You are on page 1of 24

‫‪((-‬يف القصاص حياة النفوس))‪-‬‬

‫قال تعاىل‪:‬‬
‫اْلُُّر ِِب ْْلُِر اوالْ اعْب ُد ِِبلْ اعْب ِد او ْالُنْثاى ِِب ْلُنْثاى فا ام ْن‬
‫اص ِِف الْ اقْت لاى ْ‬
‫ص ُ‬
‫ِ‬
‫ب اعلاْي ُك ُم الْق ا‬
‫ِ‬
‫ين اآمنُوا ُكت ا‬
‫َّ ِ‬
‫اَيأايُّ اها الذ ا‬
‫يف ِم ْن اربِ ُك ْم اوار ْْحاةٌ فا ام ِن‬ ‫ِ‬ ‫وف وأاداء إِلاي ِه ِبِِحس ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ك اَتْف ٌ‬ ‫ان اذل ا‬ ‫عُف اي لاهُ م ْن أاخيه اش ْيءٌ فااتبااعٌ ِبلْ ام ْع ُر ا ا ٌ ْ ْ ا‬
‫ُوِل ْالالْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعت ادى ب ع اد اذلِك فالاه ع اذ ِ‬
‫اب لا اعلَّ ُك ْم تاتَّ ُقو ان‬ ‫اص احيااةٌ اَيأ ِ ا‬ ‫ص ِ‬ ‫اب أال ٌيم (‪ )178‬اولا ُك ْم ِِف الْق ا‬ ‫ا ُ ا ٌ‬ ‫ْا ا ْ‬
‫(‪)179‬‬
‫شرح املفردات‪:‬‬
‫ب اعلاْي ُك ُم} معناه ِف كل القرآن‪ :‬فرض عليكم أي فُرض عليكم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب} ‪ :‬قال الفراء { ُكت ا‬ ‫{ ُكت ا‬
‫‪1‬‬
‫القصاص‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪2‬‬
‫{القصاص} ‪ :‬أن يفعل به مثل فعله من قوهلم‪ :‬اقتص أثر فالن إذا فعل مثل فعله‪.‬‬
‫رجل قتيل أي مقتول‪ ،‬وامرأة قتيل أي‬
‫{القتلى} ‪ :‬مجع قتيل ويستوي فيه املذكر واملؤنث‪ ،‬تقول‪ٌ :‬‬
‫‪3‬‬
‫مقتولة‪.‬‬
‫{فاتباع ِبملعروف} ‪ :‬مطالبته ِبملعروف‪ ،‬أي يطالبه وِل القتيل ِبلرفق واملعروف‪ ،‬ويؤدي إليه القاتل‬
‫الدية ِبحسان‪ ،‬بدون مماطلة أو خبس أو إساءة ِف الداء‪.‬‬
‫{فا ام ِن اعتدى} ‪ :‬أي ظلم فقتل القاتل بعد أخذ الدية فله عند هللا عذاب أليم‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫{اللباب} ‪ :‬العقول مجع لب‪.‬‬
‫سبب النزول‬
‫بغي وطاعة للشيطان‪ ،‬وكان‬ ‫أن أهل اجلاهلية كان فيهم ٌ‬ ‫أ ‪ -‬روي ِف سبب نزول هذه اآلية عن قتادة َّ‬
‫عبد آخرين‪ ،‬قالوا‪ :‬لن نقتل به إال حراً‪ ،‬تعززاً‬ ‫عبدهم ا‬
‫اْلي منهم إذا كان فيهم عدة ومنعة‪ ،‬فقتل ُ‬
‫لفضلهم على غريهم‪ ،‬وإذا قتلت امرأةٌ منهم امرأةً من آخرين قالوا‪ :‬لن نقتل هبا إال رجالً‪ ،‬فأنزل‪.‬‬
‫هللا {اْلر ِِب ْْلُِر والعبد ِبلعبد والنثى ِبلنثى} ‪.‬‬

‫‪ 1‬معاين القرآن للزجاج ج‪1‬ص‪110‬‬


‫‪ 2‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪169‬‬
‫‪ 3‬ينظر‪ :‬لسان العرب مادة (قتل)‬
‫‪ 4‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪170‬‬
‫ب ‪ -‬وروي عن (سعيد بن جبري) أن حيني من العرب اقتتلوا ِف اجلاهلية قبل اإلسالم بقليل‪ ،‬فكان‬
‫قتل وجراحات حىت قتلوا العبيد والنساء‪ ،‬فلم أيخذ بعضهم من بعض حىت أسلموا‪ ،‬فكان أحد‬ ‫بينهم ٌ‬
‫اْليني يتطاول على اآلخر ِف العدة والموال‪ ،‬فحلفوا أال يرضوا حىت يقتل ِبلعبد منا اْلر منهم‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫ب اعلاْي ُك ُم القصاص ِِف القتلى ‪.} ...‬‬ ‫ِ‬
‫وِبملرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم‪َ{ :‬يأيها الذين اآمنُواْ ُكت ا‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬

‫ب اعلاْي ُك ُم القصاص ِِف القتلى ‪ } ...‬دلت اآلية على إجياب‬ ‫ِ‬


‫‪ .1‬قوله تعاىل‪َ{ :‬يأيها الذين اآمنُواْ ُكت ا‬
‫قتل القاتل بصدر اآلية‪ ،‬وهي عامة تعم كل قاتل سواءً كان حراً أو عبداً‪ ،‬مسلماً أو ذمياً‪ ،‬وأما قوله‬
‫تعاىل‪{ :‬اْلر ِِب ْْلُِر والعبد ِبلعبد ‪ } ...‬إخل فإمنا هو إلبطال الظلم الذي كان عليه أهل اجلاهلية‪،‬‬
‫حيث كانوا يقتلون ِبْلر أحراراً‪ ،‬وِبلعبد حراً‪ ،‬وِبلنثى يقتلون الرجل تعدَيً وطغياانً‪ ،‬فأبطل هللا ما‬
‫كان من الظلم‪ ،‬وأكد القصاص على القاتل دون غريه كما فهم ذلك من سبب النزول‪ .‬ومما يىؤيد‬
‫ان النفس ِبلنفس ‪ } ...‬ففي‬ ‫{واكتا ْب ناا اعلاْي ِه ْم فِ ايهآ أ َّ‬
‫هذا اْلكم قوله تعاىل ِف سورة [املائدة‪ : ]45 :‬ا‬
‫اآلية عموم ِف إجياب القصاص ِف سائر املقتولني‪ ،‬وشرع من قبلنا شرعٌ لنا ما مل يرد انسخ‪ ،‬ومل جند‬
‫‪6‬‬
‫انسخاً‪.‬‬

‫‪ .2‬دلت اآلية على إكرام هللا هلذه المة احملمدية فشرع هلم قبول الدية ِف القصاص‪ ،‬ومل يكن هذا ِف‬
‫اَّللُ اعْنهما أنه قال‪« :‬كان ِف بين إسرائيل القصاص‬ ‫شريعة التوراة‪ ،‬روي البخاري عن ابن عباس ار ِض اي َّ‬
‫ب اعلاْي ُك ُم القصاص ِِف القتلى} إىل قوله‪{ :‬فا ام ْن عُ ِف اي‬ ‫ِ‬
‫ومل يكن فيهم الدية‪ ،‬فقال هللا هلذه المة { ُكت ا‬
‫ان} يتبع‬ ‫اخ ِيه اشيء} فالعفو أن تقبل الدية ِف العمد {فاتباع ِبملعروف وأ اادآء إِلاي ِه ِبِِحس ٍ‬ ‫لاه ِمن أ ِ‬
‫ا ٌ ْ ْا‬ ‫ٌْ‬ ‫ُ ْ‬
‫يف ِمن َّربِ ُك ْم اوار ْْحاةٌ} مما كتب على من‬ ‫ِ‬
‫الطالب ِبملعروف‪ ،‬ويؤدي إليه املطلوب ِبحسان {ذلك اَتْف ٌ‬
‫‪7‬‬
‫اب أالِ ٌيم}‪.‬‬
‫كان قبلكم {فا ام ِن اعتدى با ْع اد ذلك} قتل بعد قبول الدية {فالاهُ اع اذ ٌ‬

‫‪ 5‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪172-171‬‬


‫‪ 6‬أحكام القرآن للجصاص ج‪1‬ص‪164‬‬
‫‪ 7‬تفسري الطربي ج‪2‬ص‪ ،110‬الدر املنثور للسوطي ج‪1‬ص ‪173‬‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما أنه‬
‫صلَّى َّ‬
‫‪ .3‬ذهب اجلمهور إىل أنه ال يقتل الوالد إذا قتل ولده‪ ،‬ملا روي عن النيب ا‬
‫قال‪« :‬ال يُقتل ِوال ٌد بولده»‪ .‬كما ذهب اجلمهور والئمة الربعة إىل أن اجلماعة يقتلون ِبلواحد‪،‬‬
‫اَّللُ اعْنه قتل سبعة ِف غالم قتل بصنعاء‪ .‬قال ابن كثري‪ :‬وال يُعرف له‬ ‫واستدلوا مبا روي أن عمر ار ِض اي َّ‬
‫{ولا ُك ْم‬
‫ِف زمانه خمالف من الصحابة وذلك كاإلمجاع‪ .‬قالوا إن الشارع شرع القصاص ْلفظ النفس ا‬
‫ِِف القصاص حياوة} ولو علم الناس أن اجلماعة ال تقتل ِبلواحد‪ ،‬لتعاون العداء على قتل أعدائهم‪،‬‬
‫‪8‬‬
‫مث مل يقتلوا فتضيع دماء الناس‪ ،‬وينتشر البغي والفساد ِف الرض‪.‬‬
‫‪ .4‬ذهب أبو حنيفة وأْحد ِف الرواية الخرى عنه إىل أن القتل ال يكون إال ِبلسيف‪ ،‬لن املطلوب‬
‫نفس بنفس‪ ،‬واستدلوا حبديث‪« :‬ال قود إالَّ ِبلسيف» وحديث «النهي عن املثْلة»‬ ‫ِبلقصاص إتالف ٍ‬
‫ُ‬
‫وحديث «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذحبتم فأحسنوا الذحبة»‪ 9.‬وأما الذي يتوىل أمر القصاص‪،‬‬
‫أحد حقه دون السلطان‪،‬‬ ‫لحد أن يقتص من ٍ‬ ‫قال القرطيب‪« :‬اتفق أئمة الفتوى على أنه ال جيوز ٍ‬
‫ا‬
‫وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض‪ ،‬وإمنا ذلك للسلطان‪ ،‬أو من نصبه السلطان لذلك‪ ،‬وهلذا‬
‫‪10‬‬
‫جعل هللا السلطان ليقيض أيدي الناس بعضهم عن بعض»‪.‬‬

‫‪ 8‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪182-181‬‬


‫‪ 9‬أحكام القرآن للجصاص ج‪1‬ص‪286‬‬
‫‪ 10‬أحكام القرآن للقرطيب ج‪2‬ص‪237‬‬
‫‪ ((-‬فريضة الصيام على املسلمني))‪-‬‬

‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ين ِم ْن قا ْبلِ ُك ْم لا اعلَّ ُك ْم تاتَّ ُقو ان (‪ )183‬أ َّاَي ًما‬ ‫َّ ِ‬
‫ب اعلاى الذ ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اعلاْي ُك ُم الصيا ُام اك اما ُكت ا‬
‫ِ‬
‫ين اآمنُوا ُكت ا‬
‫َّ ِ‬
‫اَيأايُّ اها الذ ا‬
‫ين يُ ِطي ُقوناهُ فِ ْدياةٌ طا اع ُام‬ ‫َّ ِ‬
‫ُخار او اعلاى الذ ا‬
‫ِ ِ‬
‫يضا أ ْاو اعلاى اس اف ٍر فاع َّدةٌ م ْن أ َّاَيٍم أ ا‬ ‫ودات فا ام ْن اكا ان ِمْن ُك ْم ام ِر ً‬
‫مع ُد ٍ‬
‫اْ ا‬
‫ضا ان‬ ‫وموا اخ ْريٌ لا ُك ْم إِ ْن ُكْن تُ ْم تا ْعلا ُمو ان (‪ )184‬اش ْه ُر ارام ا‬ ‫صُ‬ ‫ع اخ ْ ًريا فا ُه او اخ ْريٌ لاهُ اوأا ْن تا ُ‬ ‫ني فا ام ْن تاطاَّو ا‬‫ِمس ِك ٍ‬
‫ْ‬
‫ص ْمهُ اوام ْن‬ ‫َّهار فا ْليا ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫َّاس اوبايِناات م ان ا ْهلُادى اوالْ ُف ْرقاان فا ام ْن اش ِه اد مْن ُك ُم الش ْ‬ ‫الَّ ِذي أُنْ ِزال فِ ِيه الْ ُق ْرآ ُن ُه ًدى لِلن ِ‬
‫ْملُوا الْعِ َّدةا‬ ‫يد بِ ُكم الْعسر ولِتُك ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اَّللُ ب ُك ُم الْيُ ْسار اواال يُِر ُ ُ ُ ْ ا ا‬
‫يد َّ ِ‬ ‫يضا أ ْاو اعلاى اس اف ٍر فاع َّدةٌ م ْن أ َّاَيٍم أ ا‬
‫ُخار يُِر ُ‬ ‫اكا ان ام ِر ً‬
‫يب‬ ‫اَّلل علاى ما ه ادا ُكم ولاعلَّ ُكم تا ْش ُكرو ان (‪ )185‬وإِ اذا سأالاك ِعب ِادي ع ِين فاِإِين قا ِر ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يب أُج ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ا‬ ‫ا ا ا ا‬ ‫ُ‬ ‫اولتُ اكربُوا َّا ا ا ا ْ ا ا ْ‬
‫ُح َّل لا ُكم لاي لاةا ِ‬
‫الصيا ِام َّ‬ ‫ان فا ْليستا ِجيبوا ِِل ولْي ْؤِمنُوا ِِب لاعلَّهم ي ر ُش ُدو ان (‪ )186‬أ ِ‬ ‫ِ‬
‫ث‬‫الرفا ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ا ُ ْ اْ‬ ‫َّاع إِذاا اد اع ا ْ ُ ا ُ‬ ‫اد ْع اوةا الد ِ‬
‫اب اعلاْي ُك ْم او اع افا‬ ‫اس اهلُ َّن اعلِ ام َّ‬
‫اَّللُ أانَّ ُك ْم ُكْن تُ ْم اَتْتاانُو ان أانْ ُف اس ُك ْم فاتا ا‬
‫ِ‬
‫اس لا ُك ْم اوأانْتُ ْم لبا ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫إ اىل ن اسائ ُك ْم ُه َّن لبا ٌ‬
‫ض ِم ان‬ ‫ط ْالابْيا ُ‬ ‫اْلاْي ُ‬
‫ني لا ُك ُم ْ‬‫اَّللُ لا ُك ْم اوُكلُوا اوا ْشاربُوا اح َّىت ياتا با َّ ا‬‫ب َّ‬ ‫وه َّن اوابْتاغُوا اما اكتا ا‬
‫ِ‬
‫اعْن ُك ْم فا ْاآل ان اِبش ُر ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلاي ِط ْال ِ ِ‬
‫ك‬ ‫وه َّن اوأانْتُ ْم اعاكِ ُفو ان ِِف الْ ام اساجد تِْل ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اس اود م ان الْ اف ْج ِر ُمثَّ أاِتُّوا الصيا اام إِ اىل اللَّْي ِل اواال تُبااش ُر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْْ‬
‫آَيتِِه لِلن ِ‬
‫َّاس لا اعلَّ ُه ْم ياتَّ ُقو ان (‪)187‬‬ ‫اَّللُ ا‬
‫ني َّ‬‫ك يُباِ ُ‬
‫ِ‬
‫وها اك اذل ا‬
‫ح ُدود َِّ‬
‫اَّلل فا اال تا ْقاربُ ا‬ ‫ُ ُ‬

‫شرح املفردات‪:‬‬
‫الرتك له‪ ،‬يقال‪ :‬صامت اْليل إذا أمسكت عن‬
‫اإلمساك عن الشيء و ُ‬
‫ُ‬ ‫{الصيام} ‪ :‬الصوم ِف اللغة‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫السري‪ ،‬وصامت الريح إذا أمسكت عن اهلبوب‪.‬‬
‫وِف الشرع‪ :‬هو اإلمساك عن الطعام‪ ،‬والشراب‪ ،‬واجلماع‪ ،‬مع النية من طلوع الفجر إىل غروب‬
‫‪12‬‬
‫الشمس‪ .‬وكمالُه ِبجتناب احملظورات‪ ،‬وعدم الوقوع ِف احملرمات‪.‬‬

‫{واما اج اع ْلناا ِعد ا‬


‫ََّتُْم} [املدثر‪:‬‬ ‫ِ‬
‫{فاع َّدةٌ} ‪ :‬قال الراغب‪ :‬العدةُ هي الشيء املعدود‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ا‬
‫‪13‬‬
‫‪ ]31‬أي عددهم‪ .‬واملعىن‪ :‬عليه أَيم عدد ما قد فاته من رمضان‪.‬‬

‫‪ 11‬ينظر َتذيب اللغة‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اتج العروس والصحاح مادة (صوم)‬
‫‪ 12‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪188‬‬
‫ُخار} ‪ :‬مجع أخرى أي أَيماً أخرى‪ ،‬وإمنا أوثر هنا اجلمع لنه لو جيء به مفرداً فقيل‪ :‬فعدة من‬ ‫{أ ا‬
‫‪14‬‬
‫وصف لعدة فيفوت املقصود‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫أَيم أخرى‪ ،‬لوهم أنه‬ ‫ٍ‬
‫{يُ ِطي ُقوناهُ} ‪ :‬أي يصومونه مبشقة وعسر‪.‬‬
‫{فِ ْدياةٌ} ‪ :‬الفدية ما يفدي به اإلنسان نفسه من مال وغريه‪ ،‬بسبب تقصري وقع منه ِف عبادة من‬
‫‪15‬‬
‫العبادات‪.‬‬

‫الشهر معروف‪ ،‬وأصله من االشتهار وهو الظهور‪ ،‬يقال‪ :‬شهر المر أظهره‪ ،‬وشهرالسيف‬ ‫{ش ْه ُر} ‪ُ :‬‬
‫ا‬
‫استله‪ ،‬ومسي الشهر شهراً لشهرة أمره‪ ،‬لكونه ميقااتً للعبادات واملعامالت‪ ،‬فصار مشتهراً بني الناس‪.‬‬
‫ضا ان} ‪ :‬قال الراغب‪ :‬رمضان هو الرمض أي شدة وقع الشمس‪ ،‬والرمضاء شدة حر الشمس‪،‬‬ ‫{رام ا‬
‫ا‬
‫ورمضت الغنم‪ :‬رعت ِف الرمضاء فقرحت أكبادان‪ .‬ومسي رمضان لنه يرمض الذنوب أي حيرقها‬
‫ِبلعمال الصاْلة‪.‬‬

‫{الرفث} ‪ :‬اجلماع ودواعيه‪.‬‬

‫{َتْتانُو ان} ‪ :‬االختيان من اْليانة مقابل المانة‪.‬‬


‫ا‬

‫{عاكفون} ‪ :‬العكوف واالعتكاف أصله ِف اللغة مبعىن اللزوم‪ ،‬يقال‪ :‬عكفت ِبملكان أي أقمت به‬
‫مالزماً‪ .‬وِف الشرع هو املكث ِف املسجد للعبادة بنية القربة هلل تعاىل‪.‬‬

‫ود هللا} ‪ :‬اْلدود مجع حد‪ ،‬واْلد ِف اللغة‪ :‬املنع‪ ،‬ومنه مسي اْلديد حديداً لنه ميتنع به من‬
‫{ح ُد ُ‬
‫ُ‬
‫العداء‪ ،‬ومسي البواب حداداً لنه مينع من الدخول أو اْلروج إال ِبذن‪ ،‬وأا َّ‬
‫حدث املرأةُ على زوجها‬

‫‪ 13‬مفردات القرآن للراغب الصفهاين ص‪325‬‬


‫‪ 14‬أحكام القرآن للقرطيب ج‪2‬ص‪262‬‬
‫‪ 15‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪189‬‬
‫«اْلدود ما منع هللا تعاىل من خمالفتها‪ ،‬فال‬
‫ُ‬ ‫إذا تركت الزينة وامتنعت منها‪ .‬وِف الشرع قال الزجاج‪:‬‬
‫‪16‬‬
‫جيوز جمازوَتا»‪.‬‬

‫سبب النزول‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما‬
‫صلَّى َّ‬ ‫اَّللُ اعْنه أنه قال‪« :‬إن رسول هللا ا‬ ‫‪ - 1‬روى ابن جرير عن معاذ بن جبل ار ِض اي َّ‬
‫قدم املدينة فصام يوم عاشوراء‪ ،‬وثالثة أَيم من كل شهر» ‪ ،‬مث إن هللا اعَّز او اج َّل فرض شهر رمضان‪،‬‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ فِ ْدياةٌ‬ ‫ب اعلاْي ُك ُم الصيام} حىت بلغ ا‬
‫ِ‬
‫فأنزل هللا تعاىل ذكره {َيأيها الذين اآمنُواْ ُكت ا‬
‫ني} فكان من شاء صام‪ ،‬ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً‪ ،‬مث إن هللا اعَّز او اج َّل أوجب‬ ‫طا اع ُام ِمس ِك ٍ‬
‫ْ‬
‫الصيام على الصحيح املقيم‪ ،‬وثبت اإلطعام للكبري الذي ال يستطيع الصوم‪ ،‬فأنزل هللا اعَّز او اج َّل‬
‫ِ‬
‫ص ْمهُ ‪. } ...‬‬ ‫{فا امن اش ِه اد من ُك ُم الش ْ‬
‫َّهار فا ْليا ُ‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ فِ ْدياةٌ طا اع ُام‬
‫وروي عن سلمة بن الكوع أنه قال «ملا نزلت هذه اآلية ا‬ ‫‪ُ -2‬‬
‫ني} كان من شاء منا صام‪ ،‬ومن شاء أن يفطلر ويفتدي فعل ذلك‪ ،‬حىت نزلت اآلية اليت‬ ‫ِمس ِك ٍ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ص ْمهُ} ‪.‬‬ ‫بعدها فنسختها {فا امن اش ِه اد من ُك ُم الش ْ‬
‫َّهار فا ْليا ُ‬
‫‪ - 3‬وروي أن مجاعة من العراب سألوا النيب صلَّى َّ ِ‬
‫يب ربنا‬ ‫اَّللُ اعلاْيه او اسلَّما فقالوا‪َ :‬ي حممد أقر ٌ‬ ‫ا‬
‫ِ‬ ‫فنناجيه؟ أم بعي ٌد فنناديه؟ فأنزل هللا {وإِ اذا سأالا ِ ِ‬
‫ك عباادي اع ِين فاإِين قا ِر ٌ‬
‫يب ‪ } ...‬اآلية‪.‬‬ ‫ا ا ا‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما إذا‬ ‫صلَّى َّ‬
‫‪ - 4‬وروي البخاري عن (الرباء بن عازب) أنه قال‪ »:‬كان أصحاب حممد ا‬
‫كان الرجل صائماً فحضر اإلفطار فنام قبل أن يفطر‪ ،‬مل أيكل ليلته وال يومه حىت ميسي‪ ،‬وإن (قيس‬
‫بن صرمة) النصاري كان صائماً‪ ،‬وكان يعمل ِبلنخيل ِف النهار‪ ،‬فلما حضر اإلفطار أتى امرأته‬
‫أنطلق فأطلب لك‪ ،‬وكان يومه يعمل‪ ،‬فغلبته عيناه فجاءته‬ ‫ِ‬
‫طعام؟ قالت‪ :‬ال‪ ،‬ولكن ُ‬ ‫فقال هلا‪ :‬أعندك ٌ‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه‬
‫صلَّى َّ‬ ‫امرأته فلما رأته قالت‪ :‬خيبةً لك‪ ،‬فلما انتصف النهار غشي عليه‪ ،‬فذكر ذلك للنيب ا‬
‫ُح َّل لا ُك ْم لاْي لاةا الصيام الرفث إىل نِ اسآئِ ُك ْم} ففرحوا فرحاً شديداً‪ ،‬فنزلت‬ ‫وسلَّما فنزلت هذه اآلية {أ ِ‬
‫اا‬
‫‪17‬‬
‫ني لا ُك ُم اْليط البيض ِم ان اْليط السود}‪.‬‬ ‫{وُكلُواْ واشربوا حىت ياتا با َّ ا‬
‫ا‬

‫‪ 16‬ينظر هذه املعاين ِف روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪191‬‬


‫‪ 17‬روائع البيان للصابوين ج‪1‬ص‪194-193‬‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬

