Professional Documents
Culture Documents
( )1انظ ر مؤلفن ا أحك ام الجنس ية ف ى الق انون ال دولى والق انون المص رى المق ارن ،دار النهض ة العربي ة1342 ،ه -
2111م ،رقم ،43ص 24وما يليها.
( )2د .ف ؤاد ري اص ،أص ول الجنس ية ف ى الق انون ال دولى والق انون المص رى المق ارن ،دار النهض ة العربي ة،1331 ،
رقم ،11ص 24وما يليها.
2
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
-4وقد تثور بشأن الجنسية منازعات عديدة ،فتدعى الدولة أن فرداً ما من مواطنيها ،ولكن ينكر
الفرد ادعاءها ،أو قد يدعى الفرد أنه من مواطنى الدولة ولكن ترفص الدولة االعتراف له بهذه
الصفة .ومن المتصور أن يكون هذا النزاع من فردين عاديين ،إذ ادعى أحدهما على اآلخر
أنه وطنى ولكن يرفص األخير هذا االدعاء .وتقتضى دراسة المنازعات الخاصة بالجنسية
التعرص للمسائل اآلتية :جهة القضاء المختصة بالفصل فى هذه المنازعات (المسألة
األولى) ،كيفية اإلثبات (المسألة الثانية) وحجية األحكام الصادرة بشأنها (المسألة الثالثة).
المسألة األولى
االختصاص القضائى بمنازعات الجنسية
-1المعلوم أن السلطة التنفيذية هى جهة االختصاص بمسائل الجنسية ،فقد أناط المشرع بوزير
الداخلية سلطة اتخاذ غالبية الق اررات المتعلقة باكتساب الجنسية أو فقدها أو ردها مع إسناد
بعص االختصاصات لرئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء على حسب األحوال .وليس أدل
عاما
اختصاصا ً
ً على ذلك من نص المادة 21من قانون الجنسية التى تعطى لوزير الداخلية
فى هذا المجال ،إذ قضت صراحة بضرورة أن توجه إليه جميع اإلق اررات واإلعالنات
والطلبات المتعلقة بالجنسية ليتخذ ق ار اًر بشأنها .وقد يثور نزاع قضائى بمناسبة أى قرار من
هذه الق اررات .فقد تتقدم األجنبية المتزوجة من مصرى بطلب الدخول فى الجنسية لوزير
()4
– ثم الداخلية – بعد توافر الشروط المنصوص عليها فى المادة 7من قانون الجنسية
يصدر الوزير ق ار اًر بالرفص دون أن يكون هذا القرار مسبباً ،وهو ما يوجب الطعن فيه أمام
ال قضاء ،وبالتالى يتعين تحديد جهة القضاء المختصة بالفصل فى منازعات الجنسية :هل
يختص بنظرها القضاء العادى أم القضاء اإلدارى؟ قبل اإلجابة على هذا التساؤل يتعين أوالً
رفص االتجاه القائل باعتبار مسائل الجنسية من أعمال السيادة.
( )4لمزيد من التفاصيل عن ه ذه الم ادة راج ع مؤلفن ا أحك ام الجنس ية ف ى الق انون ال دولى والق انون المص رى المق ارن،
المرجع السابق ،رقم 461وما يليها ،ص 131وما يليها.
3
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
4
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
شروطها ،وليست من إطالقات الحكومة حتى يصح القول بأن الفصل فيها هو فصل فى أمر
من األمور المتعلقة بسيادة الدولة»(.)6
-4والحقيقة أن التأمل فى األمور يوجب التمييز بين سن التشريع الخاص بالجنسية وبين تطبيق
هذا التشريع ،فسن التشريع يعتبر – فى جميع األحوال – من أعمال السيادة ،فالدولة هى التى
تحدد األساس الذى تتبناه لمنح جنسيتها سواء كان هذا األساس هو حق الدم أو حق اإلقليم،
كما أنها هى التى تحدد شروط اكتساب جنسيتها ،وشروط فقدها وردها دون معقب عليها من
أى جهة مهما علت .فال يستطيع أى أحد مخاصمة الدولة مطالباً إياها بتبنى حق اإلقليم بدالً
من حق الدم أو تقرير شروط أكثر تيسي اًر للتجنس من الشروط المقررة فى قانونها ،ألن كل
هذه األمور تدخل فى صميم سيادة الدولة وتعد من مسائل االختصاص القاصر أو
االستئثارى أو ا النفرادى المقررة لها دون غيرها .أما تنفيذ التشريع فهو شىء آخر مستقل
تماماً عن سن التشريع ،فقد تصدر سلطات الدولة – وهى بصدد تنفيذ قانون الجنسية – ق ار اًر
مخالفاً له أو غير مسبب ومن ثم يتعين – فى مثل هذه األحوال – تعيين جهة قضائية لتكون
هى المرجع فى الفصل فى المنازعات الناشئة عن تنفيذ هذا القانون.
-3وقد حمل إلينا هذه المعانى حكم محكمة القضاء اإلدارى الصادر فى 26ديسمبر ،1311
الذى قضى بأنه « ال جدال فى أن الجنسية وهى العالقة القانونية بين الفرد والدولة تدخل فى
صميم المسائل المتعلقة بسيادة الدولة التى لها مطلق السلطان فى تعيين من يكون متمتعاً
بجنسيتها ومن ال يكون ،وفى فرص ما تشاء من التكاليف والقيود على مواطنيها .وبديهى أن
الدولة حينما تسن تشريعاً ينظم الجنسية ويعرف كنهها ويحدد شرائطها ويرسم اإلجراءات
الالزمة إلثباتها أو الحصول عليها ال تنزل عن سيادتها ،ألنه منبعث منها وصادر عنها
ويتعين احترامه وتنفيذه ،ومن واجب المحاكم تطبيقه وليس فى ذلك أى مساس بسيادة الدولة.
