Professional Documents
Culture Documents
Right To Health in Morocco Key Issues and Challenges Saad Zbiri PHD Ar
Right To Health in Morocco Key Issues and Challenges Saad Zbiri PHD Ar
2023
المغرب
أبرز المشكالت والتحديات
سعد الزبيري
جامعة محمد السادس لعلوم الصحة
كجزء من سلسلة تقارير الراصد العربي للحقوق االقتصادية ٍ ينشر هذا التقرير ُ
المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية (.)ANNDّ واالجتماعية ( )AWRلشبكة
كل إصدار على حقٍّ ّ
ُعد تقرير الراصد العربي منشورً ا دوريً ا تصدره الشبكة ويركز ّ ي ُّ
ّن وعلى السياسات والعوامل الوطنية واإلقليمية والدولية التي تساهم معي ٍ
يتم تطوير تقرير الراصد العربي من خالل عملية تشاركية تجمع في انتهاكهّ .
ما بين أصحاب المصلحة المعنيّين ،بما في ذلك المجتمع المدني ،والخبراء في
كل من البلدان الواردة في التقرير،
وممثلي الحكومة في ٍّ ّ المجال ،واألكاديميّين،
وذلك كوسيلةٍ لزيادة ملكيّة التقرير في ما بينهم وضمان توطينه وتعزيز صلته
بالسياق.
ّ
ويمثل تقرير الحق في الصحّ ة. ّ ي ّ
ُركز التقرير السادس للراصد العربي على موضوع
ّ ً ّ
الراصد العربي للحق في الصحّ ة للعام 2023جهدً ا مشتركا بين شبكة المنظمات
العربية غير الحكومية للتنمية ،وكليّة العلوم الصحيّة في الجامعة األميركية في
الحق في الصحّ ة فيّ ًّ
ونقدي لوضع شامل
ٍ تحليل
ٍ عد بهدف تقديم بيروت .وقد أُ َّ
شكل المعلومات ّ
والتوقعات لما بعد مرحلة كوفيد .19-ويُؤمل أن ُت ّ المنطقة
ّ
منصة للدعوة إلى إعمال هذا الحق للجميع.ّ والتحليالت المقدّ مة
ّ
المؤلف حصرا ،وال تعكس بالضرورة ُتعبّر اآلراء الواردة في هذه الوثيقة عن رأي
ّ
المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية ،والجامعة وجهات نظر شبكة
األميركية في بيروت ،Brot für die Welt ،دياكونيا ،أو المساعدات الشعبية
النرويجية.
ي ّ
ُحظر إعادة إنتاج هذا التقرير أو أي جزء منه أو استخدامه بأي طريقة
خطي صريح من الناشر باستثناء استخدام إذن ٍّ كانت من دون
االقتباسات الموجزة.
بدعم من
الحق في الصحة في
المغرب
أبرز المشكالت والتحديات
يرتكز هذا التقرير على مراجعة للوثائق الوطنية المرتبطة بالحق في الصحة في
المغرب ويتضمن مناقشات وتعليقات من جهات فاعلة في المجتمع المدني .ومن
خالل تحليل الوضع الصحي في المغرب من منظورَ ي االقتصاد والصحة العامة،
يسلط الضوء على أبرز مشكالت وتحديات الحق في الصحة في البالد ،ويرتكز على ّ
تحليل العناصر الصحية المتنوعة ليختتم بتوصيات لتحسين الحق في الصحة لكافة
سكان المغرب.
المحتويات
الخلفية التاريخية للمغرب وأبرز العوامل االجتماعية والسياسة المرتبطة
08 بالحق في الصحة
أبرز المشكالت والتحديات ذات الصلة والتي ينبغي مناقشتها من خالل
11 تحليل نقدي إلطار الحق في الصحة
29 ّ
الحق في الصحّ ة في المغرب خارطة طريق وتوصيات إلعمال
32
الخاتمة
33 المراجع
الحق في الصحة في المغرب 8
في األعوام األخيرة ،شهد المغرب الذي ينتمي إلى الشريحة الدنيا من البلدان
متوسطة الدخل ،تغيّرات كبيرة ديمقراطية واقتصادية واجتماعية.
هدفت هذه الالمركزية إلى تلبية االحتياجات االجتماعية واالقتصادية للبالد من جهة،
وإلى ضمان تحسين تكييف اإلطار الترابي للجهات وتناسقه مع وضعها الجديد
أيضا تفسيرها كسلطات محلية من جهة أخرى .وتجد الحاجة إلى مراجعة التقسيم ً ُ
في استمرار انعدام التوازن بين المناطق المختلفة والمرتبط ،إلى حدّ كبير ،بالتمايز
المكاني الموروث من الحقبة االستعمارية ،والذي يُضاف إلى العوامل الطبيعية.
ل بالنصوص الدستورية، وتعكس هذه المراجعة التقدم نحو التقسيم الجهَ وي عم ً
لما يعود به ذلك من تحسين لوضع الجهات في ضوء اعتماد القانون المرتبط
ً
مقارنة بالمناطق ً
تحسنا كبيرً ا بتنظيمها .وبالتالي ،تشكل الجهات التي ّ
تم إنشاؤها
االقتصادية السابقة التي استنسخت التجربة الفرنسية في الثالثينيات.
الدستور الجديد
يتبع المغرب منذ يوليو ،2011دستورً ا جديدً ا كرّ س للمرة األولى الوصول إلى الرعاية
ً
تماما كالوصول إلى التعليم والتوظيف كحق جوهري ٍّ الصحية والتغطية الطبية
( .)General Secretariat of the Government of Morocco 2011يتميز هذا الدستور
أيضا بخصوصية تمتين الحوكمة من خالل إنشاء عدة أجهزة للحوكمة أو الجديد ً
الربط بين المسؤولية والمساءلة.
9 سعد الزبيري
في الواقع ،يتيح دستور عام 2011تعزيز الحقوق ،وهو وحد من إسهاماته الرئيسية،
ً
صراحة على الحق بالصحة (الفصل ،)31وقد أتى كما أنه الدستور األول التي يشتمل
على ذكر كلمة حق (حقوق) 88مرّ ة[ ،دستور (دساتير) 158 :مرّ ة وقانون (قوانين):
152مرّ ة].
