You are on page 1of 17

‫‪2023‬‬

‫‪2024‬‬

‫ماستر الدستور والحكامة المالية‬


‫وحدة القضاء الدستوري المالي‬
‫الفوج التاسع‬

‫خصوصية المسطرة الدستورية‬

‫إشراف األستاذ‪ :‬عبد المجيد بوكير‬


‫إعداد الطالب‪ :‬سعد أمياي‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يتطلب الهنوض بأعباء العداةل ادلس تورية احلرص عىل مسو ادلس تور‪ ،‬مما يفرتض احاطة تشكيل احملمكة ادلس تورية‬
‫برشوط الفعالية والزناهة‪ ،‬والتجرد والاس تقاللية‪ ،‬ومعلية الرقابة عىل دس تورية القوانني ال ميكن أن تكون فعاةل ان مل‬
‫يتحقق رشط الاس تقالل الاكمل عن السلطات‪ ،‬ذلكل وجب عىل املؤسس ادلس توري أن حيدد تشكيةل هذه املؤسسة‬
‫بنصوص دس تورية رصحية وواحضة وال يرتكها بيد السلطة الترشيعية أو السلطة التنفيذية‪ ،‬وذكل لن هذه الهيئة وجدت‬
‫أصال يف ادلول ذات ادلساتري اجلامدة بغاية حامية ادلس تور واحلفاظ عىل مسوه‪.1‬‬
‫وهناك من ادلساتري اليت حسمت يف كيفية تشكيل هذه الهيئة بنصها عىل ذكل يف صلب نصوصها ادلس تورية‪ ،‬مثل‬
‫ادلس تور الفرنيس من خالل املادة ‪ 56‬اليت جاء فهيا بأنه يتألف اجمللس ادلس توري من تسعة أعضاء‪ ،‬يتوىل لك مهنم منصبه‬
‫لفرتة غري قابةل للتجديد من تسع س نوات‪ ،‬يمت جتديد ثلث أعضاء اجمللس ادلس توري لك اثلث س نوات‪ .‬يمت تعيين اثلثة من‬
‫أعضائه من قبل رئيس امجلهورية‪ ،‬وثالثة من قبل رئيس امجلعية الوطنية‪ ،‬وثالثة من قبل رئيس جملس الش يوخ‪...‬ابالضافة‬
‫للعضاء التسعة املنصوص علهيم أعاله يمتتع رؤساء امجلهورية السابقني ابحلق الاكمل يف العضوية ادلامئة يف اجمللس ادلس توري‪.‬‬
‫يمت تعيين الرئيس من قبل رئيس امجلهورية‪.2...‬‬
‫وهناك من ادلساتري اليت تنص عىل كيفية تشكيل هذه الهيئة دون حتديد عدد العضاء برتكه جملال القانون مثل ادلس تور‬
‫الملاين ابلنس بة للمحمكة ادلس تورية الاحتادية يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 94‬اليت جاء فهيا بأن تكون احملمكة ادلس تورية‬
‫الاحتادية من قضاة احتاديني وأعضاء أخرين‪ ،‬ويمت انتخاب هؤالء العضاء عضوا يف البوندس تاغ‪ ،‬أو يف البوندرسات‪ ،‬أو يف‬
‫احلكومة الاحتادية‪ ،‬أو فامي يقابلها من هيئات يف الوالايت‪ ،3...‬وتكتفي دساتري دول أخرى ابلنص عىل اس تحداث هيئة‬
‫متارس الرقابة عىل دس تورية القوانني دون ذكر امسها مع حتديد طبيعهتا‪ ،‬أما مسأةل كيفية تشكيلها فتحال عىل القانون مثال‬
‫هو احلال يف ادلس تور الكوييت من خالل نص املادة ‪ 173‬اليت جاء فهيا بأن يعني القانون اجلهة القضائية اليت ختتص ابلفصل‬
‫يف املنازعات املتعلقة بدس تورية القوانني واللواحئ‪ ،‬ويبين صالحياهتا واالجراءات اليت تتبعها‪ ،‬ويكفل القانون حق لك من‬
‫احلكومة وذوي الشأن يف الطعن دلى تكل اجلهة يف دس تورية القوانني واللواحئ‪ ،‬ويف حاةل تقرير اجلهة اخملتصة عدم دس تورية‬
‫قانون أو الحئة يعترب كنه يكن‪.4‬وهو ما جتسد الحقا عند انشاء احملمكة ادلس تورية مبوجب القانون رمق ‪ 14‬لس نة ‪،51973‬‬
‫حيث حددت املادة الثانية منه عدد رشوط عضوية هذه احملمكة بنصها عىل أن تؤلف احملمكة ادلس تورية من مخسة مستشارين‬
‫خيتارمه جملس القضاء ابالقرتاع الرسي‪ ،‬كام خيتار عضوين احتياطيني ويشرتط أن يكونوا من الكويتيني ويصدر بتعييهنم‬
‫مرسوم‪ .‬واذا خال حمل أي عضو من العضاء الصليني أو الاحتياطيني اختار جملس القضاء ‪ -‬ابالقرتاع الرسي ‪ -‬من حيل‬
‫محهل ويكون تعيينه مبرسوم‪.‬‬
‫لقد وضع املرشع املغريب فكرة مراقبة دس تورية القوانني موضع التنفيذ منذ أول دس تور لس نة ‪ ،1962‬حيث خص الغرفة‬
‫ادلس تورية ابلمر مث تطور القضاء ادلس توري متجاوزا حمدودية الاختصاص وكرثة الانتقادات ابلريق اىل مس توى جملس‬
‫دس توري مع دس تور ‪.1992‬‬

‫‪ 1‬شورش حسن عمر‪ ،‬ضوابط استقالل المحكمة اإلحتادية العليا في العراق من حيث التشكيل (دراسة مقارنة)‪ ،‬مجلة كلية القانون والعلوم القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬العراق‪ ،‬المجلد ‪ ،06‬العدد ‪ ،21‬الجزء األول‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬ص ‪425‬‬
‫‪ 2‬دستور فرنسا الصادر عام ‪ 1958‬شامال تعديالته لغاية عام ‪.2008‬‬
‫‪ 3‬القانون األساسي لجمهورية ألمانيا اإلحتادية وفق تعديل ‪ 28‬مارس ‪.2019‬‬
‫‪ 4‬دستور الكويت لسنة ‪.1962‬‬
‫‪ 5‬صادر بتاريخ ‪ 08‬مجادى األولى ‪ 1393‬الموافق ‪ 09‬يونيو ‪ 1973،‬ج ر‪ ،‬عدد ‪ ،936‬ص‪.03‬‬

‫‪1‬‬
‫فأصبح اجمللس ادلس توري حيتل املاكنة الرابعة يف سمل املؤسسات ادلس تورية ابعتباره هيئة مس تقةل عن القضاء العادي‪،‬‬
‫يمتتع ابختصاصات أوسع يف الرقابة عىل دس تورية القوانني‪.‬‬
‫أضف ذلكل التطورات ادلس تورية اليت جاء هبا دس تور‪ ،2011‬اذلي ومس بكونه دس تور لصك احلقوق‪ ،‬حيث توس يع‬
‫الاختصاص وجتويد الرشوط واملساطر وتنويع االحاالت لتشمل حق املواطن يف ادلفع بعدم دس تورية بعض القوانني املثارة‬
‫يف قضية أمام احملمكة‪.‬‬

‫ان طبيعــة املوضوع تســتلزم الاســتعانة مبقاربــات ومنــاجه متاكملــة من قبيل املهنج الوظيفي واملهنجني البنيوي يف بعض‬
‫الحيان لن التنـاول املتعـدد اجلوانـب هـو الكفيـل مبسـاعدتنا علـى ابـراز خمتلـف املظـاهر اخلصوصية املسطرية أمام احملمكة‬
‫ادلس تورية‪.‬‬
‫من هذا املنطلق يدفعنا لطرح اشاكلية أساس ية تركز لنا حماور العرض‪ ،‬يه اكليت‪ ،‬ما يه اخلصوصية املسطرية الصدار‬
‫الحاكم من طرف القايض ادلس توري؟‬
‫من أجل متحيص ومقاربة االشاكلية الساس ية للبحث‪ ،‬س نعمل عىل االجابة عىل الس ئةل الفرعية التية‪:‬‬

‫‪ ‬هل هامك قواعد خاصة يلزتم هبا أعضاء احملمكة ادلس تورية؟‬
‫‪ ‬هل تطبق نفس اجراءات املسطرة املدنية ابعتبارها رشيعة عامة؟‬
‫‪ ‬هل تطبق نفس اجراءات املسطرة اجلنائية عند التحقيق؟‬
‫‪ ‬مايه اخلصوصية للمنازعات ذات طبيعة ادارية الناش ئة عن تطبيق اختصاصات احملمكة ادلس تورية؟‬

