You are on page 1of 6

‫عنرتة بن ش ّداد‬

‫عنرتة بن ش ّداد هو ابن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي‪ ،‬وهو من أشهر الفرسان والشعراء العرب يف‬
‫العصر اجلاهلي‪ ،‬وقد نشأ يف منطقة جند وورث سواد لونه من ّأمه احلبشيّة اليت كانت تدعى زبيبة‪ ،‬وكان‬
‫عنرتة معروفاً بني العرب أبخالقه العالية‪ ،‬كما كان يتصف ابحللم على الرغم من شدة بطشه يف احلروب‪،‬‬
‫ابلرقّة والعذوبة؛ فال تكاد ختلو من ذكر حملبوبته وابنة عمه عبلة‬
‫ومن اجلدير ابلذكر أ ّن أشعاره امتازت ّ‬
‫أيضا أ ّن عنرتة عاش عمراً طويالً شهد خالله‬
‫اليت تناقلت األخبار قصة حبّه هلا‪ ،‬ومن اجلدير ابلذكر ً‬
‫حرب داحس والغرباء‪ ،‬وكان قد التقى يف فرتة شبابه ابلشاعر امرؤ القيس‪ ،‬كما كان يُلقب ب"الفلحاء"‬
‫نظراً لوجود تشقق يف شفتيّه‪.‬‬

‫نسب وحياة عنرتة بن ش ّداد‬

‫ُولد عنرتة يف منطقة جند يف العام ‪ 525‬للميالد أل ََمة من احلبشة يُقال هلا زبيبة كما سبق ذكره‪ ،‬وكان‬
‫أبوه سيّداً من سادات عبس‪ ،‬وقد تعلّم عنرتة الفروسية مبكراً حىت أصبح من أشهر فرسان العرب يف‬
‫ذلك الوقت‪ ،‬فظهرت فروسيته جبالء يف حرب داحس والغرباء اليت أبلى فيها بالءً حسناً‪.‬‬

‫أسرة عنرتة بن ش ّداد‬

‫كان والد عنرتة من أشراف قومه‪ ،‬وكانت ّأمه أ ََمة حبشيّة أخذ منها سواد لونه وتشقق يف شفتيّه؛ وهلذا‬
‫كان يلقب ابلفلحاء ‪-‬كما سبق ذكره‪ -‬ولذلك كان يعترب من أغربة العرب‪ ،‬وكان عنرتة عبداً؛ أل ّن‬
‫العرب يف ذلك الوقت كانت ال تعرتف أببناء اإلماء يف النسب إال إذا أظهر هؤالء األبناء متيّزاً يف‬
‫الشجاعة والبطولة والشاعريّة‪ ،‬وهذا كان حال عنرتة مع أبيه الذي مل يلحقه بنسبه إال بعد مشاركته يف‬
‫حروب قومه وما أظهره يف تلك احلروب من شجاعة وبطولة‪ ،‬وكان هلذا األمر ابلغ األثر يف نفسه ويذكره‬
‫دوماً يف أشعاره‪.‬‬

‫صفات وأخالق عنرتة بن ش ّداد‬

‫ذكر املؤرخون الكثري عن أخالق عنرتة اليت كانت تتجلّى فيها رقة قلبه وقوة عاطفته‪ ،‬ورغم احلياة‬
‫عال من نقاء النفس‪ ،‬وقد مجع عنرتة إىل جانب هذه‬ ‫القاسية اليت كان يعيشها إال أنّه كان على قد ٍر ٍ‬
‫األخالق شهرة واسعة يف الفروسية والشجاعة اليت كانت ال مثيل هلا بني أقرانه حبيث ظهرت هذه‬
‫عما‬
‫الشجاعة بقوة يف حرب داحس والغرباء‪ ،‬وقد استطاع عنرتة من خالل هذه ااخلصال التعويض ّ‬
‫أصابه من دنيوية وعبودية بسبب لونه‪.‬‬

