You are on page 1of 18

‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬

‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫أثر النظام العام في استبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق‬


‫"دراسة مقارنة في القانون األردني"‬
‫‪The Effect of Public Order in Excluding Foreign Governing Law‬‬
‫‪A Comparative Study‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة*‬

‫الملخص‬

‫إذا ما أشارت قاعدة اإلسناد الوطنية باختصاص قانون أجنبي ليطبق على عالقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي‪ ،‬فال يعني أن‬
‫القاضي الوطني ملزم بتطبيق هذا القانون ‪ ،‬وإنما ينبغي أن يقوم بفحصه لكي ال يتعارض هذا القانون في مفهومه مع المبادئ‬
‫األساسية واألسس الجوهرية التي يقوم عليها كيان المجتمع ‪ ،‬وإذا ما وجد إن هذا القانون يتعارض مع هذه األسس –النظام‬
‫العام في بلدة‪ -‬عليه استبعاد هذا القانون ولو كان واجب التطبيق ومشار إليه ضمن قواعد اإلسناد في قانونه الوطني‪ ،‬ويجب‬
‫على القاضي المحافظة على األسس الجوهرية والمفاهيم االجتماعية والدينية وذلك من خالل االستثناء الوارد في المادة (‪)92‬‬
‫من القانون المدني األردني التي وجدت استثناء الستبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق وإحالل القانون الوطني بدال منه‪.‬‬
‫ويعد الدفع بالنظام العام مانعا من موانع تطبيق القانون األجنبي الواجب التطبيق وسيلة فنية الستبعاده ‪،‬كما ّ‬
‫يعد وسيلة استثنائية‬ ‫ّ‬
‫لذلك االستبعاد فال يلجأ القاضي إلية ابتداء ‪ ،‬بل يتم اللجوء إلية عالجا أخي ار ال مفر منه أو عالجا احتياطيا في مواجهه‬
‫القانون األجنبي ‪.‬‬
‫الكلمات الدالة‪ :‬النظام العام‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬استبعاد القانون األجنبي‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪If the national attribution rule states that a foreign law is the governing law in a relation that‬‬
‫‪involves foreign element, this does not mean that the national judge is bound to apply such law.‬‬
‫‪Rather, the judge must determine if the choice of the foreign law and its application is‬‬
‫‪appropriate and does not contradict with the public order of the country. Therefore, when the‬‬
‫‪foreign law is found to be against the public policy and public order, then according to Article‬‬
‫‪(29) of Jordan Civil Law, the judge has to reject its application and apply the national law‬‬
‫‪instead.‬‬
‫‪Public order is considered as one of the exceptional technical means of excluding the application‬‬
‫‪of the foreign governing law to protect the public order, it gives the national judge the‬‬
‫‪discretionary powers to dismiss its application at any stage during the tribunal, and such decision‬‬
‫‪is subject to the supreme court review at its own discretion or upon the parties to case request.‬‬
‫‪Keywords: Public Order, International Private Law, Foreign Law Rejection‬‬

‫* محاضر غير متفرغ في القانون الدولي الخاص‪ .‬تاريخ استالم البحث ‪ 0202/6/9‬وتاريخ قبوله ‪0202/8/3‬‬

‫‪DOI:10.15849/ZUJJLS.211130.04‬‬

‫‪68‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫المقدمة‬
‫إن فكرة النظام العام من أهم األفكار في علم القانون‪ ،‬ففي القانون الداخلي توجد قواعد آمرة ال يجوز لألط ار‬
‫النظام العام‬ ‫الخروج عليها أو االتفاق على مخالفتها‪ ،‬فالنظام العام يعد قيدا على مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬كما يهد‬
‫إلى حماية المبادئ واألسس العامة‪ -‬اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية‪ -‬للمجتمع في دولة القاضي‪ ،‬إال أن‬
‫ولكن بطريقة مختلفة‪ ،‬فالنظام العام في‬ ‫إلى ذات األهدا‬ ‫النظام العام في مجال القانون الدولي الخاص يهد‬
‫القانون الداخلي يهتم بالقاعدة القانونية الوطنية‪ ،‬أما في القانون الدولي الخاص فيتحقق من خالل الدفع واالعتراض‬
‫على تطبيق األحكام الموضوعية في القانون األجنبي الواجب التطبيق من خالل قواعد اإلسناد الوطنية‪ ،‬وذلك عند‬
‫وجود تعارض بين هذه األحكام واألسس الجوهرية في دولة القاضي‪ ،‬فالنظام العام هو المراقب على القواعد القانونية‬
‫في القانون األجنبي الواجب التطبيق بينما يمثل النظام العام في القانون الداخلي الحماية للقواعد القانونية ضمن‬
‫نطاق إعمالها داخلياً في بلد القاضي‪.‬‬
‫وبناء على ذلك‪ ،‬سنتناول في هذه الدراسة فكرة النظام العام وأثرة على العالقات الدولية الخاصة ضمن فكرة‬
‫تنازع القوانين‪.‬‬
‫فقد نصت المادة (‪ )92‬من القانون المدني األردني على " ال يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص‬
‫السابقة إذا كانت هذه األحكام تخالف النظام العام أو اآلداب العامة في المملكة األردنية الهاشمية" وقد أخذت‬
‫فالدفع بالنظام العام هو في حقيقة األمر تعطيل‬ ‫(‪)1‬‬
‫تشريعات عدة دول بهذا المبدأ منها عربية وأخرى أجنبية‪.‬‬
‫لألعمال الطبيعية لقواعد اإلسناد الوطنية ‪ ،‬بالرغم من هذا الدور السلبي للنظام العام إال انه يوجد مبرر لذلك‬
‫‪،‬فعندما يتعين القانون الواجب التطبيق على نزاع مشوب بعنصر أجنبي قد يكون هذا القانون هو قانون القاضي‬
‫الذي يحكم النزاع أو قانون آخر‪ ،‬وعندها يثور التساؤل التالي هل القاضي ملزم من خالل قانونه الداخلي بتطبيق‬
‫القانون الذي تقرره قواعد اإلسناد حتى لو كان مخالفا للنظام العام في دولته؟‬
‫يتفق غالبية الفقه على عدم إمكانية تطبيق هذا القانون في حال مخالفته للنظام العام في دولة القاضي المقام‬
‫أمامه النزاع‪ ،‬وإنما يطبق القاضي قانونه الداخلي بدالً من القانون األجنبي الذي أشارت إليه قاعدة اإلسناد إذا تبين‬
‫مخالفته للنظام العام في دولة القاضي‪ ،‬وفي هذه الحالة تصطدم أحكام القانون األجنبي وتتعارض مع المفاهيم‬
‫األساسية التي يقوم عليها المجتمع في دولة القاضي وعندها يقوم القاضي برفض تطبيق القانون األجنبي حفاظاً‬
‫على نظامه العام الوطني‪ ،‬وحماية له من هذه األحكام التي تتعارض ومفاهيمه الدينية واألساسية‪.‬‬
‫مشكلة البحث‬
‫عد‬
‫من أجل تجسيد أهمية البحث ال بد من اإلجابة على مجموعة من التساؤالت تمثل مشكلة البحث التي ت ّ‬
‫جوهر نظرية النظام العام‪ ،‬كفكرة الستبعاد القانون األجنبي بصفة كلية أو جزئية وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬ما هي طبيعة النظام العام واآلداب العامة التي قصدتها المادة (‪ )92‬من القانون المدني األردني؟‬
‫وهل يختلف النظام العام واآلداب العامة في العالقات الدولية الخاصة عنه في العالقات الوطنية؟‬

‫(‪ )1‬القانون المدني المصري رقم ‪ 131‬لسنة ‪1291‬في المادة (‪، )99‬القانون المدني السوري رقم ‪19‬لسنة‪ 1212‬المادة (‪ ،)33‬وقانون المعامالت‬
‫المدنية لدولة اإلما ارت رقم (‪ )5‬لسنة ‪ 1292‬المادة (‪،)99‬والمادة (‪ )3/19‬الباب التمهيدي للقانون المدني االسباني في خصوص القانون الدولي‬
‫الخاص لعام ‪.1291‬‬

‫‪68‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫‪ .9‬ما هو المقصود بالنظام العام في عالقات القانون الدولي الخاص وهل يختلف أثره عن النظام‬
‫العام الداخلي؟‬
‫‪ .3‬ما هو دور القضاء الوطني باألخذ بفكرة النظام العام الستبعاد القانون األجنبي وهل هو مطبق‬
‫فعلياً؟‬
‫‪ .1‬كيف تعاملت القوانين المقارنة مع مفهوم النظام العام وأثره في العالقات الخاصة الدولية؟‬
‫‪ .5‬بحث أثر الدفع للنظام العام فيما إذا كان يؤدي إلى استبعاد كلي أم جزئي للقانون األجنبي وما هي‬
‫البدائل المطروحة في حال استبعاد القانون األجنبي؟‬
‫أهمية البحث‬
‫تكمن أهمية هذا البحث في أن إعمال موانع تطبيق القانون األجنبي المختص للفصل في النزاع بموجب قواعد‬
‫إلى حماية المصلحة الوطنية والنظام العام الداخلي‪ ،‬على اعتبار أن النظام العام هو صمام‬ ‫اإلسناد الوطنية يهد‬
‫األمان الذي يمنع تسلل وتطبيق أي قانون أجنبي يتعارض مع المبادئ األساسية التي يقوم عليها المجتمع‪ ،‬كما‬
‫أنها تقف بالمرصاد لكل محاولة للتالعب في ضوابط اإلسناد بقصد التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق‪،‬‬
‫وإن الحاالت التي يستبعد فيها تطبيق القانون األجنبي المختص يكون عمالً ذا طابع استثنائي إذ يستبعد القانون‬
‫الواجب التطبيق والمخالف للنظام العام ويحل محلة قانون آخر بصفة استثنائية‪ ،‬وفي ذلك جانب كبير من األهمية‬
‫في مجال تنازع القوانين يتجلى في تغيير قواعد اإلسناد وما يترتب عليه من تغيير في القانون المختص لحكم النزاع‬
‫المطروح‪ ،‬كما أن إعمال موانع تطبيق القانون األجنبي ينبغي أن يكون مقروناً بالحكمة واالعتدال بحيث ال يتم‬
‫اللجوء إليه إال في الحاالت التي تستدعي حماية المبادئ العامة واألساسية في مجتمع دولة القاضي‪.‬‬