‫ين ِم ْن قا ْبلِ ُك ْم} إشارة إىل أن الصوم عبادة‬ ‫َّ ِ‬


‫ب اعلاى الذ ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اعلاْي ُك ُم الصيا ُام اك اما ُكت ا‬
‫ِ‬
‫‪ .1‬قوله تعاىل‪ُ { :‬كت ا‬
‫قدمية فرضها هللا على المم قبلنا‪ ،‬ولكن بكيفية ال يعلمها إال هللا‪ ،‬إذ مل يرد نص صحيح عن رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم يبني لنا فيه كيف كان صيام المم السابقة‪ .‬وقد فرض هللا‪ -‬تعاىل‪ -‬على‬
‫املسلمني صيام شهر رمضان ِف شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة‪ ،‬وعده النيب صلى هللا عليه‬
‫وسلم أحد أركان اإلسالم اْلمسة‪ ،‬فقد روى البخاري‪ -‬بسنده‪ -‬عن ابن عمر‪ -‬رضي هللا عنهما‪-‬‬
‫قال‪ :‬مسعت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪ :‬بىن اإلسالم على مخس‪ :‬شهادة أن ال إله إال هللا‬
‫وأن حممدا رسول هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة‪ ،‬وحج البيت‪ ،‬وصوم رمضان‪.‬‬
‫‪ .2‬قول تعاىل‪{ :‬لا اعلَّ ُك ْم تاتَّ ُقو ان} مجلة تعليلية جيء هبا لبيان حكمة مشروعية الصيام فكأنه‪-‬‬
‫سبحانه‪ -‬يقول لعباده املؤمنني‪ :‬فرضنا عليكم الصيام كما فرضناه على الذين من قبلكم‪ ،‬لعلكم‬
‫أبدائكم هلذه الفريضة تنالون درجة التقوى واْلشية من هللا‪ ،‬وبذلك تكونون ممن رضى هللا عنهم‬
‫ورضوا عنه‪ .‬وال شك أن هذه الفريضة ترتفع بصاحبها إىل أعلى عليني مىت أداها آبداهبا وشروطها‪،‬‬
‫ويكفى أن الرسول صلى هللا عليه وسلم قد قال ِف شأن الصوم‪« :‬الصوم جنة» أى وقاية‪ ،‬إذ ِف‬
‫الصوم وقاية من الوقوع ِف املعاصي‪ ،‬ووقاية من عذاب اآلخرة‪ ،‬ووقاية من العلل والمراض الناشئة‬
‫عن اإلفراط ِف تناول بعض الطعمة والشربة‪.‬‬
‫ودات} املراد هبذه الَيم املعدودات شهر رمضان عند مجهور العلماء‪.‬‬ ‫‪ .3‬قوله تعاىل‪{ :‬أ َّاَيماً مع ُد ٍ‬
‫اْ‬
‫يام وهذا حمتمل ليوم ويومني مث بينه بقوله أ َّاَيماً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب اعلاْي ُك ُم الص ُ‬ ‫قالوا‪ :‬وتقريره أنه‪ -‬تعاىل‪ -‬قال أوال ُكت ا‬
‫بعض االحتمال مث بينه بقوله‪ :‬اش ْه ُر ارامضا ان الَّ ِذي أُنْ ِزال فِ ِيه الْ ُق ْرآ ُن فعلى هذا الرتتيب‬ ‫ٍ‬
‫ام ْع ُدودات فزال ُ‬
‫ميكن جعل الَيم املعدودات بعينها شهر رمضان‪ .‬وإمنا عرب عن رمضان أبَيم وهي مجع قلة ووصفه‬
‫مبعدودات وهي مجع قلة‪ -‬أيضا‪َ -‬توينا لمره على املكلفني‪ ،‬وإشعارا هلم أبن هللا‪ -‬تعاىل‪ -‬ما فرض‬
‫عليهم إال ما هو ِف وسعهم وقدرَتم‪ .‬وقيل‪ :‬إن املراد ِبلَيم املعدودات غري رمضان‪ ،‬وعلى هذا‬
‫القول أنه فرض على املسلمني صيام قبل رمضان وذكروا أن الصيام املفروض عليهم ثالثة أَيم من كل‬
‫شهر وهي الَيم البيض الثالث عشر والرابع عشر واْلامس عشر مضافا إليها يوم عاشوراء‪ .‬مث نسخ‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ فِ ْدياةٌ} يدل على‬ ‫ذلك بوجوب صوم شهر رمضان‪ .‬وحجتهم أن قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫أنه واجب على التخيري‪ ،‬وأما صوم رمضان فإنه واجب على التعيني‪ ،‬فوجب أن يكون صوم هذه‬
‫الَيم غري صوم رمضان‪.‬‬
‫‪ .4‬ذهب مجهور الفقهاء إىل أن املرض املبيح للفطر‪ ،‬هو املرض الشديد الذي يؤدي إىل ضرر ِف‬
‫النفس‪ ،‬أو زَيدةٍ ِف العلة‪ ،‬أو ُُيشى معه أتخر الربء‪ ،‬وهذا مذهب الئمة الربعة‪ .‬وأما السفر املبيح‬
‫لإلفطار فقد اختلف الفقهاء فيه بعد اتفاقهم على أنه ال بد أن يكون سفراً طويالً على أقوال‪:‬‬
‫أ ‪ -‬قال الوزاعي‪ :‬السفر املبيح للفطر مسافة يوم‪ .‬واحتج أبن السفر أقل من يوم ٌ‬
‫سفر قصري قد‬
‫يتفق للمقيم‪ ،‬والغالب أن املسافر هو الذي ال يتمكن من الرجوع إىل أهله ِف ذلك اليوم‪ ،‬فال بد أن‬
‫يوم واحد حىت يباح له الفطر‪.‬‬
‫يكون أقل مدة للسفر ٌ‬
‫ب ‪ -‬وقال الشافعي وأْحد‪ :‬هو مسرية يومني وليلتني‪ ،‬ويقدر بستة عشر فرسخاً‪ .‬وحجتهم أن‬
‫وتعب اليوم الواحد يسهل حتمله‪ ،‬أما إذا تكرر التعب ِف‬ ‫السفر الشرعي هو الذي تُقصر فيه الصالة‪ُ ،‬‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما أنه قال‪َ« :‬ي أهل‬
‫صلَّى َّ‬
‫اليومني فإنه يشق حتمله فيناسب الرخصة‪ ،‬وما روي عن النيب ا‬
‫مكة ال تقصروا ِف أدىن من أربعة بُرد من مكة إىل عسفان»‪ .‬قال أهل اللغة‪ :‬وكل بريد أربعة فراسخ‪،‬‬
‫فيكون جمموعة ستة عشر فرسخاً‪ .‬قال القرطيب‪ :‬والذي ِف «البخاري» ‪« :‬وكان ابن عمر وابن عباس‬
‫ِ‬
‫يفطران ويقصران ِف أربعة برد‪ ،‬وهي ستة عشر فرسخاً» ‪ .‬وهذا هو املشهور من مذهب مالك ارْحاهُ‬
‫اَّللُ‪.‬‬
‫َّ‬
‫ج ‪ -‬وقال أبو حنيفة والثوري‪ :‬مسرية ثالثة أَيم بلياليها ويقدر أبربعة وعشرين فرسخاً‪ .‬واحتج أبو‬
‫ِ‬
‫ص ْمهُ} يوجب الصوم‪ ،‬ولكنا تركناه ِف ثالثة‬ ‫حنيفة أبن قوله تعاىل‪{ :‬فا امن اش ِه اد من ُك ُم الش ْ‬
‫َّهار فا ْليا ُ‬
‫الَيم لإلمجاع على الرخصة فيها‪ ،‬أما فيما دوهنا فمختلف فيه فوجب الصوم احتياطياً‪ .‬واحتج أيضا‬
‫بقوله عليه السالم‪« :‬ميسح املقيم يوماً وليلة‪ ،‬واملسافر ثالثة أَيم ولياليها» فقد جعل الشارع علة‬
‫السفر‪ ،‬والرخص ال تعلم إال من الشرع‪ ،‬فوجب اعتبار الثالث سفراً شرعياً‪ .‬وبقوله‬ ‫املسح ثالثة أَيم ُ‬
‫الس االمُ ‪« :‬ال تسافر امرأة فوق ثالثة أَيم إال ومعها ذو حمرم» فتبني أن الثالثة قد تعلق‬ ‫اعلاْي ِه َّ‬
‫الص االة او َّ‬
‫هبا حكم شرعي‪ ،‬وغريها مل يتعلق فوجب تقديرها ِف إِبحة الفطر‪.‬‬
‫‪ .5‬ذهب مجهور العلماء أبو حنيفة‪ ،‬والشافعي‪ ،‬ومالك إىل أن الصيام أفضل ملن قوي عليه‪ ،‬ومن مل‬
‫ومواْ اخ ْريٌ لَّ ُك ْم} وأما الثاين‬
‫صُ‬ ‫{وأان تا ُ‬
‫يقو على الصيام كان الفطر له أفضل‪ ،‬أما الول فلقوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫يد بِ ُك ُم العسر}‪ .‬كما ذهب اجلمهور إىل أن القضاء جيوز‬ ‫يد هللا بِ ُك ُم اليسر اوالا يُِر ُ‬
‫فلقوله تعاىل‪{ :‬يُِر ُ‬
‫ِ ِ‬
‫ُخار} فاآلية مل تشرتط إال‬ ‫فيه كيف ما كان‪ ،‬متفرقاً أو متتابعاً‪ ،‬وحجتهم قوله تعاىل‪{ :‬فاع َّدةٌ م ْن أ َّاَيٍم أ ا‬
‫صيام أَيم بقدر الَيم اليت أفطرها‪ ،‬وليس فيها ما يدل على التتابع فهي نكرة ِف سياق اإلثبات‪،‬‬
‫يوم صامه قضاءً أجزأه‪.‬‬ ‫فأي ٍ‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ فِ ْدياةٌ} يرى بعض العلماء أن الصيام كان قد شرع ابتداءً على‬ ‫‪ .6‬قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫التخيري‪ ،‬فكان من شاء صام‪ ،‬ومن شاء أفطر وافتدى‪ ،‬يطعم عن كل يوم مسكيناً‪ ،‬مث نسخ ذلك‬
‫ِ‬
‫ص ْمهُ} وهذا رأي الكثرين واستدلوا ملا رواه البخاري‬ ‫بقوله تعاىل‪{ :‬فا امن اش ِه اد من ُك ُم الش ْ‬
‫َّهار فا ْليا ُ‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ} كان من شاء‬ ‫ومسلم عن (سلمة بن الكوع) أنه قال‪ :‬ملا نزلت هذه اآلية ا‬
‫ِ‬
‫منا صام‪ ،‬ومن شاء أفطر ويفتدي حىت نزلت اآلية اليت بعدها فنسختها {فا امن اش ِه اد من ُك ُم الش ْ‬
‫َّهار‬
‫ص ْمهُ} وهذا مروي عن ابن مسعود‪ ،‬ومعاذ‪ ،‬وابن عمر وغريهم‪ .‬ويرى آخرون أن اآلية غري‬ ‫فا ْليا ُ‬
‫منسوخة‪ ،‬وأهنا نزلت ِف الشيخ الكبري‪ ،‬واملرأة العجوز‪ ،‬واملريض الذي ُجيهده الصوم‪ ،‬وهذا مروي عن‬
‫ابن عباس‪ .‬قال ابن عباس‪( :‬رخص للشيخ الكبري أن يفطر‪ ،‬ويطعم عن كل يوم مسكيناً‪ ،‬وال قضاء‬
‫ِ‬ ‫عليه) ‪ .‬وروى البخاري عن عطاء أنه مسع ابن عباس ار ِض اي َّ‬
‫{و اعلاى الذين يُطي ُقوناهُ‬ ‫اَّللُ اعْنهما يقرأ‪ :‬ا‬
‫ني} قال ابن عباس‪ :‬ليست مبنسوخة‪ ،‬هي للشيخ الكبري‪ ،‬واملرأة الكبرية‪ ،‬ال‬ ‫فِ ْدياةٌ طا اع ُام ِمس ِك ٍ‬
‫ْ‬
‫يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً‪ .‬وعلى هذا تكون اآلية غري منسوخة‪ ،‬ويكون‬
‫{و اعلاى الذين يُ ِطي ُقوناهُ} أي وعلى الذين يقدرون على الصوم مع الشدة واملشقة‪،‬‬ ‫معىن قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫ويؤيده قراءة {يطوقونه} أي يكلفونه مع املشقة‪.‬‬
‫‪ .7‬اْلبلى واملرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما أفطرات‪ ،‬لن حكمهما حكم املريض‬
‫وعليه القضاء عند أِب حنيفة‪ ،‬وأما الشافعي ففيه تفصيل‪ ،‬إن خافتا على أنفسهما ضررا يلحقهما‬
‫ِبلصوم كضرر املريض أفطرات و وجب عليهما القضاء فقط‪ ،‬وإن خافتا على أوالدمها أي إسقاط‬
‫الولد ِف اْلامل وقلة اللنب ِف املرضع أفطرات وجب عليهما القضاء والكفارة معا‪ .‬ورد أبو حنيفة أبن‬
‫ذاك كان ذلك مجعاً بني البدلني وهو غري جائز‪ ،‬لن القضاء بدل‪ ،‬والفدية بدل‪ ،‬وال ميكن اجلمع‬
‫‪18‬‬
‫بينهما لن الواجب أحدمها‪.‬‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما ‪:‬‬
‫صلَّى َّ‬
‫‪ .8‬يثبت شهر رمضان برؤية اهلالل أو إكمال عدة شعبان ثالثني يوماً لقوله ا‬
‫«صوموا لرؤيته‪ ،‬وأفطروا لرؤيته‪ ،‬فإن غُم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثني يوماً»‪ .‬ويكفي إلثبات‬

