You are on page 1of 102

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة الجزائر ‪، 2‬أبو القاسم سعد هللا‬

‫كلية العلوم اإلنسانية‬

‫قسم التاريخ‬

‫مطبوعة دروس في مقياس الحضارة الرومانية‬

‫‪Printed lessons in scale The Romanian Civilization‬‬

‫من إعداد األستاذة ‪:‬‬ ‫مستوى‪:‬‬

‫نورة مواس‬ ‫السنة الثانية ماستر‬

‫السداس ي الثالث‬

‫املوسم الجامعي‪:‬‬

‫‪ 2021‬ـ ‪2022‬‬
Ministry of Higher Education and Scientific Research
University of Algiers 2, Abu al-Qasim Saadallah
Faculty of Humanities
Department of History

Printed lessons in scale The Romanian Civilization

level: Prepared by Dr:

Second year master Nora Mouas

The third hexagon

University season:
2021-2022

1
‫فهرس الدروس‬

‫‪1‬ـ االطار الزماني واملكاني للحضارة الرومانية‬

‫‪ 2‬ـ تأسيس مدينة روما بين األسطورة والحقيقة‬

‫‪3‬ـ النظام السياس ي ‪:‬‬

‫امللكية ـ الجمهورية ـ اإلمبراطورية‬

‫‪4‬ـ الحروب الرومانية اليونانية‬

‫‪ 5‬ـ الحروب الرومانية القرطاجية (الحروب البونية(‬

‫‪ 6‬ـ الديانة الرومانية‬

‫‪ 7‬ـ الحياة االقتصادية‬

‫‪ 8‬ـ الحياة االجتماعية ‪ :‬االسرة الحياة اليومية‪ ،‬اللباس ‪ ،‬الطعام ‪ ،‬الترفيه‬


‫‪ :9‬التعليم ‪:‬االدب ‪ ،‬التاريخ ‪ ،‬الفلسفة ‪ ،‬الخطابة ‪،‬الشعر ‪،‬القانون‬

‫‪10‬ـ العمارة والفنون‪.‬‬

‫‪11‬ـ الحياة اليومية ‪ :‬اللباس ‪ ،‬الطعام ‪ ،‬الترفيه ( املسرح ‪ ،‬السيرك‪.)...‬‬

‫املحاضرة رقم ‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫االطارالزماني واملكاني للحضارة الرومانية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫ترتكز كل حضارة على مقومات ودعامات أساسية‪ ،‬من أجل ان تفرض نفسها على مجريات األمور‬
‫وتبسيط سلطتها على األمم املجاورة ‪ ،‬وينجح أهلها في إقامة امبراطورية لهم خارج حدودها الجغرافية عبر‬
‫البحار‪ ،‬فمن الطبيعي أن يكون املكان واالنسان هما العنصران الفاعالن في تكوين التاريخ الروماني‬
‫القديم* ‪ ،‬وهما السر وراء التفوق الحضاري ‪.‬‬

‫ـ‪1‬ـ املكان‪:‬‬

‫‪1‬ـ‪ 1‬املوقع* ‪:‬‬

‫تمتد شبه جزيرة ايطاليا من جسم القارة األوروبية في حوض البحر املتوسط وتقسمه مع جزيرة‬
‫صقيلية الى حوضين شرقي وغربي‪ ،‬يقع الى الشرق منها بحر األدرياتيكي الذي تشكل اليونان حدوده‬
‫الشرقية وينفتح البحر املتوسط الى الغرب منها الى سواحل اسبانيا ‪.‬‬

‫لكن ما ال يمكره جاحد أن التاريخ الروماني لم ينحصر في القديم بالكيان الجغرافي لشبه جزيرة إيطاليا‬
‫فحسب ‪ ،‬وإنما تعداه الى حوض البحر املتوسط حتى غدا بحيرة رومانية ‪ ،‬كما امتدت لتشمل ما وراء‬
‫املتوسط وهي الحضارة اليونانية‪ ،‬فقد كانت شبه جزيرة إيطاليا هي االطار الجغرافي النطالقة الحضارة‬
‫الرومانية ‪ ،‬وخاصة مدينة روما دون باقي املدن اإليطالية‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫* هذا املوقع الجغرافي االستراتيجي الذي تتمتع به شبه جزيرة إيطاليا مكنها(روما) من الدفاع عن نفسها في املراحل األولى‬
‫من تكوينها ‪ ،‬كما أن امتدادها في البحر املتوسط جعلها تؤثر وتتأثر بالحضارات الجانبية وخصوصا الحضارة االغريقية‬
‫وحضارة بالد الشام وحضارة املغرب القديم والحضارة الهلينستية ‪.‬‬

‫‪- )1‬زياد سلهب وميسون املرعشلي ‪،‬تاريخ العصور الكالسيكية الرومانية ‪ ،‬جامعة دمشق ‪، 2015-2014،‬ص‪.44-42‬؛‬

‫حسين الشيخ ‪ ،‬الرومان ‪ ،‬دار املعرفة اإلسكندرية ‪.1989‬‬

‫‪1‬ـ ‪2‬ـ السطح‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ينقسم سطح إيطاليا الى قسمين ‪،‬السهل الكبير الشمالي أو "وادي البو" ‪،‬يحيط به بالد األلب الجبلية‬
‫من الشمال والغرب‪ ،‬أرض هذا السهل خصبة‪ ،‬أما القسم الجنوبي تغطيه جبال األبنين‪ ،‬التي تنحدر‬
‫تدريجا نحو األدرياتيك القليل العمق‪ ،‬تاركة شريطا ضيقا تقطعه عدة مجار مائية قصيرة‪ .‬تغذي الثلوج‬
‫التي تكسو جبال األلب اإليطالية العالية والعيون املتفجرة في التالل املحيطة بالسهل الكبير الشمالي(*)‬
‫‪ ،‬األنهار والروافد اإليطالية باملياه وأهمها نهر البو الذي ينبع من املنحدرات األلبية الغربية‪ ،‬باإلضافة‬
‫الى عدة أنهار أخرى ‪ :‬األرنوس والتيبر وليريس وفولترنيوس ‪.‬‬

‫أما سواحل إيطاليا فيزيد طولها على ‪3000‬كم ‪ ،‬وتتميز بأنها قليلة التعرجات ‪ ،‬فقيرة بالخلجان‬
‫‪،‬واملوانئ الطبيعية العميقة املياه واملحمية من العواصف‪ .‬الساحل الشرقي صالح لرسو السفن‬
‫بريندزيوم ( أقص ى الجنوب) ‪ ،‬الساحل الغربي ذو كثافة سكانية مرتفعة باملقارنة مع الشرقي ‪،‬غني‬
‫باألرض الواسعة(‪.)1‬‬

‫هـ املناخ‪ :‬يختلف املناخ باختالف مناطقها فمناخ الشمال قاري ‪ ،‬ومناخ منطقة جبال األلب معتدل‬
‫‪،‬عموما مناخ شمال إيطاليا يشبه الى حد كبير مناخ أوروبا الوسطى بحرارته الشديدة وأمطاره الغزيرة‬
‫‪ (،‬بما أن روما واقعة في القسم الجنوب فمناخها معتدل‪.‬‬

‫‪1‬ـ ‪ 4‬جزيرة صقيلية وسردينيا ‪ :‬تعد جزيرة صقيلية أكبر الجزر التابعة إليطاليا ‪ ،‬وتقع الى الغرب منها‬
‫وال يفصلها اال مضيق مسينا‪ ،‬كانت محط أنظار قرطاجة‪ ،‬باإلضافة الى سردينيا التي تغطي أرضها‬
‫الحجارة القديمة واأللواح الحجرية تشبه في تركيبها وحياتها النباتية أراض ي شمال افريقيا (‪. )2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫*تو افر املياه ‪ ،‬فهذه األنهار النابعة من سلسلة جبال االبينين ‪ ،‬سريعة االنحدار ‪،‬شديدة التدفق ‪،‬قصيرة املجرى ‪،‬‬
‫تصب في البحر بما تحمله من أتربة وصخور رملية ‪،‬وجذوع وأغصان األشجار التي تتراكم عند املصبات ‪ ،‬حيث تقلل‬
‫من عمق مياه البحر ‪ ،‬لتتسع مساحة اليابسة على حساب املياه تدريجيا (ـ‪---‬ـالتربة الخصبة‪ ،‬حيث توجد سهول‬
‫شاسعة محاطة بجبال شبه جزيرة االبينين)‪.‬‬

‫‪- )1‬زياد سلهب وميسون املرعشلي ‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪ 44-43‬؛هشام الصفدي ‪ ،‬تاريخ الرومان في العصور امللكية‬
‫الجمهورية واالمبراطورية حتى عهد االمبراطور قسطنطين ‪،‬لبنان ‪ 1967‬إبراهيم أيوب ‪،‬التاريخ الروماني ‪ ،‬الشركة‬
‫العلمية للكتاب ‪،‬لبنان ‪،1996‬ص‪32‬‬

‫‪)2‬عزت زكي حامد قادوس ‪،‬مدخل الى علم االثار اليونانية والرومانية‪ ،‬كلية األداب ‪،‬جامعة اإلسكندرية‬
‫‪،،،2007‬ص‪.107 -106‬‬

‫‪2‬ـ السكان‪ :‬ينقسم سكان إيطاليا الى ‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ 2‬ـ‪ 1‬سكان إيطاليا األو ائل‬

‫ـ التيراماري(‪: )Terramare‬‬

‫استولوا على وادي البو وعلى املنطقتين الوسطى والشرقية ‪ ،‬عاش هذا الشعب من زراعة األرض‬
‫ببعض الحبوب الغذائية وتربية املاشية واصطياد الحيوانات البرية ‪،‬اتقنوا الحياكة وصناعة الخزف‬
‫واستعمال النحاس فضال عن الخشب والبرونز‪.‬‬

‫‪-‬الفيالنوفا)‪(Villanova‬قرب بولونيا شمال إيطاليا‪،‬اهتموا بتربية املواش ي وزراعة األرض وصيد‬


‫الحيوانات ‪ ،‬اتقنوا صناعة بعض املنسوجات‪ ،‬واألدوات الفخارية ‪ ،‬عرفت حضارتهم بحضارة عصر‬
‫الحديد (‪.)1‬‬

‫‪2‬ـ ‪ 2‬سكان إيطاليا قبل ‪ 500‬قبل امليالد‪:‬‬

‫ـ الالتين‬

‫كانت قبائل الالتين أهم القبائل اإليطالية في الضفة الجنوبية الشرقية من نهر التبر‪ ،‬يزرعون الحبوب‬
‫ويرعون القطعان فوق األنجاد والهضاب‪ ،‬يراقبون بحذر شديد نمو املدن األتروسكية املزدهرة على‬
‫الجانب الشمالي من نهر التبر‪ ،‬فضال عن قبائل إيطالية* أخرى منها‪ :‬الكمبانيون )‪،(Companens‬‬
‫األومبريون)‪ (Ombriens‬والسابينيون)‪ (Sabinuns‬في جبال االبينين الوسطى(‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬تاريخ الرومان ‪،‬منشورات الجامعة الليبية ‪ ،‬كلية األدب ‪،1971‬ج‪.1‬‬
‫*باإلضافة الى االيطالين نجد قبائل غير إيطالية منها ‪ :‬الليجوريون )‪ (Ligures‬فضال عن االتروسكيون )‪ (Etrusci‬الذين‬
‫تعددت األراء حول موطنهم األصلي ‪.،‬أما بخصوص االغريق فاستقروا في مستعمرات عديدة في الشواطئ الجنوبية من‬
‫إيطاليا حيث نشروا معهم تقاليد الحضارة الهللينية‪ ،‬ومن أهم مستعمراتهم " كوما" )‪Cumae(Cumae‬على ساحل‬
‫كمبانيا حوالي منتصف القرن الثامن قبل امليالد ‪،‬أنظر‪Salavatore Settis ,the land of the Etruscans , from :‬‬
‫‪،.Prehistory to the Middle Ages SCALA ,Istituto Fotografico,1985‬إبراهيم رزق هللا أيوب ‪ ،‬التاريخ الروماني‪،‬‬
‫الشركة العاملية للكتاب‪ ،‬مكتبة نرجس ‪،2017،‬ص ‪21‬‬

‫‪ )2‬زياد سلهب وميسون املرعشلي ‪،‬تاريخ العصور الكالسيكية الرومانية ‪ ،‬جامعة دمشق ‪، 2015-2014،‬ص‪53‬‬

‫املحاضرة رقم ‪2‬‬

‫‪5‬‬
‫تأسيس مدينة روما بين الو اقع واالسطورة‬

‫‪1‬ـ االسطورة‪:‬‬

‫ان الدراسات التاريخية حول نشأة روما* يكتنفها الغموض بسبب ندرة الوثائق واألوابد االثرية‬
‫املكتشفة في هذه املنطقة ‪ ،‬نظرا لطبيعتها الجغرافية الصعبة ‪ ،‬لذلك حيكت االساطير املتعددة حول‬
‫امليالد األسطوري لروما‬

‫بعد سقوط طروادة* ارتحل عنها املحارب اينياس ابن االلهة فينوس ‪ ،‬حيث استقر به املطاف ‪،‬‬
‫وبعد مغامرات عديدة في ارجاء املتوسط ‪ ،‬على شواطئ الالتيوم حيث التقى بامللك التينوس سليل االله‬
‫ساتورنوس ‪ ،‬الذي أبدى اعجابه بالبطل الطروادي وحسن خصاله مما دفعه الن يزوجه ابنته الفينيا ‪،‬‬
‫وبعد وفاة امللك تولى البطل الطروادي الحكم خلفا لوالد زوجته ‪ ،‬وشيد مدينة جديدة أطلق عليها اسم‬
‫الفينيوم اكراما لزوجته ‪ ،‬وأصبح شعبه يعرف بالشعب الالتيني ‪ ،‬وفيما بعد اختفى البطل الطروادي‬
‫أثناء عاصفة هوجاء وتحول الى عبدته األجيال االتية باسم االله جوبتر القومي‪ ،‬وبعد اختفاء البطل‬
‫الطروادي تسلم الحكم ابنه بولوس حيث حكم الالتيوم هو ومن ثم أوالده وأحفاده ومنهم نوميتور ‪،‬‬
‫والذي رزق بولدين أحدهما ذكر والثاني فتاة اسمها ريا سيلفيا ‪ ،‬ولكن بعد فترة قصيرة قام شقيق امللك‬
‫األصغر باالستيالء على العرش‪ ،‬وعزل أخاه األكبر ‪ ،‬واتقاء للعاقبة ‪ ،‬أمر بقتل ابن أخيه ونذر ريا سيلفيا‬
‫لاللهة مما يجبرها على البقاء عذراء ملدة ثالثين عام فال تخلف نسال ينتقم منه على فعلته ‪ ،‬ولكن اله‬
‫الحرب مارس أغرم بالفتاة واتصل بها سرا ‪ ،‬فحملت الطفلين رومولوس وريموس فاستشاط العم غضبا‪،‬‬
‫وأمر بإلقاء الطفلين في نهر التيبر ‪ ،‬وتحدث املعجزة عندما يطفو املهد على وجه املاء(‪، )1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ً‬
‫‪،‬حاليا بمنطقة األناضول في تركيا الحديثة‪ .‬ازدهرت هذه املدينة في األلف الثالث قبل‬ ‫*طروادة‪ :‬مدينة تاريخية قديمة‬
‫امليالد‪ .‬وقد اشتهرت قصة حصان طروادة الخشبي الذي اختبأ داخله الجنود اإلسبرطيون وتسللوا ليال لفتح أبواب‬
‫املدينة أمام جيوش امللك مينالوس ملك إسبرطة بقيادة أخيه أجاممنون‪ .‬الذي حاصر املدينة املنيعة ردها منذ زمن‬
‫يقارب العشر سنوات وما كان من املمكن إسقاطها إال بالخدعة‪.‬‬

‫‪ )1‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪81 -79‬؛ ول وايريل ديورانت‪ ،‬قصة الحضارة ‪ ،‬قيصر واملسيح أو الحضارة الرومانية‬
‫‪،‬ج‪ 1‬من املجلد الثالث ‪ ،‬ترجمة محمد بدران ‪،‬بيروت ‪،1988‬ص‪.9‬‬

‫‪6‬‬
‫فيعثر عليهما راعي قطعان امللك ‪ ،‬وحملهما الى زوجته التي تعهدت برعايتهما وتربيتهما الى أن أصبحا في‬
‫الثامنة عشر من العمر وعندما علما بما حدث قررا االنتقام من مغتصب العرش ‪ ،‬وتمكنا من قتله‬
‫وإعادة جدهما نوميتور الى عرشه‪ ،‬ومكافأة لهما منحهما نوميتور)‪ (Numitor‬أراض ي التالل السبعة*‪.‬‬

‫اختارت االلهة رومولوس لوضع أسس املدينة الجديدة‪ ،‬وبعد االنتهاء من الطقوس الدينية‪ ،‬أمر‬
‫رومولوس أتباعه الالتين ببناء السور الذي سيحيط بمدينته ويحميها‪ ،‬وأصبح ذلك السور مقدسا ولم‬
‫يعد بمقدور أي انسان أن ينتقل من خارج املدينة الى من األبواب‪ ،‬أما ريموس فقد استشاط غضبا ألن‬
‫االلهة اختارت اخاه "رومولوس"‪ ،‬فقفز عبر الحائط صائحا " هل ملثل هذه الحواجز أن تصون مدينتك‬
‫؟"‪ ،‬مما أزعج" رومولوس" فقتله صائحا " هكذا سيهلك كل من يمتهن أسوار مدينتي "‪ ،‬وكان ذلك عام‬
‫‪753‬ق م(‪. )1‬‬

‫لكن املتمعن بين األسطر يستنتج ‪:‬‬

‫‪ -‬وقائع التاريخ وأحداثه اجتمعت خلف األسطورة ( ولدت الواقع من األسطورة) ‪.‬‬

‫‪ -‬تستهدف تلك االحداث بالدرجة األولى توضيح العادات الدينية واالجتماعية الرومانية ومن ثم ال تعدو‬
‫كونها مجرد أسطورة‬

‫‪-‬تعكس في طياتها صورة عن الحقيقة التاريخية التي يمكن استخالصها ما بين السطور ‪ ،‬وهي رغبة‬
‫االغريق الدفينة في نسب تأسيس روما الى حفيد أحد أبطال امليثولوجيا االغريقية ‪ ،‬ونظرا لتفوق االغريق‬
‫الحضاري نرى الرومان يقبلون هذه األسطورة ويتبنونها في أساطيرهم الشعبية ‪.‬‬

‫‪ -‬تمكنت روما من بناء كيان سياس ي قوي بمنتهى العزم والتصميم ‪ ،‬وأن تتوسع على حساب غيرها لبناء‬
‫مجتمع روماني تأثر بال شك بالحضارات الهلنستية السابقة (‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*توجد التالل السبعة شرق نهر التيبر‪ ،‬وتشكل القلب الجغرافي لروما داخل جدران املدينة القديمة‪.‬و هذه التالل‬
‫(الهضاب)هي ‪ :‬أفينتن‪ ،‬كايليان‪ ،‬كابيتولين‪ ،‬إسكيلينن ‪ ،‬باالتين ‪ ،‬كيرينال و هضبة فيمينال‪.‬‬

‫‪ )1‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪77-75‬‬

‫‪)2‬نفس املرجع ‪،‬ص‪78‬‬

‫‪7‬‬
‫املحاضرة رقم ‪3‬‬

‫األنظمة السياسية في روما‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫مرت الحضارة الرومانية في تاريخها السياس ي الطويل بمراحل عدة‪ ،‬حتى وصلت الى تأسيس‬
‫امبراطورية مترامية األطراف ذات سلطان ضخم وخطر في الداخل والخارج ‪ ،‬وقد عرفت روما في تاريخها‬
‫الطويل أشكاال مختلفة للحكم وأوضاعا دستورية متباينة فقام فيها النظام امللكي والنظام الجمهوري‬
‫واالمبراطوري‪.‬‬

‫ـ تمثل الحكم في الفترة امللكية *من حياة روما بثالثة عناصر أساسية هي‪:‬‬

‫أـ امللك ‪:‬‬

‫امللك (‪*،)Rex‬أعلى الهرم في هذا التنظيم السياس ي‪ ،‬وهو الذي يملك السلطات السياسية والقضائية‬
‫والعسكرية ‪ ،‬اال أن الصفة الدينية كانت هي الغالبة ‪ .‬يبدأ عد السنين بدءا من عهد امللك‪ ،‬وبمجرد تولي‬
‫امللك الحكم كان يجمع في قبضته سلطة مطلقة‪ ،‬بعد حكم دام نحو القرنين والنصف تقريبا(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*تقسم فترة الحكم امللكي الى مرحلتين‪ :‬األولى حكم امللوك الرومان األصليين واستنادا الى الروايات القديمة التي‬
‫تناقلها املؤرخون القدامى ‪ ،‬أن روميلوس وأخاه ريموس أسسا مدينة روما وعندما قتل ريموس على يد رومولوس حكم‬
‫بمفرده وتعاقب بعده ثالث ملوك من أصل روماني حتى الغزو االتروسكي إليطاليا وهم على التوالي ‪:‬‬

‫‪715-753(Romulus‬ق م )‪673-715( Numa Pompilius ،‬ق م )‪،‬‬

‫‪641 -673(Tullius Hostillus‬ق م)‪)616-641(Ancus Marcius ،‬‬

‫الثانية تمثل حكم امللوك االتروسكيين الذين وفدوا من أسيا الصغر؟؟؟ وأحكموا السيطرة على روما وهم على التوالي‬

‫‪578-616(Tarquinius Priscus‬ق م)‪535 -578( Servius Tullis،‬ق م)‬

‫‪510 -534(Tarquinius Superbus‬ق م)‪.‬‬

‫‪)1‬على عكاشة ‪،‬شحادة الناظور ‪،‬جمال بيضون ‪ ،‬اليونان والرومان ‪،‬ص ‪.57‬‬

‫‪8‬‬
‫ب ـ مجلس الشيوخ ‪:‬‬

‫كان عدد أعضاء هذا املجلس يختلف باختالف عدد العائالت النبيلة األولى ‪ ،‬وتقول الروايات إنه‬
‫بدءا من عهد امللك األتروسكي )‪578-616(Tarquinius Priscus‬ق م بدأ امللك يعين أعضاء مجلس‬
‫الشيوخ‪ ،‬الذي كان بمثابة مجلس استشاري للملك‪ ،‬دون أن يكون هذا األخير ملزما باألخذ برأي هذا‬
‫املجلس)‪. (1‬‬

‫ج ـ مجلس الجماعات (الجمعيات الشعبية )‪:‬‬

‫هي الظاهر الديموقراطي ‪ ،‬أقد مؤسسة في روما ‪ ،‬وجودها سبق بروز مجلس الشيوخ وامللك ‪،‬وكانت‬
‫هذه الجمعيات توافق بالهتاف ‪ ،‬أي بدون تصويت فعلي‪ ،‬للشخص الذي اختاره مجلس الشيوخ ليكون‬
‫ملكا وتمنحه باسم الشعب " النبالء واألتباع " السلطان املطلق (‪. )2()Imperium‬‬

‫‪)2‬النظام الجمهوري‪:‬‬

‫سمي النظام الجديد باسم (‪ ، )Res Publica‬بمعنى النظام الذي يعنى باألمور العامة والشعب ‪ ،‬أو‬
‫الغالبية العظمى من الناس وليس ذلك النظام السابق االرستقراطي امللكي ‪ ،‬الذي كان يعنى بمصالح‬
‫األغنياء والنبالء واألشراف فقط‪.‬كانت أهم التغيرات التي طرأت على النظام‬

‫‪1‬ـ اإلبقاء على سلطة االمبريوم لكن تم إعطائها لحاكمين ‪،‬سمي هذان الحاكمان في أول األمر باسم‬
‫برايتورس(‪ ، )braeturs‬وبعد سنة ‪ 367‬ق م تغير الى اسم القنصلين (‪.) Consules‬‬

‫‪2‬ـ السناتوس ( ‪: ) Senatus‬يجمع كبار الشخصيات املجتمع الروماني القديم ‪ ،‬يباشر اعماله لكن كهيئة‬
‫استشارية وليست تنفيذية أو تشريعية له ثالث امتيازات ‪:‬الشورى ـ الحكم بالوكالة‪ ،‬وسلطات مجلس‬
‫الشيوخ تزداد وتتضاعف على حساب سلطات الحكام ( الوظائف أصبحت في متناول أبناء العامة )(‪.)3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬على عكاشة ‪،‬شحادة الناظور ‪،‬جمال بيضون ‪ ،‬اليونان والرومان ‪،‬ص ‪.60‬‬

‫‪ )2‬إبراهيم رزق هللا أيوب ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 25‬‬

‫‪)3‬محمد محفل ‪،‬محمد الزين ‪،‬دراسات في تاريخ الرومان ‪،‬ج‪،1‬ص‪28‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ .3‬إحالل بعض الوظائف الجديدة منها‪:‬‬

‫القصل‪:‬‬

‫وظيفة القنصل* هي أعلى سلطة وظائف في الجمهورية الرومانية ‪ ،‬ألن سلطة امللك لم تلغ عنها إذ بقي‬
‫بالسلطة املطلقة‪ ،‬انما أدخل عليها بعض الضوابط التي اعتقدوا انها كفيلة بالحيلولة دون االستبداد في‬
‫استخدامها وهي مبدأ الزمالة ‪ ،‬مبدأ قصر مدة تولى املنصب على عام واحد ‪ ،‬مبدأ حق االعتراض‪.‬‬

‫مهام القنصلين منها‪:‬‬

‫ـ يعينون عادة حكاما في املقاطعات يدعون بروقنصل )‪(pro- consules‬‬

‫ـ يعينون هيئتين قضائيتين تفصل احداهما في قضايا الخيانة واألخرى في قضايا القتل دون مبرر‬

‫ـ يدعون مجلس الشيوخ والجمعية املئوية لالجتماع ويترأسون االجتماع‬

‫ـ ينظمون الجيوش ويقودونها في الحرب (‪.)1‬‬

‫ـ نقيب العامة) ‪: (Tribunes‬‬

‫ذو سلطة تنفيذية في الفترة املمتدة ما بين ‪ 440‬ـ ‪ 367‬ق م‪ ،‬كان الهدف من هذه الوظيفة إرضاء العامة‬
‫املحرومين من تولي القنصلية لكن الغي العمل بها وأعيدت القنصلية في ‪ 366‬ق م (‪)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* في الحاالت الطارئة يعين الديكتاتور‪ :‬الحاكم الذي ال يحكم عبر الوسائل الديموقراطية‪ ،‬يعين من قبل مجلس الشيوخ‬
‫والقنصلين اللذان يتنازالن له عن السلطة التنفيذية لسيادة الجمهورية في أوقات الطوارئ‪ ،‬في يده جميع السلطات‬
‫املدنية القضائية والعسكرية‪ ،‬يسير أمامه‪ 24‬حارس يحملون الفؤوس والعصيان التي ترمز الى تمتعهم بحق امللوك‬
‫القديم في الحق املطلق للمزيد أنظر إبراهيم أيوب ‪،‬التاريخ الروماني ‪،‬ص ‪ 53‬ـ ‪.54‬‬

‫‪)1‬محمد محفل ‪،‬محمد الزين ‪،‬دراسات في تاريخ الرومان ‪،‬ج‪،1‬ص‪62‬؛إبراهيم أيوب ‪،‬تاريخ الرومان‪.51-50،‬‬

‫‪ )2‬محمد محفل ‪،‬محمد الزين ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪57‬؛سليم عادل عبد الحق ‪ ،‬روما والشرق الروماني ‪،‬ص ‪59‬؛نور‬
‫الدين حاطوم واحرون‪،‬ج‪،1‬دمشق ‪ ،1965‬ص‪.531‬‬

‫‪10‬‬
‫ـ مر اقب اإلحصاء أو الرقيب ) ‪(censor‬‬

‫أنشأت حوالي ‪ 443‬ق م بهدف احكام عملية اإلحصاء التي كانت تجرى الفراد الشعب الروماني كل ‪5‬‬
‫سنوات‪ ،‬ملعرفة ممتلكاتهم وقيمة الضرائب الواجبة عليهم تجاه الدولة (‪.)1‬‬

‫ـ أمين الخزانة العامة ( ‪:)Quaestor‬‬

‫نشأت هذه الوظيفة عام ‪ 449‬ق م (وبداية من ‪ 429‬ق م أربعة ) ‪ ،‬اثنان منهما امينا على الخزانة العامة‪،‬‬
‫واثنان اخرين يساعدان القنصلين ويصطحبانهما الى ميدان القتال ليتوليا مهمة توفير مؤونة الجيش‬
‫وصرف رواتب الجنود ‪ ،‬ازداد عددهم الى ‪ 8‬الحقا(‪.)2‬‬

‫‪ .3‬النظام االمبراطوري‪:‬‬

‫ظهر هذا النظام مع توسع روما وضمها ألراض ي شاسعة وشعوب متعددة ‪،‬حيث لم يعد بمقدور‬
‫النظام الروماني السابق إدارة هذه اإلمبراطورية الضخمة ‪ ،‬فكانت االرهاصات األولى لبداية هذا النظام‬
‫االمبراطوري مع بداية تعين يوليوس قيصر*(‪101‬ـ ‪ 44‬ق م ) سنة ‪ 44‬ق م ‪ ،‬ثم ابنه بالتبني أكتافيان‬
‫(أغوست ) امللقب بأغسطس العظيم في ‪ 16‬يونيو ‪ 27‬ق م(‪.)3‬‬

‫ـ تطورنظم الحكم عبرمرحلتين ‪:‬‬

‫‪-‬الحكومة الثالثية األولى(‪ 60‬ق م ‪44‬ق م )‪ ،‬اشترك فيها كل من بومبي وقيصر وغراكوس‪ ،‬ولكن لم يلبث‬
‫أن نشب نزاع بين هؤالء الشركاء الثالثة اال ان تم لقيصر االنفراد بالحكم حتى مقتله عام ‪ 44‬ق م‬

‫‪-‬الحكومة الثالثية الثانية (‪ )31-43‬اكتافيوس وانطونيوس وليبيدوس ‪ ،‬وقد استمرت عشرة (‪)10‬‬
‫سنوات ‪ ،‬ولكن انتهت بصراع دامي احتدم بين الشريكين أنطونيوس و أكتافيوس ‪ ،‬فكتب النجاح‬
‫ألكتافيوس الذي يعتبر مؤسس النظام االمبراطوري في روما ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬محمود إبراهيم السعداني ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪. 80-79‬‬

‫‪)2‬إبراهيم أيوب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.70‬‬

‫‪)3‬نور الدين حاطوم وأخرون‪ ،‬موجز تاريخ الحضارة‪،‬ح‪،1‬دمشق ‪،1995‬ص‪ 502‬ـ ‪503‬؛ إبراهيم أيوب ‪،‬املرجع السابق‬
‫‪،‬ص‪.249-246‬‬

‫‪11‬‬
‫يمكن تقسيم فترة حكمه الطويلة الى مرحلتين‪:‬‬

‫‪1‬ـ مرحلة التأسيس واالنشاء (‪ 43‬ـ ‪ 27‬ق م ) ‪،‬وتعرف ب"" السالم الروماني " )‪ ،(Pax Romana‬مارس فيها‬
‫أكتافيان صالحيات واسعة ‪ ،‬فقد كان أحد أركان الحكومة الثالثية(ليبيدوس ـ انطونيوس ـ اكتافيان )‪،‬‬
‫وكل ما مارسه في الفترة موافق للنظم الدستورية الرومانية ‪ ،‬ان تظاهر بذلك لكسب ثقة مجلس الشيوخ‬

‫‪2‬ـ مرحلة التنظيم واالستقرار (‪ 27‬ق م ـ ‪ 14‬م) ‪ ،‬تميزت بنجاح خطة اكتافيوس على مجلس الشيوخ‬
‫الذي منحه ثقة عمياء ‪، ،‬وبالتالي اول ما قام به هو الحكم املباشر له في بعض الواليات ويمارس السيناتو‬
‫حكم الواليات الباقية(‪. )1‬مارس اكتافيوس ثالث مناصب رئيسية زودته بجميع السلطات‪ ( ،‬نقابة العامة‬
‫أو التريبونية ‪ ،‬البروقنصل* ‪،‬منصب الكاهن األعظم جعله )‪.‬‬

‫ـ صفاة الحكم االمبراطوري ‪:‬‬

‫‪-‬نظام الوراثة امللكية في الحكم بمعنى أن يكون املنصب إرثيا ‪ ،‬لكن طبق أكتافيوس هذه الوراثة مع شيئ‬
‫من التعديل‪،‬بتبنيه أحد أقربائه وهو تيبريوس وإشراكه معه نقابة العامة ونيابة القنصلية‪.‬‬

‫‪-‬حق امللوك اإللهي املقدس في الحكم ‪ ،‬وهو ما نجده جليا في عهد ثالث أباطرة الرومان ‪ ،‬وهو االمبراطور‬
‫غايوس* ‪ 37‬ـ ‪ 41‬م ‪.‬‬

‫‪ -‬نظام الحكم البيروقراطي (املمارس من قبل سلطة مركزية (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬مصطفى العبادي ‪ ،‬اإلمبراطورية الرومانية ‪،‬ص‪.79-77‬‬

‫*البروقنصألو القنصل املخول ‪ ،‬هو قنصل قديم انتهت مهامه وأبقى في منصبه إلنهاء الحملة التي شرع فيها أو إلدارة‬
‫مقاطعة سيناتورية وهو مزود بكامل السلطات املخولة للقنصل ‪ ،‬للمزيد أنظر محمد الهادي حارش ‪ ،‬التاريخ املغاربي‬
‫اقديم ‪،‬السياس ي والحضاري منذ فجر التاريخ الى الفتح اإلسالمي ‪،‬دار هومة ( الجزائر ‪،)2013،‬ص‪.170‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫** اإلمبراطور الروماني الثاني (‪14‬م ‪37 -‬م)‪ ،‬قطع شوطا في التعلم أوال على يد أساتذة روما ثم في قصر أوغسطس‪ ،‬ولقد‬
‫كان لديه قدرة مبكرة على الخطابة ذوت بسبب ميله للعزلة والبعد عن الناس‪ ،‬تعلم تيبيريوس من أوغسطس كيف أن‬
‫املصلحة وحدها هي املقياس الصحيح للعالقات‪ .‬وكان تيبيريوس يجيد اإلغريقية ويحب األدب اإلغريقي ‪،‬للمزيد أنظر‪:‬‬
‫أشرف صالح‪ ،‬املالمح الشخصية ألجدر حاكم لإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬دار ناشري‪ ،‬مارس ‪.2008‬‬

‫‪)2‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪ 555‬ـ ‪.556‬‬

‫‪12‬‬
‫يمكننا تقسيم العصر االمبراطوري الى‪:‬‬

‫‪.1‬عصر اإلمبراطورية العليا ‪ :‬من ‪27‬ق‪ .‬م ‪284 -‬م‬

‫تغير فيه نظام الحكم من جمهوري الى حكم فردي مطلق ألن االمبراطور استأثر بكل مظاهر السلطة‬
‫تقريبا وجمعها بيده ‪-‬تقليص سلطات مجلس الشيوخ ‪ -‬فقدان املجالس الشعبية لسلطاتها التشريعية‬
‫حتى اندثرت في نهاية القرن األول امليالدي‪ -‬كما توقفت فتوحات روما الخارجية‪-‬فصل املدنية عن‬
‫العسكرية(‪)1‬‬

‫‪.2‬عصر اإلمبراطورية السفلى‪395-284‬م‬

‫قام بها االمبراطور ديوقليسيانوس* ‪284‬م باصالحات إدارية شاملة‪ ،‬قام بتقسيم اإلمبراطورية الى أربعة‬
‫أقسام إدارية كبرى على كل إقليم حاكم بلقب أغسطس أو قيصر ‪ ،‬وعليه أصبح حكام اإلمبراطورية‬
‫الرومانية في بداية هذه املرحلة أربعة حكام ‪ ،‬يحمل اثنان منهم لقب أوغسطس واالثنان اآلخرين أقل‬
‫درجة منهما يحمالن لقب قيصر(‪. )2‬‬

‫‪-‬تقسيم اإلمبراطورية الى قسمين كبيرين شرقية وغربية ‪ ،‬جعل قسطنطين مدينة بيزانس التي سميت‬
‫نسبة الية بالقسطنطينية عاصمة لإلمبراطورية الشرقية‪ ،‬أما اإلمبراطورية الغربية ‪ ،‬فقد بقيت روما هي‬
‫العاصمة‪ ،‬تقوضت دعائمها سنة ‪476‬م‪ ،‬وأصبحت أصول الحكم استبدادية مطلقة (صار االمبراطور‬
‫وحده صاحب حق التشريع ومفسر القوانين ‪ ،‬املوظفيين االمبراطوريين كانوا في آن واحد أتباعا‬
‫لإلمبراطور‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬أسد رستم ‪ ،‬أوغسطس قيصر وخلفائه ‪،‬ص‪،79‬سيد أحمد الناصري ‪،‬تاريخ اإلمبراطورية الرومانية ‪،‬ص‪26‬ـ‪.28‬‬

‫*ديوقليسيانوس‪ :‬غايوس أوريليوس فالريوس ديوكليتيانوس ‪ ،C.Aurelius Valerius Diocletianus‬أحد أعظم األباطرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الرومان‪ ،‬اشتهر بإصالحاته الكبيرة التي فتحت عصرا جديدا في التاريخ الروماني وأدت إلى قيام إمبراطورية الروم‬
‫البيزنطية في الشرق‪ ،‬كما شهد عهده آخر وأعنف حمالت االضطهاد ضد املسيحية‪ ،‬للمزيد أنظر‪ :‬م‪ .‬روستوفتزف‪ ،‬تاريخ‬
‫اإلمبراطورية الرومانية االجتماعي واالقتصادي (القاهرة ‪.)1961‬‬

‫‪ )2‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق‪،‬ص‪ 562‬ـ ‪563‬‬

‫‪ )3‬نفس املرجع ‪،‬ص‪664‬ـ ‪565‬؛ ـ السيد الباز العريني‪ ،‬الدولة البيزنطية‪( ،‬بيروت ‪،)1982‬ص‪.76-75‬‬

‫‪13‬‬
‫املحاضرة رقم ‪4‬‬

‫الحروب الرومانية اليونانية‬


‫تمهيد‬

‫عرفت الجمهورية الرومانية (‪ 148-214‬قبل امليالد) سلسلة من الصراعات التي خاضتها وحلفاؤها‬
‫اليونانيون في شرق البحر املتوسط ضد عدة ممالك يونانية رئيسية مختلفة‪ .‬وأسفرت عن سيطرة روما‬
‫أو نفاذ أمرها على حوض شرق البحر املتوسط‪ ،‬باإلضافة إلى هيمنتها في غرب البحر املتوسط بعد‬
‫الحروب البونيقية شملت «الحروب املقدونية» أربعة حروب مع مقدونيا‪ ،‬باإلضافة إلى حرب واحدة‬
‫مع اإلمبراطورية السلوقية وحرب صغرى نهائية مع الرابطة األخائية (التي غالبا ما تعتبر املرحلة األخيرة‬
‫من الحرب املقدونية األخيرة)‪.‬‬

‫‪1‬ـ الغزو الروماني لليونان‬

‫‪1‬ـ‪1‬الحرب املقدونية األولى (‪ 214‬إلى ‪ 205‬قبل امليالد)‪ :‬خالل الحرب البونيقية الثانية(‪ ،)1‬تحالف‬
‫فيليب الخامس(‪)2‬املقدوني مع‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بالده إلى أوروبا‬
‫هذه الحرب بانطالق حنبعل في رحلته الشهيرة من ِ‬ ‫‪)1‬الحرب البونيقية الثانية (‪218‬ـ ‪201‬ق م) تميزت ِ‬
‫َ َ َ‬
‫عركة تريبيا والكمين العمالق في َم ْع َركة ُب ًحيرة تراسما ِنيا ‪ .‬وملواجهة‬‫الساحقة على الجيوش الرومانية في م‬
‫ِ‬ ‫وانتصاراته‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫استخدم الرومان إستراتيجية فابيان‪ ،‬ولكن بسبب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السخط الشعبي املتزايد العائد إلى‬ ‫مهارات حنبعل في ساحة املعركة‬
‫حاسم‪ ،‬لجأ الرومان إلى خوض َمعركة أخرى‪ ،‬وكانت النتيجة انهز َامهم التام في‬ ‫ْ‬ ‫َعدم تحقيق هذه اإلستراتيجية َلنصر‬
‫َم ْع َركة ٌك َاناي ب َحيث ُأبيد َ‬
‫الجيش الروماني باكمله‪ .‬للمزيد أنظر‪:‬‬ ‫ِ‬

