You are on page 1of 19

ISSN :1112-4377 ‫مجلة المعيار‬

2023 :‫ ) السنة‬74 ‫ ( رت‬5:‫ عذد‬27:‫مجلذ‬

‫مظاىر المواطنة في دولة األمير عبد القادر‬


Aspects of citizenship in the nation of Emir Abdul Qadir
1
‫منصور مرابط عياش‬
‫طالب دكتوراه جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية قسنطينة‬
‫مخبر الدراسات الشرعية‬
mansour21019@gmail.com
‫د عبد الرحمن خمفة‬.‫أ‬
‫جامعة األمير عبد القادر لمعموم اإلسالمية قسنطينة‬
ar-khelfa@hotmail.fr

2723/71/91 ‫ النشر على الخط‬2723/78/70 ‫ القبول‬2722/70/91 ‫تاريخ الوصول‬


Received 91/70/2022 Accepted 97/70/2023 Published online 15/01/2023

:‫ممخص‬
‫ وألن دولة القانون من‬،‫ دلا توفرتو من أركان مفهوم الدولة‬،‫يعترب أغلب ادلؤرخُت أن األمَت عبد القادر ىو مؤسس دولة اجلزائر احلديثة‬
‫ فقد اعتٌت األمَت عبد القادر هبذا ادلبدأ الذي كان لو ذبليات يف دولتو سبتع فيها ادلواطن حبقوق‬،‫مظاىرىا إرساء مقتضيات ادلواطنة‬
‫ وكذا‬،‫ ومن مظاىر ادلواطنة يف دولة األمَت عبد القادر العدل وادلساواة يف احلقوق والواجبات بُت أفراد الدولة‬،‫وألزم بأداء واجب ات‬
.‫ وذبسد الوالء واالنتماء للوطن‬،‫سبتع ادلواطنُت باحلقوق االجتماعية والثقافية واالقتصادية‬
.‫ األمَت عبد القادر‬،‫ الدولة‬،‫ ادلواطنة‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:

Most hestorians beleive that El-Amir Abd El- Kader is the founder of modern Algeria because it
was based on the pillars upon which a nation is built. Any nation of law is characterised by
assurinng citezenship requirements. Accordingly, El-Amir Abd El-Kader was interested in this
principale which was reflected in his nation where in the citezen enjoyed some rights and charged
by some duties. .Among the characteristics of citezenship that were reflected in El-Amir Abd- El-
Kader nation were equality and justice in rights and duties among the individuals. Citezens also
enjoyed social, cultural and economic rights, and validated loyalty and belonginess to the nation
are envisaged.
Keywords: Citizenship, nation, Emir Abdelkader.

mansou21019@gmail.com :‫الربيد اإللكًتوٍل‬ ‫ منصور مرابط عياش‬:‫ ادلؤلّف ادلراسل‬1

993
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫‪ -1‬مقدمة‬
‫لقد مرت اجلزائر بعدة زلطات تارخيية كانت أكثرىا فًتات دامية‪ ،‬ربت وطأة استعمار اختلف يف جنسو‪ ،‬واتفق يف آثاره ادلادية‬
‫وادلعنوية اليت بقيت يف الذاكرة اجلماعية‪ ،‬كان آخره االستعمار الفرنسي سنة ‪ 1830‬والذي كانت اجلزائر رمزا للثورة والصمود‬
‫ضده؛ ويعد األمَت عبد القا در حامل لواء اجلهاد ضد ىذا االستعمار كأول أمَت بويع باألغلبية سنة ‪ 1833‬على أنو أمَت لدولة‬
‫كان ىو مؤسسها بشهادة ادلؤرخُت‪ ،‬بعد توحيد شتات القبائل ربت راية واحدة؛ حيث سعى إىل تكوين دولة عصرية يتمتع‬
‫مواطنوىا بكل حقوقهم‪ ،‬مع إلزامهم بالقيام بكافة واجباهتم اذباه ىذه الدولة حسب ما يقتضيو مبدأ ادلواطنة‪ ،‬فكان مرجعا لقانون‬
‫حقوق اإلنسان يف الكثَت من قراراتو السياسية؛ ولعل ما أدى بالكثَت من ادلؤرخُت إىل اعتبار األمَت عبد القادر ادلؤسس الفعلي‬
‫لدولة اجلزائر احلديثة‪ ،‬ىو ما وصلت إليو الدولة من تطور كبَت يف مسألة إرساء مقتضيات ادلواطنة اليت ذبلت مظاىرىا بوضوح يف‬
‫شىت مناحي احلياة االجتماعية والسياسية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬كما يرجع اىتمام األمَت دبسألة إرساء مقتضيات ادلواطنة إىل نتاج‬
‫فعالة يف‬
‫تربيتو الدينية‪ ،‬و ربملو دلسؤولياتو كحاكم للبالد‪ ،‬هبدف ربقيق التماسك بُت أفراد اجملتمع الواحد‪ ،‬ودفعهم للمشاركة بصفة ّ‬
‫بناء قوام الدولة الفتية وىي اليت تقبع ربت االستعمار‪ ،‬وكذا خلق عالقة متينة بُت احلاكم واحملكوم تقوم على أساس الثقة دلا يرونو‬
‫من العدل وادلساواة يف احلقوق والواجبات‪ ،‬فكان نتاج ىذه السياسة احلكيمة جعل الرعية يبدون الوالء وحب االنتماء‪ ،‬كان نتاجو‬
‫أروع األمثلة يف الكفاح والنضال‪.‬‬
‫ونظرا دلا كان من تفعيل مقتضيات ادلواطنة من نتائج إجيابية على دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬فقد ارتأيت أن أكتب ىذا ادلقال الذي‬
‫عنوانو‪ :‬مظاىر المواطنة في دولة األمير عبد القادر‪ ،‬والذي يناقش إشكالية سبثالت ادلواطنة يف الدولة اليت أسسها األمَت‪ ،‬واليت‬
‫كانت أداة من أدواة قيام دولة اجلزائر احلديثة؛ فما مدى نضج مبدأ ادلواطنة يف دولة األمَت عبد القادر وما ىي ذبلياهتا؟‬
‫مفيوم المواطنة‪ ،‬مقوماتيا ومقتضياتيا‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ -1-2‬مفيوم المواطنة في الفكر الغربي والفقو اإلسالمي‬
‫يع د لفظ ادلواطنة من األلفاظ ادلستحدثة يف اللغة العربية‪ ،‬إذ خيلو ذكره يف مجيع قواميس اللغة القددية‪ ،‬وإمنا وجودىا يف الكتابات‬
‫ادلعاصرة كان نتاج ترمجة للفظ أجنيب؛ حيث صلد مدلولو يف اللغة الفرنسية يرجع إىل كلمة )‪ ،(Citoyenneté‬وىي مشتقة من‬
‫‪ ،cité‬وكلمة )‪ (citizenship‬ادلشتقة من ‪ city‬باللغة اإلصلليزية‪ ،‬على أن أصلها األول ىو احلضارة اليونانية ادلتجسد يف‬
‫‪1‬‬
‫كلمة) ‪ (polis‬والذي معناىا ادلدينة‪.‬‬
‫و الوطن يف لسان العرب ىو ادلنزل الذي يقيم الفرد بو‪ ،‬وىو زلل اإلنسان وموطنو‪ 2،‬ويف مختار الصحاح‪ ،‬ىو زلل‬
‫اإلنسان‪ ،‬وأوطان ادلاشية أي مرابضها‪ ،‬وأوطن األرض ووطّنها واستوطنها واتّطنها أي ازبذىا وطناً‪ 3،‬ويف معجم الوسيط الوطن‬

‫‪ -1‬بان غاًل أمحد الصائغ‪ ،‬التأصيل التارخيي دلفهوم ادلواطنة‪،‬مركز الدراسات اإلقليمية‪ ،‬دراسات إقليمية‪ ،‬رللد ‪ ،5‬العدد‪ ،2009 ،13‬ص‪.317‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،1998 ،1‬ج‪ ،13‬ص‪.451‬‬
‫‪ -3‬زلمد بن أيب بكر الرازي‪ ،‬سلتار الصحاح‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص ‪.303‬‬
‫‪994‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫ب انتماؤه إىل وطنو سواء ولد فيو أم مل يُولد فيو‪.‬‬
‫نس ُ‬
‫ومستقره‪ ،‬ويُ َ‬
‫مكان إقامة ادلرء ُ‬
‫من رلموع ىذه التعاريف ديكن وضع مفهوم لغوي للمواطنة بأهنا العالقة الناشئة بين اإلنسان واألرض التي استوطنها‪.‬‬
‫أما التعريف االصطالحي للمواطنة فعادة ما يرجع فيو إىل التعاريف ذات ادلصدر الغريب‪ ،‬وىذا راجع كما قلنا إىل النشأة والظهور؛‬
‫إذ تعد احلضارة اليونانية و بعدىا الرومانية‪ ،‬ادلنشأ األول دلدلول ادلواطنة‪ٍ ،‬ب تطور ىذا ادلدلول حىت صار دبفهومو احلايل؛ وكذا كثرة‬
‫اىتمام الغرب هبذا ادلبدأ يف وقتنا الراىن و السعي يف وضع معاىدات واتفاقيات دولية وزللية كان ىو الراعي الرمسي ذلا؛ ولعل سبب‬
‫اىتمام الغرب بادلواطنة ومقتضياهتا ىو الًتكيبة اإلثنية للمجتمع الغريب مع غياب كلي للشأن الديٍت‪ ،‬والذي كان من شأنو التخفيف‬
‫من حدة التوتر وتنظيم العقد االجتماعي القائم بُت رلموع أفراده؛ وعند إرادة معرفة الوضع االصطالحي للمواطنة‪ ،‬فإننا صلد عدة‬
‫تعريفات اصطالحية‪ ،‬خيتلف مضموهنا باختالف اجلهة ادلعرفة حيث يعترب تعريف دائرة ادلعارف الربيطانية ىو األكثر تداوال عند‬
‫طرق موضوع ادلواطنة واليت عرفتو كما يلي‪ " :‬عالقة بين فرد ودولة يحددىا قانون تلك الدولة وبما تتضمنو تلك العالقة من‬
‫‪2‬‬
‫واجبات وحقوق في تلك الدولة"‪.‬‬
‫أما موسوعة الكتاب الدويل فقد عرفت ادلواطنة بأهنا " عضوية كاملة في دولة أو بعض وحدات الحكم‪ ،‬يمتلك فيها المواطنون‬
‫بعض الحقوق مثل حق التصويت وحق تولي المناصب العامة‪ ،‬كما أن عليهم بعض الواجبات مثل واجب دفع الضرائب‬
‫‪3‬‬
‫والدفاع عن بلدىم"‪.‬‬
‫و صلد ادلواطنة يف قاموس علم االجتماع "ىي مكانة أو عالقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي(الدولة) ومن‬
‫خالل ىذه العالقة يقدم الطرف األول الوالء ويتولى الطرف الثاني الحماية وتتحدد ىذه العالقة بين الفرد والدولة عن طريق‬
‫‪4‬‬
‫القانون‪.‬‬
‫أما ادلواطنة دبفهومها القانوٍل فتمثل طبيعة الرابطة القانونية بين الفرد والدولة التي يعيش فيها‪ ،‬فالمواطنة تمثل الحق‬
‫‪5‬‬
‫القانوني للشخص الذي يعيش في بلد ما كي يكون مواطناً فـي ىذا البلد‪.‬‬

