You are on page 1of 10

‫ضوابط وأصول التقعيد الفقهي‬

‫تقـديـــــــم‪:‬‬

‫ان معرف ة التقعي د الفقهي من مهم ات الش ريعة االس المية‪ ،‬وأخص ص فات أه ل‬

‫االس تنباط من الفقه اء‪ ،‬وبق در االحاط ة ب ه يعظم ق در الفقي ه ويش رف‪ ،‬وتتض ح ل ه من اهج‬

‫الفتوى ‪ 1‬وذلك ألنه يضبط الفروع املتعددة بقانون كلي يوحدها‪.‬‬

‫وبواس طة ه ذه القواع د أيض ا تتكش ف حق ائق الفق ه ومدارك ه ومآخ ذه وأس راره‬

‫وبواس طها يلح ق الفقي ه املس ائل بأش باهها ونظائره ا‪ ،‬مما مل ي رد نص خيص ه من احلوادث‬

‫والوق ائع ال يت ال ح د هلا وال حص ر على م ر الزم ان‪ ،‬هلذا ق ال بعض العلم اء‪ :‬الفق ه معرف ة‬
‫‪2‬‬
‫النظائر‬

‫ق ال االم ام الق رايف " ان من قص ر يف االحاط ة هبذه القواع د الكلي ة تناقض ت علي ه‬

‫الفروع لكثرهتا واختالفها‪ ،‬فتضطرب لذلك نفسه وال يقوى على ضبط اجلزئيات اليت ال‬

‫تتن اهى أم ا من ض بط ه ذه الف روع بقواع دها اس تغىن عن حف ظ اجلزئي ات ألهنا تن درج يف‬

‫الكليات " ‪. 3‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة كتاب الفروق لالمام القرافي ‪ ،‬و انظر كتاب تقرير القواعد و تحرير الفوائد ‪ ،‬البن رجب الحنبلي‬
‫‪ ، 1/4‬تحقيق مشهور بن حسن آل سلمان ‪ ،‬دار عفان ‪ ،‬ط ‪ 1419 ، 1‬ه‬
‫‪2‬‬
‫األشباه و النظائر ‪ ،‬السيوطي ‪ ،6 :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1403 ، 1‬ه‬
‫‪3‬‬
‫مقدمة الفروق‬
‫ول وال ه ذه القواع د لبقيت األحك ام فروع ا مش تتة‪ ،‬يص عب استحض ارها‪ ،‬على أن‬

‫هذه القواعد مل تكن يف درجة واحدة من حيث األمهية واالحتجاج هبا واالتساع يف ضم‬

‫أن واع املس ائل‪ ،‬ف ان منه ا من يع د من األمه ات ال يت ال خيل و أثره ا وحاكميته ا ب اب من‬

‫أبواب الفقه‪ ،‬مثل القواعد التالية‪ :‬األمور مبقاصدها ‪ ، 4‬واليقني ال يزول بالشك‪ ، 5‬ال ضرر‬

‫وال ض رار ‪ ، 6‬املش قة جتلب التيس ري‪ ، 7‬وغريه ا من القواع د الكلي ة ‪ ،8‬وهن اك قواع د أق ل‬

‫اتساعا مثل ‪ :‬الساقط من احلدود ال يعود‪ ، 9‬و الباطل من العقود ال يقبل االجازة‪" 10‬‬

‫واملقصود أن القواعد الفقهية الكلية هي ضوابط جلزئيات األحكام املبعثرة‪ ،‬ولنقف‬

‫على أمهية هذه القواعد ومكانتها من الفقه نستطيع تشبيه الفقه االسالمي ببناء شامخ له‬

‫أب راج عالي ة‪ ،‬فجزئي ات األحك ام هي ذرات ه ال يت يت ألف منه ا بنيان ه والنظري ات هي تل ك‬

‫األبراج العالية والقواعد الفقهية الكلية هي تلك األساطني اليت تقوم عليها األبراج وهي‬
‫‪11‬‬
‫بدورها تتألف من الذرات الصغرية وهي جزئيات األحكام وفروع الفقه‬

‫‪4‬‬
‫األشباه و النظائر السيوطي ‪ ، 8 ،‬األشباه و النظائر‪ ،‬زين العابدين بن نجيم الحنفي ‪ ، 27‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬
‫بيروت ‪ 1400‬ه‬
‫‪5‬‬
‫األشباه و النظائر السيوطي ‪ ، 55‬األشباه و النظائر ‪ ،‬البن نجيم ‪ ، 56‬تقرير القواعد و تحرير الفوائد ‪4\1‬‬
‫‪6‬‬
‫األشباه و النظائر السيوطي ‪ ، 83‬األشباه و النظائر البن نجيم ‪85‬‬
‫‪7‬‬
‫األشباه و النظائر السيوطي ‪ ،‬األشباه و النظائر‬
‫‪8‬‬
‫المرجع نفسه ‪ 89‬و ما بعدها ‪ ،‬المدخل الفقهي العام لمصطفى الززقا ‪2/1077‬‬
‫‪9‬‬
‫األشباه و النظائر البن نجيم ‪316‬‬
‫‪10‬‬
‫المدخل الفقهي العام ‪2/665‬‬
‫‪11‬‬
‫القواعد الكلية ‪ ،‬أحمد الحجي الكردي ‪8‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ضوابط التقعيد الفقهي‬