وما تصدره الحكومة من ق اررات تنفيذًا لهذا التشريع يندرج فى أعمال الحكومة العادية وال
يعتبر من األعمال المتعلقة بالسياسة العليا للدولة ،والقرار المطعون فيه ال يعدو أن يكون من
الق اررات اإلدارية المتعلقة بتنفيذ قانون الجنسية ولهذا فهو بعيد عن أعمال السيادة»( .)7هذا
5
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
وقد تبنت هذه المبادئ مؤخ اًر االتفاقية األوربية بشأن الجنسية ،حين أوجبت مادتها الحادية
عشرة ضرورة تسبيب الق اررات الخاصة بالجنسية ،ثم ألزمت مادتها الثانية عشرة الدول
األعضاء بضرورة إتاحة الفرصة للطعن فى الق اررات الخاصة بالجنسية ،سواء كانت متعلقة
باكتساب الجنسية أو االحتفاظ بها أو فقدها أو العودة إليها أو حتى فيما يتعلق بالق اررات
الخاصة بشهادات الجنسية.
القضاء المختص بمنازعات الجنسية
-1من المعلوم أن الخالف على الجنسية إما أن يثور بين الفرد والدولة واما أن يثور بين فردين
عاديين .وأيا كان أطراف هذا الخالف ،فإن النزاع على الجنسية قد يتخذ إحدى صور ثالث:
-1الطعن فى القرار اإلدارى الصادر من السلطة التنفيذية :قد يطلب الفرد من وزير الداخلية
اتخاذ إجراء معين بشأن الجنسية مما يتعين معه على الوزير إصدار قرار فى هذا الشأن،
ولكن يمتنع عن إصداره أو يصدر ق ار ًار مخالف ًا للقانون ،كاالمتناع عن إعطاء شهادة
بالجنسية أو االمتناع عن إصدار قرار بخصوص األجنبية المتزوجة من مصرى رغم توافر
الشروط المنصوص عليها قانوناً ،أو يصدر الوزير ق ار اًر بالرفص دون أن يكون القرار مسببًا،
مما يجعل موقف الوزير – فى جميع األحوال – محالً للطعن.
-2مسألة أولية فى دعوى أصلية :قد تتخذ المنازعة فى الجنسية ثانياً صورة مسألة أولية يلزم
الفصل فيها أوالً إلمكان الفصل فى الدعوى األصلية ،كأن تطلب زوجة أجنبية التطليق من
زوجها ويثور نزاع حول جنسية الزوج ،إذ يصعب فى مثل هذه األحوال تعيين القانون
الواجب التطبيق على دعوى التطليق قبل تحديد جنسية الزوج ،نظ اًر ألن قواعد اإلسناد
المصرية تقضى فى هذا الخصوص بأن يسرى على التطليق قانون جنسية الزوج وقت رفع
الدعوى (المادة 2/14مدنى) .ومن ثم يتعين حسم الخالف أوالً حول جنسية الزوج حتى
يتم الفصل فى الدعوى األصلية.
-4الدعوى األصلية :تتخذ المنازعة فى الجنسية أخي اًر صورة الدعوى األصلية دون وجود قرار
إدارى أو مسألة أولية ،وذلك فى األحوال التى يرغب فيها الشخص فى رفع دعوى بطلب
ثبوت الجنسية المصرية له أو للحكم بنفيها عنه .وتعتبر الدعوى أصلية فى مثل هذه األحوال،
ألن موضوعها األصلى هو الجنسية ،فالدعوى أساساً دعوى جنسية ،وموضوعها األساسى هو
6
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
ثبوت أو نفى الجنسية دون أن تعتمد على الطعن فى قرار إدارى سبق صدوره أو على وجود
منازعة أخرى تعتبر الجنسية بالنسبة لها مسألة أولية.
-6وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا – فى هذا االتجاه – بأن «المنازعات فى الجنسية إما أن
ابتداء مستقلة عن أى نزاع آخر ويكون
ً تتخذ صورة دعوى أصلية مجردة بالجنسية ترفع
الطلب األصلى فيها هو االعتراف بتمتع شخص بجنسية معينة ،واما أن تطرح فى صورة
طعن فى قرار إدارى نهائى صادر فى شأن الجنسية يطلب إلغاؤه لسبب من األسباب ...واما
أن تثار فى صورة مسألة أولية أثناء نظر دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل فى
مسألة الجنسية»( .)1واذا كان ذلك كذلك ،فإنه يلزم فى جميع األحوال تحديد الجهة المختصة
بمنازعات الجنسية على مختلف أنواعها ،هل يختص بها القضاء العادى أم القضاء اإلدارى؟
-7جهة االختصاص بدعاوى الجنسية والق اررات المتعلقة بها :تنص المادة العاشرة من قانون
مجلس الدولة رقم 37لسنة 1372على أنه «تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها
بالفصل فى المسائل اآلتية( ...:سابعاً) دعاوى الجنسية .ويشترط فى طلبات إلغاء الق اررات
اإلدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن عدم االختصاص أو عيباً فى الشكل أو مخالفة
القوانين واللوائح أو الخطأ فى تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة .ويعتبر فى حكم
الق اررات اإلدارية رفص السلطات اإلدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها
اتخاذه وفق ًا للقوانين واللوائح» .ومن هذا النص يتبين حرص المشرع على تقرير االختصاص
بدعاوى الجنسية للقضاء اإلدارى ،حيث تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها – من سائر
المحاكم العادية – بنظر الدعاوى األصلية التى يكون موضوعها ثبوت أو رفص الجنسية.
كما تختص هذه المحاكم أيضاً – دون غيرها – بالنظر فى جميع الق اررات اإلدارية النهائية
الصادرة بشأن الجنسية(.)3
( )1جلسة 11يناير ،1363الموسوعة اإلدارية الحديثة ،الجزء الثالث عشر ،ص.71
( )3وقد استثنى المشرع من مبدأ االختصاص المطلق للقضاء اإلدارى بمسائل الجنسية الدعاوى التى كانت مرفوع ة
أمام القضاء العادى وقت العمل بقانون مجلس الدولة المذكور رقم 37لسنة 1372حي ث ت نص الم ادة الثاني ة
م ن ه ذا الق انون عل ى أن «جمي ع ال دعاوى المنظ ورة أم ام جه ات قض ائية أخ رى والت ى أص بحت بمقتض ى ه ذا
القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً».
