You are on page 1of 11

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫قواعد االسناد ودورها في التنازع ‪ ,‬وكيفية اثبات وتفسير القانون االجنبي في تنازع‬
‫القوانين‬

‫إن ه من الث ابت في فق ه الق انون ال دولي الخ اص أن ه ذا الق انون إرتب ط وج وده بظ اهرة الح دود‬
‫السياسية واإلجتماعية فهو يقوم على إفتراض إنقسام المجتمع الدولي إلى عدة دول ذات حدود‬
‫إقليمي ة تميزه ا عن غيره ا‪ ،‬ولك ل منه ا نظامه ا الق انوني المس تقل ثم نش وء عالق ات ورواب ط‬
‫متبادل ة إقتص ادية وإ جتماعي ة بين أف راد ك ل منه ا‪ :‬وق د أض حت تل ك العالق ات ال تي تنم و ع بر‬
‫ح دود ال دول من مع الم المجتم ع ال دولي المعاص ر بع دما إرتبطت ال دول بمص الح م ع ال دول‬
‫األخ رى وعن دها لج أت ك ل دول ة إلى س ن تش ريع يطب ق على إقليمه ا س واء بالنس بة للعالق ات‬
‫الوطني ة أو بالنس بة للعالق ات ذات العنص ر األجن بي وعن طري ق قواع د اإلس ناد يمكنن ا معرف ة‬
‫الق انون ال واجب التط بيق على المنازع ة ذات العنص ر األجن بي أه و الق انون الوط ني أم الق انون‬
‫األجنبي ‪.‬‬
‫فسابقا لم يكن من المتصور قيام أي تنازع بين القوانين طالما كان القاضي الوطني يقتصر‬
‫على تطبيق قانونه على مايعرض عليه من منازعات ذي طابع دولي ‪,‬اذ ان محاكم كل دولة لم‬
‫تكن تطبق سوى قانونها على كل مايعرض عليها من منازعات ‪.‬‬
‫كما انه لم يكن من المتصور ايضا" قيام أي تنازع بين القوانين طالما كان التالزم متحققا" بين‬
‫المحكمة المختصة والقانون الذي يحكم النزاع ‪ ,‬ذلك أن المبدأ الذي ساد ولمدد هو إن جميع‬
‫القوانين تعتبر عينية أي اقليمية وهي تطبق على جميع االشخاص وجميع االشياء الكائنة في‬
‫االقليم ‪.‬‬
‫وبهذا الوصف فأن قانون المحكمة التي تنظر النزاع او قانون القاضي كان يتمتع بمكانة‬
‫مرموقة ومتميزة فال يخضع لمنافسة من أي قانون اجنبي ‪.‬‬
‫غير أن ازدياد الحاجة للتعامل بين الدول وتعذر بقاء المجتمعات الوطنية في معزل بعضها‬
‫عن بعض من الناحية االقتصادية واالجتماعية أدى الى استحالة استمرار التالزم بين‬
‫االختصاص القضائي والقانون الذي يحكم المسألة الخاصة ذات الطابع الدولي وأصبح من‬
‫الضروري احيانا" السماح بتطبيق القاضي الوطني لقانون غير قانون دولته ‪ ,‬ذلك انه لو‬
‫تمسكت كل دولة بأخضاع جميع العالقات الخاصه ذات الطابع الدولي – أي تلك التي تتصل‬
‫بعض عناصرها بنظم قانونية أجنبية لقانونها الوطني أسوة بالعالقات الوطنية البحتة ألدى ذلك‬
‫الى امكان عدم اعتراف النظم القانونية األخرى بهذه العالقات والى ارباك المعامالت الدولية‬
‫وشل الحياة االقتصادية واالجتماعية في المجتمع الدولي ‪.‬‬
‫ومع ظهور المنهج التقليدي في تنازع القوانين القائم على قاعدة التنازع المتعدية التي وصفت‬
‫من بعضهم بأنها قواعد عمياء النها تحدد القانون الواجب التطبيق بصرف النظر عن مضمون‬
‫هذا القانون ‪ ،‬أو آثار تطبيقه على النزاع ‪,‬ودون اهتمام باالهداف السياسية واالجتماعية‬
‫واالقتصادية التي يسعى المشرع الى تحقيقها فأن قانون القاضي المعروض عليه النزاع‬
‫اليستطيع االنفراد بحكم موضوع العالقة ‪,‬اذ قد تكون العالقة اكثر ارتباطاً بأحد القوانين‬
‫االخرى المتصلة بها عن طريق أي عنصر من عناصرها ‪.‬‬
‫هكذا صار باالمكان تطبيق القانون االجنبي وفقا" لماتقرره قاعدة االسناد في التشريع الوطني‬
‫ولم يعد قانون القاضي ينفرد بتلك الخصوصية ‪.‬‬
‫وهكذا اختلف مركز قانون القاضي في حكم المنازعات المشتملة على عنصر اجنبي‪,‬غير انه‬
‫لم يفقد سطوته بالكامل فقد ظل يتمتع ببعض الحاالت التي ينطبق فيها بصورة اصلية ودون‬
‫أي منافسة أو مزاحمة من أي قانون أجنبي ‪.‬‬
‫وذلك كان من خالل صياغة مناهج تقوم احياناً على اللجوء للقواعد الموضوعية لحل المشاكل‬