الخصائص الديموغرافية
يناهز العدد اإلجمالي لسكان المغرب حاليً ا 37مليون نسمة (The World Bank
ُقدر معدل النمو السنوي للسكان بنسبة 1.1%ويبلغ العمر الوسيط حوالى .)2021ي َّ
29سنة .تبلغ نسبة السكان الذين هم دون الخامسة عشرة من العمر The( 26%
.)World Bank 2021يناهز متوسط العمر المتوقع عند الوالدة 74سنة (وهو أعلى
ّ
تشكل لدى النساء منه لدى الرجال) ،ويتوازن توزع السكان بحسب نوع الجنس ،حيث
ل عن نصف السكان (60% النساء حوالى 50%من إجمالي السكان .يعيش ما يزيد قلي ً
تقريبً ا) في المناطق الحَ َضرية (.)The World Bank 2021
الوضع االقتصادي
تشير أحدث اإلحصائيات إلى أن الناتج المحلي اإلجمالي للمغرب ناهز 143مليار دوالر
أمرييك عام .2021مرّ ت البالد بفترة ركود اقتصادي ،إال أنها عادت فشهدت فترة
الحق في الصحة في المغرب 10
أكثر ازدهارً ا منذ التسعينيات ،واستعادت تدريجيً ا معدل نمو متوسط بلغ 5%في
السنوات األخيرة .ال يزال االقتصاد المغربي يعتمد على القطاع الزراعي ،وال يزال
معدل الفقر ( 4%من السكان ،المؤشر العددي للفقر عند خط الفقر الوطني)
والبطالة ( 11%من السكان) تحت السيطرة (.)The World Bank 2021
تشير بعض التقارير الوطنية إلى أن أثر التطورات النوعية والكمية المسجلة في
النظام التشريعي والهيكليات المؤسسية ،قد يبقى محدودً ا من حيث الضمانات
بتوفير الحماية الفعالة للحقوق والحريات (Economic, Social and Environmental
.)Council 2018; National Council for Human Rights of Morocco 2022
يُعتبر تعزيز فعالية الحق في الصحة محورً ا رئيسيً ا في تنفيذ االستراتيجية الوطنية.
عموما في ضوء تعريف منظمة الصحة العالمية التي تعرّ ف ً ويُفهم الحق في الصحة
الصحة على أنها “حالة من اكتمال السالمة بدنيً ا وعقليً ا واجتماعيً ا ،ال مجرد انعدام
المرض أو العجز” .يفترض تحقيق هذا الهدف وضع سياسات عامة متعددة األبعاد
تعمل بانسجام مع بعضها لبلوغ المستوى “األقصى” من الصحة البدنية والنفسية.
َ
تطبيق الحق في الصحة في المغرب وإتاحة الوصول تعترض عدّ ُة عوائق هيكلية
الفعال إلى الحق في الصحة .سيركز هذا التقرير على التوسع في خمس مشكالت
رئيسية تواجه الحق في الصحة في المغرب اليوم ،وهي التفاوت بين الجهات،
والصعوبات المالية من حيث التغطية الصحية الشاملة ،ونقص األخصائيين
العاملين في القطاع الصحي ،وعدم إدماج القطاع الخاص ،وغياب مسارات الرعاية
المنسقة ،وضعف نهج الوقاية .ونناقش هذه المشكالت بمزيد من التعمق في ما
يلي.
باإلضافة إلى ذلك ،تمثل النفقات المسدّ دة من الجيوب الخاصة 50%تقريبً ا من
اإلنفاق الصحي ،ويشكل أكثر من 60%منها مساهمات في التغطية الطبية ،ما
ً
عائقا حقيقيً ا أمام الوصول إلى الرعاية ويُسهم في الواقع القائل إن نسبة يشكل
كبيرة من السكان تجد نفسها في حالة من الضعف والخطر بسبب المشكالت
الصحية.
تحول هذه العوائق المالية دون تعميم الرعاية الصحية الشاملة في المغرب ،حيث
إن توفير هذه الرعاية لكافة السكان يتطلب آليات تمويل مناسبة تضمن تغطية
جزئية للنفقات الصحية لألفراد .سيتيح ذلك لألشخاص الذين يعيشون في ظروف
خطيرة وغير مستقرة ،ومن بينهم المصابون باألمراض المزمنة ،الوصول إلى
خدمات الرعاية الصحية األولية .تعاني أنظمة التغطية الصحية المغربية اليوم من
ثالثة اختالالت كبيرة هي :تحدي التوازن المالي ،وتحدي الكفاءة ،وعدم توفر نظام
للدفع من قبل جهات خارجية.
ال يتم تنفيذ النهج الوقائي بشكل فعال وهو ال يعالج كافة المحاور التي تستهدف
المحددات االجتماعية واالقتصادية والبيئية للحق في الصحة .كذلك ،ال ُتعتمد
استراتيجية الرعاية الصحية األولية على الدوام ،وغالبً ا ما ال ُتوضع مسارات منسقة
للرعاية وال يتم تعزيز الصحة الجنسية واإلنجابية بشكل كبير.
الحق في الصحة في المغرب 14
يعود تنظيم الصحة كخدمة عامة في المغرب إلى اإلصالحات التي أدخلها الحُ كم
االستعماري الفرنسي .بعد االستقالل ،صدر النص التنظيمي األول لخدمات وزارة
الصحة في أغسطس .1956وكان المغرب قد انضم إلى منظمة الصحة العالمية في
ذلك العام نفسه ،وتحديدً ا في 14مايو .1956تلت ذلك عدة مراحل رئيسية في تطوير
المنظومة الصحية الوطنية.
ُ
األساسية إلى إصدار القانون 65.00في 3أكتوبر .2002أطلق تعميم خطة المساعدة
الطبية األساسية ( )RAMEDرسميً ا في مارس 2012وهي تهدف إلى ضمان الحق
في الرعاية الصحية للفقراء الذين ال يستفيدون من التأمين الصحي اإللزامي.
هدف هذا المؤتمر إلى تحديد أبرز األولويات الرئيسية للعمل في مجال الصحة
لألعوام الثالثين التالية ،وبلوغ اإلجماع الوطني حول أبرز التحديات واألولويات
األساسية للعمل في المجال الصحي ،وإطالق نهج جماعي لدمج االهتمام بالصحة
الحق في الصحة في المغرب 16
في كافة السياسات العامة ،وتعزيز الوضوح في مجال التمويل الصحي بهدف
تعميم التغطية الطبية.
جمع هذا المؤتمر الصحي الثاني في المغرب أكثر من 500شخص ،منهم جهات
فاعلة في القطاع الصحي ،وشركاء للقطاع الصحي ،لمناقشة المحاور ذات األولوية
إلصالح المنظومة الصحية ،والمنبثقة عن توقعات المواطنين ،وطموحات
األخصائيين العاملين في القطاع الصحي ،ومرئيات تطوير المنظومة الصحية
الوطنية .حضر هذه الفعالية ممثلون عن القطاعات الحكومية ،ومنظمات المجتمع
المدني ،وشركاء اجتماعيون ،وهيئات ُمنتخبة ،ومنظمات دولية ،وخبراء محليون
ودوليون.