‫‪ -1‬إبراىيم أنيس وغَته‪ ،‬ادلعجم الوسيط‪ ،‬رلمع اللغة العربية‪ -‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪ ،2004 ،4‬ص ‪.1042‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Encyclopedia, Book international Britannica. Inc, The New Encyclopedia peered, Britannica,Vol.‬‬
‫‪20. pp 140-142 .‬‬
‫وانظر‪ :‬صاحل حسن ادلسلوت‪ ،‬مفهوم ادلواطنة وحقوقها وواجباهتا وقيمها بُت الفكر السياسي اإلسالمي والدولة القومية احلديثة‪ ،‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬ادللتقى‬
‫الدويل ‪ 6‬بعنوان فقو ادلواطنة يف الفكر اإلسالمي ادلعاصر‪ ،2013 ،‬ص‪.44‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- World Book international, The World Encyclopedia (London: World Book, Inc., (n. d.) , vol. 4,‬‬
‫‪2000, p. 568 .‬‬
‫‪ -4‬زلمد عاطف غيث ‪،‬قاموس علم االجتماع ‪،‬دار ادلعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية ‪،‬مصر‪،1995 ،‬ص‪.96‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Cambridge learning dictenary, Camp, university press, 2003, p, 117.‬‬
‫‪995‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫من خالل التعاريف يتضح جليا أن ادلواطنة ىي عالقة بُت فرد ودولة؛ وتتكون العالقة من شقُت مادي وىو قانون الدولة الذي‬
‫يتضمن حقوق الفرد وواجباتو‪ ،‬ومعنوي وىو احلب و االنتماء؛ ‪ 1‬كما يستنتج من العبارة أن التعدد واالختالف ىو مسة بارزة يف‬
‫‪2‬‬
‫صفة ادلواطنة‪ ،‬حيث أنو عقد اجتماعي لقاطٍت دولة معينة‪ ،‬فتعدد قوانُت الدول يقتضي تعدد صفة ادلواطنة‪.‬‬
‫ٍب إن احلقوق والواجبات ادلنصوص عليها يف قوانُت الدول ىي الفارق بُت ادلواطنة الصحيحة اليت تقتضيها الشريعة اإلسالمية وبُت‬
‫‪3‬‬
‫ادلواطنة الفاسدة ادلخالفة للشريعة اإلسالمية‪ ،‬أي أن الدين ىو أساس ادلواطنة‪.‬‬
‫وإيرادنا أن مفهوم ادلواطنة الغريب ىو ادلهيمن ال يعٍت أبدا عدم أصالتها يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬مع اإلشارة إىل‬
‫وجود اذباه رافض دلصطلح ادلواطنة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بل وصل األمر بو حد اعتبارىا كفرا‪ ،‬وقد ذكر أحد الدارسُت بعض‬
‫‪4‬‬
‫أسباب ىذا احلكم وىي‪:‬‬
‫االرتياب من احلال اجلديد‪ ،‬والنظر إليو بسوء‪ ،‬وأنو قد يكون نتاج خطة معادية‪ ،‬وسبيالً لالضلراف والفساد‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫الرىبة من ذباوز الفقو ادلوروث‪ ،‬واستحداث أبواب جديدة‪ ،‬ومصطلحات حديثة‪ ،‬واستنباط قواعد ومنهجيات مل تكن‬ ‫ب‪-‬‬
‫متداولة‪.‬‬
‫عدم االىتمام بدراسة الواقع اخلارجي السياسي واالقتصادي واالجتماعي يف الوسط العلمي الشرعي‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫اخللل يف تشخيص وظيفة الفقو اإلسالمي‪ ،‬حيث أصبحت تعٌت بتكاليف الفرد ادلسلم‪ ،‬أكثر شلا تعٌت بًتشيد واقع األمة‬ ‫ث‪-‬‬
‫واجملتمع‪.‬‬
‫وقد أوردت الكثَت من الدراسات أدلة مشروعية ادلواطنة من القرآن والسنة النبوية وعمل الصحابة واإلمجاع و ادلصلحة احملققة‪ ،‬وقد‬
‫عرفها بعضهم بقولو‪" :‬العالقة بين الدولة اإلسالمية وبين فرد معين يعيش بصفة دائمة في دار اإلسالم‪ ،‬بحيث تجعل الطرفين‬
‫‪5".‬‬
‫أىالً لنيل الحقوق وأداء الواجبات‪ ،‬وفقاً لما تقرره الشريعة اإلسالمية‬
‫وبإعمال مقارنة بسيطة بُت التعاريف الغربية السابقة وبُت تعريف ادلواطنة يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬صلد أن ادلبادئ العامة للمواطنة‬
‫احلديثة موجودة هبيكلها ومقتضياهتا يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بيد أن ىناك سبايزا يف احلدود والتطبيق‪ ،‬ألن ادلواطنة يف الشريعة‬
‫اإلسالمية يف رلملها ىي أحكام فقهية مصدرىا الشارع احلكيم‪ ،‬عكس الغربية اليت مصدرىا القانون الوضعي الذي خيضع‬
‫دلخرجات العقل البشري‪ ،‬فنجد ادلواطنة يف الشريعة اإلسالمية أكثر عدالة واستقرارا وربقيقا للغاية ادلنشودة من إعمال مبادئها‪.‬‬

‫‪ -1‬علي زلمد الصاليب‪ ،‬ادلواطنة والوطن يف الدولة احلديثة ادلسلمة‪ ،‬دار ادلعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،2014 ،1‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬ن م‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬زلمد بن السايح‪ ،‬حقوق وواجبات ادلواطنة وفق القواعد الشرعية والقواعد الوضعية‪ ،‬ادللتقى الدويل السادس‪ ،‬فقو ادلواطنة يف الفكر اإلسالمي ادلعاصر‪ ،‬جامعة‬
‫احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬اجلزائر‪ 19-18 ،‬نوفمرب ‪ ،2013‬ص‪.220‬‬
‫‪ -4‬عبد احلق محيش‪ ،‬ادلواطنة يف اإلسالم مفهومها‪ ،‬تأصيلها الشرعي‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬ادللتقى الدويل ‪ ،6‬باتنة‪ ، 2013،‬ص‪.121‬‬
‫‪ -5‬ياسر جابر‪ ،‬ادلواطنة يف الشريعة اإلسالمية " دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬دار احملدثُت للبحث العلمي والنشر‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ص‪29‬‬
‫‪996‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫‪ -2-2‬عناصر المواطنة ومقتضياتيا‬


‫لقد ذكرنا أن ادلواطنة ما ىي إال عقد اجتماعي يضمن احلقوق والواجبات ألفراد اجملتمع الواحد‪ ،‬منصوص عليها يف مواد قانونية‬
‫حىت يعطى ذلا صفة اإللزامية‪ ،‬وال شك أن ظهور ىذه القوانُت يكون يف احلياة العامة اليت يطالب فيها كل فرد باحلرية واحلقوق‪،‬‬
‫فيتسع حينها ادلطالبة دبقتضيات ادلواطنة باتساع رلاالت احلياة اليت مل تكن دبثل ىذا التطور ادلعاصر؛ إذ مل تكن مثال احلقوق‬
‫االجتماعية عنصرا من عناصر ادلواطنة إال بعد الثورة الفرنسية‪ .‬ويظهر جليا يف واقعنا ادلعاصر أن ادلواطنة تتكون من ثالثة عناصر‬
‫‪1‬‬
‫أساسية‪:‬‬
‫العنصر المدني‪ :‬يتضمن رلموعة من احلقوق منها‪ :‬احلرية الفردية وحرية التعبَت واإلديان والتملك والعدالة‪.....‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫العنصر السياسي‪ :‬يعٍت حق ادلشاركة السياسية وادلتمثلة يف االنتخاب والًتشح والتنظيم‪...‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫العنصر االجتماعي‪ :‬وىي احلق يف الرفاىية واحلقوق االقتصادية والتعليم والرعاية الصحية‪....‬‬ ‫ت‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫أما مقتضيات ادلواطنة؛ فقد رأى بعض الباحثُت أن مقتضياهتا تنتظم يف ثالثة زلاور كربى ىي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ادلساواة وعدم التمييز يف احلقوق والواجبات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ادلشاركة يف احلياة العامة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الوالء واالنتماء للوطن‪.‬‬
‫دون أن نغفل ىنا تدخل الفقو اإلسالمي قصد تصحيح بعض ادلقتضيات اليت جاءت منافية للشريعة اإلسالمية‪ ،‬خصوصا يف مسألة‬
‫ادلساواة بُت اإلثنيات والتمتع باحلريات‪.‬‬
‫روافد بناء الدولة ومكانة التشريع اإلسالمي في سياسة األمير عبد القادر‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -1-3‬روافد بناء دولة المواطنة‬
‫لقد كان لرحالت األمَت عبد القادر قبل توليو اإلمارة األثر الكبَت يف اكتشاف أوطان تساس بقوانُت واضحة‪ ،‬تضمن لرعاياىا‬
‫حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية‪ ،‬يف مقابل واجبات ترمى على عاتقهم اذباه أوطاهنم‪ ،‬حيث زار مع والده احلجاز‬
‫ومصر والشام والعراق وليبيا والقَتوان‪ 3،‬وال خيفى على كل دارس للتاريخ البشري عظم احلضارات اليت قامت يف ىاتو ادلناطق‪.‬‬
‫كما ال ننس دولة االستعمار وما شهدتو من تطور بعد الثورة اليت كان من مكاسبها إضافة احلقوق االجتماعية للحقوق السياسية‪،‬‬
‫والننتظر أن تكون االستفادة بطريقة ادلعاينة وادلمارسة‪ ،‬إذ مل يطبق يف الواقع منوذج العالقة بُت ادلواطن ودولتو يف فًتة االحتالل‪،‬‬
‫ودليل ذلك قانون األندوجينا ادلكرس لقانون العبودية‪ ،‬إال أن االستفادة حاصلة من االحتكاك بالفرنسيُت ومعرفة القوانُت ادلنظمة‬
‫ذلم باجلزائر أو يف فرنسا‪ .‬ومثال ذلك تفكَت األمَت عبد القادر يف إنشاء جيش نظامي وتوفَت األسلحة واللباس‪ ،‬جاء بعد احتكاك‬

