬حيث اعترب مرحلة النشأة والتكوين يف جسم‬
‫االنسان يقابلها املرحلة القبلية يف اجملتمع‪ ،‬تلك املرحلة تقوم على العصبية والفضيلة والدعوة الدينية‪،‬‬
‫التحضر يف اجملتمع‪ ،‬حيث السلطان واجملد‪ .‬ومرحلة الرجولة‬‫ا‬ ‫ومرحلة النضج عند االنسان تقابلها مرحلة‬
‫عند االنسان فتقابلها مرحلة امللك يف اجملتمع‪ ،‬حيث الركون للسكون واالستمتاع بثمرة احلضارة‪ .‬اأما‬
‫مرحلة الشيخوخة يف جسم االنسان‪ ،‬فتقابلها مرحلة اهلرم يف اجملتمع‪ ،‬حيث يتطرق الفساد إىل النواحي‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬األخالقية‪ ،‬الدينية‪ ،‬وإذا كانت الشيخوخة عند االنسان تنتهي مبوته‪ ،‬فإ ان اهلرم‬
‫يف اجملتمع أيضا ينتهي مبوته‪ .‬والشكل املوا يوضح تلك املراحل‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬املراحل اليت متر هبا الدول حسب بن خلدون‪.‬‬

‫تعزيز السلسة‬ ‫قائد مدعوم‬


‫وعصبية شديدة‬
‫تنمية االقتصاد‬

‫هيمنة السيا ة‬ ‫توطيد السلسة‬

‫زيادة الضرائب‬

‫ا تسالم السلسة‬
‫تبذير المال العام‬ ‫تندر االوتكارات‬ ‫وحاشيتها للرغبات‬
‫رواج وازدهار‬
‫وارضاء الذات‬

‫نهضة العمارة‬
‫والرخاء‬

‫وروز قائد جديد‬ ‫ضعف السلسة‬ ‫خط الشعب‬ ‫زيادة الضرائب‬


‫مدعوم وعصبية‬
‫جديدة‬
‫فائدة‪:‬‬
‫قين ين ينينال بين ين ينينن خلين ين ينيندون " إذا نين ين ينينزل اهلين ين ينينرم بالدولين ين ينينة‪ ،‬فإنينا ين ينينه ال يرتفين ين ينينع"‪ ،‬ومين ين ينينن مثا ف ين ينينال جين ين ينيندوى مين ين ينينن‬
‫اإلصالح االجتماعي‪.‬‬

‫ويرى أ ان املعرفة تتحقق عن طريق االستقراء الفطري‪ ،‬الذي هو يف حقيقته استقراء علمي تنقصه‬
‫التجارب املعملية ووسائل البحث احلديثة‪ ،‬اليت استعان هبا بن خلدون‪ .‬كما أ اكد على تأثري البيئة‬
‫اجلغرافية على احلياة االجتماعية فهي تشكل نوع اجملتمع ونوع احلرفة‪ ،‬هل هي زراعية أم صناعية أو صيد‬
‫أو جتارة‪ ،‬بل وتؤثر على أخالق الناس وطباعهم وبيوهتم وأزيائهم‪ ،‬مثل الشرق العرض أحسن مناطق‬

‫‪23‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫العامل‪ ،‬ألنه معتدل بني احلرارة الزائدة يف اجلنوب والربد الشديد يف الشمال‪ ،‬أما األقاليم غري املعتدلة‬
‫فأهلها غري معتدلني يف أحواهلم‪.‬‬

‫االسين ينينتقراء‪ :‬تتبين ينينع األح ين ينينداث الين ينينيت تش ين ينينمل علين ينينى جزئي ين ينينات للوصين ينينول إىل نتيج ين ينينة كليين ينينة‪ ،‬عوض ين ينينا‬
‫ع ين ينينن احل ين ينينس واس ين ينينتخدام املنط ين ينينق‪ .‬وخط ين ين ينوات امل ين ينيننهج االس ين ينينتقرائي الفط ين ينينري تب ين ينيندأ م ين ينينن املعرف ين ينينة‬
‫التجريبي ين ينينة إىل حماول ين ينينة تطبيقه ين ينينا والتحق ين ينينق م ين ينينن ص ين ينيندقها‪ ،‬ع ين ينينن طري ين ينينق إخض ين ينيناع تل ين ين ينك املعرف ين ينينة‬
‫للواقع الذي هو ا ك األساسي يف صدقها أو كذهبا‪.‬‬

‫شذرات من كالم ون خلدو ‪:‬‬

‫الطغاة جيلبون الغزاة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫دمر‪.‬‬‫عمر والظلم إذا دام ا‬ ‫العدل إذا دام ا‬ ‫‪-‬‬
‫الظلم مؤذن خبراب العمران‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االس ين ينينتبداد يقل ين ينينب م ين ين ينوازين األخ ين ينينالق‪ ،‬فيجع ين ينينل م ين ينينن الفض ين ينينائل رذائ ين ينينل وم ين ينينن الرذائ ين ينينل‬ ‫‪-‬‬
‫فضائل‪.‬‬
‫دخ ين ين ينينول احلكين ين ين ينينام واألم ين ين ين ينراء للسين ين ين ينينوق والتجين ين ين ينينارة والفالحين ين ين ينينة مضين ين ين ينينرة عاجلين ين ين ينينة للرعايين ين ين ينينا‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫وفساد اجلباية ونقص للعمارة‪.‬‬
‫عم الفساد يف الدولة فإ ان أوىل عالمات االصالح هي الفوضى‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫إذا ا‬
‫الشعوب املقهورة تسوء أخالقها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫‪:Auguste Comte‬‬ ‫ثاني ا‪ ،‬أوغست كونت (‪1857-1798‬‬

‫ولد أوجست كونت يف مون بوليه‪ ،‬يف ‪ 19‬جانفي ‪ 1798‬بفرنسا‪ ،‬ومل يتلقى كونت تعليما جامعيا مع‬
‫أناه عاش يف أسرة ميسورة‪ .‬وكان لذلك تأثري سليب على مهنته فيما بعد‪ ،‬كمدرس‪ .‬ويف عام ‪ 1817‬أصبح‬
‫كونت سكرتريا وابنا بالتبين لكلود هنري سان سيمون (الفيلسوف) الذي يكرب كونت بأربعني عاما‪ .‬وقد‬
‫عمال معا لسنوات عديدة‪ ،‬لكن حدت شقاق بينهما‪ ،‬العتقاد كونت بأن سان سيمون مل يق ادر إسهامه‬
‫التقدير املناسب‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وقد كتب كونت فيما بعد عن عالقته بسان سيمون يصفها بأهنا "قصة دامية يف أيام شباض األوىل‬
‫مع حمتال فاسق" وعلى الرغم من عداء كونت فيما بعد مع سان سيمون‪ ،‬فإنه أشاد بفضله العظيم عليه‬
‫حيت كتب يقول‪" :‬من املؤكد أنين أدين فكريا لسان سيمون بالفضل العظيم… فقد أسهم إسهاما قويا‬
‫يف األخذ بيدي إىل االجتاه الفلسفي الذي بلورته اليوم بوضوح‪ ،‬وسوف أنتهجه طيلة حيايت بال تردد"‪.‬‬
‫وعلى الرغم من جناحه الفكري‪ ،‬حيث كان الفيلسوف الفرنسي يلقي حماضراته يف جامعات‬
‫عتلفة‪ ،‬إالا أ ان حياته عرفت سلسلة من اإلحباطات والفشل‪ ،‬فقد أصيب مبرض عقلي ملدة معينة‪،‬‬
‫وحاول االنتحار مرات عدة‪ ،‬وعاش يف عوز وضيق مادي ملراحل متقطعة من حياته‪ ،‬حىت أن "ستيوارت‬
‫مل" رتاب له معاشا‪ ،‬ليستطيع مواصلة ريوثه‪ .‬وقد نتج عن الالاستقرار النفسي الذي عاشه كونت وقوعه‬
‫يف "حب سيدة مل تبادله أي شعور"‪ ،‬فعادت أزمته العصبية‪ ،‬وتوجه إىل التفكري الصويف‪ ،‬وصارت حمبوبته‬
‫رمزا لإلنسانية‪ ،‬فكان يصلي هلا‪ ،‬وكانت شيطانه الذي أوحى إليه كتابه الثاين "مذهب يف السياسة‬
‫الوضعية" (‪ )1851-1854‬والتعليم الديين" التعليم الديين الوضعي" (‪.)1852‬‬
‫ا هاماته في علم االجتماع‬
‫ليس بوسع شخص مبفرده بطبيعة احلال أن يأسس جملال دراسي مبفرده‪ ،‬وقد أسهم عدد من‬
‫الباحثني يف بواكري التفكري االجتماعي‪ ،‬غري أ ان االولوية تعطى لكونت‪ ،‬إن مل يكن لشيء فلكونه ابتكر‬
‫للعلم اجلديد إمسا (علم االجتماع سوسيولوجي)‪ ،‬ومساى كونت هذا املوضوع اأول األمر الفيزياء‬
‫االجتماعية‪ ،‬إاال أ ان منافسيه كانوا يستخدمون هذا االصطالح يف ذلك الوقت‪.‬‬
‫وقد حاول كونت أن مييز آراءه عن مفاهيمهم فنحت مصطلح علم االجتماع‪ ،‬فمن اللغة‬
‫الالتينية استمد مفردة ‪ socio‬اليت تعين اجملتمع‪ ،‬ومن اللغة اإلغريقية مفردة ‪ logos‬أي العلم‪ .‬فكان علم‬
‫االجتماع‪ :‬علم اجملتمع أو علم دراسة اجملتمع‪ .‬أوغست كونت يعد أيضا من أوائل من قال بإمكانية‬
‫واحلاجة خللق علم اجتماعي جديد‪.‬‬
‫لقد كان تفكري كونت انعكاسا لألحداث املضطربة اليت متيز هبا عصره‪ ،‬فقد أدخلت الثورة‬
‫تغريات مهمة على اجملتمع‪ ،‬وكان التصنيع املتنامي قد بدأ بتعديل أساليب احلياة التقليدية‬ ‫الفرنسية ا‬
‫للفرنسيني‪ .‬ومن هنا سعى كونت إىل وضع علم جديد للمجتمع‪ ،‬لتفسري القوانني اليت تنظم حياة العامل‬
‫االجتماعي‪ .‬فبالنسبة لكونت علم االجتماع ميثل العلم الذي خيتم تطور ومسار العلوم الوضعية‪ .‬هذا‬
‫العلم اجلديد برأيه ينقسم إىل حقلني كبريين للدراسة‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -1‬الستاتيكا االجتماعية (الثبات االجتماعي)‪ :‬دراسة حمددات وعوامل النظام و التماسك االجتماعي‪.‬‬
‫وصل يف حتليله االستاتيكي إىل أ ان اجملتمع يتكون من ثالثة وحدات أو عناصر أساسية‪ ،‬هي‪ :‬الفرد‬ ‫ولقد ت ا‬
‫واألسرة والدولة‪ ،‬غري أن الفرد ال يعترب عنصرا اجتماعيا‪ ،‬فالقوة االجتماعية مستمدة يف حقيقتها من‬
‫تضامن األفراد واحتادهم ومشاركتهم يف العمل وتوزيع الوظائف فيما بينهم‪ ،‬أما القوة الفردية اخلالصة فال‬
‫تبدو إال يف قوته الطبيعية‪ ،‬لكن ليست هلذه القوة أية قيمة إذا كان الفرد وحيدا أعزل من األساليب‬
‫والوسائل اليت تذلل له متاعب احلياة‪ .‬وال قيمة كذلك لقوة الفرد العقلية واألخالقية‪ ،‬فاألوىل ال تظهر إال‬
‫مبشاركة غريها من القوى واحتادها ببعضها‪ ،‬والثانية يف نظره وليدة الضمري اجلمعي والتضامن األخالقي يف‬
‫اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬الديناميكا االجتماعية (التغري االجتماعي)‪ :‬دراسة تطور اإلنسانية والقوانني اليت تسري منو اجملتمع‬
‫اإلنساين وحتكم تغريه‪ .‬وقد انصب على دراسة الديناميكا االجتماعية ريديثه عن قانون املراحل الثالث‪.‬‬
‫فريى كونت أن الفكر البشري قد مر خالل تطوره التارخيي رياالت ثالث‪ :‬املرحلة الالهوتية اليت تعلل‬
‫األشياء والظواهر بكائنات وقوى غيبية‪ ،‬واملرحلة امليتافيزيقية اليت تعتمد على اإلدراك اجملرد‪ ،‬واملرحلة‬
‫الوضعية اليت يتوقف فيها الفكر عن تعليل الظواهر بالرجوع إىل املبادئ األوىل‪ ،‬ويكتفي باكتشاف قوانني‬
‫عالقات األشياء عن طريق املالحظة والتجربة احلسية‪ .‬ويعترب كونت أ ان العلم الذي يتفق مع املرحلة‬
‫الوضعية‪ ،‬ويساعد على فهم اإلنسان‪ ،‬ويستوعب مجيع العلوم اليت سبقته‪ ،‬هو علم االجتماع‪.‬‬

‫ق ـ ــانو المراح ـ ــل ال ـ ــثال ‪ :‬ي ين ينينزعم كون ين ينينت أ ان املس ين ينينعى البش ين ينينري لفه ين ينينم الع ين ينينامل ق ين ينيند م ين ين اينر بثالث ين ينينة‬
‫أطوار‪:‬‬
‫‪ -‬املرحل ين ينينة الالهوتي ين ينينة‪ :‬ك ين ينان الفك ين ينينر االنس ين ينيناين مس ين ين اينريا باألفك ين ينينار الديني ين ينينة‪ ،‬واالعتق ين ينيناد أ ان اجملتم ين ينينع‬
‫ما هو إالا تعبري عن إرادة اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬املرحل ين ينينة امليافيزيقي ين ينينة‪ :‬تصين ين ين ادرت الفك ين ينينر البش ين ينينري يف عص ين ينينر النهض ين ينينة‪ ،‬فين ين ينالقوى ف ين ينينوق الطبيعي ين ينينة‬
‫عوضين ين ينينت بأفك ين ين ينينار وتص ين ين ينينورات جمين ين ينينردة‪ ،‬وب ين ين ينيندأ الن ين ين ينيناس ينظين ين ينينرون للمجتم ين ين ينينع يف اط ين ين ينيناره الطبيع ين ين ينيني‪،‬‬
‫مثل‪ :‬احلرية‪ ،‬املساواة‪ ،‬العقل‪ ،‬الفرد‪.‬‬
‫‪ -‬املرحل ين ينينة الوض ين ينينعية‪ :‬مييزه ين ينينا البح ين ينينث ع ين ينينن القين ين ينوانني ال ين ينينيت حتك ين ينينم الظين ين ينواهر باس ين ينينتعمال التفك ين ينينري‬
‫العقلين ين ين ينيني والتجريين ين ين ينينب‪ .‬هين ين ين ينينذه املرحلين ين ين ينينة ميزهتين ين ين ينينا االكتشين ين ين ينينافات واالخرتاعين ين ين ينينات العلميين ين ين ينينة (نيين ين ين ينينوتن‪،‬‬
‫كوبرنيك‪ ،‬غاليلي‪.)...‬‬
‫‪26‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويعد كونت مؤسس " الفلسفة الوضعية"‪ ،‬فحسب رأيه‪ ،‬كل اكتساب للمعرفة جيب أن يتحقق‬
‫انطالقا من مالحظة للواقع ليتم فيما بعد صياغة مقوالت نظرية‪ .‬مالحظة الواقع جيب أن تسبق كل‬
‫اقرتاح نظري‪ .‬ليعارض بذلك أولئك الذين يضعون مقدمات نظرية دون مطابقتها للواقع‪ .‬حسب كونت‬
‫علم االجتماع عليه التحلي هبذا الطابع الوضعي والعلمي‪ ،‬عليه أن يكون قبل كل شيء علم مالحظة‪،‬‬
‫عليه أن يطبق نفس املنهجيات العلمية الصارمة اليت تطبقها العلوم الطبيعية‪ ،‬كالفيزياء أو الكيمياء‪.‬‬
‫ويرى كونت أناه إذا كانت الغاية هي تنظيم اجملتمعات احلديثة على قاعدة العلم‪ ،‬فإن علم‬
‫االجتماع هو الذي يسهم يف ذلك‪ ،‬ألنه علم كلي‪ ،‬يدرس اجملتمع يف مجيع مظاهره ومقوماته‪ .‬واحلقيقة‬
‫الوضعية تنطلق من إعطاء األولوية للكل على اجلزء ألن الوحدة هي النمط الطبيعي للوجود اإلنساين‪،‬‬
‫وإ ان كل جزء من النظام االجتماعي يؤثر على غريه من األجزاء‪ .‬وأ ان هناك حالة من الرتابط بني النظام‬
‫السياسي واملؤسسات السياسية واحلالة العامة للحضارة‪ .‬هلذا فإن كونت خيضع السياسة لألخالق‪،‬‬
‫فاألخالق الوضعية تقوم على تقدمي االجتماعي على الفردي‪ ،‬أي على انتصار اإلنسانية ودمج الفرد يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬فال شيء أكثر غرابة على فكر كونت من احلقوق الفردية‪.‬‬

‫ق ين ينينال كون ين ينينت‪" :‬إن الوض ين ينينعية ال تق ين ينينر حق ين ينينا آخ ين ينينر غ ين ينينري ح ين ينينق القي ين ينينام بالواج ين ينينب وال تق ين ينينر واجب ين ينينا‬
‫غ ينينري واجب ينينات الك ينينل جت ينيناه الك ينينل‪ ،‬ألهن ينينا تنطل ينينق دائم ينينا م ينينن وجه ينينة نظ ينينر اجتماعي ينينة وال ميك ينينن‬
‫هل ين ينينا أن تقب ين ينينل مبفه ين ينينوم احل ين ينينق الف ين ينينردي‪ .‬فك ين ينينل ح ين ينينق ف ين ينينردي هين ين ينينو عبث ين ينيني بق ين ينيندر م ين ينينا ه ين ينينو غ ين ينينري‬
‫أخالقي"‪.‬‬
‫ويؤكد كونت على أناه يوجد بني الفرد واإلنسانية مجاعات وسيطة‪ ،‬هي األسرة والوطن‪ ،‬ويعطي‬
‫أمهية كبرية لألسرة‪ ،‬واملرأة على وجه اخلصو ‪ ،‬يف التنشئة األخالقية‪ .‬فاألسرة هي الوسيط بني الفرد‬
‫والوطن‪ ،‬والوطن هو مهزة الوصل بني األسرة واإلنسانية‪ .‬إالا أ ان فكر كونت ال يدعو إىل املساواة على‬
‫الصعيد السياسي‪ ،‬بل إناه يؤمن بدور النخب ويقيم متييزا حادا بني اجلماهري واالختصاصيني واحلكام‪،‬‬
‫وينيط أمر حتديد األهداف والوسائل باملختصني بالعلوم السياسية وحدهم‪ ،‬إذ يقول "اجلماهري تطلب‬
‫والصحافيون يقرتحون واحلكام ينفذون‪ ،‬وما مل تكن هذه الوظائف متميزة‪ ،‬فإ ان االلتباس والتعسف‬
‫سيسودان اجملتمع إىل درجة كبرية"‪ .‬وهكذا فإ ان غاية السياسة عند كونت هي أن يصبح كل مواطن‬
‫موظفا اجتماعيا خاضعا للسلطة بصورة تامة‪ .‬والسياسة الوضعية تلتمس الطاعة الكاملة‪ ،‬فالنظام فيها‬
‫ينتصر على التقدم‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪:Emile Durkneim‬‬ ‫(‪1917-1858‬‬ ‫ثالثا‪ ،‬إميل دوركايم‬


