You are on page 1of 78

‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم العالي‬


‫جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية‬
‫كلية الشريعة‬
‫قسم الفقه‬

‫اإلجارة على اإلجارة‬


‫وتطبيقها المعاصر‬

‫إعداد‬
‫د‪ .‬عبداهلل بن موسى العمار‬
‫عضو هيئة التدريس‬
‫في كلية الشريعة في الرياض‬
‫قسم الفقه‬

‫‪1423‬هـ‬

‫ملخص البحث‬

‫تضمن موضوع اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر تمهيدا وخمسة مباحث وخاتمة ‪.‬‬
‫تناول التمهيد حكم تصرفات المالك الناقلة للملكية‪ ،‬وتبين أنها جائزة وصحيحة ألنها واردة‬
‫على العين ‪ ,‬واإلجارة واردة على المنفعة‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وتناول المبحث األول‪ /‬حكم تأجير المستأجر للعين المؤجرة‪ ،‬وتبين أنه يحق له ذلك على‬
‫الرأي الراجح ‪ ,‬سواء أجرها على المالك أو على غيره‪ ،‬بمثل األجرة أو بأقل أو بأكثر‪ ،‬اشترط‬
‫عليه المؤجر عدم التأجير أو لم يشترط ؛ ألنه مالك لمنفعة العين بمقتضى عقد اإلجارة ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا التأجير الثاني وهو ما يعرف بالتأجير من الباطن مفيد بأال يترتب عليه ضرر على العين ‪،‬‬
‫وأن يكون لمن هو مثله في االنتفاع أو دونه ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الثاني ‪ /‬حكم تأجير المالك للعين المؤجرة ‪ ،‬وتبين أنه ال يحق له ذلك ‪ ،‬إال‬
‫على مّد ة خارجة عن مّد ة اإلجارة األولى ‪ ،‬وما نسب لشيخ اإلسالم ابن تيمية أنه قال‪ :‬يجوز‬
‫للمالك أن يؤجر العين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء األجرة من المستأجر محل نظر ‪،‬‬
‫والصحيح أن هذه اإلجارة غير جائزة لما يترتب عليها من الربا ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الثالث‪ /‬حكم اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص وتبين أنها ترد في‬
‫األجير المشترك فقط عند عدم االشتراط ‪.‬‬
‫وتناول المبحث الرابع ‪ /‬حكم الضمان في اإلجارة على اإلجارة وتبين أنه ال ضمان إال في حالة‬
‫التعدي أو التفريط ‪ ،‬أو في حالة األجير المشترك فيما تلف بفعله ‪.‬‬
‫كما تبين في المبحث الخامس ‪ /‬أن اإلجارة على اإلجارة يمكن أن تصبح مجاًال من مجاالت‬
‫االستثمار المعاصر‪ ،‬سواء في إجارة األشياء أو في إجارة األشخاص في التأجير من الباطن عند‬
‫عدم االشتراط ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫السيرة الذاتية للباحث‬

‫عبد اهلل بن موسى بن فهد العمار ‪.‬‬


‫أستاذ الفقه المشارك في قسم الفقه في كلية الشريعة في الرياض ‪.‬‬
‫الميالد‪1373 :‬هـ ‪ .‬الزلفي ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ المؤهالت‪:‬‬
‫‪-‬البكالوريوس من كلية الشريعة في جامعة اإلمام ‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪-‬الماجستير ‪ :‬من قسم الفقه في كلية الشريعة جامعة اإلمام ‪1403‬هـ‬


‫عنوان الرسالة‪ :‬تحقيق كتاب تجريد العناية في الفقه ‪.‬‬
‫‪ -‬الدكتوراه ‪ :‬من قسم الفقه في كلية الشريعة جامعة اإلمام ‪1407‬هـ‬
‫عنوان الرسالة ‪ :‬القرعة ومجاالت تطبيقها في الفقه اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الوظيفة ‪ :‬معيد ثم محاضر ثم أستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك في قسم الفقه في كلية‬
‫الشريعة في الرياض ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ اإلنتاج العلمي واألعمال العلمية ‪:‬‬
‫‪ -‬تحقيق كتاب تجريد العناية‪.‬‬
‫‪-‬القرعة ومجاالت تطبيقها في الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-‬اإلحداد ‪ ,‬أحكامه وواقع الناس فيه‪.‬‬
‫‪-‬قسمة األموال المشتركة‪.‬‬
‫‪-‬أحكام الوقف المشترك ‪.‬‬
‫‪-‬اإلجارة على اإلجارة وتطبيقاتها المعاصرة‬
‫‪-‬وقف األسهم‪.‬‬
‫‪-‬وقف النقد‪.‬‬
‫‪-‬اشتراط اإلجارة في البيع وأهم تطبيقاته المعاصرة‬
‫‪-‬استثمار أموال الوقف‪.‬‬
‫‪-‬أحكام الخرف ‪ ( .‬باالشتراك‪).‬‬
‫‪-‬أحكام خدمة الزوجة و إخدامها‪.‬‬
‫‪-‬الوعظ و اإلرشاد وأثره في تأهيل نزالء السجون‪.‬‬
‫‪-‬حكم تداول أسهم الشركات و الصناديق المشتملة على ديون و نقود‬
‫‪-‬السلم بسعر السوق وقت التسليم‪.‬‬
‫‪-‬الشروط الجعلية في الوقف وأثرها في االنتفاع بالوقف المشترك‪.‬‬
‫‪-‬إعادة العضو المقطوع في الجناية و العقوبة‪.‬‬
‫‪-‬اإلشراف على عدد من رسائل الماجستير و الدكتوراه ‪ ,‬داخل الجامعة وخارجها ‪.‬‬
‫‪-‬مناقشة عدد كبير من رسائل الماجستير و الدكتوراه ‪ ,‬داخل الجامعة وخارجها ‪.‬‬
‫‪-‬المشاركة في تأليف عدد من مقررات الفقه في وزارة التربية و التعليم‪.‬‬
‫‪-‬المشاركة في عدد من الندوات و المؤتمرات منها‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أ) ندوة الوقف ومجاالته ‪ ,‬الذي أقامته وزارة الشؤو اإلسالمية في الرياض‬
‫ب) ندوة اإلصالح والتأهيل في المؤسسات العقابية وإلصالحية ‪.‬‬
‫ج) الملتقى الفقهي األول والثاني في شركة الراجحي المصرفية ‪.‬‬
‫د) منتدى الوقف األول ‪ .‬الذي أقامته األمانة العامة لألوقاف ‪ ,‬في دولة الكويت‬
‫شعبان ‪ 1424‬هـ‬
‫‪ -‬المشاركة في الدورات العلمية الشرعية المقامة داخل المملكة وخارجها ‪.‬‬
‫‪ -‬القاء عدد من المحاضرات والدروس العلمية الفقهية في عدد من مساجد الرياض‬
‫وغيرها‬
‫‪-‬المشاركة في التوعية اإلسالمية في الحج مع وزارة الشؤون اإلسالمية ومع الحرس‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫‪ -4‬عضوية عدد من المجالس واللجان ‪:‬‬
‫‪ -‬عضو في مجلس قسم الفقه ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في مجلس كلية الشريعة ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في المجلس العلمي في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو مجلس اإلدارة في الجمعية الفقهية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في اللجنة الدائمة لمركز خدمة المجتمع في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬عضو في لجنة المعادالت في عمادة الدراسات العليا في جامعة اإلمام ‪.‬‬
‫‪ -‬مستشار غير متفرغ في وزارة الشؤون اإلسالمية ‪.‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬
‫الحمد هلل علم بالقلم‪ ،‬علم اإلنسان مالم يعلم‪ ،‬وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك‬
‫له‪ ،‬وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪ ،‬صلى اهلل عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬ومن اهتدى بهديه‬
‫وتمّس ك بسنته إلى يوم الدين‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫إن البحث في أبواب المعامالت بصفة عامة من األهمّية بمكان؛ لعالقتها بواقع الناس‬
‫في تعاملهم فيما بينهم وال سّيما في هذا الوقت الذي كثرت فيه أنواع التعامل‪ ،‬واستحدثت فيه‬
‫صور متعددة لكل نوع من أنواعه ‪.‬‬
‫واإلجارات باب من أبواب التعامل الحّي بين الناس‪ ،‬له أنواعه المختلفة وصوره‬
‫المتعددة‪ ،‬وأساليبه الجديدة‪ ،‬فالبحث في هذا الباب مما تشتد الحاجة إليه‪ ،‬لتجلية أحكام‬
‫صوره المتعددة ‪.‬‬
‫ولقد تكلم فقهاء اإلسالم عن هذا الباب مؤصلين ألحكامه ومبينين أنواعه‪ ،‬ومفرعين‬
‫عليها المسائل والصور مع بيان أحكام ما ذكروه استنادًا إلى النصوص الشرعية والقواعد‬
‫المرعية‪ ،‬واألعراف المتبعة ‪.‬‬
‫ومما كان موردًا لبحثهم وكتابتهم ‪ :‬تصرف كل من المؤجر والمستأجر في العين‬
‫المستأجرة‪ .‬فبّينوا ما يصح من هذا التصرف وماال يصح‪ ،‬وجماع األمر في هذا أن تصرف‬
‫المالك الوارد على العين صحيح وتصرف المستأجر الوارد على المنفعة صحيح‪ ،‬ألن كًال‬
‫منهما يملك ما ورد عليه تصرفه بمقتضى عقد اإلجارة ويدخل ضمن هذا الموضوع مسألة‬
‫ذكرها تقي الدين البعلي وبرهان الدين ابن القيم رحمهما اهلل اختيارًا لشيخ اإلسالم ابن تيمية‬
‫وهي ‪:‬‬
‫"تأجير المالك للعين المؤجرة لمن يحل محله في استيفاء ما كان له على المستأجر‬
‫األول" ‪.‬‬
‫وهذا االختيار في ظاهره يخالف ما قرره الفقهاء من أن اإلجارة بيع المنفعة‪ ،‬وأن‬
‫اإلجارة عقد الزم للعاقدين يقتضي تمليك المنفعة للمستأجر وتمليك األجرة للمالك‪ .‬بحيث‬
‫يقتصر تصرف كل منهما على ما يملكه‪.‬‬

‫لهذا استوقفتني هذه المسألة‪ ،‬وجلعتني أفكر في بحثهــا‪ ،‬وبحث مالـه عالقــة بهــا‪ .‬فــرأيت‬
‫أن أكتب في المســائل ذات الصــلة بالمســألة ممــا يعين على التوصــل إلى الــرأي الســليم فيهــا ممــا‬
‫سيتضح عند بحث المسألة فكان أن جعلت عنوان البحث يشمل مسائل أخرى ذات صلة وثيقــة‬
‫‪5‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ :‬فأصبح العنوان ‪:‬‬


‫اإلجارة على اإلجارة‬
‫وتطبيقها المعاصر‬
‫وجعلته في خمسة مباحث رئيسة ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬في تأجير المستأجر للعين المؤجرة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬في تأجير المالك للعين المؤجرة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬في إجارة األشخاص ‪.‬وفيه مطلبان ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬األجير الخاص ‪ .‬الثاني ‪ :‬األجير المشترك‬
‫الرابع ‪ :‬الضمان في اإلجارة على اإلجارة ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة ‪.‬‬
‫ومهدت للبحث بتمهيد عن تصرفات المالك الناقلة للملكية في العين المؤجرة‪.‬‬
‫وختمت البحث بخاتمة بينت فيها نتيجة البحث ‪.‬‬
‫واسأل اهلل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا‪ ،‬إنه سميع مجيب ‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المنهج المتبع في البحث ‪:‬‬


‫سلكت في إعداد هذا البحث المنهج المتبع في إعداد البحوث العلمية ومن أهم معالم‬
‫هذا المنهج ‪:‬‬
‫‪ -1‬التوثيق من المصادر والمراجع األصيلة موثقًا كل مذهب من مراجع ذلك‬
‫المذهب ‪.‬‬
‫‪ -2‬ذكر أرقام اآليات وعزوها إلى مواضعها من السور ‪.‬‬
‫‪ -3‬تخريج األحاديث وبيان درجة ما ليس في الصحيحين أو أحدهما معتمدًا على ما‬
‫كتبه المتخصصون في الحديث ‪.‬‬
‫‪ -4‬ما كان موضع اتفاق بينته ووثقت هذا االتفاق وبينت ما يدل عليه ‪.‬‬
‫‪ -5‬في المسائل الخالفية اتبعت اآلتي‪:‬‬
‫أ – تحرير محل النـزاع إذا لزم األمر‪.‬‬
‫ب – ذكر األقوال ونسبتها إلى مذاهبها مع توثيقها‪.‬‬
‫ج – االستدالل لآلراء وبيان وجه الداللة إذا خفي‪.‬‬
‫د – ذكر المناقشات الواردة على األدلة والترجيح ووجهه‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫التمهيد‬
‫في تصّر فات المالك الناقلة للملكية‬
‫في العين المؤجرة‬

‫وفيه المسائل اآلتية ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬بيعها ‪.‬‬


‫الثانية ‪ :‬هبتها ‪.‬‬
‫الثالثة وقفها ‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬الوصية بها ‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬انتفاع المالك بالعين المؤجرة ‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة األولى‬
‫بيع العين المؤجرة‬
‫وفيها فرعان ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬بيع العين المؤجرة على المستأجر ‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء في المذاهب األربعة على صحة بيع العين المؤجرة على مستأجرها‪ 1‬لما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن اإلجارة عقد على المنافع ‪ ,‬والبيع عقد على األعيان ‪ ،‬فال تمنع اإلجارة صحة‬
‫‪2‬‬
‫البيع ‪،‬كما لو زوج أمته ثم باعها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وألن العين المبيعة في يد المشتري وال حائل دون تسليمها له‪.‬‬
‫فهو كما لو باع المغصوب من غاصبه ‪.3‬‬
‫‪ -1‬أن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد اإلجارة ثم ملك العين بعقد البيع فيصح كمن‬
‫ملك الثمرة بعقد ثم ملك الشجر بعقد آخر ‪.4‬‬
‫ثم اختلفوا في أثر هذا البيع على اإلجارة على قولين‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن اإلجارة تنفسخ فيما بقي من المّد ة ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪ ، )5‬والمالكية (‪ ، )6‬وهو وجه عند الحنابلة (‪. )7‬‬
‫مستدلين بقياس المسألة على اجتماع النكاح وملك اليمين فكما أنه ينفسخ النكاح‬

‫‪ -‬ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ 207 / 4‬وفتح القدير ‪ 185/ 5‬والفتاوى اهلندية ‪ 464 /5‬واملعونة على‬ ‫‪1‬‬

‫مذهب عامل املدينة ‪ 1106 / 2‬والكايف للقرطيب ‪ 478 / 2‬والتفريع ‪ 188/ 2‬والشرح الصغري مع بلغة‬
‫السالك ‪ 271 / 2‬واحلاوي الكبري ‪ 403 / 7‬والوجيز ‪ 239/ 1‬واملهذب ‪ 407 / 1‬وروضة الطالبني‪5‬‬
‫‪ 253 /‬ومغين احملتاج ‪ 360/ 2‬والفروع ‪ 442/ 4‬واإلنصاف ‪ 69 / 6‬واملبدع ‪107/ 5‬‬
‫وكشاف القناع ‪ 31 / 4‬والروض املربع‪31/ 5‬‬
‫‪ - 2‬نظر‪ :‬املغين ‪ 48 / 8‬و كشاف اإلقناع ‪. 31 / 4‬‬
‫‪ - 3‬ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪ 360 / 2‬وهناية احملتاج ‪. 324 / 5‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬املغين ‪ 49 / 8‬واملبدع ‪108 / 5‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪. 5/464‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) انظر ‪ :‬الكايف للقرطيب ‪ ،2/748‬ومواهب اجلليل ‪. 5/407‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/96‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪9‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪1‬‬
‫بملك اليمين فكذلك هنا ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن اإلجارة ال تنفسخ بل هي بحالها حتى انتهاء مّد تها‪ .‬وتكون األجرة باقيًة على‬
‫المشتري فتضاف إلى الثمن وهذا القول هو األصح عند الشافعية (‪ ، )2‬والمذهب المعتمد عند‬
‫الحنابلة(‪.)3‬‬
‫مستدلين بأن عقد اإلجارة عقد الزم مستقل بنفسه وارد على المنفعة يقتضي تمام أثره‬
‫وبلوغ منتهاه ‪ ،‬والبيع كذلك عقد مستقل وارد على الرقبة ‪ ,‬فال يتنافيان كملك الثمرة ثم‬
‫األصل ‪ 4.‬وهذا هو األرجح؛ الختالف مورد العقدين ‪. .‬وإذا اتفق الطرفان على أن الثمن‬
‫يشمل بقية األجرة فهما على ما اتفقا عليه ‪.‬وتكون األجرة الباقية جزءا من الثمن ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬بيعها لغير المستأجر ‪:‬‬


‫وقد اختلف الفقهاء فيه على ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنه يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر وال تنفسخ به اإلجارة وللمشتري الخيار إن‬
‫لم يعلم باإلجارة ‪.‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )5‬وأكثر الشافعية (‪ ، )6‬وهو المذهب عند الحنابلة (‪. )7‬‬
‫مستدلين بأن البيع وارد على العين والمؤجر مالك لها وثبوت العقد على المنفعة ال‬
‫يمنع بيع الرقبة قياسًا على األمة المزوجة‪ ،‬كما يجوز بيعها مع استحقاق منفعة بضعها للزوج‬

‫‪ -1‬ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ 464 / 5‬ومواهب اجلليل ‪ 407 / 5‬واملبدع ‪. 107 /‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الوجيز ‪ ،1/239‬واملهذب ‪ ،1/417‬وروضة الطالبني ‪ ،5/253‬واألشباه والنظائر‬ ‫‪2‬‬

‫للسيوطي ص‪. 151‬‬


‫(?) اإلنصاف ‪ ،6/69‬واملبدع ‪ ،5/108‬والقواعد البن رجب ص‪. 44‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ - 4‬ينظر املبدع ‪ 108 / 5‬وكشاف القناع ‪. 31 / 4‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املدونة ‪ ،4/466‬والتفريع البن جالب ‪ ،2/188‬والكايف للقرطيب ‪ ،2/748‬واملعونة‬ ‫‪5‬‬

‫‪ ،2/1106‬ومواهب اجلليل ‪. 5/408‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي الكبري ‪ ،7/403‬والوجيز ‪ ،1/239‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وشرح روض‬ ‫‪6‬‬

‫الطالب ‪. 2/435‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬اهلداية أليب اخلطاب ‪ ،1/181‬واإلنصاف ‪ ،6/69‬واملقنع ‪ ،2/215‬وإعالم املوقعني‬ ‫‪7‬‬

‫‪. 1/359‬‬
‫‪10‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فكذلك هنا (‪. )1‬‬


‫وألنه ليس في بيعها إبطال حق المستأجر ألن المشتري إنما يتسلمها بعد انقضاء مدة‬
‫اإلجارة وكل تصرف ال يمنع حق المستأجر ال ُيمنع (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه ال يصح بيع العين المؤجرة لغير المستأجر مطلقًا ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية في قول عندهم(‪ . )3‬ووجه عند الشافعية وعند الحنابلة (‪. )4‬‬
‫مستدلين بأن يد المستأجر مانعة من تسليم العين المؤجرة ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أن البيع جائز غير الزم‪ ،‬ويتوقف اللزوم على إذن المستأجر ‪.‬‬
‫وهو المذهب عند الحنفية (‪. )5‬‬
‫ولعلهم راعوا الجانبين كما قال الكاساني‪" :‬ولنا ‪ :‬أن البائع غير قادر على تسليمه‬
‫لتعلق حق المستأجر به‪ ،‬وحق اإلنسان يجب صيانته عن اإلبطال ما أمكن‪ ،‬وأمكن هاهنا‬
‫بالتوقف في حقه‪ ،‬فقلنا ‪ :‬بالجواز في حق المشتري‪ ،‬وبالتوقف في حق المستأجر صيانة‬
‫للحقين‪ ،‬ومراعاة للجانبين"(‪. )6‬‬
‫واألرجح – فيما يظهر – هو القول األول‪ ،‬الختالف مورد العقدين‪ ،‬وصيانة للعقدين‬
‫من اإلبطال أو التوقف‪ ،‬وألن المالك الثاني يحل محل المالك األول في التعامل مع المستأجر ‪.‬‬

‫ينظر ‪ :‬املعونة ‪ ،2/1106‬ومغين احملتاج ‪. 2/360‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬املعونة ‪. 2/1106‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،2/49‬وبدائع الصنائع ‪. 4/207‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬الوجيز ‪ ،240 ،1/239‬ومغين احملتاج ‪ ،2/360‬واإلنصاف ‪. 6/68‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/207‬وحتفة الفقهاء ‪ ،2/47‬وخمتصر الطحاوي ص‪. 131 ،130‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/408‬‬ ‫(?)‬ ‫‪6‬‬


‫‪11‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية‬
‫هبة العين المؤجرة‬