سيحشد هذا المشروع البارز ميزانية سنوية بقيمة 51مليار درهم (يساوي كل
دوالر أمرييك 10دراهم تقريبً ا) اعتبارً ا من عام ،2025ويتم توزيعها بين تعميم التأمين
األسرية ،وتوسيع قاعدة المستفيدين من الصحي اإللزامي ،وتعميم اإلعانات ُ
نظام التقاعد ،وتعميم الوصول إلى التعويض عن فقدان الوظائف (Ministry of
.)Economy and Finance of Morocco 2022
يهدف هذا القانون إلى إصالح القطاع باستخدام نهج متعدد األبعاد ،وهو قائم على
أربع ركائز هي الحوكمة الجيدة ،وتطوير الموارد البشرية ،وتحسين عرض العالجات،
معمق ينبغي أن يتيح بشكلّ مخططا شام ً
ل إلصالح ً والرقمنة .يضع هذا القانون
خاص ،إنجاز مشروع تعميم الحماية االجتماعية.
جودتها ،وضمان التوزيع المتوازن والعادل للرعاية الصحية على مجموع التراب
أيضا إلى «توفير خدمات الصحة العامة على مجموعالوطني» .يهدف هذا اإلصالح ً
التراب الوطني وتحسين حوكمتها من خالل إنشاء مجموعات صحية ترابية ،وإلى
ضمان السيادة الطبية وتوفر األدوية ومنتجات الرعاية الصحية باإلضافة إلى
سالمتها وجودتها».
ستتولى المؤسسة الجديدة اإلشراف الفني على التأمين اإللزامي األساسي للمرض،
وتقويم خدمات المؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص ،وظروف الرعاية
الطبية للمرضى ،واعتماد المؤسسات الصحية ،والتقويم الدوري لألدوية ،ومنتجات
الرعاية الصحية ،واألعمال المهنية على أساس فعاليتها وجدواها.
سيُعهد إلى المؤسسة ً
أيضا متابعة وتحليل وتقويم البيانات الوبائية ،وتقويم البرامج
المرتبطة بمكافحة األمراض ،وإجراء الدراسات واألبحاث ،والتعبير عن آرائها بشأن
السياسات العامة في مجال الصحة ،وتقديم المقترحات للهيئات العامة حول
التدابير الضرورية الواجب اتخاذها لمنع أي تهديد لصحة السكان.
نفذ المغرب منذ االستقالل ،عدة إصالحات متتالية لضمان الحق في الصحة لجميع ّ
السكان .وكما هو موضح أعاله ،تنعكس هذه اإلرادة الوطنية في عدة نصوص
تشريعية ،وبشكل خاص ،في الدستور الجديد لعام 2011الذي يشير إلى الحق في
الوصول إلى الرعاية كحق جوهري تقع مسؤولية ضمانه على عاتق الدولة .باإلضافة
إلى ذلك ،فقد تم مؤخرً ا إطالق اإلصالح لتعميم التغطية الصحية الشاملة لصالح
كافة المواطنين بهدف ضمان الوصول المنصف إلى الرعاية للجميع .كذلك ،يتم حاليً ا
إصالح المنظومة الصحية لضمان تحسين جودة وفعالية الخدمات الصحية .ولكن ،ما
هو واقع الحق في الصحة؟ نحاول من خالل البيانات واألدلة إجراء جرد وتحليل للواقع
الحالي ،وللصعوبات والتحديات المرتبطة بالحق في الصحة في المغرب.
الحق في الصحة في المغرب 18
كما هو موضح في ما يلي ،يشهد المغرب نقلة ديموغرافية ووبائية يرافقها تحسن
شامل في مؤشرات الصحة ،ما يؤدي إلى نشوء احتياجات جديدة في المجال الصحي.
تنتمي المنظومة الصحية إلى النوع البسماريك وهي ال تزال مركزية نسبيً ا وتفتقر إلى
حُ سن التكامل بين القطاعين العام والخاص.
ً
متقدما من االنتقال الوبائي .وتتميز في العقود األخيرة ،أظهر المغرب مستوى
النقلة في قطاع الرعاية الصحية في المغرب بنمو اقتصادي شامل ،وزيادة متوسط
العمر المتوقع ( 74سنة عام ،)2021وتراجع معدل الخصوبة ،وانحسار األمراض
المعدية (مع استمرار بعض األمراض المعدية المعينة كالسل وفيروس نقص
المناعة البشرية/اإليدز) ،إال أنها ترافقت بنشوء أمراض غير معدية كاألمراض القلبية
الوعائية ،والسكري ،والسرطانات .باإلضافة إلى ذلك ،وعلى الرغم من التراجع الكبير
لمعدالت وفيات األم والطفل في العقد الماضي ،فال يزال هناك مجال للتحسين.
وتطوير الخطط الصحية الجهوية .يبلغ عدد مرافق الرعاية الصحية األولية التابعة
للقطاع العام ،2,157يُضاف إليها 155مستشفى (من مختلف المستويات :المحلي،
واإلقليمي ،والجهوي ،والثالثي) تضم 25,199سريرً ا ،وعشر مستشفيات لألمراض
النفسية تضم 1,512سريرً ا .أما القطاع الخاص ،فيتألف من حوالى 11,928عيادة خاصة
َ
الحضرية وعلى و 384عيادة تضم 12,534سريرً ا ،وتقع بشكل أساسي في المناطق
الساحل األطلسي الشمالي (.)Ministry of Health of Morocco 2022
ل عن تلك الواردة في تقارير عام 2018عندما كان القطاع تختلف هذه األعداد قلي ً
مرفقا للرعاية الصحية األولية ،و 148مستشفى ،من بينها خمسة ً العام يضم 2,860
مستشفيات جامعية ،و 21,692سريرً ا ،وعشرة مستشفيات لألمراض النفسية تضم
1,146سريرً ا ،و 106مراكز لغسيل الكلى ،وعشر مراكز ِجهوية لعلم األورام .وكان
القطاع الخاص يضم حينها 356عيادة مع 9,719سريرً ا ،و 9,475عيادة طبية ،و8,914
صيدلية ،و 3,121عيادة لطب األسنان (.)Ministry of Health of Morocco 2021
يشكل أساس منظومة الصحة الوطنية ّ ال يزال قطاع المستشفيات العمومية
للمغرب .يتمتع القطاع الخاص ً
أيضا بمكانة مهمة على الرغم من افتقاره إلى التنظيم
الكامل ومن عدم شمله في االستراتيجية الصحية الوطنية ،ما أدى إلى ضعف
الشراكة بينه وبين القطاع العام .وال يزال التوزيع الجغرافي للمستشفيات العمومية
َ
الحضرية والريفية. والخاصة غير متكافئ بين الجهات والمناطق
الحق في الصحة في المغرب 20
ً
معمقا ألسس الحق في الصحة في مختلف عناصر نقدم في هذا القسم تحلي ً
ل
منظومة الرعاية الصحية المغربية.