‫التي تثيرها العالقات الخاصة الدولية وفي احيان أخرى تقوم على تطبيق بعض القوانين تطبيقاً‬
‫مباشراً ‪ ,‬أو الركون الى قاعدة تنازع انفرادية وكان ذلك كله بمثابة رد فعل من بعضهم لعدم‬
‫احيانا الى نتائج غير مرضية ‪.‬‬
‫ً‬ ‫كفاية المنهج التقليدي في تنازع القوانين الذي يؤدي‬
‫فعندما تشير قاعدة اإلسناد إلى تطبيق القانون الوطني فإن هذا األخير هو الواجب التطبيق ‪،‬أما‬
‫إذا ك ان الق انون المش ار إلي ه قانون ا أجنبي ا ف إلى أي م دى يل تزم القاض ي بتطبيق ه وه ل القاض ي‬
‫الوط ني يبحث عن ه ذا الق انون من تلق اء نفس ه أم يت وجب على الخص وم إثب ات مض مون ه ذا‬
‫القانون وهل يخضع القاضي وهو بصدد تطبيقه وتفسيره لهذا القانون الذي أشارت إليه قاعدة‬
‫اإلس ناد لرقاب ة المحكم ة ‪،‬وه ل يع د الق انون األجن بي قانون ا ويظ ل محتفظ ا بطبيعت ه ب الرغم من‬
‫تجاوزه للحدود اإلقليمية للدولة التي سنته أم أنه يعتبر مجرد وقائع يتعين على الخصوم إثباتها‬
‫وتقديم الدليل حول مضمون هذه القواعد ؟‬
‫واجابة هذه التساؤالت هي مجال بحثنا في هذا الفصل‪.‬‬
‫ان اصطالح "تنازع القوانين" يجب ان ال يحمل على معناه الحرفي وهو المفاض لة بين القوانين‬
‫وغلب ة اح دها على االخ ر وف وزه بحكم العالق ة‪ ،‬ذل ك الن واق ع االم ر ه و عملي ة اختي ار انس ب‬
‫الق وانين لحكم العالق ة القانوني ة‪ ،‬وهي مفاض لة يجريه ا المش روع الوط ني بحيث اذا م ا اقتن ع‬
‫بأفضلية قانون أجنبي لحكم عالقة معينة افسح له المجال ونحى جانبا القانون الوطني‪.‬‬
‫وانين‬ ‫ق الق‬ ‫طلح "تناس‬ ‫تعمال مص‬ ‫راح اس‬ ‫ترح بعض الش‬ ‫ذا اق‬ ‫وله‬
‫‪ ."Harmony of Laws‬وذل ك ب دال عن اص طالح تن ازع الق وانين‪ ،‬كم ا ذهب بعض هم اآلخ ر‬
‫إلى إق تراح اص طالح "س لطان الق انون من حيث المك ان"‪ ،‬غ ير ان بعض هم يمي ل إلى إس تعمال‬
‫تعب ير الق انون االنس ب للعالق ة‪ ،‬ذل ك ان لفظ ة تن ازع الق وانين (حس ب رأيهم) ت وحي ب ان ه ذه‬
‫الق وانين تتناض ل وتتص ارع لحكم العالق ة في حين ان اس تقرار المع امالت في المج ال ال دولي‬
‫وإ ض طرادها ال يتحق ق باختي ار انس ب الق وانين وأكثره ا انس جاما م ع ن وع العالق ة ذات الط ابع‬
‫ال دولي ومن ثم فان ه يتعين المفاض لة بين مختل ف الق وانين ال تي تتص ل بالعالق ة لالهت داء الى‬
‫الق انون االص لح لحكم العالق ة رغم ان ه ذه المفاض لة ق د ت ؤدي الى اختي ار ق انون اجن بي لحكم‬
‫العالقة كما تؤدي إلى اختيار القانون الوطني‪.‬‬
‫ان مشكلة تنازع القوانين تختلف عن أي مشكلة قانونية اخرى من حيث ان السؤال الذي يدور‬
‫البحث عن جواب له في صدد أي نزاع يثور في الفروع القانونية كافة يكون عن حكم القانون‬
‫في هذا النزاع فإذا ما انتقلنا الى مجال تنازع القوانين لوجدنا السؤال مختلفا فهو لم يعد يدور‬
‫حول حكم القانون في النزاع‪ ،‬ولكنه يدور عن أي قانون يحكم النزاع‪.‬‬
‫ان مج ال تن ازع القوانين يتح دد بالمس ائل ذات العنص ر االجنبي ف إذا م ا وج دت مس الة تنطوي‬
‫على عنصر أجنبي ‪ ،‬مثل زواج بين عراقي وفرنسية ‪ ،‬أو عقد ابرم في اس بانيا بين عراقيين‬
‫هن ا يث ور التس اؤل عن الق انون ال ذي يحكم ك ل ه ذه المس ائل اذا م ا ع رض ن زاع بش أنها إم ام‬
‫القض اء دون البحث عن القواع د الموض وعية ال تي من ش انها ح ل ه ذا ال نزاع طالم ا بقين ا في‬
‫اطار الوسيلة التقليدية لحل مشكلة تنازع القوانين فإذا طلبت الزوجة االجنبية الحكم لها بالنفقة‬
‫على زوجها الوطني فهذا هو مجال تنازع القوانين‪،‬ووفق ًا للنظرة التقليدية ال يعنينا أساس ًا ما‬
‫إذا ك انت ألزوج ه تس تحق نفق ة أو ال تس تحق‪ ،‬وإ نم ا يعنين ا أساس ا معرف ة الق انون ال ذي يتعين‬
‫الرجوع اليه للفصل في مسالة استحقاق النفقة‪.‬‬
‫نشأة قواعد تنازع القوانين وتطورها التاريخي‬