7
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
-1جهة االختصاص بالمسائل األولية :لم يرد فى النص السابق أى ذكر للمسائل األولية ،وال
صعوبة إذا كانت الدعوى األصلية مرفوعة أمام محاكم مجلس الدولة ،حيث يمتد إليها
االختصاص باعتبارها جهة االختصاص العام بمسائل الجنسية .ويدق األمر إذا كانت
الدعوى األصلية مرفوعة أمام القضاء العادى ،حيث يثور التساؤل عن جهة االختصاص
بالمسائل األولية المتعلقة بالجنسية ،هل تختص بها المحكمة التى تنظر النزاع باعتبار أن
قاضى األصل هو قاضى الفرع أم يتعين إحالتها لمجلس الدولة ليفصل فيها؟ أجابت على هذا
التساؤل المادة 16من قانون السلطة القضائية رقم 36لسنة 1372حين قضت بأنه «إذا
دفعت قضية مرفوعة أمام محكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى،
وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل فى الدفع قبل الحكم فى موضوع الدعوى أن
توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة
المختصة ،فإن لم تر لزوم ًا لذلك أغفلت الدفع وحكمت فى موضوع الدعوى .واذا قصر
الخصم فى استصدار حكم نهائى فى الدفع فى المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل فى
الدعوى بحالتها» .وتأسيساً على ذلك يتعين على محكمة القضاء العادى التى يدفع أمامها
بدفع يثير نزاعاً متعلقاً بالجنسية – إذا رأت ضرورة الفصل فى الدفع أوالً – أن توقف الدعوى
األصلية وتحدد للخصم أجالً يستصدر خالله حكماً نهائياً من محاكم مجلس الدولة بشأن
مسألة الجنسية محل النزاع .أما إذا لم تر المحكمة لزوم الفصل فى الدفع ،أغفلته وحكمت فى
موضوع الدعوى بحالتها« ،واغفال الدفع معناه إغفال النزاع الذى أثاره ،أال وهو النزاع فى
الجنسية ...ومعنى الفصل فى الدعوى بحالتها هو إغفال الدفع والفصل فى موضوع الدعوى
على أساس ما ثبت من وقائع فى شأن الجنسية دون أن تعتبر المحكمة قد قضت فى
الجنسية»(.)11
-3وتترتب ذات النتيجة إذا قصر الخصم فى استصدار حكم نهائى فى الدفع المشار إليه خالل
المدة التى حددتها المحكمة .وقد أكدت محكمة النقص المصرية هذه المبادئ فى حكمها
بتاريخ 16مايو 1311حين قررت أن «محاكم مجلس الدولة تختص بالفصل فى دعاوى
( )11د .ع ز ال دين عب د ان ،الق انون ال دولى الخ اص ،الج زء األول ،الجنس ية والم وطن وتمت ع األجان ب ب الحقوق
(مركز األجانب) ،دار النهضة العربية ،الطبعة العاشرة ،1377 ،ص 113وما يليها.
8
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
الجنسية أيا كانت صورتها أى سواء كانت فى صورة دعوى أصلية بالجنسية أم صورة طعن
فى قرار إدارى صادر فى الجنسية ،أم فى صورة مسألة أولية فى دعوى أصلية يتوقف الفصل
فيها على الفصل فى تلك المسألة ،ولو كانت الدعوى األصلية قائمة أمام القضاء العادى فى
حدود اختصاصه وأثير النزاع فى الجنسية ،وكان الفصل فيها يتوقف عليه الفصل فى
الدعوى ،إذ يتعين على المحكمة فى هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم ميعاداً
يستصدر فيه حكماً نهائي ًا من مجلس الدولة فى مسألة الجنسية ،واذا قصر الخصم فى
استصدار حكم نهائى فى هذه المسألة فى المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل فى الدعوى
بحالتها ،أما إذا رأت أن وجه المسألة فى الجنسية ظاهر بحيث ال يحتاج األمر للفصل فيه بمعرفة
مجلس الدولة ،أغفلت المسألة وحكمت فى موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من
وقائعها فى شأن الجنسية ،وذلك عمالً بالمادة 16من القانون 36لسنة 1372فى شأن
السلطة القضائية والمادة 123من قانون المرافعات» .ونستخلص من كل ما سبق أن القضاء
اإلدارى وحده هو المختص بكل منازعات الجنسية سواء وردت هذه المنازعة فى صورة دعوى
أصلية أو طعن فى قرار إدارى أو مسألة أولية يتعين الفصل فيها أوالً قبل الفصل فى الدعوى
األصلية .ورفع الدعوى األصلية لثبوت أو نفى الجنسية ال يتقيد بميعاد ،وانما يمكن رفعها فى
أى وقت ،فهى دعوى وقائية ،ويكتفى بصددها بالمصلحة المحتملة .فقد يعلم شخص أن جهة
اإلدارة ت عد التخاذ قرار بإبعاده بحجة أنه أجنبي ،فيسارع برفع دعوى أصلية بالجنسية حتى
يثبت أنه وطنى ،ليفوت على الدولة بذلك فرصة إبعاده ،نظ اًر ألن إبعاد الوطنيين
محظور(.)11
-11نطاق إعمال األحكام السابقة :وتجدر اإلشارة إلى أن نطاق اختصاص القضاء اإلدارى
المطلق بمسائل الجنسية المستمد من «المادة 11من قانون مجلس الدولة المصرى لعام
1372والمادة 16من قانون السلطة القضائية لعام ،1372يقتصر التقيد به على العالقة
فيما بين جهات القضاء المصرى فقط .وعلى ذلك ،فال يعمل به فى خصوص إثارة الجنسية،
( )11ت نص الم ادة 11م ن الدس تور عل ى أن ه «ال يج وز إبع اد أى م واطن ع ن ال بالد أو منع ه م ن الع ودة إليه ا».