‫ولد إميل دوركامي سنة ‪ 1858‬مبدينة إبينال بفرنسا‪ ،‬حيث نشأ يف عائلة من احلاخامني‪ .‬وكينان تلميينذا‬
‫بارعينينا ومينينا لبينينث أن التحينينق بينينمدرسة األسينيناتذة العليينينا (مينينن أفضينينل مؤسسينينات التعلينينيم العينينا يف فرنسينينا) سينيننة‬
‫احتك ببعض شبان فرنسا الواعدين‪ ،‬من أمثال‪ :‬جان جينوريس وهنينري برغسينون‪ ،‬غينري أن األجينواء‬ ‫‪ ،1879‬ف ا‬
‫باملدرس ينينة مل تعجب ينينه‪ ،‬فالتج ينينأ إىل الكت ينينب ليتج ينيناوز الفلس ينينفة الس ينينطحية ال ينينيت ك ينينان ي ينيندين هب ينينا رفاق ينينه‪ .‬هك ينينذا‬
‫اكتشينينف أوغسينينت كونينينت الينينذي أثينينرت مؤلفاتينينه عليينينه تينينأثريا عميقينينا‪ ،‬فاسينينتقى منهينينا مشينينروع تك ينريس عل ينينم‬
‫االجتماع كعلم مستقل قائم بذاته‪ ،‬يهدف إىل كشف القواعد اليت ختضع هلا تطورات اجملتمع‪ .‬فنجد هلينذا‬
‫االهتمام صدى يف أعماله عن قواعد املنهج السوسيولوجي وعن االنتحار والرتبية‪ ،‬حيث تتجلى رغبته يف‬
‫أن يواجينينه املشينيناكل املختلفينينة مبنينيناهج خاصينينة ومينينن منظينينور اجتمينيناعي منين اينزه مينينن إشينينكاليات العلينينوم األخينينرى‬
‫(الفلسفة والتاريخ مثال) ومقارباهتا‪.‬‬
‫ا هاماته في علم االجتماع‪:‬‬
‫يف كتابه الشهري "قواعد املنهج يف علم االجتماع" الذي خصصه لدراسة الظواهر االجتماعية‪،‬‬
‫تعريفها وخواصها‪ ،‬وطرق مالحظتها وتفسريها ودراستها امجاال‪ .‬وىف تعريفه للظاهرة االجتماعية يقول أهنا‬
‫كل ضرب من السلوك ثابتا كان أم غري ثابت‪ ،‬ميكن أن يباشر نوعا من القهر اخلارجي على األفراد‪ ،‬أو‬
‫هو سلوك يعم اجملتمع بأسره‪ ،‬وكان ذو وجود خا مستقل عن الصور اليت يتشكل هبا يف احلاالت‬
‫الفردية‪.‬‬
‫ويرى بوجوب دراسة الظواهر االجتماعية على أهنا أشياء خارجة عن شعور األفراد‪ ،‬وقد دافع‬
‫عن هذا الرأي بقوله "إ ان الشيء يقابل الفكرة"‪ ،‬مبعىن أن معرفتنا له تأتى من اخلارج‪ ،‬على حني أن معرفتنا‬
‫بالفكرة تأتى من الداخل‪ .‬والشيء هو كل ما يصلح أن يكون مادة للمعرفة‪.‬‬
‫كما يعترب أن الظواهر االجتماعية توجد خارج الفرد‪ ،‬وتأتى إىل عقله كشيء خارجي‪ ،‬على‬
‫شكل قواعد خلقية أو دينية أو قانونية أو منطقية‪ .‬وملا كانت تأتى وتصحبها عادة قوة ملزمة أو قهرية‪،‬‬
‫فإ ان هذا يساعدها على أن تفرض نفسها على الفرد‪ ،‬بصرف النظر عن رغباته الفردية‪ .‬وهذا ما دعا‬
‫دوركامي إىل أن يؤمن بوجود العقل اجلمعي واملشاهدة اجلماعية كأشياء مستقلة‪ ،‬ختتلف عن العقل الفردي‬
‫واملشاهدة الفردية والظواهر النفسية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويف كتابه تقسيم العمل االجتماعي‪ ،‬الذي اصدره سنة ‪ ،1893‬حلال التضامن االجتماعي من‬
‫حيث أسبابه وأشكاله وآثاره‪ .‬وقد ااختذ دوركامي يف اجلزء األول من تقسيم العمل معامال للتغيري‪ ،‬وحاول أن‬
‫يربط بينه وبني الظواهر االجتماعية والنفسية‪ ،‬اليت تتغري نتيجة للتغري الذي يطرأ على تقسيم العمل‪ .‬وميكن‬
‫تلخيص أهم ما انتهى إليه دوركامي يف هذا الشأن فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تقسيم العمل إذا كان ضئيال‪ ،‬كان لذلك أثره على تصرفات ونفسية اإلنسان‪ ،‬فاألفراد يكونون متشاهبني‬
‫يف النواحي النفسية واخللقية واالجتماعية‪ ،‬وحيث تكون عقائدهم وأراءهم وتصرفاهتم متشاهبة‪ ،‬كما‬
‫تسود بينهم تقاليد واحدة وينعدم بينهم عنصر الفردية‪ ،‬أما إذا ازداد تقسيم العمل اختفى تبعا لذلك‬
‫تشاهبهم النفسي واخللقي‪ ،‬كما يزداد شعورهم بفرديتهم وختتلف أذواقهم وعقائدهم وأراءهم‪ ،‬كل هذا‬
‫نتيجة للتخصص الذي يأيت عن طريق التوسع يف تقسيم العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬يكون للجرمية وقع كبري على اجلماعة يف املرحلة األوىل‪ ،‬وعلى ذلك يكون مرتكبها ومجاعته مسئولني‬
‫مجيعا عنها‪ ،‬ويناهلم مجيعا العقاب‪ .‬اأما إذا ازداد تقسيم العمل أصبحت اجلرمية فردية‪ ،‬ويعاقب عليها‬
‫مرتكبها فقط‪.‬‬
‫‪ -3‬يكون التضامن بني األفراد يف املرحلة األوىل على أساس ميكانيكي (آ )‪ ،‬يقوم على أساس التشابه بني‬
‫األفراد‪ ،‬حيث تكون الرابطة بينهم ناجتة عن احتادهم يف الرأي العام‪ ،‬نتيجة للتشابه العقلي واخللقي‬
‫بينهم‪ ،‬مث تتغري هذه الرابطة اليت توحد بينهم يف املرحلة الثانية‪ ،‬وهي مرحلة تقسيم العمل‪ .‬ألن تقسيم‬
‫العمل هو نفسه الذي يشعرهم رياجتهم إىل بعضهم البعض‪ ،‬وبأهنم ال يستطيعون احلياة بدون تعاوهنم‪،‬‬
‫وبذلك حيل التضامن العضوي حمل التضامن امليكانيكي‪.‬‬
‫‪ -4‬يقوم التنظيم االقتصادي يف املرحلة األوىل على أساس امللكية اجلماعية‪ ،‬بينما تظهر امللكية الفردية‪،‬‬
‫والفردية االقتصادية والتعاون التعاقدي‪ ،‬واحلرية يف اختيار احلرف‪ ،‬واهنيار األوضاع االقتصادية الوراثية‪،‬‬
‫وظهور املواهب والقدرات اخلاصة‪ ،‬تأيت كل هذه األوضاع نتيجة تقسيم العمل‪.‬‬
‫‪ -5‬تشرتك اجلماعة كلها يف معاجلة أمورها السياسية والقضائية واالجتماعية يف املرحلة السابقة لتقسيم‬
‫العمل‪ ،‬بينما يتغري األمر بعد ذلك بظهور التخصص الوظيفي السياسي‪ ،‬وظهور التنظيم التعاقدي بني‬
‫احلكومة واألفراد‪ .‬وهكذا ينتهي دوركامي إىل أن هناك تأثريا مباشرا لتقسيم العمل‪ ،‬كعامل اجتماعي على‬
‫اجلوانب املختلفة للحياة االجتماعية النفسية‪ ،‬وهي نتيجة توضح لنا كيف أ ان دوركامي هبذه الدراسة كان‬
‫متأثرا مببدأ خضوع الظواهر النفسية للظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويف ريثه عن االنتحار‪ ،‬الذي ظهر هبذا العنوان يف سنة ‪ ،1887‬رأي فيه أ ان ظاهرة االنتحار ال‬
‫ميكن ارجاعها إىل عوامل نفسية مرضية‪ ،‬أو إىل عامل اجلنس أو الوراثة أو التقليد‪ .‬كما ال ميكن إرجاعها‬
‫إىل العوامل اجلغرافية أو الشعور بالفقر أو الفشل يف احلب أو إىل أي دافع شخصي آخر‪ .‬ذلك ألن‬
‫التحليل الدقيق للبيانات اإلحصائية يناقض كل هذه الفروض‪( ،‬استغرقت دراسة هذه الناحية اجلزء األول‬
‫من كتابه عن االنتحار)‪ .‬وقد ميز دوركامي بني ثالثة أشكال رئيسية لالنتحار‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬انتحار بسبب الشعور بالفردية‪ ،‬وحيدث عندما يشعر الفرد بعزلته اجتماعيا‪ ،‬بعد أن تنعدم الروابط اليت‬
‫تربطه باجلماعة‪ ،‬وقد وجد دوركامي على األساس السابق أن نسبة العزب واملطلقني أكرب منها بني‬
‫املتزوجني‪ ،‬ألن الروابط األسرية تقلال من عزلة املتزوجني‪ ،‬وأن نسبة االنتحار ختتلف بني اجلماعات‬
‫باختالف األديان‪ ،‬وذلك حسب أمهية الروابط األسرية يف نظر األديان املختلفة‪( .‬نسبة االنتحار بني‬
‫الكاثوليكيني أقل منها بني الربوتستانت‪ ،‬وأقل منها بني الالادينني)‪.‬‬
‫‪ -2‬انتحار بسبب الشعور باإليثار‪ ،‬ويأيت نتيجة شعور الفرد بالواجب حنو اجملتمع الذي ينتمي إليه‪ ،‬لدرجة‬
‫التضحية بنفسه من أجله‪ ،‬يف أي وقت يطلب إليه فيه ذلك‪ ،‬أو إذ رأى أن احلاجة تتطلب ذلك‪ ،‬أو‬
‫عندما يشعر الفرد بأنه قد قام بعمل فيه خزي للمجموع‪ ،‬واجملتمع هنا هو الذي يدفع الفرد إىل االنتحار‬
‫(انتحار القائد يف بعض البالد عندما خيسر إحدى املعارك كما هو احلال يف اليابان)‪.‬‬
‫‪ -3‬انتحار بسبب التغري املفاجئ أو غري املنتظم‪ ،‬ومتثله حوادث االنتحار اليت توجد باجملتمع نتيجة‬
‫لالختالل يف التوازن االجتماعي للمجتمع‪ ،‬وقد مثل دوركامي لذلك باألزمات االقتصادية اليت حدثت يف‬
‫فيينا سنة ‪ ،1873‬ويف باريس سنة ‪ ،1882‬وقد قارن بني نسبة االنتحار قبل وبعد هاتني األزمتني‪ ،‬ووجد أن‬
‫النسبة قد ارتفعت بسببها‪.‬‬
‫وينتهي دوركامي من دراسته إ أن منحين االنتحار ال ميكن أن يتأثر إال اجتماعيا‪ ،‬فالدستور اخللقي يف‬
‫اجملتمع يف وقت معني‪ ،‬هو الذي حيدد عدد حوادث االنتحار‪ ،‬فلكل جمتمع قواه اجلمعية اليت تدفع األفراد إ‬
‫قتل أنفسهم‪ ،‬وهذه الدوافع وإن كانت تبدو صادرة عن املزاج الفردي‪ ،‬إال أهنا يف الواقع تصدر نتيجة لدوافع‬
‫خارجية مالزمة للدستور االجتماعي‪ ،‬وال ميكن أن تكون العكس‪ .‬وهكذا يرجع دوركامي كل أشكال االنتحار‬
‫اليت أظهرت ريثه إىل أسباب اجتماعية‪ ،‬وهذا يربز اجتاهه االجتماعي يف تفسري الظواهر االجتماعية‪ ،‬وهو‬
‫نفس االجتاه الذي ملسناه يف ريثه عن تقسيم العمل‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وقد انتقد دوركامي التعريف العام للدين على أنه االعتقاد يف اهلل‪ ،‬يف القوى فوق الطبيعية‪ ،‬ولكنه يرى أن‬
‫الدين يضم جمموعة من املعتقدات أو املمارسات يف نسق شامل حيقق القداسة لألشياء ا رمة‪ .‬وتوجد هذه‬
‫املعتقدات بني األفراد واجلماعات‪ ،‬حيث ميكن أن ختلق جمتمعا أخالقيا تنقسم فيه االشياء إىل جمموعتني‬
‫عتلفتني‪ ،‬مها العلماين واملقدس‪ ،‬ويرى دوركامي أن الوظيفة األساسية للدين‪ ،‬هي خلق وتدعيم التضامن‬
‫االجتماعي‪ ،‬وينتهي إىل أن التصورات الدينية تعد ضرورات مجعية تعرب عن احلقائق اجلمعية‪ ،‬والطقوس هي‬
‫طريقة للسلوك‪.‬‬
‫‪: Maximilian Carl Emil Weber‬‬ ‫(‪1920– 1864‬‬ ‫راوع ا‪ ،‬ماكسيميليا كارل إميل فيبر‬
‫ولد ماكس فيرب يف الثاين والعشرين من شهر أفريل عام ‪ 1864‬يف مدينة إيرفورت (والية تورينغن) وترعرع‬
‫يف عائلة حمافظة‪ ،‬وبعد أن أهنى دراسته‪ ،‬التحق جبامعات عديدة يف برلني وهايدلربت‪ ،‬ودرس علوم احلقوق‬
‫والفلسفة والتاريخ واالقتصاد القومي‪ .‬وعند بلوغه سن الثالثني دعي فيرب للعمل كربوفسور يف كلية االقتصاد‬
‫القومي يف جامعة فرايبورت (جنوب أملانيا)‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬انتقل اىل جامعة هايدلربت‪ .‬ولكنه بعد انتقاله اىل هذه‬
‫اجلامعة العريقة‪ ،‬أصيب مبرض نفسي أجربه على مزاولة عمله على مدى سبع سنوات بشكل متقطع‪.‬‬
‫وكان عام ‪ 1904‬مبثابة والدة جديدة لفيرب‪ ،‬فقد بدأ من جديد بنشر أعمال كان أمهية كبرية يف جمال علوم‬
‫االجتماع والفلسفة واالقتصاد‪ .‬ويف عام ‪ 1909‬شارك فيرب يف تأسيس اجلمعية األملانية لعلوم االجتماع‪ .‬ومن مث‬
‫بدأ فيرب عام ‪ 1913‬بكتابة أحد أهم أعماله‪ ،‬وهو "االقتصاد واجملتمع"‪ ،‬الذي نشر ألول مرة عام ‪ ،1922‬أي‬
‫بعد وفاته‪ .‬وبدأت تظهر اهتمامات فيرب باألمور السياسية الراهنة عام ‪ .1915‬هذا ويعترب فيرب أحد املؤسسني‬
‫للحزب الدميقراطي األملاين عام ‪ .1919‬ويف نفس العام كتب عملني مهمني مها‪ :‬العلم كمهنة والسياسة كمهنة‪،‬‬
‫األخالق الربوتستانتية وروح الرأمسالية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫فائدة‪:‬‬
‫ص ين ينينحيح أن رائ ين ينيند عل ين ينينم االجتم ين ينيناع ألا ين ينينف أعم ين ينيناال كث ين ينينرية‪ ،‬ولك ين ينينن أب ين ينينرز ه ين ينينذه األعم ين ينينال وأكثره ين ينينا‬
‫ت ين ينينأثريا يف الفكين ين ينينر االجتم ين ينيناعي كين ين ينينان كت ين ينيناب "األخين ين ينينالق الربوتس ين ينينتانتية وروح الرأمساليين ين ينينة" وريسين ين ينينب‬
‫امل ينينؤرخني‪ ،‬ف ينينإن ه ينينذا الكت ينيناب ك ينينان قين ينراءة ل ينيندور الق ينينيم الديني ينينة يف ظه ينينور ق ينينيم وأخ ينينالق العم ينينل يف‬
‫اجملتمع ين ين ينينات الص ين ين ينينناعية اجلدي ين ين ينيندة‪ ،‬ال ين ين ينينيت كان ين ين ينينت أس ين ين ينيناس ظه ين ين ينينور النظ ين ين ينينام الرأمس ين ين ينينا ‪ .‬وت ين ين ينينأيت أمهي ين ين ينينة‬
‫دراس ين ين ين ينينات وأطروح ين ين ين ينينات في ين ين ين ينينرب م ين ين ين ينينن اهتمام ين ين ين ينينه منقط ين ين ين ينينع النظ ين ين ين ينينري بفلس ين ين ين ينينفة العل ين ين ين ينينوم االجتماعي ين ين ين ينينة‬
‫ومناهجه ين ين ينينا‪ .‬ويف ه ين ين ينينذا اخلص ين ين ينينو ‪ ،‬اس ين ين ينينتطاع تط ين ين ينينوير املف ين ين ينيناهيم واجلوان ين ين ينينب ال ين ين ينينيت أص ين ين ينينبحت بع ين ين ينيند‬
‫وفاتين ين ينينه مين ين ينينن ركين ين ينينائز علين ين ينينم االجتمين ين ينيناع احلين ين ينينديث‪ .‬ومين ين ينينن أهين ين ينينم املصين ين ينينطلحات الين ين ينينيت أثين ين ينينرى هبين ين ينينا علين ين ينينم‬
‫االجتم ين ينيناع‪ ،‬وتعت ين ينينرب جين ين ينينزء مهم ين ينينا من ين ينينه‪ ،‬ومرجع ين ينينا كب ين ين ينريا للمهتم ين ينينني هب ين ينينذا العلين ين ينينم اإلنس ين ينيناين‪ ،‬ه ين ينيني‪:‬‬
‫العقالنية‪ ،‬الكاريزما‪ ،‬الفهم‪ ،‬وأخالق العمل‪.‬‬

