You are on page 1of 64

‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الباب الثاني‬

‫تكنولوجيا التعليم والتصميم التعليمي‬

‫‪-3-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫الفصل االول‬

‫األسس النظرية لتكنولوجيا التعليم‬


‫سبق وأن عرف المؤلف تكنولوجيا التعليم بانها‪" :‬ب ـن ـاء عـلـمـي تـطـبـيـقـي يســتند على‬
‫بحوث ونظريات علوم النفس والمناهج واإلدارة والمعلومات والكمبيوتر من أجـل التخطيط واإلعداد‬
‫والتنفيذ والتقويم والتطوير المستمر للعملية التعليمية بأكملها بما فيها من بيئات تعليمية وموارد‬
‫بشرية وتجهيزات واستراتيجيات تدريسية ومـصادر تـعـلـم‪ ،‬والـدعم لحلول مبتكرة لتكوين كيان‬
‫متكامل يجمع بين الـبـيـئة الواقـعـية وااللـكـتـرونـيـة لـتـحـقـيــق ت ـ ـعـ ــلم مـش ـ ـ ــوق وف ـ ـ ـعـ ــال"‪ ،‬مما يستدعي‬
‫أن يقوم علم تكنولوجيا التعليم على دعامتين متكاملتين ومتفاعلتين‪ ،‬ال يمكن أن قوم بدونيهما‪،‬‬
‫اول هذه الدعامتين هي النظريات ‪ ،‬وثانيهما ‪ :‬الممارسة والتطبيق لتحقيق المهارة العملية ‪ ،‬مما‬
‫استدعى االمر هنا أن نتعرف على النظريات ذات الصلة بهذا البناء العلمي التطبيقي ‪،‬‬
‫حيث ال يمكن أن يتحقق التصميم التعليمي للبيئة التعليمية بأكملها دون الرجوع لهذه‬
‫النظريات‪ ،‬ألنها تعتبر حجر األساس في نجاح دور تكنولوجيا التعليم في العلمية التعليمية‪.‬‬

‫ولعل اهم ما يتحقق من خالله ذلك البناء العلمي التطبيقي والذي يشغل‬
‫المتخصصين في تكنولوجيا التعليم أو ما يشار اليه ب ـ ـ ـ "التصميم التعليمي للموقف‬
‫التدريسي او التدريبي" لذا فإن اهتمام علم تكنولوجيا التعليم ينصب على التخطيط والتطوير‬
‫والتقييم واالدارة للعملية التعليمية بهدف الوصول لتعليم مشوق وفعال ‪ ،‬وأن هذا التصميم‬
‫التعليمي يجب أن يشتمل على مجموعة من الخطوات واإلجراءات المنهجية المنظمة‬
‫لتطبيق المعرفة العلمية في مجال التعلم اإلنساني ‪ ،‬مع تحديد الشروط والمواصفات‬
‫التعليمية الكاملة للمنظومة التعليمية بما تتضمنه من مصادر ومواقف وبرامج ودروس‬

‫‪-4-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫ومقررات‪ ،‬وأن يتم ذلك على الورق قبل البدء في العملية التعليمي‪ ،‬كما أن هذا التصميم‬
‫التعليمي يجب أن يهتم بتحديد الشروط والخصائص والمواصفات التعليمية الكاملة ألحداث‬
‫التعليم‪ ،‬ومصادره‪ ،‬وعملياته‪ ،‬وذلك من خالل تطبيق مدخل النظم القائم على حل‬
‫المشكالت والذي يضع في االعتبار جميع العوامل المؤثرة في فعالية التعليم والتعلم من‬
‫أجل تعليم مشوق وفعال‪.‬‬

‫ولذا فإن طرق الباب على هذه النظريات‪ ،‬يعد ضرورة تستهدف الوصول إلى المبادئ‬
‫واألساليب التي تحقق تعلما أفضل للمتعلم في مواقف مختلفة‪ ،‬كما تهدف إلى مساعدة‬
‫العاملين على العملية التعليمية للسعي بإيجاد أفضل الظروف لتحقيق تعلم مشوق وفعال‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النظريات النفـسـية‪:‬‬

‫تعددت ميادين علم النفس ومدارسها لفهم نظريات التعلم وطبيعة التعلم وأنماطه‬
‫السلوكية المتنوعة‪ ،‬وشروطه‪ ،‬وكيفية حدوثه وتفسير أسبابه والتنبؤ به‪ ،‬ومن أهـ ـم هذه‬
‫النظريات‪ :‬السلوكية والمعرفية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والبنائية‪ ،‬وفيما يلي توضيح لهذه النظريات‪:‬‬

‫‪ -‬النظريات السلوكية ‪: Behavioral Theories‬‬

‫تتضح مبادئ النظرية السلوكية عند كل من‪( :‬واطسون)‪ ،‬و(ثورندايك)‪ ،‬و(بافلوف)‪،‬‬


‫و(سكنر) ؛ حيث توصلت نتائج بحوثهم الى أن التعلم يحدث نتيجة مثير خارجي ‪ ،‬وأن‬
‫عقل اإلنسان مثل الصندوق األسود ‪ ،‬ولم ينظروا ماذا يحدث بداخله‪ ،‬وبشكل عام‬
‫تجاهلوا تأثير عمليات التفكير في السلوك المالحظ ‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫ويالحظ أن النظرية السلوكية فسرت عملية التعلم من الناحية الكمية‪ ،‬وقد انعكس ذلك‬
‫على ممارسات التصميم التعليمي في الفترة التي انتشر فيها التصميم التعليمي وفقا للنظرية‬
‫السلوكية‪.‬‬

‫وقـد ساهمت النظرية السلوكية كثي ار في إنشاء علم التصميم التعليمي ونموه‪ ،‬حيث‬
‫صمم أصحابها العديد من النماذج واالستراتيجيات التعليمية‪ ،‬التي استفاد منها المصممين‬
‫التعليميين‪ ،‬حيث اعتمدت برامجهم على تحديد أهداف سلوكية‪ ،‬وتحليل المحتوى الذي‬
‫يحقق تلك االهداف‪ ،‬واستخدمت االستراتيجيات المناسبة بهدف تقديم المحتوى الذي يسمح‬
‫للمتعلم بالخطو الذاتي في عملية التعلم‪ ،‬إال أن حرية المتعلم كانت محدودة في اختيار‬
‫مساره اثناء تعلمه‪ ،‬بجانب توفير مواقف لممارسة ما تعلمه‪ ،‬والتعرف على ما تحقق من‬
‫اهداف وتقويم نفسه‪.‬‬

‫وقد انتجت المدرسة السلوكية عدد من القوانين كان لها األثر األكبر في التصميم‬
‫التعليمي منها‪:‬‬

‫‪ -‬قانون األثر‪:‬‬

‫إن عامل االرتياح الناتج عن تحقيق االستجابة يعمل على تقوية الروابط بين‬
‫المثير واالستجابة‪ ،‬ويشير ذلك إلى مبدأ التعزيز الذي أشار اليه "سكنر" ‪Skaner‬‬
‫بانه االثر الذي يصاحب السلوك والذي يقوم به المتعلم ليقوي االداء‪ ،‬علما بأن‬
‫مضى ثوان بين االستجابة وتعزيزها يحجب هذه النتيجة‪.‬‬

‫‪ -‬قانون التمرين لـثورنديك ‪: Thorndike‬‬

‫‪-6-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫والذي اتفق معه (جثرى) بان تقوية الروابط نتيجة التمرين (االستعمال)‪ ،‬وأن‬
‫التمرين يجب أن يكون موجها ومصاحب له التغذية الراجعة ؛ حتى يكتشف‬
‫المتعلم أخطاءه‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 93‬صندوق التمرين لثوريديك ‪Thorndike‬‬

‫‪ -‬قانون االستعداد‪:‬‬

‫يشير إلى أنه كلما كانت الوحدات العصبية التوصيلية جاهزة للتوصيل‪،‬‬
‫أي لديها القدرة على أداء سلوك ما‪ ،‬فسيكون هذا األداء مريحا ومرضيا ويحقق‬
‫المطلوب‪.‬‬

‫‪ -‬قانون العناصر السائدة‪:‬‬

‫يهتم هذا القانون بدراسة قدرة المتعلم على انتقاء اهم العناصر داخل‬
‫الموقف حتى يصل لحل المشكلة‪ ،‬حتى يصل لتحقيق أهدافه‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪ -‬قانون التجميع‪:‬‬

‫يعتد هذا القانون على أن يسلك المتعلم سلوك مشابه لما قدمه في موقف‬
‫تعليمي سابق‪.‬‬

‫‪ -‬قانون اليسر‪:‬‬

‫تقوم فكرة هذا القانون على أنه كلما كانت االستجابة في متناول المتعلم‪،‬‬
‫فإن الموقف يجعله يضيف جديد‪ ،‬بينما كلما كان في غير متناوله‪ ،‬أصابه‬
‫باإلحباط‪ ،‬ولذا فأن النضج عنصر أساسي لنجاح دور المتعلم في الموقف‬
‫التعليمي‪.‬‬

‫‪ -‬انتقال أثر التعلم‪:‬‬

‫يعتمد هذا القانون على أن المواقف التعليمية القديمة هي العنصر‬


‫األساسي في نجاح وإيجابية المتعلم في الموقف الجديد‪.‬‬

‫ومن أبرز مالمح النموذج السلوكي لعملية التصميم التعليمي التعلم المبرمج‬
‫حيث تناول في اهدافه‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد المحتوى وتحليله الى مهام صغيره‪ ،‬بحيث تقسم إلى سلسلة متتابعة من‬
‫االداءات الفرعية الممكنة ولكل مهمة أهدافها ومتطلباتها السابقة لتعملها‪.‬‬

‫‪ -‬وصف السلوك المطلوب تعلمه بدقة‪ ،‬وتحديد السلوك النهائي‪ ،‬والشروط التي‬
‫يحدث في ظلها هذا السلوك ‪ ،‬ومحكات االداء الجيد لتحقيق االهداف‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬تقويم التعلم في ضوء المحكات النهائية حتى يمكن الحكم على نجاح الموقف‪.‬‬

‫‪ -‬حصر الخبرات السابقة للمتعلمين‪ ،‬والوقوف على سلكوهم المدخلي‪ ،‬حتى يمكن‬
‫ربط متطلبات السلوك المطلوب في الموقف التعليمي الجديد بالسلوك المدخلي‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم كل التعليمات واإلجراءات والتوجيهات التي يتبعها المتعلم؛ الكتساب هذه‬


‫المعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬إعطاء فرصة للمتعلم للتعلم على السلوك المطلوب‪ ،‬وممارسته وتك ارره لحفظه‬
‫وبقاء أثره من خالل تقديم أنشطة وتدريبات مناسبة‪.‬‬

‫‪ -‬تزويد المتعلم بالتعزيز والرجع المناسبين لمساعدته على اختيار الطريق الصحيح‪،‬‬
‫أو تعديل سلوكه‪.‬‬

‫وقد وجهة بعض االنتقادات للنظرية السلوكية‪ ،‬إذ لوحظ فقط في اعتمادها على المثير‬
‫واالستجابة في التعلم‪ ،‬دون مراعاة لما يحدث داخل العقل االنساني‪ ،‬إذ أن حكمهم على‬
‫تحقيق عملية التعلم ال يقتصر على االستجابة فقط وإنما يدرك حقائق ويفهمها ويكتسب‬
‫معلومات ومعارف مع المهارات‪ ،‬كما أن هذه المدرسة ال تضع اهمية للعمليات المعرفية‬
‫المعقدة كالتفكير واالستدالل الالزمة لحدوث التعلم والتي يصعب تفسيرها في ضوء مفاهيم‬
‫النظرية السلوكية‪.‬‬

‫‪ -‬النظريات المعرفية ‪:Cognitive Theories‬‬

‫يعتقد المعرفيون أن االهتمام بالسلوك الجزئي كما أشار اليه السلوكيون يؤدي إلى‬
‫إهمال العالقات التي تنظم األجزاء والربط بينها ‪ ،‬وأن فكرة السلوكيون التي تشير الى ان‬

‫‪-9-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫التعلم المعتمد على المثير واالستجابة وتكوين العادات والحفظ الصم والتكرار من‬
‫خصائص السلوك الحيواني‪ ،‬مما يعني أن دراسة كيفية استقبال المعلومات من خالل‬
‫المدخالت الحسية كاإلحساس ‪ ،‬واإلدراك ‪ ،‬والتخيل ‪ ،‬والتذكر ‪ ،‬واالستدعاء ‪ ،‬والتفكير ‪،‬‬
‫وغيرها من العمليات األخرى والمرتبطة باألداء العقلي ومستوياته داخل العقل اإلنساني‪،‬‬
‫يـ ـع ـد من المتطلبات الضرورية لنجاح الموقف التعليمي‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 94‬المعلومات داخل العقل االنساني‬

‫ولذا فقد تبنت تكنولوجيا التعليم فكر هذه المدرسة ووظفتها في العديد من‬
‫االستراتيجيات التعليمية والوسائل التعليمية‪ ،‬فعلى سبيل المثال وظفت هذه النظرية في‬
‫تصميم خرائط المفاهيم اإللكترونية‪ ،‬حيث يتصف هذا التطبيق بالسماح للمتعلم بعرض‬
‫األفكار والحقائق أو المفاهيم‪ ،‬ثم الربط بينها مع إظهار العالقات بينها في صورة تكاملية‬
‫يمكن ادراكها بصريا‪ ،‬مما يجعل الربط بينها وبين األسلوب المعرفي للمتعلم محل بحث‪،‬‬
‫مما يزيد من فاعلية المتعلم وقدرته على تحقيق اهدافه وينظم أفكاره داخل الموقف‬
‫التعليمي‪.‬‬
‫‪-10-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وال يقف توظيف اراء هذه المدرسة عند هذا الحد بل تعدى ذلك بجعل التعلم ذات‬
‫معنى‪ ،‬حيث ركزت على ربط المتعلمين للمفاهيم أكثر من التركيز على الكلمات نفسها‪،‬‬
‫كما تطلب التعلم ذو المعنى تنظيم المحتوى جيدا في مخطط تحت إشراف المعلم وبتوجيه‬
‫منه دون تدخل اال بغرض التصحيح ثم التوجيه لالستعداد لمرحلة الحقة‪.‬‬

‫وفيما يلي استعرض لـعـدد من النظريات التابعة لهذه المدرسة النفسية‪:‬‬

‫‪ -‬نظرية الجشطالت ‪: Gestalt theory‬‬


‫تعني الكلمة ‪ Gestalt‬أن الكل مترابط مع األجزاء باتساق وانتظام‪ ،‬بحيث تكون‬
‫األجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة‪ ،‬ومع الكل ذاته من جهة أخرى‪،‬‬
‫كما تعني أن كل عنصر أو جزء من الكل له مكانته ودوره ووظيفته التي تطلبها طبيعة‬
‫الكل‪ ،‬ومن اهم المبادئ التي تستند اليها نظرية الجشطالت أن‪:‬‬
‫‪ -‬االستبصار شرط للتعلم الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬الفهم وتحقيق االستبصار يفترض إعادة البنية‪.‬‬
‫‪ -‬التعلم يقترن بالنتائج‪.‬‬
‫‪ -‬االنتقال شرط التعلم الحقيقي‪.‬‬
‫‪ -‬الحفظ والتطبيق اآللي للمعارف تعلم سلبي‪.‬‬
‫‪ -‬االستبصار حافز قوي‪ ،‬والتعزيز الخارجي عامل سلبي‪.‬‬
‫لذا فالتعلم حسب اراء الجشطلتيين يرتبط بإدراك الكائن لذاته ولموقف التعلم‪ ،‬فهم‬
‫يرون أن التعليم النموذجي يكون باإلدراك واالنتقال من الغموض إلى الوضوح‪ ،‬وإن التعلم‬
‫هو عملية إدراك أو تعرف على األحداث باستخدام الحواس‪ ،‬حيث يتم تفسيرها وتمثيلها‬

‫‪-11-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وتذكرها عند الحاجة إليها‪ ،‬ولذا فإن تكنولوجيا التعليم استفاد كثي ار من هذه النظرية حيث‬
‫وضع عدد من القوانين اعتبرها التي تفسر عملية اإلدراك عند تفسير التعلم‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬قانون التنظيم‪ :‬يتم إدراك األشياء إذا تم تنظيمها وترتيبها في أشكال وقوائم‪ ،‬بدال‬
‫من بقائها متناثرة على الخلفية‪.‬‬
‫‪ -‬مبدأ الشكل واألرضية‪ :‬يعتبر هذا القانون أساس عملية اإلدراك‪ ،‬إذ ينقسم المجال‬
‫اإلدراكي إلى الشكل وهو الجزء السائد الموحد المركز لالنتباه‪ ،‬ولذا يجب أن يكون‬
‫دور األرضية ابراز الشكل‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 95‬الشكل واالرضية عند الجشطالت‬