‫‪ -1‬سامح فوزي‪ ،‬ادلواطنة‪ ،‬مركز القاىرة لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.10‬‬
‫‪ -2‬زلمد خلوالدة‪ ،‬الًتبية الوطنية (ادلواطنة واالنتماء)‪ ،‬دار اخلليج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪ ،2015 ،1‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -3‬ناصر الدين سعيدوٍل‪ ،‬عصر األمَت عبد القادر‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1‬ص ‪.156-155‬‬
‫‪997‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫األمَت بالقوات الفرنسية‪ ،‬فرأى ضرورة إنشاء جيش نظامي جزائري تكون مهمتو الدفاع عن الدولة اجلزائرية احلديثة‪ 1،‬وكذا العالقات‬
‫السياسية والتجارية ادلنتظمة يف اتفاقيات مربمة مع فرنسا‪.‬‬
‫‪ -2-3‬مكانة التشريع اإلسالمي في سياسة دولة األمير عبد القادر‬
‫ديكن احلديث عن بعض ادلشاىد البارزة يف حياة األمَت واليت يتسٌت لنا من خالذلا التعرف على مكانة الشريعة اإلسالمية يف احلياة‬
‫السياسية للدولة؛ وإمنا الغرض من احلديث عن مكانة الشريعة اإلسالمية يف حياة األمَت‪ ،‬ىو التأكيد على اإلسقاطات ادلهمة ذلذه‬
‫ادلكانة على مقتضيات ادلواطنة‪ ،‬اليت اتسمت دبوافقتها للشريعة اإلسالمية‪ ،‬ال دبخرجات ادلواطنة الغربية؛ وقد اخًتت أىم ادلشاىد‬
‫وىي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬بيعتو‬
‫سبت بيعتو بعد اعتذار أبيو زلي الدين قبول اإلمارة بداعي عدم مقدرتو لكرب سنو‪ ،‬غَت أنو اقًتح ابنو عبد القادر الذي بويع البيعة‬
‫األوىل يف ‪3‬رجب ‪ 27 / 1248‬نوفمرب ‪ٍ 1832‬ب البيعة الثانية اليت كانت أكرب من سابقتها الستجابة سلتلف القبائل وكان ذلك‬
‫يف ‪ 13‬رمضان ‪ 4 /1248‬فرباير‪ 2.1833‬إذا فقد تقلد زمام احلكم على الطريقة اإلسالمية‪ ،‬و إن دل ىذا األمر على شيء فإمنا‬
‫يدل على منط البيئة احملافظة ادلتشبعة بالتعاليم اإلسالمية وىو اآلن على ماتعهد بو سيسوسهم وفقها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تبني قوانين الشريعة اإلسالمية في الحكم عامة وفي تطبيق مبدأ المواطنة خاصة‬
‫مل ينتظر األمَت عبد القادر طويال بعد توليو منصب رئيس الدولة حىت يفصح عن برنارلو الذي تعهد بتحقيقو‪ ،‬إذ قال وىو خيطب‬
‫يف ادلبايعُت لو‪ ":‬وقد قبلت بيعتهم (أي أىايل وىران وما حوذلا) وطاعتهم‪ ،‬كما أني قبلت ىذا المنصب مع عدم ميلي إليو‪،‬‬
‫مؤمال أن يكون واسطة لجمع المسلمين‪ ،‬ورفع النزاع والخصام بينهم‪ ،‬وتأمين السبل‪ ،‬ومنع األعمال المنافية للشريعة‬
‫المطهرة‪ ،‬وحماية البالد من العدو‪ ،‬وإجراء الحق والعدل نحو القوي والضعيف‪ ،‬واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة‬
‫‪3‬‬
‫المحمدية‪ ،‬والقيام بالشعائر األحمدية‪ ،‬وعلى اهلل االتكال في ذلك كلو"‪.‬‬
‫أقرىا كمقتضيات للمواطنة يف دولتو‪ ،‬ومل‬
‫فادلتمعن يف خطبة األمَت جيد أن فحواىا قد اختزل يف رلموعة من احلقوق والواجبات‪ّ ،‬‬
‫يكتف األمَت دبا ذكر من مقتضيات بل تع ّداىا إىل غَتىا جعلت من ادلؤرخُت يقرون حبقيقة قيام دولة مكتملة األركان كان األمَت‬
‫مؤسسها وأمَتىا األول ‪ ،‬غَت أن الذي البد من اإلشارة إليو ىو تعهده دبنع األعمال ادلنافية للشريعة ادلطهرة‪ ،‬وىذا يعطينا انطباعا‬
‫حول نوعية التشريع ادلتبع يف الدولة وىو التشريع اإلسالمي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Benachenhou abdelhamid, l ‘état algérien en 1830 institutions sous l ‘émir abdelkader ,entreprise‬‬
‫‪populaire algérienne,1969, p 93-111‬‬
‫‪ -2‬زلمد بن األمَت عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ربفة الزائر يف مآثر األمَت عبد القادر وأخبار اجلزائر‪ ،‬ادلطبعة التجارية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪1903، ،1‬ص ‪.103-99‬‬
‫‪ -3‬األمَت عبد القادر اجلزائري ‪ ،‬ادلواقف الروحية والفيوضات السبوحية‪ ،‬ربقيق عاصم إبراىيم الكيايل‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.9‬‬
‫‪998‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيق مبدأ الشورى‬


‫لقد ذكرنا أن األمَت عبد القادر كان يف حكمو زلكما للشريعة اإلسالمية مااستطاع إىل ذلك سبيال‪ ،‬وذلذا مل يغب عنو مدى أمهية‬
‫مبدأ الشورى اليت تعٍت تقليب اآلراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة في قضية من القضايا واختبارىا من أصحاب العقول‬
‫واألفهام حتى يتوصل إلى الصواب منها أو إلى أصوبها وأحسنها ليعمل بو لكي تتحقق أحسن النتائج‪ 1‬يف توطيد العالقة‬
‫وزرع الثقة بُت احلاكم والرعية‪ ،‬فضال عن مالمسة الصواب يف شؤون الدولة؛ وفتح الباب أمام القبائل وحكمائها‪ ،‬وعلماء الدولة‬
‫بتحمل مسؤولياهتم وادلشاركة اإلجيابية يف بناء الدولة‪ .‬وقد ظهر تطبيق األمَت ذلذا ادلبدأ يف عدة مناسبات منها‪:‬‬
‫‪ ‬دعى القبائل للمشاركة معو يف بناء الدولة‪ ،‬ويظهر ىذا منذ األيام األوىل لتولِّيو اإلمارة حيث كتب بيانًا أرسلو إىل سلتلف‬
‫القبائل اليت مل تُبايعو بعد‪ ،‬ومن فقرات ىذا البيان‪" :‬بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬والحمد هلل وحده‪ ،‬والصالة والسالم على نم ْن ال‬
‫ووجهكم إلى سواء السبيل‪ ،‬وبعد… إن قبائل كثيرة قد وافقت باإلجماع‬
‫نبي بعده… إلى القبائل… ىداكم اهلل وأرشدكم َّ‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫والشدة‪ ،‬وأن تـ نقدِّم‬ ‫َّراء وفي الرخاء‬
‫الس َّراء والض َّ‬
‫ت أن تطيعني في َّ‬
‫على تعييني‪ ،‬وانتخبتني إلدارة حكومة بالدنا‪ ،‬وقد تنـ نع َّه ند ْ‬
‫المقدسة‪ ،‬ومن أجل ذلك تنـ نولَّْيـننا ىذه المسئولية الصعبة على كره شديد؛ آملين‬ ‫فداء للقضية َّ‬‫حياتها وحياة أبنائها وأمالكها ً‬
‫ْف ك ِّل األعمال‬ ‫أن يكون ذلك وسيلةً لتوحيد المسلمين‪ ،‬ومن ِع الفرقنة بينهم‪ ،‬وتوفي ِر األمن العام إلى كل أىالي البالد‪ ،‬ووق ِ‬
‫ن‬
‫غير الشرعية‪ ،‬ولقبول ىذه المسئولية اشترطنا على أولئك الذين منحونا السلطة المطلقة والطاعة الدائمة في كل أعمالهم‬
‫الغني والفقير؛ لذلك ندعوكم‬
‫القوي والضعيف‪ِّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫التز ًاما بنصوص كتاب اهلل وتعاليمو‪ ،‬واألخذ بسنَّة نبيِّو في المساواة بين‬
‫إن ىدفي ىو اإلصالح‪َّ ،‬‬
‫إن ثقتي في اهلل ومنو أرجو‬ ‫للمشاركة في ىذا العهد والوحدة بيننا وبينكم‪ ،‬وجزاؤكم على اهلل‪َّ ،‬‬
‫‪2‬‬
‫التوفيق"‪.‬‬
‫تنازل للفرنسيُت على مدينيت القليعة والبليدة‪ ،‬لكن خليفتو يف ادلنطقة ابن عالل رفض تسليمها للفرنسيُت‪ ،‬فعاد األمَت‬ ‫‪‬‬
‫ودعم موقف خليفتو‪ 3‬فكان ىذا دبثابة الرجوع عن قولو دلا بدا لو من رجحان قول غَته‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫عقد اجتماعاً دبعسكر دعا إليو مجيع قواد دولتو ومجع من العلماء والفقهاء وأىل الرأي يف أوائل شهر جوان ‪.1839‬‬ ‫‪‬‬
‫وذلك للتداول يف الوضع‪ ،‬وازباذ موقف موحد من موقف الفرنسيُت من شروط معاىدة التافنة أو مواصلة اجلهاد وخرج ىذا ادلؤسبر‬
‫‪5‬‬
‫بضرورة مواصلة اجلهاد ضد الفرنسيُت‪.‬‬

‫‪ -1‬زلمد أبو فارس‪ ،‬النظام السياسي يف اإلسالم‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،1986 ،2‬ص ‪79‬‬
‫‪ -2‬عبد الفتاح فتحي شكر‪ ،‬اإلحياء بعد اإلنساء‪ ،‬دار الكلمة‪ ،‬ط‪ ،2011 ،1‬ج‪ ،2‬ص‪.218‬‬
‫‪ -3‬عامر البغدادي‪ ،‬دولة األمَت عبد القادر اجلزائري ‪1848-1832‬م‪ ،‬دراسة يف نظام احلكم يف اإلسالم‪ ،‬حبث تكميلي لنيل ادلاجستَت‪،‬كلية الشريعة والعلوم‬
‫االجتماعية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة أم درمان اإلسالمية‪ ،‬السودان‪1987 ،‬م‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -4‬فوزي أوصديق‪ ،‬النظام الدستوري اجلزائري‪ :‬دولة األمَت عبد القادر دراسة ربليلية‪ ،‬ديوان ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،2010 ،3‬ص‪.77‬‬
‫‪ -5‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬احلركة الوطنية اجلزائرية‪ ،‬ادلؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪1992 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪53‬‬
‫‪999‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫استفسر العلماء وادلشايخ الفقهاء حول جواز معاقبة ادلتخلفُت عن اجلهاد‪ ،‬وقضايا الصلح مع العدو‪ ،‬كما استفسر األمَت‬ ‫‪‬‬
‫‪1‬‬
‫عن معرفة حكم الدين يف اإلقامة ببلد احتلها الكافر‪".‬‬
‫وتعد الشورى مظهرا من م ظاىر ادلواطنة الشرعية‪ ،‬إلبرازىا نوعا من العالقة الدائرة بُت ادلواطن واحلاكم واليت تقره النصوص الشرعية‬
‫خبالف ادلواطنة الغربية اليت تغيب فيها ىذه العالقة‪.‬‬
‫تجميات مقتضيات المواطنة في دولة األمير عبد القادر‬ ‫‪-4‬‬
‫لعل من أبرز مظاىر ادلواطنة يف دولة األمَت عبد القادر‪ :‬العدل والمساواة بين أفراد الدولة‪ ،‬التمتع بالحقوق الثقافية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬والوالء واالنتماء للوطن؛ وبيان كل مظهر فيما سيأٌب ذكره‪:‬‬
‫‪-1-4‬العدل والمساواة بين أفراد الدولة‬
‫إن دديومة قيام الدول مع إمكانية تشييدىا حلضارة يتناقلها التاريخ البشري متوقف على مقتضى العدل وادلساواة‪ ،‬فهو أول عوامل‬
‫االستقرار واالزدىار الناذبُت عن االطمئنان النفسي للمواطنُت يف ىذه الدولة؛ ومل يكن ىذا خافيا عن األمَت عبد القادر الذي تطلّع‬
‫وحد قبائلنا بعد شتات‬
‫إىل أن يكون ىدي النيب صلى اهلل عليو وسلم يف دولتو ىو قدوة لو ومنهج فقال‪":‬فاإلسالم ىو الذي ّ‬
‫وجعلها قوة ال تقهر‪ ،‬تدفعنا ميادين المجد والشرف وجعلنا إخوة يحب أحدنا ألخيو ما يحب لنفسو وال فرق بين عربي‬
‫‪2‬‬
‫وأعجمي وال أبيض وال أسود إال بالتقوى وأمرنا بالعدل والمساواة"‪.‬‬
‫وقد أشار ميثاق اجلزائر سنة ‪1964‬ذلذا ادلبدأ حيث جاء فيو‪ ":‬لقد حطم األمير عبد القادر‪ ،‬بإزالتو للفوارق بين قبائل مخزن‬
‫وقبائل رعية‪ ،‬عالقات االستغالل القديمة المقامة على حساب جماىير الفالحين‪ ،‬وكان يأمل في توحيد العمل والصف ضد‬
‫العدو وذلك لصالح سلطة مركزية واحدة على كل البالد"‪.3‬‬
‫وقد سبثل مقتضى العدل وادلساواة يف صور شىت نذكر منها‪:‬‬
‫االىتمام بجهاز القضاء‬ ‫أ‪-‬‬
‫من الطبيعي أن نرى من شخصية األمَت عبد القادر ذلك االىتمام الالمتناىي جبهاز القضاء وتكريس صفة العدل فيو‪ ،‬فالعدل يف‬
‫القضاء ىو أساس طول أعمار الدول واحلضارات‪ ،‬وىو احلصن احلصُت لألمة من االنفالت إىل الفوضى واخلوف بعد النظام‬
‫واألمن‪ ،‬وقد ذبلى ىذا االىتمام يف ثالثة نقاط رئيسية ىي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬استقاللية القضاء‪ :‬طبّق األمَت يف دولتو ما ننادي بتطبيقو يف وقتنا احلاضر لضمان النزاىة وتقوية جانب القانون حىت يعلو‬
‫‪4‬‬
‫فوق اجلميع دون استثناء وىو استقاللية القضاء‪ ،‬فقد كان القاضي ىو ادلوظف الوحيد الذي ال ديثل األمَت‪.‬‬