‫وقد اتفق فقهاء المذاهب األربعة على أن حكم هبة العين المؤجرة حكم بيعها‪ ،‬بجامع‬
‫أن كًال منهما ناقل لملكية العين المؤجرة (‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،3/164‬والقوانني الفقهية ص‪ ،241‬وأسهل املدارك ‪ ،90-3/88‬واملهذب‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1/446‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وهناية احملتاج ‪ ،5/328‬واإلنصاف ‪ ،6/39‬والقواعد ص‪،45‬‬


‫وشرح املنتهى ‪. 2/376‬‬
‫‪12‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثالثة‬
‫وقف العين المستأجرة‬

‫وفي هذه المسألة ال خالف أيضًا بين فقهاء المذاهب األربعة في جواز وقف العين‬
‫‪1‬‬
‫المؤجرة ‪.‬‬
‫ألن الوقف متوجه إلى العين‪ ،‬حيث يرد على ما يملكه المؤجر من العين المؤجرة وهو‬
‫ذات الرقبة ‪.‬‬
‫واإلجارة واردة على المنفعة‪ ،‬مّد ة معينة وذلك ال يمنع من الوقف ‪.2‬‬

‫‪ 1‬ينظر اهلداية ‪ 15 / 3‬والبناية ‪ 157 / 6‬وحاشية الدسوقي ‪ 77 / 4‬وأسهل املدارك ‪ 101/ 2‬واملهذب ‪/ 1‬‬
‫‪ 441‬واإلقناع للشربيين ‪ 81/ 2‬والقواعد ص‪ 45‬وشرح املنتهى ‪2376‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬معونة أويل النهى ‪. 124 / 5‬‬
‫‪13‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الرابعة‬
‫الوصية بالعين المؤجرة‬

‫وقد اتفق الفقهاء أيضًا على جواز الوصية بالعين المؤجرة ولو كانت في يد المستأجر ‪.‬‬
‫وعلى الموصى له االنتظار حتى تنتهي مّد ة اإلجارة كما ينتظر موت الموصي(‪.)1‬‬
‫وبناًء على ما سبق في هذه المسائل ‪ :‬يتضح أن تصّر فات المالك الناقلة للملكية في‬
‫العين المؤجرة صحيحة نافذة ألنها متجهة إلى العين ‪.‬‬
‫وأنها ال تنافي اإلجارة؛ ألن اإلجارة متجهة إلى المنفعة ‪.‬‬
‫ثم إن المالك الثاني للعين المؤجرة يحل محل المالك األول وينزل منزلته‪ ،‬في التعامل‬
‫مع المستأجر ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،3/207‬واملهذب ‪ ،1/452‬وروضة الطالبني ‪ ،5/255‬وهناية احملتاج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،5/328‬واإلنصاف ‪ ،6/39‬وشرح املنتهى ‪. 2/376‬‬


‫‪14‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الخامسة‬
‫انتفاع المالك بالعين المؤجرة‬

‫والمقصود ‪ :‬أن يؤجره الدار سنة‪ ،‬ثم يسكن فيها بعد تسليمها للمستأجر وحينئذ فيعتبر‬
‫منتفعًا بما ال يستحق االنتفاع به ألن منفعة الدار ملك للمستأجر بمقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬وال‬
‫تنفسخ اإلجارة بذلك‪ ،‬وعلى المستأجر جميع األجرة للمالك‪ ،‬ألن يد المستأجر لم تزل عن‬
‫العين ‪.‬‬
‫وله على المالك أجرة المثل مقابل سكناه في الدار ألنه انتفع في الدار بغير إذن من‬
‫يملك منفعتها وهو المستأجر‪ ،‬فأشبه تصرف البائع للمبيع بعد قبض المشتري ‪.‬‬
‫وإن كان ذلك قبل تسليمها للمستأجر فإن انقضت مّد ة اإلجارة قبل التسليم انفسخت‬
‫اإلجارة؛ ألن العاقد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه‪ ،‬وإن سلمها في أثناء المّد ة انفسخت‬
‫اإلجارة فيما مضى وتمت أجرة المّد ة الباقية (‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،26 ،8/25‬وكشاف القناع ‪. 25 ،4/24‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪15‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث األول‬
‫تأجير المستأجر للعين المؤجرة‬

‫تصرفات المستأجر الناقلة للملكية ال تصح منه مطلقاً؛ ألنها واردة على العين‬
‫المستأجرة ال على منفعتها‪ ،‬وهو إنما يملك المنفعة فقط ‪.‬‬
‫وأّما التصّر فات الواردة على المنفعة أثناء مّد ة اإلجارة‪ ،‬فتشمل االنتفاع بها وإعارتها‬
‫وتأجيرها ‪.‬‬
‫أما االنتفاع بها‪ ،‬فهو مقصود اإلجارة‪ ،‬ألن المقصود باإلجارة االنتفاع بمنفعة العين‬
‫المستأجرة ‪.‬‬
‫وقد ذكر الفقهاء أن المستأجر له االنتفاع بنفسه وبنائبه‪ ،‬بضوابط وقيود ذكروها‪ ،‬ليس‬
‫هذا موضع بحثها ‪.‬‬
‫وأما تأجيرها فيشمل تأجيرها على مالكها وعلى غيره‪ .‬وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين‬
‫‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تأجيرها من مالكها ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تأجيرها من غيره ‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫تأجيرها من مالكها‪ ،‬وهو المؤجر‬

‫ال يخلو األمر في هذه المسألة من حالتين ‪:‬‬


‫الحالة األولى ‪ :‬أن يؤجرها له قبل قبضها ‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في حكم إجارة العين من مالكها قبل قبضها على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن ذلك ال يصح ‪.‬‬
‫وهو الصحيح في مذهب الحنفية (‪ ، )1‬ووجه عند الشافعية (‪ ، )2‬وعند الحنابلة(‪. )3‬‬
‫واستدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المنافع مملوكة بعقد معاوضة فاعتبر في جواز العقد عليها القبض كاألعيان(‪. )4‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن ذلك معتبر فيما إذا كانت اإلجارة على غير المالك ‪ ،‬ألنه قد‬
‫يتعذر تقبيض العين وهذا غير معتبر هنا؛ ألن العين المستأجرة في يد مالكها(‪. )5‬‬
‫‪ – 2‬أن إجارتها من مالكها يلزم منه تمليك المالك وهو غير جائز (‪. )6‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن التمليك الوارد في عقد اإلجارة ليس لما يملكه المالك وهو‬
‫العين‪ ،‬وإنما للمنفعة التي يملكها المستأجر بعقد اإلجارة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن إجارة العين قبل قبضها من مالكها تصح ‪.‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )7‬وهو وجه عند الشافعية (‪ ، )8‬والحنابلة هو المذهب‬

‫ينظر ‪ :‬البحر الرائق ‪ ،7/304‬ورد احملتار على الدر املختار ‪. 107 ،9/33‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬روضة الطالبني ‪. 5/256‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والفروع ‪. 4/445‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والكايف البن قدامة ‪. 2/325‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/55‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫ينظر ‪ :‬رد احملتار على الدر املختار ‪. 9/107‬‬ ‫(?)‬ ‫‪6‬‬

‫ينظر ‪ :‬الشرح الكبري للدردير ‪ ،4/9‬ومنح اجلليل ‪ ،7/458‬ومواهب اجلليل ‪. 5/406‬‬ ‫(?)‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حلية العلماء ‪ ،5/402‬واملهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪17‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫عندهم(‪. )1‬‬
‫واشترط المالكية والحنابلة أال يكون ذلك حيلة ألمر محرم مما يحرم في بيوع اآلجال‪،‬‬
‫كما إذا استأجرها بعشرة مؤجلة‪ ،‬وأجرها منه بثمانية نقدًا‪ .‬أو عكس ذلك(‪. )2‬‬
‫واستدلوا ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المعقود عليه في اإلجارة هو المنفعة‪ ،‬والمنفعة ال تصير مقبوضة بقبض العين‪،‬‬
‫فال يؤثر فيها قبض العين (‪. )3‬‬
‫‪ – 2‬أن القبض ال يتعذر عليه باعتبار العين في يده (‪. )4‬‬
‫ولعل الّر اجح – واهلل أعلم ‪ -‬هو القول الثاني‪ ،‬مع مراعاة ما قيده به المالكية‬
‫والحنابلة‪ ،‬تجنبًا لربا النسيئة‪ ،‬ومما يؤيده أن المنفعة تملك بالعقد‪ ،‬ولهذا لو مضت المّد ة‬
‫والمستأجر لم يستوف المنفعة فإنها تجب عليه األجرة ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬أن يؤجرها من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬


‫وقد اختلف الفقهاء في حكمها أيضًا على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنها تصح إجارة العين من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫في‬ ‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )5‬والشافعية (‪ ، )6‬في وجه هو الصحيح عندهم‪ ،‬والحنابلة‬
‫المذهب المعتمد وَقْيُد المالكية والحنابلة معتبر هنا أيضًا‪ :‬أال يترتب على تأجير العين من‬
‫المالك أمر محرم يمنع في بيوع اآلجال (‪. )8‬‬
‫واستدلوا بالقياس على عقد البيع‪ ،‬قالوا ‪ :‬فكما يجوز بيع المبيع بعد قبضه من بائعه‬
‫وغيره فكذلك تجوز إجارة المستأجر بعد قبضه من مؤجره وغيره‪ .‬بجامع أن كًال من المشتري‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬واإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى‪.2/361‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/55‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬وشرح الزرقاين على خليل ‪ ،7/10‬ومنح اجلليل ‪. 5/458‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬واإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اخلرشي ‪ ،7/9‬ومواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪،6/35‬‬ ‫‪8‬‬

‫وشرح املنتهى ‪. 2/361‬‬


‫‪18‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫والمستأجر مالكًا لما تصرف فيه (‪. )1‬‬


‫وبأن كل عقد جاز من غير العاقد جاز مع العاقد قياسًا على البيع‪ ،‬فكما يجوز بيع‬
‫(‪)2‬‬
‫المبيع بعد قبضه من البائع فكذلك يجوز للمستأجر تأجير ما استأجره على المؤجر بعد قبضه‬
‫‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه ال يصح تأجير العين من مالكها بعد قبضها ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪ ، )3‬والشافعية في وجه عندهم (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن إجارتها منه يؤدي إلى تناقض األحكام ألن التسليم مستحٌق على‬
‫المؤجر فإذا استأجرها صار مستحقًا له فيصير مستحقًا لما هو مستحق عليه‪ ،‬وذلك تناقض ‪.‬‬
‫والّر اجح – واهلل أعلم – هو القول األول لقوة دليله ‪.‬‬
‫وال تناقض في األحكام هنا في واقع األمر‪ ،‬ألن التسليمين مختلفان واالستحقاق في‬
‫كل منهما له مجاله ‪.‬‬
‫حيث كان التسليم مستحقًا على المؤجر في العقد األول‪ ،‬وفي العقد الثاني أصبح‬
‫التسليم مستحقًا على المستأجر ألنه أصبح مؤجرًا لما يملكه ‪.‬‬
‫والنتيجة من بحث هذه المسألة ‪:‬‬
‫أن المستأجر يملك المنفعة بمجرد لزوم عقد اإلجارة‪ ،‬فله التصرف فيها‪ ،‬وبناء عليه‬
‫ملَكه غيره بعقد اإلجارة ‪.‬‬
‫فليس للمالك التصرف فيها ألنها مملوكة لغيره والتصرف فيها َ‬

‫ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬واملغين ‪. 8/55‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر ‪ :‬روضة الطالبني ‪ ،5/253‬وشرح املنتهى ‪. 2/361‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر ‪ :‬البحر الرائق ‪ ،7/304‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬احلاوي ‪ ،7/408‬وروضة الطالبني ‪. 5/253‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬


‫‪19‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫تأجير المستأجر للعين من غير مالكها‬
‫ال يخلو عقد اإلجارة إما أن يكون مقيدا بشرط عدم تأجير المستأجر للعين المؤجرة‬
‫‪ ,‬او يكون مطلقا من هذا القيد ‪ ,‬وال يخلو إما أن يؤجرها بمثل ما استأجرها به أوال ‪.‬‬
‫وبيان الحكم في ذلك في المسائل اآلتية ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬تأجير المستأجر للعين المؤجرة مع اإلطالق ‪.‬‬
‫ولها حالتان ‪:‬‬
‫الحالة األولى ‪ :‬تأجيرها قبل قبضها ‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬تأجيرها بعد قبضها ‪.‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬إجارتها قبل قبضها من غير المؤجر ‪.‬‬


‫اختلف الفقهاء – رحمهم اهلل – في حكم تأجير العين المستأجرة من قبل المستأجر من‬
‫شخص آخر على ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أنه يجوز إجارتها قبل قبضها ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وإليه ذهب المالكية (‪ ، )1‬وهو وجه عند الشافعية (‪، )2‬و عندالحنابلة هو المذهب‬
‫واستدلوا بأنه ال يقف التصرف على القبض‪ ،‬ألنه ال ينتقل به الضمان (‪. )4‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أنه إن كان المستأجر منقوًال لم يجز تأجيره قبل قبضه وإن كان غير منقول جاز تأجيره‬
‫قبل قبضه ‪.‬‬

‫وإليه ذهب اإلمام أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما اهلل (‪. )5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬التفريع البن جالب ‪. 2/185‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪. 1/403‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/55‬والكايف البن قدامة ‪ ،2/325‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى ‪،2/361‬‬ ‫‪3‬‬

‫وغاية املنتهى ‪. 2/196‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬واملغين ‪ 8/55‬وكشاف القناع ‪. 566 /3‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪20‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫واستدلوا بالقياس على البيع‪ ،‬فما جاز في البيع جاز في اإلجارة وماال فال‪ ،‬ألن كًال‬
‫منهما عوض ُملك في عقد معاوضة (‪. )1‬‬
‫ويناقش ‪ :‬بعدم التسليم بهذا اإلطالق‪ ،‬ألن اإلجارة في حكم المقبوض ألن المنفعة‬
‫تملك بالعقد بخالف المبيع ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫أنه ال يصح إجارة العين المستأجرة من قبل المستأجر قبل قبضها مطلقًا ‪.‬‬
‫وهو وجه عند الشافعية هو المذهب (‪ ، )2‬ووجه كذلك عند الحنابلة (‪. )3‬‬
‫وقال به محمد بن الحسن من الحنفية (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بالقياس على البيع فكما أن العين المشتراة ال يتصرف فيها قبل القبض‪،‬‬
‫فكذلك العين المستأجرة ‪.‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن قبض العين المؤجرة ال ينتقل به الضمان إلى المستأجر فلم يقف جواز‬
‫‪5‬‬
‫التصرف فيها على القبض ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫والّر اجح – واهلل أعلم – القول األول لقوة تعليله ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجعان السابقان ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬وحلية العلماء ‪. 5/401‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/35‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن عابدين ‪. 9/107‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -5‬ينظر ‪ :‬معونة أويل النهى ‪. 58 / 5‬‬


‫‪21‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬إجارتها بعد قبضها ‪.‬‬


‫وفي هذه الحالة ذهب عامة الفقهاء إلى جواز إجارتها بشرط أن يؤجرها لمن هو مثله‬
‫في االنتفاع أو أقل منه ضررًا ‪.‬‬
‫فإليه ذهب الحنفية (‪ ، )1‬والمالكية (‪ ، )2‬والشافعية (‪ ، )3‬والحنابلة في الرواية المعتمدة‬
‫في المذهب (‪. )4‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن قبض العين يقوم مقام المنافع بدليل أنه يجوز التصرف فيها باستيفاء‬
‫منافعها‪ ،‬فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة (‪ . )5‬وقياسًا على البيع وحيث جاز بيع‬
‫المبيع بعد قبضه فكذلك إجارة العقار المستأجر (‪. )6‬‬
‫وفي المسألة قول آخر ‪ :‬أنه ال يجوز للمستأجر تأجير العين المستأجرة بعد قبضها ‪.‬‬
‫وهو رواية عن اإلمام أحمد (‪. )7‬‬
‫ودليلها ‪ :‬أن النبي ‪ ‬نهى عن ربح مالم يضمن‪ ،‬والمنافع لم تدخل في ضمانه‪ .‬فإذا‬
‫آجرها فقد ربح فيما لم يضمن (‪. )8‬‬
‫وقياسًا على بيع المكيل والموزون قبل القبض بجامع أن كًال منهما لم يدخل في‬
‫ضمانه (‪. )9‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأنه قياس فاسد؛ ألن قبض العين يقوم مقام قبض المنافع (‪. )10‬‬
‫وعليه فالّر اجح – واهلل أعلم – هو القول األول‪ ،‬مع اعتبار القيد الذي‬

‫(?) ينظر ‪ :‬خمتصر الطحاوي ص‪ ،129‬والدر املختار ‪ ،9/107‬والفتاوى اهلندية ‪ ،4/425‬وحاشية ابن‬ ‫‪1‬‬

‫عابدين ‪. 9/107‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املدونة ‪ ،4/515‬والتفريع ‪ ،2/185‬والكايف ‪ ،2/748‬ومواهب اجلليل ‪ ،5/406‬وشرح‬ ‫‪2‬‬

‫الزرقاين على خليل ‪ ،7/10‬ومنح اجلليل ‪. 5/458‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬وحلية العلماء ‪ ،5/402‬وروضة الطالبني ‪ ،5/256‬وحتفة احملتاج‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 6/200‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/54‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وكشاف القناع ‪ ،4/15‬وغاية املنتهى ‪. 2/196‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 1/54‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املهذب ‪ ،1/403‬والكايف البن قدامة ‪. 2/325‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الروايتني والوجهني ‪ ،1/430‬واملغين ‪ ،8/54‬والفروع ‪. 4/445‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪. 8/54‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪10‬‬


‫‪22‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫ذكروه‪.‬‬
‫ألن المستأجر قد ملك المنفعة بعقد اإلجارة‪ ،‬فله التصرف فيها بمقتضى ذلك ‪.‬‬
‫ولما يترتب على ذلك من نفي الضرر عنه‪ ،‬ألنه قد يستأجر العقار مدة طويلة وال يتمكن‬
‫من استيفاء المنفعة؛ لسفر ونحوه‪ ،‬والعقد الزم‪ ،‬وهو مطالب بأجرته للزومه‪ ،‬فكان تأجيره‬
‫مراعاة لجانبه‪ ،‬كما روعي جانب المؤجر بلزوم عقد اإلجارة ‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية ‪ :‬تأجير المستأجر للعين المؤجرة مع اشتراط منعه من ذلك‬

‫اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثالثة أقوال ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫القول األول ‪ :‬أن اإلجارة فاسدة والشرط باطل ‪ .‬وهوقول عند الحنفية‬
‫‪2‬‬
‫ووجه عند الشافعية‬
‫‪3‬‬
‫‪ ،‬ألن موجبها ان يملك‬ ‫واستدلوا بأن المالك شرط في اإلجارة شرطا ينافي موجبها‬
‫المستأجر المنفعة ‪ ,‬وبالتالي يحق له التصرف فيها ‪.‬‬
‫ويناقش بأن فساد الشرط يبطل الشرط فقط وال يتعداه إلى العقد ألنه يمكن تصحيح العقد‬
‫وإبطال الشرط ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن الشرط صحيح واإلجارة جائزة ‪ ,‬وهو قول عند الشافعية‪ 4‬والحنابلة‪, 5‬‬
‫‪6‬‬
‫وهو المعمول به اآلن في نظام العقار ‪ ,‬وعليه بعض الفتاوى العاصرة‬
‫واستدلوا بأن المستأجر إنما يملك المنافع من جهة المؤجر ‪ ,‬فال يملك ما لم‬
‫‪8‬‬
‫يرض به ‪ . 7‬وألن المالك قد يكون له غرض صحيح في تخصيصه ‪.‬‬
‫ويناقش بأن هذا الشرط ينافي ما يقتضيه العقد من أن المستأجر يملك المنفعة فيحق له‬
‫التصرف فيها ‪.‬‬

‫القول الثالث ‪ :‬أن عقد اإلجارة صحيح والشرط باطل ال يلزم الوفاء به ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر البحر الرائق ‪. 17 / 8‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪534 / 1‬‬
‫‪- 3‬ينظر ‪ :‬املصدر السابق‬
‫‪ - 4‬الصدر السابق‬
‫‪ - 5‬ينظر ك املبدع ‪. 92 / 5‬‬
‫‪ - 6‬ينظر املعايري الشرعية الصادر عن هيئة احملاسبة واملراجعة للمؤسسات املالية اإلسالمية ص ‪ 145‬والدليل‬
‫الشرعي لإلجارة ص ‪ 171 ، 27‬وفتوى ندوة الربكة الفقهية رقم ‪. 4 /2‬‬
‫‪ - 7‬ينظر املهذب ‪534 / 1‬‬
‫‪ - 8‬ينظر املبدع ‪93 / 5‬‬
‫‪24‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإليه ذهب الجمهور ؛ فهو المعتمد عند الحنفية‪، 1‬والمالكية‪ 2‬والشافعية ‪ 3‬والحنابلة‪ . 4‬وعليه‬
‫الفتوى الصادرة عن الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل‬
‫‪5‬‬
‫الكويتي ‪.‬‬
‫واستدلوا باآلتي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد ؛ إذ مقتضاه ملك المنفعة ‪ ،‬ومن ملك شيئا استوفاه‬
‫‪6‬‬
‫بنفسه وبنائبه ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬القياس على البيع ؛ فكما أنه إذا باعه عينا واشترط عليه أن ال يبيعها أن الشرط باطل‬
‫فكذلك إذا أجره عينا واشترط عليه أن اليؤجرها ‪ ,‬بجامع أن كال منهما يملك مورد العقد ‪,‬‬
‫المشتري يملك العين ‪ ,‬والمستأجريملك المنفعة ‪.7‬‬