‫‪)2‬فيليب الخامس(‪ 179 - 221‬ق‪.‬م) تبناه أنتيغونوس الذي تولى العرش وساعد الحلف اليوناني ضد اسبرطة وإتوليا‬
‫وإليس خالل( ‪ 217- 220‬ق‪.‬م)وتحالف مع قرطاجة ضد روما في الحرب البونيقية الثانية وهاجم إليريا التي كانت تحت‬
‫حماية روما مما سبب عداء روما له‪،‬اتجه نحو الشرق حيث خطط لالستيالء على رودس وهو األمر الذي جعل رودس‬
‫تطلب مساعدة روما ضده وكانت هذه هي بداية النهاية لفليب الخامس وخطط مع أنطيوخس الثالث السلوقي ملك‬
‫سوريا ليغزوا أمالك بطليموس الخامس ملك مصر لكن شعبي رودس وبرغامون هزموا فيليب في البحر عند خيوس‬
‫عام ‪ 201‬ق‪.‬م‪، .‬أمض ى العقد األخير من حياته يحاول السيطرة على البلقان ‪،‬للمزيد أنظر ‪The Oxford Classical :‬‬
‫)‪Dictionary(1964‬‬

‫‪14‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حاكما بقوات ‪ ،‬لم تفعل شيئا‬ ‫حنبعل(‪ )1‬خوفا من احتمال تعزيز ماسيدون له‪ ،‬أرسل مجلس الشيوخ‬
‫يذكر أكثر من مناوشات مع القوات املقدونية واالستيالء على األراض ي قاصر على طول البحر االدرياتيكي‬
‫من أجل "مكافحة القرصنة"‪ .‬لم تكن مصلحة روما في الغزو ‪ ،‬ولكن في إبقاء مقدونيا مشغولة بينما كانت‬
‫روما تقاتل حنبعل‪ .‬انتهت الحرب بشكل غير حاسم في عام ‪ 205‬قبل امليالد بمعاهدة فينيقية ‪ .‬بينما كان‬
‫ً‬ ‫صر ً‬
‫اعا بسيطا‪ ،‬فقد فتح الطريق للتدخل العسكري الروماني في ماسيدون‪ .‬كان هذا الصراع ‪ ،‬على الرغم‬
‫ً‬
‫من خوضه بين روما ومقدونيا ‪ ،‬مستقال إلى حد كبير عن الحروب الرومانية املقدونية التي أعقبت ذلك‬
‫(والتي بدأت مع الحرب املقدونية الثانية وكانت تعتمد إلى حد كبير على بعضها البعض) في القرن التالي‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪ 2‬الحرب املقدونية الثانية (‪ 200‬إلى ‪ 196‬قبل امليالد)‬

‫‪ .‬كانت الطموحات اإلمبراطورية للسلوقيين بعد ‪ 230‬قبل امليالد مزعزعة لالستقرار بشكل خاص‪.‬‬
‫شرع السلوقيون في غزو مصر ‪ ،‬واستجابت مصر من خالل حملة تعبئة كبيرة‪ .‬أدت هذه الحملة إلى‬
‫انتصار عسكري ضد الغزوات السلوقية ‪ ،‬ولكن في عام ‪ 205‬قبل امليالد عندما خلف بطليموس الرابع‬
‫ً‬
‫البالغ من العمر خمس سنوات بطليموس الخامس انقلب املصريون املسلحون حديثا ضد بعضهم‬
‫البعض‪ .‬كانت النتيجة حرب أهلية كبرى بين الشمال والجنوب‪ً .‬‬
‫نظرا إلمكانية غزو مصر ‪ ،‬أقام‬
‫ً‬
‫تحالفا لغزو مصر وتقسيمها فيما بينهم (‪.)2‬‬ ‫املقدونيون والسلوقيون‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬حنبعل‪ :‬ولد عام ‪ 247‬ق‪.‬م بقرطاجة‪ ،‬وهو ابن هاميلكار برقة ينتمي إلى عائلة ال برقة ‪ ،‬يعتبر أحد أعظم القادة في‬
‫التاريخ وهو الذي خرج بالد الشرق ليقود املواجهات بتمكنه من اجتياح ايطاليا وبسط نفوذه على أرجاء كثيرة من‬
‫امبراطورية الرومانية‪ ،‬يذكر بوليب أن حنبعل مال بلغ سن التاسعة اصطحبه والده معه إلى اسبانيا‪ ،‬هذا األخير زرع في‬
‫ابنه الكراهية والحقد ضد روما‪ ،‬ويظهر ذلك من خالل تقديم القرابين الللهة قبل التوجه الى اسبانيا‪ ،‬في معبد قادس‬
‫وأمر ابنه باالقتراب إليه وأمسك يديه ووضعهما على الضحية‪ ،‬فأقسم ألبيه أنه سوف يظل عدوا لروما طوال حياته ‪4‬‬
‫‪ ،‬لقد أقسم الولد تلك اليمين التاريخية بحماس عظيم‪ ،‬وهو القسم الذي سوف يكون تأثيره قوي في حربه ضد روما‬
‫‪،‬للمزيد أنظر ‪:‬سايح مرزوق أحمد ‪ ،‬حنبعل وا نتصاراته األربعة في إيطاليا ‪216-218‬ق‪.‬م خالل الحرب البونية الثانية‬
‫‪،‬مجلة الحكمة ‪،‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪ ،11‬ص‪.85‬‬

‫–‪Edouard Will L'histoire politique du monde hellénistique (Editions du Seuil, 2003 ed.) Tome II, pp. 121‬‬
‫‪(2 178 ; Polybius, Histories XVI.‬‬

‫‪15‬‬
‫لقد مثل ذلك أكبر تهديد للنظام السياس ي الذي دام ً‬
‫قرنا من الزمان والذي أبقى العالم اليوناني‬
‫كبيرا للممالك اليونانية األصغر التي‬ ‫ً‬
‫تهديدا ً‬ ‫في حالة استقرار نسبي ‪ ،‬وكان يمثل على وجه الخصوص‬
‫ظلت مستقلة‪ً .‬‬
‫نظرا ألن مقدونيا واإلمبراطورية السلوقية كانت املشكلة ‪ ،‬ومصر هي سبب املشكلة ‪ ،‬كانت‬
‫ً‬
‫مؤخرا أكثر‬ ‫تغييرا ً‬
‫كبيرا‪ ،‬حيث أظهر اليونانيون‬ ‫روما هي املكان الوحيد الذي تحول إليه‪ .‬كان هذا يمثل ً‬
‫من مجرد ازدراء لروما ‪ ،‬وروما أكثر بقليل من الالمباالة تجاه اليونان‪ .‬سفراء من بيرغامون و رودس جلبت‬
‫بشهادته أمام مجلس الشيوخ الروماني أن فيليب الخامس املقدوني و أنطيوخس الثالث* في اإلمبراطورية‬
‫السلوقية(‪. )1‬‬
‫أعطت روما فيليب إنذا ًرا ً‬
‫أخيرا بأنه يجب عليه التوقف عن حمالته ضد حلفاء روما اليونانيين‬
‫ً‬
‫اعتقادا من روما بشرفها وسمعتها على‬ ‫الجدد‪ .‬لكن تجاهل فيليب الطلب ‪ ،‬األمر الذي فاجأ الرومان‪.‬‬
‫املحك ‪ ،‬صعدت الصراع بإرسال جيش من الرومان وحلفاء اليونان إلجبار القضية ‪ ،‬بداية الحرب‬
‫املقدونية الثانية (‪ )2‬واملثير للدهشة ‪ ،‬انهار جيش فيليب تحت ضغط الجيش الروماني اليوناني‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫*أنطيوخوس الثالث‪ :‬ابن سلوقس الثاني خلف أخاه سلوقس الثالث على العرش السلوقي وارثا مملكة فقدت كثيرا من‬
‫َّ‬
‫واسترد‪ ،‬بعد حرب ضروس‪،‬‬ ‫ممتلكاتها الشرقية والجنوبية‪ .‬ورأى من واجبه استعادة تلك املمتلكات‪ ،‬فسار إلى الشرق‬
‫سيادة الدولة السلوقية على ممتلكاتها الشرقية‪ ،‬وتوغل حتى وصل إلى أبواب الهند‪ ،‬وقد تكون هذه هي املرة األولى بعد‬
‫االسكندر املقدوني التي تصل فيها الجيوش السلوقية إلى تلك املناطق‪ .‬وقد سار أنطيوخوس الثالث على نهج االسكندر‬
‫الكبير باهتمامه بالعراق و الجزيرة العربية ألهميتهما الكبيرة في التجارة الدولية التي كانت ُّ‬
‫تدر األرباح الكثيرة على الدولة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫السلوقية‪ ،‬ومع رغبته في السيطرة على هذه املناطق سيطرة تامة ونهائية فإنه لم يحقق إال نجاحا جزئيا كفل له والء‬
‫حكام تلك املناطق وتأمين الطرق التجارية‪ ،‬ومن ثم كان عليه أن يستعيد ممتلكاته الجنوبية التي استولى عليها البطاملة‪،‬‬
‫وكان قد توجه عام ‪217‬ق‪.‬م نحو الجنوب واسترجع تلك املناطق‪ ،‬ثم سار حتى وصل إلى رفح جنوبي فلسطين حيث ُهزم‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إال أنه لم ييأس‪ ،‬فحاول عام ‪198‬ق‪.‬م مرة أخرى نجح فيها ملحقا هزيمة كبيرة بالجيش البطلمي عند بانياس الجوالن‪،‬‬
‫ً‬
‫معتمدا على الفيلة التي كان قد جلبها من الهند‪ ،‬للمزيد أنظر ‪Rawlings, Hunter R. (1976). "Antiochus the Great‬‬
‫‪.and Rhodes, 197-191 BC". American Journal of Ancient History. 1: 2–28‬‬

‫‪Rawlings,op.cit,13-28(1‬‬

‫‪Green, Peter Alexander to Actium, the historical evolution of the Hellenistic Age, 1993 pp. 305–311(2‬‬

‫‪16‬‬
‫وصلت القوات الرومانية بقيادة القنصل آنذاك تيتوس كوينتيوس فالمينينوس إلى سهل ثيساليا‬
‫بحلول عام ‪ 198‬قبل امليالد‪ ،‬في عام ‪ 197‬قبل امليالد هزم الرومان فيليب بشكل حاسم في معركة‬
‫‪ ،Cynoscephalae‬ورفع دعوى قضائية من أجل السالم‪ .‬في معاهدة تيمبيا الناتجة ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ُمنع فيليب الخامس من التدخل في الشؤون خارج حدوده ‪ ،‬وطلب منه التخلي عن الفتوحات‬
‫اليونانية األخيرة‪ .‬في األوملبياد في عام ‪ 196‬قبل امليالد ‪ ،‬أعلنت روما "حرية اإلغريق" ‪ ،‬والتي شكلت سياسة‬
‫روما الجديدة (املضللة) تجاه اليونان‪ .‬كان هذا هو أن اليونان أصبحت مستقرة اآلن ويمكن لروما أن‬
‫تخرج نفسها ً‬
‫تماما من الشؤون اليونانية دون املخاطرة بمزيد من عدم االستقرار‪ .‬يبدو أن روما لم تعد‬
‫تهتم باملنطقة ‪ ،‬حيث سحبت جميع القوات العسكرية دون حتى محاولة تعزيز أي مكاسب ‪ ،‬وعادت‬
‫ً‬
‫الحقا إلى حالة الالمباالة السابقة حتى عندما تجاهل حلفاؤها اليونانيون الطلبات الرومانية الالحقة(‪. )1‬‬

‫‪1‬ـ ‪ 3‬الحرب السلوقية (من ‪ 192‬إلى ‪ 188‬قبل امليالد)‬


‫ً‬
‫أصبحت اإلمبراطورية السلوقية أكثر عدوانية ونجاحا في محاوالتها لغزو العالم اليوناني بأسره ‪،‬‬
‫عندما انسحبت روما من اليونان في نهاية الحرب املقدونية الثانية‪ ،‬اعتقدوا أنهم تركوا وراءهم ً‬
‫سالما‬
‫مستقرا‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬من خالل إضعاف آخر فحص متبقي على التوسع السلوقي ‪..‬‬ ‫ً‬

‫لم يكتف حلفاء روما ضد فيليب بالسعي إلى تحالف روماني ضد السلوقيين فحسب ‪ ،‬بل سعى‬
‫فيليب نفسه ً‬
‫أيضا إلى التحالف مع روما‪ ..‬تفاقم الوضع بسبب حقيقة أن حنبعل كان اآلن مستشا ًرا‬
‫ئيسيا لإلمبراطور السلوقي ‪ ،‬وكان ُيعتقد أنهما يخططان لغزو صريح ليس فقط لليونان ‪ ،‬ولكن‬ ‫ً‬
‫عسكريا ر ً‬
‫لروما ً‬
‫أيضا‪.‬وكان السلوقيون أقوى بكثير مما كان عليه املقدونيون في أي وقت مض ى‪ ،‬بالنظر إلى أنهم‬
‫كانوا يسيطرون على جزء كبير من اإلمبراطورية الفارسية السابقة(‪ ، )2‬وبحلول هذه املرحلة كان قد أعاد‬
‫ً‬
‫حشدا ً‬ ‫ً‬ ‫تجميع إمبراطورية اإلسكندر األكبر بالكامل ً‬
‫كبيرا ‪ ،‬لكنهم‬ ‫تقريبا‪ .‬خوفا من األسوأ ‪ ،‬بدأ الرومان‬
‫انسحبوا ً‬
‫تقريبا من إسبانيا والغال‪،‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬سید احمد علي الناصري‪ ،‬االغریق تاریخهم وحضارتهم من حضارة كریت حتى قیام إمبراطورية االسكندر األكبر‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربیة‪ ،‬ص ‪503‬؛ حسين الشیخ‪ ،‬العصر الهلنستي‪ ،‬دار املعرفة الجامعیة‪ ،‬ص‪.25-20‬‬

‫‪.Rawlings, Hunter R. Op.Cit, 2–28(2‬‬

‫‪17‬‬
‫هذا الخوف شاركه حلفاء روما اليونانيون ‪ ،‬الذين تجاهلوا روما إلى حد كبير في السنوات التي أعقبت‬
‫الحرب املقدونية الثانية ‪ ،‬لكنهم تبعوا روما مرة أخرى للمرة األولى منذ تلك الحرب‪ .‬تم حشد قوة رومانية‬
‫يونانية كبيرة تحت قيادة البطل العظيم في الحرب البونيقية الثانية‪ ،‬سكيبيو أفريكانوس‪ ،‬وانطلقت إلى‬
‫اليونان‪ ،‬بداية الحرب الرومانية السورية ‪ .‬بعد القتال األولي الذي كشف عن نقاط ضعف سلوقية‬
‫خطيرة ‪ ،‬حاول السلوقيون توجيه القوة الرومانية ضدهم في معركة تيرموبيالي (‪.)1‬‬

‫خسر السلوقيون املعركة مثل اإلسبرطيين وأجبروا على إخالء اليونان ‪ ،‬طارد الرومان السلوقيين‬
‫بعبور هيليسبونت ‪ ،‬والتي كانت املرة األولى التي يدخل فيها جيش روماني إلى آسيا‪ ،‬تم خوض االشتباك‬
‫الحاسم في معركة ماغنسيا ‪ ،‬مما أدى إلى نصر روماني كامل‪ ،‬رفع السلوقيون دعوى من أجل السالم ‪،‬‬
‫وأجبرتهم روما على التخلي عن الفتوحات اليونانية األخيرة‪ .‬على الرغم من أنهم ما زالوا يسيطرون على‬
‫قدر كبير من األراض ي ‪ ،‬إال أن هذه الهزيمة كانت بمثابة بداية نهاية إمبراطوريتهم ‪ ،‬حيث كانوا سيبدأون‬
‫في مواجهة رعايا عدوانية بشكل متزايد في الشرق ( البارثيين* ) والغرب (اإلغريق) ‪ ،‬وكذلك يهودا في‬
‫الجنوب‪ .‬تفككت إمبراطوريتهم إلى ردف على مدار القرن التالي ‪ ،‬عندما طغى عليها بونتوس ‪ .‬بعد مغنيسيا‬
‫ً‬
‫مستقرا‬ ‫‪ ،‬انسحبت روما من اليونان مرة أخرى ‪ ،‬على أمل أن عدم وجود قوة يونانية كبرى سيضمن ً‬
‫سالما‬
‫‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ‪.‬‬

‫‪ )1‬أسد رستم‪ ،‬تاریخ الیونان من فلیبیوس املقدوني الى الفتح الروماني‪ ،‬منشو ا رت الجامعة اللبنانیة ‪ ،‬ص‪22‬؛‪ 163‬مراد‬
‫محمد إسماعيل ‪،‬عصر انطيوخوس الرابع (‪175‬ـ ‪ 163‬ق م ) رسالة دكتوراه غير منشورة ‪ ،‬ص‪ ،25‬وقعت معركة‬
‫تريموبيالي بين الفرس و اإلغريق في عام ‪ 480‬ق‪.‬م‪ ،.‬أسفرت املعركة عن هزيمة اإلغريق‪ ،‬و لكن بعد تكبيد الفرس‬
‫خسائر طائلة‪ ،‬يضرب بها املثل في تفوق التدريب والتخطيط الصحيح على الكثرة العددية‪.‬وفي عام ‪ 480‬ق‪.‬م‪ ،‬قاد‬
‫أحشورش مقاتليه الفرس في محاولة لغزو اليونان‪ ،‬فاتحدت الدول اإلغريقية ملواجهة الهجوم‪ .‬وقاد ليونيداس األول ـ‬
‫على ممر ثرموبايلي وقام األسطول اليوناني في أرتميسيام بحماية قوات ليونيداس‪ ،‬من أي هجوم بحري فارس ي‪.‬‬
‫*البارثيين‪ :‬مع توسع فرثيا ً‬
‫غربا‪ ،‬دخل الفارثيون في صراع مع مملكة أرمينيا‪ ،‬وفي النهاية مع الجمهورية الرومانية املتأخرة‪.‬‬
‫تنافست روما وفرثيا مع بعضهما البعض لتجنيد ملوك أرمينيا كعمالء تابعين لهم‪ .‬هزم الفارثيون بشكل صحيح‬
‫ماركوس ليكينيوس كراسوس في معركة كارهاي في ‪ 53‬ق‪.‬م‪ ،‬واستولت القوات الفارثية على بالد الشام بأكملها باستثناء‬
‫صور من الرومان في ‪ 39-40‬ق‪.‬م‪ ،‬للمزيد أنظر ‪:‬النوري هيثم عبد الكاظم جواد‪،‬العالقات الفرثية‬
‫الرومانية(‪ 247‬ق م ـ ‪226‬م ‪،‬رسالة ماجستير غير منشورة ‪،‬قسم األثار كلية األداب ‪، 2007،‬ص‪.8‬‬

‫‪18‬‬
‫‪1‬ـ ‪4‬الحرب املقدونية الثالثة (‪ 172‬إلى ‪ 168‬قبل امليالد)‬

‫عند وفاة فيليب في مقدونيا (‪ 179‬قبل امليالد) ‪ ،‬حاول ابنه ‪ ،‬فرساوس املقدوني ‪ ،‬استعادة نفوذ‬
‫مقدونيا الدولي ‪ ،‬وتحرك بقوة ضد جيرانه‪ ]25[ .‬عندما تورط بيرسيوس في مؤامرة اغتيال ضد حليف‬
‫لروما ‪ ،‬أعلن مجلس الشيوخ الحرب املقدونية الثالثة‪ .‬في البداية ‪ ،‬لم يكن أداء روما ً‬
‫جيدا ضد القوات‬
‫املقدونية ‪ ،‬ولكن في عام ‪ 168‬قبل امليالد ‪ ،‬حطمت الجيوش الرومانية الكتائب املقدونية في معركة بيدنا‬
‫ُ‬ ‫‪ ]26[ .‬مقتنعة اآلن بأن اليونانيين (وبالتالي بقية العالم) لن ينعموا بالسالم ً‬
‫أبدا إذا تركت اليونان‬
‫بمفردها مرة أخرى ‪ ،‬قررت روما تأسيس أول موطئ قدم دائم لها في العالم اليوناني‪ .‬قسم الرومان مملكة‬
‫كاف لضمان السالم ‪ ،‬حيث استمر التحريض‬
‫مقدونيا إلى أربع جمهوريات عميلة‪ .‬حتى هذا ثبت أنه غير ٍ‬
‫املقدوني(‪.)1‬‬

‫‪1‬ـ ‪ 5‬الحرب املقدونية الرابعة (‪ 150‬إلى ‪ 148‬قبل امليالد)‬

‫نشبت الحرب املقدونية الرابعة (‪ 150‬قبل امليالد إلى ‪ 148‬قبل امليالد) بين الجمهورية الرومانية‬
‫وانتفاضة مقدونية قادها املتظاهر املقدوني إلى العرش أندريسكوس الذي تظاهر أنه ابن امللك السابق‬
‫فرساوس ‪ ،‬الذي خلعه الرومان بعد الحرب املقدونية الثالثة في عام ‪ 168‬قبل امليالد ‪ ،‬سعى أندريسكوس‬
‫إلعادة تأسيس اململكة املقدونية القديمة‪ ،‬في هذه العملية‪ ،‬زعزع استقرار مقدونيا وجزء كبير من العالم‬
‫املقدوني‪ ،‬بعد بعض النجاحات املبكرة ‪ُ ،‬هزم في النهاية على يد الجنرال الروماني ماسيدونيكوس في معركة‬
‫بيدنا الثانية في عام ‪ 148‬قبل امليالد ‪ ،‬وانها ت االنتفاضة ً‬
‫الحقا‪ .‬بعد ذلك بعامين أصبحت مقدونيا‬ ‫ر‬
‫مقاطعة رومانية(‪.)2‬و ًردا على ذلك‪ ،‬حشد رابطة آخائيين في ‪ 146‬ق م‪ ،‬لشن حرب جديدة ضد‬
‫اإلمبراطورية الرومانية ‪ .‬شنت حملة في اليونان من أجل محاربة القوات املقدونية أو الحلفاء أو العمالء‪.‬‬
‫ً‬
‫كان التفوق العسكري لروما راسخا‪ ،‬بعد أن هزمت مقدونيا وكتائبها بالفعل في ثالث مناسبات‪ ،‬وهزمت‬
‫األعداد املتفوقة ضد السلوقيين في آسيا‪ .‬من شبه املؤكد أن قادة اآلخيين كانوا يعرفون أن إعالن الحرب‬
‫ميؤوسا منه‪ ،‬حيث انتصرت روما ضد خصوم أقوى وأكبر بكثير ‪ ،‬وقد أثبت الفيلق‬ ‫ً‬ ‫هذا ضد روما كان‬
‫الروماني تفوقه على الكتائب املقدونية‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬سید احمد علي الناصري‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪503‬؛ حسين الشیخ‪ ،‬العصر الهلنستي املرجع السايق‪ ،‬ص‪.25-20‬‬

‫‪Green, Peter Op.Cit,, pp. 305–311(2‬‬

‫‪19‬‬
‫هكذا ‪ ،‬هيمنت اإلمبراطوريات الكبرى على الشرق اليوناني لعدة قرون‪ ،‬وأدى النفوذ الروماني‬
‫والسعي إلى التحالف إلى حروب مع هذه اإلمبراطوريات مما أدى إلى إضعافها وبالتالي خلق فراغ غير‬
‫مستقر في السلطة لم يكن بمقدور سوى روما أن تهدأ‪.‬‬

‫إن التأثير الروماني املتزايد على الشرق‪ ،‬كما هو الحال مع الغرب‪ ،‬ليس كمسألة بناء إمبراطورية‬
‫متعمد‪ ،‬ولكن إدارة أزمات مستمرة تركز بشكل ضيق على تحقيق أهداف قصيرة املدى ضمن منطقة‬
‫غير مستقرة للغاية وغير متوقعة ومتداخلة‪ .‬شبكة تابعة من التحالفات والتبعيات‪،‬وظل عالم شرق‬
‫ً‬
‫تحالفا من دول املدن املستقلة واملمالك ‪ ،‬وتم تنظيم شرق البحر األبيض‬ ‫البحر األبيض املتوسط‬
‫املتوسط ‪ً ،‬‬
‫جنبا إلى جنب مع العالم الروماني بأكمله ‪ ،‬في مقاطعات تحت السيطرة الرومانية الكاملة‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫املحاضرة رقم ‪5‬‬

‫الحروب الرومانية القرطاجية (الحروب البونية)‬

‫‪ 264‬ـ ‪ 146‬ق م‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫كان نمو مصالح قرطاج التجارية سببا في ظهور أطماع في ثرائها‪ ،‬تجاوزت منافسيها التقليديين ـ‬
‫اإلغريق ـ الرومان‪ ،‬نشبت الحرب بين قرطاجة ـ وروما ‪ ،‬في مسينا شمال شرقي صقلية وانتهت بزوال قرطاج‬
‫سنة ‪ 146‬ق‪.‬م‪ .‬تظهر لنا أحداث ذلك من خالل حروبها الثالث‪:‬‬
‫‪1‬ـ الحرب البونية األولى(‪ 264‬ـ ‪241‬ق م ) ‪:‬بعد انهزام املامرتين أمام هيرون ‪ 269‬ق م استنجد االخيرون‬
‫بقرطاجة ‪،‬لكن املامرتيون يئسوا من الوصاية البونيقية ‪،‬فتوجهت الى روما عام ‪ 264‬ق م تطلب العون‬
‫من قرطاجة‪ ،‬مما كان سببا في الحرب البونيقية التي مرت بأربع مراحل كبرى(‪: )1‬‬
‫‪1‬ـ ‪ 1‬معركة ميلس البحرية ‪ - 261‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تغيرت السياسة في روما مع قيام النظام الجمهوري األرستقراطي‪ ،‬حيث أصبحت روما تتطلع نحو‬
‫ّ‬
‫للمتوسط‪ ،‬وأولها‬ ‫التوسع وطبيعي أن تصطدم بقرطاج التي كانت تسيطر على جزر الحوض الغربي‬ ‫ُّ‬
‫جزيرة صقلية ‪ ،‬وبعد أن أكمل الرومان سيطرتهم على شبه الجزيرة اإليطالية وجدوا أنفسهم وجها لوجه‬
‫قوة اإلغريق بالجزيرة‪ .‬وكان عرض البحر شمالي صقلية على مقربة من‬ ‫أمام قرطاج التي قضت على ّ‬
‫ميناء ميلس ميدانا ألكبر معركة بحرية ‪ ،‬املعركة التي انتهت بتحطيم ّ‬
‫القوة البحرية القرطاجية(‪. )2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬حارش محمد الهادي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.48‬‬

‫*عقون محمد العربي‪ ،‬فصول من الحرب البونية األولى ‪ 264 - 241‬ق‪.‬م‪ ،‬معركة ميلس البحرية ‪ ) 261‬ق‪.‬م(‪.‬وحملة‬
‫ريغولوس على قرطاج ‪ ) 256‬ق‪.‬م(‪ ،.‬مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية العدد ‪:‬الثالث ديسمبر‪، 2009‬ص‪105‬ـ ‪. 127‬‬

‫‪Gsell (S.), Histoire ancienne de l'Afrique du Nord (H.A.A.N.) Tome III : Histoire militaire de Carthage,(2‬‬
‫‪éditions Hachette, Paris 1918‬‬
‫*ما أضافه الرومان هو نقل تاكتيك الحرب ّ‬
‫البرية التي برعوا فيها إلى الحرب البحرية وهذا بفضل تزويدهم لسفنهم‬
‫تسمى ‪:‬الغراب وهي األداة التي سمحت للقنصل دويليوس بتحقيق النصر‬‫بأداة للقبض على سفينة معادية ومهاجمتها ّ‬
‫‪،‬للمزيد أنظر ‪ :‬عقون محمد العربي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪105‬ـ ‪. 127‬‬

‫‪21‬‬
‫حملة ريغولوس على قرطاج ‪ - 256 - 255‬ق‪.‬م‪:‬‬
‫ّ‬
‫املتكون من ‪40000‬‬ ‫فتجمع جيش الحملة الرومانية‬ ‫ّ‬ ‫قرر قادة الرومان غزو قرطاج في عقر دارها‪،‬‬ ‫ّ‬
‫املتكون من ‪ 330‬سفينة بقيادة‬‫ّ‬ ‫ثم أبحر في أسطول الحملة‬ ‫عسكري في هضبة إكنوم ‪ّ Ecnome‬‬
‫القنصلين يغولوس وزميله مانليوس ‪ Manlius‬وما كاد يبحر من السواحل الصقلية ّ‬
‫حتى وجد في‬ ‫ر‬
‫مواجهته األسطول القرطاجي*‪ ،‬ودارت املعركة البحرية هناك‪-‬‬
‫كان ال ّبد على الطبقة الحاكمة في قرطاجة أن تفعل شيئا تنقذ به املدينة من الوقوع في يد‬
‫الرومان‪ ،‬فانتدبت قائدان لحرب ريغولوس هما أسدروبال ابن حانون وبوسطار‪،‬وأمرت بأن يعود‬
‫هاملكار من راكليا مينوا )‪ (Héracléa Minoa‬بصقلية‪ ،‬على إثر معركة إكنوم البحرية فأبحر في ‪5000‬‬
‫من املشاة و ‪ 500‬من الفرسان واستلم القيادة إلى جانب زميليه أسدروبال وبوسطار‪ ،‬في خين وجد‬
‫ريغولوس نفسه مطلق السيادة‪ ،‬فعرض الصلح على قرطاج ولكن بشروط تعجيزية ‪.‬‬
‫ومستفزة‪ ،‬إلى درجة ّأن مجلس شيوخ قرطاج رفض مناقشتها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد كانت شروط* ريغولوس مهينة‬
‫ومن هذه الشروط‪:‬‬
‫‪-‬جالء القرطاجيين عن صقلية وسردينيا‪.‬‬
‫‪-‬إطالق س ا رح األسرى الرومان دون قيد أو شرط‪.‬‬
‫‪-‬افتداء األسرى القرطاجيين‪.‬‬
‫‪-‬تعويض خسائر روما‪.‬‬
‫‪-‬دفع إتاوة سنوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬االلتزام بعدم القيام بإعالن الحرب أو إب ا رم السلم إال بإذن من روما‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-‬تجهيز الرومان بخمسين ثالثية كلما طلبوا منهم ذلك وأن يكتفوا هم بواحدة فقط(‪.)1‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأسر ‪ 20000‬من ّ‬
‫العزل الذين‬ ‫* قام جيش ريغولوس باكتساح الريف ونهب قصور الطبقة األرستقراطية القرطاجية ‪َ ،‬‬
‫ّ‬
‫كانوا يباشرون أعمالهم الفالحية وال شأن لهم بالحرب التي تدور منذ سنوات بين روما وقرطاج‪ ،‬وواصل توغله في البالد‬
‫فاستولى على املدن الواقعة في طريقه نحو العاصمة البونية وهي موستي ‪ ،‬أدين وتونس ‪ ،‬للمزيد أنظر ‪ :‬عقون محمد‬
‫العربي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪. 121-120‬‬
‫*كانت تلك الشروط في الواقع حرب على قرطاج أقس ى من الحرب ذاتها‪ّ ،‬‬
‫ألنها تريد أن تنال بالسلم املزعوم ما ال يمكن‬
‫الجدي في إسترتيجية تعيد الحياة إلى قرطاج والبحث عن كبار خبراء‬ ‫البد من التفكير ّ‬
‫نيله بالحرب بسهولة‪ ،‬وكان ّ‬
‫الحروب لالستعانة بهم‪ ،‬وليس أفضل من الخبرة اإلغريقية‪ ،‬فاستقدمت أحد اإلسبرطيين وهو اكسنتيب ‪Xanthippe‬‬
‫الذي كان استراتيجيا ّ‬
‫ومدربا عسكريا ذا كفاءة عالية ‪ ،‬اليه نسب شرف االنتصار على الرومان‪ ،‬وهي في الواقع تشيد من‬
‫خالله بالحضارة اإلغريقية التي ستكون الحضارة الرومانية امتدادا لها ‪،‬للمزيد أنظر ‪ :‬عقون محمد العربي‪ ،‬املرجع‬
‫السابق ‪،‬ص ‪.125-124‬‬
‫‪Gsell (S.),op.cit,T.III(1‬‬
‫‪-‬‬

‫‪22‬‬
‫و على مقربة من هرقلة‪، Hergla‬خلف ساحل خليج الحمامات‪ ،‬استطاع اكسنتيب أن يباغت‬
‫الرومان مرة أخرى ‪،‬فاضطرب حال الجيش الروماني و لم يستطع ر ّد الهجوم‪ ،‬غير ّأن فرق املشاة وجدت‬
‫نفسها وجها لوجه أمام الجناح األيمن القرطاجي فهاجمته وأجبرته على الفرار ولحقت به إلى معسكره‬
‫)‪،‬وتم القبض على القنصل ريغولوس املهزوم ونخبة الفرسان التي معه ّ‬
‫املتكونة من ‪ 500‬جندي ‪ ،‬ولم‬ ‫(‪ّ 1‬‬
‫ّ‬
‫ينج من الرومان سوى عدد قليل ال يتجاوز األلفين تمكنوا من الفرار نحو اقليبية واحتموا بها (‪)2‬‬
‫‪ 2‬ـ الحرب البونيقية الثانية(‪ 218‬ـ ‪201‬ق م )‪:‬‬
‫‪.‬على إثر اعتالء حنبعل قيادة الجيش القرطاجي في إسبانيا عام ‪ 221‬ق‪.‬م‪ ،‬أصبح يتحين الفرصة‬
‫املناسبة لالنقضاض على روما‪ ،‬وتم له ذلك باحتالله لساغونتة عام ‪ 218‬ق‪.‬م وباستيالء حنبعل على‬
‫ساغونتة تعلن روما الحرب ضد قرطاج‪ ،‬وعليه أخذ حنبعل يعد العدة في إسبانيا التي قض ى بها فصل‬
‫الشتاء لعام ‪ 218‬ق‪.‬م‪ ،‬لينطلق بعدها في حملة على روما عبر جبال األلب ويحقق انتصارات ساحقة في‬
‫األراض ي الرومانية في عدة معارك‪:‬‬

‫‪2‬ـ ‪ 1‬حملة حنبعل على إيطاليا‪:‬‬

‫سار حنبعل في جيش جرار من األفارقة واإلسبان بلغ تعداده تسعون ألفا ( ‪ ) 90.000‬من املشاة‬
‫واثنا عشر ألفا ( ‪) 12.000‬من الفرسان وسبعة وثالثين فيال‪ ،‬وبمجرد عبوره للحدود القرطاجية‬
‫الرومانية) نهر اإليبرو(‪ ،‬في ربيع ‪ 218‬ق‪.‬م تبدأ أولى املواجهات العسكرية لحنبعل‪ ،‬أين تمكن من إخضاع‬
‫الشعوب املنتشرة بين مجرى النهر السفلي وجبال البرانس وترك بها أخوه حنون ملراقبتها‪ ،‬بينما يواصل‬
‫هو تقدمه نحو جبال البرانس رفقة جيش قدر بخمسين ألف ( ‪ )50.000‬من املشاة وتسعة االف )‬
‫( ‪9.000‬من الفرسان وثالثين فيال‪ ،‬وملا علم القنصل بوبليوس كورنيليوس سكيبيو ‪p.cornelius‬‬
‫‪ scipion‬بتقدمه حاول إيقافه ‪ ،‬إال أن حنبعل تحاش ى اإلشتباك معه ‪ ،‬فاجتاز النهر بمناورة ذكية(‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬بسام العسيلي ‪،‬هانيبال القرطاجي‪ 247‬ـ ‪ 183‬ق م ‪ ،‬بيروت (ب ـ ت ) ‪ ،‬ص ‪.110‬‬

‫‪)2‬عقون محمد العربي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.122‬‬

‫‪)3‬سايح مرزوق أحمد‪ ،‬حنبعل وا نتصاراته األربعة في إيطااليا ‪ 218 - 216‬ق‪.‬م خالل الحرب البونية الثانية‪،‬مجلة‬
‫الحكمة للدراسات التاريخية ‪ ،‬املجلد ‪ ، 5‬العدد ‪ )، 12‬ديسمبر ‪،2017‬ص‪ 85‬ـ ‪97‬‬

‫‪23‬‬
‫نظرا للحنكة العسكرية لحنبعل تمكن من تحقيق انتصارات ساحقة ضد روما في عقر دارها بين سنوات‬
‫‪218 - 216‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫أ ‪/‬معركة تيسين) ‪2118 (Tessin‬ق م ‪:‬‬

‫خرج حنبعل للمعركة في الشتاء متجها نحو الجنوب بعد تعزيز قواته ‪ ،‬وقدم سكيبيون رفقة ابنه‬
‫من بليزانس) ‪ ) Plaisance‬قاطعا نهر البو ووصل إلى تسين‪ ،‬وجرت أحداث املعركة بين الجانبين قرب‬
‫لوميلو ( ‪) Lomello‬الحالية بتشابك مقدمة الجيشين تبدأ املعركة قبل وصول القوات األخرى‪ ،‬وكانت‬
‫املشاة الخفيفة لسكيبيون على رأس القوات فمنيت بالهزيمة وانسحبت من املعركة‪ ،‬بانتصار حنبعل‬
‫في تيسين أصبح سكيبيون يفقد حلفائه على غرار الغاليون‪.‬‬

‫ب‪/‬معركة تريبي( ‪ ) la Trébie‬يسمبر ‪ 218‬ق‪.‬م‪:‬‬

‫كانت القوات الرومانية تحكم سيطرتها الكاملة على البحر‪ ،‬فلم يخطر على حنبعل خوض‬
‫معارك بحرية لذلك كان عليه فرض معارك برية على عدوه فكانت بذلك معركة تريبي ‪،‬تذكر بعض‬
‫املراجع أن القوات الرومانية كانت تشكل ضعف قوات حنبعل* ‪،‬كانت استرتيجية حنبعل وحنكته‬
‫العسكرية تمكنت من هزيمة القوة الرومانية‪،‬و لم ينج من هذه املعركة سوى العشرات فقط من قوات‬
‫سمبرونيوس املقدرة بأربعين ألف( ‪ ) 40.000‬جندي‪ ،‬بينما كانت خسائر حنبعل قليلة ‪ ،‬فدهاءه‬
‫العسكري وحيله الحربية مكنته من هذا االنتصار الساحق‪،‬وعلى اثر ذلك أمر مجلس الشيوخ في الحال‬
‫بجمع قوات جديدة من الوطنيين والحلفاء‪ ،‬وعلى إثر هذا االنتصار الثاني هيمن القائد حنبعل على بالد‬
‫الغال‪ ،‬وانضم إلى جيشه عدد هائل من الغاليين(‪. )1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* لصعوبة املسالك كانت املسيرة شاقة جدا‪ ،‬حتى أن حنبعل نفسه أصيب بمرض أدى إلى فقدانه إلحدى عينيه‬
‫ولقب نظرا لذلك بالقائد وحيد العين‪،‬للمزيد أنظر ‪ :‬سايح مرزوق‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.93‬‬

‫‪ )1‬محمد الهادي حارش‪ ،‬حملة حنبعل على إيطاليا‪ ،‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬العدد ‪ ، 06‬الجزائر ‪، 1992‬ص‪5‬؛‬
‫سايح مرزوق‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.92-91‬‬

‫‪24‬‬
‫ج ‪/‬معركة ترازيمان( ‪ ) Trasimène‬جوان ‪ 217‬ق‪.‬م‪:‬‬

‫تحرك حنبعل قبل انقضاء فصل الشتاء‪ ،‬فجاوز جبال األبنين ووصل إلى مستنقعات أرنو*‪ ،‬باتجاه‬
‫حنبعل جنوبا وصل إلى أريزو أين يتواجد معسكر القنصل كايوس فالمينيوس( ‪،) Caius Flaminius‬‬
‫وإلثارة هذا األخير قام حنبعل بنهب األرياف املجاورة وإحراقها ‪ ،‬فلحق به فالمينيوس بقواته فوقع بذلك‬
‫في فخ حنبعل‪.‬‬

‫د ‪/‬معركة كانا( ‪ ) Cannes‬أوت ‪ 216‬ق‪.‬م‪:‬‬

‫فشل القنصل فابيوس في النيل من حنبعل بعد هزيمته في معركة ترازيمان ‪ ،‬اضطر مجلس الشيوخ‬
‫الى استبدال قنصليهما فتم تعيين لوكيوس إمليوس باولوس ‪ Lucius Aemilius Paulus‬واقترح ترك‬
‫سياسة فابيوس والهجوم بمعارك كبرى مباشرة‪،‬وبفضل اإلمدادا الجديدة لضمان املؤونة وتدعيم‬
‫الجيش بالجنود‪ ،‬تمكن من كسب مدينة كابو وضم تارونتة(( ‪) Tarente‬‬

‫وبالرغم من كل انتصارات حنبعل وعقده تحالف مع امللك فيليب املقدوني عام‪ 215‬ق‪.‬م القاض‬
‫ي بالتعاون املشترك ضد عدوهما روما بدأ في التراجع واالنحطاط بقضاء روما على هذا التحالف وتركت‬
‫حنبعل وحيدا في مواجهة القوة الرومانية الصاعدة ‪،‬وبعودة القائد الروماني سكيبيون من اسبانيا بعد‬
‫تحقيقه لعدة انتصارات‪،‬أسندت له والية صقلية‪،‬عام ‪ 205‬ق م ‪ ،‬ومن هذه األخيرة حضر للحملة على‬
‫إفريقيا(‪. )1‬‬