‫ولالحاطـة ابملوضـوع مبختلـف جوانبـه حاولنـا مـن خـالل املبحث الول تقـدمي مسـامهة يف متيزي املسطرة ادلس تورية‪ ،‬يف‬
‫حــني حاولنا يف املبحث الثــاين عالقة القايض ادلس توري واملساطر القضائية العادية‪.‬‬

‫وعليه س نعمتد التقس مي اليت‪:‬‬


‫‪ ‬املطلب الول‪ :‬متيزي املسطرة ادلس تورية‬

‫‪ ‬املطلب الثــاين‪ :‬القايض ادلس توري واملساطر القضائية العادية‬

‫‪2‬‬
‫املطلب الول‪ :‬متيزي املسطرة ادلس تورية‬
‫الفرع الول‪ :‬مسطرة كتابية جمانية‬
‫ان أصل قوانني الاجراءات هو القانون املدين‪ ،‬وابلتايل فاالنطالق منه يفيد يف فهم ورشح دواعي اختيار العمل اما‬
‫ابملسطرة الكتابية أو الشفوية أو ادماهجام احياان‪ ،‬حيث ان املبدأ العام اكن معموال به اترخييا أمام القضاء العادي يف املغرب‪،‬‬
‫يف الاجراءات واملرافعات‪ ،‬هو الكتابية يف املسطرة منذ ظهري ‪ 1913‬اىل حدود ‪ ،1974‬حيث اعطى املرشع بعد ذكل‬
‫ماكن واسعة لشفوية املسطرة رغبة يف التبس يط‪ .‬ولعل التفسري اذلي يقدم لهنج املسطرة الكتابية أمام القضاء العادي هو‬
‫أنه لكام وجدان أمام قضية عويصة‪ ،‬يكون من الامور اجلوهرية أن تصوغ اس تدالال قانونيا رصينا‪ ،‬يفيد ادلقة والرتابط‬
‫املنطقي‪ ،‬فوهجت احلاجة تظهر يف نص مكتوب‪ ،‬بشلك أفضل مما تكون عليه شفواي‪ ،‬لكن هذا يأيت من قبيل تمكةل الربهنة‬
‫اليت تكون ابلساس بعد انطالق اجراءات ادلعوى واملرافعات‪.6‬‬
‫وابالنتقال اىل حقل القضاء ادلس توري‪ ،‬نتساءل ملاذا اختار املرشع املغريب ادلعوى اىل العمل ابلفكرة املسطرة‬
‫االجرائية(الكتابية) ملا قبل ‪1974‬؟ وملاذا اس متر القضاة ابلغرفة ادلس تورية يف العمل ابملسطرة الكتابية بعد ‪ ،1974‬رمغ ان‬
‫اغلهبم اكنوا عاديني ينمتون همنيا اىل اجمللس الاعىل للقضاء؟ امل تكن هناك مس تجدات من شأهنا ان تقود اىل الانفتاح عىل‬
‫املسطرة الشفوية يف املنازعات الانتخابية؟ وهل القانون تنظميي رمق ‪ 066.13‬يقيد القايض ادلس توري للعمل ابملسطرة‬
‫الكتابية وحدها؟‬
‫تفيد التجارب ادلس تورية‪ ،‬أنه رمغ لك مراحل املسطرة أمام القضاة ابحملامك واجملالس ادلس تورية تكون كتابيه‪ ،‬فهناك‬
‫التقرير ادلس توري اذلي يعرضه القايض املقرر يف املداوةل‪ ،‬اذلي يكون كتابيا‪ ،‬وميكن ان يقدم شفواي اثناء املداوةل‪ ،‬لكن‬
‫داخل مراحل هذه املسطرة املكتوبة ال يستبعد مثال تبادل وهجات النظر أو افاكر شفوية عرب الهاتف‪ ،‬أو من خالل طلب‬
‫القايض املقرر لبعض الرشوحات والتوضيحات من الربملانيني‪ ،‬وزراء أو أساتذة جامعيني أو واثئق أو معلومات من اقسام‬
‫وزاريه معينه‪ ،‬ويه اجراءات ال تدخل يف السري الرمسي للمسطرة‪ ،7‬اذا تضلوا مكتوبة يف احلاالت اليت ال تمت فهيا اجامتعات‬
‫رمسية بني القايض املقرر وهذه الطراف‪ ،8‬حيث يف احلاةل اخملالفة تتحول املسطرة اىل شفوية‪.‬‬
‫ويف احملمكة ادلس تورية املغربية‪ ،‬يالحظ أن التفسري الواسع ملقتضيات القانون التنظميي رمق ‪ 066.13‬جعل القايض‬
‫ادلس توري خيلط ما بني الرسية يف العمل القضايئ من هجة وعدم" اختاذ أي موقف علين أو الادالء بأي فتوى يف القضااي‬
‫اليت س بق للمجلس ادلس توري انقض فهيا أو يتحمل ان يصدر منه قرارا يف شأهنا…" من هجة اخرى‪ ،‬وهو ما حيول دون‬
‫انفتاح القايض ادلس توري عىل أطراف معينه يف الزناع ادلس توري مثال‪ ،‬ابس تثناء حاالت حمدودة يقوم فهيا الرئيس احملمكة‬
‫ادلس تورية بطلب راي المانة العامة للحكومة يف بعض القضااي‪ .‬وهذا السلوك الانفتاحني عىل المانة العامة للحكومة من‬

‫‪ 6‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬مناهج عمل القاضي الدستوري‪ ،‬منشورات المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2006 ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Favoreu (Louis) et Philip (loie), «Le conseil consututionnel». Que sais je ? PUF.5e éd., Novembre 1991. p. 24‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Entretien avec M. José Manuel Cardosa da costa (Président du tribunal constitutionnel Portugais) menée par‬‬
‫‪D.Rousseau. Revue cahiers du conseil constitutionnel, n° 10, (octobre 2002, février 2003).‬‬

‫‪3‬‬
‫طرف احملمكة ادلس تورية يفرس اىل كون بعض الرؤساء للمجلس اكن جيمع ابالزدواجية يف هذا اجملال‪ :‬رئاسة اجمللس وصفة‬
‫الامني العام السابق للحكومة‪.9‬‬
‫مقابل ذكل‪ ،‬تبقى املسطرة الكتابية رصفه يف عالقة احملمكة ادلس تورية ابملؤسسة الربملانية‪ ،‬وان بدأة ظهرت ممارسات‬
‫ممثةل يف اللقاءات اليت ميكن تفسريها ببحث القايض ادلس توري عن مسطرة شفوية غري رمسية يف عالقته ابلربملانيني‬
‫والساتذة اجلامعيني‪ ،‬وهو ما يعكسه حتليل سلوك خنبة القضاة ادلس توريني املنمتني همنيا اىل اجلامعة من خالل تنظمي بعض‬
‫اللقاءات العلمية اليت لها عالقة مبواضيع معروضة بصفة دورية عىل احملمكة ادلس تورية‪.‬‬
‫ويالحظ أن التنصيص بصفة رصحية عىل املسطرة الكتابية أمام احملمكة ادلس تورية ورد يف مواد من القانون تنظميي رمق‬
‫‪ 066.13‬يف الفروع املتعلق ابملنازعات يف انتخاابت أعضاء الربملان واخلاص ابالحاالت من السادة النواب ورئيس‬
‫احلكومة‪ ،‬وقد جاء مقروان ابجملانية يف ادلعوى الانتخابية ‪ ،‬وهو ما يثري تساؤلني اثنني‪:‬‬
‫اوال‪ ،‬هل التنصيص بصفة رصحية عىل عريضة مكتوبة يف املنازعات الانتخابية معناه مبفهوم اخملالفة‪ ،‬اذلي يطبقه القايض‬
‫ادلس توري نفسه يف التفسري للنصوص القانونية‪ ،‬ان هناك اماكنية لفتح ابب املسطرة الشفوية أمام الربملانيني واحلكومة يف‬
‫املنازعات ادلس تورية؟‬
‫اثنيا‪ ،‬وبنفس الاس تنتاج مبفهوم اخملالفة‪ ،‬هل اجملانية يف الطعون تشمل املنازعات الانتخابية وحدها‪ ،‬وابلتايل فان احاالت‬
‫رئيس احلكومة أو أعضاء الربملان لقوانني عادية أمام احملمكة ادلس تورية‪ ،‬تكون معيبة دس توراي يف حاةل عدم تأديهتا للرسوم‬
‫القضائية؟‬
‫يف اجلواب عىل التساؤل‪ ،‬يقدم رئيس اجمللس ادلس توري تفسريا العامتد اجملانية يف احلالتني معا‪ ،‬املنازعات ادلس تورية‬
‫والانتخابية‪ ،‬انطالقا من نقطتني اثنتني‪:‬‬
‫‪ .1‬ان احاةل القوانني العادية أمام احملمكة ادلس تورية تمت من أطراف ذات صفة معومية (اشخاص معومية)‪.‬‬
‫‪ .2‬ان ادلعوى احملركة أمام القايض ادلس توري يف املنازعات الانتخابية يه دعوى" شعبية" مرتبطة مبسطرة لها‬
‫طابع حتقيقي‪ ،‬تكون اجملانية فهيا مالزمة للعريضة أو الطعن‪.10‬‬
‫واذا اكن من املمكن قبول التفسري املقدم خلاصية اجملانية يف ادلعوى الانتخابية‪ ،‬رمغ أهنا ليست دعوى شعبية لوجود‬
‫اهجزة معومية من حقها ممارسة الطعن ايضا (العامل مثال)‪ ،‬فان ذكل ال ميكن قبوهل يف التفسري اذلي يقدم حلاهل اجملانية يف‬
‫املنازعات ادلس تورية (احاةل القوانني العادية)‪ ،‬حيث أن معيار وجود اشخاص معومية ليس حاسام يف هذا اجملال‪ ،‬ما دامت‬
‫ادلوةل نفسها ممثةل من طرف رئيس احلكومة يف منازعاهتا أمام القضاء العادي (املدين‪ ،‬اجلنايئ…) وملزمة بدفع الصائر‬
‫القضائية يف دعوهيا‪.‬‬
‫وتطرح‪ ،‬اضافة اىل ذكل‪ ،‬اشاكلية وجود احملايم يف مسطرة انتخابية مكتوبة أمام القايض ادلس توري‪ ،‬مفقتضيات القانون‬
‫التنظميي ‪ 066.13‬تنص عىل وجوب أن تكون العرائض" مضاء من احصاهبا أو من حمايم مسجل يف جدول احدى هيئات‬
‫احملامني ابملغرب"‪ ،‬حيث ان القانون التنظميي حل بذكل اشاكال تطبيقيا يف احدى جوانبه‪ ،‬قبل ان يثار أمام اجمللس‬
‫ادلس توري‪ ،‬وان اكنت هناك اس متراريه لنوع من الغموض املسطري عىل هذا املس توى حول حدوث متثيلية احملايم للطاعن‬
‫يف املنازعات الانتخابية‪ ،‬خاصة‪ ،‬وان تقارير اجمللس ادلس توري املغريب تفيد ان اشرتاط الزامية احملايم يف املسطرة الانتخابية‬

