You are on page 1of 4

‫المحاضرة السادسة‪ :‬التحليل الداخلي للمؤسسة‬

‫تمهيد‪ :‬تعتبر البيئة الداخلية جزء من المحيط العام للمؤسسة‪ ،‬فهي تعكس إمكانياتها‪ ،‬نقاط قوتها وضعفها‪ ،‬والتي البد من‬
‫تحليلها وتقييمها لمعرفة موقع المؤسسة في السوق مقارنة بنظيراتها؛‬

‫أوال‪ :‬البيئة الداخلية‬

‫‪ )1‬تعريف البيئة الداخلية‪ :‬هي تلك البيئة التي تتعلق بالمنظمة ذاتها من حيث األطر اإلدارية والفنية العاملة فيها‪،‬‬
‫واألنظمة الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬الهيكل التنظيمي‪ ،‬التكنولوجيا المستخدمة‪ ،‬أنماط االتصاالت السائدة‪ ،‬إجراءات‬
‫وبرامج التنفيذ‪ ،...‬أي هي العناصر المكونة للمنظمة والتي تقوم عليها‪ ،‬تؤثر على أدائها بشكل مباشر‪.‬‬
‫‪ )2‬عناصر البيئة الداخلية‪ :‬تتشكل البيئة الداخلية انطالقا من ثالث عناصر أساسية هي‪:‬‬
‫موارد المؤسسة‪ :‬هي كل الموجودات واإلمكانيات والعمليات التنظيمية‪ ،‬المهارات والخصائص التنظيمية‪ ،‬المعلومات‬ ‫‪-‬‬
‫والمعرفة‪...‬وقد تكون الموارد ملموسة كالمقر‪ ،‬واألموال والمباني‪ ...‬وغير ملموسة كاالسم التجاري‪ ،‬سمعة المؤسسة‬
‫والمهارات الفنية والتسويقية‪ ،‬وتعتبر الموارد عنصر قوة عندما توفر للمؤسسة ميزة تنافسية؛‬
‫الهيكل التنظمي‪ :‬يعتبر من المكونات األساسية للبيئة الداخلية للمؤسسة‪ ،‬فبموجبه يتم توزيع األدوار والمسؤوليات‬ ‫‪-‬‬
‫والصالحيات‪ ،‬وتتحدد من خالله شبكات االتصال‪ ،‬وانسياب المعلومات بين مختلف المستويات التنظيمية واإلدارية؛‬
‫الثقافة التنظيمية‪ :‬هي عبارة عن مجموعة من القيم‪ ،‬والتقاليد والقواعد التي يشترك فيها كل أعضاء التنظيم‪ ،‬حيث‬ ‫‪-‬‬
‫لكل منظمة أعمال ثقافة خاصة تعبر عن شخصيتها‪ ،‬وتكمن أهمية الثقافة التننظيمية في دورها في اختيار الخيار‬
‫االستراتيجي المالئم للمنظمة وتنفيذه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحليل البيئة الداخلية‪ :‬يمكن إجراء التحليل الداخلي للمنظمة من خالل ثالثة مداخل مختلفة‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ )1‬التحليل التنظيمي للموارد‪ :‬ويهتم هذا المنهج بحصر القدرات الجوهرية والمميزة‪ ،‬أي التي تتميز بها المنظمة‪ ،‬فالموارد‬
‫هي من األصول التي تتحكم بها المنظمة‪ ،‬وتشمل الموارد المتاحة للمنظمة‪ ،‬والمتمثلة في الموارد البشرية‪ ،‬الموارد‬
‫القدرت إلى‬
‫ا‬ ‫المعلوماتية‪ ،‬الموارد المالية‪ ،‬والموارد المادية كاآلالت واألجهزة والبنايات‪ ،‬وقنوات النقل والتوزيع‪ ،‬وتشير‬
‫مدى حسن استخدام المنظمة لمواردها واستثمارها‪ ،‬وقد تشمل قدرات تسوسقية‪ ،‬قدرات إنتاجية وقدرات مالية‪،‬‬
‫‪...‬وغيرها؛‬

