You are on page 1of 36

‫الحق في الصحة في‬

‫‪2023‬‬
‫المغرب‬
‫أبرز المشكالت والتحديات‬

‫سعد الزبيري‬
‫جامعة محمد السادس لعلوم الصحة‬
‫كجزء من سلسلة تقارير الراصد العربي للحقوق االقتصادية‬ ‫ٍ‬ ‫ينشر هذا التقرير‬ ‫ُ‬
‫المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية (‪.)ANND‬‬‫ّ‬ ‫واالجتماعية (‪ )AWR‬لشبكة‬
‫كل إصدار على حقٍّ‬ ‫ّ‬
‫ُعد تقرير الراصد العربي منشورً ا دوريً ا تصدره الشبكة ويركز ّ‬ ‫ي ُّ‬
‫ّن وعلى السياسات والعوامل الوطنية واإلقليمية والدولية التي تساهم‬ ‫معي ٍ‬
‫يتم تطوير تقرير الراصد العربي من خالل عملية تشاركية تجمع‬ ‫في انتهاكه‪ّ .‬‬
‫ما بين أصحاب المصلحة المعنيّين‪ ،‬بما في ذلك المجتمع المدني‪ ،‬والخبراء في‬
‫كل من البلدان الواردة في التقرير‪،‬‬
‫وممثلي الحكومة في ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫المجال‪ ،‬واألكاديميّين‪،‬‬
‫وذلك كوسيلةٍ لزيادة ملكيّة التقرير في ما بينهم وضمان توطينه وتعزيز صلته‬
‫بالسياق‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويمثل تقرير‬ ‫الحق في الصحّ ة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي ّ‬
‫ُركز التقرير السادس للراصد العربي على موضوع‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الراصد العربي للحق في الصحّ ة للعام ‪ 2023‬جهدً ا مشتركا بين شبكة المنظمات‬
‫العربية غير الحكومية للتنمية‪ ،‬وكليّة العلوم الصحيّة في الجامعة األميركية في‬
‫الحق في الصحّ ة في‬‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫ونقدي لوضع‬ ‫شامل‬
‫ٍ‬ ‫تحليل‬
‫ٍ‬ ‫عد بهدف تقديم‬ ‫بيروت‪ .‬وقد أُ َّ‬
‫شكل المعلومات‬ ‫ّ‬
‫والتوقعات لما بعد مرحلة كوفيد‪ .19-‬ويُؤمل أن ُت ّ‬ ‫المنطقة‬
‫ّ‬
‫منصة للدعوة إلى إعمال هذا الحق للجميع‪.‬‬‫ّ‬ ‫والتحليالت المقدّ مة‬

‫ّ‬
‫المؤلف حصرا‪ ،‬وال تعكس بالضرورة‬ ‫ُتعبّر اآلراء الواردة في هذه الوثيقة عن رأي‬
‫ّ‬
‫المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية‪ ،‬والجامعة‬ ‫وجهات نظر شبكة‬
‫األميركية في بيروت‪ ،Brot für die Welt ،‬دياكونيا‪ ،‬أو المساعدات الشعبية‬
‫النرويجية‪.‬‬

‫بيروت‪ ،‬حقوق النشر © ‪ .2023‬جميع الحقوق محفوظة‪.‬‬


‫ّ‬
‫المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية‪ .‬يمكن‬ ‫التقرير صادر عن شبكة‬
‫الحصول عليه من الشبكة أو يمكن تحميله عن الموقع‪:‬‬
‫‪http://www.annd.org‬‬

‫ي ّ‬
‫ُحظر إعادة إنتاج هذا التقرير أو أي جزء منه أو استخدامه بأي طريقة‬
‫خطي صريح من الناشر باستثناء استخدام‬ ‫إذن ّ‬‫ٍ‬ ‫كانت من دون‬
‫االقتباسات الموجزة‪.‬‬

‫بدعم من‬
‫الحق في الصحة في‬
‫المغرب‬
‫أبرز المشكالت والتحديات‬

‫د‪ .‬سعد الزبيري‬


‫جامعة محمد السادس لعلوم الصحة‬
‫دكتور في االقتصاد والصحة العامة‬
‫محلل لألنظمة الصحية والسياسات‬
‫أستاذ باحث‬
‫سعد الزبيري حاصل على درجة الدكتوراه في االقتصاد والصحة‬
‫العامة من جامعة باريس‪ .‬خبير اقتصادي ومحلل لألنظمة‬
‫الصحية‪ .‬وهو أستاذ في المدرسة الدولية للصحة العامة بجامعة‬
‫محمد السادس للعلوم والصحة في الدار البيضاء‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫مالحظة‬

‫يرتكز هذا التقرير على مراجعة للوثائق الوطنية المرتبطة بالحق في الصحة في‬
‫المغرب ويتضمن مناقشات وتعليقات من جهات فاعلة في المجتمع المدني‪ .‬ومن‬
‫خالل تحليل الوضع الصحي في المغرب من منظورَ ي االقتصاد والصحة العامة‪،‬‬
‫يسلط الضوء على أبرز مشكالت وتحديات الحق في الصحة في البالد‪ ،‬ويرتكز على‬ ‫ّ‬
‫تحليل العناصر الصحية المتنوعة ليختتم بتوصيات لتحسين الحق في الصحة لكافة‬
‫سكان المغرب‪.‬‬
‫المحتويات‬

‫ ‬
‫الخلفية التاريخية للمغرب وأبرز العوامل االجتماعية والسياسة المرتبطة‬
‫‪08‬‬ ‫ ‬ ‫بالحق في الصحة‬

‫‪08‬‬ ‫ ‬ ‫•نظرة عامة عن البلد‬


‫‪08‬‬ ‫ ‬ ‫•الدستور الجديد‬
‫‪09‬‬ ‫ ‬
‫•التشريعات واألنظمة الوطنية‬
‫‪09‬‬ ‫ ‬ ‫•الخصائص الديموغرافية‬
‫‪09‬‬ ‫ ‬ ‫•الوضع االقتصادي‬
‫‪10‬‬ ‫ ‬
‫•الخصائص االجتماعية والثقافية‬

‫ ‬
‫أبرز المشكالت والتحديات ذات الصلة والتي ينبغي مناقشتها من خالل‬
‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫تحليل نقدي إلطار الحق في الصحة‬

‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫•التفاوتات الجغرافية واالجتماعية واالقتصادية‬


‫‪11‬‬ ‫ ‬ ‫•التمويل الصحي والتغطية الصحية الشاملة‬
‫‪12‬‬ ‫•التوزع الديموغرافي لألخصائيين العاملين في القطاع الصحي‬
‫‪12‬‬ ‫ ‬
‫•القطاع الخاص والشراكة بين القطاعين العام والخاص‬
‫‪13‬‬ ‫ ‬ ‫•مسارات الرعاية المنسقة والوقاية‬

‫‪14‬‬ ‫ ‬‫االعتراف بالحق في الصحة في المغرب‬

‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫•المؤتمر الصحي الوطني األول في أبريل ‪1959‬‬


‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫•تطوير الرعاية الصحية األولية بين َ‬
‫عامي ‪ 1981‬و‪1994‬‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫•بداية المرحلة الثالثة عام ‪1994‬‬
‫•التغطية الصحية األساسية عام ‪ 2002‬كوسيلة لتطبيق ‬
‫‪14‬‬ ‫ ‬ ‫الحق في الصحة‬ ‫ ‬
‫•القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 34.09‬المتعلق بالمنظومة الصحية ‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫وبعرض العالجات‬ ‫ ‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫•الحق في الصحة في الدستور الجديد لعام ‪2011‬‬
‫ ‬ ‫•استراتيجية القطاع الصحي للفترة الممتدة‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫عامي ‪ 2012‬و‪2016‬‬ ‫بين َ‬ ‫ ‬
‫‪15‬‬ ‫ ‬ ‫•نحو ميثاق صحي وطني جديد عام ‪2013‬‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬ ‫•مخطط الصحة للفترة الممتدة بين َ‬
‫عامي ‪ 2018‬و‪2025‬‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬ ‫•تعميم الحماية االجتماعية عام ‪2021‬‬
‫ ‬ ‫•القانون‪-‬اإلطار الجديد رقم ‪ 22-06‬لعام ‪ 2022‬المتعلق‬
‫‪16‬‬ ‫ ‬ ‫بالمنظومة الصحية الوطنية‬ ‫ ‬
‫‪17‬‬ ‫ ‬ ‫•إنشاء الهيئة العليا للصحة عام ‪2023‬‬
‫‪18‬‬ ‫ ‬
‫ملخص وصفي للمنظومة الصحية في المغرب؛ اإلنجازات وأوجه القصور‬

‫‪18‬‬ ‫ ‬ ‫•الوضع الصحي العام للسكان‬


‫‪18‬‬ ‫ ‬
‫•تنظيم المنظومة الصحية الوطنية‬

‫‪20‬‬ ‫القطاع الصحي في المغرب والتحديات الرئيسية أمام الحق في الصحة‬

‫‪20‬‬ ‫•الوضع الصحي التفصيلي للسكان ‬


‫‪22‬‬ ‫ ‬ ‫•عدم التمييز‬
‫‪23‬‬ ‫ ‬ ‫•تمويل الصحّ ة‬
‫‪24‬‬ ‫ ‬ ‫•الخدمات الصحيّة واألدوية‬
‫‪25‬‬ ‫ ‬
‫•الوصول إلى البيانات والمعلومات الصحيّة‬
‫‪26‬‬ ‫ ‬ ‫•العاملون في مجال الصحّ ة‬
‫‪27‬‬ ‫ ‬ ‫•العوامل العالميّة وفيروس كوفيد‪19-‬‬

‫‪29‬‬ ‫ ‬ ‫ّ‬
‫الحق في الصحّ ة في المغرب‬ ‫خارطة طريق وتوصيات إلعمال‬

‫‪29‬‬ ‫•تعزيز الحكم الرشيد وتقليص الفوارق الجغرافيّة واالجتماعيّة‬


‫ ‬ ‫المخصصة للصحّ ة نحو تحقيق التغطية‬
‫ّ‬ ‫•زيادة الموارد الماليّة‬
‫‪30‬‬ ‫ ‬ ‫الصحيّة الشاملة‬ ‫ ‬
‫•تنظيم القطاع الخاص وتعزيز الشراكة بين القطاعين ‬
‫‪31‬‬ ‫ ‬ ‫العام والخاص‬ ‫ ‬

‫‪32‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬
‫الخاتمة‬

‫‪33‬‬ ‫ ‬ ‫المراجع ‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪8‬‬

‫الخلفية التاريخية للمغرب وأبرز العوامل االجتماعية‬


‫والسياسة المرتبطة بالحق في الصحة‬

‫في األعوام األخيرة‪ ،‬شهد المغرب الذي ينتمي إلى الشريحة الدنيا من البلدان‬
‫متوسطة الدخل‪ ،‬تغيّرات كبيرة ديمقراطية واقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫نظرة عامة عن البلد‬


‫تقع المملكة المغربية في منطقة المغرب العربي بشمال إفريقيا‪ ،‬وتطل على‬
‫كل من الجزائر وموريتانيا‪.‬‬
‫المحيط األطلسي والبحر األبيض المتوسط‪ ،‬وتحدّ ها ٌّ‬
‫يسود في المغرب نظام مليك دستوري ديمقراطي برلماني اجتماعي يقوده الملك‬
‫الم َلكيات في العالم التي‬
‫محمد السادس منذ يوليو ‪ ،1999‬وهو يُعتبر إحدى أقدم َ‬
‫يتربع فيها الملك‪ ،‬المتمتع بصالحيات تنفيذية‪ ،‬على رأس الدولة‪ ،‬كما أنه القائد األعلى‬
‫ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وأمير المؤمنين‪ .‬يعيِّن الملك‬
‫رئيس الحكومة المسؤول عن ‪ )1‬القيام بالمشاورات لتشكيل الحكومة و‪ )2‬ترؤس‬
‫المجلس الوزاري و‪ )3‬تنفيذ التشريعات‪.‬‬

‫أرسى إصالح عام ‪ 1997‬الالمركزية اإلدارية في المغرب (‪Official Bulletin of‬‬


‫‪ .)Morocco, 1997‬وتنقسم البالد إداريً ا في الوقت الرهان إلى ‪ 12‬جهة (تتضمن‬
‫وال (أو حاكم) ومجلس ِجهَ وي يضم القوى‬‫ل منها ٍ‬ ‫وإقليما)‪ ،‬يرأس ك ً‬
‫ً‬ ‫‪ 75‬عمالة‬
‫الجهة‪ .‬تنتخب هذه المجالس هيئات مسؤولة عن اإلدارة‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫األساسية‬
‫وفقا للشروط التي يحددها القانون‪.‬‬‫ً‬ ‫الديمقراطية لشؤونها‬

‫هدفت هذه الالمركزية إلى تلبية االحتياجات االجتماعية واالقتصادية للبالد من جهة‪،‬‬
‫وإلى ضمان تحسين تكييف اإلطار الترابي للجهات وتناسقه مع وضعها الجديد‬
‫أيضا تفسيرها‬ ‫كسلطات محلية من جهة أخرى‪ .‬وتجد الحاجة إلى مراجعة التقسيم ً‬ ‫ُ‬
‫في استمرار انعدام التوازن بين المناطق المختلفة والمرتبط‪ ،‬إلى حدّ كبير‪ ،‬بالتمايز‬
‫المكاني الموروث من الحقبة االستعمارية‪ ،‬والذي يُضاف إلى العوامل الطبيعية‪.‬‬
‫ل بالنصوص الدستورية‪،‬‬ ‫وتعكس هذه المراجعة التقدم نحو التقسيم الجهَ وي عم ً‬
‫لما يعود به ذلك من تحسين لوضع الجهات في ضوء اعتماد القانون المرتبط‬
‫ً‬
‫مقارنة بالمناطق‬ ‫ً‬
‫تحسنا كبيرً ا‬ ‫بتنظيمها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تشكل الجهات التي ّ‬
‫تم إنشاؤها‬
‫االقتصادية السابقة التي استنسخت التجربة الفرنسية في الثالثينيات‪.‬‬

‫الدستور الجديد‬
‫يتبع المغرب منذ يوليو ‪ ،2011‬دستورً ا جديدً ا كرّ س للمرة األولى الوصول إلى الرعاية‬
‫ً‬
‫تماما كالوصول إلى التعليم والتوظيف‬ ‫كحق جوهري‬ ‫ٍّ‬ ‫الصحية والتغطية الطبية‬
‫(‪ .)General Secretariat of the Government of Morocco 2011‬يتميز هذا الدستور‬
‫أيضا بخصوصية تمتين الحوكمة من خالل إنشاء عدة أجهزة للحوكمة أو‬ ‫الجديد ً‬
‫الربط بين المسؤولية والمساءلة‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫ينص الفصل ‪ 31‬من الدستور الجديد على ما يلي‪:‬‬

‫“تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬على تعبئة كل‬


‫الوسائل المتاحة‪ ،‬لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم‬
‫المساواة‪ ،‬من الحق في‪:‬‬