‫‪ -1‬التسويل‪ ،‬أجوبة التسويل عن مسائل األمَت عبد القادر يف اجلهاد‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫‪ -2‬بديعة احلسٍت اجلزائري‪ ،‬األمَت عبد القادر حياتو وفكره‪ ،‬دار الوعي للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2012 ،1‬ص‪.29‬‬
‫‪ -3‬ميثاق اجلزائر‪ ،‬ادلطبعة الشعبية للجيش‪ ،‬اجلزائر‪ ،1964 ،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -4‬بوطالب عبد القادر‪ ،‬األمَت عبد القادر وبناء األمة اجلزائرية‪ ،‬ادلؤسسة الوطنية للفنون ادلطبعية‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ص ‪.107‬‬
‫‪1000‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ثانيا‪ :‬تولي القضاء‬


‫يعد حسن ودقة اختيار القضاة من مظاىر فائق اعتناء األمَت عبد القادر جبهاز القضاء‪ ،‬فقد وضع شروطا جوىرية يف من يتصدى‬
‫ذلذه ادلهمة ادلفصلية يف الدولة‪ ،‬وذلك لضمان ربقيق العدل بُت الرعية بضمان احلصول على احلقوق كاملة غَت منقوصة مع فرض‬
‫تأدية الواجبات؛ ومن تلك ا دلواصفات الواجبة التحقق يف ادلشرف على سلك القضاء ىو العلم الشرعي على مذىب اإلمام مالك‬
‫بن أنس‪ ،‬وكذا الفقو والنزاىة والشهرة بالعفاف والقيام بأمور الدين؛ وقد جعل ذلم مرتبا من اخلزينة مع إمكانية منحهم مقابال‬
‫‪1‬‬
‫للعقود اليت يربموهنا محاية ذلم من ادلؤثرات اخلارجية وربقيق العيش الوفَت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مصدر األحكام‬
‫مل يداىن األمَت عبد القادر يف مسألة مصدر أحكام القضاء وىو الفقيو العابد‪ ،‬فقد التزم جبعل أحكام الشريعة اإلسالمية ادلستلّة‬
‫من القرآن الكرَل والسنة النبوية مصدرا للقضاء يف دولتو حيث قال‪ " :‬لن آخذ بقانون غير القرآن‪ ،‬ولن يكون مرشدي غير‬
‫تعاليم القرآن‪ ،‬والقرآن وحده‪ ،‬فلو أن أخي الشقيق قد أحل دمو بمخالفة القرآن لمات"‪ 2.‬وكان يردد مقولتو‪ " :‬إذا األتراك‬
‫‪3‬‬
‫كانوا ينفذون أحكامهم على أساس الهوى وحب االنتقام‪ ،‬فإن األمير لن يسمح بتنفيذ حكم إال بما يرضي شرع اهلل"‪.‬‬
‫ب‪ -‬المساواة وتقديم الكفاءات في الوظائف العليا للدولة‬
‫لقد كرس األمَت عبد القادر مقولة الرجل ادلناسب يف ادلكان ادلناسب‪ ،‬دون اعتبار اللون أو النسب أو أحد الفوارق ادللغية شرعا‬
‫وعقال يف تويل ادلناصب‪ ،‬وىذا سباشيا مع فلسفة األمَت القائمة على ضمان أسباب صلاح الدولة وازدىارىا‪ ،‬وىذا ما أكده ابنو بقولو‪:‬‬
‫" ولما كان غاية قصد األمير‪ ،‬ربط البالد باإلدارة الشرعية‪ ،‬فلم يستخدم في جميع أعمالو‪ ،‬إال من اشتهر بمعرفة األحكام‪،‬‬
‫وعرف بالعفاف واإلقدام‪ ،‬وأبعد غالب العمال أرباب التقدم والنفوذ في أيام الحكومة الجزائرية واستخدم في إدارة األمور‬
‫‪4‬‬
‫من كان ذا حزم وقوة وشكيمة من ذوي البيوت المشهورة بالعلم والفضل وحسن السياسة"‪.‬‬
‫ج‪ -‬االىتمام بالمرأة وإشراكها في الشأن العام‬
‫يظهر عند دراسة مفهوم ادلرأة يف فكر األمَت عبد القادر أنو ال خيرج على ما أملتو الشريعة اإلسالمية من حيث أن الرجل ّقوام على‬
‫ادلرأة لعلة ضعفها‪ ،‬ك ما أظهر غَتة ادلسلم على أىلو بصون كرامتها وعدم اختالطها باألجانب‪ ،‬وضمان مَتاثها على القدر ادلفروض‬
‫ذلا شرعا‪ ،‬وال تضرب ادلرأة وال يتوجب عليها خدمة منزذلا‪ ،‬وال تكلف ما ال تطيق من األعمال بل يؤتى دبن يعينها إذا كان الرجل‬

‫‪ -1‬فوزي أوصديق‪ ،‬النظام الدستوري اجلزائري‪ :‬دولة األمَت عبد القادر دراسة ربليلية‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -2‬شارل ىنري شرشل‪ ،‬حياة األمَت عبد القادر‪ ،‬دار ال رائد‪ ،‬اجل زائر‪ ،‬ط ‪ ، 2009 ، 3‬ص‪.85‬‬
‫‪ -3‬فوزي أوصديق‪ ،‬النظام الدستوري اجلزائري‪ :‬دولة األمَت عبد القادر دراسة ربليلية‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ -4‬زلمد بن األمَت عبد القادر‪ ،‬ربفة الزائر يف مآثر األمَت عبد القادر وأخبار اجلزائر‪ ،‬ص ‪.307‬‬
‫‪1001‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ميسور احلال‪ 1.‬ولعلنا نذكر بعض مالمح فكر األمَت عبد القادر اذباه أنواع من النساء تناقلتها األخبار أو أخرب هبا عن نفسو وىن‪:‬‬
‫ادلرأة األم‪ ،‬ادلرأة الزوجة وادلرأة األسَتة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المرأة األم‬
‫مل تكن الالّ الزىرة ّأما عادية يف حياة األمَت عبد القادر‪ ،‬بل كانت السند وادلستشار حيث شاع أهنا كانت سبلي عليو صيغة رسائلو‬
‫الرمسية‪ ،2‬كما كان ذلا احلضور القوي يف حادثة االنسحاب يف ‪ 15‬كانون األول ‪ ،1847‬حُت قالت لو ‪ « :‬إن معركة خاسرة ال‬
‫تحسب شيئاً أمام معارك كنت فيها المنتصر دائماً‪ .‬واهلل قد عودك الجميل » وأضافت ‪ « :‬يا ولدي إذا استسلمت‬
‫للفرنسيين فهم ال بد يقدرون لك عدة مواقف في معاملتك ألسراىم وفي مراسالتك لشخصيات كبرى فيهم‪ .‬وىم ينظرون‬
‫إليك أنك ضحية ومعتدى عليك وأنك دافعت عن بالدك إلخالص ولوفاء منك‪ ،‬ولم يسجلوا عليك غدراً وال نقضاً‬
‫‪3‬‬
‫للعهد »‪ ،‬فأخذ األمَت أقوال أمو زلوراً للتفكَت إىل أن وصل إىل قرار االنسحاب واالستسالم للفرنسيُت‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المرأة الزوجة‬
‫مل يكن األمَت ذلك الرجل ادلستبد يف أركان بيتو‪ ،‬حيث تسمع الزوجة عنده وتطيع؛ متشوفة إىل أدٌل حقوقها‪ ،‬بل كان يظهر تارة‬
‫مظهر الرجل احملب ادلتغزل‪ ،‬تنكشف يف ثنايا أشعاره بعض أسرار مهجتو التواقة إىل قرب زوجتو حيث يقول‪:‬‬
‫‪4‬‬
‫لكي تعلمي‪ -‬أم البنين‪ -‬بأنو ‪ ....‬فراقك نار و اقترابك من الخلد‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وكذلك قولو‪ :‬إذا ما الناس ترغب في كنوز ‪ ....‬فبنت العم مكتنزي و زادي‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وقولو‪ :‬جفاني من أم البنين خيال ‪ ....‬فقلبي جريح و الدموع سجال‪.‬‬
‫وتارة أخرى يظهر مظهر الرجل الذي يتقاسم مهومو مع نصفو اآلخر إذ يقول‪:‬‬
‫‪7‬‬
‫تسائلني أم البنين‪ ،‬و إنها ‪ ....‬ألعلم من تحت السماء بأحوالي‪.‬‬
‫وادلطلع على ديوان شعره يلفي ما ال يعد من األبيات اليت تناول فيها زوجتو وادلشاعر اجلياشة اليت كانت تظهر يف ثنايا نظمها‪ ،‬وىذا‬
‫دل على شيء إمنا يدل على عظم قدرىا ومكانتها يف حياتو‪.‬‬ ‫إن ّ‬

‫‪ -1‬شرين دقوري‪ ،‬ذبليات مفهوم ادلرأة يف فكر عبد القادر اجلزائري‪ ،2012 ،Presses de l’Ifpo ،‬ص ‪.252-235‬‬
‫‪ -2‬ن م‪.‬‬
‫‪ -3‬شرين دقوري‪ ،‬ذبليات مفهوم ادلرأة يف فكر عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ص‪.252-235‬‬
‫‪ -4‬أمحد زلمد احلويف‪ ،‬ادلرأة يف الشعر اجلاىلي‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬دت‪ ،‬ص‪.200‬‬
‫‪ -5‬عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ديوان األمَت عبد القادر‪ ،‬منشورات ثالة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،3‬ص‪.60‬‬
‫‪ -6‬نفسو‪ ،‬ص‪.61‬‬
‫‪ -7‬نفسو‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪1002‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ثالثا‪ :‬المرأة األسيرة‬