‫ويتم تقييم كل مورد من موارد العمل على أربعة أبعاد هي‪ :‬ندرته‪ ،‬قيمته‪ ،‬إمكانيه تقليده‪ ،‬وامتالك التنظيم الستثماره‪،‬‬
‫وهو كما يأتي ‪:‬‬ ‫ويختصر ذلك التقييم بما يعرف‬

‫القيمة‪ :‬لتحديد ما إذا كان ذلك المورد يوفر قيمة للزبون‪ ،‬وبذات الوقت لديه ميزة تنافسية على المنافسين؛‬ ‫‪-‬‬
‫الندرة‪ :‬أي هل أن هذا المورد يتوفر للمنافسين أيضا؟ أم أنه من الموارد التي يصعب الحصول عليها من قبل‬ ‫‪-‬‬
‫اآلخرين؛‬
‫إمكانية التقليد‪ :‬من أجل بيان مدى إمكانية تقليد اآلخرين لهذا المورد‪ ،‬وتكاليف ذلك؛‬ ‫‪-‬‬
‫التنظيم‪ :‬وفيما إذا كان تنظيم المنظمة يسهل استثمار ذلك المورد بشكل سليم أم ال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويعني استخدام هذا النموذج في التقييم إعداد قائمة بموارد المنظمة المادية‪ ،‬المالية‪ ،‬البشرية‪ ،‬المعلوماتية والمعرفية؛ والتي‬
‫تدخل ضمنها الموارد المعنوية كالسمعة وغيرها‪ ،‬ثم يتم تقييم كل مورد في ضوء قيمته للزبون‪ ،‬وندرته‪ ،‬وإمكانية تقليده‪ ،‬وامتالك‬
‫التنظيم الذ ي يسمح باستثماره‪ ،‬ويمثل المورد الذي يتمتع بهذه الخصائص موردا مهما ونقطة قوة‪ ،‬ويمكن تقييم كل مورد‬
‫بمقارنته مع ما كان عليه في السابق أو مع الموارد المناظرة لدى المنافسين أو كما هو متاح في القطاع عموما‪.‬‬

‫‪ )2‬التحليل التنظيمي المستند على سلسلة القيمة‪ :‬يقصد بتحليل سلسلة القيمة هي طريقة منظمة للتمعن في األنشطة‬
‫التي تؤديها المنظمة‪ ،‬الكيفية التي تتفاعل بها األنشطة مع بعضها البعض‪ ،‬فتحليل القيمة يسمح للمنظمة بإجراء‬
‫تحليل نظامي لألنشطة التي تساهم في إضافة القيمة إلى األعمال من خالل تحديد العمليات والموارد الرئيسة التي‬
‫تمثل نقاط القوة‪ ،‬والميادين التي تحتاج إلى تحسين‪ ،‬وينظر إلى تحليل القيمة على أنه سلسلة من األنشطة المترابطة‪،‬‬
‫هذ ه األنشطة تتطلب استثمار الموارد من أجل خلق القدرة المطلوبة لتنفيذها‪ ،‬وبذلك فإن تحليل القيمة يستعمل‬
‫لألغراض اآلتية‪:‬‬
‫تصنيف أنشطة المنظمة؛‬ ‫‪-‬‬
‫تحليل قدرة المنظمة وقابليتها والموارد المستثمرة في األنشطة؛‬ ‫‪-‬‬
‫تحديد نتائج القيمة المضافة أو عملية توليد القيمة عبر القدرات والقابليات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫ويتضح أن تحليل سلسلة القيمة يقسم المنظمة إلى سلسلة من األنشطة المترابطة التي يحصل عليها الزبون من المنظمة‪،‬‬
‫وبالتالي المساهمة في تحقيق األرباح للمنظم‪ ،‬وتقسم أنشطة المنظمة إلى أنشطة أساسية وأنشطة ساندة‪،‬‬