‫العالج والعناية الصحية؛ والحماية االجتماعية والتغطية الصحية‪،‬‬


‫والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛ والحصول على‬
‫ميسر الولوج وذي جودة؛ والتنشئة على التشبث‬ ‫ّ‬ ‫تعليم عصري‬
‫بالهوية المغربية‪ ،‬والثوابت الوطنية الراسخة؛ والتكوين المهني‬
‫واالستفادة من التربية البدنية والفنية؛ والسكن الالئق؛ والشغل‬
‫والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب‬
‫شغل‪ ،‬أو في التشغيل الذاتي؛ وولوج الوظائف العمومية حسب‬
‫االستحقاق؛ والحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛‬
‫والتنمية المستدامة‪”...‬‬

‫في الواقع‪ ،‬يتيح دستور عام ‪ 2011‬تعزيز الحقوق‪ ،‬وهو وحد من إسهاماته الرئيسية‪،‬‬
‫ً‬
‫صراحة على الحق بالصحة (الفصل ‪ ،)31‬وقد أتى‬ ‫كما أنه الدستور األول التي يشتمل‬
‫على ذكر كلمة حق (حقوق) ‪ 88‬مرّ ة‪[ ،‬دستور (دساتير)‪ 158 :‬مرّ ة وقانون (قوانين)‪:‬‬
‫‪ 152‬مرّ ة]‪.‬‬

‫التشريعات واألنظمة الوطنية‬


‫مجلسين هما‪:‬‬
‫َ‬ ‫يتكوّ ن البرلمان المغربي من‬
‫ً‬
‫مباشرة لوالية مدتها خمس‬ ‫‪ .1‬مجلس النواب الذي يضم ‪ 395‬عضوً ا يُنتخبون‬
‫سنوات‪ ،‬و‬

‫‪ .2‬مجلس المستشارين‪ ،‬ويضم ‪ 120‬عضوً ا‪ ،‬يُنتخبون بطريقة غير مباشرة من ممثلي‬


‫الجماعات المحلية والمنتخبين في الغرف المهنية وممثلي المأجورين؛ يُنتخب ثلثا‬
‫أعضاؤه لمدة ست سنوات‪ ،‬فيما يُنتخب اآلخرون لمدة ثالث سنوات‪ .‬يتمتع البرلمان‬
‫بصالحية النظر في مسائل الميزانية واعتماد مسودات القوانين ومحاسبة الوزراء‬
‫وتشكيل لجان تقصي الحقائق المخصصة لمراقبة العمل الحكومي‪.‬‬

‫الخصائص الديموغرافية‬
‫يناهز العدد اإلجمالي لسكان المغرب حاليً ا ‪ 37‬مليون نسمة (‪The World Bank‬‬
‫ُقدر معدل النمو السنوي للسكان بنسبة ‪ 1.1%‬ويبلغ العمر الوسيط حوالى‬ ‫‪ .)2021‬ي َّ‬
‫‪ 29‬سنة‪ .‬تبلغ نسبة السكان الذين هم دون الخامسة عشرة من العمر ‪The( 26%‬‬
‫‪ .)World Bank 2021‬يناهز متوسط العمر المتوقع عند الوالدة ‪ 74‬سنة (وهو أعلى‬
‫ّ‬
‫تشكل‬ ‫لدى النساء منه لدى الرجال)‪ ،‬ويتوازن توزع السكان بحسب نوع الجنس‪ ،‬حيث‬
‫ل عن نصف السكان (‪60%‬‬ ‫النساء حوالى ‪ 50%‬من إجمالي السكان‪ .‬يعيش ما يزيد قلي ً‬
‫تقريبً ا) في المناطق الحَ َضرية (‪.)The World Bank 2021‬‬

‫الوضع االقتصادي‬
‫تشير أحدث اإلحصائيات إلى أن الناتج المحلي اإلجمالي للمغرب ناهز ‪ 143‬مليار دوالر‬
‫أمرييك عام ‪ .2021‬مرّ ت البالد بفترة ركود اقتصادي‪ ،‬إال أنها عادت فشهدت فترة‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪10‬‬

‫أكثر ازدهارً ا منذ التسعينيات‪ ،‬واستعادت تدريجيً ا معدل نمو متوسط بلغ ‪ 5%‬في‬
‫السنوات األخيرة‪ .‬ال يزال االقتصاد المغربي يعتمد على القطاع الزراعي‪ ،‬وال يزال‬
‫معدل الفقر (‪ 4%‬من السكان‪ ،‬المؤشر العددي للفقر عند خط الفقر الوطني)‬
‫والبطالة (‪ 11%‬من السكان) تحت السيطرة (‪.)The World Bank 2021‬‬

‫الخصائص االجتماعية والثقافية‬


‫احتل المغرب المرتبة ‪ 121‬في تقرير التنمية البشرية ‪ ،2019‬حيث بلغ مؤشر التنمية‬
‫ً‬
‫منخفضا (‪50%‬‬ ‫البشرية ‪ .)UNDP 2019( 0.686‬كان معدل معرفة القراءة والكتابة‬
‫من إجمالي السكان و‪ 30%‬فقط للنساء)‪ ،‬إال أن الحكومة استثمرت بشكل كبير في‬
‫التعليم منذ التسعينيات‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪ ،‬ارتفع معدل معرفة القراءة والكتابة لدى‬
‫البالغين بشكل كبير‪ ،‬وهو يتخطى اليوم ‪( 90%‬ولكنه ال يزال أعلى لدى الرجال منه‬
‫لدى النساء) (‪.)The World Bank 2021‬‬
‫ي ّ‬
‫ُشكل العرب والبربر‪ ،‬الذين يُعرفون باألمازيغ‪ 99% ،‬من السكان‪ُ .‬‬
‫وتعتبر العربية‬
‫ً‬
‫واألمازيغية اللغتين الرسميتين في البالد‪ ،‬على الرغم من استخدام الفرنسية أيضا‬
‫على نطاق واسع في المؤسسات الحكومية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫أبرز المشكالت والتحديات ذات الصلة التي ينبغي‬


‫مناقشتها من خالل تحليل نقدي إلطار الحق في‬
‫الصحة‬

‫تشير بعض التقارير الوطنية إلى أن أثر التطورات النوعية والكمية المسجلة في‬
‫النظام التشريعي والهيكليات المؤسسية‪ ،‬قد يبقى محدودً ا من حيث الضمانات‬
‫بتوفير الحماية الفعالة للحقوق والحريات (‪Economic, Social and Environmental‬‬
‫‪.)Council 2018; National Council for Human Rights of Morocco 2022‬‬

‫يُعتبر تعزيز فعالية الحق في الصحة محورً ا رئيسيً ا في تنفيذ االستراتيجية الوطنية‪.‬‬
‫عموما في ضوء تعريف منظمة الصحة العالمية التي تعرّ ف‬ ‫ً‬ ‫ويُفهم الحق في الصحة‬
‫الصحة على أنها “حالة من اكتمال السالمة بدنيً ا وعقليً ا واجتماعيً ا‪ ،‬ال مجرد انعدام‬
‫المرض أو العجز”‪ .‬يفترض تحقيق هذا الهدف وضع سياسات عامة متعددة األبعاد‬
‫تعمل بانسجام مع بعضها لبلوغ المستوى “األقصى” من الصحة البدنية والنفسية‪.‬‬
‫َ‬
‫تطبيق الحق في الصحة في المغرب وإتاحة الوصول‬ ‫تعترض عدّ ُة عوائق هيكلية‬
‫الفعال إلى الحق في الصحة‪ .‬سيركز هذا التقرير على التوسع في خمس مشكالت‬
‫رئيسية تواجه الحق في الصحة في المغرب اليوم‪ ،‬وهي التفاوت بين الجهات‪،‬‬
‫والصعوبات المالية من حيث التغطية الصحية الشاملة‪ ،‬ونقص األخصائيين‬
‫العاملين في القطاع الصحي‪ ،‬وعدم إدماج القطاع الخاص‪ ،‬وغياب مسارات الرعاية‬
‫المنسقة‪ ،‬وضعف نهج الوقاية‪ .‬ونناقش هذه المشكالت بمزيد من التعمق في ما‬
‫يلي‪.‬‬

‫التفاوتات الجغرافية واالجتماعية واالقتصادية‬


‫تتفاوت الجهات االثنتا عشرة التي يتألف منها المغرب في ما بينها بشكل كبير‪،‬‬
‫وذلك من حيث النمو الديموغرافي‪ ،‬والقطاعات االجتماعية‪ ،‬والديناميكيات‬
‫التركز السكاني واالقتصادي على طول ساحل‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬يزداد‬
‫المحيط األطلسي وترافقه انقسامات بين الجهات المركزية والجهات الطرَ فية من‬
‫جهة‪ ،‬والجهات شديدة التحضر والجهات الزراعية من جهة أخرى‪ .‬يسبب هذا الوضع‬
‫تفاوتات في اإلمداد بالرعاية الصحية‪ ،‬حيث تتركز البُنى االستشفائية واألخصائيون‬
‫العاملون في القطاع الصحي في المدن الكبيرة وعلى الساحل‪ ،‬وبخاصةٍ في محور‬
‫الرباط‪-‬الدار البيضاء‪.‬‬

‫التمويل الصحي والتغطية الصحية الشاملة‬


‫ل رئيسيً ا للوصول الفعال إلى الحق في‬ ‫على الرغم من أن التمويل الصحي يُعتبر عام ً‬
‫الصحة‪ ،‬إال أن ميزانية وزارة الصحة المغربية ال تتخطى ‪ 6‬إلى ‪ 7%‬من الميزانية العامة‬
‫للدولة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فهي ال تزال دون المعايير الدولية (‪ 15%‬من الميزانية العامة للدولة‬
‫بحسب إعالن أبوجا و‪ 12%‬بحسب منظمة الصحة العالمية) أو دون ميزانيات دول‬
‫أخرى ذات اقتصاد مشابه‪.‬‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪12‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تمثل النفقات المسدّ دة من الجيوب الخاصة ‪ 50%‬تقريبً ا من‬
‫اإلنفاق الصحي‪ ،‬ويشكل أكثر من ‪ 60%‬منها مساهمات في التغطية الطبية‪ ،‬ما‬
‫ً‬
‫عائقا حقيقيً ا أمام الوصول إلى الرعاية ويُسهم في الواقع القائل إن نسبة‬ ‫يشكل‬
‫كبيرة من السكان تجد نفسها في حالة من الضعف والخطر بسبب المشكالت‬
‫الصحية‪.‬‬

‫تحول هذه العوائق المالية دون تعميم الرعاية الصحية الشاملة في المغرب‪ ،‬حيث‬
‫إن توفير هذه الرعاية لكافة السكان يتطلب آليات تمويل مناسبة تضمن تغطية‬
‫جزئية للنفقات الصحية لألفراد‪ .‬سيتيح ذلك لألشخاص الذين يعيشون في ظروف‬
‫خطيرة وغير مستقرة‪ ،‬ومن بينهم المصابون باألمراض المزمنة‪ ،‬الوصول إلى‬
‫خدمات الرعاية الصحية األولية‪ .‬تعاني أنظمة التغطية الصحية المغربية اليوم من‬
‫ثالثة اختالالت كبيرة هي‪ :‬تحدي التوازن المالي‪ ،‬وتحدي الكفاءة‪ ،‬وعدم توفر نظام‬
‫للدفع من قبل جهات خارجية‪.‬‬

‫التوزع الديموغرافي لألخصائيين العاملين في القطاع‬


‫الصحي‬
‫يعاني المغرب من عدم كفاية األخصائيين العاملين في القطاع الصحي‪ ،‬حيث يُقدّ ر‬
‫عدد األطباء العاملين في البالد بـ ‪ 2,300‬طبيب يتركز نصفهم تقريبً ا في الرباط والدار‬
‫البيضاء (‪ ،)Ministry of Health of Morocco, 2022‬فيما يحتاج المغرب إلى ‪32,000‬‬
‫ً‬
‫وفقا لمعايير منظمة الصحة‬ ‫طبيب و‪ 65,000‬ممرض لتلبية احتياجات المواطنين‬
‫كاف للموارد البشرية نتيجة الصعوبات‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫واستخداما غير‬ ‫ً‬
‫ضعفا‬ ‫العالمية‪ .‬ونالحظ ً‬
‫أيضا‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫تعاني البالد ً‬
‫أيضا من “فرار” األطباء والمدراء التنفيذيين الصحيين؛ حيث يتراوح عدد‬
‫األطباء الذين يتلقون التدريب في المغرب ويعملون في الخارج بين ‪ 10,000‬و‪14,000‬‬
‫طبيب (‪.)Ministry of Health of Morocco 2022‬‬

‫القطاع الخاص والشراكة بين القطاعين العام والخاص‬


‫ً‬
‫مهما من‬ ‫شهد القطاع الخاص تطورً ا مضطردً ا في السنوات األخيرة‪ ،‬وأصبح جزءً ا‬
‫المنظومة الصحية الوطنية المتمتعة بقدرة كبيرة على توفير الرعاية والتي توفر‬
‫الرعاية لقسم كبير من السكان‪ .‬غير أن القطاع الخاص يفتقر إلى التنظيم والمراقبة‬
‫الكافية‪ ،‬كما أنه ليس مندمجً ا بشكل جيد في المنظومة الصحية الوطنية‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن الشراكات بين القطاعين العام والخاص محدودة جدً ا‪ .‬يقيّد هذا الوضع بشكل‬
‫كبير إمكانية الوصول إلى الحق في الصحة ويبقى من المشكالت األساسية التي‬
‫تستوجب إصالح المنظومة الصحية الوطنية‪.‬‬

‫مسارات الرعاية المنسقة والوقاية‬


‫ال تتوفر في المغرب مسارات منسقة للرعاية وتتم إدارة الموارد البشرية بشكل‬
‫غير مناسب‪ .‬ويُعتبر غياب مسارات الرعاية هذه أحد األسباب الرئيسية لإلدارة غير‬
‫المناسبة للموارد البشرية (األطباء وغيرهم من األخصائيين العاملين في القطاع‬
‫الصحي)‪ .‬كذلك‪ ،‬فإن انعدام شفافية عملية الرعاية قد يتسبب في مشكالت في‬
‫التشخيص ومعالجة المرضى‪ ،‬وهو ما يعرّ ضهم للخطر‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫ال يتم تنفيذ النهج الوقائي بشكل فعال وهو ال يعالج كافة المحاور التي تستهدف‬
‫المحددات االجتماعية واالقتصادية والبيئية للحق في الصحة‪ .‬كذلك‪ ،‬ال ُتعتمد‬
‫استراتيجية الرعاية الصحية األولية على الدوام‪ ،‬وغالبً ا ما ال ُتوضع مسارات منسقة‬
‫للرعاية وال يتم تعزيز الصحة الجنسية واإلنجابية بشكل كبير‪.‬‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪14‬‬

‫االعتراف بالحق في الصحة في المغرب‬

‫يعود تنظيم الصحة كخدمة عامة في المغرب إلى اإلصالحات التي أدخلها الحُ كم‬
‫االستعماري الفرنسي‪ .‬بعد االستقالل‪ ،‬صدر النص التنظيمي األول لخدمات وزارة‬
‫الصحة في أغسطس ‪ .1956‬وكان المغرب قد انضم إلى منظمة الصحة العالمية في‬
‫ذلك العام نفسه‪ ،‬وتحديدً ا في ‪ 14‬مايو ‪ .1956‬تلت ذلك عدة مراحل رئيسية في تطوير‬
‫المنظومة الصحية الوطنية‪.‬‬