‫ا هاماته في علم االجتماع‬


‫عرف فيرب علم االجتماع بأنه ذلك العلم الذي حياول الوصول إىل فهم تفسري للفعل االجتماعي‬ ‫ا‬
‫من أجل التوصل إىل تفسري علمي جملري هذا الفعل وأثاره‪ .‬والفعل االجتماعي حسب تعريف ماكس‬
‫فيرب‪ ،‬والذي جيب أن يكون موضوع دراسة علم االجتماع هو أي سلوك يضفي عليه الفعل معين ذاتيا‪،‬‬
‫والفاعل حني يقوم هبذا الفعل االجتماعي‪ ،‬فإناه يضع سلوك اآلخرين دائما يف اعتباره‪ ،‬ويكون فعله‬
‫بالتا موجها حنو اآلخرين‪.‬‬
‫واعترب أ ان وحدة التحليل األساسية للمجتمع هي الشخص الفاعل‪ ،‬ويقول يف ذلك‪ :‬إ ان علم‬
‫االجتماع التفسريي يعترب الفرد وفعله هو الوحدة األساسية أو الذرة‪ ،‬فالفرد هو الشيء الوحيد الذي لديه‬
‫سلوك له معين‪ .‬أما املفهومات األخرى مثل الدولة أو الرابطة أو اإلقطاع‪ ،‬فإهنا تشري إىل فئات معينة من‬
‫التفاعل اإلنساين‪ .‬وعلى هذا فإ ان مهمة علم االجتماع هي اختزال مثل هذه املفهومات إىل فعل ميكن‬
‫فهمه‪ ،‬أي إىل أفعال األفراد املشرتكني يف النشاط‪ .‬وقد أقام فيرب نظريته على أساس التمييز بني أربعة‬
‫أمناط أساسية من الفعل االجتماعي‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الفعل العقالني الذي يرتبط وهدف ما‪ :‬يرتبط هبدف ما يتصف بأن الفاعل فيه يدرك بوضوح هدفا‬
‫معينا يريد حتقيقه وتكون لديه أساليب مناسبة لتحقيق هذا اهلدف‪ ،‬ومثال هذا النوع من الفعال‪ ،‬ما‬

‫‪32‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫يقوم به املهندس الذي يصمم بناء معينا أو الشخص املضارب يف سوق األوراق املالية‪ ،‬الذي يهدف إىل‬
‫حتقيق مكسب ما ‪ ،‬أو القائد احلرض الذي يريد أن حيقق نصرا ما‪ ،‬أفعال هؤالء مجيعا أمثلة على الفعال‬
‫العقالنية اليت ترتبط بتحقيق هدف معني‪.‬‬
‫‪ -2‬الفعل العقالني الذي يرتبط وقيمة ما‪ :‬ذلك الفعل الذي ال يهدف إىل حتقيق هدف خارجي‬
‫معني‪ ،‬بالنسبة للفرد‪ ،‬بقدر ما يهدف إىل التمسك بقيمة معينة هلا أمهية عظمي عند الفرد‪ .‬ومثال ذلك‬
‫الفعل ما يقرره قبطان السفينة من أالا يدعها تغرق وحدها‪ ،‬بل يغرق معها‪ ،‬أو حني يشرتك فرد ما يف‬
‫مبارزة يعلم أناه يقتل فيها‪.‬‬
‫‪ -3‬الفعل الوجداني أو العاطفي‪ :‬ذلك الفعل الذي ينجم عن حالة عاطفية أو نفسية مباشرة للفرد‪،‬‬
‫مثل ذلك حني تصفع األم ابنها ألنه أيت سلوكا شينا‪ ،‬أو حني يضرب أحد العيب الكرة زميال له يف‬
‫املباراة‪ ،‬هذه األفعال أفعاال وجدانية وليست أفعاال عقالنية‪ ،‬ألهنا ليست موجهة إىل هدف وال مرتبطة‬
‫بقيمة معينة‪ ،‬ولكنها عبارة عن ردود أفعال عاطفية للفاعل الذي جيد نفسه يف ظروف معينة‪.‬‬
‫‪ -4‬الفعل التقليدي‪ :‬ذلك الفعل الذي متليه التقاليد‪ ،‬والعادات اجلمعية واملعتقدات‪ ،‬والفاعل يف هذه‬
‫احلالة ال يأيت فعله من أجل حتقيق هدف ما‪ ،‬أو من أجل متسكه بقيمة معينة أو ألناه مثار انفعاليا‪ ،‬لكن‬
‫فعله يكون جمرد طاعة لفطرة مت له اكتساهبا من خالل عملية التطبع االجتماعي‪.‬‬

‫الفعل = سلوك ‪ +‬معىن لدى فاعله‪.‬‬


‫الفعل االجتماعي = فعل ‪ +‬تفاعل من أفراد آخرين‪.‬‬

‫النمط أو النموذج المثالي‪ :‬تعتمد كل نظرية ماكس فيرب على هذا التصنيف للفعل االجتماعي أو على‬
‫ذلك التنميط‪ ،‬والتنميط له أمهية خاصة يف نظرية ماكس فيرب‪ ،‬فقد رأى أناه لكي نستطيع حتليل الظواهر‬
‫االجتماعية‪ ،‬وفهم موضوع علم االجتماع‪ ،‬البد أن تكون لدينا أداة نقوم بالتحليل على أساسها‪ ،‬تسهل‬
‫لنا عملية املقارنة بني هذه الظواهر‪ .‬هذه األداة هي ما أمساه فيرب بالنماذج أو األمناط املثالية اخلالصة‪،‬‬
‫فاألربعة أنواع من األفعال االجتماعية اليت سبق احلديث عنها‪ ،‬متثل مناذج مثالية أو خالصة للفعل‬
‫االجتماعي‪ ،‬مبعين أهنا ال توجد يف الواقع هبذه الكيفية‪ ،‬ولكنها جمرد تصورات عقلية مستمدة من الواقع‬
‫فعال‪ ،‬لكنها ال توجد فيه هبذه الكيفية‪ .‬وقد انطلق فيرب بعد تصنيفه للفعل االجتماعي إىل تصنيف كافة‬

‫‪33‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫الظواهر يف اجملال االجتماعي‪ ،‬فقد صنف بناء على ذلك‪ ،‬مثال أمناط السلطة‪ ،‬أو السيطرة إىل سلطة‬
‫عقالنية وسلطة تقليدية وسلطة كاريزماتية‪.‬‬
‫وقد كان تصنيفه للمجتمعات‪ ،‬وكذلك تصوره ملراحل التطور التارخيي للمجتمعات الغربية‪ ،‬قد‬
‫اعتمد أيضا على تصنيفه للفعل االجتماعي‪ ،‬فالصفة الرئيسية للعامل الذي عاش فيه ماكس فيرب كما‬
‫يقول‪ ،‬هي صفة العقالنية أو الفعال العقالنية اليت ترتبط بتحقيق األهداف‪ ،‬واملشروعات االقتصادية‪ ،‬يف‬
‫النظام الرأمسا ‪ .‬كما أن سيطرة الدولة علي اجملتمع تكون أيضا سيطرة عقالنية عن طريق البريوقراطية‪.‬‬
‫كما انصب اهتمامه على أول منط من أمناط الفعل االجتماعي األربعة‪ ،‬أي الفعل االجتماعي‬
‫العقالين املوجه حنو حتقيق أهداف حمدودة‪ ،‬أل ان هذا النمط من الفعل االجتماعي هو الذي يرتبط بذلك‬
‫النموذج املثا أو اخلالص من مناذج اجملتمع‪ ،‬ويعين به منوذج الرأمسالية الغربية املعاصرة‪ .‬وقد أثار فيرب‬
‫سؤالني هامني بالنسبة للرأمسالية‪:‬‬
‫أوهلما‪ :‬ما هي اخلصائص املميزة لتلك الظاهرة االقتصادية االجتماعية املسماة بالرأمسالية‪ ،‬اليت‬
‫توجد يف الغرب؟‬
‫ثانيهما‪ :‬كيف ظهر هذا النموذج أو هذا النمط يف اجملتمعات؟‬
‫وقد رأى فيرب أن الرأمسالية قد ظهرت يف أزمات عتلفة يف تاريخ العامل‪ ،‬وىف مناطق عتلفة منه‪،‬‬
‫لكن أشكاهلا قد اختلفت عن الشكل احلديث للرأمسالية اليت توجد يف العامل الغرض‪ .‬ولكي يصل ماكس‬
‫فيرب إىل حتديد اخلصائص األساسية للنمط الرأمسا املعاصر‪ ،‬فإناه قد أجرى دراسات متعددة عن القانون‬
‫وتارخيه‪ ،‬وعن نظم اإلدارة ونظم احلكم والنظم الدينية‪ ،‬واستطاع من ذلك كله أن يستخلص إجابات‬
‫عن السؤالني‪ ،‬الذين أثارمها كما سبق أن ذكرنا‪.‬‬
‫و اقرر أن اجملتمعات اإلنسانية قد عرفت مجيعها منطا ما من السلطة‪ ،‬ذلك أناه يف أي جمموعة من‬
‫اجملموعات البد أن يكون هناك فرد أو أفراد يصدرون األوامر‪ ،‬والبد أن يكون هناك آخرون يطيعون هذه‬
‫األوامر‪ ،‬والذين يصدرون األوامر يتوقعون أن تطاع أوامرهم‪ .‬والسبب يف ذلك أن الذين يصدرون األوامر‬
‫والذين يطيعوهنا يشرتكون سويا يف معتقدات معينة‪ ،‬أو بعبارة أخرى يعتقدون بأن السلطة هلا طابع‬
‫شرعي‪ ،‬لكن أساس هذه الشرعية قد خيتلف من حالة ألخرى‪ ،‬فهناك كما قال فيرب ثالثة مناذج مثالية أو‬
‫أمناط خالصة من السلطة ميكننا أن منيزها تبعا لشرعيتها‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -1‬الشرعية العقالنية‪ :‬وهي تلك اليت تعرب عن االعتقاد يف مشروعية أمناط القواعد املعيارية‪ ،‬وحق‬
‫أولئك الذين حتددهم هذه القواعد يف عارسة السلطة وإصدار األوامر‪.‬‬
‫‪ -2‬املشروعية التقليدية‪ :‬وهي اليت تعتمد على االعتقاد يف قدسية التقاليد الراسخة‪ ،‬وىف حق أولئك‬
‫الذين يتولون السلطة يف عارستها‪.‬‬
‫‪ -3‬املشروعية الكارزماتية‪( :‬مسيت بذلك االسم الذي اشتق من الكلمة اليونانية اليت تعين العظمة‬
‫واملوهبة) وتعتمد هذه املشروعية الكارزماتية على والء الناس أو األتباع لفرد معني‪ ،‬يتمتع بامتياز‬
‫وقدرات نادرة وخصائص شخصية‪ ،‬كالبطولة أو العظمة‪ ،‬يندر أن تتوافر لغريه‪ .‬ومثل هذا القائد‬
‫أو الزعيم يلقى الطاعة من األتباع ألهنم يعتقدون أن أي أمناط معيارية أو أي أوامر يصدرها إمنا‬
‫هي أشياء مقدسة‪.‬‬
‫وقد أشار فيرب إىل أن الطاعة يف احلالة األو (أي يف حالة املشروعية العقالنية) ترجع إىل النظام‬
‫القانوين القائم‪ ،‬الذي يتصف بالصفة الالاشخصية‪ .‬بينما ترجع يف احلالتني الثانية والثالثة إىل صفات‬
‫شخصية‪ .‬واملشروعية العقالنية هي منط فريد من السلطة ظهر يف احلضارة الغربية وحدها‪ ،‬وقد أشار فيرب‬
‫إىل أ ان أياا من النماذج املثالية أو اخلالصة ال توجد يف شكل خالص يف أي فرتة تارخيية‪ ،‬ولكن ما وجد‬
‫يف أي حالة من احلاالت أو يف أي فرتة من الفرتات التارخيية‪ ،‬مل يكن سوى شيئا قريبا من هذه النماذج‬
‫العقلية اخلالصة‪.‬‬
‫خامسا‪ ،‬كارل ماركس (‪:Karl Marx 1883-1818‬‬
‫كارل هانريك ماركس‪ ،‬كان فيلسوف أملاين‪ ،‬واقتصادي‪ ،‬وعامل اجتماع‪ ،‬ومؤرخ‪ ،‬وصحفي‬
‫واشرتاكي ثوري‪ .‬لعبت أفكاره دورا هاما يف تأسيس علم االجتماع‪ ،‬ويف تطوير احلركات االشرتاكية‪ ،‬نشر‬
‫العديد من الكتب خالل حياته‪ ،‬أمهها‪ :‬بيان احلزب الشيوعي (‪ ،)1848‬ورأس املال (‪ .)1894–1867‬ولد‬
‫يف عائلة غنية من الطبقة الوسطى يف مدينة ترير يف راينالند الربوسية‪ ،‬درس ماركس يف جامعة بون‬
‫وجامعة برلني‪ ،‬حيث أصبح مهتما باألفكار الفلسفية للهيجليني الشباب‪ .‬كتب لصحيفة راديكالية يف‬
‫كولونيا‪ ،‬وبدأ يف تطوير نظريته يف املادية اجلدلية‪ .‬بدأ الكتابة يف الصحف الراديكالية األخرى‪ ،‬بعد‬
‫انتقاله إىل باريس عام ‪ .1843‬التقى فريدرك إجنلز يف باريس‪ ،‬وعمال معا على سلسلة من الكتب‪ .‬مث نفي‬
‫إىل بروكسل‪ ،‬وأصبح قيادي بارز للحزب الشيوعي‪ ،‬قبل أن يعود إىل كولون ويؤسس صحيفته اخلاصة‪،‬‬
‫ويف عام ‪ 1849‬مت نفيه مرة أخرى وانتقل إىل لندن مع زوجته وأطفاله‪ .‬يف لندن‪ ،‬املكان الذي وصلت فيه‬

‫‪35‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫عائلته إىل الفقر‪ ،‬استمر ماركس يف كتابة وتطوير نظرياته يف طبيعة اجملتمع‪ ،‬وكيف أعتقد أنه ميكن‬
‫تطويرها‪ ،‬وأيضا نظم محلة لالشرتاكية ‪ -‬أصبح شخصية مهمة يف الرابطة الدولية للعمال‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫اهليجليين ين ينينني الشين ين ينينباب هين ين ينينم اتبين ين ينيناع الفيلسين ين ينينوف األملين ين ينيناين الشين ين ينينهري غيين ين ينينورت فين ين ينينيلهلم فريين ين ينيندريك هيجين ين ينينل‬
‫صين ين ين ينيناحب كتين ين ين ينيناب "فينومينولوجيين ين ين ينينا الين ين ين ينينروح"‪ ،‬وبعين ين ين ينيند موتين ين ين ينينه انقسين ين ين ينينم اتباعين ين ين ينينه إىل فئتين ين ين ينينني‪ ،‬هيجلين ين ين ينيني‬
‫اليس ين ينينار‪ :‬مث ين ينينل ك ين ينينارل م ين ينيناركس وفيورب ين ينيناخ‪ ،‬وه ين ينينم م ين ينينن س ين ينينينتقد تص ين ينينورات هيج ين ينينل املثالي ين ينينة وينح ين ينينون‬
‫بفلس ين ين ينينفته منح ين ين ينينا م ين ين ينينادي متام ين ين ينينا كم ين ين ينينا قل ين ين ينينب م ين ين ينيناركس اجلدلي ين ين ينينة املثالي ين ين ينينة إىل جدلي ين ين ينينة مادي ين ين ينينة‪ .‬أم ين ين ينينا‬
‫اهليجلييم اليمني فأبقوا على الكثري من أفكار هيجل املثالية‪.‬‬

‫زار ماركس اجلزائر سنة ‪ ،1881‬وأقام بفندق الشرق‪ ،‬وسط مدينة عنابة‪ ،‬حيث أمضى فيه إثنني‬
‫وسبعني يوما‪.‬‬