‫والراجح ـ واهلل أعلم ـ هو القول الثالث لما يأتي ‪:‬‬


‫أ ـ قوة أدلته‬
‫ب ـ ماورد على ما استدل به أصحاب القولين اآلخرين من مناقشة ‪.‬‬
‫ج ـ أن حق مالك العين مراعى بشرط يضمن له سالمة العين ‪ ,‬وهو أن ال يترتب على التأجير‬
‫ضرر بالعين ‪ ,‬وأن يؤجرها على من هو مثله في االنتفاع أو دونه ‪ ,‬اللمن هو أكثر منه ضررا‬
‫‘بالعين ‪.‬‬
‫ومع هذا فإذا رأى ولي األمر األخذ بأحد القولين اآلخرين لمصلحة رآها فله ذلك ‪.‬‬

‫المسألة الثالثة ‪ :‬تأجير العين المستأجرة بأكثر من أجرتها ‪:‬‬


‫هذه المسألة محل خالف بين الفقهاء على ثالثة أقوال ‪:‬‬

‫‪ - 1‬البحر الرائق ‪ 17 / 8‬ورد احملتار على الدر املختار ‪. 28 / 6‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬عقد اجلواهر الثمينة ‪. 853 / 2‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املهذب ‪ 534 / 1‬ومغين احملتاج ‪350 / 2‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املدع ‪ 922 / 5‬وكشاف القناع ‪ 15 / 4‬ومعونة أويل النهى ‪. 89 / 5‬‬
‫‪ - 5‬ينظر ‪ :‬الدليل الشرعي لإلجارة ص‪. 174‬‬
‫‪ - 6‬ينظر ‪ :‬املبدع ‪ 92 /5‬وكشاف القناع ‪. 15 / 4‬‬
‫‪ -7‬ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪. 350 / 2‬‬
‫‪25‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القول األول ‪ :‬أنه يجوز للمستأجر أن يؤجر العين المؤجرة بمثل ما استأجرها به ‪ ,‬وبأقل ‪,‬‬
‫وبأكثر إال أن الزيادة التطيب له فيتصدق بها إال إذا كان زاد في العين فحينئذ تطيب له الزيادة‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬وهذا هو مذهب الحنفية ‪ 1‬ورواية عن اإلمام أحمد ‪.‬‬
‫واستدلوا تما يأتي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المنافع لم تدخل في ضمان المستأجر بدليل أن الدر المستأ جرة لو انهدمت لم يلزمه‬
‫‪3‬‬
‫األجر ‪ ،‬فإذا أجرها بأكثر مما استأجرها به فقد ربح فيما ليس من ضمانه ‪.‬‬
‫ونوقش بعدم التسليم ؛ بل قد دخلت في ضمانه ألنه لولم يستوفها كا نت من ضمانه ‪.4‬‬

‫‪ – 2‬القياس على بيع الطعام قبل قبضه ن فكما أنه اليجوز فكذلك هنا ؛ بجامع أن كال منهما‬
‫‪5‬‬
‫غير داخل في ضمانه ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ونوقش بأن القياس مع الفارق ألن بيع الطعام قبل قبضه ممنوع ربح فيه أولم يربح‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واستدلوا لجواز الزيادة إذا عمل فيها عمال أن الزيادة تكون في مقابل ذلك العمل ‪.‬‬
‫ونوقش بان ذلك منقوض بما إذا كنس الدار فإن ذلك يزيد أجرتها ن وال يجيزون الزيادة في‬
‫‪8‬‬
‫مقابل الكنس ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬أنه إن أذن له المالك في الزيادة جاز وإال لم يجز ‪ .‬وهو رواية عن اإلمام‬
‫أحمد ‪.‬ولم يذكروا له دليال ‪ ,‬ولعلهم بنوا ذلك على أن للمؤجر أن يشترط على المستأجر‬
‫عدم تأجير العين المؤجرة فمن باب أولى الزيادة في األجرة ‪ .‬ويناقش بما سبق من أن ذلك‬
‫محل خالف ‪ ،‬والجمهور على خالفه ‪.‬‬

‫‪ - 1‬ينظر املبسوط ‪ 130 / 15‬والفتاوى اهلندية ‪425 / 4‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املغين ‪ 56 / 8‬واملقنع مع شرحه املبدع ‪. 81 / 5‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املرجعان السابقان ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املغين ‪56 / 8‬‬
‫‪ - 5‬املصدر السابق‬
‫‪ - 6‬املصدر السابق‬
‫‪ - 7‬املغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪ - 8‬ينظر الفتاوى اهلندية ‪ 425 / 4‬واملغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪26‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القول الثالث ‪ :‬أنه يجوز للمستأجر أن يؤجرها بمثل أجرتها وبأقل وبأكثر ‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫والرواية المعتمدة عند الحنابلة‪.‬‬ ‫وإليه ذهب الجمهور ؛ فعليه المالكية‪ 1،‬والشافعية ‪,‬‬
‫واستدلوا بالقياس على البيع ‪ ،‬فكما يجوز للمشتري أن يبيع العين بمثل الثمن وبأقل وبأكثر‬
‫‪4‬‬
‫فكذلك المستأجر بجامع أن كال منهما يملك ما أوقع عليه العقد ‪.‬‬

‫والراجح ـ واهلل أعلم ـ هو القول الثالث لما يأتي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬قوة تعليله‬
‫‪ – 2‬ما ورد على ما استدل به أصحاب القولين اآلخرين من مناقشة‬
‫‪ – 3‬أنه يجوز له أن يستوفي المنفعة بنفسه وبغيره بمقابل وبغير مقابل ؛ ألنه يملك المنفعة ‪,‬‬
‫فيحق له أن يؤجرها بما شاء ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬

‫تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مدة اإلجارة إما أن يكون واردا على المدة التي‬
‫ورد عليها العقد األول أو على مدة بعدها ‪ ،‬وإذا كان بعدها فال يخلو إما أن يكون للمستأجر‬

‫‪ - 1‬ينظر عقد اجلواهر الثمينة ‪ , 853 / 2‬والتفريع ‪. 185 / 2‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪ 410 / 1‬وروضة الطالبني ‪256 / 5‬‬
‫‪ - 3‬ينظر املغين ‪ , 56 / 8‬واإلنصاف ‪. 34 / 6‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬املهذب ‪ , 410 / 1‬واملغين ‪. 56 / 8‬‬
‫‪27‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫األول أو لغيره ‪.‬‬


‫وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين ‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تأجيرها غير المستأجر أثناء مدة اإلجارة لمّدة تلي‬
‫مّدة اإلجارة األولى ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تأجيره‪PP‬ا أثن‪PP‬اء م‪ّPP‬دة اإلج‪PP‬ارة غ‪PP‬ير المس‪P‬تأجر نفس‬


‫المّدة أو جزءًا منها ‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬
‫أثناء مّدة اإلجارة على مّدة تلي مّدة اإلجارة األولى‬
‫إن كانت اإلجارة على المستأجر األول فال خالف في صحتها (‪. )1‬‬
‫‪ – 1‬ألن المدتين متصلتان كالمّد ة الواحدة‪ ،‬فصار القبض معجًال كما لو جمع بينهما‬
‫في عقد واحد ‪.‬‬
‫‪ – 2‬وألن المستأجر واحد فال تنازع على مورد العقد‪ ،‬ألن اليد واحدة وليس لغيره يد‬
‫تحول بينه وبين ما استأجره (‪. )2‬‬
‫وإن كانت على غير المستأجر األول‪ ،‬فخالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن اإلجارة صحيحة بشرط القدرة على التسليم وقت وجوب العقد‪ .‬وإليه ذهب‬
‫جمهور الفقهاء ‪.‬‬
‫فهو مذهب الحنفية (‪ ، )3‬والمالكية (‪ ، )4‬والحنابلة (‪ ، )5‬وبعض الشافعية (‪. )6‬‬
‫واستدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن المّد ة التي وقع العقد على إجارتها يجوز العقد عليها مع غيرها فجاز العقد‬
‫عليها مفردة كالتي تلي العقد إذ ال فرق بين كونها مضمومة مع غيرها أو منفصلة‬
‫(‪. )7‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة لفقهاء ‪ ،1/348‬وبدائع الصنائع ‪ ،4/203‬والشرح الكبري للدردير ‪ ،4/10‬ومواهب‬ ‫‪1‬‬

‫اجلليل ‪ ،5/407‬ومنح اجلليل ‪ ،7/461‬واحلاوي الكبري ‪ ،7/408‬واملهذب ‪ ،1/396‬ومغين احملتاج‬


‫‪ ،2/338‬وأسىن املطالب شرح روض الطالب ‪ ،2/408‬والفروع ‪ ،4/439‬واإلنصاف ‪ ،6/41‬وكشاف‬
‫القناع ‪4/6‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي الكبري ‪ ،7/409‬وأسىن املطالب ‪. 2/408‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬حتفة الفقهاء ‪ ،1/348‬وبدائع الصنائع ‪ ،4/203‬والفتاوى اهلندية ‪ ،5/415‬والدر املختار‬ ‫‪3‬‬

‫‪. 6/6‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري للدردير ‪ ،11 ،4/10‬والشرح الصغري له هبامش بلغة السالك ‪،2/271‬‬ ‫‪4‬‬

‫ومواهب اجلليل ‪ ،5/407‬والتاج واإلكليل هبامشه ومنح اجلليل ‪. 7/461‬‬


‫(?) ينظر ‪ :‬الفروع ‪ ،4/439‬واإلنصاف ‪ ،6/41‬واملبدع ‪ ،5/85‬وكشاف القناع ‪ ،4/6‬وشرح‬ ‫‪5‬‬

‫املنتهى ‪. 2/364‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪ ،2/338‬وتكملة اجملموعة الثانية ‪. 15/38‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري ‪ ،3/32‬وكشاف القناع ‪ ،4/6‬وشرح املنتهى ‪. 2/364‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪29‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 2‬أن االتفاق على إضافة العقد لمّد ة مستقبلة ال يخالف مقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬بل هو‬
‫مقرر له ألن المنافع في عقد اإلجارة تحدث شيئًا فشيئا(‪. )1‬‬
‫‪ – 3‬القياس على الطالق والعتق فكما أنه يجوز إضافتهما إلى زمن مستقبل فكذلك‬
‫اإلجارة (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن إجارة األعيان على مّد ة ال تلي العقد غير صحيحة ‪,‬‬
‫وهو المذهب عند الشافعية (‪. )3‬‬
‫واستدلوا به بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن يد المستأجر األول حائلة تمنع يد المستأجر الثاني‪ ،‬فبطل عقده لزوال يده(‪.)4‬‬
‫‪ – 2‬أن المعقود عليه إذا كان معينًا وكان قبضه متأخرًا يبطل العقد عليه‪ ،‬كما لو شرط‬
‫تأخير القبض في معين بعقد إجارة أو بيع (‪. )5‬‬
‫ويناقش ما استدلوا بما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن التسليم متأخر والعين المؤجرة تكون وقت التسليم ال يد عليها النتهاء إجارة‬
‫األول‪ .‬والمعتبر هو وقت التسليم ال وقت انتهاء العقد كالسلم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬كما يناقش الشافعية باإللزام‪ ،‬حيث قالوا بصحة تأخير العقار لمّد ة مستقبلة من‬
‫المستأجر األول مع أن مّد ة العقد ليست متصلة بالعقد األول (‪ . )6‬فال فرق ‪.‬‬
‫وعلى هذا فالّر اجح – واهلل أعلم – هو ما عليه جمهور الفقهاء في صحة إجارة العين‬
‫أثناء مّد ة اإلجارة على مدة تلي مدة اإلجارة األولى ‪ .‬لما يلي ‪:‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪. 4/203‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي ‪ ،7/408‬واملهذب ‪ ،1/396‬ومغين احملتاج ‪ ،2/338‬وأسىن املطالب شرح روض‬ ‫‪3‬‬

‫الطالب ‪ ،2/407‬وفتح الوهاب ‪. 1/248‬واستثىن الشافعية مسألتني األوىل ‪ :‬إذا أجر املالك العني على‬
‫املستأجر السنة الثانية قبل انقضاء املدة األوىل ‪ .‬وهذه املسألة داخلة فيما ذكر أنه الخالف فيه يف مقدمة‬
‫الكالم عن هذه املسألة ‪ .‬املسألة لبثانية ‪ :‬مسألة كراء العقب ‪ :‬أن يؤجر صاحب الدابة دابته على اثنني‬
‫يعتقبان عليها ‪ ,‬فإهنا تصح مع أن تأجري الثاين على مدة التلي العقد ( ينظر ‪ :‬مغين احملتاج ‪, 238 / 2‬‬
‫‪) . 239‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬احلاوي ‪. 408‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) املصدر السابق ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬الشرح الكبري ‪. 3/324‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪30‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 1‬قوة ما استدل به الجمهور ‪.‬‬


‫‪ – 2‬ما ورد على أدلة الشافعية من مناقشة ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية – رحمه اهلل – من أنه ‪" :‬ليس من شرط القبض‬
‫أن يتعقب العقد بل القبض يجب وقوعه على حسب ما اقتضاه العقد لفظًا‬
‫وعرفًا؛ ولهذا يجوز استثناء بعض منفعة المبيع مّد ة معينة‪ ،‬وإن تأخر بها القبض‬
‫على الصحيح كما يجوز بيع العين المؤجرة‪ ..‬ويجوز عقد اإلجارة لمّد ة ال تلي‬
‫العقد‪ .‬سر ذلك أن القبض هو موجب العقد؛ فيجب في ذلك ما أوجبه العاقدان‬
‫بحسب قصدهما الذي يظهر بلفظهما وعرفهما"(‪. )1‬‬
‫وعلى هذا فتأخير القبض لزمن مستقبل يتفق عليه العاقدان ال يمنع صحة العقد‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪. 30/275‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪31‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة‬
‫خالل مّدة اإلجارة من غير المستأجر‬

‫تصوير المسألة ‪:‬‬


‫أن في كالم الفقهاء وجدت أنه يمكن تصوير‬
‫بعد طول بحث وقراءة شاملة ونظر مت ٍّ‬
‫هذه المسألة في جانبين وكل جانب يرد عليه كالم يختلف عما يرد على الجانب اآلخر ‪.‬‬
‫الجانب األول ‪:‬‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر‬
‫الثاني محل المستأجر األول في االنتفاع بالعين المستأجرة ‪.‬‬
‫وهذه المسألة للفقهاء فيها كالم‪ .‬ولكنها ليست المسألة المقصودة عندنا‪ .‬وإن كان ال‬
‫بد من دراستها‪ ،‬لقربها من مسألتنا وألنها تفيدنا كثيرًا في بيان حكم المسألة المرادة ‪.‬‬
‫الجانب الثاني ‪:‬‬
‫تأجير المالك للعين المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر ليحل المستأجر‬
‫الثاني محل المالك في استيفاء األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫وهذه هي المسألة المقصودة – أساسًا – بالبحث ‪.‬‬
‫وبحث هذين الجانبين في المسألتين اآلتيتين ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر‬
‫لالنتفاع‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬تأجير المالك للعين المؤجرة أثناء مّد ة اإلجارة من غير المستأجر‬
‫ليحل محل المالك ‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة األولى‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر لالنتفاع‬

‫مما هو محل اتفاق بين الفقهاء (‪ )1‬؛ بل هو إجماع (‪ : )2‬أن اإلجارة عقد الزم‬
‫للمتعاقدين ال يحل ألحدهما فسخه بدون رضا العاقد اآلخر‪ ،‬ويقتضي استحقاق المستأجر‬
‫للمنفعة واستحقاق المؤجر لألجرة على خالف بينهم في وقت استحقاق األجرة ‪.‬‬
‫وبناًء عليه فليس من حق المالك أن يتصّر ف في منفعة العين المؤجرة خالل مّد ة‬
‫اإلجارة بأّي وجه من وجوه التصّر ف‪ ،‬ال بانتفاع وال بإعارة وال بإجارة وال بغير ذلك‪ .‬ألنها‬
‫أصبحت مملوكة لغيره بمقتضى عقد اإلجارة‪ ،‬كما ال يحق للبائع أن يتصرف بالعين المبيعة؛‬
‫ألنها خرجت من ملكه بالبيع ‪.‬‬
‫وعلى هذا فإذا تصّر ف المالك بالعين المستأجرة بتأجيرها على غير المستأجر أثناء مّد ة‬
‫اإلجارة بحيث تكون اإلجارتان واردتين على مّد ة واحدة‪ ،‬أو تكون اإلجارة الثانية واردة على‬
‫جزء من مّد ة اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫كما إذا أجر شخصًا دارًا لمّد ة سنة ابتداء من ‪1/1/1418‬هـ إلى نهاية‬
‫‪30/12/1418‬هـ وتم إجراء العقد بينهما وتفرقا على ذلك فلزم العقد ‪.‬‬
‫ثم أجرها بذاتها على شخص آخر نفس المّد ة‪ ،‬أو أجرها المالك من المستأجر الثاني‬
‫جزءًا من المّد ة أي ‪ :‬من ‪1/6/1418‬هـ إلى ‪30/12/1418‬هـ مثال ً‪.‬‬
‫فهنا تصّر ف المالك بالعين المستأجرة فيما هو وارد على منفعة العين وهو السكنى –‬
‫مثًال – أثناء المّد ة التي يستحق المستأجر األول نفع العين في جميعها ‪.‬‬
‫وقد بين الفقهاء الحكم في هذه المسألة ‪.‬‬

‫فقالوا ‪ :‬ال يخلو األمر من حالتين ‪:‬‬


‫الحالة األولى ‪:‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/195‬واملعونة ‪ ،2/1091‬واملقدمات ‪ ،2/166‬والتفريع البن جالب‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2/185‬والفوائد الفقهية ص‪ ،282‬واحلاوي الكبري ‪ ،7/394‬واملهذب ‪ ،1/400‬ومغين احملتاج‬


‫‪ ،2/355‬واملغين ‪ ،8/23‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬ومطالب أويل النهى ‪. 3/655‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ‪. 30/165‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪33‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أن يترك المستأجر األول العين المستأجرة كأن يستأجرها ثم يبدو له فيغيرها‪ ،‬أو يسافر‬
‫ويدعها‪ ،‬أو ينتفع بها جزءًا من المّد ة ثم يتركها ‪.‬‬
‫وحينئذ فليس للمالك الحق في تأجيرها‪ ،‬خالل هذه المّد ة المستأجرة‪ ،‬ألنها في واقع‬
‫األمر مشغولة بحق المستأجر األول وألنه تصرف فيما ال يملكه ‪.‬‬
‫فإن أجرها لغير األول فخالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬
‫أن عقد اإلجارة األولى صحيح ‪ ،‬فال تنفسخ إجارة األول ‪ ,‬وعلى ذلك فيستحق‬
‫المالك على المستأجر األول جميع األجرة ويستحق المستأجر األول على المالك أجرة المثل‪،‬‬
‫ألنه تصرف فيما يملكه المستأجر بغير إذنه ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنابلة (‪. )1‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫أن تصرف المالك موقوف على إجازة المستأجر األول‪ ،‬فإن أجازه صح العقد الثاني‬
‫وإن لم يجزه بطل ‪.‬‬
‫وإليه ذهب الحنفية (‪. )2‬‬
‫واستدلوا ‪ :‬بأن عقد اإلجارة يقع على المنفعة‪ ،‬إذ هو تمليك المنفعة‪ ،‬وهي ملك‬
‫المستأجر األول بمقتضى العقد األول‪ ،‬فتجوز بإجازته وتبطل بإبطاله ‪.‬‬
‫فإذا أجاز اإلجارة الثانية كانت األجرة له ال لصاحب الدار‪ ،‬ألنه يملك عوضها وهو‬
‫المنفعة فيملك بدلها وهو األجرة ‪.‬‬
‫وحينئذ فال ينفسخ عقد اإلجارة األولى مالم تمض مّد ة اإلجارة الثانية فإذا مضت فإن‬
‫كانت مدتهما واحدة انقضت المدتان‪ ،‬وإن كانت مّد ة الثانية أقل فلألول أن يسكن حتى تتم‬
‫المّد ة (‪. )3‬‬
‫والخالف في هذه المسألة مبني على تصّر ف الفضولي‪ ،‬فمن لم يصححه وهم الحنابلة‬
‫في المعتمد أبطلوا تصرف المؤجر هنا‪ .‬ومن جعله موقوفًا على إجازة المالك‪ ،‬جعل اإلجارة هنا‬
‫موقوفة على إجازة المستأجر األول؛ ألن المالك هنا بمثابة الفضولي والمستأجر بمثابة المالك‬