‫يرج ع التنظيم لقواع د تن ازع الق وانين في التش ريعات الالتيني ة الى الق رن الث الث عش ر من‬
‫الميالد‪ ،‬إذ اخ ذ بعض الفقه اء االيط اليين يبحث ون عن حل ول لم ا ك ان ينش أ من تن ازع بين‬
‫التشريعات المختلفة التي كانت سارية في ايطاليا لوجود مدن مختلفة يطبق في كل منها قانون‬
‫خ اص‪ ،‬وق د اخ رجت ابح اث االيط اليين في ذل ك ال وقت نظري ة اطل ق عليه ا تعب ير "نظري ة‬
‫االحوال"‪.‬‬
‫وكلم ة األح وال ‪ Status‬ك انت تع ني اول االم ر الق وانين الخاص ة في ك ل مدين ة من الم دن‬
‫االيطالي ة وهي ال تي ك ان يقابله ا من جه ة اخ رى التش ريع الع ام لش مال ايطالي ا والمقص ود ب ه‬
‫الق انون الروم اني ال ذي ك ان يع بر عن ه اوال بلف ظ ق انون ‪ Lex‬ثم اص بحت كلم ة اح وال مماثل ة‬
‫لكلم ة ق انون‪ ،‬وص ار يع بر عن الق وانين ال تي موض وعها االش خاص تعب ير ق انون االح وال‬
‫الشخص ية ‪ ،Status persons‬ويع بر عن الق وانين ال تي موض وعها االش ياء تعب ير ق وانين‬
‫االحوال العينية‪ ،‬لذلك سميت النظرية التي تبحث عن حلول لتنازع القوانين الشخصية والعينية‬
‫بنظري ة االح وال او الق وانين‪ ،‬وك ان اول من خ اض غم ار ه ذا الموض وع وكتب في نظري ة‬
‫االحوال االستاذ بارتولس )‪، Bartolus (1314-1357‬إذ يرى أن القاعدة العامة هي ان جميع‬
‫القوانين تعد مبدئيا إنها عينية وذلك الن النظام االقطاعي قد جعلها كذلك‪ ،‬وان هناك استثناءات‬
‫يكون فيها القانون شخصيا فاألحوال العينية تطبق على جميع االشخاص وجميع االشياء الكائنة‬
‫في االقليم‪ ،‬واألحوال الشخصية تطبق فقط على االشخاص المتوطنين في االقليم‪ ،‬ولكنها تطبق‬
‫عليهم بوساطة محاكم أي مدينة اخرى اذا رفعت فيها القضية‪ ،‬بمعنى انها تتبع الشخص حيثما‬
‫توجه(‪.)1‬‬
‫إن أهم النظري ات الحديث ة في الق رن التاس ع عش ر والق رن العش رين تق وم ام ا على م ذهب‬
‫شخصية القوانين فتعد األصل في القوانين ان تكون شخصية‪ ،‬واما على مذهب وسط يقضي‬
‫بالجمع بين شخصية القوانين وبين إقليمها‪ ،‬إما المذهب القائل بان االصل في القوانين ان تكون‬
‫اقليمية وان تطبيق القوانين الشخصية ليس مجاملة كما ترمي الى ذلك النظرية الهولندية فليس‬
‫ل ه اث ر اال في البالد االنكلوسكس ونية ‪ ،‬مث ل بريطاني ا وأمريك ا الش مالية حيث انتقلت النظري ة‬
‫الهولندية‪ ،‬ولكن تطورت هذه النظرية حتى في هذه البالد واخذ كبار الكتاب االنكليز ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫وستيلك ‪ ، Westlake‬ودايسي ‪ Diecy‬يقررون ان تطبيق القوانين ليس مجرد مجاملة يمكن‬
‫مراعاتها او غض الطرف عنها‪.‬‬
‫فيق ول وس تيلك "إن المجامل‪##‬ة ال‪##‬تي ت‪##‬دعو الى تط‪##‬بيق ق‪##‬انون اجن‪##‬بي ال تف‪##‬ترق في الواق‪##‬ع عن‬
‫التزام قانوني يقضي به العدل "‪ .‬ويق ول دايس ي "ان ه اذا قص د بعب ارة المجامل ة ال تي يق وم على‬
‫اساس ها تط بيق الق وانين االجنبي ة في بل د من البالد ف ان ه ذا التط بيق ال يحص ل إال ب أذن من‬
‫الس لطة ذات الس يادة في ه ذا البل د فه ذه حقيق ة واقع ة‪ ،‬ام ا اذا قص د بالمجامل ة ان القض اء‬
‫االنجل يزي عن دما يطب ق الق انون الفرنسي انم ا يجام ل في ذل ك جمهوري ة فرنس ا ففي ذلك خلط‬
‫كبير الن تطبيق قانون اجنبي ليس متروكا للهوى او االختيار‪ ،‬وليس ناشئا عن رغبة السلطة‬
‫ذات الس يادة في انجل ترا او في أي بل د ان تجام ل ال دول االخ رى إنم ا ه و ناش ئ عن إس تحالة‬
‫تنظيم عدد كبير من القضايا بطريق آخر دون أن يظلم المتقاضون ويضارون سواء كانوا من‬
‫الوطنيين أم من االجانب"‪.‬‬
‫إن تنازع القوانين ال يبرر بشكله الواضح إال في حالة ما إذا كانت العالقة القانونية موضوع‬
‫دع وى تط رح ام ام المح اكم للبت فيه ا عن طري ق الق انون المختص عليه ا‪ ،‬ولكن م ع ذل ك ف ان‬