‫‪9‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.137‬‬


‫‪10‬‬
‫‪Benjelloun (Abdell Aziz). « La recevabilité des saisines », rapport de synthèse devant le 2ème congrès de‬‬
‫‪l'Association des cours constitutionnelles ayant en partage l'usage du Français, sur le thème : L'accès au juge‬‬
‫‪constitutionnel op cite. p. 608‬‬

‫‪4‬‬
‫من شأهنا ان تقلص حرية التقايض‪ ،‬رمغ ان السؤال اذلي يطرح نفسه‪ ،‬يف هذه احلاةل هو‪ :‬ما يه وظيفة احملايم يف مسطرة‬
‫كتابية أمام جملس دس توري ال يسمح ابملرافعات الشفوية وال بتنظمي مقابالت وجلسات حبث بني القضاة املقررين واحملامني‪،‬‬
‫ما دام ان امس القايض املقرر يكون رساي؟‬
‫لنصل اىل ثالثة اس تنتاجات أساس ية‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬ان ازدواجية تسري اىل املسطرة أمام القايض ادلس توري‪ ،‬بوجود الشفوية اىل جانب الكتابية‪ ،‬من ش أنه ان يقيد‬
‫املسطرة ادلس تورية خلاصية الرسية يف قضااي لها ارتباط بسري املؤسسات الس ياس ية‪.‬‬
‫اثنيا‪ ،‬مقابل ذكل‪ ،‬فاملسطرة الكتابية أمام القايض ادلس توري حتد من حضور اخلرباء القانونيني والطراف املعنية (فرق‬
‫برملانية‪ ،‬واقسام وزارية‪ ،‬مجعيات ومواطنني…)‪ ،‬اليت تنهتيي هممهتا يف املسطرة مبجرد اعداد امللف واحالته عىل احملمكة‬
‫ادلس تورية‪.‬‬
‫اثلثا‪ ،‬ان املسطرة الكتابية‪ ،‬تكون ذات فعالية أمام القايض ادلس توري فقط يف احلاالت اليت تكون فهيا مقرونة بضامانت‬
‫اكفيه لتطبيق مبدأ احلضورية‪.11‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬مسطرة رسية غري حضورية‬


‫حييل مبدأ احلضورية اىل وجود حرية مسطرية دلى أطراف الزناع يف تقدمي املستندات واحلجرة الرضورية يف ادلفاع‬
‫عن حقوقهم وتبادل وسائل االثبات والتعقيب علهيا ومناقش هتا أمام القضاء‪ ،‬وهو مبدأ لصيق ابملساطر التنازعية‪ ،12‬يفرتض‬
‫وجود دعوى وأطراف ومواهجة بني احملارض‪ ،‬جحج وشهود…‪ ،‬ويعين حرية لك طرف يف تقدمي لك الوسائل والتبليغ هبا‪،‬‬
‫حيث أن تطبيق هذا املبدأ واحرتامه‪ ،‬يعترب من الرشوط الساس ية يف حرية ادلفاع واملساواة أمام القانون والقضاء‪،13‬‬
‫واملبدأ يف جوهره لصيق مبساطر القانون اخلاص( املسطرة املدنية واجلنائية) اليت تنظم الزناع بني أفراد خواص‪ ،‬تفرتض‬
‫املساواة بيهنم‪ ،‬لكن ذكل مل مينع املبدأ من الانتقال اىل مجموعة املساطر داخل خمتلف حقول القانون‪.‬‬
‫مفبدأ احلضورية بذكل‪ ،‬ضامن أساس ية لسري املسطرة أمام مجيع انواع القضاء‪ ،‬مبا فهيا القضاء ادلس توري‪ ،‬اذلي يبدو ان‬
‫هناك عالقة تفسريية بني نظام مراقبة ادلس تورية القوانني اذلي خيتاره النظام السايس من هجة‪ ،‬وتطبيق مبدأ احلضورية‬
‫أو عدمه من هجة اخرى‪ ،‬فهو مالزم بذكل لنظايم املراقبة ادلس تورية املعمول به‪ ،‬اذلي قد جيعهل منعدما حمدودا أو واسعا‪.‬‬
‫وقد درج ادلارسون يف القضاء ادلس توري عىل وضع مؤرشات لقياس مدى تطبيق احلضورية أمام اجملالس واحملامك‬
‫ادلس تورية‪ ،‬وتبادل عنارص الجوبة التعقيبني‪ ،‬والزامية التنصيب احملامني يف هذه الطعون‪.14‬‬
‫ويرتبط مبدأ احلضورية ابملنازعات ادلس تورية والانتخابية دون املراقبة ادلس تورية (احاةل القوانني التنظميية وادلاخلية‬
‫للربملان) لغياب أطراف نزاع يف هذا اجملال‪ ،‬حيث ان املبدأ تصبح أمهيته اثنوية يف القضااي القانونية الرصفة اذا ما قورنت‬

‫‪ 11‬عبد الرحيم المنار السليمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.140‬‬


‫‪12‬‬
‫‪Schrameck (Olivier), «quelques observations sur le principe du contradictoire». in l'Etat de droit, mélanges en‬‬
‫‪l'honneur de Guy Braibant, Dalloz. 1996. p. 630. Aussi, Bernoussi (Nadia). Le contrôle de constitutionnalité.. Op‬‬
‫‪cit. p. 395‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Cornu (Gérard), Vocabulaire juridique, PUF (Ed 1), France 1987. p. 201. Aussi. dictionnaire juridique :‬‬
‫‪Français-Arabe, librairie du Liban. 7ème édition (2000). p. 75.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪« Procédure et traitement de la saisine recevable ». Rapport établi par Dominique Favre, présenté au travaux‬‬
‫‪du 2ème congrès de l'ACCPUF. Op cite... p. 641-656.‬‬