‫‪3‬ـ الحرب البونيقية الثالثة (‪ 146-149‬ق م )‪:‬‬

‫أعلن الرومان الحرب على قرطاجة سنة ‪ 149‬ق ‪ .‬م ‪،‬و في ذلك الوقت توجهت بعثة قرطاجية إلى روما‬
‫تطلب االستسالم فرد السناتو بأنه سيسمح ببقاء حرية القرطاجيين وقوانينهم وإقليمهم وممتلكاتهم‬
‫العامة والخاصة شرط أن يسلموا ثالثمائة من أبرز رجالهم كرهينة‪،‬وأن يطيعوا األوامر التي يصدرها‬
‫القنصالن‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬محمد الهادي حارش‪ ،‬حملة حنبعل على إيطاليا‪،‬ص‪ 51‬؛ سايح مرزوق‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪ 96‬ـ ‪97‬‬

‫‪25‬‬
‫الرومانيان املتوجهان إلى أوتيكا‪ .‬فوافق القرطاجيون على كل ذلك‪ .‬و عند وصول القنصلين إلى أفريقيا‬
‫كشفا هدف السناتو الحقيقي بأن طلبوا من القرطاجيين أن يخلوا مدينتهم وأن يبتعدوا عن الشاطئ‬
‫ل‪ 16‬ميال ‪،‬لكن القرطاجيين لم يتخلوا عن مدينتهم وبدؤوا بالتحصن فيها إلى أن سقطت وأحرقت نهائيا‬
‫ودمرت بعد حصار ثالثة أعوام متتالية (‪ 146-149‬ق‪.‬م)(‪.)1‬‬

‫أفضت هذه الحرب سنة ‪ 146‬ق‪ .‬م إلى استيالء الجيش الروماني على قرطاجة ‪ ،‬و عمدوا إلى حرقها‬
‫وتخريبها و تشتيت ما تبقى من سكانها‪ .‬كما وقع االستيالء على أراضيها وتحويلها إلى والية رومانية‬
‫‪.*(Provincia Africa).‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬شارل اندري جوليان‪ ،‬تاريخ افريقيا الشمالية (تعريب محمد مزالب ‪ ،‬البشير بن سالمة ‪ ،‬الدتر التونسية للنشر ‪،‬‬
‫تونس ‪ ، ،1969‬ص ‪145-142‬؛محمد الهادي حارش‪،‬التاريخ املغاربي القديم ‪،‬ص‪ 58‬ـ ‪. 59‬‬

‫*ضمت الوالية املحدثة في شمال وشرق البالد التونسية الحالية مجموع األراض ي الخصبة الواقعة في الحوض األسفل‬
‫لوادي مجردة )‪ (Bagrada‬و في كامل حوض مليان )‪ (Catada‬و نواحي الوطن القبلي و في الساحل ‪ (Byzacium).‬و كان‬
‫يفصل بينها وبين اململكة النوميدية املجاورة الخندق امللكي‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫املحاضرة رقم ‪6‬‬

‫الديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانة الرومانية‬

‫تعددت االلهة عند الرومان في العصر امللكي شأنها في ذلك شأن سائر الشعوب الريفية البدائية التي‬
‫كانت تلجأ الى السحر واالرواح أو القوى الطبيعية وغير الطبيعية ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬العبادات السحرية ‪:‬‬

‫تتمثل العبادات السحرية عند الرومان في ثالثة مظاهر ‪:‬‬

‫‪ /1‬القوى الفتشية (نيومان ‪:(Numen‬‬

‫تعتمد الفتشية* على بدائية سحرية تقول بأن قوة العالم أو الكون تجتمع في ش يء معين في ذاته ‪ ،‬و أن‬
‫تقديس هذا الش يء آت من كونه يحمل قوة كونية تنبع منه و تجعله متميز عن كل ما يحيط به من أشياء‪.‬‬
‫فالفتشية تؤمن بقوة داخل الش يء أو الشخص و ال تؤمن بوجود روح أو إله‪ .‬و كان الرومان يؤمنون‬
‫بوجود نيومان تجعل اإلنسان أو امللك متميزا أو حتى اآللهة ‪ ،‬و هكذا آمنوا بوجود قوة خارقة تحرك‬
‫اآللهة و األباطرة و اإلنسان‪.‬‬

‫‪ /2‬األرواحية ‪:‬‬

‫هو االعتقاد بوجود قوة حية تحرك كل ش يء‪ .‬وقد أطلق الرومان على هذه األرواح اسم ال(مان) و هي‬
‫تناظر أرواح اآلباء الصالحين بالشكل الخاص ‪ ،‬و يرون أن أصلهم من أرواح املوتى من األسالف أو من‬
‫الجنيات اليونات التي هي أرواح هائمة ‪ ،‬و تنقسم هذه األرواح إلى خمسة أنواع (‪:)1‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫* الفيتشية‪:‬هو تبجيل الجماد الذي ينسب إليه الناس خصائص مثل القدرة على الشفاء والحماية من‬
‫األعداء واملصائب واألضرار والعين الشريرة وإحداث الحب‪ .‬تعيش الفتشية في األفكار الحديثة حول‬
‫القوة الوقائية للتمائم والتعويذات ‪.‬‬
‫‪)1‬خزعل املاجدي ‪ ،‬املعتقدات الرومانية ‪ ،‬دار الشروق للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 2005 ،‬ص‪.153‬‬

‫‪27‬‬
‫أ‪ /‬أرواح املوتى )‪:(Did minibus‬‬

‫و تمثل أرواح املوتى من أهل البيت ‪ ،‬الذين كانوا يسكنون من اآلباء و األجداد سابقا ‪ ،‬حيث كان‬
‫الرومان يعبدون هذه األرواح لتخفيف غضبها و يطلق عليها اسم الراعيات الساهرات‪ ،‬و كانت عبادة‬
‫األموات تحظى باهتمام كبير لدى الرومان ‪ ،‬بل و كانت تطبق أشد العقوبات عند عدم مراعاتها بدقة ‪،‬‬
‫و نجد فوق بعض القبور الرومانية )‪ (D-M‬وهي مختصر للكلمتين )‪.)1((Dis manibus‬‬

‫كان الرومان ينظرون إلى أرواح املوتى على أنها مرهوبة الجانب أوكل إليها مجازاة الناس و السهر على كل‬
‫ما يحدث داخل البيت ‪ ،‬وتنقسم إلى قسمين ‪:‬‬

‫‪-1‬أرواح املوتى الخيرة ( الريس ‪: )Lares‬‬

‫وهي املشرفة على العائالت‪ ،‬تقدم لهذه األرواح الذبائح في األعياد و املناسبات كالزواج و السفر أو عودة‬
‫أحد أفراد العائلة ‪ ،‬وكانت سعادة العائلة متوقفة على هذه األرواح(‪.)2‬‬

‫‪-2‬أرواح املوتى الشريرة ( ليمورس ‪ : )Lemures‬أرواح أوالئك املوتى املوسومين بسوء األعمال التي ال‬
‫تستقل و ال تعرف الراحة مدى الدهر ‪ ،‬بسبب الشر أو العنف الذي اقترفه صاحبها في حياته و كانت‬
‫تزعج األحياء في هيئة أشباح و لها القدرة على إصابة املرء بالجنون(‪.)3‬‬

‫ب‪ /‬األرواح الحامية املنزلية (بيناتيس ‪ : )Penates‬تحرس بيناتيس* املؤن الخاصة بالعائلة تحل فيها‬
‫البركة ‪ ،‬حيث كانت تتجمع ضروريات الحياة الريفية البسيطة من ألبان و أجبان ولحوم محفوظة وجميع‬
‫أنواع املحاصيل التي كانت تنتجها أرض األسرة(‪ )4‬و كان بكل منزل )‪(Lar Familiris‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1‬غوستاف لوبون ‪ ،‬حياة الحقائق ‪ ،‬العقائد ‪ ،‬ط‪ ، 1‬تر عادل زعيتر ‪ ،‬دار أحياء للكتب العربية ‪ ، 1949 ،‬ص ‪.55‬‬

‫‪)2‬غوستاف ‪ ،‬املرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.56‬‬

‫‪)3‬أمين سالمة ‪ ،‬معجم األعالم في األساطير اليونانية و الرومانية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬مؤسسة العروبة للطباعة و النشر ‪، 1988 ،‬‬
‫ص ‪.27‬‬

‫‪)4‬محمود إبراهيم السعدني ‪ ،‬حضارة الرومان ‪ ،‬منذ نشأتها و حتى نهاية القرن األول ميالدي ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬عين للدراسات و‬
‫البحوث اإلنسانية و االجتماعية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 1998 ،‬ص ‪.64‬‬

‫‪28‬‬
‫حيث يشيد معبده بجوار املوقد و تقدم له الذبائح في كل املناسبات ‪ ،‬وكان للدولة أيضا بيناتس تقيم في‬
‫مستودعات الدولة و مخازنها و تسبغ نعمتها عليها م تضمن لها الوفرة (‪ )1‬و فيما بعد صنعت تماثيل‬
‫صغيرة للبيناتيس الخاصة في مواقد املنزل و تشكل ما يسمى باآللهة العائلية ‪ ،‬و العامة في معبد فيليا ‪،‬و‬
‫كانت هذه األرواح تتعاقب في املنزل كاإلرث من األب إلى االبن ‪ ،‬ويقام لها في كل مسكن مكان خاص أو ركن‬
‫منعزل ‪ ،‬أو مذبح ‪ ،‬أو محراب(‪.)2‬‬

‫ج‪ /‬األرواح الحامية العامة (الرا ‪: )Lara‬‬

‫هي عبادة رومانية قديمة ‪ ،‬و هي عادة دفن جثث املوتى داخل املنازل ‪ ،‬فكان يخيل إليهم أن تلك‬
‫األرواح تحميهم و تعينهم على قضاء حاجاتهم ‪ ،‬و قد تطورت عادة دفن املوتى و أصبحت املقابر على طول‬
‫الطرق الكبرى ومن هنا أصبح ينظر ل"الريس" على أنها الحامية للطرق أيضا ‪ ،‬وان الرومان يقدمون لها‬
‫القرابين(‪ )3‬كما أنها تمثل أرواح األرض الزراعية و يظن البعض أنها أرواح األسالف الراحلين التي تظل‬
‫تطوف بأماكن إقامتهم لتبارك األحفاد (‪.)4‬‬

‫د‪ /‬األرواح الحامية الخاصة (جونو‪ : )Juno‬هي روح حارسة ‪ ،‬تراقب كل فرد أو مكان ‪ ،‬و أي هيئة كالدولة‬
‫مثال ‪ ،‬تدخل "جينوس" في كل إنسان يولد و تبقى معه طوال حياته وتكيف طبعه و شخصيته و تمثل‬
‫بعد مماته الروح الخالدة الحية (‪،)5‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬عبد الحليم محمد حسن ‪ ،‬تاريخ الرومان عصر الجمهورية ‪ ،‬دار الثقافة العربية ‪ ، 1998 ،‬ص ‪.51‬؛أمين سالمة ‪،‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.132‬‬

‫‪)2‬ب‪ .‬كومالن ‪ ،‬األساطير اإلغريقية و الرومانية ‪ ،‬ترجمة أحمد رضا و محمد رضا ‪ ،‬الهيئة املصرية للكتاب ‪ ، 1992 ،‬ص‬
‫‪.148‬‬

‫‪)3‬إمام عبد الفتاح إمام ‪ ،‬ج ‪ ، 2‬مرجع سابق ن ص ‪.300‬‬

‫‪)4‬محمود إبراهيم السعدني ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.63‬‬

‫‪)5‬أمين سالمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪175 176‬؛فراس السواح ‪ ،‬موسوعة تاريخ األديان اليونان و الرومان أوروبا قبل‬
‫املسيحية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار عالء الدين ‪ ،‬دمشق ‪ ،2005 ،‬ص ‪.235‬‬

‫‪29‬‬
‫وكان لجونو العديد من املساعدين مثل "نوندايا" )‪ (Nundina‬التي تعمل على طهارة الرضيع ‪ ،‬و‬
‫"فاتيكانوس" )‪ (Vaticanus‬التي تطلق بكائه األول ‪ ،‬أما "إيدوكا" )‪ (Educa‬و "بوتينا" )‪ (Potina‬فتعلمانه‬
‫األكل و الشرب ‪ ،‬و "كوبا" )‪ (Cuba‬تجعله في مهده ‪ ،‬و "أوسيباق" )‪ (Ossibig‬و "أديونا" )‪(Adeona‬‬
‫لتعليمه املش ي(‪.)1‬‬

‫‪ /3‬الطوطمية ‪:‬‬

‫هي عقيدة دينية ترى أن اإلنسان يرتبط مع حيوان أو نبات أو مظهر من مظاهر الطبيعة أو ش يء معين‬
‫‪ ،‬و أن اإلنسان منحدر في أصوله منها لتصبح مقدسة و رموزا دينية لديهم ‪ ،‬ويصبح الرمز مركز العبادة‬
‫الطوطمية و يكون الرمز إما رسما للطوطم أو شكال هندسيا أو مجموعة خطوط أو جلد حيوان أو‬
‫مالبس و كانت أصل العبادات في القبائل البدائية ‪ ،‬و قد ظهرت بقايا الطوطمية في الديانة الرومانية‬
‫بتقديس بعض الحيوانات مثل الذئبة "لوبا" التي يقال أنها رضعت "رومولوس" و "ريموس" ‪ ،‬و بومة‬
‫"مينيرفا" ‪ ،‬و كذلك الرموز مثل درع و صاعقة "جوبيتر" و الشوكة الثالثية "لنيبتون"(‪.)2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العبادات األسرية ‪:‬‬

‫أخذت العبادات األسرية أصولها من العبادات السحرية الخاصة بعبادة األرواح و القوى الفتشية ‪،‬‬
‫فقد ارتبطت هذه العبادة باألجداد املميزين من رؤساء العشائر اإليطالية و الالتينية بصفة خاصة(‪)3‬‬

‫و قد جعلت الدولة التعبد إلى اآللهة األسرية العشائرية عبادة عامة تقام لها طقوس تماثل في جوهرها‬
‫الطقوس التي تقيمها األسرة ملعبوداتها (‪ ، )3‬و كانت العبادة األسرية قوية جدا قبل ظهور الدولة ‪ ،‬حيث‬
‫كان رب العائلة هو الذي يقيم طقوس عبادتها و لم يكن يسمح للناس الغرباء بحضور هذه الطقوس‬
‫الدينية التي تقتصر على أفراد العائلة فقط ‪ ،‬إذ أن حضور شخص غريب لهذه الطقوس يعد نوعا من‬
‫الكفر‪،‬‬

‫ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬خزعل املاجدي ‪ ،‬املعتقدات الرومانية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪154‬؛ فراس السواح ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪235‬ـ ‪236‬‬

‫‪)2‬خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.154‬‬

‫‪)3‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬تاريخ الرومان من أقدم العصور حتى ‪ 133‬ق‪.‬م ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ط ‪ ، 2‬مكتبة األنجلو املصرية ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫‪ ، 1978‬ص ‪..93‬‬

‫‪30‬‬
‫يمكن تفسير ثبات هذا الشكل من الديانة في القوة الحيوية الكبيرة التي تمتعت بها رواسب التنظيم‬
‫العشيري بالذات القائم على القرابة بالدم ‪ ،‬و خاصة العائالت الكبيرة‪ .‬و كانت العائلة بقيادة رئسها تقوم‬
‫بتقديس أسالفها قرب الشعلة املنزلية(‪.)1‬‬

‫ثالثا ‪ :‬العبادات الزراعية ‪:‬‬

‫تعتبر العبادات الزراعية الرعوية األساس املادي الطبيعي الصلب الذي قامت عليه أركان الديانة‬
‫الرومانية القديمة ‪ ،‬حيث شغلت املعتقدات و الطقوس الزراعية مكانة مرموقة في ديانة الرومان ‪ ،‬حيث‬
‫أن الكثير من اآللهة الهامة في البانثيون الروماني و التي عدت عليها في النهاية وظائف كثيرة و متنوعة إنما‬
‫هي من حيث املنش ئ على عالقة باملعبودات الزراعية الرعوية (‪.)2‬‬

‫ظهرت آلهة الزراعية و املياه "باليس" و "أليبرباتر" و "سلفانوس" و اإللهة األم "تيلوس" و "كيريس"‬
‫و غيرهم ‪ ،‬كما كان "اإلله مارس" *إله الزراعة و الخصب ‪،‬باإلضافة الى "فاونوس" إله الرعاة ‪ ،‬وكذلك‬
‫ارتبط "ساتورن" بالحراثة ‪ ،‬و كان اإلله "نيبتون" إله املاء و كذلك اآللهة "جوتوران" و غيرهم‪ .‬تطورت‬
‫هذه اآللهة و حملت فيما بعد وظائف كونية و رمزية و أخالقية عظمى بسبب قدمها و عراقتها و تعلق‬
‫الناس بها ‪ ،‬فرفعت من املنش ئ الزراعي البسيط إلى الرتبة الكبيرة عندما سطعت روما في سماء الحضارات‪.‬‬

‫و نذكر من بين هذه اآللهة ‪:‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬إبراهيم نصحي ‪،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪)2‬خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.155‬‬

‫*االله مارس ‪ :‬مارس اله الحرب في امليثولوجيا وهو أيضا اله الزراعة في روما القديمة ‪ ،‬كان الثاني من حيث األهمية‬
‫بعداالله القومي يوبتر ‪ ،‬وكان أبر اآللهة العسكريون في الدين في روما ‪ ،‬كانت معظماألعياد الرومانية الخاصة به تتم في‬
‫شهر آذار (مارس)‪ ،‬لذا سمي هذا الشهر على اسمه‪ ،‬كما أن ثمة أعياد له في تشرين األول (أكتوبر) وهو موسم الحمالت‬
‫العسكرية ونهاية موسم الزراعة‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪-‬فاونوس )‪:(Faunus‬‬

‫ابن "بيكوس" )‪ (Picus‬و أمه كانيت )‪ ، (Canente‬وكان فاونوس إلها أوليا للغابات ‪ ،‬ثم أصبح إلها‬
‫زراعيا و حارس الحدود و إلها للخصوبة ‪ ،‬و من املحتمل أن فاونوس ارتبط مع إله قديم جدا اسمه‬
‫لوبيركوس )‪ (Lupercus‬و الذي كان حاميا للقطعان من الذئاب ‪ ،‬وكان مكان عبادته كهف لوبركال‬
‫)‪ (Lupercal‬في أسفل جبل البالتين ‪.‬‬

‫وهناك شيد معبده ‪ ،‬و كان يعتقد أنه أحد ملوك التيوم الذي منح قوانين للقبائل الريفية و اختراع‬
‫آلة الشوم وهذا يعني أنه جاء بقوانين لم تكن موجودة قبله ‪ ،‬و كذلك اختراع اآللة يعني تطور جديد في‬
‫نمط الحياة الثقافية بظهور معارف جديدة اكتشفها هذا اإلله (‪.)1‬‬

‫كونسوس )‪: (Consus‬‬

‫أحد أقدم اآللهة في روما و كان إلها للبذر ‪ ،‬ثم تطورت وظائفه و أصبح إله القمح املحصود و املخزون و‬
‫ربما كان إلها في العالم السفلي و على األرجح أن هناك ارتباط بين خصائصه الجديدة و القديمة ألن‬
‫األرض هي التي تنبت البذور ‪ ،‬فأصبح بذلك مسؤوال عن عملية اإلنبات ثم مسؤول عن املحصول الذي‬
‫في املخازن و هذا يدل أن تطوره كان تدريجيا و ترتبط به أرواح الالرات (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪156-155‬‬

‫‪)2‬أمين سالمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪.228 229‬؛ خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪156-155‬‬

‫‪32‬‬
‫املسيحية والعبادات املنتشرة في املجتمع الروماني مع ظهورها‪:‬‬

‫‪)1‬املسيحية‪:‬‬

‫عرفت هذه الديانة انتشارا وتنظيما كبيرين في كل أرجاء اإلمبراطورية خاصة في عهد الفالفين ‪ ،‬حيث‬
‫تم تنظيم طقوس العبادة واملهام الكهنوتية ‪،‬فكانت عبادة االمبراطور مسيرة من طرف كهنة يطلق عليهم‬
‫اسم ساكيردوس" أو الكاهن بحيث نجده في كل مدية أو ريف كاهن يخصص لعبادة كل امبراطور (‪.)1‬‬

‫أظهرت روما من تسامع بالنسبة ملعظم العقائد ‪ ،‬فالجالية اليهودية انت في املقاطعات اإلمبراطورية‬
‫باألالف ما أدي باإلمبراطور كلوديوس تيبيريوس عملوا على نفيهم واجالئهم لكن ذا األمر أدى الى‬
‫اصطدامهم بابالسلطات الرومانية ‪،‬ونتج عنه اندالع الثورات كثورة القديس مابين ‪ 68‬م و‪ 70‬م التي‬
‫انتهت بسقوط القدس بيد تيتوس والثانية وقعت في عهد هاديريانوس استمرت ثالث سنوات ‪ 132‬ـ ‪135‬‬
‫م (‪.)2‬‬

‫كانت الدعوة الى الدين الجديد تبدو للرومان مقترنة بأعمال االضطراب مادفع الرومان الى اعدام من‬
‫يعترف باملسيح وجثوهم أمام تمثال االمبراطور(‪،)3‬فاملرسوم القديم يحظر على االباطرة القبول بأي اله‬
‫دون موافقة مجلس الشيوخ ‪،‬لكن في عهد االسرة االنطونية* توقفت االضطهادات (‪ .)4‬وتزايد عدد‬
‫املسيحين حيث تمكنوا من تنظيم أنفسهم بفضل االجتماعات وحل مشاكلهم في جماعة متماسكة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬تشارلز ورث ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪Gaston Boissier,Op.Cit,p.320(2‬‬

‫‪)3‬أندري ايمار جانين بوايه‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪415‬؛ تشارلز ورث ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫*الساللة النيرفية األنطونية هي ساللة من ستة أباطرة رومان‪ ،‬حكموا اإلمبراطورية الرومانية على مدى ما يقرب من‬
‫القرن الثاني الجامع‪ (96—192).‬هؤالء االباطره هم على التوالي نيرفا( ‪ 98- 96‬م)‪،‬تراجان ( ‪ 98‬م‪ 117-‬م)‪،،‬هادريان‬
‫( ‪ 138-117‬م)‪،،‬أنطونيوس بيوس(‪ 161- 138‬م)‪ ،،‬ماركوس أوريليوس( ‪ 180- 161‬م)‪،,‬كومودوس( ‪ 192- 176‬م)‪.‬‬

‫‪ )4‬أندري ايمار جانين بوايه‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪176‬؛ف‪.‬دياكوف س‪.‬كوفاليف ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.677‬‬

‫‪33‬‬
‫‪-2‬العبادات املنتشرة في املجتمع الروماني مع ظهوراملسيحية‪:‬‬
‫‪1-2‬ـ آلهة الدولة الرسمية ‪:‬‬
‫تطورت بعض األرواح الرومانية التي كانت تعبد قديما وأصبحت آلهة ‪ ،‬غير أن هذا التطور كان شيئا‬
‫تدريجيا ‪ ،‬وعلى الرغم من أن بعض األرواح بقيت على حالها وظلت تعبد مع اآللهة الرومانية والتي كانت‬
‫تطورا لبعض األرواح ‪ ،‬وإما أنها نقل من األترسكيين أو من اإلغريق مع محاولة مطابقتها مع آلهة‬
‫محلية(‪.)1‬‬
‫تعددت اآللهة عند الرومان شأنها شأن جميع الشعوب الريفية البدائية ‪ ،‬التي كانت تلجأ إلى السحر‬
‫واألرواح أو القوى الطبيعية و الغير طبيعية ‪ .‬وبحسب اعتقاد الرومان آنذاك كان لكل أسرة عبادة أرواح‬
‫أو قوى عديدة منها ‪ :‬جانيس )‪ ، (Janus‬و فيستا )‪ (Vesta‬راعية نار البيت ‪ ،‬و مارس )‪ (Mars‬باعث النشاط‬
‫و الحيوية في النبات كل ربيع ‪ ،‬و جوبيتر )‪ (Jupiter‬إله الشمس و باعث املطر ‪...‬الخ (‪.)2‬‬
‫‪ 2-2‬اآللهة األجنبية املتأخرة ‪ :‬ومن هذه العقائد الوافدة ‪:‬‬
‫أ‪ /‬االليوسيسية ‪:‬‬
‫اتخذ العابدون ديميترا و أسطورتها للتعبير عن املوت و البعث الدائمين في أعياد منتظمة مثل‬
‫(ثيسموفوري) و (ايليوسينا أو أعياد اليوسيس) ‪ ،‬و كانت ديميترا قد توحدت مع سيريس الرومانية و‬
‫أقيم لها أول معبد في روما عام ‪ 493‬ق‪.‬م موسم قحط و مجاعة(‪.)3‬‬
‫ب‪ /‬الباخوسية ‪:‬‬
‫انتقلت عبادة ديونيسيوس اإلغريقي إلى روما في بداية القرن الثاني قبل امليالد ‪ ،‬و القت انتشارا شعبيا‬
‫كبيرا‪ ،‬وعليه أنشأت العديد من الجمعيات السرية ملمارسة هذه العبادة ما أدى بمجلس الشيوخ الروماني‬
‫بإصدار قرار بحل جميع جمعيات باكخوس في جميع أنحاء إيطاليا عام ‪ 186‬ق‪.‬م (‪.)4‬‬
‫ج‪ /‬اإللهة األناضولية ‪:‬‬
‫كانت ديانة األمة الكبرى سيبال )‪ (Cybelle‬من فريجيا في آسيا الصغرى من أهم الديانات الوثنية التي‬
‫وجدت تجاوبا شديدا من األهالي في اإلمبراطورية الرومانية ‪ ،‬إذ دخلت روما سنة ‪ 204‬ق‪.‬م ‪ ،‬و انتشرت‬
‫بسرعة بالغة في افريقية و الغال و ليديا و فريجيا و إيطاليا و غيرها‪،‬كانت اإللهة سيبيل تجسد الكهوف‬
‫و تمثل الخصوبة و األمومة ‪ ،‬تم جلب سيبيل من فريجيا إلى روما أثناء الحرب البونية الثانية ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪)1‬خزعل املاجدي ‪ ،‬املعتقدات الرومانية ‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 2005 ،‬ص‪.211‬‬
‫‪)2‬إبراهيم رزق هللا أيوب ‪ ،‬التاريخ الروماني ‪ ،‬ط‪ ، 1‬لبنان ‪ ، 1996 ،‬ص‪.29‬‬
‫‪)3‬خزعل املاجدي ‪ ،‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫‪)4‬عبد اللطيف أحمد علي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.82‬‬

‫‪34‬‬
‫د‪ /‬اإللهة السورية ‪:‬منها‬
‫‪-‬أترجاتس ‪ :‬دخلت اإللهة أترجاتس *املعروفة باسم اإللهة السورية دياسيريا )‪ (Deasyuria‬األراض ي‬
‫الالتينية في القرن ‪ 2‬ق‪.‬م ‪ ،‬و قد دخلت بواسطة مجندين سوريين في الجيش الروماني (‪ ، )1‬وإن أصل‬
‫اإللهة السورية هو عشتار البابلية ‪ ،‬و ربما (عتر) األرامية ‪ ،‬و قد رأى اليونان فيها أفروديت – عشتروت ‪،‬‬
‫كانت عبادتها تتم في العصور الهيليستية و الرومانية في مدينة هيرابوليس ‪ ،‬كما عبدت في معابد سورية‬
‫كبيرة فقد كانت تذكر بأسماء مختلفة و تمثل بأشكال كثيرة ‪ .‬وانتشرت عبادة هذه اإللهة في أصقاع‬
‫مختلفة من اإلمبراطورية الرومانية و مورست طقوسها هناك ‪ ،‬فقد انتشرت من بالد الرافدين إلى ديلوس‬
‫و من روما و حتى بروتوني و التخوم الشمالية لإلمبراطورية الرومانية(‪.)3‬‬
‫ج‪ /‬اإللهة املصرية ‪:‬منها‬
‫‪-‬ايزيس ‪ :‬بدأت عبادتها تنتشر بين اليونان في العصر الهيلينيستي ثم اتسعت في اإلمبراطورية الرومانية‬
‫(‪ .)1‬القت عبادة اإللهة املصرية إيزيس ترحيبا أكثر مما القيته اإللهة سيبيل لدى شعوب البحر األبيض‬
‫املتوسط بسبب قصة موت أخوها و زوجها أوزوريس إله الخير في صراعه مع "ست" إله الشر و كيف‬
‫أخلصت إيزيس لذكراه و تجوالها في العالم تجمع بقاياه من شرق األرض و غربها ‪ ،‬و قد رحبت بجميع‬
‫الناس فشملت في عضويتها النساء و الرجال على حد سواء(‪.)3‬‬
‫اإلله الفارس ي ‪:‬‬
‫كان اإلله ميثراس إله النور ثم إله الشمس كل عابديه من الرجال ‪ ،‬و ال تحق للنساء عبادته ‪،‬ن و كان‬
‫هذا اإلله قديما قبل مجيء زرادشت ‪ ،‬و قد صار إلها ثانويا من حاشية أهرومازدا إله الخير الذي تخوض‬
‫معركة دورية مع إله الشر أهرومان(‪.)4‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1‬فراس السواح ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫‪)2‬خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫* تقابل أترجاتس اإلله أفروديت بشكلها السماوي األمومي و تقابل كذلك اإللهة سيبيل الفريجية ‪ ،‬و قد عبدها األنباط‬
‫كإلهة أم شاملة للخصب و تظهر في معبد التنور النبطي في تسعة أدوار ‪ ،‬فهي ربة الحياة النباتية ‪ ،‬ربة القمح ‪ ،‬و ربة‬
‫البروج و غير ذلك ‪ ،‬كما تعكس معالم و مفهومات دينية مختلفة أيضا ‪ ،‬ففي بعض تماثيلها تبدو األوراق تغطي كثيرا‬
‫من أجزاء جسمها و وجهها و عنقها و صدرها و أحيانا يظهر التين و الرمان مقترنين بها للمزيد انظر ‪ :‬خزعل املاجدي ‪،‬‬
‫املرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.179-178‬‬
‫‪)3‬أحمد غانم حافظ ‪ ،‬اإلمبراطورية الرومانية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪112‬؛ ايفان كونغ ‪ ،‬السحر و السحرة عند الفراعنة‬
‫‪ ،‬ترجمة فاطمة عبد هللا محمود ‪ ،‬مراجعة محمود ماهر طه ‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب ‪ ، 1999 ،‬ص ‪.402‬‬
‫‪)4‬خزعل املاجدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.181‬‬

‫‪35‬‬
‫ثالثا ‪ :‬عبادة األباطرة ‪:‬‬
‫لعبت املؤثرات الشرقية واملصرية بشكل خاص إضفاء القداسة على بعض األباطرة‪ ،‬وال شك أن‬
‫اتصال روما باملمالك الهلينستية و البطلمية بشكل خاص أثر في دفع هذه العبادة إلى البروز بقوة‪ ،‬وقد‬
‫ظهرت بشكل واضح لدى الفراعنة أوال ثم اإلغريق و ذلك بعد إحتكاكهم بالفراعنة على نطاق واسع ‪ ،‬و‬
‫قلدوهم في عبادة حكامهم منذ زمن الحروب البولوبونيزية(‪.)1‬‬
‫بدأت هذه العبادة عند الرومان مع يوليوس قيصر الذي أقيمت له املراسيم اإللهية عند الوفاة ‪ ،‬إذ‬
‫بعد كل نصر يحققه يمنح له مجلس الشيوخ إمتيازا جديدا ‪ ،‬و في نفس الوقت فقد سعى هو بذاته‬
‫للحصول على مراتب الشرف اإللهية ‪ ،‬فبنسبة له كانت اآللهة فينوس األصل الذي إنحدرت منه أسرة‬
‫إينياس و التي منها تنحدر أسرة جوليا و هذا يعني أنه يعود بأصلة إلى آللهة نفسها ‪.‬و قد أشار إلى هذا‬
‫أثناء مراسم جنازة عمته جوليا في العام ‪ 68‬ق‪.‬م مؤكدا على أصلها اإللهي املنحدر من اآللهة فينوس‬
‫جنتركس )‪ ، )3( ( Venus Gentrix‬كما منح له لقب أبا الوطن » ‪ «Pater Patriae‬وبالتالي أصبحت عبادته‬
‫مشابهة لعبادة جوبيتر ‪ ،‬كما شكلت له هيئة كهنوتية جديدة تسمى باسم ) ‪. ( Luperci Julii‬‬
‫لقد أغدقت على قيصر الكثير من األلقاب الشرفية و الوضائف و االمتيازات و السلطات مما لم يكن‬
‫له مثير من قبل في تاريخ الرومان ‪ ،‬فأثار هذا االتجاه ثائرة الجومهوريين و بعض أتباع قيصر نفسه ‪ ،‬و‬
‫أغتيل بيد أقرب أصدقاءه ومنهم بروتوس )‪ (Brutus‬في ‪ 15‬مارس ‪ 44‬ق‪.‬م (‪.)2‬‬
‫تركزت شعائر هذه العبادة * في إقامة املآدب و املهرجانات ‪ ،‬فهي بهذه الصفة مناسبة للتأثير على‬
‫نفسية الجمهور و إقناعه بجالل اإلمبراطور الجدير بالحب و التقدير‪ ،‬فأقاموا لهم التماثيل الضخمة‬
‫األنيقة التي كانت تزين املعابد و الساحات العمومية تزلفا لإلمبراطور و في الطقوس و املهرجانات التي‬
‫يحضرها الناس و ينتفعون بها دون أن تبلغ في نفوسهم مبلغ التخلي عن معبوداتهم األصلية‪.‬‬
‫ــ ــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ــــ ــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ـــ ـــ ـــ ــــــ ــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــــ ـــ ـــ ــــ ــ ـ ــ ـ ـــ‬
‫‪)1‬خزعل املاجدي ‪ ،‬املعتقدات الرومانية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪Beard, M., North, J., and Price, S., Religions of Rome, Vol. 1, Cambridge Universit Press,1998(2 , p.169.‬‬
‫‪Boissier, G., La religion romaine d’Auguste aux Antonins, V. I, Pari 1874,p.97(2‬‬
‫* بذلت روما جهودا كبيرة في نشر الديانة الرسمية "عبادة اإلمبراطور" و أقامت لها جهازا رسميا يتكون من مجلس الكهان‬
‫األعلى املقيم في عاصمة املقاطعة ‪ ،‬وكان يرأس املجلس كاهن كبير يدعى ساكيرديدوس )‪ .(Sacerdidos‬و قد بالغت‬
‫الدولة في ابراز اهمية الجهاز الديني حتى أصبح مماثال ملجلس البلدة في األهمية أو أكثر‪ ،‬و كان للكهان في املجلس البلدي‬
‫مكانة مرموقة نظرا للدور السياس ي الذي يلعبونه في اإلقليم اإلداري ‪،‬للمزيد أنظر ‪:‬أحمد غانم حافظ ‪ ،‬اإلمبراطورية‬
‫الرومانية من النشأة إلى اإلنهيار ‪ ،‬تقديم حسين أحمد الشيخ ‪ ،‬دار املعرفة الجامعية للطبع و النشر و التوزيع ‪،‬‬
‫االسكندرية ‪ ، 2008 ،‬ص ‪41-40‬؛محمد البشير شنيتي ‪ ،‬نوميديا و روما اإلمبراطورية تحوالت إقتصادية و إجتماعية في‬
‫ظل االحتالل ‪ ،‬ط‪ ، 1‬مؤسسة كنوز الحكمة للنشر و التوزيع ‪ ،‬األبيار ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 2012 ،‬ص ‪.315‬‬

‫‪36‬‬
‫ومع بداية القرن الرابع بدأ االعتراف بالديانة املسيحية كإحدى الديانات الرسمية ‪،‬حيث أصدر‬
‫ُقسطنطين مرسوما سمي بمرسوم ميالن عام‪ 313‬م‪ ،‬أعاد ّ‬
‫السلم والهدوء للمسيحية‪ ،‬خاصية بعد‬
‫معركة جسير ميلفيان( ‪) Milvian‬عام ‪ 312‬م ‪،‬وعلى أساس هذا املرسوم أعطيت املسيحية نفس‬
‫الحقوق واملساواة التي تمتعت بها الديانات األخرى منها‪:‬‬
‫‪ -‬رد كل الحقوق الدينية إلى املسيحية التي كانوا حرموا منها ظلما‪ -‬وعدوانا‪.‬‬

‫‪ -‬تعاد للمسيحيين كل أماكن عبادتهم واألراض ي العامة املصادرة‪ -‬دون جدل أو إبطاق أو تكلفة(‪.)1‬‬

‫شهدت أوضاع املسيحيين بعد قرارات ميالنو تحسنا حيث اعتبر املؤرخون أن الرسالة التي بعثها‬
‫أغسطس الشرق الجديد ليكينيوس إلى نائبه في نيقوميديا بعد هزيمته لإلمبراطور ماكسيمينوس دايا‬
‫هي الوثيقة أو البيان اإلمبراطوري على قانونية و شرعية الديانة املسيحية كأحد الشرائع املرخص إتباعها‬
‫في ربوع اإلمبراطورية الرومانية ‪ ،‬حيث اختلفت رسالة ميالنو عن مرسوم جالريوس للتسامح الديني في‬
‫إطالق مفهوم حرية العقيدة فقد تضمنت قرارات ميالنو التي ترجمتها لنا رسالة نيقوميديا إرجاع الحقوق‬
‫الطبيعية للمسيحيين ‪ ،‬حيث ألغت هذه الرسالة كل املراسيم و القوانين اإلمبراطورية السابقة التي‬
‫جاءت لتعمل على منع إتباع الديانة املسيحية ‪ ،‬و اضطهاد أتباعها بالقتل و التعذيب و النفي(‪.)2‬‬

‫و تعد القرارات املتخذة في ميالنو األوامر اإلمبراطورية التي أرجعت للكنيسة حقوقها املفقودة‬
‫‪،‬وهي من األسباب الرئيسية في تغير األوضاع الدينية و السياسية في أنحاء اإلمبراطورية ‪ ،‬و من هذه‬
‫التغيرات نذكر أن املسيحية و كنيستها أصبحت حليفة للدولة و استفادة من امتيازات عديدة منها‬
‫اعتراف الدولة بيوم األحد كيوم راحة للمسيحيين ‪ ،‬و اعتراف الدولة بقانونية العتق الذي يحصل في‬
‫الكنائس على يد رجال الدين كما منحت السلطة رؤساء الكنائس (اإلكليروس ) حق ممارسة السلطة‬
‫القضائية على أعضاء كنائسهم من دون تدخل قاض ي البلدة (القاض ي املدني)(‪)3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1‬عمر كمال توفيق‪ ،‬تاريخ الدولة البيزنطية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬مصر ‪ ، 1995‬ص‪56‬ـ ‪59‬‬

‫‪)2‬احمد سحالي‪ ,‬إصالحات قسطنطين االول الدينية و السياسية في اوروبا (‪337-306‬م)‪ ,‬مذكرة للنيل شهادة‬
‫املاجستير‪ ،,‬قسم التاريخ‪ ,‬كلية العلوم االنسانية و االجتماعية‪ ,‬جامعة الجزائر ‪ ,2‬دفعة ‪، ,2015-2014‬ص ‪68-67‬‬

‫‪)3‬شنيتي البشير ‪ ،‬التغيرات االقتصادية و االجتماعية في املغرب أثناء االحتالل الروماني ‪،‬د‪.‬ط ‪،‬املؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1984 ،‬ص ‪.282‬‬

‫‪37‬‬
‫املحاضرة رقم ‪7‬‬
‫الحياة االقتصادية‬

‫حققت الحضارة الرومانية مجموعة متنوعة من اإلنجازات على مدار قرون‪ ،‬كانت تلك اإلنجازات‬
‫على املستوى السياس ي واالقتصادي كذلك‪.‬‬

‫الحياة االقتصادية في العهد امللكي ‪:‬‬

‫كان املجتمع الروماني في العهد امللكي بأنه مجتمعا بدائيا مثله مثل املجتمعات القديمة ‪ ،‬غلبت على‬
‫أفراده الحياة االقتصادية البسيطة ‪:‬الزراعة والصناعة والتجارة ‪،‬وكونه مجتمعا بدائيا فقد شغلت‬
‫فالحة األرض وتربية الحيوانات ‪-‬املاشية واألغنام على وجه الخصوص – جانبا كبيرا من اهتماماته‬
‫وأوقاته ‪.‬ففي الوقت الذي كانت فيه ملكية األرض الزراعية ملكية فردية ضمن إقليم ضيق املساحة‬
‫بحيث لم تزد عن خمسة كليومتر مربع وتغلب عليه طابع امللكية الجماعية على مجمل مراعيه (‪.)1‬‬