‫وقد عايش ماركس ميالد اجملتمع الرأمسا ‪ ،‬وشهد منو املصانع وتوسع اإلنتاج‪ ،‬وما جنم عن‬
‫كليهما من مظاهر التفاوت وعدم املساواة‪ .‬ماركس يرى أن هناك عنصرين جديدين أساسيني أتى هبما‬
‫نظام اإلنتاج الرأمسا ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬رأس املال‪ :‬وهو جمموع األصول واملوجودات ‪-‬مبا فيها املال واملعدات وحىت املصانع‪ -‬اليت جيري‬
‫استخدامها أو استثمارها إلنتاج أصول جديدة يف املستقبل‪ ،‬ويسمي هذه العملية برتاكم رأس املال‪،‬‬
‫ورأس املال يف النظام الرأمسا هو يف يد فئة قليلة يسميهم ماركس بالرأمساليني والذين ينتمون اجتماعيا‬
‫لطبقة الربجوازية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬العمل بأجر ويشري إىل قطاع العمال الذين ال ميلكون‪ ،‬ال وسائل اإلنتاج وال وسائل العيش‪،‬‬
‫ميلكون فقط قوة عملهم‪ ،‬لذا فهم مضطرون إىل أن يطلبوا االستخدام من أرباب رأس املال‬
‫(الرأمساليني الربجوازيني) مقابل أجينر‪ .‬العمال يشكلون غالبية أفراد اجملتمع‪ ،‬وألهنم يشرتكون يف طريقة‬
‫الكسب (األجر وليس امللكية) ولديهم نفس املصاحل‪ ،‬فهم يعتربون الطبقة الثانية اليت يتكون منها‬
‫اجملتمع‪ ،‬طبقة العمال أو الربوليتاريا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وبالنسبة ملاركس كل جمتمع يتكون من عنصرين أو بنيتني‪ :‬بنية حتتية مادية اقتصادية من جانب‪،‬‬
‫وبنية فوقية المادية اجتماعية من جانب آخر‪ .‬فالبنية التحتية جتمع القواعد التقنية واالقتصادية‬
‫للمجتمع‪ ،‬والبنية الفوقية تشمل على النظام واملؤسسات السياسية االجتماعية القانونية الفلسفية الثقافية‬
‫الشفوية والدينية للمجتمع‪.‬‬
‫ويف منظومة الفهم والتحليل املاركسية‪ ،‬البنية التحتية (النظام االقتصادي‪ ،‬نظام اإلنتاج‪ ،‬منط‬
‫ملكية رأس املال) هي من تينحدد البنية الفوقية (نوع النظام السياسي واالجتماعي‪ ،‬نوع الثقافة واألفكار‬
‫واملعتقدات واملواقف)‪ ،‬بعبارة أخرى اجملال االقتصادي حيتل مكانة مركزية يف فهم الظواهر السياسية‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬
‫مقوالت ماركسية‬
‫‪ -‬من ميلك يسيطر‪ .‬من ميلك رأس املال (املال‪ ،‬املصنع‪ ،‬اآلالت‪ )...‬يسيطر ويتحكم يف‬
‫من ال ميلكه‪ .‬هي سيطرة ال تقتصر فقط على اجملال االقتصادي املادي بل تتجاوزه إىل‬
‫سيطرة اجتماعية سياسية ثقافية وأيديولوجية‪.‬‬
‫‪ -‬فكر الطبقة املسيطرة هو يف كل األزمان الفكر املسيطر يف العالينم‪.‬‬
‫‪ -‬يف األسرة‪ ،‬الرجل يلعب دور الربجوازي واملرأة دور الربوليتيناري‪.‬‬
‫‪ -‬هناك طريقة واحدة فقط لقتل الرأمسالية‪ ،‬الضرائب مث الضرائب وال شيء غري الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬األفكار ما هي إال أشياء مادية منقولة ومرتمجة يف عقل اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬ليس وعي الناس هو من حيدد وجودهم‪ ،‬بل إن طبيعة وجودهم هي من حتدد نوع‬
‫وعيهم‪.‬‬
‫‪ -‬إنتاج األفكار والتمثالت مرتبط أساسا بالنشاطات والتبادالت املادية بني البشر‪ .‬إهنا‬
‫لغينة احلياة الواقعية‪.‬‬
‫‪ -‬امللكية اخلاصة جعلت منا أغبياء وحمدودي العقل‪ ،‬إىل حد اعتقادنا بأننا ال حنوز‬
‫األشياء إالا إذا ملكناها‪.‬‬
‫وقد انصبت حتليالت ماركس على دراسة اجملتمعات الطبقية (خاصة على اجملتمعات الرأمسالية)‪،‬‬
‫اليت تنفرد بامللكية اخلاصة لوسائل اإلنتاج‪ .‬بالنسبة له املواجهة بني الطبقات االجتماعية (الصراع‬
‫الطبقي) يعترب حمرك أساسي للتاريخ‪ ،‬إذن للتغري االجتماعي‪ .‬والتعارض بني الطبقات االجتماعية هو‬
‫‪37‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫أحد اخلصائص األساسية للمجتمع الرأمسا ‪ .‬ماركس يفرق بني طبقتني اجتماعيتني‪ :‬طبقة الرأمساليني‬
‫(الربجوازية) وطبقة العمال (الربوليتاريا)‪ .‬هاتان الطبقان تدافعان عن مصاحل متعارضة‪ ،‬لكي حتافظ كل‬
‫واحدة على مصاحلها وحتميها أو تثمنها فهي جمربة على الدخول يف مواجهة صراعية مع الطبقة األخرى‪.‬‬
‫هذا الصراع الطبقي يؤدي حسب ماركس إىل ثينورة تكرس ديكتاتورية وحكم الربوليتاريا أو اجملتمع‬
‫االشرتاكي‪ ،‬الذي وبعد مدة يرتك اجملال جملتمع بدون طبقات‪ :‬اجملتمع الشيوعي‪.‬‬
‫عا سبق‪ ،‬واضح جدا املكانة املركزية اليت يوليها ماركس للصراعات االجتماعية‪ .‬إنينها عامل تغيري‬
‫وجتديد اجتماعيني وليست مؤشر فوضى اجتماعية (كما يرى دوركامي)‪.‬‬
‫الملكيـ ـ ــة الخاصـ ـ ــة لوس ين ينينائل اإلنتين ين ينيناج متيين ين ينينز اجملتم ين ينينع الين ين ينينذي ينقسين ين ينينم ب ين ينينني مين ين ينينن هين ين ينينم مين ين ينينالك‬
‫للوسين ين ين ينينائل املسين ين ين ينينتعملة يف تصين ين ين ينيننيع السين ين ين ينينلع واخلين ين ين ينيندمات (الرأمسين ين ين ينيناليني يف النظين ين ين ينينام الرأمسين ين ين ينينا )‪،‬‬
‫وب ين ين ينينني م ين ين ينينن ال ميلك ين ين ينينون ال اآلالت وال املص ين ين ينينانع وال األمين ين ين ينوال‪ ،‬ميلك ين ين ينينون فق ين ين ينينط ق ين ين ينينوة العم ين ين ينينل‬
‫اليت يبيعوهنا لألوائل (الرأمساليني) مقابل أجر‪ ،‬إهنم العمال‪.‬‬

‫اد ا‪ ،‬هرورت بنسر ‪: 1903-1820( Herbert Spencer‬‬


‫مينينن العلمينيناء االجنليينينز الينينذين سينينامهوا يف نشينينأة علينينم االجتمينيناع ‪ .‬بينيندأ دراسينينته بعلينينم احليينيناه مث بعلينينم الينيننفس‪،‬‬
‫وأخينريا اجتينينه إىل علينينم االجتمينيناع‪ ،‬وعلينينى ذلينينك قينيند دخينينل هينينذا اجملينينال متينينأثرا بدراسينينته األوىل‪ ،‬وهينيني الدراسينينات‬
‫احليوية‪ ،‬فوجدناه ينتمي إىل مدرسة جديدة هي املدرسة العضوية‪ .‬وميكن تلخيص املبادئ اليت تقوم عليها‬
‫هذه املدرسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتبار أن علم احلياه هو األساس الذي يقوم عليه علم االجتماع‪.‬‬
‫‪ -2‬إ ان املبائ احليوية جيب أن يكون هلا اعتبارها عند تفسري الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬أ ان اجملتمع اإلنساين وحدة حية ختتلف عن كوهنا جمرد جمموعة من األفراد املنعزلني‪.‬‬
‫‪ -4‬مل ين ين ين ينا كين ين ين ينينان أف ين ين ين ينراد اجملتم ين ين ين ينينع خيض ين ين ين ينينعون للق ين ين ين ينوانني البيولوجي ين ين ين ينينة‪ ،‬ف ين ين ين ينينإن اجملتم ين ين ين ينينع اإلنس ين ين ين ينيناين ب ين ين ين ينينذلك ال‬
‫خيرج عن كونه كائنا عضويا‪.‬‬
‫‪ -5‬ملا كان اجملتمع اإلنساين كأي كائن عضوي يتكون من خاليا حية ( األفينراد )‪ ،‬أصينبح اجملتمينع بينذلك‬
‫كالكائن العضوي يف تركيبه وأعضائه ووظائفه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويعتينينرب كتينيناب مبينينادئ علينينم االجتم يناع الينينذي نشينينره سبنسينينر يف سينيننة ‪1876‬م أهينينم مينينا كتينينب يف علينينم‬
‫وض ينح في ينه نظريتينينه العضينينوية الينينيت اشينينتهر هبينينا‪ ،‬وهينينو يسينينأل يف كتابينينه "مينينا هينينو اجملتم ينع؟" مث‬
‫االجتمينيناع‪ ،‬وقينيند ا‬
‫جييب على ذلك بأنه كائن عضوي‪ ،‬مث يبني سبنسر بعد ذلك أوجه الشبه بني الكائن العضوي البيولوجي‬
‫(الفرد) وبني الكائن العضوي (اجملتمع)‪ ،‬وقد حددها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اشرتاك االثنني يف ظاهرة النمو‪ ،‬فالفرد ينمو وكذلك اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -2‬يتميز االثنان أثناء عملية التغري باختالف يف التكوين والوظائف‪.‬‬
‫كل منهما على بعضها‪.‬‬ ‫‪ -3‬تتوقف األجزاء يف ٍ‬
‫‪ -4‬يتكينينون كينينل مينينن االثنينينني مينينن وحينيندات توجينيند علينينى شينينكل خاليينينا يف الكينينائن العضينينوي البيولينينوجي علينينى‬
‫شكل أفراد يف الكائن العضوي االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -5‬ال تعين إصابة أي جزء يف االثنني إهنيار أو إصابة الكل دائما‪.‬‬
‫‪ -6‬لكين ٍينل منهمينينا جهينيناز خينينا يقينينوم مبهمينينة بقائينينه وحفظينينه‪ ،‬يتمثينينل يف جهينيناز التغذيينينة ودورة الينيندم يف الفينينرد‬
‫واجلهينيناز التجينيناري يف اجملتمينينع‪ ،‬كمينينا أن لكين ٍينل منهمينينا جهينيناز مينيننظم يتمثينينل يف اجلهينيناز العصينينيب عنينيند الفينينرد‬
‫ونظام احلكومة يف اجملتمع‪.‬‬
‫وإىل ج ينوار أوجينينه الشينينبه هينينذه وجينيند سبنسينينر أن هنينيناك أوجهينينا لالخينينتالف بينينني الكينينائنني‪ ،‬حينينددها فيمينينا‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تكافؤ أجزاء الكائن العضوي البيولوجي بينما يتميز اجملتمع بعدم تكافؤه‪.‬‬
‫‪ -2‬يتميز جسم اإلنسان بأنه كل متصل اجلزاء بينما يتميز جسم اجلماعة بأنه منفصل األجزاء‪.‬‬
‫‪ -3‬يرتكز الشعور عند الفرد يف اجلهاز العصيب أي يف جزء صغري مينن اجلسينم‪ ،‬بينمينا يوجيند يف اجلماعينة‬
‫موزعا على وحداهتا ‪.‬‬
‫هينينذا وقينيند سينيناهم سبنسينينر يف علينينم االجتمينيناع بنظريينينة أخينينرى عينينن السينينكان واسينينباب منينينوهم‪ ،‬وقينيند كينينان‬
‫يف نظريته هذه أيضا متأثرا بدراسته البيولوجية‪ ،‬وذلك حينما رأى أن العوامل البيولوجية مسئولة عينن زيينادة‬
‫السكان أو نقصهم‪ ،‬وذلك على أساس الربط بني اجلهد الذي يبذله الفرد لتأكيد وجوده وجناحه‪.‬‬
‫رجينح سبنسينينر صينيندق نظريتينينه بقلينينة نسينينل السينينيدات املشينينتغالت بعقينينوهلن والالئينيني ينتسينيند عينينادة للطبقينينة‬ ‫وقينيند ا‬
‫العليا‪ ،‬فرغم أن تغذيتهن أفضل يف العادة من تغذية سيدات الطبقة الفقرية‪ ،‬ورغم أهنن ينلن رعاية صينحية‬
‫أفضينينل‪ ،‬فينينإن تناسينينلهن ضينينعيف بسينينبب اإلجهينيناد الينينذهين الينينذي يينينؤثر علينيني تينينركيبهن العضينينوي‪ ،‬عينينا يينينؤدي إ‬

‫‪39‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ضينينعف القينيندرة علينيني التناسينينل‪ .‬كمينينا يينينري أن مظينيناهر هينينذا الضينينعف التقتصينينر علينيني مايشينينيع بيينيننهن مينينن عقينينم‬
‫فحسينينب‪ ،‬وال يف إنقطينيناعهن املبكينينر ع ينن احلمينينل قبينينل النسينيناء الفق ينريات فقينينط‪ ،‬وإمنينينا يبينيندو ذلينينك جبينينالء فيمينينا‬
‫يالحظ علي الكثريات منهن‪ ،‬حيث يعجزن عن إرضاع أطفاهلن ورعايتهم رعاية كاملة صحيحة‪.‬‬
‫وبذلك يري سبنسر أن املقيندرة عليني إجنيناب طفينل مبعنيناه الصينحيح تعينين املقيندرة عليني والدتينه كامينل‬
‫التكوين وعلي مد أمه بالغذاء الطبيعيني طينوال ميندة الرضيناعة احلقيقيينة‪ ،‬وهينذا مينا تعجينز عنينه أولئينك الفتيينات‬
‫هينزيالت الصينيندور‪ ،‬الالئينيني يكابينيندن مينينن ضينينعف التعلينينيم العينينا وشينيندة وطأتينينه علينينيهن‪ ،‬وهينينذه الظينيناهرة تنطبينق‬
‫على كل السيدات الالئي حصلن على ثقافة عالية‪.‬‬
‫ولقينيند أعتقينيند سنبسينينر أنينينه هبينينذا قينيند اكتشينينف قينينانون الطبيعينينة األعظينينم‪ ،‬كمينينا تنبينينأ بنتينينائج هينينذا القينينانون‪،‬‬
‫حينما ذكر أن مشكلة ضعف السكان سينتختفي مينع مينا يصيناحبها مينن شينرور‪ ،‬مينا دام اإلنسينان ينشيند الرقيني‬
‫ويبينينذل جهينينودا كبينينرية يف سينينبيل ذلينينك‪ .‬وقينيند دعينينم سبنسينينر رأيينينه يف السينينكان ريقينينائق كثينينرية عينينن حيينيناة احلي ينوان‬
‫والنبينينات‪ ،‬ولكنينينه كينينان أكثينينر اهتمامينينا بوضينينع نظريينينة يف مسينينألة السينينكان تنسينينجم مينينع نظريتينينه العامينينة يف التطينينور‬
‫البيولينوجي‪ ،‬أكثينر منينينه بالبحينث عينن احلقيقينينة‪ ،‬إذ أن احلييناة يف الواقينع التنطينينوي عليني مثينل هينينذا الينرتابط اجلميينينل‬
‫الينينذي تكشينينف عنينينه نظريينينة سبنسينينر‪ ،‬ولينينيس يف احليينيناة مينينا يينينربر هينينذا التفينيناؤل السينينهل الينينذي يشينينيع يف نظريتينينه‪.‬‬
‫الفصل الراوع‪ ،‬نظريات علم االجتماع‪:‬‬
‫شينينهد علينينم االجتمينيناع‪ ،‬يف تارخيينينه الطويينينل‪ ،‬عينيندة نظريينينات سوسينينيولوجية كينينربى وصينينغرى‪ ،‬ومينينن أهينينم‬
‫هينذه النظريينينات املشينهود هلينينا بينالقوة والسينينيطرة واالهتمينام‪ ،‬النظريينينة املاديينة التارخييينينة‪ ،‬النظريينة الوضينينعية‪ ،‬النظريينينة‬
‫الوظيفيينينة البنائيينينة‪ ،‬النظريينينة البنيويينينة‪ ،‬النظريينينة املاركسينينية اجلديينيندة‪ ،‬نظريينينة الفعينينل االجتمينيناعي‪ ،‬النظريينينة التفاعليينينة‬
‫الرمزي ينينة‪ ،‬النظري ينينة اإلثنومنهجي ينينة‪ ،‬النظري ينينة اإلس ينينالمية‪ ،‬ونظري ينينات م ينينا بع ينيند احلداث ينينة‪ ،‬وغريه ينينا م ينينن النظري ينينات‬
‫السوسيولوجية األخرى‪ ،‬اليت هلا أمهية كربى يف فهم الواقع اجملتمعي وتفسريه وتأويله‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬النظريات الكال يكية‪:‬‬
‫‪ -1‬النظرية الوضعية‬
‫تعد النظرية الوضعية من أهم النظريات السوسيولوجية الكربى يف تاريخ الفكر الغرض‪ ،‬فقد‬
‫أحدثت قطيعة إبستمولوجية مع التصورات األسطورية وامليتافيزيقية‪ ،‬بتبين التجريب العلمي منهجا يف‬
‫حتصيل احلقائق‪ ،‬وخاصة يف جمال علم االجتماع الذي أصبح علما مستقال مع إميل دوركامي‪ .‬ومن هنا‪،‬‬
‫تنبين الوضعية على االختبارات احلسية‪ ،‬والتفكري املادي‪ ،‬واملوضوعية العلمية‪ ،‬واحلياد يف البحث‪،‬‬
‫‪40‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫والعلمانية (فصل الدين عن العلم)‪ ،‬والتجريب‪ ،‬والتخلص من الالهوت والتفكري امليتافيزيقي‪ ،‬واملنفعة‪،‬‬
‫والواقعية‪ .‬وترتكز النظرية الوضعية على جمموعة من املقومات النظرية واملنهجية‪ ،‬كاالنطالق من اإلحساس‬
‫وحده باعتباره مصدرا للمعرفة االجتماعية واالعتداد بالنموذج الطبيعي على أساس أنه سلطة مرجعية‬
‫للعلوم اإلنسانية وإخضاع الظواهر االجتماعية للفحص والتجريب واالختبار والقول بشيئية الظواهر‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫وقد اعتمدت السوسيولوجيا الوضعية على منهجية التفسري يف دراسة الظواهر اجملتمعية‪ ،‬على‬
‫أساس ارتباطها السبيب والعلي‪ .‬مبعىن دراسة املتغريات املستقلة واملتغريات التابعة‪ ،‬ضمن رؤية جتريبية‬
‫استقرائية وعلمية‪ ،‬بغية حتصيل القوانني والنظريات‪ ،‬أو اختزال جمموعة من الظواهر يف أقل عدد من‬
‫العمليات املنطقية الصارمة‪.‬‬
‫ويقصد بالنظرية العضوية تلك النظرية السوسيولوجية أو االجتماعية اليت تعقد عاثلة بني اجملتمع‬
‫والكائن احلي‪ .‬مبعىن أن اجملتمع يتطور كتطور الكائن احلي أو الكائن العضوي‪ .‬أي‪ :‬تتعرض اجملتمعات‬
‫اإلنسانية لثالث مراحل أساسية هي‪ :‬النشوء‪ ،‬واالرتقاء‪ ،‬واالحنالل‪ ،‬أو لظاهرة الوالدة والتكيف والفناء‪،‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فهذه النظرية العضوية بيولوجية يف مرجعيتها اإلحالية والنظرية‪ ،‬تأثرت بشكل كبري‬
‫بأفكار شارلز داروين‪ .‬وهكذا‪ ،‬يولد اجملتمع اإلنساين ويتدرج يف تطوره ورقيه حىت يصيبه الفناء والزوال‪،‬‬
‫ويعين هذا أن تطور اجملتمعات البشرية خاضع للحتمية البيولوجية أو احلتمية التطورية العضوية‪.‬‬
‫‪ -2‬النظرية الوظيفية الكال يكية‪:‬‬
‫تنبينينين املقاربينينة الوظيفيينينة علينينى تشينينبيه اجملتمينينع بالكينينائن العضينينوي احلينيني‪ .‬مبعينينىن أن اجملتمينينع يتكينينون مينينن‬
‫جمموعة من العناصر والبنيات واألنظمة‪ ،‬ويؤدي كل عنصر من هذه العناصر وظيفة ما داخل هينذا اجلهيناز‬
‫اجملتمعينيني‪ ،‬وهبينينذا ي ينرتابط كينينل عنصينينر يف النسينينق بوظيفينينة مينينا‪ ،‬فينيناجملتمع نظينينام متكامينينل وم ينرتابط ومتماسينينك‪،‬‬
‫يه ينيندف إىل حتقي ينينق الت ينوازن واحلف ينيناظ عل ينينى املكتس ينينبات اجملتمعي ينينة‪ .‬وم ينينن مث‪ ،‬يق ينينوم ال ينيندين والرتبي ينينة ‪ -‬م ينينثال‪-‬‬
‫باحلفاظ على توازن اجملتمع‪.‬‬
‫وخري من ميثل هذه املقاربة الفرنسي إميل دوركامي‪ ،‬واألمريكيان تلكوت بارسونز وروبرت مريتون‪ .‬وقد كان‬
‫هلذه النظرية إشعاع كبري يف سنوات اخلمسني من القرن املاضي‪.‬‬
‫وتعت ينينرب النظري ينينة الوظيفي ينينة أ ان اجملتم ينينع نظام ينينا معق ينيندا تعم ينينل ش ينينىت أجين ينزاؤه س ينينويا لتحقي ينينق االس ينينتقرار‬
‫والتضينينامن بينينني مكوناتينينه‪ .‬ووفقينينا هلينينذه املقاربينينة‪ ،‬فينينإ ان علينينى علينينم االجتمينيناع استقصينيناء عالقينينة مكونينينات اجملتمينينع‬