‫‪ 18‬فتح القريب ص‪141‬‬


‫اَّللُ اعْنهما أنه قال‪« :‬تراءى‬ ‫احد عدل عند اجلمهور‪ ،‬ملا روي عن ابن عمر ار ِض اي َّ‬ ‫رمضان شهادة و ٍ‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما أين رأيته‪ ،‬فصام وأمر الناس بصيامه»‪.‬‬
‫صلَّى َّ‬
‫الناس اهلالل‪ ،‬فأخربت رسول هللا ا‬
‫‪ .9‬ذهب اْلنيفة واملالكية واْلنابلة‪ :‬إىل أنه ال عربة ِبختالف املطالع‪ ،‬فإذا رأى اهلالل أهل بلد‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما ‪« :‬صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» وهو‬ ‫صلَّى َّ‬‫وجب الصوم على بقية البالد لقوله ا‬
‫خطاب عام جلميع المة‪ ،‬فمن رآه منهم ِف أي مكان كان ذلك رؤية هلم مجيعاً‪ .‬وذهب الشافعية إىل‬
‫أنه يعترب لهل كل بلد رؤيتهم‪ ،‬وال تكفي رؤية البلد اآلخر والدلة تطلب من كتب الفروع‪.‬‬
‫‪ .10‬اختلف العلماء ِف من أكل أو شرب ظاانً غروب الشمس‪ ،‬أو تسحر يظن عدم طلوع الفجر‪،‬‬
‫فظهر خالف ذلك‪ ،‬هل عليه القضاء أم ال؟ فذهب اجلمهور وهو مذهب (الئمة الربعة) إىل أن‬
‫صيامه غري صحيح وجيب عليه القضاء‪ ،‬لن املطلوب من الصائم التثبت‪ .‬وذهب أهل الظاهر‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما ‪« :‬رفع عن أميت‬
‫صلَّى َّ‬
‫واْلسن البصري إىل أن صومه صحيح وال قضاء عليه لقوله ا‬
‫اْلطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وقالوا‪ :‬هو كالناسي ال يفسد صومه‪.‬‬
‫ب هللا لا ُك ْم ‪ } ...‬اآلية على أن اجلنابة‬ ‫‪ .11‬دلت اآلية الكرمية وهي {فاآلن ِبشروهن وابتغوا اما اكتا ا‬
‫ال تناِف صحة الصوم‪ ،‬ملا فيه من إِبحة الكل والشرب واجلماع من أول الليل إىل آخره‪ ،‬مع العلم أن‬
‫اجملامع ِف آخر الليل إذا صادف فراغه من اجلماع طلوع الفجر يصبح جنباً‪ ،‬وقد أمر هللا ِبِتام صومه‬
‫{مثَّ أاِِتُّواْ الصيام إِ اىل الليل} فدل على صحة صومه‪ ،‬ولو مل يكن الصوم صحيحاً ملا أمره‬ ‫إىل الليل ُ‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما كان يصبح‬
‫صلَّى َّ‬ ‫ِبِتامه‪ .‬وِف «الصحيحني» عن عائشة ار ِض اي َّ‬
‫اَّللُ اعْنها‪« :‬أن النيب ا‬
‫جنباً وهو صائم مث يغتسل» فاجلنابة ال أتثري هلا على الصوم‪ ،‬وجيب االغتسال من أجل الصالة‪.‬‬
‫‪ .12‬اختلف الفقهاء ِف حكم صوم النفل إذا أفسده هل جيب فيه القضاء أم ال؟ فمذهب أبو‬
‫حنيفة أنه جيب عليه القضاء لنه ِبلشروع يلزمه اإلِتام‪ .‬ومذهب الشافعية واْلنابلة‪ :‬ال جيب عليه‬
‫القضاء لن املتطوع أمري نفسه‪ .‬ومذهب املالكية‪ :‬أنه إن أبطله فعليه القضاء‪ ،‬وإن كان طرأ عليه ما‬
‫يفسده فال قضاء عليه‪ .‬والدلة تطلب من كتب الفروع‪.‬‬
‫‪ .13‬قال أبو بكر اجلصاص‪« :‬حصل اتفاق مجيع السلف أن من شرط االعتكاف أن يكون ِف‬
‫{وأانْتُ ْم عاكفون ِِف‬
‫املسجد‪ ،‬على اختالف منهم ِف عموم املساجد وخصوصها‪ ،‬وظاهر قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫املساجد} يبيح االعتكاف ِف سائر املساجد لعموم اللفظ‪ ،‬ومن اقتصر به على بعضها فعليه ِبقامة‬
‫الدليل‪ ،‬وَتصيصه مبساجد اجلماعات ال داللة عليه‪ ،‬كما أن َتصيص من خصه مبساجد النبياء ملا‬
‫مل يكن عليه دليل سقط اعتباره»‪ .‬وأما مدة اإلعتكاف فأقله يوم وليلة عند الحناف وال يصح‬
‫عندهم اإلعتكاف إال مع الصوم‪ ،‬وعند الشافعي أقله ْلظة وال حد لكثره وجاز عنده اإلعتكاف‬
‫بغري صوم‪ ،‬وإن كان الفضل كما قال الرازي اإلعتكاف مع الصوم‪ .‬قال اإلمام الفخر‪« :‬جيوز‬
‫االعتكاف بغري صوم‪ ،‬والفضل أن يصوم‪.‬‬

‫‪(-‬إمتام احلج والعمرة)‪-‬‬


‫قال تعاىل‪:‬‬

‫صرُُْت فاما استا يسر ِمن ا ْهل ْد ِي واال اْحتلِ ُقوا رءوس ُكم ح َّىت ي ب لُ اغ ا ْهل ْد ِ‬ ‫اْل َّج والْعمرةا ََِّّللِ فاِإ ْن أ ِ‬ ‫ِ‬
‫ي احملَّهُ‬ ‫ُ ُ ا ْ ا اْ ا ُ‬ ‫ُح ْ ا ْ ْ ا ا ا ا ا‬ ‫ْ‬ ‫اوأاِتُّوا ْا ا ُ ْ ا‬
‫ٍ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِِ ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫فا ام ْن اكا ان ِمْن ُك ْم ام ِر ً‬
‫َّع‬
‫ص ادقاة أ ْاو نُ ُسك فاإ اذا أامْن تُ ْم فا ام ْن اِتات ا‬ ‫يضا أ ْاو بِه أا ًذى م ْن ارأْسه فاف ْدياةٌ م ْن صياام أ ْاو ا‬
‫ك‬ ‫اْلا ِج او اسْب اع ٍة إِ اذا ار اج ْعتُ ْم تِْل ا‬
‫صيا ُام ثااالثاِة أ َّاَيٍم ِِف ْ‬ ‫اْل ِج فاما استا يسر ِمن ا ْهل ْد ِي فامن امل اِجي ْد فا ِ‬
‫ِِبلْعُ ْمارةِ إِ اىل ْا ا ْ ْ ا ا ا ا ا ْ ْ‬
‫اب‬‫يد الْعِ اق ِ‬ ‫اَّللا اش ِد ُ‬‫ان َّ‬ ‫اض ِري الْ ام ْس ِج ِد ْ‬
‫اْلاارِام اواتَّ ُقوا َّ‬
‫اَّللا او ْاعلا ُموا أ َّ‬ ‫ك لِمن امل ي ُكن أ ْاهلُه ح ِ‬
‫اع اشارةٌ اكاملاةٌ ذال ا ا ْ ْ ا ْ ُ ا‬
‫ِ ِ‬

‫اْلا ِج اواما‬ ‫وق اواال ِج اد اال ِِف ْ‬ ‫ث اواال فُ ُس ا‬ ‫ض فِي ِه َّن ْ‬


‫اْلا َّج فا اال ارفا ا‬ ‫ات فا ام ْن فا ار ا‬
‫وم ٌ‬ ‫اْلا ُّج أا ْش ُهٌر ام ْعلُ ا‬
‫(‪ْ )196‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اَّلل وتازَّودوا فاِإ َّن خري َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫س اعلاْي ُك ْم‬ ‫الزاد التَّ ْق اوى اواتَّ ُقون اَيأُوِل ْالالْبااب (‪ )197‬لاْي ا‬ ‫ا ْا‬ ‫تا ْف اعلُوا م ْن اخ ٍْري يا ْعلا ْمهُ َُّ ا ا ُ‬
‫اْلاارِام اواذْ ُك ُروهُ اك اما‬ ‫اَّللا ِعْن اد الْ ام ْش اع ِر ْ‬ ‫ضتُم ِمن عرفا ٍ‬ ‫اح أا ْن تا ْب تا غُوا فا ْ ِ ِ ِ‬
‫ات فااذْ ُك ُروا َّ‬ ‫ض ًال م ْن ارب ُك ْم فاإذاا أافا ْ ْ ْ اا‬ ‫ُجنا ٌ‬
‫استا ْغ ِف ُروا َّ‬
‫اَّللا إِ َّن‬ ‫َّاس او ْ‬‫اض الن ُ‬ ‫ث أافا ا‬ ‫يضوا ِم ْن احْي ُ‬
‫ِ‬
‫ني (‪ُ )198‬مثَّ أاف ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬
‫اه ادا ُك ْم اوإِ ْن ُكْن تُ ْم م ْن قا ْبله لام ان الضَّال ا‬
‫اش َّد ِذ ْكًرا فا ِم ان الن ِ‬ ‫اس اك ُكم فااذْ ُكروا َّ ِ‬ ‫ضي تُم منا ِ‬ ‫اَّلل اغ ُف ِ‬
‫َّاس‬ ‫اَّللا اكذ ْك ِرُك ْم ا‬
‫آِبءا ُك ْم أ ْاو أ ا‬ ‫ْ ُ‬ ‫ور ارح ٌيم (‪ )199‬فاِإ اذا قا ا ْ ْ ا‬ ‫َّا ٌ‬
‫ول اربَّناا آتِناا ِِف الدُّنْياا‬ ‫ول اربَّناا آتِناا ِِف الدُّنْياا اواما لاهُ ِِف ْاآل ِخارةِ ِم ْن اخ اال ٍق (‪ )200‬اوِمْن ُه ْم ام ْن يا ُق ُ‬ ‫ام ْن يا ُق ُ‬
‫اْلِس ِ‬ ‫صيب ِ‬ ‫ِ‬
‫اب‬ ‫ا‬ ‫ْ‬ ‫يع‬
‫ُ‬ ‫ر‬‫اَّللُ اس ِ‬
‫َّ‬ ‫و‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫ا‬ ‫ك‬
‫ا‬ ‫َّا‬
‫مم‬ ‫ِ‬
‫ك اهلُْم نا ٌ‬ ‫اب النَّا ِر (‪ )201‬أُولائِ ا‬ ‫ِ‬
‫اح اسناةً اوِِف ْاآلخارةِ اح اسناةً اوقناا اع اذ ا‬
‫اخار فا اال إِ ْمثا اعلاْي ِه لِ ام ِن‬‫ني فا اال إِ ْمثا اعلاْي ِه اوام ْن اأت َّ‬
‫ات فام ْن تا اع َّجل ِِف يا ْوام ْ ِ‬
‫ا‬ ‫ود ا‬
‫اَّلل ِِف أ َّاَيٍم مع ُد ٍ‬
‫اْ ا‬ ‫(‪ )202‬اواذْ ُك ُروا َّا‬
‫اَّللا او ْاعلا ُموا أانَّ ُك ْم إِلاْي ِه ُْحت اشُرو ان (‪)203‬‬
‫اتَّ اقى اواتَّ ُقوا َّ‬
‫شرح املفردات‪:‬‬
‫{وأِتوا اْلج والعمرة} املراد ِبِتام اْلج والعمرة اإلتيان هبما اتمني كاملني مبناسكهما وشرائطهما‬
‫ظاهراً أبداء املناسك على وجهها‪ ،‬وِبطناً ِبإلخالص هلل تعاىل من غري ر ٍ‬
‫َيء وال مسعة‬
‫{أُح ِ‬
‫ص ْرُُْت} ‪ :‬اإلحصار ِف اللغة معناه‪ :‬املنع واْلبس‪ .‬قال الفراء‪ :‬العرب تقول للذي مينعه خوف أو‬ ‫ْ‬
‫ُحصر‪.‬‬
‫مرض من الوصول إىل ِتام حجه أو عمرته‪ :‬قد أ ْ‬
‫{اهلدي} ‪ :‬اهلدي يطلق على اْليوان الذي يسوقه اْلاج أو املعتمر هدية لهل اْلرم من غري ٍ‬
‫سبب‬ ‫ُ‬
‫موجب‪ ،‬وهذا ليس مراداً هنا‪ ،‬ويطلق على ما وجب على اْلاج أو املعتمر بسبب موجب كرتك‬
‫واجب أو فعل شيء حمظوراً‪ ،‬أو كاإلحصار والتمتع وهذا هو املراد ِف اآلية الكرمية‪.‬‬
‫اِ‬
‫{حملَّهُ} ‪ :‬احملل بكسر اْلاء املوضع الذي حيل به حنر اهلدي وهو اْلرم‪ ،‬أو مكان اإلحصار‪.‬‬

‫ك} ‪ :‬النسك‪ :‬مجع نسيكة وهي الذبيحة ينسكها العبد هلل تعاىل وأصل‬ ‫{نُس ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫{وأا ِراان امنااس اكناا} [البقرة‪ ]128 :‬أي متعبداتنا‪.‬‬
‫النسك العبادة ومنه قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫ث} ‪ :‬الرفث‪ :‬اإلفحاش للمرأة ِبلكالم وكل ما يتعلق بذكر اجلماع ودواعيه‪.‬‬ ‫{رفا ا‬
‫ا‬
‫وق} ‪ :‬الفسوق ِف اللغة‪ :‬اْلروج عن الشيء يقال‪ :‬فسقت الرطبة‪ :‬إذا خرجت من قشرها‪ ،‬وِف‬ ‫{فُ ُس ا‬
‫الشرع اْلروج عن طاعة هللا اعَّز او اج َّل‪ ،‬ومنه قوله تعاىل ِف حق إبليس { اكا ان ِم ان اجلن فا اف اس اق اع ْن أ ْام ِر‬
‫اربِِه} [الكهف‪.]50 :‬‬
‫ِ‬
‫{ج اد اال} ‪ :‬اجلدال‪ :‬اْلصام واملراء‪ ،‬ويكثر عادة بني الرفقة واْلدم ِف السفر‪.‬‬

‫{الزاد} ‪ :‬ما يتزود به اإلنسان من طعام وشراب لسفره‪ ،‬واملراد به التزود لآلخرة ِبلعمال الصاْلة‪.‬‬