وانظ ر ح ول اإلبع اد بص فة عام ة مؤلفن ا مرك ز األجان ب ف ى الق انون ال دولى والق انون المص رى المق ارن ،دار
النهضة العربية ،2114 ،رقم 112وما يليها.
9
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
كمسألة أولية ،فى المنازعات ذات العنصر األجنبى ،التى تعرص أمام القضاء المصرى»(.)12
ومعنى ذلك أن نطاق االختصاص المطلق لمحاكم الدولة يتحدد فقط بالمنازعات التى تثور
بشأن الجنسية المصرية وال يمتد للمنازعات التى تثور بشأن الجنسية األجنبية .وتأسيساً على
ذلك إذا رفعت زوجة دعوى تطليق على زوجها اإلنجليزى الجنسية أمام المحاكم المصرية
وثار نزاع بشأن جنسية هذا الشخص ،فيكون من الالزم تحديد جنسية الزوج أوالً حتى يتم
تحديد القانون الواجب التطبيق (وهو قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى وفقاً للمادة 2/14
مدنى مصرى) ،ومن ثم ال تلتزم المحكمة – فى هذا المثال – بوقف الدعوى حتى يفصل فى
هذا الدفع من محاكم مجلس الدولة ،وانما تفصل فى جنسية الزوج باعتبارها مسألة أولية
الزمة للفصل فى الدعوى األصلية ،ولها فى سبيل ذلك الرجوع ألحكام قانون الدولة األجنبية
المدعى انتماء الزوج إليها.
المسألة الثانية
إثبات الجنسية
-1قد ال يحتاج الفرد إلثبات جنسيته طالما كانت الحالة ساكنة وتمضى األمور بصورة طبيعية.
ولكن تبدو الحاجة إلى إثبات الجنسية ليس فقط فى حالة حدوث منازعة وانما فى األحوال
التى يحتمل فيها حدوث نزاع حول تمتع الشخص بالصفة الوطنية ،فيكون من مصلحته إثبات
تمتعه بهذه الصفة كإجراء وقائى بهدف المحافظة على مصالحه ،كأن يسعى الفرد مثالً
للترشيح لعضوية المجالس النيابية ويخشى أن يدفع بعص خصومه بكونه أجنبياً ،فيسعى
مقدماً إلثبات تمتعه بالصفة الوطنية ،حتى يفوت على خصومه هذه الفرصة ويمكنه الترشيح
لعضوية هذه المجالس .وقد تقتضى مصلحة الفرد على العكس إثبات نفى تمتعه بهذه الصفة،
وذلك فى األحوال التى يرغب فيها التخلص من أداء التكاليف العامة كأداء الخدمة العسكرية،
خاصة فى الفروص التى تشير فيها الحالة الظاهرة إلى كونه وطنياً فى حين أنه أجنبي.
هاما بالنسبة للدولة والفرد على حد سواء .فالدولة
أمر ً
وتأسيساً على ذلك يعد إثبات الجنسية ًا
تقرر لمواطنيها حقوق ًا معينة وتفرص عليهم التزامات محددة ،فى حين أنها تعترف لألجانب
( )12د .أحم د عب د الك ريم س المة ،المبس وط ف ى ش رح نظ ام الجنس ية ،بح ث تحليل ى انتق ادى مق ارن ،دار النهض ة
العربية ،الطبعة األولى1313 ،ه 1334 -م ،ص.112
01
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
بمجموعة من الحقوق ،مقابل تحملهم بمجموعة من االلتزامات ،ولهذا يبدو إثبات الجنسية أم اًر
ضرورياً ومدخالً أساسياً لتحديد الصفة الوطنية واألجنبية .وعلى هذا تثور مشكلة إثبات
الجنسية عند بحث المركز القانونى للشخص على المستويين الداخلى والدولى .فقد يلجأ الفرد
– كما سبقت اإلشارة – إلى إثبات تمتعه بجنسية دولة ما لممارسة الحقوق المقررة للوطنيين
على أراضيها ،كما قد يلجأ فى أحوال أخرى إلى نفى هذه الصفة للتخلص من التكاليف
واألعباء العامة المفروضة فيها .وقد يكون من مصلحة الفرد إثبات تمتعه بجنسية دولة أجنبية
معينة ليتمتع بحمايتها الدبلوماسية على المستوى الدولى ،وتبرز «أهمية إثبات انتماء الفرد
لدولة أجنبية معينة خاصة فى فترات الحرب ،وذلك أنه يتعين فى هذه الحالة تحديد
األش خاص المنتمين لدول األعداء التخاذ اإلجراءات الخاصة برعايا األعداء نحوهم ،كوضع
أموالهم تحت الحراسة»( ،)14وهو ما يبرز فى الوقت ذاته أهمية إثبات الجنسية بالنسبة للدولة،
ألنه إذا ثبت لديها أن الشخص يتمتع بالصفة الوطنية استطاعت أن تطالبه بكل ما تطالب به
مواطنيها من التزامات ،أما إذا ثبت تمتعه بالصفة األجنبية كان لها فقط أن تطالبه
بااللتزامات المفروضة على األجانب .ومن هنا تنهص أهمية إثبات الجنسية بالنسبة للدولة
والفرد والمجتمع الدولى ،فالجنسية ليست فقط وسيلة لتحديد الوطنى واألجنبى ،وانما هى أيضاً
«أداة لتحديد الهوية الدولية للفرد»( ،)13بما يعنى أنها ليست فقط أداة لتحديد المركز القانونى
الوطنى للشخص ،وانما هى أيضاً أداة لتحديد المركز القانونى الدولى بالنسبة له.
-2واذا كان إثبات الجنسية يكتسب هذه الدرجة من األهمية ،فمن الضرورى فى هذا المقام
(ثانيا).