‫() مثال يرى بارتول ان االحوال تكون شخصية اذا كان القانون يتكلم عن األشخاص وتكون عينية اذا‬ ‫‪1‬‬

‫تكلم عن االموال فإذا جاء النص على ان "الولد االكبر يرث كل التركة" فهو من االحوال الشخصية بعكس‬
‫اذا جاء النص على ان "اموال الميت تؤول الى الولد االكبر" فانه يكون من االحوال العينية‪ .‬وهذا غير‬
‫مقبول الن النصين بمعنى واحد فال يتغير الحكم لمجرد االبتداء بالشخص او بالمال بل العبرة بالمعنى‪.‬‬
‫التنازع قائم منذ اللحظة التي تنشا فيها العالق ة القانونية‪ ،‬ألنه بنشوئها وتكونه ا يتطلب تحديد‬
‫الق انون ال ذي يحكم وض عها من الناحي ة الش كلية والموض وعية‪ ،‬وتحدي د ه ذا الق انون يث ير من ذ‬
‫االبتداء التزاحم والتنافس بين قوانين الدول التي يعنيها األمر‪.‬‬
‫وال يظهر التنازع إال إذا قبل المشرع الوطني مبدأ احتمال تطبيق القانون االجنبي في حاالت‬
‫خاصة معينة يشار إليها من قبله في قواعد االسناد‪ .‬والمشرع الوطني يقوم عادة في كل دولة‬
‫بما يضعه من قواعد تنازع القوانين بتفضيل احد القوانين المتنازعة بإعطائه االختص اص‪ ،‬وق د‬
‫يكون هذا التفضيل الى القانون الوطني او لقانون اجنبي يرى انه أصلح لحكم هذه العالقة‪.‬‬
‫إن قواعد اإلسناد وهي عصب منهجية تنازع القوانين تختلف في طبيعتها بصورة جذرية عن‬
‫القواع د القانوني ة‪ ،‬فه ذه االخ يرة انم ا تح دد مباش رة الحكم او الح ل الموض وعي ال واجب إنزال ه‬
‫على العالق ة القانوني ة مح ل البحث ول ذلك تس مى بـ "القواع د الموض وعية" بينم ا تقتص ر قواع د‬
‫االسناد على القانون الواجب التطبيق ككل دون ان تبين الحكم التفصيلي او الموضوعي الذي‬
‫ينزله هذا القانون على تلك العالقة‪.‬‬
‫لقد حاولت النظريات القديمة‪ ،‬وكذلك النظريات الحديثة التي قيلت في تنازع القوانين والسيما‬
‫الق رنين التاس ع عش ر والعش رين ‪ ،‬إذ ظه رت حرك ة فقهي ة واس عة النط اق ت رمي الى ص ياغة‬
‫حلوال أنموذجية نادى أصحابها بتطبيقها تطبيقا عالميا واهم تلك النظريات الحديثة هي‪-:‬‬
‫نظرية األستاذ األلماني سافيني ‪ Savigny‬التي تقوم على تحليل طبيعة الرابطة القانونية‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫نظري ة االس تاذ االيط الي مانش يني ‪ Mancini‬وأساس ها مب دأ الجنس يات وم ا يتبع ه من‬ ‫‪.2‬‬
‫شخصية القوانين‪.‬‬
‫نظرية االستاذ الفرنسي بيليه ‪ Pillet‬وقوامها الغاية االجتماعية للقانون‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫قواعد االسناد‬
‫اذا ما كنا امام مشكلة تنازع قوانين‪ ،‬كأن تتزاحم قوانين اكثر من دولة على حكم مسالة مشتملة‬
‫على عنصر اجنبي فان السؤال الذي يعرض هنا هو عن كيفية حل هذا التنازع‪ .‬وبعيدا عن‬
‫فكرة االقليمية التي سادت في مدد ماضية والتي وفقا لها كانت كل دولة تقتصر على تطبيق‬
‫قوانينها في اقليمها‪ ،‬وبعد تطور العالقات الخاصة الدولية وإ مكانية تقبل دولة ما تطبيق قوانين‬
‫اجنبي ة الى ج انب قانونه ا‪ ،‬فان ه يتعين إذًا لح ل ذل ك التن ازع التع رف على طبيع ة العالق ة أوًال‬
‫لتحديد القاعدة القانونية التي ثار بشأنها النزاع في دولة معينة لتخضع لقانونها ويكون ذلك عن‬
‫طريق قواعد تسمى "قواعد االسناد"‪.‬‬
‫وإ ذا كانت هذه القواعد هي الطريقة االساسية لحل تنازع القوانين‪ ،‬اال انه في بعض االحيان ق د‬
‫تظهر لدولة مصالح او اعتبارات خاصة تدعوها الى تطبيق قانونها في مسائل معينة وفي هذه‬
‫الحالة ال يكون هناك محل لحل النزاع وفقا لقاعدة االسناد ذلك إنها ستطبق قاعدة موضوعية‪.‬‬