‫‪41‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫بعضها ببعض وصلتها باجملتمع برمتينه‪ .‬وميكننينا علينى هينذا األسيناس أن حنلينل‪ ،‬علينى سينبيل املثينال‪ ،‬املعتقيندات‬
‫الدينيينينة والعينينادات االجتماعيينينة‪ ،‬بإظهينينار صينينلتها بغريهينينا مينينن مؤسسينينات اجملتمينينع ألن أجينزاء اجملتمينينع املختلفينينة‬
‫تنمو بصورة متقاربة بعضها مع بعض‪.‬‬
‫ولدراسة الوظيفة اليت تؤديها إحدى املمارسات أو املؤسسات االجتماعية‪ ،‬فإ ان علينينا أن حنلينل مينا‬
‫تقدمينينه املسينينامهة أو املمارسينينة لضينينمان دميومينينة اجملتمينينع‪ .‬وطاملينينا اسينينتخدم الوظيفيينينون‪ ،‬ومينيننهم كونينينت ودركينينامي‪،‬‬
‫مبدأ املشاهبة العضوية للمقارنة بني عمينل اجملتمينع مبينا ينيناظره يف الكائنينات العضينوية‪ .‬ويينرى هينؤالء أن أجينزاء‬
‫اجملتمينينع وأطرافينينه تعمينينل سينينويا‪ ،‬وبصينينورة متناسينينقة‪ ،‬كمينينا تعمينينل أعضينيناء اجلسينينم البشينينري‪ ،‬ملينينا فيينينه نفينينع اجملتمينينع‬
‫مبجملينينه‪ .‬وليتسينينىن لنينينا دراسينينة أحينيند أعضينيناء اجلسينينم‪ ،‬كالقلينينب علينينى سينينبيل املثينينال‪ ،‬فينينإ ان علينينينا أن نبينينني كيفيينينة‬
‫ارتباطينينه بأعضينيناء اجلسينينم األخينينرى ووظائفينينه‪ .‬وعنينيند ضينينخ الينيندم يف سينينائر أج ينزاء اجلسينينم‪ ،‬يينينؤدي القلينينب دورا‬
‫حيويينينا يف اسينينتمرار احليينيناة يف الكينينائن احلينيني‪ .‬وباملثينينل‪ ،‬فينينإ ان حتليينينل الوظينينائف الينينيت يقينينوم هبينينا أحينيند تكوينينينات‬
‫اجملتمع يتطلب منا أن نبني الدور الذي تلعبه يف استمرار وجود اجملتمع‪ ،‬ودوام عافيته‪.‬‬
‫‪ -3‬نظرية الفعل االجتماعي‪:‬‬
‫يعد ما كس فيرب من أهم السوسيولوجيني األملان الذين أخذوا بنظرية الفعل االجتماعي‪ .‬وهدف‬
‫السوسيولوجيا عند ماكس فيرب هو فهم الفعل االجتماعي وتأويله‪ ،‬مع تفسري هذا الفعل املرصود سببيا‬
‫بربطه باآلثار والنتائج‪ .‬ويقصد بالفعل سلوك الفرد أو اإلنسان داخل اجملتمع‪ ،‬مهما كان ذلك السلوك‬
‫ظاهرا أو مضمرا‪ ،‬صادرا عن إرادة حرة أو كان نتاجا ألمر خارجي‪ .‬ومن مث‪ ،‬يتخذ هذا الفعل ‪ -‬أثناء‬
‫التواصل والتفاعل ‪ -‬معىن ذاتيا لدى اآلخر أو اآلخرين‪ ،‬مادام هذا الفعل االجتماعي مرتبطا بالذات‬
‫واملقصدية‪ .‬أي‪ :‬اإلجابة عن سؤال جوهري أال وهو‪ :‬كيف يرى الناس سلوكهم ويفسرونه؟ مبعىن أ ان‬
‫الفعل اإلنساين عند فيرب هو السلوك الذي حيمل داللة ومعىن وهدفا‪ .‬وأما الفعل اجملتمعي‪ ،‬فهو السوك‬
‫الذي يسلك جتاه اآلخرين من خالل مايراه‪ ،‬يف سلوك اآلخرين‪ ،‬من داللة ومعىن وهدف‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ميثينينل هينينذا التوجينينه‪ ،‬يف جمينينال الرتبيينينة والتعلينينيم‪ ،‬راميينينون بينينودون الينينذي ي ينرفض تصينينورات املدرسينينة‬
‫الوظيفية واملقاربة الصراعية‪ ،‬على أسيناس أن املدرسينة تعييند إنتيناج الطبقينات االجتماعيينة نفسينها‪ ،‬وأهنينا‬
‫فضاء للصراع بني الطبقة املهيمنة والطبقة اخلاضعة‪.‬‬
‫وينف ينيني رامي ينينون ب ينينودون أن تك ينينون هن ينيناك رواب ينينط قوي ينينة ب ينينني الالمس ينيناواة التعليمي ينينة والالمس ينيناواة‬
‫االجتماعيينينة‪ .‬مبع ينينىن أن اجملتمينينع ل ينينيس هينينو الس ينينبب يف ه ينينذه الالمسينيناواة الرتبوي ينينة‪ ،‬بينينل يع ينينود ذل ينينك إىل‬
‫اختي ينينارات األف ينراد أنفس ينينهم‪ ،‬وقناع ينيناهتم الذاتي ينينة‪ ،‬وقين ينراراهتم الشخص ينينية‪ ،‬بن ينيناء عل ينينى حس ينينابات األس ينينر‬
‫اخلاضعة ملنطق الربح واخلسارة‪ ،‬وطموحاهتا الواقعية‪ ،‬ورغباهتا املستقبلية‪.‬‬
‫فبعينيند أن كينينان احلاصينينلون علينينى الينيندبلومات والشينينهادات حيصينينلون علينينى الوظينينائف واملناصينينب‬
‫املناسينبة هلينم‪ ،‬ازداد املتعلمينون بكثينرة‪ ،‬وكثينرت الشينهادات واليندبلومات‪ ،‬واحنصينر سينوق الشينغل‪ .‬لينذلك‬
‫أصينينبحت املدرسينينة التينينوفر للجميينينع الفينينر نفسينينها مينينن احلظينينوظ واالمتيينينازات‪ .‬ولينينيس هينينذا عائينيندا إىل‬
‫أسباب خارجية‪ ،‬مثينل‪ :‬الصينراع الطبقيني واالجتميناعي والثقينايف‪ ،‬واهلينابيتوس العينائلي كمينا يقينول أنصينار‬
‫املقارب ينينة الصين ينراعية‪ ،‬ب ينينل يع ينينود ذل ينينك إىل اختي ينينارات األس ينينرة ومنظورهين ينا إىل املدرس ينينة م ينينن حي ينينث الين ينربح‬
‫واخلسينينارة‪ .‬فهنينيناك مينينن األبنينيناء مينينن يرغينينب يف وضينينع اجتمينيناعي يشينينبه وضينينع آبينينائهم املهينينين‪ ،‬والجيينيندون‬
‫حرجا يف ذلك أو ظلما‪.‬‬
‫وهكينينذا‪ ،‬فالبكالوريينينا بالنسينينبة ألبنينيناء الطبقينينة العماليينينة تشينينكل فرصينينة التعينينوض مينينن أجينينل حتقيينينق‬
‫أربينيناح اقتصينينادية‪ ،‬ولكينينن بالنسينينبة ألبنينيناء األطينينر العليينينا التعينينين تلينينك الفرصينينة رريينينا حقيقيينينا هلينينم إالا إذا‬
‫استمروا يف التعليم اجلامعي الطويل‪ .‬ويعين هذا اختالف رغبينات األفينراد ومنظينوراهتم إىل الشينهادة أو‬
‫الينيندبلوم‪ .‬فينينأن تكينينون معلمينينا بالنسينينبة البينينن عم ينا ربينينح كبينينري وفرصينينة التعينينوض‪ ،‬ولكينينن بالنسينينبة ألبنينيناء‬
‫األطينينر العليينينا‪ ،‬فينينإ ان ذلينينك اليينيننفعهم يف شينينيء‪ .‬ويعينينود هينينذا كلينينه إىل مينيندى الرغبينينة يف املدرسينينة‪ ،‬واإلقبينينال‬
‫عليها‪ .‬ويعين هذا أن الالمسيناواة املدرسينية راجعينة إىل الرغبينات الفرديينة‪ ،‬ولينيس إىل اخينتالف الرأمسينال‬
‫الثقايف أو إىل طبيعة الطبقة املهيمنة أو إىل قاعدة إنتاج الطبقات نفسها‪ .‬وإذا كانت املسيناواة مغيبينة‬
‫إىل حينيند مينينا يف اجملتمينينع اللي ينربا ‪ ،‬فإناينه يتميينينز باحلريينينة‪ .‬أمينينا يف اجملتمعينينات االش ينرتاكية‪ ،‬فهنينيناك مسينيناواة‬
‫بدون حرية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -4‬النظرية الماركسية‪:‬‬
‫تعد النظرية املاركسية أو املادية التارخيية من أهم النظريات السوسيولوجية الكربى‪ ،‬تقوم على مبدإ‬
‫الصراع اجلد ‪ ،‬واملادية التارخيية‪ ،‬وترجيح كفة ماهو مادي واقتصادي على ماهو فكري وثقايف‪ .‬ومن مث‪،‬‬
‫تتخذ هذه النظرية توجها ماديا واقتصاديا حمضا‪.‬‬
‫وترتبط النظرية املاركسية باملفكر األملاين كارل ماركس‪ ،‬وظهرت يف سياق تارخيي متيز بالصراع‬
‫النضا واجلد بني البورجوازية مالكة وسائل اإلنتاج‪ ،‬والطبقة العمالية صاحبة القوة اإلنتاجية‪ ،‬وكان‬
‫ذلك يف القرن التاسع عشر امليالدي‪ ،‬عصر الثورة الصناعية والعمالية‪ .‬وكان سبب هذا الصراع هو الظلم‬
‫الذي كانت تعانيه الطبقة الربوليتارية من جراء عسف الطبقة البورجوازية وبطشها وجتربها وتعنتها‪ ،‬إىل‬
‫جانب ماكانت متارسه من استغالل واستيالب ومعاملة سيئة يف حق هؤالء العمال‪ ،‬وطردهم من‬
‫أعماهلم ووظائفهم ومناصبهم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬جاءت املاركسية للتعبري عن مهوم الطبقة العمالية وحمنها‪،‬‬
‫وجتسيد آماهلا وطموحاهتا وتطلعاهتا‪.‬‬
‫وميكن التمييز بني ماقبل املاركسية اليت كانت عبارة عن تصورات ميتافيزيقية وتأمالت مثالية‬
‫ساذجة وحاملة‪ ،‬ومرحلة املاركسية العلمية مع كارل ماركس وأجنلز‪ ،‬وقد متيزت هذه النظرية بطابعها‬
‫العلمي واليقيين‪ ،‬بل إهنا قادرة على االستشراف والتنبؤ‪ .‬وبالتا ‪ ،‬فقد كانت املاركسية نظرية سوسيولوجية‬
‫ثورية وراديكالية التؤمن بتفسري العامل أو ا افظة عليه‪ ،‬بل كانت تدعو إىل تغيريه جذريا‪ ،‬يف إطار منظور‬
‫مادي تارخيي وجد ‪ ،‬يؤمن بالعمل واملمارسة‪ ،‬مع السعي اجلاد إىل القضاء على الليربالية والفكر‬
‫البورجوازي الفردي‪ .‬وأكثر من هذا‪ ،‬فقد وضعت املاركسية تطورا تارخييا للبشرية اليت قطعت أطوارا عدة‬
‫هي‪ :‬املرحلة املعاشية‪ ،‬واملرحلة العبودية‪ ،‬واملرحلة اإلقطاعية‪ ،‬واملرحلة البورجوازية‪ ،‬واملرحلة االشرتاكية‪،‬‬
‫وبعد ذلك‪ ،‬تنتقل اإلنسانية إىل املرحلة الشيوعية بعد القضاء على امللكية اخلاصة‪ ،‬وإزالة الدولة‪ ،‬والقضاء‬
‫على الطبقات االجتماعية‪ ،‬وإشاعة األموال والنساء‪.‬‬
‫وما يالحظ على هذه السوسيولوجيا أهنا رؤية ثورية تقويضية وراديكالية أساسها التغيري اجلد‬
‫انطالقا من املادية التارخيية‪ ،‬لكن يغلب عليها الطابع امليتافيزيقي‪ ،‬والرؤية الشعرية احلاملة‪ ،‬والطوباوية‬
‫اخليالية‪ ،‬وانفصال النظرية عن الواقع‪ ،‬وفشل التنبؤات املاركسية يف حتقيق غاياهتا ومراميها وأهدافها‬
‫البعيدة‪ .‬والدليل على ذلك أن حتولت الدول االشرتاكية إىل دول رأمسالية أو دول اقتصاد السوق بدال‬
‫من حتوهلا إىل دول شيوعية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ثانيا‪ ،‬النظريات السو يولوجية المعاصرة‪:‬‬


‫‪ -1‬النظرية الصراعية‪:‬‬
‫تنبين املقاربة الصراعية على مفهوم الصراع واالختالف حول السلطة والقوة‪ .‬فاجملتمع غري خاضع‬
‫ملبدإ النظام والتوازن واالنسجام كما يقول الوظيفيون (دوركامي‪ ،‬وبارسونز‪ ،‬ومريتون)‪ ،‬بل قائم على الصراع‬
‫واالختالف والتوتر‪.‬‬
‫وترتكز املقاربة الصراعية على التوجه املاركسي اجلديد‪ ،‬وعلى أساس أن املدرسة هي فضاء‬
‫للصراعات الطبقية واالجتماعية واللغوية والرمزية‪ ،‬أو هي فضاء للصراع حول السلطة والقوة‪ .‬وتتبىن هذه‬
‫املقاربة التصورات النقدية يف ضوء مقرتب ماركسي جديد‪ .‬وتنطلق هذه املقاربة من أن العالقات‬
‫االجتماعية هي اليت تتحكم يف التوجيه املدرسي‪ ،‬وهي اليت تساهم يف حتقيق النجاح أو تكون وراء‬
‫اإلخفاق الدراسي‪ .‬ومن مث‪ ،‬فاألصل االجتماعي عنصر مهم يف التحليل السوسيولوجي‪ ،‬لكنه اليعترب‬
‫العنصر الوحيد يف فهم الظاهرة الرتبوية وتفسريها اجتماعيا‪ .‬فاملدرسة‪ ،‬يف منظور هذه النظرية‪ ،‬مثل آلة‬
‫إلعادة إنتاج الالمساواة الطبقية واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -2‬النظرية التفاعلية الرمزية‪:‬‬
‫إذا كانت البنائية ترى أن اجملتمع هو الذي يؤثر يف الذات‪ ،‬فإن التفاعلية ترى عكس ذلك‪ ،‬أ ان‬
‫الذات هي اليت تؤثر يف اجملتمع‪ .‬مبعىن أن الناس هم الذي يؤسسون اجملتمع بأفعاهلم وتصرفاهتم‬
‫وسلوكياهتم الواعية واهلادفة‪ .‬ويسمى هذا املنظور بالتفاعلية الرمزية‪ ،‬ألن األفراد يف تواصلهم وتفاعلهم‪،‬‬
‫يستخدمون الرموز واإلشارات والعالمات واأليقونات واإلمياءات‪ .‬ومن مث تتخذ أفعاهلم طابعا نسقيا‬
‫زاخرا بالدالالت السيميائية والرمزية اليت تستوجب الفهم والتأويل‪ .‬وتعد اللغة أهم عنصر لدى هؤالء‪،‬‬
‫مادامت تؤدي دورا تواصليا ورمزيا‪.‬‬
‫وينطلق أنصار هذه النظرية التفاعلية الرمزية من أن اجملتمع هو الذي يشكل األفراد ويصنعهم‪،‬‬
‫ولكن للفرد أيضا دور وفعل إبداعي يف صنع هذا اجملتمع بأفعاله الرمزية والتواصلية‪ ،‬كما يرى رائد هذه‬
‫املدرسة وليام توماس‪ .‬فهناك تفاعل متبادل بني الذات واجملتمع‪ ،‬مثل تفاعل املدرس مع التلميذ بشكل‬
‫مزدوج‪.‬‬
‫ويقصد بالتفاعل الرمزي ذلك التفاعل الذي يقوم بني األفراد‪ ،‬ضمن نسق جمتمعي معني‪ ،‬ويظهر ذلك‬
‫التفاعل يف جمموعة من السلوكيات اليت يقوم هبا فاعل ما‪ ،‬يف عالقة بالسلوك الذي يصدر عن الفاعل‬
‫‪45‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫اآلخر‪ .‬وبتعبري آخر‪ ،‬تصدر عن الذوات املتبادلة جمموعة من األفعال وردود األفعال يف متاثل مع بنية‬
‫اجملتمع‪ .‬وتتخذ هذه األفعال معاين ودالالت رمزية متنوعة تستلزم الفهم والتأويل‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬النظم االجتماعية‪.‬‬
‫ال يوجد جمتمع إال وتوجد فية بعض النظم االجتماعية وذلك ألمهيتها‪ ،‬فهي تسعى لتلبية‬
‫حاجات اإلنسان املتعددة – وتنظم السلوك – وحتدد العالقات االجتماعية يف عتلف جوانب احلياة‬
‫وبأساليب منتظمة‪ ،‬وألهنا تسعى اىل ربط أجزاء اجملتمع املختلفة‪ .‬ويستخدم بعض علماء االجتماع‬
‫واألنثروبولوجيا عددا من املصطلحات عند احلديث عن النظم االجتماعية‪ ،‬مثل ‪ :‬املؤسسات‬
‫االجتماعية‪ ،‬النسق االجتماعي عند حتليل النظم أو املؤسسات‪ ،‬وهم يشريون إىل نفس الظواهر‪ ،‬ولكن‬
‫مصطلح (النسق) خيتلف فهو أكثر عمومية من النظم أو املؤسسات‪.‬‬
‫تعريف النظام االجتماعي‪:‬‬
‫مل يتخذ العلماء تعريفا واحدا للنظام االجتماعي‪ ،‬يتفقون عليه ويسلمون به‪ .‬ومن أبسط‬
‫التعاريف اليت وضعت للنظام االجتماعي أناه طريقة مقننة للسلوك االجتماعي‪ .‬أو الطرق القائمة واملنظمة‬
‫لتلبية حاجات انسانية معينة وضرورية‪.‬‬
‫خصائص النظام االجتماعي‪:‬‬
‫يلخص الشكل املوا أهم خصائص النظام االجتماعي‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :2‬خصائص النظام االجتماعي‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وظائف النظم االجتماعية‪:‬‬