‫‪5‬‬
‫ابلقضااي التنازعية اليت تعمتد املقابةل بني العنارص القانونية والوقائية فيكون ضامنة أساس ية لطراف الزناع‪ .15‬فاملنازعات‬
‫ادلس تورية‪ ،‬يه حضورية بطبيعهتا‪ ،‬اذا حيدث أن يتقدم برملانيون بطعن يف قانون عادي أمام احملمكة ادلس تورية‪ ،‬فينطلق‬
‫العمل يف بدايته بنقاش حضوري من الصحافة أي من خارج دائرة القضاء ادلس توري‪ ،16‬الن الطعن ادلس توري املنازعات‬
‫يف حد ذاته معال خيلق فضاء للحضور من الربملان اىل الشارع قبل وصوهل اىل القايض ادلس توري‪ ،‬اذلي يصعب عليه يف‬
‫هذه احلاةل اعامل مسطرة غري حضورية‪ ،‬ففي التجارب القضائية ادلس تورية املقارنة‪ ،‬مثل التجربة الفرنس ية‪ ،‬الحظ يف‬
‫مراحل معينة‪ ،‬أن اجمللس ادلس توري يبادر اىل تأسيس مصطلح حضورية‪ ،‬وذكل نتيجة لبصامت تغيري حيملها أما رئيس‬
‫اجمللس ادلس توري أو قضاه ادلس توريني همنيني يف املؤسسة‪ ،‬مكبادرة الرئيس ابدين يف اجمللس ادلس توري الفرنيس(‬
‫‪) 1995 1986‬اىل ادلعوى القامة عالقة‪ ،‬أو" مد جرس قضايئ"‪ ،‬بني القضاة املقررين يف اجمللس ادلس توري ومقرري‬
‫اللجان الربملانية املعنية‪ ،‬زايدة عىل ممثيل أطراف االحاةل الربملانية يف القوانني العادية‪ ،‬وذكل ليك يمتكن لك طرف من أطراف‬
‫املنازعة ادلس تورية من تقدمي مالحظاته التمكيلية ورشوحاته أمام القضاة ادلس توريني املقررين‪ ،‬اال ان هذه املبادرة رفضت‬
‫من طرف رؤساء برملانيني‪ ،17‬وأن اكن ذكل ال ينفي ممارسة مصطلح حضورية غري رمسية بني اجمللس ادلس توري الفرنيس‬
‫والربملان‪ ،‬بل أن بعض الفقهيي يف القضاء ادلس توري يوسع هذه املسطرة غري الرمسية ابضافة ما يسمى" ابلبواب املفتوحة"‬
‫يف املنازعات ادلس تورية اليت تسمح جملموعات اجملمتع املدين( مجعيات حقوقية وهمنية) بتقدمي مالحظاهتا حول القوانني العادية‬
‫حمل الزناع ومض مضمون هذه املالحظات اىل واثئق امللف‪.‬‬
‫ويف جتربة احملمكة ادلس تورية املغربية‪ ,‬مينح القانون التنظميي رمق ‪ ،066.13‬صالحيه للطراف املعنية ابحاةل القوانني‬
‫العادية اببداء مالحظاهتم يف املوضوع املعروض أمام اجمللس ادلس توري‪ ،‬لكن املامرسة‪ ،‬تبني أن القايض ادلس توري يوظف‬
‫مبدأ احلضورية بنوع من املرونة السلبية اليت جتعهل ضعيفا‪ ،‬حيث أنه ال يبعد تطبيق املبدأ هنائيا كام أنه ال يأخذ مبفهومه‬
‫الواسع‪ ،‬فهو ال يسمح لطراف االحاةل ابحلضور اىل اجمللس ادلس توري‪ ،‬وان اكن يشعر بعد سلطات احاةل القوانني العادية‬
‫مبارشة( كرئيس احلكومة) و يكتفي بأشعار أطراف أخرى( نصاب أعضاء جمليس الربملان) عن طريق سلطات وساطة(‬
‫رئيس جملس النواب أو رئيس جملس املستشارين)‪ ،‬هذا الاشعار اذلي يعتربه القايض ادلس توري جمرد معلية تقنية ليس‬
‫لها عالقة بتطبيق مبدأ احلضورية( حقوق ادلفاع واملساواة أمام القايض يف الوسائل وادلفعات…) ما دامت فكره الاشعار‬
‫تكون مرفقة يف ذهنية القايض ادلس توري بعدم الزامية اجلواب‪ ،‬وتقدمي مالحظات حول القانون موضوع الطعن‪ ،‬وتبني‬
‫حمتوايت تأشريات القرارات الصادرة بصدد طعوين يف القوانني العادية( قرارات الهوائيات املقعرة) القرار الصادر خبصوص‬
‫طعن يف قانون املالية لس نة ‪ ،2002‬أن املسطرة املتبعة من طرف اجمللس ادلس توري ليست حضورية‪ ،‬اذا اعمتد القايض‬
‫ادلس توري عىل رسائل الطعون وحدها‪ ،‬دون أن يفتح اماكنية التبادل املالحظات بني الربملانيني والمانة العامة للحكومة‪،‬‬
‫اضافة اىل كون القايض ادلس توري يبتعد حلد الان عن هنج ما يسمى مبسطرة احلضورية غري الرمسية وذكل حبجة الرسية‬
‫والاس تقاللية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪« Procédure et traitement de la saisine recevable ». Rapport établi par Dominique Favre, présenté au travaux‬‬
‫‪du 2ème congrès de l'ACCPUF. Op cite... p. 641-656.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Favoreu (Louis) - Philip (Loec). « Le conseil constitutionnel! ». Que sais-je ? EdPUF (Novembre 1991). p.24-25.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪« Les modes de décision du juge constitutionnel », Rapport Français présenté par Monsieur Dutheillet‬‬
‫‪deLamothe, au séminaire international de justice constitutionnelle organisé par le centre d'études‬‬
‫‪constitutionnelles el administratives de l'université catholique de Louvain à Bruxelles les 6 et 7 Décembre 2001.‬‬

‫‪6‬‬
‫أما يف املنازعات الانتخابية فان القانون تنظميي رمق ‪ 066.13‬للقايض ادلس توري سلطة تقديرية يف تطبيق< حضورية‬
‫اس تثنائية>‪ ،‬بعد أن ألزم الطاعن بأن يشفع عرضيته مبستندات االثبات‪ ،‬ومنح أجال اس تثنائيا لتمكةل عنارص مذكرته‪ ،‬حيث‬
‫أن القايض ادلس توري يش تغل مبنطقي املذكرة الوحيدة‪ ،‬لكيال يرتك اجملال مفتوحا أمام الطراف (الطاعن واملطعون ضده)‬
‫لتعقيب وتبادل الجوبة‪ ،‬واذ مل ن يقدم الطاعن اجلزء املتبقي من مستنداته يف املذكرة التمكيلية داخل الاجل اذلي حيدده‬
‫القايض ادلس توري‪ ،‬فانه يقيض بعدم قبول الطعن برمته‪.18‬‬
‫وبذكل‪ ،‬فانه بغض النظر عن الجال الاس تثنائية املمنوحة للطاعن ليك يمكل مستندات االثبات‪ ،‬فان املسطرة الانتخابية‬
‫أمام القايض ادلس توري تكون غري حضورية‪ ،‬اذ تقفوا يف حدود املذكرة الصلية للطاع واملذكرة اجلوابية املضادة للمطعون‬
‫ضده‪ ،‬اضافة اىل ذكل‪ ،‬فان اجمللس ادلس توري رصح يف عديد من قراراته برفض طلبات الطعن لعيوب شلكية‪ ،‬كحاالت‬
‫عدم توضيح عنوان املطعون ضده أو حمل سكناه‪ ،‬دون ما يعترب خرقا رصحيا حلقوق ادلفاع من طرف القايض ادلس توري‬
‫املغريب‪ ،‬لنصل اىل ثالث اس تنتاجات أساس ية‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬ان القايض ادلس توري املغريب اختار الغموض يف معهل داخل املسطرة الانتخابية‪ ،‬حيث أنه أمام غيايب اجل‬
‫حمدد من طرف القانون التنظميي رمق ‪ 066.13‬ترفضه بعد انرصام التعقيبات واملذكرات اجلوابية لطراف ادلعوى الانتخابية‪،‬‬
‫فانه يف العديد من القرارات رصح بعدم قبول أجوبة أحد طريف املنازعة حبجة أهنا وضعت خارج الاجل‪ ،‬دون ان حيدد‬
‫هذا الاجل املمنوح‪ ،‬رمغ أنه ليس هناك أجل واحد‪ ،‬بل الجال ختتلف وتتغري من قضية اىل اخرى‪ ،‬ويه عادة ما حتدد‬
‫من طرف كتابة الضبط‪ ،‬اليشء اذلي ال ينتج فقط مسطرة غري حضورية بل الجال التقديرية توزع يف ادلعاوى الانتخابية‬
‫بدون معايري‪ ،‬جتعل من الطراف غري متساوية أمام القضاء ادلس توري‪.‬‬
‫اثنيا‪ ،‬ان املسطرة احلضورية‪ ،‬لكون القايض ادلس توري املغريب مل يؤسس يف قراراته ذات الطبيعة املنازعات دس توراي‬
‫وانتخابيا حلقوق ادلفاع‪ ،‬مكبدأ هل قمية دس تورية مرتبط ابحلقوق واحلرايت‪ ،‬وان اكنت الغرفة ادلس تورية تبدو متقدمة اىل‬
‫حد ما عىل اجمللس ادلس توري احلايل يف اعرتافها حبقوق ادلفاع يف املساةل الانتخابية‪ ،‬اذ أهنا اوردت يف العديد من قراراهتا‬
‫العبارة التالية‪ ...<:‬وان هذه البياانت أساس ية ابعتبارها ضامان حلقوق ادلفاع ويرتتب عن انعداهما عدم قبول الطلب وابلتايل‬
‫رفضه…>‪ ،‬ويه تتعلق ابملقررات الصادرة خبصوص احلاالت اليت ال يوحض فهيا الطاعن حمل سكناه‪ ،‬صفته وعنو أنه أو‬
‫حمل السكنة وعنوان املطعون ضده‪.‬‬
‫اثلثا‪ ،‬ان تضخم املنازعات الانتخابية والطابع الاس تعجايل للطعون ادلس تورية وطبيعة املوارد البرشية املوجودة داخل‬
‫اجمللس ادلس توري‪ ،‬اضافة‪ ،‬اىل القطيعة املوجودة بني العمل الاداري والعمل القضايئ يف اجمللس ادلس توري‪ ،‬لكها عوامل‬
‫حتول دون التأسيس ملبدأ احلضورية يف املسطرة ادلس تورية وهو ما ينعكس عىل اجلودة يف القرار ادلس توري‪.‬‬
‫ومعوما‪ ،‬فان احلفاظ عىل املسطرة أمام القايض ادلس توري يف شلكها الكتايب دون الانفتاح عىل الشفوي‪ ،‬لن مينحها‬
‫للمسطرة طابعا حضوراي وال الشفافية الاكفية‪ ،‬كام أن التطور القضايئ يظل بطيئا دون ممارسة نوع من احلضورية غري‬
‫الرمسية خارج املساطر الشلكية الصارمة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪Benjelloun (Ab). Débats, in l'accès au juge constitutionnel... op cite. p. 632.‬‬