‫وككل املجتمعات القديمة املمارسة للرعي كانت موارد املجتمع الروماني في املرحلة األولى من تاريخ‬
‫املجتمع الروماني مستمدة من تربية الحيوانات التي بدأت تتوسع مع توسعات روما في منطقة جبال‬
‫اإلبينين‪ ،‬وهو ما أثر إيجابا على املراعي الصيفية‪ ،‬واملتطلع على الحياة االقتصادية في روما امللكية يجد‬
‫اهتمام الرومان أيضا بالزراعة وبالخصوص زراعة الكروم ومختلف األشجار املثمرة ـ الزيتون خاصة‪-‬‬
‫‪،‬هذه األخيرة ظلت برية جبلية انتشرت زراعتها أكثر بعد دخول االغريق الى جنوب إيطاليا ‪،‬لذا غلب على‬
‫املحاصيل الزراعية انتاج نوع قاس من الحبوب كان كافيا لسد حاجات السكان الضرورية (‪.)2‬‬

‫أما بخصوص الصناعة والتجارة في العهد امللكي ‪،‬فالدراسات بينت لنا أن الرومان اعتمدوا فقط ما‬
‫هو ضروري لحياتهم اليومية واستمروا في عالقاتهم التجارية مع جيرانهم ‪ ،‬وهو ما أثر إيجابا على الصناعة‬
‫‪،‬حيث ازدهرت صناعة الفخار والبروزنز والحديد خاصة (‪،)3‬فضال عن صناعة التماثيل واألعمدة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.114‬‬

‫‪)2‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 89-88‬‬

‫‪)3‬إبراهيم أيوب ‪ ،‬التاريخ الروماني ‪،‬ص‪.29-28‬‬

‫‪38‬‬
‫كالذهب والفخار واملعادن واألخشاب‪ ،‬فتقدت الصناعة في روما امللكية وازدهرت التجارة خاصة‬
‫األتروسكية (‪ ،)1‬بحكم سيطرة األخيرين على روما في هذه املرحلة من تاريخها القديم‪.‬‬

‫‪-‬الحياة االقتصادية بعد الحروب التوسعية ‪:‬‬

‫طرأ على االقتصاد الروماني تغيرات عميقة األثر انعكست آثارها على تطور املجتمع نفسه ‪،‬فكان‬
‫أفضل مجال إلستثمار الطبقة الرأسمالية أموالها شراء األراض ي الزراعية واملزارع الكبيرة لتربية‬
‫الحيوانات ‪،‬فضال عن اسخدام العبيد إلنتاج محاصيل على نطاق واسع ‪ ،‬لم يكن الغاية منه تأمين‬
‫حاجات األسواق املحلية ‪ ،‬بل توجهت االستثمارات الزراعية في القرن الثاني نحو التصدير الى األسواق‬
‫الخارجية (‪.)2‬‬

‫وعلى اثر ذلك عملت االرستقراطية عملت على ابتالع املزارعين وامللكيت الزراعية الصغيرة وهو ما‬
‫أدى الى ازدهار الرأسمالي املزارع على حساب املزارع الصغير ‪،‬وشيئا فشيئا استفاد املالكون الكبار من‬
‫خبرات املزارعين القرطاجين فحسنوا اإلنتاج الزراعي ووسعوا رقعته ‪،‬كما كان الحتكاك الرومان بشعوب‬
‫وعالم الحضارة الهلنستية املتقدمة أثره اإليجابي اذ تجاوز الثراء املالي الطبقة الحاكمة الى الدولة‬
‫الرومانية ككل عندما انصبت عليها ضرائب وجزيات البالد املفتوحة ومناجمها ‪.‬وأعفت أبناءها من القيود‬
‫الجمركية املفروضة على البلدان الخاضعة لروما وأعطتهم امتيازات في التجارة وخفف عليهم الضرائب ‪.‬‬

‫كان تحصيل الضرائب من املقاطعات الرومانية وتلزيم التعهدات واألعمال العامة موضع استثمار‬
‫رجال األعمال فاملصالح املادية للشيوخ والفرسان كانت تلتقي وتسير متوازية سواء في شراء األراض ي‬
‫الزراعية الواسعة أو في عمليات اقراض األموال التي كالن رجال الطبقة األولى ال يستطعون ممارستها‬
‫‪،‬فكانوا يتهربون من القانون بتعين وكالء ومكاتب لهم في املقاطعات ملمارسة تلك العملية بفوائد كبيرة‬
‫(‪.)3‬ونتج عن االقتصاد الرأسمالي في الزراعة والتجارة مشكلة خطيرة ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)3 )1‬إبراهيم أيوب ‪ ،‬التاريخ الروماني ‪،‬ص‪.29‬‬

‫‪)2‬هشام الصفدي ‪ ،‬تاريخ الرومان في العصور امللكية الجمهورية اإلمبراطورية حتى عهد االمبراطور قسطنطين‬
‫‪،‬ج‪،1‬لبنان ‪ ،1967‬ص‪.205‬‬

‫‪)3‬نفس املرجع ‪،‬ص‪.206‬‬

‫‪39‬‬
‫فمن الطبقة املتوسطة والعوام جندت روما الجيوش الجرارة التي أمنت لها بنجاح وضع مبادئ الوحدة‬
‫اإليطالية والدفاع والرومنة موضع التنفيذ ‪ ،‬وبعد اتساع أعباء الدلة الجديدة وازدياد حاجاتها الى‬
‫الحاميات العسكرية للدفاع عن املقاطعات املفتوحة نجد القوة املحاربة في االنكماش وسبب ذالك‬
‫ابتعاد الفالحين عن وسطهم السابق وهجرهم للزراعة(‪. )1‬‬

‫وعليه كان الوضع االقتصادي في إيطاليا في القرن الثاني ينذر بالسوء خاصة وان االوليغارشية‬
‫واملتمولين الرومان كانوا يزدادون ضراوة في املقاومة كما صدرت دعوة اإلصالح االقتصادي(‪، )2‬فاضطر‬
‫القنصل اليليوس عام ‪ 140‬م للتراجع عن املقترحات التي وضعها إلعادة توزيع أراض ي الدولة ‪،‬وكتب لهذه‬
‫املحاولة التنفيذ على يد املصلح تيبريوس غراكوس وشقيقه كايوس*‪.‬‬

‫وفي ظل اإلمبراطورية ‪ ،‬سمح إنشاء النظام املصرفي بتبادل مبالغ كبيرة للغاية دون التحويل املادي‬
‫للعمالت املعدنية‪ ،‬مما أدى إلى النقود الورقية مع عدم وجود بنك مركزي بشكل عام ‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫نقودا أو ً‬
‫نقودا ائتمانية ‪ ،‬فقد وصلت املخاوف‬ ‫أن العمالت املعدنية* الرومانية كانت منذ فترة طويلة ً‬

‫االقتصادية العامة إلى ذروتها في عهد أوريليان ‪ ،‬وفقد املصرفيون الثقة في العمالت املعدنية التي تصدرها‬
‫الحكومة املركزية بشكل شرعي‪ .‬على الرغم من تقديم االمبراطور دقلديانوس لصالبة الذهب واإلصالحات‬
‫النقدية ‪ ،‬فإن سوق االئتمان لإلمبراطورية لم يستعد قوته السابقة(‪.)3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬هشام الصفدي‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.206‬‬

‫‪)2‬نفسه ‪.‬‬

‫*استصدر كايوس قانونا يقض ي بانشاء شبكة من الطرق الريفية ‪،‬واحالل انشاء املسالك وبناء مخازن الغالل للمزيد‬
‫انظر ‪:‬عمر بوصبع ‪ ،‬املحاوالت اإلصالحية لألخوين جراكوس وانعكاساتها على األوضاع العامة للجمهورية الرومانية (‪133‬‬
‫ـ ‪ 121‬ق م )‪،.‬مجلة املعارف للبحوث والدراسات التاريخية ‪،‬العدد ‪ ، 11،‬ص ‪. 67‬‬

‫*كانت مناطق التعدين الرئيسية لإلمبراطورية هي إسبانيا ؛ الغال ؛ بريطانيا ومقاطعات الدانوب ؛ مقدونيا و تراقيا‬
‫وآسيا الصغرى‪.‬‬

‫‪)3‬جارنس ي ‪ ،‬بيتر وآخرون‪ .‬اإلمبراطورية الرومانية‪ :‬االقتصاد واملجتمع والثقافة‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مطبعة جامعة‬
‫كاليفورنيا ‪. 2015 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫املحاضرة رقم ‪8‬‬

‫الحياة االجتماعية‬

‫‪1‬ـ األسرة ‪،‬الحياة اليومية ‪:‬‬

‫لم يكن انتظام اسر العامة في عشائر معروفة في العهد امللكي االبين البطارقة ‪ ،‬أما في العهد‬
‫الجمهوري فقد حدت االسر الغنية حذو اسر البطارقة فنظموا حياتهم االجتماعية مكونين عشائر‬
‫جديدة عرفت باألسر االرستقراطية الرومانية لذلك كانت الروابط بين افراد العشيرة وبين اتباعهم تعتبر‬
‫روابط قوية على الرغم من كونها روابط اجتماعية ودينية ‪،‬ولم تكن سياسية ‪.‬‬

‫يرعى األب شؤون االسرة‪ ،‬الزراعية والدينية وتؤدي املرأة الواجبات البيتية ‪،‬ويقوم عبيد األسرة‬
‫على خدمة مطالبها ‪ ،‬واذا كان قد ترتب على توسعات روما زيادة عدد العبيد ‪ ،‬فإنهم في ذلك الوقت لم‬
‫يتمكنوا من تشكيل قوة ذات تأثير اقتصادي كبير وكان أكثر هؤوالء العبيد أسرى الحرب ‪ ،‬وازداد عددهم‬
‫في روما حتى صار عتقهم مصدر دخل للدولة(‪، )1‬فقد أكدت مراجع املتخصصة أن العبيد *احتلوا أكثر‬
‫الوظائف تنوعا ‪،‬اذ لم تقتصر أعمالهم على اعمال املنزل فحسب بل تجاوزت ذلك اذ أصبح الرومان‬
‫يعهدون اليه بإدارة أمالك سيده وأعماله التجارية فالعديد من الدراسات ذكرتهم كتابا ومعلمين أو‬
‫ممثلين وفنانين ‪،‬وقد حالف الحظ بعضهم فبلغوا أعلى املراتب وأبرزهم الخباز ماركوس‬
‫فيرجيليوس)‪.)2( (Marcus Vergilius Eurysaces‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.111-110‬‬

‫* كان واقع العبيد سيئا جدا ‪،‬حيث كانوا يتعرضون ألقص ى أنواع التعذيب ‪ ،‬وهو من بين األسباب الرئيسية وراء قيام‬
‫ثورات العبيد بمختلف املناطق بغية التحرر في القرن الثاني واألول قبل امليالد ومن أبرز تلك الثورات ثورة سبارتاكوس‬
‫)‪ 70 -73 (Spartacus‬قبل امليالد ‪ ،‬للمزيد أنظر ‪ :‬عبد املجيد حمدان ‪،‬العبيد عند الرومان خالل القرنين الثاني واألول‬
‫قبل امليالد ‪ ،‬مجلة دراسات تاريخية ‪ ،‬العدد ‪ ، 2012/ - 117‬ص ‪ 67‬؛ لحسن إبراهيم ‪ ،‬األسرى الرومان خالل النصف‬
‫الثاني من العهد الجمهوري (‪ 378‬ـ ‪ 27‬ق م ) ‪ ،‬مذكرة ماجستير ‪،‬اشراف بلقاسم رحماني ‪ 2015‬ـ ‪. 2016‬‬

‫‪ )2‬لحسن إبراهيم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.211‬‬

‫‪41‬‬
‫كان الصوف في الغالب املادة الرئيسية للملبس ‪ ،‬فربة البيت وبناتها يقمن بغزل الصوف ونسجه‬
‫وصنع املالبس منه ‪ ،‬ويحتجن في ذلك الى شرائط قرمزية لكي توضع على أطراف العباءة للفتيان في حين‬
‫توضع على األكتاف عند الحكام ‪ ،‬وهذه العباءة تستخدمها النساء والرجال على حد سواء ‪ ،‬لكن‬
‫استبدلتها الحقا النساء بثوب طويل ‪.‬‬

‫انتعل الرجال والنساء نعال من الجلد في أرجلهم ‪ ،‬كما كان الروماني العادي يتزين بخاتم من حديد‬
‫في حين نجده من الذهب عند الروماني الثري ‪ ،‬وخاصة من كان منهم في بعثة رسمية ‪ ،‬أما النساء فكان‬
‫الذهب هو حليتهن املفضلة على الدوام مع مراعاة تمشيط شعورهن وتصفيفهن ‪،‬بينما كان الرجال‬
‫يطلقون لحاهم وشعور رؤوسهم (‪.)1‬‬

‫‪-‬أعراف األسرة عند الرومان ‪:‬‬

‫تعددت تقاليد الرومان ‪،‬بعضها أصيل والبعض األخر قلدوا بها غيرهم ومع مرور الزمن أسبحت‬
‫أعرافا مرتبطة بحياتهم اليومية واالجتماعية ‪،‬وبتكرار بعض الطقوس والشعائر تصبح مع الزمن تقاليد‬
‫وعادات ألفها الفرد الروماني منها ‪:‬‬

‫‪)1‬عادات مرتبطة باللباس وحسن التصرف ‪،‬لم تتغير رغم التطورات التي عرفها املجتمع الروماني عبر‬
‫العصور ‪،‬اذ جعلوا من التوجا الباس األساس ي فكان رمز تقديس لديهم ورمزا للهوية واملواطنة الرومانية‬
‫‪ ،‬لبسه الروماني منذ الصغر كرمز لبلوغ الشاب يتعرف على الحياة املدنية ويصبخ مواطن فاعل (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬زياد سهلب ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.243-242‬‬

‫‪D’arnay jean Rodolphe,op.cit,p.178-181(2‬‬

‫‪42‬‬
‫‪)2‬عادات مرتبطة في الوالدة تعود الرومان وضع القابلة للمولود على األرض عند قدمي والده‪ ،‬فيعترف‬
‫بأبوته إن حمله بين ذراعيه ‪ ،‬لكن في حالة عدم حمله سيكون مصيره املوت ان لم يجد من ال يرأف به‪،‬‬
‫وفي حال ما ولد بعاهة كانت الشرائع لرومانية تحث على التخلص منه واالحتفاظ بمن يستطيع أن يكون‬
‫له دور بين املزارعين والجنود ‪.‬‬
‫يعمل الرومان بعد االعتراف الوالد بابنه بتطهير الطفل الرضيع بأول حمام له ويكون مصحوب‬
‫باحتفال ورمي للجوز والفواكه الجافة والحلوى (‪ ،)1‬وتقوم أكبر نساء العائلة بتدليك الطفل بأصبعها‬
‫األوسط على جبهته وتبلل شفتى املولود لتنقيته ثم تضربه برفق بكلتا يديها ‪ ،‬ثم يمنح له اسم بعد تسعة‬
‫أيام اذا كان ذكرا بينما في اليوم الثامن لألنثى‪.‬‬

‫كان الرومان يزين باب منزل أهل املواليد الجدد بأكاليل الزهور اختفاء بهم ‪ ،‬وفي حالة كانت االسرة في‬
‫حداد بسبب وفاة ‪ ،‬فما عليها اال تخلع ثيابها السوداء ‪ ،‬وتقوم العائلة بتحضير الطاولة على شرف الربة‬
‫جونو التي مهامها رعاية الطفل الجديد وحمايته ‪،‬عن طريق تزين صدره بشرائط مطرزة (‪)2‬‬

‫‪)3‬عادات مرتبطة بالزواج ‪ ،‬حيث جرت العادة ان تكون الزوجة ممن تزوجن مرة واحدة فقط لكي تضع‬
‫يدها بيد زوجها ‪ ،‬وأثناء خروجها من من بيت والدها يرمي عليها املكسرات والفواكه املجففة كرمز‬
‫للخصوبة وعند وصولها ملنزل الزوج ‪،‬تزين باب البيت ويحملها الزوج او أشخاص من قبل الزوج ويقدم‬
‫لها هو املاء والنار رمز القداسة والحياة املشتركة ‪،‬والزوجة تقدم له قطعة نقدية ولاللهة قطعتين ‪ ،‬ومن‬
‫عادات الرومان كذالك تجنب الزواج في شهر مايو‪ ،‬حيث يمتنعون فيه عن االستحمام وجميع أنواع‬
‫الزينة ‪ ،‬وأغلب الالتين يقومون بالتكفيير ‪ ،‬كما أرجعت بعض الدراسات السبب لكون شهر ماي يقع بين‬
‫شهر أبريل املخصص للزهرة ‪،‬ويونيو املخصص لاللهة جونو ‪،‬جرت العادة أيضا عند الرومان أن ال‬
‫تزوج االسرة الرومانية بناتها في أيام العطل الرسمية ‪،‬بعكس النساء األرامل )‪،(3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪Duruy Filon,Lacroix Yanoski ,L’univers ,Histoire et description de toue les peuples Italie ancienne ,paris(s‬‬
‫‪(1 d),p.514‬‬

‫‪IBID ,p.514(2‬‬

‫‪Duruy Filon,Lacroix Yanoski ,Op.Cit,p.5019-520(3‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ )4‬كان من عادة الرومان وضع امليت أمام باب املنزل على األرض ‪ ،‬األم التي خرج منها ويتمتع بالضوء‬
‫والهواء ألخر مرة ‪ ،‬وعند مفارقته للحياة يجتمع األهل ويناديه أحدهم بأعلى صوت في أذنيه ويقومون‬
‫باحداث ضجيج حاد ليتأكدوا من أنه ميت(‪)1‬‬

‫تعمل النساء والعبيد بعد موته على غسله باملاء الفاتر ثم يخرج امليت من املنزل ليال في موكب الدفن‬
‫أو للحرق يغطي الذكور رأسهم في حين بنات امليت يطلقن شعورهن ‪ ،‬وفي املوكب نساء مأجورات يضربن‬
‫رؤوسهن وصدورهن وينتفن شعورهن وينادين باسم امليت ‪ ،‬وينطلق املشاركين املوكب في العزف بالبوق‬
‫حينما يكون امليت كبير في السن ‪،‬في حين يستخدمون الناي حينما يكون اليت صغيرا ويزرع أهله امام‬
‫بيت املنزل شجر السرو املكرس لبلوتو* (‪ ،)2‬وبعد الرجوع للمنزل يدوم العزاء لتسعة أيام كاملة ‪.‬‬

‫درج بعض الرومان على عادة حرق جثامين موتاهم ‪ ،‬ومن عاداتهم في هذه الحالة فتح عيون امليت‬
‫قبل حرقه وبعد الحرق يجمع رماد الناتج عن عملية الحرق ويوضع في جرة من النحاس والبعض األخر‬
‫على دفنها ‪ ،‬وفي كلتا الحالتين كانوا يعتقدون بأن األرواح تنزل الى عالم األرواح السفلية ثم تعود لزيارة‬
‫األرض في أوقات معينة من السنة ‪ ،‬وهي املناسبات ‪ ،‬ويحتفلون بها احياء لذكرى موتاهم وارضاء أللهتهم‬
‫وردا ألي خطر يمكن أن يلحق باألحياء من أسرهم اذ هم أهملوا هذه املناسبات ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Jean prieur,La mort dans l’antiquté romaine raynard à la Guerche de Bretagne,(paris 19786),p.18(1‬‬

‫*بلوتو‪ :‬لفظة بلوتو )‪ (Plūtō‬هيرومنة اللفظة اليونانية بلوتون ‪ (Plouton).‬نظير بلوتو الروماني هو ديس باتر‪ ،‬الذي‬
‫غالبا ما ُيفسر معنى اسمه إلى «األب الثري» وربما هو ترجمة مباشرة للفظة بلوتون ‪ُ .‬ربط بلوتو ً‬
‫أيضا باإلله الروماني‬ ‫ً‬
‫املغمور أوركوس‪ ،‬ومثل هاديس‪ ،‬هو اسم كل من إله العالم السفلي والعالم السفلي كمكان‪ُ .‬يستخدم االسم اليوناني‬
‫املُعار بلوتو ً‬
‫أحيانا لحاكم األموات في االدب الالتني‪ ،‬اعتبر الشاعر الروماني اينيوس (‪ 169 – 239‬ق‪.‬م ) ‪ ،‬بلوتو ً‬
‫إلها‬
‫يونانيا‪ ،‬وربط شيشرون بلوتو بديس‪ً ،‬‬
‫شارحا ذلك بأن‪« :‬األرض بكل سلطانها وثروتها حرمة األب ديس‪ ،‬وهو اسم ال فرق‬ ‫ً‬
‫بينه وبين ديفيس‪« ،‬الثري»‪ ،‬كما اليوناني بلوتون ‪.‬ذلك ألن كل ش يء يولد من األرض وإلى األرض يعود للمزيد أنظر‪:‬‬
‫‪JocelynH.D, The Tragedies of Ennius (Cambridge University Press, 1967), p. 331,‬‬

‫‪Charles Dezobry,OP.Cit ,400-402 ; Jean prieur,op.cit,p.209(2‬‬

‫‪44‬‬
‫ومن عادة الرومان تشيع املتوفي وحسب مكانة أسرته ‪ ،‬ومن كان من عظماء قومه يمض ي املشيعون‬
‫باملوكب حتى الفوروم حيث يعتلى منصة الخطابة أحد أفراد األسر ليعدد مناقب الفقيد وأعماله‬
‫الجريئة ولم يفت شيشرون* وال ليفيوس** اإلشارة الى ما كان الخطباء يترلقون اليه من املبالغة في‬
‫اإلشادة بمناقب أسالفهم‪.‬‬

‫مارس الرومان عادة حرق الجثث ودفن املوتى داخل روما في النصف األول من عهد الجمهورية‬
‫الرومانية ‪ ،‬وسط مظاهر اتسمت باإلسراف إحتفاء بموتاهم وعلى الرغم من أن اللوحات اإلثنى عشرة‬
‫حظرت حرق الجثث ودفنها داخل املديمة ‪ ،‬كما حظرت الترف واالسراف املرافقين لهذه املناسبة ‪ ،‬فان‬
‫الرومان وان راعوا الحظر األول ‪ ،‬لم يراعوا الحظر الثاني ‪ ،‬الن االسر الكبيرة كانت تعتبر املناسبات‬
‫الجنائزية مناسبات بالغة األهمية ‪ ،‬ثم ظهرت عادة املجالدة عند الرومان التي أدرجها يوليوس بروتوس ‪.‬‬

‫ومن العادات التي انتشرت عند الرومان األوائل عادة األخذ بالثأر ‪ ،‬وقد عملت الدولة على الحد منها‬
‫باتخاذ عقوبات قاسية ضد مرتكبي الجرائم ‪ ،‬وكانت هذه العقوبات جسدية وقاسية ‪ ،‬ومن األمثلة عليها‬
‫‪ ،‬مثال إن من قتل أباه يوضع في كيس مع ديك وأفعى ويلقى باملاء ليغرق ‪ ،‬أما املدين الذي يعجز عن سداد‬
‫دينه فيسلم الى دائنه ليتصرف به بيعا أو قتال (‪.)1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* ماركوس توليوس شيشرون ‪ ،Marcus Tullius Cicero -‬الكاتب الروماني وخطيب روما املميز‪ ،‬يعتبر نموذجا مرجعيا‬
‫للتعبير الالتيني الكالسيكي وصلنا لحسن الحظ جانب كبير منه‪ ،‬لقد أثارت شخصية شيشرون الكثير من الجدل‬
‫ً ً‬
‫والتقويمات املتضاربة وخاصة في الجانب السياس ي من حياته‪ ،‬ان شيشرون طالبا نابها‪ ،‬حسب بلوتارخ ‪ ،‬وقد جذب‬
‫وقد سنحت له الفرصة لدراسة القانون الروماني تحت يد كوينتس موسياس سكافوال‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫تعليمه انتباه روما كلها‬
‫وتكشف خطب شيشرون عن أخالقه السياسية‪ ،‬أما رسائله فتكشف عن إنسانيته‪ ،‬وتجعل املرء يعفو عن جميع‬
‫عيوبه السياسية‪ .‬لقد أملى هذه الخطب كلها إال قلة منها على أمين سره‪ ،‬ولم يراجعها بنفسه‪ ،‬ولم يكن يفكر وهو يكتب‬
‫معظمها أنها ستنشر على املأل‪ ،‬ومن أجل هذا فإن الناس لم تعرض عليهم نفسية إنسان وسريرته كاملتين‪ ،‬كما عرضت‬
‫عليهم نفسية شيشرون وسريرته‪،.‬‬

‫** تيتوس ليفيوس)‪ 59 (Titus Livius‬ـ ‪17‬ق م ‪ :‬يعتبر من أعظم الرواة في التاريخ الروماني‪ ،‬وأشهر من أرخ للعصر‬
‫الجمهوري الذي عايش سنواته األخيرة وأحداثه الكبرى في كتاب موسوم " منذ تأسيس املدينة " ‪(Ab Urbe condita‬‬
‫)‪ libri‬في ‪142‬كتاب ‪ ،‬لم يصلنا منه سوى ‪ 35‬كتاب‪ ،‬للمزيد عبد اللطيف أحمد على ‪،‬مصادر التاريخ الروماني ‪،‬ص‪.16‬‬

‫‪)1‬إبراهيم أيوب ‪،‬التاريخ الروماني ص ‪100‬؛إبراهيم نصحي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ج‪،1‬ص‪.205-203‬‬

‫‪45‬‬
‫املحاضرة رقم ‪9‬‬

‫التعليم‬

‫ظهرت املدارس في روما نهاية القرن الثالث قبل امليالد ‪،‬وقبل هذا التاريخ كانت مهمة التعليم تقتصر‬
‫على األب* والطبيعة ‪،‬حيث لعب األب على وجه الخصوص دور هام في تربية أوالده إذ كان يصطحبهم‬
‫في غدواته ورحالته ألداء واجبه اليومي ‪ ،‬فكانوا يتدربون عمليا على الزراعة ‪ ،‬ويتعرفون أساليب الحياة‬
‫العامة مثل تقديم القرابين وما شابه من الطقوس الدينية ‪ ،‬وإتقان وحفظ أيام األعياد الرسمية وكذا‬
‫أيام العمل والعطل(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬هدف الرومان من التعليم ‪:‬‬

‫كان هدف الرومان من التعليم اعداد النش ئ لكي يكونوا مواطنين صالحين يتسمون بالرجولة‬
‫والجد والبساطة والصالبة والقناعة والدأب على العمل والحفاظ على سنن األباء وأداء الواجب نحوى‬
‫األلهة والوطن ودوى القربى ‪ ،‬وبفضل العادات والتقاليد العسكرية كإطاعة النظام واحترام األوامر ‪،‬‬
‫وتعلقهم باأللهة وشعورهم بالفضل اتجاهها ‪ ،‬وما تبع ذلك من التزام الدقة في إقامة الشعائر الدينية في‬
‫مواعدها ‪ ،‬ثم غرس صفات حميدة كثيرة وخاصة صفاة الجد والشعور بالواجب في النشء ‪ ،‬ألن أرفع‬
‫الصفاة عند الرومان كانت أداء الواجب على خير وجه نحو الوطن واأللهة وذوي القربى ‪ ،‬و في طليعتها‬
‫الوطن خاصة فمن أجله كانت تهون التضحية‪ ،‬السياسة التربوية التي كانت كافية لبناء قوة روما(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪623‬ـ‪.624‬‬

‫* لعب األب دور هام في تربية أوالده ‪ ،‬فباإلضافة الى تدريبهم على الزراعة‪ ،‬كان يساعده على حفظ أيام األعياد الرسمية‬
‫وكذا أيام العمل والعطل ‪،‬واإلجراءات التي تتبع في الجمعيات الشعبية عند االنتخابات أو اصدار التشريعات او النظر‬
‫في األحكام املستأنفة ‪ ،‬واختصاصات الحكام على اختالف درجاتهم ‪ ،‬وعقود البيع والشراء وانتقال امللكية ‪...‬فما ان يبلغ‬
‫الشاب سن الرشد حتى يكون قد اكتسب بعض املهارات واملؤهالت التي تجعله يضطلع باملسؤولية وممارسة واجباتهم‬
‫وحقوقهم الدستورية على أكمل وجه ‪،‬للمزيد انظر ‪ :‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.241-240‬‬

‫‪ )2‬زياد سلهب ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪241-241‬‬

‫‪46‬‬
‫‪-2‬مراحل التعليم ‪ :‬عرف التعليم الروماني ثالث مستويات ‪:‬‬

‫‪1-2‬املرحلة األولى ‪:‬‬

‫يتعلم فيها املتعلم الحروف واملبادئ األولى للقراءة ‪،‬وثبت ان الطفل يجب ان يبدأ التعليم باللغة‬
‫اليونانية ألن الالتنية كانت مكتسبة عنده تلقائيا ‪،‬وكان التعليم في هذه املرحلة يستمر حتى الحادية عشر‬
‫أو الثانية عشر من عمره (‪.)1‬‬

‫كانت االسر االرستقراطية تعلم أبناءها في البيت على يد العبيد املثقفين أو املعتوقين‪ ،‬لكن غالبا‬
‫ما اعتمد الرومان على العبد املرافق للتلميذ الى مدرسته وأحيانا هو من يتكفل بتعليمه باملنزل وهو الذي‬
‫يعرف باسم )‪(Paedagous‬وأمثال هؤوالء ‪،‬املربي املرافق ريموس باليمون )‪.)2((Remmio Palemone‬‬

‫يكون برنامج املرحلة االبتدائية دائما محدودا بتعلم الطفل القراءة والكتابة حيث يبدأ بسماع‬
‫الحروف جيدا قبل معرفة الشكل في الترتيب ‪،‬وكانوا يتعلمون الكتابة عن طريق اللوحة او بالقصب على‬
‫الورق البردي‪ ،‬ويتعلم الطفل في هذه املرحلة الحساب بطريقة األصابع ثم تمكينه شيئا فشيئا على‬
‫الحساب الذهني ‪،‬ففي العهد االمبراطوري ابتكر الرومان طريقة الحساب بالغناء (‪.)3‬‬

‫‪2-2‬املرحلة الثانية ‪:‬‬

‫يشرف على التعليم في هذه املرحلة النحوي* () الذي يعمل على تعليم فن التحدث بشكل صحيح‬
‫وتفسير الشعراء وفن الكتابة بشكل صحيح وفي هذه املرحلة يطلع املتعلم على جميع االداب (خطب ـ نثر‬
‫ـ شعر ) وتجاوز ذلك الى علم الفلك واملصطلحات التاريخية ألن الكلمات تستمد سلطتها من املعرفة وقوة‬
‫الثقافة(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Marrou,op.cit,p.64(1‬‬

‫‪Ibed,p.65-66(2‬‬

‫‪Augustinn,lesConfessions,œuvres Complétes ,tr.M.Rauix ,L.Guérin et Cie 1868,1,13(3‬‬

‫‪Quintillien,I,IV ;VIII.(4‬‬

‫‪47‬‬
‫‪2-2‬املرحلة الثالثة ‪:‬‬

‫يقصد الشباب في هذه املرحلة عندا يبلغون سن السابعة عشر من عمرهم يقصدن املدن الكبرى‬
‫واملراكز التعليمية بروما لتعلم الخطابة وفن التالعب بالكلمة واالقناع وهو اشبه بالتعليم العالي في وقتنا‬
‫الحالي ‪ ،‬كان معلم الخطابة يقدم دروسه في الفوروم مثل فروم أغسطس فروم تراجانوس (‪.)1‬‬

‫يبدأ املعلم تقديم دروس نظرية وبمجرد االنتهاء من سلسلة التدريبات الطويلة يسمع املعلم للمتعلم‬
‫بتكوين الخطابات الخيالية ملواضيع من اختيار الخطيب ويحفظها املتعلم على ظهر قلب ‪ ،‬وازداد في‬
‫اإلمبراطورية عدد الخطباء الذين يدافعون عمن يستأجرون في دور القضاء او يعلمون الشباب فن‬
‫الخطابة ‪ ،‬ومن أراد ان يطور من علمه انتقل الى أثينا او اإلسكندرية لدراسة الطب او الى رودس لدراسة‬
‫اخر مستجدات علوم البالغة (‪.)2‬‬

‫مر التعليم في اإلمبراطورية طيلة القرنين الثاني والثالث امليالديين بمراحل عديدة قبل ان تتسلم‬
‫الدولة امر االشراف التام عليه ‪ ،‬وبالتالي تشجيع التعليم ونشره في أكثر األوساط ‪،‬ومن الذين اهتموا‬
‫باالنفاق على التعليم االمبراطور فسابسيان* (‪ 69‬ـ ‪ 79‬م )‪،‬وذلك بمنحه املكافآت املالية لبعض املدرسين‬
‫‪ ،‬وأسس هذا االمبراطور كرسيين لتدريس البيان الالتيني والثاني لتدريس البيان اليوناني وعين راتبا ملن‬
‫يشغلها وكلف األستاذ كوينتيليان وهو اهم مربي روما في زمنه بتدريس البيان الالتيني ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Marrou,op.cit,p.90(1‬‬

‫‪ )2‬ويل ديورانت‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.398-397‬‬

‫*فسابسيان (‪ 69‬ـ ‪ 79‬م )‪ :‬خدم كعقيد في تراقيا (شمال اليونان) وكموظف روماني (مسؤول مالي) في جزيرة كريت وفي‬
‫برقة (شرق ليبيا)‪،‬حارب في أكثر من ثالثين معركة ‪،‬واستولى على ما ال يقل عن عشرين مدينة‪ ،‬خدم في أفريقيا في أوائل‬
‫‪ 60‬م حيث تعرض لالزدراء من السكان املحليين ‪ ،‬وغالبا ما عرضهم للرشق مع اللفت ‪ .‬طوال الفترة التي قضاها بعيدا‬
‫عن روما خالل العهود من كاليجوال وكلوديوس ‪ ،‬وجد فيسباسيان للنجاح السياس ي دون النجاح املالي‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫أقام االمبراطور تراجان* " الصندوق الخيري " ومهمة املشرفين عليه القيام بجمع االموال لتمكين‬
‫أبناء الفقراء من تلقي العلم ‪ ، ،‬ولم يقتصر هذا االهتمام بالتعليم على حاضرة اإلمبراطورية وحدها انما‬
‫شمل معظم واليات اإلمبراطورية علما ان حاجة انتشار العلم في الواليات الغربية كان اشد من حاجة‬
‫الواليات الشرقية ‪.‬‬

‫بدأ اهتمام األباطرة بالتعليم الجامعي منذ مطلع القرن الثاني ‪،‬حيث أسس االمبراطور ماركوس‬
‫اوريليوس** ‪ 161‬ـ ‪ 180‬م واالسكندر سيفيروس ‪ 208‬ـ‪235‬م كراس ي الستاذية العلوم الفنية والطب‬
‫وقدما كثيرا من املنح الدراسية للطالب الجامعين (‪،)1‬وهكذا شرعت اإلمبراطورية بتأسيس الجامعات‬
‫التي ستنظم الدراسة فيها بشكل تام ‪،‬الغاية األساسية من التعليم االعدادي والثانوي هي تكوين مواطنين‬
‫يجيدون فن الخطابة والحديث واالقناع بالحجج املنطقية لذلك اعتنى التعليم في هذه املرحلتين كثيرا‬
‫بالبيان والفصاحة أكثر من عنايته بالعلوم األخرى ‪ ،‬كما اهتم املشرفون على التعليم بتأمين تعليم‬
‫الفقراء(‪. )2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫*ترايانوس‪ :‬امبراطور روماني ولد سنة ‪52‬م ‪ ،‬دخل السلك العسكري صغيرا وتدرج في املراتب العسكرية‬
‫حتى وصل الى رتبة قائد (بريتور ) سنة ‪ 45‬م ‪ ،‬خدم في الشرق وأملانيا وصار قنصال سنة ‪91‬م ‪ ،‬وصف‬
‫االمبراطور تراجان بأنه عسكريا ومحاربا من الطراز األول ‪ ،‬انتهج منذ اعتالئه عرش اإلمبراطورية سياسة‬
‫قائمة على التوسع ووضع يد الرومان على كل منافذ التجارة الشرقية من سهول روسيا الى البحر األحمر‪،‬‬
‫كما سيطر على منافذ التجارة في البحر األسود وجنوب روسيا ‪ ،‬للمزيد أنظر‪ :‬جيبون ‪ ،‬ادوارد ‪ ،‬اضمحالل‬
‫اإلمبراطورية الرومانية وسقوطها ‪ ،‬ترجمة ‪،‬محمد على أبو درة ‪ ،‬مراجعة ‪،‬أحمد نجيب هاشم ‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،‬مطبعة الكاتب العربي للطباعة والنشر ‪ ، 1969،‬ج‪ ،1‬ص ‪81‬؛ ‪Robinson ,Cyril ,A history of Rome‬‬
‫‪from 753 B.C To 410 A.D (London ,No .D),pp.359-360‬‬

‫‪)1‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪626‬ـ‪.627‬‬

‫** ماركوس أوريليوس أنطونينوس أوغسطس‪، Marcus Aurelius Antoninus Augustus‬االمبراطور‬


‫الروماني السادس عشر(‪ ،)161-180‬وخامس األباطرة األنطونيين الرومان ‪ ،‬تولى عرش اإلمبراطورية الرومانية مع أخيه‬
‫ُ‬
‫املتبنى "لوسيوس فيروس" من ‪161‬م وحتى وفاة فيروس في ‪166‬م‪ ،‬ومن ثم مع كومودوس منذ عام ‪177‬م‪.‬‬

‫‪ )2‬نفس املرجع ‪،‬ص‪.627‬‬

‫‪49‬‬
‫‪-2‬األداب ‪:‬‬

‫تعلم الرومان الكتابة* من االتروسكيين منذ القرن السادس ق م‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك ال يمكن‬
‫القول انه قد نما عند الرومان أدب حين وحدوا شبه جزيرة إيطاليا تحت زعامة روما ‪ ،‬وشأنهم في ذلك‬
‫شأن جيرانهم األتروسكين وااليطالين ‪ ،‬لكن هذا ال يمنع اعتبار األغاني التي كانت تنشد في مآدب األغنياء‬
‫أو األثرياء وقوائم الحكام ‪،‬وحوليات كبار الكهنة والنقوش الجنائزية البذور األولى لآلداب الرومانية فهذه‬
‫األغاني وتلك املدونات كانت البداية الشعرية الحماسية في التاريخ الروماني‪.‬‬

‫وعرف الرومان قبل القرن الرابع ق م شيئا من القصص املسرحية الساخرة و التي اشتهرت بها مدينة‬
‫اتيال )‪ ( Atzlla‬في كمبانيا فأطلق الرومان على هذا اللون املسرحي** اسم مسرحيات اتال ‪(Fabulam‬‬
‫)‪Atallanne‬وتدل كلمة )‪ (Fabulla‬على املسرحية فضال عن القصة واالسطورة وهذا النوع من‬
‫املسرحيات كان ال يخلو من اربع شحصيات وهي ماكوس )‪ (Maccus‬املهرج وبابوس )‪ (Pappus‬الرجل‬
‫العجوز وبوكو )‪ (Bucco‬البدين الصغير ودوسنوس )‪ (Dossanus‬االحدب الذكي وفي اثناء التمثيل يضع‬
‫املمثلون أقنعة مناسبة لها كما يضيفون بعض الكلمات والعبارات‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫* كما تعلم الرومان القوانين واملعاهدات وقرارات مجلس الشيوخ " السيناتوس " والجمعيات الشعبية والقوائم‬
‫السنوية للحكام ‪ ،‬وحوليات كبار الكهنة ‪ ،‬والنقوش الجنائزية التي توضع تحت االسوار أو أقنعة املوتى ‪ ،‬وعلى التوابيت‬
‫منذ القرن الثالث ق م ومن هذه النقوش نقش تابوتي لوكيوس كورنيوس سكيبيو بارباتوس) ‪ (Barbatus‬وابنه املسمى‬
‫باسمه ‪ ،‬تولى أولهما القنصلية في عام ‪298‬ق م والثاني تولى القنصلية ‪259‬ق م والقنسرية ‪258‬ق م ‪،‬وتوفي في منتصف‬
‫القرن الثالث ق م ‪ ،‬ويعتبر تابوتا هذين الرجلين أقدم ما عثر عليه حتى األن من توابيت عليها نقوش رومانية ‪.‬‬