‫يلخص الشكل املوا أهم وظائف النظام االجتماعي‪.‬‬
‫الشكل رقم ‪ :3‬وظائف النظام االجتماعي‪.‬‬

‫عناصر النظام االجتماعي‪:‬‬


‫‪ -1‬عناصر النظام االجتماعي عند جراهام يمنر‬

‫‪47‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫عناصر النظام االجتماعي عند جورج لندورج‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أنواع النظم االجتماعية‪:‬‬


‫النظام األ ري‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪48‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -2‬النظام االقتصادي‪:‬‬

‫‪ -3‬النظام السيا ي‪:‬‬

‫‪49‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -4‬النظام الديني‪:‬‬

‫‪ -5‬النظام الترووي‪:‬‬

‫النظام األ ري‪:‬‬


‫يعترب النظام األسري من أهم وأقدم النظم االجتماعية‪ .‬فلألسرة أمهية يف حياة الفرد واجلماعات‬
‫من حيث أهنا هي الوحدة البنائية اليت تنشأ عن طريقها اجلماعات االجتماعية‪ .‬وهي اليت تنظم سلوك‬
‫األفراد مبا يتالءم مع األدوار االجتماعية‪ .‬وتعترب النتيجة الضرورية للزواج‪ ،‬تزود الطفل بالقيم اليت تساعده‬
‫على التكيف‪ .‬كما أ اهنا ظاهرة عامة يف كل اجملتمعات اإلنسانية‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫وتعرف األسرة على أ اهنا مجاعة اجتماعية تتميز مبكان إقامة مشرتكة وتعاون اقتصادي‪ ،‬ووظيفة‬‫ا‬
‫تكاثرية‪ ،‬ويوجد بني أعضائها على األقل عالقة جنسية يعرتف هبا اجملتمع‪ ،‬وتتكون األسرة يف األقل من‬
‫ذكر بالق وأنثى بالغة وطفل‪ .‬وتؤدي األسرة قدميا أربع وظائف‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم النشاط اجلنسي‪.‬‬
‫‪ -‬اإلجناب‪.‬‬
‫‪ -‬التنشئة االجتماعية ‪ :‬بدنيا – اللعب – اكساهبم عناصر ثقافية من لغة وقيم‪.‬‬
‫‪ -‬وظيفة اقتصادية‪ ،‬وهي تأمني االحتياجات املادية‪.‬‬
‫اأما حديثا فبعض الوظائف التقليدية تغريت أو تولتها مؤسسات أخرى بشكل جزئي‪ .‬كما أ ان اجملتمع‬
‫أخذ يسلب وظائف األسرة الواحدة بعد األخرى‪ ،‬ويوجد لكل وظيفة نظام أو هيئة خاصة‪.‬‬
‫وتنقسم األسرة اىل منطني‪:‬‬
‫األ رة الممتدة‪ :‬تتكون عادة من الزوج والزوجة وأبنائهما الصغار‪ ،‬كما تضم املتزوجني منهم مع‬
‫أبنائهم‪ ،‬ويقيم اجلميع يف منزل واحد غالبا‪ .‬ويالحظ أن األسرة املمتدة تتكون عادة من ثالثة أجيال أو‬
‫أكثر من نفس األسرة يتشاركون يف املنزل واملوارد االقتصادية‪.‬‬
‫األ رة النووية‪ :‬تتكون من األب واألم وأبنائهما غري املتزوجني‪ ،‬ويكثر هذا النمط من األسر يف‬
‫اجملتمعات احلضرية والصناعية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫أنماط الزواج‪:‬‬

‫واألسرة يف الريف عتدة متعددة الزوجات‪ ،‬فقد يتزوج الرجل بأربع زوجات وينجب منهم أبناء مث‬
‫يتزوج الذكور منهم وتعيش زوجاهتم معهم يف نفس السكن وينجبوا أطفال‪ ،‬وتشكل يف النهاية وحدة‬
‫قرابية متكاملة يف دار واحدة‪ .‬وتنشأ بينهم أمناط من العالقات االجتماعية‪ .‬ولكن بسبب التغريات‬
‫والنماء االقتصادي‪ ،‬وانتشار التعليم‪ ،‬بدأت ظاهرة تعدد الزوجات وكثرة اإلجناب تتقلص وأصبحت‬
‫األسرة النووية هي الغالبة يف املدينة‪.‬‬
‫النظام الترووي‪:‬‬
‫هو جمموعة من العمليات اليت توجه بوجه خا لنقل املعرفة واملهارات والقيم بطريقة رمسية‬
‫نظامية‪ ،‬كما حيدث يف التعليم وبطريقة غري رمسية‪ ،‬ويهدف إىل إعداد األفراد منذ طفولتهم كي يصبحوا‬
‫أعضاء فعاليني ومشاركني بإجيابية يف اجملتمع‪ .‬والنظام الرتبوي أكثر مشوال يف مضامينه من النظام‬
‫التعليمي‪ ،‬فالنظام الرتبوي نظام اجتماعي يقوم بدور وظيفي يف إعداد وتنشئة النشئ‪ ،‬من خالل وسائل‬
‫ومؤسسات وأجهزة هلا فاعلية يف تكوين الفرد وهتيئته‪ ،‬من الناحية اجلسمية والعقلية واألخالقية‪ ،‬ليصبح‬
‫عضوا فاعال يف جمتمعه‪.‬‬
‫‪ -1‬وظائف النظام الترووي‪:‬‬
‫‪ -‬نقل الرتاث الثقايف من األجيال املاضية إىل األجيال احلاضرة‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية القيم واالجتاهات املرغوبة اجتماعيا‪.‬‬
‫‪ -‬صياغة شخصية املواطن مبا يتفق مع اجملتمع‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -‬توجيه ميول األفراد وتنمية قدراهتم مبا خيدم قضايا اجملتمع‪.‬‬


‫‪ -‬مواجهة مشكالت اجملتمع املتعددة‪.‬‬
‫‪ -‬غرس الفضيلة والقيم األخالقية يف األبناء‪.‬‬
‫‪ -2‬خصائص النظام الترووي‬

‫النظام االقتصادي‪:‬‬
‫هو ذلك النظام الذي يهتم بإنتاج الثروة وتوزيعها واستهالكها بني أفراد اجملتمع ويعترب النظام‬
‫االقتصادي العمود الفقري للمجتمع‪ .‬وختتلف األنظمة االقتصادية من جمتمع آلخر‪ .‬كما أ ان للنظام‬
‫االقتصادي جانب كبري من األمهية ألنه‪:‬‬
‫‪ -‬يضم إليه من نشاط اإلنسان ما يتعلق باإلنتاج الرعوي والزراعة والصناعة‪.‬‬
‫‪ -‬يضم أنشطة التوزيع املختلفة سواء ما يتعلق باجلملة أو القطاعي أو اجلماعي أو الفردي‪.‬‬
‫‪ -‬تديرها الدولة أو اهليئات التعاونية‪.‬‬
‫‪ -1‬عمليات النظام االقتصادي‪:‬‬
‫‪ -‬عملية اإلنتاج‪ :‬وتتضمن احلصول على املوارد أو حتويلها إىل سلع نافعة‪ ،‬وتشمل ثالث عناصر هي‪:‬‬
‫األرض – العمل – رأس املال‪ ،‬وأحيانا تنظيم اإلنتاج واالستثمار‪.‬‬
‫‪ -‬عملية التوزيع‪ :‬وتعين توزيع أو نقل حاصل اإلنتاج‪ ،‬وترتبط بامللكية وأنواعها‪ .‬وتشمل على عمليات‬
‫فرعية‪ ،‬هي ‪ :‬املبادلة – املقايضة – إعادة التوزيع‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -‬عملية االستهالك‪ :‬وتعين استخدام نتاج عملية اإلنتاج من سلع وخدمات‪ ،‬وترتبط بالقوة الشرائية‬
‫وبعالقة الفرد باإلنتاج والتوزيع‪.‬‬
‫كل هذه العمليات مرتابطة وعاملية‪ ،‬إال أن اجملتمعات ختتلف فيما ينتج وكيف ومن يقوم به‪،‬‬
‫كما ختتلف يف أسس التوزيع وأمناط االستهالك‪.‬‬
‫‪ -2‬مراحل تسور المجتمعات من الناحية االقتصادية‪:‬‬

‫النظام السيا ي‪:‬‬


‫يقصد به طريقة احلكم يف اجملتمع‪ ،‬وحتديد العالقة بني احلاكم وا كوم‪ ،‬والقوانني اليت تضبط‬
‫العالقة بني أبناء اجملتمع‪ .‬والنشاط السياسي يقوم بتأمني احلياة اآلمنة‪ ،‬واحلماية من العدوان الداخلي‬
‫واخلارج‪ ،‬ونشر العدالة‪.‬‬
‫ولقد تعددت أنظمة احلكم والسياسة يف جمتمعاتنا احلاضرة وظهرت يف الفكر السياسي املعاصر‬
‫نظريتان مها‪ :‬النظرية الرأمسالية‪ ،‬والنظرية املاركسية أو الشيوعية‪ .‬اأما اجملتمعات اإلسالمية فتتميز بنظام‬
‫سياسي نابع من الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫الفصل السادس‪ :‬العمليات االجتماعية والثقافية‬


‫إذا كان كل من البناء االجتماعي والنسق الثقايف يتضمنان معىن الثبات‪ ،‬فإ ان العمليات‬
‫االجتماعية والثقافية تشري إىل أمناط التفاعل املتكررة املستمرة‪ ،‬اليت توجد عادة يف احلياة االجتماعية‬
‫والثقافية‪ ،‬وتتضمن معىن التغري أو التحول أو الدينامية‪ .‬وعلى الرغم من وجود الرتابط والتداخل الوثيق‬
‫بني كل من العمليات االجتماعية والثقافية‪ ،‬نتيجة ألن التفاعل االجتماعي الثقايف يتضمن يف الواقع‬
‫ثالثة عناصر مرتابطة ومتفاعلة ومتساندة‪ ،‬هي‪ :‬الثقافة‪ ،‬واجملتمع‪ ،‬والشخصية‪.‬‬
‫أوالا‪ ،‬العمليات االجتماعية‪:‬‬
‫يقصد بالعمليات االجتماعية‪ ،‬أمناط التفاعل املتكررة اليت توجد عادة يف احلياة االجتماعية‪.‬‬
‫وبتعبري آخر األمناط اهلامة املتكررة للسلوك االجتماعي‪ ،‬اليت متيز التفاعالت بني األفراد واجلماعات‪.‬‬
‫وتنشأ العمليات االجتماعية نتيجة التفاعل بني األفراد عن طريق اإلشارات واللغة‪ .‬وليس من الضروري‬
‫أن تتم هذه االتصاالت عن طريق عالقات الوجه للوجه‪ ،‬إذ ميكن أن تتم االتصاالت بعدة طرق‪ ،‬مثل‬
‫التليفون‪ ،‬أو الرسائل والكتب‪ ،‬الرسم‪ ،‬أو عن طريق قطعة من املوسيقى‪.‬‬
‫وجند أن عمليات التفاعل االجتماعي بني الناس قد تصنف بطرق عتلفة‪ ،‬منها العمليات‬
‫الرتابطية‪ ،‬اليت تؤدي إىل التقارب بني الناس‪ ،‬والعمليات االنفصالية‪ ،‬اليت تؤدي إىل االنقسام‪ .‬وكذلك‬
‫ختتلف العمليات االجتماعية اليت تقوم بني األفراد يف طبيعتها ومظهرها‪ ،‬فمنها ما يؤدي إىل التنافر‬
‫والتفكك‪ ،‬مثل عمليات التنافس والصراع‪ ،‬وما يؤدي إىل التجاذب والتكامل‪ ،‬كعمليات التعاون والتوافق‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫والعمليات االجتماعية اليت حتدث يف اجملتمع‪ ،‬ليست غاية يف حد ذاهتا‪ ،‬بل هي مؤقتة‪ ،‬تؤدي‬
‫إىل تكوين عالقات أكثر دواما واستمرارا‪ .‬وال تكمن أمهيتها يف حد ذاهتا بقدر ما تكمن فيما تسهم به‬
‫من استمرار يف احلياة االجتماعية‪ .‬فالتنافس بني األفراد‪ ،‬مثال‪ ،‬يؤدي إىل تفوق بعضهم على بعض عا‬
‫يؤدي إىل ظهور السيادة‪ .‬وقد يؤدي إىل عدم تفوق أحد من املتنافسني والوصول إىل حل وسط يرتضيه‬
‫اجلميع‪ ،‬ويؤدي التعاون كذلك إىل جناح املتعاونني وتفوقهم مثال أو ارتفاعهم يف السلم االجتماعي‪.‬‬
‫والعمليات االجتماعية كثرية ومعقدة‪ .‬وستناول فيما يلي دراسة هذه العمليات الرئيسية اليت تقوم‬
‫بدور هام يف حياة اجملتمعات‪ ،‬وهى‪ :‬التعاون‪ ،‬املنافسة‪ ،‬التوافق االجتماعي‪ ،‬والتغري االجتماعي‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -1‬التعاو ‪:‬‬
‫تكون عملية التعاون نتيجة للتفاعل بني األفراد يف اجملتمع‪ .‬ويقصد بالتعاون‪ ،‬تلك اجلهود‬
‫املشرتكة بني فردين أو أكثر من أجل حتقيق أهداف أو مصاحل مشرتكة‪ .‬وبتعبري آخر‪ ،‬التعاون هو العملية‬
‫اليت عن طريقها حياول األفراد أو اجلماعات حتقيق أهدافهم من خالل املساعدة املتبادلة‪ .‬وتتميز احلياة‬
‫االجتماعية بوجود قوى عتلفة تعمل على اتصال األفراد بعضهم ببعض‪ ،‬ويتميز االتصال عادة بنوع من‬
‫التضامن أو التعاون‪ .‬فالناس عندما يتصلون ببعضهم البعض‪ ،‬وحني يعملون معا من أجل حتقيق هدف‬
‫مشرتك‪ ،‬مسي هذا التصرف أو هذه العملية تعاونا‪.‬‬
‫وقد يأخذ التعاون أشكاال عديدة‪ ،‬لعل أمهها هذا الشكل الذي يربز يف جمال العمل‪ .‬فنحن‬
‫نصف األفراد بأهنم متعاونون إذا اشرتكوا يف عمل شيء واحد‪ .‬مبعىن أهنم يؤدون وظيفة معينة‪ ،‬حيث‬
‫يقومون مجيعا بنفس العمل‪ .‬إالا أ ان هناك نوعا آخر من األعمال يتطلب أنواع عتلفة من العمل‪ ،‬كأن‬
‫يعمل األفراد معا لتحقيق غاية عامة على أساس أن كال منهم يعمل عمال متخصصا عالفا ملا يعمله‬
‫اآلخر‪ ،‬فالتعاون هنا قائم برغم اختالف عمل كل من األفراد املتعاونني‪ .‬ونالحظ أن هذا النوع األخري‬
‫من التعاون ناتج عن التخصص يف اجملتمع احلديث وتقسيم العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬المنافسة‪:‬‬
‫تعترب عملية املنافسة من أهم العمليات االجتماعية اليت حتدث يف اجملتمع‪ ،‬وتؤدي إىل التنافر‬
‫والتفكك‪ ،‬بل أهنا قد تعرض النظام االجتماعي إىل نوع من اخللل الوظيفي‪ .‬وميكن تعريف املنافسة بأهنا‬
‫عبارة عن اجلهود اليت يبذهلا األفراد أو اجلماعات من أجل الفوز أو التفوق على بعضهم البعض‪،‬‬
‫واحلصول على املكافآت اليت تعد حمدودة من حيث الكم‪ .‬أي أن التنافس هو عملية تزاحم األفراد‬
‫‪56‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫واجلماعات من أجل احلصول على نفس األهداف أو املصاحل‪ ،‬يف الوقت الذي تكون فيه الفر‬
‫حمدودة‪.‬‬
‫ويف عملية التنافس‪ ،‬جند أن كل فرد يسعى إىل حتقيق املكسب أو اهلدف لنفسه كامال‪ ،‬أو أخذ‬
‫نصيب األسد منه‪ ،‬سواء كان هذا املكسب أو اهلدف يتمثل يف احلصول على املال‪ ،‬أو القوة‪ ،‬أوالنفوذ‬
‫أو حتقيق األمن‪ ،‬أو غري ذلك من املكاسب أو األهداف‪ .‬كما أ ان املتنافسني عادة ما حياولون حتقيق‬
‫أهدافهم‪ ،‬دون إحلاق الضرر باآلخرين أو تدمري منافسيهم‪ ،‬وذلك على النحو الذي حيدث عندما تشتد‬
‫عملية التنافس بني األفراد أو اجلماعات‪ ،‬ويتحول التنافس بينهم إىل نوع من الصراع‪.‬‬
‫وميكن تعريف الصراع‪ ،‬بأنه العملية اليت عن طريقها حياول األفراد أو اجلماعات حتييد أو إحلاق‬
‫الضرر أو التخلص من منافسيهم‪ .‬أي أن الصراع يشري إىل اجتاه األفراد أو اجلماعات حنو التفوق أو‬
‫الفوز على غريهم من األفراد أو اجلماعات املعارضة‪ ،‬وإبعادهم عن املنافسة بأية طريقة عكنة‪.‬‬
‫‪ -3‬التوافق االجتماعي‪:‬‬
‫يستخدم علماء االجتماع مصطلح التوافق للتعبري عن عملية الرتاضي أو الصلح بني األطراف‬
‫املتنافسة أو املتصارعة سواء كانوا أفرادا أو مجاعات‪ .‬وعلى هذا األساس ال يطلق هذا االصطالح إالا‬
‫على من كانوا يف حالة متنافسة سابقة أو عداء سابق لوقوع التوافق‪.‬‬
‫وميكن تعريف التوافق بأنه أحد العمليات االجتماعية اليت تعين بتقليل الصراع واستعادة التفاعل‬
‫السلمي‪ ،‬أي أنه التكيف السلمي بني مجاعات متنافسة أو عدائية‪ .‬كما ميكن تعريف التوافق بأنه النهاية‬
‫املؤقتة أو الدائمة للصراع الذي يسمح للجماعات املتعارضة بأن تؤدي وظائفها جبانب بعضها البعض‬
‫بدون أي عداء واضح‪ .‬عا يشري إىل أن التوافق قد ال يعمل على إزالة أسباب اخلالف هنائيا‪ ،‬ولكنه‬
‫يعمل على توقف الصراع بشكل مؤقت أو إخفائه عن الظهور‪.‬‬
‫وجند أن هناك صور سلوكية عتلفة من التوافق يلجأ إليها األفراد أو اجلماعات هبدف التوافق مع‬
‫ظروف احلياة املتغرية‪ .‬أي أن للتوافق أشكاال متعددة تتفق مع نوع العالقة بني األطراف املتنازعة من‬
‫حيث تفوق أحدها قوة أو نفوذا‪ ،‬كما تتفق مع نوع الثقافة السائدة يف اجملتمع‪ .‬وقد يتخذ التوافق عدة‬
‫صور سلوكية أو أشكال عتلفة‪ ،‬مثل التوافق أو التقريب بني وجهات النظر‪ ،‬والوساطة والتحكيم‪،‬‬
‫واهلدنة‪ ،‬والتسامح‪ ،‬والتعاقد‪ ،‬والعملية القضائية‪ .‬باإلضافة إىل أن عملية التوافق قد يكون هلا أشكال‬
‫أخرى‪ ،‬مثل االستسالم‪ ،‬والتربير‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ويعد التوافق أو التقريب بني وجهات النظر ‪ ،‬أحد أشكال عملية التوافق اليت عن طريقها يتم‬
‫االتفاق على أن تقوم اجلماعة املتنازعة باحلصول على بعض أهدافها دون احلصول عليها مجيعا‪ ،‬وذلك‬
‫من أجل التخفيف من حدة اخلالفات أو الصراعات‪ .‬وتقوم عملية الوساطة على أساس اجلمع بني‬
‫األطراف املتنازعة إلجياد الرغبة بينهم يف حل خالفاهتم‪ .‬وميكن للوسيط أن يقرتح أساسا للتوفيق إذا مل‬
‫يتمكن كل من الفريقني من االتفاق على أسس معينة‪ ،‬واقرتاحات الوسيط يف هذه احلالة غري ملزمة ألي‬
‫من الطرفني‪ ،‬وذلك على عكس التحكيم‪ ،‬حيث جند أن قرار هيئة التحكيم يكون ملزما لألطراف‬
‫املتنازعة‪ ،‬وتتكون هيئة التحكيم كما هو احلال يف الوساطة من أفراد غري متحيزين ألي من األطراف‬
‫املتنازعة‪ ،‬بل إن عدم التحيز هنا ضروري جدا ألن قرار اهليئة ملزم‪.‬‬
‫أما اهلدنة‪ ،‬فهي شكل من أشكال التوافق يشري إىل حدوث االتفاق بني األطراف املتنازعة على‬
‫الكف عن اخلالف أو الصراع على الرغم من عدم القدرة على حل املشكالت اليت أدت إىل هذا‬
‫اخلالف أو الصراع‪.‬‬
‫وحيدث التسامح عندما يكون من الصعب أن يتنازل كل من الفريقني املتنازعني عن بعض‬
‫األهداف أو املصاحل اليت يرغبون يف حتقيقها‪ .‬ويتفق الطرفان على التسامح عادة بعد أن يكونا قد قطعا‬
‫مرحلة طويلة من اخلالف والصراع دون أن يصل أي منهما إىل نتيجة قاطعة عا يدفعهما إىل الرغبة يف‬
‫الكف عن صراعهما‪ ،‬رغبة يف إعادة األمن والسالم‪ ،‬مع احتفاظ كل منهما بشعوره واجتاهاته حنو‬
‫اآلخر‪ ،‬ودون حماولة أي من الطرفني قبول أو تعديل أمناط سلوك الطرف اآلخر‪ .‬وعادة ما حيدث‬
‫التسامح نتيجة لصعوبة إقناع أحد الطرفني لآلخر بوجهة نظره مع رغبته يف الوقت نفسه يف حتقيق عدد‬
‫من املصاحل املشرتكة‪ ،‬اليت ال ميكن حتقيقها مع استمرار النزاع أو اخلالف‪.‬‬
‫ويشري التعاقد إىل هذا االتفاق الذي حيدث بني جمموعتني من األفراد أو اجلماعات‪ ،‬على أن‬
‫يقوم كل منهما أو ال يقوم بعمل شيء حمدد‪ ،‬يف مقابل احلصول على بعض املزايا أو املكاسب من‬
‫اجملموعة األخرى‪ .‬ومن مث يؤدي التعاقد إىل التخفيف من حدة اخلالفات أو الصراعات اليت قد حتدث‬
‫بني اجملموعتني إذا مل يتم بينهما هذا االتفاق املشرتك‪.‬‬
‫وقد يلجأ األفراد أو اجلماعات املتنازعة إىل القضاء كوسيلة حلل مشكالهتم والفصل فيها‪ ،‬عا‬
‫يؤدي إىل إزالة أسباب اخلالفات وإعادة االنسجام بني األطراف املتنازعة ‪ .‬وأحيانا ينتهي الصراع‬
‫باالستسالم‪ ،‬وذلك يف حالة انتصار أحد الطرفني املتنازعني‪ ،‬وال يكون أمام املغلوب ٍ‬
‫وقتئذ إال أن‬