‫‪ -‬مبدأ البساطة‪ :‬يشير هذا المبدأ إلى الطبيعة التبسيطية التي يمتاز بها والنظام‬
‫اإلدراكي اإلنساني‪ ،‬اعتمادا على هذا المبدأ‪ ،‬فإننا نسعى إلى إدراك المجال على أنه‬
‫كل منظم يشمل على أشكال منتظمة وبسيطة فهو يعكس الميل إلى تكوين ما يسمى‬
‫بالكل الجيد الذي يمتاز باالنسجام واالنتظام واالتساق‪.‬‬
‫‪ -‬قانون التقارب‪ :‬إن العناصر تميل إلى تكوين مجموعات إدراكية تبعا لوضعها في‬
‫المكان‪.‬‬

‫‪-12-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫شكل ( ‪ ) 96‬التقارب عند الجشطالت‬

‫‪ -‬قانون االنغالق‪ :‬تميل المساحات المغلقة إلى تكوين وحدات معرفية بشكل أيسر من‬
‫المساحات المفتوحة ويسعى المتعلم إلى غلق األشكال غير المتكاملة للوصول إلى‬
‫حالة االستقرار اإلدراكي‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 97‬االغالق في عناصر الشكل‬

‫‪ -‬قانون التشابه‪ :‬وهي العناصر المتماثلة المتجمعة معا‪ ،‬ويرجع ذلك نتيجة التفاعل‬
‫فيما بينها‪.‬‬

‫‪-13-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫شكل ( ‪ ) 98‬التشابه في عناصر الشكل‬

‫‪ -‬مبدأ التشارك في االتجاه‪ :‬إدراك مجموعة األشياء التي تسير في نفس االتجاه تعني‬
‫أنها مستمرة ووحدة واحدة‪ ،‬في حين األشياء التي ال تشترك معها باالتجاه تدرك على‬
‫أنها خارج نطاق هذا االستمرار وبالتالي خارج هذه الوحدة‪.‬‬

‫شكل ( ‪ )99‬التشارك في االتجاه‬

‫الذاكرة ونظرية األثر‪:‬‬

‫‪-14-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫ال يختلف مفهوم الذاكرة عند الجشطلت عما هو عند أرسطو حيث يرى أن‬
‫االنطباع الحسي المدرك يتقاطع مع األثر الذاكري المخزن‪ ،‬لذلك ترى النظرية أن‬
‫االنطباعات الحسية تخزن في الذاكرة على نحو مماثل‪ ،‬أي بنفس الصيغة والشكل التي‬
‫تتواجد عليها األثر الذاكري‪ ،‬ويختزن بنفس اآلليات العصبية‪.‬‬

‫عملية التذكر أو االسترجاع‬


‫هي بمثابة إعادة تنشيط ألثر معين في الذاكرة‪ ،‬من خالل استخدم نفس النشاط العصبي‬
‫المستخدم في عمليات اإلدراك األولية لهذا األثر‪ ،‬ويعود سبب النسيان إلى عاملين هما‪:‬‬
‫‪ o‬صعوبة تنشيط األثر أثناء عملية التذكر‪.‬‬
‫‪ o‬اضمحالل األثر بسب التداخل مع اآلثار األخرى العالقة بالذاكرة‪.‬‬

‫لذا تؤكد نظرية الجشطلت الطبيعة الديناميكية للذاكرة‪:‬‬


‫حيث ترى النظرية أن النظام اإلدراكي نشيط وفعال ويعمل بصورة دائمة في تنظيم‬
‫مكونات الذاكرة‪ ،‬كما ينشط في ضوء المستجدات الناجمة من فعل التفاعالت المستمرة‬
‫والمتكررة مع الخبرات الحسية البيئية‪ ،‬فالكثير من أثار الذاكرة يتم دمجها مع آثار أخرى أو‬
‫تتداخل مع غيرها وقد يؤدي ذلك ربما إلى صعوبة في عملية التذكر‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية معالجة المعلومات ‪:Information Processing Theory‬‬


‫هي نتاج لسلسلة من العمليات المعرفية التي تتوسط بين استقبال المثير وإنتاج‬
‫االستجابة المناسبة له"‪ ،‬كما تعد من أهم النظريات المعرفية في مجال دراسة الذاكرة‪ ،‬حيث‬
‫انها لم تكتفي بوصف العمليات المعرفية التي تحدث داخل االنسان فحسب‪ ،‬وإنما سعت‬
‫لتوضيح وتفسير آلية حدوث هذه العمليات ودورها في معالجة المعلومات وإنتاج السلوك‪.‬‬
‫‪-15-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وقد استند أصحاب هذه النظرية على تفسير ما يحدث داخل نظام المعالجة االنسانية‬
‫للمعلومات على نحو مماثل لما يحدث في أجهزة الكمبيوتر من حيث تحويل عمليات‬
‫الطاقة المستقبلة من شكل الى اخر‪ ،‬خاصة أن المعلومات أثناء معالجتها تمر في مراحل‬
‫تتمثل في االستقبال والترميز والتخزين واالسترجاع‪ ،‬وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتم‬
‫تنفيذ عدد من العمليات المعرفية‪.‬‬
‫وتعتمد نظرية معالجة المعلومات على استقبال المعلومات الخارجية من خالل‬
‫الحواس‪ ،‬وتحويلها الى تمثيالت معينة ليتمكن النظام من معالجتها الحقا‪ ،‬وتسمى هذه‬
‫بمرحلة االستقبال والترميز‪ ،‬ثم تأتي بعد ذلك مرحلة اتخاذ بعض الق اررات حول مدى أهمية‬
‫بعض المعلومات ومدى الحاجة اليها بحيث يتم االحتفاظ بالبعض منها بعد ان يتم‬
‫معالجتها وتحويلها الى تمثيالت عقلية معينة يتم تخزينها في الذاكرة وتسمى بمرحلة‬
‫التخزين‪.‬‬

‫وظائف نظام معالجة المعلومات‪:‬‬


‫استقبال المعلومات الخارجية او ما يسمى بالمدخالت الحسية‪ ،‬وتحويلها الى‬ ‫‪-‬‬
‫تمثيالت معينة لتمكن النظام من معالجتها الحقا‪ ،‬وتسمى هذه (مرحلة االستقبال‬
‫والترميز)‪.‬‬
‫اتخاذ بعض الق اررات حول مدى أهمية بعض المعلومات ومدى الحاجة اليها بحيث‬ ‫‪-‬‬
‫يتم االحتفاظ بالبعض منها بعد أن يتم معالجتها وتحويلها الى تمثيالت عقلية معينة‬
‫يتم تخزينها في الذاكرة (مرحلة التخزين)‪.‬‬
‫التعرف على التمثيالت المعرفية واسترجاعها عند الحاجة اليها (مرحلة االسترجاع)‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫مكونات نظرية معالجة المعلومات‪:‬‬


‫‪-16-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫يتألف نظام ‪ /‬نظرية معالجة المعلومات لدى االنسان من ثالث مكونات (أنظمة)‬
‫رئيسية هي‪ :‬الذاكرة الحسية‪ ،‬والذاكرة قصيرة المدى‪ ،‬والذاكرة طويلة المدى‪.‬‬

‫الذاكرة الحسية‪:‬‬
‫تمثل الذاكرة الحسية المستقبل األول للمدخالت الحسية من العالم المحيط بالكائن‬
‫الحي‪ ،‬إذ يتم استقبال المعلومات المعبرة عن خصائص المثيرات لكي يتفاعل معها وقد‬
‫تكون هذه المستقبالت الحسية بصرية او سمعية او لمسية او شمية او ذوقية‪ ،‬وهذا يتوقف‬
‫عن طبيعة المثير‪.‬‬

‫وتمتاز المستقبالت الحسية في االنسان الطبيعي بالسرعة العالية لنقل المثي ارت‬
‫الخارجية وتكوين الصورة النهائية لها وفق عملية التوصيل العصبي‪ ،‬كما تمتاز أيضا‬
‫بقدرتها الكبيرة على استقبال كميات هائلة من هذه المدخالت الحسية في ذات اللحظة‪ ،‬وقد‬
‫تتالشى هذه السرعة وتتباطأ وفق طبيعة المثير وخبرة المتعلم في استقبال مثيرات مشابهة‬
‫سابقة‪ ،‬ولذا غالبا ما يصعب في الذاكرة الحسية تفسير جميع المدخالت الحسية‬
‫واستخالص اية معاني منها لعدة أسباب اهمها‪:‬‬

‫‪ -‬عدم القدرة على االنتباه في ذات اللحظة الى جميع المدخالت الحسية نظ ار لكثرتها‬
‫وزمن بقائها في الذاكرة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم أهمية بعض المثيرات الحسية تدفعه للتجاهل وعدم االنتباه لها‪.‬‬
‫‪ -‬غموض بعض المدخالت الحسية أو تعقيدها‪ ،‬يجعلها ال تظل في ذاكرته‪.‬‬

‫الذاكرة قصيرة المدى‪:‬‬


‫‪-17-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫هي ما تلي الذاكرة الحسية وتعد المخزن المؤقت لحفظ المعلومات‪ ،‬حيث تستقبل‬
‫المعلومات التي يتم االنتباه اليها فقط‪ ،‬وذلك وفق قدرتها االستيعابية المحدودة‪ ،‬والتي ال‬
‫تستمر ثوان‪ ،‬ومع ذلك فتشكل حلقة الوصل بين الذاكرة الرئيسية والذاكرة طويلة المدى‪.‬‬

‫الذاكرة طويلة المدى‪:‬‬


‫هي تلك الذاكرة المسئولة عن تخزين المعلومات على شكل تمثيالت عقلية بصورة‬
‫دائمة وذلك بعد ترميزها ومعالجتها في الذاكرة قصيرة المدى‪ ،‬وتتميز هذه الذاكرة بسعتها‬
‫الهائلة على التخزين‪ ،‬بسبب طبيعة تخزينها التي تعتمد على الربط بالخبرات السابقة ذات‬
‫الصلة بموضوع المثير‪.‬‬

‫‪ -‬نظريات وفروض الترميز ‪Theories and hypotheses coding‬‬

‫يطلق على الشكل الذي يتم فيه التواصل بين البشر مصطلح الترميز وتعتبر رموز‬
‫اللغة هي أكثر النظم الرمزية شيوعا في األنماط المختلفة فعلي سبيل المثال هناك اللغة‬
‫اللفظية ومنها تتفرع اللغة اللفظية الشفهية المنطوقة والمكتوبة وكذلك هناك الرسوم‬
‫التوضيحية والعروض المنطقية‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك هناك النظم الرمزية الخاصة مثل‬
‫األعداد والقوانين‪.‬‬

‫وينظر علم النفس إلى كافة نظم الترميز سواء اللفظية وغير اللفظية بصفتها مواد‬
‫تعليمية مثيرة‪ ،‬واعتبر االهتمام بها جوهر الربط بين مجال الوسائل المتعددة وعلم النفس‪،‬‬
‫كما أكد كثير من الباحثين عن وجود بعض االرتباطات البنائية لشكل الوسيلة المعروضة ـ‬
‫بما تحتويه من لغة مسموعة ومرئية ـ والسمات الخاصة بوحدات االستقبال داخل المخ‪،‬‬
‫وظهر هذا في البحوث التي اهتمت بالترابط بين ترميز العروض والبناء العقلي‪ ،‬والذي‬

‫‪-18-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫علي أساسه حدد أنسب الطرق الستخدام العروض التعليمية إلعداد البيانات حتى يمكن‬
‫إدراكها علي الوجه األمثل ومن ثم يمكن استرجاعها كاملة دون نقصان‪.‬‬

‫وقد أهتم علم النفس المعرفي كثي ار بمشكلة تمثيل المعلومات داخل المخ‪ ،‬ويعتبر‬
‫من أكثر الباحثين تناوال لذلك بافيو( ‪ ) Paivio, 1986‬عندما أثار موضوع وجود وحدتين‬
‫على األقل داخال المخ ‪ ،‬إحداهما مسئولة عن المعلومات اللفظية واألخرى عن المعلومات‬
‫الصورية‪.‬‬

‫والذي يستحق االهتمام في ذلك بأن ليس هناك شيء مؤكد بين ترميز المثيرات‬
‫القادمة من خالل الحواس والترميز الموجود لنفس المعلومات داخل المخ‪ ،‬فالمثيرات‬
‫البصرية مثال علي حد تعبير أحد األبحاث الحديثة‪ ،‬ليس أمامها إال اتجاه واحد للتخزين‬
‫وهو المتعلق بترميز المصورات‪ ،‬إذا يأمر المخ هذه الوحدة باستقبال هذه النوعية فقط دون‬
‫غيرها‪ ،‬إال أن هذه األوامر أحيانا قابلة للمرونة‪ ،‬وفي السطور القادمة سنحاول إلقاء الضوء‬
‫على النظريات والفروض المتعلقة بين الوسائل التعليمية داخل العقل‪.‬‬

‫‪ -‬فرض الترميز األحادي ‪The single code- Hypothesis‬‬


‫يفترض فيه أن داخل العقل اإلنساني وحده مسـئوله عن ترميز كل ما يأتي العقل من‬
‫معلومات سواء كانت لغة لفظية أو لغة غير لفظية (مصورات)‪ ،‬فمثال إذا أعطي المتعلم‬
‫برنامج قائم على الوسائل المتعددة يشتمل على محتوى لفظي عن مفهوم ما‪ ،‬وأعطى صو ار‬
‫مصاحبه تصف هذا المفهوم‪ ،‬فالمفترض أن كل من المحتوى اللفظي وغير اللفظي ســيتم‬
‫ترميزهما داخل المخ كما لو كانا نوعا واحدا‪ ،‬ومن ثم فقد تنبأ هذا الفرض بتساوي تحصيل‬
‫الطالب اللذين سيدرس لها باستخدام وسيلة واحدة وهي اللغة اللفظية مع اللذين سيدرس‬
‫لهم هده اللغة مع الصور من خالل برنامج الوسائل المتعددة ‪ ،‬وسواء جاءت هذه اللغة‬

‫‪-19-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫قبل أو بعد المصورات بأنماطها المختلفة أو حتى اللذين سيدرس لهم بالمصورات على حدا‬
‫بدون اللغة اللفظية‪.‬‬

‫‪The separate dual- code‬‬ ‫‪ -‬فرض الترميز الثنائي المنفصل‬


‫‪:Hypothesis‬‬
‫يفترض فيه أن داخل العقل اإلنساني وحدتين للترميز‪ ،‬إحداهما لترميز اللغة‬
‫اللفظية واألخرى لترميز الصور والرسـومات‪ ،‬ولذا فإذا أعطى المتعلم محتوى تعليميا يشـمل‬
‫كال اللغتين من خالل برنامج للوسائط المتعددة‪ ،‬أو الثنائية على وجه التحديد‪ ،‬فأنه يقوم‬
‫بطريقه منفصلة في دراسة العالقة البينية للمحتوى اللفظي في ضوء ما لدية من معلومات‬
‫لفظية بالعقل‪ ،‬ثم يقوم أيضا بد ارسـة العالقة البينية للمحتوى غير اللفظي ‪ -‬المتمثل في‬
‫الصور والرسومات الثابتة والمتحركة ‪ -‬في ضوء ما لدية من معلومات غير اللفظية‪،‬‬
‫ومن ثم فان هذا الفرض يتنبأ بأن المتعلمين سـيتذكرون وينقلون المواد الد ارسـية بطريقة‬
‫أفضل إذا رمزوا جانبها اللفظي وجانبها غير اللفظي كل على حدة‪ ،‬ألن هذا يتناسـب مع‬
‫طبيعة العقل اإلنساني في وجود طريقين منفصلين للحصول على المعلومات‪.‬‬

‫‪The integrate dual code‬‬ ‫‪ -‬فرض الترميز الثنائي المتكامل‬


‫‪( Hypotheses‬نظرية بافيو)‬
‫في إطار دراسات الذاكرة وظاهرة الترميز المزدوج‪ ،‬والذي يعني ان الرمز المقدم‬
‫للمتعلم له اسم وله شكل وبذلك فإنه يسجل في الذاكرة بطريقتين إحداهم لالسم الذي تنطبق‬
‫عليه خصائص اللغة اللفظية ‪ -‬منطوق ‪ /‬مسموع ‪ ،‬مكتوب ‪ /‬مقروء ‪ -‬واألخرى للشكل‬
‫الذي ينطبق عليه خصائص اللغة غير اللفظية المساحة ‪ /‬اللون البعد ‪ /‬الملمس وغيرها ‪،‬‬

‫‪-20-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وغالبا ما تبني دراسات الترميز المزدوج معتمدة علي نظرية " بافيو " للترميز المزدوج‬
‫‪ Dual coding theory‬التي تولى عناية لالزدواج حتى في اللغة اللفظية وحدها كأن‬
‫يقدم المثير اللفظي و المثير اللفظي المرادف له مثل ( ترابيزة ‪ /‬منضدة ) ‪ ( ،‬سيارة ‪/‬‬
‫عربية )‪ ،‬والتي تتم في تعلم اللغات األجنبية ووجد أن االزدواج في تقديم المثيرات يخلق‬
‫االقتران الذي يرفع درجة التعرف حتى في حاالت االقتران الزائف مثل ( مقعد ‪ /‬منضدة )‬
‫مثال‪ ،‬باعتبار أن أحد المثيرين سيكون منبها ‪ Cue‬الستعادة اآلخر ‪ ،‬مما دعي " تولنج "‬
‫عام ‪ 1973‬أن يسمي الترميز المزدوج بالترميز المميز ‪.‬‬