وُ ضعت صحّ ة األم والطفل منذ التسعينيّات على رأس أولويّات قطاع الصحّ ة.
كل 100،000والدة حيّة، األمهات ُخ ّفض إلى 73حالة وفاة مقابل ّ
فمعدّ ل وفيّات ّ
ّ
لكن األسباب التي يمكن تفاديها بقيت سائدة .نذكر منها ،النزيف ما بعد الوالدة
واضطرابات ارتفاع ضغط الدم بما في ذلك مقدّ مات االرتعاج/االرتعاج والعدوى
ومضاعفات اإلجهاض .عالوة على ذلك ،لوحظ هذا التغيّر اإليجابي في المناطق
الحضريّة أكثر من المناطق الريفيّة :إذ بلغ االنخفاض السنوي في وفيّات األمهات
8٪في المناطق الحضريّة مقابل 5٪في المناطق الريفيّة ومعدل الوالدة الخاضعة
لإلشراف 97٪في المناطق الحضريّة مقابل 74٪في المناطق الريفيّة .أما الرعاية
ما بعد الوالدة ،فهي متاحة ألقل من 30٪من النساء (Ministry of Health of
.)Morocco 2018
وتجدر اإلشارة إلى أن معدّ ل وفيّات األطفال حديثي الوالدة انخفض بنسبة 38٪
لكل 1000والدة حيّة .وتكمن
ّ أي من 21إلى 14حالة وفاة
بين عامي 2011وّ ،2018
والخداج (Ministry
ِ األسباب الرئيسة التي حُ دّ دت في الضائقة التنفسيّة وااللتهابات
.)of Health of Morocco 2018كما انخفض معدّ ل وفيات الرضع واألطفال بسبب
منظمة الصحّ ة العالميّة في العام )2002والحصبة ّ كزاز المواليد (دحر الكزاز حسب
والسعال الدييك عند األطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين شهر إلى 12شهرً ا
أي حاالت شلل األطفال والخناق منذ انخفاضا حادً ا .باإلضافة إلى ذلك ،لم ي ّ
ُبلغ عن ّ ً
عامي 1987و 1998على التوالي .منذ طرح اللقاح في العام ،2007لوحظ انخفاض
بنسبة 85٪في حاالت التهاب السحايا جراء المستديمة النزليّة من النمط ب .وفي
منظمة الصحّ ة العالميّة المغرب على أنه في مرحلة ما ّ يتعلق بداء الحصبة ،تصنف ّ ما
قبل دحر الحصبة (.)Ministry of Health of Morocco 2018
ّ
يتعلق بتنظيم األسرة بين النساء المتزوّ جات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 وفي ما
ً
عاما أظهر تقدّ ًما ملحوظا ،بلغ 71٪في العام .2018كما بلغ استخدام األسلوب
وً 49
21 سعد الزبيري
وتجدر اإلشارة إلى أن معدّ ل اإلصابة بالسرطان يقدّ ر بما يقارب 40ألف حالة جديدة
سنو ًّيا ( .)Ministry of Health of Morocco 2012أما الفشل الكلوي ،فيظهر انتشار
مرض الكلى المزمن بما يقارب 3٪أو مليون شخص مصاب تقريبً ا (Ministry of
.)Health of Morocco 2011كما ُتعدّ أمراض الجهاز التنفسي المزمنة ،وال سيّما الربو
( 4٪تقريبً ا) ومرض االنسداد الرئوي المزمن (كذلك 4٪تقريبً ا) ،من مشكالت الصحّ ة
العامة الفعليّة في المغرب (.)Ministry of Health of Morocco 2016
ينخفض عبء األمراض السارية في المغرب منذ الثمانينيّات ،وباتت هذه األمراض
وت ّ
صنف أن بعض األمراض قد دحرُ . مسؤولة حاليً ا عن 18٪فقط من الوفيات .كما ّ
تم دحرها فع ً
ل األمراض السارية في ثالث مجموعات ،وهي تشمل األمراض التي ّ
أو تلك التي هي في طور الدحر ،كالمالريا والتراخوما المسبّبة لفقدان البصر وداء
ّ
تتضمن األمراض التي ال تزال تسبّب البلهارسيات والجذام وشلل األطفال .كما أنها
مشكالت صحيّة عامة ،كالسل وعدوى فيروس نقص المناعة البشريّة والتهاب
الكبد الفيروسي والتهاب السحايا وبعض األمراض المختلفة ،بما في ذلك داء الكلب
الحق في الصحة في المغرب 22
وداء الليشمانيات والجمرة الخبيثة .وأخيرً ا ،تشمل األمراض الناشئة و/أو تلك التي
تهدّ د حاالت طوارئ الصحة العامة ،كالحمى النزفيّة والتهابات الجهاز التنفسي
بعوامل معدية جديدة واألمراض المحمولة بالنواقل ،وغيرها .وتجدر اإلشارة إلى أنّ
التسمم بلسعة الثعبان ولسعةّ داء الليشمانيات والتسمم الغذائي الجماعي وآفة
العقرب من مشكالت الصحّ ة العامة الرئيسة (Ministry of Health of Morocco
.)2016
عزز بعض قدراته (كخطط المراقبة واالستجابة) لتعزيز أن المغرب ّوالجدير ذكره ّ
األمن الصحي الوطني ،بما في ذلك للتصدي لبعض األزمات الصحيّة العالميّة مثل
جائحة إنفلونزا AH1N1ووباء مرض فيروس اإليبوال .غير ّأنه يجب تعزيز هذا النظام
وتحديثه عن طريق إنشاء مراكز عمليات الطوارئ الخاصة بالصحّ ة العامة واستخدام
تقنيات تواصل جديدة (.)Ministry of Health of Morocco 2016
عدم التمييز
في السنوات األخيرة ،حظيت الفئات السكانيّة ذات االحتياجات الخاصة باهتمام كبير
من السلطات العامة والسياسات الصحيّة (.)Ministry of Health of Morocco 2020
وتنقسم الفئات السكانيّة هذه إلى أربع مجموعات:
ُمثل أصحاب الهمم ما يقرب من 7٪من سكان المغرب ،وتبلغ أعمار 34٪ •ي ّ
عاما أو أكثر .كما يُعتبر انتشار اإلعاقة ،الذي يتزايد عالم ًّيا ،تحديً ا حقيقيً ا
منهم ً 60
للمغرب اليوم ،مع األخذ في االعتبار شيخوخة السكان واألمراض المرتبطة
بهذه الفئة (.)Ministry of Health of Morocco 2018
ً
مزمنا واحدً ا على األقل .وبلغ معدّ ل ً
مرضا •كبار السن ومعظمهم يعانون
انتشار داء السكري وارتفاع ضغط الدم 20٪في العام 23٪( 2018في المناطق
الحضريّة و 15٪في المناطق الريفيّة) مقابل 15٪في العام 2011و 34٪في العام
36٪( 2018في المناطق الحضريّة و 30٪في المناطق الريفيّة) مقابل 28٪في
العام 2011على التوالي (.)Ministry of Health of Morocco 2018
• ُقدّ ر عدد السكان المصابين بالسرطان بما يقرب 83203في العام ،2018
غالبيّتهم من الذكور ما دون ً 40
عاما (.)Ministry of Health of Morocco 2018
23 سعد الزبيري
وهؤالء السكان هم أكثر عرضة للخطر بسبب عوامل خطر عدّ ة متراكمة،
بما في ذلك الهشاشة االجتماعيّة واالقتصاديّة والصحيّة وسوء الوصول
ً
وأحيانا ظروف االحتجاز غير المالئمة (كاالكتظاظ إلى الرعاية وما إلى ذلك
واالختالط).