‫وتشمل األنشطة األساسية على التالي‪:‬‬

‫نظام اإلمداد الداخلي‪ :‬ويتضمن العالقات مع الموردين وجميع العمليات الالزمة الستالم وخزن وتوزيع المدخالت‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫أو األجزاء المكونة‪ ،‬أو المواد األولية التي تجرى عليها العمليات التصنيعية؛‬
‫العمليات‪ :‬وتشمل عمليات تصنيع المدخالت وتجميعها بهدف إنتاج المنتج النهائي؛‬ ‫‪-‬‬
‫نظام اإلمداد الخارجي‪ :‬ويتعلق بالخزن ومعالجة الطلبيات ونقل وتوزيع المنتجات إلى الزبائن النهائيين؛‬ ‫‪-‬‬
‫التسويق والمبيعات‪ :‬وتتضمن أنشطة معينة كاإلعالن والترويج‪ ،‬وتنظيم قوة البيع‪ ،‬اختيار قنوات التوزيع‪ ،‬وغدارة‬ ‫‪-‬‬
‫العالقات مع الزبائن المحتملين‪ ،‬والتسعير؛‬
‫الخدمة‪ :‬وتتضمن خدمات التركيب‪ ،‬الصيانة‪ ،‬وخدمات مابعد البيع‪ ،‬التي تلتزم بها كثير من المنظمات بحكم طبيعة‬ ‫‪-‬‬
‫عملها‪.‬‬

‫أما األنشطة الساندة ( الداعمة) فإنها تتضمن اآلتي‪:‬‬

‫البنية التحتية‪ :‬وتشمل الهياكل التنظيمية‪ ،‬ثقافة المنظمة‪ ،‬نظم الرقابة‪ ،‬التخطيط‪ ،‬المحاسبة والتمويل؛‬ ‫‪-‬‬
‫إدارة الموارد البشرية‪ :‬وتتضمن أنشطة اإلحالل‪ ،‬والتدريب والتنمية‪ ،‬والترقية والرواتب؛‬ ‫‪-‬‬
‫التطور التكنولوجي‪ :‬ال يقتصر دور التكنولوجيا على قسم البحث والتطوير أو التصنيع بل يشمل جميع مجاالت‬ ‫‪-‬‬
‫المنظمة‪ ،‬فتكنولوجيا المعلومات لها أهمية كبيرة في نظام اإلمداد الداخلي أو التسويق؛‬
‫المشتريات‪ :‬وتتضمن شراء المواد األولية أو األاجزاء نصف المصنعة أو األجزاء تامة الصنع التي تحتاجها العملية‬ ‫‪-‬‬
‫التصنيعية‪.‬‬
‫‪ )3‬التحليل الوظيفي‪ :‬يتم من خالله النظر إلى المؤسسة على أنها مجموعة من الوظائف‪ ،‬تتشابك فيما بينها وتتعاون‬
‫من أجل تحقيق أهدافها‪ ،‬ومن بين هذه الوظائف‪:‬‬
‫الوظيفة اإلدارية‪ :‬حيث يتم التعرف فيها على تكوين المسؤولين‪ ،‬خبرتهم‪ ،‬مسارهم المهني‪ ،‬كما تدرس أيضا على‬ ‫‪-‬‬
‫هذا المستوى شخصية المسؤول وقدرته على احتواء الفريق العامل معه وتأطيره وتقديم الدعم والمعونة من أجل‬
‫تحقيق أهداف الوظيفة بصفة خاصة وأهداف المؤسسة بصفة خاصة؛‬
‫الوظيفة التموينية‪ :‬وذلك بالتعرف على مصادر التموين ومختلف الموردين والظروف المحيطة بهذه العملية‪ ،‬من‬ ‫‪-‬‬
‫خالل التعرف على األسعار وقوة التفاوض فيها‪ ،‬وبصفة عامة هو التعرف على السياسات المتبعة من طرف‬
‫المؤسسة للحصول على المواد األولية الالزمة بالكيفية المطلوبة وفي وفي االجال المنتظرة وباالسعار المناسبة؛‬
‫وظيفة اإلنتاج‪ :‬وتعتبر الوظيفة اإلنتاجية وظيفة مهمة يتطرق إليها الشخص لمعرفة خطوط اإلنتاج المتوفرة لدى‬ ‫‪-‬‬
‫المؤسسة ودرجة مرونتها‪ ،‬ودرجة حداثتها وطاقتها اإلنتاجية‪ ،‬كما يدخل داخل هذه الوظيفة دراسة وظيفة الصيانة‬
‫بالتعرف على عدد التوقفات في خطوط اإلنتاج وأسبابها‪ ،‬الموارد المالية الموفرة لها‪ ،‬والموارد البشرية القائمة بهذه‬
‫المهمة‪...‬الخ؛‬
‫الوظيفة االجتماعية‪ :‬وهي الوظيفة التي تهتم بالمورد البشري في المؤسسة‪ ،‬بالتعرف على أهميته‪ ،‬خبرته‪ ،‬سنه‬ ‫‪-‬‬
‫وجنسه‪ ،‬كما تتعرف أيضا على الجو االجتماعي الذي يسود في المؤسسة ( النزاعات‪ ،‬اإلضرابات‪ ،‬الغيابات‪،‬‬
‫االستقاالت‪ ،‬التوظيفات‪ ، )...‬كما يتم التعرف على القواعد المنظمة لعالقات العمل ومنها القانون الداخلي في‬
‫المؤسسة وإيجابياته ‪ ،‬االتفاقية الجماعية المتفاوض عليها بين اإلدارة والنقابة التي تنظم عالقات العمل ونظم‬
‫التحفي ازت ومن بينها سلم األجور‪ ،‬والتعويضات التي تقدمها المؤسسة كما يدرس أيضا سياسة التكوين المتبعة من‬
‫طرف المؤسسة؛‬
‫الوظيفة المالية‪ :‬يترجم التحليل المالي وضعية المؤسسة في بعدها المالي الذي يمثل النتيجة المنطقية لمختلف‬ ‫‪-‬‬
‫السياسات المتبعة من طرف المؤسسة ودرجة تأثير المحيط عليها‪ ، ،‬ويتم دراسة مختلف الوثائق المالية والمحاسبية‬
‫ومعالجتها‪ ،‬ثم استخالص مجموعة من المؤشرات الدالة على الوضعية المالية للمؤسسة تتلخص في‪ :‬الطاقة الربحية‬
‫للمؤسسة ( أهمية األرباح)؛ اإلستقاللية المالية ( درجة المديونية)؛ المالءة ( قدرة المؤسسة على مواجهة الديون)؛‬
‫درجة السيولة؛ التدفقات‪ .‬ويسمح التحليل المالي بالحكم على ديمومة المؤسسة وإمكانية مواصلة نشاطها‪.‬‬