‫**كما ظهرت البذور األولى للمسرح الروماني من خالل األشعار الشعبية التي كانت تنظم على شكل حوار ‪ ،‬وتنشد في‬
‫حفالت الزواج وأعياد الحصاد ومواكب النصر التي كان يقيمها القادة العسكريون ‪ ،‬وسميت هذه األشعار باألشعار‬
‫الفسكينية) ‪ (versus fescennini‬الدالة على انها أخذت عن الحوار الشعري الذي كان ينشد في مدينة فسكنيوم‬
‫)‪(fescennium‬االتروسكية كما عرضت ألول مرة مشاهد من الرقص واملوسيقى قدمها ممثلون اتروسكيون في روما ‪،‬‬
‫واعتاد بعض الهواة الرومان أن يضيفوا الى حوار االشعار الفيسكينية تقليد الراقصين وأداء حركات واشارات تعبيرية‬
‫‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫وأول كتاب روماني له صبغة أدبية كان كتاب األمثال )‪( Sentententia‬وهو املؤلف الذي وضعه‬
‫الكنسور "أيبوس كالوديوس" الذي استمد مادته من االغريقية‪ ،‬باإلضافة الى ماركس بورسيوس‬
‫كاتون(‪233‬ـ ‪ 149‬ق م )‪،‬كان محاميا وجنديا وقاضيا وعضو في مجلس الشيوخ وكاتبا وكان لهذا االديب‬
‫أهمية بالغة ألنه من الرومان القليلين الذين ساعوا جاهدين لتحرير االدب الروماني من وصاية االدب‬
‫االغريقي ليتاح لهم تحقيق ذاتية األدبية الرومانية ان لم يقضوا نهائيا على وصاية الحضارة االغريقية‬
‫على جميع املجاالت الحضارة الرومانية القضاء املبرم ‪.‬‬

‫كان كاتو متعدد جوانب الثقافة وعلى الرغم من ذيوع شهرته كناثر فإنه كثيرا ما نضم الشعر ‪ ،‬رغم‬
‫تنوع انتاج هذا الكاتب فلم يصلنا اال كتابه عن الزراعة الذي دون تجاربه في هذا الحقل ‪،‬باإلضافة الى‬
‫كتابه في فن الخطابة حث فيه مواطنيه على ترجيح و اتزام األسلوب الروماني واثارة على أسلوب الخطباء‬
‫االيزوقراطين (جماعة ايزوقراط ‪436‬ـ ‪338‬ق م)‪،‬ومن كتبه املفقودة كتاب األصول الذي اعتبر محاولة‬
‫جريئة لبحث في تاريخ إيطاليا وسكانها ونظمها وذلك بين تأسيسها ومنتصف القرن الثاني ق م ‪.‬وصلتنا‬
‫بعض الشذرات أوردها بيتر في مجلدين ‪.‬‬

‫باإلضافة الى أحد أعظم الرواة في التاريخ الروماني تيتوس ليفيوس (‪ 59‬ـ ‪) 17‬ق م تميز مؤلفه‬
‫بأسلوب أدبي رفيع حرص فيه على اشباع الغرور الوطني عند الرومان وتبين عظمة روما وتمجيد كبرياء‬
‫أهلها وبعث روح الحماس وحب الوطن عند الشباب الرومان ‪.‬‬

‫باإلضافة الى فارون الذي كلفه قيصر بتنظيم املكتبات العامة في روما وقد ألف عدة كتب أهمها كتابه‬
‫عن الزراعة حيث حث فيه الرومان على االهتمام مجددا بالزراعة بعد ان أهملوها(‪. )1‬‬

‫ان الصفة الغالبة على االدب في القرنين األول والثاني امليالديين هي امليزة األدبية الوثنية ‪ ،‬رغم انتشار‬
‫املسيحية حتى بين األوساط الفكرية‪ ،‬حيث استمر يهتم كثيرا باملذاهب الفلسفية االغريقية الوثنية ‪ ،‬اما‬
‫في القرنين الثالث والرابع فإنه يقسم فيهما الى أدب جديد ناش ئ ‪ ،‬بدأت معامله تزداد وضوحا منذ مطلع‬
‫القرن الرابع بسماح أباطرة الرومان بانتشار املسيحية ومعاملتها على قدم املساواة مع باقي أديان‬
‫اإلمبراطورية القديمة منذ صدور مرسوم ميالن ‪ ،‬فهذا األدب الجديد هو األدب املسيحي ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬تشارلز ورث ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 127‬ـ ‪128‬؛نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق ‪648 ،‬ـ‪650 -‬‬

‫‪51‬‬
‫ومن مؤرخي هذه الفترة األخيرة من العهد االمبراطوري "أوتروب" الذي كلفه االمبراطور "فاالنس "‬
‫وقد حكم بين سنتي( ‪ 364‬ـ ‪ 378‬م ) بوضع كتاب موجز عن التاريخ الروماني ‪ ،‬باإلضافة الى املؤرخ "‬
‫أوريليوس" في القرن الرابع امليالدي وضع كتابا في" القياصرة " وبرهن هذا املؤرخ في كتابه على ذكاء شديد‬
‫‪ ،‬زد الى ذلك املؤرخ السوري أميانوس مرسيلنوس (‪ 330‬ـ ‪ 409‬م) وهو من مدينة أنطاكية وقد كتب "‬
‫صلة " لتاريخ تاسيتوس ولم يبق منه سوى الجزء‪ ،‬الذي يتحدث فيه عن أخبار ‪ 353‬ـ ‪ 378‬م هذا الجزء‬
‫الذي يجعلنا نأسف لضياع أجزاءه الباقية ملا لهذا الكتاب من أهمية وكان املؤلف أحد ضباط الجيش‬
‫في عهد االمبراطور جوليان (‪361‬ـ ‪363‬م ) (‪)1‬‬

‫عرف االدب املسيحي فترة ازدهار منذ مطلع القرن الرابع امليالدي وال بد من إيضاح بعض النقاط‬
‫بالنسبة لصفات هذا األدب وخاصة في مستهل حياته ويمكن أن نوجزها في النقطتين التاليتين ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ان األدب املسيحي هو في الوقت نفسه استمرار لألدب الوثني القديم وذلك ألن الثقافة الفكرية التي‬
‫تلقاها أعالمه في ميداني الشعر والنثر هي الثقافة الفكرية الوثنية التي كان ينهل من معينها وثنيو‬
‫ومسيحيو القرنين الثالث والرابع ‪،‬وعليه كان أئئمة األدب املسيحين نفس مزايا األدباء الوثنين ‪،‬السيما‬
‫في االسهاب والتكرار‬

‫‪ 2‬ـ امتاز األدب املسيحي الناش ئ بميزات لم تكن لألدب الوثني ‪ ،‬ومن هذه امليزات أنه انفعالي عاطفي‬
‫‪،‬واألدباء املسيحيين كانت تحدوهم رغبة أكيدة يشعرون معها أن من أهم واجبات املسيحي التي يسعى‬
‫حثيثا للقيام بها هي التبشير والدعوة الى املثل األعلى املسيحي ‪.‬‬

‫احتفظ أساطين األدب املسيحي باالدوات والوسائل التي كانت تستخدمها الفلسفة الوثنية القديمة‬
‫من بينها الفصاحة والبيان ‪،‬كوسيلة لالقناع والتأثير واملنطق والجدل وقد برر البعض استخدام‬
‫املفكرين املسيحين لوسائل الفلسفة لكونهم كانوا وثنين قبل ان يصبحوا مسيحين ‪،‬فلما تحولوا الى‬
‫العقيدة الجديدة لم يتمكنوا من ان ينزعوا من قلوبهم ما كان فيها من حب وتقدير لتلك الوسائل الوثنية‬
‫(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق ‪.660-659 ،‬‬

‫‪)2‬نفس املرجع ‪.661،‬‬

‫‪52‬‬
‫هيمن املفكرون األفارقة على االدب املسيحي بعد انتشار املسيحية وأولهم ترتليانوس ‪Quintus‬‬
‫‪ ،Septimius Florens Tertullianus‬ثم مينوكيوس فليكس وكبريانوس ‪...‬‬

‫ترتليانوس‪:‬‬

‫ولد في قرطاجة بين ‪150‬و‪ 160‬م في عائلة وثنية ‪ ،‬اختار اعتناق املسيحية ‪ ،‬فسخر كل طاقته‬
‫وكفاءته للدفاع عنها وعن املسيحيين ومن مؤلفاته في هذا االتجاه‪:‬‬

‫كتاب" الدفاع عن الديانة املسيحية )‪ (Apologeticum‬الذي كتبه بين ‪ 198‬و‪199‬م وهو موجه للساسة‬
‫الرومان والطبقة املثقفة الرومانية للرد على تهمهم املوجهة ضد املسيحيين ومستنكرا االضطهاد الذي‬
‫كانوا يتعرضون له ‪.‬‬

‫كتاب " لألمم" )‪(Ad nationes‬أبرز فيه مدى مصداقية الديانة املسيحية وفي نفس الوقت سخر فيهما‬
‫من الوثنيين‬

‫ومن الكتب التي هاجم فيها الهراطقة (‪:)1‬‬

‫" ضد فالنتيوس)‪"(AdversusValentinianus‬‬

‫" ضد ماركيون )‪(Adversus Marcionem‬‬

‫"ضد هرموجان )‪ (Adversus Hermogenem‬الذي اتهمه بالهذايان‬

‫تميز أسلوب ترتليانوس بالحيوية واالنسجام مع أفكاره و املفردات املستعملة غنية استمدها من‬
‫مصادر مختلفة ‪،‬وفي العد االمبراطوري الثاني ‪ ،‬عرف االدب املسيحي فترة ازدهار منذ مطلع القرن الرابع‬
‫امليالدي (‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬إبراهيم نصحي ‪،‬تاريخ الرومان‪،‬القاهرة ‪ ، ،1978‬الجزء الثاني ‪793-792 ،‬‬

‫‪)2‬نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪795-793‬‬

‫‪53‬‬
‫‪-3‬التاريخ ‪:‬‬

‫اهتم الرومان األوائل بتسجيل تاريخهم من منتصف القرن الثالث ق م فبرز مؤرخان رومانيان هما‬
‫‪:‬‬

‫‪-‬فابيوس بيكتور )‪254((Fabius Pictor‬ـ ‪ 201‬ق م )‪ :‬من أسرة فابي )‪(Fabii‬احدى أعرق العائالت‬
‫الرومانية‪ K‬شارك في الحرب البونية الثانية ‪ ،‬الف كتابه " تاريخ الرومان " باللغة االغريقية تناول فيه‬
‫تاريخ روما من وصول انياس الى إيطاليا حتى عصره بهدف الدفاع عن السياسة الرومانية واثارة حماس‬
‫الرومان‬

‫‪-‬كانكيوس املنتوس)‪190 -240( (Cincius Almentus‬قبل امليالد)‪ :‬عاش في النصف األول من القرن‬
‫الثالث ق م ‪ ،‬تولى هو كذلك عدة مسؤوليات سياسية (‪.)1‬‬

‫كتابه " الحوليات" باللغة االغريقية ‪ ،‬بدأه مع وصول اينياس الى شبه جزيرة إيطاليا وأنهاه مع الحرب‬
‫البونية الثانية ‪ ،‬تميز مؤلفه هذا بالدقة في تسلسل األحداث‪ ،.‬ومنذ القرن الثاني قبل امليالد عرفت كتابة‬
‫التاريخ تطورا ملحوظا ( يحللون األحداث وباللغة الالتنية )‬

‫‪-‬كاتون الكبير )‪ (Caton le censeur‬ألف كتاب األصول ‪ ،‬تناول فيه تاريخ روما منذ العهود القديمة‬
‫الى سنة ‪ 150‬ق م ‪.‬‬

‫وفي القرنين الثاني واألول قبل امليالد ظهرت ثالث فئات من املؤرخين ‪،‬األولى تميزت أعمالهم بكتابة‬
‫الحوليات )‪ ،‬الدراسات التاريخية تميزت بدقة واألخيرة الوضوح والبساطة ‪ ،‬اما عن مؤلفوا التراجم ‪:‬‬
‫برزت فئة أواخر عصر الجمهورية وفي مقدمتهم‪:‬‬

‫‪ -‬فارون‪ (M.Terentius Varro) (116/ 27‬ق م)‪،‬الذي ألف كتابا تناول فيه حياة العظماء من االغريق‬
‫والرومان(‪،)2‬ويقول بيلينوس الكبير أن هذا الكتاب زين بسبعمائة صورة للشخصيات التي تكلم عنها ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Alberr ( P ) , op cit, livre 1I,4, I(1‬‬

‫‪)2‬إبراهيم نصحي ‪ ، ،‬الجزء األول ص‪ 416‬ـ ‪.418‬‬

‫‪54‬‬
‫‪-‬كورنيليوس نيبوس ‪ ،‬الذي عاش في القرن األول وقد كرس حياته لإلنتاج االدبي منها "كتاب تاريخ‬
‫االغريق والرومان ‪" Chronica‬‬

‫وكتاب عن مشاهيرالرجال ‪ De viris illustribus‬مقسم الى جزأين واحد مخصص للشخصيات‬


‫األجنبية واألخر مخصص للشخصيات الرومانية‪.‬‬

‫‪4‬ـ الفلسفة‪:‬‬

‫بعد استيالء الرومان على أثينا واستحواذهم على كنوزها العلمية ‪،‬اهتموا بالفلسفة ومن بين‬
‫املبادئ الفلسقية االغريقية التي انتشرت في روما ‪ ،‬نجد الرواقية ‪.‬‬

‫إن تطوير مبادئ الرواقية وتكيفها جعلها تجلب شخصيات رومانية عديدة منها"‪:‬سكيبيو‬
‫ايميليانوس والكاهن األكبر كوينتوس موكيوس سكايفوال وشيشرون ‪ 43/106‬ق م ‪ ،‬هذا األخير الذي‬
‫لم يهتم بالفلسفة ألهميتها إنما لتحسين مواهبه الخطابية ‪ ،‬غير أنه في أخر حياته درسها والف فيها‬
‫مرتين(‪. )1‬‬

‫جاء كتابه " الجمهورية " على شكل حوار ‪،‬يناقش فيه م دستور الجمهورية الرومانية بين سكيبيو‬
‫ايميليانوس ومانيليوس فيليوس وماكيوس سكايفوال سنة ‪ 129‬قبل امليالد ‪،‬وفي هذا الكتاب بين‬
‫شيشرون أن دستور الروماني نموذجا يجمع بين امللكية والديموقراطية ‪،‬أما كتابه " القوانين" فأبرز‬
‫فيه شيشرون وجود قانون عاملي اولي ثابت ‪ ،‬تمشيا مع الحق األهلي ‪ ،‬وبالنسبة له ‪ ،‬ال توجد جمهورية‬
‫غير الجمهورية الرومانية ‪ ،‬وال قوانين غير قوانين روما(‪.)2‬‬

‫جرت عادة شباب الرومان في القرن األول ان يرحلوا في طلب العلم الى أثينا واسيا الصغرى وجزيرة‬
‫رودس لتلقي العلم عن اعالم الفكر في هذه الربوع ‪ ،‬وشيشرون كان أسلوبه روديسيا بمعنى ليس‬
‫باألسيوي الشديد االنفعال وال باألتيكي الكثير االعتدال في انفعاالته )‪ ،(3‬وضع الخطيب شيشرون‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬إبراهيم نصحي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪803‬‬

‫‪Albert ( P ), II, 5,6)2‬‬

‫‪ )3‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.625 – 624‬‬

‫‪55‬‬
‫مواهبه في خدمة طبقة العامة ‪ ،‬أي الحزب الديموقراطي في روما وأخذ يهاجم بحماس منقطع النظير‬
‫أتباع الزعيم السياس ي سلال وكان على الدوام معارضا الزدياد نفود النبالء‪.‬‬

‫‪-5‬فن الخطابة ‪:‬‬

‫> ابتداء من القرن الثاني قبل امليالدي سعي كل من امتهن السياسة الى كسب أصوات الشعب ‪ ،‬ولذلك‬
‫اعتبرت الخطابة فنا رومانيا وطنيا‪،‬و مرت الخطابة بثالث مراحل‬

‫‪-‬األولى امتدت من القرون األولى لنشأة الدولة الرومانية حتى عهد الدكتاتور سيال‬

‫‪-‬املرحلة الثانية امتدت من عهد سيال الى فترة أغسطس‬

‫‪-‬املرحلة الثالثة شملت العصر االمبراطوري(‪.)1‬‬

‫أصبح الرومان في القرن األول امليالدي وبالخصوص بعد عصر االمبراطور أغسطس يعتمدون على‬
‫التربية الخطابية ‪،‬فاشتهر العديد من الرومان بها وعلى سبيل املثال ال الحصر كنتليان الذي نادى‬
‫بالبساطة في األسلوب ‪،‬أوضح ان الخطيب البد أن يتوفر على صفات معينة لكي يصبح خطيبا كأن يكون‬
‫له دراية بعلم التنجيم ومتمكن من ترتيب الخطاب بين الفنون العملية ‪،‬باإلضافة الى املرافعة (‪)2‬‬

‫مرت روما بالعديد من التطورات ‪ ،‬ساعدت على بروز العديد من الخطباءأهمهم ‪:‬‬

‫‪ -‬شيشرون) ‪43 -106((Marcus Tullius Cicero‬ق م)‪:‬‬

‫تعددت مواهب شيشرون حتى اعتبر اعظم خطيب في عصره ‪ ،‬ومن أشهر خطبه ‪Catilinam‬‬
‫و)‪ ،(Les Philippiques‬فكانتليان اعتبره نموذجا في البالغة‪.‬‬

‫ألف عدة كتب في هذا املجال منها " فن الخطيب ‪ De orator‬وكتاب " بروتوس )‪" (Brutus‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪ )1‬اندريه ايمار وجانين ابوايه ‪ ،‬تاريخ الحضارات العام ‪،‬روما وامبراطوريتها ‪،‬املجلد الثاني ‪،‬منشورات عويدات‬
‫‪،‬باريس‪ ، 1986‬ص‪.479‬‬

‫‪)2‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪780‬؛دودلي (د‪.‬ر‪،).‬حضارة روما ‪،‬ترجمة جميل بواقيم الذهبي وفاروق فريد ‪،‬‬
‫القاهرة ‪،1979‬ص‪.369‬‬

‫‪56‬‬
‫استمر فن الخطابة يجلب الكثير من الخطباء مثل‪ :‬ماركوس كورنيليوس فرانتون* ( ‪Marcus‬‬
‫)‪Cornelius Fronto‬ابن مدينة كيرتا ‪ ،‬اعتبر من أشهر خطباء عصره ومبدع " األسلوب الجديد( مزيج من‬
‫األسلوب القديم واألسلوب العامي )‪ ،‬ومن مؤلفاته التي وصلتنا كتاب " أسس التاريخ " باإلضافة الى‬
‫كتاب بعنوان " مدح الدخان والغبار " (‪)1‬‬

‫ومن جهابذة هؤالء الكاتب والخطيب الروماني في القرن األول ق م من غير منازع شيشرون (‪ 106‬ـ‬
‫‪ 76‬ق م ) من الراحلين في طلب العلم في املدارس الثالثة (أثينا رودس واسيا الصغرى ‪،‬شيشرون ذو‬
‫األسلوب الرودس ي بمعنى احتل منزلة وسطى بين االسيوي الشديد االنفعال واالتيكي الكثير االعتدال في‬
‫افعاالته ‪ ،‬مارس مهنة املحاماة ‪،‬خدم طبقة العامة ‪ ،‬عين قنصال ففضح مؤامرة كاتيلينا أحد زعماء‬
‫البطارقة فأعدم أعوانه على يد شيشرون ‪ ،‬تولى منصب "البروقنصلية " في صقلية ‪51‬ق م ‪ ،‬من باكورة‬
‫انتاجه كتابه " االختراع‪ ،‬والخطابة وبروتوس قاتل قيصر من أهم مؤلفاته ‪،‬وكذا الجمهورية ‪،‬ومن الكتب‬
‫النظرية ‪:‬طبيعة االلهة ‪،‬التنبؤ باملستقبل والقدر ‪ ،‬ومن كتبه ذات الفائدة العلمية ‪ :‬الشيخوخة ‪،‬‬
‫والصداقة ‪ ،‬الواجبات‪.‬‬

‫باإلضافة الى يوليوس قيصر الذي افتخر به املؤرخ تاسيتوس وشهد بمقدرته في فن الخطابة‬
‫السياسية وقال ‪ :‬لو تابع قيصر مهنة الخطابة السياسية ملا تمكن أحد الخطباء أن يتقدم عليه سوى‬
‫شيشرون نفسه ‪،‬وقد اعتبر االدباء شروحه عن حربه ضد الغالين محاضرات أدبية قيمة بسيطة (‪.)2‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫ً‬
‫*فرانتون‪ :‬ولد عام ‪ ،100‬تلقى تعليمه عندما كان طفال على يد اليوناني ‪ paedagogus Aridelus‬وفي في وقت الحق ‪،‬‬
‫واصل تعليمه في روما مع الفيلسوف أثينودوت والخطيب ديونيسيوس وسرعان ما اكتسب شهرة كداعية وخطيب‪.‬‬

‫‪)1‬دودلي (د‪.‬ر‪،).‬املرجع السالق ‪،‬ص ‪.370-369‬‬

‫‪ )2‬نور الدين‪،‬حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪.622 -625،‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -6‬الشعر ‪:‬‬

‫لم يكن الرومان خيالين مرهفي الحس إنما واقعيون وهذا ما جعلهم قليليلي االبداع في ميدان‬
‫األداب والفنون ‪،‬لكن البد أن ننوه الى أنهم عند نقلهم روائع األدب االغريقي كانوا يطبعونها بالطابع املميز‬
‫لعبقريتهم ‪،‬وإن يكن تمة باب من أبواب الشعر وهو الشعر االنتقادي أو الهجائي )‪،(La Satire‬كانت‬
‫عبقريات شعرائه خالقة مبتكرة فلم تقتبس فيه شيئا من شعراء االغريق ‪،‬فشعراء الرومان طوروا‬
‫الشعر االنتقادي وبلغوا به مرحلة لم يبلغها شعراء االغريق من قبلهم مما حمل أحد مفكري الرومان‬
‫وهو كنتليان )‪ (Quintilien‬على القول ‪ ":‬أن الشعر النقدي الهجائي هو بضاعتنا الخاصة "(‪)1‬‬

‫وكان اول ما انتقل الى الرومان من أبواب الشعر االغريقي البطوالت واملالحم ‪،‬الشاعر هوميروس‬
‫لقد ترجمت اياذته سنة ‪272‬قبل امليالد ‪ ،‬على يد اغريقي استرقه الرومان من احدى املستعمرات‬
‫اليونانية وهو ليفيوس اندرونيكوس )‪(livius Andronicus‬وقد استمر هذا الشاعر في ترجمة عدد آخر‬
‫من املسرحيات الشعرية من نوعي املأساة )‪(Tragédie‬وامللهاة)‪. (Comédie‬‬

‫ومن الشعراء الرومان الشاعر" نوفيوس" الذي نظم مسرحيات شعرية على طريقة امللهاة‬
‫)‪(Comédie‬ونظم قصيدة عن الحروب البونية التي نالت روما بنتيجتها نصرا مؤزرا على قرطاجة ‪ ،‬ثم‬
‫كتب "انيوس" حوليات شعرية عن تاريخ الرومان بمثابة ملحمة بطولية املأساة)‪ ، (Tragédie‬ومن أغزر‬
‫من كتب في مسرحيات امللهاة بلوتس بلغت مسرحياته التي الفها أو التي عدله بعد نقلها عن األصل‬
‫االغريقي ‪ 130‬مسرحية ولم يبق منها سوى ‪ 20‬مسرحية ‪ ،‬حرص بعد نقلها ان يغشيها بطالء روماني‪،‬‬
‫باإلضافة الى الشاعر" لوكرس" في قصيدته الرائعة املسماة " الطبيعة" (‪.)2‬‬

‫باإلضافة للشعر امللحمي ‪ ،‬اخترع الرومان في القرن الثاني قبل امليالد شكال جديدا من أشكال التعبير‬
‫الشعري ‪ ،‬الذي عرف باسم الساتورا ‪ ،‬هو عبارة عن حوار حر ‪ ،‬وقد عرف هذا النوع من بعده دفعة‬
‫قوية على يد هوراس وجوفينال وغيرهم ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬نور الدين حاطوم وأخرون ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.625‬‬

‫‪ )2‬نفس املرجع ‪،‬ص‪.626‬‬

‫‪58‬‬
‫باإلضافة الى الشاعر هوراس ) ‪، (Quintus Horatius Flaccus‬الذي عاش في النصف األول من‬
‫القرن األول ق م واستقر في روما وجه جهده لالبداع الفني الف عدة قصائد منها الهجائية مثل " خواطر‬
‫)‪(Saturae‬التي تناول فيها عدة مواضيع اجتماعية وأدبية وسياسية ثم ألف االيبود)‪ ، (Epodon‬وبعدها‬
‫ديوانه "أغاني )‪. " (Carmina‬الذي تميز بأسلوب عذب وساحر ‪ ،‬أصبح شاعر البالط بعد اختفاء فرجيل‬
‫سنة ‪ 19‬ق م ‪.‬‬

‫كما عرفت روما ‪ ،‬األشعار القصيرة ‪ ،‬تطورت على يد الشاعر كاتولوس )‪(C.Valerius Catullus‬‬
‫الذي ترك عند وفاته قصائد كثيرة شتى باإلضافة الى القصائد الغرامية )‪ (Elegie‬ورغم وفاته املبكرة‬
‫(‪33‬سنة ) اعتبره معاصروه أمثال أوفيديوس )‪ (Ovide‬وتيبول )‪ (Tibulle‬عاملا ‪ ،‬نظرا البداعه الفكر)‪، (1‬‬
‫بلغ هذا النوع من الشعر ذروته في العصر االمبراطوري على يد مارسياليس ‪(Marcus Valerius‬‬
‫) ‪Martialis‬الذي تميزت أشعاره بدقة التعبير وحسن األسلوب واالناقة من أشهر أشعاره " املشاهدة‬
‫) ‪(De spectaculus‬التي ألفها سنة ‪ 80‬م بمناسبة تدشين االمبراطور تيتوس مدرج الكوليزيوم ‪.‬‬

‫تطور في العصر الجمهوري الغزل والرثاء عل يد عدد من الشعراء أهمهم‪:‬‬

‫‪ -‬كاتولوس ‪ ، ......‬وبروبرس)‪ (Properce‬الذي تغنى بحبه للطبيعة وحياة الريف‬

‫‪-‬أوفيديوس )‪ (P.Ovidius Naso‬الذي ألف عدة قصائد في الغزل مثل " فن الحب ‪" Artis‬‬
‫)‪.)2(amatoriae‬‬

‫‪ -‬مارسيانوس كابال )‪، (Martianus Capella‬من أهم قصائده قصيدة بعنوان " زواج فيلولوجيا وركور‬
‫)‪،(Les noces et de Mercure‬تناول فيها زواج فيلولوجيا التي تمثل حب العقل ومركور الذي يمثل الكلمة‬
‫والعقل وتقديم الزوج مركور لزوجته هدية ممثلة في سبع خادمات ‪ :‬الفنون السبع ‪،‬النحو والجدلية‬
‫والخطابة والهندسة والجبر وعلم الفلك (‪.)3‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Abert(p.), Histoire de la littérature romaine, t., I, edit. C. Delagrave, Paris, 1871 ,Livere,II,2,1(1‬‬

‫‪)2‬سيد أحمد على الناصري‪،‬تاريخ اإلمبراطورية الرومانية السياس ي والحضاري ‪،‬القاهرة ‪، 1975‬ص‪89‬‬

‫‪Les noccs de Philologie et de Mercureo texte établi , faduit par Michel Ferré, edit. Les belles lettres,(3‬‬
‫‪Paris, 2007‬‬

‫‪59‬‬
‫‪-7‬القانون ‪:‬‬

‫تختلف كل مرحلة من مراحل تطور القانون الروماني عن املرحلة األخرى بمميزات عديدة ‪ ,‬وفي‬
‫الغالب يسود كل مرحلة جديدة أسلوب األفضلية عن سابقتها وذلك بوجود صبغة جديدة ومميزة‪ ،‬وهذا‬
‫ما عكس عل املجتمع تطورا في القاعدة القانونية الجديدة ‪،‬ولو نظرنا إلى نظام الحكم امللكي كيف‬
‫تحول إلى جمهوري ثم إلى نظام حكم مطلق وهذا يكفي كدليل للتطور القانون الذي المس الواقع‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫‪-1‬مراحل تطور القانون الروماني ‪ :‬مر بثالثة مراحل‬


‫‪-‬مرحلة القانون القديم‪:‬‬
‫تشمل هذه املرحلة فترة العصر امللكي والعصر الجمهوري فقد كان القانون ينسب إلى امللوك‬
‫ويظهر بصورة بدائية حيث اعتمد في بادئ األمر عل الرعي والزراعة واتسم بالقوة ومن ثم ظهر‬
‫قانون األلواح اإلثن عشر والذي يتضمن مائة مادة قانونية ‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة العصر العلمي‪:‬‬
‫سمي هذا العصر بالعلمي نسبة إلى ظهور كثرة العلماء فيه وهذا لم يأت إال بعد تطور ملحوظ‬
‫في كافة املجاالت من ازدهار وغيره ومن القوانين التي ظهرت في هذه الفترة قانون إيبوتا‪ ,‬وانتهت بحكم‬
‫اإلمبراطور ) دقلديانوس ( عام ‪214‬م ‪ ,‬والذي أدخل نظام الدعوى الكتابية والتخلص من الشكليات‬
‫التي وجدت عل القانون الروماني وخاصة في تقسيم القوانين وبيان الحلول للمشكالت ‪.‬‬
‫‪-‬مرحلة تجميع القانون الروماني‪:‬‬
‫تبدأ هذه املرحلة من عام ‪565‬م بوفاة اإلمبراطور جستنيان حيث تدهور الوضع الثقافي والقانوني‬
‫وابتعد رجال القانون عن االجتهاد وسادة الروح العسكرية وساد مبدأ الديكتاتورية ( مركز السلطة‬
‫) وأصبحت إرادة األباطرة هي القانون ‪ .,‬حيث ظهرت الصورة الديكتاتورية عل نمط الحكم مما أدى‬
‫إلى انهيار املجتمع من الداخل والخارج وبالتالي ظهرت مجموعة إلنقاذ القانون والعمل عل تجميعه‬
‫ومن بين القوانين التي تم تجميعها هي مجموعة جستنيان القانونية(‪. )1‬‬
‫‪-2‬مصادرالقانون الروماني ‪ :‬من أهم املصادر األساسية للقانون الروماني املعاصر قانون األلواح اإلثن‬
‫عشر ومجموعة اإلمبراطور جستنيان القانونية وسو نشير عنها الحقا حيث تشير الدراسات القانونية‬
‫أن مصادر القانون الروماني كانت متعددة ويمكن حصرها عل العصر امللكي والجمهوري و اإلمبراطوري‬
‫وسو نتناول في هذا الفصل املباحث التالية‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪)1‬منذر الفضل ‪ ،‬تاريخ القانون ‪،‬عمان ‪،1996‬ص‪116‬؛ محمد عبد الحميد عبد املجيد العلوي‪ ،‬أهمية القانون‬
‫الروماني ومراحل تطوره ‪،‬مجلة تهامة ‪، ،‬جامعة عدن ‪،‬العدد ‪.141-140، 10‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ 1-2‬العرف‬
‫كان العرف لدى الرومان مثل بقية الشعوب القديمة وهو أقدم وأهم مصادر القاعدة‬
‫القانونية حيث ظل العر يحتفظ بهذه املكانة العالية حت بداية عصر اإلمبراطورية السفل حينما‬
‫أصبح للتشريع املقام األول بين مصادر القانون ‪.‬‬
‫تكون العرف في العرف في العصر امللكي من مزيج من العادات والتقاليد القبلية التي استوطنت‬
‫روما وخاصة التقاليد التي تأتي من طبقة األشراف الرومانية دون تقاليد العامة عل أن تكون وثيقة‬
‫بالدين كحاصل لها حيث كان الجزاء عل من يخالف العر وتطبق عليه العقوبة املتعارف عليها في‬
‫العر ‪ ,‬وتكون األحكام في سرية من قبل رجال الدين فقط ‪ ,‬و بالتالي أخذ العر يتطور بسبب كثرة‬
‫املساحة السكانية ومن ثم تطور في طبيعة الصيغة القانونية التي أسبغ عليها الكهنة صفات سرية‬
‫ودينية إلى أن ظهر هناك تطور في املجتمع أدى إلى تعديل العرف‪.‬‬
‫وفي العصر الجمهوري وبظهور قانون األلواح اإلثنى عشر في منتصف القرن الخامس ق‪ .‬م أدى‬
‫تطور القانوني إلى تغير طبيعة االلتزام في القاعدة العرفية فلم تكن القاعدة العرفية تستمد قوتها‬
‫اإللزامية من أصلها الديني بل من رضا الناس عنها وأصبح الجزاء الذي كانت تفرضه بواسطة أصلها‬
‫الديني إلى الطابع املدني ومن يخالف ذلك يترتب عليه الجزاء ‪ ,‬وأيضا لم تعد تخص طبقة اإلشراف‬
‫بل العامة أيضا ‪ ,‬وفي هذا العصر أسهم الفقهاء في تطوير الصيغ القانونية وأسلوب الدعاوي ‪ ,‬ومن‬
‫أشهر هذه املجموعات مجموعة فالفيوس عام ‪ 304‬ق‪ .‬م ثم شملت القواعد التشريعية أيضا وهذا‬
‫بدوره أدى إلى تطوير القاعدة العرفية ‪.‬‬
‫ظل العرف العصر اإلمبراطوري كما هو في العصر الجمهوري أيضا في عصر اإلمبراطورية العلياء‬
‫‪ ,‬إذ ظهر فيه من استطاع أن يعمل عل التعديل ‪ ...,‬ففي هذا العصر تم استحداث وتعديل وإلغاء‬
‫كثير من القواعد ومثال عل ذلك ظهور األعراف املحلية بجانب األعراف العامة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لم يكن هناك مصادر أخرى غير إرادة اإلمبراطورية التي استطاعت بقوتها عدم إعطاء الحق‬
‫لألقاليم في التعديل أو اإللغاء أو ما إلى ذلك ‪ ,‬ويطبق العر إذا لم يتعارض مع إرادة اإلمبراطور‬
‫وقراراته‪2-2 .‬التشريع‪:‬‬
‫التشريع قاعدة قانونية محددة وصادرة من سلطة مختصة بالتشريع والتي لعبت دورا بارزا في‬
‫تطوير القانون الروماني حت عصر اإلمبراطورية السفل ‪ ,‬و حينئذ أصبح التشريع املصدر الوحيد‬
‫للقانون والعر ال يعتبر مصدرا إال عند العودة إليه في حالة خلو التشريع من القاعدة القانونية(‪, )1‬‬
‫وسو نتناول التشريع في العصرين امللكي و الجمهوري و ذلك في املطالب التالية‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬محمد عبد الحميد عبد املجيد العلوي ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬العدد‪. 141، 10‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ )1‬التشريع في العصر امللكي‪:‬‬
‫لم تشر الدراسات إلى التشريع القديم وإنما إلى التشريع الجديد و الذي لعب دورا في تطور القانون‬
‫حيث أشارت الدراسات إلى أن صدور تشريعات ملكية كانت غير مألوفة ‪ ,‬ولكن صدورها عل أرض‬
‫الواقع شكل لها أهمية إجتماعية وإن كان في طابعها الشكل الديني و هي عبارة عن أوامر ملكية صدرت‬
‫من امللك بصفته يعتبر رأس الكهنة وهي أعل مرتبة دينية(‪ )1‬ال يتقلدها غير امللك‪.‬‬
‫‪ )2‬التشريع في العصر الجمهوري‬
‫اعتمد مجلس الشعب التشريع كمصدر أساس ي للقانون‪ ،‬حيث قدم هذا كمقترح إلى مجلس‬
‫الشيوخ وطالبهم باملصادقة عليه عل أن يصدر باسم الحاكم ويتم نقش ذلك عل ألواح خشبية أو‬
‫األحرار أو البرونز ويعلق في ساحة اإلعدام‪ ,‬حيث عر في ذلك العصر شكل القانون حيث أشتمل كل‬
‫قانون عل ثالثة أجزاء وهي املقدمة والنص املقدم وهو التعريف بالقانون ثم الجزاء ‪ ,‬ففي املقدمة‬
‫ديباجة متعار عليها عند أهل القانون والعر القانوني ومن ثم اسم امللك والحكام من مجلس الشيوخ‬
‫والشعب وأيضا يضعون تاريخ اإلصدار و اعتبر ذلك نموذجا في األحكام (‪)2‬التي تصدر في املحاكم وفي‬
‫ذلك العصر ظهرت كثير من القوانين وهي عل النحو أآلتي ‪:‬‬
‫‪-‬قانون كانوليا‪ :‬صدر هذا القانون عام ‪245‬ق م وأباح حرية الزواج بين طبقة الزواج وطبقة اإلشرا‬
‫وطبقوه العامة‪.‬‬
‫‪-‬قانون بركيليا ‪:‬الذي صدر عام ‪ 204‬ق م وقيد هذا القانون من حاالت إلقاء اليد والتنفيذ عل جسم‬
‫املدين‪.‬‬
‫‪-‬قانون اكوبيليا‪ :‬صدر عام ‪ 216‬ق‪.‬م ونظم هذا القانون جريمة االعتداء على مال الغير ‪.‬‬
‫‪-‬قانون ايبوتياء‪ :‬وهو من أهم القوانين التي صدرت في العصر القنصلي فقد أدخل هذا النظام‬
‫املرافعات الكتابية القائم على نظام البرنامج ‪،‬وكان لهذا القانون أثر كبير عل تقدم القانون الخاص‪.‬‬
‫ذكر املؤرخون في عصر اإلمبراطورية بعض القواعد املنظمة للعالقات الفردية في هذا العصر ‪ ,‬حيث‬
‫كانت تصدر من مجلس الشعب أو مجلس الشيوخ إلى جانب القرارات التي تصدر عن القناصل‪ ,‬وكانت‬
‫تلك القرارات تأخذ شكل إعالن يرجع إليه إفراد الشعب ويعملون به‪ ،‬وهذه القرارات ال تعتبر إلزامية‬
‫ألنها ال تتضمن أي جزاء للشخص الذي يخالفها‪ ،‬وفي هذا العصر بدأ التشريع يتراجع عن أهميته حيث‬
‫فقدت املجالس العامة اختصاصاتها بالتشريع منذ أواخر القرن األول امليالدي وانتقل هذا االختصاص‬
‫إلى مجلس الشيوخ و في أوائل القرن الثالث امليالدي فقد التشريع صالحياته عندما أصبح املصدر‬
‫األساس ي هو إرادة اإلمبراطور‪.‬‬
‫ــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪ )1‬د‪ .‬صوفي أبو طالب ‪ :‬املرجع السابق ص‪.326 :‬‬

‫‪ . )2‬صاحب عبيد الفتالوي‪،‬تاريخ القانون ‪،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان األردن ‪.134 ،1998،‬‬

‫‪62‬‬
‫املحاضرة رقم ‪10‬‬

‫العمارة والفنون‬

‫برهنت الحضارة الرومانية على مهارتها في البناء واإلبداع كما ظهرت جرأتها في استخدام عناصر‬
‫جديدة ومميزة رغم أن معظم عمرانها قائم على التقليد مع التحديث والتغيير ‪ ،‬وكان موقع ايطاليا املتميز‬
‫على البحر املتوسط عامال مساعدا لتكون روما وسيطا في نشر الفن والحضارة واملدنية في أوروبا واسيا‬
‫الغربية وشمال إفريقيا حيث غزا الرومان هذه البلدان فحكموها بالقوة ثم بالقانون بعدها قاموا بنشر‬
‫الحضارة واملدنية بالفن والعلم(‪.)1‬‬
‫‪)1‬العمارة‪ :‬أثرت في العمارة الرومانية العديد من العوامل منها‪:‬‬

‫‪ 1-1‬العوامل الجغر افية ‪:‬‬


‫تتميز شبه الجزيرة االيطالية بموقعها املتوسط على حوض البحر األبيض املتوسط وبسواحلها‬
‫املمتدة على البحر ‪ ،‬وقد أتاح لها هذا املوقع االتصال بكل من أوروبا واسيا الصغرى وجنوب البحر‬
‫املتوسط وشمال إفريقيا حيث لعبت دور الوساطة بين هذه املناطق واستفادت من احتكاكها بفنون‬
‫هذه املراكز الحضارية وخاصة بالد اإلغريق حيث جلب الرومان فناني اإلغريق لالستفادة من فنهم‪.‬‬
‫‪2-1‬العوامل الجيولوجية ‪:‬‬
‫أترث العوامل املناخية في شبه الجزيرة االيطالية على بعض الفنون الرومانية وخاصة العمارة فمناخ‬
‫ايطاليا في الشمال يتبع وسط أوروبا البارد إما في الوسط والجنوب دافئ ومعتدل ولهذا اختلف بعض‬
‫الخواص املعمارية للمباني حتى تتالءم مع طبيعة كل منطقة مما جعل تنوعا واضحا في فنون كل جزء‬
‫من ايطاليا‪.‬‬
‫‪ 3-1‬العوامل الدينية ‪:‬‬
‫لم يلعب الدين دورا بارزا في حضارة الرومان حيث انشغل الرومان طيلة فترات حكمهم بالفتوحات‬
‫والحروب ولم يكن لرجال الدين تأثير واضح كما في مصر واكتفى الرومان ببناء محراب في كل منزل لصالة‬
‫العائلة مع وجود معابد ضخمة ملمارسة الطقوس الدينية ولكن صب الرومان اهتمامهم على املباني‬
‫الدنيوية مثل القصور واملنازل وساحات املصارعة (‪.)2‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬فيتروفيوس ‪ ،‬الكتب العشرة في العمارة ‪ ،‬مرجع سابق ‪.. ،‬ص ‪10‬‬
‫‪)2‬عزت زكي حامد قادوس ‪،‬مدخل إلى علم اآلثار اليونانية والرومانية ‪ ،‬كلية اآلداب ‪ ،‬جامعة اإلسكندرية ‪ ، 2007 ،‬ص‬
‫‪’107‬ص‪108‬‬