تمويل الصحّ ة
أن إجمالي اإلنفاق الصحي في المغرب بلغ ما يناهز 61 تشير التقديرات األخيرة إلى ّ
أي بزيادة إجماليّة
مليار درهم في العام 2018مقابل 52مليار درهم في العام ّ ،2013
ومتوسط زيادة سنويّة تقارب Ministry of Health of Morocco( 3٪ ّ تقارب 17٪
ّ
.)2013; 2018عالوة على ذلك ،يمثل اإلنفاق الصحي الجاري 97٪من إجمالي اإلنفاق
ّ
المتعلقة باالستثمار .وتجدر اإلشارة إلى أنه بين ويخصص الباقي للنفقات ّ الصحي.
عامي 2013و ،2018تقدّ م إجمالي اإلنفاق الصحي بوتيرة أبطأ من وتيرة تقدّ م إجمالي
الناتج المحلي .في الواقع ،في العام ،2018كان إجمالي اإلنفاق الصحي 5.5٪من الناتج
أي بانخفاض قدره 0.3نقطة في خالل المحلي اإلجمالي مقابل 5.8٪في العام ّ ،2013
الفترة ما بين العامين .)Ministry of Health of Morocco 2013; 2018( 2013-2018
ً
درهما أن نصيب الفرد من اإلنفاق على الرعاية الصحيّة يبلغ 1730 والجدير ذكره ّ
أي بزيادة نسبيّة تناهز 10٪في 5سنوات .وال تزال (أي 180دوالرً ا أميرك ًّيا تقريبً ا)ّ ،
ّ
ّ
األسر المعيشيّة المموّ ل األوّ ل للصحّ ة في المغرب ،وحصتها تبلغ ،46٪وهي
أقل من .)25٪أما المموّ ل الثاني ،فهو التأمين
ّ (أي
تفوق المعايير الموصى بها دوليً ا ّ
ووفر التمويل ل 30٪ ّ الصحي .إذ في العام ،2018استفاد منه 41٪من سكان المغرب
من إجمالي اإلنفاق الصحي ،بزيادة قدرها 7نقاط مقارنة بالعام Ministry of( 2013
حصة الدولة من التمويل الصحي من ظلت ّ .)Health of Morocco 2013; 2018كما ّ
خالل الموارد الضريبيّة الوطنيّة والمحليّة ثابتة تقريبً ا بين عامي 2013و ،2018مسجّ لة
معدل 24٪تقريبً ا في عام .2018ومثلت مساهمة التعاون الدولي في التمويل
الصحي 0.2٪فقط في العام .)Ministry of Health of Morocco 2018( 2018في
دعما نوع ًّيا وليس كم ًّيا وهو يصب اهتمامه على تعبئة ً الواقع ،يُعتبر دعم الشركاء
الخبرات الالزمة وبناء القدرات (.)Ministry of Health of Morocco 2020
وخ ّصصت الموارد التي جمعها النظام الصحي الوطني في خالل العام 2018في ُ
تشكل ما يقرب من 30ّ المقام األوّ ل لإلنفاق على الرعاية في المستشفيات ،وهي
ّ
المتعلقة باالستشفاء الكامل ٪من اإلنفاق الصحي الحالي .ويشمل ذلك النفقات
والنهاري (بما في ذلك األدوية والسلع الطبيّة والتحليالت والتصوير اإلشعاعي وما
إلى ذلك المطلوبة في أثناء االستشفاء) .كما أن اإلنفاق على الرعاية اإلسعافيّة
(العالجية والوقائية) وشراء األدوية والسلع الطبيّة ّ
يمثل ( 29٪منها 5٪للرعاية
حصة التحاليل
الوقائيّة) و 23٪من اإلنفاق الصحي الحالي على التوالي ،في حين أن ّ
َّ
تتعد الـ 12٪من هذا اإلنفاق (Ministry of Health of البيولوجيّة وتصوير اإلشعاعي لم
.)Morocco, 2018
ويعتمد تحديد أسعار اإلجراءات الطبيّة في المغرب إلى حدّ كبير على المفاوضات
أن ّ
ممثلي وزارة الصحة وجمعيّات األطباء وغيرهم من المهنيين الصحيين .كما ّ بين
طرق تمويل المستشفيات والمهنيين الصحيين الذين يعملون لحسابهم الخاص
ّ
المتعلق بجودة ال تشمل مفهوم التمويل على أساس األداء أو التمويل التحفيزي
الرعاية .فالدفع غير الرسمي ،أي مباشرة على نفقة المريض ،ال يزال يُمارس في
القطاع العام ويُستخدم بكثافة في القطاع الخاص.
المخصصة
ّ وعلى الرغم من الزيادة التي حُ ّققت في السنوات األخيرة ،ال تزال الميزانيّة
تشكل النفقات المسدّ دة من الجيوب الخاصة ّ للصحّ ة في المغرب محدودة .كذلك،
المصدر الرئيس للتمويل على حساب آليات التأمين االجتماعي .فنظام تحديد األسعار
بالمتخصصين في الرعاية الصحيّة ال يشمل بشكل كامل منطق تحليل ّ الخاص
التكلفة والتمويل على أساس األداء وجودة الرعاية .أخيرً ا ،ال يزال الدفع غير الرسمي
ً
قائما.