‫وتط بيق ه ذه القواع د الموض وعية في مج ال العالق ات ذات الط ابع ال دولي ي اتي على س بيل‬
‫االس تثناء عوض ا عن االخ ذ بقواع د االس ناد وذل ك لوج ود مص الح ج ديرة بالحماي ة يخش ى من‬
‫المس اس به ا عن د تط بيق قواع د اجنبي ة‪ .‬والقواع د الموض وعية ه ذه تك ون على ن وعين االولى‬
‫قواع د االمن الم دني والثاني ة القواع د ذات التط بيق الف وري او المباش ر‪ .‬ولقاع دة االس ناد‬
‫خصائص وعناصر تتكون منها وهي تختلف عن القواعد الموض وعية من حيث االثر المترتب‬
‫على اعمالها فعلى سبيل المثال قد تحدد قاعدة االسناد حاالت تطبيق القانون الوطني في الوقت‬
‫نفسه الذي تحدد فيه حاالت تطبيق القانون االجنبي‪ ،‬في حين ان القواعد الموضوعية ال تؤدي‬
‫اال لتطبيق قانون القاضي‪.‬‬
‫ووج ه االختالف االخ ر يتمث ل في مس الة جوهري ة هي معرف ة م دى ال تزام القاض ي الوط ني‬
‫بتطبيق قاعدة االسناد‪ ،‬ايلتزم القاضي من تلقاء نفسه بتطبيق هذه القاعدة في جميع المنازعات‬
‫ذات الط ابع ال دولي ام ال؟ في حين ان ه ال مج ال لط رح ه ذا التس اؤل في تط بيق القواع د‬
‫الموضوعية التي يلتزم القاضي بتطبيقها مباشرة ودون تردد‪.‬‬
‫ذهب الفقيه بيليه ‪ Pillet‬الى وصف عملية تحديد القانون الذي يجب تطبيقه وفقا لقواعد االسناد‬
‫بانها عملية تحديد اختصاص تشريعي‪ ،‬إذ ان التشريعات تتنازع فيما بينها الن لكل منها سنده‬
‫الخاص وصفته الخاصة ويفضل من بينها التشريع المتمتع باسناد وصفات اقوى وتقوم قواعد‬
‫االسناد بهذا التفضيل‪.‬‬
‫غير انه ال يمكن التصور باي حال من االحوال ان مهمة قواعد االسناد في دولة ما هي توزيع‬
‫االختص اص التش ريعي للق وانين االجنبي ة المختلف ة‪ ،‬ذل ك ان الق انون ال دولي الخ اص ال يق وم‬
‫بتوزيع االختصاصات بين الدول وانما ينحصر موضوعه المباشر وفقا للفقه الحديث – ومنهم‬
‫‪ – Savigny‬في حكم العالقات ذات العنصر االجنبي بحيث تنصب قواعده على العالقة التي‬
‫تبحث عن حل قانوني ال على القانون الذي يريد ان يبسط سلطته ليحكم تلك العالقة‪.‬‬
‫ان قاعدة االسناد هي االسلوب الرئيس الذي يتم بوساطته التوصل الى حل المنازعات الخاصة‬
‫ذات الطابع الدولي وذلك عن طريق اختيار قانون معين لحكم المسالة القانونية محل النزاع‪.‬‬
‫وتعرف قواعد االسناد بانها "القواعد القانونية التي ترشد القاضي الى القانون الواجب التطبيق‬
‫على المراك ز القانوني ة‪ ،‬ذات العنص ر االجن بي"‪ .‬قواع د اإلس ناد إذا هي قواع د قانوني ة مهمته ا‬
‫إرش اد القاض ي وتوجيه ه الى الق انون ال واجب التط بيق ‪ ،‬فقواع د اإلس ناد وفق ًا له ذا المع نى هي‬
‫كم ا يص فها بعض هم بإنه ا قواع د عمي اء تكتفي بتحقي ق عدال ة ش كلية وهي إس ناد العالق ة‬
‫المطروح ة بطريقة آلي ة الى اكثر القوانين إرتباط ًا بهذه العالق ة وفق ًا للسياس ة التش ريعية لدولة‬
‫القاض ي‪.‬مث ال على ذل ك اس ناد اث ار ال زواج في الع راق لق انون جنس ية ال زوج (م‪ 19/‬م دني‬
‫عراقي) يتضح من هذا ان لقواعد االسناد تركيبة وطبيعة مختلفتين عن سائر القواعد القانونية‪.‬‬
‫فاإلسناد عملية تأتي بعد عملية التكييف وهو كما قلنا عملية البحث عن القانون الواجب التطبيق‬
‫أي أس ناد حكمه ا إلى الق انون ال ذي يجب أن تخض ع ل ه ‪ .‬ولكي نتمكن من الخ وض أك ثر في‬
‫اإلس ناد وقواع ده الب د من ط رح اإلش كالية اآلتي ة‪:‬م اهي عناص ر اإلس ناد ؟ وم اهي خص ائص‬
‫ومميزات هذه القواعد ؟‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية قواعد االسناد وعناصرها‬