‫لذا تعد هذه الدراسات في غاية األهمية لميدان تصميم الوسائل المتعددة إذا أنها‬
‫تلقي الضوء على كيفية تسجيل المواد التعليمية في مخزن الذاكرة وأحسن حاالت هذا‬
‫التسجيل التي تتيح استعادة عالية‪ ،‬ويعتقد أنه حتى اآلن لم يعرف كيف يتم التسجيل؟ هل‬
‫يأخذ ومضات ضوئية أو صدمة تحرك خاليا المخ بشكل معين ‪ ،‬ويشك كثي ار في أن‬
‫يستطيع أحد أن يبين له كيف ترمز رائحة األشياء مثال وكيف تستعاد هذه الرائحة ‪،‬‬
‫ويعتقد أن كل مثير يسجل بطريقتين مختلفتين لفظية وغير لفظية ‪ ،‬والدليل على ذلك أننا‬
‫كثي ار ما نتذكر شكل إنسان وننسى اسمه ‪ ،‬وهذا يعني أن اسمه سجل بطريقة تختلف عن‬
‫شكله ‪ ،‬وهكذا نالحظ أن مجرد تقديم صورة تعليمية يتبعه عمليات متعددة من التسجيل أو‬
‫الترميز ثم االستدعاء أو التعرف وهي عمليات تتم في ال زمن في أحيان كثيرة مما جعل "‬
‫ويكجلرين " يقول ليس هناك في الوقت الحالي أجهزة قادرة علي القياس الذي يتطلب سرعة‬
‫قياس زمني يكاد ينعدم بين االستعادة واالستدعاء مثال ‪.‬‬

‫وقد تناولت نظرية الترميز الثنائي لـ " بافيو" ‪ Paivio‬هذا الموضوع بدقة بالغة حيث‬
‫افترضت أن المتعلمين يمكنهم بناء مفهوم عقلي يربط بين المثيرات اللفظية وغير اللفظية‬
‫(المصورات) التي يتلقونها‪ ،‬وذلك من خالل عمليات رئيسية مركبة‪:‬‬

‫‪-21-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫العملية األولى‪ :‬يقوم فيها المتعلمون ببناء روابط بين المثيرات اللفظية والتمثيل اللفظي لها‬
‫داخل العقل‪،‬‬

‫والعملية الثانية‪ :‬يقوم فيها المتعلمون ببناء روابط بين المثيرات غير اللفظية والتمثيل غير‬
‫اللفظي لها داخل العقل‪،‬‬

‫والعملية الثالثة‪ :‬يقوم فيها المتعلمون ببناء مدلول لما تكون لديهم من مفهوم لفظي وما‬
‫تكون لديهم من مفهوم غير اللفظي‪ ،‬ثم يصدرون حكما موحدا عن موضوع التعلم ككل‪.‬‬

‫وهذه النتائج تقترح بأن هناك تأثير عند استخدام الكلمات مع المصورات بأنماطها‬
‫المختلفة على فهم التفسـيرات العلمية مما يتطلب تخطيط مكاني وزمني للعالقة بين‬
‫الكلمات والصور‪.‬‬

‫نخرج من ذلك بأن هناك مميزات للمصورات وأخري للغة اللفظية هي التي تحدد‬
‫تأثيرات كل منهما وهي التي تعلن عن مدي الترابط سواء بين الكلمات وتعبيراتها الصورية‬
‫وبين سهولة تخزينها في الذاكرة واسترجاعها‪ ،‬مما يؤكد أهمية استخدام الوسائل المتعددة‬
‫وعدم االقتصار على وسيط واحد‪ ،‬ولذا يمكن اإلشارة إلى ثالث نتائج جوهرية‪:‬‬

‫يفضل أن تصاحب العروض البصرية لغة لفظية عن وجودها على حده‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يعتبر وجود الكلمات مع العروض المصورة وصف ال يمكن االستغناء عنه لهذه‬ ‫‪-‬‬
‫المصورات‪.‬‬
‫‪ -‬من الصعب على اللغة اللفظية عند تكرارها وحدها أن تساعدنا على فهم المحتوي‬
‫التعليمي‪.‬‬

‫يوضح الشكل (‪ )100‬نظرية الترميز الثنائي لبافيو‪ ،‬حيث ترسل المثيرات اللفظية‬
‫القادمة وفق الحافز اللفظي (يمينا) والمثيرات غير اللفظية القادمة وفق الحافز غير اللفظي‬

‫‪-22-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫(يسا ار) ‪ ،‬فتتجه النظام الحسي‪ ،‬ثم تمر وفق روابط تمثيلية عبر وحدتين فرعيتين داخل‬
‫المخ ‪ ،‬إال انه يالحظ وجود روابط مرجعية بين كال النظاميين ‪ ،‬بشرط أن يكون هناك‬
‫تشابه بين معنى كال النظاميين‪ ،‬وهذا ما يشار إليه باألسهم في الوسط ‪ ،‬إلى أن تصل‬
‫إلي ما يسمي باالستجابة ‪ .Reaction‬سواء جاءت لفظية او غير لفظية‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 100‬نموذج لنظرية الترميز الثنائي لبافيو‬


‫‪-23-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪ -‬نـــظـــريـــة برودبيند ‪: Broadbend‬‬
‫رغم اختالف أنماط الوسائل التي استخدمتها هذه النظرية إال أن صحتها محل ثقة‬
‫كبيرة من الباحثين‪ ،‬فمن خالل التفحص للجوانب المتعلقة بالوسائل التعليمية في نظرية‬
‫"بروادبيند" ) ‪ (Broadbend, 1958‬نالحظ أنه أثناء نقل المعلومات من خالل العروض‬
‫المرئية والعروض المسموعة في برامج الوسائل المتعددة‪ ،‬غالبا ما يحدث حجب لبعض‬
‫المعلومات‪ ،‬إذ أحيانا يلتفت المتعلم إلي المعلومات المرئية‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬بل ويحدث‬
‫هذا حتى لو كان محتوي كالهما واحد‪.‬‬
‫وقد أشار "بروادبيند ‪ "Broadbend‬في ذلك أن هناك نقطة هامة ترتبط بسرعة‬
‫استقبال المعلومات واالحتفاظ بها في المخ ‪ ،‬وانها تختلف حسب نوع القناة الحسية الناقلة‪،‬‬
‫بل وأن ترميز المعلومات البصرية يأخذ طريق أخر عن المعلومات المسموعة"‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإنه يمكن التنبؤ في ضوء هذه النظرية أن مجال الوسائل المتعددة ‪ ،‬أن رؤية المصورات‬
‫التي تخص المحتوي السمعي قد تحد من توجيه االهتمام به عندما تأتي قبله‪ ،‬ويعلل‬
‫السبب بأن طبيعة اللغة اللفظية هي الرموز ومن ثم يجب علي المستمع أو القارئ أن يقوم‬
‫بتحويل هذه الرموز إلي معني في ضوء الصوت ودرجته وكذلك خبرته‪ ،‬ولذا فإن هذه‬
‫الدرجة من التعقيد تزيد صعوبة الموقف حتى يحاول المتعلم الخروج من هذه العملية‬
‫والرجوع إلي نوع أخر من الترميز ‪ -‬وهو الترميز البصري للمعلومات المصورة ‪.‬‬

‫‪ -‬نـــظـــريـــة العــبء المعرفي ‪Cognitive lode theory‬‬


‫يشير مفهوم العبء المعرفي إلى السعة المطلوبة للذاكرة العاملة لبناء المخطط‬
‫المعرفي وعمله االلي الذي يحدث تغييرات في الذاكرة طويلة المدى‪ ،‬أي أنه الكمية الكلية‬
‫من النشاط العقلي في الذاكرة العاملة خالل وقت معين‪ ،‬ويقاس بعدد الوحدات أو العناصر‬

‫‪-24-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫المعرفية‪ ،‬والعامل الرئيس الذي يشكل العبء المعرفي هو عدد العناصر التي يتوجب‬
‫االنتباه إليها‪.‬‬
‫وترتبط نظرية العبء المعرفي بنظرية معالجة المعلومات‪ ،‬فهي تتناول أهم ما‬
‫قدمته نظرية معالجة المعلومات وبشكل خاص ما يتصل بالذاكرة وأنواعها‪ ،‬فالذاكرة العاملة‬
‫التي تنتبه إلى المعلومات وتقوم بمعالجتها إلى عناصر سمعية وبصرية فقط‪ ،‬كما تتصف‬
‫بمحدودية الزمن التي تحتفظ به المعلومات‪ ،‬مما يعد سبب جوهري كعائق في ضعف‬
‫التعليم‪ ، ،‬وهذا ما قام به "سويلر" في منتصف الثمانينات من القرن الماضي بالبحث عن‬
‫استراتيجيات لمواجهتها ‪ ،‬خاصة وأن الذاكرة الطويلة المدى هي التي تخزن المعلومات‬
‫والمعارف التي عولجت والمهارات التي تعلمها الفرد‪ ،‬وسعتها غير محددة‪ ،‬وبحاجة‬
‫للوصول لوسائط واستراتيجيات تعليمية تتغلب على سمة هذه السعة‪.‬‬
‫ويعرف عن العبء المعرفي المناسب‪ ،‬أنه ذلك العبء الذي يتولد عن طريق تطور‬
‫المخطط المعرفي الذي يتطلب سعة إضافية في الذاكرة العاملة‪ ،‬بحيث تنظم الذاكرة‬
‫الحسية مرور المعلومات من الحواس‪ ،‬كما تسمح الذاكرة قصيرة المدى بنقل حوالي أربع‬
‫إلى خمس وحدات معرفية في الوقت الواحد‪ ،‬والوحدة المعرفية قد تكون كلمة أو حرف أو‬
‫صورة أو جملة‪ ،‬وال تقوم هذه الذاكرة بأي معالجة معرفية للمعلومات بل تبدأ المعالجة في‬
‫الذاكرة قصيرة المدى‪.‬‬
‫لذا يشار أن العبء المعرفي به مقدار ما يعانيه المتعلم عند استقباله للمعلومات‬
‫في الموقف التعليمي‪ ،‬وهذا العبء الزائد يرجع ـ ـ كما أشار "جون سويلر ‪"John Sweller‬ـ ـ‬
‫لخصائص ضمنية (سيمانتية) وخارجية (فيزيقية) حيث ترتبط بطريقة عرض المادة‬
‫العلمية‪ ،‬ويقصد بالخصائص الضمنية (السيمانتية) كل ما يخص المادة العلمية نفسها وما‬
‫تتضمنها من عدد العناصر الموجودة فيها وترابطها مع بعضها البعض من كلمات ومعاني‬
‫وأفكار من حيث التشابه والتضاد بينهم وما تتضمنه من عمليات معرفية مليئة بالتحليل‬

‫‪-25-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫والبحث‪ ،‬ويكون العبء المعرفي الضمني منخفضا إذا كانت المادة غير معقدة ويسهل تعلم‬
‫كل عنصر فيها بشكل منفصل‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬
‫بينما يقصد بالخصائص الخارجية (الفيزيقية) طريقة تصميم االستراتيجية التعليمية‬
‫والوسائل التعليمية داخلها؛ من حيث تنسيق المادة وعرضها‪ ،‬فإذا كان تنسيقها سيئ انهمك‬
‫المتعلمون في محتوياتها لفترة أطول مما سيزيد من العبء المعرفي عندهم‪ ،‬وإذا كان‬
‫تصميمها جيدا فإن العبء سيكون ضئيال‪ ،‬ويسهل التعرف على محتوى الويب‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 101‬مدى العبء المعرفي الناتج عن تعدد الحواس‬

‫ووفقا لنظرية "العبء المعرفي" فإن الجهد المعرفي الفيزيقي قد يزداد عند مشاهدة‬
‫وسيلة تعليمية ذات محتوى كثيف بالمعلومات‪ ،‬من منطلق أن زيادة التلميحات داخل هذه‬
‫الوسيلة التعليمية‪ ،‬قد يصعب على المتعلم تخزين كافة المعلومات الناتجة في الذاكرة‬
‫قصيرة المدى خاصة بسبب تنوع مصادر الحصول عليها مما يزيد من صعوبة انتقالها‬
‫للتخزين في الذاكرة طويلة األجل؛ ولذا فإن تقليل كثافة عناصر الوسيلة التعليمية قد يحد‬
‫من عدد المثيرات مما يقلل من فرص اإلحساس بالعبء لدى المتعلم‪.‬‬
‫‪-26-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫لذا يعتقد في ذلك أن العبء المعرفي واإلدراكي ربما يـقـل وتسهل مهمة المتعلم في‬
‫الوسائل المعدة جيدا وتتبع المعايير التربوية والفنية والتقنية ‪ ،‬وهذا ما سعى إليه كثير من‬
‫الباحثين بالتدخل في اختيار أفضل الوسائل التعليمية لتقليل العبء االدراكي الناتج عن‬
‫إجهاد العين‪ ،‬خاصة أن الشعور بالتعب البصري او السمعي غالبا ما يكون عبء أولي‬
‫على المتلقي‪ ،‬مما يجعل ادراج أي تكنولوجيا جديدة بحاجة لتقنين تربوي وفني وتقني‪،‬‬
‫ويصبح استخدام هذه التكنولوجيا قائم على المقايضة بين الجوانب اإليجابية والسلبية‪،‬‬
‫للوقوف على أنسب االستراتيجيات والوسائل التعليمية لتحقيق أهدافهم التربوية المطلوبة‪.‬‬

‫شركة ( ‪ ) 102‬العبء المعرفي الناتج عن امتالء العقل بالمثيرات المختلفة‬

‫وقد صنف "شيبرفيلد" )‪" (Chipperfield, 2006‬نظرية العبء المعرفي‬


‫‪ "Cognitive Load Theory‬لثالثة أنماط هي‪ :‬العبء المعرفي الفعلي ‪Intrinsic‬‬
‫‪ Cognitive Load‬وهو العمليات المعرفية األساسية المطلوبة للتعامل مع المهمة‬
‫التعليمية‪ ،‬ويتوقف هذا العبء على صعوبة محتوى التعليم أو تعقيده‪ ،‬أما العبء المعرفي‬
‫المرتبط ‪ Germane Cognitive Load‬وهو العمليات المعرفية وثيقة الصلة بالموضوع‬
‫والتي تساعد الفرد في بناء مخطط البنية المعرفية المعقدة بشكل متتابع‪ ،‬ومن ثم الجهد‬
‫الذاتي الذي يبذله المتعلم في تكوين بنية معرفية جديدة تصل به إلى مستوى أكثر خبرة‬
‫‪-27-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫عن غيره‪ ،‬وأخي ار "العبء المعرفي الدخيل ‪ "Extraneous Cognitive Load‬وهو‬
‫المصنف سابقا "بالنمط الفيزيقي" والذي ينتج عن األساليب التي عرضت بها المعلومات‬
‫التي تم تعلمها‪ ،‬وهو ما يمكن التحكم فيه عن طريق التصميم التعليمي بعدة طرائق متنوعة‬
‫منها؛ دقة التنظيم ‪ ،‬وأساليب عرض المعلومات ‪.‬‬
‫ويرتبط العبء المعرفي الدخيل أو الفيزيقي بدرجات االختالف بين المثير‬
‫المستهدف والمثيرات غير المستهدفة في البرنامج التعليمي من حيث اللون والحجم والبروز‬
‫أو العمق والتضاد أو التشابه‪ ،‬مما يتطلب من المتعلم جهدا إدراكيا‪ ،‬للوصول إلى هذا‬
‫المثير‪ ،‬وقد أشار "جوزيف" )‪ )Joseph, 2011‬نقال عن "ليفي" )‪ )Lavie,1995‬أن‬
‫التلميحات الفيزيائية يمكن تجهيزها والتحكم فيها لتمييز المثيرات داخل الرسالة التعليمية في‬
‫زمن صغير وبنسبة خطأ أقل بالمقارنة بالتلميحات السيمانتية سواء كانت فعلية أو مرتبطة‪.‬‬

‫‪ -‬نـــظـــريـــة الدافعية ‪Motivation Theory‬‬

‫إن اي سلوك يقدم اليه الفرد‪ ،‬سواء كان ذو غرض واضح او غير واضح‪ ،‬ايجابي‬
‫ام سلبي‪ ،‬يشير الى القوة التي تدفع هذا الفرد الى االستمرار في تحقيق غايته حتى يصل‬
‫الى هدفه‪ ،‬كما انه حالة داخلية نفسية او جسمية تثير السلوك في ظروف معينة وتحدده‬
‫وتواصله حتى تحقيق غاية محددة‪ ،‬أي أن الدوافع ترتبط بسببية السلوك‪ ،‬وهي التي تساعد‬
‫في تفسير لماذا يتصرف الشخص في موقف ما بطريقة معينة‪ ،‬وينشط عندما تستثار‬
‫دوافعه‪ ،‬ثم يهدأ عندما تشبع دوافعه‪ ،‬ولذا هناك وظيفتين أساسيتين للدافعية‪:‬‬
‫‪ -1‬التنشيط‪ :‬إذ يمكن من خالل الدافع؛ التنشيط البدني والنفسي والمعرفي‬
‫واالجتماعي‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ -2‬التوجيه‪ :‬أي أن النشاط اإلنساني الواعي هو نشاط موجه نحو هدف محدد‪ ،‬فال‬
‫دافعية من دون هدف يوجه السلوك ونحو جهة محددة‪.‬‬
‫‪-28-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫من هذا المنطلق فإن فهم دوافع المتعلمين مسالة مهمة في تكنولوجيا التعليم لكي‬
‫يحسن المصمم؛ التخطيط والتنفيذ للبرامج التعليمية المقدمة للمتعلمين‪.‬‬