يتعلق بالتغطية السكانية ،بلغ إجمالي توفير الخدمات العامة ،بعد أن كان ّ في ما
لكل 14600نسمة في العام ،1990مرفق رعاية صحيّة ّ مرفق رعاية صحيّة أوليّة واحدً ا
لكل 12.238نسمة في العام Ministry of Health of Morocco( 2018 ّ أوليّة واحدً ا
.)2021وعلى الرغم من التطوّ ر اإليجابي ،ال بدّ من اإلشارة إلى الكثير من القيود
واالختالالت ،وال سيّما التوزيع غير العادل لمختلف المرافق الصحيّة بين المناطق
الحضريّة والريفيّة وبين المناطق؛ كما الخدمة التي ال تزال غير كافية لتلبية احتياجات
السكان؛ والتأخير في تنفيذ الخارطة الصحيّة؛ باإلضافة إلى تقادم العقارات والمعدّ ات
الطبيّة والفنيّة وعدم صيانتها والتكامل غير المتين بين الخدمة العامة والقطاع
الخاص.
ّ
يتعلق بقطاع األدوية ،فيعمل المغرب منذ الستينيّات على تنفيذ سياسة ّ
أما في ما
25 سعد الزبيري
صيدالنيّة وطنيّة لتحسين الوصول إلى األدوية والمنتجات الصحيّة وتنظيم قطاع
ّ
ومكنت هذه االستراتيجيّة تدريج ًّيا التأسيس لصناعة األدوية الوطنيّة ودائرة األدوية.
ّ
منظمة ومصنفة ومتطلبة لتوزيع األدوية وتركيبها ،ما يسمح بإمكانية الوصول ّ
إلى األدوية وتوافرها على مستوى الهياكل الصحيّة والصيدليّات .كما شجّ عت
على االستخدام الرشيد لألدوية من خالل تنظيم الطرق المهنيّة للوصفات الطبية
وتسليم األدوية.
باإلضافة إلى ذلكُ ،طوّ ر القطاع تماشيً ا مع التطوّ ر االجتماعي واالقتصادي في
ل عن التقدّ م التكنولوجي والعالجي .وبناءً عليهُ ،نشر قانون الصيدلة المغرب فض ً
تضم مختلف النصوص التشريعيّة ّ الجديد في العام ،2005تلته ترسانة قانونيّة
والتنظيميّة الخاصة باألدوية والصيدلة (.)Ministry of Health of Morocco 2018
كل هذه الجهود ،تميّز قيود عدّ ة قطاع الدواء ولها تأثير على الحق في الصحّ ة، رغم ّ
بما في ذلك أسعار األدوية التي ال تزال مرتفعة مقارنة بالقدرة الشرائيّة للمغاربة
ّ
المعممة ،ونظام توريد ومقارنة بالدول المماثلة ،والبروتوكوالت العالجيّة غير
األدوية وإدارتها في القطاع العام الذي تشوبه القصور واالنتشار المنخفض لألدوية
الجنيسة.
ّ
يتعلق ّ
مهمة المعلومات والتعليم والتواصل في ما لم تحدّ د وزارة الصحّ ة بوضوح
ّ
بالبرامج الصحيّة المختلفة حتى العام .1994وفي وقت الحق ،كلف مدير المستشفى
بموجب النظام الداخلي للمستشفيات لعام Ministry of Health of Morocco( 2010
)2011بوضع استراتيجيّة تواصل داخليّة وخارجيّة خاصة بالمستشفى ودعم األقسام
المختلفة في وضع خطط التواصل الخاصة بها .وينسب القانون اإلطاري للعام 2011
مهمة “تطوير المعلومات والتعليم وإجراءات ّ ()Official Bulletin of Morocco 2011
التواصل” إلى الدولة وهي إحدى أدوات الوقاية في المسائل الصحيّة (.)article 4
وتستخدم وزارة الصحّ ة موقع الوزارة والمواقع الفرعيّة التي ترتبط بها لنشر
المعلومات .كما يرتبط موقع الوزارة على اإلنترنت بمواقع إلكترونية حكوميّة عامة
وتستخدم أدوات أخرى مثل حمالت تجمع المعلومات عبر القطاعات المختلفةُ .
اإلعالم والتواصل والتوعية للهدف عينه.
حق المريض أو المريضة في أن يكون أو مفصل ّ ّ ال يحدّ د القانون المغربي بشكل
تدخل ،بوضعه أو وضعها الصحي أو العالج أو أي إجراء أو ّ
اطالع ،قبل ّ تكون على ّ
ّ
اإلجراءات الوقائيّة أو فائدته أو إلحاحه المحتمل أو عواقبه أو تواتره أو حتى المخاطر
ّ
متوقعة والعالجات البديلة الممكنة والعواقب المحتملة ً
عادة الجسيمة التي تكون
الحق في الصحة في المغرب 26
نقصا حادً ا
ً ّ
منظمة الصحّ ة العالميّة المغرب من بين البلدان التي تعاني ّ
وتصنف
للموظفين الطبيين ّ في العاملين في مجال الرعاية الصحيّة .إذ ال يزال العدد الحالي
المتطلبات لضمان وصول الرعاية الصحيّة ّ والممرّ ضين أدنى من الحد األدنى من
الجيدة للسكان كافة .كما تشير بيانات القطاع العام إلى أن القوى العاملة الصحيّة
لكل 10000نسمة وما يناهز 9ممرضات ّ تمثل نسبة ما يناهز سبعة أطباء الوطنيّة ّ
لكل 10000نسمة (.)Ministry of Health of Morocco 2018 ّ
أن األفضليّة ُتعطى للمناطقيبيّن التوزيع اإلقليمي للمهنيين الصحييّن إلى حدّ كبير ّ
كل
الحضريّة ومناطق العاصمة .إذ يتركز ما يقارب 60٪من المهنيين الصحيين في ّ
من القطاعين العام والخاص في منطقتي الدار البيضاء والرباط ،حيث يعيش 34٪
وعكس التوزيع بين الممارسين العامين والمتخصصين في فقط من السكانُ .