‫المؤتمر الصحي الوطني األول في أبريل ‪1959‬‬


‫َ‬
‫المبدأين التوجيهيين للسياسة الصحية للمغرب في المؤتمر الوطني األول‬ ‫تم وضع‬
‫حول الصحة الذي تال استقالل البالد عام ‪ ،1956‬وهما‪« :‬المنظومة الصحية لألمة هي‬
‫من مسؤولية الدولة»؛ و»وزارة الصحة العامة مسؤولة عن تصميمها وتنفيذها»‬
‫(‪ .)Ministry of Health of Morocco, 2013‬تم تفعيل هذين المبدأين الرئيسيين اللذين‬
‫يشكالن أساس المنظومة الصحية الوطنية في مختلف خطط التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية التي ُ‬
‫اعتمدت منذ االستقالل وحتى عام ‪.1980‬‬

‫تطوير الرعاية الصحية األولية بين َ‬


‫عامي ‪ 1981‬و‪1994‬‬
‫شكل انضمام المغرب عام ‪ 1978‬إلى إعالن ألما‪-‬آتا حول الرعاية الصحية األولية نقطة‬ ‫ّ‬
‫االنطالق لهذه المرحلة الثانية؛ فأصبحت سياسة الرعاية الصحية األولية أولوية‬
‫وطنية‪ُ .‬طبق اإلعالن مع اعتماد خطة التنمية ‪ 1981-1985‬التي شجعت على إنشاء‬
‫وتطوير هيكليات الرعاية الصحية األولية في كافة أنحاء البالد‪.‬‬

‫بداية المرحلة الثالثة عام ‪1994‬‬


‫تتميز هذه المرحلة الثالثة بإعادة هيكلة وزارة الصحة وببدء إصالح المستشفيات‪ .‬تم‬
‫إنشاء مديريات مركزية جديدة للمستشفيات واألدوية والتنظيم‪ .‬كذلك‪ ،‬فقد أدت‬
‫ُ‬
‫العملية اإلصالحية التي أطلقت في هذه الفترة إلى بدء مشروع التغطية الطبية‬
‫استهلت هذه المرحلة بالندوة الوطنية للصحة في المغرب‪« :‬التنمية‬ ‫ُ‬ ‫األساسية‪.‬‬
‫الصحية في المغرب‪ ،‬حقائق وآفاق»‪ ،‬ورزازات‪ 13-16 ،‬يوليو ‪ .1992‬حضر هذه الندوة‬
‫حوالى ‪ 1,200‬شخص‪ ،‬وتناولت خاللها ‪ 16‬لجنة مواضيع متنوعة (‪High Commission‬‬
‫‪.)for Planning of Morocco 1992‬‬

‫التغطية الصحية األساسية عام ‪ 2002‬كوسيلة لتطبيق‬


‫الحق في الصحة‬
‫من حيث المبدأ‪ ،‬تهدف التغطية الصحية األساسية إلى ضمان الوصول الشامل‬
‫ّ‬
‫وتشكل بالتالي وسيلة لتطبيق الحق في الصحة؛ أما تقنيً ا‪ ،‬فهي‬ ‫إلى الرعاية الصحية‪،‬‬
‫استجابة لمشكلة تمويل خدمات الرعاية الصحية والتي شكلت موضوع تفكير‬
‫خاص في سياق الندوة الوطنية للصحة في المغرب التي ُعقدت عام ‪High( 1992‬‬
‫‪ .)Commission for Planning of Morocco 1992‬أدى إصالح التغطية الصحية‬
‫‪15‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫ُ‬
‫األساسية إلى إصدار القانون ‪ 65.00‬في ‪ 3‬أكتوبر ‪ .2002‬أطلق تعميم خطة المساعدة‬
‫الطبية األساسية (‪ )RAMED‬رسميً ا في مارس ‪ 2012‬وهي تهدف إلى ضمان الحق‬
‫في الرعاية الصحية للفقراء الذين ال يستفيدون من التأمين الصحي اإللزامي‪.‬‬

‫القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 34.09‬المتعلق بالمنظومة الصحية‬


‫وبعرض العالجات‬
‫القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 34.09‬هو األول من نوعه في تاريخ التشريعات الصحية في‬
‫المغرب (‪ .)Official Bulletin of Morocco 2011‬يحدد هذا القانون المبادئ واألهداف‬
‫األساسية لعمل الدولة في المجال الصحي وفي تنظيم المنظومة الصحية‪،‬‬
‫وتنص مادته األولى على أن الحق في الحفاظ على الصحة هو من مسؤولية‬
‫أيضا المنظومة الصحية كمجموعة من العناصر‬ ‫الدولة والمجتمع‪ .‬ويعرِّ ف القانون ً‬
‫المترابطة والمتكاملة‪ ،‬بما ينسجم إلى حد بعيد مع مفهوم منظمة الصحة العالمية‪.‬‬

‫الحق في الصحة في الدستور الجديد لعام ‪2011‬‬


‫ً‬
‫صراحة وللمرة األولى الحق في «الرعاية الصحية»‬ ‫يكرّ س دستور يوليو ‪2011‬‬
‫و»التغطية الطبية»‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬يعتبر الفصل ‪ 31‬الحق في الرعاية الصحية حقاً‬
‫ل ويربطه بمحدِّ دات الصحة (‪General Secretariat of the Government of‬‬ ‫شام ً‬
‫أيضا على عاتق السلطات العامة‬‫نفسه ً‬‫ُ‬ ‫‪ .)Morocco 2011‬وبالتالي‪ ،‬يضع هذا الفصل‬
‫َ‬
‫مسؤولية تسهيل التمتع بالحقوق األخرى‪ ،‬كالحق في التعليم‪ ،‬والسكن الالئق‪،‬‬
‫والعمل‪ ،‬والحصول على الماء‪ ،‬والبيئة الصحية‪.‬‬

‫استراتيجية القطاع الصحي للفترة الممتدة بين َ‬


‫عامي‬
‫‪ 2012‬و‪2016‬‬
‫تنبثق استراتيجية القطاع الصحي للفترة الممتدة بين َ‬
‫عامي ‪ 2012‬و‪ 2016‬عن البرنامج‬
‫الحكومي الذي أعدّ ته الجهة الحكومية المعيّنة في إطار دستور ‪General( 2011‬‬
‫‪ .)Secretariat of the Government of Morocco 2011‬تعلن وثيقة «االستراتيجية‬
‫القطاعية للصحة ‪ »2012-2016‬في مقدمتها‪ ،‬أنها جزء من التحوالت السياسية‬
‫واالجتماعية التي شهدها المغرب‪ ،‬والتي تستوجب اعتماد نهج جديد قائم على‬
‫حقوق اإلنسان والديمقراطية الصحية‪ ،‬وتعطي صدى قطاعيً ا ألحكام الدستور‬
‫الجديد‪ ،‬وبخاصة تلك المرتبطة بحق الوصول إلى الرعاية والتغطية الصحية (‪Ministry‬‬
‫‪.)of Health of Morocco 2012‬‬

‫نحو ميثاق صحي وطني جديد عام ‪2013‬‬


‫أربع وخمسين‬
‫نظمت وزارة الصحة مؤتمرً ا ثانيً ا حول الصحة في يوليو ‪ ،2013‬أي بعد ٍ‬
‫عاما على المؤتمر الصحي الوطني األول المنعقد عام ‪ .1959‬وتمثل الهدف العام‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫المعلن للمؤتمر في اإلصالح لمعالجة أوجه القصور الحالية وتلبية االحتياجات الناشئة‬
‫في مجال الصحة‪.‬‬

‫هدف هذا المؤتمر إلى تحديد أبرز األولويات الرئيسية للعمل في مجال الصحة‬
‫لألعوام الثالثين التالية‪ ،‬وبلوغ اإلجماع الوطني حول أبرز التحديات واألولويات‬
‫األساسية للعمل في المجال الصحي‪ ،‬وإطالق نهج جماعي لدمج االهتمام بالصحة‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪16‬‬

‫في كافة السياسات العامة‪ ،‬وتعزيز الوضوح في مجال التمويل الصحي بهدف‬
‫تعميم التغطية الطبية‪.‬‬

‫جمع هذا المؤتمر الصحي الثاني في المغرب أكثر من ‪ 500‬شخص‪ ،‬منهم جهات‬
‫فاعلة في القطاع الصحي‪ ،‬وشركاء للقطاع الصحي‪ ،‬لمناقشة المحاور ذات األولوية‬
‫إلصالح المنظومة الصحية‪ ،‬والمنبثقة عن توقعات المواطنين‪ ،‬وطموحات‬
‫األخصائيين العاملين في القطاع الصحي‪ ،‬ومرئيات تطوير المنظومة الصحية‬
‫الوطنية‪ .‬حضر هذه الفعالية ممثلون عن القطاعات الحكومية‪ ،‬ومنظمات المجتمع‬
‫المدني‪ ،‬وشركاء اجتماعيون‪ ،‬وهيئات ُمنتخبة‪ ،‬ومنظمات دولية‪ ،‬وخبراء محليون‬
‫ودوليون‪.‬‬

‫مخطط الصحة للفترة الممتدة بين َ‬


‫عامي ‪ 2018‬و‪2025‬‬
‫يتمثل الهدف من مخطط الصحة ‪ 2025‬في التكيف مع التحديات الجديدة للقرن‬
‫الحادي والعشرين‪ ،‬والتي تشمل التحديات الديموغرافية‪ ،‬والشيخوخة‪ ،‬والتقنيات‬
‫الجديدة‪ ،‬وتلبية احتياجات السكان بشكل أفضل (‪Ministry of Health of Morocco‬‬
‫‪ .)2018‬يولي المخطط األولوية للرعاية الصحية األولية ولتعزيز الصحة‪ ،‬ويدعو إلى‬
‫تطوير مراكز استشفائية ممتازة وإلى تعزيز المهارات واالبتكار‪ ،‬ويقترح طريقة‬
‫مبتكرة للحوكمة‪ ،‬والتمويل‪ ،‬وتعبئة وتثمين الموارد البشرية‪ ،‬وذلك بمشاركة‬
‫المواطنين وبالتزام من السلطات المحلية‪.‬‬

‫تعميم الحماية االجتماعية عام ‪2021‬‬


‫شهد عام ‪ 2021‬إطالق اإلصالح المتمثل في تعميم التأمين الصحي اإللزامي لتحقيق‬
‫التغطية الصحية الشاملة‪ ،‬وهي أحد الركائز األساسية لمشروع تعميم الحماية‬
‫االجتماعية‪ .‬يهدف هذا اإلصالح إلى تمكين ‪ 22‬مليون مستفيد إضافي من الوصول‬
‫إلى التأمين الصحي اإللزامي‪ ،‬والذي يغطي تكاليف الرعاية واألدوية واالستشفاء‪.‬‬

‫سيحشد هذا المشروع البارز ميزانية سنوية بقيمة ‪ 51‬مليار درهم (يساوي كل‬
‫دوالر أمرييك ‪ 10‬دراهم تقريبً ا) اعتبارً ا من عام ‪ ،2025‬ويتم توزيعها بين تعميم التأمين‬
‫األسرية‪ ،‬وتوسيع قاعدة المستفيدين من‬ ‫الصحي اإللزامي‪ ،‬وتعميم اإلعانات ُ‬
‫نظام التقاعد‪ ،‬وتعميم الوصول إلى التعويض عن فقدان الوظائف (‪Ministry of‬‬
‫‪.)Economy and Finance of Morocco 2022‬‬

‫القانون‪-‬اإلطار الجديد رقم ‪ 22-06‬لعام ‪ 2022‬المتعلق‬


‫بالمنظومة الصحية الوطنية‬
‫يلغي القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 06-22‬الذي تم اعتماده مؤخرً ا والمتعلق بالمنظومة‬
‫َ‬
‫القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 34-09‬المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض‬ ‫الصحية الوطنية‪،‬‬
‫ّ‬
‫العالجات‪ ،‬ويحل محله (‪.)Official Bulletin of Morocco 2022‬‬

‫يهدف هذا القانون إلى إصالح القطاع باستخدام نهج متعدد األبعاد‪ ،‬وهو قائم على‬
‫أربع ركائز هي الحوكمة الجيدة‪ ،‬وتطوير الموارد البشرية‪ ،‬وتحسين عرض العالجات‪،‬‬
‫معمق ينبغي أن يتيح بشكل‬‫ّ‬ ‫مخططا شام ً‬
‫ل إلصالح‬ ‫ً‬ ‫والرقمنة‪ .‬يضع هذا القانون‬
‫خاص‪ ،‬إنجاز مشروع تعميم الحماية االجتماعية‪.‬‬

‫ويتمثل الهدف في «تيسير وصول المواطنين إلى الخدمات الصحية وتحسين‬


‫‪17‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫جودتها‪ ،‬وضمان التوزيع المتوازن والعادل للرعاية الصحية على مجموع التراب‬
‫أيضا إلى «توفير خدمات الصحة العامة على مجموع‬‫الوطني»‪ .‬يهدف هذا اإلصالح ً‬
‫التراب الوطني وتحسين حوكمتها من خالل إنشاء مجموعات صحية ترابية‪ ،‬وإلى‬
‫ضمان السيادة الطبية وتوفر األدوية ومنتجات الرعاية الصحية باإلضافة إلى‬
‫سالمتها وجودتها»‪.‬‬

‫إنشاء الهيئة العليا للصحة عام ‪2023‬‬


‫تستعد الحكومة للمصادقة على قانون إنشاء الهيئة العليا للصحة والذي يحدد أدوار‬
‫وصالحيات هذه المؤسسة التي تعتمد عليها الحكومة بشكل كبير في مشروع‬
‫إصالح المنظومة الصحية‪ .‬ستحل هذه الهيئة العليا المستقلة محل الوكالة الوطنية‬
‫للتأمين الصحي التي سيتم ّ‬
‫حلها َفور نفاذ هذا القانون‪.‬‬

‫ستتولى المؤسسة الجديدة اإلشراف الفني على التأمين اإللزامي األساسي للمرض‪،‬‬
‫وتقويم خدمات المؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص‪ ،‬وظروف الرعاية‬
‫الطبية للمرضى‪ ،‬واعتماد المؤسسات الصحية‪ ،‬والتقويم الدوري لألدوية‪ ،‬ومنتجات‬
‫الرعاية الصحية‪ ،‬واألعمال المهنية على أساس فعاليتها وجدواها‪.‬‬
‫سيُعهد إلى المؤسسة ً‬
‫أيضا متابعة وتحليل وتقويم البيانات الوبائية‪ ،‬وتقويم البرامج‬
‫المرتبطة بمكافحة األمراض‪ ،‬وإجراء الدراسات واألبحاث‪ ،‬والتعبير عن آرائها بشأن‬
‫السياسات العامة في مجال الصحة‪ ،‬وتقديم المقترحات للهيئات العامة حول‬
‫التدابير الضرورية الواجب اتخاذها لمنع أي تهديد لصحة السكان‪.‬‬