‫أهداف البحث‬
‫‪ ‬معالجة بعض الصعوبات التي قد تواجه القاضي الوطني أثناء تطبيقه ومراقبته للقانون األجنبي المختص‪،‬‬
‫التي من شأنها التأثير على المقومات األساسية والجوهرية التي يرتكز عليها كيان مجتمعه‪.‬‬
‫‪ ‬كشف النقاب عن أهم حاالت االستبعاد للقانون األجنبي المختص بمقتضى قاعدة اإلسناد الوطنية ومدى‬
‫تأثير ذلك على العالقات الخاصة الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬إبراز مدى فاعليه المادة (‪ )92‬من المدني األردني في الوصول إلى قصد المشرع من فكرة الدفع بالنظام‬
‫العام‪.‬‬
‫منهجية البحث‬
‫اعتمد الباحث على المنهج التحليلي لنصوص القانون المدني األردني ومقارنته بنصوص القوانين األخرى‪،‬‬
‫والمقارنة بين القانون المدني األردني والقوانين األجنبية كالقانون المصري والعراقي والفرنسي لمعرفة كيفية عالج‬
‫مشكلة البحث في مختلف النظم القانونية واالستعانة باألحكام القضائية إن وجدت لمعرفة التطبيق العملي للنقطة‬
‫على اآلراء التي تناولت فكرة النظام العام في مجال‬ ‫موضوع البحث‪ ،‬مع االستعانة بالشروحات الفقهية للوقو‬
‫القانون الدولي الخاص وأثره في استبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫الدراسات السابقة‬
‫لم أجد في ‪-‬حدود بحثي‪ -‬أي دراسة متخصصة في بيان األثر للدفع بالنظام العام والشروط التي يجب توافرها‬
‫إلثارة هذا الدفع‪ ،‬ولكن وجدت بعض الدراسات قد تضمنت هذا الدفع ضمن أحد مطالبها أو أجزائها وهي‪:‬‬
‫عالقة االختصاص القضائي الدولي بقواعد النظام العام ‪،‬الدكتور طالل ياسين العيسى‪ ،‬بحث‬ ‫‪‬‬
‫منشور في مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية المجلد ‪ 95‬العدد األول لسنة ‪.9332‬‬
‫نحو تضييق النظام العام لمصلحة القانون األجنبي في سياق القانون الدولي الخاص دراسة‬ ‫‪‬‬
‫مقارنة‪ ،‬إبراهيم خالد يحيى ‪،‬بحث منشور في مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية ‪.9312،‬‬
‫الدفع بالنظام العام وأثره ‪،‬د‪.‬سلطان عبدالله محمود‪ ،‬بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق المجلد‬ ‫‪‬‬
‫(‪)19‬العدد(‪)13‬لسنة ‪.9313‬‬

‫هيكلية البحث‬
‫تم تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين رئيسيين تمثل هذه الدراسة‪ ،‬جاء المبحث األول بعنوان (طبيعة وشروط إعمال‬
‫الدفع بالنظام العام ) أما المبحث الثاني فكان بعنوان (اآلثار المترتبة على الدفع بالنظام العام)‪ .‬فضالً عن المقدمة‬
‫والخاتمة‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫طبيعة وشروط إعمال الدفع بالنظام العام‬

‫يؤكد الفقه الحديث على أهمية دور النظام العام كأداة الستبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق إذا ما تعارض‬
‫مضمونه مع األسس الجوهرية في المجتمع للقاضي الذي ينظر النزاع‪ ،‬وإن فكرة النظام العام فكرة مرنة ومتطورة‬
‫المكان والزمان‬ ‫ويكتنفها الغموض وعليه يصعب تحديدها على وجه دقيق‪ ،‬فهي فكرة ذات مفهوم متغير باختال‬
‫‪،‬فما يعتبر متعارضاً مع النظام العام في دولة ال يعد كذلك في دولة أخرى‪ ،‬وما يصطدم بالنظام العام في داخل‬
‫نفس الدولة في فترة معينة قد ال يعد أم اًر منافياً لهذه الفكرة في وقت آخر‪.‬‬
‫(‪(1‬‬

‫بين فقهاء‬ ‫وعلى اعتبار أن الدفع بالنظام العام وسيلة الستبعاد القانون األجنبي المخالف له‪ ،‬فقد ثار خال‬
‫القانون الدولي الخاص حول طبيعة هذا الدفع وهل يتطلب القاضي شروطا إلعمال هذا الدفع واألخذ به وإثبات‬
‫مقدمه‪.‬‬
‫أحقية ّ‬
‫وعليه قمنا بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬طبيعة فكرة النظام العام في مجال العالقات الدولية الخاصة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬شروط إعمال الدفع بالنظام العام في مجال العالقات الدولية الخاصة‪.‬‬

‫د‪.‬هشام علي صادق ‪ ،‬المطول في القانون الدولي الخاص ‪،‬الجزء األول ‪،‬تنازع القوانين ‪،‬دراسة مقارنة الطبعة األولى ‪،‬دار الفكر الجامعي ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلسكندرية ‪،9339‬ص‪.192‬‬

‫‪68‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫المطلب األول‬
‫طبيعة فكرة النظام العام في مجال العالقات الدولية الخاصة‬

‫يعتبر النظام العام مانعا من موانع تطبيق القانون األجنبي المختص بموجب قواعد اإلسناد الوطنية إذا خالف‬
‫هذا القانون المقومات واألسس الجوهرية التي يقوم عليها كيان مجتمع دولة القاضي‪ ،‬وهنا يثور التساؤل التالي‪ :‬هل‬
‫(‪)1‬‬
‫الدفع بالنظام العام تطبيق لمبدأ أصلي لقواعد القانون الدولي الخاص أو أنه مجرد استثناء؟‬
‫وتكمن األهمية في اإلجابة على هذا التساؤل في تحديد نطاق النظام العام وتفسيره‪ ،‬فالقول بأنه مبدأ أصلي يفتح‬
‫الباب للتوسع في تحديد وتفسير هذه الفكرة‪ ،‬وعليه يصبح األصل عدم تطبيق القانون األجنبي المختص بموجب‬
‫قاعدة التنازع في دولة القاضي‪ ،‬أما مجرد القول بأنه استثناء يرتب نتائج عكسية لما سبق عرضه بحيث يكون‬
‫(‪)2‬‬
‫التفسير ضيقا للنظام العام ويعدم التوسع في نطاقه ويعدم إثارته‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء في تحديد طبيعة النظام العام في مجال القانون الدولي الخاص‪ ،‬وبرز في ذلك اتجاهان‪،‬‬
‫اتجاه قال بأن فكرة النظام العام تطبيق لمبدأ أصلي ولقاعدة عامة‪ -‬الفقه التقليدي‪ -‬واتجاه آخر قال بأن فكرة‬
‫(‪)3‬‬
‫النظام العام ما هي إال استثناء على القاعدة العامة –الفقه المعاصر‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫النظام العام تطبيق مبدأ أصلي‬
‫لقد نشأت هذه الفكرة في عهد مدرسة األحوال اإليطالية‪ ،‬إذ استخدم الفقه التقليدي في تلك الفترة هذه القاعدة‬
‫مبدأ أصليا وقاعدة عامة‪ ،‬فقد استخدم الفقيه "بييه" النظام العام أساسا لبناء قاعدة اإلسناد لتطبيق القانون تطبيق ًا‬
‫إقليمياً كأصل وليس كاستثناء وإن النظام العام يعتبر قاعدة وضابطا لإلسناد إلى جانب القوانين الممتدة التي يكون‬
‫(‪)4‬‬
‫شخصيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫تطبيقها‬
‫وعليه فان قواعد النظام العام قواعد أصلية ال ينظر إليها على أنها قواعد استثنائية تمنع تطبيق القانون األجنبي‪،‬‬
‫فمثلما قانون الجنسية هو الذي يحكم عالقات األشخاص ‪ ،‬وهناك قواعد في القانون الوطني يجب أن تطبق على‬
‫جميع العالقات دون تمييز بين المواطنين واألجانب على حد سواء‪ ،‬ويقصد بذلك أن قانون الجنسية قد يتالشى في‬
‫‪)5(.‬‬
‫هذا النوع من العالقات لكي يترك المجال لقانون القاضي استناداً إلى ضرورة احترام سيادة الدول واستقاللها‬
‫وقد وجهت مجموعة من االنتقادات لهذا االتجاه ومن بينها‪ ،‬إن استخدام فكرة النظام العام بديال للفكرة المسندة‬
‫في التنظيم الحالي للتنازع من أجل تبرير تطبيق بعض القوانين إقليمياً هو تصور يخلط بين فكرتين مختلفتين تم‬