القطاع العام بشكل غير طبيعي .كما يُظهر الهرم العمري للموارد البشريّة في
القطاع العام عددً ا أكبر من الموظفين في الفئة العمريّة ،40-60أي توافر خطر أكبر
للتقاعد في السنوات القادمة (.)Ministry of Health of Morocco 2016
ّ
المتطلبات قدرة التوظيف أقل من الحد األدنى من
ّ
يتمكن معدّ ل التوظيف وال سيّما في القطاع العام في السنوات األخيرة من لم
تحسين التغطية أو التوظيف بد ً
ل عن حاالت التقاعد المتراكمة .واألمر سيّان
ّ
بالنسبة إلى القطاع الخاص ،الذي يتطلب بشكل متزايد مهنيين صحييّن مؤهلين
لتنميته.
متوسط
ّ وسيزداد عدد المتقاعدين في خالل الخمسة عشر ً
عاما القادمة ليبلغ
سنوي يفوق .1400عالوة على ذلك ،يؤدي عدم استقرار الموظفين والتغيّب
المستشري عن العمل في بعض األحيان إلى تفاقم النقص في الموارد البشريّة
(.)Ministry of Health of Morocco 2016
على مدى العقود الماضية وحتى وقتنا الراهن ،تستثمر السلطات العامة بكثافة
كاف من العاملين الصحيين المؤهلين
ٍ في التدريب الطبي وشبه الطبي لتوفير عدد
للسكان.
يتعلق بالتدريب الطبي ،وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة من خالل ّ وفي ما
المبادرة الوطنيّة لتدريب 3300طبيب سنويً ا بحلول العام ،2020ال يزال المغرب
ونوعا (Ministry of Health of Morocco,
ً نقصا حادً ا في الكوادر الطبيّةً ،
كما ً يعاني
.)2018
وحاليً ا ،تتوافر في المغرب سبع كليّات طب عامة يهدف موقعها الجغرافي إلى
تحسين الوصول إلى الدراسات الطبيّة والبنى التحتيّة للمستشفيات الجامعيّة في
ُ
جميع المناطق .كما أسست ثالث جامعات خاصة في مجال العلوم الصحيّة وزادت
من القدرة الوطنية على تدريب األطباء ،وتجدر اإلشارة إلى أن اثنتين منها غير
هادفة للربح.
وأدّ ت هذه األزمة الصحيّة إلى تغييرات كبيرة نتجت عنها أزمات اجتماعيّة واقتصاديّة
تتطلب استجابات جماعيّة وواسعة النطاق وموحّ دة .لذلك ،أعطى ّ وسياسيّة،
المغرب األولويّة لألمن الصحي للسكان من خالل العمل على منع تفشي جائحة
(أي احتوائها) ّ
واتخاذ مبادرات وتدابير استباقيّة للحد من العواقب (الوقاية كوفيدّ 19-
والترشيد والتلقيح وما إلى ذلك).
تمكن المغرب من تأمين المعدات الطبيّة ّ في الواقع ،منذ بداية هذه األزمة الصحيّة،
الحيويّة والمخبريّة واالختبارات والكواشف الالزمة للكشف عن فيروس كوفيد-
19والتحصين والعالج وضمان إيصالها إلى السكان .كذلك ،ركزت هذه الجهود على
المستوى الوطني على حشد الشركاء لدعم إدارة األزمات وتبادل الخبرات لتطوير
الحق في الصحة في المغرب 28
باإلضافة إلى ذلك ،حٌشدت طرق عدّ ة لدعم الميزانيّة (كالمنح والقروض وما إلى
ذلك) من مختلف الشركاء متعدّ دي األطراف بهدف دعم تمويل األنشطة الصحيّة
في سياق أزمة فيروس كوفيد ،19-ما يساعد على زيادة مرونة قطاع الصحّ ة
لمواجهة حاالت الطوارئ الصحيّة العامة.
تمت إدارة األزمة الصحيّة المرتبطة بفيروس كوفيد 19-بشكل جيد نسبيً ا في الواقعّ ،
في المغرب .ومن الالزم تحويل التهديدات التي يفرضها الوباء إلى فرص لتعزيز
قدرة النظام الصحي على الصمود في مواجهة األزمات المحتملة في المستقبل .كما
يجب في مرحلة الحقة وضع استراتيجيّات لضمان االكتفاء الذاتي في مجال الصحّ ة.
29 سعد الزبيري
ّ
الصحة في ّ
الحق في خارطة طريق وتوصيات إلعمال
المغرب
ّ
الحق في الصحّ ة في المغرب. الفعال إلى
ّ يمكن اقتراح توصيات عدّ ة لتعزيز الوصول
في الواقع ،من المهم مواصلة اإلصالح الهيكلي لقطاع الصحّ ة في المغرب
لحل مسائل الرعاية الصحيّة الهيكليّة واغتنام الفرص البارزة التي ّ
توفرها ّ وتعزيزه،
ّ
األزمة الصحيّة جراء فيروس كوفيد 19-بهدف إحداث تغييرات نوعيّة في ما يتعلق
باعتبار الصحّ ة على أنها خدمة عامة تقع في صميم حماية األمن القومي والسيادة.
ّ
مهمة الدولة في ضمان التمتع بالحقوق ال تعتمد على وتجدر اإلشارة إلى ّ
إن
ّ
وظائفها السياديّة المتمثلة في حكم المجتمع وحمايته فحسب ،بل كذلك على
مسؤوليّتها القانونيّة ،بناءً على التزاماتها الدولية والوطنية ،لتعزيز حقوق مواطنيها
وحمايتها ومنع انتهاكات هذه الحقوق .لذلك ،يجب النظر إلى الحق في الصحة
باعتباره إحدى االستجابات الرئيسة لتحديّات التنمية بشكل عام والحق في التنمية
بشكل خاص .ويعود سبب ذلك إلى العالقة الوثيقة بين محدّ دات الصحّ ة من جهة
وشروط التنمية المستدامة واألمن البشري من جهة أخرى.
واستنادً ا إلى العوائق واالختالالت المحدّ دة أعاله وبالنظر إلى موقف اإلدارات
المرجعيّة الوطنيّة (;Economic, Social and Environmental Council, 2018
،)National Council for Human Rights of Morocco, 2022يمكن أن تشمل
الجهود المبذولة لتحسين وصول جميع السكان إلى الحق في الصحّ ة اإلجراءات
األساسيّة التالية.
ّ
المنسقة ونهج الوقاية تعزيز مسارات الرعاية
•تعزيز برامج الوقاية والتشخيص المبكر والرعاية األوليّة.
•تكييف المرافق الصحيّة لتكون آمنة ومالئمة في الحاالت العاديّة وفي األزمات.