‫نفذ المغرب منذ االستقالل‪ ،‬عدة إصالحات متتالية لضمان الحق في الصحة لجميع‬ ‫ّ‬
‫السكان‪ .‬وكما هو موضح أعاله‪ ،‬تنعكس هذه اإلرادة الوطنية في عدة نصوص‬
‫تشريعية‪ ،‬وبشكل خاص‪ ،‬في الدستور الجديد لعام ‪ 2011‬الذي يشير إلى الحق في‬
‫الوصول إلى الرعاية كحق جوهري تقع مسؤولية ضمانه على عاتق الدولة‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فقد تم مؤخرً ا إطالق اإلصالح لتعميم التغطية الصحية الشاملة لصالح‬
‫كافة المواطنين بهدف ضمان الوصول المنصف إلى الرعاية للجميع‪ .‬كذلك‪ ،‬يتم حاليً ا‬
‫إصالح المنظومة الصحية لضمان تحسين جودة وفعالية الخدمات الصحية‪ .‬ولكن‪ ،‬ما‬
‫هو واقع الحق في الصحة؟ نحاول من خالل البيانات واألدلة إجراء جرد وتحليل للواقع‬
‫الحالي‪ ،‬وللصعوبات والتحديات المرتبطة بالحق في الصحة في المغرب‪.‬‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪18‬‬

‫ملخص وصفي للمنظومة الصحية في المغرب؛‬


‫اإلنجازات وأوجه القصور‬

‫كما هو موضح في ما يلي‪ ،‬يشهد المغرب نقلة ديموغرافية ووبائية يرافقها تحسن‬
‫شامل في مؤشرات الصحة‪ ،‬ما يؤدي إلى نشوء احتياجات جديدة في المجال الصحي‪.‬‬
‫تنتمي المنظومة الصحية إلى النوع البسماريك وهي ال تزال مركزية نسبيً ا وتفتقر إلى‬
‫حُ سن التكامل بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫الوضع الصحي العام للسكان‬


‫يشهد المغرب تغيّرً ا كبيرً ا في الملف الوبائي‪ ،‬يتميز بزيادة عبء األمراض غير‬
‫المعدية التي تمثل حاليً ا ‪ 75%‬من األمراض التي تصيب مجموع السكان (حيث إن‬
‫األسباب الرئيسية الثالثة للوفيات هي‪ :‬األمراض القلبية الوعائية (‪ ،)34%‬والسكري‬
‫(‪ ،)12%‬والسرطانات (‪ُ .)11%‬تعزى نسبة ‪ 7%‬من الوفيات لإلصابات‪ ،‬أما النسبة‬
‫المتبقية والبالغة ‪ 18%‬فسببها األمراض المعدية‪ ،‬وحاالت األمومة‪ ،‬والفترة‬
‫المحيطة بالوالدة‪ ،‬وظروف التغذية (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬

‫ً‬
‫متقدما من االنتقال الوبائي‪ .‬وتتميز‬ ‫في العقود األخيرة‪ ،‬أظهر المغرب مستوى‬
‫النقلة في قطاع الرعاية الصحية في المغرب بنمو اقتصادي شامل‪ ،‬وزيادة متوسط‬
‫العمر المتوقع (‪ 74‬سنة عام ‪ ،)2021‬وتراجع معدل الخصوبة‪ ،‬وانحسار األمراض‬
‫المعدية (مع استمرار بعض األمراض المعدية المعينة كالسل وفيروس نقص‬
‫المناعة البشرية‪/‬اإليدز)‪ ،‬إال أنها ترافقت بنشوء أمراض غير معدية كاألمراض القلبية‬
‫الوعائية‪ ،‬والسكري‪ ،‬والسرطانات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من التراجع الكبير‬
‫لمعدالت وفيات األم والطفل في العقد الماضي‪ ،‬فال يزال هناك مجال للتحسين‪.‬‬

‫تنظيم المنظومة الصحية الوطنية‬


‫تضم منظومة الصحة الوطنية للمغرب القطاعين العام والخاص (بما في ذلك‬
‫القطاعات الربحية وغير الربحية)‪ .‬تتولى وزارة الصحة بشكل أساسي إدارة منظومة‬
‫الصحة الوطنية‪ .‬تخضع اإلدارة المركزية لوزارة الصحة إلشراف الوزير‪ ،‬وهي‬
‫مقسمة إلى ثماني مديريات مركزية (السكان‪ ،‬وعلم األوبئة ومكافحة األمراض‪،‬‬
‫والمستشفيات والعيادات الخارجية‪ ،‬والموارد البشرية‪ ،‬والتجهيزات والصيانة‪،‬‬
‫والتنظيم والمنازعات‪ ،‬والتخطيط والموارد المالية‪ ،‬واألدوية والصيدلة) تخضع‬
‫لإلشراف المباشر للكاتب العام‪ .‬تتولى مديرية علم األوبئة ومكافحة األمراض‬
‫ترصد األمراض ومعالجة مشكالت الصحة العامة بالتنسيق مع المديريات‬ ‫مسؤولية ّ‬
‫الفنية األخرى‪ ،‬أما مديرية السكان‪ ،‬فهي مسؤولة عن تعزيز الصحة ومراقبة صحة‬ ‫ّ‬
‫السكان‪ ،‬بمن فيهم ذوو االحتياجات الخاصة‪.‬‬
‫َ‬
‫وزارة الصحة‬ ‫ِّ‬
‫وتمثل مديريات الصحة الجهوية التي يُشرف عليها ً‬
‫أيضا الكاتب العام‬
‫في كل من الجهات الست عشرة‪ .‬ويتوفر في كل إقليم أو عمالة وفد إقليمي‪.‬‬
‫َ‬
‫سياسة الالمركزية التي تنقل إدارة هذه الخدمات من‬ ‫تتبع إدارة الخدمات الصحية‬
‫الجهوية‪ .‬ولكن‪ ،‬يبدو أن وزارة الصحة ال تزال‬
‫ِ‬ ‫الصحة‬ ‫مديريات‬ ‫المستوى المركزي إلى‬
‫تضطلع بعدة مهام كتوظيف العاملين الصحيين‪ ،‬ومعالجة مشكالت الميزانية‪،‬‬
‫‪19‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫وتطوير الخطط الصحية الجهوية‪ .‬يبلغ عدد مرافق الرعاية الصحية األولية التابعة‬
‫للقطاع العام ‪ ،2,157‬يُضاف إليها ‪ 155‬مستشفى (من مختلف المستويات‪ :‬المحلي‪،‬‬
‫واإلقليمي‪ ،‬والجهوي‪ ،‬والثالثي) تضم ‪ 25,199‬سريرً ا‪ ،‬وعشر مستشفيات لألمراض‬
‫النفسية تضم ‪ 1,512‬سريرً ا‪ .‬أما القطاع الخاص‪ ،‬فيتألف من حوالى ‪ 11,928‬عيادة خاصة‬
‫َ‬
‫الحضرية وعلى‬ ‫و‪ 384‬عيادة تضم ‪ 12,534‬سريرً ا‪ ،‬وتقع بشكل أساسي في المناطق‬
‫الساحل األطلسي الشمالي (‪.)Ministry of Health of Morocco 2022‬‬

‫ل عن تلك الواردة في تقارير عام ‪ 2018‬عندما كان القطاع‬ ‫تختلف هذه األعداد قلي ً‬
‫مرفقا للرعاية الصحية األولية‪ ،‬و‪ 148‬مستشفى‪ ،‬من بينها خمسة‬ ‫ً‬ ‫العام يضم ‪2,860‬‬
‫مستشفيات جامعية‪ ،‬و‪ 21,692‬سريرً ا‪ ،‬وعشرة مستشفيات لألمراض النفسية تضم‬
‫‪ 1,146‬سريرً ا‪ ،‬و‪ 106‬مراكز لغسيل الكلى‪ ،‬وعشر مراكز ِجهوية لعلم األورام‪ .‬وكان‬
‫القطاع الخاص يضم حينها ‪ 356‬عيادة مع ‪ 9,719‬سريرً ا‪ ،‬و‪ 9,475‬عيادة طبية‪ ،‬و‪8,914‬‬
‫صيدلية‪ ،‬و‪ 3,121‬عيادة لطب األسنان (‪.)Ministry of Health of Morocco 2021‬‬

‫يشكل أساس منظومة الصحة الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫ال يزال قطاع المستشفيات العمومية‬
‫للمغرب‪ .‬يتمتع القطاع الخاص ً‬
‫أيضا بمكانة مهمة على الرغم من افتقاره إلى التنظيم‬
‫الكامل ومن عدم شمله في االستراتيجية الصحية الوطنية‪ ،‬ما أدى إلى ضعف‬
‫الشراكة بينه وبين القطاع العام‪ .‬وال يزال التوزيع الجغرافي للمستشفيات العمومية‬
‫َ‬
‫الحضرية والريفية‪.‬‬ ‫والخاصة غير متكافئ بين الجهات والمناطق‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪20‬‬

‫القطاع الصحي في المغرب والتحديات الرئيسية أمام‬


‫الحق في الصحة‬

‫ً‬
‫معمقا ألسس الحق في الصحة في مختلف عناصر‬ ‫نقدم في هذا القسم تحلي ً‬
‫ل‬
‫منظومة الرعاية الصحية المغربية‪.‬‬

‫الوضع الصحي التفصيلي للسكان‬


‫شهد الوضع الصحي لسكان المغرب تغيّرً ا كبيرً ا في السنوات األخيرة‪ .‬ساهم‬
‫تحسن الظروف المعيشية والوصول إلى الرعاية في تحسين العديد من المؤشرات‬
‫الديموغرافية والوبائية كالسيطرة على النمو السكاني‪ ،‬وزيادة متوسط العمر‬
‫المتوقع‪ ،‬وتقليل عبء األمراض المعدية‪ ،‬إال أن ذلك ترافق مع زيادة عبء‬
‫األمراض المزمنة واضطرابات الصدمة‪ .‬في الواقع‪ ،‬تحسنت الحالة الصحية العامة‬
‫لجميع السكان في السنوات األخيرة‪ ،‬إال أن التفاوتات الصحية ال تزال موجودة بين‬
‫المجموعات االجتماعية والجغرافية‪ ،‬كما أن النهج الوقائي ال يزال محدودً ا‪.‬‬

‫„صحّ ة األم والطفل‬ ‫„‬

‫وُ ضعت صحّ ة األم والطفل منذ التسعينيّات على رأس أولويّات قطاع الصحّ ة‪.‬‬
‫كل ‪ 100،000‬والدة حيّة‪،‬‬ ‫األمهات ُخ ّفض إلى ‪ 73‬حالة وفاة مقابل ّ‬
‫فمعدّ ل وفيّات ّ‬
‫ّ‬
‫لكن األسباب التي يمكن تفاديها بقيت سائدة‪ .‬نذكر منها‪ ،‬النزيف ما بعد الوالدة‬
‫واضطرابات ارتفاع ضغط الدم بما في ذلك مقدّ مات االرتعاج‪/‬االرتعاج والعدوى‬
‫ومضاعفات اإلجهاض‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬لوحظ هذا التغيّر اإليجابي في المناطق‬
‫الحضريّة أكثر من المناطق الريفيّة‪ :‬إذ بلغ االنخفاض السنوي في وفيّات األمهات‬
‫‪ 8٪‬في المناطق الحضريّة مقابل ‪ 5٪‬في المناطق الريفيّة ومعدل الوالدة الخاضعة‬
‫لإلشراف ‪ 97٪‬في المناطق الحضريّة مقابل ‪ 74٪‬في المناطق الريفيّة‪ .‬أما الرعاية‬
‫ما بعد الوالدة‪ ،‬فهي متاحة ألقل من ‪ 30٪‬من النساء (‪Ministry of Health of‬‬
‫‪.)Morocco 2018‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن معدّ ل وفيّات األطفال حديثي الوالدة انخفض بنسبة ‪38٪‬‬
‫لكل ‪ 1000‬والدة حيّة‪ .‬وتكمن‬
‫ّ‬ ‫أي من ‪ 21‬إلى ‪ 14‬حالة وفاة‬
‫بين عامي ‪ 2011‬و‪ّ ،2018‬‬
‫والخداج (‪Ministry‬‬
‫ِ‬ ‫األسباب الرئيسة التي حُ دّ دت في الضائقة التنفسيّة وااللتهابات‬
‫‪ .)of Health of Morocco 2018‬كما انخفض معدّ ل وفيات الرضع واألطفال بسبب‬
‫منظمة الصحّ ة العالميّة في العام ‪ )2002‬والحصبة‬ ‫ّ‬ ‫كزاز المواليد (دحر الكزاز حسب‬
‫والسعال الدييك عند األطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين شهر إلى ‪ 12‬شهرً ا‬
‫أي حاالت شلل األطفال والخناق منذ‬ ‫انخفاضا حادً ا‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم ي ّ‬
‫ُبلغ عن ّ‬ ‫ً‬
‫عامي ‪ 1987‬و‪ 1998‬على التوالي‪ .‬منذ طرح اللقاح في العام ‪ ،2007‬لوحظ انخفاض‬
‫بنسبة ‪ 85٪‬في حاالت التهاب السحايا جراء المستديمة النزليّة من النمط ب‪ .‬وفي‬
‫منظمة الصحّ ة العالميّة المغرب على أنه في مرحلة ما‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق بداء الحصبة‪ ،‬تصنف‬ ‫ّ‬ ‫ما‬
‫قبل دحر الحصبة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬
‫ّ‬
‫يتعلق بتنظيم األسرة بين النساء المتزوّ جات اللواتي تتراوح أعمارهن بين ‪15‬‬ ‫وفي ما‬
‫ً‬
‫عاما أظهر تقدّ ًما ملحوظا‪ ،‬بلغ ‪ 71٪‬في العام ‪ .2018‬كما بلغ استخدام األسلوب‬
‫و‪ً 49‬‬
‫‪21‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫الحديث ‪ 58٪‬واالحتياجات التي لم ّ‬


‫يتم تلبيتها ‪ 11٪‬في العام ‪ 2018‬مقارنة بـ ‪ 20٪‬في‬
‫العام ‪ .)Ministry of Health of Morocco 2018( 1992‬وتشمل األولويّات المحدّ دة‬
‫(أي ‪ 48٪‬في العام ‪ 2018‬مقارنة بـ ‪4٪‬‬ ‫للمستقبل تغيير هيكل وسائل منع الحمل ّ‬
‫تلب بعد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لم‬ ‫التي‬ ‫االحتياجات‬ ‫تلبية‬ ‫على‬ ‫في العام ‪ 2011‬للولب)‪ ،‬باإلضافة إلى العمل‬
‫كل من العقم والصحّ ة ما قبل‬ ‫وتحسين جودة الخدمات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يُعتبر ّ‬
‫الزواج والصحّ ة ما قبل الحمل مصدر اهتمام جديدً ا (‪Ministry of Health of Morocco‬‬
‫‪.)2018‬‬