‫(‪.)1‬د‪.‬صالح الدين جمال الدين ‪،‬القانون الدولي الخاص –الجنسية وتنازع القوانين –دراسة مقارنة ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬دار الفكر الجامعي ‪،‬اإلسكندرية‬
‫‪، 9339،‬ص‪399‬‬
‫د‪.‬صالح الدين جمال الدين ‪،‬القانون الدولي الخاص ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.119‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪.‬أمين رضا رشيد دواس ‪،‬تنازع القوانين في فلسطين ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪،‬عمان األردن ‪ ،9331،‬ص‪.933‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪.‬أمين رضا رشيد دواس ‪،‬تنازع القوانين في فلسطين ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪،‬عمان األردن ‪ ،9331،‬ص‪.933‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫د‪.‬صالح الدين جمال الدين ‪،‬دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ‪،‬الطبعة الثالثة ‪،‬دار الفكر الجامعي ‪،‬اإلسكندرية مصر ‪،9339،‬ص‪.119‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪80‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫استعمالهما كمترادفين‪ -‬فكرة النظام العام وفكرة اإلقليمية‪ -‬مع أن هناك فرقا واضحا بينهما حيث إنه وإن كانت‬
‫قواعد النظام العام ذات صبغة وطنية وإقليمية تسري على الجميع سواء أكانوا مواطنين أم أجانب‪ ،‬إال أن هناك‬
‫حاالت ال تكفي فيها القوانين الوطنية أو اإلقليمية إن صح التعبير وحدها الستبعاد القانون األجنبي‪ ،‬كأن يتضمن‬
‫(‪)1‬‬
‫القانون األجنبي نظاما قانونيا مجهوال بالنسبة لقانون القاضي‪ ،‬وعليه يجب االستعانة بفكرة النظام العام الستبعاده‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى وجه الفقه المعاصر انتقاداً الذعاً لهذا االتجاه‪ ،‬ألنه يرى أن ذلك نظرة تعصبية للنظام العام من‬
‫شأنها إحداث آثار بالغة بالتعاون القائم بين الدول واطراد العالقات الخاصة الدولية‪ ،‬باإلضافة إلى إنكار وظيفة‬
‫(‪)2‬‬
‫قاعدة اإلسناد‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫النظام العام استثناء على المبدأ األصلي‬
‫إن وجود الدولة في المجتمع الدولي يفرض على القاضي الوطني أن يفصل في النزاع المرتبط بأكثر من نظام‬
‫قانوني وفقاً للقانون األكثر مالئمة للتطبيق‪ ،‬إال أنه يوجد استثناءات ترد على هذا االلتزام‪ ،‬ومن أبرز هذه االستثناءات‬
‫تعارض القانون األجنبي مع النظام العام الداخلي الذي يقوم عليه كيان المجتمع‪ ،‬فيتعين على القاضي استبعاد هذا‬
‫تجنب النتائج غير المقبولة جراء تطبيق‬ ‫القانون ليتعطل على وجه االستثناء التطبيق المعتاد لقاعدة اإلسناد‪ ،‬بهد‬
‫هذا القانون الذي تحدد اختصاصه بموجب قواعد اإلسناد الوطنية (‪.)3‬‬
‫ينظر بوضوح تغير نظرة الفقه لطبيعة النظام العام‪ ،‬وذلك بعد ما تنبه الفقهاء المعاصرون لخطورة الوضع حيث‬
‫أصبح النظر إلى النظام العام على أنه استثناء وليس أصال‪ ،‬وال يتم اللجوء إليه إال عند الضرورة التي تتطلبها‬
‫المحافظة على األسس الجوهرية واألخالقية واالقتصادية والدينية للمجتمع‪ ،‬فقاعدة التنازع التي تمنح على سبيل‬
‫المثال االختصاص في مسائل الزواج إلى قانون الجنسية‪ ،‬وتبين أن هذا القانون المختص يمنع الزواج على أساس‬
‫العرقي وتمسك به الزوجان من أجل إبطال هذا الزواج فإنه وهذه الحالة سيتم الدفع بالنظام العام الذي‬ ‫االختال‬
‫يعد صمام األمان للمجتمع الذي قد يلحق الضرر بالمجتمع إذا تم إبطال هذا الزواج‪ ،‬وعليه يمكن للقاضي استبعاد‬
‫هذا القانون ولكن االستبعاد وهذه الحالة يكون استثنائياً وبمقدار التصادم أو التعارض مع النظام العام في دولة‬
‫القاضي الذي يرفض العمل بالحكم القائم على أساس التمييز العنصري‪ ،‬وفيما عدا ذلك تبقى قاعدة اإلسناد ذاتها‬
‫(‪)4‬‬
‫واالختصاص في مسائل الزواج يبقى لجنسية الزوجين وقت انعقاد الزواج‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن النظام العام هو صمام األمان وشرط تحفظي يقف ضد القانون األجنبي المختص إذا ما‬
‫اصطدم مع مفاهيم الدولة القانونية واألخالقية والدينية واالقتصادية‪ ،‬ويبرز عند الضرورة وبمقدار التعارض معها‪،‬‬
‫الذي وجد من أجله‬ ‫أما إذا انحر عن هذه الوظيفة أو بالغ القضاء في تقديره واألخذ به فإنه سينحر عن الهد‬
‫‪،‬فالدفع بالنظام العام يجب أن يكون ألسباب جوهرية ومحقة وهو ما يحتاج إلى قضاة على اطالع ومعرفة بالقانون‬

‫(‪)1‬د‪.‬صالح الدين جمال الدين ‪،‬القانون الدولي الخاص ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.333‬‬
‫بلمامي عمر ‪،‬الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬بحث لنيل دبلوم الماجستير في العقود والمسؤولية ‪،‬معهد الحقوق‬ ‫(‪)2‬‬

‫والعلوم اإلدارية ‪،‬بن عكنون جامعة الجزائر ‪،1291،‬ص‪.151‬‬


‫د‪.‬صالح الدين جمال الدين ‪،‬القانون الدولي الخاص –الجنسية وتنازع القوانين ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.333‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫بلمامي عمر ‪،‬الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.159‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪81‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫التي رسمها المشرع الوطني لغايات التعاون الدولي وقيام العالقات الدولية الخاصة من‬ ‫الدولي الخاص واألهدا‬
‫(‪)1‬‬
‫أجل تحقيق االنسجام بين مختلف الدول وتبادل الحلول القانونية‪.‬‬
‫ولفهم هذه الطبيعة االستثنائية لفكرة النظام العام بشكل واضح ال بد من تحديد شرط تطبيقها‪ ،‬هذا ما سنتناوله‬
‫في المطلب الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫شروط إعمال الدفع بالنظام العام‬
‫سبق أن أشرنا في المطلب األول إلى أن دور النظام العام استثنائي وليس أصليا ويجب أن يكون نطاق إثارته‬
‫مقتص اًر على الحاالت الضرورية وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل القانونية المتاحة الستبعاد القانون األجنبي‪ ،‬وعليه‪،‬‬
‫والقضاة بالنظام العام في منازعة‬ ‫يجب توافر مجموعة من الشروط ألجل إعمال هذا الدفع لكي ال يتمسك األط ار‬
‫يشوبها عنصر أجني‪ ،‬ولكن يجب تقديم هذا الدفع مشفوعاً بأسباب حقيقية تستوجب استبعاد القانون األجنبي الذي‬
‫أشارت إليه قاعدة اإلسناد ‪،‬وسنقوم بذكر الشروط على النحو التالي مع العلم أنه ال يمكن حصرها كونها متغيرة‬
‫بتغير مفهوم النظام العام‪:‬‬
‫‪ ‬وجود قانون أجنبي واجب التطبيق وفقاً لقاعدة اإلسناد الوطنية‪:‬‬
‫وجد النظام العام عالجا الستبعاد القانون األجنبي المختص بموجب قواعد اإلسناد الوطنية إذا ما أدى تطبيقه‬
‫إلى تصادم مع األسس الجوهرية والمقومات األساسية في دولة القاضي ‪،‬فإذا كان القانون األجنبي غير مختص فال‬
‫داع للتمسك بالنظام العام(‪ ،)2‬وهذا ما أخذت به محكمة التمييز األردنية بالقرار الصادر عنها بتاريخ ‪9312/5/19‬‬
‫بعدم رد الدعوى لمخالفتها أحكام الشريعة‬ ‫"‪ ...‬وعن السبب الثالث الذي يقوم على تخطئة محكمة االستئنا‬
‫اإلسالمية والنظام العام واآلداب العامة سند لنص المادة (‪ )92‬من القانون المدني‪ ،‬وفي ذلك تجد المحكمة أنه‬
‫بالرجوع إلى نص االتفاقية الموقعة لدى محكمة األسرة والمجلس الحسبي فإننا ال نجد ما يخالف الشريعة أو اآلداب‬
‫العامة وبالتالي فإن األخذ بما جاء فيها موافق للقانون وحيث توصل الحكم المميز لذلك فقد أصاب صحيح القانون‬
‫وهذا السبب يتعين رده‪ ،"...‬فال يتصور التمسك بالدفع بالنظام العام وإثارته إذا ما كان القانون الوطني هو الواجب‬
‫التطبيق وال يوجد تزاحم بين القانون الوطني مع قانون أجنبي أو إذا كان التنازع داخليا ضمن القوانين الوطنية في‬
‫من الدفع بالنظام العام هو تطبيق قانون القاضي وليس استبعاده ويستثنى من ذلك حالة‬ ‫دولة القاضي‪ ،‬ألن الهد‬
‫لمفهوم األسس يستند‬ ‫الدولة الفدرالية التي يشكل فيها كل إقليم أو والية وحدة تشريعية مستقلة ويوجد فيها اختال‬
‫بالقانون الدولي‬ ‫إليها النظام التشريعي في تلك الوالية ‪،‬مما يبرر إعمال فكرة الدفع بالنظام العام بمفهومها المعرو‬
‫الخاص (‪ )3‬كما أنه ال يتصور إثارة الدفع بالنظام العام الستبعاد تطبيق القانون األجنبي إذا وجد سبب آخر الستبعاده‬