‫تصنيف علماء النفس للدوافع‬


‫صنف علماء النفس الدوافع بأشكال متعددة‪ ،‬فمنهم من صنفها الى‪ :‬دوافع أولية‪،‬‬
‫دوافع ثانوية‪ ،‬دوافع شعورية‪ ،‬دوافع ال شعورية‪ ،‬دوافع فطرية‪ ،‬دوافع مكتسبة‪.‬‬
‫والدوافع األولية هي ذاتها الدوافع الفطرية وقد يقال لها أيضا الحوافز األساسية‪،‬‬
‫فيما الدوافع الثانوية هي ذاتها الدوافع المكتسبة وقد يقال لها الدوافع النفسية االجتماعية‪.‬‬
‫ومع ذلك فما يشغلنا في مجال تكنولوجيا التعليم هي دوافع السلوك التي يتعلمها‬
‫الفرد ويكتسبها من الحياة االجتماعية وتتبلور على شكل حاجات نفسية واجتماعية مؤثرة‬
‫في السلوك وهي‪:‬‬
‫‪ ‬الحاجة للتحصيل او دافعية االنجاز ‪.Achievement‬‬
‫‪ ‬الحاجة لالنتماء ‪.Affiliation‬‬
‫‪ ‬الحاجة للقوة او السيطرة ‪. Power‬‬

‫شكل ( ‪ ) 103‬مثال للدافعية‬

‫‪-29-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وتعتبر دافعية االنجاز بمثابة سعي الفرد للنجاح الدائم والتفوق على اآلخرين في‬
‫منافسات الحياة والتغلب على الصعوبات‪ ،‬وقد اهتم بدراسة هذا الدافع كل من (ماك ليالند)‬
‫و(اتكنسون) وأشارت دراساتهما الى ان هذا الدافع يؤثر على العديد من سلوكيات الفرد‬
‫فيجعلها في وضع الجاهزية النفسية‪ ،‬ومن خصائص السلوك المتصف بدافعية االنجاز ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫‪ 01‬األداء الممتاز‪:‬‬
‫حيث يتفوق األفراد ذوو الدافعية العالية في االنجاز على األفراد ذوو الدافعية‬
‫المنخفضة في أداء األعمال مختلفة المستويات‪.‬‬

‫‪ 02‬االلتزام والتكامل‪:‬‬
‫هناك ارتباط قوي بين ارتفاع دافعية االنجاز وبين االلتزام والتكامل في أداء‬
‫األعمال‪ ،‬وغالبا ما يتصف األشخاص ذوو الدافعية العالية لإلنجاز باألنانية ويكون الفشل‬
‫بالنسبة لهم شيء كارثي‪ ،‬وهم يميلون لألعمال الفردية لتحقيق انجازاتهم‪ ،‬كما إنهم يتسمون‬
‫بالمبادأة والسلوك الريادي وتحسين األداء واإلنتاج الدقيق في أعمالهم‪ ،‬ولذا ينظر لدافعية‬
‫االنجاز بطريفتين ‪ :‬إما انه دافع نمو إن كان الفرد مهتما بإشباع إمكانياته وإظهار قدراته ‪،‬‬
‫أو انه دافع اجتماعي ان كان الفرد مهتما بالتنافس مع اآلخرين ‪ ،‬كما تتأثر دافعية االنجاز‬
‫بعدد من العوامل هي ‪:‬‬
‫‪ -‬توقعات النجاح والفشل المرتبطة باألداء‪.‬‬
‫‪ -‬اآلثار الناجمة سلبية او ايجابية‪ ،‬مباشرة او غير مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬الذكريات واالنفعاالت العالقة باألداء السابق‪.‬‬
‫‪ -‬مدى تأكيد البيئة االجتماعية واألسرية على االنجاز الفردي المرتفع‬
‫وتعزيزها له‪.‬‬

‫‪-30-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬نـــظـــريـــة الـحــافــز ‪:‬‬

‫أسس كيلر نظريته وفق النظريات البيئية التي تهتم بمبادئ التكييف وبالدوافع‬
‫الفسيولوجية مثل "هال وسكينر" وكذلك بناء على النظريات اإلنسانية التي تضع الرغبة‬
‫الحرة قاعدة للدافع مثل روجرز‪ ،‬وكذلك نظريات التعليم االجتماعي التي تبحث في التفاعل‬
‫بين الفرد والبيئة وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن نظرية كيلر عن الدافع تستخدم مجموعة أخرى‬
‫كبرى من األفكار ‪ ،‬خاصة نظرية قيمة التوقع والتي ترى أن الدافع يعد وظيفة تكاثرية من‬
‫التوقعات والقيم ‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 104‬الحافز وعالقته باإلنجاز‬

‫وقد وسع كيلر نظريته الوصفية بتطوير المواصفات لتصميم الدافع للتدريس‪ ،‬وتقسم‬
‫هذه المواصفات إلى أربعة أنواع من مطالب الدافع تبدأ بالحروف ‪ ، ARCS‬وهي‬
‫اختصار ألربع خطوات لتعزيز والحفاظ على دافعية المتعلم في عملية التعلم‪:‬‬

‫‪ -‬االنتباه ‪: Attention‬‬

‫‪-31-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫يمكن الحصول على انتباه المتعلم بطريقتين‪ ،‬هما‪ :‬اإلثارة اإلدراكية‪،‬‬
‫كاستخدام األحداث المفاجئة وغير المؤكدة أو اإلثارة االستفسارية‪ ،‬حيث يحفز‬
‫فضول المتعلم من خالل طرح األسئلة الصعبة أو المشاكل التي يتعين حلها‪.‬‬

‫‪ -‬الصلة بالموضوع ‪: Relevance‬‬

‫ينبغي أن يتناسب الموضوع التعليمي مع احتياجات المتعلم المهمة ‪ ،‬حتى‬


‫يدفعه ذلك الى زيادة الدافعية للمتعلم‪ ،‬والسعي لتحقيق اهدافه وغالبا ما تسهم‬
‫تكنولوجيا التعليم في البحث عن استخدام لغة وأمثلة ملموسة مألوفة للمتعلمين‬
‫تتناسب وميولهم واستعداداتهم‪.‬‬

‫‪ -‬الثقة ‪: Confidence‬‬

‫يتطلب الدافع للتعلم شعور المتعلمين بالثقة في تحقيق هدفهم من‬


‫الموضوع التعليمي‪ ،‬لذا ينبغي منح الفرصة للمتعلم سيطرته على التعلم وتقييمه‪،‬‬
‫ولذا ينبغي أن يعلم المتعلم في الموقف التعليمي أن نجاحه نتيجة مباشرة لقدر ما‬
‫يقوم به من الجهد‪.‬‬

‫‪ -‬الرضا ‪: Satisfaction‬‬

‫يتطلب عنصر الرضا داخل الموقف تيسر سبل التقييم الذاتي‪ ،‬وهذا‬
‫يحدث من خالل التدريبات توفير تغذية راجعة بناءة‪ ،‬وغالبا ما يتحقق الرضا من‬
‫خالل اإلرشاد األكاديمي وأخير يمكن تدعيم شعور المتعلم بالرضا بتقديم التغذية‬
‫االسترجاعية الموجبة‪.‬‬

‫‪-32-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وال شك أن تكنولوجيا التعليم وبالتحديد التصميم التعليمي قد استفاد من نظرية‬


‫الحافز‪ ،‬وبالتحديد في وصف قدرات المتعلمين وخبراتهم الماضية والفروق الفردية بينهم‪،‬‬
‫وفي التعرف على كيفية هندسـة مثيـرات البيئـة التعليمية وتنظيمها لمساعدة المتعلم على‬
‫إظهار االستجابات المرغوب فيها والتي تعبـر فـي مجموعها عن عملية التعلم‪ ،‬وكذلك في‬
‫التركيز في التدريب على استخدام التغذية الراجعة المتعلقـة بمعرفـة نتـائج المتعلم ألدائه‬
‫وتنظيماته التي يجريها في أبنيته المعرفية من اجل دعم وتوجيه الـروابط الذهنيـة‪.‬‬

‫‪ -‬نـــظـــريـــة "مــــيـــرل"‪:‬‬

‫وتعود لـ "ميرل" وهي من النظرية المسئولة عن تنظيم محتوى المادة التعليمية على‬
‫المستوى المصغر‪ ،‬حيث تنظم المفاهيم‪ ،‬أو المبادئ‪ ،‬أو اإلجراءات التعليمية المزمع‬
‫اجتيازها في الموقف التعليمي‪ ،‬وقد اعتمدت هذه النظرية على فرضيتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أن عملية التعليم تتضمن إطارين‪ :‬األولى هي عرض المادة التعليمية أو شرحها أو‬
‫توضيحها أو تعليمها‪ ،‬والثانية هو السؤال عن هذه المادة التعليمية واختبارها‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن نتائج عملية التعلم يمكن تصنيفها بناء على بعدين هما‪ :‬نوع المحتوى التعليمي‬
‫المراد تعلمه (حقائق‪ ،‬ومفاهيم‪ ،‬ومبادئ‪ ،‬وإجراءات)‪ ،‬ومستوى األداء التعليمي المتوقع من‬
‫المتعلم إظهاره بعد عملية التعلم‪.‬‬

‫وتتكون نظرية العناصر التعليمية كما حددها "ميرل" من أربعة أنواع رئيسية‬
‫للمحتوى التعليمي هي‪:‬‬

‫‪-33-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪ -‬الحقائق والمفاهيم والمبادئ واإلجراءات‪:‬‬
‫وهي كافة المعلومات واالسس والعمليات التي يجب أن تتوفر قبل الشروع المراحل‬
‫التالية‪.‬‬
‫‪ -‬طرائق التعليم الرئيسية‪:‬‬
‫وهي األساليب المتعلقة بتعليم المحتوى‪ ،‬ويمكن أن تشمل الطريقة التي تعرض بها‬
‫الفكرة العامة واألمثلة التي توضحها‪.‬‬
‫‪ -‬مستوى األداء التعليمي‪:‬‬
‫ويعرف بأنه السلوك الذي يتوقع من المتعلم أن يقوم به بعد عملية التعليم‪.‬‬
‫‪ -‬طرائق التعليم الثانوية‪:‬‬
‫وتعرف بأنها جملة المعلومات اإلضافية المساعدة للمتعلم عند تعلم المعلومات‬
‫األساسية التي عرضت في طرائق التعلم الرئيسة‪ ،‬ولذا فطرائق التعلم الثانوية‬
‫تستعمل من أجل التوضيح أو التوسع أو اإلضافة لمعلومات جديدة لما تدرج في‬
‫طرائق التعلم الرئيسة‪.‬‬
‫‪ -‬شروط عينة األمثلة الممثلة للفكرة العامة‪:‬‬
‫إن لكل فكرة عامة أمثلة توضحها‪ ،‬ولذا يجب أن يراعي المعلم الشروط والمواصفات‬
‫التي يجب أن تتمتع بها هذه األمثلة بحيث تكون متنوعة وممثلة لموضوع التعلم‪ ،‬أو‬
‫أن تتسم بالتدرج من السهل للصعب‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد األهداف التعليمية‪:‬‬
‫وقد تحددت في تجزئتها الى اهداف فرعية ومتدرجة‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد فقرات االختبار‪:‬‬
‫إذ يجب أن يتمتع بالصدق والثبات والموضوعية‪.‬‬

‫‪-34-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وقد استفاد مجال تكنولوجيا التعليم وخاصة التصميم التعليمي من هذه النظرية في‬
‫طريقة عرض المادة التعليمية وفي صياغة االختبارات وتوظيف الوسائل المتعددة‪ ،‬عالوة‬
‫على تحديد مستوى األداء التعليمي المتوقع من المتعلم إظهاره بعد عملية التعلم‪.‬‬

‫‪ -‬النـــظـــريـــة التوسعية لتنظيم التعليم‪:‬‬

‫انبثقت النظرية التوسعية ‪ Elaboration Theory‬لـ "ايجلوث تشارلز ‪Charles‬‬


‫‪ "Regolith‬من مفاهيم النظرية المعرفية في علم النفس كمفاهيم مدرسة الجشطالت التي‬
‫تؤمن بأن التعلم يتم عن طريق الكل وليس الجزء‪.‬‬

‫وقد سميت النظرية بالتوسعية ألنها تتناول كافة مستويات المعرفة من تذكر‪ ،‬وفهم‪،‬‬
‫وتطبيق‪ ،‬وتحليل‪ ،‬وتركيب‪ ،‬وتقويم من وجهة نظر بلوم‪ ،‬وتتناول كذلك مستويات التعلم من‬
‫تذكر وتطبيق‪ ،‬واكتشاف من وجهة نظر ميرل ‪.‬‬

‫وقد وضع "جونسون وفاو" أربعة أسس نظرية إلجراء عملية التعلم‪:‬‬

‫‪ -‬التعلم الهرمي وفق نموذج "جانييه وبرجيز وويجز" والذي يركز على التدرج في التعلم‬
‫من اإلشاري وينتهي بتعليم المشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬النموذج الحلزوني الذي يركز على أهمية بناء روابط بين المفهوم الجديد والمفاهيم‬
‫السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الخبرات الجديدة على حد "أوزبل" يمكن اكتسابها إذا كانت ذات معنى وترتبط مع‬
‫األجزاء األخرى المتضمنة لما تم تعلمه‪ ،‬وذلك من خالل تنظيم الخبرات بشكل‬
‫مبدئي في ذاكرة المتعلم وذلك وفق نموذج التضمين المعرفي "‪.‬‬

‫‪-35-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وقد تكونت النظرية التوسعية من ثالثة نماذج تعليمية بناء على نوع المحتوى‬
‫التعليمي المراد تصميمه هي ‪:‬‬

‫‪ -‬نموذج تصميم محتوى المفاهيم‪.‬‬


‫‪ -‬نموذج تصميم محتوى المبادئ‪.‬‬
‫‪ -‬نموذج تصميم محتوى اإلجراءات‪.‬‬
‫‪ -‬نموذج طريقة تنظيم الشروط المبسطة‪.‬‬

‫تهتم هذه النظرية بتتابع وتسلسل المحتوى الدراسي الموسع‪ ،‬وتستند إلى‬
‫استراتيجية تتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬اختيار المحتوى التعليمي المراد تنظيمه من "مفاهيم‪ ،‬إجراءات‪ ،‬مبادئ‪ ،‬حقائق ‪".‬‬
‫‪ -‬وضع األفكار الرئيسة في المقدمة بحيث تندرج من البسيط إلى المركب‪ ،‬ومن‬
‫العام إلى الخاص‪ ،‬حتى تصل بالمتعلمين إلى المعلومات األكثر تعقيد‪.‬‬
‫‪ -‬عرض األفكار التي وردت في المحتوى التعليمي بصورة مختصرة دون تقديم‬
‫أمثلة‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة المفاهيم لمساعدة المتعلمين على ربط المحتوى الذي تم تعليمه بالمعلومات‬
‫السابقة‬
‫‪ -‬اكتشاف المحتوى المناظر للمحتوى الذي تم تعليمه‪ ،‬ويتم ذلك من خالل ربط‬
‫المفاهيم السابقة بالحالية للوصول لتعميمات‪.‬‬
‫‪ -‬دعم المتعلمين في تكوين ترميز للمعلومات بحيث يكونوا صو ار ذهنية أو خرائط‬
‫مفاهيمية لتقوية ذاكرتهم‪.‬‬

‫‪-36-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬دعم المتعلم بسيطرته على محتوى المادة المتعلمة‪ ،‬مما يزيد من ثقته بنفسه‪،‬‬
‫وترتفع كفايته ‪.‬‬

‫‪ -‬الــنــظــريـــات الـبـنـائــيـة‪:‬‬

‫تعتبر امتداد للنظريات المعرفية ‪ ،‬ويعد "جان بياجيه" مؤسسها في العصر‬


‫الحديث؛ وتقوم على اعتقاد أن المتعلمين ينشئون معرفتهم الشخصية من خالل خبراتهم‪،‬‬
‫وأن المعرفة تبنى بواسطة المتعلم‪ ،‬وتلعب الخبرات والتفاعالت االجتماعية دو ار مهمة في‬
‫عملية التعلم‪ ،‬كما تستند المدرسة البنائية على أن التفكير عملية تنظيم وتكيف‪ ،‬ولذا فمن‬
‫خالل هاتين العمليتين يكتسب الفرد قدراته المعرفية‪ ،‬فالتنظيم هو الجانب البنائي من‬
‫التفكير‪ ،‬أما التكيف فهو ما يسعيه الفرد إليجاد التوازن بين ما يعرفه من قبل وربطه‬
‫بالظواهر واألحداث التي يتفاعل معها في البيئة‪.‬‬