‫شيوعا بين النساء‬


‫ً‬ ‫يُعد سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم من أكثر أنواع السرطان‬
‫لكل ‪ 100،000‬امرأة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫في المغرب‪ ،‬إذ يبلغ معدّ ل اإلصابة المعياري ‪ 45‬و‪ 14‬حالة جديدة‬
‫على التوالي‪ .‬ومنذ العام ‪ُ ،2012‬ع ّمم االكتشاف المبكر لسرطان الثدي على المستوى‬
‫ل في بعض المناطق‪.‬‬ ‫الوطني‪ ،‬بينما أصبح االكتشاف المبكر لسرطان عنق الرحم فعا ً‬
‫والجدير ذكره أن االكتشاف المبكر لسرطان الثدي كان ناجحً ا جدً ا‪ .‬ولكن‪ ،‬الكشف‬
‫التوسع (‪Ministry of Health of Morocco‬‬ ‫ّ‬ ‫المبكر عن سرطان عنق الرحم آخذ في‬
‫‪.)2018‬‬

‫وبهدف مكافحة العنف ضد النساء واألطفال‪ ،‬وضعت وزارة الصحّ ة برنامجً ا‬


‫وطن ًّيا لرعاية النساء واألطفال ضحايا العنف‪ .‬ولكن‪ ،‬يجب التصدي لتحديات عدّ ة‪،‬‬
‫خصوصا‬
‫ً‬ ‫وال سيّما تعزيز التنسيق بين مختلف القطاعات وتطوير الموارد الالزمة‪،‬‬
‫الموارد البشريّة‪ ،‬بما في ذلك األطباء الشرعيين واألطباء النفسيين وعلماء النفس‬
‫واألخصائيين االجتماعيين (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬

‫„األمراض غير السارية‬ ‫„‬

‫في المغرب‪ ،‬ينعكس التحول الوبائي والديموغرافي في زيادة عبء االعتالل‬


‫والوفيات من األمراض غير السارية مثل السرطان وداء السكري وأمراض القلب‬
‫واألوعية الدمويّة والفشل الكلوي المزمن‪ .‬إذ يُظهر البالغون الذين تزيد أعمارهم‬
‫عن ‪ً 18‬‬
‫عاما معدل انتشار لداء السكري يبلغ ‪ ،٪ 11‬وارتفاع ضغط الدم يبلغ ‪٪ 30‬‬
‫والسمنة ‪ ٪ 20‬وفرط كوليسترول الدم ‪.)Ministry of Health of Morocco 2016( ٪ 11‬‬
‫أما معدّ ل انتشار تعاطي التبغ فيبلغ ما يقارب ‪( 13٪‬الرجال ‪ 30٪‬والنساء ‪ )1٪‬مقابل‬
‫سجّ ل في العام ‪.2006‬‬‫‪( 18٪‬الرجال ‪ 31٪‬والنساء ‪ُ )3٪‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن معدّ ل اإلصابة بالسرطان يقدّ ر بما يقارب ‪ 40‬ألف حالة جديدة‬
‫سنو ًّيا (‪ .)Ministry of Health of Morocco 2012‬أما الفشل الكلوي‪ ،‬فيظهر انتشار‬
‫مرض الكلى المزمن بما يقارب ‪ 3٪‬أو مليون شخص مصاب تقريبً ا (‪Ministry of‬‬
‫‪ .)Health of Morocco 2011‬كما ُتعدّ أمراض الجهاز التنفسي المزمنة‪ ،‬وال سيّما الربو‬
‫(‪ 4٪‬تقريبً ا) ومرض االنسداد الرئوي المزمن (كذلك ‪ 4٪‬تقريبً ا)‪ ،‬من مشكالت الصحّ ة‬
‫العامة الفعليّة في المغرب (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬

‫„األمراض السارية‬ ‫„‬

‫ينخفض عبء األمراض السارية في المغرب منذ الثمانينيّات‪ ،‬وباتت هذه األمراض‬
‫وت ّ‬
‫صنف‬ ‫أن بعض األمراض قد دحر‪ُ .‬‬ ‫مسؤولة حاليً ا عن ‪ 18٪‬فقط من الوفيات‪ .‬كما ّ‬
‫تم دحرها فع ً‬
‫ل‬ ‫األمراض السارية في ثالث مجموعات‪ ،‬وهي تشمل األمراض التي ّ‬
‫أو تلك التي هي في طور الدحر‪ ،‬كالمالريا والتراخوما المسبّبة لفقدان البصر وداء‬
‫ّ‬
‫تتضمن األمراض التي ال تزال تسبّب‬ ‫البلهارسيات والجذام وشلل األطفال‪ .‬كما أنها‬
‫مشكالت صحيّة عامة‪ ،‬كالسل وعدوى فيروس نقص المناعة البشريّة والتهاب‬
‫الكبد الفيروسي والتهاب السحايا وبعض األمراض المختلفة‪ ،‬بما في ذلك داء الكلب‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪22‬‬

‫وداء الليشمانيات والجمرة الخبيثة‪ .‬وأخيرً ا‪ ،‬تشمل األمراض الناشئة و‪/‬أو تلك التي‬
‫تهدّ د حاالت طوارئ الصحة العامة‪ ،‬كالحمى النزفيّة والتهابات الجهاز التنفسي‬
‫بعوامل معدية جديدة واألمراض المحمولة بالنواقل‪ ،‬وغيرها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنّ‬
‫التسمم بلسعة الثعبان ولسعة‬‫ّ‬ ‫داء الليشمانيات والتسمم الغذائي الجماعي وآفة‬
‫العقرب من مشكالت الصحّ ة العامة الرئيسة (‪Ministry of Health of Morocco‬‬
‫‪.)2016‬‬

‫عزز بعض قدراته (كخطط المراقبة واالستجابة) لتعزيز‬ ‫أن المغرب ّ‬‫والجدير ذكره ّ‬
‫األمن الصحي الوطني‪ ،‬بما في ذلك للتصدي لبعض األزمات الصحيّة العالميّة مثل‬
‫جائحة إنفلونزا ‪ AH1N1‬ووباء مرض فيروس اإليبوال‪ .‬غير ّأنه يجب تعزيز هذا النظام‬
‫وتحديثه عن طريق إنشاء مراكز عمليات الطوارئ الخاصة بالصحّ ة العامة واستخدام‬
‫تقنيات تواصل جديدة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬

‫„الصحة النفسيّة‬ ‫„‬

‫يتعلق باالعتالل في المغرب‪ .‬فشخص‬ ‫ّ‬ ‫ُتعتبر االضطرابات النفسيّة ً‬


‫عبئا كبيرً ا في ما‬
‫كل شخصين تقريبً ا يعاني اضطرابً ا نفس ًّيا واحدً ا على األقل‪ ،‬يمكن أن‬ ‫واحد من بين ّ‬
‫يتراوح من األرق البسيط أو التشنج العصبي إلى االضطرابات األكثر خطورة مثل‬
‫االكتئاب والقلق ‪ /‬االضطرابات الذهانيّة أو االضطرابات المرتبطة باستهالك و ‪ /‬أو‬
‫تعاطي الكحول أو المخدرات (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬
‫ً‬
‫مرفقا للرعاية النفسيّة واإلدمان عبر‬ ‫وفي ما يتعلق بالبنية التحتيّة الصحيّة‪ ،‬ينتشر ‪34‬‬
‫شبكات مختلفة من المرافق الصحيّة (كالرعاية في المستشفيات والرعاية الصحيّة‬
‫األوليّة والرعاية االجتماعيّة والطبيّة)‪ .‬وتبلغ السعة اإلجماليّة لألسرة ‪ 2،209‬سريرً ا‪،‬‬
‫لكل‬
‫ّ‬ ‫متوسط المنطقة بسرير واحد‬ ‫ّ‬ ‫أقل من‬
‫ّ‬ ‫(أي‬
‫أي ‪ 0.65‬سريرً ا لكل ‪ 10000‬نسمة ّ‬
‫‪ 10000‬نسمة حسب المكتب اإلقليمي لشرق المتوسط)‪ .‬كما يُالحظ عدم مساواة‬
‫أي مرافق‬‫في التوزيع اإلقليمي لهذه المرافق‪ .‬بالفعل‪ ،‬ال تتوافر في منطقتين ّ‬
‫للطب النفسي أو عالج اإلدمان (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬

‫عدم التمييز‬
‫في السنوات األخيرة‪ ،‬حظيت الفئات السكانيّة ذات االحتياجات الخاصة باهتمام كبير‬
‫من السلطات العامة والسياسات الصحيّة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2020‬‬
‫وتنقسم الفئات السكانيّة هذه إلى أربع مجموعات‪:‬‬

‫ُمثل أصحاب الهمم ما يقرب من ‪ 7٪‬من سكان المغرب‪ ،‬وتبلغ أعمار ‪34٪‬‬ ‫•ي ّ‬
‫عاما أو أكثر‪ .‬كما يُعتبر انتشار اإلعاقة‪ ،‬الذي يتزايد عالم ًّيا‪ ،‬تحديً ا حقيقيً ا‬
‫منهم ‪ً 60‬‬
‫للمغرب اليوم‪ ،‬مع األخذ في االعتبار شيخوخة السكان واألمراض المرتبطة‬
‫بهذه الفئة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬
‫ً‬
‫مزمنا واحدً ا على األقل‪ .‬وبلغ معدّ ل‬ ‫ً‬
‫مرضا‬ ‫•كبار السن ومعظمهم يعانون‬
‫انتشار داء السكري وارتفاع ضغط الدم ‪ 20٪‬في العام ‪ 23٪( 2018‬في المناطق‬
‫الحضريّة و‪ 15٪‬في المناطق الريفيّة) مقابل ‪ 15٪‬في العام ‪ 2011‬و‪ 34٪‬في العام‬
‫‪ 36٪( 2018‬في المناطق الحضريّة و‪ 30٪‬في المناطق الريفيّة) مقابل ‪ 28٪‬في‬
‫العام ‪ 2011‬على التوالي (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬

‫• ُقدّ ر عدد السكان المصابين بالسرطان بما يقرب ‪ 83203‬في العام ‪،2018‬‬
‫غالبيّتهم من الذكور ما دون ‪ً 40‬‬
‫عاما (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬
‫‪23‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫وهؤالء السكان هم أكثر عرضة للخطر بسبب عوامل خطر عدّ ة متراكمة‪،‬‬
‫بما في ذلك الهشاشة االجتماعيّة واالقتصاديّة والصحيّة وسوء الوصول‬
‫ً‬
‫وأحيانا ظروف االحتجاز غير المالئمة (كاالكتظاظ‬ ‫إلى الرعاية وما إلى ذلك‬
‫واالختالط)‪.‬‬

‫•يستفيد السكان المهاجرون من استراتيجيّة المغرب الجديدة (‪ ،)2014‬التي‬


‫تستجيب إلحدى المشكالت الرئيسة التي تواجه إفريقيا والمنطقة األوروبيّة‬
‫المتخذة لصالحها إلى قيم التضامن واالندماج‪.‬‬‫ّ‬ ‫المتوسطيّة‪ .‬وتستند اإلجراءات‬
‫يتمتع المهاجرون بحقوق الوصول إلى الرعاية في‬ ‫ّ‬ ‫إذ إنه‪ ،‬من الناحية القانونيّة‪،‬‬
‫قطاع الصحّ ة العامة كالمواطنين‪.‬‬

‫فحق السكان المستضعفين في الصحّ ة مضمون من الناحية النظريّة‪ ،‬كما هو‬


‫حال جميع السكان في المغرب‪ .‬ولكن‪ ،‬من الناحية العمليّة‪ ،‬يمكن أن يواجه هؤالء‬
‫السكان صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحيّة‪.‬‬

‫تمويل الصحّ ة‬
‫أن إجمالي اإلنفاق الصحي في المغرب بلغ ما يناهز ‪61‬‬ ‫تشير التقديرات األخيرة إلى ّ‬
‫أي بزيادة إجماليّة‬
‫مليار درهم في العام ‪ 2018‬مقابل ‪ 52‬مليار درهم في العام ‪ّ ،2013‬‬
‫ومتوسط زيادة سنويّة تقارب ‪Ministry of Health of Morocco( 3٪‬‬ ‫ّ‬ ‫تقارب ‪17٪‬‬
‫ّ‬
‫‪ .)2013; 2018‬عالوة على ذلك‪ ،‬يمثل اإلنفاق الصحي الجاري ‪ 97٪‬من إجمالي اإلنفاق‬
‫ّ‬
‫المتعلقة باالستثمار‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه بين‬ ‫ويخصص الباقي للنفقات‬ ‫ّ‬ ‫الصحي‪.‬‬
‫عامي ‪ 2013‬و‪ ،2018‬تقدّ م إجمالي اإلنفاق الصحي بوتيرة أبطأ من وتيرة تقدّ م إجمالي‬
‫الناتج المحلي‪ .‬في الواقع‪ ،‬في العام ‪ ،2018‬كان إجمالي اإلنفاق الصحي ‪ 5.5٪‬من الناتج‬
‫أي بانخفاض قدره ‪ 0.3‬نقطة في خالل‬ ‫المحلي اإلجمالي مقابل ‪ 5.8٪‬في العام ‪ّ ،2013‬‬
‫الفترة ما بين العامين ‪.)Ministry of Health of Morocco 2013; 2018( 2013-2018‬‬

‫ً‬
‫درهما‬ ‫أن نصيب الفرد من اإلنفاق على الرعاية الصحيّة يبلغ ‪1730‬‬ ‫والجدير ذكره ّ‬
‫أي بزيادة نسبيّة تناهز ‪ 10٪‬في ‪ 5‬سنوات‪ .‬وال تزال‬ ‫(أي ‪ 180‬دوالرً ا أميرك ًّيا تقريبً ا)‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األسر المعيشيّة المموّ ل األوّ ل للصحّ ة في المغرب‪ ،‬وحصتها تبلغ ‪ ،46٪‬وهي‬
‫أقل من ‪ .)25٪‬أما المموّ ل الثاني‪ ،‬فهو التأمين‬
‫ّ‬ ‫(أي‬
‫تفوق المعايير الموصى بها دوليً ا ّ‬
‫ووفر التمويل ل ‪30٪‬‬ ‫ّ‬ ‫الصحي‪ .‬إذ في العام ‪ ،2018‬استفاد منه ‪ 41٪‬من سكان المغرب‬
‫من إجمالي اإلنفاق الصحي‪ ،‬بزيادة قدرها ‪ 7‬نقاط مقارنة بالعام ‪Ministry of( 2013‬‬
‫حصة الدولة من التمويل الصحي من‬ ‫ظلت ّ‬ ‫‪ .)Health of Morocco 2013; 2018‬كما ّ‬
‫خالل الموارد الضريبيّة الوطنيّة والمحليّة ثابتة تقريبً ا بين عامي ‪ 2013‬و‪ ،2018‬مسجّ لة‬
‫معدل ‪ 24٪‬تقريبً ا في عام ‪ .2018‬ومثلت مساهمة التعاون الدولي في التمويل‬
‫الصحي ‪ 0.2٪‬فقط في العام ‪ .)Ministry of Health of Morocco 2018( 2018‬في‬
‫دعما نوع ًّيا وليس كم ًّيا وهو يصب اهتمامه على تعبئة‬ ‫ً‬ ‫الواقع‪ ،‬يُعتبر دعم الشركاء‬
‫الخبرات الالزمة وبناء القدرات (‪.)Ministry of Health of Morocco 2020‬‬