‫بلمامي عمر ‪،‬الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.151-159‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫قرار محكمة التمييز االردنية رقم ‪ 9312/1959‬الصادر بتاريخ ‪.9393/3/19‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬محمد المبروك الالفي ‪،‬تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي ‪،‬دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية المقررة في‬
‫التشريع الليبي ‪،1221‬منشورات الجامعة المفتوحة ‪،‬ص‪.91‬‬

‫‪82‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫كما لو تم اختيار قانون ال تربطه صلة بالعقد أو بأطرافه ولم يتحقق فيه أي شريط يوجب تطبيقه ضمن قواعد‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسناد‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون مخالفة النظام العام ذات أثر ملموس‪:‬‬
‫ويقصد بهذا الشرط أال يكون التعارض بين أحكام القانون األجنبي والنظام العام في دولة القاضي مجرد تعرض‬
‫نظري بل يجب أن يكون له أثر فعلي على أرض الواقع وأن يؤثر على قيم ومبادئ المجتمع بشكل واضح‬
‫وملموس(‪ ،)2‬إذ يجب النظر إلى األثر الفعلي للقانون األجنبي فإذا كانت نتائج تطبيقه تمس بشكل واضح القيم‬
‫وال يتوجب استبعاده‪.‬‬ ‫ضرر ملموسا فال عبرة بهذا االختال‬
‫ا‬ ‫والمثل العليا يجب استبعاده أما إذا كان تطبيقه ال يشكل‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ ‬توافر مقتضى من مقتضيات النظام العام‪:‬‬


‫يشترط إلعمال الدفع بالنظام العام توافر مقتضى من مقتضيات النظام العام لالمتناع عن تطبيق القانون األجنبي‬
‫المختص‪ ،‬فالمشرع عندما أشار في قواعد اإلسناد إلى تطبيق قانون أجنبي لم يقصد تطبيق هذا القانون على إطالقه‬
‫وإنما اشترط عدم اصطدام هذا القانون مع مقتضيات النظام العام في دولته‪ ،‬وقد قدر بعض الفقهاء أنه يمكن حصر‬
‫هذه المقتضيات مقدماً وتقسيم القوانين إلى قوانين متعلقة بالنظام العام وأخرى غير متعلقة بالنظام العام‪ ،‬إال أن ذلك‬
‫الزمان والمكان‪،‬‬ ‫لم يكتب له النجاح وفشلت هذه المحاوالت وذلك لعد م ثبات هذه المقتضيات واختالفها باختال‬
‫فالزواج قد يكون نظاما مدنيا في دولة ونظاما دينيا في دولة أخرى‪ ،‬وقد يكون نظاما دينيا في دولة ثم يصبح نظاما‬
‫(‪)4‬‬
‫مدنيا في مرحلة الحقة في ذات الدولة‪.‬‬
‫ونظ اًر لكون هذه المقتضيات متغيرة وصعبة التحديد والحصر فقد اتجه الفقه السائد إلى ترك أمر تحديدها إلى‬
‫القاضي المثار أمامه النزاع مع تقييد سلطته بهذا الشأن لكي ال يغلو في تطبيق قانونه الوطني على حساب القانون‬
‫األجنبي‪ ،‬وهذا التقييد يجب أن يحدد بمعيار موضوعي مجرد يلتزم به في إعمال الدفع بالنظام العام (‪ ،)5‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أن القاضي يتمتع بسلطة واسعة في تقدير مدى التعارض بين أحكام األجنبي مع مقتضيات النظام‬
‫(‪)6‬‬
‫العام في دولته لدرجة انه أصبح مشرعاً في هذه الدائرة المرنة كما يقول الفقيه عبد الرزاق السنهوري‪.‬‬

‫(‪)1‬علي علي سليمان ‪،‬مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري ‪،‬الطبعة الخامسة ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬بن عكنون الجزائر‬
‫‪،9339،‬ص‪.153-159‬‬
‫فتحية قريقر ‪،‬النظام العام والتحكيم التجاري الدولي ‪،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه ‪،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر ‪، 9319-9311‬ص‪.59‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪.‬محمد وليد المصري ‪،‬الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة للتشريعات العربية والقانون الفرنسي) الطبعة األولى ‪،‬دار الثقافة‬ ‫(‪)3‬‬

‫للتوزيع والنشر ‪،‬عمان األردن ‪،9332،‬ص‪.919-911‬‬


‫د‪.‬عز الدين عبدالله ‪،‬القانون الدولي الخاص –الجزء الثاني‪ -‬في تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدوليين ‪،‬الطبعة السادسة ‪،‬دار‬ ‫(‪)4‬‬

‫النهضة العربية القاهرة مصر ‪،1212،‬ص‪.539‬‬


‫سعيد يوسف البستاني‪،‬الجامع في القانون الدولي الخاص ‪،‬المضمون الواسع المتعدد الموضوعات ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬منشورات الحلبي الحقوقية‬ ‫(‪)5‬‬

‫بيروت لبنان ‪،9332،‬ص‪.939‬‬


‫د‪.‬عبد الرزاق السنهوري ‪،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ‪،‬المجلد األول ‪،‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪،‬مصادر االلتزام ‪،‬الطبعة الثالثة‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪،‬منشورات الحلبي بيروت لبنان ‪، 9332،‬ص‪.139‬‬

‫‪83‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫‪ ‬وجود رابطة بين النزاع المطروح ودولة القاضي‪:‬‬


‫ذهب جانب من الفقه مدعوم بالقضاء في كل من ألمانيا وسويس ار إلى ضرورة توافر شرط وجود صلة أو رابطة‬
‫كافية بين المنازعة المطروحة ودولة القاضي فمن غير المقبول أن يتمسك القاضي بفكرة النظام العام الستبعاد‬
‫فكيف له أن يتذرع بهذه الفكرة في دولته لكي‬ ‫(‪)1‬‬
‫القانون األجنبي المختص في حال انعدام تلك الرابطة أو الصلة‬
‫يعطل عمل قاعدة اإلسناد بشأن مسألة ال تعنيه وال يمكن لها إن حيل النزاع إلى قانونه الوطني حتى لو تم استبعاد‬
‫القانون األجنبي فانعدام المصلحة يؤثر على هذا الدفع‪ ،‬باإلضافة إلى أن هذا الحكم ال يكتسب أي صفة وال يكون‬
‫(‪)2‬‬
‫له فعالية في أرض الواقع ال داخلياً وال خارجياً مما يجعل من الصعب تنفيذه‪.‬‬
‫وقد عجز أنصار هذا االتجاه عن إثبات مقصدهم من توافر تلك الرابطة أو الصلة بين النزاع المطروح ودولة‬
‫القاضي ‪،‬أهي الجنسية أم الموطن أم موقع المال؟ وإزاء تلك الحيرة التي وقعوا بها ذهب بعضهم إلى القول إنه في‬
‫حال انعدام أي رابطة من تلك الروابط فإن مجرد طرح النزاع على الجهات القضائية في هذه الدولة يكفي لقيام تلك‬
‫(‪)3‬‬
‫الرابطة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون المخالفة للنظام العام حالية‪:‬‬
‫يتعين على القاضي استبعاد القانون األجنبي المختص إذا كان يصطدم مع مقتضيات النظام العام في بلده‪ ،‬إال‬
‫أن هناك تساؤال مهما يجب طرحه في هذا الصدد "في أي لحظة يجب أن يتقرر ما إذا كان هذا التصادم موجودا‬
‫أو ال؟"‬
‫استقر الرأي على أن القاضي يقدر توافر مقتضيات النظام العام من عدمه لحظة الفصل في الدعوى وليس وقت‬
‫نشوء الحق أو المركز القانوني محل النزاع (‪ )4‬وتجدر اإلشارة إلى أن حالية النظام العام تعتبر مسألة في غاية‬
‫األهمية وقد انتبه القضاء والفقه إليه كثي اًر على اعتبار أنها تصنع حداً فاصالً بين المفهوم السابق لفكرة النظام العام‬
‫والمفهوم الجديد في ظل التطور والتغير المستمر لهذه الفكرة‪.‬‬
‫وهذا الشرط يعتبر أثر آلنية النظام العام ونسبيته من حيث الزمان‪ ،‬فالعبرة من تحديد ما يعد من النظام العام وما‬
‫يعد مخالف ًا له هو وقت نظر الدعوى وليس وقت نشوء الحق (‪ )5‬وهو ما ذهب إليه القضاء الفرنسي في مجموعه‬
‫من القضايا ومنها قضية "تبتي" سنة ‪ ، )6( 1231‬وقضية إثبات نسب‪.‬‬
‫ويترتب على شرط حالية النظام العام عدة آثار لعل من أبرزها‪ ،‬إذا كان المركز القانوني الذي نشأ طبقاً لقانون‬
‫أجنبي مختص وكان مخالفا للنظام العام في قانون القاضي عند نشوء النزاع ومن ثم تغير بعد ذلك قانون القاضي‬