‫حب عنرتة بن ش ّداد وعبلة‬


‫قصة ّ‬
‫أحب عنرتة ابنة عمه عبلة بنت مالك اليت كانت أكثر نساء قومها مجاالً وأشهرهن نضجاً ونسباً‪ ،‬وقد‬
‫ّ‬
‫عمه من تزوجيه إايها بسبب سواد‬
‫احلب وواجهته عوائق كثرية؛ فقد امتنع ّ‬
‫عاىن الكثري يف سبيل هذا ّ‬
‫لونه‪ ،‬ورغم النسب الذي كان جيمع بينهما إال أ ّن أابها وأخاها كاان ينظران إليه نظرة األسياد إىل العبد‬
‫تكرب وازدراء‪ ،‬وكاان يف كثري من األحيان خيفيان عبلة عنه عند إحدى القبائل اجملاورة‬
‫ويتعامالن معه بكل ّ‬
‫حىت ال يتمكن من رؤيتها‪ ،‬فكان عنرتة يبعث يف أثرها إحدى اجلواري لتأتيه أبخبارها‪ ،‬وكان ملوقف‬
‫عمه هذا األمل البالغ يف نفسه الذي كان يبثّه يف قصائده الغزليّة‪ .‬مل تذكر أغلب الرواايت الكثري عن‬
‫ّ‬
‫حب عنرتة وهيامه هبا‪ ،‬وقصائده الغزليّة اجلميلة اليت قاهلا يف ذكر حماسنها‪،‬‬
‫أخبار عبلة إال ما كان من ّ‬
‫وخلّت هذه الرواايت من ذكر فيما كانت عبلة تزوجت به أم بغريه‪ ،‬غري أ ّن هناك بعض املصادر اليت‬
‫أكدت زواج عنرتة هبا‪ ،‬ومن هذه املصادر القصة الشعبيّة لعنرتة اليت أوردت زواجه هبا‪ ،‬إال أ ّن هذه‬
‫القصة مل تكن تستند يف سريته إىل ٍ‬
‫دليل قوي‪.‬‬

‫شعر عنرتة بن ش ّداد وأبرز مِساته‬

‫معظمها يف الفخر والغزل العذري واحلماسة‪ ،‬وكان‬


‫ترك عنرتة ديواانً من الشعر زخر بفنون ع ّدة كان ّ‬
‫أبرز ما فيه معلقته اليت اشتهر هبا‪ ،‬وامتازت أشعاره ابألسلوب العذب واأللفاظ السهلة واملعاين الرقيقة‪.‬‬
‫موضوعات شعر عنرتة بن ش ّداد‬

‫صور هذه البطوالت يف شعره ورسم‬


‫اشتهر عنرتة بشجاعته وببطوالته اليت كان يظهرها يف احلروب‪ ،‬وقد ّ‬
‫بكل ما فيه من صفات وأخالق حسنة‪ ،‬وأظهر ما‬ ‫يف قصائده املتنوعة صورة الفارس البطل الشجاع ّ‬
‫وبني أيضاً اهتمام هذا الفارس أبدواته‬ ‫ٍ‬
‫حتلّى به من شجاعة وإقبال على القتال بدون خوف أو وجل‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫وسيف ودروع ورماح‪ ،‬وحاول عنرتة ربط صورة هذا الفارس بنفسه‪ ،‬وكان يهدف من‬ ‫القتاليّة من ٍ‬
‫خيل‬
‫ذلك إبراز نفسه وشخصيته‪ ،‬وأتكيد فكرة حريته وجدارته هبا‪ ،‬وكان حبّه لعبلة الدافع القوي الذي‬
‫حياول من خالله إثبات وجوده وشخصيّته‪.‬‬