‫اجلناح‪ :‬اْلرج واإلمث من اجلنوح وهو امليل عن القصد‪.‬‬


‫اح} ‪ُ :‬‬‫{جنا ٌ‬
‫ُ‬

‫{أافا ْ‬
‫ضتُم} ‪ :‬أي اندفعتم من عرفات بكثرة تشبيهاً بفيض املاء‪ .‬يقال فاض اإلانء إذا امتأل حىت‬
‫ينصب على نواحيه‪.‬‬
‫{عرفات} ‪ :‬اسم علم للموقف الذي يقف فيه اْلجاج‪ ،‬مسيت تلك البقعة عرفات لن الناس‬
‫يتعارفون هبا‪ ،‬وهي اسم ِف لفظ اجلمع (كأذرعات) فال جتمع‪.‬‬

‫(م ْشعراً) لنه ام ْعلم للعبادة‪ ،‬ووصف‬


‫{املشعر اْلرام} ‪ :‬هو جبل املزدلفة يقف عليه اإلمام‪ ،‬ومسي ا‬
‫ِبْلرام ْلرمته‪.‬‬
‫(مْن اسك) الذي هو املصدر مبنزلة النسك‪ ،‬أي إذا قضيتم عباداتكم اليت‬ ‫َّ ِ‬
‫{منااس اك ُك ْم} ‪ :‬املناسك مجع ا‬
‫(مْن اسك) الذي هو موضع العبادة كان التقدير‪ :‬فإذا قضيتم‬ ‫أمرُت هبا ِف اْلج‪ ،‬وإن جعلتها مجع ا‬
‫أعمال مناسككم فيكون من ِبب حذف املضاف‪.‬‬
‫{خالا ٍق} ‪ :‬أي نصيب وقد تقدم‪ ،‬ومعىن اآلية‪ :‬ليس له ِف اآلخرة نصيب من رْحة هللا‪.‬‬ ‫ا‬
‫معىن اآلايت‪:‬‬
‫أمر هللا املؤمنني ِبِتام اْلج والعمرة‪ ،‬وأداء املناسك على الوجه الكمل ابتغاء وجه هللا‪ ،‬فإذا‬
‫ُمنع احملرم من إِتام النسك بسبب عد ٍو أو مرض‪ ،‬وأراد أن يتحلل فعليه أن يذبح ما تيسر له من‬
‫بدنة‪ ،‬أو بقرة‪ ،‬أو شاة‪ ،‬وهنى تعاىل عن اْللق والتحلل قبل بلوغ اهلدي املكان الذي حيل ذحبه فيه‪،‬‬
‫أما من كان مريضاً أو به أذى ِف رأسه فإنه حيلق وعليه فدية‪ ،‬إما صيام ثالثة أَيم‪ ،‬أو يذبح شاة‪ ،‬أو‬
‫صاع من طعام فمن اعتمر ِف أشهر اْلج واستمتع‬ ‫يتصدق على ستة مساكني‪ ،‬لكن مسكني فدية‪ٍ ،‬‬
‫مبا يستمتع به غري احملرم من الطيب والنساء وغريها فعليه ما استيسر من اهلدي شكر هللا تعاىل‪ ،‬فمن‬
‫مل جيد اهلدي فعليه صيام عشرة أَيم‪ ،‬ثالثة حني حيرم ِبْلج وسبعة إذا رجع إىل وطنه‪ .‬ذلك التمتع‬
‫خاص بغري أهل اْلرم‪ ،‬أما أهل اْلرم فليس هلم ِتتع وليس عليهم هدي‪.‬‬
‫مث بني تعاىل أشهر اْلج وهي (شوال‪ ،‬وذو القعدة‪ ،‬وعشر من ذي اْلجة) وأمر من ألزم‬
‫نفسه اْلج ِبلتجرد عن عاداته‪ ،‬وعن التمتع بنعيم الدنيا‪ ،‬لنه مقبل على هللا‪ ،‬قاصد لرضاه‪ ،‬فعليه أن‬
‫يرتك النساء واالستمتاع هبن‪ ،‬وأن يرتك املعاصي والنزاع واجلدال مع الناس‪ ،‬وأن يتزود من العمال‬
‫الصاْلة اليت تقربه من هللا‪.‬‬
‫مث أِبن تعاىل أن الكسب ِف أَيم اْلج غري حمظور‪ ،‬وأن التجارة الدنيوية ال تناِف العبادة‬
‫الدينية‪ ،‬وقد كان الناس يتأمثون من كل عمل دنيوي أَيم اْلج‪ ،‬فأعلمهم هللا أن الكسب فضل من‬
‫هللا ال جناح فيه مع اإلخالص مث أمر تعاىل الناس بعد الدفع من عرفات‪ ،‬أن يذكروا هللا عند املشعر‬
‫اْلرام‪ِ ،‬بلدعاء والتكبري والتلبية‪ ،‬ون يشكروه على نعمة اإلميان‪ ،‬فإذا فرغوا من مناسك اْلج‪،‬‬
‫فليكثروا ذكر هللا وليبالغوا فيه كما كانوا يفعلون بذكر آِبئهم ومفاخرهم‪ .‬روي عن ابن عباس أنه قال‪:‬‬
‫«كان أهل اجلاهلية يقفون ِف املوسم‪ ،‬يتفاخرون مبآثر آِبئهم‪ ،‬يقول الرجل منهم‪ :‬كان أِب يُطعم‪،‬‬
‫ضي تُم َّمنا ِ‬
‫اس اك ُك ْم‬ ‫ِ‬
‫ذكر غري فعال آِبئهم فأنزل هللا {فاإ اذا قا ا ْ ْ‬
‫وحيمل اْلماالت‪ ،‬وحيمل الدَيت‪ ،‬ليس هلم ٌ‬
‫اش َّد ِذ ْكراً} ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فاذكروا هللا اكذ ْك ِرُك ْم ا‬
‫آآبءا ُك ْم أ ْاو أ ا‬
‫سبب النزول‪:‬‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما والقمل يتناثر‬
‫صلَّى َّ‬
‫لت إىل النيب ا‬ ‫«ْح ُ‬ ‫اَّللُ اعْنه قال‪ُ :‬‬ ‫أوالً‪ :‬عن كعب بن عُجرة ار ِض اي َّ‬
‫كنت أرى أن اجلهد بلغ بك هذا!! أما جتد شاة؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬صم ثالثة‬ ‫على وجهي‪ ،‬فقال‪ :‬ما ُ‬
‫أَيم‪ ،‬أو أطعم ستة مساكني‪ ،‬لكل مساكني نصف صاع من طعام واحلق رأسك» فنزلت {فا امن اكا ان‬
‫ِمن ُكم َّم ِريضاً أ ْاو بِِه أا ًذى ِمن َّرأْ ِس ِه} قال فنزلت ِف خاصة وهي لكم عامة‪.‬‬
‫اَّللُ اعْنهما قال‪( :‬كان أهل اليمن حيجون وال يتزودن‪ ،‬ويقولون‪ :‬حنو‬ ‫اثنياً‪ :‬عن ابن عباس ار ِض اي َّ‬
‫{وتا ازَّوُدواْ فاِإ َّن اخ ْ اري الزاد التقوى} ‪.‬‬
‫املتوكلون فيسألون الناس‪ ،‬فأنزل هللا تعاىل ا‬
‫اَّللُ اعْنها قالت‪« :‬كانت قريش ومن دان دينها يقفون ِبملزدلفة‪ ،‬وكانوا‬ ‫اثلثاً‪ :‬عن عائشة ار ِض اي َّ‬
‫يسمون اْلس‪ ،‬وسائر العرب يقفون بعرفات‪ »،‬فلما جاء اإلسالم أمر هللا نبيه أن أييت عرفات مث‬
‫يقف هبا يفيض منها فذلك قوله‪ِ ُ :‬‬
‫ث أافا ا‬
‫اض الناس} ‪.‬‬ ‫يضواْ ِم ْن احْي ُ‬ ‫{مثَّ أاف ُ‬
‫وِف رواية كانوا يقولون‪« :‬حنن أهل هللا وقطان حرمه فال خنرج منه وال نفيض إال من اْلرم»‪.‬‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬

‫{وأاِِتُّواْ اْلج والعمرة ََّّللِ} احتج هبذه اآلية الشافعية واْلنابلة إىل أن العمرة واجبة‬
‫‪ .1‬قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫حيث أمرت اآلية ِبإلِتام وهو فعل الشيء واإلتيان به كامالً اتماً فدل على الوجوب‪ .‬وخالفهم‬
‫اْلنفية واملالكية وقالوا بعدم الوجوب واستدلوا هبذه الدلة‪ :‬أوالً‪ :‬عدم ذكر العمرة ِف اآلَيت اليت‬
‫{و ََّّللِ اعلاى الناس ِح ُّج البيت} [آل عمران‪ ]97 :‬وقوله جل‬‫دلت على فريضة اْلج مثل قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫{وأ ِاذن ِِف الناس ِبْلج ‪[ } ...‬اْلج‪ ]27 :‬اآلية‪ .‬اثنياً‪ :‬قالوا إن الحاديث الصحيحة اليت‬ ‫ثناؤه‪ :‬ا‬
‫بينت قواعد اإلسالم مل يرد فيها ذكر العمرة‪ ،‬فدل ذلك على أن العمرة ليست بفريضة‪ ،‬وأهنا َتتلف‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه‬
‫صلَّى َّ‬
‫ِف اْلكم عن اْلج‪ .‬اثلثاً‪ :‬ما روي عن جابر بن عبد هللا «أن رجالً سأل رسول هللا ا‬
‫او اسلَّما عن العمرة أواجبة هي؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬وأن تعتمروا خري لكم»‪.‬‬
‫ص ْرُُْت} ما يعم املرض والعدو وإليه ذهب أبو حنيفة‪ ،‬وهو املوافق ليسر‬ ‫‪ .2‬ظاهر اآلية {فاِإ ْن أُح ِ‬
‫ْ‬
‫اإلسالم ومساحته فإن املريض الذي يشتد مرضه كيف ميكنه إِتام املناسك‪ ،‬والشخص الذي تضل‬
‫راحلته أو تضيع نقوده كيف يستطيع متابعة السفر مع أنه مل يعد ميلك نفقة وال زاداً‪.‬‬
‫‪ .3‬اآلية الكرمية صرحية ِف أن على (احملصر) أن يذبح اهلدي لقوله تعاىل‪{ :‬فاِإ ْن أُح ِ‬
‫ص ْرُُْت فا اما استيسر‬ ‫ْ‬
‫ِم ان اهلدي} وأقله شاة‪ ،‬والفضل بقرة أو بدنة‪ ،‬وإمنا جتزئ الشاة لقوله تعاىل‪{ :‬فا اما استيسر} وهذا‬
‫رأي مجهور الفقهاء‪ .‬وأما املكان‪ :‬الذي يذبح فيه هدي اإلحصار فقد اختلف العلماء فيه‪ ،‬فقال‬
‫اجلمهور (الشافعي ومالك وأْحد)‪ :‬هو موضع اْلصر‪ ،‬سواءً كان حالً أو حرماً‪ .‬وقال أبو حنيفة‪ :‬ال‬
‫{مثَّ اِحملُّ اهآ إىل البيت العتيق} [اْلج‪ .]33 :‬والراجح رأي اجلمهور‬ ‫ينحره إال ِف اْلرم لقوله تعاىل‪ُ :‬‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما حيث أحصر ِبْلديبية وحنر هبا وهي ليست من اْلرم‪ ،‬فدل‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫اقتداءً برسول هللا ا‬
‫{مثَّ اِحملُّ اهآ إىل البيت العتيق}‬‫حرم أو حل‪ .‬وأما قوله تعاىل‪ُ :‬‬ ‫على أن احملصر ينحر حيث حيل ِف ٍ‬
‫[اْلج‪ ]33 :‬فذلك ‪ -‬كما يقول الشوكاين ‪ِ -‬ف اآلمن الذي ميكنه الوصول إىل البيت وهللا تعاىل‬
‫أعلم‪.‬‬
‫َّع ِبلعمرة إِ اىل اْلج فا اما استيسر ِم ان اهلدي} على وجوب دم اهلدي‬ ‫‪ .4‬دل قوله تعاىل‪{ :‬فا امن ِتاات ا‬
‫على املتمتع‪ ،‬فإذا مل جيد الدم ‪ -‬إما لعدم املال‪ ،‬أو لعدم اْليوان ‪ -‬صام ثالثة أَيم ِف اْلج‪ ،‬وسبعة‬
‫صيا ُام ثاالثاِة أ َّاَيٍم‬
‫أَيم إذا رجع إىل أهله‪ .‬وقد اختلف الفقهاء ِف وقت هذا الصيام ِف قوله تعاىل‪{ :‬فا ِ‬
‫ِِف اْلج ‪ } ...‬اآلية‪ .‬فقال أبو حنيفة‪ :‬املراد ِف أشهر اْلج وهو ما بني اإلحرامني (إحرام العمرة) و‬
‫بعد ِبْلج‪ ،‬والفضل أن يصوم يوم‬ ‫(إحرام اْلج) فإذا انتهى من عمرته حل له الصيام وإن مل حيرم ُ‬
‫الرتوية‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ويوماً قبلهما يعين (السابع‪ ،‬والثامن‪ ،‬والتاسع) من ذي اْلجة‪ .‬وقال الشافعي‪ :‬ال‬
‫{ِف اْلج} وهي من عند شروعه ِف اإلحرام إىل‬ ‫يصح صومه إال بعد اإلحرام ِف اْلج لقوله تعاىل‪ِ :‬‬
‫يوم النحر‪ ،‬والصح أهنا ال جتوز يوم النحر‪ ،‬وال أَيم التشريق‪ ،‬واملستحب أن تكون ِف العشر من ذي‬
‫اْلجة قبل يوم عرفة‪ .‬ويرى بعض العلماء أن من مل يصم هذه الَيم قبل العيد‪ ،‬فله أن يصومها ِف‬
‫ص ْمن إال ملن‬ ‫أَيم التشريق‪ ،‬لقول عائشة وابن عمر ار ِض اي َّ‬
‫اَّللُ اعْنهما «مل يرخص ِف أَيم التشريق أن يُ ا‬
‫ال جيد اهلدي» ‪ .‬ومنشأ اْلالف بني (اْلنفية) و (الشافعية) هو اختالفهم ِف تفسري قوله تعاىل‪:‬‬
‫بكل قال بعض‬ ‫{ثاالثاِة أ َّاَيٍم ِِف اْلج} فاْلنفية قالوا ِف أشهر اْلج‪ ،‬والشافعية قالوا‪ِ :‬ف إحرام اْلج‪ ،‬و ٍ‬
‫الصحابة والتابعني‪ .‬وأما السبعة أَيم فقد اختلف الفقهاء أيضا ِف وقت صيامها‪ .‬فقال الشافعية‪:‬‬
‫{و اسْب اع ٍة إِ اذا ار اج ْعتُ ْم} ‪ .‬وقال أْحد بن حنبل‪:‬‬
‫وقت صيامها الرجوع إىل الهل والوطن لقوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫جيزيه أن يصوم ِف الطريق وال يشرتط أن يصل إىل أهله ووطنه‪ .‬وقال أبو حنيفة‪ :‬املراد من الرجوع‬
‫اَّللُ‪ .‬قال الشوكاين‪ :‬والول أرجح فقد ثبت ِف‬ ‫الفراغ من أعمال اْلج وهو مذهب مالك ارِْحاهُ َّ‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما قال‪« :‬فمن مل جيد فصيام ثالثة أَيم ِف‬ ‫صلَّى َّ‬
‫«الصحيح» من حديث ابن عمر أنه ا‬
‫ٍ‬
‫(وسبعة إذا‬ ‫اْلج‪ ،‬وسبعة إذا رجع إىل أهله»‪ .‬وثبت أيضاً ِف الصحيح من حديث ابن عباس بلفظ‬
‫رجعتم إىل أمصاركم)‪.‬‬
‫‪ .5‬ذكر العلماء مخسة شروط لوجوب دم التمتع‪ ،‬الول‪ :‬تقدمي العمرة على اْلج‪ ،‬فلو حج مث اعتمر‬
‫ال يكون متمتعاً‪ .‬الثاين‪ :‬أن حيرم ِبلعمرة ِف أشهر اْلج‪ .‬الثالث‪ :‬أن حيج ِف تلك السنة لقوله تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬
‫َّع ِبلعمرة إِ اىل اْلج}‪ .‬الرابع‪ :‬أال يكون من أهل مكة لقوله تعاىل‪{ :‬ذلك ل امن َّملْ يا ُك ْن أ ْاهلُهُ‬
‫{فا امن ِتاات ا‬
‫اض ِري املسجد اْلرام}‪ .‬اْلامس‪ :‬أن حيرم ِبْلج من مكة‪ ،‬فإن عاد إىل امليقات فأحرم ِبْلج ال‬ ‫ح ِ‬
‫ا‬
‫يلزمه دم التمتع‪.‬‬
‫اض ِري املسجد‬ ‫‪ .6‬اختلف الفقهاء ِف إعادة الضمري ِف قوله تعاىل‪{ :‬ذلك لِمن َّمل ي ُكن أ ْاهلُه ح ِ‬
‫ا ْا ْ ُ ا‬
‫اْلرام} قذهب أبو حنيفة أبهنا إشارة إىل التمتع‪ ،‬والتقدير‪ :‬ذلك التمتع ملن مل يكن أهله حاضري‬
‫املسجد اْلرام‪ ،‬فأهل اْلرم ال ِتتُّع هلم‪ .‬وذهب اجلمهور ‪-‬مالك والشافعي وأْحد‪ -‬أبن اإلشارة تعود‬
‫إىل أقرب املذكور‪ ،‬وأقرب املذكور هنا وجوب اهلدي أو الصيام على املتمتع‪ ،‬فأهل اْلرم جيوز عليهم‬
‫أن يتمتع بدون كراهة وليس عليه هدي وال صيام‪ .‬واختلفوا كذالك ِف املراد من قوله تعاىل‪{ :‬ح ِ‬
‫اض ِري‬ ‫ا‬
‫املسجد اْلرام}‪ ،‬واختار الشافعي‪ :‬من كان أهله على أقل مسافة تقصر فيها الصالة‪ ،‬وهو اختياء ابن جرير‪.‬‬
‫‪ .7‬ذهب اجلمهور ‪ -‬مالك والشافعي وأْحد‪ -‬أبن املراد أبشهر اْلج ِف قوله تعاىل‪{ :‬اْلج أا ْش ُهٌر‬
‫ات} هي‪ :‬شوال‪ ،‬وذو القعدة‪ ،‬وعشر من ذي اْلجة وهو قول ابن عباس‪ ،‬والسدي‪،‬‬ ‫وم ٌ‬
‫َّم ْعلُ ا‬
‫والشعيب‪ ،‬والنخعي‪ .‬وأما وقت العمرة فجميع السنة‪ .‬وهلذا أن من أحرم ِبْلج قبل أشهر اْلج مل ُجيزئه‬
‫ذلك ويكون عمرة‪ ،‬كمن دخل ِف صالة قبل وقتها فإنه ال جتزيه وتكون انفلة‪.‬‬
‫‪ .8‬حظ ر الشارع على احملرم أشياء كثرية‪ ،‬منها ما ثبت ِبلكتاب‪ ،‬ومنها ما ثبت ِبلسنة‪ ،‬وحنن نذكرها‬
‫ِبإلمجال فيما يلي‪ :‬أوالً‪ :‬اجلماع ودواعيه‪ ،‬كالتقبيل‪ ،‬واللمس بشهوة‪ ،‬واإلفحاش ِبلكالم‪ ،‬واْلديث‬
‫مع املرأة الذي يتعلق ِبلوطء أو مقدماته‪ .‬اثنياً‪ :‬اكتساب السيئات‪ ،‬واقرتاف املعاصي‪ ،‬اليت َترج‬
‫اإلنسان عن طاعة هللا اعَّز او اج َّل‪ .‬اثلثاً‪ :‬املخاصمة واجملادلة مع الرفقاء واْلدم وغريهم‪ .‬والصل ِف‬
‫وق اوالا ِج اد اال ِِف اْلج}‬ ‫حترمي هذه الشياء قوله تعاىل‪{ :‬فامن فار ِ‬
‫ض في ِه َّن اْلج فاالا ارفا ا‬
‫ث اوالا فُ ُس ا‬ ‫ا ا ا‬
‫وهذه كلها بنص اآلية الكرمية‪ .‬روى البخاري ِف «صحيحه» عن أِب هريرة ار ِض اي َّ‬
‫اَّللُ اعْنه أن النيب‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما قال‪« :‬من حج فلم يرفث‪ ،‬ومل يفسق‪ ،‬رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»‪ .‬وقد‬ ‫صلَّى َّ‬
‫ا‬
‫ثبت ِبلسنة بعض احملرمات كالتطيب‪ ،‬ولبس املخيط‪ ،‬وتقليم الظافر‪ ،‬وقص الشعر أو حلقه‪،‬‬
‫وانتقاب املرأة‪ ،‬ولبسها القفازين إىل أخر ما هنالك من حمرمات وهذه تعرف من كتب الفروع‪.‬‬
‫‪ .9‬رأى مجهور العلماء أن وقت الوقوف يبتدئ من زوال اليوم التاسع إىل طلوع فجر اليوم العاشر‪،‬‬
‫وأنه يكفي الوقوف ِف أي جزء من هذا الوقت ليالً أو هناراً‪ ،‬إال أنه إذا وقف ِبلنهار وجب عليه مد‬
‫اَّللُ أنه إذا أفاض أي انصرف قبل‬ ‫الوقوف إىل ما بعد الغروب‪ ،‬وقد ُروي عن اإلمام مالك ارِْحاهُ َّ‬
‫غروب الشمس مل يصح حجه وعليه حج قابل‪ ،‬وقال الشافعي وأْحد وأبو حنيفة عليه دم‪ .‬هذا إذا‬
‫وقف ِبلنهار‪ ،‬أما إذا وقف ِبلليل فال جيب عليه شيء‪.‬‬

‫‪((-‬حترمي اخلمر وامليسر))‪-‬‬


‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ك‬ ‫اْلا ْم ِر اوالْ امْي ِس ِر قُ ْل فِي ِه اما إِ ْمثٌ اكبِريٌ اوامناافِ ُع لِلن ِ‬
‫َّاس اوإِْمثُُه اما أا ْك اربُ ِم ْن نا ْفعِ ِه اما اويا ْسأالُونا ا‬ ‫ك اع ِن ْ‬ ‫يا ْسأالُونا ا‬
‫اَّللُ لا ُك ُم ْاآل اَي ِت لا اعلَّ ُك ْم تاتا اف َّك ُرو ان (‪)219‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َّ‬ ‫ك يُباِ ُ‬
‫اما اذا يُْنف ُقو ان قُ ِل الْ اع ْف او اك اذل ا‬
‫شرح املفردات‪:‬‬
‫{اْلمر} ‪ :‬املسكر من عصري العنب وغريه‪ ،‬وهي مأخوذة من امخار الشيء إذا سرته وغطاه‪ ،‬مسيت‬
‫رت اإلانء أي غطيته‪.‬‬ ‫مخراً لهنا تسرت العقل وتغطيه‪ ،‬ومنه قوهلم‪ :‬مخ ُ‬
‫{العفو} ‪ :‬الفضل والزَيدة على اْلاجة‪ .‬واملعىن‪ :‬أنفقوا ما فضل عن حوائجكم ومل ُجتهدوا فيه‬
‫أنفسكم‪.‬‬
‫سبب النزول‬
‫روى اإلمام أْحد وأبو داود والرتمذي عن عمر بن اْلطاب أنه قال‪ :‬اللهم بني لنا ِف اْلمر بياانً‬
‫ك اع ِن اْلمر وامليسر} فُدعي عمر‬ ‫شافياً‪ ،‬فإهنا تذهب ِبملال والعقل‪ ،‬فنزلت هذه اآلية {يا ْسأالُونا ا‬
‫{َي أايُّ اها‬
‫فقرئت عليه فقال‪ :‬اللهم بني لنا ِف اْلمر بياانً شافياً‪ ،‬فنزلت اآلية ِف سورة النساء [‪ ]43‬ا‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما إذا أقام‬
‫صلَّى َّ‬
‫الذين اآمنُواْ الا تا ْقاربُواْ الصالوة اوأانْتُ ْم سكارى} فكان منادي رسول هللا ا‬
‫الصالة اندى‪ :‬أن ال يقربن الصالة سكران‪ ،‬فدعي عمر فقرئت عليه فقال‪ :‬اللهم بني لنا ِف اْلمر‬
‫بياانً شافياً فنزلت ِف املائدة‪ ،‬فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ {فا اه ْل أانْتُ ْم ُّمنتا ُهو ان} [املائدة‪]91 :‬‬
‫قال عمر‪ :‬انتهينا‪ ،‬انتهينا‪.‬‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬

‫اْلا ْم ِر اوالْ امْي ِس ِر قُ ْل فِي ِه اما إِ ْمثٌ اكبِريٌ} قال القرطيب‪ِ :‬ف هذه اآلية ذم‬
‫ك اع ِن ْ‬
‫‪ .1‬قوله تعاىل‪{ :‬يا ْسأالُونا ا‬
‫اْلمر‪ ،‬وأما التحرمي فيعلم آبية أخرى هي آية املائدة [‪َ{ ]90‬يأيها الذين اآمنُواْ إَِّمناا اْلمر وامليسر‬
‫س ِم ْن اع ام ِل الشيطان فاجتنبوه} وعلى هذا أكثر املفسرين‪.‬‬ ‫ِ‬
‫والنصاب والزالم ر ْج ٌ‬
‫‪ .2‬اختلف الفقهاء ِف حتديد معىن اْلمر‪ ،‬فذهب اجلمهور (مالك والشافعي وأْحد) إىل أن اْلمر‬
‫اسم لكل شراب مسكر‪ ،‬سواءً كان من عصري العنب‪ ،‬أو التمر‪ ،‬أو الشعري أو غريه‪ ،‬وهو مذهب‬
‫مجهور احملدثني وأهل اْلجاز‪ .‬قال اللوسي‪ :‬وعندي أن اْلق الذي ال ينبغي العدول عنه‪ ،‬أن‬
‫الشراب املتخذ مما عدا العنب كيف كان‪ ،‬وأبي اسم مسي‪ ،‬مىت كان حبيث يُسكر حرام‪ ،‬وقليله‬
‫ككثريه‪ ،‬وحيد شاربه‪ ،‬ويقع طالقه‪ ،‬وجناسته غليظة‪.‬‬
‫ات النخيل والعناب‬ ‫‪ .3‬أنزل هللا تعاىل ِف اْلمر أربع آَيت‪ ،‬نزل مبكة قوله تعاىل‪{ :‬وِمن امثار ِ‬
‫ا ا‬
‫َّخ ُذو ان ِمْنهُ اس اكراً اوِرْزقاً اح اسناً} [النحل‪ ]67 :‬فكان املسلمون يشربوهنا ِف أول اإلسالم وهي هلم‬ ‫تات ِ‬
‫ك اع ِن اْلمر وامليسر قُ ْل فِي ِه امآ إِ ْمثٌ اكبِريٌ ومنافع لِلن ِ‬
‫َّاس}‬ ‫حالل‪ ،‬مث نزل ِبملدينة قوله تعاىل‪{ :‬يا ْسأالُونا ا‬
‫َّاس} مث إن (عبد الرْحن بن‬ ‫فرتكها قوم لقوله‪{ :‬قُ ْل فِي ِه امآ إِ ْمثٌ اكبِريٌ} وشرهبا قوم لقوله‪{ :‬ومنافع لِلن ِ‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما فأطعمهم وسقاهم‬ ‫صلَّى َّ‬
‫عوف) صنع طعاماً ودعا إليه انساً من أصحاب رسول هللا ا‬
‫اْلمر‪ ،‬وحضرت صالة املغرب فقدموا أحدهم ليصلي هبم فقرأ (قل َي أيها الكافرون‪ .‬أعبد ما‬
‫{َي أايُّ اها الذين اآمنُواْ الا تا ْقاربُواْ الصالوة اوأانْتُ ْم سكارى حىت‬‫تعبدون) حبذف (ال) فنزل قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫تا ْعلا ُمواْ اما تا ُقولُو ان} [النساء‪ ]43 :‬فحرم هللا السكر ِف أوقات الصالة‪ ،‬فكان الرجل يشرهبا بعد‬
‫صالة العشاء فيصبح وقد زال سكره‪ ،‬مث إن (عتبان بن مالك) صنع طعاماً ودعا إليه رجاالً من‬
‫املسلمني فيهم (سعد بن أِب وقاص) وكان قد شوى هلم رأس بعري‪ ،‬فأكلوا وشربوا اْلمر حىت أخذت‬
‫منهم‪ ،‬فافتخروا عند ذلك وتناشدوا الشعار‪ ،‬فأنشد بعضهم قصيدة فيها فخر قومه وهجاء النصار‪،‬‬
‫صلَّى‬
‫فأخذ رجل من النصار ْلي بعري فضرب به رأس (سعد) فشجه‪ ،‬فانطلق سعد إىل رسول هللا ا‬
‫س ‪} ...‬‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫َّ ِ َّ‬
‫اَّللُ اعلاْيه او اسلما وشكا إليه النصاري فأنزل هللا {إمناا اْلمر وامليسر والنصاب والزالم ر ْج ٌ‬
‫إىل قوله‪{ :‬فا اه ْل أانْتُ ْم ُّمنتا ُهو ان} [املائدة‪ ]91 - 90 :‬؟ فقال عمر‪ :‬انتهينا ربنا انتهينا»‪.‬‬
‫‪ .4‬قوله تعاىل‪ { :‬اوامناافِ ُع لِلن ِ‬
‫َّاس} قال القرطيب‪ :‬أما املنافع ِف اْلمر فربح التجارة‪ ،‬فإهنم كانوا جيلبوهنا‬
‫من الشام برخص‪ ،‬فيبيعوهنا ِف اْلجاز بربح‪ ،‬وكانوا ال يرون املماكسة فيها‪ ،‬فيشرتي طالب اْلمر‬
‫اْلمر ِبلثمن الغاِل‪ ،‬هذا أصح ما قيل ِف منافعها»‪.‬‬
‫‪ .5‬أمثن وأغلى شيء ِف اإلنسان عقله‪ ،‬فإذا فقد اإلنسان العقل أصبح كاْليوان‪ ،‬وهلذا حرم هللا‬
‫اْلمر ومسيت ب (أم اْلبائث) لهناسبب ِف كل قبيح‪ .‬روى النسائي عن عثمان ار ِض اي َّ‬
‫اَّللُ اعْنه أنه‬
‫قال‪« :‬اجتنبوا اْلمر فإهنا أم اْلبائث‪ ،‬إنه كان رجل ممن كان قبلكم متعبد فعلقته امرأة غوية‪،‬‬
‫فأرسلت إليه جاريتها فقالت له‪ :‬إان ندعوك للشهادة‪ ،‬فانطلق مع جاريتها‪ ،‬فطفقت كلما دخل ِبِبً‬
‫أغلقته دونه‪ ،‬حىت أفضى إىل امرأة وضيئة عندها غالم وِبطيةُ مخر‪ ،‬فقالت‪ :‬إين وهللا ما دعوتك‬
‫للشهادة‪ ،‬ولكن دعوتك لتقع علي‪ ،‬أو تشرب من هذه اْلمر كأساً‪ ،‬أو تقتل هذا الغالم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فاسقيين من هذه اْلمر كأساً‪ ،‬فسقته كأساً قال‪ :‬زيدوين فزادوه‪ ،‬فلم يربح حىت وقع عليها‪ ،‬وقتل‬
‫أحدمها‬
‫النفس‪ ،‬فاجتنبوا اْلمر فإنه وهللا ال جيتمع اإلميان وإدمان اْلمر‪ ،‬إال يوشك أن ُُيْرج ُ‬
‫صاحبه» ‪.‬‬

‫‪((-‬نكاح املشركات))‪-‬‬
‫قال تعاىل‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اوال تا ْنك ُحوا الْ ُم ْش ِركات اح َّىت يُ ْؤم َّن اوال اامةٌ ُم ْؤمناةٌ اخ ْريٌ م ْن ُم ْش ِراكة اولا ْو أ ْاع اجبا ْت ُك ْم اوال تُْنك ُحوا الْ ُم ْش ِرك ا‬
‫ني‬
‫اجلان َِّة‬
‫اَّللُ يا ْدعُوا إِ اىل ْ‬
‫ك يا ْدعُو ان إِ اىل النَّا ِر او َّ‬‫اح َّىت يُ ْؤِمنُوا اولا اعْب ٌد ُم ْؤِم ٌن اخ ْريٌ ِم ْن ُم ْش ِرٍك اولا ْو أ ْاع اجبا ُك ْم أُولئِ ا‬
‫ني آَيتِِه لِلن ِ‬
‫َّاس لا اعلَّ ُه ْم ياتا اذ َّك ُرو ان (‪)221‬‬ ‫ِ ِِ‬
‫اوالْ ام ْغفارةِ ِبِِ ْذنه اويُباِ ُ‬
‫شرح املفردات‪:‬‬
‫{ اوال تا ْن ِك ُحواْ املشركات} ‪ :‬أي ال تتزوجوا الوثنيات‪ ،‬واملشركة هي اليت تعبد الواثن‪ ،‬وليس هلا دين‬
‫مساوي ومثلها املشرك‪ ،‬وقيل‪ :‬إهنا تعم الكتابيات أيضاً لن أهل الكتاب مشركون لقوله تعاىل‪:‬‬
‫{سْب احاناهُ اع َّما يُ ْش ِرُكو ان}‬ ‫{وقاالا ِ‬
‫ت النصارى املسيح ابن هللا} إىل قوله‪ُ :‬‬
‫ت اليهود عُازيٌْر ابن هللا اوقاالا ْ‬ ‫ا‬
‫[التوبة‪.]31 - 30 :‬‬
‫{ول اامةٌ ُّم ْؤِمناةٌ} ‪ :‬المة‪ :‬اململوكة مبلك اليمني وهي تقابل اْلرة‪ ،‬وأصلها (أمو) حذفت على غري‬ ‫ا‬
‫{وأانْ ِك ُحواْ الَيمى ِمْن ُك ْم والصاْلني‬
‫قياس وعوض عنها هاء التأنيث‪ ،‬وجتمع على إماء قال تعاىل‪ :‬ا‬
‫ِم ْن ِعبا ِاد ُك ْم اوإِمائِ ُك ْم} [النور‪.]32 :‬‬
‫سبب النزول‬
‫أوالً‪ :‬روي أن هذه اآلية نزلت ِف مرثد من أِب مرثد الغنوي الذي كان حيمل السرى من مكة إىل‬
‫(عناقاً) فأتته وقالت‪ :‬أال َتلوا؟ فقال‪ :‬وحيك إن‬ ‫املدينة‪ ،‬وكانت له ِف اجلاهلية صلة ِبمرأة تسمى ا‬
‫صلَّى َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫اإلسالم قد حال بيننا‪ ،‬فقالت‪ :‬فهل لك أن تتزوج ِب؟ قال‪ :‬نعم ولكن أرجع إىل رسول هللا ا‬
‫اعلاْي ِه او اسلَّما فاستأمره فنزلت اآلية‪ .‬وتعقب السيوطي هذه الرواية وذكر أهنا ليست سبباً ِف نزول هذه‬
‫نك ُح إِالَّ ازانِياةً أ ْاو ُم ْش ِراكةً ‪[ } ...‬النور‪. ]3 :‬‬
‫اآلية‪ ،‬وإمنا هي سبب ِف نزول آية النور {الزاين الا ي ِ‬
‫ا‬
‫اآلية‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬وروي عن ابن عباس أن هذه اآلية نزلت ِف (عبد هللا بن رواحة) كانت له أمة سوداء‪ ،‬وأنه‬
‫صلَّى‬ ‫غضب عليها فلطمها‪ ،‬مث إنه فزع فأتى النيب صلَّى َّ ِ‬
‫اَّللُ اعلاْيه او اسلَّما فأخربه خربها فقال له النيب ا‬ ‫ا‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما ‪ :‬ما هي َي عبد هللا؟ فقال‪َ :‬ي رسول هللا‪ :‬هي تصوم وتصلي وحتسن الوضوء‪ ،‬وتشهد‬ ‫َّ‬
‫أن ال إله إال هللا وأنك رسوله‪ ،‬فقال َي عبد هللا‪ :‬هذه مؤمنة‪ ،‬فقال‪ :‬والذي بعثك ِبْلق لعتقنها‬
‫ولتزوجنها ففعل‪ ،‬فعابه انس من املسلمني وقالوا‪ :‬نكح أمة‪ ،‬وكانوا يرغبون ِف نكاح املشركات رغبة‬
‫ِف أحساهبن‪ ،‬فنزلت هذه اآلية‪.‬‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬
‫{والا تا ْن ِك ُحواْ املشركات حىت يُ ْؤِم َّن} دلت اآلية على حرمة نكاح اجملوسيات‬ ‫‪ .1‬قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫{وطا اع ُام الذين أُوتُواْ‬
‫والوثنيات‪ .‬وأما الكتابيات فيجوز نكاحهن لقوله تعاىل ِف سورة املائدة [‪ : ]5‬ا‬
‫الكتاب ِحلٌّ لَّ ُك ْم اوطا اع ُام ُك ْم ِحلٌّ َّهلُْم واحملصنات ِم ان املؤمنات واحملصنات ِم ان الذين أُوتُواْ الكتاب‪}...‬‬
‫اآلية أي العفيفات من أهل الكتاب‪ ،‬وهذا قول مجهور العلماء‪ ،‬وبه قال الئمة الربعة‪ .‬وذهب ابن‬
‫اَّللُ اعْنهما إىل حترمي نكاح الكتابيات‪ ،‬وكان إذا سئل عن نكاح الرجل النصرانية أو‬ ‫عمر ار ِض اي َّ‬
‫اليهودية قال‪« :‬حرم هللا تعاىل املشركات على املسلمني‪ ،‬وال أعرف شيئاً من اإلشراك أعظم من أن‬
‫يقول املرأة‪ :‬رهبا عيسى‪ ،‬أو عب ٌد من عباد هللا تعاىل»‪ .‬وإىل هذا ذهب اإلمامية‪ ،‬وبعض الزيدية‬
‫وجعلوا آية املائدة منسوخة هبذه اآلية نسخ اْلاص ِبلعام‪ .‬وقد رجح الطربي قول اجلمهور ورد القول‬
‫أبن اآلية منسوخة‪ ،‬قال رْحه هللا‪ :‬مل يُنسخ منها شيء‪ ،‬وأن نساء أهل الكتاب غري داخالت فيها‪،‬‬
‫وذلك أن هللا تعاىل أحل بقوله‪{ :‬واحملصنات ِم ان الذين أُوتُواْ الكتاب ِمن قاْبلِ ُك ْم} [املائدة‪]5 :‬‬
‫للمؤمنني من نكاح حمصناَتن مثل الذي أِبح هلم من نساء املؤمنات‪ ،‬وقد روي عن عمر أنه قال‪:‬‬
‫(املسلم يتزوج النصرانية‪ ،‬وال يتزوج النصراين املسلمة) وإمنا كره عمر لطلحة وحذيفة نكاح اليهودية‬
‫والنصرانية‪ ،‬حذراً من أن يقتدي هبما الناس ِف ذلك فزهدوا ِف املسلمات‪ ،‬أو لغري ذلك من املعاين‬
‫فأمرمها بتخليتهما»‪.‬‬
‫{والا تُْن ِك ُحواْ املشركني حىت يُ ْؤِمنُواْ} دلت اآلية على حرمة تزويج املشرك ِبملسلمة‪،‬‬
‫‪ .2‬قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫واملراد ِبملشرك هنا كل كافر ال يدين بدين اإلسالم‪ ،‬فيشمل الوثين‪ ،‬واجملوسي‪ ،‬واليهودي‪ ،‬والنصراين‪،‬‬
‫واملرتد عن اإلسالم فكل هؤالء حيرم تزوجيهم ِبملسلمة‪ ،‬وقد َّبني الباري جل وعال السبب بقوله‪:‬‬
‫{أولئك يا ْدعُو ان إِ اىل النار} أي يدعون إىل الكفر الذي هو سبب دخول انر جهنم‪ ،‬فالرجل له سلطة‬
‫ووالية على املرأة‪ ،‬فرمبا أجربها على ترك دينها وْحلها على أن تكفر ِبإلسالم‪ ،‬والوالد يتبعون الب‬
‫فإذا كان الب نصرانياً أو يهودَيً‪ .‬رِبهم على اليهودية أو النصرانية فيصري الولد من أهل النار‪.‬‬