‫(‪Paul lagarde,richer ches sur l’ordre puplic en droit international prive’ ,the’se pour ie doctorat ,Universite’ de )1‬‬
‫‪paris,faclte’ de droit, 1959,pp.56-59.‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬أحمد محمد الهواري ‪،‬الوجيز في القانون الدولي الخاص اإلماراتي ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬إثراء للنشر والتوزيع ‪،‬عمان األردن ‪،9339،‬ص‪.399‬‬
‫(‪ )3‬د‪.‬جمال محمود الكردي‪،‬تنازع القوانين ‪،‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة مصر ‪،9335،‬ص‪.931-933‬‬
‫(‪Lerbous,Ageonniere et loussouar,pre’cis de droit international prive,8em edition,Dallo2,1962,p.372. )4‬‬
‫(‪ )5‬بلمامي عمر ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 111‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية في أن فرنسيين تبنيا طفال وهما خارج فرنسا قبل عام ‪ 1293‬وكان القانون الفرنسي يشترط في ذلك الوقت لصحة‬ ‫(‪)6‬‬

‫التبني أن يكون الزوجان قد بلغا من السن ما يجعلهما يائسين من اإلنجاب‪ ،‬ولما صدر في عام ‪ 1293‬قانون يجيز التبني حتى لمن لم يبلغ سن‬
‫اليأس من اإلنجاب طعنا أمام محكمة باريس في صحته على أساس مخالفته للنظام العام في وقت التبني ألن الزوجين كانا شابين ‪،‬إال أن المحكمة‬
‫رفضت الطعن على أساس أن مثل هذا التبني لم يعد مخالفا للنظام العام وقت رفع الدعوى – مشار للحكم في د‪.‬علي علي سليمان مرجع سابق‬
‫‪،‬ص‪.153‬‬

‫‪89‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫وأصبح ذلك المركز القانوني ال يصطدم ومقتضيات النظام العام عند النظر في النزاع فال يمكن للقاضي أن يعتد‬
‫بالمخالفة السابقة ويؤثر الدفع بالنظام العام‪ ،‬كذلك يترتب على هذا الشرط أن الروابط القانونية القائمة في ظل تغير‬
‫(‪)1‬‬
‫مفهوم النظام العام تخضع للقانون الجديد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫اآلثار المترتبة على الدفع بالنظام العام‬

‫إذا ظهر للقاضي أن القانون األجنبي الواجب التطبيق بمقتضى قاعدة اإلسناد الوطنية يصطدم ومقتضيات‬
‫النظام العام في دولته وتمت إثارة هذا الدفع وتحققت كافة شروطه‪ ،‬فإنه يستبعد هذا القانون في أي مرحلة كانت‬
‫عليها الدعوى حماية لنظامه القانوني الداخلي وهذا ما جرى العمل على تسميته باألثر السلبي للنظام العام‪ ،‬وال شك‬
‫في أن هذا االستبعاد سيوجد فراغا تشريعيا مما يوجب على القاضي البحث عن قانون آخر ليحل محل القانون‬
‫المستبعد وهو ما يطلق عليه باألثر اإليجابي للنظام العام‪ ،‬ومن المتفق عليه وجوب التحقق من شدة وصرامة الدفع‬
‫بالنظام العام إذا ما تعلق األمر بحق اكتسب بالخارج وتم التمسك به في دولة القاضي‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬قمنا بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على النحو التالي‪:‬‬
‫المطلب األول (األثر السلبي للنظام العام)‪.‬‬
‫المطلب الثاني (األثر اإليجابي للنظام العام)‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫األ ثر السلبي للنظام العام‬
‫يترتب على إعمال الدفع بالنظام العام أثر سلبي وهو استبعاد تطبيق أحكام القانون األجنبي المتعارضة أحكامه‬
‫األساسي إلعمال الدفع بالنظام العام هو عدم السماح‬ ‫مع النظام العام في دولة القاضي المثار أمامه النزاع‪ ،‬فالهد‬
‫لقواعد القانون األجنبي باالندماج في النظام القانوني الوطني‪ ،‬نظ اًر للتنافر القائم بينها وبين أساس هذا النظام‪.‬‬
‫ويثور التساؤل‪ :‬هل يتم استبعاد القانون األجنبي بجميع أحكامه وبشكل كلي أو يقتصر االستبعاد على الجزء‬
‫المتعارض مع النظام العام الوطني في هذا القانون؟‬
‫ولإلجابة على هذا التساؤل قمنا بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين بحثنا في األول (االستبعاد الكلي للقانون األجنبي‬
‫المخالف للنظام العام) وفي الثاني (االستبعاد الجزئي للقانون المخالف للنظام العام)‪.‬‬

‫زواتي الطيب ‪،‬دراسات في القانون الدولي الخاص الجزائري‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.333_339‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪89‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫الفرع األول‬
‫االستبعاد الكلي للقانون األجنبي المخالف للنظام العام‬
‫ذهب جانب من الفقه إلى ضرورة استبعاد القانون األجنبي المخالف للنظام العام بشكل كلي وإلى تطبيق قانون‬
‫القاضي بدالً منه (‪)1‬وقد استند هذا الجاني إلى قاعدة قد قررتها قاعدة اإلسناد في بلد القاضي بحجة منع التعارض‬
‫مع النظام العام وبتطبيق القواعد األخرى في القانون المستبعد قد يؤدي إلى مسخ وتشويه القانون األجنبي الذي‬
‫يجب أن يتم التعامل معه كوحدة واحدة‪ ،‬مما قد يؤدي إلى تطبيق هذا القانون في غير األحوال التي يجب تطبيقه‬
‫إلى‬ ‫ال عن أن هذا التطبيق قد يخالف الغاية المرجوة من وجود قواعد اإلسناد في بلد القاضي التي تهد‬
‫فيها‪ ،‬فض ً‬
‫تطبيق القانون األجنبي برمته وكوحدة واحدة وليس اجتزاء أحكامه واألخذ ببعضها دون اآلخر‪.‬‬
‫وقد برر أصحاب هذا االتجاه رأيهم بالحجج التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إنه يجب النظر في القانون األجنبي المختص كوحدة واحدة وكل ال يتج أز‪ ،‬وعليه فإن استبعاد الجزء‬
‫المخالف وتطبيق أجزاء أخرى منه يؤدي إلى تشويه القانون وتقطيع أوصاله مما يؤدي إلى تطبيقه تطبيقا‬
‫(‪)2‬‬
‫مخالفا إلرادة المشرع الذي وضعه‪.‬‬
‫‪ ‬إن األخذ بفكرة االستبعاد الجزئي للقانون األجنبي ينطوي على مخالفة لقاعدة اإلسناد الوطنية التي تهد‬
‫إلى تطبيق أكثر القوانين اتصاالً بالعالقة وأكثرها قدرة على تحقيق العدالة‪ ،‬وهو ما ال يتحقق إال بتطبيق‬
‫(‪)3‬‬
‫القانون األجنبي كامالً‪ ،‬إذ يكون األمر على النقيض في حالة االستبعاد الجزئي‪.‬‬
‫ومؤدى ذلك كله أن إعمال فكرة االستبعاد الجزئي أمر يتناقض مع إرادة كل من المشرع الوطني واضع‬
‫قاعدة التنازع وكذلك األمر بالنسبة للمشرع األجنبي في الدولة المختص قانونها باالنطباق‪ ،‬وأن قاعدة التنازع‬
‫(‪)4‬‬
‫ال تتحقق إال من خالل االستبعاد الكلي وحده‪.‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫االستبعاد الجزئي للقانون األجنبي المخالف للنظام العام‬
‫أكد جانب من الفقه إلى أن األثر السلبي إلعمال فكرة النظام العام ليس من شأنها استبعاد أحكام القانون‬
‫األجنبي المختص بموجب قاعدة اإلسناد الوطنية بشكل كلي‪ ،‬وإنما ينحصر االستبعاد على الجزء المخالف‬
‫لهذه الفكرة في دولة القاضي دون بقية األجزاء األخرى من هذا القانون لعدم توافر العلة والمغزى من استبعادها‪،‬‬
‫وتكون بذلك قد احتفظت للقانون األجنبي ولقاعدة اإلسناد بأكبر قدر من الفعالية (‪ )5‬كما يسمح هذا الحل إلى‬
‫(‪)6‬‬
‫تفادي عيوب قواعد التنازع دون أن يتم تعطيلها بشكل كامل‪.‬‬
‫ويبرر أصحاب هذا االتجاه رأيهم بمجموعة من الحجج لعل من أهمها‪:‬‬

‫(‪NiBoyet(J.P.)Traite de droit international prive tomes III ,IV etv ,Paris 1994,P.522. )1‬‬
‫(‪ )2‬د‪.‬سلطان عبدالله محمود ‪،‬الدفع بالنظام العام وأثره ‪،‬مجلة الرافدين للحقوق ‪،‬المجلد ‪،19‬العدد ‪، 9313، 13‬ص‪.21‬‬
‫عبده جميل غصوب ‪،‬دروس في القانون الدولي الخاص ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ‪،‬بيروت ‪،9339،‬ص‪.911‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬تنازع القوانين ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية ‪،9339،‬ص‪.529‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫إعراب بلقاسم ‪،‬القانون الدولي الخاص الجزائري ‪،‬الجزء األول ‪،‬تنازع القوانين ‪،‬الطبعة العاشرة ‪،‬دار هومة الجزائر ‪،9339،‬ص‪.199‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫د‪.‬محمد وليد المصري ‪،‬محاولة لرسم معالم النظام العام الدولي العربي بمفهوم القانون الدولي الخاص ‪،‬مجلة الحقوق جامعة الكويت العدد الرابع‬ ‫(‪)6‬‬