‫الفّن واألفكار يف شعر عنرتة بن ش ّداد‬


‫الوصف ّ‬
‫استحوذت قصائد عنرتة على أفكار ع ّدة كان أبرزها فكرة التعفف اليت كانت واضحة يف شعره‪ ،‬ففي‬
‫الوقت الذي يعتقد احملارب أ ّن احلروب هي لكسب الغنائم نرى عنرتة يتعاىل عن هذه االغاايت؛ ألنّه‬
‫كان يشارك هبا من أجل احلروب نفسها‪ ،‬وليس ألجل الغنائم واملكاسب اتركاً هذه األمور لغريه من‬
‫احملاربني‪ .‬جند يف شعر عنرتة كغريه من الشعراء اجلاهليني ظاهرة الوقوف على األطالل؛ أل ّن هذه الظاهرة‬
‫كانت أصدق تعبري عن عواطف الشاعر جتاه حمبوبته وحنينه هلا‪ ،‬فهذه األطالل هي األماكن اليت عاش‬
‫وهزت وجدانه‪ ،‬فكان يقف وسط هذه الداير‬ ‫مر منها‪ ،‬أو ارتبطت بذكرى حدثت معه ّ‬ ‫فيها الشاعر أو ّ‬
‫اليت سكنتها حمبوبته مث تركتها ورحلت عنه إىل ٍ‬
‫مكان بعيد‪ ،‬سائالً إايها احلديث وإخباره أبخبارها‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬
‫يبقى واقفاً وسط هذه الداير مناجيّاً إايها أتسر قلبه اللوعة واحلنني لرؤيتها‪ ،‬واملالحظ يف وصف عنرتة‬
‫للداير واألطالل يف معلقته امليل إىل اإلطالة والتكرار شأنه يف ذلك شأن الشعراء اجلاهليني اآلخرين‪.‬‬
‫أبرز األغراض الشعريّة عند عنرتة بن ش ّداد‬
‫الفخر‪ :‬كان الفخر من أهم األغراض الشعريّة عند عنرتة‪ ،‬وكانت أشعاره يف الفخر تتصف ابلقوة‬
‫الرد على أعدائه‪،‬‬
‫واحلماسة؛ إ ْذ كانت من أسلحته يف معركته العنيفة من أجل انتزاع حريته وإثبات نسبه و ّ‬
‫ومن أجل أيضاً الفوز اببنة عمه عبلة اليت رفض أهلها تزوجيه إايها ألهنم ال يرونه كفؤاً هلا بسبب سواد‬
‫لونه‪ ،‬فكان عنرتة يستعني بشعر الفخر للتعويض عن عقدة السواد اليت الزمته من أجل أتكيد حقه يف‬
‫احلرية‪ ،‬فق ّدم مناذج شعريّة ع ّدة أظهر فيها صورة الفارس الشجاع املنتصر الذي ينتمي لقبيلته ويتمسك‬
‫بقضاايها‪ ،‬وحاول ربط هذه الصورة بنفسه من أجل أتكيد مكانته بني قومه‪ ،‬واعرتاف اجملتمع الذي‬
‫يعيش فيه هبذه املكانة ومبا كان يتصف به من قيم وأخالق‪ .‬اهلجاء‪ :‬كان اهلجاء يف العصر اجلاهلي‬
‫مرتبطاً مبوقف الشاعر من جمتمعه وما فيه من قيم راسخة؛ فهو من أكثر األغراض الشعرية أتثرياً يف‬
‫اجملتمع‪ ،‬حيث كان الشاعر يستخدمه كسالح قوي ومؤثر يف ذكر عيوب األعداء‪ ،‬ووصفهم أببشع‬
‫الصفات واألفعال‪ ،‬وكان غزو القبائل لبعضها البعض شائعاً يف ذلك الوقت‪ ،‬فكان عنرتة جيد نفسه يف‬
‫هذه احلروب إلبراز شجاعته يف الدفاع عن قومه الذي كان يسعى جاهداً إلثبات نفسه بينهم يف الوقت‬
‫الذي ال يعرتفون له بنسب أو مكانة‪ .‬الغزل‪ :‬اشتهر عنرتة ابلغزل العفيف قوالً وفعالً‪ ،‬فقد أحب ابنة‬
‫عمه عبلة حبّاً شديداً وقال فيها أشعاره الغزليّة اجلميلة اليت كانت تنبع من قلبه املتيّم هبا‪ ،‬وكان غزل‬
‫ّ‬
‫عنرتة لعبلة منوذجاً للغزل العفيف الذي يصدر عن شاع ٍر يتمتع أبخالق رفيعة حيث كانت تذوب يف‬
‫أشعاره العاطفة القوية الصادقة‪ ،‬وتربز فيها أشواقه العميقة ولوعته للقائها‪ ،‬فهو ال ينساها يف كل حاالته‬
‫سواء يف احلرب أم السلم‪ ،‬فكان يقتحم ساحات القتال بكل شجاعة وبطولة مستقبالً املوت من أجل‬
‫أن حيظى برضاها وبقلبها‪ .‬احلماسة‪ :‬كان شعر احلماسة عند عنرتة ُُيثّل الصورة احليّة للتعبري عن شجاعته‬
‫يف ساحات القتال‪ ،‬فكان يف شعره يصف أدق التفاصيل يف منازلته العدو‪ ،‬حيث كان يستخدم شجاعته‬
‫يف احلروب كوسيلة للتخلص من عقدته النفسيّة يف كونه عبداً أسود‪ ،‬واصفاً يف هذه األشعار كيف ينال‬
‫من العدو بعد أن يتمكن من إصابته بطعنة قاتلة خماطباً العدو والدهر ابالعرتاف بذاتيته إىل ح ّد املبالغة‬
‫يف إظهار جربوته حبيث يبدو كأنه مستمتع هبذا األمر‪ ،‬كما كان يصف األسلحة وصوت السيوف‬
‫وطعنات الرمح‪ ،‬وكان يعتمد يف هذا الوصف على وقائع اترخيية اتركاً احلرية خلياله يف تضخيم احلوادث‬
‫القتاليّة‪ ،‬كأن هذه املعارك كانت ملحمة من املالحم احلربيّة‪.‬‬