‫‪63‬‬
‫‪4-1‬العوامل االجتماعية ‪:‬‬
‫ظهرت عظمة اإلمبراطورية الرومانية من الناحية االجتماعية في احترام القيم والعادات والتقاليد وتميزت‬
‫هذه الفترة باحترام رب األسرة والوالة للحاكم‪ .‬وانعكس ذالك على الفنون فأقيمت التماثيل الضخمة‬
‫وأقواس النصر كما شيدت املعابد والقصور الضخمة كما انتشرت الساحات الرياضية (‪.)1‬‬
‫‪5-1‬العوامل التاريخية‬
‫نشأت روما ‪ 753‬ق‪.‬م واستمر الحكم امللكي حتى عام ‪ 509‬ق‪.‬م ومع بداية العصر الجمهوري‬
‫انشغلت روما بالحروب املتتالية وغزت عدة بلدان‪ ،‬عام ‪ 343‬ق‪.‬م بدأت روما تشن حروب خارج ايطاليا‬
‫وأولها كانت صقلية‪ 264‬ق‪.‬م ثم هزيمة هانيبال القرطاجي عام ‪ 202‬ق‪.‬م واالستيالء على قرطاجة ‪146‬‬
‫ق‪.‬م (‪ ،)2‬وسقطت اليونان ومقدونيا ومقاطعات أسيا الصغرى وسوريا واسبانيا وامتد نفود الرومان حتى‬
‫نهر دجلة والفرات ثم مصر عام ‪ 30‬ق‪.‬م وهكذا انفتح الرومان على جميع مراكز الحضارت القديمة(‪.)3‬‬
‫‪-2‬الطابع املعماري في روما واهم خصائصها‬
‫عرفت العمارة الرومانية صعوبات لم تكن معروفة في العمارة اإلغريقية ذلك الن العمارة اإلغريقية‬
‫كانت بها فتحات ‪ ،‬لذلك استعمل اإلغريق الكمر لتغطية الفتحات ‪ ،‬أما في العصر الروماني بسبب‬
‫االبتكارات املعمارية الجديدة الناشئة عن احتياجاتهم املتنوعة كبرت الفتحات و نشأت عناصر جديدة‬
‫في فن العمارة لم تكن معروفة كالعقود والقبوات والقباب والخرسانة ‪ .‬وألول مرة استعملت في تاريخ‬
‫العمارة الرومانية ـ ومن هذه التجربة املكتسبة أنشأت روما مراكز شعبية وطبقت هذه العناصر على عدة‬
‫منشئات طبعت اإلنشاء الروماني ‪.‬‬
‫‪-‬أصول البناء الروماني يعود إلى الطابع التو سكاني الذي سبق أسلوب الرومان ‪.‬‬
‫‪-‬استعمال البناء املتعدد الطوابق واستخدام الحجر والخرسانة في البناء‪.‬‬
‫‪-‬استخدام األعمدة املتراكبة فوق بعضها لتقوية الدعائم ودعم األقواس‪.‬‬
‫‪-‬تنوع أشكال املخططات ذات العقود وهي على أنواع ‪:‬‬
‫‪ .1‬شبه دائري ‪semi circular‬‬
‫‪ .2‬العقد املتقاطع ‪vaults-cross‬‬
‫‪ .3‬القباب على شكل أنصاف كرة ‪.)4(hemispherical doms‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬حمد خير محمد العطا احمد‪ ،‬التأثيرات املعمارية الرومانية على العمارة املروية‪ ،‬بحث لرسالة املاجستير في اآلثار‪،‬‬
‫جامعة شندى‪ ،‬السودان‬
‫‪ )2‬هشام عبود املوسوي العمارة وحلقات تطورها عبر التاريخ القديم‪ ،‬دار دجلة ‪ ،‬عمان ‪ ، 2001‬ص‪302‬‬
‫‪ )3‬هشام عبود املوسوي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪312‬‬
‫‪)4‬قبيلة فارس املالكي ‪ ،‬تاريخ العمارة عبر العصور ‪،‬دار املناهج للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪،2011،‬ص‪، 78‬ص‪79‬‬

‫‪64‬‬
‫‪-‬استعملت األنظمة الكالسيكية الدوري واأليوني والكورنثي والتوسكاني واملركب ‪ ،‬وكثيرا ما ادخلوا الطرز‬
‫الثالثة الدوري واأليوني والكورنثي في بناء واحد ‪.‬كما وجد في بعلبك وعندها الطراز الدوري يكون في‬
‫الطابق الثاني والكورنثي الطابق الثالث ‪ ،‬كما في مسرح الكولوزيوم في روما ‪.‬‬
‫‪-‬ظهور العمود كعنصر زخرفي في تشكيل الجدران مرتبط بالحائط أو بعيدا سواء داخل أو خارج ‪.‬‬
‫‪-‬استعملت الزخرفة بكثرة (مشتقة من الفترات اليونانية املتأخرة في داخل املباني بشكل رئيس ي بينما بقي‬
‫خارجها خاليا من كل زينة (‪.)1‬‬
‫‪ -‬اعتماد التقسيم الهندس ي للشوارع في تخطيط املدن ‪.‬‬
‫‪-‬تعليق السقوف والجدران واألرضيات‬
‫‪-‬استعمال كوات النوافذ ‪ niches‬و‪.‬هي إما مستطيلة أو دائرية(‪)2‬‬
‫تميز العمارة بالضخامة والصرحية ‪ monumental impressive‬في أشكالها وزخارفها وابتعدت عن‬
‫التأثيرات الدينية فظهرت أبنية مدنية كاملسارح وحلبات املصارعة وأقواس النصر والفوروم والقصور‬
‫والفيالت ‪.‬‬
‫وبذالك أبرزت مباني روما القديمة أهمية املباني العامة حيث كانت بشكل عام ذات مقياس مهيب يعكس‬
‫عظمة اإلمبراطورية (‪.)3‬‬
‫‪ -3‬مواد اإلنشاء في العمارة الرومانية ‪ :‬استخدم الرومان مجموعة واسعة من مواد البناء وابتكروا مواد‬
‫حديثة دمجت بشكل فريد مع مواد البناء املوجودة مسبقا‬
‫‪1-1‬الرخام‬
‫استخدم الرخام بعد فتح بالد اليونان فاستوردوه ثم قاموا باستخراجه من محاجر قريبة من مدينة لونا‬
‫‪ ،‬كا ن الرخام في البداية مقتصر على األعمدة واأللواح املستوية ثم استخدم في تغطية اآلجر املسلح‬
‫شيدت بعض املباني من الرخام بالكامل كمعبد جوبيتر في روما ‪ ،‬وأشهر الرخام االيطالي ‪ carara‬من‬
‫مدينة ‪ taquany‬استخدموا األعمدة الرخامية امللونة كالرخام األصفر من شمال إفريقيا والبنفسجي من‬
‫تركيا ’ واألحمر من مصر واألخضر املعرق من جزيرة ‪ Euboea‬اليونانية(‪.)4‬‬
‫‪ 2-1‬الحجرالجيري ‪:‬‬
‫كان متوفر من املقالع الحجرية القريبة من مدينة ‪ tivoli‬استعمل لقابليته في تشكيل الزخارف وتعبيد‬
‫الطرقات واألبواب واألدراج ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬قبيلة فارس املالكي ‪ ،‬مرجع نفسه ‪،‬ص ‪81 ، 80، 79‬‬
‫‪ )2‬هشام عبود املوسوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪312‬‬
‫‪)3‬قبيلة فارس املالكي ‪،‬مرجع نفسه ‪،‬ص ‪80‬‬
‫‪)4‬بشار املساري ‪ ،‬العمارة الرومانية ‪ ،‬الباحثون السوريون ج‪، 1‬ص‪.321‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ 3-1‬الطوب ‪:‬‬
‫استخدم الطوب املحروق ألنه أكثر ديمومة وأكثر قابلية للنحت استخدم في القباب والقبوات نظرا‬
‫لخفة وزنه استخدم الطوب امللون اصفر وبرتقالي إلعطاء طابع زخرفي ‪.‬‬
‫‪ 4-1‬الجص‬
‫استخدم الكساء الجدران كان ينحت ليعطي نفس التصميمات التي اعتاد عليها املعماريون للحصول‬
‫عليها باستخدام الحجر ثم يصنع الجص بمزيج من الرمل والجبس واملاء مع استخدام غبار الرخام‬
‫إلعطاء نوعية أفضل‪.‬‬

‫‪ 5-1‬الخرسانة ‪:‬‬
‫استخدم الرومان الخرسانة منذ حوالي ‪ 2000‬عام واستخدمت في البانثيون والكولوزيوم ‪ ،‬درس‬
‫املهندسون خواص هذه املادة حيث قال املهندس ‪ "perucchio renato‬أن الخرسانة الرومانية اضعف‬
‫من الخرسانة الحديثة بعشر مرات لكن ماهو مميز فيها هو زيادة قدرتها على املقاومة مع مرور الزمن‬
‫‪ 6-1‬الجبس املسلح ‪ :‬تكونت من الجير املحروق والرماد البركاني باإلضافة إلى املاء ‪ ،‬استخدمت الخرسانة‬
‫كمادة رابطة لقطع الطوب أو الصخور البركانية ولتشكيل الجدران والقبوات(‪.)1‬‬
‫صنع الرومان من خليط تراب البراكين مع الجير واملاء وكان يوضع في الخليط قطع صغيرة من األجر‬
‫والفخار والرخام والحجارة وينتج عنه من املالط املقابل للتشكل أو الصب في قوالب عند جفافه يصبح‬
‫صلب كالصخر وهكذا استطاع البناءون الرومان أن يغطوا مساحات واسعة من األعمدة بقباب صلبة‬
‫التي تحمل السقف املقوس كسقف البانثيون ‪.‬والحمامات(‪.)2‬‬
‫‪ 7-1‬مادة الكونكريت ‪:‬‬
‫استخدم الرومان مادة الكونكريت التي صارت بإضافتها إلى األجر والحجر مادة جديدة ممتازة في‬
‫البناء(‪،)3‬‬
‫تكلم فيتوفيوس حول نظرية الشكل املستوحاة من الطبيعة واملقياس اإلنساني ومنها استعمال الوحدة‬
‫القياسية " املوديول " في جميع أجزاء املبنى ومنها كذالك تنظيم العالقة بين املسقط‬
‫األفقي والواجهات واالعتماد على املنطق في التصميم أو التخطيط كما تناول احترام املوقع واستغالل‬
‫مقوماته الطبيعية واستعمال املواد مع ضرورة االلتزام بالدرجة الصحيحة من اإلنفاق(‪)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪)1‬بشار املساري ‪ ،‬مرجع نفسه‬
‫‪)2‬حسين الشيخ ‪ ،‬الرومان ‪ ،‬دراسات في تاريخ الحضارات القديمة ‪2،‬دار املعرفة ‪ ، 2005،‬ص‪333‬‬
‫‪ )3‬طه باقر ‪ ،‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪705‬‬
‫‪)4‬قبيلة فارس املالكي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪74‬‬

‫‪66‬‬
‫‪-4‬أهم املنشات املعمارية في روما‬
‫تعتبر الحضارة الرومانية إحدى الحضارات القديمة‪ ،‬تميزت بعدة مميزات ومباني هامة منها‬
‫الفضاءات املعمارية املهمة في املدينة كاملعابد والحمامات واملسارح واملدرجات والسيرك والبازيليكا‬
‫واألضرحة والقصور واألضرحة وأعمدة النصر واألبنية السكنية والنفورات والقناطر(‪.)1‬ومن أهمها‬
‫نذكرها كاألتي ‪:‬‬
‫‪-1‬الفوروم ‪forums:‬‬
‫عبارة عن فضاءات معمارية شاسعة محاطة بأروقة ونصب تذكاري للتجمعات الشعبية تتوافق‬
‫جزئيا مع االغريقية االكورا(‪ )2‬لم يكن هناك موقع في روما أكثر شهرة أو معروفا كالفوروم بسبب روعة‬
‫املعابد والبازيليكا وساحة االنتصارات والكوريا ‪،‬أقيم ملجلس الشيوخ تحيط به مباني وأروقة سواء عامة‬
‫أو خاصة ‪ ،‬كان املكان الذي تعقد فيه التجمعات العامة للشعب حيث يصعد القناصل واإلمبراطور إلى‬
‫املنابر ‪.‬تشكل من قبل روميلوس وتاتيوس بين جبال الكابيتولين والبالتين(‪.)3‬‬
‫‪-2‬البازيلكا ‪basilica:‬‬
‫تمثل أبنية املحاكم والتبادل التجاري وهي حلة وصل بين األبنية الكالسيكية واألبنية في العصور‬
‫املسيحية والباسيليكا عادة تحتل جانب واحد من الفوروم في محور يعاكس املعبد مخططها مستطيل‬
‫طوله ضعف عرضه مكونة من مربعين متجاورين بصف أو صفين من األعمدة من كل جهة تحدد املصلى‬
‫واملمرات الجانبية مكونة من شرفات على املمرات الجانبية واملداخل على جانب واحد حيث تتواجد عادة‬
‫محراب يفصل عن البناية بأعمدة وأقواس وتتواجد مقاعد القضاة أمام املذبح منها بازيليكا تراجان (‪)4‬‬
‫بازيليكا قسطنطين (‪.)5‬‬
‫‪ -3‬املعابد – البانثيون ‪:‬‬
‫هو مجمع االلهة عند الرومان والبانثيون في روما هو البلورة املادية لفكرة دينية تقول ان االلهة تجتمع‬
‫في مكان معين لتناقش احوال البشر وتشرع املساءل الكونية بني النموذج االول للبانثيون في العصر‬
‫الجمهوري اال ان االمبراطور هادريان اعاد بناءه عام ‪ 120‬م وكان ابولوس دوروس املهندس الذي اشرف‬
‫عليه(‪،)6‬وهناك معابد أخرى مستطيلة كمعبد مارس في روما‪،‬و معابد دائرية كما في معبد فيستا (‪.)7‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬هاشم عبود املوسوي ’ موسوعة الحضارات القديمة ‪ ،‬دار الحامد للنشر ‪،‬عمان ‪ ،‬االردن ‪ ،‬ط‪، 2013، 1‬ص ‪18‬‬
‫‪PARETO R. , les origines de l’ architecture italienne en general et specialement de celle de rome , Milan ,‬‬
‫‪(2 1878,p20‬‬
‫‪M.ChARLES FEA ,description de rome ,publier par ange bonelli,rome 5EDI ,tome1p276(3‬‬
‫‪ )4‬قبيلة املالكي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪75‬‬
‫‪)5‬هاشم عبود املوسوي ‪ ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪316‬‬
‫‪ )6‬حسين الشيخ ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪236‬‬
‫‪ )7‬هاشم عبود املوسوي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪317‬ص‪318‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -4‬الحمامات العامة ‪:‬‬

‫اقتبسها الرومان من فكرة ‪ gymnasiam‬اإلغريقية حيث أصبحت مالمح الحضارة الرومانية التي‬
‫تعكس حب الرومان للمتعة واللهو كانت مكونة من منصة مرفوعة وتحتها غرف املواقد وأجزاء رئيسية‬
‫(حمام كراكال )‬
‫‪-1‬البناية الراسية وفيها القاعة املركزية املسيطرة على الغرف والقاعات‬
‫‪-2‬املتنزه وهو فضاء مفتوح في وسط املساحة املزروعة بالنباتات والنافورات‬
‫‪-3‬القسم الذي يمثل الحلقة الخارجية ويتضمن قاعات وغرف املتفرجين واملحاضرات‬
‫‪-5‬األضرحة ‪:‬‬
‫للرومان أشكال مختلفة من املقابر وهي على خمسة أصناف ‪:‬‬
‫‪-1‬املقابر ‪-2‬األضرحة ذات املعالم البارزة ‪-3‬األضرحة الهرمية ‪-4‬األضرحة بشكل معابد ‪-5‬األضرحة‬
‫التذكارية املنحوتة ‪.‬‬
‫‪-6‬الجسوروالقناطير ‪:‬‬
‫كانت بسيطة وعملية من ناحية إنشاءها ومصممة لتقاوم اندفاع املاء ‪.‬‬
‫‪-7‬االبنية السكنية الرومانية ‪ :‬تنقسم الوحدات السكنية الرومانية الى ثالث أنواع ‪:‬‬
‫أ‪-‬السكن الخاص‬
‫ب‪-‬الفيال سكن الضواحي‪ ،‬وتعتبر فيال روستيكا نموذج ملباني الفيالت ‪ villa rustica‬و‪ ’ villa portico‬فيال‬
‫هادريان بنيت بين عامي ‪ 118‬و ‪ 138‬م كمقر للحكم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الحمامات السكنية املتعددة الطوابق(‪.)1‬‬
‫‪ -8‬القصور ‪ :‬أهمها قصر ‪ –piazza doro‬قصر دوميتيان أقامه املهندس رابيريوس بعد عام ‪8‬م على‬
‫هضبة البالتيوم ‪.‬‬
‫‪-9‬أقواس النصر‪:‬‬
‫وجدت أقواس النصر خوالي ‪ 200‬ق‪.‬م زينت الحوائط بالدعائم واألعمدة الكورنثية أو املركبة على سبيل‬
‫املثال قوس تيتيوس في روما ‪ 82‬م ‪ ،‬زينت بطنية العقد بحليات هندسية وفي املنتصف نجد صور تصور‬
‫تيتوس كأحد اآللهة(‪.)2‬‬
‫‪-10‬عمود النصر‪:‬‬
‫عمود يقام لتخليد االنتصارات عليه كتابات ورسوم مثل عمود تراجان بروما ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬هاشم عبود املوسوي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ،317‬ص‪318‬‬
‫‪ )2‬نفس املرجع ‪،‬ص‪، 228، 227‬ص‪.237‬‬

‫‪68‬‬
‫‪-11‬النافورات العامة ‪:‬‬
‫وجدت في مختلف املدن الرومانية وصممت على حوض ماء كبير او على الحنفيات املنبثقة أو تركيب‬
‫االثنين مع بعض أعمدة مرمرية ونصب ونحوت وهناك نافورات خاصة بإعداد كبيرة في فناءات وحدائق‬
‫األبنية وتمتاز بتنوع كبير في التصميم واللون واملرمر امللون والتزيين بالنقوش البرونزية(‪.)1‬‬
‫‪ -16‬السيرك ‪:‬‬
‫انشأ الكنسور فالفينيوس عام ‪ 220‬ق‪.‬م مضمار جديدا لسباق الخيل والعربات في ساحة اإلله‬
‫مارس ‪.)2( circus macsimus‬‬
‫‪Amphitheatres -17‬‬
‫ابتعد املسرح الروماني عن إقامة املسرحيات الدينية ‪ ،‬وقد أقيمت املسارح في أول األمر بإنشاءات خشبية‬
‫وأول مسرح حجري أقيم في بومبي عام ‪ 52-55‬ق‪.‬م(‪.)3‬‬
‫‪-‬الكوليزيوم ‪:‬‬
‫بني سنة ‪. 70‬م ‪،‬على حافة وادي بمخطط بيضاوي بثمانين فتحة مقوسة بكل طابق من أهم املباني‬
‫الرومانية يتسع ل‪ 5000‬شخص(‪.)4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬هاشم عبود املوسوي ‪ ،‬العمارة وحلقات تطورها ‪ ،‬مرجع سابق ’ ص‪318‬‬
‫‪)2‬محمود ابراهيم السعداني ‪ ،‬معالم في تاريخ الرومان منذ نشاتها وحتى نهاية القرن األول ‪،‬جامعة القاهرة ‪، 1999 ،‬‬
‫ص‪114‬‬
‫‪)3‬محمود ابراهيم السعداني ‪ ،‬مرجع نفسه ص‪115‬‬
‫‪)4‬هشام عبود املوسوي ‪ ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪349‬؛ قبيلة املالكي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪77‬‬

‫‪69‬‬
‫‪-2‬الفنون ‪ :‬و من أهم جوانب الفن عند الرومان‪:‬‬

‫‪1-2‬النحت‪:‬‬

‫يعد النحت من أهم ما تميز بو الرومان إذ نجد فيه اإلبداع و األصالة‪ ،‬إذ يظهر اإلبداع في‬
‫التماثيل النصفية التي يتجلى فيها الواقع‪ ،‬وهذه امليزة ال توجد في النحت االغريقي كما نحتوا فنانو روما‬
‫شواهد القبور و املذابح و يظهر في نحتم دقة العمل و روعة الشكل ومراعاته للتشكيل ولعل أروع ما‬
‫نحت فنانو روما مذبح السلم الذي أقامه مجلس الشيوخ بمناسبة عودة أغسطس منتصرا من اسبانيا‬
‫ويقع في ساحة االله مارس‪ ،‬و أقيم حوله سور من املرمر املنقوش‪ ،‬كذلك استخدموا النحت البارز‬
‫ملزخرفة و الزينة و تتجلى في منحوتاتهم الروعة و الجمال‪ ،‬و أهم ما تميز بو النحت الروماني واقعيته‬
‫الشديدة ‪ ،‬ومن الشواهد على دقة النحت الروماني و واقعيته تمثال رأس قيصر املصنوع من حجر‬
‫البازلت‪ ،‬و تمثال بومبي النصفي‪ ،‬و تماثيل اغسطس التي عثر على اكثر من مائة تمثال وفي الفترة ) ‪41‬‬
‫– ‪ 64‬م (أبتعد الفن الروماني عن واقعيته والسيما في عيد‪ -‬االمبراطورين كموديوس و نيرون‪ ،‬ولكنه‬
‫عاد من جديد ‪ ،‬و اشتهر الفنانون الرومان بصنع تماثيل االطفال من أشهرها تمثال الغالم و الطفمة‬
‫البريئة(‪.)1‬‬

‫اقتصر فن النحت على إقامة تماثيل في املعابد مصنوعة اما من الصلصال على ايدي فنانين من‬
‫االتروسكين واما من الحجر على ايدي فنانين اغريق أما في أواخر القرن الرابع فقد أخذ انتشار التماثيل‬
‫يخرج عن اطار املعابد الى القصور والساحات العامة بوضع تماثيل ألبطال روما العسكرين في الفوروم‬
‫مثل تمثلي لقنصلي ‪ 337‬لوكوس فوريوس كاميلوس وغايوس مانيلوس بعد هزيمتهما للقوات الالتنية‬
‫وبالقرب منهما تمثال البرونز لذئبة ترضع توءمين من البشر نسبة ألسطورة نشأة روما عام ‪ 296‬ق م ‪.‬‬

‫باإلضافة الى نحت أقنعة ملوتاهم من صنع رومانين اعتبار من أوائل القرن الثالث ق م‪،‬و صور‬
‫باأللوان ملناظر حربية على جدران مقبرة نحتت في صخور تل اسكويلينوس وجدران معبد سالوس زينت‬
‫بمجموعة من الصور امللونة ‪302‬املنسوبة ألحد البطارقة املدعو ماييوس(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬عبد العزيز‪ ،‬كارم محمود‪ ،‬اساطير العالم القديم‪ ،‬ط‪ ) ، 1‬القاىرة ‪:‬مكتبة النافذة‪2887،‬‬

‫‪)2‬زياد سلهب وميسون املرعشلي‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪.265-264‬‬

‫‪70‬‬
‫و من روائع فن النحت الروماني في العهد االمبراطوري ‪ ،‬النقوش املوجودة على اقواس النصر التي‬
‫كانت تقام تخليدا ملا احرزه بعض القادة من نصر مؤزر على أعداء روما ‪ ،‬وإن اروعها قوس نصر تيتوس‬
‫الذي كان قد شرع باقامته في عهد االمبراطور فيسابسيان وأنجز في عهد االمبراطور دوميتيان ‪ ،‬وخلد هذا‬
‫القوس قمع ثورة اليهود الكبرى في النصف الثاني من القرن األول امليالدي ودخول القوات الرومانية‬
‫ظافرة مدينة بيت املقدس حيث اعمل الرومان في ثرواتهم سلبا ونهبا ‪ ،‬كما دمروا واحرقوا وهدموا‬
‫اسوارها ‪،‬وعليه تميز فن النحت الروماني بالواقعية التي سيطرت على تماثيل االباطرة باإلضافة الى نحت‬
‫تماثيل لسراة الرومان ‪ ،‬وكذلك للنساء اواالطفال ‪ ،‬ففرضت واقعيتهم الى عدم ستر عيوب الشخص‬
‫ونقائصه ‪ ،‬وهذه الواقعية اتاحت لهؤالء املثالين الرومان ان يتبوؤوا مكانة سامية في تاريخ الفن(‪.)1‬‬

‫‪-2‬النقش ‪:‬‬

‫اهتم الرومان بالنقوش عمى الجدران و االعمدة‪ ،‬إذ كانوا يستخدمون هذه النقوش كزخارف و زينة‬
‫و من أمثلتها نقوش تراجان الذي ينسب ضعه إلى املهندس السوري) آبولو(‪ ،‬و زخارف الصلصال‬
‫املحروق على جد ران املعبد‪ ،‬و النقش الروماني بوجه عام قد أخد جزء من موضوعيته و طريقته من‬
‫النقش االغريقي ‪ ،‬إذ استخدموا الضالل لجعل الصورة املنقوشة تترأى كأنها ذات ثالث أبعاد‪ ،‬كما كان‬
‫كانوا مميزين في تناسب األلوان و اتساقها و مراعاة النسبة بين االشكال مع املنظر العام‪ ،‬و تدل‬
‫االستكشافات االثارية عن الفنون الفرعية الرومانية كسبك التماثيل من البرونز و قطع االثاث املتخذة‬
‫ً‬
‫ملزخرفة‪ ،‬فضال عن النقش عمى القطع النفيسة التي تطلبتها أناقة الحياة الرومانية(‪.)2‬‬

‫‪-3‬التصوير ‪:‬‬

‫أنتشر التصوير في روما أكثر من النحت‪ ،‬فقد كان منتشر في اليياكل و البيوت و األورقة ذات األعمدة‬
‫و الساحات العامة‪ ،‬و يعتبر التصوير أحد فنون الرومان األصمية التي برعوا فييا منذ فجر تاريخيم‪ ،‬و‬
‫رغم ذلك نالحظ طغيان فن التصوير اليوناني عمى انتاج الرومان‪ ،‬وقد نشطت صناعة تصوير‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬نور الدين حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.689-668‬‬

‫‪ )2‬عبد العزيز‪ ،‬كارم محمود‪،‬املرجع السابق ؛السعدني محمود إبراهيم ‪،‬حضارة الرومان ‪،‬ط‪،1‬كلية األداب جامعة‬
‫الزقازيق ‪.1998 ،‬‬

‫‪71‬‬
‫االشخاص من قبل مصورين ينتشرون عمى جوانب الطرق يصورون عمى قطع من الخشب‪،‬و شاركت‬
‫مختمف طبقات الشعب الروماني بيذا الفن‪ ،‬و من أشير مصوري الرومان فايبوس بكتور و كونتس‬
‫بديوس‪ ،‬و املصور الشيير أميموس الذي صور االمب ا رطور نيرون‪ ،‬ومن أىم و أغمى الصور التي عثر‬
‫ً‬
‫عمييا في روما‪ ،‬صورة مليديا و تمثل ام أ رة ترتدي ثيابا فاخرة وىي تفكر في مصرع اوالدىا‪ ،‬و يعتقد إنيا من‬
‫صنع املصور البيزنطي تيمو ماخوس‪ ،‬كما عثر عمى جدارية في غرفة زوجة أغسطس تمثل منظ ا ًر‬
‫ً‬
‫طبيعيا بمغ فييا االتقان بشكل كبير‪ ،‬ومما تجمى يظير الفن الروماني مزيج من الفنون املعمارية لدى‬
‫األمم األخرى ولكنيم ابتكروا بعض منيا و أضافوا عميو و تميزوا بالدقة و اإلبداع و الجمال(‪.)1‬‬

‫ومن أهم مصوري الرومان بوليغنوتس وزيوكسيس ‪ ،‬باإلضافة الى فابيوس فيكتور وأوريليوس‬
‫والنبيل بديوس واملصور الشهير أميليوس الذي صنع عدة صور لالمبراطور نيرون لتزين بيته الذهبي ‪،‬‬
‫وعلى الرغم من وفرة عدد املصورين اليونان الذين قصدوا روما للعمل فيها فإن فن التصوير يعتبر‬
‫بالنسبة للرومان أحد فنونهم األصيلة التي نبغوا فيها منذ فجر تاريخهم لكن هذا لم يمنع أنه منذ حضور‬
‫أولئك املصورين االغريق صارت معظم موضوعات اللوحات يونانية صرفة ‪.‬‬

‫لم تكن ممارسة هذا الفن مقتصرة على طبقة اجتماعية دون أخرى فقد وردت أسماء ملصورين رومان‬
‫من البطارقة األشراف كما وردت أسماء مصورين من العامة والعبيد ‪،‬ويغلب الظن أن املصورين من‬
‫طبقة األشراف كانوا يمارسون هذا الفن كهواية بينما ممارسة مصورو الطبقات الدنيا كوسيلة لكسب‬
‫الرزق ‪.‬‬

‫كان املصورون يصورون على املظلمات ويستعملون األلوان املائية التي يمزجونها بمادة صمغية كالغراء‬
‫توضع فوق سطح جاف ولربما ثبتوا األلوان باذابتها بالشمع الشديد الحرارة ‪ ،‬وقد يكون حجم الصورة‬
‫كبيرا كالصورة التي رسمت لإلمبراطور نيرون على القماش وبلغ ارتفاع هذه الصور األربعين مترا ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬

‫‪)1‬السعدني محمود إبراهيم ‪،‬املرجع السابق ص ‪.106-105‬‬

‫‪ )2‬نور الدين حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪681 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫ومن أهم الصور الفنية التي عثر عليها في إيطاليا صورة مليديا وقد حفظت هذه الصورة في متحف‬
‫مدينة نابولي وهي تمثل امرأة مرتدية فاخرة الثياب وهي مطرفة تفكر في مصرع أوالدها ويغلب على الظن‬
‫أنها للمصور البيزنطي "تيمو ماخوس" الذي نال عليها جائزة قيمة وثمنا باهظا من يوليوس قيصر‪،‬‬
‫باإلضافة الى صورة رائعة ملنظر طبيعي عثر عليها على جدار احدى غرف بيت زوج " ليفيا" زوج أغسطس‬
‫‪ ،‬وبلغ اتقان هذه الصورة حدا بحيث يخال الناظر اليها نفسه سائرا في بهو ذي أرض رخامية(‪.)1‬‬

‫حظى فن التصوير الروماني بتقدير كبير من النقدة له وذكرهم أنه على الرغم من الهنات وبعض‬
‫املآخذ عليه فإنه كفى هذا التصوير حيويته ‪ ،‬ووجدوا كذلك أن املصور اإليطالي كان مجاله الرحب‬
‫للتصوير جدران املنازل وأنه محق في هذا االنتقاء الن تلك الصورة الفنية للمناظر الطبيعية التي كانت‬
‫تنقل صاحب البيت بخياله نفسه أنه يعيش في تلك الجنة الوارقة املصورة على جدران غرفته ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪)1‬نور الدين حاطوم ‪ ،‬املرجع السابق ‪،‬ص‪.682-681‬‬

‫‪73‬‬
‫املحاضرة رقم ‪11‬‬

‫الحياة اليومية‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫كانت األسرة املركز الذي يلتف حوله الدين‪ ،‬والخلق‪ ،‬والنظام االقتصادي‪ ،‬وكيان الدولة‬
‫بأجمعها‪ ،‬كما كانت هي املنبع الذي ُت َ‬
‫ستمد منه هذه املقومات كلها‪ .‬فواقع الحياة اليومية للمواطن‬
‫الروماني تتجلى لنا بوضوح من خالل التعرف على لباسه الذي عد احدى مقومات الحضارة اإلنسانية‬
‫وغذائه اليومي وأنشطة الترفيه التي مارسها‪.‬‬
‫‪ -1‬اللباس‪ :‬يعتبر موضوع املالبس إحدى مقومات الحضارة اإلنسانية ‪ ،‬فهي ال تقل أهمية عن دراسة‬
‫تاريخ فن من الفنون األخرى‪ ،‬ملا يبرزه هذا املوضوع من طرز متنوعة ألي حقبة من حقبات التاريخ ‪ ،‬وهي‬
‫سند هام يعبر تعبيرا واضحا عن تراث شعب من الشعوب في فترة من فترات التاريخية‪..‬‬

‫‪1-1‬األلبسة عند الرجال ‪:‬‬

‫كان لباس املواطن الروماني ـ الجندي خاصة ـ في الفترات األولى من التاريخ الروماني ‪ ،‬بسيط جدا‪ ،‬ال‬
‫يختلف عن لباس املواطنيين العاديين ‪ ،‬فهو لباس مدني ‪ ،‬يرتديه في فترات السلم والحرب ‪ ،‬وكان يعرف‬
‫ب ـ "التوجا ") ‪ ، (1(la (Toge‬وهو رداء خارجي‪ ،‬ابتدعه الرومان‪ ،‬وأخذ على أيديهم أشكاال مختلفة‪ ،‬وهو‬
‫الزي الروماني الذي يميزها عن املالبس اليونانية‪ ،‬ففي العصر امللكي كان لباس "التوجا" رداء خارجي‬
‫للرجال والنساء معا ‪ ،‬وهو يعتبر من اللباس الرئيس ي واألساس ي‪ ،‬يرتديه املواطن الذي يتمتع بحقوق‬
‫املواطنة الرومانية(‪ .)2‬واختلفت التسمية التي أطلقت على هذا النوع من اللباس عند املواطن الروماني ‪،‬‬
‫فأطلق عليه اسم "توجاتي " في العهود األولى من نشأة روما ‪ ،‬حيث كان املواطن الروماني يلبسها دون "‬
‫التونيك" ‪ ،‬اللباس التحتي للتوجا(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪Clovis(Lamarre), De la milice Romaine depuis la fondation de Rome ,Deuxième Edition (1 (paris 1870‬‬
‫‪,p.333 ;Renard(B.), Notes sur l’histoire militaire de l’Antiquité ,(Bruxelles 1875),p.130‬‬

‫‪Clovis(Lamarre),Op.Cit,p.333(2‬‬

‫‪Lens André, Le costume ou essai sur les habillement et les usage de plusieurs peuple de l’antiquité(3‬‬
‫‪beldiqes, 1776, p.259‬‬

‫‪74‬‬
‫اما "التوجا" الكاملة في العصر الجمهوري واالمبراطوري ‪ ،‬فكانت على شكل قطع من دائرة)‪ ،(1‬وكان‬
‫طول الجزء املستقيم حوالي ‪ 550‬سم وسبع أقدام ‪ ،‬و ‪ 210‬سم عمق أوسع أجزائها ‪ ،‬كانت تزين في‬
‫بعض األوقات بشريط زيتي على طول الطرف املستقيم‪ ،‬وهذا الطراز يظهر في الشكل رقم ‪ ، 1‬بينما‬
‫الرأس غير مغطى في الغالب(‪.)2‬‬

‫أخذت" التوجا" في االتساع حتى القرن األول امليالدي (‪ ،)3‬فأصبحت تميل الى الضيق شيئا فشيئا‬
‫حتى صارت شريطا يلف حول الرداء ‪ ،‬لكن في القرن الثاني امليالدي بقيت التوجا كرداء للمناسبات ‪ ،‬وفي‬
‫القرن الخامس امليالدي أصبح يرتديها القنصل الروماني ‪ ،‬و بالرغم من أن رداء " التوجا " طرأ عليها‬
‫العديد من التعديالت من حيث الشكل والحجم والخامة واألسلوب واللون‪ ،‬لكنه اتفقت في القيمة‬
‫الجمالية‪ ،‬التي تعتمد على التصميم البنائي(‪.)4‬‬

‫ظهرت أنواع أخرى من التوجا)‪ ، (5‬بألوان وأسماء مختلفة‪ ،‬طبقا لطريقة استعمالها وتطورها‬
‫الطبيعي‪ ،‬منها ما يسمى بـ ـ " الباليوم" )‪ (Pallium‬وهو اسم روماني للعباءة االغريقية "الهيماتيون"‬
‫)‪(Himation‬وهي عباءة مستطيلة أو مربعة الشكل ‪ ،‬تلف هذه العباءة فوق "التونيك" بنفس الطريقة‬
‫التي استعملها االغريق‪ ،‬واستمرت الى العهد االمبراطوري الثاني(‪ 395 – 284‬م)‪ ،‬حيث استعملها‬
‫الفالسفة الرومان ‪ ،‬وكذلك رجال الدين ‪ ،‬وخاصة املسيحيين كرداء خارجي ‪ ،‬وكان الرومان يفضلون هذه‬
‫العباءة كلباس يومي ‪ ،‬ألعمالهم اليومية على غرار"" التوجا " ‪،‬التي اقتصر استعمالها على املناسبات‬
‫الرسمية فقط(‪.)6‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Leon (H.), ,Histoire du Costume Antique D’Après des Etud sur le Modèle Vivant , Librairie Anciennne(1‬‬
‫‪Honoré,p.245-246‬‬

‫‪Michèle(B.), Michèle(B.), Michèle , le Costume Antique ET médiéval, presses ,universitaires de France (2‬‬
‫‪(paris 1961), , p57 ; Leon H., Op.Cit,p245.‬‬

‫‪Michèle(B.), Op.Cit, p57-68(3‬‬

‫‪Leon( H.), Op.Cit,p234(4‬‬

‫‪Michèle(B.),Op.Cit, p.60(5‬‬

‫‪Leon( H.),Op.Cit,,p.232(6‬‬

‫‪75‬‬
‫كما كان رداء " البريتيكستا " (‪ ، )Praetexta‬ذو اللون االرجواني ‪ ،‬خاص بالحكام ‪،‬أما لباس "‬
‫البالودامنتوم" )‪ (paludamentum‬أو "العباءة الحربية" هو رداء الجندي الروماني‪ ،‬سواء كان من املشاة‬
‫أو الفرسان ‪ ،‬ضابطا كان أو قائدا ‪ ،‬مستطيلة الشكل تثبت بمشبك على الكتف األيمن‪ ،‬وتكون باللون‬
‫القرمزي‪.‬‬

‫ابتكر املواطن الروماني نوعا آخر من اللباس‪ ،‬كان يعرف ب" ساغوم " ‪ ،‬يعود الى القرن الثالث‬
‫قبل امليالد(‪ ،)1‬يرتديه الجندي فوق واقية الصدر (الصدرية ) ‪ ،‬وقد تشكل هذا اللباس على أقمشة أو‬
‫سترة مفتوحة نصف دائرية واسعة من األسفل ‪ ،‬يتم ربطه على الكتف األيمن ويثبت بحلقة(‪ ، )2‬ويكون‬
‫الذراع األيمن الحاملة للسيف عارية ‪ ،‬حتى يسمح له ذلك بالحركة ‪.‬‬

‫كما ال نغفل عن ذكر " البينوال " ‪ ،‬وهي عباءة نصف دائرية تشبه الجرس ‪ ،‬اشترك في ارتداء هذه‬
‫العباءة النساء والرجال في الجو البارد ‪ ،‬تصنع من االنسجة السميكة وكذلك الجلد ‪ ،‬مغلوقة من جميع‬
‫الجهات غالبا ‪ ،‬لكن عادة نجدها مفتوحة من األمام ‪.‬‬

‫ارتدى املواطن الروماني كذلك ‪ ،‬نوع أخر من اللباس يعرف بـ" التونيك ‪ ،‬الذي كان تصميمه بسيطا‪،‬‬
‫يتكون أساسا من شريطين مربعين من الصوف‪ ،‬أو الكتان مخيطين معا على الجانبين والكتفين مع ترك‬
‫فتحات لليدين والرقبة(‪ ، )3‬و يختلف التونيك العسكري ‪ ،‬عن التونيك املدني في كون األول أطول نوعا‬
‫ما‪ ،‬حيث يصل الى الركبتين‪ ،‬و عادة ما يربطه الجندي بحزام يرفع من الجانبين(‪.)4‬‬