الحديث عن موضوعى إثبات الجنسية المصرية (أوالً) ،واثبات الجنسية األجنبية ً
أوالً :إثبات الجنسية المصرية
-1يحدد تشريع الجنسية الخاص بكل دولة من هم مواطنوها ،بحيث يعد كل من عدا ذلك أجنبياً.
فقانون كل دولة هو الذى يحدد طرق اكتساب جنسيتها والشروط الالزمة لذلك ،ومن ثم يصير
وطنياً كل من تتوافر فيه هذه الشروط ،ويصير أجنبياً كل من ال تتوافر فيه هذه الشروط،
( )14د .فؤاد رياص ،أصول الجنسية ،المرجع السابق ،رقم ،447ص.461
( )13د .أحمد عبد الكريم سالمة ،المبسوط فى شرح نظام الجنسية ،المرجع السابق ،رقم ،1161ص.111
00
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
ويعد ذلك التقرير انعكاساً لمبدأ استقالل الدولة بتنظيم المسائل المتعلقة بجنسيتها( .)11وينتج
عن ذلك أنه إذا ادعى شخص تمتعه بالجنسية المصرية تعين إقامة الدليل على وجوده فى
إحدى حاالت اكتساب الجنسية األصيلة أو الطارئة التى حددها تشريع الجنسية المصرية.
واذا ادعى تمتعه بجنسية أجنبية تعين عليه إقامة الدليل على وجوده فى إحدى حاالت
اكتساب الجنسية وفقاً لما يقضى به قانون الدولة األجنبية .ولكن هل يعنى ذلك تحمل
الشخص عبء إثبات الجنسية فى جميع األحوال ،حتى فى الفروص التى تدعى فيها الدولة
مثالً أو شخص من الغير على شخص آخر بأنه وطنى أو أجنبى ثم ينكر األخير هذا
االدعاء ،فعلى عاتق من يقع عبء اإلثبات؟ وما هى طرقه؟ ،وأخي اًر يرتبط بطرق اإلثبات
شهادات الجنسية التى تمنحها الدولة.
-1عبء اإلثبات
-2تنص المادة 23من قانون الجنسية المصرية على أنه «يقع عبء إثبات الجنسية على من
يتمسك بالجنسية المصرية أو يدفع بعدم دخوله فيها»( ،)16فمن يدعى أنه مصرى فعليه عبء
اإلثبات ،ومن يدعى انتفاء هذه الصفة عنه – لكونه لم يتمتع بها أصالً أو لكونه قد خرج
منها تغيي اًر أو تجريداً – فعليه عبء اإلثبات .وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن
عبء اإلثبات فى مسائل الجنسية يقع على من «يدعى أنه يتمتع بجنسية الجمهورية ...أو
يدفع بأنه غير داخل فيها»( .)17وقد تخدع عبارة المادة 23بأنها تطبيق للقواعد العامة فى
اإلثبات التى تقضى بأن البينة على من ادعى .ولكن بإمعان النظر يتضح أن اإلثبات ال يقع
دائماً على عاتق المدعى ،وانما على عاتق الشخص الذى يجرى النزاع بشأن جنسيته .فقد
يدعى الخصم أن شخصاً ما أجنبى ،ويدفع هذا الشخص بكونه مصرياً ،وهنا أوجبت المادة
23على هذا األخير تحمل عبء اإلثبات ،ألنه هو الذى يتمسك بالجنسية المصرية.
وبالعكس قد يدعى شخص على آخر أنه مصرى ،فى حين ينكر األخير هذا االدعاء وهنا
( )11لمزيد من التفاصيل عن هذا المبدأ راجع مؤلفنا أحكام الجنس ية ف ى الق انون ال دولى والق انون المص رى المق ارن،
المرجع السابق ،رقم 33وما يليها ،ص 21وما يليها.
مؤخر فقرة ثانية بمقتضى القانون 22لسنة ،2112انظر الحقًا رقم .22
ًا ( )16أضيفت لهذه المادة
( )17جلسة 1361/1/1مشار إليه لدى د .عز الدين عبد ان ،الجنسية ،ص ،116هامش .13
02
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
أوجبت المادة 23أيض ًا على هذا الشخص تحمل عبء اإلثبات ،ألنه هو الذى يدفع بعدم
دخوله فيها .وقد يدعى الشخص ذاته – فى فرص ثالث – أنه مصرى ،فهنا يجب عليه إثبات
تمتعه بالجنسية المصرية ،كما قد يدعى أنه غير مصرى ،فهنا يجب عليه إثبات عدم تمتعه
بتلك الجنسية .وتجدر اإلشارة إلى أن هذا الفرص فقط – دون الفرضين اآلخرين – هو الذى
يتفق مع القواعد العامة فى اإلثبات .وأيا ما كان األمر فإن التفسير الصحيح الذى يوحى به
نص المادة 23هو أن عبء اإلثبات يقع على عاتق من يجرى النزاع بشأن جنسيته ،وهذا
التفسير يطابق نص المادة 41من القانون المدنى الفرنسى التى تنص على أن «عبء
اإلثبات فى مجال الجنسية الفرنسية يقع على عاتق من تكون جنسيته محالً للنزاع».
-4بيد أن هذا التفسير لنص المادة 23ال يستقيم مع المبادئ العامة فى اإلثبات ،ويلقى بالمزيد
من األعباء على عاتق األفراد ،إذ يكفى – وفقاً له – أن ينازع شخص شخصاً آخر فى
جنسيته ،حتى يلقى عليه – باإلضافة إلى ذلك – بعبء اإلثبات وهو ما يهدد استقرار المراكز
القانونية .ويجعل من هذا النص وسيلة دائمة للتشكيك فى وطنية األفراد .وقد تساءل البعص:
هل أراد المشرع حقاً تقرير هذه النتيجة الشاذة؟ الواقع أنه يجب التفرقة – فى تفسير النص –
بين فرضين :األول :عندما يتعلق األمر بالعالقة المباشرة بين الفرد والدولة .الثانى :عندما
يتخذ النزاع صورة دعوى قضائية.