‫اوال‪ :‬تعريف قواعد ا إلسناد ‪:‬‬

‫هي عبارة عن قاعدة قانونية يضعها المشرع الوطني هدفها إرشاد القاضي الى القانون الواجب‬
‫التطبيق على المسالة المشتملة على عنصر اجنبي ‪ ,‬وتكون مهمة هذه القواعد اسناد الحكم الى‬
‫الق انون االك ثر مالئم ة لحكم العالق ة المتن ازع في ش أنها من ض من بقي ة الق وانين االخ رى‬
‫المتنازعة النه هو اكثرها إيفاءًا بمقتضيات العدالة من وجهة نظر هذا القانون المختار‪.‬‬

‫فقاع دة اإلس ناد تتكف ل بالربط بش كل مج رد بين طائف ة معين ه من العالق ات او المراك ز القانوني ة‬
‫ذات الط ابع ال دولي واح د الق وانين المرش حة لحكم العالق ة ‪ ,‬فهي تنص فق ط على ان العالق ة‬
‫يحكمها القانون الذي يرتبط بالعنصر األساسي في العالقة‪.‬‬

‫وهناك فارق قانوني اصطالحي بين قاعدة اإلسناد ‪ ،‬وبين ضابط اإلسناد ‪:‬فضابط اإلسناد هو‬
‫األداة ال تي يس تند إليه ا المش رع لتع يين الق انون واجب التط بيق ‪ .‬مث ل الجنس ية أو مح ل وق وع‬
‫الفع ل أو الم وطن أو مح ل التس ليم أو مح ل االتف اق وغ ير ذل ك فهي تعت بر ض وابط إس ناد ‪،‬‬
‫وهناك من يسميها عنصر اإلسناد أو ظرف اإلسناد‪.‬‬

‫وقد انقسم الرأي حول مدى إلزامية قاعدة اإلسناد بالنسبة للقاضي ‪ ،‬إلى ثالثة اتجاهات ‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬ال يعترف لقاعدة اإلسناد بأية قوة ملزمة ‪ .‬والدول التي تسلك هذا االتجاه تمنع‬
‫محاكمها من تطبيق قاعدة اإلسناد وتوجب عليها تطبيق القانون الوطني على المنازعات كافة ‪،‬‬
‫بم ا فيه ا المنازع ات المش تملة على عنص ر أجن بي ‪ ،‬م ا لم يتمس ك الخص وم بالق انون األجن بي‬
‫الذي تدل عليه قاعدة اإلسناد ‪ .‬أي أن القاضي ليس ملزما وال واجبا عليه من تلقاء ذاته البحث‬
‫في قاعدة اإلسناد والعمل بموجبها ‪ ،‬ومن هذه الدول بريطانيا وكندا ‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪ :‬ذهب إلى إلزامية قاعدة اإلسناد بالنسبة للقاضي ‪ ،‬وهو ملزم بتطبيقها واألخذ‬
‫بمدلولها من تلقاء نفسه ‪ .‬ومن الدول التي أخذت بهذا الرأي ألمانيا الغربية ‪ ،‬حيث جعلت ذلك‬
‫واجب ا على القاض ي في جمي ع المنازع ات ال تي تش تمل على عنص ر أجن بي ‪ .‬س واء طلب‬
‫الخصوم ذلك أم لم يطلبوا ‪.‬‬