‫(?) املغين ‪ ،25 ،8/24‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬ومطالب أوىل النهى ‪،3/661‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 662‬‬
‫(?) بدائع الصنائع ‪. 4/208‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) املرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪34‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫يظهر – واهلل أعلم – رجحان القول الثاني القائل بأن الثانية موقوفة على إجازة‬
‫المستأجر األول‪ ،‬لما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن الذي يرجحه أكثر المحققين وعليه جمهور العلماء أن تصرف الفضول‬
‫موقوف على إجازة المالك ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نفي الضرر – هنا – عن المستأجر األول حيث جعل األمر بيده يجيز أو يمنع‬
‫حسب ما يراه األصلح له ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن الحنفية يتفقون مع الحنابلة ومن وافقهم في اإلبطال عند عدم اإلجازة‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪:‬‬
‫أن يؤجرها المالك قبل تسليمها للمستأجر األول‪ ،‬أو يمتنع من تسليمها له حتى‬
‫انقضت مدته ‪.‬‬
‫وحينئذ فتنفسخ اإلجارة ‪.‬‬
‫ألن العاقد وهو المؤجر أتلف المعقود عليه قبل تسليمه فانفسخ العقد‪ ،‬كما لو باعه‬
‫طعامًا فأتلفه قبل تسليمه ‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحالة الثالثة ‪:‬‬


‫أن يسلمها أثناء المّد ة ‪.‬‬
‫وحينئذ فتنفسخ فيما مضى‪ ،‬ويجب على المستأجر أجر باقي المّد ة بقسطه من األجرة‬
‫(‪. )1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/26‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/25‬ومطالب أوىل النهى ‪. 3/662‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪36‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المسألة الثانية‬
‫تأجير المالك للعين المؤجرة من غير المستأجر‬
‫ليحل محله في استحقاق األجرة على المستأجر األول‬

‫بعد بحث طويل في كتب الفقهاء القديمة – قبل البعلي – لم أجد من ذكر هذه‬
‫المسألة‪ .‬ال في المذاهب األخرى وال في المذهب الحنبلي‪ .‬وال حتى عند شيخ اإلسالم في‬
‫كتبه الفقهية التي هي بين أيدينا كالمجموع والفتاوى الكبرى ومختصرها إال ما ذكره البعلي‬
‫في االختيارات الفقهية عن اختيار شيخ اإلسالم في هذه المسألة ‪:‬‬
‫أنه يجوز للمالك أن يؤجر العين المستأجرة خالل مدة اإلجارة لمن يقوم مقامه في‬
‫استيفاء األجرة من المستأجر األول‪ ،‬حيث قال ‪" :‬ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير‬
‫المستأجر في مدة اإلجارة‪ ،‬ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء األجرة من‬
‫المستأجر األول‪ .‬وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد اإلجارة الثانية ظنًا منه أن هذا‬
‫كبيع المبيع‪ ،‬وأنه تصرف فيما ال يملك‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل هو تصّر ف فيما استحقه على‬
‫المستأجر"(‪. )1‬‬
‫ونقله أيضًا برهان الدين ‪ :‬إبراهيم بن شمس الدين ابن قيم الجوزية في "اختيارات شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية النميري حيث قال ‪:‬‬
‫"وإن إجارة العين المأجورة من غير المستأجر في مدة اإلجارة جائزة‪ ،‬ويقوم المستأجر‬
‫الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر األول" ‪.‬‬
‫وقال ‪" :‬ذكر ذلك في مسودته على المحرر"(‪. )2‬‬
‫ونقل هذا االختيار المرداوي في اإلنصاف عن البعلي – رحمهما اهلل ‪. -‬‬
‫ثم نظرت فيمن نقل اختيارات شيخ اإلسالم غير البعلي وبرهان الدين بن القيم فلم أجد‬
‫من ذكر هذا االختيار‪ ،‬وإنما ذكروا في موطن هذا البحث مسألة أخرى وذكروا فيها رأي شيخ‬
‫اإلسالم واإلشارة إلى من أفتى بخالفه من الفقهاء‪ ،‬وهذه المسألة هي إجارة األرض المشغولة‬
‫بغراس أو بناء لغير المستأجر ‪.‬‬
‫وممن ذكر هذه المسألة وبّين اختيار شيخ اإلسالم فيها ‪:‬‬
‫‪ -1‬ابن مفلح في الفروع ‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن عبدالهادي في مغني ذوي األفهام ‪.‬‬
‫(?) االختيارات الفقهية ص‪. 152 ،151‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) بعد البحث مل أجد من عثر على مسودة شيخ اإلسالم على احملرر ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪37‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -3‬المرداوي في اإلنصاف وإن كان نقل بعدها كالم البعلي ‪.‬‬


‫‪ -4‬ابن مفلح الحفيد في المبدع ‪.‬‬
‫‪ -5‬الرحيباني في مطالب أولي النهى ‪.‬‬
‫كما ذكر المسألة غيرهم‪ ،‬ولكن ببيان حكمها دون اإلشارة إلى اختيار شيخ اإلسالم‪.‬‬
‫وهي مسألة مشهورة في جميع المذاهب‪ ،‬وسأعرض ما ذكره هؤالء مما يعين في التوصل إلى‬
‫مواطن اللبس في هذه المسألة‪ ،‬عارضًا مختصر ما ذكره كل واحد شافعًا له بنقل النص الفقهي‬
‫موضع البحث ليتضح المراد ‪:‬‬

‫عرض ابن مفلح في الفروع ‪:‬‬


‫ذكر ابن مفلح ما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬قرر أنه ال يتصرف مالك العقار (المؤجر) في المنافع إال بعد انقضاء المّد ة‬
‫واستيفاء المنافع المستحقة عليه بعقد اإلجارة‪ ،‬في نقله كالم ابن عقيل ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نفى التناقض عند فقهاء الحنابلة في مسألة إجارة المشغول وقت عقد اإلجارة‪.‬‬
‫بأن مورد العقدين مختلف‪ .‬حيث جاء العقد بإجارة المشغول على مّد ة تختلف‬
‫عن المّد ة في اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫‪ – 3‬نفي جواز إجارة المؤجَّر لمن يقوم مقام المؤِّج ر وذكر أن جماعة من الحنابلة‬
‫وغيرهم أفتوا بعدم صحتها وذكر أنه لم يجد في كالم الفقهاء ما يخالف القول‬
‫بعدم الصحة ‪.‬‬
‫‪ – 4‬تعجب ممن فهم من كالم الحنابلة ‪ :‬القول بصحة إجارة المؤّجَر لمن يقوم مقام‬
‫المؤجِر ورد عليهم بما نقله من كالم شيخ اإلسالم ‪ :‬في فتوى بإجارة المشغول‬
‫ّ‬
‫بقصب للغير ‪.‬‬

‫وهذا هو نص كالم ابن مفلح في الفروع ‪:‬‬


‫قال بعد أن بين حكم إجارة العين المؤجرة في مّد ة تلي مّد ة اإلجارة ‪" :‬وال فرق بين‬
‫كونها مشغولة أو ال؛ لما ذكرنا‪ ،‬وكذا قال ابن عقيل في الفنون أو في الفصول ‪ :‬ال يتصرف‬
‫مالك العقار في المنافع بإجارة وال إعارة إال بعد انقضاء المّد ة واستيفاء المستحقة عليه بعقد‬
‫اإلجارة‪ ،‬ألنه مالم تنقِض المّد ة له حق االستيفاء فال تصّح تصرفات المالك في محبوس بحق؛‬
‫ألنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد‪ ،‬فمراد األصحاب متفق وهو ‪ :‬أنه تجوز إجارة المؤجر‬
‫‪38‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫ويعتبر التسليم وقت وجوبه‪ ،‬وأنه ال يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض‬
‫الناس‪ ،‬وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان ‪ :‬أن هذا ال يصح‪ ،‬وهذا واضح ولم‬
‫أجد من كالمهم ما يخالف هذا ‪.‬‬
‫ومن العجب ‪ :‬قول بعضهم في هذا الزمان ‪ :‬إن الذي يخطر بباله من كالم أصحابنا ‪:‬‬
‫أن هذه اإلجارة تصح‪ ،‬كذا قال؛ وقد قال شيخنا فيمن استأجر أرضًا من جندي وغرسها قصبًا‬
‫ثم انتقل اإلقطاع عن الجندي ‪ :‬إن الجندي الثاني ال يلزمه حكم اإلجارة األولى‪ ،‬وأنه إن شاء‬
‫أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره"أ‪.‬هـ (‪. )1‬‬

‫عرض كالم ابن عبدالهادي ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة العين المنقولة بملك الغير بغرس أو بناء ال يمكن تفريغها منه‬
‫في مّد ة اإلجارة األولى‪ ،‬وبين حكم إجارتها حال كونها مشغولة مفصًال الحكم‬
‫باختالف حالة هذا الشاغل هل هو محترم أو غير محترم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬بين الحكم أنه إن كان الشاغل غير محترم جازت اإلجارة وإن كان محترمًا‬
‫فخالف على قولين ‪.‬‬
‫‪ – 3‬ذكر الخالف في المذهب في المسألة بين مجيز وغير مجيز‪ ،‬وبين أن أكثر‬
‫الحنابلة على عدم الجواز‪ ،‬وهو ما اختاره هو‪ ،‬وهو الموافق لمذهب الحنفية‬
‫والشافعية‪ .‬وممن اختار القول بالجواز صاحب الفائق وشيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬بين أن المستأجر يقوم مقام المؤجر – المالك – في بقاء الشاغل من غرس أو‬
‫بناء مع من له ذلك الغرس أو البناء ‪.‬‬
‫وبين أن هذا القول موافق لمذهب المالكية ‪ .‬وهذا نصه ‪:‬‬
‫قال ابن عبدالهادي‪ ،‬في معرض حديثه عن إجارة العين المؤجرة مّد ة معينة (بعد فك‬
‫رموز الكتاب)‪" :‬وال نعتبر وفاقًا ألبي حنيفة أن تلي العقد وال أن تكون فارغة على خالف في‬
‫المذهب‪ ،‬فلو كانت مشغولة بملكه أو بملك غيره ‪ :‬نجيزه وفاًق ألبي حنيفة ‪ .‬إذا كانت تتفرغ‬
‫في أول المّد ة ‪.‬‬
‫فأما المشغولة بملك الغير من غرس أو بناء ماال يمكن تفريغها منه في المّد ة‪ ،‬هل يجوز‬
‫إجارتها؟‬
‫إن كان غير محترم جازت خالفًا لألئمة الثالثة ‪.‬‬

‫(?) الفروع ‪. 4/439‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪39‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإن كان محترمًا فهل يجوز ذلك؟ على قولين عندنا ‪.‬‬
‫المختار ‪ :‬ال وهو المعروف من مذهب الشافعي وأبي حنيفة واختاره جماعة من أئمة‬
‫أصحابنا‪ ،‬وذكره صاحب الفائق‪ ،‬ظاهر كالم أصحابنا ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬يجوز‪ .‬اختاره صاحب الفائق‪ ،‬وأبو العباس ‪.‬‬
‫والمستأجر يقوم مقام من أجره في بقائها مع من له ذلك وعدمه‪ ،‬وهو المعروف عند‬
‫المالكية ‪.‬‬
‫وفائدة الحكم باحترام الغراس والبناء ليس لمتقدمي أصحابنا فيه كالم ‪.‬‬
‫واختلف المتأخرون؛ فقيل ‪ :‬عدم القلع واإلزالة مطلقا ً‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬بل عدمه مجانًا‪ ،‬واألول ‪ :‬المختار"(‪. )1‬‬
‫ثم قال ‪ :‬وإنما خرجت عن قاعدتي في ذكر الخالف في هذه المسألة لكثرة الحاجة‬
‫إليها وخفاء نقلها على أكثر الناس بحيث إن بعضهم توهم أنها المسألة المذكورة في إجارة‬
‫المضاف المشغولة حالة العقد وليست بها وإن كانت من بعض جزئياتها"(‪. )2‬‬

‫عرض المرداوي في اإلنصاف ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة العين المشغولة وقت العقد لمّد ة مستقبلة بعد انتهاء المدة‬
‫األولى ‪.‬‬
‫وبين الحكم بجوازها بشرطه وهو القدرة على التسليم وقت حلول العقد ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نقل كالم ابن عقيل بمنع المالك للعقار المؤجر من التصرف بمنافعه إال بعد‬
‫انقضاء مّد ة اإلجارة األولى ‪.‬‬
‫‪ – 3‬نقل كالم ابن مفلح في الفروع في فقراته السابقة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬نقل كالم البعلي في ذكر اختيار شيخ اإلسالم في المسألة دون تعليق عليه‪.‬‬
‫وهذه فقرات من كالمه مما يحتاج إليه ‪:‬‬
‫"إذا علمت ذلك فقال بعض األصحاب ‪ :‬إذا أجره وكانت العين مشغولة صح إن ظن‬
‫التسليم عند وجوبه وقدمه في الفروع‪ ،‬وقال في الرعاية الكبرى ‪ :‬صح إن أمكن تسليمه في‬
‫أولها ‪ .‬وقال المصنف وغيره ‪ - :‬في أثناء بحث لهم – تشترط القدرة على التسليم عند‬

‫(?) مغين ذوي األفهام ص‪. 285‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) يقصد بذلك خروجه عن قاعدته يف استعمال الرموز للمذاهب حيث خرج إىل التصريح؛ ملا ذكره ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫مغين ذوي األفهام ص‪. 285‬‬


‫‪40‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وجوبه‪ .‬وال فرق بين كونها مشغولة أو ال؛ كالَّس َلم؛ فإنه ال يشترط وجود القدرة عليه حال‬
‫العقد ‪.‬‬
‫ثم نقل كالم ابن عقيل وكالم ابن مفلح السابق ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬ظاهر كالم ابن عقيل السابق ‪ :‬أنه ال يجوز إجارة العين إذا كانت مشغولة‪.‬‬
‫وقد قال في الفائق ‪ :‬ظاهر كالم أصحابنا ‪ :‬عدم صحة إجارة المشغول بملك غير المستأجر‪،‬‬
‫وقال شيخنا (‪ : )1‬يجوز في أحد القولين وهو المختار‪ .‬أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫ثم نقل فتوى شيخ اإلسالم في مسألة إجارة األرض المقطعة لجندي‪ ،‬ثم ينتقل اإلقطاع‬
‫إلى جندي آخر ‪.‬‬
‫ثم قال ‪" :‬قلت ‪ :‬قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي ‪ :‬ظاهر كالم األصحاب ‪ :‬صحة‬
‫إجارة المشغول بملك لغير المستأجر من إطالقهم جواز اإلجارة المضافة‪ ،‬فإن عموم كالمهم‬
‫يشمل المشغولة وقت الفراغ بغرس أو بناء أو غيرهما ‪.‬أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫وقال في الفروع ‪ :‬ال يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه إال بعد‬
‫فراغ مدة صاحب الغراس والبناء ‪.‬‬
‫وقال أيضًا ‪ :‬ال يجوز إجارة لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس ‪.‬‬
‫ثم نقل كالم ابن مفلح السابق ‪ .‬وبعده نقل كالم البعلي في االختيارات (‪. )2‬‬

‫عرض كالم ابن مفلح صاحب المبدع ‪:‬‬


‫‪ – 1‬ذكر مسألة إجارة المؤجر في مّد ة تلي مّد ة اإلجارة األولى وذكر حكمها بشرطه‬
‫السابق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬نقل كالم ابن عقيل السابق‪ ،‬وكالم صاحب الفروع مقررًا القول بأنه ال يجوز‬
‫إيجار المؤجر لمن يقوم مقام المالك ‪.‬‬
‫‪ – 3‬بين أن ظاهر كالم كثير من الحنابلة أنه ال يصح إجارة المشغول بملك غير‬
‫المستأجر ‪.‬‬
‫وبين أن فتوى شيخ اإلسالم تفيد جوازه فيمن استأجر أرضًا من جند وغرسها قصبًا ثم‬
‫انتقل اإلقطاع عن الجندي أن الثاني ال يلزمه حكم اإلجارة وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له‬

‫(?) أي ‪ :‬ابن تيمية ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اإلنصاف ‪ ،43-6/41‬وانظر ‪ :‬الفروع ‪. 439-4/437‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪41‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫القصب أو لغيره (‪. )1‬‬

‫عرض مرعي والرحيباني في غاية المنتهى وشرحه المطالب ‪:‬‬


‫‪ – 1‬لم يشر إلى الخالف وإنما ذكر مسألة إجارة العين المستأجرة أو المشغولة وأنه‬
‫يجوز إجارتها إذا قدر المؤجر على تسليم ما أجره عند وجوبه ‪.‬‬
‫وعقب بكالم صاحب الفروع ‪" :‬فمراد األصحاب متفق وهو أنه يجوز إجارة‬
‫المؤجر ويعتبر التسليم وقت وجوبه" ‪.‬‬
‫‪ – 2‬رتب على ما ذكره ‪ :‬عدم صحة إجارة األرض المشغولة بغرس أو بناء إذا كانت‬
‫اإلجارة لغير المستأجر صاحب الغرس أو البناء ونحوهما؛ لعدم القدرة على‬
‫تسليمه عند وجوب التسليم ‪.‬‬
‫‪ – 3‬لم يشر إلى القول الثاني عند الحنابلة الذي رجحه شيخ اإلسالم وهو أنه يجوز‬
‫إجارة األرض المشغولة بغرس أو بناء لغير المالك‪ ،‬ويحل المستأجر محل‬
‫المالك في التعامل مع صاحب الغرس والبناء (‪. )2‬‬

‫وبعد فمن خالل هذا العرض يغلب على الظن – ولست أجزم به – بأن تقي الدين‬
‫البعلي وبرهان الدين ابن القيم – رحمهما اهلل – فهما من كالم شيخ اإلسالم غير المراد‪ .‬وأن‬
‫اختيار شيخ اإلسالم الذي أشار إليه ليس فيما قرراه‪ ،‬وإنما هو في مسألة إجارة العين المشغولة‬
‫بملك المستأجر الذي ال يمكن تفريغه بعد انتهاء مّد ة اإلجارة‪ ،‬كالغرس والبناء في األرض ‪.‬‬
‫وذلك لما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنني لم أجد في كالم شيخ اإلسالم في كتبه ما يشير إلى ما قرره البعلي وبرهان‬
‫الدين ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنني لم أجد في كالم تالميذه الذين اعتنوا عناية فائقة باختياراته‪ ،‬وال سيما ابن‬
‫مفلح في الفروع وابن القيم وابن عبدالهادي وغيرهم ما ُيشير إلى هذا االختيار‬
‫‪.‬‬
‫(?) املبدع ‪. 5/86‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مطالب أويل النهى ‪. 3/624‬‬ ‫‪2‬‬