‫وقد استفادت تكنولوجيا التعليم من مبادئ هذه المدرسة في تصميم المواقف التعليمية‪،‬‬
‫وبالتحديد في نماذج التصميم التعليمي وخاصة فيما يتعلق ب ـ ـ‪:‬‬

‫‪ -‬وصف األهداف‪:‬‬
‫حيث يستند في هذا الجانب على تحليل األهداف وتصنيفها وفق جوانبها المعرفية‬
‫والوجدانية والنفسحركية‪ ،‬ولكن اعتمادا مدخل الخبرة‪ ،‬حيث ترفض البنائية تحديد كل المهام‬
‫التعليمية النهائية والفرعية الممكنة مقدما‪ ،‬وتقتصر فقط على وصفها‪.‬‬

‫‪ -‬تحليل المحتوى‪:‬‬

‫‪-37-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫هذا الجانب عند تصميم الموقف التعليم على أن المتعلم هو المسئول عن الوصول‬
‫للمعرفة بنفسه وبطريقته الخاصة‪ ،‬أي ال ينبغي تحديد المحتوى له مسبقا وبشكل تفصيلي‪،‬‬
‫بل يكتفي اإلشارة الى األفكار الرئيسية في المحتوى‪ ،‬ويترك للمتعلم البحث عن المعلومات‬
‫التفصيلية من خالل المصادر التعليمية المناسبة له‪ ،‬والتي غالبا ما ترتبط بحياته الواقعية‪،‬‬
‫وبتواصل مع من حوله من االقران‪ ،‬حتى تكون ذات قيمة وظيفية في حياته‪.‬‬

‫‪ -‬تحليل صفات المتعلمين‪:‬‬


‫تنظر البنائية الى المتعلم بانه كيان متكامل مستقل عن غيره في خصائصه وأفكاره‬
‫وخلفياته وخبراته الفريدة وطريقة تعلمه‪.‬‬

‫‪ -‬التقويم‪:‬‬
‫تربط البنائية عند تقويم األشخاص بين ما تعلمه وبين ما اكتسبه ممن حوله من‬
‫مهام في سياق البيئة المحيطة به‪.‬‬

‫ولذا فقد تبنت تكنولوجيا التعليم هذه النظرية في العديد من االستراتيجيات التعليمية‬
‫وتوظيف الوسائل التعليمية كالواقع االفتراضي‪ ،‬والرحالت المعرفية‪ ،‬حيث تستند هذه‬
‫الوسائل على تبني المتعلم للمعارف بنفسه ثم يخضعها للتجريب‪ ،‬كما تتيح فرصة للتك ارر‬
‫مرة بعد مرة بطريقة تناسب قدرات المتعلم وخطوه الذاتي‪ ،.‬مما يدفعه إلثارة المستويات‬
‫العليا من التفكير‬

‫ومع ذلك فإن ما يعاب على المدرسة البنائية أن كل األهداف التعليمية ال تتحقق‪،‬‬
‫فمثال عندما ال يتوفر لدى المتعلم الخلفية المعرفية التي تعينه على حل مهمة التعلم‪ ،‬فأنه‬
‫يجد صعوبة بالغة في تحقيق المهام المكلف بها‪.‬‬

‫‪-38-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫كما يجد المتعلم أيضا بعض الصعوبات في بناء المعرفة داخل الموقف التعليمي‪،‬‬
‫وخاصة بعض أنواع المعرفة التقريرية؛ حيث يصعب أو يستحيل تنميتها من خالل هذا‬
‫المنظور البنائي‪ ،‬كما أن هناك مشكلة في التقويم‪ ،‬حيث لم تقدم هذه المدرسة حلول‬
‫متكاملة عن التقويم‪ ،‬حيث إذ ال يقبل البنائيون نمطي التقويم‪ ،‬مرجعي المحك‪ ،‬أو معياري‬
‫المحك‪.‬‬

‫‪ -‬نــظــريــات الــتـعـلم االجــتـمـاعـي‬

‫تعتبر هذه النظرية أن المتعلمون يكتسبون سلوكياتهم الجديدة عن طريق التعزيز‬


‫أو العقاب الصريحين‪ ،‬كما انهم يتعلمون أكثر بمالحظة سلوك من حولهم عن تعلمهم‬
‫بمفردهم‪.‬‬
‫ويرجع االهتمام بالنظريات االجتماعية بسبب تطور الحياة بكافة جوانبها ودخولها‬
‫عصرها التكنولوجي‪ ،‬عالوة على تراجع أهمية المعرفة إلى الدرجة الثانية‪ ،‬بحيث تربع على‬
‫عرش العلم الجانب التطبيقي أو ما يسمى بكفاءة الممارسة‪ ،‬ولذا تعد نظرية التعلم‬
‫االجتماعي واحدة من النظريات التي تميزت بشموليتها‪ ،‬ودراستها لمختلف نواحي التعلم‪،‬‬
‫كما انها حاولت أن تلم بمختلف نظريات التعلم السابقة‪ ،‬وتستفيد منها‪ ،‬وخاصة في اإلطار‬
‫االجتماعي‪ ،‬الذي يمثل الجسر الذي يحمل التعليم ليصل إلى غايته من خالل االستفادة‬
‫من معطيات الحياة االجتماعية في عملية التعلم“‬

‫ويعتبر أول من تحدث عن نظرية التعلم االجتماعي هو "جابريل تارد" (‪-1843‬‬


‫‪ ،)1904‬حيث وجد أن التعلم االجتماعي يتكون من ثالثة أجزاء‪ :‬هي المالحظة‪ ،‬والتقليد‪،‬‬
‫والتعزيز‪ ،‬حيث تبدأ باالحتكاك الشديد‪ ،‬ثم تقليد المشرفين‪ ،‬ثم فهم المبادئ‪ ،‬ثم اختيار‬
‫سلوك المثل األسمى‪.‬‬

‫‪-39-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫ومع ذلك يعد "ألبرت باندو ار ‪ “Albert Bandura‬صاحب نظرية التعلم‬
‫االجتماعي التي اهتمت بالربط بين المدرسة السلوكية والمعرفية‪ ،‬خاصة أن التعلم السلوكي‬
‫يؤكد على أن البيئة المحيطة بالمتعلم هي المسئولة عن سلوكه‪ ،‬بينما التعلم المعرفي هو‬
‫المؤثر في هذا السلوك‪ ،‬ولذا فإن الجمع بين التعلم االجتماعي هو المسبب للتكامل بين‬
‫بين العوامل االجتماعية والنفسية‪.‬‬
‫ولذا فإن ما يشغل تكنولوجيا التعليم في ذلك هو ما أشار اليه "باندورا" عن مفهوم‬
‫النمذجة او التعلم بالوكالة حيث وظف الوكيل الذكي كشكل من اشكال التعلم االجتماعي‬
‫داخل البيئات اإللكترونية‪ ،‬مما سيؤثر على ردود فعل المتعلمين عند اختيار نمط الوكيل‪.‬‬
‫كما أضاف "باندورا" مفاهيم أخرى مثل التحديد التبادلي والكفاءة الذاتية والتنظيم‬
‫الذاتي واالختالفات الزمنية بين السبب والنتيجة‪ ،‬وكذلك التحول من التعلم بالمالحظة في‬
‫العمليات المعرفية الى التعلم المباشر من خالل األداء الفعلي‪ ،‬او غير المباشر أي باإلنابة‬
‫من خالل مالحظة االخرين‪.‬‬
‫وقد توسع "جوليان روتر" عام ‪ 1916‬في نظرية التعلم االجتماعي حيث تناول‬
‫ضمنا التعلم السلوكي واإلدراكي‪ ،‬وافترض أن التعلم السلوكي هو ما يدفعه للتصرف‬
‫بطريقة معينة‪ ،‬أما التعلم اإلدراكي فيشير الى أن العوامل النفسية مهمة في التأثير على‬
‫سلوك المرء‪ ،‬واشا ار "روتر" أن هناك ضرورة للجمع بين العوامل البيئة والعوامل النفسية‪،‬‬
‫مما يتطلب تعلم وتقليد سلوك معين وفـق ثالثة أمور‪ :‬التذكر (تذكر ما الحظه الشخص)‪،‬‬
‫اإلنتاج (القدرة على القيام بسلوك معين)‪ ،‬والدافع (السبب الكافي الذي يرغبك في تبني‬
‫سلوك معين)‪ ،‬ولذا فتتكون نظرية التعلم االجتماعي عنده من القوة السلوكية ‪ ،‬والتوقع‪،‬‬
‫وقيمة التعزيز‪ ،‬والحالة النفسية‪.‬‬
‫وتعرف القوة السلوكية بانها احتمالية المشاركة في سلوك معين في ظرف معين‪،‬‬
‫ويتوفر لإلنسان عدة خيارات سلوكية عندما يوضع تحت ظرف من الظروف‪ ،‬ولكل خيار‬

‫‪-40-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫من هذه السلوكيات طاقة كامنة تجعل اإلنسان يخلص إلى تلك التي تحوي أكبر طاقة‬
‫منها‪ ،‬بينما يعني التوقع؛ ما يتوقعه اإلنسان من نتائج يحتمل أن يعود بها سلوك معين‪.‬‬

‫السؤال المطروح هنا هو‪ :‬ما هي احتمالية أن ينتج عن هذا السلوك نتائج إيجابية؟‬
‫تعتمد ثقة اإلنسان في انتهاج سلوك معين على مقدار احتمالية ظهور نتائج‬
‫إيجابية عنه‪ ،‬فإن كان هذا االحتمال عاليا‪ ،‬زادت التوقعات بحصول التعزيز بناء على هذا‬
‫السلوك‪ ،‬أما عن مصدر التنبؤ بحصول التعزيز‪ ،‬فهو خبرات اإلنسان السابقة‪ ،‬ولهذا نراه‬
‫يختلف من شخص آلخر لدرجة يفتقر بها أحيانا إلى المنطق‪ ،‬في حين يقصد بقيمة‬
‫التعزيز ذلك الناتج الذي يعود به سلوك معين‪ ،‬أما قيمة التعزيز فتشير إلى مقدار رغبة‬
‫اإلنسان في هذه النتائج‪ ،‬فاألشياء التي نحبها‪ ،‬ونرغب فيها تحظى بقيمة تعزيز عالية‪ ،‬اما‬
‫الحالة النفسية فيعتقد "روتر" أن الموقف ذاته قد يعني أشياء مختلفة لكل شخص‪ ،‬فالحالة‬
‫النفسية أيضا تختلف من شخص آلخر‪ ،‬فتؤثر على سلوكهم‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 105‬التعاون والتفاعل مع االقران والمجتمع شرط لحدوث التعلم‬

‫‪-41-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪ -‬نظرية باندو ار ‪ Bandura‬في التعلم االجتماعي‬

‫تركز هذه النظرية على أهمية التفاعل االجتماعي والمعايير االجتماعية والسياق‬
‫والظروف االجتماعية في حدوث التعلم‪ ،‬ويعني ذلك أن التعلم ال يتم في فراغ بل في محيط‬
‫اجتماعي‪.‬‬

‫وقد أشار "باندورا" الى أن المالحظة من اهم ما يحقق التعلم‪ ،‬وقد افترض في‬
‫نموذجه أن اإلنسان كائن اجتماعي يتأثر باتجاهات اآلخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم‬
‫وسلوكهم‪ ،‬وانه يستطيع أن يتعلم منهم نماذج سلوكية عن طريق المالحظة والتقليد‪ ،‬ويشير‬
‫التعلم بالمالحظة إلى إمكانية التأثر بالثواب والعقاب على نحو بدلي أو غير مباشر‪،‬‬
‫ويقترح "باندو ار" ثالثة أساليب للتعلم بالمالحظة وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تعلم سلوكيات جديدة‪:‬‬


‫حيث أن التمثيالت الصورية والرمزية المتوفرة عبر األساطير والحكاية‬
‫الشعبية وحديثا عبر الرحالت المعرفية‪ ،‬تشكل مصادر مهمة للنماذج‪ ،‬وتقوم‬
‫بوظيفة النموذج الحي‪ ،‬حيث يقوم المتعلم بتقليدها بعد مالحظتها والتأثر بها‪.‬‬

‫‪ -‬الكــف والتحرير‪:‬‬
‫أي أن معاقبة المعلم ألحد تالميذه على مرأى من اآلخرين‪ ،‬يجعلهم‬
‫ينتبهون لعدم الوقوع في هذا الخطأ‪ ،‬ويمتنعون عن أداء السلوك الذي كان سببا في‬
‫عقاب زميلهم‪ ،‬وقد يلجأ البعض اآلخر إلى تحرير االستجابات المكفوفة أو‬
‫المقيدة‪ ،‬وخاصة عندما ال يواجه النموذج عواقب سيئة أو غير سارة‪.‬‬

‫‪-42-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬التسهيل‪:‬‬
‫حيث أن التسهيل يتناول االستجابات المتعلمة غير المكفوفة والمقيدة‬
‫والتي يندر حدوثها بسب النسيان‪ ،‬والترك‪ ،‬أما تحرير السلوك‪ ،‬فيتناول االستجابات‬
‫المكفوفة التي ترفضها البيئة أو تنظر إليها على أنها سلوك سلبي‪.‬‬

‫كما أشار "باندروا" الى أن هناك أربع مراحل للتعلم من خالل النموذج‬
‫وخصائصها على النحو التالي‪:‬‬

‫جدول ( ‪ ) 1‬مراحل التعلم من خالل نموذج "باندورا"‬

‫خصائص التعلم بالمالحظة‬ ‫مراحل التعلم بالمالحظة‬


‫شرط أساسي لحدوث التعلم‪ ،‬يتأثر بخصائص النموذج ومستوى‬
‫النمو والنضج‪ ،‬و الدافعية والحوافز والحجات ‪.‬‬ ‫مرحلة االنتباه‬

‫ضرورة التواصل‪ ،‬وتمثيل األداء في الذاكرة بواسطة التدرب‬


‫وتكرار النموذج إلجراء المطابقة بين سلوك المتعلم وسلوك‬
‫النموذج‪.‬‬ ‫مرحلة االحتفاظ‬

‫أهمية التغذية الراجعة التصحيحية في تشكيل السلوك المرغوب‬


‫فيه ‪ ،‬حيث تحتاج إلى مراقبة دقيقة من قبل المعلم أو‬
‫النموذج‪.‬‬ ‫مرحلة إعادة اإلنتاج‬

‫‪-43-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫تتشابه مع نظرية االشتراط اإلجرائي وذلك ألهمية التعزيز‬
‫والعقاب وتأثرهما على الدافعية في أداء السلوك‪ .‬يمل المتعلم‬
‫إلى تكرار السلوك المعزز وتجنب السلوك المعاقب عليه‪.‬‬ ‫مرحلة الدافعية‬

‫أساسيات نظرية باندورا‪:‬‬


‫‪ -‬أن اكتساب الفرد أو تعلمه الستجابات أو أنماط سلوكية جديدة غالبا ما تحدث من‬
‫خالل موقف أو إطار اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬يعتقد أن المثيرات الخارجية تؤثر في السلوك من خالل تدخل العمليات المعرفية‪،‬‬
‫فالفرد يفكر فيما يعمل عندما يقوم بسلوك معين ويتأثر بالبيئة المحيطة به‪ ،‬وتسمح‬
‫العمليات المعرفية أيضا باستخدام الرموز والدخول في نوع من التفكير يتيح‬
‫التخمين بمجموعة التصرفات المختلفة ونتائجها‪ ،‬ألن تصرفاته تمثل انعكاسا لما‬
‫في البيئة من مثيرات‪.‬‬
‫‪ -‬إن معظم أنماط السلوك اإلنساني ال تكون محكومة بالتعزيزات الفورية الخارجية‬
‫التي يؤكد عليها السلوكيون‪ ،‬حيث تتحدد توقعات الناس في ضوء خبراتهم السابقة‪،‬‬
‫ويتأثر السلوك المتوقع المبني على خبرات الفرد الماضية‪.‬‬
‫‪ -‬تأخذ العمليات المعرفية شكل التمثيل الرمزي لألفكار والصور الذهنية وعمليات‬
‫االنتباه القصدي واالحتفاظ التي تتحكم في سلوك الفرد في تفاعله مع البيئة‪ ،‬كما‬
‫تكون محكومة بهما أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬إن التفاعل الحتمي المتبادل المستمر للسلوك والمعرفة والتأثيرات البيئية‪ ،‬أن‬
‫السلوك اإلنساني ومحدداته الشخصية والبيئية تشكل نظاما متشابكا من التأثيرات‬
‫المتبادلة والمتفاعلة‪.‬‬