‫وهناك اتجاه ثالث وسط بين االثنين يقول بأن قاعدة اإلسناد ال تتمتع بقوة ملزمة للقاضي‬
‫ولكن له أن يأخذ بها من تلقاء ذاته ‪ ،‬أو بناءا على طلب الخصوم وهذا االتجاه سائد في‬
‫فرنسا ‪ .‬ولكن االجتهادات األخيرة لمحكمة النقض الفرنسية كرست إلزامية قاعدة اإلسناد‬
‫بالنسبة للقاضي فيما لو أثارها الخصوم وتمسكوا بتطبيق القانون األجنبي ‪ .‬تماشيا مع االتجاه‬
‫العالمي واألوروبي خاصة ‪.‬‬

‫وبذلك نرى أن المسألة عاد ليسودها رأيان فقط ‪ :‬رأي يقول بإلزامية قاعدة اإلسناد بالنسبة‬
‫للقاضي وعليه تطبيقها من تلقاء ذاته ‪ ،‬وآخر يقول بأن تلك القاعدة غير ملزمة له ما لم يثرها‬
‫ويتمسك بها الخصوم ‪.‬‬

‫والجدير ذكره ‪ ،‬أن حكم هذه المسألة في العراق وغالبية الدول العربية يذهب إلى أن القاضي‬
‫غير مجبر على تطبيق قاعدة اإلسناد من تلقاء ذاته ‪ ،‬ولكن له ذلك بناءا على طلب‬
‫الخصوم ‪.‬وهو ما يعبر عنه بأن قواعد اإلسناد ال تتعلق بالنظام العام ‪ ،‬فال يمكن تطبيقها ما لم‬
‫يتمسك بها أحد الخصوم ‪.‬‬

‫وعدم تعلق قواعد اإلسناد بالنظام العام ‪ ،‬يعني عدم جواز إثارتها ألول مرة أمام محكمة‬
‫النقض ‪ ,‬ولتطبيقات اإلسناد مشاكل عملية كثيرة ‪ ،‬السيما في مجال اإلحالة وتضارب قواعد‬
‫اإلسناد وصعوبات أيضا في حالة تعدد الجنسيات للشخص الواحد ‪.‬‬

‫ومن المهم التذكير أن هناك مانع قانوني أخذت به معظم التشريعات في العالم لجواز تطبيق‬
‫القانون األجنبي ‪ ،‬وهو عدم تعارضه مع النظام العام الوطني أي مع األحكام األساسية للتشريع‬
‫الوطني ‪.‬ولعلنا ننهي بمثال عملي فإذا تزوجت عراقية من شخص سوري ‪ ،‬ثم حدث خالف‬
‫وشقاق بينهما ‪ ،‬وأراد الزوج تطبيق قانون زوجته ‪ ،‬أو رفعت دعوى للتفريق وطلب الطالق ‪،‬‬
‫فإن هذا النزاع القضائي يشتمل على عنصر أجنبي بالنسبة للقانون الوطني العراقي ( بالنظرة‬
‫القانونية الصرف ) وهي كون الزوج غير عراقي ‪ ,‬وبالعودة إلى أحكام القانون المدني‬
‫العراقي الذي تضمن قواعد اإلسناد نجد أنه نص على أن القانون الذي يسري على الطالق هو‬
‫قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطالق أو وقت رفع الدعوى ‪ .‬فإذا رفعت الدعوى‬
‫على الزوج أمام المحاكم العراقية فيحق له التمسك بقاعدة اإلسناد التي توجب تطبيق قانون‬
‫بلده ‪.‬‬

‫اوال‪ :‬خصائص قواعد االسناد‪:‬‬

‫ان قواعد االسناد فضال عن اتصافها بالخصائص العامة للقواعد القانونية يكون لها بالمقابل‬
‫خصائص ذاتية تتمثل بماياتي‪-:‬‬

‫‪ -1‬انها قواعد حل غير مباشرة بمعنى انها ال ترشد القاضي إلى الحل النهائي للنزاع محل‬
‫نظره بل تكتفي ببيان القانون الذي يخضع له هذا النزاع ‪ ،‬وفي هذا القانون يجد القواعد‬
‫القانونية التي سيطبقها على النزاع في حالة وجود عنصر أجنبي ‪.‬فمثال قاعدة اإلسناد الخاصة‬
‫لألهلية ال تبين لنا السن الذي عند بلوغه يكون الشخص كامل األهلية وإ نما تكتفي فقط ببيان‬
‫القانون الذي سيتكفل ببيان هذا السن ‪ ,‬وهكذا لجميع قواعد اإلسناد بخالف قواعد القانون‬
‫الدولي الخاص األخرى التي تعطي الحل مباشرة للنزاع فالقواعد المنظمة للجنسية تبين‬
‫مباشرة من هم رعايا الدولة ‪ ،‬والقواعد المنظمة لمركز االجانب تبين مباشرة الحقوق التي‬
‫يتمتع بها األجنبي واإللتزامات التي يتحملها وهكذا ‪...‬‬
‫ولهذا السبب يصف البعض قواعد االسناد بانها قواعد صماء التقدم حل للنزاع بشكل مباشر ‪،‬‬
‫وهي بذلك تتميز عن القواعد الموضوعية بوصف االخيرة قواعد حل مباشر ‪ .‬وهذا الوصف‬
‫المطبق على قاعدة االسناد دفع بالفقه الفرنسي الى اعتبارها بمثابة الشرطي الذي ينظم حركة‬
‫المرور‪ ,‬بين السيارات المتزاحمة‪ ,‬فهو الذي يعطيها اشارة المرور في االتجاه الصحيح‪,‬‬
‫ونستخلص في االخير ان قاعدة االسناد ال تضع لنا الحل النهائي الموضوعي للنزاع المثار‬
‫امام القاضي‪.‬‬