•مراعاة النهج القائم على حقوق اإلنسان والحاجة إلى التحسين التدريجي
ّ
للتمتع بالحق في الصحّ ة للجميع و/أو لمجموعات األشخاص في سياق تطوير
ّ
يتعلق الفعاليّة فحسب. السياسات واالستراتيجيّات الصحيّة ،وليس في ما
•األخذ في االعتبار جميع المحدّ دات االجتماعيّة للصحّ ة ،مثل توفير مياه الشرب
المأمونة والتغذية والسكن الالئق والبيئة وغيرها من المحدّ دات التي تؤثر على
ّ
التمتع بالحق في الصحّ ة.
•إصالح النظام الصحّ ي الوطني من خالل وضع الرعاية الصحيّة األوليّة في صميم
النظام ،وبوصفها أفضل الوسائل المؤهلة واألكثر فعاليّة لتحقيق التغطية
وخطة عمل الحماية االجتماعيّة بشكل خاص. ّ الصحيّة الشاملة بشكل عام،
ّ
الحق في اختيار طبيبه أو لكل مواطن
ّ •االعتماد على مسار رعاية ُمك َّيف يتيح
الحق في الصحة في المغرب 30
كل شخص على الشعور •اعتبار الصحة النفسيّة بمعناها الواسع “كقدرة ّ
ّ
تمكنه من االستمتاع بالحياة ومواجهة تحديّاتها”. والتفكير والتصرّ ف بطريقة
وسيتحقق ذلك في إطار مبادئ اإلنصاف وكرامة األشخاص في كل أبعادها. ّ
المؤسسيّة بمنطق قائم على الحقوق وليس ّ •إعادة تنظيم الهياكل الصحيّة
المنسقة
ّ بمنطق قائم على االحتياجات ،باإلضافة إلى تكييفها ومسارات الرعاية
في النظام الصحّ ي الوطني.
•استباق األزمات الصحيّة لضمان إدارة إقليميّة أفضل للمخاطر الصحيّة من
خالل تطوير استراتيجيّات وبرامج صحيّة استباقيّة ومناسبة لمواجهة المخاطر
31 سعد الزبيري
الصحيّة.
•زيادة نصيب الفرد من اإلنفاق على الصحّ ة إلى 419دوالرً ا أميركيً ا في العام
2030مع خفض إنفاق األسرة بأكثر من النصف :من 50٪حاليً ا إلى أقل من 30٪
كهدف أساس ،لينخفض إلى ما دون عتبة 25٪في نهاية المطاف.
والمؤسسات الصحيّة ،بغض النظر ّ •تحديد واضح لمفاهيم الخدمات الصحيّة
المهم معاملة القطاعين العامّ عن وضعها القانوني .في هذا الصدد ،من
ّ
كجهات ُمقدِّ مة والخاص على قدم المساواة ،من ناحية مسؤولياتهما
للخدمات ،سواء للوقاية أو التشخيص أو العالج أو إعادة التأهيل.
•تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعبئة الموارد الماليّة والتقنيّة
والبشريّة المتاحة للقطاع الخاص ووضع خبرات هذا القطاع في خدمة سياسة
ّ
المتعلقة بالصحّ ة العامة. الدولة
•اإلسراع في تفعيل دور لجنة التنسيق الوطنية بين القطاعين العام والخاص،
ّ
ويتمثل الهدف لتحويلها إلى هيئة لصنع القرارات وليس هيئة استشاريّة.
النهائي لمثل هذه المبادرة في تمكين القطاعين من المشاركة في تحديد
التوجّ هات االستراتيجيّة للنظام الصحّ ي الوطني.
الحق في الصحة في المغرب 32
الخاتمة
ّ
بالتمتع بالحقوق ،وقد أطلق مؤخرً ا ّ
يتمتع المغرب بترسانة قانونيّة واسعة تسمح
مشاريع عدّ ة إلصالح النظام الصحي الوطني ،وهذه المشاريع ستؤتي ثمارها في
السنوات القادمة.
ّ
الحق في ولكن ،ونظرً ا إلى الوضع الراهن ،واستنادً ا إلى البيانات المتاحة ،ما زال يواجه
الصحّ ة على أرض الواقع عوائق مختلفة ،وال سيّما الفوارق الجغرافيّة واالجتماعيّة
االقتصاديّة ،وانخفاض التمويل الصحي والتغطية الصحيّة الشاملة غير المكتملة،
والنقص في عدد المهنيين الصحيين وانعدام المساواة الجغرافيّة بينهم ،والقطاع
الخاص غير المتكامل وضعف الشراكة بين القطاعين العام والخاص ،باإلضافة إلى
المنسقة ونهج الوقاية. ّ هشاشة مسارات الرعاية
بناءً عليه ،ينبغي اعتبار إصالح قطاع الصحّ ة كجزء ال يتجزأ من آليّة الحدّ من الفوارق
وتزامنا مع توطيد الالمركزيّة كوسيلة إلدارة الشؤون العامة، ً االجتماعيّة واإلقليميّة.
ّ
أصبحت السياسة الصحيّة أحد مكونات استراتيجيّة تعزيز العدالة المكانيّة .وبالتالي،
يمكن أن تكون الالمركزيّة اإلقليميّة المتقدمة ،بمثابة رافعة لتعزيز العدالة المكانيّة
في مجال الوصول إلى الحق في الصحّ ة وخفض الفوارق اإلقليميّة .ومن نافل
إن التغطية الصحيّة واسعة النطاق يجب أن تضمن آليّة تمويل مناسبة ،مما القول ّ
يسمح لألفراد باالستفادة من التغطية الكافية لتكاليف الرعاية الصحيّة الخاصة
يتولى النظام الصحي الوطني تنظيم القطاع الخاص بشكل كامل، ّ بهم .ويجب أن
منسق .كما ينبغي أن يكون ّ وتسهيل التعاون مع القطاع العام إلنشاء مسار رعاية
النظام الصحي الوطني قادرً ا على جذب المزيد من المهنيين الصحيين وتوزيعهم
بشكل أفضل في جميع أنحاء البالد .وال بدّ أن يكون النهج الوقائي قادرً ا على
استهداف المحدّ دات االجتماعيّة واالقتصاديّة والبيئيّة للحق في الصحّ ة ،واعتماد
استراتيجيّة الرعاية الصحيّة األوّ ليّة ،وتعزيز الصحّ ة الجنسيّة واإلنجابيّة.
وأخيرً ا ،سيكون من المجدي تقييم اآلليّة التي ستعمل بها إصالحات قطاع الصحّ ة
الحاليّة على تحسين الحقوق الصحيّة في المغرب عند تنفيذها .لهذا الغرض ،يُوصى
بحزم بإجراء دراسات عالية الجودة لتحليل آثار هذه اإلصالحات واستخالص أفضل
الفوائد لجميع السكان.
33 سعد الزبيري
المراجع