‫ويخلص التشخيص الوظيفي بتحديد نقاط قوة وضعف كل وظيفة‪ ،‬كما يقدم المشخص بعد ذلك مجموعة من التوصيات‬
‫تسمح بتقليل أثر نقاط الضعف‪.‬‬

‫أهمية دراسة البيئة الداخلية‪ :‬تعتبر عماية تحليل البيئة الداخلية ضرورية‪ ،‬في اختيار االستراتيجية المناسبة للمنظمة‬

‫ومنها مايلي‪:‬‬

‫المساهمة في تقييم القدرات واإلمكانيات المادية والبشرية والمعنوية المتاحة للمنظمة؛‬ ‫‪-‬‬
‫بيان تحديد نقاط القوة في المنظمة‪ ،‬محاولة القضاء على المعوقات البيئية أو اغتنام الفرص المتاحة بالبيئة؛‬ ‫‪-‬‬
‫ضرورة الربط بين التحليل الداخلي" الضعف والقوة" والتحليل الخارجي "الفرص والمخاطر" فإذا كان الهدف من‬ ‫‪-‬‬
‫التحليل الداخلي يتمثل في الوقوف على نقاط القوة أو الضعف‪ ،‬فإن ذلك يمثل الوسيلة التي تقود لالستفادة من‬
‫الفرص التسويقية وتجنب المخاطر؛‬
‫تستطيع إدارة المنظمة تحقيق مزايا تنافسية لها من خالل التركيز على القوة الدافعة التي قد تكون عناصر قوة في‬ ‫‪-‬‬
‫بعض من مفردات البيئة الداخلية كالثقافة التنظيمية مثال أو المهارات المعرفية الضمنية للموارد البشرية وغيرها؛‬
‫يتيح الفهم الجيد للبيئة الداخلية للمنظمة من معرفة طبيعة األعمال والقطاعات والصناعات التي تستطيع فيها هذه‬ ‫‪-‬‬
‫المنظمة تقديم وتحقيق األداء العالي والنجاح في هذه األعمال‪.‬‬

You might also like