‫لقد أوعز األمَت إىل أمو الالّ الزىرة التكفل باألسَتات‪ ،‬فقد كن يقمن يف خيمة قريبة من خيمتها ربت مراقبة بعض احلراس‪ ،‬ومل‬
‫‪1‬‬
‫يكن يسمح ألحد باالقًتاب منهن دون إذن األمَت أو أمو‪ ،‬وكن يفطرن فطورا الئقا‪ ،‬وكانت أمو هتتم بادلريضات منهن‪.‬‬
‫د‪ -‬مواطنة غير المسلمين في دولة األمير عبد القادر‬
‫كانت الدولة اليت أسس األمَت عبد القادر إثنية الديانة‪ ،‬وإن كانت يف نسبتها الساحقة من السكان ادلسلمُت‪ ،‬فإن حضور غَت‬
‫ادلسلمُت كان من ادلالحظ ادلألوف‪ ،‬وقد عاملهم األمَت كباقي أفراد اإلمارة دون سبييز وال إخالل يف احلقوق‪ ،‬بل اختص بعض‬
‫اليهوديُت بالتمثيل الدبلوماسي للدولة عند الطرف الفرنسي لتمتعهم دبؤىالت تبوؤىم ىذه ادلكانة‪ ،2‬ومن أبرزىم‪ :‬مادوخاي (‬
‫مردوش)‪ ،‬بن دوران واحلاج حبيب زلمد بن خيو‪ ،‬وخالفة بن زلمود‪ ،3‬وكان من مهامهم التطبيق الدقيق دلعاىدة " دي ميشال"‬
‫‪4‬‬
‫ادلربمة بُت األمَت والفرنسيُت‪ ،‬وتبادل أصحاب اجلنح واجلنايات والفارين من اجليش‪ ،‬وتطبيق األحكام الصادرة يف كلتا ادلنطقتُت‪.‬‬
‫‪-2-4‬الحقوق االجتماعية والثقافية‬
‫ظهر جليا يف فًتة حكم األمَت عبد القادر فائق اعتنائو باحلقوق االجتماعية والثقافية واالقتصادية للمواطنُت‪ ،‬وإن كانت ىذه‬
‫احلقوق رلاذلا يضيق بادلقارنة مع حالة السلم إال أن مظاىرىا ورلاالهتا برزت بطريقة ربسب لسياستو اليت مل تتأثر حبالة احلرب‬
‫القائمة رحاىا ضد ادلستدمر الفرنسي‪ ،‬ولعل أبرز مظاىر احلقوق االجتماعية والثقافية واالقتصادية ىي القادم ذكره‪:‬‬
‫االىتمام بالصحة‬ ‫أ‪-‬‬
‫ال شك أن الصحة وىياكلها كانت من أوىل احلقوق و أوكد اىتمامات أمَت الدولة‪ ،‬ألمهيتها يف أداء ادلواطن لواجباتو على أحسن‬
‫وجو‪ ،‬وكذا حلالة احلرب اليت كانت تعيشها الدولة‪ ،‬شلا قد ينجر عنها وقوع إصابات تتطلب االستطباب‪ ،‬وقد نقل عن األمَت عبد‬
‫القادر أنو كان يقول‪ :‬لقد جاء يف الكتب ادلقدسة أن السلطان الذي ال يوفر يف شللكتو تعليم فن التطبيب يدعا عاصيا لربو"‪،5‬‬
‫ولتوفَت ذلك فقد استعان بأطباء أكفاء من فاس والرباط وتونس للتطبيب وكذا لتدريس الطلبة‪،6‬كما بٌت األمَت عبد القادر‬
‫مستشفى بقلعة بوغار بغية معاجلة ادلرضى ادلدنيُت والعسكريُت على حد سواء‪ ،7‬ولتقريب ىذا احلق وجعلو يف ادلتناول فقد فتح‬

‫‪ -1‬سليم مزىود‪ ،‬أخالقيات التعامل مع اآلخر يف فكر األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬اجمللد‪ ،6‬ع‪ ،2‬ديسمرب ‪ ،2020‬ص‪.72‬‬
‫‪ -2‬فطيمة شيخ‪ ،‬دور اليهود يف دبلوماسية دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬احلوار ادلتوسطي‪ ،‬مج ‪ ،12‬ع‪ ،2‬ماي ‪ ،2021‬ص ‪.159‬‬
‫‪ -3‬علي زلمد الصاليب‪ ،‬سَتة األمَت عبد القادر قائد رباٍل ورلاىد إسالمي‪ ،‬دار ادلعرفة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬دط‪ ،‬ص‪.138‬‬
‫‪ -4‬ن م‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ -5‬زلفوظ قداش‪ ،‬جيش األمَت عبد القادر ( تنظيمو وأمهيتو)‪ ،‬رللة الثقافة‪ ،‬ع ‪ ،75‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة أمحد زبانة‪ ،1983 ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ -6‬فريدة قاسي‪ ،‬الدولة يف فكر األمَت عبد القادر ( ‪ ،)1847 -1832‬منشورات بونة للبحوث والدراسات‪ ،2012 ،‬ص‪.156‬‬
‫‪ -7‬دحدوح عبد القادر‪ ،‬استحكامات األمَت عبد القادر العسكرية ( ‪ ،)1842 -1836‬ادلؤسسة الوطنية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص‪.143‬‬
‫‪1003‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫العديد من الصيدليات والعيادات يف مقاطعات الدولة‪ ،‬حيث زودت كل عيادة بأربعة أطباء يكونون تابعُت لطبيب األمَت اخلاص‪.1‬‬
‫االىتمام بالتعليم‬ ‫ب‪-‬‬
‫كان من الطبيعي أن يهتم األمَت عبد القادر الذي نال قسطا وافرا من فنون العلم حبق تعليم الرعية‪ ،‬وىذا ما يتطلبو بناء دولة قوية‬
‫تتطلع إىل الرقي واالزدىار يف حاضر الزمن ومستقبلو الذي يتشوف فيو ربقيق االستقالل ودحر ادلستدمر الفرنسي؛ وال شك أن‬
‫تعليم الفرد وتثقيفو أمر البد منو يف سبيل نشر الوعي الوطٍت الذي يكون وقودا لتحقيق األىداف الكربى اليت تتطلع الدولة‬
‫ربقيقها‪ .‬وظهر ىذا االىتمام من قائد الدولة يف أربعة زلاور أساسية كانت ىي أركان النهضة العلمية الثقافية وىي‪ :‬ادلدارس‪،‬‬
‫التنظيم‪ ،‬الطلبة وادلدرسون‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المدارس‬
‫ًب بناء ادلدارس يف ادلدن والكتاتيب يف القرى‪ ،‬إذ يف كل قبيلة من القبائل كانت ىناك خيمة تدعى الشريعة يشرف عليها مؤدب‬
‫‪2‬‬
‫خيتاره سكاهنا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنظيم‬
‫قسمت أطوار التعليم يف دولة األمَت عبد القادر حسب الطريقة احلديثة‪ :‬الطور االبتدائي‪ ،‬الطور الثانوي أو اإلكمايل و طور‬
‫التعليم العايل‪ ،‬وكان الطور االبتدائي يستغرق أربع سنوات يتم خالذلا تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن؛ أما برنامج الطور الثانوي‬
‫فهو تلقي علوم النحو والتفسَت والتاريخ واإلذليات؛ كما كان برنامج الطور العايل يشمل النحو والفقو واحلديث واحلساب والفلك‬
‫‪3‬‬
‫والتاريخ‪....‬‬
‫ثالثا‪ :‬الطلبة‬
‫ظهر االىتمام بالطلبة كعنصر ىام يف خطة النهوض بالتعليم يف البالد من خالل عدة إجراءات منها‪ :‬رلانية التعليم مع توفَت وجبة‬
‫غذائية للطالب‪ ،‬وكذا زبصيص مساعدات لطالب العلم مع تشجيع ادلتفوقُت منهم بتقدَل منح خاصة ذلم‪ ،‬كما روي انو كان يعفو‬
‫‪4‬‬
‫عن طلبة العلم الذين يرتكبون أخطاء تستوجب عقاهبم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬المدرسون‪ :‬أوىل األمَت عبد القادر الرعاية واالىتمام بعصب عملية التعليم وىو ادلدرس‪ ،‬حيث كان حييطهم بفائق االحًتام‬
‫‪5‬‬
‫والتقدير مع زبصيص مرتبا زلًتما يضمن ذلم العيش الكرَل‪.‬‬
‫‪-3-4‬االىتمام بالحياة االقتصادية‬

‫‪ -1‬نويصر مصطفى‪ ،‬األمَت عبد القادر يف ذكراه ادلأوية( ‪ ،)1983 -1883‬ادلؤسسة الوطنية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،1984 ،1‬ص‪.30‬‬
‫‪ -2‬أمحد بن داود‪ ،‬ادلقاومة الثقافية لألمَت عبد القادر من خالل التعليم‪ ،‬رللة احلكمة للدراسات التارخيية‪،‬ع‪ ،3‬م‪ ،2‬جانفي ‪ ،2014‬ص ‪.274‬‬
‫‪ -3‬أديب حرب‪ ،‬التاريخ العسكري واإلداري لألمَت عبد القادر ‪ ،1847 -1808‬دار الرائد للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2005 ،3‬ج‪ ،2‬ص‪.71‬‬
‫‪ -4‬أمحد داود‪ ،‬ادلقاومة الثقافية لألمَت عبد القادر من خالل التعليم‪ ،‬ص ‪.275‬‬
‫‪ -5‬رابح بونار‪ ،‬نظام احلكم يف إمارة األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة األصالة‪،‬ع‪ ،23‬جانفي‪ -‬فيفري‪ ،1975 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪1004‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫إن االىتمام بالنشاط االقتصادي ىو مفتاح احلفاظ على السلم السياسي بتحقيق األمن الغذائي‪ ،‬عالوة على أنو رافد لتحقيق‬
‫مناصب شغل دائمة يقلص هبا نسبة البطالة يف الدولة‪ ،‬ويف سبيل ربقيق ذلك كان لألمَت عبد القادر جهودا متميزة‪ ،‬خاصة وأن‬
‫الدولة اليت كان يسوسها ذلا خصائص طبيعية وإمكانات بشرية أكسبتها قدرات اقتصادية ال يستهان هبا‪.‬‬
‫وقد أعطى األمَت عبد القادر اىتماما بالغ األثر عند توليو اإلمارة للجانب االقتصادي بأن استحدث نظاما اقتصاديا سلتلفا يف‬
‫التسيَت عن سابقو يف الدولة العثمانية وظهرت ىذه اجلهود يف رلاالت الزراعة والصناعة والتجارة‪:‬‬
‫الزراعة‬ ‫أ‪-‬‬
‫ال خيفى وحلد اليوم أن اجلزائر كانت وال تزال دولة فالحية بامتياز‪ ،‬وىذا ما جعل األمَت عبد القادر يويل االىتمام األكرب‬
‫ذلذا اجملال احليوي‪ ،‬وبغية زيادة اإلنتاج يسر للفالح شروط النشاط الفالحي‪ ،‬وألغى ضريبة اخلراج‪ ،‬ومنح بعض األراضي الزراعية‬
‫‪1‬‬
‫وألن احلبوب ادلتمثلة يف القمح والشعَت كانت غالب قوت أىل البالد فقد نالت احلظ‬ ‫للقضاة وشيوخ الزوايا بغية استغالذلا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫األوفر من ىذا االىتمام حىت شهدت سنة ‪ 1839‬وفرة يف اإلنتاج وسلزونا يكفي اإلمارة سنتُت‪.‬‬
‫ومل يقتصر االىتمام بإنتاج احلبوب دون غَته بل تعداه إىل أصناف أخرى مثل علف احليوانات واخلضر والفواكو والبقوليات‪ 3‬طمعا‬
‫يف ربقيق ولو جزء من األمن الغذائي‪.‬‬
‫الصناعة‬ ‫ب‪-‬‬
‫رغم زلدودية رلال الصناعة بادلقارنة مع الزراعة إال أن احلاجة احلربية أجلأت األمَت إىل توفَت مناصب شغل يف رلال الصناعات‬
‫احلربية كالبنادق والبارود وادلدافع وغَتىا‪ 4.‬دون نسيان اعتماده على ادلوارد اخلام ادلتوفرة يف أرجاء دولتو اليت تنوعت بُت النباٌب‬
‫واحليواٍل واحلجارة والصلصال‪ 5،‬وقد استعان األمَت خبربات احلرفيُت الذين كان عددىم البأس بو يف فًتة العهد العثماٍل‪ ،‬زيادة على‬
‫‪6‬‬
‫على الوافدين للبلد من ادلغرب وبعض دول أوروبا الغربية ذوي ادلهارات الصناعية‪.‬‬
‫كما كان احلديد يستخرج من منجم بالقرب من مليانة‪ ،‬وكانت مناجم ملح البارود والكربيت واحلديد والنحاس‪ ،‬وقد تركزت صناعة‬
‫البارود يف تلمسان ومعسكر ومليانة وادلدية وتاقدامت‪ 7،‬فكانت ذلذه اجلهود اإلسهامات الكبَتة يف توفَت مناصب شغل وإشباع‬
‫االحتياجات الصناعية للدولة وادلواطنُت‪.‬‬