‫‪-44-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬معظم سلوك البشر متعلم من خالل المالحظة سواء بالصدفة أو بالقصد‪.‬‬


‫‪ -‬تلعب المعرفة دو ار رئيسيا في التعلم االجتماعي القائم على المالحظة‪ ،‬وتأخذ‬
‫عمليات المعرفة شكل التمثيل الرمزي لألفكار والصور الذهنية وهي تتحكم في‬
‫سلوك الفرد وتفاعله مع البيئة‪ ،‬كما تكون محكومة بهما‪.‬‬
‫‪ -‬يشير التعلم من خالل المالحظة إلى أن معظم السلوك اإلنساني متعلم بإتباع‬
‫نموذج أو مثال حي وواقعي‪ ،‬وليس من خالل عمليات االشتراط الكالسيكي أو‬
‫اإلجرائي‪ ،‬حيث أن مالحظة اآلخرين تتطور فكرة عن كيفية تكوين سلوك ما‬
‫وتساعد المعلومات كدليل أو موجه لتصرفاتنا الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬الـــنــظــريــة الــبـنــائــيــة االجـــــتــمــاعــيــة‬


‫هي نظرية تنحدر من البنائية حيث أنها تشدد على دور الخبرة في بناء المعارف‬
‫لدي الفرد و تؤكد خاصة على الصراع في النمو الفردي واالجتماعي‪ ،‬ولذا فهذه النظرية‬
‫تؤكد على أهمية التبادل المثمر بين االفراد بعضهم البعض‪ ،‬وأن هذا التقدم يتحدد كفايات‬
‫الفرد ونمو المعرفية وتطوره‬

‫ويعتبر "فيجوتسكي" من أهم مؤسس البنائية االجتماعية ‪ ،‬وقد اعتبر أن النمو‬


‫الفكري ذو طبيعة اجتماعية وليس بيولوجية فقط كما يراها "بياجيه"‪ ،‬وأن التعلم يمكن أن‬
‫يكون عامل من عوامل النمو الفكري ‪ ،‬والمعرفة لها صبغة اجتماعية والنشاط الفكري للفرد‬
‫ليمكن فصله عن النشاط الفكري للمجموعة التي ينتمي إليها‪.‬‬
‫وتعتبر البنائية االجتماعية انعكاس لنظرية التطور اإلنساني التي تقوم على‬
‫الفردية في إطار السياق الثقافي – االجتماعي‪ ،‬أي أننا هنا نأخذ في االعتبار البيئة‬
‫المجتمعية للمتعلم‪.‬‬

‫‪-45-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫األسس التي تقوم عليها البنائية االجتماعية‪:‬‬

‫قامت البنائية االجتماعية علي عدة أسس )‪ (Ernest,1994,p26‬من أهمها‪-:‬‬


‫‪ -‬أن أنظمة المعرفة المتعددة‪ ،‬ليست إال تركيبات ذهنية إنسانية‪ ،‬وأن الصورة‬
‫التيصيغت – وال تزال تصاغ‪ -‬فيها المعارف في أنظمة المعرفة جميعها تمت‬
‫وفقا لمقتضيات أو قيود كثيرة‪ ،‬منها اإليدلوجية السائدة في المجتمع‪ ،‬والقيم الدينية‬
‫والخلقية التي يؤمن بها من تصدوا‪ -‬ويتصدون‪ -‬لصنع المعارف وتوليدها‬
‫‪ -‬أن التعلم االجتماعي أكثر نشاط من التعلم الفردي‪ ،‬فالفرد يتعلم بشكل ايجابي‬
‫وسط مجموعة من الفراد مثل زمالئه والمعلم واالسرة‪.‬‬
‫‪ -‬أن التعلم االجتماعي أفضل في بناء المعرفة من التعلم الفردي‪.‬‬

‫شكل ( ‪ ) 106‬نظريات التعلم المدمج‬

‫‪-46-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬التعلم الفردي يقتصر دوره على المعرفة بينما اغلب ما يكتسبه الفرد من مها ارت‬
‫ترجع لما حوله بين بيئة اجتماعية‪.‬‬

‫وقد استفادت تكنولوجيا التعليم من هذه النظرية في توظيفها في استخدام أدوات‬


‫الويب ‪ 2.0‬وكذلك في استطالع اراء المتعلمين من خالل التواصل االجتماعي عبر هذه‬
‫الشبكات بعيدا عن سطو المعلم باعتباره موزع المعرفة وليس مرشد في الموقف التعليمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬نـظـريـات املنـهـج الـدراسـي‬


‫نادت العديد من نظريات المنهج بضرورة االستعانة بالتكنولوجيات الجديدة لجعل‬
‫التعليم مهنة مشوقة وفعالة‪ ،‬مستكمال في ذلك االدارة وتطبيقات النظريات النفسية ‪ ،‬وقد‬
‫جاء االستعانة بنظرية المنهج حتى يمكن التنبؤ باحتياجات الموقف التعليمي عند دمج‬
‫اللتكنولوجيا بداخله ‪ ،‬وتشتمل هذه النظريات على كافة المبادئ النظرية لتنظيم العملية‬
‫التعليمية ‪ ،‬فتسمح للمعلمين بالتنبؤ بخطوات وضع ظواهر محددة في مجال التطبيق‬
‫والعمل ‪ ،‬وفيما يلي توضيح الهم نظريات المنهج المساندة لتكنولوجيا التعلم ‪:‬‬

‫‪ -‬الــنـظــريــة الموسوعية‪:‬‬

‫نادى اصحاب هذه النظرية بأن على كل انسان يتعلم تعليما كامال ويتم تشكيله‬
‫بصورة صحيحة ‪ ،‬يجب أن يتم تعلمه بجميع االساليب والوسائل المتنوعة لكي يستنير‬
‫بالمعرفة والحكمة الحقيقية ‪ ،‬وندى اصحاب هذه النظرية بسمو العقل واعتقدوا أن الدين‬
‫يربط العقل بسالسل الجهل وأن سعادة االنسان تكمن في تطوير ذهنه ليكتشف الحقيقة‬
‫واعتبر نشر المعرفة وتطوير العقل البشري عامالن ضروريان لتقدم الجنس البشري‪.‬‬

‫‪-47-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫كما رأى اصحاب هذه النظرية أن كل معارف العالم الحقيقي مفيدة وينبغي ان‬
‫يتضمنها المنهج وذلك من منطلق انه لو ترك االمر للعقل وحده الضطرد التقدم والرقي‬
‫ولوصل االنسان لمبتغاه‪.‬‬
‫لذا يجب أن يتم تدريب المعلمين على الطرق التي يعبؤون بها رؤوس الصغار‬
‫بالمعلومات‪ ،‬حتى ال تتحول المدارس الى مراكز للمعرفة فقط‪ ،‬ويتحول المعلمون الى‬
‫عمال فيها‪ ،‬وتصبح المناهج مزدحمة بالمواد الدراسية دون فائده‪.‬‬
‫وقد انعكس ذلك على فكر المجتمع واوالء األمور بأن المعرفة قوة لذاتها دون‬
‫االهتمام بربطها بحياة التالميذ اليومية ودون عناية بتوجيههم الى ما قد يكون لها من فائدة‬
‫في مواجهة مشكالت حياتهم‪.‬‬
‫اال أن انفجار المعرفة واالبحاث التخصيصية اوجدت مشكلة كبيرة في البالد التي‬
‫ما زالت تطبق النظرية الشاملة للمنهج حيث شعر الناس بحاجة ماسة الى دراسات اكثر‬
‫عمقا في الصفوف الثانوية في تلك الموضوعات التي سيدرسها الطالب في الجامعة او‬
‫المعاهد اخرى للتعليم العالي‪ ،‬كما يحاول المربون في تلك البالد التي ورثت منهج الدوائر‬
‫المعرفية تطبيق تعليم عريض القاعدة وفي الوقت نفسه يقللون من عدد المقررات الدراسية‪.‬‬

‫‪ -‬الــنـظــريــة الجــوهــرية (اساسيات المعرفة)‬


‫يرى اصحاب هذه النظرية ومنه"وليم باجلي" أن عمل المدرسة يتمثل في تزويد‬
‫الطلبة بالقوى العقلية والفكرية واذا بهذه النظرية تهتم بالتمييز بين ما هو جوهري وما هو‬
‫غير جوهري في البرامج المدرسية واعادة فحص محتوى المناهج واعادة سلطة المعلم داخل‬
‫الحجرة الدراسية بحيث يكون المعلم هو مركز العملية التعليمية بشرط أن يكون على قدر‬
‫كاف من التثقيف والمعرفة العريضة في مجال التعليم والفهم العميق لسيكولوجية المتعلمين‬

‫‪-48-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وعملية التعلم والقدرة على نقل الحقائق الى الجيل االحدث ومعرفة االصول التاريخية‬
‫والفلسفية للتربية وأن يكون ذلك المعلم مهتما وجادا ومخلصا في اداء واجبه التعليمي ‪.‬‬
‫وقام بتعريف هذه النظرية ‪ 1938‬حيث راي أن هناك جوانب اساسية معينة يجب‬
‫االبقاء عليها كما يجب أن يعرفها كل الناس اذا ما اعتبرناهم متعلمين وتلك الجوانب‬
‫الجوهرية‪.‬‬
‫ولذا فأي مجتمع يعتنق النظرية الجوهرية يعتبر المدرسة مؤسسة ذات وظيفة عملية‬
‫تتمثل في نقل اساسيات المعارف والمهارات المختلفة الى الطلبة ويمكن ايجاز موقف‬
‫النظرية الجوهرية بأربعة مبادئ اساسية هي‬
‫‪ -‬أن التعلم يتضمن في ذاته العمل الشاق ‪ ،‬ألن االهتمام بموضوع معين يحتاج الى‬
‫جهد من اجل اتقان هذا الموضوع ‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المدرسة المحافظة على الطرق التقليدية لالنضباط العقلي كما يجب‬
‫تعليم التلميذ المفاهيم االساسية حتى وأن كان البد من تطويعها وفقا للمستوى‬
‫السيكولوجي والفكري للمتعلم ‪.‬‬
‫‪ -‬أن دور المعلم يتوسط بين عالم الكبار وعالم االطفال ومن ثم يجب أن تكون‬
‫المبادأة في التربية بيد المعلم اكثر مما بيد التلميذ ألن المعلم قد تم اعداده بصورة‬
‫مسيطر على كل مكونات‬
‫ا‬ ‫متخصصة لمهمة ارشاد تالميذه وتوجيههم ويكون المعلم‬
‫الموقف التعليمي‪.‬‬
‫‪ -‬أن جوهر العملية التربوية يتمثل في استيعاب المادة الدراسية المحددة من قبل‪ ،‬كما‬
‫ينبغي على التربية اتاحة الفرصة للفرد لتحقيق امكاناته الكامنة فيه‪ ،‬ويجب أن يتم‬
‫تقديم المعرفة في المادة الدراسية وفقا للتنظيم المنطقي لها‪ ،‬كما يجب التركيز على‬
‫اهمية التراث االجتماعي ووضعه فوق الخبرة الفردية وذلك من منطلق ان هذا‬
‫التراث يلخص خبرات الماليين في محاولتهم التوافق مع بيئتهم‪.‬‬

‫‪-49-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬

‫وعموما فانه يمكن القول أن النظرية الجوهرية قد شاركت في تشكيل ما يسمى‬


‫بالطريقة التقليدية وبتنظيم المنهج على اساس المواد الدراسية المنفصلة الذي يجعل‬
‫اكتساب المعرفة والمعلومات الهدف االول واالهم ‪.‬‬

‫‪ -‬الــنـظــريــة البوليتكنيكية او التطبيقية‪:‬‬

‫تشير هذه النظرية الى عملية تحويل محتوى التربية الى اتجاه الفنون التطبيقية‬
‫المتعددة وذلك من منطلق وجوب النظر الى كل جانب من جوانب المدرسة في ضوء‬
‫عالقته بالحياة االنتاجية وتتمثل اهداف التربية وفقا لهذه النظرية في تزويد التالميذ‬
‫بالمعرفة في الفروع الرئيسية لإلنتاج وكذلك المبادئ العملية التي تعتمد عليها واكسابهم‬
‫عادة التعامل مع االت العمل ومساهمتهم في تنمية القدرات الفنية المنتجة واكسابهم حب‬
‫العمل اليدوي وتقديره وامدادهم بخلفية تقنية او فنية واسعة واعطاء الشباب فرصة اختيار‬
‫العمل المناسب واالبداع في نوعية من االعمال التي يتطلبها االنتاج أي أن مبدا التربية‬
‫التطبيقية يتطلب تحقيق اقصى نمو ممكن لقدرة الفرد على تطبيق معرفته في موقف عملي‬
‫وأن يكتسب عالقاته في نظام االنتاج االجتماعي ‪.‬‬
‫كما يتطلب ايضا استعداده وقدرته على المشاركة في االنتاج وقد انعكست تلك‬
‫المفاهيم االيديولوجية على تنظيمات المنهج لتحقيق الوحدة بين التعليم والعمل النافع‬
‫اجتماعيا وبذلك وجدت النظرية التطبيقية للمنهج مكانها في النظام التعليمي السوفيتي كما‬
‫جذب المحتوى واساليب او طرق التدريس المستخدمة في التطبيق العلمي والعملي للتربية‬
‫التطبيقية اهتمام المربين السوفييت بعد الثورة البلشفية عام ‪1917‬وهكذا اصبحت‬
‫البوليتكنيكية مبدا او موقف نظريا يتخلل جميع المواد الدراسية ويوجه تدريسها ويشمل‬
‫العلوم االنسانية والطبيعية والدراسات العملية وهو ال يهدف الى اعطاء التالميذ معلومات‬
‫‪-50-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫ومهارات علمية تتعلق بالصناعة والزراعة فقط بل ويهدف كذلك الى غرس وتكوين عادات‬
‫عقلية وخلقية تتعلق بعمليات االنتاج المختلفة وعموما فان تنظيم المنهج المدرسي وفقا‬
‫لتلك النظرية يتم بطريقة تمكن التالميذ من التعود على المبادئ النظرية االساسية والمبادئ‬
‫العملية لإلنتاج الحديث والمشاركة في العمل النافع اجتماعيا لذا يتم تنظيم المواد االجبارية‬
‫والمقررات االختيارية وانواع النشاط الزائد بحيث تحقق الوحدة بين النواحي النظرية والعملية‬
‫لإلنسانيات وبين العلوم والتكنولوجيا ‪.‬‬

‫وتعتبر الورش التعليمية من اهم وايسر الوسائل المتاحة لتطبيق النظرية التطبيقية‬
‫في المدرسة بشرط أن تكون تلك الورش مرتبطة باإلنتاج االقتصادي للمصانع والمزارع في‬
‫المجتمع اضافة الى انواع اخرى من النشاط والمتمثلة في الحلقات الدراسية التكنولوجية‬
‫والمراكز التكنولوجية لألطفال وقراءة كتب تكنولوجية وزيارة المتاحف ويتم تنفيذ النظرية‬
‫التطبيقية في االنظمة التعليمية االشتراكية كالصين على سبيل المثال‪ ،‬حيث يعتمد التعليم‬
‫على االنتاج وترتبط النظرية بالتطبيق ‪ ،‬هذا باإلضافة الى عدم اقتصار التعليم على‬
‫المدرسة فقط بل يتعداه الى المصانع والمزارع ووحدات الجيش في المناطق المجاورة الى‬
‫جانب ذلك تم تأسيس مصانع صغيرة في المدارس االساسية والثانوية ويدعى العمال‬
‫والفالحون والجنود للتدريس فيها على اساس جزء من الوقت‪.‬‬

‫‪ -‬الــنـظــريــة الــبـرجـمـاتـيـة‪:‬‬
‫يرجع اصل هذه النظرة الى ديوي ‪ ،‬ويرى احد فالسفة التربية أن افكار ديوي جيدة‬
‫ومناسبة لمنهج المدرسة االبتدائية اما بالنسبة للمرحلة الثانوية فيجب أن يؤدي التعليم الى‬
‫مستوى عالي من التمكن من المحتويات التي لها صلة بالحياة وذلك ألنها تمثل األدوات‬
‫الضرورية للقوى االجتماعية للشعوب‪.‬‬

‫‪-51-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وتم تطبيق البرجماتية على التربية من خالل الحركة التربوية التقدمية التي‬
‫عارضت جمود التربية التقليدية واعلنت الحركة التقدمية بان التربية في عملية تطور دائم‬
‫ولذلك يجب على المربين أن يكونوا مستعدين لتعديل المنهج في ضوء تغيرات المعرفة‬
‫والبيئة وتنظر البرجماتية الى المتعلم على انه فرد يمر بخبرات كما انه مفكر ومستكشف‬
‫وأن االهتمام والفضول لديه يدفعه الى التعلم لذا يجب أن نجعل ما يتعلمه الفرد متعلقا‬
‫بحاجاته واهتماماته الخاصة بدال من تزويدهم بمعلومات مختارة لهم من االخرين ‪.‬‬