‫املقصود بضوابط التقعيد هي تلك املقومات العلمية اليت جيب أن تتوفر عند صياغة‬

‫القاعدة الفقهية‪ ،‬وبذلك تتحدد عناصرها‪ ،‬وميكن بعد ذلك من ختريج الفروع عليها‬

‫المطلب األول‪ :‬ضابط االستيعاب‬

‫فيجب أن تك ون القاع دة مس توعبة لكاف ة الف روع املندرج ة حتته ا حبيث تش تمل‬

‫عليه ا ب القوة ‪ ،‬و تنطب ق عليه ا اط رادا أو غالب ا‪ ، 12‬مثال ه ‪ :‬قاع دة " املف رط ض امن " هي‬

‫مستوعبة لكافة جزئياهتا املندرجة حتتها ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬ضابط الشرعية‬

‫أي أن تك ون القاع دة مس تندة اىل أص ل ش رعي وذل ك ألن املقص ود من القاع دة‬

‫ابتداء امنا التعرف على احلكم الشرعي لكافة فروعها ‪ ،‬من هنا كان ال بد أن يكون مس تند‬

‫القاع دة ال دليل الش رعي ‪ ،‬س واء أك ان نص ا من الكت اب و الس نة أو طري ق االجته اد‬

‫الفقهي ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫نظريات التقعيد الفقهي ‪ 47 :‬محمد الروكي‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬ضابط االطراد و األغلبية‬

‫و املراد ب االطراد أي اس تمرار حكم القاع دة ‪ ،‬حبيث يك ون هن اك تالزم ق وي بني‬

‫تل ك الف روع و احلكم ال ذي حتمل ه القاع دة ‪ ،‬فال يتخل ف ف رع اال م ا اقتض ته املص لحة‬

‫فيستثىن منها ليندرج حتت قاعدة أخرى يكون ألصق هبا و هو عينه االستحسان يف بعض‬

‫أنواعه ‪ ،‬و هو ال يقدح يف حقيقة القاعدة ‪.‬‬

‫المطلب الرابع ‪ :‬ضابط التجريد‬

‫و ه و أن تك ون القاع دة مش تملة على حكم فقهي ‪ ،‬جمرد عن االرتب اط جبزئي‬

‫معني ‪ ،‬و اال عد ضابطا فقهيا و ليس قاعدة ‪ ،‬و املقصود هنا من التجرد ليس االستيعاب‬

‫الذي هو االنطباق على كافة عناصر القاعدة و عدم ختلف بعض الفروع ‪ ،‬ولكن املقصود‬

‫من التجرد أن ال تتعلق القاعدة بباب أو مسألة فقهية بعينها ال تتجاوز اىل غريها ‪ ،‬و قد‬

‫وهم صاحب حبث التقعيد الفقهي حيث مل يفرق بني التجريد و االستيعاب اال من حيث‬

‫اشتمال القاعدة و انطباقها على جزئياهتا‪. 13‬‬

‫وهذا تفريق قاصر فالتجريد هو عدم التعلق مبعني واالستيعاب هو االشتمال على‬

‫كافة أو غالب اجلزئيات‪ ،‬وعليه فال تالزم بني االستيعاب والتجرد‪ ،‬فقد خيتلف التجرد يف‬

‫القاع دة ولكنه ا تك ون مس توعبة لفروعه ا مث ل ق ول املالكي ة " ك ل م ا يش رتط يف س جود‬

‫السهو يشرتط يف سجود التالوة " فهذا واضح فيه االستيعاب و لكنه ليس بقاعدة مبعناها‬
‫‪13‬‬
‫نظرية التقعيد الفقهي ‪ 63 ،‬و ‪ ، 64‬محمد الروكي‬
‫االص طالحي‪ ،‬ألهنا تتعلق جبزئية معينة متثل بابا أو مسألة فقهية بعينه ا ال تتجاوزها أال و‬

‫هي ما يشرتط يف السجود‪.‬‬

‫وهذه بعض األمثلة على ما تخلف فيه شرط التجرد من القواعد‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫* مىت تعذر اجياب العهدة على الوكيل تعلقت بأقرب الناس اليه وهو املوكل‬

‫‪15‬‬
‫* األمانة تبطل بالتعدي‬

‫‪16‬‬
‫* من استهلك ماال غرم مثنه‬

‫‪17‬‬
‫* من ترك واجبا يف الصون ضمن‬

‫المطلب الخامس‪ :‬االيجاز في العبارة‬

‫واملراد به احكام الصياغة حبيث تكون كلمات القاعدة معربة بقوة داللتها واضحة‬

‫املع ىن‪ ،‬وذل ك ألن املقص ود ابت داء من القاع دة س هولة حفظه ا وس رعة الرج وع اليه ا يف‬