‫‪ -1‬صاحل فركوس‪ ،‬تاريخ اجلزائر من ما قبل التاريخ إىل غاية االستقالل‪ :‬ادلراحل الكربى‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ‪.198‬‬
‫‪ -2‬سامل بوتدارة‪ ،‬األنشطة االقتصادية والنظام ادلايل يف دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬احلوار ادلتوسطي‪،‬ع‪ ،2‬م‪ ،12‬ماي ‪ ،2021‬ص‪.77‬‬
‫‪ -3‬العريب إمساعيل‪ ،‬ادلقاومة اجلزائرية ربت لواء األمَت عبد القادر‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،1982 ،2‬ص‪.129‬‬
‫‪ -4‬بسام العسيلي‪ ،‬جهاد الشعب اجلزائري‪ -‬ادلقاومة اجلزائرية لالستعمار الفرنسي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،1983 ،2‬ص‪.42‬‬
‫‪ -5‬سامل بوتدارة‪ ،‬األنشطة االقتصادية والنظام ادلايل يف دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬ص‪.78‬‬
‫‪ -6‬الكولينيل سكوت‪ ،‬مذكرات الكولينيل سكوت عن إقامتو يف زمالة األمَت عبد القادر ‪ ،1841‬ترمجة‪ :‬العريب إمساعيل‪ ،‬الشركة الوطنية للتوزيع والنشر‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪ ،1981‬ص‪.213‬‬
‫‪ -7‬بسام العسيلي‪ ،‬جهاد الشعب اجلزائري‪ -‬ادلقاومة اجلزائرية لالستعمار الفرنسي‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪1005‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ج‪ -‬التجارة‬
‫كانت احلياة التجارية ن شطة يف دولة األمَت عبد القادر و من أىم مظاىره انتظام أسواق أسبوعية تعرض فيها سلع ادلواطنُت لتسويق‬
‫‪1‬‬
‫بضائعهم؛ وبغية تسهيل إقامة ىذه األسواق عمد إىل شق الطرق وتشييد اجلسور هبدف تسهيل التنقل‪.‬‬
‫أما فيما خيص التجارة اخلارجية فقد حرص األمَت عبد القادر على احتكار التجارة اخلارجية وعمل على استقاللو التام يف ىذا اجملال‬
‫خاصة منتج الصوف واحلبوب‪ 2.‬كما واصل استخدام ميناء أرزيو لتصدير القمح وذلك حسب ما ىو مقرر يف معاىدة دي ميشيل‬
‫‪3‬‬
‫والتافنا‪.‬‬

‫‪-4-4‬الوالء واالنتماء لموطن‬


‫إن والء ادلواطن لوطنو ىو احلجر األساس يف الدولة‪ ،‬وحصن منيع ضد األعداء خاصة يف الظروف األمنية السيئة‪ ،‬اليت يتخذ‬
‫األعداء من ضعاف النفوس عمالء يبيعون ذشلهم من أجل عرض قليل من الدنيا‪ ،‬وألن األمَت عبد القادر رجل زلنك مل يغفل ىذا‬
‫اجلانب يف سياستو للدولة‪ ،‬حيث ّقوى أواصر العالقة بُت العشائر كما بُت ادلواطنُت أنفسهم‪ ،‬وكذا جعل الوازع الديٍت ىو ادلخاطب‬
‫احلقيقي لضمَت الفرد شلا يكسبو مناعة طبيعية ضد أي جسم خارجي‪ ،‬وقد كان من أمر األمَت يف ذلك ما سنذكره اآلن‪:‬‬
‫حفظ الدين وحماية الوطن‬ ‫أ‪-‬‬
‫مل يغب تأثَت التكوين الديٍت لألمَت عبد القادر عن قراراتو ادلفصلية وأفكاره اليت أراد أن يزرعها يف أفراد دولتو منذ توليو احلكم‪ ،‬وذلذا‬
‫صلده يقر ضرورة حفظ الدين من جانب الوجود والعدم‪ ،‬فمن جانب الوجود قال رمحو اهلل‪ ":‬وأساس الديانة وأصوذلا ال خالف فيها‬
‫‪4‬‬
‫بُت األنبياء من آدم عليو السالم إىل زلمد صلى اهلل عليو وسلم‪ ،‬فكلهم يدعون اخللق إىل توحيد اإللو وتعظيمو"‪.‬‬
‫ومن جانب العدم وإبقائو على حال القوة وإرعاب األعداء وكذا محاية الوطن ىو اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬وذلذا دعا األمَت عبد القادر‬
‫أتباعو إليو فقال رمحو اهلل‪" :‬ىيا بنا أيها المسلمون إلى الجهاد‪ ،‬وىلموا إليو باجتهاد‪ ،‬وارفعوا عن عواتقكم برود الكسل‪،‬‬
‫وأزيلوا من قلوبكم دواعي الخوف والوجل‪ ،‬أما علمتم أن من مات منكم مات شهيدا‪ ،‬ومن بقى نال الفخار وعاش‬
‫‪6‬‬
‫سعيدا"‪ .5‬وقد أنشد يوما بعض األبيات يذكر فيها جهاده فقال‪:‬‬
‫سلوا تخبركم عنا فرنسا‪....‬ويصدق إن حكت منها المقال‪.‬‬
‫فكم لي فيهم من يوم حرب‪....‬بو افتخر الزمان‪ ،‬وال يزال‪.‬‬

‫‪ -1‬سامل بوتدارة‪ ،‬األنشطة االقتصادية والنظام ادلايل يف دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪-2‬عبد الرزاق بن السبع‪ ،‬األمَت عبد القادر اجلزائري وأدبو‪ ،‬مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطُت لإلبداع‪ ،2000 ،‬ص‪.38‬‬
‫‪-3‬ناصر سعيدوٍل‪ ،‬عصر األمَت عبد القادر اجلزائري‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬ط‪ ،1994 ،1‬ص‪.209‬‬
‫‪ -4‬ذكرى العاقل وتنبيو الغافل ‪:‬األمَت عبد القادر‪-‬بَتوت‪-‬ص‪32‬‬
‫‪ -5‬زلمد ابن األمَت‪ ،‬ربفة الزائر يف مآثر األمَت عبد القادر وأخبار اجلزائر‪ ،‬ج‪ ،3‬ص‪.350‬‬
‫‪-6‬عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ديوان الشاعر عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪1006‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫ب‪ -‬التعايش السلمي‬


‫كان األمَت عبد القادر ذا أخالق عالية‪ ،‬حيث عرف حببو إلخوانو من ادلسلمُت‪ ،‬واحًتامو وتسازلو مع غَته من غَت ادلسلمُت ما‬
‫استطاع إىل ذلك ما مل يكن سلالفا للشريعة اإلسالمية‪ ،‬وجعل ذلك أساسا للديانة حيث يقول رمحو اهلل‪....." :‬وإنما مقصود‬
‫الشارع دفع شر الكفار‪ ،‬وقطع أذاىم عن المسلمين‪ .....‬فلو فرض أنو ال يلحق المسلمين أذى من الكافرين ما أبيح‬
‫قتلهم"‪ .1‬ويظهر ذلك يف عدة نقاط منها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الصفح عن الخصوم‬
‫ويف إطار الصفح عن خصومو الذين ناصبوه العداء ‪ ،‬جهز محلة ضد مصطفى بن إمساعيل رأس ادلتآمرين عليو يف منطقة السيق سنة‬
‫‪1834‬م‪ ،‬وسبكن منو و» أصيب ابن إمساعيل جبراح وتفرق عليو أتباعو وىبطت قيمتو‪ ،‬حبيث مل يعد ديثل شيئا ولكن كرم األمَت أىب‬
‫إال أن يعفو عنو ويعيده إىل مكانتو ‪ ،‬بل بعث إليو يدعوه دلقابلتو إلحالل الوئام زلل اخلصام ‪،‬كما عفا كذلك عن ابن أخيو‬
‫ادلزاري"‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬نبذ الطائفية‬
‫وإن مل تظهر قيمة نبذ الطائفية يف حكم األمَت للجزائر‪ ،‬إال أن ىذه القيمة ظهرت بوضوح يف منفاه يف الشام شلا يدل على إعماذلا‬
‫يف إمارتو‪ ،‬و ىذا ليس بالغريب عليو وىو الذي كان يعامل األسرى الفرنسيُت معاملة حسنة تناقلها األسرى أنفسهم؛ حيث ظهرت‬
‫فتنة بُت ادلسلمُت وادلسيح يف صيف ‪ 1860‬م وىي فتنة داخلية يف الشام ‪ ،‬وكانت إرىاصاهتا األوىل قد بدأت يف لبنان بُت الطائفة‬
‫الدرزية والطائفة ادلارونية‪ ،‬وقد وقف بعض ادلسلمُت إىل جانب الطائفة الدرزية شلا زاد يف إثارة ىذه الفتنة‪ 3‬لكن األمَت عبد القادر‬
‫وقف وقفة شجاعة يف ىذه الفتنة بنبذ الطائفية وترسيخ التعايش السلمي بُت كل طوائف البالد حيث قال‪ " :‬إن األديان وفي‬
‫مقدمتها الدين اإلسالمي أجل وأقدس من أن تكون خنجر جهالة أو معول طيش أو صرخات نذالة تدوي بها أفواه الحثالة‬
‫‪4‬‬
‫من القوم‪ .‬أحذركم أن تجعلوا لشيطان الجهل فيكم نصيبا‪ ،‬أو أن يكون لو إلى نفوسكم سبيال"‪ .‬وقد ّ‬
‫ىب األمَت إىل محاية‬
‫‪5‬‬
‫األقلية ادلارونية دبساعدة ‪ 300‬رجل مسلم وسبكن من محاية ‪ 12000‬مسيحي‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اإلصالح بين القبائل‬
‫عندما تناىى إىل مسامع األمَت عبد القادر أن قتاال نشب بُت قبائل الرببر‪ ،‬بادر إىل اإلصالح بينهم على أن ىذا الفعل إمنا ىو من‬
‫سللفات اجلاىلية مع معاقبة ادلتسبب يف ىذه الفتنة‪ ،‬وعقد صلح بينهم وقعو رؤساؤىم نصو كما يأٌب‪ :‬قد أبرمنا بحول اهلل وقوتو‪،‬‬
‫الصلح المبرم بين أوالد األكراد وقبيلة أوالد شريف‪ ،‬وقبائل يسلم وقبائل الشرقية وحموان أثر ما كان بينهم من بقايا‬