‫لسنة ‪،9333‬ص‪.111‬‬

‫‪88‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫‪ ‬يجب استخدام األثر ا الستبعادي للنظام العام بحذر شديد وبصورة استثنائية فال ينبغي اللجوء إليه إال‬
‫بالقدر الذي يمس بالقواعد األساسية لقانون القاضي‪ ،‬على أن يبقى ما دون ذلك محكوماً بالقانون‬
‫(‪)1‬‬
‫األجنبي المختص أصالً‪.‬‬
‫‪ ‬ال يرمي الدفع بالنظام العام إلى إصدار حكم يقيم من خالله القانون األجنبي في ذاته وإنما يهد‬
‫إلى الحيلولة دون حدوث النتيجة المخالفة للنظام العام الناشئة عن تطبيق بعض أحكامه‪ ،‬فإن أمكن‬
‫تالفي هذه النتيجة باستبعاد الجزء المخالف من هذه األحكام فلن يكون هناك مبرر لعدم تطبيق أحكام‬
‫(‪)2‬‬
‫القانون األجنبي األخرى غير المتعارضة مع النظام العام‪.‬‬
‫‪ ‬االستبعاد الجزئي للقانون األجنبي هو وحده الذي يحقق المقصود من قاعدة التنازع والوظيفة التي‬
‫وجدت لتحقيقها بالتصور الذي وضعه المشرع الوطني‪ ،‬كما يحفظ للقانون األجنبي مكانته باعتباره‬
‫والغاية‬ ‫صاحب االختصاص األصيل‪ ،‬أما من يقول باستبعاد القانون األجنبي برمته فهو يهدد الهد‬
‫من قاعدة اإلسناد ويعصف بروحها‪ ،‬كما أنه يعتدي على القانون األجنبي صاحب االختصاص‬
‫(‪)3‬‬
‫األصيل‪.‬‬
‫‪ ‬إن استبعاد أحكام القانون األجنبي كلياً وتطبيق قانون القاضي بدالً منه يتعارض وحكمة المشرع‬
‫كون القانون األجنبي هو الواجب التطبيق باألصل وهو األكثر مالئمة لحل النزاع (‪ )4‬وإن األثر السلبي‬
‫يتمثل في استبعاد الجزء المخالف للنظام العام في القانون األجنبي دون بقية األجزاء األخرى وعلى‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫القاضي تطبيق أحكام القانون األجنبي التي ال تتعارض ومفهوم فكرة النظام العام في دولته‬

‫الجوهري‬ ‫إال أنه في بعض الحاالت يصعب تطبيق القانون األجنبي المختص أو استبعاد جزئية منه لالختال‬
‫بأساس النظام العام‪ ،‬ولعدم إمكانية فصل هذه الجزئية الرتباطها الوثيق بأحكام القانون األجنبي مما يقتضي اللجوء‬
‫(‪)6‬‬
‫إلى استبعاده كليا‪.‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫األثر اإليجابي للنظام العام‬
‫ال يقتصر دور القاضي على استبعاد القانون األجنبي المختص الذي تعارضت أحكامه مع النظام العام في‬
‫دولته‪ ،‬بل يتوجب عليه التصدي للفراغ التشريعي الناتج عن هذا االستبعاد للفصل في النزاع المعروض عليه فال‬
‫يتصور أن تبقى القضية دون قانون يحكمها‪ ،‬وذلك بإحالل قانون بديل عن القانون األجنبي المستبعد‪ ،‬ويكون إحالل‬
‫قانون آخر بديال عن القانون المستبعد هو األثر اإليجابي للنظام العام‪ ،‬ويعتبر ذلك نتيجة طبيعية لنظرة الفقه إلى‬
‫النظام العام على أنه دفع من الدفوع الموضوعية‪ ،‬وهو األمر السائد في غالب التشريعات‪ ،‬إال أن األمر مختلف‬

‫ختام عبد الحسن ‪،‬موانع تطبيق القانون األجنبي ‪،‬مجلة الكلية اإلسالمية الجامعية ‪،‬النجف األشر ‪،‬العراق مجلة علمية اقتصادية محكمة العدد‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪، 9332 ، 1‬ص‪.999‬‬


‫ختام عبد الحسن ‪،‬موانع تطبيق القانون األجنبي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.999‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪.‬جمال محمود الكردي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪ ،931‬د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.139‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪.‬هشام علي صادق‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.911‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫د‪.‬سعيد يوسف البستاني‪،‬القانون الدولي الخاص ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪،913‬د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.139‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫د‪.‬سعيد يوسف البستاني ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.991‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪88‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫في البالد األنجلوسكسونية التي تعتبر الدفع بالنظام العام دفعا إجرائيا يستتبع في حال الحكم باستبعاد القانون‬
‫األجنبي المخالف أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها‪ ،‬ومن ثم ال تثور مسألة البحث عن بديل للقانون المستتبع‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ويثور تساؤل مهم في هذا الصدد عن ماهية القانون الذي سيطبق بعد استبعاد القانون األجنبي على النزاع‬
‫المعروض أمام القاضي؟‬
‫إن معظم القوانين ومنها القانون المدني األردني في المادة (‪ )92‬والقانون المدني المصري في المادة (‪)993‬‬
‫لإلجابة‬ ‫والقانون المدني العراقي في المادة (‪ )39‬لم تنص إال على األثر السلبي للنظام العام‪ ،‬وعليه وجد االختال‬
‫على هذا السؤال‪ ،‬وذهب الفقه في ذلك إلى عدة اتجاهات لعل من أبرزها أن األثر السلبي للنظام العام ال بد أن‬
‫يتبعه أثر إيجابي لسد الفراغ التشريعي وعدم اعتبار القاضي منك اًر للعدالة عندما ال يحكم في النزاع المعروض عليه‬
‫بحجة عدم إمكان إعمال القانون األجنبي المختص لتعارضه مع النظام العام‪.‬‬
‫وفي الواقع يوجد تالزم بين استبعاد القانون األجنبي‪ -‬األثر السلبي‪ -‬والبحث عن قانون بديل ليحل محل القانون‬
‫المستبعد‪ -‬األثر اإليجابي ‪ -‬فالدفع بالنظام العام وجهان يتمثل أحدهما باألثر السلبي والثاني باألثر اإليجابي ‪،‬‬
‫وعليه فإن جانبا من الفقه يرى أن استبعاد القانون األجنبي المخالف ال يكون كافيا دون إحالل قانون بديل عنه‪،‬‬
‫ويدللون على ذلك بالحالة التي يجيز فيها القانون األجنبي نشوء عالقة ال يسمح بها قانون القاضي‪ ،‬وعليه يجب‬
‫استبعاد هذا القانون األجنبي وهذه الحالة دون الحاجة إلى إحالل قانون آخر بدالً منه((‪.))2‬‬
‫وقد انتقد هذا الرأي بشده واعتبر غير جدير بالتأييد لوجود ارتباط وتالزم بين األثر اإليجابي والسلبي‪ ،‬والمتأمل‬
‫الجيد للمسألة يجد أن استبعاد القانون األجنبي يحدث فراغا قانونيا يجب سده بالبحث عن قانون بديل يحكم النزاع‪،‬‬
‫وقد يحدث األثر اإليجابي بحلول قانون محل القانون المستبعد بشكل ضمني أو صريح فال يترك النزاع بدون قانون‬
‫(‪)3‬‬
‫يحكمه‪.‬‬
‫ومن كل ما تقدم يظهر التالزم بين استبعاد القانون األجنبي وإحالل قانون بديل عنه‪ ،‬ففي جميع األحوال يرتب‬
‫الدفع بالنظام العام أثرين مت اربطين أحدهما سلبي واآلخر إيجابي‪ ،‬إال أن المشكلة التي تواجه القاضي عند استبعاد‬
‫القانون األجنبي المختص تتمثل في تحديد القانون البديل الذي يمأل الفراغ التشريعي الناتج عن هذا االستبعاد‪،‬‬
‫كبير بين الفقه والقضاء‪ ،‬إذ انقسموا إلى عدة اتجاهات لعل من أبرزها‪:‬‬ ‫ويوجد في هذه المسألة خال‬
‫‪ ‬البحث عن البديل في القانون األجنبي ذاته‪ -‬مذهب سافييني‪:‬‬
‫يتمثل مضمون هذا الحل أنه عند استبعاد القانون األجنبي المخالف للنظام العام يتوجب البحث عن حل ضمن‬
‫نطاق القانون المستبعد على اعتبار أن االختصاص باألصل يعود له ضمن قواعد اإلسناد في بلد القاضي ‪،‬وذلك‬
‫من خالل البحث في القانون األجنبي عن نص بديل مالئم يطبق على المسألة التي كان يحكمها النص المخالف‬
‫مقيد بشرطين هما‪ :‬وجود نص بديل يصلح للتطبيق على موضوع النزاع‪ ،‬وأن يكون‬ ‫للنظام العام‪ ،‬إال أن هذا الحل ّ‬
‫هذا النص –البديل‪ -‬غير مخالف للنظام العام الوطني ((‪.))4‬‬

‫د‪.‬حفيظة السيد الحداد ‪،‬الموجز في القانون الدولي الخاص المصري ‪ ،‬تنازع القوانين ‪،‬االختصاص القضائي الدولي ‪،‬دون دار نشر ‪،‬ص‪.335‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبده جميل غصوب ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.919‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.131‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪.‬جمال محمود الكردي ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.931‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪86‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫‪ ‬تطبيق القانون األقرب للعالقة‪:‬‬