‫معلّقة عنرتة بن ش ّداد‬

‫املعلّقات هي عبارة عن قصائد ظهرت يف العصر اجلاهلي‪ ،‬وكان عددها سبعاً‪ ،‬وقد متيّزت ابجلودة‪،‬‬
‫وعمق املعاين‪ ،‬وسعة اخليال والرباعة يف األسلوب‪ ،‬وكانت تسمى أيضاً ابملذهبيّات أل ّهنا كانت تكتب‬
‫مباء الذهب‪ ،‬وقد ورد عن الباحثني رواايت متباينة بسبب تسميتها هبذا االسم إال أ ّن أغلب هذه‬
‫الرواايت اتفقت على أ ّن السبب يعود إىل تعليقها على أستار الكعبة املشرفة‪ ،‬وكان هلذه املعلقات قيمة‬
‫أدبيّة متثّلت يف تناول مواضيع خمتلفة عن احلياة اجلاهليّة‪ ،‬ومن أشهر شعرائها‪ :‬امرؤ القيس‪ ،‬وزهر بن‬
‫أيب سلمى‪ ،‬والنابغة الذبياين‪ ،‬وعنرتة بن شداد‪ ،‬وعلقمة بن عبده‪ ،‬وطرفة بن العبد‪ ،‬واألعشى‪ .‬ترك عنرتة‬
‫بن ش ّداد ديواانً من الشعر كان معظمه يف احلماسة والفخر واحلب العذري كما سبق ذكره‪ ،‬وكان أشهر‬
‫ما يف هذا الديوان معلّقته االشهرية‪ ،‬وهي عبارة عن قصيدة طويلة حتتوي على ما يقارب تسعة وسبعني‬
‫بيتاً من الشعر على وزن البحر الكامل‪ ،‬وقد جاء شعر عنرتة على نوعني مها‪ :‬النوع الغنائي الوجداينّ‪،‬‬
‫ملحمي‪ ،‬ورغم االختالف بني هذه النوعني إال ّأهنما كاان مرتابطني؛ حبيث ال‬ ‫ّ‬ ‫والنوع األخر قصصي‬
‫يُقال أحدمها دون اآلخر‪ ،‬وال يُفهمان إال مع بعضهما بعضاً‪ ،‬وقد نظم عنرتة هذه املعلقة خالل حرب‬
‫شاعر من قبيلته وعايره بسواد لونه ولون أمه وإخوته‪ ،‬فنظم عنرتة معلّقته رداً عليه‬
‫السباق بعد أن شتمه ٌ‬
‫يستهل معلقته مبق ّدمة تتضمن ذكرايت وعرب‪ ،‬وبعد ذلك يصف‬
‫ّ‬ ‫تضمنها االفتخار بنفسه‪ .‬كان عنرتة‬
‫حمبوبته عبلة وانقته مفتخراً بنفسه وأخالقه الرفيعة وشجاعته وإقدامه يف احلروب‪ ،‬فهو يُظهر نفسه كما‬
‫وابلشدة‬
‫وصفه األديب طه حسني بصورة الشاعر العريب األصيل الذي يتصف برقّة القلب دون ضعف‪ّ ،‬‬
‫دون عنف‪ ،‬والذي يشرب اخلمرة دون التفريط أبخالقه ومروءته‪ ،‬ومىت عاد إىل عقله وصحوته عاد كرُياً‬
‫فارس شجاعٌ يف احلرب عفيف النفس ال يطمع لغنائم هذه احلرب وال إىل مكاسبها‪.‬‬
‫معطاءً‪ ،‬وهو ٌ‬
‫ّ‬
‫كتاب سرية عنرتة بن ش ّداد امللحميّة‬