‫‪ -1‬األمَت عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ادلواقف الروحية والفيوضات السبوحية‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ -2‬امساعيل العريب ‪ ،‬ادلقاومة اجلزائرية ربت لواء األمَت عبد القادر ‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪ ،‬ط‪1982، 2‬م ‪.‬ص ‪6‬‬
‫‪ -3‬طاعة سعد‪ ،‬دور األمَت عبد القادر اإلنساٍل يف أزمة الشام الطائفية سنة ‪1860‬م‪ ،‬قضايا تارخيية‪ ،‬ع‪ ،2017 ،5‬ص ‪.44‬‬
‫‪ -4‬زلمد بن األمَت‪ ،‬ربفة الزائر يف مآثر األمَت عبد القادر وأخبار اجلزائر‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.293‬‬
‫‪ -5‬طاعة سعد‪ ،‬دور األمَت عبد القادر يف أزمة الشام الطائفية سنة ‪1860‬م‪ ،‬قضايا تارخيية‪ ،‬العدد‪ ،2017 ،5‬ص‪.46‬‬
‫‪1007‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫الجاىلية‪.....‬‬
‫واحلقيقة اليت ال بد من ذكرىا ىي أن لألمَت عبد القادر األثر البارز يف إثراء ادلدونات القانونية ادلتعلقة حبقوق اإلنسان‪ ،‬واليت أصبح‬
‫تطبيق ىذه ادلدونا ت يف العصر احلديث دليل على الرقي والتحضر‪ .‬فاألمَت بإنسانيتو وسلوكو ادلبٍت على احًتام اإلنسان كإنسان‬
‫مهما كان انتماؤه العرقي والديٍت كان مرجعا أثناء تسطَت القانون الدويل اإلنساٍل مع معاىدة جنيف‪ 2،‬وىذا ما أكسب األمَت‬
‫شرف اعتباره مؤسس الدولة اجلزائرية احلديثة باعتبار سبتع مواطٍت دولتو دبقتضيات ادلواطنة احلديثة‪.‬‬
‫ج‪ -‬فرض الضرائب‬
‫ال تعٍت ادلواطنة ربصيل احلقوق فحسب‪ ،‬بل البد أن يقابل ىذا التحصيل مجلة من االلتزامات ترمى على عاتق ادلواطن‪ ،‬تعرب يف‬
‫رلملها عن الوالء واالنتماء ذلذا الوطن‪ ،‬واالستعداد النفسي وادلادي للقيام دبا ال بد منو من أجل بناء الدولة وازدىارىا ومحاية‬
‫سالمتها الداخلية واخلارجية‪ .‬ومنو فكان من الطبيعي أن يستعُت األمَت عبد القادر بنظام الضرائب لتقوية الدولة ماديا‪ ،‬حىت تتمكن‬
‫من تلبية متطلبات البناء وكذا تقوية اجليش ادلرابط دفاعا عن الدولة وحبثا عن ربرير أجزاء أخرى من ادلستعمر الفرنسي؛ ويعذر‬
‫األمَت يف ذلك ألن الدولة كانت فتية وال سبلك مصادر سبوين أخرى غَت االعتماد على النفس‪.‬‬
‫وقد حرص األمَت عبد القادر يف جلوئو لالعتماد على نظام الضرائب إىل أن ال يثقل كاىل ادلواطنُت‪ ،‬بل جعل منو مظهرا من‬
‫مظاىر روح التعاون بُت الرعية مع العدل وادلساواة بُت الناس يف ربصيلها‪ ،‬وإنفاق جباية الضرائب يف ادلصلحة العامة‪ 3‬وكذا التقيد‬
‫‪4‬‬
‫بأحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وإلغاء ادلغارم كاللزمة والعوائد وغَتىا‪.‬‬
‫‪ -5‬خاتمة‬
‫يف اختتام ىذا ادلقال الذي تناول األمَت عبد القادر مؤسس دولة اجلزائر يف العصر احلديث‪ ،‬من حيث دوره يف إرساء مقتضيات‬
‫ادلواطنة يف دولتو وأبرز مظاىرىا‪ ،‬ديكن تلخيص أىم النقاط الواردة يف ثناياه فيما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬لقد كانت دولة األمَت عبد القادر دولة مكتملة األركان؛ ولعل أكرب دليل على ذلك ىو بروز مقتضيات ادلواطنة بُت أحضان‬
‫ىذه الدولة‪ ،‬رغم الظروف االستعمارية اليت ح ّدت من إمكانية سبتع ادلواطن ببعض حقوق مواطن الدولة ادلستقلة‪ ،‬وكذا أولوية‬
‫اىتمام الدولة بالشأن العسكري على البناء والتشييد‪ ،‬إال أن ذلك مل يكن عائقا يف بلوغ ادلواطنة درجة من النضج قد تفتقر يف كثَت‬
‫من البلدان ادلعاصرة‪ ،‬حبيث أصبح تطبيقها واقعا ملموسا يف مظاىرىا وذبلياهتا اليت سبتع فيها ادلواطن حبقوق اجتماعية وسياسية‬
‫وثقافية على سبيل العدل وادلساواة‪ ،‬كما ألزم فيها بأداء واجباتو ذبسيدا دلقتضى الوالء واالنتماء‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سبيزت ادلواطنة يف دولة األم َت عبد القادر دبقتضياهتا ادلوافقة للتشريع اإلسالمي‪ ،‬ومل تساير يف ذلك ماتقتضيو ادلواطنة الغربية‪،‬‬