-3تفسير نص المادة 23فى مجال العالقة المباشرة بين الفرد والدولة :بالرجوع إلى األصل
التاريخى لهذا النص وألحكام القوانين المقارنة التى تتضمن نصوصاً مماثلة ،يتضح أن
الهدف من ورائه – وخاصة الشطر الثانى منه – هو تقرير قرينة لصالح الدولة فى مواجهة
األفراد فيما يتعلق باألعباء المباشرة التى تقوم الدولة بفرضها على الوطنيين ،فليس «بمتصور
أن تلزم الدولة عند قيامها بفرص أى من التكاليف الوطنية ،كالتكليف بأداء الخدمة العسكرية،
بإقامة الدليل مقدماً على أن جميع األفراد الذين تطالبهم بأداء هذا التكليف يتمتعون فعالً
بجنسيتها ،إذ ال شك أن فى إلقاء عبء إثبات جنسية جميع السكان على عاتق الدولة إرهاقًا
من شأنه أن يحول دون إمكانها فرص أى من التكاليف الوطنية على األفراد .لذلك رأى
المشرع تمكيناً للدولة من فرص هذه التكاليف أن يرفع عنها عبء اإلثبات فى هذا الصدد
بحيث تستطيع الدولة معاملة أى فرد على أنه من الوطنيين دون أن تضطر إلى إقامة الدليل
03
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
على ذلك .فإذا ما دفع الشخص بأنه غير وطنى فإن عبء اإلثبات يقع حينئذ على
عاتقه»(.)11
-1تفسير المادة 23حيث يتخذ النزاع صورة دعوى قضائية :إن القرينة السابقة مقررة لصالح
الدولة فقط فى مجال عالقتها المباشرة باألفراد ،بحيث يتم نقل عبء اإلثبات من على عاتقها
إلى عاتقهم .أما حيث يتخذ الخالف صورة النزاع فى ساحات القضاء ،فقد استقر الرأى على
تفسير هذا النص بإلقاء عبء اإلثبات على عاتق من يدعى خالف الظاهر ،سواء كان النزاع
بين الدولة وأحد األفراد أو بين األفراد بعضهم البعص ،ويتم اللجوء فى هذا المقام لفكرة الحالة
الظاهرة .possession d'étatفاألصل أن يعتبر مصرياً من اشتهر بين الناس بأنه
مصرى ،وعاملته الدولة على هذا األساس بأن منحته بطاقة تحقيق شخصية أو جواز سفر
وسمحت له بتلقى التعليم فى المدارس والجامعات وكفلت له حق الرعاية الصحية كغيره من
ال عن
الوطنيين ،ومن يدعى خالف ذلك فعليه عبء اإلثبات ،وسوف يأتى الحديث تفصي ً
الحالة الظاهرة عند الحديث – فى الفقرات التالية – عن طرق اإلثبات.
-2طرق اإلثبات
-6تكمن صعوبة إثبات الجنسية فى أن المستندات الدالة على حالة الشخص ال تعد دليالً قاطعاً
على ثبوتها .وقد كان ا لقضاء قد استقر على أن شهادة الميالد وبطاقة تحقيق الشخصية
وجواز السفر وشهادة المعاملة العسكرية وغيرها من المستندات ،ليست لها حجية مطلقة فى
إثبات الجنسية ،فالموظف القائم على تحريرها ال يتحقق من جنسية صاحب الشأن ،ومن ثم
ال يمكن التعويل على طابعها الرسمى فى ثبوت الجنسية ويبدو هذا التقرير واضحاً من خالل
بعص أحكام محكمة القضاء اإلدارى:
« -1الجنسية ال تخلق بمجرد الحصول على جواز السفر ...أو شهادة الميالد ،وانما اكتساب
الجنسية يكون بقيام أسبابها بالشخص طبقاً للقانون ،وكل أولئك ال تعدو أن تكون قرائن أو
وسائل إثبات على الحالة الظاهرة تزول قيمتها إذا ثبت عكسها»(.)13
( )11د .فؤاد رياص ،اصول الجنسية ،المرجع السابق ،رقم ،431ص.471
( )13جلسة ،1313/11/2مجموعة المبادئ التى قررتها محكمة القضاء اإلدارى ،س ،3ص.1
04
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
« -2شهادة الميالد لم توضع إلثبات الجنسية ،وليس الموظف الذى يقوم بتحريرها مختص ًا
بتحقيق جنسية المولود فال يمكن التعويل عليها فى هذا الصدد ...وشهادة المعاملة بالقرعة
ال كافياً على الجنسية المصرية»(.)21
العسكرية ال تعتبر دلي ً
« -4المرجع فى ثبوت الجنسية هو أحكام القوانين التى تنظم الجنسية وليس ما يرد فى أوراق
حتى ولو كانت رسمية ،مادامت غير معدة أصالً إلثبات الجنسية وصادرة من جهات غير
مختصة ،إذ ما يثبت فى هذه األوراق هو فى الواقع ما يمليه صاحب الشأن دون أن
تتحرى الجهات اإلدارية حقيقة أمرها ،كما هو الشأن بالنسبة لما يثبت فى شهادات الميالد
وبطاقة الحالة الشخصية أو العائلية والسجل التجارى واق اررات الضرائب ،إذ ليست أى من
هذه األوراق معدة إلثبات الجنسية وان كانت حالة ظاهرة وهذه الحالة ليست لها
قطعية»(.)21
مؤخر ليعد ل هذه المفاهيم التى استقر عليها القضاء وذلك بمقتضى القانون
ًا -7وقد تدخل المشرع
رقم 22لسنة 2112التى تنص على أنه «تضاف فقرة ثانية إلى المادة 23من القانون 26
لسنة 1371بشأن الجنسية المصرية ،نصها اآلتي :ومع مراعاة عدم اإلخالل بالقواعد العامة
لإلثبات الواردة فى القانون رقم 21لسنة 1361بشأن اإلثبات فى المواد المدنية والتجارية أو
أي قوانين أخرى تعتبر شهادة الميالد أو المستخرج الرسمي منها حجة فى إثبات الجنسية
المصرية لمن يحملها من المواطنين ،وكذلك أي وثائق أو مستندات أخرى تمنحها الدولة
للمواطن مثل بطاقة الرقم القومي أو شهادة المعاملة العسكرية أو اإلعفاء منها طبقًا
للقانون»( . )22وهكذا فقد اعترف المشرع للمستندات المذكورة بالحجية فى إثبات الجنسية ولكنه
لم يبين نوع هذه الحجية؛ هل مطلقة أم يجوز إثبات عكسها .والشك أنها حجية نسبية تسقط
بإثبات العكس .وكل ما أراد النص تقريره أمرين :األمر األول :االعتراف للمستندات السابقة
بالحجية فى إثبات الجنسية ولكنها حجية ال تتساوى مع الحجية المعترف بها لشهادة الجنسية،
05
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
ألن شهادة الجنسية– وعلى ما سيأتى بيانه( –)24ال يتم منحها إال بعد التأكد من ثبوت
خصيصا لهذا الغرص ،فى حين أن
ً الجنسية وبواسطة الجهات المختصة التى قررها القانون
الموظف المختص بمنح شهادة الميالد أو بطاقة الرقم القومى أو شهادة الخدمة العسكرية ال
أساسا إلثبات الجنسية ،وانما
ً يتأكد من ثبوت الجنسية ،كما أن هذه المستندات غير معدة
إلثبات أمور أخرى مثل واقعة الميالد أو الحالة الشخصية أو أداء الخدمة العسكرية وهكذا.