‫‪7‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القايض ادلس توري واملساطر القضائية العادية‬
‫ان انامتء القايض ادلس توري املغريب ملنظومة ذات أصل الفرنيس‪ ،‬ال يعين الانفتاح عىل نفس مسارات التطور يف العالقة‬
‫بني القايض ادلس توري والقايض العادي‪ ،‬نظرا الختالف الثقافات والعقليات يف التجربتني‪ ،‬ولكن هذا ال ينفي يف نفس‬
‫الوقت عالقة القايض ادلس توري املغريب ابملساطر العادية يف معهل‪ ،‬بتوظيف الاجراءات املتبعة يف املنازعات املدنية (فرع‬
‫أول)‪ ،‬واملنازعات اجلنائية (فرع اثين) واملنازعات االدارية (فرع اثلث)‪.‬‬

‫الفرع الول‪ :‬القايض ادلس توري واملسطرة املدنية‬


‫احاةل القانون تنظميي للمجلس ادلس توري يف مقتضياته‪ ،‬املتعلق ابملنازعات يف انتخاابت أعضاء الربملان عىل قانون‬
‫املسطرة املدنية‪ ،‬ويه اشارة غري اكفية للقول ابن القايض ادلس توري يعمل ابملسطرة املدنية‪ .‬كام ان اقرار اجمللس ادلس توري‬
‫نفسه ابن طبيعة املصلحة اليت حترك الطاعن أمامه جتعل من املادة ادلس تورية خمتلفة عن املادة املدنية وابيق املواد ابلقانون‬
‫اخلاص‪ ،‬ليس اكفيا لنفي معل القايض ادلس توري بنفس الادوات والتقنيات املهنجية اليت يوظفها القايض املدين‪.19‬‬
‫ذكل ان حتليل الاجهتاد القضايئ للمجلس ادلس توري هو كفيل وحده بتوضيح هذا التوظيف املهنجي لسلوب املنازعات‬
‫املدنية أو نفيه‪.‬‬
‫ويتبني من قرارات اجمللس ادلس توري الصادرة يف املادة الانتخابية ما ييل‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬يعترب القايض ادلس توري املغريب ادلعوى الانتخابية بأهنا دعوى خشصية‪ ،‬ابلزامه الطاعنني بتوجيه ادلعوى ضد‬
‫املرتحشني الفائزين‪ ،‬وليس يف مواهجة العملية الانتخابية برمهتا‪ ،‬وتتجىل هذه اخلاصية الشخصية يف حالتني اثنتني‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون العرائض‪ ،‬ومن ابب الوجوب‪ ،‬متضمنة لالمس الشخيص والعائيل للطاعن وصفته وعنوانه‪ ،‬والامس‬
‫الشخيص والعائد للمنتخب املطعون فيه‪ ،‬حيث رفض القايض ادلس توري العديد من الطعون غري املتضمنة لهذه‬
‫البياانت‪.‬‬
‫‪ .2‬ان تنازل الطاعن عن دعواه اكيف يف معل القايض ادلس توري املغريب لبطال ادلعوى الانتخابية برمهتا وهو ما‬
‫يعين اعتبار الطعون الانتخابية دعاوى وخواص‪.‬‬
‫اثنيا‪ ،‬اشرتاط الصفة واملصلحة يف قبول الطعون الانتخابية‪ ،‬وهو ما يعين يف عقلية القايض ادلس توري املغريب وجوب‬
‫قيام العالقة املرجوة يف املنازعات املدنية بني الشخص املدعى واليشء املدعى به‪ ،‬اذلي يعطيه الصالحية يف الادعاء‪،‬‬
‫ووجود فائدة مادية أو ادبية جينهيا املدعي من وراء دعواه‪ .‬والصفة هنا تشرتط يف الطاعن واملطعون فيه معا‪ ،‬حيث أنه‬
‫ولو اكن الطعن الانتخاب موهجا ضد السلطة أو املرحشني الراس بني أحدث رضرا ابلطاعن‪ ،‬فان رشط الصفة يوجب تقدمي‬
‫الطعم ضد املرحش الفائز‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬فان القايض ادلس توري ال يقبل الطعون غري للمرحشني ولو تعلق المر بأحزاهبم‬
‫الس ياس ية‪.‬‬
‫اثلثا‪ ،‬القايض ادلس توري والقايض املدين يشرتاكن يف المتيزي داخل مضمون ادلعوى بني عدم ادالء املدعي بأي جحة‬
‫تثبت ادعاءه‪ ،‬فيرصحان يف هذه احلاةل بعدم قبول الطلب للتخلف صفة املدعى يف الادعاء‪ ،‬فيحرصان يف هذه احلاةل بعدم‬

‫‪19 19‬‬
‫‪Benjelloun (Ab). Débats, in l'accès au juge constitutionnel... op cite. p. 632.‬‬