‫وقريب مما يف املطالب موجود يف الكشاف ‪ ،4/6‬ويف معونة أوىل النهى بطريقة أكثر بسطًا مع نقل كالم‬
‫ابن مفلح يف الفروع‪ ،‬مث رتب علي ما ذكر عدم صحة إجارة األرض املشغولة بغرس أو بناء للغري‪ ،‬يتعذر‬
‫حتويله وقت التسليم ‪. 70-5/68‬‬
‫‪42‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ - 3‬ما قرره ابن مفلح في الفروع من الرد على من ذهب إلى القول بصحة إجارة‬
‫العين المؤجرة لمن يقوم مقام المالك ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ما قرره ابن عبداهلادي من أن املسألة املوافقة ملا حنن فيه‪ ،‬وما حبثه ابن‬
‫مفلح في الفروع هي مسألة المشغول بملك الغير ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ما علق على مخطوطة األزهر لكتاب الفروع مما يفصل النزاع في المسألة‪ ،‬قال‬
‫المعلق على قوله ‪" :‬وأنه ال يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر ‪" :‬يعني ال يجوز‬
‫للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه بعد فراغ مدة صاحب‬
‫الغراس والبناء‪ ،‬وال يجوز أن يقيم مقامه غيره"أ‪.‬هـ ‪.‬‬
‫وذلك بناًء على ما ذهب إليه جمهور الحنابلة من عدم الجواز‪ ،‬وأما على القول‬
‫بالجواز الذي اختاره تقي الدين بن تيمية فيجوز أن يقوم مقام المؤجر‪ .‬ومن هنا‬
‫تعرف كيف جاءت عبارة ‪" :‬يجوز إجارة العين لمن يقوم مقام المؤجر‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫‪ – 6‬ما قرره شيخ اإلسالم في مسألة إجارة األرض المشغولة بالقصب إذا تغير مستحق‬
‫األرض فانتهت إجارة األرض‪ ،‬واألرض مشغولة بقصب المستأجر ‪.‬‬
‫أنه إذا استأجرها صاحب القصب صحت اإلجارة وإن استأجرها غيره جازت‬
‫اإلجارة أيضًا على ما اختاره شيخ اإلسالم ويقوم المستأجر الثاني مقام مالك‬
‫األرض مع صاحب القصب ‪ .‬إن شاء أن يبقي قصبه بأجره المثل‪ ،‬وإن شاء أن‬
‫يؤجره إياها برضاه؛ ألنه أصبح مالك منفعة األرض ‪.‬‬
‫وهذا نّص ه في مجموع الفتاوى في معرض فتوى عن حكم إجارة األرض‬
‫المقطعة لشخص أّج رها لشخص آخر وزرع فيها قصبًا‪ ...‬ثم انتقل اإلقطاع إلى‬
‫شخص آخر ‪:‬‬
‫قال "وإذا مات الُم قطع‪ ،‬فالمقطع الثاني ال يلزمه إجارة األول‪ ،‬وليس له أن يقلع‬
‫ما للمستأجر فيها من الزرع والقصب مجانًا؛ بل هو مخّير إن شاء أن يبقي زرعه‬
‫وقصبه بأجرة مستأنفة بمثل األجرة األولى أو أقل أو أكثر‪ ،‬كما يتراضيان به لكن‬
‫ليس له أن يلزم المستأجر بأكثر من أجرة المثل ‪ .‬وإذا استأجرها صاحب‬
‫القصب والزرع ‪ :‬صحت اإلجارة؛ فإنه يتمكن من االنتفاع بها‪ ،‬ولو استأجرها‬
‫غيُر ه جاز على الصحيح وقام غيره فيها مقام المؤجر إن شاء أن يبقي زرعه‬
‫وقصبه بأجرة المثل‪ ،‬وإن شاء أن يؤجره إياها برضاه"(‪. )1‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪. 247 ،30/170‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪43‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ – 7‬أن هذه المسألة ‪ :‬مسألة جديدة تخالف ما عليه جماهير أهل العلم فلو كان لشيخ‬
‫اإلسالم فيها رأي على نحو ما ُذكر لقررها شيخ اإلسالم ودعم رأيه بالحجج‬
‫القوية على منهجه رحمه اهلل ‪.‬‬
‫‪ – 8‬ما قرره شيخ اإلسالم من أن المالك يجوز له أن يؤجر العين المؤجرة لغير‬
‫المستأجر في مدة تلي مّد ة األول ‪.‬‬
‫ومفهومه أنه ال يرى تأجيرها مّد ًة أثناء مّد ة األول حيث قال ‪" :‬إن كان قد أجر‬
‫المّد ة التي تكون بعد إجارة األول ‪ :‬لم يكن لألول اعتراض عليه في ذلك"(‪. )1‬‬
‫‪ – 9‬ما قرره شيخ اإلسالم في أكثر من موضع من كتبه من أن اإلجارة عقد الزم‬
‫للطرفين ومما قاله ‪:‬‬
‫"فإن اإلجارة إن كانت شرعية فهي الزمة من الطرفين وإن كانت باطلة فهي‬
‫باطلة من الطرفين ومن جعلها الزمة من جانب المستأجر جائزة من جانب‬
‫المؤجر فقد خالف إجماع المسلمين"(‪. )2‬‬
‫‪ – 10‬ما قاله البعلي في آخر كالمه ‪:‬‬
‫"‪ ...‬وأنه تصّر ف فيما ال يملك‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل هو تصّر ف فيما استحقه على‬
‫المستأجر"(‪. )3‬‬
‫أي فيما استحقه المالك على المستأجر األول صاحب الغرس والبناء في أرض‬
‫المالك‪ ،‬فاالستحقاق المشار إليه‪ ،‬ليس األجرة‪ ،‬وإنما هو ما يستحقه من حق‬
‫متعلق بالغرس والبناء الذي غرسه أو بناه المستأجر في أرضه وهذا الحق يخول‬
‫له إما المطالبة بقلع الغرس والبناء‪ ،‬أو إبقائه بأجرة المثل – على خالف بين‬
‫الفقهاء في هذه المسألة ‪. -‬‬

‫الخالف في المسألة ‪:‬‬


‫اتضح أيضًا من خالل العرض السابق أن إجارة العين المؤجرة لمن يقوم مقام المؤجر‬
‫في استيفاء األجرة من المستأجر األول‪ ،‬فيها خالف على قولين ‪:‬‬
‫القول األول ‪:‬‬

‫(?) جمموع الفتاوى ‪. 30/164‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) نفس املصدر ‪. 30/165‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) االختيارات الفقهية ص‪. 275‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪44‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الجواز ‪.‬‬
‫وإليه ذهب من ذكره ابن مفلح ممن أفتى بجواز إجارة المؤجر لمن يقوم مقام‬
‫المالك(‪ . )1‬وهو اختيار شيخ اإلسالم إن صحت النسبة إليه‪ .‬وال أُر اها تصح لما سبق‪.‬‬
‫ولعلهم استدلوا بما ذكره البعلي في االختيارات من أن تصّر ف المالك في هذه اإلجارة‬
‫ليس تصرفًا فيما ال يملك وإنما هو تصّر ف فيما يستحقه على المستأجر (‪. )2‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫عدم الجواز ‪.‬‬
‫وهو ما عليه عامة الفقهاء‪ ،‬حيث نصوا جميعًا في كتبهم على عدم صحة تصّر ف المالك‬
‫في العين المستأجرة فيما يتجه إلى منفعة العين أثناء مّد ة اإلجارة دون تفريق ‪.‬‬
‫وأدلتهم على هذا تدور حول أن المالك ال يملك المنفعة حال إجارة العين فال يملك‬
‫التصرف فيها قياسًا على العين المبيعة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتضح رجحان القول الثاني القائل بعدم الجواز والصحة ‪.‬‬
‫وهذا الخالف على حسب الظاهر من كالم البعلي في االختيارات وابن مفلح في‬
‫الفروع والمرداوي في اإلنصاف ‪.‬‬
‫–‬ ‫وإال فالمتأمل في المسألة يغلب على ظنه عدم وجود هذه المسألة في الواقع‬
‫مطلقًا‪.-‬‬
‫وما أشير إليه في هذه الكتب مقصود به الخالف في إجارة األرض المشغولة بغرس أو‬
‫بناء الغير‪ ،‬وأن قوله ‪ :‬يقوم مقام المؤجر ‪ ..‬الخ‪ .‬يقصد به أن المستأجر الثاني يقوم مقام مالك‬
‫األرض في التعامل مع صاحب الغرس والبناء‪ ...‬الخ‪ .‬ولكن العبارة لم تكن وافية ببيان المراد ‪.‬‬
‫وفيما يلي بيان أوجه القول بعدم جواز تأجير العين المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة لمن‬
‫يحل محل المؤجر في استيفاء األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫أوجه القول بعدم جواز إجارة العين المستأجرة لمن يقوم مقام المالك ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬أن عقد اإلجارة عقد الزم للطرفين ال يحل ألحدهما فسخه بدون رضا العاقد‬

‫(?) مل أجد مستندًا هلذا القول ينسب الفتوى إىل أصحاهبا ورمبا كانت فتاوى معاصرة هلم غري حمررة يف‬ ‫‪1‬‬

‫كتب ‪.‬‬
‫(?) االختيارات العلمية ص‪ ،275‬واإلنصاف ‪ ،6/43‬وانظر ‪ :‬اختيارات ابن تيمية لربهان الدين بن‬ ‫‪2‬‬

‫القيم ص‪.17‬‬
‫‪45‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫اآلخر‪ .‬وهو أمر مجمع عليه (‪. )1‬‬


‫ومن أثر اللزوم االلتزام بمقتضى العقد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ما يقتضيه عقد اإلجارة من تمليك المؤجر األجرة وتمليك المستأجر‬
‫المنفعة(‪.)2‬‬
‫مما يخول لكل منهما حق التصّر ف فيما يملك ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬ما اتفق عليه الفقهاء من أن المالك ال يصح له التصّر ف في منافع العين‬
‫المستأجرة أثناء مّد ة اإلجارة ألنه تصرف فيما ال يملك؛ ألن اإلجارة بيع المنافع وبناًء عليه‬
‫فالمنفعة ملك المستأجر بمقتضى عقد اإلجارة فتصرفه فيها تصّر ف فيما ال يلمك‪ ،‬وإنما يصح‬
‫له التصرف فيما يملكه وهو العين‪ ،‬ولذا صحت تصرفاته الواردة على العين كالبيع والهبة‬
‫والوقف والوصية (‪. )3‬‬
‫الرابع ‪ :‬ما ذهب إليه عامة الفقهاء من صحة تصّر ف المستأجر في منفعة العين‬
‫المستأجرة‪ ،‬بتأجير أو بغيره ألنها ملكه بمقتضى عقد اإلجارة ‪.‬‬
‫ولو قيل بصحة تصّر ف المالك بما يتوجه إلى منفعة العين المؤجرة‪ ،‬للزم التعارض‬
‫والتناقض ‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬ما قرره الفقهاء في شروط صحة اإلجارة من أنه يشترط أن يكون المؤجر‬
‫مالكًا للمنفعة‪ ،‬والمالك هنا غير مالك لها؛ ألنها ملك للمستأجر بمقتضى العقد ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬ومما يقرر عدم الجواز ‪ :‬بيان المعقود عليه في هذه اإلجارة ‪.‬‬
‫هل هو العين المستأجرة أو المنفعة‪ ،‬أو هو توكيل في قبض األجرة‪ ،‬أو هو المستَح ق‬
‫على المستأجر وهو األجرة؟ ‪.‬‬
‫ال جائز أن يكون المعقود عليه هو العين؛ ألن اإلجارة ترد على المنفعة‪ ،‬وألن العقد‬
‫الوارد على العين بيع‪ ،‬وهما ال يريدان البيع ‪.‬‬
‫وال جائَز أن يكون متوجهًا إلى المنفعة؛ ألن المنفعة مستحقة للمستأجر فال يملك‬

‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/195‬ومقدمات ابن رشد ‪ ،166 /2‬واملعونة ‪ ،2/1091‬واحلاوي‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،7/394‬واملهذب ‪ ،1/400‬واملغين ‪ ،8/231‬واإلنصاف ‪ ،6/58‬وكشاف القناع ‪ ،4/24‬وجمموع‬


‫االختيارات ‪. 30/165‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/201‬واملعونة ‪ ،2/1093‬واحلاوي ‪ ،7/395‬واإلنصاف ‪. 6/58‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) انظر ‪ :‬ص ‪ 5‬فما بعدها من هذا البحث ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪46‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المالك التصّر ف فيها أثناء مّد ة اإلجارة‪ - ،‬وأما بعدها فهي مسألة أخرى عرضناها فيما قبل ‪.‬‬
‫وال جائز أن يكون توكيًال في قبض اإليجار‪ ،‬ألنهما لم يقصداه‪ ،‬وألن المدفوع ال‬
‫يتناسب مع التوكيل‪ ،‬فلم يبق إال أن يكون واردًا على األجرة ‪ ،‬كما نّص وا على ذلك‪ ،‬فيكون‬
‫استأجر األجرة‪ .‬وهو في واقعه بيع نقد مؤجل بنقد حال أقل منه وهذا هو الربا ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬ما نص عليه فقهاء المالكية والحنابلة في مسألة تأجير المستأجر العين‬
‫المؤجرة من المالك بزيادة على األجرة ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يجوز أن يؤجرها عليه بزيادة بشرط أال يكون حيلة كالعينة ‪ :‬بأن يستأجرها‬
‫بأجرة حالة نقدًا ثم يؤجرها بأكثر منه مؤجًال‪ ،‬فال يصح حسمًا لمادة ربا النسيئة‪ ،‬كمن يؤجر‬
‫الدار – مثًال – خمس سنوات ‪ :‬السنة بعشرين ألف لاير‪ ،‬ثم يؤجرها للمالك بأقل من ذلك نقدًا‬
‫(‪. )1‬‬
‫وهو الذي جعل الحنفية يمنعون تأجير المستأجر للعين المؤجرة من المالك بزيادة‬
‫مطلقًا ‪ .‬حسمًا لمادة الربا‪ ،‬ألنها تشبه مسألة العينة (‪. )2‬‬
‫ولهذا جاء في هامش الموسوعة الكويتية ‪:‬‬
‫"ترى اللجنة أن إباحة إيجار المستأجر للمؤجر نفس العين المستأجرة في أكثر الصور‬
‫تشبه بيع العينة المنهي عنه‪ ،‬ولعل هذا ما دعى الحنفية إلى منع ذلك"(‪. )3‬‬
‫ومسألتنا شبيهة بهذه المسألة؛ ألن المستأجر الثاني استأجر العين بنقد حال بنقد أكثر‬
‫منه نسيئة؛ حيث لم يكن في قصد المستأجر الثاني المنفعة وإنما قصد بيع النقود الحاضرة‬
‫بنقود مؤجلة مع الربح ‪.‬‬
‫الثامن ‪ :‬ما نص عليه فقهاء المالكية في مسألة بيع العين المؤجرة من أن اإلجارة تبقى‬
‫بحالها إلى انتهاء مدة اإلجارة‪ ،‬واألجرة للبائع ‪ ،‬وال يجوز أن يشترطها المشتري؛ ألنه يؤول‬
‫إلى الربا إلا إن كان البيع بعروض"(‪. )4‬‬
‫وكونه يؤول إلى الربا ‪ :‬ألنه يصبح َدَفع نقدًا وهو الثمن بعرض ونقد وهو العين‬
‫المؤجرة واألجرة ‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/406‬ومنح اجلليل ‪ ،5/458‬واإلنصاف ‪ ،6/35‬وشرح املنتهى‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 2/361‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬رد احملتار ‪. 9/107‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) املوسوعة الكويتية ‪. 1/268‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬مواهب اجلليل ‪ ،5/408‬والقوانني الفقهية ص‪. 282‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪47‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وإذا كان البيع بعروض لم يصبح نقدًا بنقد؛ فانتفى الربا ‪.‬‬
‫وعلى هذا الذي ذكره الفقهاء فالمسألة – موضع البحث – قريبة من هذه؛ ألنها في‬
‫الواقع بيع نقد بنقد مع التأجيل والتفاضل ‪ ،‬فاجتمع فيها ربا الفضل والنسيئة‪.‬‬
‫التاسع ‪ :‬أن المعقود عليه في اإلجارة هو المنفعة ‪.‬‬
‫والقول بجواز تأجير العين المستأجرة من ِقَبل المالك على ذات المّد ة‪ ..‬يترتب عليه‬
‫ورود عقدين من شخص واحد على محل واحد من عاقدين مختلفين‪ ،‬حيث أبرم المالك في‬
‫اإلجارة األولى العقد على منفعة العين مّد ة معينة مع المستأجر األول‪ ،‬ثم أبرم عقدًا آخر على‬
‫نفس المحل وبنفس المّد ة مع شخص آخر‪ .‬والحال أنه مشغول بالعقد األول‪ ،‬فال يصح كما لو‬
‫باع العين من شخص ثم باعها على شخص آخر بعد أن انتقلت من ملكه ‪.‬‬
‫العاشر ‪ :‬أنه يترتب على صحة هذا العقد ‪:‬‬
‫أنه يجوز للمؤجر أن يؤجر العين المستأجرة على غير المستأجر‪ ،‬ويجوز للمستأجر أن‬
‫يؤجر العين المستأجرة لغيره‪ ،‬وهكذا من استأجر من المالك يحق له أن يؤجر العين ومن‬
‫استأجر منه‪ ،‬وهكذا من استأجر من المستأجر األول يحق له أن يؤجرها ومن استأجر منه‪ ...‬الخ‬
‫‪.‬‬
‫وهذا يؤدي إلى التنازع في العين المستأجرة مما ال يتناهى من العاِقدين الذين تعلق‬
‫حقهم بها‬
‫الحادي عشر ‪ :‬أن هذه المعاملة ذريعة إلى الربا بال إشكال إذ يتوصل من خاللها إلى‬
‫بيع نقد مؤجل بنقد حال مع التفاضل والنساء حيث استبيح بهذه اإلجارة الصورية بيع مائة‬
‫وخمسين ألف مؤجلة بمائة ألف حالة – مثًال ‪. -‬‬
‫وهذه الذريعة محّر مة بداللة ما يلي ‪:‬‬
‫‪– 1‬حديث الغالية بنت أْيفع بن شراحيل أنها قالت‪":‬دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم‬
‫وامرأته على عائشة رضي الله عنها فقالت أم ولد زيد بن أرقم‪ :‬كانت لي جارية‬
‫وإني بعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى عطائه‪ ،‬وإنه أراد بيعها فابتعتها منه‬
‫بستمائة نقدًا‪ .‬فقالت‪ :‬بئس ما شريت وما اشتريت‪ ،‬فأبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده‬
‫مع رسول الله ‪ ‬إال أن يتوب"(‪. )1‬‬
‫اعترض الشافعي عليه بأنه ال يصح لجهالة الغالية ‪.‬‬
‫(?) أخرجه الدارقطين ‪ ،3/52‬والشافعي يف األم ‪ ،4/78‬وعبدالرزاق يف املصنف ‪ ،8/184‬والبيهقي يف‬ ‫‪1‬‬

‫السنن الكربى ‪. 331 ،5/330‬‬


‫‪48‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وأجاب ابن الجوزي في التحقيق بأنها ‪ :‬جليلة القدر معروفة‪ ،‬ذكرها محمد بن‬
‫سعد في الطبقات قال ‪ :‬الغالية بنت ْأيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي‬
‫سمعت من عائشة (‪ ، )1‬ومال ابن القيم إلى تصحيحه كما في تهذيب السنن (‪.)2‬‬
‫‪ – 2‬ما ورى عن ابن عباس رضي اهلل عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة‬
‫بمائة ثم اشتراها بخمسين فقال ‪ :‬دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة‪.‬‬
‫وفي لفظ ‪" :‬اتقوا هذه العينة ال تبيعوا دراهم بدراهم بينهما حريرة"(‪. )3‬‬
‫وإن كان هذا األثر في بيع العينة‪ .‬إال أنه فيما يظهر ينطبق على هذه المعاملة في‬
‫مسألتنا‪ ،‬حيث يتم فيها بيع دراهم مؤجلة بدراهم حالة مع التفاضل‪ ،‬والواسطة‬
‫بينهما هذه اإلجارة الصورية ‪.‬‬
‫الثاني عشر ‪ :‬أن المعاملة في هذه المسألة من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه ‪.‬‬
‫حيث إن المؤجر يبيع األجرة الواجبة له بالعقد وهي مؤجلة في ذمة المستأجر على‬
‫المستأجر الجديد بنقد حال ‪.‬‬
‫فأصبح بيع دين مؤجل في ذمة المستأجر األول بنقد حال ‪ ،‬ومعلوم تحريم بيع الدين‬
‫الذي في الذمة على غير من هو له‪ ،‬أو على من هو له مع التفرق قبل التقابض ‪.‬‬
‫ومما يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما قال ‪ :‬قلت يا رسول اهلل إني أبيع‬
‫اإلبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم‪ ،‬وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير‪ ،‬آخذ هذا من هذا‬
‫وأعطي هذا من هذا؟ فقال رسول اهلل ‪" : ‬ال بأس أن تأخذها بسعر يومها مالم تفترقا وبينكما‬
‫شيء"(‪. )4‬‬
‫وال يعترض على هذا بأنه من قبيل الصرف بخالف ما نحن فيه‪ ،‬حيث هو تأجير على‬
‫تأجير‪ ،‬ألنه يقال ‪ :‬إنه تبّين من خالل ما سبق أن التأجير غير صحيح لوروده على منفعة مملوكة‬

‫(?) ينظر ‪ :‬التحقيق وتنقيح التحقيق هبامشه‪ ،‬البن اجلوزي والذهيب ‪. 129-7/127‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ‪. 5/104‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ذكره ابن حزم يف احمللى ‪ ،9/689‬وذكره ابن القيم يف هتذيب السنن ‪ ،5/101‬وقال ‪ :‬ثبت عن‬ ‫‪3‬‬

‫ابن عباس أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة مبائة مث اشرتاها خبمسني فقال‪ :‬دراهم بدراهم متفاضلة‪،‬‬
‫دخلت بينهما حريرة ‪.‬‬
‫(?) أخرجه أبو داود يف تاب البيوع‪ 3/250 ،‬ورقمه (‪ )3354‬والرتمذي يف كتاب البيوع ‪3/544‬‬ ‫‪4‬‬

‫ورقمه (‪ )1242‬والنسائي يف كتاب البيوع (‪ ،)7/283‬وابن ماجه ‪ 2/760‬ورقمه (‪ .)2262‬واحلديث‬


‫صححه احلاكم ووافقه الذهيب‪ ،‬املستدرك وتلخيص املستدرك ‪ ، 2/44‬وضعفه ابن حزم يف احمللى ‪،7/452‬‬
‫واأللباين يف إرواء الغليل ‪. 5/173‬‬
‫‪49‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫للغري ‪.‬‬
‫فحقيقته ‪ :‬بيع األجرة المستحقة باإلجارة األولى باألجرة المستحقة باإلجارة الثانية‪،‬‬
‫فهو بيع نقد بنقد فدخل في مدلول الحديث ‪.‬‬
‫والحديث يدل على أنه البد من التقابض في مجلس العقد أو ما هو في معنى التقابض‪،‬‬
‫فيما إذا كان أحد النقدين حاضرًا في المجلس واآلخر في الذمة؛ ألنه يشترط أال يفترقا وبينهما‬
‫شيء ‪.‬‬
‫وهنا في هذه المعاملة يحصل االفتراق وبينهما شيء؛ بل إن العوض الذي في الذمة‬
‫مؤجل التْس ليم على أقساط هي اإليجار السنوي ‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬هذه المعاملة‪ ،‬يترتب عليها ربح مالم يضمن ‪.‬‬
‫وقد جاء النهي عن ربح مالم يضمن؛ كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‬
‫رضي اهلل عنهم قال ‪ :‬قال رسول اهلل ‪" : ‬ال يحل سلف وبيع وال شرطان في بيع وال ربح ماال‬
‫يضمن‪ ،‬وال بيع ما ليس عندك"(‪. )1‬‬
‫ويدل لهذا المعنى أيضًا حديث عائشة رضي اهلل عنها أن رسول اهلل ‪ ‬قضى أن ‪:‬‬
‫"الخراج بالضمان"(‪. )2‬‬
‫وفي ه ــذه المعامل ــة يتحق ــق ربح م ــاال يض ــمن‪ ،‬ألن العين الم ــؤجرة في مـ ـّد ة اإلج ــارة من‬
‫ضمان المستأجر لـو تعــدى فيهــا أو فــرط‪ ،‬فكـان ينبغي أن يكـون ربحهــا للمســتأجر‪ ،‬ألن الخـراج‬
‫بالضــمان وقــد نهى عن ربح مــاال يضــمن فــإذا مــا أّج رهــا المــؤجر وهي في ملــك المســتأجر األول‬
‫وفي ضمانه فقد ربح ماال يدخل في ضمانه ‪.‬‬