‫ذهب اتجاه من الفقه إلى أنه يجب تطبيق القانون األقرب في أحكامه إلى القانون المستبعد‪ ،‬وذلك بموجب قاعدة‬
‫إسناد احتياطية في قانون القاضي الوطني‪ ،‬ومثال ذلك تطبيق قانون محل اإلقامة في مسائل األحوال الشخصية‬
‫عندما يكون قانون الجنسية مخالفاً في أحكامه للنظام العام في دولة القاضي‪ ،‬ويتم تطبيق القانون الذي يرتبط بالنزاع‬
‫بأكثر الروابط صلة وقد يكون وقد يكون هذا القانون أجنبياً‪ ،‬وقد يكون قانون القاضي‪ ،‬إذ يطبق منه القاعدة األقرب‬
‫(‪)1‬‬
‫في مضمونها للقانون المستبعد‪.‬‬
‫إال أن هذا االتجاه لم يسلم من االنتقاد ولعل أبرز هذه االنتقادات‪ ،‬هو أن اللجوء إلى الضوابط االحتياطية في‬
‫حال استبعاد القانون األجنبي المختص تشير إلى قانون آخر له صفة البديل المالئم هو أمر غير مجد في حال‬
‫بإنشاء عالقة غير مشروعة في دولة القاضي‪ ،‬وهنا تطبيق قانون دولة القاضي هو وحده من‬ ‫إذا ما رغب األط ار‬
‫يحمي نظامه العام بمنع نشوء تلك العالقة غير المشروعة‪ ،‬وأي قانون آخر بديل يعجز عن هذه الحماية (‪)2‬وتظهر‬
‫أيضاً في هذا الفرض مشكلة تتمثل في حال إشارة قاعدة اإلسناد إلى تطبيق أكثر من قانون يصعب أو يستحيل‬
‫معها المزج أو التوفيق فيما بينها‪.‬‬

‫‪ ‬تطبيق قانون القاضي‪:‬‬


‫ال شك في أن إحالل قانون القاضي محل القانون األجنبي المستبعد باسم النظام العام يعتبر أفضل الحلول‬
‫كونه يعد أكثر الحلول مالئمة لالعتبارات العملية‪ ،‬على اعتبار أن القاضي الوطني هو أعر الناس بقانون دولته‬
‫فيتجنب بذلك كافة الصعوبات التي قد تعترض طريقه عند تطبيق القانون األجنبي‪ ،‬وكذلك يحقق إحالل قانون‬
‫القاضي مكان القانون المستبعد أكبر قدر من الحماية والمحافظة على المبادئ الجوهرية لقانونه الوطني‪ ،‬وإن هذا‬
‫الحل يتماشى مع طبيعة وفكرة النظام العام باعتبارها فكرة وطنية باإلضافة إلى أنه صاحب اختصاص احتياطي‬
‫(‪)3‬‬
‫عام‪.‬‬
‫وإن األخذ بهذا الرأي يستوجب األخذ بشرطين أساسيين هما‪ :‬وجود قانون مختص بموجب قاعدة اإلسناد في‬
‫(‪)4‬‬
‫دولة القاضي‪ ،‬وكذلك توافر نص مالئم لطبيعة المسألة المعروضة في قانون القاضي‪.‬‬
‫وخالصة القول‪ ،‬يترتب على إعمال فكرة الدفع بالنظام العام أثران مهمان ومباشران ومتالزمان هما األثر السلبي‬
‫واألثر اإليجابي للدفع بالنظام العام فال يتصور أن يبقى النزاع دون قانون يحكمه‪ ،‬ويتمثل األثر السلبي في استبعاد‬
‫القانون األجنبي المختص لمخالفته للنظام العام في دولة القاضي‪ ،‬وأثر إيجابي يعتبر نتيجة حتمية لألثر السلبي‬
‫لسد الفراغ التشريعي الذي ينتج عن هذا االستبعاد بإحالل قانون بديل (قانون القاضي حسب الرأي الراجح)‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة إلى أنه في حال ما إذا كانت نصوص قانون القاضي غير مالئمة لطبيعة العالقة محل البحث أو سكتت‬
‫هذه النصوص تماماً عن إعطاء حل للمسألة فال مناص عندئذ في قواعد العدالة والقانون الطبيعي وما استقر عليه‬
‫من مبادئ القانون الدولي الخاص‪.‬‬

‫د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪119‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبده جميل غصوب ‪،‬مرجع سابق ص‪ ،991‬و د‪.‬عكاشة عبدالعال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.111‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪.‬هشام علي صادق ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.339‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪.‬عكاشة عبد العال ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.199‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪88‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫الخاتمة‬
‫وبعد االنتهاء من هذا البحث فقد تم التوصل إلى النتائج والتوصيات التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن تعريف النظام العام بأنه مجموعة المصالح الجوهرية األساسية والمثل العليا للدولة والجماعة التي‬
‫ترتضيها لنفسها ويتأسس عليها كيان المجتمع كما يرسمه النظام القانوني سواء أكانت هذه المصالح دينية‬
‫أم سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية ويعرض اإلخالل بها كيان المجتمع إلى التصدع واالنهيار‪ ،‬ويمثل‬
‫النظام العام صمام األمان الذ ي يحمي هذه األسس في مجتمع القاضي بمنع تسرب وانقالب القوانين‬
‫األجنبية التي تتعارض جذرياً مع هذه المبادئ‪.‬‬
‫أثر سلبياً وهو وجوب استبعاد أحكام القانون األجنبي المتعارضة مع‬
‫‪ ‬يترتب على إعمال الدفع بالنظام العام اً‬
‫أحكام القانون الداخلي أو الوطني للقاضي‪ ،‬وهذا ال يعني بقاء النزاع معلقاً بال قانون يحكمه أو يتوقف‬
‫القاضي عن السير في نظر النزاع‪ ،‬ويتوجب على القاضي أن يسد هذا الفراغ التشريعي بأن يبحث عن‬
‫قانون آخر يصلح لحكم النزاع المعروض عليه وهذا ما يعر باألثر اإليجابي ‪.‬‬
‫‪ ‬يترتب على استبعاد القانون األجنبي ثبوت االختصاص لقانون القاضي لسد الفراغ التشريعي الناجم عن‬
‫هذا االستبعاد وهو األثر اإليجابي ‪.‬‬
‫بالحقوق المكتسبة في الخارج وهو تلطيف لمفعول النظام العام وال يعني استبعاد كلي لفكرة الدفع‬ ‫‪ ‬االعت ار‬
‫بالنظام العام في جميع األحوال بالنسبة ألي حق اكتسب بالخارج وتم طرح النزاع المتعلق به أمام القاضي‬
‫الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬يتمتع القاضي بسلطة تحديد مفهوم فكرة النظام العام ولكن يجب أن يتقيد بضوابط لكي ال يتوسع في‬
‫إعمال هذه الفكرة‪ ،‬وال يمكن له أن يفرض نظرته الخاصة إلعمال هذه الفكرة‪ ،‬بل يجب أن يلتزم في تقديره‬
‫لفكرة النظام العام باألفكار السائدة في مجتمعه والمتمشية مع مصالح أمنه‪ ،‬لذا نرى بأن تقدير القاضي‬
‫لفكرة النظام العام تعتبر مسألة قانونية وتخضع لرقابة المحاكم العليا‪.‬‬
‫‪ ‬القاعدة العامة تقتضي بتطبيق القانون المختص الذي أشارت إليه قاعدة اإلسناد سواء أكان قانون القاضي‬
‫بموانع تطبيق القانون‬ ‫أم قانون أجنبي ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة بل يرد عليها استثناءات تعر‬
‫األجنبي (الدفع بالنظام العام)‪.‬‬
‫‪ ‬إن هذه الموانع هي عمل ذو طابع استثنائي يتعطل معها اإلعمال الطبيعي لقواعد اإلسناد الوطنية‪ ،‬وعليه‬
‫يجب أن يكون استخدامها مقروناً بالحكمة واالعتدال وال يتم اللجوء إليها إال في األحوال التي تستدعي ذلك‬
‫وفي الفروض التي تستوعبها المصلحة العليا ولحماية المجتمع من تدخل القوانين األجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬لم يشر المشرع األردني إلى ضرورة أن يكون القانون األجنبي ذا صلة كافية بالنظام العام أو ما يعر‬
‫موقف القانون الفرنسي واأللماني‪.‬‬ ‫بالرابطة الكافية بين النزاع ودولة القاضي‪ ،‬بخال‬