‫‪8‬‬
‫قبول الطلب للتخلف يف صفة املدعى يف الادعاء‪ ،‬ويه عالقة ابحلق املطالبة به بواسطة ادلعوى‪ ،‬وبني وجود مستندات‬
‫أو اثبااتت لكوهنا غري منتجة يف ادلعوى‪ ،‬ففي احلاةل الوىل‪ ،‬أي عدم ادالء املدعي بأي وثيقة اصال‪ ،‬حيمك القاضيان‬
‫ادلس توري واملدين بعدم قبول الطلب‪ ،‬ويكون من حقي املدعي أن يعيد نفس ادلعوى أمام القايض املدين مىت حصل‬
‫س ند يثبت ادعاءه‪ ،‬وهو أمر ال جيوز أمام القايض ادلس توري يف الطعن الانتخايب‪ ،‬الن الطلع الول ال يوقف الاجل‬
‫أمامه ولو حصل الطاعن عىل املستندات تثبت خروقات العملية الانتخابية‪ ،‬ويف احلاةل الثانية‪ ،‬أي عندما يعجز املدعي‬
‫سواء أمام القايض ادلس توري أو املدين عن اثبات دعواه‪ ،‬حيمك الكهام برفض الطلب‪.‬‬
‫رابع‪ ،‬اورد اجمللس ادلس توري املغريب يف بعض تقاريره‪ ،‬فكرة اماكنية ااثرته يف بعض القرارات الصادرة عنه لوسائل‬
‫ودفعات غري مثارة اصال من طرف الطاعنني يف مذكراهتم‪ ،20‬لكن الرجوع اىل قرارات اجمللس ادلس توري نفسه‪ ،‬يف‬
‫املنازعات ادلس تورية أو الانتخابية ال يبني ذكل‪ ،‬بل يوحض ان القايض ادلس توري يوظف مقتضيات املادة ‪ 3‬من القانون‬
‫املسطرة املدنية اليت تلزم القايض املدين ابلبث يف حدود طلبات الطراف‪ ،‬اذ ان اجهتادات اجمللس ادلس توري تبني‬
‫بوضوح أنه مل يس بق للقايض ادلس توري ان جتاوز حدود طلبات اخلصوم أو حمك مبا مل يطلب منه‪ ،‬وان اكن قد س بق هل‬
‫ان قىض ابقل مما طلبه منه الطاعنون خارج جمال املنازعات الانتخابية‪.‬‬
‫خامسا‪ ،‬وتتجىل يف عدم قدره القايض ادلس توري عن فصل قاموس الاحاكم والقرارات الصادرة يف القضااي املدنية‪،‬‬
‫حيث أنه من املصطلحات اليت اس تعملت بكرثة‪ ،‬اىل حد يثري الانتباه يف القرارات ادلس تورية الصادرة يف املادة الانتخابية‬
‫جند مصطلح" بدأية جحة" او" أدين جحة" اليت وظفها القايض ادلس توري املغريب يف رفض العديد من الطعون الانتخابية‪،‬‬
‫وهام مصطلحان هلام عالقة ابملادة االثباتية يف القانون املدين‪ ،‬يفيدان الواثئق واملستندات اليت ميكهنا ان تمكل قناعة القايض‬
‫يف النازةل موضوع ادلعوى‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬لك هذه املالحظات ال تنفي بعض مظاهر القطيعة اليت حدثت يف معل القايض ادلس توري‪ ،‬بينه وبني مهنجية‬
‫القايض املدين‪ ،‬ذكل بتخليه عن اصدار القرارات المتهيدية يف املادة الانتخابية اليت اكنت قرارات شبهية ابلحاكم المتهيدية‬
‫اليت يصدرها القايض املدين ليفتح مبوجهبا لطراف الزناع اجراء خربه وتقدمي واس تنتاجات حولها لتدعمي املذكرة الصلية‬
‫الفتتاح ادلعوى وهو نفس التوجه اذلي سلكه القايض ادلس توري قبل ان يتخىل عنه‪ ،‬حيث أصدر يف السابق قرارات‬
‫متهيدية يعني مبقتضاها قاضيا دس توراي للتحقيق‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬القايض ادلس توري وقانون املسطرة اجلنائية‬

‫ليس املقصود يف عالقة القايض ادلس توري بقانون املسطرة اجلنائية هو القيام بتحديد أسلوب املراقبة ادلس تورية‬
‫الختيارات س ياسة اجلنائية‪ ،‬اليت ترتمج يف التحكمي املس متر بني حدود احرتام ممارسة السلطة من هجة‪ ،‬واحلقوق واحلرايت‬
‫اجلوهرية من هجة اخرى‪ ،21‬كام أن المر ال يتعلق بتعميق ما هو سائد يف ادلراسات القضائية ادلس تورية احلالية‪22.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪Kolly. Débats, in l'accès au juge constitutionnel. op. cit. p. 663.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Bük (Valentine), «Le conseil constitutionnel et les réformes pénales». in Revue cahiers du conseil‬‬
‫‪constitutionnel. n° 10 (Octobre 2000 à février 2001).‬‬
‫‪22‬‬
‫‪Casorla (F). «les magistrats du parquel et le conseil constitutionnel». in droit constitutionnel et pénal. sous la‬‬
‫‪direction de J.Pradel, Travaux de l'institut des sciences criminclles de Poitiers, n° 21-2000 Cujas. p. 31‬‬

‫‪9‬‬
‫كام ان الهدف ليس هو البحث يف عالقة القايض ادلس توري املغريب ابلقانون اجلنايئ ما دامت مل تطرح بعد‪ ،‬وهو نفس‬
‫اليشء ابلنس بة لعالقة ادلعوى ادلس تورية ابدلعوى اجلنائية‪ ،‬رمغ التقاهئام يف نقطة مشرتكه لها ارتباط مبجال احلقوق‬
‫واحلرايت الساس ية‪ .‬لكن لك ذكل‪ ،‬ال ينفي وجود عالقة وصل تأثريية لبعض ادوات العمل القضايئ اجلنايئ يف القايض‬
‫ادلس توري اليت تمتظهر يف احلاالت التية‪:‬‬
‫اوال‪ ،‬التحقيق الانتخايب‪ ،‬ويه اماكنية تيحها القانون التنظميي رمق ‪ 066.13‬املتعلق ابحملمكة ادلس تورية اليت ال تدقق يف‬
‫هذه املسطرة‪ ،‬اليشء اذلي جعل القايض ادلس توري املغريب يهنج القواعد االجرائية املرتبة للتحقيق يف القضااي اجلنائية‪،‬‬
‫وذكل جبمعه منطي التحقيق الذلان يقوم هبام القايض اجلنايئ‪ :‬التحقيق اجلنايئ‪ ،‬ابالس امتع اىل الطراف املعنية يف مقر معهل(‬
‫أي داخل احملمكة ذات الاختصاص الرتايب)‪ ،‬وهو احلد الادىن‪ ،‬وانتقاهل اىل احملامك اجملاورة اذا اقتضت حاجات التحقيق‬
‫ذكل‪ ،‬كحد اقىص‪ (،‬الفصل ‪ 74‬من قانون املسطرة اجلنايئ)‪ .‬هذين المنطني مجعهام القايض ادلس توري يف معلية التحقيق‬
‫واحدة‪ ،‬ابنتقاهل اىل مقرات احملامك دلوائر الانتخابية موضوع الزناع‪.23‬‬
‫واذا اكنت املسطرة اجلنائية قد جعلت التحقيق الزايم يف القضااي اجلنائية واختياري يف القضااي اجلنيه( الفصل ‪ 86‬من‬
‫قانون املسطرة اجلنائية)‪ ،‬فان القايض ادلس توري حول هذه االماكنية ابلقانون التنظميي رمق ‪ 066.13‬اىل سلطه تقديرية يف‬
‫التحقيق‪ ،‬يرفض ويقبل فهيا توظيف املسطرة بناء عىل معايري غري واحضة‪ ،‬يعمتد فهيا عىل قناعاته من خالل ما تثريه أطراف‬
‫موضوع الزناع الانتخايب‪ ،‬وتزداد خطورة هذه السلطة التقديرية‪ ،‬يف العمل ابلتحقيق أو رفضه‪ ،‬يف كون اغلب احلاالت‬
‫اليت جلا فهيا القايض ادلس توري اىل التحقيق قادته اىل الغاء العمليات الانتخابية موضوع الطعون‪.‬‬
‫اثنيا‪ ،‬الاس امتع اىل شهود‪ ،‬حيث ان الشهادة يف القانون املسطرة اجلنائية تعد من وسائل االثبات يف امليدان اجلنايئ‪،‬‬
‫ويه تكل الترصحيات اليت يديل هبا الشهود أمام قايض التحقيق أو هيئه احلمك بعد أداء الميني القانوين‪ .24‬فالقايض ادلس توري‬
‫بدوره يعمتد عىل شهادة الشهود يف التحقيقات اليت جيرهيا عىل اثر الطعون الانتخابية‪ ،‬لكن‪ ،‬عىل عكس القايض اجلنايئ‪،‬‬
‫فالشهادة ليست حامسه يف االثبات اذلي يتقدم به الطاعنون‪ .‬واضافة اىل الشهادة‪ ،‬فان القايض ادلس توري يشرتك مع‬
‫القايض اجلنايئ يف رفض الرشطة والصور الفوتوغرافية يف االثبات وخيتلفان يف القوة االثباتية للشواهد الطبية‪ ،‬اليت ال تعد‬
‫جحة اثبات اكفية عند القايض ادلس توري‪.25‬‬
‫اثلثا‪ ،‬جحيت حمارض ماكتب التصويت‪ ،‬حيث تزنل مزنةل حمارض الرشطة القضائية عند القايض اجلنايئ‪ ،26‬فرمغ ان‬
‫العديد من طلبات الغاء الانتخاابت املقدمة اىل اجمللس ادلس توري‪ ،‬يكون موضوعها ابذلات هو طعن يف سالمة حمارض‬
‫ماكتب التصويت‪ .‬فان اجمللس رفض دامئا التشكيك يف القوة الثبوتية لهذه احملارض‪ .‬كام ان هذه احملارض تس تعمل يف احلاةل‬
‫املعاكسة ايضا‪ ،‬مكعيار اللغاء العمليات الانتخابية‪ ،‬ويف احلالتني معا‪ ،‬حمارض الرشطة القضائية عند القادة اجلنايئ وحمارض‬
‫ماكتب التصويت دلى القايض ادلس توري‪ ،‬يتبني ان المر يتعلق بثقة القضاء بشقيه ادلس توري واجلنايئ يف اهجزته‬
‫املساعدة أكرث من دفعات وطعون الافراد العاديني‪.‬‬