األمر الثانى :أن حيازة أى من المستندات السابقة يحدث أثره الناقل لعبء اإلثبات ،فمن
يحمل أى منها كان مصرًيا ومن يدعى العكس فعليه عبء اإلثبات .و ًأيا ما كان ،فإن طريق
احدا ،وانما يختلف باختالف نوع الجنسية ،بحسب ما إذا كانت
إثبات الجنسية المصرية ليس و ً
أصيلة أم مكتسبة.
أ -إثبات الجنسية المصرية المكتسبة
-1من اكتسب الجنسية المصرية بعمل إدارى كالتجنس أو الزواج المختلط ،فإنه يكفيه إلثبات
التمتع بها تقديم القرار القاضى بمنحه إياها ليكون دليالً كافياً على تمتعه بها ،أو حتى تقديم
الجريدة الرسمية التى نشر فيها هذا القرار.
ب -إثبات الجنسية المصرية األصيلة
-3ينبغى التفرقة فى هذا الصدد بين حالتى اكتساب الجنسية المصرية األصيلة بالميالد ،وذلك
على النحو التالى:
-1من اكتسب الجنسية المصرية بالميالد على اإلقليم ،كاللقيط الذى يولد على األراضى
المصرية ،يمكنه إثبات واقعة الميالد بكافة طرق اإلثبات ،وذلك ألن «واقعة الميالد ،وهى
الشرط الجوهرى فى هذه الحالة ،واقعة مادية يمكن إثباتها بشهادة الميالد ،ويتعين بعد ذلك
إثبات باقى ما يستلزمه النص من شروط ،وتثبت جنسية الجمهورية لللقيط بمجرد وجوده
(المادة2/2من قانون الجنسية والمعدلة بالقانون رقم113لسنة .)21()2113 ()23
فى مصر»
06
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
-2تثور الصعوبة عند إثبات التمتع بالجنسية المصرية عن طريق النسب ،أى بناء على حق
الدم .وتكمن الصعوبة فى أنه يتعين على الشخص أن يثبت أن أباه مصرى وأن أبا أبيه
وجميع أجداده على عمود النسب حتى نهاية شجرة العائلة من المصريين .ونظ اًر للصعوبة
البالغة التى تنتاب إثبات جنسية جميع األصول ،فقد يسر المشرع قليالً من هذه الصعوبة
عندما قرر فى المادة األولى من قانون الجنسية – على نحو ما سبق البيان – بأن
«المصريون هم :أوالً :المتوطنون فى مصر قبل 1نوفمبر 1313من غير رعايا الدول
األجنبية ،والمحا فظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون ،وتعتبر إقامة
األصول مكملة إلقامة الفروع واقامة الزوج مكملة إلقامة الزوجة»( ،)26ومن ثم يكفى
العتبار أصول الشخص من المصريين أن يثبت أن األب أو الجد الذى ينحدر منه على
عمود النسب كان متوطناً فى مصر قبل 1نوفمبر سنة 1313أى قبل انفصال مصر
عن الدولة العثمانية ،كما يجب عليه أن يثبت استمرار هذا التوطن حتى تاريخ العمل
بقانون الجنسية الحالى رقم 26لسنة 1371أى حتى 23يونيو ،)27(1371وهو ما يعنى
استمرار تمتع األصل بالجنسية المصرية حتى يمكنه توريثها لألبناء جيالً بعد جيل .ونظ ًار
لصعوبة تعقب شجرة العائلة جيالً بعد جيل ،فقد استقر الرأى على اللجوء إلى فكرة الحالة
الظاهرة إلثبات الجنسية ،حيث قررت محكمة النقص بأنه «ليس ثمة ما يمنع قانوناً فى
مصر من األخذ بالحالة الظاهرة كقرينة احتياطية معززة بأدلة أخرى مثبتة للجنسية سواء
أكا نت تلك الجنسية هى الجنسية الوطنية أو األجنبية ،وسواء أكانت مؤسسة على حق الدم
أو حق اإلقليم»( ،)21بل وأكثر من ذلك فقد اعتدت محكمة القضاء اإلدارى بالحالة الظاهرة
وحدها كدليل أكيد على ثبوت الجنسية حين قررت – بعد أقل من شهر من حكم النقص
السابق – بأن «الحالة الظاهرة يمكن أن تكون وسيلة إلثبات الجنسية بل تكفى وحدها
إلثبات الجنسية»(.)23
( )26لمزيد من التفاصيل حول هذا النص راجع مؤلفنا السابق ،رقم 127وما يليها ،ص 67وما يليها.