‫لذا تقدم البرجماتية للتالميذ المنهج الدراسي الذي يحتوي على الخبرات والدراسات‬
‫البحثية االجتماعية والمشروعات والمشكالت والتجارب والتي اذا ما تم تطبيقها بطريقة‬
‫علمية وعملية دقيقة فأنها ستؤدي الى تحقيق وظيفة المعرفة بالنسبة لكل مجاالت المادة‬
‫الدراسية ويجب على المعلم البرجماتي أن يوجه ويساعد وأن ينصح المتعلمين وأن يبني‬
‫الموقف التعليمي حول مشكالت معينة ذات اهمية حقيقية بالنسبة لهم بحيث تؤدي الى فهم‬
‫افضل لبيئتهم االجتماعية والطبيعية مع اعطاء اهتمام اكبر في الوقت نفسه لميول الفرد‪.‬‬
‫تقترح نظرية المنهج البرجماتي أن يتم تنظيم محتوى التربية وفقا لمشكالت التي‬
‫يواجهها التالميذ بحيث يكون المنهج المدرسي ال يعتمد على الكتاب المدرسي بل صورة‬
‫مصغرة من المجتمع هدفها الرئيسي تدريب التالميذ على الحياة التعاونية ذات النفع‬
‫المتبادل واالسهام في اصالح المجتمع من خالل مسؤولياتها ‪.‬‬

‫وهنا يجب أن يحل التعلم من خالل تطبيق اسلوب حل المشكالت محل التلقين‬
‫للمادة الدراسية ‪ ،‬وعليه فان المرونة من اهم خصائص تصميم المنهج البرجماتي‪.‬‬
‫كما يركز المنهج البرجماتي على التجريب دون التركيز على جزء من المحتوى‬
‫اكثر من االجزاء االخرى وكما ينادي بالتركيز حول المتعلم بدال من المادة الدراسية عند‬
‫تنظيم المنهج ‪ ،‬كما يعد منهج النشاط احد التنظيمات المنهجية الحديثة‬

‫‪-52-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫ثالثا‪ :‬نـظـريـات اإلدارة التـعليـمية‪:‬‬

‫من أبرز النظريات الحديثة في اإلدارة التعليمية والتي تؤثر في تكنولوجيا التعليم‬
‫هي‪ :‬نظرية اإلدارة كعملية اجتماعية‪ ،‬ونظرية اإلدارة كعالقات إنسانية‪ ،‬ونظرية اإلدارة‬
‫كعملية اتخاذ قرار‪ ،‬ونظرية المنظمات‪ ،‬ونظرية اإلدارة كوظائف ومكونات‪ ،‬ونظرية القيادة‪،‬‬
‫ونظرية الدور‪ ،‬نظرية األبعاد الثالثة‪ ،‬ونظرية النظم‪ ،‬ونظرية تصنيف الحاجات لماسلو‪،‬‬
‫ونظرية االحتماالت أو الطوارئ‪ ،‬ونظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان‪ ،‬نظرية البعدين‬
‫في القيادة‪ ،‬وفيما يلي توضيح الهم هذه النظريات‪:‬‬

‫‪ -‬نظرية اإلدارة كعملية اجتماعية ‪Social Processing Theory‬‬


‫تعتبر هذه النظرية من أكثر النظريات شيوعا في اإلدارة التعليمية‪ ،‬وهي تنظر‬
‫لإلدارة بتسلسل هرمي للعالقات بين الرؤساء والمرؤوسين في إطار نظام اجتماعي‪ ،‬بهدف‬
‫تحقيق أهداف النظام التربوي‪ ،‬وهذه النظرية ترى أن النظام االجتماعي للمؤسسة التعليمية‬
‫يتألف من عنصرين يؤثر كل منهما في اآلخر‪:‬‬
‫‪ -‬المؤسسة التعليمية والدور الذي تقوم به والتوقعات لهذا الدور نحو تحقيق‬
‫األهداف‪ ،‬وهذا يمثل البعد الوظيفي أو المعياري‪.‬‬
‫‪ -‬األفراد العاملون في المؤسسة‪ ،‬والنشاطات التي يقومون بها في المؤسسة‪ ،‬وهذا‬
‫يمثل البعد الشخصي‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية اإلدارة كعالقات إنسانية‪Leadership Theory‬‬


‫تهتم هذه النظرية بالعالقة اإلنسانية في العمل ومدى ترابط وانسجام هذه العالقات‪،‬‬
‫كما تركز على شخصية القائد أو المدير المسؤول في المنظومة التعليمية‪ ،‬وهذه النظرية‬

‫‪-53-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫تؤمن بأن السلطة ال تورث وهي ليست من التركيب البيولوجي للقائد‪ ،‬بل هي انعكاس‬
‫للواقع المحيط وهي نابعة بالتالي من القائد ألتباعه في المدرسة‪ ،‬يعني ذلك أن سلطة القائد‬
‫نظرية يكتسبها اإلداري والمدير من أتباعه من خالل إدراكهم للمؤهالت التي يمتلكها هذا‬
‫القائد‪.‬‬
‫وليس المطلوب أن ينخرط اإلداري في عالقات شخصية مباشرة مع العاملين‬
‫بحيث تلغي المسافة االجتماعية التي تفصل بين اإلداري والمرؤوسين‪ ،‬حيث أن جهد‬
‫اإلداري سوف يتبعثر بعيدا عن الهدف اإلنتاجي للمؤسسة‪.‬‬
‫إن ما تطالب به هذه النظرية‪ ،‬هو مراعاة األبعاد النفسية واالجتماعية التي تجعل‬
‫العاملين يؤدون دورهم بالتزام تام‪ ،‬ألن العاملين يتطلعون دائما إلى نوع من الفهم المشترك‬
‫يجعل السلطة تشعرهم بأن مصلحتها أن تنظر في شأنهم بعناية مثلما تولي متطلبات‬
‫العمل عنايتها‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية اإلدارة كعملية اتخاذ قرار‪Decision Making Theory‬‬


‫إن القرار هو لب العملية اإلدارية والمحور الذي تدور حوله كل الجوانب األخرى‬
‫للتنظيم اإلداري‪ ،‬وتركيب التنظيم اإلداري يتحدد بالطريقة التي يتخذ بها الق اررات‪ ،‬ويرى‬
‫هربرت سيمون ‪ H.Simon‬إن التنظيمات اإلدارية تقوم أساسا على عملية اتخاذ القرار ‪،‬‬
‫وإن اتخاذ الق اررات هو قلب اإلدارة ‪ ،‬وإن مفاهيم نظرية اإلدارة يجب أن تكون مستمدة من‬
‫منطق وسيكولوجية االختبار اإلنساني‪.‬‬
‫لذا فالعديد من الق اررات التي ال حصر لها في اإلدارة التعليمية لها أثرها على‬
‫النظام التعليمي‪ ،‬إال أنه ينبغي أن يميز بين هذه الق اررات‪ ،‬فبعضها يتعلق بالمادة أو‬
‫المحتوي ‪ ،‬وأخرى تتعلق بالطريقة ‪ ،‬وفيما يتعلق بالمادة فيمكن تمثيله ببناء وتنظيم المناهج‬
‫والبرامج التعليمية‪ ،‬ومدى تحقيق هذه البرامج والمشروعات لألغراض المنشودة من التربية ‪،‬‬

‫‪-54-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وفيما يتعلق بالطريقة فيتمثل في كيفية اختيار الطريقة التي تسمح لواضعي المناهج بإشراك‬
‫غيرهم في اتخاذ القرار ‪ ،‬يقول سيمون إن الق اررات تقوم على أساسين ‪:‬‬
‫‪ -‬مجموعة الحقائق والمعلومات‪ ،‬وهذه يجب أن تكون خاضعة لالختبار‪ ،‬لبيان‬
‫صدقها أو زيفها‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعة القيم‪ ،‬وهي تخضع لالختبار ألنها تتعلق بعملية االختيار األحسن أو‬
‫األفضل‪ ،‬وكذلك بالصورة المثالية التي يجب أن يكون عليها موضوع القرار ‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية المنظمات ‪: Organization Theory‬‬


‫تعتبر التنظيمات الرسمية وغير الرسمية نظاما اجتماعيا في نظرية التنظيم‪ ،‬ومن‬
‫خالل النظام تكون اإلدارة أحيانا عامال يزيد أو ينقص من التعارض بين أعضاء‬
‫المجموعات والمؤسسات أو المنظمة – المدرسة – فنظرية التنظيم هي محاولة لمساعدة‬
‫اإلداري ليحلل مشاكل المنظمة وترشده في خطته وق ارراته اإلدارية كذلك تساعده ليكون‬
‫أكثر حساسية لفهم المجموعات الرسمية وغير الرسمية التي له عالقة بها‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية اإلدارة كوظائف ومكونات‬


‫يعتبر سيرز من أوائل من درسوا اإلدارة التعليمية دراسة واسعة‪ ،‬وقد حلل فيه‬
‫العملية اإلدارية إلى عدة عناصر رئيسة هي ‪:‬التخطيط‪ ،‬التنظيم‪ ،‬التوجيه‪ ،‬التنسيق‪،‬‬
‫والرقابة‪ ،‬وتقابل بالترتيب بالمصطلحات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عملية التخطيط‪ ،‬يحتاج اإلداري إلى تدارس الظروف استعدادا التخاذ ق اررات‬
‫ناجحة وعملية‪ ،‬تأخذ بعين االعتبار طبيعة األهداف واإلمكانيات المتوفرة لتحقيقها‪،‬‬
‫والعقبات التي تعترض التقدم نحو األهداف وموقف العاملين منها‪.‬‬

‫‪-55-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫‪ -‬وفي عملية التنظيم يحتاج إلى أن يضع القوانين واألنظمة والتعليمات على صورة‬
‫ترتيبات في الموارد البشرية والمادية‪ ،‬بما يسهل عمليات تنفيذ األهداف المتوخاة‬
‫على المنظمة أو التنظيم الذي ينشأ عن الترتيبات‪.‬‬
‫‪ -‬وفي عملية التوجيه ينشط اإلداري إجراءات التنفيذ بالتوفيق بين السلطة التي يكون‬
‫مؤهال لها من خالل صالحيات مركزه والسلطة المستمدة من ذكائه ومعلوماته‬
‫وخبراته المتمثلة في إدراكه الشامل ألهداف المنظمة‪ ،‬وطبيعة العمل المناط بها‪،‬‬
‫وإمكانياتها المادية والبشرية‪ ،‬والقوى والظروف االجتماعية المؤثرة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬وفي عملية التنسيق‪ ،‬يحتاج اإلداري إلى جعل كل عناصر التنظيم وعملياته تسير‬
‫بشكل متكامل ال ازدواجية فيه وال تناقض‪ ،‬بحيث توجه الجهود بشكل رشيد نحو‬
‫األهداف المرسومة في نطاق اإلمكانيات المتوفرة‪ ،‬وفي حدود ما تسمح به القوى‬
‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية والثقافية في بيئة التنظيم‪.‬‬
‫‪ -‬أما الرقابة‪ :‬فهي متابعة مباشرة أو غير مباشرة للمؤسسة لتقييم نظام عملها‪ ،‬ومدى‬
‫جدواها على ضوء األهداف المنتظرة منها‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية القيادة‪Leadership Theory‬‬


‫تركز هذه النظرية على أن عملية القيادة التربوية للمؤسسات التعليمية هي من‬
‫األمور الهامة بالنسبة للمجتمع وبالنسبة لإلدارة التعليمية وبالنسبة للمدرسة ‪ ،‬وأن عملية‬
‫القيادة في الحقيقة متشابكة بين كم كبير من األطراف ‪ ،‬أولياء أمور الطالب ومدرسين‬
‫وطالب ومجتمع محلي وسلطات تربوية عليا ‪ ،‬وعليه فإن القيادة ليست امتالك مجموعة‬
‫من الصفات واالحتياجات المشتركة فحسب‪ ،‬بل هي عالقة متبادلة بين المؤسسة التربوية‬

‫‪-56-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وأعضاء المدرسة‪ .‬إن هذه النظرية تقترب من أفكار نظرية العالقات اإلنسانية في كونها‬
‫تركز على بلوغ الهدف الطبيعي لإلنسان ‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية الدور‪Role Theory‬‬


‫تهتم هذه النظرية بوصف وفهم جانب السلوك اإلنساني المعقد في المؤسسات‬
‫التعليمية (المدارس)‪ ،‬فيجب علي اإلداري أن يولي اهتماما خاصا بالمهارات و المقدرات‬
‫والحاجات الشخصية لكل مدرس ويتخذ من اإلجراءات ما يعزز وسائل االتصال بينهم‬
‫وبينه وطبيعتهم االجتماعية وتنمية معلوماتهم حتى يمكن أن يكون دور كل واحد منهم‬
‫إيجابيا وفعاال ومساعدا على تحقيق هدف المدرسة‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية األبعاد الثالثة‬


‫نمت هذه النظرية من خالل أعمال البرنامج التعاوني في اإلدارة التعليمية في‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وتحاول هذه النظرية أن تشرح الظاهرة اإلدارية على أساس‬
‫تصنيفي منتظم‪ ،‬وهي تحاول اإلجابة على السؤال الجوهري‪ :‬ما الذي يحتاج المرء إلى‬
‫معرفته لتحسين وتنمية اإلدارة التعليمية؟ حيث من الضروري عندما نطالب بالتنمية‬
‫اإلدارية أن نفهم مهارات األداء المطلوبة‪ ،‬التي يقوم بها رجل اإلدارة التعليمية‪ ،‬أي ما‬
‫يعرف بمستوى الوظيفة ( مواصفات الوظيفة ) ‪ ،‬ويلزم أيضا معرفة طبيعة الشخص الذي‬
‫يقوم بأداء هذه المهارات اإلدارية ‪ ،‬وأن هناك وسطا اجتماعيا يحيط به ‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية النظم‪System Theory‬‬


‫وأسلوب النظم في اإلدارة يشير إلى عملية تطبيق التفكير العلمي في حل‬
‫المشكالت اإلدارية‪ ،‬ونظرية النظم تطرح أسلوبا في التعامل ينطلق عبر الوحدات واألقسام‬

‫‪-57-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫وكل النظم الفرعية المكونة للنظام الواحد‪ ،‬وكذلك عبر النظم المزاملة له‪ ،‬فالنظام أكبر من‬
‫مجموعة األجزاء‪.‬‬
‫وقد شاع استعمال هذه النظرية في العلوم البيولوجية والطبيعية‪ ،‬وكذلك شاع‬
‫استخدامها في العلوم االجتماعية األخرى ‪ ،‬والتي من بينها علم اإلدارة التعليمية والتعليمية‪،‬‬
‫وتفسر هذه النظرية النظم المختلفة بأنها تتكون من تركيبات منطقية بواسطة تحليلها لتفسر‬
‫الظواهر المعقدة في المنظمات أو المؤسسات في قالب كمي بالرغم من أن البحوث‬
‫التطبيقية المتعلقة بالتغير في المواقف أو الدراسات االجتماعية تكون أحيانا غير عملية أو‬
‫غير دقيقة ‪ ،‬تقوم هذه النظرية على أساس أن أي تنظيم اجتماعي أو بيولوجي أو علمي‬
‫يجب أن ينظر إليه من خالل مدخالته وعملياته ومخرجاته ‪ ،‬فاألنظمة التربوية تتألف من‬
‫عوامل وعناصر متداخلة متصلة مباشرة وغير مباشرة وتشمل‪ :‬أفراد النظام ‪ ،‬جماعاته‬
‫الرسمية وغير الرسمية ‪ ،‬االتجاهات السائدة فيه ودافع النظام والعاملين فيه ‪ ،‬طريقة بنائه‬
‫الرسمي‪ ،‬التفاعالت التي تحدث بين تركيباته ومراكزها‪ ،‬والسلطة التي يشتمل عليها‪.‬‬
‫أما مسيرة النظام فإنها تعتمد على المعلومات الكمية والمعلومات التجريبية واالستنتاج‬
‫المنطقي ‪ ،‬واألبحاث اإلبداعية الخالقة ‪ ،‬وتذوق للقيم الفردية واالجتماعية ومن ثم دمجها‬
‫داخل إطار تعمل فيه بنسق يوصل المؤسسة إلى أهدافها المرسومة ‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية تصنيف الحاجات لماسلو‪Maslow‬‬


‫يعتبر "ماسلو" أن القوة الدافعة للناس لالنضمام للمنظمات والمؤسسات اإلدارية‬
‫وبقائهم فيها وعملهم باتجاه أهدافها هي في الحقيقة سلسلة من الحاجات‪ ،‬وعندما تشبع‬
‫الحاجات في أسفل السلسلة تظهر حاجات أعلى يريد الفرد إشباعها ‪ ،‬وهكذا يستمر االتجاه‬
‫إلى أعلى‪ ،‬وتصنف الحاجات من وجهة نظر "ماسلو" إلى‪:‬‬

‫‪-58-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬حاجات فسيولوجية (جسمية) أساسية كالطعام والماء والسكن والهواء‪ ..‬الخ‬


‫االحترام (احترام الذات وتقدير الزمالء)‬
‫االنتماء االجتماعي (حب – انتماء – تقبل اآلخرين)‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬األمان والضمان الفسيولوجي والمالي‪.‬‬