‫‪ -2‬انها قواعد مزدوجة الجانب على راي االكثرية‪ ،‬فهي يمكن ان تعطي االختصاص في‬
‫الحكم والحسم للقانون الوطني وممكن ان يكون ذلك لحساب قانون اجنبي فال تقرر ابتداء لمن‬
‫يكون االختصاص وال يعرف القانون المختص بموجبها اال بعد التكييف ‪ ،‬وتحديد طبيعة‬
‫العالقة‪ ،‬مثال ذلك اهلية الشخص تحكم بقانون جنسية االخير فيكون القانون عراقي اذا كان‬
‫الشخص عراقي ويكون قانون اجنبي اذا كان الشخص اجنبي وبذلك تتميز عن القواعد‬
‫الموضوعية بوصفها مفردة الجانب ‪.‬‬

‫وتفيد هذه الميزة في قاعدة اإلسناد أنها ال تترك فراغا في مشكلة التنازع إذ أنها تجعل‬
‫اإلختصاص بالنسبة للمسألة المطروحة على القاضي أما لقانونه أو للقانون األجنبي‪ .‬وينتقد‬
‫بعض الفقهاء هذه الميزة في قاعدة اإلسناد حين يرى أن تقتصر فقط على بيان األحوال التي‬
‫يطبق فيها القانون الوطني دون اإلشارة إلى األحوال التي يطبق فيها القانون األجنبي ‪،‬‬
‫فيريدها بذلك أن تكون مفردة وليست مزدوجة ‪ ،‬كنص القاعدة الواردة في المادة ‪/3‬فقرة ‪ 3‬من‬
‫القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأن ((القوانين الخاصة لحالة األشخاص وأهليتهم تحكم‬
‫الفرنسي ولو كان مقيما في بلد أجنبي)) ‪ ,‬ومن الحجج التي يبديها هؤالء الفقهاء أن الدولة ال‬
‫يمكن أن تعطي اإلختصاص لقانون دولة أخرى في حالة ما إذا كانت هذه الدولة ترفض‬
‫اإلختصاص المحول لقانونها ‪.‬‬
‫لو سلمنا –جدال‪ -‬بما ذهب إليه هؤالء الفقهاء لوجدنا قصورا واضحا في إيجاد حل في‬
‫حالتين‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬لما تستند لها كل دولة لها عالقة بنزاع اإلختصاص لقانونها ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬لما ترفض كل دولة لها عالقة بنزاع جعل اإلختصاص لقانونها ‪ .‬هذا القصور دفع‬
‫القضاء الفرنسي إلى إعتبار قاعدة اإلسناد الواردة في م ‪ 3‬من ق‪.‬م‪.‬ق –سابقة الذكر‪ -‬مزدوجة‬
‫رغم ورودها مفردة فقال بأنه إذا كان القانون الفرنسي هو المطبق على الفرنسيين حتى ولو‬
‫كانوا في الخارج ‪ ،‬فبمفهوم المخالفة فإن القوانين الشخصية لألجانب الخاصة بحالتهم‬
‫وأهليتهم‪ ،‬تتبعهم حتى ولو كانوا في فرنسا ‪.‬‬

‫‪ -3‬انها قواعد وطنية المصدر أي يستاثر المشرع الوطني في كل دولة بوضعها وتراعى فيها‬
‫الخصوصيات الوطنية في كل دولة مع مراعاة المعايير الدولية السائدة عالميا ‪ ،‬وبذلك تكون‬
‫ذات مصدر وطني ‪ ،‬و تختلف عن القواعد الموضوعية اذ ان االخيرة ممكن ان تكون ذات‬
‫مصدر وطني(التشريع ) او دولي (معاهدات او قرارات القضاء الدولي)‪.‬‬

‫‪ -4‬انه ا قواع د محاي دة ‪ ,‬الن القاض ي عن دما يعم ل قاع دة اإلس ناد فإن ه يجه ل ن وع الح ل ال ذي‬
‫سيعطيه للنزاع ‪ ,‬فذلك متوقف على معرفة مضمون القانون الذي سيطبقه على النزاع ‪ ،‬وهذا‬
‫الق انون ق د يك ون قانون ه وق د يك ون قانون ا اجنبي ا ‪ .‬ه ذه الم يزة ال توج د في القواع د القانوني ة‬
‫األخ رى غ ير أن بعض الفقه اء ال يق رون ب ذلك وي رون أن ص فة الحي اد تش مل ك ل القواع د‬
‫القانونية‬

You might also like