‫معرفة احلكم الشرعي وهذا يتطلب االجياز واالحكام مع عموم العبارة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫موسوعة القواعد الفقهية ‪ 3/563‬للدكتور علي أحمد الندوي ‪ ،‬ط دار عالم المعرفة ‪1419/1999‬‬
‫‪15‬‬
‫الموسوعة الفقهية ‪3/39 ،‬‬
‫‪16‬‬
‫نفسه ‪ ، 2/471‬تقرير القواعد البن رجب الحنبلي ‪2/358‬‬
‫‪17‬‬
‫نفسه ‪2/472‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أصول التقعيد الفقهي‬

‫املقص ود من أصول التقعي د ه و األدلة ال يت يستند اليها حىت يك ون معت ربا وتكون‬

‫القاعدة الفقهية حاكمة بقوة ومهيمنة على الفروع بقدر قوة دليلها وبعبارة أخرى هناك‬

‫مجل ة من األص ول ال يت جيب على الفقي ه االحاط ة هبا عن د ص ياغته للقاع دة‪ ،‬س واء أك انت‬

‫تلك األصول مما اتفق عليه العلماء أم مما هو موضع اختالف بينهم‬

‫المطلب األول‪ :‬التقعيد بالنصوص‬

‫فمن ذلك صيغ العموم الواردة يف نصوص الكتاب و السنة‪ ،‬فغالب هذه النصوص وردت‬

‫حتمل أحكاما كلية عامة‪ ،‬و ميكن أن يتخرج عليها ما ال يتناهى من اجلزئيات لذلك اعترب‬

‫الفقهاء تلك النصوص مبثابة القواعد فمن ذلك‪:‬‬

‫* قوله تعاىل " خذ العفو وآمر بالعرف وأعرض عن اجلاهلني "‪ 18‬فه ذه اآلي ة الكرمية من‬

‫جوامع الكلم حيث دخل حتتها فروع كثرية ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫* قوله تعاىل " وأن ليس لالنسان اال ما سعى "‬

‫‪20‬‬
‫* قوله تعاىل " وال تزر وازرة وزر أخرى "‬

‫‪21‬‬
‫* قوله تعاىل " هل جزاء االحسان اال االحسان "‬

‫‪18‬‬
‫األعراف ‪199‬‬
‫‪19‬‬
‫النجم ‪38‬‬
‫‪20‬‬
‫األنعام ‪164‬‬
‫‪21‬‬
‫الرحمن ‪60‬‬
‫‪22‬‬
‫* قوله عليه الصالة والسالم " ليس لعرق ظامل حق "‬

‫فهذه النصوص تضمنت مجلة من اجلزئيات املتعلقة بسلوك املسلم يف حال احلرب والسلم‬

‫وح ال اخلوف واألمن وأث ر أفع ال العب د خ ريا وش را فهي نص وص مبثاب ة مب ادئ وأص ول‬

‫تشريعية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التقعيد باإلجماع‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التقعيد بالقياس‬

‫المطلب الرابع‪ :‬التقعيد باإلستحسان‬

‫المطلب الخامس‪ :‬التقعيد بالعرف‬

‫‪22‬‬
‫رواه مالك في الموطأ ‪ ، 2/743‬برواية يحيي الليثي ‪ ،‬و أخرجه أهل السنن و حسنه الترمذي‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫كتاب الفروق لالمام القرافي‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫تقرير القواعد و تحرير الفوائد ‪ ،‬البن رجب الحنبلي ‪ ،‬تحقيق مشهور بن‬ ‫‪‬‬
‫حسن آل سلمان ‪ ،‬دار عفان ‪ ،‬ط ‪ 1419 ، 1‬ه‬
‫األشباه و النظائر ‪ ،‬السيوطي ‪ ،6 :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪، 1‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1403‬ه‬
‫مقدمة الفروق‬ ‫‪‬‬
‫األشباه و النظائر‪ ،‬زين العابدين بن نجيم الحنفي ‪ ، 27‬دار الكتب العلمية ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بيروت ‪ 1400‬ه‬
‫المدخل الفقهي العام لمصطفى الززقا‬ ‫‪‬‬
‫القواعد الكلية ‪ ،‬أحمد الحجي الكردي‬ ‫‪‬‬
‫نظريات التقعيد الفقهي ‪ :‬محمد الروكي‬ ‫‪‬‬
‫موسوعة القواعد الفقهية للدكتور علي أحمد الندوي ‪ ،‬ط دار عالم المعرفة‬ ‫‪‬‬
‫‪1419/1999‬‬
‫الموسوعة الفقهية ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫موطأ اإلمام مالك‪ ،‬برواية يحيي الليثي ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫سنن الترمذي‬ ‫‪‬‬
‫فهرس الموضوعات‪:‬‬

You might also like