‫(?) أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ،2/179‬وأبو داود يف كتاب البيوع ‪ ،3/769‬والرتمذي يف كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫البيوع ‪ ،3/526‬والنسائي يف كتاب البيوع ‪ ،7/295‬واحلاكم يف املستدرك ‪ ،2/17‬وقال ‪ :‬هذا حديث‬


‫على شرط مجلة من أئمة املسلمني ‪ ،‬ووافقه الذهيب ‪.‬‬
‫كما رواه ابن ماجه يف سننه ‪ ،2/737‬والدارقطين ‪ ،3/75‬قال ابن حجر وصححه ابن خزمية‪( .‬بلوغ املرام‬
‫‪. )2/478‬‬
‫(?) أخرجه اإلمام أمحد يف املسند ‪ ،6/49‬وأبو داود يف كتاب البيوع ‪ ،3/777‬والرتمذي يف كتاب‬ ‫‪2‬‬

‫البيوع ‪ ،3/572‬والنسائي يف البيوع ‪ ،7/254‬وابن ماجة يف كتاب التجارات ‪ ،2/754‬واحلاكم يف‬


‫املستدرك ‪ .2/15‬قال ابن حجر ‪ :‬وصححه الرتمذي وابن خزمية وابن اجلاورد وابن حبان واحلاكم وابن‬
‫القطان‪ .‬بلوغ املرام ‪. 2/504‬‬
‫‪50‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الثالث‬

‫اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬


‫‪51‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الثالث‬
‫اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫تقسم اإلجارة تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة‪ ،‬فتقسم من حيث ورودها على مّد ة‬
‫أو على عمل إلى قسمين؛ إجارة على مّد ة معينة‪ ،‬وإجارة على عمل معين وُتقّس م من حيث‬
‫ورودها على عين معينة‪ ،‬أو على الذمة إلى قسمين‪:‬‬
‫إجارة األعيان ‪ ،‬واإلجارة في الذمة‪.‬‬
‫وإجارة األعيان تقسم من حيث ورودها على اآلدميين أو غيرهم إلى قسمين‪ :‬إجارة‬
‫األشخاص‪ ،‬وإجارة األشياء‪.‬‬
‫وبحثنا هنا في إجارة األشخاص ‪.‬‬
‫أما إجارة األشياء كاستئجار دابة للركوب عليها أو للحرث ‪ ،‬وكاستئجار دار للسكنى‬
‫‪ ،‬فهذه سبق بحثها – في المبحث األول من هذا البحث ‪ ، -‬وعرفنا من خالله إمكانية ورود‬
‫اإلجارة على اإلجارة في هذا النوع‪ ،‬وكان مدار البحث في المبحث األول على ذلك ‪.‬‬
‫وأما إجارة األشخاص والمراد ‪ :‬استئجار اآلدميين للعمل‪ .‬فلها حالتان ‪ ,‬بيانهما في‬
‫المطلبين اآلتيين ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬األجير الخاص ‪:‬‬
‫المراد به ‪:‬‬
‫عرف األجير الخاص بتعريفات عديدة متقاربة في معناها من أهمها ‪ :‬أنه من قدر نفعه بالزمن ‪, 1‬‬
‫أو هو من يقع العقد علي عينه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها ‪ , 2‬او هو من‬
‫يعمل لواحد ‪ , 3 ,‬أو هو من يستحق األجرة بتسليم نفسه وإن لم يعمل ‪ ، 4.‬سمي بذلك الختصاص‬
‫المستأجر بمنفعته في مدة اإلجارة ‪.‬‬
‫ورود اإلجارة على اإلجارة في األجير الخاص ‪:‬‬
‫في هذه الحالة ال ترد اإلجارة على اإلجارة ؛ ألن ‪ :‬المعقود عليه في إجارة األجير الخاص هو‬
‫منفعة األجير بعينه ‪ ,‬ألداء عمل معين في مدة معينة ‪ ،‬وبناء عليه فإذا تم العقد صحيحا ‪ ,‬فإنه‬
‫‪ - 1‬ينظر الفروع ‪ , 449 / 4‬وكشاف القناع ‪. 32 4‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ينظر املغين ‪. 103 / 8‬‬
‫‪ - 3‬ينظر بدائع الصنائع ‪ 174 / 4‬وتبصرة احلكام ‪. 331 / 2‬‬
‫‪ - 4‬ينظر ‪ :‬اهلداية ‪. 244 / 3‬‬
‫‪52‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫يلزم األجير الخاص أن يعمل لدى مستأجره وليس له أن يستأجر شخصًا آخر يحل محله في‬
‫أداء العمل الذي ستؤجر له إال بإذن صاحب العمل ‪.‬‬
‫فإذا استأجر شخص خادمًا أو مزارعًا أو راعيًا‪ ،‬أو سائقًا فليس ألي من هؤالء أن‬
‫يستأجر من يحل محله في هذا العمل إال بإذن المستأجر وهو صاحب العمل (‪.)1‬ألن المعقود‬
‫عليه‪ -‬كماسبق – هو عمل األجير بنفسه ‪ -‬فلزم القيام به على الوجه المطلوب ‪ ,‬كمن‬
‫‪2‬‬
‫استأجر دابة معينة من إنسان لركوبها فإنه ليس له إبدالها ‪.‬‬
‫إنابة المستأجر من يقوم بعمل األجير الخاص عند عدم قيامه بالعمل ‪:‬‬
‫إذا لم يقم األجير الخاص بعمله فال يخلو إما أن يكون ذلك لعذر أو لغير عذر ‪ ,‬فإن كان لعذر‬
‫كمرض أو حدوث أمر غالب منعه من العمل كسيل أو حرب أو حريق ‪...‬الخ فإن األجير ال‬
‫يكلف أن يقيم من يعمل بدله ؛ ألن المعقود عليه معين وهو عين األجير ‪ , 3‬وألنه معذور‬
‫بتخلفه عن العمل ‪.‬‬
‫وإن لم يكن لعذر فإن األجير يجبر على أداء العمل ‪ ،‬وليس له أن ينيب من يعمل بدله‪ ,‬ألن‬
‫العقد وقع على عينه ‪ .‬وليس للمستأجر أن يستأجر من يقوم بعمله على حساب األجير ‪ ،‬بل‬
‫يخير بين فسخ اإلجارة أو الصبر حتى يقوم بالعمل ؛ لتعذر استيفاء المعقود عليه ‪ ,4‬وألن غرض‬
‫المستأجر يفوت بإقامة غير األجير مناب األجير وحينئذ فألفضل له أن يفسخ العقد معه‬
‫ويستأجر غيره ‪.‬وإذا لم يتمكن من إجبار األجير غير المعذور على القيام بالعمل فإن األجير‬
‫اليستحق األجرة ؛ لعدم قيامه بالعمل ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬األجير المشترك ‪.‬‬
‫المراد به ‪:‬‬
‫كما اختلفوا في المراد باألجير الخاص اختلفوا في األجير المشترك فقيل ‪ :‬هو من قــدر نفعــه‬

‫(?) ينظر‪ :‬اهلداية ‪ 234 ،3/245‬وبدائع الصنائع ‪ 208 / 4‬ومنح اجلليل ‪ 441 / 7‬والبهجة شرح‬ ‫‪1‬‬

‫التحفة ‪ 182 / 2‬وروضة الطالبني ‪ 224 5‬والفتاوى الكربى البن حجر ‪. , 148 / 3‬واملغين ‪36 / 8‬‬
‫ومعونة أويل النهى ‪ 71 / 5‬ومطالب أويل النهى ‪. 626 / 3‬‬
‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬جممع األهنر ‪ 374 / 2‬ومعونة أويل النهى ‪. 71 / 5‬‬
‫ومطالب أويل النهى ‪. 658 / 3‬‬ ‫‪ - 3‬ينظر املغين ‪/ 8‬‬
‫‪ - 4‬ينظر املبسوط ‪ 6 / 16‬والبحر ارائق ‪ 6 / 8‬والشرح الكبري مع حاشية الدسوقي ‪ ، 31 / 4‬وروضة الطالبني‬
‫‪ 239 / 5‬وشرح روض الطالب ‪ 418 / 2‬وكشاف القناع ‪ 31 / 4‬ومطالب أيل النهى ‪. 631 / 3‬‬
‫‪53‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫بالعمــل ‪ ، 1‬وقيــل هــو من يقــع العقــد معــه على عمــل معين ‪ ،‬أو على مــدة اليســتحق المســتأجر‬
‫جميــع نفعــه فيهــا ‪ ، 2‬وقيــل غــير ذلــك ‪.‬والمعقــود عليــه في األجــير المشــترك منفعــة في الذمــة‬
‫إلنجاز عمل معين أو موصوف بصفات تضبطه ‪:‬‬
‫وال تكون اإلجارة هنا إال آلدمي؛ ألنها متعلقة بالذمة وال ذمة لغير اآلدمي(‪.)3‬‬
‫سمي األجبر المشترك بهذا االسم ؛ ألن منفعته تكون ألكثر من شخص‪ ،‬حيث إنه يتقبل أعماًال‬
‫لجماعة ‪ ،‬ومنفعته مشتركة بينهم (‪.)4‬‬
‫وروداإلجارة على اإلجارة في األجير المشترك ‪:‬‬
‫اإلجارة على اإلجارة واردة هنا ‪ ،‬وذلك أنه إذا استؤجر األجير المشترك لعمل معين أو‬
‫موصوف فال يخلو من ثالث حاالت ‪:‬‬
‫الحالة األولى‪:‬‬
‫أن يقوم بالعمل بنفسه‪ ،‬وهذا هو األصل‪ ،‬فال إشكال فيه ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬
‫أن تكون طبيعة العمل المستأجر إلنجازه تقتضي أال ينفرد بعمله كأن يستأجره لبناء‬
‫بيت‪ ،‬فظاهر الحال أنه لن يقوم بجميع األعمال الالزمة لبناء البيت بنفسه‪ ،‬وإنما يلزم أن‬
‫يستأجر البناء والنجار والمبلط والسباك والدهان والكهربائي…‬
‫فهنا تحققت اإلجارة على اإلجارة‪ ،‬حيث استأجر صاحب البيت األجير األول‪ ،‬وهذا‬
‫األجير استأجر أجراء للقيام باألعمال الالزمة لبناء المنزل‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪:‬‬
‫أن يحصل لألجير المستأجر لعمل معين مانع يمنعه من القيام بهذا العمل ‪ ،‬وحينئذ فعليه‬
‫أن ينيب من يقوم بالعمل بدله‪ ،‬فإن امتنع أو هرب‪ :‬استأجر صاحب العمل من يقوم بالعمل‪،‬‬
‫وأجرة األجير الثاني على األجير األول‪.‬‬
‫وهذا هو ما قرر الفقهاء في المذاهب األربعة؛ حيث اتفقوا على أنه يجوز لألجير‬
‫المشترك أن يقوم بالعمل الذي استؤجر له بنفسه ‪ ،‬وهذا هو األصل‪ ،‬ويجوز أن يستأجر هو من‬

‫‪ - 1‬ينظر ‪ :‬كشاف القناع ‪32 / 4‬‬


‫‪ - 2‬ينظر ‪ :‬ينظر الغين ‪. 106 / 8‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬املبدع ‪ ،5/89‬وكشاف القناع ‪. 4/11‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اهلداية للمرغيناين ‪ ،3/244‬وكشاف القناع ‪. 4/11‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪54‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫يقوم بالعمل نيابة عنه بشرطه (‪.)1‬‬


‫وبناًء على ما سبق يتضح أن اإلجارة على اإلجارة واردة في إجارة األشخاص إذا كان‬
‫األجير مشتركًا بالشروط اآلتية ‪:‬‬
‫الشرط األول‪:‬‬
‫أال يشترط صاحب العمل أن يقوم األجير بالعمل بنفسه فإن شرط ذلك ‪ ،‬فليس له أن‬
‫يستأجر من يقوم بالعمل ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪:‬‬
‫أال يكون العمل المعقود عليه مما يختلف باختالف األشخاص‪ ،‬فإن كان العمل في‬
‫اإلجارة األولى مما يختلف باختالف األجير ‪ ،‬كالخط ونحوه‪ ،‬فال تدخل اإلجارة على اإلجارة‪،‬‬
‫ألن األجير األول حينئذ مقصودًا لعينه‪ ،‬وللمستأجر األول غرض صحيح في قيام األجير األول‬
‫بالعمل ‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪:‬‬
‫أال يكون األجير األول أجيرًا خاصًا ‪ ،‬فإن كان أجيرًا خاصًا ‪ ،‬فليس له أن ينيب غيره‬
‫في القيام بعمله ‪ ،‬وليس له أن يستأجر من يقوم بالعمل بدله ‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪:‬‬
‫أال يكون العقد األول في اإلجارة األولى قد انتهى‪ ،‬ألنه إذا انتهى العقد األول بين‬
‫المستأجر واألجير األول‪ ،‬فال يكون هناك إجارة على إجارة؛ ألن العقد الثاني مبني على العقد‬
‫األول‪ ،‬فإذا انتهى األصل انتفى الفرع (‪.)2‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬اهلداية للمرغيناين ‪ ، 3/234‬وتبيني احلقائق ‪ ،5/111‬ونتائج األفكار ‪ ،8/21‬والذخرية‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،5/500‬والفواكه الدواين ‪ ،2/166‬وشرح احمللى على املنهاج ‪ ، 3/68‬وأسىن املطالب ‪ ،2/409‬واملغين‬


‫‪ ،8/36‬واملبدع ‪ ، 90 ،5/89‬وشرح املنتهى ‪. 2/375‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬املصادر السابقة ‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪55‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الرابع‬

‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة‬

‫وفيه مطلبان‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬في إجارة األشياء‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬في إجارة األشخاص‪.‬‬


‫‪56‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشياء‬
‫المراد باألشياء هنا‪ :‬األعيان المـؤجرة من غـير اآلدمـيين ‪ ،‬فيـدخل فيهـا العقـار والـدواب‪،‬‬
‫واآلالت المختلفة ‪ ،‬والمراكب المختلفة‪ ،‬ويدخل في ذلك السفن والطائرات والسيارات ‪… ،‬‬
‫الخ ‪.‬‬
‫والبحث هنا في حكم الضمان إذا حصل تلف كلي أو جزئي للعين المؤجرة‪ ،‬في‬
‫اإلجارة الثانية‪ ،‬إذا أجر المستأجر األول العين المؤجرة على مستأجر ثاٍن فحصل التلف عند‬
‫الثاني‪ ،‬فهل يضمن ‪ ،‬أو ال يضمن؟ وإذا كان يضمن ‪ ،‬فهل يضِّم ن المالُك المستأجَر األول أو‬
‫المستأجر الثاني…؟‬
‫مما اتفق عليه الفقهاء في المذاهب األربعة أن يد المستأجر على العين المؤجرة يد‬
‫أمانة‪ ،‬والمستأجر أمين (‪ ،)1‬فتنطبق عليه قاعدة الضمان على األمناء وهذه القاعدة‪ :‬أن من كانت‬
‫يده يد أمانة فال ضمان عليه إال إذا تعّد ى أو فرط (‪. )2‬‬
‫وعلى ذلك فالمستأجر األول أمام المالك أمين ال يضمن إال إذا تعدى أو فرط‪،‬‬
‫والمستأجر الثاني كذلك أمام المستؤجر األول‪ ،‬ألن المستأجر الثاني‪ ،‬أمام المستأجر األول‬
‫كالمستأجر األول أمام المالك‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬فإذا حصل من المستأجر الثاني تعد أو تفريط تسبب في تلف العين‬
‫المؤجرة‪ ،‬فإنه يضمنها لمالكها ‪ ،‬وال ضمان على المستأجر األول‪ ،‬لعدم تعديه وعدم تفريطه‪.‬‬
‫وإذا حصل التلف بدون تعٍّد أو تفريط فال ضمان على واحد منهما‪.‬‬

‫(?) ينظر ‪ :‬شرح اجلصاص على خمتصر الطحاوي ‪ ،384 ،1/383‬وجملة األحكام العدلية املادة ‪768‬‬ ‫‪1‬‬

‫بشرح سليم رستم باز وقوانني األحكام الشرعية ص‪ ،350 ،349‬واألشباه والنظائر للسيوطي ‪،759‬‬
‫والكايف البن قدامة ‪ ،2/282‬وكشاف القناع ‪ ،3/485‬والقواعد واألصول اجلامعة ص‪ 50‬القاعدة الرابعة‬
‫عشرة‪.‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬شرح جملة األحكام العدلية لسليم رستم املادة ‪ ، )768( :‬والفرائد البهية للحمزاوي ص‪،99‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ، 100‬وقوانني األحكام الشرعية البن جزي ص‪ ،350 ،349‬والكايف البن قدامة ‪. 2/282‬‬
‫‪57‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫الضمان في اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫البحث هنا في حكم تضمين األجير الثاني‪ ،‬المستأجر من قبل األجير األول‪ .‬فإذا‬
‫استأجر شخص أجيرًا ليعمل له عمًال معينًا‪ ،‬فإن كان األجير أجيرًا خاصا‪ ،‬فليس داخًال في هذا‬
‫البحث ؛ ألن األجير الخاص ليس له أن يستأجر من يقوم بعمله بدله ‪ ،‬فال إجارة على اإلجارة ‪،‬‬
‫كما سبق ‪.‬‬
‫وإن كان األجير أجيرًا مشتركًا ‪،‬ولم يشترط عليه أن يقوم بالعمل بنفسه واستأجر‬
‫شخصًا آخر يقوم بالعمل بدله فال يخلو إما أن يكون األجير الثاني أجيرًا خاصًا عند األجير‬
‫األول‪ ،‬أو أجيرًا مشتركًا‪ ،‬فإن كان خاصًا ‪ ،‬فال ضمان في اإلجارة الثانية ؛ ألن األجير الخاص‬
‫ال يضمن إال بالتعدي أو التفريط ‪.‬‬
‫وحينئذ فيكون الضمان على األجير األول‪.‬‬
‫وإن كان األجير الثاني أجيرًا مشتركًا فينطبق عليه في مسألة الضمان أمام األجير‬
‫األول‪ ،‬ما ينطبق على األجير األول أمام صاحب العمل‪ .‬وقد اتفق الفقهاء في المذاهب األربعة‬
‫على تضمين األجير المشترك إذا حصل منه تعٍد أو تفريط (‪.)1‬‬
‫وأما إذا لم يحصل منه تعد وال تفريط وأقام البينة على ذلك فقد اتفقت المذاهب‬
‫األربعة في المشهور عندهم ‪.‬‬
‫أنه ال يضمن ‪.‬‬
‫ألن األصل عدم تضمين األجراء (‪.)2‬‬
‫وإن لم يقم البينة على عدم التعدي والتفريط وكان التلف بغير فعله فخالف على ثالثة‬
‫أقوال ‪:‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫أنه ال يضمن ‪ ،‬وإليه ذهب اإلمام أبو حنيفة وزفر‪ ،‬والحسن بن زياد (‪ ، )3‬وهو الصحيح‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬واالختيار لتعليل املختار ‪ 54 / 2‬املقدمات املمهدات ‪،2/243‬‬ ‫‪1‬‬

‫وحاشية الدسوقي ‪ 26 / 4‬واحلاوي ‪ ،7/426‬واملهذب ‪ 408 / 1‬واإلنصاف ‪ 6/72‬وكشاف القناع‬


‫‪. 33 / 4‬‬
‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬والدخرية ‪ ،5/502‬واملهذب ‪ ،1/408‬واإلنصاف ‪. 6/72‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬وتبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪58‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫عند الشافعية (‪ ،)1‬ومذهب الحنابلة (‪. )2‬‬


‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫ما ورد عن علي ‪ ‬أنه قال بعدم تضمين األجير المشترك(‪.)3‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن األصل عدم الضمان إال على المتعدي ‪ .‬ولم يحصل منه تعد؛ ألن التلف‬ ‫‪-2‬‬
‫ليس من صنعه(‪.)4‬‬
‫أن األجير قبض العين بإذن مالكها فال يضمنها قياسًا على الوديعة والعارية‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫والمضاربة (‪.)5‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫أنه يضمن ‪ .‬وإليه ذهب المالكية (‪ ،)6‬وهو قول عند الشافعية (‪ ،)7‬ورواية عند الحنابلة‬
‫(‪.)8‬‬
‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬حديث سمرة ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪" :‬على اليد ما أخذت حتى تؤدي"(‪.)9‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأن الحديث ضعيف ‪ .‬وأنه ال يتناول اإلجارة ‪.‬‬
‫‪ )2‬ما ورد عن عمر وعلي أهنما قاال بتضمني األجري املشرتك ‪.‬‬
‫ونوقش‪ ،‬بأنه مل يثبت (‪ )10‬وأنه معارض مبا ورد أن عليًا قال بعدم تضمينه ‪.‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬مغين املختاج ‪. 2/357‬‬ ‫‪1‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫‪2‬‬

‫(?) أخرجه البيهقي يف السنن الكربى يف كتاب اإلجارة باب ما جاء يف تضمني األجراء ‪.60/122‬‬ ‫‪3‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫‪4‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪ ،5/135‬واملغين ‪. 8/113‬‬ ‫‪5‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬جواهر اإلكليل ‪. 191 ،2/190‬‬ ‫‪6‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬احلاوي ‪. 7/426‬‬ ‫‪7‬‬

‫(?) ينظر‪ :‬اإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫‪8‬‬

‫(?) أخرجه أبو داود هبذا اللفظ يف سننه يف كتاب البيوع‪ ،‬باب يف تضمني العارية ‪ . 3/526‬وأخرجه‬ ‫‪9‬‬

‫الرتمذي يف جامعه يف كتاب البيوع ‪ ،‬باب ما جاء يف أن العارية مؤداه ‪ ، 3/557‬وابن ماجه يف سننه يف‬
‫كتاب الصدقات ‪ ،‬باب العارية ‪ ،2/802‬وذكر أهل السنن ‪ :‬أن هذا احلديث ضعيف ألنه من رواية احلسن‬
‫عن مسرة‪ ،‬واحلسن مدلس رواه عنه بالعنعنة ‪ .‬ينظر‪ :‬نصب الراية ‪ ،4/167‬والتلخيص احلبري ‪،3/53‬‬
‫وإرواء الغليل ‪. 5/348‬‬
‫(?) نصب الراية ‪ ،4/141‬والتلخيص احلبري ‪،3/61‬‬ ‫‪10‬‬
‫‪59‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ )3‬أن األجير قد قبض العين لمصلحة نفسه ‪ ،‬فلزمه ضمانها كالمستعير (‪. )1‬‬
‫ونوقش ‪ :‬بأن القياس على المستعير قياس مع الفارق؛ ألن المستعير ينفرد بنفع العين‬
‫بخالف األجير ألن النفع مشترك بينه وبين صاحب العين؛ هذا في االنتفاع بالعين وذلك‬
‫باألجرة ‪.‬‬
‫‪ )4‬أن المعقود عليه – هنا – هو الحفظ ‪ ،‬فال بد أن يكون سليمًا من العيب؛ ألن عقد‬
‫المعاوضة يقتضي سالمة المعقود عليه‪ ،‬فإذا هلك تبين أن الحفظ لم يكن سليمًا ‪ ،‬فيجب‬
‫الضمان‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬بعدم التسليم أن المعقود عليه هو الحفظ بل المعقود عليه هو الضمان‪،‬‬
‫والحفظ يجب تبعًا ال قصدًا‪ .‬ولو كان المعقود عليه هو الحفظ لكان له حصة من األجر(‪.)2‬‬
‫‪ )5‬أنه لو قيل بعدم التضمين الدعى كثير من األجراء هالك األموال وأكلوها بالباطل‪.‬‬
‫ونوقش‪ :‬بأن هذا مقصود فيما إذا كان الهالك بفعله والعين تحت يده‪ ،‬أما إذا هلك‬
‫بغير فعله فاألصل أن األجير مؤتمن ‪ ،‬وال يترك هذا األصل من أجل التهمة‪.‬‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫التفصيل‪ :‬إن كان التلف بما يمكن التحرز منه‪ :‬ضمن وإال فال ‪ .‬وإليه ذهب أبو يوسف‬
‫ومحمد بن الحسن (‪ ،)3‬وهو رواية عند الحنابلة (‪.)4‬‬
‫واستدلوا على التضمين في حالة إمكان التحرز بأدلة القائلين بالتضمين مطلقًا‪.‬‬
‫ونفوا الضمان في حالة عدم إمكان التحرز ‪ ،‬النتفاء التهمة ألن التلف حينئذ يكون بأمر‬
‫عام يمكن معرفته (‪.)5‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫من خالل النظر في هذه األقوال ‪ ،‬وما ورد على أدلتها من مناقشة ‪ ،‬يظهر – واهلل أعلم‬
‫بالصواب – رجحان القول األول القائل بعدم التضمين ‪ .‬لقوة أدلته ‪ ،‬ولما ورد على أدلة‬
‫القولين اآلخرين من مناقشة ‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬واملغين ‪. 8/113‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪1‬‬

‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 135 ،5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،4/210‬ورد احملتار ‪. 6/65‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬املغين ‪ ،8/112‬واإلنصاف ‪. 6/73‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر‪ :‬البدائع ‪ ،4/210‬وتبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬


‫‪60‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫أن يكون التلف بفعل األجير المشترك‪.‬‬


‫وحينئذ فللفقهاء تفصيل في التفريق بينما إذا كان األجير يعمل تحت يد صاحب العمل‪،‬‬
‫أو كان يعمل خارج يده فإن كان يعمل تحت يد صاحب العمل فجمهور الفقهاء على أنه ال‬
‫يضمن ألنه حينئذ كاألجير الخاص ‪ ،‬وال ضمان على الخاص‪ ،‬وألنه لم يقبض العين موضع‬
‫العمل‪ ،‬فال تزال يد رب العمل عليها‪ .‬وهذا هو مذهب الحنفية (‪ ، )1‬والمالكية (‪ ، )2‬والشافعية‬
‫(‪ ، )3‬وقول عند الحنابلة (‪.)4‬‬
‫وخالف الحنابلة في مشهور المذهب (‪ )5‬فقالوا بالضمان مستدلين بأن التلف حصل‬
‫بجناية يده فيضمن ‪ ،‬وقياسًا على ضمان الطبيب والختان (‪.)6‬‬
‫ونوقش ذلك بأن التهمة المتوجهة إلى األجير ضعيفة واألصل عدم الضمان‪ ،‬والقياس‬
‫على الطبيب قياس على موضع خالف‪ ،‬فالطبيب والختان ال يضمنان على الراجح إال بالتعدي‬
‫أو التفريط (‪ ، )7‬فيترجح هنا القول بعدم التضمين‪.‬‬
‫وإن كان يعمل خارج يد رب العمل فقد اختلف الفقهاء في تضمينه حينئذ على قولين ‪:‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫أنه يضمن ‪ .‬وإليه ذهب الحنفية (‪ . )8‬وهو مقتضى مذهب المالكية (‪ )9‬وقول عند‬
‫الشافعية (‪ ، )10‬والحنابلة (‪ )11‬واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن األجير قبض العين فوجب عليه ضمانها؛ ألن الضمان يجب بالقبض(‪.)12‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫(?)‬ ‫‪1‬‬

‫الشرح الكبري ‪. 4/28‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪2‬‬

‫هناية احملتاج ‪. 5/310‬‬ ‫(?)‬ ‫‪3‬‬

‫املغين ‪. 8/104‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪4‬‬

‫اإلنصاف ‪ ،6/76‬وشرح املنتهى ‪. 2/378‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬

‫املغين ‪ ، 8/105‬والروض املربع ‪. 5/340‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪6‬‬

‫رسالة عقد املقاولة ‪ ،‬للعايد ص‪. 249‬‬ ‫(?)‬ ‫‪7‬‬

‫ينظر‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/134‬‬ ‫(?)‬ ‫‪8‬‬

‫ينظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪ ،2/232‬واملنتقى ‪ ، 6/71‬وأسهل املدارك ‪. 2/325‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪9‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬وهناية احملتاج ‪. 5/310‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪10‬‬

‫ينظر‪ :‬كشاف القناع ‪ ، 4/34‬وشرح املنتهى ‪. 2/378‬‬ ‫(?)‬ ‫‪11‬‬

‫بدائع الصنائع ‪. 4/210‬‬ ‫(?)‬ ‫‪12‬‬


‫‪61‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ )2‬أن التلف حصل بفعل غير مأذون فيه‪ ،‬فيضمن (‪.)13‬‬


‫القول الثاني‪:‬‬
‫أنه ال يضمن ‪ .‬وإليه ذهب زفر (‪ ، )2‬وهو الصحيح في مذهب الشافعية (‪.)3‬‬
‫واستدلوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬أن الفعل الذي حصل بسببه التلف مأذون فيه فال يجتمع معه الضمان(‪.)4‬‬
‫ونوقش بأن المأذون فيه هو الفعل الصحيح ‪ .‬ال المفسد؛ ألن مطلق عقد المعاوضة‬
‫يقتضي سالمة المعقود عليه فإذا تلف كان التلف حاصًال بفعل غير مأذون فيه (‪.)5‬‬
‫‪ )2‬أن األجير أخذ العين لمنفعة نفسه‪ ،‬ولمنفعة رب العمل‪ ،‬فال يضمن قياسًا على‬
‫المضارب‪.‬‬
‫ونوقش بأن التلف إذا كان بفعله وتحت يده‪ ،‬فإن التهمة تقوى في حقه بأنه تعدى أو‬
‫فرط ‪ .‬فالمصلحة في تضمينه‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫وعلى ما سبق يتضح رجحان القول بتضمينه ‪.‬‬
‫وعلى ما تقرر هنا في تضمين األجير المشترك أمام صاحب العمل أو عدم تضمينه‬
‫يتقرر الحكم في تضمين األجير المشترك الثاني أمام األجير األول؛ ألن األجير الثاني أمام‬
‫األجير األول‪ ،‬كاألجير األول أمام صاحب العمل‪ ،‬يضمن فيما يضمن فيه‪ ،‬وال يضمن فيما ال‬
‫يضمن فيه‪ ،‬وعليه فيتلخص الضمان في اإلجارة الثانية (اإلجارة على اإلجارة) في اآلتي‪:‬‬
‫‪ )1‬في حال التعدي والتفريط مطلقًا‪.‬‬
‫‪ )2‬إذا كان أجيرًا مشتركًا ‪ ،‬والعمل ليس تحت يد صاحب العمل ‪ .‬وال يضمن ‪ :‬إذا‬
‫لم يحصل تعٍّد وال تفريط والعمل تحت يد صاحب العمل ‪.‬‬

‫تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪13‬‬

‫تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪2‬‬

‫ينظر‪ :‬املهذب ‪ ،1/408‬ومغين احملتاج ‪. 2/351‬‬ ‫( ?)‬ ‫‪3‬‬

‫ينظر ‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪4‬‬

‫ينظر ‪ :‬تبيني احلقائق ‪. 5/135‬‬ ‫(?)‬ ‫‪5‬‬


‫‪62‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المبحث الخامس‬
‫التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫عرفنا فيما سبق إن اإلجارة قد تكون واردة على األعيان من غير اآلدميين لمدة معينة ‪،‬‬
‫كاستئجار العقار ‪ ،‬ودواب الركوب ‪ ،‬وآالت الحرث‪ ،‬وجميع األشياء الداخلة تحت ضابط ما‬
‫تصح إجارته ‪.‬‬
‫وقد تكون واردة على عين اآلدمي لمدة معينة‪ ،‬في إجارة األجير الخاص‪ ،‬وقد تكون‬
‫واردة على عمل في الذمة في إجارة األجير المشترك والناظر لإلجارة على اإلجارة في مسائلها‬
‫وصورها القديمة يلحظ أنه يمكن تطبيقها في صور جديدة معاصرة‪ ،‬بل إنها يمكن أن تكون‬
‫مجاًال استثماريًا معاصرًا سليمًا من التعامالت المحّر مة‪.‬‬
‫سواء فيما يتعلق بإجارة األعيان زمنًا معينًا ‪ ،‬أو فيما يتعلق بإجارة األشخاص‪.‬‬
‫وبيان ذلك في المطلبين اآلتيين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة األشياء‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب األول‬
‫في إجارة األشياء‪:‬‬
‫خلص البحث في مسائل اإلجارة على اإلجارة في إجارة األعيان المؤجرة أنه ليس للمالك أن‬
‫يؤجر العين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة لشخص يحل محله أمام المستأجر األول‪ ،‬كما ترجح‬
‫أنه يحق للمستأجر أن يؤجر العين التي استأجرها‪ ،‬مّد ة معينة لشخص آخر يحل محله في‬
‫االنتفاع بهذه العين خالل مّد ة اإلجارة بشروط معينة‪ .‬وهذا اإليجار الثاني هو ما يعرف في‬
‫التعامل المعاصر باإليجار من الباطن ‪ ,‬وإليجار من الباطن يرد في إجارة األشياء ‪ ،‬ويرد كذلك‬
‫في إجارة األشحاص ‪.‬أما في إجارة األشخاص فسيأتي الكالم عنها في المطلب الثاني ‪.‬‬
‫وأما في إجارة األشياء فهو مجال خصب لالستثمار في التطبيقات المعاصرة أمام المستثمرين‬
‫من أصحاب رؤوس األموال والشركات العقارية ‪ ،‬والمؤسسات المصرفية والبنوك اإلسالمية‬
‫وغيرها وعلى سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬
‫يقوم البنك أو المصرف أو الشركة أو المؤسسة العقارية أو حتى فرد أو أفراد‬
‫باستئجار منشأة عقارية كعمارة‪ ،‬أو مركز تجاري أو نحوهما‪ ،‬من المالك لمّد ة معينة بأجرة‬
‫معلومة ‪.‬‬
‫ثم يقوم هذا المستثمر بتأجير وحدات العمارة على المنتفعين بالسكنى‪ ،‬وتأجير‬
‫وحدات المركز التجاري على المنتفعين بهذه الوحدات لبيع سلعهم…‬
‫فهنا المستأجر األول استأجر العمارة أو المركز التجاري جملة ‪ ،‬وأجر الوحدات‬
‫تجزئة على المنتفعين ‪ .‬وفي هذا النوع من التعامل مصلحة لكل من المالك والمستثمر ‪.‬‬
‫فمصلحة المالك تتحقق في أمور منها‪:‬‬
‫‪ )1‬التعامل مع شخص واحد‪ ،‬أو جهة واحدة‪ ،‬بدل أن يتشتت ذهنه وجهده أمام العدد‬
‫الكثير من الناس ‪ .‬فتتحق له مصلحة الراحة بالتعامل مع شخص واحد‪.‬‬
‫‪ )2‬تجميع األجرة ‪ ،‬بدل أن يتتبع المستأجرين واحدًا واحدًا ‪ ،‬ويجمع األجرة منهم‪،‬‬
‫بأخذها مجتمعة من واحد‪.‬‬
‫‪ )3‬مصلحة استيعاب جميع الوحدات باإلجارة ‪ ،‬وفي ذلك ضمان من كساد بعض‬
‫الوحدات لعدم الرغبة فيها‪.‬‬
‫‪ )4‬ضمان تسليم كامل األجرة‪ ،‬مقابل امتناع بعض المستأجرين من السداد أو تأخرهم‬
‫‪ ،‬كما هو حاصل عند كثير من المستأجرين ‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫هذه المصالح وغيرها‪ ،‬يتنازل بموجبها المالك عن كثير من األجرة للمستثمر ‪.‬‬
‫وبالمقابل يتحقق للمستثمر عّد ة مصالح أيضًا‪ :‬منها‪:‬‬
‫‪ )1‬تخفيض كامل األجرة‪ ،‬مما يتحقق به االستثمار المنشود‪.‬‬
‫‪ )2‬تأجير الوحدات بأجرة أكثر مما كلفته مقابل التجزئة ‪ ،‬ومقابل أتعاب مالحقة‬
‫المستأجرين أو كساد بعض الوحدات أو انخفاض أجورها‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫المطلب الثاني‬
‫التطبيق المعاصر لإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص‬

‫سبق أن عرفنا أن إجارة األشخاص نوعان‪ .‬اإلجارة في استئجار األجير الخاص‪،‬‬


‫واإلجارة في استئجار األجير المشترك ‪.‬‬
‫وعلى ما تقرر في إجارة األجير الخاص‪ ، ،‬وأن المستأجر يستحق نفع األجير خالل‬
‫مّد ة اإلجارة وأن األجير الخاص ليس له أن ينيب من يقوم بالعمل المستأجر له إال بإذن صاحب‬
‫العمل‪ ،‬فيقرر في التطبيقات المعاصرة ذلك‪ ،‬وعليه فليس للموظف في المجال الحكومي أو في‬
‫المجال الخاص ‪ ،‬في الشركات والمؤسسات واألفراد ‪ ،‬أن يستأجر من يقوم بالعمل نيابة عنه‪،‬‬
‫إال بإذن الدولة أو الشركة أو صاحب العمل ألن كل واحد من هؤالء ‪ ،‬أجيرًا خاصًا تستحق‬
‫الدولة أو الشركة أو المؤسسة أو الفرد نفعه في وقت دوامه أو عمله‪.‬‬
‫وعلى ما قرره الفقهاء في إجارة األجير المشترك ‪ ،‬وأنه يحق له أن يقيم بدله من يقوم‬
‫بالعمل المستأجر إلنجازه بشروط معينة يتقرر في التطبيقات المعاصرة لألجير المشترك جواز‬
‫اإلجارة على اإلجارة؛ فكل ما يدخل في التعامالت المعاصرة في األجير المشترك من بنائين‬
‫وسباكين وكهربائيين ومهندسي ورش ومقاولين ومتعهدي أعمال…الخ ‪.‬‬
‫يحق لكل من هؤالء ونحوهم أن يستأجر من يقوم بالعمل الذي استؤجر هو للقيام به‬
‫بالشروط السابقة ‪.‬‬
‫ويعرف هذا النوع من التأجير في التعامل المعاصر‪ :‬التأجير من الباطن‪ - ،‬كما سبق ‪-‬‬
‫أو المقاولة من الباطن (‪.)1‬‬
‫وعرفت المقاولة من الباطن بأنها ‪:‬‬
‫"اتفاق بين المقاول األصلي ومقاول آخر على أن يقوم الثاني بتنفيذ األعمال المسندة‬
‫إلى األول أو جزء منها مقابل أجر" (‪.)2‬‬
‫وعلى هذا يمكن أن تسمى اإلجارة على اإلجارة في إجارة األشخاص إجارة من الباطن‬
‫‪ ،‬ويكون تعريفها ‪:‬‬
‫اتفاق بين األجير األول وأجير ثاٍن على أن يقوم األجير الثاني بالعمل الذي أسند إلى‬
‫األول أو جزء منه مقابل أجرة معينة‪.‬‬
‫(?) ينظر ‪ :‬الوسيط ‪ ،7/208‬وعقد املقاولة حملمد عبدالرحيم عنرب ص‪ ، 247‬وعقد املقاولة للدكتور‬ ‫‪1‬‬

‫عبدالرمحن العايد ص‪. 294‬‬


‫(?) املصادر السابقة‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪66‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫وصور هذا النوع من التأجير في الزمن المعاصر كثيرة ومتنوعة والمقصود ‪ :‬التنبيه‬
‫على أصل هذا التأجير وإمكانية تطبيقه في الواقع المعاصر إذا تحققت شروطه‪ ،‬المشار إليها‬
‫(‪. )3‬‬
‫وأن الضمان في ذلك مبني على قاعدة الضمان في إجارة األجير المشترك ‪.‬‬

‫هذا واهلل أعلم وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫(?) ينظر ‪ :‬ص ‪ 50‬من البحث ‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪67‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الخاتمة‬

‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصالة والسالم على خير خلقه محمد بن‬
‫عبداهلل وعلى آله وصحبه‪ ...‬وبعد ‪:‬‬
‫فقد تبين من خالل هذا البحث في مسألة اإلجارة على اإلجارة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن عقد اإلجارة عقد الزم من الطرفين ال يحل ألحدهما فسخه من دون إذن‬
‫اآلخر ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنه إذا لزم العقد فيقتضي ملك المستأجر لمنفعة العين المؤجرة بحيث يحق له‬
‫التصرف فيها باالنتفاع بنفسه أو بنائبه‪ ،‬أو بإجارته على المالك أو غيره بشرط‬
‫عدم تجاوز ما استؤجرت له العين ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن تصرفات المالك الناقلة لملكية العين المؤجرة صحيحة نافذة وال يمنعها تعلق‬
‫حق المستأجر بمنفعتها‪ ،‬إلمكان المستأجر من استيفاء حقه مع انتقال الملكية ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أنه يحق للمالك أن يؤجر العين أثناء ُمدة اإلجارة األولى على شخص آخر مّد ة‬
‫أخرى بعد انتهاء عقد اإلجارة األول ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ال يحق للمالك أن يؤجر العين المؤجرة خالل مّد ة اإلجارة على شخص آخر‬
‫بحيث يرد العقد على المدة األولى‪ .‬كما ال يحق له أن يؤجرها على من يحل‬
‫محله ألخذ األجرة من المستأجر األول ‪.‬‬
‫‪ – 6‬أن اإلجارة على اإلجارة في حاالت الجواز يمكن أن تتعدد صور التعامل بها‬
‫لتكون وسيلة من وسائل المؤسسات المالية المعاصرة في االستثمار المباح ‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فهرس المراجع‬
‫االختيارات الفقهية ‪ ،‬للعالمة الشيخ أبي الحسن علي بن محمد بن عباس‬ ‫‪-1‬‬
‫البعلي ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ‪ ،‬تأليف محمد ناصر الدين‬ ‫‪-2‬‬
‫األلباني‪ ،‬الطبعة األولى‪1399 ،‬هـ‪ ،‬المكتب اإلسالمي ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫أسنى المطالب شرح روض الطالب ‪ ،‬تأليف زكريا األنصاري الشافعي ت (‬ ‫‪-3‬‬
‫‪926‬هـ) ‪ ،‬دار الكتاب اإلسالمي ‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه اإلمام مالك ‪ ،‬ألبي بكر بن حسن‬ ‫‪-4‬‬
‫الكشناوي ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية‪ ،‬لإلمام جالل الدين السيوطي‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ ،‬تحقيق المعتصم باهلل البغدادي‪ ،‬دار الكتاب العربي ‪ ،‬بيروت الطبعة األولى‪.‬‬
‫إعانة الطالبين ‪ ،‬للعالمة السيد أبي بكر المشهور بالسيد البكري‪ ،‬الطبعة الرابعة‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫أعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬لشمس الدين أبي عبداهلل محمد بن أبي بكر‬ ‫‪-7‬‬
‫بن قيم الجوزية‪ ،‬المتوفى سنة ‪751‬هـ)‪ ،‬تحقيق ‪ :‬محمد محيي الدين‬
‫عبدالحميد ‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ،‬تأليف ‪ :‬الشيخ محمد بن أحمد الشربيني‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫الناشر‪ :‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫اإلقناع في فقه اإلمام أحمد بن حنبل ‪ ،‬ألبي النجا شرف الدين موسى‬ ‫‪-9‬‬
‫الحجاوي المقدسي ‪ ،‬المتوفى سنة (‪968‬هـ) ‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫توزيع دار البار‪.‬‬
‫‪ -10‬اإلقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ‪ ،‬للشيخ شمس الدين محمد بن محمد‬
‫الخطيب الشربيني ‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -11‬األم‪ ،‬لإلمام محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬طبعة دار الشعب ‪.‬‬
‫‪ -12‬اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد بن حنبل ‪،‬‬
‫تأليف‪ :‬عالء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1377‬هـ‪1958/‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -13‬البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬للعالمة زين الدين ابن نجيم الحنفي‪ ،‬الطبعة‬
‫‪69‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الثالثة ‪1413‬هـ‪1993/‬م ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬


‫‪ -14‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام عالء الدين أبوبكر مسعود‬
‫الكاساني الحنفي‪( ،‬ت‪587‬هـ) ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1417‬هـ‪1997/‬م ‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -15‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد ‪ ،‬تأليف ‪ :‬محمد بن أحمد بن رشد القرطبي‪،‬‬
‫أبي الوليد ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1398‬هـ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -16‬بلغة السالك ألقرب المسالك إلى مذهب اإلمام مالك‪ ،‬للصاوي ‪ ،‬دار المعرفة‬
‫‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -17‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي (ت‬
‫‪743‬هـ) ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -18‬تحفة الفقهاء ‪ ،‬لعالء الدين محمد السمرقندي (ت‪÷540‬ـ) ‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1414 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -19‬التاج واإلكليل بهامش كتاب مواهب الجليل ‪ ،‬ألبي عبداهلل محمد بن يوسف‬
‫العبدري (ت‪897‬هـ) ‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -20‬تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج البن الملقن (ت‪804‬هـ) ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1406‬هـ‪ ،‬دار حراء ‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -21‬التفريع ‪ ،‬لعبداهلل بن الحسين بن جالب‪( ،‬ت‪378‬هـ)‪ ،‬تحقيق‪ :‬الدكتور زبن‬
‫سالم الدهماني‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408 ،‬هـ‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -22‬تهذيب السنن ‪ ،‬البن قيم الجوزية ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد شاكر‪ ،‬محمد الفقي ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة ‪ ،‬بيروت ‪1400 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -23‬جواهر اإلكليل شرح مختصر خليل في مذهب اإلمام مالك‪ ،‬للشيخ صالح‬
‫عبدالسميع اآلبي الزهري‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -24‬الحاوي الكبير في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬وهو شرح مختصر المزني‪ ،‬تصنيف‬
‫أبي الحسن على بن محمد بن حبيب الماوردي‪ ،‬تحقيق وتعليق الشيخ ‪ :‬علي‬
‫محمدمعوض والشيخ عادل أحمد عبدالموجود‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪ ،‬بيروت ‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪ -25‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬تأليف ‪ :‬محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬طبعة دار‬
‫الفكر ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -26‬حاشية قليوبي وعميرة ‪ ،‬لإلمامين ‪ :‬شهاب الدين القليوبي‪ ،‬والشيخ عميرة‪،‬‬


‫على شرح جالل الدين المحلى على منهاج الطالبين ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‬
‫‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -27‬رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين ‪ ،‬للعالمة ‪ :‬محمد‬
‫أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي (ت‪1252‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1419‬هـ‪1998/‬م)‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -28‬الروض المربع بحاشية عبدالرحمن بن قاسم‪ ،‬الطبعة السادسة ‪1414‬هـ‪/‬‬
‫‪1994‬م ‪.‬‬
‫‪ -29‬روضة الطالبين‪ ،‬لإلمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي (ت‬
‫‪676‬هـ)‪ ،‬المكتب اإلسالمي للطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -30‬سنن ابن ماجة‪ ،‬للحافظ أبي عبداهلل محمد بن يزيد القزويني ‪ ،‬المتوفى سنة (‬
‫‪275‬هـ)‪ ،‬حقق نصوصه‪ ،‬ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي‪،‬‬
‫الناشر‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -31‬سنن أبي داود ‪ ،‬لإلمام الحافظ أبي داود سليمان بن األشعث السجتاني‪،‬‬
‫راجعه ‪ ،‬وضبط أحاديثه وعلق عليه‪ :‬محمد محيي الدين عبدالحميد‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫دار إحياء السنة النبوية‪.‬‬
‫‪ -32‬سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح ‪ ،‬لإلمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن‬
‫سورة الترمذي (ت‪279‬هـ) ‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -33‬سنن الدراقطني‪ ،‬تأليف شيخ اإلسالم اإلمام الكبير علي بن عمر الدارقطني‪،‬‬
‫المتوفى سنة (‪385‬هـ)‪ ،‬وبذيله التعليق المغني على الدارقطني‪ ،‬تأليف ‪ :‬أبي‬
‫الطيب محمد شمس الحق‪ ،‬عالم الكتب‪.‬‬
‫‪ -34‬السنن الكبرى‪ ،‬لإلمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت‪458‬هـ)‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية في الهند ‪1344‬هـ‪.‬‬
‫‪ -35‬سنن النسائي‪ ،‬مع شرح الحافظ جالل الدين السيوطي‪ ،‬وحاشية اإلمام‬
‫السندي‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -36‬شرح ألفاظ الواقفين والقسمة على المستحقين ‪ ،‬ألبي زكريا يحيى بن محمد‬
‫الرعيني الطرابلسي المكي‪ ،‬المعروف بالحطاب (ت‪995‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1415‬هـ‪1995/‬م ‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -37‬شرح روض الطالب من أسنى المطالب ‪ ،‬لإلمام أبي يحيى زكريا األنصاري‬
‫الشافعي‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -38‬شرح الزرقاني على مختصر خليل ‪ ،‬لعبدالباقي الزرقاني‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬بيروت‬
‫‪1398‬هـ‪.‬‬
‫‪ -39‬شرح الزركشي على مختصر الخرقي في الفقه على مذهب اإلمام أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬تأليف‪ :‬شمس الدين محمد عبداهلل الزركشي المصري‪( ،‬ت‪772‬هـ)‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ -40‬الشرح الصغير‪ ،‬تأليف ‪ :‬أحمد بن محمد الدردير‪ ،‬موجود بهامش بلغة السالك‬
‫ألقرب المسالك ‪ ،‬طبعة عام ‪1398‬هـ‪ ،‬عن دار المعرفة للطباعة‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -41‬الشرح الكبير‪ ،‬تأليف‪ :‬أبي البركات أحمد الدردير‪ ،‬مطبعة دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -42‬الشرح الكبير على متن المقنع‪ ،‬للشيخ ‪ :‬شمس الدين أبي الفراج عبدالرحمن‬
‫أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت‪682‬هـ)‪ ،‬جامعة اإلمام محمد‬
‫بن سعود‪ ،‬كلية الشريعة ‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -43‬شرح معاني اآلثار‪ ،‬لإلمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي‪ ،‬حققه‬
‫وعلق عليه ‪ :‬محمد زهري النجار‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪ -44‬شرح منتهى اإلرادات‪ ،‬للشيخ العالمة‪ :‬منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‬
‫(ت‪1051‬هـ)‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -45‬صحيح البخاري مع الفتح تصحيح وتعليق وإشراف عبدالعزيز بن عبداهلل بن‬
‫باز‪ ،‬وترقيم محمد فؤاد عبدالباقي ‪ ،‬نشر إدارات البحوث العلمية واإلفتاء‬
‫والدعوة واإلرشاد في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫‪ -46‬صحيح مسلم ‪ ،‬المؤلف‪ :‬أبي الحسن مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري‬
‫(ت‪261‬هـ) ‪ ،‬تحقيق وتصحيح ‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقي‪ ،‬نشر وتوزيع‪ :‬رئاسة‬
‫إدارة البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد بالمملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫تاريخ الطبعة (‪1400‬هـ‪1980/‬م)‪.‬‬
‫‪ -47‬عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة ‪ ،‬تأليف جالل الدين عبداهلل بن‬
‫نجم بن شاس ‪( ،‬ت‪616‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1415‬هـ‪1995/‬م ‪ ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -48‬عقد المقاولة ‪ ،‬دراسة مقارنة بين تشريعات الدول العربية ‪ ،‬تأليف محمد‬
‫عبدالرحيم عنبر ‪ ،‬طبعة ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -49‬عقد المقاولة‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬إعداد د‪ .‬عبدالرحمن بن عايد العابد‪ ،‬إشراف‬
‫األستاذ الدكتور صالح بن عثمان الهليل‪.‬‬
‫‪ -50‬الفتاوى الهندية ‪ ،‬المسماة بالفتاوى العالمكيرية للعالمة الشيخ نظام وجماعة‬
‫من علماء الهند األعالم ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت الطبعة األولى‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -51‬فتح الباري شرح صحيح اإلمام أبي عبداهلل محمد بن إسماعيل البخاري‪،‬‬
‫لإلمام أحمد بن علي بن حجر العسقالني‪ ،‬نشر وتوزيع ‪ :‬إدارة البحوث العلمية‬
‫واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪.‬‬
‫‪ -52‬فتح القدير شرح الهداية ‪ ،‬تأليف الشيخ‪ :‬كمال الدين محمد بن عبدالواحد بن‬
‫عبدالحميد السيواسي المعروف بابن همام (ت‪816‬هـ)‪ ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -53‬فتح المعين المطبوع بهامش إعانة الطالبين ‪ ،‬تأليف الشيخ ‪ :‬زين الدين ابن‬
‫الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الشافعي الملباري ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العرير ‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪.‬‬
‫‪ -54‬فتح الوهاب بشرح منهج الطالب ‪ ،‬ألبي يحيى زكريا األنصاري‪( ،‬ت‬
‫‪926‬هـ) ‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر‪.‬‬
‫‪ -55‬الفروع‪ ،‬لشمس الدين محمد بن مفلح المقدسي ‪ ،‬المتوفى سنة (‪763‬هـ)‪،‬‬
‫ومعه تصحيح الفروع للمرداوي ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1405‬هـ‪1985/‬م ‪ ،‬عالم‬
‫الكتب‪.‬‬
‫‪ -56‬القواعد في الفقه اإلسالمي‪ ،‬للحافظ أبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -57‬قوانين األحكام الشرعية ‪ ،‬للشيخ ‪ :‬محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي‬
‫المالكي‪ ،‬تحقيق ومراجعة ‪ :‬عبدالرحمن حسن محمود‪ ،‬الناشر‪ :‬عالم الفكر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ -58‬الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ‪ ،‬ألبي عمر يوسف بن عبداهلل بن عبدالبر‬
‫النمري القرطبي ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني ‪ ،‬مكتبة الرياض‬
‫‪73‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫الحديثة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1398‬هـ‪.‬‬


‫‪ -59‬الكافي في فقه اإلمام المبجل أحمد بن حنبل ألبي محمد موفق الدين ابن قدامة‬
‫المقدسي‪ ،‬المكتب اإلسالمي ‪ ،‬دمشق – بيروت ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1399‬هـ‪.‬‬
‫‪ -60‬كشاف القناع عن متن اإلقناع‪ ،‬للشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي‪،‬‬
‫عالم الكتب ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -61‬اللباب في شرح الكتاب‪ ،‬تأليف الشيخ ‪ :‬عبدالغني الغنيمي الدمشقي الميداني‬
‫الحنفي‪1400 ،‬هـ‪1980/‬م‪ ،‬المكتبة العلمية بيروت‪.‬‬
‫‪ -62‬المبدع في شرح المقنع ‪ ،‬ألبي إسحاق برهان الدين بن محمد بن عبداهلل بن‬
‫محمد بن مفلح الراميني الحنبلي (ت‪884‬هـ)‪ ،‬طبع المكتب اإلسالمي ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪.‬‬
‫‪ -63‬المبسوط ‪ ،‬لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي ‪ ،‬تصنيف‬
‫الشيخ‪ :‬خليل الميس مدير أزهر لبنان ‪ ،‬الناشر‪ :‬دار المعرفة ‪ ،‬بيورت ‪ ،‬طبعة‬
‫‪1414‬هـ‪1993/‬م ‪.‬‬
‫‪ -64‬مجمع األنهر شرح ملتقى األبحر ‪ ،‬تأليف شيخ زادة ‪ :‬عبدالرحمن بن شيخ‬
‫محمد بن سليمان‪ ،‬وملتقى األبحر ‪ ،‬إلبراهيم بن محمد الحلبي (ت‪956‬هـ) ‪،‬‬
‫طبعة عثمانية ‪1327‬هـ‪.‬‬
‫‪ -65‬مجموع فتاوى شيخ اإلسالم أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ‪ ،‬جمع وترتيب‬
‫الشيخ عبدالرحمن بن قاسم – رحمه اهلل ‪ ، -‬مطابع دار العربية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫مصور عن الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -66‬مختصر الطحاوي ألبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي‪ ،‬تحقيق أبي الوفاء‬
‫األفغاني‪ ،‬دار إحياء العلوم ‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة األولى ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -67‬المدونة الكبرى ‪ ،‬لإلمام مالك بن أنس (ت‪679‬هـ) ‪ ،‬رواية سحنون عن ابن‬
‫القاسم ‪ ،‬دار الفكر – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -68‬المستدرك على الصحيحين ‪ ،‬للحافظ أبي عبداهلل الحاكم النيسابوري ‪ ،‬دار‬
‫المعرفة – بيروت ‪.‬‬
‫‪ -69‬المصنف ‪ ،‬للحافظ أبي بكر عبدالرزاق بن همام الصنعاني ‪ ،‬تحقيق ‪ :‬حبيب‬
‫الرحمن األعظمي‪ ،‬من منشورات المجلس العلمي في الهند‪ ،‬توزيع المكتب‬
‫اإلسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1392‬هـ‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -70‬المسند ‪ ،‬لإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬الناشر ‪ :‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬


‫‪ -71‬مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى‪ ،‬تأليف العالمة‪ :‬مصطفى السيوطي‬
‫الرحيباني ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1415‬هـ‪1994 /‬م‪.‬‬
‫‪ -72‬معونة أولي النهى شرح المنتهى‪" ،‬منتهى الرادادت" ‪ ،‬تصنيف ‪ :‬تقي الدين‬
‫محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار ‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪1416‬هـ‪1996/‬م ‪ ،‬دار خضر ‪.‬‬
‫‪ -73‬المعونة على مذهب عالم المدينة ‪ ،‬للقاضي عبدالوهاب البغدادي (ت‪422‬هـ)‪،‬‬
‫تحقيق د‪ .‬حميش عبدالحق ‪ ،‬مكتبة نزار مصطفى الباز ‪ ،‬مكة المكرمة ‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ -74‬المغني‪ ،‬لموفق الدين أبي محمد عبداهلل بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت‬
‫‪620‬هـ) تحقيق د‪ .‬عبداهلل بن عبدالمحسن التركي‪ ،‬د‪ .‬عبدالفتاح الحلو ‪.‬‬
‫هجر للطباعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة األولى ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -75‬مغني ذوي األفهام‬
‫‪ -76‬مغني المحتاج‪ ،‬للشيخ ‪ :‬محمد الشربيني الخطيب‪ ،‬طبعة شركة مكتبة ومطبعة‬
‫مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر ‪1377 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -77‬المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من األحكام الشرعيات‬
‫والتحصيالت المحكمات ألمهات مسائلها المشكالت‪ ،‬تأليف ‪ :‬أبي الوليد‬
‫محمد بن أحمد بن رشاد القرطبي (ت‪520‬هـ)‪ ،‬الطبعة األولى ‪1408 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1988‬م‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ -78‬المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني ‪ ،‬تأليف‪ :‬اإلمام موفق الدين‬
‫عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة ‪1400 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -79‬منح الجليل شرح مختصر الخليل ‪ ،‬لمحمد عليش ‪ ،‬الطبعة األولى ‪1404‬هـ‪،‬‬
‫دار الفكر ‪ ،‬بيروت ‪.‬‬
‫‪ -80‬المنهاج‪ ،‬لإلمام أبي زكريا بن شرف النووي ‪ ،‬مطبوع مع مغني المحتاج‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪.‬‬
‫‪ -81‬المهذب في فقه اإلمام الشافعي‪ ،‬ألبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف‬
‫الشيرازي‪( ،‬ت‪476‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1379‬هـ‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى‬
‫البابي الحلبي وأوالده بمصر‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫‪ -82‬مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل‪ ،‬ألبي عبداهلل محمد بن حمد بن‬
‫عبدالرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت‪954‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1412‬هـ‪/‬‬
‫‪1992‬م‪ ،‬دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ -83‬الموسوعة الكويتية ‪.‬‬
‫‪ -84‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي‪ ،‬تأليف ‪:‬‬
‫شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي‪،‬‬
‫(ت‪1004‬هـ)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ‪1992/‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪.‬‬
‫‪ -85‬الوجيز في فقه اإلمام الشافعي ألبي حامد الغزالي ‪ ،‬دار الباز ‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -86‬الوسيط في المذهب ‪ ،‬للغزالي‪ ،‬تحقيق ‪ :‬أحمد محمود ‪ ،‬ومحمد ثامر‪ ،‬دار‬
‫السالم ‪ ،‬الطبعة األولى‪1417 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -87‬الهداية ألبي الخطاب الكلوذاني‪ ،‬الطبعة األولى ‪1390 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪76‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫المقدمة‬
‫املقدمة ‪1.................................................................‬‬
‫التمهيد ‪ :‬يف تصرفات املالك الناقلة للملكية يف العني املؤجرة‪4................‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬بيع العني املؤجرة ‪5..........................................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬بيعها للمستأجر ‪5............................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬بيعها لغري املستأجر ‪6..........................................‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬هبة العني املؤجرة ‪8..........................................‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬وقف العني املستأجرة ‪9.......................................‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬الوصية بالعني املؤجرة ‪10......................................‬‬
‫املسألة اخلامسة‪ :‬انتفاع املالك بالعني املستأجرة ‪11.............................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تأجري املستأجر للعني املؤجرة ‪12...............................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تأجريها من مالكها ‪13........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تأجريها من غري مالكها ‪17.....................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة ‪21..................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة أثناء ملدة اإلجارة‬
‫على مدة تلي مدة اإلجارة األوىل ‪22..........................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬تأجري املالك للعني املؤجرة خالل مدة اإلجارة‬
‫من غري املستأجر ‪25.........................................‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬وتأجريها من غري املستأجر لالنتفاع ‪26.........................‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬تأجريها من غري املستأجر ليحل حمله يف استحقاق األجرة‬
‫على املستأجر األول ‪30.......................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬اإلجارة على اإلجارة يف إجارة األشخاص‪47..................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬الضمان يف اإلجارة على اإلجارة ‪51...........................‬‬
‫‪77‬‬ ‫اإلجارة على اإلجارة وتطبيقها المعاصر‬

‫املطلب األول‪ :‬يف إجارة األشياء ‪52.........................................‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬يف إجارة األشخاص ‪53.......................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬التطبيق املعاصر لإلجارة على اإلجارة‪59.....................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬يف إجارة األشياء ‪60..........................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬يف إجارة األشخاص ‪62........................................‬‬
‫اخلامتة ‪64.................................................................‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع ‪65..................................................‬‬
‫فهرس املوضوعات ‪74.......................................................‬‬

You might also like