‫‪((-‬إعتزال النساء يف احليض))‪-‬‬


‫قال تعاىل‪:‬‬
‫وه َّن اح َّىت ياطْ ُه ْر ان فاِإذا‬
‫يض اوال تا ْقاربُ ُ‬‫اعتا ِزلُوا النِساءا ِِف الْ ام ِح ِ‬ ‫اذى فا ْ‬‫يض قُ ْل ُه او أ ً‬ ‫ك اع ِن الْ ام ِح ِ‬ ‫اويا ْسئا لُونا ا‬
‫ث‬‫ين (‪ )222‬نِسا ُؤُك ْم اح ْر ٌ‬ ‫ِ‬
‫ب الْ ُمتاطاه ِر ا‬‫ني اوُِحي ُّ‬ ‫اَّللا ُِحي ُّ‬
‫ب الت ََّّوابِ ا‬ ‫اَّللُ إِ َّن َّ‬
‫ث أ اامارُك ُم َّ‬ ‫وه َّن ِم ْن احْي ُ‬ ‫تاطا َّه ْر ان فاأْتُ ُ‬
‫ني (‪)223‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اىن ِشْئ تُ ْم اوقا ِد ُموا ِلانْ ُف ِس ُك ْم اواتَّ ُقوا َّ‬
‫اَّللا او ْاعلا ُموا أانَّ ُك ْم ُمالقُوهُ اوباش ِر الْ ُم ْؤمن ا‬ ‫لا ُك ْم فاأْتُوا اح ْرثا ُك ْم أ َّ‬
‫شرح املفردات‪:‬‬
‫{احمليض} ‪ :‬مصدر ميمي مبعىن اْليض‪ ،‬وأصل اْليض‪ :‬السيالن‪ ،‬يقال‪ :‬حاض السيل وفاض أي‬
‫سال منه املاء‪ ،‬قال الزهري‪ :‬ومنه قيل للحوض حوض‪ ،‬لن املاء حييض إليه أي يسيل‪.‬‬
‫{أا ًذى} ‪ :‬قال عطاء‪ :‬أذى‪ :‬أي قذر‪ .‬قال الطربي‪ :‬ومسي اْليض أذى لننت رحيه وقذره وجناسته‪.‬‬
‫{وأ ْاعتا ِزلُ ُك ْم اواما تا ْدعُو ان‬
‫{فاعتزلوا} ‪ :‬االعتزال التنحي عن الشيء واالجتناب له‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫ون هللا} [مرمي‪ ]48 :‬واملر ُاد ِبعتزال النساء اجتناب جمامعتهن‪ ،‬ال ترك اجملالسة أو املالمسة فإن‬ ‫ِمن ُد ِ‬
‫ذلك جائز‪.‬‬
‫{ياطْ ُه ْر ان} ‪ِ :‬بلتخفيف أي ينقطع عنهم دم اْليض‪ ،‬وِبلتشديد (ياط اه ْرن) مبعىن يغتسلن‪.‬‬
‫ث} ‪ :‬قال الراغب‪ :‬اْلرث إلقاء البذر ِف الرض وَتيؤها للزرع‪ ،‬ويسمى احملروث حراث‪ ،‬واملراد‬ ‫{ح ْر ٌ‬‫ا‬
‫به ِف اآلية مزرع ومنبت الولد‪.‬‬

‫{أىن ِشْئ تُم} ‪ :‬أي كيف شئتم أو على أي ٍ‬


‫وجه شئتم مقبلة‪ ،‬أو مدبرة‪ ،‬أو قائمة‪ ،‬أو مضجعة بعد‬ ‫ْ‬
‫أن يكون املأيت ِف موضع اْلرث‪.‬‬

‫{وقا ِد ُمواْ لانْ ُف ِس ُك ْم} ‪ :‬أي قدموا اْلري والصاحل من العمال‪ ،‬لتكون زاداً لكم إىل اآلخرة‪.‬‬
‫ا‬
‫{واتقوا هللا} ‪ :‬أي خافوا عذابه ِبمتثال أوامره‪ ،‬واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫{وبا ِش ِر املؤمنني} ‪ِ :‬بلثواب والكرامة والفوز ِبلدرجات العلى ِف دار النعيم‪.‬‬ ‫ا‬
‫سبب النزول‬
‫اَّللُ اعْنه قال‪ :‬كانت اليهود إذا حاضت امرأة منهن مل يؤاكلوها ومل يشاربوها ومل‬ ‫أوالً‪ :‬عن أنس ار ِض اي َّ‬
‫جيامعوها ِف البيوت‪ ،‬فسئل النيب صلَّى َّ ِ‬
‫ك اع ِن احمليض‬ ‫اَّللُ اعلاْيه او اسلَّما عن ذلك فأنزل هللا ا‬
‫{ويا ْسأالُونا ا‬ ‫ا‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما أن يؤاكلوهن ويشاربوهن‬ ‫قُ ْل ُه او أاذًى فاعتزلوا النسآء ِِف احمليض} فأمرهم النيب ا‬
‫صلَّى َّ‬
‫وأن يكونوا معهن ِف البيوت‪ ،‬وأن يفعلوا كل شيء إال النكاح‪ ،‬فقالت اليهود‪ :‬ما يريد حممد أن يدع‬
‫صلَّى َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫ُسْيد بن خصري) إىل رسول هللا ا‬ ‫من أمران شيئاً إال خالفنا فيه‪ ،‬فجاء (عباد بن بشر) و (أ ا‬
‫صلَّى‬ ‫ِ‬
‫اعلاْيه او اسلَّما فأخرباه بذلك وقاال َي رسول هللا‪ :‬أفال ننكحهن ِف احمليض؟ فتمعر وجه رسول هللا ا‬
‫صلَّى‬ ‫َّ ِ‬
‫اَّللُ اعلاْيه او اسلَّما حىت ظننا أنه غضب عليهما‪ ،‬فاستقبلتهما هدية من لنب فأرسل هلما رسول هللا ا‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما فسقامها فعلما أنه مل يغضب «‪.‬‬ ‫َّ‬
‫اَّللُ اعْنه قال‪ :‬كانت اليهود تقول‪ :‬من أتى امرأته ِف قُبُلها من ُدبُرها كان الولد‬ ‫اثنياً‪ :‬وعن جابر ار ِض اي َّ‬
‫ث لَّ ُك ْم فاأْتُواْ اح ْرثا ُك ْم أىن ِشْئ تُ ْم}‪.‬‬
‫أحول‪ ،‬فنزلت {نِ اسآ ُؤُك ْم اح ْر ٌ‬
‫معىن اآلايت‪:‬‬
‫يسألونك ‪َ -‬ي حممد ‪ -‬عن إتيان النساء ِف حالة اْليض أحيل أم حيرم؟ قل هلم‪ :‬إن دم‬
‫اْليض دم مستقذر‪ ،‬ومعاشرَتن ِف هذه اْلالة فيه أذى لكم وهلن‪ ،‬فاجتنبوا معاشرة النساء‪،‬‬
‫ونكاحهن ِف حالة اْليض‪ ،‬وال تقربوهن حىت ينقطع عنهن دم اْليض وياطْ ُهرن‪ ،‬فإذا تطه ْرن ِبملاء‬
‫فاغتسلن‪ ،‬فأتوهن من حيث أمركم هللا‪ِ ،‬ف املكان الذي أحله لكم وهو (ال ُقبُل مكان النسل والولد‪،‬‬
‫وال أتتوهن ِف املكان احملرم (الدبر) فإن هللا حيب عبده التائب املتنزه عن الفواحش والقذار‪.‬‬
‫مث أكد تعاىل النهي عن إتيان النساء ِف غري احملل املعهود الذي أِبحه للرجال فقال ما معناه‪:‬‬
‫نساؤكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬مكان زرعكم وموضع نسلكم‪ ،‬وِف أرحامهن يتكون اجلنني والولد‪ ،‬فأتوا‬
‫وجه أحببتم بعد أن يكون ِف موضع النسل والذرية‪ ،‬قال ابن عباس‪:‬‬ ‫نساءكم كيف شئتم ومن أي ٍ‬
‫(اسق نباتك من حيث ينبت) وقدموا ‪ -‬أيها الناس املؤمنون ‪ -‬لنفسكم صاحل العمال وراقبوا هللا‬
‫وخافوه ِف تصرفاتكم‪ ،‬واخشوا يوماً تلقون فيه ربكم فيجازي احملسن ِبحسانه‪ ،‬واملسيء ِبساءته وبشر‬
‫املؤمنني ِبلكرامة والسيادة والنعيم املقيم ِف دار الكرامة‪.‬‬
‫ما يؤخذ من اآلية من األحكام‪:‬‬
‫‪ .1‬دل قوله تعاىل {فاعتزلوا النسآء ِِف احمليض} على اعتزال النساء حالة اْليض وهو عام يشمل‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما «اصنعوا كل شيء‬
‫صلَّى َّ‬
‫مجيع بدهنا إال أن السنة خصصها مبوضع الفرج فقط بقوله ا‬
‫إال النكاح» وما روي عن مسروق قال‪( :‬سألت عائشة ما حيل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟‬
‫قالت‪ :‬كل شيء إال اجلماع)‪ .‬وِف رواية أخرى‪( :‬إن مسروقاً ركب إىل عائشة فقال‪ :‬السالم على‬
‫النيب وعلى أهل بيته‪ ،‬فقالت عائشة‪ :‬أبو عائشة مرحباً فأذنوا له‪ ،‬فقال‪ :‬إين أريد أن أسألك عن‬
‫شيء وأان استحي‪ ،‬فقالت‪ :‬إمنا أان أمك وأنت ابين‪ ،‬فقال‪ :‬ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت‪:‬‬
‫‪19‬‬
‫له كل شيء إال فرجها)‪.‬‬
‫‪ .2‬أمجع العلماء على حرمة إتيان املرأة ِف حالة اْليض‪ ،‬ومذهب اجلمهور‪( :‬مالك والشافعي وأبو‬
‫حنيفة) فيمن أاتها وهي حائض أن يستغفر هللا وال شيء عليه سوى التوبة واالستغفار‪ .‬وروي عن‬
‫اَّللُ اعلاْي ِه او اسلَّما ِف الذي‬
‫صلَّى َّ‬
‫أْحد‪ :‬يتصدق بدينار أو نصف دينار‪ْ ،‬لديث ابن عباس‪« :‬عن النيب ا‬
‫أييت امرأته وهي حائض قال‪ :‬يتصدق بدينار أو بنصف دينار»‪.‬‬

‫‪ 19‬كان اليهود يبالغون ِف التباعد عن املرأة حالة اْليض‪ ،‬فال يؤاكلوهنا وال يشاربوهنا وال يساكنوهنا ِف بيت‬
‫واحد‪ ،‬ويعتربوهنا كأهنا داءٌ أو رجس وقذر‪ ،‬وكان النصارى يفرطون ِف التساهل فيجامعوهنن وال يبالون ِبْليض‪،‬‬
‫فجاء اإلسالم ِبْلد الوسط (افعلوا كل شيء إال النكاح) وهذا من حماسن الشريعة اإلسالمية الغراء حيث أمر‬
‫املسلمني ِبالقتصاد بني المرين‪.‬‬
‫‪ .3‬اختلف الفقهاء ِف مدة اْليض‪ ،‬ومقدار أقله وأكثره على أقوال‪ :‬الول‪ :‬قال أبو حنيفة والثوري‪:‬‬
‫أٌله ثالثة أَيم‪ ،‬وأكثره عشرة‪ .‬الثاين‪ :‬وقال الشافعي وأْحد‪ :‬أقله يوم وليلة وأكثره مخسة عشرة يوماً‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وقال مالك ِف املشهور عنه‪ :‬ال وقت لقليل اْليض وال لكثريه والعربة بعادة النساء‪ .‬وهو أمر‬
‫اجتهادي يرجع فيه إىل كتب الفروع‪.‬‬
‫وه َّن حىت ياطْ ُه ْر ان} على أنه ال حيل للرجل قرِبن املرأة ِف حالة اْليض‬
‫{والا تا ْقاربُ ُ‬
‫‪ .4‬دل قوله تعاىل‪ :‬ا‬
‫حىت تطهر‪ ،‬واملراد ِبلطهر عند اجلمهور (مالك والشافعي وأْحد) هو الطهر الذي حيل به اجلماع وهو‬
‫تطهرها ِبملاء كطهور اجلنب‪.‬‬
‫‪ .5‬اتفق العلماء على أن املرأة اْلائض حيرم عليها الصالة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والطواف‪ ،‬ودخول املسجد‪،‬‬
‫ومس املصحف‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬وال حيل لزوجها أن يقرهبا حىت تطهر‪ ،‬وهذه الحكام تعرف‬
‫ِبلتفصيل من كتب الفقه‪.‬‬

You might also like