‫كان لباس التونيك العسكري ‪ ،‬يختلف بين الجنود ‪ ،‬فعلى سبيل املثال جنود حاملي الرايات‬
‫والفرسان واملشاة الخفيفة املحتاجين الى مزيد من الحرية أثناء الحركة ‪ ،‬لم يتجاوز طول هذا اللباس‬
‫عندهم الى األسفل من الحزام ‪،‬كما كانت أكمامه قصيرة )‪ ، (5‬لتسهيل الحركة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Clovis(L.),Op.Cit,p.334(1‬‬

‫‪Renard(B.),p.130(2‬‬

‫‪Goldsworthy(A.), Goldsworthy(Adrian), The Coulston (J.C.N.), Roman Army ,Thames and Hudson ,‬‬
‫‪(London 2003) ,p.117-(3 118‬‬

‫‪Clovis(L.),Op.Cit,p.335 ;Goldsworthy(A.) ,2013,p.118-119(4‬‬

‫‪IBED,p.334(5‬‬

‫‪76‬‬
‫باإلضافة الى التونيك ‪ ،‬نجد عند املواطن الروماني رداء " الترابيا" )‪ ، (Trabea‬وهو لباس شرفي يعود‬
‫الى العهد امللكي ‪ ،‬مدني ‪ ،‬وعسكري عند البعض على ما يذكر لين أندرى(‪ ، )1‬كما كان ملعطف الشتاء‬
‫كما يسميه بلينوس الكبير ‪ ،‬أهمية كبيرة ‪ ،‬وهو الذي كان يعرف ب ـ ـ ""السيرنا " )‪ ،(Lacerna‬يحتوى على‬
‫غطاء الرأس ‪ ،‬خشن عكس لباس ساغوم(‪ ،)2‬الذي يلبسه كل جنود املشاة (‪ ،)3‬وهو مقاوم للبرودة‬
‫واألمطار‪.‬‬

‫أطلق الرومان اسم "الداملاسيا" )‪ (Dalmatica‬على رداء التونيك كذلك في القرن الثاني امليالدي‪،‬‬
‫حيث تميز باألكمام الواسعة املزينة أطرافه بأشرطة‪ ، ،‬تتشابه طريفة تفصيله طريقة تفصيل التونيك‬
‫ذي االكمام ‪ ،‬فشاع استعمال هذا الرداء‪ ،‬كرداء كهنوتي وأصبح زي ديني رئيس ي الحقا‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ‪ 2‬مالبس النساء ‪:‬‬

‫تنوعت مالبس النساء الرومانيات شأن أزياء النساء اإلغريقيات ‪ ،‬فاكترثت املرأة الرومانية‬
‫بمظهرها‪ ،‬حيث لبست "التونيكا " بأنواعها املختلفة‪ ،‬ذات أكمام مفتوحة أو بدون أكمام أو بأكمام‬
‫قصيرة‪ ،‬أو طويلة عادة ‪ ،‬و التونيكا النسائية رداء داخلي ‪ ،‬تربط بحزام يطلق عليه اسم زونا )‪ (Zona‬أو‬
‫"ستروفيوم" )‪ (Sotrovium‬تارة أخرى أو كاستوال )‪(Castola‬وهو ال يختلف على الحزام االغريقي ‪،‬‬
‫تستخدمه املرأة للف الخصر وما حوله بشكل حزام يتخذ عادة شكل مستطيل وهو على شكل حرف‬
‫)‪ ،(T‬كما تميز التونيك بفتحة الرقبة األفقية ‪،‬ثم أصبحت تتخذ شكل دائرة أو مربعة(‪.)4‬‬

‫كانت "تونيكا" الرومانيات ‪ ،‬بها حياكة على شكل خطوط متوازينة يعرف بتونيكا تاالريس ‪(Tonica‬‬
‫)‪ ، Talaries‬مزين بأشرطة من اللون األرجواني ‪ ،‬وهو النوع الذي تفضله املرأة الرومانية في الحفالت ‪ ،‬وفي‬
‫أواخر العهد االمبراطوري الثاني(‪284‬ـ ‪395‬م)‪ ،‬كان التونيكا منسوجا من قطعة واحدة غير مصبوغة‪،‬‬
‫بأكمام مزينة بتزينات تزيده جماال ويضاف اليه أشرطة طويلة ارجوانية أو ذهبية (‪. )5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Lens (A.), Op.Cit ,p276 (1‬‬

‫‪IBED ,p287 -288(2‬‬

‫‪Le Bas(MPh), Le Bas(MPh),,Antiques Grecques et Romaines,(pari1837),p.371(3‬‬

‫‪Michéle (B.), Michèle(B.), Michèle , le Costume Antique ET médiéval, presses , universitaires de France(4‬‬
‫‪(paris 1961),p.62‬‬

‫‪Cagnat(R.),Lexique des Antiquités Romaines ,Librairie du collège de France, (paris 1965),p.295.(5‬‬

‫‪77‬‬
‫طور الرومان في القرن الثاني امليالدي ‪ ،‬لباس" التونيكا" ‪ ،‬فأصبح بأكمام واسعة ‪،‬أطرافها مزينة‬
‫بأشرطة ‪ ،‬وأطلق عليه اسم الداملاسية ‪ ،‬ألنه يعتمد نفس التفصيلة ‪،‬التي كانت تعتمد في تفصيل‬
‫التونيكا‪ ،‬بفتحة في الرقبة تشبه القارب ‪ ،‬أما أكمامه اتخذت شكال مائال عند تفصيلها ‪ ،‬بحزام يحيط‬
‫بخط الوسط(‪ .)1‬لكن العديد من املراجع أشارت الى نقص رداء "التونيكا " عند عامة املواطنين خالل‬
‫العهد االمبراطوري الثاني ‪ ،‬فنجده عادة دون أكمام وترتديه النساء الرومانيات الراقيات في املجتمع (‪.)2‬‬

‫لقد لبست املرأة الرومانية " الدملاسية " ‪ ،‬التي تشبه الى حد بعيد ثوب " داملاسيا " الرجال‪ ،‬ترتديه‬
‫املرأة فوق " البت " أو القميص الذي يغطي االرداف وجزء منه يغطي الصدر ‪ ،‬وهو ذو كمين ضيقين‬
‫وال يلبس معه حزام ‪ ،‬تزين االكمام الواسعة بأشرطة أمامية بأشغال االبرة ‪ ،‬وهو ما يدل على علو‬
‫شأنها‪ ،‬وفي القرن الرابع امليالدي أخذ زي" الدملاسية" شكال أكثر اناقة في تفصيله ‪،‬حيث أصبح أكثر أناقة‬
‫واتساعا‪ ،‬فقدت أكمامها شكل املربع‪ ،‬واتخذت شكال مائال عند تشكيلها(‪.)3‬‬

‫ارتدت املرأة الرومانية ‪ ،‬فوق لباس " التونيكا " رداء " الستوال" داخل املنزل ‪ ،‬وهو عالمة للشرف‪،‬‬
‫مزين عند الذيل بالشريط الذهبي‪ ،‬وأحيانا يكون مزود بطرف قرمزي مرصع بالآللئ خاصة أسفل فتحة‬
‫الرقبة وعلى أطراف أكمامه‪ ،‬التي تحاك حافتها العليا أو تثبت على مسافات على طول الذراع(‪.)4‬‬

‫كانت "الستوال" )‪ (Stola‬رداء طويل‪ ،‬يصنعه املواطن الروماني‪ ،‬من قماش التيل أو الحرير أو‬
‫الصوف عادة على الطريقة االيونية أو االغريقية ‪ ،‬وتقوم املرأة بتثبيته بحزام أو حزامين حول الخصر‬
‫‪ ،‬والفرق بين "التونيكا" و "الستوال "‪ ،‬في االكمام ‪ ،‬ف ـ " الستوال" ذات األكمام الضيقة أو املتسعة كانت‬
‫تغطي العضد ‪ ،‬خاصة في حالة ما كان التونيكا الداخلي بدون أكمام(‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Cagnat(R.), Op.Cit,p.295-296(1‬‬

‫‪Daremberg (ch.) ,Et Saglio (EDM.),DICTIONNAIRE DES AntiquttésGreques et Romaines , T.4 libraire(2‬‬
‫‪Hachette ,paris,1900,p1522‬‬

‫‪Cagnat(R.), Op.Cit,p.296(3‬‬

‫‪Bernard (A.),yvers (A.), dictionnaire Latin de poche (Latin Français ) librairie de France,(paris, 2000) ,(4‬‬
‫‪p.637 ; ; Cagnat(R.), Op.Cit, p.270 .‬‬

‫‪Bernard (A.),yvers (A.) ,Op.Cit, ,p.536(5‬‬

‫‪78‬‬
‫اختلفت األردية الخارجية للرومانيات ‪ ،‬من حيث طريقة التفصيل أو الحجم‪ ،‬ومن أهمها رداء‬
‫"الباال"‪ ،‬التي أخذت أشكاال متعددة‪ ،‬وهي عباءة ترتديها املرأة الرومانية فوق " الستوال " عند خروجها‬
‫من املنزل‪ ،‬تتخذ شكل مستطيل ‪ ،‬وعادة ما يكون لها شكل مربع ‪ ،‬تصنع من الصوف الخفيف ‪ ،‬وتزين‬
‫بتزينات مختلفة‪ ،‬ظلت النساء الرومانيات تستعملها ‪ ،‬الى غاية القرن الثالث امليالدي(‪ .)1‬وتتبعه عادة‬
‫برداء البانوال )‪ ، (Paniula‬الذي يكون واقي للمطر والبرودة ‪ ،‬سواء عند السفر أو عند خروجها من املنزل‬
‫وهي مماثلة لبينوال الرجال(‪.)2‬‬

‫خالل اإلمبراطورية العليا (‪ 27‬ق م ـ ‪284‬م ) ‪ ،‬نافس رداء " الباال " رداء " البانوال " ‪ ،‬الذي كان في‬
‫بداية األمر لباس خاص باملسافرين والعبيد ‪ ،‬واألشخاص البسطاء‪ ،‬ويستعمله الروماني خاصة عند‬
‫البرودة أو أثناء سقوط األمطار‪ ،‬ويأخذ رداء " الباال " شكل جرس ي وهو سميك وثقيل ‪ ،‬دون أكمام ‪،‬‬
‫يصل في الطول لحد الركبتين‪ ،‬وهو خال من أي زركشة(‪.)3‬‬

‫اتخذ لباس املواطن الروماني‪ ،‬في البداية اللون األبيض ولكن خالل العهد االمبراطوري‪ ،‬لبس الرجال‬
‫والنساء على حد سواء ‪ ،‬التونيكات االرجوانية اللون أو البنفسجي الفاتح ‪ ،‬أما األلوان القاتمة فكانت‬
‫مخصصة للطبقات الفقيرة الدنيا أو " البروليتاريا املعدمة "‪ ،‬كاللون البني واألسود والرصاص ي التي كانت‬
‫تستخدم في العباءات والتونيكات(‪. )4‬‬
‫َ‬
‫فضل الرجل الروماني ‪،‬اللون األبيض على العاجي ‪ ،‬فرداء " التوجا " كان في الغالب أبيض‪ ،‬وعادة‬
‫ما كانت عاجية اللون مزودة بشريط على حافتها ‪ ،‬أما بالنسبة للمرأة الرومانية فقد تعددت ألوان‬
‫األلبسة عندها ‪ ،‬ما بين األحمر الغامق واالخضر واالزرق الفاتح والغامق ‪ ،‬واللون البنفسجي كدليل على‬
‫علو السيدة ‪ ،‬أما العروس الرومانية فتنفرد باللون األبيض واألحمر(‪. )5‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Daremberg (Ch.) ,Et Saglio (EDM.),Op.Cit,p539(1‬‬

‫‪Le Bas(MPh),Op.Cit,p.371(2‬‬

‫‪Cagnat(R.), Op.Cit ,p.357(3‬‬

‫‪Dedord Robert , Dedord Robert ,Le vêtement Romain ,latrine Latine Loquere (2006), p40-41(4‬‬

‫‪Michéle (B.),Op.Cit, p63- 64(5‬‬

‫‪79‬‬
‫كانت لأللوان ‪ ،‬أهمية في حياة املواطن الروماني ‪ ،‬حيث كانت تستخدم في أنواع الزينة ‪ ،‬التي تزين‬
‫فيها األزياء ‪ ،‬وهي تدل الى حد كبير على مركز الشخص االجتماعي وخاصة اللون البنفسجي ‪ ،‬أما اللون‬
‫القرمزي واللون األحمر الضارب الى الزرقة في االقمشة تصنع منه غالبا رداء" التوجا" املنقوشة وتوجا‬
‫النخيل ‪ ،‬لكن رجال البالط لم يتقيدوا في مالبسهم بألوان معينة ‪،‬على عكس النساء اللواتي تعددت‬
‫ألوان األردية عندهن(‪. )1‬‬

‫استعمل املواطن الروماني لصناعة مالبسه ‪،‬أقمشة متنوعة مثل ‪ ،‬التيل بأنواعه ‪ ،‬السميك‬
‫واملزدوج‪ ،‬باإلضافة الى الخفيف الذي كان يستعمل من قبل الفقراء خاصة العبيد ‪ ،‬أما املزدوج فكان‬
‫يستخدم من قبل ذوي الطبقات العليا ‪ ،‬في حين السادة استخدموا قماش الصوف املزدوج في أواخر‬
‫العهد االمبراطوري خاصة ‪ ،‬كما ال نغفل عن ذكر استخدام الرومان للحرير الوارد من الصين‪ ،‬الذي‬
‫اشتروه بأثمان باهظة ‪ ،‬وهذا النوع ال نجده اال عند ذوى الطبقات العليا في املجتمع‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ ألبسة القدم ‪:‬‬

‫لبس الرومان األحذية ذات الرقبة الطويلة وكذلك األحذية األترورية والتي تحلى بشرائط تصل الى‬
‫العقب ‪ ،‬و من أهمها " الكاليجا " )‪ (Caliga‬الذي يكون فيه الجزء السفلي سميك ‪ ،‬مرصع بالعديد من‬
‫األشرطة الجلدية تربط بالكاحل مع كشف أصابع القدم(‪ ، )2‬لكن هذا النوع تطور في العهد االمبراطوري‬
‫مع ظهور أنواع أخرى من األحذية العسكري ة مثل أحذية السيقان‪ ،‬وتصبح شائعة على نحو متزايد مع‬
‫احتفاظها باملسامير في أسفلها (‪.)3‬‬

‫بالرغم من أن هناك تشابه بين أحذية الرجال و النساء ‪ ،‬اال أن األخيرة يفضلن اللون األحمر‬
‫واألخضر ‪ ،‬باإلضافة الى األبيض ‪ ،‬فكانت أنواع مختلفة وألوان متعددة من " الصندال " البسيط الى‬
‫الحذاء الكامل الطويل ‪ ،‬كل حسب مكانته وحاجته (‪.)4‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Dedord Robert ,Op.Cit,p41-42 ; Michéle (B.),Op.Cit, p63- 64(1‬‬

‫‪Dedore(R.) ,Op.Cit,p.40(2‬‬

‫‪Goldsworthy(A.),Op.Cit,p.120(3‬‬

‫‪Cosme( p.) Cosme (pierre ,L’Armée Romaine ,VIII S.AVANT j.c. - Ve Saprès J.C Deuxièmeédition‬‬
‫‪,Armand(4 Colin(paris 2012),pp39‬‬

‫‪80‬‬
‫كانت األحذية ‪ ،‬ذات الرقبة الطويلة ‪ ،‬املفضلة عند املواطن الروماني ‪ ،‬خاصة وأنها تحلى بشرائط‬
‫تصل الى العقب ‪ ،‬ومن األحذية املهمة التي لبسها الروماني هو حذاء امليدان ذو الرقبة الطويلة املبطن‬
‫غالبا بالفراء ويتدلى من الحافة العليا للحذاء رأس حيوان غير طبيعي ‪ ،‬باإلضافة الى أحذية النبالء ذات‬
‫الرقبة الطويلة مصنوعة من جلد الحيوان دون دهان مصبوغ ومرتبط بأربعة أشرطة سوداء اللون وقد‬
‫فضل أعضاء مجلس الشيوخ هذا الحذاء باللون األحمر(‪.)1‬‬

‫اشترك في ارتداء حذاء الصندال ‪ ،‬الرجال والنساء معا ‪ ،‬باإلضافة الى العبيد وكان يعرف بـ ـ " الخف‬
‫" ‪ ،‬لكن أثناء الخروج من املنزل لبس املواطن الروماني ‪ ،‬الحذاء املعروف ب" كالكو"‪ ،‬والذي كان يغطى‬
‫القدم كلها وجزء قليال من الى أعلى الساق ‪ ،‬وكانت له فتحة من الجانب ويحلى بشريط ويغلب عليه اللون‬
‫البني ‪ ،‬أما خالل القرن الثاني من العهد االمبراطوري األول ‪ ،‬ظهرت أنواع أخرى من األحذية(الشكل ‪)8‬‬
‫‪ ،‬خاصة العسكرية منها على ما يذكر الباحث جولدورث(‪.)2‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ ـ أغطية الرأس ‪:‬‬

‫استعمل املواطن الروماني أغطية الرأس للزينة ‪ ،‬كتاج النصر ‪ ،‬الذي كان تشكيله من أوراق األشجار‬
‫الذهبية املطعم بالجواهر‪ ،‬وكان هذا التاج يوضع على رأس القائد املنتصر للتكريم ‪ ،‬باإلضافة الى التاج‬
‫املشعشع ‪،‬الذي يصنع من الذهب ونجده خاصة عند رجال الدين ‪ ،‬باإلضافة الى االباطرة أمثال‬
‫االمبراطور نيرون على اعتبار أنهم مقدسون ‪ ،‬في حين الجنود كانوا يضعون على رؤوسهم تيجان نباتية‬
‫تصنع من الحشائش والنباتات ‪ ،‬تمنح لهم ألعمالهم البطولية ‪،‬التي يقومون بها كتكريم لهم بعد الحروب‬
‫‪ ،‬لكن الخوذة املصنوعة من الجلد او املعدن الحقا كانت تفي بالغرض(‪.)3‬‬

‫لكن عادة ما يكتفي املواطن الروماني بسحب طرف "التوجا " أو " البنوال "‪ ،‬كغطاء للرأس ‪،‬عندما‬
‫يكون الجو متقلب أو عاصف ‪ ،‬ومع ذلك فكانت تعرف عندهم عدة تصميمات كأغطية للرأس‪ ،‬فعندما‬
‫بدأ املواطن الروماني يستعمل أغطية الرأس لبس قبعة من الفلين ذات اطار ضيق أو واسع أحيانا‪ ،‬في‬
‫حين الذي كان يقض ي أوقات أكثر في الخالء يرتدي قبعة من الجلد او من القش املجدول او املظفر‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Dedore(R.) ,Op.Cit,p.41;Cosme( p.) , 2012,,pp39-41(1‬‬

‫‪Goldsworthy(Adrian), 2003) ,p.120(2‬‬

‫‪Renel(CH) ,Cultes Militaires de Rome ,les Enseignes , Lyoon,( paris 1903),p.157(3‬‬

‫‪81‬‬
‫‪-2‬الطعام ‪:‬‬

‫لم تشكل الحياة اليومية في روما في عهدها امللكي عبئا كبيرا ألنها كانت بسيطة من حيث امللبس‬
‫واملسكن واملأكل ‪ ،‬حيث كان طعامهم بسيطا قوامه اللبن مع سليقة القمح أو الخبز وبعض البقول أو‬
‫الخضراوات وبعض الفاكهة ‪ ،‬وقلما شكلت اللحوم عنصرا أساسا في غذاء الرومان اليومي ‪،‬فال تؤكل اال‬
‫في املناسبات كاألعياد وعند تقديم القرابين ‪،‬فاالسر الغنية اعتمدت في سد حاجاتها على ما تستغله من‬
‫أراضيها ومراعيها من طعام وشراب ‪ ،‬وما ينقصها كان كانت تحصل عليه عن طرق املقايضة من األسواق‬
‫التي كانوا يقيمونها أسبوعيا في حين اعتمدت االسر الفقيرة على ما تستبدله ببعض الحاجات أو‬
‫الخدمات األخرى من تلك األسواق ‪.‬‬

‫لكن مع اتساع الرقعة الجغرافية لإلمبراطورية الرومانية ساعد في تنوع املحاصيل الزراعية‬
‫والغذاء الروماني على وجه الخصوص ‪ ،‬فاختلفت املأكوالت وطريقة أكلها من رقعة ألخرى ‪ ،‬ومن طبقة‬
‫اجتماعية ألخرى(‪ ، )1‬وكان الروماني الغني * يقسم وجباته في اليوم الى أربعة (‪ )4‬أقسام ‪ ،‬وتكون منظمة‬
‫‪ ،‬الوجبة األولى تتمثل في فطور الصباح )‪ (Jantaculum‬وفيها الخبز والعسل والتمر والجبن الزينون‬
‫والفطائر لألغنياء ‪،‬أما بخصوص وجبة الغذاء )‪(Parandium‬فتتكون من اللحوم الباردة والخضر والخبز‬
‫املنقوع بالنبيذ (‪ ،)2‬في حين وجبة العشاء تكونت من ثالثة أطباق األول ثانوي يتكون من الخضروات أو‬
‫األسماك الصغيرة أو البيض ثم الطبق الرئيس ي )‪(Prima mennsa‬وفيه اللحوم املختلفة املشوية او‬
‫املحشية ويأتي دور الطبق األخير املتمثل بتحلية )‪(Camissatio‬تختلف باختالف رغبة االسرة(‪. )3‬‬

‫ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـــ‬

‫‪)1‬كاثي ك ‪ .‬كوفمان ‪ ،‬الطبخ في الحضارات القديمة ‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد الغانمي ‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬أبو ظبي ‪ ،2012‬ص ‪230‬ـ‬
‫‪.231‬‬

‫*كان الفقراء من الرومان يكتفون في فطور الصباح بالخبز اليابس ‪،‬وفي الغذاء يتناولون الخبز مع الجبن عادة والعشاء‬
‫العصيدة ‪،‬للمزيد أنظر ‪ :‬كاثي ك ‪ .‬كوفمان‪ ،‬املرجع السابق ‪.233 ،‬‬

‫‪Joachim marquardt,op.cit,p.313(2‬‬

‫‪Ibed ,p.313-314(3‬‬

‫‪82‬‬
‫تكونت وجبات الروماني عامة من ‪:‬‬
‫‪)1‬الخبز‪:‬‬

‫كان تحضيره من مهمة ربة البيت لدى العامة والعبيد عند األغنياء منذ فجر تاريخهم الى حوالي ‪271‬‬
‫قبل امليالد ‪ ،‬حيث عرفوا صناعة الخبز في املخابز العامة باملدن ‪،‬لكن رغم ذلك استمرت املرأة في صناعة‬
‫الخبز العادي في املزارع واألرياف ‪،‬حيث تقوم ربة البيت بخلط الدقيق باملاء الدافئ وتعجن باليد وتشكل‬
‫دوائر وتطهى باملوقد (‪ ،)1‬وفي القرن األول امليالدي عرف الرومان الخميرة ()وأصبح الخبز املخمر املفضل‬
‫عند الرومان ألنه األخف باملقارنة مع األول ‪.‬‬

‫تختلف نوعية الخبز عند الرومان بحسب نوعية وجودة القمح والطحين املستخدم في العجين ‪،‬حيث‬
‫نجد خبز السيلغنيوس (‪ )panis Siliginius‬وهو مربع الشكل ينسب الى الخباز الذي صنعه ألول مرة‬
‫ويعتبر من أجود أنواع الخبز ‪،‬باإلضافة الى خبز السكونداريوس )‪(panis secundrius‬وكالهم يستهلك من‬
‫قبل األغنياء في حين الصنف الثالث املعرف بالخبز األسود كان صنف الفقراء (‪.)2‬‬
‫‪)2‬العصيدة ‪:‬‬

‫وهي عدة أنواع ‪ ،‬عصيدة الحنطة يحضرها الروماني باملاء او الحليب عادة ‪ ،‬حيث يقومون بنع‬
‫الحنطة في املاء ويضاف اليها الجبن وبعض العسل ويتم طهيها على نار هادئة ‪ ،‬كمل ذكرت بعض املصادر‬
‫عصيدة القمح التي يستخدم فيها الروماني القمح الصافي بعد تنقيته ونقعه في املاء الصافي ويضاف له‬
‫القليل من الحليب ويطهى فوق النار مع تحريكه حتى يصبح الخليط ثقيال ‪ ،‬كما عرفوا أيضا عصيدة‬
‫الشعير املحمص التي يفضلها الرومان خاصة اذا كانت الحبوب طرية (‪.)3‬‬
‫‪ )3‬الخضر‪:‬‬

‫ومن أهم الخضر التي فضلها الرومان اللفت ألهميته الغذائية كالفول والقمح ‪،‬إذ يأكلونه مشوي‬
‫‪ ،‬وأجوده هو اللفت املعروف "الفجل الجايد )‪ (algide‬نسبة للمنطقة التي يزرع فيها ‪،‬كما فضلوا أيضا‬
‫أكل الجزر كذلك ‪،‬الذي أحبو أكله مقلي أو مسلوق ‪.‬كما اعتمد الرومان في مطابخهم البصل والقرنون‬
‫والخرشوف وأوراق السلق الذي يفضلونه مع النبيذ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪Jacques André,L’Alimentatio et la cuisine à Rome ,(paris1961),p.62(1‬‬

‫‪Ibed,Lo.cit(2‬‬

‫‪Ibed,p63(3‬‬

‫‪83‬‬
‫‪)4‬البقوليات ‪:‬‬

‫اعتمد الرومان في وجباتهم عادة مجموعة من البقوليات كالفول والحمص والعدس والسمسم‬
‫وكذلك الذرة والشعير ‪ ،‬حيث كان الحمص مثال يباع جافا أو أخضرا يؤكل مشوي أو مسلوق او مقلي‬
‫وكذلك ألغلب البقوليات التي فضلوها ‪.‬‬
‫‪ )5‬اللحوم بأنواعها ‪:‬‬

‫فضل الرومان من بين كل اللحوم لحم الخنزير على غرار اللحوم األخرى وكانوا يحفظونها سواء‬
‫مدخنة أو مقددة ‪ ،‬أما لحم األسماك الطازجة تم استهالكها بشكل طبيعي وفقا ملا يتم اصطياده من‬
‫أسماك ‪،‬ونذكر على سبيل املثال ال الحصر سمك الحفش (‪ )esturgeon‬املفضل من قبل الرومان‬
‫(‪،) 1‬كما اصطادوا أيضا سمك االسبرط وكانوا يحبذونه مقليا باإلضافة الى سمك الالجيتا التي تبلل‬
‫بالنبيذ وتستهلك مع البيض والدجاج ويضاف اليه بعض التوابل كا الفلفل والبقدونس ‪.‬‬
‫‪)6‬الفواكه‪:‬‬

‫ذكرت العديد من الدراسات بعض الفواكه املرغوبة من قبل الرومان وأهمها ‪:‬التين الكمثري‬
‫والسفرجل فضال عن الخوخ واملشمش الذي تمت زراعته في إيطاليا مع بداية القرن األول امليالدي ‪،‬كما‬
‫ال نغفل عن ذكر املكسرات كالجوز والبندق الذي كان يؤكل طازجا او محمصا(‪.)2‬‬
‫‪ )7‬املشروبات ‪:‬‬

‫كان املاء مشروب الغالبية العظمى من الرومان وهو املشروب األول لديهم ‪ ،‬باإلضافة الى الحليب‬
‫خاصة حليب املاعز ألنه األنسب للمعدة ‪،‬في حين لم يعرف الرومان الخمر في البداية لقلة الكروم في‬
‫إيطاليا لكن بعد توسعات الجمهورية الرومانية وسيطرة روما على بعض املقاطعات الغنية باشجار‬
‫الكروم ازداد طلبه في إيطاليا خاصة في العهد االمبراطوري(‪ )3‬خاصة في األعياد واالحتفاالت‪ ،‬ومن األنواع‬
‫النبيذ ‪،‬نذكر الباسوم "‪ " Passum‬الذي يستخرج من العنب املجفف وخمر الديفورتوم " ‪."Defrutum‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪Jacques André,op.cit,p133(1‬‬

‫‪IBED ,p.86(2‬‬

‫‪Tertullien ,Apologétique,XLII,(3‬‬

‫‪84‬‬
‫‪-3‬الترفيه‪:‬‬
‫اهتم الرومان اهتماما كبيرا بالتسلية والترفيه‪. ،‬وتدل أثار املسارح والحمامات وغيرها على اهتمام‬
‫الرومان بمنشئات خصصوها لراحتهم الشخصية ومن ذلك نجد‪:‬‬
‫‪ 1-3‬املسرح ‪:‬‬

‫كان املسرح في عصر الجمهورية سمة سائدة في الحياة االجتماعية الرومانية و كان الرومان يتمتعون‬
‫بعروض فريدة كالدراما وامليميات في ممارساتهم القانونية ‪،‬تعرض لنا الديانة الرومانية طقوس على‬
‫شاكلة االحتفال بعيد االرجي ‪ argei‬وهو عبارة عن عدد من العرائس أو الدمى أو نبات السمار(‪،)1‬وعليه‬
‫وظهر مسرح روما تدريجيا في البداية حيث كان عبارة عن عرض مشهدي أخد من اتروريا رقص وموسيقى‬
‫مع تقديم القرابين لآللهة ‪ ،‬وتطور إلى عروض راقصة وإدخال الكالم ليصبح مناوشات فيما بينهم حتى‬
‫أصبح هذا الفن الدخيل ذو صبغة رومانية وعرضا ارتجاليا غير مكتوب(‪،)2‬كما كان للرقص مكانة بارزة‬
‫في الحياة الرومانية يحمل سمات تقليد تم تعديلها بواسطة املوسيقى والحركة اإليقاعية(‪..)3‬‬

‫ظهرت البذور األولى للمسرح الرومان في األشعار الفيسكينية‪ ،‬حيث يقدمون قربانا آللهة األرض‬
‫ويقدمون اللبن إلى اإلله سلفانوس والخمر والزهور إلى الروح الحارسة التي تحفظ املنزل ‪ ،‬كما كانت‬
‫األشعار الفيسكينية تنشد في حفالت الزفاف ‪.‬‬

‫لم يكن املسرح في اغلب االحتماالت يحفل كثيرا باألعمال التراجيدية التي كانت سائدة في عصر‬
‫اإلمبراطورية كان يستشهد باألعمال الفنية بوصفها دليل على تفاصيل العروض املسرحية التي تزخر‬
‫باملرح والفكاهة‪ .‬فماركوس اورليوس (‪)4‬يجد متعته في سماع املمازحات املبتذلة بين العمال حين‬
‫يقسطون للراحة "البذرة التي انبتت الدراما "كانت األشعار موزونة ويتغنى بها في شكل أنشودة‪ ،‬وفي أواخر‬
‫القرن الرابع عرف الرومان شيئا من القصص املسرحي الذي اشتهرت به مدينة " اتيال " تحت مسمى‬
‫مسرحيات ‪ .fabulean atallana‬وكان املمثلون يرتدون أقنعة و يزيدون بعض الكلمات أو العبارات (‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬كمال عيد ‪ ،‬سينوغرافيا املسرح عبر العصور ‪ ،‬الدار الثقافية للنشر القاهرة ’ ص‪35‬‬
‫‪ )2‬عامر طاوس ي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪12‬‬
‫‪)3‬وبير املسرح الروماني ‪،‬ملسرح الروماني ‪ ،‬ترجمة زين العابدين سيد محمد وحاتم ربيع حسن ’عن نسخة ‪THE‬‬
‫‪’ STAGE ROMAN‬املركز القومي للترجمة ط‪ ،1‬ص‪ ،20‬ص ‪36‬‬
‫‪ )4‬عامر طاوس ي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪ )5‬إبراهيم رزق أيوب ن التاريخ الروماني ‪ ،‬الشركة العاملية للكتاب ‪ ،‬لبنان ‪،‬ط‪ ’ 1996 ،1‬ص‪106‬‬

‫‪85‬‬
‫كان الرومان في البداية يقدمون عروض مسرحياتهم في الهواء الطلق على منصات خشبية‬
‫متحركة حتى سنة ‪ 179‬ق‪.‬م واهتم الرومان بحضور فعاليات العاب املسرح التي كانت تقام في مختلف‬
‫مقاطعات اإلمبراطورية ‪ ،‬كانوا يستمتعون باملسرحيات الدرامية ومسرحيات الفكاهة ملسرح وعروض‬
‫اإليماء و تسبب التوافد الكبير للرومان على عروض املسرح في جعل املناوشات الكالمية تتحول إلى‬
‫مباريات حقيقية في املالكمة ‪ ،‬ويفيدنا بعض الدراسات عن األلعاب املسرحية أنها أقيمت ألول مرة سنة‬
‫‪ 364‬ق‪.‬م بتوسل الرومان إلى اآللهة لترفع مصيبتها وإبعاد وباء الطاعون الذي اهلك سكان روما خالل‬
‫سنتي ‪366‬ق‪.‬م و‪ 365‬ق‪.‬م وقد أقيمت العاب املسرح مرافقة ملآدب العشاء املجانية للتقرب من اآللهة(‪)1‬‬
‫‪،‬وعليه تعلق الرومان بعروض املسرح في القرنين الثاني واألول قبل امليالد ‪.‬‬
‫كتب ليفيوس اندرونيكوس مسرحية ذات حبكة درامية مارس التمثيل في أعماله وبعد أن بح‬
‫صوته استعان بغالم كان ينشد أمام عازف املزمار وبذالك كان بوسعه محاكاة األغنية ‪.‬كانت هذه هي‬
‫أصل عادة محاكاة املمثلين لالغاني دون استخدام صوتهم سوى في األجزاء الحوارية ‪ ،‬كما برز عند‬
‫الرومان نوع أخر من املقطوعات املسرحية وهي ‪ satura‬ذات لهجة خشنة مبتذلة سبب هذا النوع من‬
‫الكوميديا إزعاج للشعراء وكذا للمواطنين ذوي السلطة والنفوذ الذين ارتابوا في أن هذا يتعلق‬
‫بسلوكياتهم ويسخر بطريقة قاسية ’ كان لولكيليوس أول من حول هذا النمط من املقطوعات إلى‬
‫قصيدة‪ ،‬وشيئا فشيئا حل العرف الجديد الذي يحكم املسرحيات محل املرح والهزل تحولت هذه اللعبة‬
‫بالتدريج إلى حرفة وترك املواطنين الشبان مهمة أداء املسرحيات تمثيال وأصبحت عروضهم تعرف‬
‫بالعروض الهزلية التي تقدم بعد املسرحية الرئيسية استمرت هذه الروايات من تراث االوترسك(‪.)2‬‬
‫ومع بداية الحرب البونية األولى ‪ 264‬ق‪.‬م ووفدت من اتروريا ظاهرة مشؤومة للغاية أال وهي نزال‬
‫املجالدة "عبدا وأسيرا يقاتل حتى املوت إلمتاع املشاهدين وتحقيق التسلية للجمهور وهي عادة طلبت‬
‫قائمة في عهد يوليوس قيصر في املواكب االحتفالية بالنصر وجرت هذه العادة من اتروريا ‪ ،‬كان األسرى‬
‫يعدمون أثناء ارتقاء القائد األعلى للجيش تل الكابيتول أما املجالدون فكانوا يقتلون في ساحة السيرك‬
‫‪.‬وما يدعو للدهشة انتشار الرقص واملوسيقى مع راقصات يحملن النواقيس على صوت املزمار‬
‫والقيتارة(‪،.)3‬ويعتبر عام ‪ 240‬ق‪.‬م هو تاريخ ظهور املسرحية على نمط النماذج اليونانية في روما عندما‬
‫عرضت أول مسرحية يونانية في األعياد الرومانية ‪ ludi romani‬قام بنقلها ليفيوس اندرونيكوس‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪ )1‬عامر طاوس ي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪ ’ 13‬ص‪15‬‬

‫‪ )2‬و‪.‬بير ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 49‬ـ‪.53‬‬

‫‪)3‬علي عبد القادر ‪،‬تاريخ فن املسرح ‪ ،‬كلية الفنون الجميلة ‪،‬محاضرة ‪ ,10‬جامعة بابل ‪ ،‬العراق ‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫وأول من اكتشف أن في روما جمهور لألدب اليوناني ‪ 2.‬وفي منتصف القرن الثالث ظهرت األنشطة‬
‫املسرحية في مناطق من ايطاليا بدا في اتروريا بالرقص واأللعاب الرياضية وعروض املجالدة‬
‫والفروسية‪.‬تطور املزاح إلى عرض احترافي بيد انه كان ارتجاليا يتكون من الهزل املاجن حيث كانت الهزلية‬
‫االتيليةو خالل القرنين الثالث والرابع تشير إلى عروض مسرحية من الحياة اليومية أو املحاكاة الهزلية‬
‫ومسرح اندرونيكوس قدم ثمانية مسرحيات تراجيدية عن أصول إغريقية (‪.)1‬وكانت العروض املسرحية‬
‫تنقسم إلى أربع أنواع ‪:‬‬
‫‪-1‬التمثيلية ‪le mime :‬‬

‫عبارة عن عرض راقص وغير متقن يمتاز ممثلوه بخفة الحركة وعروض التمثيل في روما عبارة عن‬
‫مسرحيات درامية يمثل فيها الفنانون بنعال خفيفة أو حفاة األقدام وغير مقنعين إذ كان يتمثل أساس‬
‫العرض املسرحي في الرقص والقيام بإيماءات وإشارات كثيرة من مواضع الحياة اليومية لآللهة والبشر(‪)2‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-2‬اإليماء ‪: le pantomime‬‬

‫يختلف عن النوع األول كونه لم يثبت وجوده عند اإلغريق واالتروسك من قبل وهو عبارة عن عرض‬
‫تراجيدي راقص ويرتكز هذا النوع على حركية املمثل ‪ pantomime‬الوحيد في املسرحية وكان يتقمص‬
‫ممثلو هذا النوع من مسرحيات اإليماء على حركية املمثل الوحيد في املسرحية وكان يتقمص ممثلو هذا‬
‫النوع من العروض كل شخصيات املسرحية ’ كانت ترافقه في عروضه املسرحية فرقة موسيقية‬
‫ومجموعة من الراقصين وعادة يلبس املمثل لباسا حريريا وقناعا ملونا يعكس مالمح الوجه ‪.‬‬
‫‪-3‬املسرحيات الخيالية ‪:‬‬

‫تتقسم بدورها إلى أربعة أنواع منها املسرحية التراجيدية الالتينية التي تقوم على معالجة موضوع‬
‫إغريقي وتعرف باسم ‪ fibula crepidat‬وتقوم املسرحيات التراجيدية التي تعد ذات مواضيع تاريخية‬
‫جادة على تمجيد بطوالت القضاة والقناصل الرومان ‪ ،‬أما املسرحيات التي كان يرتدي ممثلوها ألبسة‬
‫رومانية فتعرف باسم ‪ fabola togata‬وتقوم على معالجة قضايا الطبقة العامة من املجتمع الروماني ‪.‬‬
‫‪-4‬التمثيلية املضحكة‪:‬‬
‫هي طابع تمثيلي مضحك ‪ ،‬وتقوم هذه العروض عادة على ارتجالية الفنانين لشخصيات مضحكة‬
‫مثل الفالح الشره واالحمق ماكوس (‪ ،)3‬ممثلوا املسرح هنا يضعون على وجوههم ألوان ملونة‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬و‪.‬بير ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪، 57‬ص‪81‬‬
‫‪ )2‬و ‪ ،‬بير ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪52‬‬
‫‪ )3‬عامر طاوس ي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪19‬‬

‫‪87‬‬
‫اللون األبيض يشير للمرأة واللون األسمر يشير للرجل الحر واألحمر للعبد كما لجأ املمثلون إلى تقمص‬
‫األدوار مرتدين أنواع مختلفة من األلبسة ولوازم التمثيل ولوازم التمثيل من ضمنها الجبة الطويلة‬
‫الفضفاضة واألحذية ذات الكعب العالي ‪.‬‬
‫‪-5‬االوديتوريوم ‪:‬‬
‫كانت األعمال األدبية توجه للقراء أمام الجمهور وأول من قدم هذه القراءة العامة هو ايسينيوس‬
‫بوليون في عهد اكتافيوس‪ ،‬حين كان يجلس لالستماع إلى قراءة األشعار ومؤلفات التاريخ وكانت تقام في‬
‫الساحات العمومية واملسارح ولعبت دورا هاما في املسرح في التعبير في التراجيدية والكوميديا ‪.‬وكانت‬
‫القراءة تساعد على تنمية الفصاحة والبالغة عند الطبقة املثقفة (‪.)1‬‬