‫‪58‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫يستسلم وخيضع للشروط اليت يفرضها املنتصر‪ ،‬فإذا مل يرض هبا واصل صراعه مع احتمال القضاء عليه‬
‫كلية‪ .‬وعادة ما يكون االستسالم إما للقوة املادية أو للتهديد الذي يصدر عن طرف يشعر بقوته عن‬
‫اآلخر‪ ،‬كما قد يكون استسالما للقوة العقلية إذا كان استسالما للرأي‪.‬‬
‫وباإلضافة إىل أشكال التوافق االجتماعي السالفة الذكر‪ ،‬جند أن هناك شكل آخر للتوافق يطلق‬
‫عليه عملية التربير‪ .‬ويف هذا الشكل يربز العامل النفسي إلحالل التوافق حمل النزاع‪ ،‬على أن يتم ذلك‬
‫على أساس وضع أسس لتربير هذا التوافق عن طريق إبراز معلومات جديدة عن موضوع اخلالف تعمل‬
‫على إرضاء كل من الطرفني‪ .‬ويف احلاالت اليت يتم فيها هذا التوافق حتل الصداقة حمل العداء‪ ،‬ولكن‬
‫يصعب مع ذلك توافر التوافق الكامل نظرا لصعوبة توحيد التفكري بني األطراف املتنازعة‪ ،‬فهم وإن كانوا‬
‫سيعملون معا وخيدم كل منهم اآلخر‪ ،‬إال أن كل منهم سيظل حمتفظا بطريقته يف التفكري وبوجهة نظره‪.‬‬
‫‪ -4‬التغير االجتماعي‪:‬‬
‫يعترب موضوع التغري االجتماعي من أهم املوضوعات اليت شغلت علماء االجتماع‪ ،‬ويستدل على‬
‫ذلك من كثرة التعاريف اليت وضعها العلماء ملفهوم التغري االجتماعي‪ ،‬باإلضافة إىل تعدد النظريات‬
‫السوسيولوجية اليت حتاول تفسري أسباب التغري االجتماعي‪.‬‬
‫ويشري التغري االجتماعي إىل العملية اليت عن طريقها حيدث حتول أو اختالف أو تطور‪ ،‬سواء يف‬
‫البناء االجتماعي أو العالقات االجتماعية‪ ،‬خالل فرتة من الزمن‪ .‬ونالحظ أن هذا التغري االجتماعي‬
‫ليس إال جزءا من عملية أكرب وأوسع من عمليات التغري يف اجملتمع‪ ،‬وهي تلك اليت يطلق عليها اسم‬
‫التغري الثقايف‪ ،‬واليت تشري إىل التغري يف ثقافة اجملتمع‪.‬‬
‫ومن املالحظ أن اجملتمع اإلنساين شأنه يف ذلك شأن األفراد ومظاهر الطبيعة األخرى‪ ،‬يف تغري‬
‫دائم‪ .‬إذ أن التغري سنة من سنن الوجود‪ .‬وال يأخذ التغري صورة واحدة يف مجيع األحوال‪ ،‬فتارة يكون‬
‫هادئا‪ ،‬حيدث تدرجييا بشكل يكاد يكون ال شعوريا‪ ،‬وتارة يكون عنيفا جارفا‪ .‬وقد يكون التغري شامال‬
‫عاما‪ ،‬وقد يقتصر على ناحية أو عدة نواح من احلياة االجتماعية‪.‬‬
‫أ‪ -‬مصادر التغير االجتماعي‪:‬‬
‫‪ 1‬ين البيئة اجلغرافية وما تتضمنه من مناخ وتضاريس وتربة ومواد أولية‪ ،‬ومجيعها تؤثر يف مدى التغري‬
‫االجتماعي‪ ،‬على الرغم من أهنا من النادر أن تسبب هذا التغري‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ 2‬ين األفكار ميكن أن تكون أحد مصادر التغري االجتماعي‪ ،‬عن طريق تفاعلها مع املصادر أو العناصر‬
‫األخرى املسببة للتغري االجتماعي‪.‬‬
‫‪ 3‬ين التكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ 4‬ين التجديد الثقايف الذي يأخذ أشكاال متعددة مثل االكتشاف واالخرتاع‪.‬‬
‫‪ 5‬ين الفعل اإلنساين‪ ،‬مبعىن أن األفراد واجلماعات واهليئات ( مثل احلكومة ) تستطيع أن تؤثر تأثريا كبريا‬
‫يف عملية التغري االجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجماعات االجتماعية‪:‬‬
‫اجلماعات االجتماعية موجودة يف كل مكان وهي ختتلف فيما بينها من حيث الشكل وطرق‬
‫التنظيم والوظائف اليت تقوم هبا‪ .‬فمن اجلماعات ما هو صغري كاجلماعات األولية "األسرة"‪ ،‬ومنها ما‬
‫هو كبري‪ ،‬ومنها ما ينشأ بطريقة تلقائية‪ ،‬ومنها ما ينشأ بطريقة مقصودة‪ ،‬ومنها ما يؤدي وظائف واحدة‬
‫أو متعددة‪ .‬وتشري اجلماعة إىل جمموعة من األفراد يرتبطون معا مبجموعة معينة من الصالت والعالقات‬
‫االجتماعية‪ ،‬قد تكون كبرية (كالنقابات – الشركات – املصانع)‪ ،‬أو تكون صغرية كأفراد األسرة‪.‬‬
‫‪ -1‬أهمية الجماعة والنسبة للفرد في نموه االجتماعي‪:‬‬
‫‪ -‬اجلماعة تساعد الفرد يف سلوكه بإكسابه القوة والنفوذ‪.‬‬
‫‪ -‬عن طريق التفاعل االجتماعي تتكون الصداقة اجلديدة‪.‬‬
‫‪ -‬يكتسب الفرد املعايري االجتماعية للسلوك‪.‬‬
‫‪ -‬يتعلم الفرد السلوك االجتماعي املناسب‪.‬‬
‫‪ -‬يتعلم الكثري عن نفسه وعن زمالئه‪.‬‬
‫‪ -‬جيد الثقة والرضا يف عمله بني اجلماعة‪.‬‬
‫‪ -‬منو املهارات بدرجة أكرب يف داخل اجلماعة‪.‬‬
‫‪ -‬ينمو التفكري والتغيري يف النفس والقدرة على حل املشاكل‪.‬‬
‫‪ -‬عن طريق التفاعل يكتسب الفرد االجتاهات‪ ،‬وتتغري وتنمو فلسفة احلياة‪ ،‬وتتعدل وتكتسب القيم‬
‫وتنمو املبادئ‪.‬‬
‫‪ -‬يشعر الفرد باالعتزاز والقيام مبسؤوليته وحتقيق املكانة االجتماعية كمواطن صاحل‪.‬‬
‫‪ -‬يستمد الفرد قوة هائلة وشعورا باألمن والطمأنينة داخل اجلماعة‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -2‬أهمية الجماعة والنسبة للمجتمع‪:‬‬


‫‪ -‬اإلسهام يف منو وتقدم وحتسن اجملتمع واستمراره‪.‬‬
‫‪ -‬املؤسسات مجيعها (كاملدارس – املصانع) هي نتيجة جلهود اجملتمع‪.‬‬
‫‪ -‬مجيع أوجه النشاط االقتصادية واالجتماعية تقوم على أساس التفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬سعادة اإلنسان ال تتحقق إال عن طريق التفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬من أهم العوامل اليت تساعد على استمرارية اجلماعة يف اجملتمع وجود الرتابط والتماسك بني أفرادها‪،‬‬
‫مثال‪ :‬األسرة يتميز أفرادها بالرتابط وا بة واالهتمام‪.‬‬
‫‪ -3‬معايير الجماعة‪:‬‬
‫جيتمع الناس يف مجاعات حتكم املعايري االجتماعية سلوكهم داخل اجلماعة‪ ،‬ألن كل مجاعة هلا‬
‫معايري خاصة هبا ال ميكن للفرد اخلروج عنها أو تغيريها‪ .‬فسلوك كل فرد يتأثر بسلوك اآلخرين وأحيانا‬
‫يكون التأثري غري مباشر‪ ،‬مثال‪ :‬سلوك شخص جديد يف مجاعة معينة حني خيضع لسلوك اآلخرين‪ ،‬وقد‬
‫يكون التأثري مباشرا وأكثر وضوحا‪ ،‬مثال‪ :‬عند قبول شخص ما بدعوة شخص آخر للذهاب للسينما أو‬
‫السوق أو التصويت له‪ .‬وقد يكون أفراد اجلماعة غري واعني أحيانا بتأثرهم بسلوك اآلخرين‪.‬‬
‫ويف أي مجاعة هناك قوانني مقبولة أو معايري للسلوك اليت حتدد كيف جيب على الفرد أن‬
‫يسلك‪ ،‬فالقوانني ال حتتاج أبدا إىل التذكري‪ .‬مثال‪ :‬قول شكرا عندما تقدم لك خدمة معينة ‪ -‬ارتداء‬
‫املالبس يف اجلامعة‪ .‬وللمعايري آثار قوية على السلوك االجتماعي برغم عدم إدراك األفراد لذلك‪ ،‬مثال‪:‬‬
‫قراءة الصحف يف املنزل وليس يف داخل الفصل املدرسي التزاما باملعايري‪.‬‬
‫‪ -4‬أنواع الجماعات االجتماعية‪:‬‬

‫‪61‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫أ‪ -‬الجماعات األولية‬


‫حتدث عن خصائصها العامل شارلز كو (وهي كاألسرة – مجاعة اللعب – اجلوار) ورأى أهنا‬
‫ظاهرة عامة توجد يف مجيع التنظيمات االجتماعية‪ .‬ومن خصائصها‪:‬‬
‫‪ -‬مجاعات تقوم على عالقة الوجه للوجه املباشر بني أعضاء اجلماعات‪.‬‬
‫‪ -‬االتصال فيها اتصال قويا مباشرا وتقوم على أساس التعاون بني أفرادها‪.‬‬
‫‪ -‬حرية التعبري عن الشخصية والعواطف وينصهر األفراد يف وحدة مشرتكة‪.‬‬
‫‪ -‬هدف اجلماعة املصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ -‬صغرية احلجم‪.‬‬
‫‪ -‬هذه اجلماعات توجد يف مجيع التنظيمات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬يوجد بني أعضائها ما يسمى (الشعور بالنحن) وهذا الشعور جيعل الشخص داخل اجلماعة ويفصله‬
‫عن اجلماعة اخلارجية‪.‬‬
‫‪ -‬اجلماعة األولية تلعب دورا مهما يف توجيه حياة اإلنسان والشعور باألمن واكتساب مقومات‬
‫شخصيته منها‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجماعات الثانوية‪:‬‬
‫وهي مجاعة تتكون من عدد من الناس الذين جيمعهم قليل من الروابط العاطفية‪ ،‬وجيتمعون من‬
‫أجل حتقيق بعض املصاحل أو األهداف العملية اخلاصة‪ .‬ومن خصائصها‪:‬‬
‫‪ -‬أكرب حجما من األولية‪.‬‬
‫‪ -‬عالقة أفرادها غري مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬عالقاهتا رمسية‪.‬‬
‫‪ -‬أهدافها حمددة مثل‪ :‬التنظيمات‪ ،‬مؤسسات العمل‪.‬‬
‫ويالحظ أنه توجد عالقات متبادلة بني اجلماعات األولية والثانوية‪ ،‬فالثانوية تؤثر على شكل‬
‫ووظيفة اجلماعات األولية‪ ،‬واألولية تؤثر على اجلماعات الثانوية‪ .‬مثال‪ :‬دور األب يف األسرة يتأثر بدوره‬
‫يف العمل من حيث الدخل‪ ،‬ومن حيث الوقت الذي يقضيه مع أسرته‪ .‬ودور الفرد كأب يؤثر على‬
‫عمله خارج األسرة‪ ،‬ففي حالة وجود مشكلة داخل األسرة يتأثر عمل الفرد‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ج‪ -‬المنظمات االجتماعية‪:‬‬