‫وينبغي أن ندرك بأن الحاجة المشبعة ليست محف از‪ ،‬ولكن تظهر حاجة أخرى محلها‬
‫كمحفز‪ ،‬وحاجات الفرد متشابكة ومعقدة ويميل الفرد إلى السلوك الذي يؤدي إلى‬
‫تحقيق حاجاته المحفزة‬

‫‪ -‬نظرية االحتماالت‪:‬‬

‫تؤكد هذه النظرية على األسس التالية‪:‬‬


‫ليست هناك طريقة واحدة مثلى لتنظيم وإدارة المدارس‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ال تتساوى جميع طرق التنظيم واإلدارة والفاعلية في ظرف معين‪ ،‬إذ تعتمد‬
‫الفاعلية على مناسبة التصميم أو النمط للظرف المعين‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يبنى االختيار لتصميم التنظيم ولنمط اإلدارة على أساس التحليل الدقيق‬
‫واالحتماالت المهمة في الظرف المعين‪.‬‬
‫‪ -‬وحيث أن اإلدارة هي العمل مع ومن خالل األفراد والمجموعات لتحقيق أهداف‬
‫المنظمة فإن االحتمال المرغوب هو الذي يدفع المرؤوسين إلى اتباع سلوك أكثر‬
‫إنتاجا وفاعلية من أجل تحقيق أهداف المنظمة‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان‪Homan‬‬

‫‪-59-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫تركز نظرية التبادل في تقرير القيادة لهومان على المردود الذي سيناله القيادي إذا‬
‫ما أتخذ موقفا قياديا في مشكلة ما قد تواجهه‪ ،‬ثم يدرك وبشكل واعي وحقيقي ماذا سيحدث‬
‫إذا فقد القيادي تقبل الجماعة له‪ ،‬أو إذا لم يبذل مزيدا من الجهد والعمل‪.‬‬
‫أيضا تقارن هذه النظرية بين المردود والتكاليف من أجل تبرير العمل القيادي‬
‫وأهمية المبادرة في العمل وأهمية أن يكون قائدا ناجحا بدال من أن يكون منقادا من قبل‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية البعدين في القيادة‬


‫لقد بين تحليل سلوك القادة أن هناك نمطين وشكلين لهذا السلوك‪ ،‬فهو إما أن‬
‫يكون سلوكا موجها نحو مهمة ‪ Mission‬أو أن يكون سلوكا موجها نحو الناس‪ ،‬وقد وجد‬
‫أن بعض القادة قد يطغى على سلوكهم المسار األول وهناك من يطغى على سلوكهم‬
‫المسار الثاني‪.‬‬
‫إن مهمة القائد الناجح هو أن يخلق حالة من التوازن بين السلوك الموجه نحو‬
‫المهمة والسلوك الموجه نحو الناس‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬نـظـريـات املعلومات والكمبيوتر‪.‬‬

‫تستند تكنولوج يا التعليم في كثير من جوانبها وخاصة فيما يتعلق بالتعلم االلكتروني‬
‫بتكنولوجيا المعلومات ‪ ،‬على اعتبار أن علم المعلومات هو المسئول عن دراسة خواص‬
‫المعلومات وسلوكها‪ ،‬والعوامل التي تحكم تدفقها‪ ،‬ووسائل تجهيزها لتيسير االفادة منها إلى‬
‫اقصى حد ممكن‪ ،‬كما تشمل انشطة تجهيز انتاج المعلومات وبثها وتجميعها وتنظيمها‬
‫واختزانها واسترجاعها وتفسيرها واستخدامها"‪.‬‬

‫‪-60-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫وتتعلق تكنولوجيا المعلومات بالكمبيوتر‪ ،‬وقد أدى اختراعه الى تطور هذا العلم‬
‫لدرجة كبيرة إذ أمكن لإلنسان التواصل مع غيره عبر اإلنترنت في جميع انحاء العالم‪ ،‬مما‬
‫جعل االست ناد عليها في تكنولوجيا التعليم من الضروريات في ظل ادخال المستحدثات في‬
‫التعليم‪.‬‬
‫وقد تعددت نظريات المعلومات وكان ل ـ "شانون" الفضل في ذلك‪ ،‬وقد اخذ منحى‬
‫التطور في هذا العلم يزداد بعد الربط بالذكاء االصطناعي خاصة في فترة الخمسينات من‬
‫القرن الماضي‪ ،‬حيث طور منذ بزوغ فكرة فأرة شانون أو ثيسوس‪ ،‬وهي فأرة توضع في‬
‫متاهة وتتحكم بها موجهات مغناطيسية وتحاول أن تصل للنهاية من خالل التجربة‬
‫والخطأ‪ ،‬بعد ذلك إذا وضعت في مكان سبق أن كانت فيه ستعرف طريقها مباشرة بسبب‬
‫خبرتها السابقة ولكن لو وضعت في مكان جديد ستعيد محاولة التجربة والخطأ حتى تصل‬
‫للنهاية وتضيف هذا الطريق الجديد إلى ذاكرتها‪ ،‬وتعتبر فأرة شانون أول تطبيق عملي‬
‫للتعلم الذاتي في الذكاء االصطناعي ‪ ،‬واحد تطبيقات علم المعلومات‪.‬‬
‫وقد عمل شانون على دراسة الحدود النظرية إلرسال المعلومات من النقطة أ‬
‫(المصدر) إلى النقطة ب (المستقبل) من خالل وسيط (القناة)‪ ،‬كما تطلب االمر أن‬
‫المعلومات المرسلة تحتاج أن يتم ترميزها ‪ Encoding‬قبل إرسالها في القناة والتي قسمها‬
‫شانون إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ -‬قناة متواصلة ‪ :Continuous Channel‬تستطيع حمل إشارات مستمرة مثل‬
‫صوت اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬قناة غير مترابطة ‪ :Discrete Channel‬تستطيع حمل إشارات متقطعة مثل‬
‫األحرف التي تكتب عن طريق لوحة المفاتيح‪.‬‬

‫‪-61-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫والمعروف أن في العالم المثالي‪ ،‬تصل المعلومات إلى جهة المستقبل تماما كما‬
‫خرجت من عند المرسل‪ ،‬ولكن واقعيا القناة مليئة بأنواع كثيرة من الضجيج مما يؤدي‬
‫لحدوث أخطاء لبعض البتات عند استقبالها‪ ،‬فبعض األصفار عند إرسالها قد تتغير إلى‬
‫آحاد والعكس صحيح‪.‬‬
‫ومن الطرق المستخدمة لتصحيح الخطأ إضافة بت ‪ Parity‬إلى نهاية كل حزمة‬
‫من البتات يتم إرسالها ويقوم البت المضاف بجعل عدد اآلحاد واألصفار متساويا‪.‬‬

‫وال فإن علم تكنولوجيا التعليم استفاد كثي ار من علم المعلومات وخاصة في توظيفه‬
‫في تصميم البيئات االلكترونية واالفتراضية في التعلم االلكتروني عند ارسال المعلومات‬
‫وحفظها‪ ،‬وقد تركز ذلك من خالل تناوله لنظرية المعلومات ‪Information Theory‬‬
‫وذلك بدراسة االتصاالت من خالل الرسائل‪ ،‬باعتبارها أساس نظام االتصاالت‪ ،‬وهذا األمر‬
‫تطلب مقياس المعلومات التي يتم نتاجها من هذا النظام‪ ،‬وتقسم النظرية نظام‬
‫)‪ (Information content‬إلى أن محتوى المعلومات االتصاالت إلى مصدر‬
‫للمعلومات‪ ،‬ومرسل‪ ،‬وقناة االتصال‪ ،‬ومستقبل المعلومات‪ ،‬ووجهة المعلومات‪ ،‬إضافة لذلك‪،‬‬
‫نظام االتصاالت إلى ثالثة أنواع‬ ‫فقد قسم "شانون وويفر ‪(Shannon and Weaver,‬‬
‫هي ‪ :‬المتقطع‪ ،‬والمتصل ‪ ،‬والمختلط‪ ،‬وكان لهذا التقسم أدوار كثيرة في توظيف علم‬
‫المعلومات في تكنولوجيا التعليم‪.‬‬

‫وقد تعددت تطبيقات نظرية المعلومات األساسية لخدمة علم تكنولوجيا التعليم حيث‬
‫تضمنت ‪ :‬ضغط البيانات غير المنقوص ‪ lossless data compression :‬مثال (صيغة‬
‫‪Lossy‬‬ ‫‪compression‬‬ ‫المنقوص‬ ‫البيانات‬ ‫ملفات)‪ ، ZIP‬ضغط‬
‫مثل إم‪.‬بي‪.‬ثري‪ ، MP3‬وتشفير قنوات نقل البيانات وسعاتها ‪ channel capacity‬مثل‬
‫خطوط دي‪.‬إس‪.‬إل ‪ ، DSL .‬حيث يقع هذا الفرع عند حدود الرياضيات واإلحصاء‪ ،‬وعلوم‬
‫‪-62-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الحاسب و الفيزياء والنيوروبيولوجيا والهندسة الكهربائية‪ ،‬وقد كانت لتطبيقاتها دور أساسي‬
‫في نجاح مهمات فوياجير الفضائية‪ ،‬واختراع سي‪.‬دي ‪ ، CD‬وتطبيقات الهاتف المحمول ‪،‬‬
‫وتطور اإلنترنت‪ ،‬وحتى دراسة اللسانيات واالستشعار اإلنساني‪ ،‬وغيرها من الحقول‬
‫والتطبيقات العلمية التي اثرت كثي ار في تكنولوجيا التعليم‪.‬‬

‫كما تعددت نظريات المعلومات والمصادر التي لعبت أدوا ار هامة في تكنولوجيا‬
‫التعليم ومنها‪:‬‬

‫‪ -‬نظرية الترميز ‪Coding theory‬‬


‫هي النظرية المسئولة عن دراسة خصائص الرموز ونقاط القوة الخاصة بها من‬
‫اجل تطبيقات محددة‪ .‬وتستخدم الرموز لضغط البيانات‪ ،‬التشفير‪ ،‬تصحيح الخطأ‪،‬‬
‫والشبكات‪ ،‬وتعد الرموز من العناصر الهامة في دراستها‪ ،‬حيث تناولتها التخصصات‬
‫العلمية مثل نظرية المعلومات‪ ،‬الهندسة الكهربائية ‪ ،‬الرياضيات ‪ ،‬اللغويات ‪ ،‬وعلم‬
‫الكمبيوتر لغرض تصميم طرق نقل البيانات بطريقة فعالة وموثوق بها‪ ،‬وهذا عادة ما‬
‫ينطوي على إزالة التكرار وتصحيح أو الكشف عن أخطاء في البيانات المرسلة‪.‬‬
‫وهناك أربعة أنواع من الترميز‪ :‬ضغط البيانات (أو مصدر الترميز ) وتصحيح‬
‫الخطأ (أو قناة الترميز ) وتشفير االكواد وتكويد الخط‪.‬‬
‫ويقصد بضغط البيانات هو محاوالت الضغط للبيانات لضغط البيانات من مصدر‬
‫من أجل إحالته بشكل أكثر كفاءة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬ضغط البيانات البريدي يجعل ملفات‬
‫البيانات أصغر للحد من حركة المرور على اإلنترنت‪ .‬قد تدرس ضغط البيانات وتصحيح‬
‫الخطأ في الجمع‪.‬‬

‫‪-63-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫ويضيف تصحيح الخطأ بيانات بت إضافيه لجعل نقل البيانات أكثر قوة‬
‫لالضطرابات الحالية في قناة اإلرسال‪ .‬المستخدم العادي قد ال يكون على بينة من العديد‬
‫م ن التطبيقات التي تستخدم تصحيح الخطأ‪ .‬تستخدم اسطوانات الموسيقى المدمجة‬
‫النموذجية رمز ريد سولومون لتصحيح الخدوش واألتربة‪ .‬في هذا التطبيق قناة اإلرسال‬
‫هي األسطوانة المدمجه نفسها‪.‬‬

‫أيضا استخدام الهواتف المحمولة تقنيات التكويد لتصحيح التالشي والضوضاء من‬
‫البث ا إلذاعي عالي التردد‪ .‬تستخدم كل من أجهزة المودم للبيانات‪ ،‬اإلرسال عبر الهاتف‪،‬‬
‫و وكالة ناسا تقنيات تكويد القناه للحصول على البتات من خاللها‪ ،‬على سبيل المثال‬
‫كود توربو و اكواد‪. LDPC .‬‬

‫‪ -‬الترميز المصدري ‪Source coding‬‬


‫التشفير المصدري أو الكود المصدري أو مصدر يعبر عن األوامر والتعليمات‬
‫المكتوبة بلغة من لغات البرمجة التي يتكون منها أي برنامج كمبيوتر‪ ،‬حيث إنه يتعذر‬
‫برمجة أخرى‬ ‫أي لغة‬ ‫إلى‬ ‫البرنامج‬ ‫تحويل‬ ‫أو‬ ‫برمجة‬ ‫إعادة‬ ‫أو‬ ‫تعديل‬
‫بواسطة المصرف ‪ Compiler‬من غير الملفات المصدرية للبرنامج‪.‬‬

‫وشفرة أي برنامج قد تكون متاحة لالطالع فقط في الكتب أو المجالت أو مواقع‬


‫اإلنترنت وألغراض تعليمية بحتة‪ ،‬وبالتالي تكون مرتبطة بحقوق‪ .‬وفي أحيان أخرى تطرح‬
‫هذه الشفرة لالستخدام الحر وتخضع ألحد تراخيص المصادر المفتوحة‪ ،‬وهذا ما يفيد كثي ار‬
‫في أنظمة التعلم المفتوح مثل نظام موديل ‪.Moodle‬‬

‫‪-64-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪ -‬نظرية الكشف ‪Detection theory‬‬


‫يعتمد عليها في قياس القدرة على التمييز بين أنماط تحمل المعلومات‬
‫(تسمى منبه في الكائنات الحية‪ ،‬وإشارة في اآلالت) واألنماط العشوائية التي تضعف‬
‫المعلومات (كضوضاء‪ ،‬وتتكون من منبهات خلفية ونشاط عشوائي آللة الكشف والجهاز‬
‫العصبي للمشغل)‪ .‬في مجال اإللكترونيات‪ ،‬يشار إلى عملية فصل هذه األنماط على‬
‫أنها استعادة اإلشارة‪.‬‬

‫وفقا لهذه النظرية‪ ،‬هناك عدد من المحددات لكيفية قيام نظام الكشف عن إشارة‬
‫بعمله‪ ،‬وأين سيبدأ مستوى العتبة (أقل إشارة يمكنها تنبيه الكاشف)‪ .‬ويمكن أن تفسر هذه‬
‫النظرية كيف أن تغيير العتبة سوف يؤثر في القدرة على التمييز‪ ،‬كما توضح في كثير من‬
‫األحيان مدى مالئمة النظام لمهمته‪ ،‬والغرض أو الهدف الذي صمم من أجله‪.‬‬

‫عندما يكون نظام الكشف هو اإلنسان‪ ،‬فإن التوقعات‪ ،‬والحالة الفسيولوجية (على‬
‫سبيل المثال التعب أو اإلرهاق) وعوامل أخرى يمكنها أن تؤثر على العتبة المستخدمة‪..‬‬
‫وتستخدم نظرية الكشف تطبيقات في العديد من المجاالت التعليمية مثل التشخيص‬
‫للمتعلم قبل البدء في التعلم‪ ،‬وفي مراقبة جود المنتج النهائي بعد عملية التعلم‪ ،‬واالتصاالت‬
‫بين المتعلمين‪ ،‬وتطيق اختبارات علم النفس‪.‬‬

‫‪ -‬نظرية التقدير‪Estimation theory‬‬


‫هي فرع من علوم اإلحصاء ومعالجة اإلشارات التي تتعامل مع تقدير القيم من‬
‫المعلمات ‪ Parameters‬بناء على بيانات مقاسة تحتوي على عنصر عشوائي‪ ،‬وهذه‬
‫المعلمات تصف وضع مادي ضمني بطريقة أن قيمها تؤثر على توزيع البيانات المقاسة‪،‬‬

‫‪-65-‬‬
‫الفصل األول‬ ‫الباب الثاني‬

‫‪---------------------------------------------------‬‬
‫ويتحدد دور المقدر ‪ Estimator‬في وضع قيم تقريبية للمعلمات المجهولة باستخدام‬
‫القياسات‪.‬‬
‫وفي نظرية التقدير‪ ،‬يفترض أن البيانات المقاسة تكون عشوائية مع توزيع احتمالي‬
‫معتمد على المعلمات ذات االهتمام‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬في نظرية االتصال الكهربائية‪،‬‬
‫غالبا ما ترتبط القياسات التي تحتوي على معلومات تتعلق المعلمات ذات االهتمام مع‬
‫إشارة ضوضاء بدون العشوائية‪ ،‬أو الضجيج‪ ،‬فإن المشكلة تكون حتمية ولن تكون هناك‬
‫حاجة تقدير ‪.‬‬

‫‪-66-‬‬

You might also like