‫‪ 23‬الحاالت التي لجأ فيها القاضي الدستوري إلى التحقيق هي نادرة‪ ،‬الكن المالحظ أن أغلب هذه التحقيقات أدت نتائجها إلى إلغاء نتائج الدوائر‬
‫االنتخابية فيها‪.‬‬
‫‪ 24‬مضمون قرار الغرفة الجنائية بالمجلس األعلى رقم ‪ 7875‬بتاريخ ‪ ،1989/12/02‬أورده عبد الواحد العلمي في" قانون المسطرة الجنائية"‪،‬‬
‫سلسلة" تشريعات جنائية"‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،2000 ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ 25‬أنظر على سبيل المثال‪ ،‬القرار رقم ‪ 30-94‬بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪( 1994‬جريدة الرسمية عدد ‪ 4268‬بتاريخ ‪.)1994/08/10‬‬
‫‪ 26‬القاضي الدستوري ال يعتبر محاضر الشرطة القضائية في حالة النزاعات االنتخابية حجة كافية وحاسمة في اإلثبات‪ ،‬راجع القرار رقم ‪-99‬‬
‫‪ 293‬بتاريخ ‪ 17‬أبريل ‪( 1999‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4684‬بتاريخ ‪ 22‬أبريل ‪.)1999‬‬

‫‪10‬‬
‫ورمغ ذكل‪ ،‬فامنا يالحظ عىل هذه العالقة بني القايض ادلس توري والقانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬أهنا تبقى حمدودة يف اجلانب‬
‫الاجرايئ‪ ،‬ابس تعارة ادلس توري لبعض تقنيات القادة اجلنايئ يف االثبات‪ ،‬دون ان متتد هذه العالقة اىل اجلوهر اذلي يربط‬
‫عادة بني القاضيني ادلس توري واجلنايئ واملمتثةل يف حامية احلقوق الفردية وامجلاعية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬القايض ادلس توري والاجراءات االدارية‬


‫اذا اكن القايض ادلس توري يبدو بعيدا عن بعض امليادين الكربى يف الاجهتاد القضايئ الاداري مثل‪ :‬العقود االدارية‪،‬‬
‫املسؤولية االدارية والسلطة العامة… فان جماالت اخرى من نفس الاجهتاد‪ ،‬تشلك الصلب معهل مثل‪ :‬السلطة التنظميية‪،‬‬
‫املؤسسات العمومية وامجلاعات الرتابية… كام يقوم القايض الاداري بدوره بضامن مراقبة دس تورية الاعامل االدارية اثناء‬
‫نظره يف الزناعات املرتبطة مبامرسة حق الارضاب يف املرافق العمومية أو الرتخيص لتأسيس مجعيات…‪27‬‬

‫مفجال املراقبة‪ ،‬يشلك بذكل معلية مشرتكه بني القضاءين ادلس توري والاداري‪ ،‬رمغ اختالفهام يف توظيف مرجعيات‬
‫املراقبة‪ ،‬اذ يبدو القايض الاداري اثناء بيث يف حاالت الرشطة يف اس تعامل السلطة االدارية اكرث حرية يف هاميش املناورة‬
‫الاجهتادية من القايض ادلس توري‪ ،‬ويه مساةل ميكن مالحظهتا يف املامرسة القضائية ابملغرب‪ ،‬حيث ان جمال البث عند‬
‫القضاء الاداري اوسع منه دلى القايض ادلس توري‪ ،‬فهو يعلن اختصاصه للنظر يف جماالت متعددة‪ ،‬ما دام القانون احملدث‬
‫للمحامك االدارية قد صيغ مبصطلحات عامة‪ ،‬تعطي للقايض الاداري حرية يف حتديد حميط اختصايص‪.‬‬
‫ومعوما‪ ،‬فالقايض ادلس توري خيتلف عن القايض الاداري يف تلقيه لالحاالت‪ ،‬وليست دعاوى‪ ،‬ويلتقيان يف اطار‬
‫املنازعات‪ ،‬وخاصة الانتخابية مهنا‪ ،‬اليت حتول القايض ادلس توري اىل قايض عادي‪ ،28‬اذ يقود املسطرة مثل القايض‬
‫الاداري‪ ،‬ويقوم بضم الطعون وعدم قبول الطلبات اليت تفتقد اىل الرشوط الشلكية‪ ،‬ويبارش بعض الاجراءات اليت تقتضهيا‬
‫سري ادلعاوى مثل التحقيق والانتقال اىل اماكن أو دوائر الزناع الانتخايب‪ ،‬وينظم جلسات البحث لالس امتع اىل الطراف‬
‫اليت قد تفيد يف ادلعاوى‪ ،‬وذكل لتطعمي التقرير ببعض املالحظات التمكيلية‪ ،‬كام ميكنه ان يطلب بعض الواثئق والبياانت‬
‫من الادارات املعنية‪.‬‬
‫ودلراسة حمددات هذه العالقة بني القايض ادلس توري واملنازعات االدارية ابملغرب‪ ،‬يالحظ ان اجمللس ادلس توري‬
‫نفسه حيترض هذه العالقة اذ أنه يف احدى تقاريره املنشورة حول تطبيقات< مبدأ املساواة> يف املغرب‪ ،‬التجأ اىل قرارات‬
‫الغرفة الادارية ابجمللس الاعىل( املساواة يف تويل املناصب العمومية‪ ،‬املساواة يف حتمل التاكليف العامة‪ ،‬املساواة أمام‬
‫القانون يف املادة الاقتصادية)‪ ،‬مربرا هذه العملية بكون القضاء الاداري يف املغرب اقدم جتربة من ادلس توري ‪،‬وان هذا‬
‫الاخري كثريا ما يعود اىل اجهتادات املادة االدارية لسد الثغرات والنقائص اليت ميكن ان حيملها الاجهتاد القضايئ‬
‫ادلس توري‪ ،29‬بل ان انشاء الغرفة ادلس تورية‪ ،‬يف نظر القايض ادلس توري املغريب جاء لتمكهل املراقبة الرشعية العادية‬
‫املس ندة للغرفة االدارية ابجمللس الاعىل‪.30‬‬

‫‪27‬‬
‫‪FROMONT (Michel). La justice constitutionnelle en France ou l'exception Française. in le nouveau‬‬
‫)‪constitutionnalisme (Mélanges en l'honneur de Gérard Conac. Ed Economica. 2001 p. 175-176.‬‬
‫‪28‬‬
‫‪Robert (Jacques). Neuf années de conseil constitutionnel (Entretien)… op cite, p. 1757.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪Favoreu (Louis) et Loëc (Philip). Le conseil constitutionnel. Que Sais je? PUF. 5° éd. 1991 p. 26.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Menouni (Ab). L’expérience du conseil constituonnel marocain. Site internet : précis...‬‬