‫هي عبارة عن مجاعات رمسية منظمة‪ ،‬تتكون من أجل هدف معني‪ ،‬قد يكون جتاريا‪ ،‬دينيا‪،‬‬
‫صحيا‪ ،‬تربويا‪ .‬وميكن اعتبارها مجاعات ثانوية‪ .‬مثال‪ :‬املؤسسات – الشركات – املصانع – البنوك ‪-‬‬
‫اجلامعات – النوادي – اجلمعيات اخلريية – العسكرية‪.‬‬
‫وتلعب املنظمات االجتماعية الرمسية دورا رئيسيا يف حياتنا‪ .‬مثال‪ :‬جهاز الربيد لكي نتواصل مع‬
‫أقاربنا وأصدقائنا‪ ،‬وسائل اإلعالم وما حنصل عليه من التعرف عن الثقافات األخرى‪ ،‬املصانع وما تنتجه‬
‫من غذاء وكساء‪.‬‬
‫وميكن تعريف املنظمات على أهنا مجاعة ثانوية اليت ميكن إنشائها بغرض إجناز أهداف معينة من‬
‫خالل أدوار وقواعد حمددة بشكل واضح‪.‬‬
‫أنواع المنظمات االجتماعية‪:‬‬

‫د‪ -‬الجماعة المرجعية‪:‬‬


‫أول من أستخدم مصطلح اجلماعة املرجعية هو هيمان‪ .‬واجلماعة املرجعية هي‪:‬‬
‫‪ -‬اليت يرجع إليها الفرد يف تقييم سلوكه‪.‬‬
‫‪ -‬اليت يربط الفرد نفسه هبا نفسيا واجتماعيا‪.‬‬
‫‪ -‬اجلماعة اليت يلعب هبا الفرد أحب األدوار إىل نفسه وأكثرها إشباعا الحتياجاته‪.‬‬
‫‪ -‬يتأثر سلوك الفرد باألفراد اآلخرين واجلماعات اليت ينتمي إليها مبعايريها واجتاهاهتا‪ .‬وهبذا يعترب‬
‫الفرد اجلماعة املرجعية مجاعته ويعترب معايريها معايريه‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -‬تؤثر اجلماعة املرجعية يف السلوك من خالل حتديد أنواع السلوك‪ :‬أي حتدد املعايري – السلوك‬
‫االجتماعي للفرد من حيث ما هو مقبول أو مرفوض أو حالل وحرام‪ .‬وحتديد مستوى الطموح‪:‬‬
‫حماولة الفرد الوصول إىل مستوى من هم أعلى منه من غىن أو شهرة أو كفاءة‪.‬‬
‫أنواع الجماعات المرجعية‪:‬‬

‫ه‪ -‬المجتمع المحلي‬


‫عبارة عن جمموعة كبرية من اجلماعات االجتماعية من حيث درجة التعقيد‪ ،‬مثل القرية والبلدة وسكان‬
‫احلي يف املدينة‪ ،‬وتوجد بني اجلماعات األولية كاألسرة واجلماعات الكبرية كاجملتمع‪.‬‬
‫عرفه روبرت ماكيفر على أنه جمموعة من الناس يعيشون يف منطقة جغرافية حمددة ويربطهم معا نظام عام‬ ‫ا‬
‫من القواعد اليت تنظم حياهتم وحتدد الصالت بينهم‪.‬‬
‫وقد نظر ردفيلد إىل اجملتمع ا لي باعتباره حيظى بأربع خصائص أو مقومات حمددة‪ ،‬وهي‪ :‬التميز وصغر‬
‫احلجم واالكتفاء الذايت والتجانس للسكان‪.‬‬
‫‪ -1‬الشروط األ ا ية التي يجب أ تتوفر في تكوين المجتمع المحلي‪:‬‬
‫‪ -‬االشرتاك يف األهداف واملصاحل ووضوحها‪.‬‬
‫‪ -‬الشعور باالنتماء‪.‬‬
‫‪ -‬وجود التفاعل بني األفراد واجلماعات‪.‬‬
‫‪ -‬وجود نظام عام من القواعد اليت تنظم حياهتم‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد العالقات بني أفراد اجملتمع ا لي على أساس العالقات الشخصية‪ ،‬أو العالقات املباشرة‪ ،‬الوجه‬
‫للوجه‪ ،‬أكثر من اعتمادها على اخلطابات والعالقات الرمسية‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -‬تعاون قوي بني أفرادها‪.‬‬


‫تصنيف آخر للجماعات البنيوية‪:‬‬

‫ثالثا‪ :‬الجماعات االجتماعية غير البنيوية‬


‫‪ -1‬الجمهرة‪:‬‬
‫صورة لتجمع قصري األجل وحمدود الغاية‪ ،‬وقد حيدث بصورة عارضة أو يكون تلقائيا‪ ،‬ولكن استمراره ال‬
‫يطول أكثر من بضع ساعات أو عدة أيام يف حاالت معينة‪ .‬مثال‪ :‬مشاهد مباراة كرة القدم ‪ -‬مشاهدة‬
‫حادث أو موكب عرس‪.‬‬
‫مات الحشود‪:‬‬
‫أ‪ -‬االتصال الشخصي املباشر بني األفراد ‪.‬‬
‫ب‪ -‬شدة التفاعالت املتبادلة بينهم‪.‬‬
‫ت‪ -‬شئ مشرتك يثري االنتباه‪.‬‬
‫‪ -2‬الجمهور‪:‬‬
‫حشد غري منظم إراديا وغري حمدد الشكل‪ ،‬يتألف من أفراد جتمع بينهم أفكار ورغبات مشرتكة‪ ،‬ورأي‬
‫عام موحد‪ ،‬وليس بينهم اتصال مباشر‪ ،‬ألهنم من الكثرة العددية رييث يتعذر على كل منهم أن يقيم‬
‫عالقات شخصية بينه وبني اآلخرين‪ ،‬مثال‪ :‬وسائل اإلعالم اليت تنقل األخبار العاملية للناس تلعب دور‬
‫كبري يف ظهور ما يعرف بالرأي العام العاملي‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -3‬الدهماء ‪:‬‬
‫هي جتمعات غري منظمة وغري بنيوية قد تكون تلقائية أو مقصودة‪ ،‬وأهم خصائصها‪ :‬الغوغاء – العنف‬
‫– التيارات اجلاحمة – األهواء الشخصية – االنفعاالت – العواطف‪.‬‬
‫وقد تستغل القيادات الالواعية واالنتهازيون هذه احلشود يف عمل غري مشروع‪ :‬كالتخريب والتدمري‬
‫والنهب والسلب‪ .‬ويف كثري من الظروف تنشأ الغوغاء نتيجة لتطور الشعور اجلماعي‪ ،‬وتتغري بعض‬
‫املواقف‪ ،‬مثال‪ :‬عند عرض فيلم سينمائي يثور مجهور املتفرجني لرؤية مشهد يتعارض مع قيمه األخالقية‬
‫فتتعاىل صيحاته ولعناته‪ ،‬فيضطرب النظام يف السينما وينقلب مجهور املتفرجني إىل غوغاء‪.‬‬
‫‪ -4‬مجموعة الموضة والتقليعات والصراعات‪:‬‬
‫ميكن أن تظهر يف أي مظهر من مظاهر احلياة فقد تكون يف الفكر والفنون واملالبس‪.‬‬
‫‪ -‬الدافع منه االنتماء للتميز‪.‬‬
‫‪ -‬تلعب وسائل اإلعالم دورا مهما يف ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ختتلف جتمعات املوضة والتقاليع والصراعات من حيث االستمرارية الزمنية واالنتشار‪ .‬فتجمعات‬
‫املوضة تستمر أكثر من جمموعات التقليعات‪.‬‬
‫‪ -‬األساس هنا أن اإلنسان يفقد تفرده أو اختياراته الفردية ويتبع ما أخذت به اجلماعة سواء كان‬
‫مناسبا له أو غري ذلك‪.‬‬
‫راوعا‪ :‬العالقات االجتماعية في الجماعات‬
‫يؤكد علماء االجتماع على أن اجملتمعات اإلنسانية مكونة يف كل مكان من مجاعات عديدة صغرية‬
‫كانت أو كبرية‪ ،‬رمسية أو غري رمسية‪ ،‬داخلية أو خارجية‪ .‬ومييز البعض بني اجلماعات املستغرقة‬
‫واجلماعات االختيارية‪ ،‬ففي اجلماعات األوىل تكون العضوية فيها من النوع الذي ال يسمح للفرد‬
‫بالعضوية يف مجاعة أخرى‪ ،‬وذلك مثل الطوائف اهلندية‪ .‬أما اجلماعات االختيارية‪ ،‬فهي اليت تكون‬
‫العضوية يف أحدها شاملة أو ميكن أن تشتمل عضويات من مجاعات أخرى وتنقسم إىل نوعني‪ ،‬مها‪:‬‬
‫‪ -‬حني يكون األعضاء يف اجلماعة الواحدة متضامنني متعاونني يف اجلماعة الكربى (اجملتمع‬
‫ا لي)‪.‬‬
‫‪ -‬الالاستغراقي‪ :‬ال تؤهل العضوية يف مجاعة وال متنع يف نفس الوقت العضوية يف مجاعة أخرى‬
‫(نظام النوادي)‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ -1‬تما ك الجماعة‬
‫تتعدد معاين متاسك اجلماعة‪ ،‬فنجده يتضمن‪:‬‬
‫‪ -‬شعور األفراد بانتمائهم إىل اجلماعة والوالء هلا‪.‬‬
‫‪ -‬متسكهم بعضويتهم ومعايريها‪.‬‬
‫‪ -‬عملهم يف سبيل هدف مشرتك‪.‬‬
‫‪ -‬استعدادهم لتحمل مسئولية عمل اجلماعة والدفاع عنها‪.‬‬
‫‪ -‬الروح املعنوية واإلنتاج والعمل اجلماعي بروح الفريق‪.‬‬
‫‪ -‬االندماج يف العمل والتكامل‪.‬‬
‫‪ -‬يشري التماسك االجتماعي عامة إىل جاذبية اجلماعة ألعضائها‪.‬‬
‫‪ -2‬العوامل التي تؤدي إلى تما ك الجماعة‬
‫‪-‬اجلماعة نفسها‪ :‬جاذبية أفراد اجلماعة‪ ،‬توفريها لألنشطة ا ببة‪ ،‬سالمة معايريها‪ ،‬حتقيق اجلماعة‬
‫لألهداف ا ددة هلا‪.‬‬
‫‪ -‬اجلماعة كوسيلة إلشباع حاجات خارج اجلماعة كاكتساب املكانة والشعور باألمن‪.‬‬
‫‪ -‬االنضمام االختياري للجماعة‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة التفاعل بني أفرادها‪.‬‬
‫‪ -‬سهولة اتصال األفراد مع بعضهم البعض‪.‬‬
‫‪ -‬اتفاق معايري اجلماعة مع معايري الفرد‪.‬‬
‫‪ -3‬العمليات األ ا ية التي تساعد على وقاء الجماعة‬
‫‪ -‬تتفاوت أشكال العالقات بني أعضاء اجلماعات لتشمل عمليات اجتماعية أساسية‪ ،‬متتد من‬
‫عمليات التعاون والتنافس والصراع‪ ،‬وعمليات أخرى تشمل التوافق والتمثيل والتبادل واإلكراه‪.‬‬
‫‪ -‬تتمثل العمليات األساسية الثالث يف التعاون والتنافس والصراع‪.‬‬
‫أ‪ -‬عملية التعاو‬
‫‪ -‬تساعد على بقاء اجلماعة و النظام‪.‬‬
‫‪ -‬توجد على مجيع مستويات العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬تشرتك فيها أطراف اجلماعة لتحقيق أهداف مشرتكة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫ب‪ -‬عملية التنافس‬


‫‪ -‬عندما حياول طرفان أو أكثر احلصول على شيء نادر له قيمة‪ ،‬أو الفوز بأكرب قدر منه‪.‬‬
‫‪ -‬اجملتمع يضع يف حالة التنافس معايري حيدد فيها جماالت وطرق التنافس‪.‬‬
‫ج‪ -‬عملية الصراع‬
‫‪-‬كفاح عدائي بني طرفني أو أكثر حول موضوع له قيمة‪ ،‬وليس من الضروري أن يكون العنف دائما‬
‫إحدى مساته‪ ،‬وإن كان حيتوي غالبا على حماولة القضاء على الطرف األخر‪.‬‬
‫‪ -‬ينشأ الصراع عادة عندما تتعارض املصاحل التنافسية فتنقلب املنافسة إىل صراع‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات الثالث متداخلة وقد تتحول إحداها إىل األخرى فقد ينتهي التنافس إىل صراع وميكن أن‬
‫يتحول الصراع إىل تعاون والعكس‪.‬‬
‫‪ -4‬االتصال والتفاعل( ديناميات الجماعة‬
‫‪ -‬تتسم اجلماعة بأهنا كل دينامي‪ ،‬ويعين أن التفاعل واالتصال الذي يؤدي إىل التغري يف جزء من‬
‫أجزاء اجلماعة يؤدي إىل تغري يف أي جزء آخر‪.‬‬
‫‪ -‬ال ميكن أن يكون فردين أو مجاعتني (نفس الشئ) بعد حدوث التفاعل‪.‬‬
‫‪ -‬من مظاهر ديناميات اجلماعة‪ :‬التفاعل االجتماعي والتكامل االجتماعي والعالقات اإلنسانية والتغري‬
‫االجتماعي وغريها‪.‬‬
‫‪ -‬حتقق اجلماعة ألفرادها عديدا من األهداف واملصاحل‪.‬‬
‫‪ -‬تكسب اجلماعة أفرادها العديد من املهارات واخلربات‪.‬‬
‫‪ -‬يؤدي انضمام الفرد إىل اجلماعة إىل زيادة االنتاج وسرعة معدله‪.‬‬
‫‪ -‬مييل األفراد لتعديل آرائهم ومعتقداهتم تبعا للمعتقدات واآلراء السائدة يف اجلماعة‪.‬‬
‫‪ -‬تساهم القرارات اجلماعية يف تغيري سلوك األفراد بشكل أكثر وضوحا من القرارات الفردية‪.‬‬
‫‪-‬مشاركة األفراد يف القرارات اخلاصة باجلماعة تزيد من درجة التزام األعضاء مبعايري هذه اجلماعة عا‬
‫يؤدي إىل متاسكها‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫قائمة المراجع المعتمدة‪:‬‬


‫‪ .1‬صالح العبد‪ ،‬علم االجتماع التسبيقي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار التعاون للنشر والطبع)‪.1972 ،‬‬
‫‪ .2‬صالح مصطفى الفوال‪ ،‬منهجية العلوم االجتماعية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار اهلنا للطباعة)‪.1982 ،‬‬
‫‪ .3‬عاطف غيث‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬ج‪( ،1‬االسكندرية‪ ،‬دار الكتب اجلامعية)‪.1973 ،‬‬
‫‪ .4‬عبد اهلل اهلادي اجلوهري‪ ،‬أصول علم االجتماع‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬املكتبة اجلامعية)‪.2001 ،‬‬
‫‪ .5‬عبد اهلل حممد عبد الرمحان‪ ،‬علم االجتماع النشأة والتسور‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة اجلامعية)‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫‪ .6‬عبد اهلل حممد عبد الرمحان‪ ،‬علم االجتماع االقتصادي‪ ،‬ج‪( ،1‬اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة اجلامعية)‪،‬‬
‫‪.1994‬‬
‫‪ .7‬حممد أمحد بيومي‪ ،‬أ س وموضوعات علم االجتماع‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار املعرفة اجلامعية)‪.2004 ،‬‬
‫‪ .8‬حممد حممود اجلوهري‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع‪( ،‬عمان‪ :‬دار املسرية)‪.2015 ،‬‬
‫‪ .9‬أنتوين غيدنز‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬ترمجة فايز الصيات‪( ،‬بريوت‪ :‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية)‪.2005 ،‬‬
‫‪ .10‬جون سكوت‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬المفاهيم األ ا ية‪ ،‬ترمجة حممد عثمان‪( ،‬بريوت‪ :‬الشبكة العربية‬
‫لألرياث والنشر)‪.2009 ،‬‬
‫‪ .11‬عبد الغين مغرض‪ ،‬الفكر االجتماعي عند ون خلدو ‪،‬ترمجة حممد الشريف بن دا حسني‪،‬‬
‫(اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية)‪.1988 ،‬‬
‫‪ .12‬ساطع احلصري‪ ،‬درا ات عن مقدمة ون خلدو ‪ ،‬اجلزء ‪( ،2‬بريوت‪ :‬مطبعة الكشاف)‪.1943 ،‬‬
‫‪ .13‬مجيل محداوي‪ ،‬نظريات علم االجتماع‪( ،‬عمان‪ :‬مؤسسة الوراق للتوزيع والنشر)‪.2015 ،‬‬
‫‪ .14‬خليل امحد خليل‪ ،‬مفاهيم أ ا ية في علم االجتماع‪ ،‬الطبعة االوىل‪( ،‬بريوت‪ :‬دار احلداثة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع)‪.1984 ،‬‬
‫‪ .15‬ابن خلدون‪ ،‬مقدمة اون خلدو ‪ ،‬حتقيق عبد اهلل حممد الدرويش‪ ،‬الطبعة األوىل (دار يعرب)‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .16‬حممد حامد يوسف‪ ،‬علم االجتماع‪ :‬النشأة والمجاالت‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬املكتب العلمي للنشر‬
‫والتوزيع)‪.1995 ،‬‬
‫‪69‬‬
‫مدخل إلى علم االجتماع‬ ‫جامعة الشهيد حمة لخضر‪ -‬الوادي‪-‬‬
‫د‪ .‬خالد علي‬ ‫كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫‪ .17‬عبد اهلل إبراهيم‪ :‬علم االجتماع (السو يولوجيا)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪( ،‬بريوت‪ :‬املركز الثقايف العرض)‪،‬‬
‫‪.2010‬‬
‫‪ .18‬أمحد اخلشاب‪ :‬التفكير االجتماعي‪ :‬درا ة تكاملية للنظرية االجتماعية‪( ،‬بريوت‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية)‪.1981 ،‬‬
‫‪ .19‬نبيل السمالوطي‪ :‬اإليديولوجيا وأزمة علم االجتماع المعاصر‪ :‬درا ة تحليلية للمشكالت‬
‫النظرية والمنهجية‪( ،‬القاهرة‪ :‬اهليئة املصرية العامة للكتاب)‪1975 ،‬م‪.‬‬

‫‪70‬‬

You might also like