‫‪ -1‬بديعة احلسٍت اجلزائري‪ ،‬األمَت عبد القادر سَتتو اجمليدة‪ ،‬ص‪.50‬‬


‫‪ -2‬عبد القادر دوحة‪ ،‬إسهام األمَت عبد القادر اجلزائري يف القانون الدويل اإلنساٍل‪ ،‬رللة ادلواقف للبحوث والدراسات يف اجملتمع والتاريخ‪ ،‬العدد‪ ،5‬ديسمرب‬
‫‪ ،2010‬ص‪.304‬‬
‫‪ -3‬ناصر الدين سعيدوٍل‪ ،‬النظام الضرائيب لدولة األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة الثقافة‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬العدد ‪ ،1983 ،75‬ص‪.125‬‬
‫‪ -4‬عبد الرمحن اجليالٍل‪ ،‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬دار األمة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪ ،2009 ،1‬ج‪ ،4‬ص‪.294‬‬
‫‪1008‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫الداعية إىل ادلساواة واحلريات ادلطلقة وغَتىا من ادلقتضيات ادلنافية للشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ظهرت مقتضيات ادلواطنة يف دولة األمَت عبد القادر يف عدة نقاط رئيسية ذكرناىا يف ىذا ادلقال وىي‪:‬‬
‫العدل والمساواة بين أفراد الدولة؛ وقد ذبلى ذلك يف عدة إجراءات أقرىا أمَت الدولة منها‪ :‬االىتمام جبهاز القضاء من‬ ‫‪‬‬
‫حيث استقالليتو‪ ،‬وكذا من حيث ادلعايَت الصارمة الواجب توفرىا فيمن يتوىل القضاء لضمان ربقيق العدل؛ كما جعل أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ىي ادلصدر الرئيسي ألحكام القضاء‪.‬‬
‫وكذلك ضمان ادلساواة وتقدَل الكفاءات يف تويل الوظائف العليا للدولة؛ مع االىتمام بادلرأة وإشراكها يف الشأن العام؛ كما اعترب‬
‫غَت ادلسلمُت دبواطنُت ذلم نفس حقوق ادلسلمُت‪ ،‬خاصة وأن الدولة كانت ربتضن العديد منهم أبرزىم اليهود‪.‬‬
‫الحقوق االجتماعية والثقافية؛ حيث أظهر األمَت عبد القادر االىتمام البالغ بالصحة بأن وفر اذلياكل الصحية‪ ،‬مع توفَت‬ ‫‪‬‬
‫أطباء أكفاء لتطبيب العامة من الناس‪ .‬إضافة إىل اىتمامو حبق التعليم‪ ،‬فاعتٌت بأركان العملية‪ :‬ادلعلم‪ ،‬ادلتعلم‪ ،‬ادلدارس والربامج‪.‬‬
‫الحقوق االقتصادية؛ وقد ظهرت يف ادلناحي االقتصادية الثالثة‪ :‬الزراعة والصناعة والتجارة‪ ،‬بأن وفر الوسائل وشجع‬ ‫‪‬‬
‫اإلنتاج احمللي‪ ،‬وصنع بيئة مشجعة للنشاط االقتصادي‪.‬‬
‫الوالء واالنتماء للوطن؛ ونرى ىذا ادلقتضى يف سعيو للحفاظ على الدين ومحاية الوطن‪ ،‬مع ضمان التعايش السلمي‬ ‫‪‬‬
‫على كافة األصعدة‪ ،‬والتحلي خبصلة الصفح عن اخلصوم‪ ،‬ونبذ الطائفية‪ ،‬واإلصالح بُت القبائل‪ ،‬مع دفع أفراد الدولة لتحمل‬
‫واجباهتم اذباه وطنهم‪ ،‬ويظهر ىذا اإللزام يف فرض الضرائب بادلعروف دون اإلثقال‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫إبراىيم أنيس وغَته‪ ،‬ادلعجم الوسيط‪ ،‬رلمع اللغة العربية‪ -‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪ ،2004 ،4‬ص ‪.1042‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪.1998 ،1‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬احلركة الوطنية اجلزائرية‪ ،‬ادلؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪.1992 ،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أمحد بن داود‪ ،‬ادلقاومة الثقافية لألمَت عبد القادر من خالل التعليم‪ ،‬رللة احلكمة للدراسات التارخيية‪،‬ع‪ ،3‬م‪ ،2‬جانفي ‪.2014‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أمحد زلمد احلويف‪ ،‬ادلرأة يف الشعر اجلاىلي‪ ،‬دار الفكر العريب‪ ،‬ط‪ ،2‬دت‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أديب حرب‪ ،‬التاريخ العسكري واإلداري لألمَت عبد القادر ‪ ،1847 -1808‬دار الرائد للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2005 ،3‬‬ ‫‪-6‬‬
‫امساعيل العريب ‪ ،‬ادلقاومة اجلزائرية ربت لواء األمَت عبد القادر ‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪ ،‬ط‪.1982، 2‬‬ ‫‪-7‬‬
‫األمَت عبد القادر اجلزائري ‪ ،‬ادلواقف الروحية والفيوضات السبوحية‪ ،‬ربقيق عاصم إبراىيم الكيايل‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪،‬بَتوت‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪.2004‬‬
‫األمَت عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ذكرى العاقل وتنبيو الغافل‪ ،‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2004 ،1‬‬ ‫‪-9‬‬
‫بان غاًل أمحد الصائغ‪ ،‬التأصيل التارخيي دلفهوم ادلواطنة‪ ،‬مركز الدراسات اإلقليمية‪ ،‬دراسات إقليمية‪ ،‬رللد ‪ ،5‬العدد‪.2009 ،13‬‬ ‫‪-11‬‬
‫بديعة احلسٍت اجلزائري‪ ،‬األمَت عبد القادر حياتو وفكره‪ ،‬دار الوعي للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2012 ،1‬‬ ‫‪-11‬‬
‫بسام العسيلي‪ ،‬جهاد الشعب اجلزائري‪ -‬ادلقاومة اجلزائرية لالستعمار الفرنسي‪ ،‬دار النفائس‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1983 ،2‬‬ ‫‪-12‬‬
‫بوطالب عبد القادر‪ ،‬األمَت عبد القادر وبناء األمة اجلزائرية‪ ،‬ادلؤسسة الوطنية للفنون ادلطبعية‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬ ‫‪-13‬‬
‫التسويل‪ ،‬أجوبة التسويل عن مسائل األمَت عبد القادر يف اجلهاد‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪1996 ،1‬م‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫‪1009‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫دحدوح عبد القادر‪ ،‬استحكامات األمَت عبد القادر العسكرية ( ‪ ،)1842 -1836‬ادلؤسسة الوطنية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2008 ،1‬‬ ‫‪-15‬‬
‫رابح بونار‪ ،‬نظام احلكم يف إمارة األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة األصالة‪،‬ع‪ ،23‬جانفي‪ -‬فيفري‪.1975 ،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫سامل بوتدارة‪ ،‬األنشطة االقتصادية والنظام ادلايل يف دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬احلوار ادلتوسطي‪،‬ع‪ ،2‬م‪ ،12‬ماي ‪.2021‬‬ ‫‪-17‬‬
‫سامح فوزي‪ ،‬ادلواطنة‪ ،‬مركز القاىرة لدراسات حقوق اإلنسان‪ ،‬ط‪.2007 ،1‬‬ ‫‪-18‬‬
‫سليم مزىود‪ ،‬أخالقيات التعامل مع اآلخر يف فكر األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة ميالف للبحوث والدراسات‪ ،‬اجمللد‪ ،6‬ع‪ ،2‬ديسمرب ‪.2020‬‬ ‫‪-19‬‬
‫شارل ىنري شرشل‪ ،‬حياة األمَت عبد القادر‪ ،‬دار ال رائد‪ ،‬اجل زائر‪ ،‬ط ‪. 2009 ، 3‬‬ ‫‪-21‬‬
‫شرين دقوري‪ ،‬ذبليات مفهوم ادلرأة يف فكر عبد القادر اجلزائري‪.2012 ،Presses de l’Ifpo ،‬‬ ‫‪-21‬‬
‫‪ -22‬صاحل حسن ادلسلوت‪ ،‬مفهوم ادلواطنة وحقوقها وواجباهتا وقيمها بُت الفكر السياسي اإلسالمي والدولة القومية احلديثة‪ ،‬جامعة احلاج‬
‫خلضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬ادللتقى الدويل ‪ 6‬بعنوان فقو ادلواطنة يف الفكر اإلسالمي ادلعاصر‪.2013 ،‬‬
‫صاحل فركوس‪ ،‬تاريخ اجلزائر من ما قبل التاريخ إىل غاية االستقالل‪ :‬ادلراحل الكربى‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2005 ،1‬‬ ‫‪-23‬‬
‫طاعة سعد‪ ،‬دور األمَت عبد القادر اإلنساٍل يف أزمة الشام الطائفية سنة ‪1860‬م‪ ،‬قضايا تارخيية‪ ،‬ع‪.2017 ،5‬‬ ‫‪-24‬‬
‫عامر البغدادي‪ ،‬دولة األمَت عبد القادر اجلزائري‪1848-1832‬م‪ ،‬دراسة يف نظام احلكم يف اإلسالم‪ ،‬حبث تكميلي لنيل‬ ‫‪-25‬‬
‫ادلاجستَت‪،‬كلية الشريعة والعلوم االجتماعية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة أم درمان اإلسالمية‪ ،‬السودان‪1987 ،‬م‪.‬‬
‫عبد احلق محيش‪ ،‬ادلواطنة يف اإلسالم مفهومها‪ ،‬تأصيلها الشرعي‪ ،‬وخصائصها‪ ،‬ادللتقى الدويل ‪ ،6‬باتنة‪.2013،‬‬ ‫‪-26‬‬
‫عبد الرمحن اجليالٍل‪ ،‬تاريخ اجلزائر العام‪ ،‬دار األمة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2009 ،1‬‬ ‫‪-27‬‬
‫عبد الرزاق بن السبع‪ ،‬األمَت عبد القادر اجلزائري وأدبو‪ ،‬مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطُت لإلبداع‪.2000 ،‬‬ ‫‪-28‬‬
‫عبد الفتاح فتحي شكر‪ ،‬اإلحياء بعد اإلنساء‪ ،‬دار الكلمة‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬ ‫‪-29‬‬
‫عبد القادر اجلزائري‪ ،‬ديوان األمَت عبد القادر‪ ،‬منشورات ثالة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.2007 ،3‬‬ ‫‪-31‬‬
‫‪ -31‬عبد القادر دوحة‪ ،‬إسهام األمَت عبد القادر اجلزائري يف القانون الدويل اإلنساٍل‪ ،‬رللة ادلواقف للبحوث والدراسات يف اجملتمع والتاريخ‪،‬‬
‫العدد‪ ،5‬ديسمرب ‪.2010‬‬
‫علي زلمد الصاليب‪ ،‬ادلواطنة والوطن يف الدولة احلديثة ادلسلمة‪ ،‬دار ادلعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪.2014 ،1‬‬ ‫‪-32‬‬
‫علي زلمد الصاليب‪ ،‬سَتة األمَت عبد القادر قائد رباٍل ورلاىد إسالمي‪ ،‬دار ادلعرفة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬دط‪.‬‬ ‫‪-33‬‬
‫فريدة قاسي‪ ،‬الدولة يف فكر األمَت عبد القادر ( ‪ ،)1847 -1832‬منشورات بونة للبحوث والدراسات‪.2012 ،‬‬ ‫‪-34‬‬
‫فطيمة شيخ‪ ،‬دور اليهود يف دبلوماسية دولة األمَت عبد القادر‪ ،‬احلوار ادلتوسطي‪ ،‬مج ‪ ،12‬ع‪ ،2‬ماي ‪.2021‬‬ ‫‪-35‬‬
‫فوزي أوصديق‪ ،‬النظام الدستوري اجلزائري‪ :‬دولة األمَت عبد القادر دراسة ربليلية‪ ،‬ديوان ادلطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪.2010 ،3‬‬ ‫‪-36‬‬
‫‪ -37‬الكولينيل سكوت‪ ،‬مذكرات الكولينيل سكوت عن إقامتو يف زمالة األمَت عبد القادر ‪ ،1841‬ترمجة‪ :‬العريب إمساعيل‪ ،‬الشركة الوطنية للتوزيع‬
‫والنشر‪ ،‬اجلزائر‪.1981 ،‬‬
‫زلفوظ قداش‪ ،‬جيش األمَت عبد القادر ( تنظيمو وأمهيتو)‪ ،‬رللة الثقافة‪ ،‬ع ‪ ،75‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬مطبعة أمحد زبانة‪.1983 ،‬‬ ‫‪-38‬‬
‫زلمد أبو فارس‪ ،‬النظام السياسي يف اإلسالم‪ ،‬دار الفرقان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪.1986 ،2‬‬ ‫‪-39‬‬
‫زلمد بن أيب بكر الرازي‪ ،‬سلتار الصحاح‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،‬ط‪.1986 ،1‬‬ ‫‪-41‬‬
‫زلمد بن األمَت عبد القادر‪ ،‬ربفة الزائر يف مآثر األمَت عبد القادر وأخبار اجلزائر‪ ،‬ادلطبعة التجارية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪.1903 ،1‬‬ ‫‪-41‬‬

‫‪1010‬‬
‫‪ISSN :1112-4377‬‬ ‫مجلة المعيار‬
‫مجلذ‪ 27:‬عذد‪ ( 5:‬رت ‪ ) 74‬السنة‪2023 :‬‬

‫‪ -42‬زلمد بن ا لسايح‪ ،‬حقوق وواجبات ادلواطنة وفق القواعد الشرعية والقواعد الوضعية‪ ،‬ادللتقى الدويل السادس‪ ،‬فقو ادلواطنة يف الفكر اإلسالمي‬
‫ادلعاصر‪ ،‬جامعة احلاج خلضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬اجلزائر‪ 19-18 ،‬نوفمرب ‪.2013‬‬
‫زلمد عاطف غيث ‪،‬قاموس علم االجتماع ‪،‬دار ادلعرفة اجلامعية‪ ،‬االسكندرية ‪،‬مصر‪.1995 ،‬‬ ‫‪-43‬‬
‫زلمد خلوالدة‪ ،‬الًتبية الوطنية (ادلواطنة واالنتماء)‪ ،‬دار اخلليج للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪.2015 ،1‬‬ ‫‪-44‬‬
‫ميثاق اجلزائر‪ ،‬ادلطبعة الشعبية للجيش‪ ،‬اجلزائر‪.1964 ،‬‬ ‫‪-45‬‬
‫ناصر الدين سعيدوٍل‪ ،‬النظام الضرائيب لدولة األمَت عبد القادر‪ ،‬رللة الثقافة‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬العدد ‪.1983 ،75‬‬ ‫‪-46‬‬
‫ناصر الدين سعيدوٍل‪ ،‬عصر األمَت عبد القادر‪ ،‬مكتبة االسكندرية‪ ،‬ط‪.1994 ،1‬‬ ‫‪-47‬‬
‫نويصر مصطفى‪ ،‬األمَت عبد القادر يف ذكراه ادلأوية( ‪ ،)1983 -1883‬ادلؤسسة الوطنية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط‪.1984 ،1‬‬ ‫‪-48‬‬
‫ياسر جابر‪ ،‬ادلواطنة يف الشريعة اإلسالمية " دراسة فقهية مقارنة‪ ،‬دار احملدثُت للبحث العلمي والنشر‪ ،‬ط‪.2011 ،1‬‬ ‫‪-49‬‬
‫‪50- Benachenhou abdelhamid, l ‘état algérien en 1830 institutions sous l ‘émir‬‬
‫‪abdelkader ,entreprise populaire algérienne, 1969.‬‬
‫‪51- Cambridge learning dictenary, Camp, university press, 2003.‬‬
‫‪52- Encyclopedia, Book international Britannica. Inc, The New Encyclopedia peered,‬‬
‫‪Britannica,Vol. 20.‬‬
‫‪53- World Book international, The World Encyclopedia (London: World Book, Inc., (n.‬‬
‫‪d.) , vol. 4, 2000.‬‬

‫‪1011‬‬

You might also like