‫أن الصيدليّات وموردّ ي السلع الطبيّة هم المستفيدون‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬


‫مؤسسات الصحّ ة العامة‪ ،‬التي تشمل بشكل‬‫ّ‬ ‫الرئيسيون‪ ،‬بحصة ‪ .23٪‬وتليهم‬
‫ومؤسسات الرعاية الصحيّة األوليّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫أساس المستشفيات التابعة لوزارة الصحّ ة‬
‫فتمثل ما يناهز ‪ 19٪‬من‬‫ّ‬ ‫بحصة ‪ .22٪‬أما العيادات الخاصة والعيادات المشتركة‪،‬‬
‫اإلنفاق الصحي الحالي في حين أن مقدّ مي رعاية المرضى في العيادات الخارجيّة‬
‫الخاصة‪ ،‬بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬الممارسات الطبيّة وممارسات‬
‫طب األسنان ومراكز غسيل الكلى والمراكز األخرى التي تقدّ م الخدمات لمرضى‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪24‬‬

‫الحصة المتبقية من اإلنفاق الصحي‬


‫ّ‬ ‫وتخصص‬‫ّ‬ ‫تمثل ‪ 15٪‬فقط‪.‬‬ ‫العيادات الخارجيّة‪ّ ،‬‬
‫الحالي للمختبرات ومراكز األشعة‪ ،‬بما في ذلك المعاهد والمختبرات العامة الوطنيّة‪،‬‬
‫ّ‬
‫المنظمات غير‬ ‫بحصة تبلغ ‪ ،12٪‬ولمقدمي الرعاية اآلخرين (على سبيل المثال‪،‬‬
‫ّ‬
‫ومقدمو الرعاية التقليديّة‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ ،‬بحصة ‪Ministry of Health of( 8٪‬‬ ‫الحكوميّة‬
‫‪.)Morocco 2018‬‬

‫وخ ّصصت الموارد التي جمعها النظام الصحي الوطني في خالل العام ‪ 2018‬في‬ ‫ُ‬
‫تشكل ما يقرب من ‪30‬‬‫ّ‬ ‫المقام األوّ ل لإلنفاق على الرعاية في المستشفيات‪ ،‬وهي‬
‫ّ‬
‫المتعلقة باالستشفاء الكامل‬ ‫‪ ٪‬من اإلنفاق الصحي الحالي‪ .‬ويشمل ذلك النفقات‬
‫والنهاري (بما في ذلك األدوية والسلع الطبيّة والتحليالت والتصوير اإلشعاعي وما‬
‫إلى ذلك المطلوبة في أثناء االستشفاء)‪ .‬كما أن اإلنفاق على الرعاية اإلسعافيّة‬
‫(العالجية والوقائية) وشراء األدوية والسلع الطبيّة ّ‬
‫يمثل ‪( 29٪‬منها ‪ 5٪‬للرعاية‬
‫حصة التحاليل‬
‫الوقائيّة) و‪ 23٪‬من اإلنفاق الصحي الحالي على التوالي‪ ،‬في حين أن ّ‬
‫َّ‬
‫تتعد الـ ‪ 12٪‬من هذا اإلنفاق (‪Ministry of Health of‬‬ ‫البيولوجيّة وتصوير اإلشعاعي لم‬
‫‪.)Morocco, 2018‬‬

‫ويعتمد تحديد أسعار اإلجراءات الطبيّة في المغرب إلى حدّ كبير على المفاوضات‬
‫أن‬ ‫ّ‬
‫ممثلي وزارة الصحة وجمعيّات األطباء وغيرهم من المهنيين الصحيين‪ .‬كما ّ‬ ‫بين‬
‫طرق تمويل المستشفيات والمهنيين الصحيين الذين يعملون لحسابهم الخاص‬
‫ّ‬
‫المتعلق بجودة‬ ‫ال تشمل مفهوم التمويل على أساس األداء أو التمويل التحفيزي‬
‫الرعاية‪ .‬فالدفع غير الرسمي‪ ،‬أي مباشرة على نفقة المريض‪ ،‬ال يزال يُمارس في‬
‫القطاع العام ويُستخدم بكثافة في القطاع الخاص‪.‬‬

‫المخصصة‬
‫ّ‬ ‫وعلى الرغم من الزيادة التي حُ ّققت في السنوات األخيرة‪ ،‬ال تزال الميزانيّة‬
‫تشكل النفقات المسدّ دة من الجيوب الخاصة‬ ‫ّ‬ ‫للصحّ ة في المغرب محدودة‪ .‬كذلك‪،‬‬
‫المصدر الرئيس للتمويل على حساب آليات التأمين االجتماعي‪ .‬فنظام تحديد األسعار‬
‫بالمتخصصين في الرعاية الصحيّة ال يشمل بشكل كامل منطق تحليل‬ ‫ّ‬ ‫الخاص‬
‫التكلفة والتمويل على أساس األداء وجودة الرعاية‪ .‬أخيرً ا‪ ،‬ال يزال الدفع غير الرسمي‬
‫ً‬
‫قائما‪.‬‬

‫الخدمات الصحيّة واألدوية‬


‫ّ‬
‫يتعلق بإمدادات الرعاية الصحيّة في المغرب منذ‬ ‫ً‬
‫ملحوظا في ما‬ ‫ًّ‬
‫تقدما‬ ‫سجّ ل‬
‫ُ‬
‫االستقالل‪ .‬ويتعلق هذا التقدّ م تحديدً ا بتوسيع شبكة مرافق الرعاية الصحيّة األوليّة‬
‫والممارسات الطبيّة والصيدليّات وعيادات طب األسنان والمستشفيات والعيادات‬
‫الخاصة وتطوير المستشفيات الجامعيّة‪.‬‬

‫يتعلق بالتغطية السكانية‪ ،‬بلغ إجمالي توفير الخدمات العامة‪ ،‬بعد أن كان‬ ‫ّ‬ ‫في ما‬
‫لكل ‪ 14600‬نسمة في العام ‪ ،1990‬مرفق رعاية صحيّة‬ ‫ّ‬ ‫مرفق رعاية صحيّة أوليّة واحدً ا‬
‫لكل ‪ 12.238‬نسمة في العام ‪Ministry of Health of Morocco( 2018‬‬ ‫ّ‬ ‫أوليّة واحدً ا‬
‫‪ .)2021‬وعلى الرغم من التطوّ ر اإليجابي‪ ،‬ال بدّ من اإلشارة إلى الكثير من القيود‬
‫واالختالالت‪ ،‬وال سيّما التوزيع غير العادل لمختلف المرافق الصحيّة بين المناطق‬
‫الحضريّة والريفيّة وبين المناطق؛ كما الخدمة التي ال تزال غير كافية لتلبية احتياجات‬
‫السكان؛ والتأخير في تنفيذ الخارطة الصحيّة؛ باإلضافة إلى تقادم العقارات والمعدّ ات‬
‫الطبيّة والفنيّة وعدم صيانتها والتكامل غير المتين بين الخدمة العامة والقطاع‬
‫الخاص‪.‬‬
‫ّ‬
‫يتعلق بقطاع األدوية‪ ،‬فيعمل المغرب منذ الستينيّات على تنفيذ سياسة‬ ‫ّ‬
‫أما في ما‬
‫‪25‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫صيدالنيّة وطنيّة لتحسين الوصول إلى األدوية والمنتجات الصحيّة وتنظيم قطاع‬
‫ّ‬
‫ومكنت هذه االستراتيجيّة تدريج ًّيا التأسيس لصناعة األدوية الوطنيّة ودائرة‬ ‫األدوية‪.‬‬
‫ّ‬
‫منظمة ومصنفة ومتطلبة لتوزيع األدوية وتركيبها‪ ،‬ما يسمح بإمكانية الوصول‬ ‫ّ‬
‫إلى األدوية وتوافرها على مستوى الهياكل الصحيّة والصيدليّات‪ .‬كما شجّ عت‬
‫على االستخدام الرشيد لألدوية من خالل تنظيم الطرق المهنيّة للوصفات الطبية‬
‫وتسليم األدوية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ُ ،‬طوّ ر القطاع تماشيً ا مع التطوّ ر االجتماعي واالقتصادي في‬
‫ل عن التقدّ م التكنولوجي والعالجي‪ .‬وبناءً عليه‪ُ ،‬نشر قانون الصيدلة‬ ‫المغرب فض ً‬
‫تضم مختلف النصوص التشريعيّة‬ ‫ّ‬ ‫الجديد في العام ‪ ،2005‬تلته ترسانة قانونيّة‬
‫والتنظيميّة الخاصة باألدوية والصيدلة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬
‫كل هذه الجهود‪ ،‬تميّز قيود عدّ ة قطاع الدواء ولها تأثير على الحق في الصحّ ة‪،‬‬ ‫رغم ّ‬
‫بما في ذلك أسعار األدوية التي ال تزال مرتفعة مقارنة بالقدرة الشرائيّة للمغاربة‬
‫ّ‬
‫المعممة‪ ،‬ونظام توريد‬ ‫ومقارنة بالدول المماثلة‪ ،‬والبروتوكوالت العالجيّة غير‬
‫األدوية وإدارتها في القطاع العام الذي تشوبه القصور واالنتشار المنخفض لألدوية‬
‫الجنيسة‪.‬‬

‫الوصول إلى البيانات والمعلومات الصحيّة‬


‫شرّ ع الحق في الوصول إلى المعلومات مع نشر دستور ‪General Secretariat( 2011‬‬ ‫ُ‬
‫‪ .)of the Government of Morocco 2011‬فالمادة ‪ 27‬من الدستور تنص على هذا‬
‫ّ‬
‫يتعلق بشروط وأحكام التنفيذ‪ .‬ويُضفى على تنظيم‬ ‫المبدأ وتشير إلى القانون في ما‬
‫الوصول إلى المعلومات ضمن النظام الصحي الوطني ثالثة أشكال متاحة لصانعي‬
‫القرار والمديرين على مستويات النظام الصحي كافة‪ .‬وهذا مفيد للتخطيط ووضع‬
‫الموازنات وتحسين الجودة واالستجابة بفعاليّة الحتياجات المستهلك‪.‬‬

‫„معلومات خاصة بالجهات الفاعلة في مجال الصحّ ة‬ ‫„‬

‫ّ‬
‫يتعلق‬ ‫ّ‬
‫مهمة المعلومات والتعليم والتواصل في ما‬ ‫لم تحدّ د وزارة الصحّ ة بوضوح‬
‫ّ‬
‫بالبرامج الصحيّة المختلفة حتى العام ‪ .1994‬وفي وقت الحق‪ ،‬كلف مدير المستشفى‬
‫بموجب النظام الداخلي للمستشفيات لعام ‪Ministry of Health of Morocco( 2010‬‬
‫‪ )2011‬بوضع استراتيجيّة تواصل داخليّة وخارجيّة خاصة بالمستشفى ودعم األقسام‬
‫المختلفة في وضع خطط التواصل الخاصة بها‪ .‬وينسب القانون اإلطاري للعام ‪2011‬‬
‫مهمة “تطوير المعلومات والتعليم وإجراءات‬ ‫ّ‬ ‫(‪)Official Bulletin of Morocco 2011‬‬
‫التواصل” إلى الدولة وهي إحدى أدوات الوقاية في المسائل الصحيّة (‪.)article 4‬‬

‫وتستخدم وزارة الصحّ ة موقع الوزارة والمواقع الفرعيّة التي ترتبط بها لنشر‬
‫المعلومات‪ .‬كما يرتبط موقع الوزارة على اإلنترنت بمواقع إلكترونية حكوميّة عامة‬
‫وتستخدم أدوات أخرى مثل حمالت‬ ‫تجمع المعلومات عبر القطاعات المختلفة‪ُ .‬‬
‫اإلعالم والتواصل والتوعية للهدف عينه‪.‬‬

‫„معلومات للمرضى والمستخدمين‬ ‫„‬

‫حق المريض أو المريضة في أن يكون أو‬ ‫مفصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال يحدّ د القانون المغربي بشكل‬
‫تدخل‪ ،‬بوضعه أو وضعها الصحي أو العالج أو‬ ‫أي إجراء أو ّ‬
‫اطالع‪ ،‬قبل ّ‬ ‫تكون على ّ‬
‫ّ‬
‫اإلجراءات الوقائيّة أو فائدته أو إلحاحه المحتمل أو عواقبه أو تواتره أو حتى المخاطر‬
‫ّ‬
‫متوقعة والعالجات البديلة الممكنة والعواقب المحتملة‬ ‫ً‬
‫عادة‬ ‫الجسيمة التي تكون‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪26‬‬

‫في حال رفض المريض الخضوع للعالج‪.‬‬


‫ّ‬
‫المتعلقة‬ ‫في الوضع الحالي للقانون‪ُ ،‬تدرس هذه المسألة ضمنيً ا عن طريق األحكام‬
‫بالموافقة المسبقة للمريض على الرعاية‪ ،‬وهو موضوع نصين رئيسين‪ :‬أي مدوّ نة‬
‫الداخلي للمستشفيات لعام ‪Ministry( 2010‬‬
‫ّ‬ ‫أخالقيّات األطباء لعام ‪ 1953‬والنظام‬
‫نظم الموافقة المسبقة على الرعاية بشكل‬ ‫وت ّ‬
‫‪ُ .)of Health of Morocco 2011‬‬
‫الداخلي للمستشفيات لعام ‪( 2010‬وزارة الصحة المغربية‬
‫ّ‬ ‫أفضل بواسطة النظام‬
‫ّ‬
‫يتعلق بالقطاع العام‪ .‬غير أن يخصص النظام الداخلي مادة واحدة فقط‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،)2011‬الذي‬
‫لمعلومات المريض‪.‬‬
‫ً‬
‫قانونا في‬ ‫الحق في الوصول إلى المعلومات الصحيّة مضمون‬ ‫ّ‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫المغرب ولكنه قد يكون صعبً ا‪ .‬إذ إنه رغم أن نظام وطني للمعلومات الصحيّة قائم‪،‬‬
‫يتمتع الباحثون وصانعو السياسات بوصول محدود إلى بعض البيانات الصحيّة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫العاملون في مجال الصحّ ة‬


‫يُعتبر رأس المال البشري أهم األصول والمورد األساس الذي يجب أن يطوّ ره‬
‫النظام الصحي لتهيئة الظروف الالزمة بهدف تحسين صحّ ة السكان بشكل‬
‫مستمر‪ .‬على الرغم من الجهود المبذولة‪ ،‬يشوب وضع الموارد البشريّة في المغرب‬
‫بشكل مقلق‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بشكل كبير‪ ،‬بل‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫عجزا كميً ا ونوعيً ا‪ ،‬يتزايد‬