‫انتشرت حفالت التمثيل وسباق العربات واملصارعة بانواعها واملعارك الحربية البحرية وأنواع‬
‫االستعراضات ‪ ،‬وكان حضور هذه الحفالت واالستعراضات مجانا للطبقة العامة وازداد عدد األيام التي‬
‫تقام فيها أمثال هذه الحفالت التمثيلية حتى أصبح قرب نهاية اإلمبراطورية ما يقرب من ‪ 175‬احتفاال‬
‫خالل العام ‪.،‬ومع بداية العصر اإلمبراطوري ازدادت الظروف االقتصادية ازدهارا من ثم ازدادت الروح‬
‫التي سيطرت على األدب والفن واملسرح خاصة هبوطا ‪،‬حتى وصلت أ دنى درجة في أواخر العصر وتحول‬
‫الرومان إلى مستهلك ولهذا كان طبيعيا أن تبدأ اإلمبراطورية باالنهيار مع غزو القبائل الجرمانية من‬
‫القوط والوندال والهون التي انتهت بسقوط اإلمبراطورية عام ‪.)2( 476‬‬

‫‪ -‬اهم املسارح الرومانية ‪:‬‬


‫*مسرح بومبيوس‬
‫أول مسرح من األحجار ‪ ،‬بناه بومبيوس الذي استغل في بناءه صخور تل ارض ي كما هو الحال في‬
‫املسارح اليونانية غير انه رفع الكافيا التي تزيد عن مساحة التل على عقود ودعامات يتسع ل‪12.000‬‬
‫متفرج و السكاينا غنية بالزخارف املعمارية كاألعمدة ومحرابيين كبيرين وكانت ‪ escedra‬نصف دائرية ’‬
‫وفي قمة ‪ cavea‬أقام بومبيوس معبدا لآللهة فينوس بطريقة تبدو معها درجات الكافيا(‪ )3‬وكأنها‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪ )1‬و‪.‬بير ‪،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.51-50‬‬
‫‪ )2‬حسين الشيخ ‪،‬الرومان ‪ ،‬دراسات في تاريخ الحضارات القديمة ‪ ،‬دار املعرفة الجامعية ‪ ،‬ط‪، 315 ، 2005 ،2‬‬
‫ص‪.316‬‬
‫‪ )3‬انس احمد الشامي ‪ ،‬تاريخ املسرح الروماني ووظيفته ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في تاريخ الشرق القديم ‪،‬‬
‫جامعة دمشق ‪ ،‬قسم التاريخ ‪ 2019/2018 ،‬م ‪،‬ص ‪ ،87‬ص‪88‬‬

‫‪88‬‬
‫درج يصعد إلى املعبد نفسه(‪ ،)3‬و اضفى بومبيوس على املسرح طابع ديني حتى يحافظ على املجتمع‬
‫الروماني ‪ ،‬كما اقام بومبيوس خلف السكاينا مجموعة من املباني أطلق عليها اسم ‪porticus scaenam‬‬
‫‪.‬‬
‫*مسرح مارسيلوس‪:‬‬
‫بدا مسرح مارسيلوس في عصر يوليوس قيصر إال انه اكتمل في بداية عهد أغسطس حوالي ‪ 11‬قبل‬
‫امليالد ‪ ،‬بلغ القطر اإلجمالي حوالي ‪ 80/129‬متر و‪ 150‬متر ارتفاع (‪)2‬تتكون الكافيا فيه من ثالث طوابق‬
‫‪ ،‬األول بأعمدة توسكانية والتاني باعمدة ايونية ‪ ،‬أما الثالث بأعمدة كورنثية أضفت على املبنى رشاقة‬
‫خاصة ‪،‬أما واجهة املسرح فيبلغ طولها من ‪90-80‬م وعرضها حوالي ‪20‬م كلها مزينة بمشكاوات على جانبها‬
‫أعمدة ‪.‬‬

‫* مسرح بومبيوس الكبير ‪ :‬من أقدم املسارح الرومانية‪ ،‬وكانت الكافيا فيه على شكل حدوة الحصان‬
‫تمتد حتى ‪ frons scaenae‬مغطية بذالك املدخلين الرئيسين فضال عن خشبة املسرح تتميز بواجهة‬
‫غنية باملشكواة التي تتواجد القناة الخاصة بستارة املسرح وتتميز واجهة املسرح بوجود ‪ exedra‬على‬
‫شكل نصف دائرة بين نافورتين مستطيلتين بهما أعمدة وهي نفسها محصورة بين اثنين من ‪versuare‬‬
‫وأقدم أجزاء هذا املسرح هو ‪، ،cavea‬في مرحلة تالية امتدت الكافيا فوق املمرات واتصلت باملبنين‬
‫الجانبين للواجهة املسرحية وهذه املرحلة ترجع إلى ‪ 80‬ق‪.‬م أي بعد تحويل مدينة بومبي إلى مستعمرة‬
‫رومانية(‪.)3‬‬
‫‪ -‬أقسام املسرح الروماني‬
‫‪-‬املسرح الخشبي ‪ :‬ظهر في بداية العصر الجمهوري‪ ،‬و هو عبارة عن خشبة مسرح على شكل منصة‬
‫مستطيلة مرتفعة على األرض قائمة على أعمدة خشبية غير ثابتة تغطى األعمدة من األسفل بستائر من‬
‫القماش ‪ ، )4( ،‬كان يستعمل هذا النوع من املسارح في بداية العصر الروماني للعروض الدينية *‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬انس احمد الشامي ‪ ،‬املرجع السابق ‪ ،‬ص‪.88-87‬‬
‫‪ )2‬عزت زكي حامد قادوس ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪187، 181‬‬
‫‪ )3‬نفس املرجع ‪ ،‬ص‪.182‬‬
‫‪ )4‬انس احمد الشامي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ ’97،‬ص‪ ’ 132‬ص‪133‬‬
‫* وعند تحول العروض الدينية إلى الدنيوية تالش ى استعمال هذا املسرح ولكن ظهر مرة أخرى بظهور التمثيل الصامت‬
‫(امليم ) في أواخر العصر الروماني حيث كان يؤديه مجموعة من املهرجين والعبي السيرك وعندما هاجم رجال الدين‬
‫املسيحي هذا النوع من التمثيل أصبحت تقام في قاعات القصور والصاالت لألغنياء ‪ ،‬وبانتهاء استخدام املسارح‬
‫الخشبية عند الرومان بذءوا باستخدام الحجارة كمادة أساسية لبناء املسرح‪ ،.‬للمزيد أنظر أنس احمد الشامي ‪ ،‬املرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪ ’97،‬ص‪ ’ 132‬ص‪133‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -‬املسرح الحجري ‪:‬‬

‫املسرح الحجري هو نوع أخر من املباني التي اكتسبت أهمية خاصة في العمارة الرومانية إال و هي‬
‫مباني ‪ amphitheatre‬التي تأثرت بأبنية كل من كمبانيا وأتروريا نظرا الن هذا النوع نشا في كمبانيا‬
‫والذي كانت تقام فيه املصارعات كنوع من الطقوس الجنائزية عند موت احد الشخصيات الهامة لذلك‬
‫كانت هذه املصارعات تقام بالقرب من املقابر فانتقلت هذه العادة إلى روما وهي عادة ايطالية تميل إلى‬
‫الوحشية والقوة وتطورت من مجرد العاب إلى مصارعات حقيقية جذبت جماهير الرومان (‪.)1‬‬
‫‪-‬مسرح االوديوم ‪:‬‬

‫هي عبارة عن قاعة مستورة تتمثل أدواره لألمسيات الشعرية املوافقة باملقطوعات املوسيقية ‪3‬و‬
‫هذا املبنى ال يختلف في تقسيماته عن املسرح الحجري النصف الدائري العادي فكان يتألف من اركسترا‬
‫وكافيا مقسمة بدورها إلى عدة أقسام ‪ ،‬كما يوجد فيه منصة وجدار أمامي لها تتخلله أبواب وزخارف‬
‫وتماثيل وأعمدة مدعمة من األمام وكان املسرح مبني بشكل كلي وهو مسقوف وقد ارتكزت مقاعد‬
‫الكافيا غلى دعائم وأقواس منحنية ونصف دائرية ووجد فيه مدخل للجمهور ‪ ،‬واالختالف بين االديوم‬
‫واملسرح العادي هو الحجم حيث نجد االوديوم اصغر منه حيث املسرح العادي فيه كافينا سفلى‬
‫ووسطى وعليا ورواق علوي وذالك موجود في اغلب املسارح الرومانية أما مسرح االوديوم فنرى انه ال‬
‫يوجد فيه سوى كافينا سفلى وعليا وتوجد فيه مجموعة من املقاعد أي حسب القدرة االستيعابية وعدد‬
‫الصفوف يتراوح بين ‪ 35-17‬صف أما الحجم ما بين ‪76-14‬متر والقدرة االستيعابية تتراوح بين ‪-1300‬‬
‫‪ 5500‬متفرج أقص ى حد‪.‬مع ذالك يوجد مسارح اوديوم يصل القطر فيها إلى ‪ 100‬م مثل مسرح دوميتيان‬
‫في روما‪ ،‬والذي يعتبر اكبر مسارح االوديوم وهناك مسرح قرطاجة الذي بني في أوائل القرن الثالث‬
‫امليالدي بقطر ‪96‬م (‪.)2‬‬
‫وكشف أيضا عن مسرح اوديوم في األردن بالقرب من مسرح عمان بقطر ‪ 90.20‬م شيد في أوائل‬
‫القرن الثاني امليالدي ‪،‬كما وجد مسرحان صغيران يشبهان مسرح بومبيوس األول في مدينة تورمينا‬
‫‪taormina‬واألخر في مدينة نابولي ‪napolis‬ويعتبر هذا املسرح مفتاح املسرح الروماني ‪،‬كما يعتبر مسرح‬
‫اسباندوس املوجود في غرب تركيا من أشهر املسارح الرومانية يرجع بناءه إلى القرن الثاني امليالدي والذي‬
‫عدل عليه املهندس زينون في عهد ماركوس اورليوس حيث يتسع لحوالي سبعة آالف متفرج ومن األمثلة‬
‫أيضا مسرح اورانج ‪ orange‬الذي بني عام ‪ 51‬ق‪.‬م في فرنسا وقد بلغ عدد املسارح الرومانية املوزعة في‬
‫العالم الروماني حوالي ‪ 125‬مسرح(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬انس احمد الشامي ‪،‬املرجع السابق ‪،‬ص ‪133 ،132‬‬
‫‪)2‬نفس املرجع ‪،‬ص‪134‬‬
‫‪)3‬عزت زكي حامد قادوس ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪184‬‬

‫‪90‬‬
‫‪-4‬منشئات أخرى للترفيه‬
‫‪Amphitheatre‬‬
‫إلى جانب عمارة املسارح هناك نوع أخر من املباني التي اكتسبت أهمية خاصة في العمارة الرومانية‬
‫وهي مباني ‪Amphitheatre‬بتأثير كل من كمبانيا واتروريا النه نشا في كمبانيا بالذات عادة إقامة‬
‫املصارعات كنوع من الطقوس الجنائزية عند موت احد الشخصيات لذالك كانت املصارعات تقام‬
‫بالقرب من املقابر وانتقلت هذه العادة إلى اتروريا كما انتقلت إلى روما فهي عادة ايطالية بحثة تميل إلى‬
‫القوة والوحشية ولقد تطورت من مجرد العاب ذات طابع جنائزي إلى مصارعات حقيقية كانت تجتذب‬
‫جماهير الرومان املتعطشين لرؤية للدماء‪ ،‬و مصطلح ‪ Amphithéatre‬من خالله نحدد عادة املباني التي‬
‫تستضيف معارك املصارعة أو صيد الوحوش البرية ‪ ،‬ويبدو أن تعريف املدرج يستحضر به بالفعل‬
‫املسرح يعني املكان الذي يتم ترتيب مدرجات املتفرجين حيث أن تاريخ املصارعة في روما أقدم من تاريخ‬
‫املدرج‪.‬‬

‫تركت سياسة الرومنة عدة بقايا ملدرجات في مقاطعتها كمدرج ‪ thysdrus‬في تونس و ‪ pozzooli‬في‬
‫ايطاليا و ‪ arees‬او ‪ nimes‬في فرنسا ‪.‬و غيرها من املقاطعات (‪ ، )1‬وكانت املدرجات عند الرومان بناء‬
‫هائل تم فيه ربط معارك املتصارعين في مدرج اهليليجي تحت اعين املتفرجين واحيانا يكون دائري مظلم‬
‫‪ ،‬لم يعرف اإلغريق هذا النوع من املباني وال املشهد الذي تم تصميمه من اجله فقد كان ذالك فقط‬
‫عندما تعرضوا للسيطرة الرومانية ‪.‬‬
‫ومن املؤكد أن املدرجات األولى كانت مجوفة في األرض أو مبنية من الخشب ولكن العديد من‬
‫الحوادث كانت نتيجة لهذه االنشاءات الخشبية ‪ ،‬كان ستيلوس تاوراوس الذي عاش في عهد أغسطس‬
‫عام ‪ 725‬من تأسيس روما فكرة إن يقيم مدرج أقيم عند موقع اإلله مارس وكانت جدرانه مصنوعة من‬
‫الحطبب ‪،‬فيوجد في بومبي أقدم املالهي حيث استخدم في بناءه منحدر تل ارض ي وذالك عام ‪ 80‬ق‪.‬م في‬
‫نفس إقامة االوديون املجاور للمسرح باملدينة يتكون هذا املبنى من ‪:‬‬
‫‪ -‬ساحة املصارعة‬

‫‪ -‬الكافيا‪.‬‬

‫الجزء األول واألوسط في ‪ cavea‬يمكن الوصول إليه عن طريق سلم فردي أو مزدوج ويتكون من‬
‫أربع قطاعات غير متصلة والوصول إلى هذا املمر عن طريق مدخلين كبيرين في الضلع الكبير ‪،‬في الجانب‬
‫الغربي يوجد مدخل يستخدم إلخراج جثث القتلى والجرحى من املصارعين(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪ )1‬عزت زكي حامد قادوس ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.185‬‬
‫‪)2‬املرجع نفسه ‪،‬ص‪.186‬‬

‫‪91‬‬
‫السـ ــيرك ‪:‬‬

‫عبارة عن إستاد على شكل مستطيل ممدود ‪2‬عن نسخة رومانية من ميدان سباق الخيل ذو‬
‫مضمار طويل حيث يتم تقديم فيه مسابقات الخيول في الفترة التاريخية للسيرك الالتيني‪،‬وانجذب‬
‫الرومان إلى مسابقات العربات في السيرك والعروض الدموية في املسارح ‪،‬فاحتل مكانا هاما في الحضارة‬
‫الرومانية وجذب العديد من األشخاص من خالل سباق العربات وقوائم الخيول(‪.)1‬‬

‫بدأت العاب السيرك في العصور القديمة فيما يتعلق باالحتفاالت املقدسة التقليدية واحتفاالت‬
‫األلعاب العسكرية وتم تقريب الجوانب القصيرة من خالل الساحة بأكملها قسمت إلى قسمين في نهايات‬
‫القسم وكانت العربات تدور حولها على طول القسم‪ ،‬مع كل سباق على املتسابقين االلتفاف حول الدورة‬
‫عدة مرات أكثر من سبع مرات وأحيانا أربعة عشر مرة‪.‬‬

‫غطت عربة ‪ quadriga‬مسافة حوالي ثمانية كيلومترات ونصف نظرا الن السائق معرض خطر‬
‫التشابك عندما يسقط بسرعة عالية كان لكل مشارك سكين حاد معه إذا لزم األمر قطع األشرطة على‬
‫الفور ونادرا ما كانت أحداث الفروسية في السيرك بال ضحايا والشخص الذي يصل كوادريجا إلى خط‬
‫النهاية حصل على جائزة إكليل من الزهور وفرع النخيل وحتى جائزة نقدية ‪.‬وكان السيرك أيضا مكان‬
‫يراهن فيه املراهنون على املقامرة وفريق أو أخر ‪.‬كما اشتهر السيرك بااالوبرا وحفالت موسيقية خاصة‬
‫به حيث يستضيف ما يصل إلى ‪ 600000‬متفرج في السنة (‪.)2‬‬

‫تم بناء ثالثة مباني للسيرك في روما أقدمها السيرك الكبير سيرك ماكسيموس* ‪circus maximus‬‬
‫تم تصميمه ل‪ 250000‬متفرج باالظافة إلى سيرك نيرون وماكسوس ولكن السيرك الروماني ال يشبه‬
‫السيرك الحديث حيث كان استمرار لسباق الخيل والعربات اليونانية(‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ )1‬ستانفورد مالك كراوس ‪ ،‬نفسه ‪ ،‬ص‪ ،41‬ص‪42‬‬
‫‪stanford Mc Krause ,vie dans la rome antique ,trad, dominique toussaint ,p54(2‬‬
‫* تم إنشاء سيرك ماكسيموس بدقة في منخفض طبيعي يفصل البالتين عن لفنتين‪ ،‬احتوت الساحة على حلبة بلغت‬
‫حوالي ‪ 550‬متر وعرضها ‪ 90‬متروليس من قبل الصدفة أن يضع تراجان املدينة بأكملها حتى انه سك عملة تمثل هذا‬
‫السيرك ‪ .‬كما تم استخدام الخرسانة في السيرك ليس فقط لبناء األساسات والجدران ولكن تم حجز مكان معين لها في‬
‫بناء قبو مخصص لتشكيل سقف للعديد من ممرات الخدمة وغرف الخدمات ‪ 4‬وتتوافق هذه الفترة مع ظهور األفاريز‬
‫االتروسكية التي تمثل بداية القرن السادس في سباق الخيل‪ 5‬و يبق السيرك الروماني القديم ال يشبه السيرك الحديث‬
‫حيث كان استمرار لسباق الخيل والعربات اليونانية التي كانت مخصصة أصال لسباق العربات للمزيد أنظر ‪ :‬ستانفورد‬
‫‪،‬نفسه ‪.‬‬
‫‪)3‬ستانفورد مالك كراوس ‪ ،‬نفس املرجع السابق ‪ ،‬ص‪42، 41‬‬

‫‪92‬‬
‫‪-‬مسارح املصارعة ‪:‬‬
‫استرضت شغف الشعب الروماني مشهد مصارعات ‪ gladiateur‬وكانت تستمد من األلعاب‬
‫الجنائزية لالتروسكيين الذين حلوا محل التضحيات البشرية التي كانت تقدم لذكرى املوتى ومع مرور‬
‫الوقت فقدت هذه األلعاب قيمة الضحايا وتحولت إلى مجرد ترفيه للقسوة وفخر بحريتهم للشعب‬
‫الروماني وهم يفتخرون بمشاهدة املصارعين وهم يضربون حتى املوت‪ ،‬وتعتبر لعبة املصارعة من‬
‫األلعاب الرياضية املميزة حيث يتطلب من املصارع امتالك القدرة على بذل جهد كبير إذ تعتبر من‬
‫األلعاب التي تتطلب تدريبا للجسم والعقل في أن واحد ‪ ،‬لهذا يجب أن يتسم العب املصارعة بامتالكه‬
‫القدرات املختلفة واإلعداد البدني والنفس ي الدائم باإلضافة إلى املتطلبات البدنية واملهارية األخرى ‪.‬‬
‫وبما أنها من األلعاب الفردية التي لها خصائص ومميزات تختلف عن بقية األلعاب كونها تلعب‬
‫بحركات سريعة جدا ونشيطة وقوة تحمل وتركيز عاليين لهذا يجب أن يمتلك العبيها العديد من القدرات‬
‫البدنية واملهارية والعقلية والتي بمجملها يكون الالعب صاحب امتياز عن غيره في هذه اللعبة(‪.)1‬‬

‫وعلى مدار القرنين األول والتاني بعد امليالد كانت عروض املصارعين*جزء ال يتجزأ من طقوس‬
‫الحياة الرومانية ‪ ،‬وكانت املسارح واملدرجات منتشرة في جميع املدن وكانت املصارعة نوع من أنواع الترفيه‬
‫و كان األباطرة يروجون لهذه العروض من اجل استغاللها في الدعاية السياسية وتعبيرا عن تضامنهم‬
‫مع الشعب وتقاربهم مع الجماهير وكان األباطرة يستخدمون عروض املصارعة لتأكيد بسط سيطرتهم‬
‫على البشر ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ‬
‫‪ )1‬مجموعة باحثين‪ ،‬االستشارة االنفعالية وعالقتها بمستوى أداء بعض مسكات الرمي في املصارعة الرومانية ‪ ،‬بحث‬
‫لجامعة االنبهار ‪ ،‬كلية التربية الرياضية ‪.‬‬

‫*ترافق عروض املصارعين الوالئم حيث كان الرومان يدعون أصدقاءهم لتناول الطعام واالستماع بمشاهدة املصارعين‬
‫‪،‬وكانوا يجلبون ستة مصارعين على األقل للمناسبة وعندما يقوم مصارع بقطع عنق غريمه كان الناس يلجئون‬
‫للتشجيع والهتاف‪ ،‬واألرجح أن هذه التقاليد انتقلت من كمبانيا إلى روما وهناك احتمال أن يكون اليونانيون الذين‬
‫استوطنوا كمبانيا في القرن الثامن قبل امليالد هم من وضع أساس لهذه األلعاب واملباريات ’كما أقدم اليونانيون تقديم‬
‫قرابين بشرية لآللهة أثناء املواكب الجنائزية املهيبة التي تصاحب وفاة أصحاب الشأن من الناس وكانت هذه الطقوس‬
‫تهدف ملساعدة املوتى ذوي املكانة املرموقة على املرور بسالم من عالم األحياء إلى مملكة‪.‬وكان الرومان متاكدين أنهم‬
‫يسدون معروفا للموتى من جراء العروض املصاحبة للدفن اعتقادهم أن دم العبيد واملساجين يطهر أرواح املوتى من‬
‫علية القوم قبيل رحلتهم إلى مملكة املوت‪ ،‬للمزيد أنظر ‪- :‬أنس أحمد الشامي ‪ ،‬مرجع نفسه ‪ ،‬ص‪، 243‬ص ‪،244‬ص‪249‬‬

‫‪93‬‬
‫البيبليوغر افيا‬

‫‪94‬‬
‫املراجع‪:‬‬
‫‪-1‬املراجع العربية ‪:‬‬

‫‪-‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬تاريخ الرومان ‪،‬منشورات الجامعة الليبية ‪ ،‬كلية األدب ‪.1971‬‬

‫‪-‬إبراهيم نصحي ‪ ،‬تاريخ الرومان من أقدم العصور حتى ‪ 133‬ق‪.‬م ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ط ‪ ، 2‬مكتبة األنجلو املصرية‬
‫‪ ،‬القاهرة ‪. 1978 ،‬‬

‫إبراهيم رزق أيوب ن التاريخ الروماني ‪ ،‬الشركة العاملية للكتاب ‪ ،‬لبنان ‪،‬ط‪’ 1996 ،1‬‬

‫‪-‬احمد سحالي‪ ,‬إصالحات قسطنطين االول الدينية و السياسية في اوروبا (‪337-306‬م)‪ ,‬مذكرة للنيل‬
‫شهادة املاجستير‪,‬تخصص تاريخ قديم‪ ,‬قسم التاريخ‪ ,‬كلية العلوم االنسانية و االجتماعية‪ ,‬جامعة‬
‫الجزائر ‪ ,2‬دفعة ‪.2015-2014‬‬

‫أحمد غانم حافظ ‪ ،‬اإلمبراطورية الرومانية من النشأة إلى اإلنهيار ‪ ،‬تقديم حسين أحمد الشيخ ‪ ،‬دار‬
‫املعرفة الجامعية للطبع و النشر و التوزيع ‪ ،‬االسكندرية ‪2008 ،‬‬

‫‪-‬أسد رستم ‪،‬عصر أغسطس قيصر وخلفائه ‪،‬ج‪ ، 1‬بيروت ‪.1953‬‬

‫أسد رستم‪ ،‬تاریخ الیونان من فلیبیوس املقدوني الى الفتح الروماني‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪،‬منشو ا رت الجامعة‬
‫اللبنانیة ‪ ،‬ص‪22‬؛ ‪163‬مراد محمد إسماعيل ‪،‬عصر انطيوخوس الرابع (‪175‬ـ ‪ 163‬ق م ) ‪.‬‬

‫‪-‬أشرف صالح‪ ،‬املالمح الشخصية ألجدر حاكم لإلمبراطورية الرومانية‪ ،‬دار ناشري‪ ،‬مارس ‪.2008‬‬

‫‪ -‬اندريه ايمار وجانين ابوايه ‪ ،‬تاريخ الحضارات العام ‪،‬روما وامبراطوريتها ‪،‬املجلد الثاني ‪،‬منشورات‬
‫عويدات ‪،‬باريس‪. 1986‬‬

‫‪-‬أمين سالمة ‪ ،‬معجم األعالم في األساطير اليونانية و الرومانية ‪ ،‬ط ‪ ، 2‬مؤسسة العروبة للطباعة و النشر‬
‫‪. 1988 ،‬‬

‫‪-‬أنس احمد الشامي ‪ ،‬تاريخ املسرح الروماني ووظيفته ‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في تاريخ‬
‫الشرق القديم ‪ ،‬جامعة دمشق ‪ ،‬قسم التاريخ ‪. 2019/2018 ،‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬ايفان كونغ ‪ ،‬السحر و السحرة عند الفراعنة ‪ ،‬ترجمة فاطمة عبد هللا محمود ‪ ،‬مراجعة محمود ماهر‬
‫طه ‪ ،‬الهيئة املصرية العامة للكتاب ‪. 1999 ،‬‬

‫‪-‬بسام العسيلي ‪،‬هانيبال القرطاجي‪ 247‬ـ ‪ 183‬ق م ‪ ،‬بيروت (ب ـ ت )‪.‬‬

‫‪-‬بشار املساري ‪ ،‬العمارة الرومانية ‪ ،‬الباحثون السوريون ج‪. 1‬‬

‫‪-‬جارنس ي ‪ ،‬بيتر وآخرون‪ .‬اإلمبراطورية الرومانية‪ :‬االقتصاد واملجتمع والثقافة‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مطبعة‬
‫جامعة كاليفورنيا ‪. 2015 ،‬‬

‫‪-‬جيبون ‪ ،‬ادوارد ‪ ،‬اضمحالل اإلمبراطورية الرومانية وسقوطها ‪ ،‬ترجمة ‪،‬محمد على أبو درة ‪ ،‬مراجعة‬
‫‪،‬أحمد نجيب هاشم ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مطبعة الكاتب العربي للطباعة والنشر ‪ ، 1969،‬ج‪.1‬‬

‫‪ -‬حمد خير محمد العطا احمد ‪ ،‬التأثيرات املعمارية الرومانية على العمارة املروية ‪،‬بحث لرسالة‬
‫املاجستير في اآلثار‪ ،‬جامعة شندى‪ ،‬السودان‪.‬‬

‫‪ -‬حسين الشيخ ‪،‬الرومان ‪ ،‬دراسات في تاريخ الحضارات القديمة ‪ ،‬دار املعرفة الجامعية ‪ ،‬ط‪. 2005 ،2‬‬

‫‪-‬خزعل املاجدي ‪ ،‬املعتقدات الرومانية ‪ ،‬دار الشروق للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪. 2005 ،‬‬

‫‪-‬دودلي (د‪.‬ر‪،).‬حضارة روما ‪،‬ترجمة جميل بواقيم الذهبي وفاروق فريد ‪ ،‬القاهرة ‪.1979‬‬

‫‪-‬زياد سلهب وميسون املرعشلي ‪،‬تاريخ العصور الكالسيكية الرومانية ‪ ،‬جامعة دمشق ‪. 2015-2014،‬‬

‫‪-‬سايح مرزوق أحمد‪ ،‬حنبعل وانتصاراته األربعة في إيطااليا ‪ 216 - 218‬ق‪.‬م خالل الحرب البونية الثانية‪،‬‬
‫مجلة الحكمة للدراسات التاريخية ‪ ،‬املجلد ‪ ، 5‬العدد ‪) ، 12‬ديسمبر ‪.2017‬‬

‫سید احمد علي الناصري‪ ،‬االغریق تاریخهم وحضارتهم من حضارة كریت حتى قیام إمبراطورية االسكندر‬
‫األكبر‪ ،‬دار النهضة العربیة‪.‬‬

‫‪-‬السعدني محمود إبراهيم ‪،‬حضارة الرومان ‪،‬ط‪،1‬كلية األداب جامعة الزقازيق ‪.1998 ،‬‬

‫‪96‬‬
‫‪-‬شنيتي ‪ ،‬التغيرات االقتصادية و االجتماعية في املغرب أثناء االحتالل الروماني ‪،‬د‪.‬ط ‪،‬املؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب ‪ ،‬الجزائر ‪. 1984 ،‬‬

‫‪-‬سليم عادل عبد الحق ‪ ،‬روما والشرق الروماني ‪،‬ص ‪59‬؛نور الدين حاطوم واحرون‪،‬ج‪،1‬دمشق ‪.1965‬‬

‫‪-‬سيد أحمد على الناصري‪ ،‬تاريخ اإلمبراطورية الرومانية السياس ي والحضاري ‪،‬القاهرة ‪، 1975‬‬

‫‪-‬صاحب عبيد الفتالوي‪ ،‬تاريخ القانون ‪،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان األردن ‪.1998،‬‬

‫‪ -‬طه باقر ‪ ،‬مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ‪،‬الفرات للنشر والتوزيع ‪،‬بيت الوراق للطباعة ‪،‬بغداد‬
‫‪.2011‬‬

‫‪-‬عبد الحليم محمد حسن ‪ ،‬تاريخ الرومان عصر الجمهورية ‪ ،‬دار الثقافة العربية ‪. 1998 ،‬‬

‫‪ -‬عبد العزيز‪ ،‬كارم محمود‪ ،‬اساطير العالم القديم‪ ،‬ط‪ ) ، 1‬القاىرة ‪:‬مكتبة النافذة‪2887،‬‬

‫‪-‬عبد املجيد حمدان ‪،‬العبيد عند الرومان خالل القرنين الثاني واألول قبل امليالد ‪ ،‬مجلة دراسات‬
‫تاريخية ‪ ،‬العدد ‪2012/ - 117‬‬

‫‪-‬عزت زكي حامد قادوس ‪،‬مدخل الى علم االثار اليونانية والرومانية‪ ،‬كلية األداب ‪،‬جامعة اإلسكندرية‬
‫‪.2007‬‬

‫‪--‬عقون محمد العربي‪ ،‬فصول من الحرب البونية األولى ‪ 241 - 264‬ق‪.‬م‪ ،‬معركة ميلس البحرية ) ‪261‬‬
‫ق‪.‬م‪(.‬وحملة ريغولوس على قرطاج ) ‪ 256‬ق‪.‬م‪ ،(.‬مجلة كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية العدد‪ :‬الثالث‬
‫ديسمبر ‪،2009‬ص‪105‬ـ ‪.127‬‬

‫‪-‬عمر بوصبع ‪ ،‬املحاوالت اإلصالحية لألخوين جراكوس وانعكاساتها على األوضاع العامة للجمهورية‬
‫الرومانية (‪ 133‬ـ ‪ 121‬ق م )‪،.‬مجلة املعارف للبحوث والدراسات التاريخية ‪،‬العدد ‪. 11،‬‬

‫‪-‬على عكاشة ‪،‬شحادة الناظور ‪،‬جمال بيضون ‪ ،‬اليونان والرومان ‪.‬‬

‫‪-‬علي عبد القادر ‪،‬تاريخ فن املسرح ‪ ،‬كلية الفنون الجميلة ‪،‬محاضرة ‪ ,10‬جامعة بابل ‪ ،‬العراق ‪،‬‬

‫عمر كمال توفيق‪ ،‬تاريخ الدولة البيزنطية‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬مصر ‪. 1995‬‬

‫‪97‬‬
‫‪-‬غوستاف لوبون ‪ ،‬حياة الحقائق ‪ ،‬العقائد ‪ ،‬ط‪ ، 1‬تر عادل زعيتر ‪ ،‬دار أحياء للكتب العربية ‪. 1949 ،‬‬

‫‪-‬فراس السواح ‪ ،‬موسوعة تاريخ األديان اليونان و الرومان أوروبا قبل املسيحية ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬دار عالء الدين‬
‫‪ ،‬دمشق ‪.2005 ،‬‬

‫‪ -‬فيتروفيوس ‪ ،‬الكتب العشرة في العمارة ‪ ،‬ترجمة هاشم عبود املوسوي‪ ،‬املكتب العربي للمعارف‪.2016،‬‬

‫قبيلة فارس املالكي ‪ ،‬تاريخ العمارة عبر العصور ‪،‬دار املناهج للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪.2011،‬‬

‫‪-‬كاثي ك ‪ .‬كوفمان ‪ ،‬الطبخ في الحضارات القديمة ‪ ،‬ترجمة‪ :‬سعيد الغانمي ‪ ،‬الطبعة األولى ‪،‬أبو ظبي‬
‫‪.2012‬‬

‫‪-‬كمال عيد ‪ ،‬سينوغرافيا املسرح عبر العصور ‪ ،‬الدار الثقافية للنشر ‪،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪-‬كومالن ب‪ ، .‬األساطير اإلغريقية و الرومانية ‪ ،‬ترجمة أحمد رضا و محمد رضا ‪ ،‬الهيئة املصرية للكتاب‬
‫‪. 1992 ،‬‬

‫‪-‬لحسن إبراهيم ‪ ،‬األسرى الرومان خالل النصف الثاني من العهد الجمهوري (‪ 378‬ـ ‪ 27‬ق م ) ‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستير ‪،‬اشراف بلقاسم رحماني ‪ 2015‬ـ ‪. 2016‬‬

‫‪-‬مجموعة باحثين‪ ،‬االستشارة االنفعالية وعالقتها بمستوى أداء بعض مسكات الرمي في املصارعة‬
‫الرومانية ‪ ،‬بحث لجامعة االنبهار ‪ ،‬كلية التربية الرياضية‪.‬‬

‫‪-‬محمد عبد الحميد عبد املجيد العلوي‪ ،‬أهمية القانون الروماني ومراحل تطوره ‪،‬مجلة تهامة ‪، ،‬جامعة‬
‫عدن ‪،‬العدد ‪.10‬‬

‫‪-‬محمد محفل ‪،‬محمد الزين ‪،‬دراسة في تاريخ الرومان ‪.‬جامعة دمشق‪.2016،‬‬

‫‪-‬محمد الهادي حارش ‪ ،‬التاريخ املغاربي اقديم ‪،‬السياس ي والحضاري منذ فجر التاريخ الى الفتح‬
‫اإلسالمي ‪،‬دار هومة ( الجزائر ‪.)2013،‬‬

‫‪-‬محمد الهادي حارش‪ ،‬حملة حنبعل على إيطاليا‪ ،‬مجلة الدراسات التاريخية‪ ،‬العدد ‪ ، 06‬الجزائر‬
‫‪. 1992‬‬

‫‪98‬‬
‫‪-‬محمد البشير شنيتي ‪ ،‬نوميديا و روما اإلمبراطورية تحوالت إقتصادية و إجتماعية في ظل االحتالل ‪،‬‬
‫ط‪ ، 1‬مؤسسة كنوز الحكمة للنشر و التوزيع ‪ ،‬األبيار ‪ ،‬الجزائر ‪. 2012 ،‬‬

‫‪-‬محمود إبراهيم السعدني ‪ ،‬حضارة الرومان ‪ ،‬منذ نشأتها و حتى نهاية القرن األول ميالدي ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬عين‬
‫للدراسات و البحوث اإلنسانية و االجتماعية ‪ ،‬القاهرة ‪. 1998 ،‬‬

‫‪-‬مرزوق أحمد ‪ ،‬حنبعل وا نتصاراته األربعة في إيطاليا ‪216-218‬ق‪.‬م خالل الحرب البونية الثانية‬
‫‪،‬مجلة الحكمة ‪،‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪.11‬‬

‫‪--‬منذر الفضل ‪ ،‬تاريخ القانون ‪،‬عمان ‪.1996‬‬

‫‪-‬نور الدين حاطوم وأخرون‪ ،‬موجز تاريخ الحضارة‪،‬ح‪،1‬دمشق ‪.1995‬‬

‫‪-‬النوري هيثم عبد الكاظم جواد‪،‬العالقات الفرثية الرومانية(‪ 247‬ق م ـ ‪226‬م ‪،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة ‪،‬قسم األثار كلية األداب ‪. 2007،‬‬

‫‪-‬هشام الصفدي ‪ ،‬تاريخ الرومان في العصور امللكية الجمهورية اإلمبراطورية حتى عهد االمبراطور‬
‫قسطنطين ‪،‬ج‪،1‬لبنان ‪.1967‬‬

‫‪-‬هشام عبود املوسوي ‪،‬العمارة وحلقات تطورها عبر التاريخ القديم ‪،‬دار دجلة ‪ ،‬عمان ‪. 2001‬‬

‫‪ -‬هاشم عبود املوسوي ’ موسوعة الحضارات القديمة ‪ ،‬دار الحامد للنشر ‪،‬عمان ‪ ،‬االردن ‪ ،‬ط‪2013، 1‬‬

‫‪-‬ول وايريل ديورانت‪ ،‬قصة الحضارة ‪ ،‬قيصر واملسيح أو الحضارة الرومانية ‪،‬ج‪ 1‬من املجلد الثالث ‪،‬‬
‫ترجمة محمد بدران ‪،‬بيروت ‪.1988‬‬

‫‪-‬وبير ‪ ،‬املسرح الروماني ‪ ،‬ترجمة زين العابدين سيد محمد وحاتم ربيع حسن ‪ ،‬املركز القومي للترجمة ‪.‬‬

‫‪ -2‬باألجنبية ‪:‬‬

‫‪Augustinn,lesConfessions,œuvres Complétes ,tr.M.Rauix ,L.Guérin et Cie 1868-‬‬

‫‪Abert(p.), Histoire de la littérature romaine, t., I, edit. C. Delagrave, Paris, 1871 ,Livere,II-‬‬

‫‪99‬‬
Bernard (A.),yvers (A.), dictionnaire Latin de poche (Latin Français ) librairie de
France,(paris, -2000)

Beard, M., North, J., and Price, S., Religions of Rome, Vol. 1, Cambridge Universit
Press,1998-

Boissier, G., La religion romaine d’Auguste aux Antonins, V. I, Pari 1874, -

Cagnat(R.),Lexique des Antiquités Romaines ,Librairie du collège de France, (paris 1965)-

Cosme( p.) Cosme (pierre ,L’Armée Romaine ,VIII S.AVANT j.c. - Ve Saprès J.C Deuxième -
édition ,Armand(4 Colin(paris 2012).

Clovis(Lamarre), De la milice Romaine depuis la fondation de Rome ,Deuxième Edition


(paris- 1870)

Daremberg (ch.) ,Et Saglio (EDM.),DICTIONNAIRE DES Antiquttés Greques et Romaines ,


.T.4 -libraire Hachette ,paris,1900,

Dedord Robert , Dedord Robert ,Le vêtement Romain ,latrine Latine Loquere (2006)-

Duruy Filon,Lacroix Yanoski ,L’univers ,Histoire et description de toue les peuples Italie -
ancienne ,paris(s (1 d).

Edouard Will L'histoire politique du monde hellénistique (Editions du Seuil, 2003 ed.) -

Goldsworthy(A.), Goldsworthy(Adrian), The Coulston (J.C.N.), Roman Army ,Thames and-


Hudson , (London 2003)

Green, Peter Alexander to Actium, the historical evolution of the Hellenistic Age, 1993

Gsell (S.), Histoire ancienne de l'Afrique du Nord (H.A.A.N.) Tome III : Histoire militaire de
– Carthage éditions Hachette, Paris 1918

Jacques André,L’Alimentatio et la cuisine à Rome ,(paris1961)-

100
Jean prieur,La mort dans l’antiquté romaine raynard à la Guerche de Bretagne,(paris (1
1986)-

Le Bas(MPh),,Antiques Grecques et Romaines,(pari1837)-

Lens André, Le costume ou essai sur les habillement et les usage de plusieurs peuple de -
l’antiquité(3 beldiqes, 1776.

Les noccs de Philologie et de Mercureo texte établi , faduit par Michel Ferré, edit. Les belles
-lettres, Paris, 2007

Leon (H.), ,Histoire du Costume Antique D’Après des Etud sur le Modèle Vivant , Librairie-
.Anciennne Honoré,

Michèle(B.), Michèle(B.), Michèle , le Costume Antique ET médiéval, presses ,universitaires


- de France (paris 1961)

Mommsen (th.),Histoire romaine ,tr. C.A. ALEXANDRE ,(paris 1963-

Rawlings, Hunter R. (1976). "Antiochus the Great and Rhodes, 197-191 BC". American-
Journal of Ancient History. 1: 2–28

Renard(B.), Notes sur l’histoire militaire de l’Antiquité ,(Bruxelles 1875-

Renel(CH) ,Cultes Militaires de Rome ,les Enseignes , Lyoon,( paris 1903)-

Robinson ,Cyril ,A history of Rome from 753 B.C To 410 A.D (London ,No .D) -

Stanford Mc Krause ,vie dans la rome antique ,trad, Dominique toussaint -

PARETO R. , les origines de l’ architecture italienne en général et spécialement de celle de-


Rome , Milan , 1878.

101

You might also like