‫‪100‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬التوصيات‬


‫‪ ‬على الرغم من بذل محاوالت عدة في سبيل الوصول إلى تعريف مشترك لفكرة النظام العام إال أن المشرع‬
‫األردني التزم الصمت ‪،‬لذا نقترح على المشرع األردني إيراد تعريف للنظام العام من خالل بيان أركانه‬
‫وعناصره‪.‬‬
‫حل في حال استبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق والمخالف‬
‫‪ ‬كما نقترح على المشرع األردني إضافة ّ‬
‫للنظام العام ‪،‬كأن يقرر اختصاص القضاء األردني في حل النزاع‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وجود نص في التشريع األردني يخضع فيه الدفع بالنظام العام لرقابة محكمة التمييز في دولة‬
‫القاضي شأنه في ذلك شأن القانون الوطني‪ ،‬ألن خبرة محكمة التمييز في فهم وتفسير القانون األجنبي‬
‫وفهمها لقصد المشرع األجنبي أعمق من فهم القاضي المنفرد‪.‬‬
‫‪ ‬معالجة الدفع بالنظام العام بنص قانوني على غرار الدفوع األخرى الواردة في المادة (‪ )132‬من قانون‬
‫أصول المحاكمات المدنية األردني‪ ،‬وبيان اآللية المتبعة لذلك الدفع والشروط الواجب توافرها بهذا الدفع‬
‫والمدة الواجب فيها تقديم طلب الدفع بالنظام العام وما هي البينات المطلوبة إلثارة هذا الدفع وما هي‬
‫الجهة المختصة بمراقبة القاضي مصدر القرار بهذا الشأن‪.‬‬
‫‪ ‬بيان اآللية المتبعة واألسس المستند إليها في حال استبعاد القانون األجنبي الواجب التطبيق والمخالف‬
‫للنظام العام وهل يجب على القاضي الوطني إعمال قانونه الداخلي للنظر بهذا النزاع‪.‬‬
‫‪ ‬نوصي بتعديل المادة (‪ )92‬من القانون المدني األردني لتبني األثر اإليجابي صراحة بإحالل القانون‬
‫األردني محل القانون المستبعد ويكون التعديل على النحو التالي " يطبق القانون األردني محل القانون‬
‫األجنبي المخالف للنظام العام واآلداب"‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة بيان طبيعة الدفع بالنظام العام هل هو دفع إجرائي حسب النظام المتبع بالدول األنجلوسكسونية‬
‫الذي يستتبع في حال الحكم باستبعاد القانون األجنبي المخالف للنظام العام أن تحكم المحكمة بعدم‬
‫اختصاصها‪ ،‬أو هو دفع موضوعي يستوجب على القاضي في حال استبعاد القانون األجنبي البحث عن‬
‫بديل للقانون األجنبي الذي تم استبعاده‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫مجلة جامعة الزيتونة االردنية للدراســـــــــــات القانونية‪ ،‬المجلد(‪ ،)2‬االصدار(‪2021،)3‬‬
‫‪Al-Zaytoonah University of Jordan Journal for Legal studies, Volume (2), Issue (3), 2021‬‬

‫المصادر والمراجع‬
‫أوالً ‪ :‬المراجع العربية‪:‬‬

‫الهواري‪ ،‬أحمد محمد‪ ،‬الوجيز في القانون الدولي الخاص اإلماراتي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬إثراء للنشر والتوزيع‪،‬عمان‬ ‫‪‬‬
‫األردن ‪.9339،‬‬
‫دواس‪ ،‬أمين رضا رشيد‪ ،‬تنازع القوانين في فلسطين ‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع ‪،‬عمان‬ ‫‪‬‬
‫األردن‪.9331،‬‬
‫بوزينة‪ ،‬آمنة امحمدي بوزينة‪ ،‬تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص‪ ،‬دار الجامعة الجديدة ‪،‬اإلسكندرية‬ ‫‪‬‬
‫مصر‪.9393،‬‬
‫بلقاسم‪ ،‬إعراب‪ ،‬القانون الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬الطبعة العاشرة ‪،‬دار هومة الج ازئر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.9339‬‬
‫السيد‪ ،‬السيد عبد المنعم حافظ‪ ،‬المختصر في أحكام تنظيم التنازع الدولي بين القوانين‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‬ ‫‪‬‬
‫اإلسكندرية مصر الطبعة األولى‪.9319 ،‬‬
‫الكردي‪ ،‬جمال محمود‪ ،‬تنازع القوانين ‪،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة مصر‪.9335،‬‬ ‫‪‬‬
‫الحداد‪ ،‬حفيظة السيد‪ ،‬الموجز في القانون الدولي الخاص المصري‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬االختصاص القضائي الدولي‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫دون دار نشر‪.‬‬
‫الصفار‪ ،‬ريا سامي سعيد‪ ،‬عقد االنتفاع بالعقار على وجه المشاركة الزمنية في القانون الدولي الخاص دراسة‬ ‫‪‬‬
‫مقارنة‪ ،‬المركز القومي لإلصدارات القانونية القاهرة مصر ‪.9393،‬‬
‫البستاني‪ ،‬سعيد يوسف‪ ،‬الجامع في القانون الدولي الخاص‪ ،‬المضمون الواسع المتعدد الموضوعات‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫األولى ‪،‬منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان ‪.9332،‬‬
‫جمال الدين‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ -‬الجنسية وتنازع القوانين‪ -‬دراسة مقارنة ‪،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪. 9339،‬‬
‫جمال الدين‪ ،‬صالح الدين‪ ،‬دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‬ ‫‪‬‬
‫مصر‪،9339،‬ص‪.119‬‬
‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام ‪،‬مصادر‬ ‫‪‬‬
‫االلتزام‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،‬مشورات الحلبي بيروت لبنان‪. 9332 ،‬‬
‫غصوب‪ ،‬عبده جميل‪ ،‬دروس في القانون الدولي الخاص‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مجد المؤسسة الجامعية للدراسات‬ ‫‪‬‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪.9339 ،‬‬
‫عبدالله‪ ،‬عز الدين‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ -‬الجزء الثاني‪ -‬في تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي‬ ‫‪‬‬
‫الدوليين‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة مصر‪.1212،‬‬
‫عبدالعال‪ ،‬عكاشة‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دا ارلجامعة الجديدة اإلسكندرية ‪.9339،‬‬ ‫‪‬‬
‫سليمان‪ ،‬علي علي‪ ،‬مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بن عكنون الجزائر‪.9339،‬‬
‫المصري‪ ،‬محمد وليد‪ ،‬الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة للتشريعات العربية والقانون الفرنسي)‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬دار الثقافة للتوزيع والنشر‪ ،‬عمان األردن ‪.9332،‬‬

‫‪102‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬
‫محمد صالح ملفي القضاة‬ ‫اثر النظام العام في استبعاد القانون االجنبي ‪...‬‬

‫الالفي‪ ،‬محمد المبروك‪ ،‬تنازع القوانين وتنازع االختصاص القضائي الدولي‪ ،‬دراسة مقارنة في المبادئ العامة‬ ‫‪‬‬
‫والحلول الوضعية المقررة في التشريع الليبي ‪ ،1221‬منشورات الجامعة المفتوحة‪.‬‬
‫صادق‪ ،‬هشام علي‪ ،‬المطول في القانون الدولي الخاص‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬دراسة مقارنة الطبعة األولى‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية ‪.9339‬‬

‫ثانياً ‪ :‬األبحاث والرسائل الجامعية‪:‬‬


‫عمر بلمامي‪ ،‬الدفع بالنظام العام في القانون الدولي الخاص‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماجستير في‬ ‫‪‬‬
‫العقود والمسؤولية‪ ،‬معهد الحقوق والعلوم اإلدارية‪ ،‬بن عكنون جامعة الجزائر‪.1291،‬‬
‫عبد الحسن ختام‪ ،‬موانع تطبيق القانون األجنبي‪ ،‬مجلة الكلية اإلسالمية الجامعية‪ ،‬النجف األشر ‪ ،‬العراق مجلة‬ ‫‪‬‬
‫علمية اقتصادية محكمة العدد ‪. 9332 ، 1‬‬
‫محمود‪ ،‬سلطان عبدالله‪ ،‬الدفع بالنظام العام وأثره‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪ ،‬المجلد ‪1‬العدد ‪.9313، 13‬‬ ‫‪‬‬
‫قريقر‪ ،‬فتحية‪ ،‬النظام العام والتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق جامعة الجزائر‬ ‫‪‬‬
‫‪. 9319-9311‬‬
‫المصري‪ ،‬محمد وليد‪ ،‬محاولة لرسم معالم النظام العام الدولي العربي بمفهوم القانون الدولي الخاص‪ ،‬مجلة‬ ‫‪‬‬
‫الحقوق جامعة الكويت العدد الرابع لسنة ‪.9333‬‬

‫ثالثاً ‪:‬المراجع األجنبية ‪:‬‬


‫‪‬‬ ‫‪Paul lagarde,richer ches sur l’ordre puplic en droit international prive’ ,the’se pour ie‬‬
‫‪doctorat ,Universite’ de paris,faclte’ de droit, 1959‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Lerbous,Ageonniere et loussouar,pre’cis de droit international prive,8em‬‬
‫‪edition,Dallo2,1962,p.372.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪NiBoyet(J.P.)Traite de droit international prive tomes III ,IV etv ,Paris 1994,P.522.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬القوانين ‪:‬‬


‫‪ ‬القانون المدني األردني رقم ‪ 13‬لسنة ‪.1291‬‬
‫القانون المدني المصري رقم ‪ 131‬لسنة ‪1291‬في المادة (‪. )99‬‬ ‫‪‬‬
‫القانون المدني السوري رقم ‪19‬لسنة‪ 1212‬المادة (‪.)33‬‬ ‫‪‬‬
‫قانون المعامالت المدنية لدولة اإلمارات رقم (‪ )5‬لسنة ‪ 1292‬المادة (‪.)99‬‬ ‫‪‬‬
‫الباب التمهيدي للقانون المدني اإلسباني في خصوص القانون الدولي الخاص لعام‪1291‬في والمادة (‪.)3/19‬‬ ‫‪‬‬

‫‪103‬‬ ‫©جميع الحقوق محفوظة‪،‬عمادة البحث العلمي‪ /‬جامعة الزيتونة االردنية ‪2021‬‬

You might also like