‫نقصا حادً ا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫منظمة الصحّ ة العالميّة المغرب من بين البلدان التي تعاني‬ ‫ّ‬
‫وتصنف‬
‫للموظفين الطبيين‬ ‫ّ‬ ‫في العاملين في مجال الرعاية الصحيّة‪ .‬إذ ال يزال العدد الحالي‬
‫المتطلبات لضمان وصول الرعاية الصحيّة‬ ‫ّ‬ ‫والممرّ ضين أدنى من الحد األدنى من‬
‫الجيدة للسكان كافة‪ .‬كما تشير بيانات القطاع العام إلى أن القوى العاملة الصحيّة‬
‫لكل ‪ 10000‬نسمة وما يناهز ‪ 9‬ممرضات‬ ‫ّ‬ ‫تمثل نسبة ما يناهز سبعة أطباء‬ ‫الوطنيّة ّ‬
‫لكل ‪ 10000‬نسمة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2018‬‬ ‫ّ‬
‫أن األفضليّة ُتعطى للمناطق‬‫يبيّن التوزيع اإلقليمي للمهنيين الصحييّن إلى حدّ كبير ّ‬
‫كل‬
‫الحضريّة ومناطق العاصمة‪ .‬إذ يتركز ما يقارب ‪ 60٪‬من المهنيين الصحيين في ّ‬
‫من القطاعين العام والخاص في منطقتي الدار البيضاء والرباط‪ ،‬حيث يعيش ‪34٪‬‬
‫وعكس التوزيع بين الممارسين العامين والمتخصصين في‬ ‫فقط من السكان‪ُ .‬‬
‫القطاع العام بشكل غير طبيعي‪ .‬كما يُظهر الهرم العمري للموارد البشريّة في‬
‫القطاع العام عددً ا أكبر من الموظفين في الفئة العمريّة ‪ ،40-60‬أي توافر خطر أكبر‬
‫للتقاعد في السنوات القادمة (‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬
‫ّ‬
‫المتطلبات‬ ‫„قدرة التوظيف أقل من الحد األدنى من‬ ‫„‬

‫ّ‬
‫يتمكن معدّ ل التوظيف وال سيّما في القطاع العام في السنوات األخيرة من‬ ‫لم‬
‫تحسين التغطية أو التوظيف بد ً‬
‫ل عن حاالت التقاعد المتراكمة‪ .‬واألمر سيّان‬
‫ّ‬
‫بالنسبة إلى القطاع الخاص‪ ،‬الذي يتطلب بشكل متزايد مهنيين صحييّن مؤهلين‬
‫لتنميته‪.‬‬

‫أي أكثر من ‪ 51‬ألف‬


‫في الواقع‪ ،‬مقارنة باالحتياجات التي أظهرتها وزارة الصحّ ة‪ّ ،‬‬
‫وظيفة الميزانية بين عامي ‪ 2008‬و‪ ،2018‬ابتكرت ‪ 23600‬وظيفة الميزانية‪ ،‬وفي الفترة‬
‫ل عن ‪ 10450‬حالة تقاعد (‪Ministry of Health of Morocco‬‬ ‫ُوظف بد ً‬‫نفسها‪ ،‬لم ي ّ‬
‫‪.)2018‬‬
‫‪27‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫متوسط‬
‫ّ‬ ‫وسيزداد عدد المتقاعدين في خالل الخمسة عشر ً‬
‫عاما القادمة ليبلغ‬
‫سنوي يفوق ‪ .1400‬عالوة على ذلك‪ ،‬يؤدي عدم استقرار الموظفين والتغيّب‬
‫المستشري عن العمل في بعض األحيان إلى تفاقم النقص في الموارد البشريّة‬
‫(‪.)Ministry of Health of Morocco 2016‬‬

‫„نظام متطوّ ر لتدريب المهنيين الصحيين‬ ‫„‬

‫على مدى العقود الماضية وحتى وقتنا الراهن‪ ،‬تستثمر السلطات العامة بكثافة‬
‫كاف من العاملين الصحيين المؤهلين‬
‫ٍ‬ ‫في التدريب الطبي وشبه الطبي لتوفير عدد‬
‫للسكان‪.‬‬

‫يتعلق بالتدريب الطبي‪ ،‬وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة من خالل‬ ‫ّ‬ ‫وفي ما‬
‫المبادرة الوطنيّة لتدريب ‪ 3300‬طبيب سنويً ا بحلول العام ‪ ،2020‬ال يزال المغرب‬
‫ونوعا (‪Ministry of Health of Morocco,‬‬
‫ً‬ ‫نقصا حادً ا في الكوادر الطبيّة‪ً ،‬‬
‫كما‬ ‫ً‬ ‫يعاني‬
‫‪.)2018‬‬

‫وحاليً ا‪ ،‬تتوافر في المغرب سبع كليّات طب عامة يهدف موقعها الجغرافي إلى‬
‫تحسين الوصول إلى الدراسات الطبيّة والبنى التحتيّة للمستشفيات الجامعيّة في‬
‫ُ‬
‫جميع المناطق‪ .‬كما أسست ثالث جامعات خاصة في مجال العلوم الصحيّة وزادت‬
‫من القدرة الوطنية على تدريب األطباء‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى أن اثنتين منها غير‬
‫هادفة للربح‪.‬‬

‫خصص أي خطة استراتيجيّة واضحة لتنمية‬ ‫ّ‬


‫يتعلق بالتعليم المستمر‪ ،‬لم ُت ّ‬ ‫وفي ما‬
‫المهارات‪ .‬ففي سياق يتميّز بالتطوّ رات السريعة في العلوم الصحيّة والتقنيّات‬
‫منسقة للتعليم‬
‫ّ‬ ‫الطبيّة الحيويّة والعالجيّة الجديدة‪ ،‬بات من الضروري تطوير سياسة‬
‫المستمر اإللزامي ووضع نظام مستمر لتقييم المعرفة والمهارات‪ .‬ويمكن تسهيل‬
‫ّ‬
‫التعلم عن بعد الجديدة‪.‬‬ ‫هذه السياسة من خالل أدوات‬
‫ً‬
‫عجزا كبيرً ا في المغرب‪ .‬فهذا النقص‬ ‫والجدير ذكره أن القوى العاملة الصحيّة تعاني‬
‫الكمي والنوعي في الموارد البشريّة هيكلي ويتفاقم بسبب التوزيع اإلقليمي غير‬
‫المتوازن‪.‬‬

‫العوامل العالميّة وفيروس كوفيد‪19-‬‬


‫ُعرف العام ‪ 2020‬بجائحة كوفيد‪ ،19-‬وهي أزمة صحيّة كبيرة‪ ،‬أجبرت الحكومات كافة‬
‫على إعطاء األولويّة للتدابير التي من المحتمل أن تحدّ من تفشي الفيروس وتخفيف‬
‫عواقبه‪.‬‬

‫وأدّ ت هذه األزمة الصحيّة إلى تغييرات كبيرة نتجت عنها أزمات اجتماعيّة واقتصاديّة‬
‫تتطلب استجابات جماعيّة وواسعة النطاق وموحّ دة‪ .‬لذلك‪ ،‬أعطى‬ ‫ّ‬ ‫وسياسيّة‪،‬‬
‫المغرب األولويّة لألمن الصحي للسكان من خالل العمل على منع تفشي جائحة‬
‫(أي احتوائها) ّ‬
‫واتخاذ مبادرات وتدابير استباقيّة للحد من العواقب (الوقاية‬ ‫كوفيد‪ّ 19-‬‬
‫والترشيد والتلقيح وما إلى ذلك)‪.‬‬

‫تمكن المغرب من تأمين المعدات الطبيّة‬ ‫ّ‬ ‫في الواقع‪ ،‬منذ بداية هذه األزمة الصحيّة‪،‬‬
‫الحيويّة والمخبريّة واالختبارات والكواشف الالزمة للكشف عن فيروس كوفيد‪-‬‬
‫‪19‬والتحصين والعالج وضمان إيصالها إلى السكان‪ .‬كذلك‪ ،‬ركزت هذه الجهود على‬
‫المستوى الوطني على حشد الشركاء لدعم إدارة األزمات وتبادل الخبرات لتطوير‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪28‬‬

‫حلول مبتكرة وتقنيات جديدة لتأمين مرونة النظام الصحي الوطني‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬حٌشدت طرق عدّ ة لدعم الميزانيّة (كالمنح والقروض وما إلى‬
‫ذلك) من مختلف الشركاء متعدّ دي األطراف بهدف دعم تمويل األنشطة الصحيّة‬
‫في سياق أزمة فيروس كوفيد‪ ،19-‬ما يساعد على زيادة مرونة قطاع الصحّ ة‬
‫لمواجهة حاالت الطوارئ الصحيّة العامة‪.‬‬

‫تمت إدارة األزمة الصحيّة المرتبطة بفيروس كوفيد‪ 19-‬بشكل جيد نسبيً ا‬ ‫في الواقع‪ّ ،‬‬
‫في المغرب‪ .‬ومن الالزم تحويل التهديدات التي يفرضها الوباء إلى فرص لتعزيز‬
‫قدرة النظام الصحي على الصمود في مواجهة األزمات المحتملة في المستقبل‪ .‬كما‬
‫يجب في مرحلة الحقة وضع استراتيجيّات لضمان االكتفاء الذاتي في مجال الصحّ ة‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫ّ‬
‫الصحة في‬ ‫ّ‬
‫الحق في‬ ‫خارطة طريق وتوصيات إلعمال‬
‫المغرب‬

‫ّ‬
‫الحق في الصحّ ة في المغرب‪.‬‬ ‫الفعال إلى‬
‫ّ‬ ‫يمكن اقتراح توصيات عدّ ة لتعزيز الوصول‬
‫في الواقع‪ ،‬من المهم مواصلة اإلصالح الهيكلي لقطاع الصحّ ة في المغرب‬
‫لحل مسائل الرعاية الصحيّة الهيكليّة واغتنام الفرص البارزة التي ّ‬
‫توفرها‬ ‫ّ‬ ‫وتعزيزه‪،‬‬
‫ّ‬
‫األزمة الصحيّة جراء فيروس كوفيد‪ 19-‬بهدف إحداث تغييرات نوعيّة في ما يتعلق‬
‫باعتبار الصحّ ة على أنها خدمة عامة تقع في صميم حماية األمن القومي والسيادة‪.‬‬
‫ّ‬
‫مهمة الدولة في ضمان التمتع بالحقوق ال تعتمد على‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى ّ‬
‫إن‬
‫ّ‬
‫وظائفها السياديّة المتمثلة في حكم المجتمع وحمايته فحسب‪ ،‬بل كذلك على‬
‫مسؤوليّتها القانونيّة‪ ،‬بناءً على التزاماتها الدولية والوطنية‪ ،‬لتعزيز حقوق مواطنيها‬
‫وحمايتها ومنع انتهاكات هذه الحقوق‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب النظر إلى الحق في الصحة‬
‫باعتباره إحدى االستجابات الرئيسة لتحديّات التنمية بشكل عام والحق في التنمية‬
‫بشكل خاص‪ .‬ويعود سبب ذلك إلى العالقة الوثيقة بين محدّ دات الصحّ ة من جهة‬
‫وشروط التنمية المستدامة واألمن البشري من جهة أخرى‪.‬‬

‫واستنادً ا إلى العوائق واالختالالت المحدّ دة أعاله وبالنظر إلى موقف اإلدارات‬
‫المرجعيّة الوطنيّة (;‪Economic, Social and Environmental Council, 2018‬‬
‫‪ ،)National Council for Human Rights of Morocco, 2022‬يمكن أن تشمل‬
‫الجهود المبذولة لتحسين وصول جميع السكان إلى الحق في الصحّ ة اإلجراءات‬
‫األساسيّة التالية‪.‬‬

‫ّ‬
‫المنسقة ونهج الوقاية‬ ‫تعزيز مسارات الرعاية‬
‫•تعزيز برامج الوقاية والتشخيص المبكر والرعاية األوليّة‪.‬‬

‫بالترصد والمعاينات الوبائية ومراكز اإلنذار المبكر‬


‫ّ‬ ‫الخاصة‬
‫ّ‬ ‫•إنشاء اآلليّات‬
‫وتفعيلها وتطويرها‪.‬‬

‫•تكييف المرافق الصحيّة لتكون آمنة ومالئمة في الحاالت العاديّة وفي األزمات‪.‬‬

‫•مراعاة النهج القائم على حقوق اإلنسان والحاجة إلى التحسين التدريجي‬
‫ّ‬
‫للتمتع بالحق في الصحّ ة للجميع و‪/‬أو لمجموعات األشخاص في سياق تطوير‬
‫ّ‬
‫يتعلق الفعاليّة فحسب‪.‬‬ ‫السياسات واالستراتيجيّات الصحيّة‪ ،‬وليس في ما‬

‫•األخذ في االعتبار جميع المحدّ دات االجتماعيّة للصحّ ة‪ ،‬مثل توفير مياه الشرب‬
‫المأمونة والتغذية والسكن الالئق والبيئة وغيرها من المحدّ دات التي تؤثر على‬
‫ّ‬
‫التمتع بالحق في الصحّ ة‪.‬‬

‫•إصالح النظام الصحّ ي الوطني من خالل وضع الرعاية الصحيّة األوليّة في صميم‬
‫النظام‪ ،‬وبوصفها أفضل الوسائل المؤهلة واألكثر فعاليّة لتحقيق التغطية‬
‫وخطة عمل الحماية االجتماعيّة بشكل خاص‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الصحيّة الشاملة بشكل عام‪،‬‬
‫ّ‬
‫الحق في اختيار طبيبه أو‬ ‫لكل مواطن‬
‫ّ‬ ‫•االعتماد على مسار رعاية ُمك َّيف يتيح‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪30‬‬

‫طبيبها‪ ،‬الذي سيتابعه‪/‬سيتابعها ويستقبله‪/‬يستقبلها ويوجّ هه‪/‬ويوجّ هها‬


‫وينسق مساره‪/‬مسارها عبر النظام الصحي من أجل توفير‬ ‫ّ‬ ‫ويرافقه‪/‬ويرافقها‬
‫الوقت في التشخيص والعالج‪ ،‬وترشيد استغالل جهود المهنيين الصحيين‪،‬‬
‫والنفقات الصحيّة‪ ،‬واستخدام البنى التحتيّة األساسية وتحسين جودة الرعاية‪.‬‬

‫•تكييف تدريب األطباء لتلبية احتياجات السكان األساسيّة‪ ،‬وتلبية خصوصيّات‬


‫الطب المجتمعي‪.‬‬

‫كل شخص على الشعور‬ ‫•اعتبار الصحة النفسيّة بمعناها الواسع “كقدرة ّ‬
‫ّ‬
‫تمكنه من االستمتاع بالحياة ومواجهة تحديّاتها”‪.‬‬ ‫والتفكير والتصرّ ف بطريقة‬
‫وسيتحقق ذلك في إطار مبادئ اإلنصاف وكرامة األشخاص في كل أبعادها‪.‬‬ ‫ّ‬

‫•تعزيز الصحّ ة العقليّة والنفسيّة من خالل إعادة هيكلة المستشفيات على‬


‫المستويين الوطني واإلقليمي بغية متابعة التغيّرات والديناميكيّات التي‬
‫تحدثها التحوّ الت المجتمعيّة والديموغرافيّة والوبائيّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫مهمة في‬ ‫•تطوير النهج المجتمعي وإيالء الجمعيّات والمجتمع المدني مكانة‬
‫تعزيز التثقيف الصحي والصحّ ة الحضريّة وصحّ ة الشباب‪.‬‬