‫‪11‬‬
‫ويمتزي الامتداد والتداخل املسطري واملهنجي‪ ،‬بني القاضيني الاداري وادلس توري‪ ،‬يف املنازعات الانتخابية ابخلصوص‬
‫اليت نذكر مهنا احلاالت التية‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬وجوب ادخال املرحش الفائز يف مقال الطعن حيث أن القايض ادلس توري والاداري ال خيتلفان يف كون ادلعوى‬
‫الانتخابية خشصية‪ ،‬وان الطعن ليس موهجا اصال ضد العملية الانتخابية‪ ،‬ومن مث وجوب ادخال امس املرحش الفائز يف‬
‫املقال الافتتايح لدلعوى أو عريضة الطعن‪ ،‬ويالحظ هبذا اخلصوص ان موقف القادم الاداري يف تعليهل حلاالت عدم‬
‫قبول ادلعاوى الانتخابية اليت تنقصها الشلكيات الساس ية‪ ،‬يبدو واحضا اذا ما قورن مبواقف القايض ادلس توري‪.‬‬
‫اثنيا‪ ،‬حرية االثبات يف املادة الانتخابية‪ ،‬وتوفر القاضيني ادلس توري والاداري عىل سلطة تقديرية واسعة يف تقيمي هذه‬
‫الوسائل‪ ،‬والزام الطاعن ابيضاح مدى تأثري مدعاه من وقائع غري حمددة عىل النتيجة العملية الانتخابية‪.‬‬
‫اثلثا‪ ،‬املفهوم الضيق قول الانتخاابت يف مهنجية البث عند القايض ادلس توري والاداري‪ ،‬حيث ان العملية الانتخابية‬
‫تشمل وقف ما ورد يف اجهتادهام القضاء مراحل الاقرتاع وفرض الصوات واحصاهئا واعالن النتاجئ‪ ،‬هذه املراحل احلرصية‪،‬‬
‫يه اليت يرتتب علهيا ابطال الانتخاابت اذا مل جتري وفق احاكم القانون‪.‬‬
‫رابع‪ ،‬اغالق ماكتب التصويت قبل الوقت احملدد لها قانوان‪ ،‬كسبب من أس باب اجلوهرية لبطال الانتخاابت‪ ،‬حيث‬
‫يبدو يف هذه النقطة القايض الاداري متقدما عىل القايض ادلس توري‪ ،‬ذكل أنه اعترب هذا السبب موجبا البطال العملية‬
‫الانتخابية بغض النظر عن عدد الاصوات اليت حتتوهيا املاكتب املوضوع الاغالق اذا ما قورنت ابلصوات احملصل علهيا‬
‫من طرف املرحش الفائز‪ ،‬وهو السبب اذلي ال يعتربه اجمللس ادلس توري موجبا البطال العملية الانتخابية اال اذا اكن عدد‬
‫الاصوات بني الطاعن واملطعون فيه ضئيال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫ان لك احلاالت املذكورة يف املنازعات املدنية واجلنائية أو االدارية تبني بصامت القضاة العاديني املعينني ابجمللس‬
‫ادلس توري‪ ،‬حيث اس تطاعوا نقل جتربهتم اىل العمل القضاء ادلس توري‪ ،‬اليشء اذلي يعكس اس مترارية نفس تقنيات البث‬
‫املس تعمةل يف املنازعات ادلس تورية والانتخابية‪ ،‬اىل درجة أنه يصعب حاليا‪ ،‬ومن خالل حفص الاجهتاد القضايئ ادلس توري‬
‫املوجود‪ ،‬احلديث عن قايض دس توري مس تقل مبهناجيته وطريقة تفكريه عن القانون والاجراءات املسطري العادية‪.‬‬
‫فاالشاكل السايس يف معل القايض ادلس توري املغريب‪ ،‬هو يف اس مترارية توظيف املساطر العادية بطريقة جامدة سواء‬
‫يف املنازعات ادلس تورية أو الانتخابية‪ ،‬اليشء اذلي جيعهل يفكر يف الطعون الواردة من الربملانيني( حاةل الطعن يف القوانني‬
‫العادية) أو من املرحشني الانتخابيني‪ ،‬بكوهنا طعون خواص‪ ،‬وهو ما حيد من لك عالقات الانفتاح املمكنة للقايض‬
‫ادلس توري ابحمليط الس يايس والاقتصادي والاجامتعي‪ ،‬ويعوق تطوره يف جمال التأسيس احلقويق بضامن احلرايت الفردية‬
‫وامجلاعية‪ ،‬اذ يصعب وفق التفكري املسطري واملهنج السائد حاليا دلى القايض ادلس توري ابملغرب‪ ،‬قبول طعون افراد أو‬
‫منظامت جامعية يف معلية انتخابية خرقت فهيا القوانني وحقوق أساس ية‪ ،‬أو تصور قايض دس توري منفتح مرسطيا عىل‬
‫عرائض مكتوبة من طرف مؤسسات اجملمتع املدين‪ ،‬يف اطار طعن انتخايب من طرف مخس أعضاء جملس النواب و أربعون‬
‫عضوا من جملس املستشارين‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الحئة ابملراجع‪:‬‬
‫كتب‪:‬‬
‫‪ ‬شورش حسن معر‪ ،‬ضوابط اس تقالل احملمكة االحتادية العليا يف العراق من حيث التشكيل (دراسة مقارنة)‪،‬‬
‫جمةل لكية القانون والعلوم القانونية والس ياس ية‪ ،‬العراق‪ ،‬اجملدل ‪ ،06‬العدد ‪ ،21‬اجلزء الول‪ ،‬س نة ‪.2017‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬سلسةل ترشيعات جنائية‪ ،‬الطبعة الوىل‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬
‫‪.2000‬‬
‫‪ ‬عبد الرحمي املنار السلميي‪ ،‬مناجه معل القايض ادلس توري‪ ،‬منشورات اجملةل املغربية لالدارة احمللية والتمنية‪،‬‬
‫سلسةل مؤلفات وأعامل جامعية‪ ،‬الطبعة الوىل‪.2006 ،‬‬
‫دساتري‪:‬‬
‫دس تور اململكة املغربية لس نة ‪.1996‬‬ ‫‪‬‬
‫دس تور اململكة املغربية لس نة ‪.2011‬‬ ‫‪‬‬
‫دس تور فرنسا الصادر عام ‪ 1958‬شامال تعديالته لغاية عام ‪.2008‬‬ ‫‪‬‬
‫دس تور الكويت لس نة ‪.1962‬‬ ‫‪‬‬
‫قوانني‪:‬‬
‫القانون التنظميي رمق ‪066.13‬املتعلق ابحملمكة ادلس تورية‪ ،‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.14.139‬صادر يف ‪16‬من شوال‬ ‫‪‬‬
‫‪ 13(1435‬أغسطس ‪ )2014‬بتنفيذ القانون التنظميي رمق ‪066.13‬املتعلق ابحملمكة ادلس تورية‪ ،‬اجلريدة الرمسية‬
‫عدد ‪6288‬بتارخي ‪8‬ذو القعدة ‪ 4(1435‬سبمترب ‪ ،)2014‬ص ‪.6661‬‬
‫قانون املسطرة املدنية‪ ،‬ظهري رشيف مبثابة قانون رمق ‪ 1.74.447‬بتارخي ‪ 11‬رمضان ‪)28 1394‬ش تنرب ‪)1974‬‬ ‫‪‬‬
‫ابملصادقة عىل نص قانون املسطرة املدنية‪.‬‬
‫قانون املسطرة اجلنائية‪ ،‬كام مت تعديهل وتمتميه مبقتىض القانون رمق ‪ 23.05‬والقانون رمق ‪ 24.05‬اجلريدة الرمسية عدد‬ ‫‪‬‬
‫‪ 5374‬بتارخي ‪ 28‬من شوال ‪( 1426‬فاحت ديسمرب‪.(2005‬‬
‫القانون رمق ‪ 41.90‬احملدث مبوجبه حمامك ادارية‪ ،‬ظهري رشيف رمق ‪ 1.91.225‬صادر يف ‪ 22‬من ربيع األول ‪1414‬‬ ‫‪‬‬
‫‪)10‬سبمترب ‪ ،(1993‬اجلريدة الرمسية عدد ‪ 4227‬بتارخي ‪ 18‬جامدى األوىل ‪ 3 ( 1414‬نومفرب ‪ ،)1993‬ص‬
‫‪.2168‬‬
‫القانون السايس مجلهورية أملانيا االحتادية وفق تعديل ‪ 28‬مارس ‪.2019‬‬ ‫‪‬‬

‫‪14‬‬
:‫مراجع ابلفرنس ية‬
Ouvrages :
 Favoreu (Louis) et Philip (loie), «Le conseil consututionnel». Que sais je ? PUF.5e
éd., Novembre 1991.
 Bük (Valentine), «Le conseil constitutionnel et les réformes pénales». in Revue
cahiers du conseil constitutionnel. n° 10 (Octobre 2000 à février 2001).
 Benjelloun (Abdell Aziz). « La recevabilité des saisines », rapport de synthèse
devant le 2ème congrès de l'Association des cours constitutionnelles ayant en
partage l'usage du Français, sur le thème : L'accès au juge constitutionnel op cite.
 Schrameck (Olivier), «quelques observations sur le principe du contradictoire». in
l'Etat de droit, mélanges en l'honneur de Guy Braibant, Dalloz. 1996.
 FROMONT (Michel). La justice constitutionnelle en France ou l'exception
Française. in le nouveau constitutionnalisme (Mélanges en l'honneur de Gérard
Conac. Ed Economica. 2001
Rapports:
 « Les modes de décision du juge constitutionnel », Rapport Français présenté par
Monsieur Dutheillet deLamothe, au séminaire international de justice
constitutionnelle organisé par le centre d'études constitutionnelles el
administratives de l'université catholique de Louvain à Bruxelles les 6 et
7 Décembre 2001.
 « Procédure et traitement de la saisine recevable ». Rapport établi par Dominique
Favre, présenté au travaux du 2ème congrès de l'ACCPUF

15
‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪1................................................................... :‬‬
‫املطلب الول‪ :‬متيزي املسطرة ادلس تورية ‪3........................................‬‬
‫الفرع الول‪ :‬مسطرة كتابية جمانية ‪3............................................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬مسطرة رسية غري حضورية ‪5......................................‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القايض ادلس توري واملساطر القضائية العادية ‪8.......................‬‬
‫الفرع الول‪ :‬القايض ادلس توري واملسطرة املدنية ‪8...............................‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬القايض ادلس توري وقانون املسطرة اجلنائية ‪9.........................‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬القايض ادلس توري والاجراءات االدارية ‪11........................‬‬
‫خامتة‪13.................................................................. :‬‬
‫الحئة ابملراجع‪14............................................................:‬‬

‫‪16‬‬

You might also like