‫قام العرب يف هناية العصر العباسي بكتابة سرية عنرتة بن ش ّداد نظراً لشهرته يف الشعر ويف الفروسيّة‪،‬‬
‫إال أ ّن كاتب هذه السرية بقي جمهوالً عند العامة‪ ،‬ووردت رواايت متباينة يف معرفة هويته‪ ،‬فقيل إ ّن‬
‫كاتبها هو األصمعي لتكرار امسه يف مواضع كثرية من هذه السرية غري أ ّن هذه احلجة ال تصلح لتكون‬
‫دليالً وخصوصاً أ ّن أمساءً أخرى ورد ذكرها فيها‪ ،‬ومنهم‪ :‬أبو عبيدة وجهينة وجند بن هشام وآخرون‪،‬‬
‫كما قيل إ ّن األديب يوسف بن إمساعيل املصري وهو كاتب لدى احلاكم أبمر هللا الفاطمي قد ألّفها‬
‫بناءً على طلب اخلليفة؛ حىت يتغاضى الناس عن حادثة وقعت يف قصره‪ ،‬وتناقلتها األلسن‪ ،‬وهذا القول‬
‫غري مؤكد؛ ألنّه مل يرد عن املؤرخني ذكر لكاتب يف العصر الفاطمي هبذا االسم‪ ،‬كما مل يذكر وقوع أي‬
‫أي خليفة فاطمي‪ ،‬وورد عن بعض املستشرقني أ ّن هذه السرية مل تكتب إال يف‬
‫أحداث مريبة يف عهد ّ‬
‫القرن السادس اهلجري وأ ّن مؤلفها هو واحد من أطباء وشعراء العراق املعروفني الذي كان يلقب ابلعنرتي‬
‫مستنداً يف روايته على كتاب ابن أيب أصبيعة "عيون األنباء يف طبقات األطباء" واليت ورد فيها أ ّن العنرتي‬
‫كان يف البداية يكتب أقوال عنرتة مثّ صار بعد ذلك معروفاً بنسبته إليه‪ .‬مشلت سرية عنرتة كافة األحداث‬
‫ومتشعبة اترًة أخرى‪ ،‬وكان موضوعها يتمحور حول‬
‫ّ‬ ‫مر هبا يف حياته؛ حيث جاءت متشابكة اترًة‬
‫اليت ّ‬
‫حياة عنرتة الشاعر والفارس الشجاع والعاشق‪ ،‬وما واجهه من صعوابت وخماطر يف سبيل حبه البنة‬
‫عمه عبلة نتيجة سواد لونه‪ ،‬فتضمنت الفرتة اليت وقع فيها ابألسر‪ ،‬مثّ حربه مع الغساسنة‪ ،‬ومقابلته‬
‫كسرى ملك الفرس‪ ،‬وانتقاله إىل م ّكة املكرمة وكتابة معلّقته مباء الذهب وتعليقها على أسوارها‪ ،‬مثّ ورد‬
‫الصمة والربيع بن زايد وعمرو بن معديكرب وحامت الطائي‬
‫فيها أيضاً العالقة اليت كانت تربطه بدريد بن ّ‬
‫وتطرقت السرية أيضاً لوصف حياة العرب يف العصر‬ ‫وسفره إىل بالد الشام ومقابلته قيصر الروم‪ّ ،‬‬
‫اجلاهلي‪ ،‬فذكرت عاداهتم ووصفت صفاهتم يف الكرم واملروءة والشجاعة والوفاء والتضحية ومساعدة‬
‫ّ‬
‫االجتماعي للعرب يف تلك الفرتة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫السياسي و‬
‫ّ‬ ‫وحسن اجلوار‪ ،‬كما استعرضت النظام‬
‫الضعيف ُ‬
‫وفاة عنرتة بن ش ّداد تويف عنرتة بن شداد‬

‫عام ‪ 600‬ميالدي عن عمر انهز ‪ 90‬عاماً بعد أن عاش حياةً حافلة بنظم الشعر‪ ،‬واملشاركة الواسعة‬
‫يف احلروب والغزوات‪ ،‬وقد اختلف الرواة يف طريقة موت عنرتة‪ ،‬ووردت عنهم رواايت متباينة‪ ،‬ومن أبرز‬
‫هذه الرواايت نذكر ما يلي‪ :‬رواية ابن حبيب وابن الكليب وصاحب األغاين‪ :‬ذُكر فيها أن عنرتة غزا بين‬
‫قوي يقال له وزر بن جابر‬
‫رجل ٌ‬
‫نبهان من قبيلة طيء فقتل منهم شيخاً طاعناً يف السن‪ ،‬وكان منهم ٌ‬
‫النبهاين وكان يلقب ابألسد الرهيص‪ ،‬فرمى عنرتة برمح‪ ،‬وحينها مل يستطع عنرتة تفادي رميته لكرب سنه‬
‫وضعف بصره‪ ،‬فأصاب ظهره وقطعه مما أدى إىل مقتله‪ ،‬وهذه الرواية من أكثر الرواايت تداوالً وترجيحاً‬
‫يف سبب وفاته‪ .‬رواية أيب عبيدة‪ :‬ورد فيها أ ّن عنرتة خرج يف يوم من أايم الصيف ليتقاضى مثن بعري كان‬
‫ايح قوية ّأدت إىل وفاته‪.‬‬ ‫له عند ٍ‬
‫رجل من قبيلة غطفان‪ ،‬فهبّت عليه ر ٌ‬

You might also like