‫تعزيز الحكم الرشيد وتقليص الفوارق الجغرافيّة‬


‫واالجتماعيّة‬
‫•تطوير الالمركزيّة اإلقليميّة المتقدّ مة في قطاع الصحّ ة لتلبية ّ‬
‫توقعات‬
‫المواطنين وإشراكهم في دراسة السياسات الصحيّة المك َّيفة وإدارتها‬
‫وتنفيذها لتالئم خصوصيّاتهم اإلقليميّة والثقافيّة والصحيّة واالقتصاديّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومتطلبات النهج‬ ‫ّ‬
‫المتعلق بقطاع الصحّ ة بما يتالءم‬ ‫•تكييف النظام القانوني‬
‫القائم على حقوق اإلنسان‪ .‬ويبدأ ذلك باالعتراف بأهميّة الحصول على الرعاية‬
‫حقا من حقوق اإلنسان‪ ،‬عن طريق إزالة العقبات القانونيّة‬ ‫الصحيّة بصفتها ً‬
‫التي قد تمنع المواطنين أو مجموعات معيّنة من المواطنين من االستفادة‬
‫من هذا الحق‪.‬‬

‫•مراعاة النهج المتعدّ د القطاعات في وضع مشاريع القوانين والمقترحات‬


‫ّ‬
‫تتعلق‬ ‫التغلب على بعض الصعوبات التي ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتعلقة بقطاع الصحّ ة بغية‬
‫ّ‬
‫الحق في الصحّ ة‪ .‬وسيساعد‬ ‫مباشرة بقطاع الصحّ ة ولكنها تعيق الحصول على‬
‫ّ‬
‫المعقدة التي ال تقع بالضرورة ضمن‬ ‫ذلك في تخطي بعض الصعوبات اإلداريّة‬
‫نطاق السلطات الحكوميّة المسؤولة عن قطاع الصحّ ة‪.‬‬

‫المؤسسيّة بمنطق قائم على الحقوق وليس‬ ‫ّ‬ ‫•إعادة تنظيم الهياكل الصحيّة‬
‫المنسقة‬
‫ّ‬ ‫بمنطق قائم على االحتياجات‪ ،‬باإلضافة إلى تكييفها ومسارات الرعاية‬
‫في النظام الصحّ ي الوطني‪.‬‬

‫المؤسسيّة الالزمة إلدماج المحدّ دات‬


‫ّ‬ ‫•تحديد الوسائل القانونيّة واآلليّات‬
‫(أي األبعاد االقتصاديّة واالجتماعيّة‬ ‫ّ‬
‫للحق في الصحّ ة ّ‬ ‫الضمنيّة وغير المباشرة‬
‫والثقافيّة والبيئيّة والثقافيّة) في وضع سياسات الصحّ ة العامة وتنفيذها‬
‫وتقييمها‪.‬‬

‫•استباق األزمات الصحيّة لضمان إدارة إقليميّة أفضل للمخاطر الصحيّة من‬
‫خالل تطوير استراتيجيّات وبرامج صحيّة استباقيّة ومناسبة لمواجهة المخاطر‬
‫‪31‬‬ ‫سعد الزبيري‬

‫الصحيّة‪.‬‬

‫المخصصة للصحّ ة نحو تحقيق‬


‫ّ‬ ‫زيادة الموارد الماليّة‬
‫التغطية الصحيّة الشاملة‬
‫المخصصة لوزارة الصحّ ة في إطار الموازنة العامة للدولة لتلبية‬
‫ّ‬ ‫•زيادة الميزانيّة‬
‫منظمة الصحّ ة العالميّة التي توصي بنسبة ‪.12٪‬‬‫ّ‬ ‫معايير‬

‫•زيادة نصيب الفرد من اإلنفاق على الصحّ ة إلى ‪ 419‬دوالرً ا أميركيً ا في العام‬
‫‪ 2030‬مع خفض إنفاق األسرة بأكثر من النصف‪ :‬من ‪ 50٪‬حاليً ا إلى أقل من ‪30٪‬‬
‫كهدف أساس‪ ،‬لينخفض إلى ما دون عتبة ‪ 25٪‬في نهاية المطاف‪.‬‬

‫•تحرير التمويل الصحي من قيود التوازنات االقتصاديّة الكليّة والتعامل مع‬


‫قطاعا استثماريً ا من شأنه توطيد السيادة الوطنيّة‪.‬‬
‫ً‬ ‫قطاع الصحّ ة بصفته‬

‫تنظيم القطاع الخاص وتعزيز الشراكة بين القطاعين‬


‫العام والخاص‬
‫يتخطى‬
‫ّ‬ ‫قطاعا استراتيجيً ا‬
‫ً‬ ‫•وضع سياسة خاصة بالصحّ ة العامة بصفتها‬
‫االنقسامات السياسيّة والسلطات التشريعيّة‪.‬‬

‫•تحسين جاذبيّة المستشفيات العموميّة للتشجيع على منافسة تعود بالفائدة‬


‫على المريض‪.‬‬

‫•تنظيم القطاع الخاص بشكل أفضل من خالل مراقبة أنشطته وتحديد‬


‫األسعار في داخل المرافق الخاصة عن طريق الحدّ من المدفوعات غير‬
‫الرسميّة وتحسين جودة الرعاية التي تقدّ مها للمرضى‪.‬‬

‫والمؤسسات الصحيّة‪ ،‬بغض النظر‬ ‫ّ‬ ‫•تحديد واضح لمفاهيم الخدمات الصحيّة‬
‫المهم معاملة القطاعين العام‬‫ّ‬ ‫عن وضعها القانوني‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫كجهات ُمقدِّ مة‬ ‫والخاص على قدم المساواة‪ ،‬من ناحية مسؤولياتهما‬
‫للخدمات‪ ،‬سواء للوقاية أو التشخيص أو العالج أو إعادة التأهيل‪.‬‬

‫صحي يمكنه التعاون‬


‫ّ‬ ‫•تطوير القطاع الخاص غير الهادف للربح‪ ،‬وهو قطاع‬
‫بشكل وثيق مع القطاع العام بغية تعزيز إمكانيّة حصول الجميع على الرعاية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى الحدّ من تكاليف الرعاية للمرضى ّ‬
‫باتباع تحديد األسعار المرجعي‬
‫ّ‬
‫المحلي‪.‬‬

‫•تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعبئة الموارد الماليّة والتقنيّة‬
‫والبشريّة المتاحة للقطاع الخاص ووضع خبرات هذا القطاع في خدمة سياسة‬
‫ّ‬
‫المتعلقة بالصحّ ة العامة‪.‬‬ ‫الدولة‬

‫•اإلسراع في تفعيل دور لجنة التنسيق الوطنية بين القطاعين العام والخاص‪،‬‬
‫ّ‬
‫ويتمثل الهدف‬ ‫لتحويلها إلى هيئة لصنع القرارات وليس هيئة استشاريّة‪.‬‬
‫النهائي لمثل هذه المبادرة في تمكين القطاعين من المشاركة في تحديد‬
‫التوجّ هات االستراتيجيّة للنظام الصحّ ي الوطني‪.‬‬
‫الحق في الصحة في المغرب‬ ‫‪32‬‬

‫الخاتمة‬

‫ّ‬
‫بالتمتع بالحقوق‪ ،‬وقد أطلق مؤخرً ا‬ ‫ّ‬
‫يتمتع المغرب بترسانة قانونيّة واسعة تسمح‬
‫مشاريع عدّ ة إلصالح النظام الصحي الوطني‪ ،‬وهذه المشاريع ستؤتي ثمارها في‬
‫السنوات القادمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحق في‬ ‫ولكن‪ ،‬ونظرً ا إلى الوضع الراهن‪ ،‬واستنادً ا إلى البيانات المتاحة‪ ،‬ما زال يواجه‬
‫الصحّ ة على أرض الواقع عوائق مختلفة‪ ،‬وال سيّما الفوارق الجغرافيّة واالجتماعيّة‬
‫االقتصاديّة‪ ،‬وانخفاض التمويل الصحي والتغطية الصحيّة الشاملة غير المكتملة‪،‬‬
‫والنقص في عدد المهنيين الصحيين وانعدام المساواة الجغرافيّة بينهم‪ ،‬والقطاع‬
‫الخاص غير المتكامل وضعف الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫المنسقة ونهج الوقاية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هشاشة مسارات الرعاية‬

‫بناءً عليه‪ ،‬ينبغي اعتبار إصالح قطاع الصحّ ة كجزء ال يتجزأ من آليّة الحدّ من الفوارق‬
‫وتزامنا مع توطيد الالمركزيّة كوسيلة إلدارة الشؤون العامة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫االجتماعيّة واإلقليميّة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أصبحت السياسة الصحيّة أحد مكونات استراتيجيّة تعزيز العدالة المكانيّة‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫يمكن أن تكون الالمركزيّة اإلقليميّة المتقدمة‪ ،‬بمثابة رافعة لتعزيز العدالة المكانيّة‬
‫في مجال الوصول إلى الحق في الصحّ ة وخفض الفوارق اإلقليميّة‪ .‬ومن نافل‬
‫إن التغطية الصحيّة واسعة النطاق يجب أن تضمن آليّة تمويل مناسبة‪ ،‬مما‬ ‫القول ّ‬
‫يسمح لألفراد باالستفادة من التغطية الكافية لتكاليف الرعاية الصحيّة الخاصة‬
‫يتولى النظام الصحي الوطني تنظيم القطاع الخاص بشكل كامل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بهم‪ .‬ويجب أن‬
‫منسق‪ .‬كما ينبغي أن يكون‬ ‫ّ‬ ‫وتسهيل التعاون مع القطاع العام إلنشاء مسار رعاية‬
‫النظام الصحي الوطني قادرً ا على جذب المزيد من المهنيين الصحيين وتوزيعهم‬
‫بشكل أفضل في جميع أنحاء البالد‪ .‬وال بدّ أن يكون النهج الوقائي قادرً ا على‬
‫استهداف المحدّ دات االجتماعيّة واالقتصاديّة والبيئيّة للحق في الصحّ ة‪ ،‬واعتماد‬
‫استراتيجيّة الرعاية الصحيّة األوّ ليّة‪ ،‬وتعزيز الصحّ ة الجنسيّة واإلنجابيّة‪.‬‬

‫وأخيرً ا‪ ،‬سيكون من المجدي تقييم اآلليّة التي ستعمل بها إصالحات قطاع الصحّ ة‬
‫الحاليّة على تحسين الحقوق الصحيّة في المغرب عند تنفيذها‪ .‬لهذا الغرض‪ ،‬يُوصى‬
‫بحزم بإجراء دراسات عالية الجودة لتحليل آثار هذه اإلصالحات واستخالص أفضل‬
‫الفوائد لجميع السكان‪.‬‬
33 ‫سعد الزبيري‬

‫المراجع‬

• Economic, Social, and Environmental Council. 2018. “Social protection in


Morocco - Review, assessment and strengthening of social security and
assistance systems.” Kingdom of Morocco. Link.
• Espace Associatif. 2015. “The right to information, a lever for access to
health. 2015. Morocco.” Link.
• General Secretariat of the Government - Directorate of the Official
Printing Office. 2011. The Constitution Edition 2011. Kingdom of Morocco.
Link.
• High Commission for Planning. 1992. “Archives.” Kingdom of Morocco.
Link.
• Ministry of Economy and Finance. 2021. “The generalization of social
protection. Kingdom of Morocco.” Link.
• Ministry of Health. 2022. “Health in Figures 2020.” Kingdom of Morocco.
Link.
• Ministry of Health. 2021. “Health in Figures 2019.” Kingdom of Morocco.
Link.
• Ministry of Health. 2021. “National health financing strategy.” Kingdom of
Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2020. “Analysis of health inequities in Morocco.
Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2020. “International cooperation in health.” Kingdom
of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2020. “National strategic plan for health and
immigration 2021-2025.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2020. “Report of the national survey on common risk
factors for non-communicable diseases, STEPS, 2017-2018.” Kingdom of
Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2020. “Target populations for health programmes for
the period 2020-2026.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “Health plan 2025. Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “National health accounts.” Kingdom of
Morocco. Link.
‫الحق في الصحة في المغرب‬ 34

• Ministry of Health. 2018. “National population and family health survey


2018.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “National population and family health survey
2018 - Child health component.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “National population and family health survey
2018 - Elderly component.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “National population and family health survey
2018 - Reproductive health component.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2018. “Sectoral strategy 2012-2016.” Kingdom of
Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2016. “Evaluation of the Essential Public Health
Functions technical report.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2016. “Target populations for health programmes for
the period 2014-2019. Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2015. “International symposium on ‘Health coverage of
vulnerable populations.’” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2015. “National health accounts.” Kingdom of
Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2013. “2nd National Conference on Health - General
Report.” Kingdom of Morocco. Link.
• Ministry of Health. 2011. “Internal hospital regulations.” Kingdom of
Morocco. Link.
• National Council for Human Rights. 2022. “Right to health.” Morocco.
Kingdom of Morocco. Link.
• National Council for Human Rights. 2022. “The effectiveness of the right
to health - Challenges, issues and ways of strengthening.” Kingdom of
Morocco. Link.
• Official Bulletin of the Kingdom of Morocco. 1997. “N°: 4470 of
03/04/1997 - Page: 292. Dahir n° 1-97-84 of 23 kaada 1417 (2 April 1997)
promulgating law n° 47-96 relating to the organization of the region.”
Link.
• Official Bulletin of the Kingdom of Morocco. 2022. “Framework law
n°06-22 on the national health system.” Link.
• Official Bulletin of the Kingdom of Morocco. 2011. “Framework law
n°34-09 relating to the health system and healthcare supply.” Link.
• The World Bank. 2021. “Morocco indicators.” 2021. Link.
35 ‫سعد الزبيري‬

• The World Bank. 2015. “Programme for primary health improvement


results in rural areas - Evaluation of environmental and social
management systems.” Link.
• United Nations Development Programme (UNDP). 2019. “Human
development report 2019: Beyond income, beyond averages, beyond
today: Inequalities in human development in the 21st century.” Link.
‫تهدف كليّة العلوم الصحيّة في الجامعة‬ ‫المنظمات غير الحكوميّة‬‫ّ‬ ‫تعمل شبكة‬
‫األميركيّة في بيروت منذ إنشائها إلى‬ ‫العربيّة للتنمية في ‪ 12‬دولة عربيّة‪ ،‬مع‬
‫مسار للصحّ ة العامة من خالل إعداد‬
‫ٍ‬ ‫وضع‬ ‫‪ 9‬شبكة وطنيّة (وعضويّة ممتدة لـ ‪250‬‬
‫المهنيين ليكونوا صانعي التغيير ويعملوا‬ ‫منظمة مجتمع مدني من خلفياّت مختلفة) و‬ ‫ّ‬
‫على البحوث التي تؤثر على الممارسات‬ ‫منظمات غير حكوميّة‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ 25‬عضو من‬
‫والسياسات وبالتالي على صحّ ة السكان‪.‬‬
‫ص‪.‬ب المزرعة ‪ 14/5792‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫ ‬ ‫الجامعة األميركيّة في بيروت‬
‫ص‪.‬ب ‪ / 11-0236‬كليّة العلوم الصحيّة‬
‫ ‬
‫رياض الصلح ‪ /‬بيروت ‪2020 1107‬‬
‫لبنان‬

You might also like