( )27انظر فى تحديد تاريخ العمل بقانون الجنسية راجع مؤلفنا السابق ،رقم ،141خاصة هامش .113
( )21جلسة 1مارس ،1316مجموعة أحكام محكمة النقص ،س 27العدد األول ،ص 111وما يليها.
( )23جلسة 4إبريل ،1316مجموعة المبادئ التى قررتها محكمة القضاء اإلدارى ،س ،11ص.273
07
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
-11مفهوم الحالة الظاهرة :تعنى الحالة الظاهرة ظهور الشخص بمظهر الوطنيين ،فهى الحالة
الفعلية أو الواقعية التى يظهر بها الشخص كوطنى بين أفراد الشعب .فمن يظهر بين الناس
على أنه مصرى فإنه يعتبر كذلك حتى يثبت العكس .ويستدل على الحالة الظاهرة بعناصر
ثالثة :االسم والمعاملة والشهرة .ويعنى العنصر األول حيازة الشخص السم مصرى ،أما
المعاملة فمعناها معاملة الشخص على أنه مصرى ،وتتجلى مظاهر هذه المعاملة من خالل
تمتع الشخص بالحقوق التى ال يتمتع بها إال الوطنيون مثل تولى الوظائف العامة وممارسة
الحقوق السياسية وتملك العقارات والمنقوالت ،كما يتضح أيضاً من خالل االلتزامات التى ال
يتحمل بها إال الوطنيون كااللتزام بأداء الخدمة العسكرية .فى حين تعنى الشهرة الحالة التى
اشتهر بها الشخص بين الناس ،فمن اشتهر عنه أنه مصرى فإنه يظل متمتعاً بهذه الصفة.
وقد قضت محكمة القضاء اإلدارى فى حكمها السابق – الصادر فى 4إبريل – 1316بأنه
« أجمع شراح القانون الدولى على أن الحالة الظاهرة يمكن أن تكون وسيلة إلثبات الجنسية،
بل تكفى وحدها إلثبات الجنسية .وقالوا إن عناصر هذه الحالة ثالثة تحدث معها فعلها وال
يحدث الواحد فيها وحده أى أثر ،وهذه العناصر هى االسم والمعاملة الشهرة»( .)41والذى
تجدر مالحظته على هذا الحكم هو تأكيد المحكمة أنه يجب توافر الحالة الظاهرة بعناصرها
الثالثة ،فتوافر عنصر أو اثنين منها فقط ال يكفى لقيام الحالة الظاهرة .فمن يحمل اسماً
مصرياً واشتهر بين الناس على أنه مصرى ،ولكنه لم يعامل فى الدولة على أنه مصرى ،فإن
ذلك ال يكفى لقيام الحالة الظاهرة فى حقه.
-11حجية الحالة الظاهرة فى اإلثبات :إذا كان الفقه والقضاء قد استق ار على اعتبار الحالة
الظاهرة قرينة على ثبوت الجنسية المصرية ،فإنها مع ذلك ليست قرينة قاطعة وانما هى قرينة
بسيطة تقبل إثبات العكس ،ويقع عبء إثبات العكس على من يدعى خالف الظاهر .وهذا ما
أكده تقرير اللجنة التشريعية لقانون الجنسية بخصوص نص المادة ،23إذ ورد فى هذا
التقرير ما مفاده أنه «إذا ثار نزاع بشأن الجنسية فإن عبء اإلثبات فى هذه الحالة يقع على
عاتق من يدعى خالف الظاهر» .وبذلك يتضح لنا أن الحالة الظاهرة – بعناصرها الثالثة –
تقرر للفرد فائدتين أساسيتن :األولى :أنها تعتبر قرينة لصالحه على أنه مصرى .والثانية :أنها
08
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
تنقل عبء اإلثبات – وهذا هو األهم – من على عاتقه إلى عاتق من يدعى العكس .وقد
اعترفت المحكمة اإلدارية العليا بهذا األثر الناقل لعبء اإلثبات بمقتضى الحالة الظاهرة،
عندما قضت فى إحدى الدعاوى باعتبار المدعى مصري ًا وفقاً لحالته الظاهرة التى تؤكد
اكتسابه هذه الصفة وذلك بعد فشل الجهة اإلدارية فى إثبات العكس – بعد أن انتقل إليها
عبء اإلثبات – حيث ورد فى حيثيات حكمها أنه «ومن حيث إن المدعى يستند فى
المطالبة باالعتراف له بجنسية الجمهورية ...بصفة أساسية إلى توطنه هو ووالده وجده من
قبل برفح سيناء ،وعلى حالته الظاهرة التى تؤيدها المستندات المقدمة منه ...ومن حيث أنه
ولئن كان عب ء اإلثبات فى مسائل الجنسية يقع على عاتق من يدعى أنه تمتع بالجنسية
المصرية ،وأن المدعى لم يقدم من األدلة والمستندات ما يثبت على وجه التحديد بدء إقامة
أسرته بالجمهورية( ...ولكن) الحالة الظاهرة التى أيدتها المستندات العديدة المقدمة منه تفيد
أن الجهة اإلدارية كانت تعامله على أنه مصرى ،ومن شأن الحالة الظاهرة طبقاً لما هو
مستقر قانوناً ،أن تنقل عبء اإلثبات فى مسائل الجنسية على عاتق من يدعى خالف القرينة
المستفادة من هذه الحالة .والجهة اإلدارية لم تقدم ما يثبت عكس ما هو مستفاد من حالة
المدعى الظاهرة .ومن حيث أنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد طبق
القانون تطبيقاً سليماً حين قضى باعتبار المدعى متمتعاً بجنسية الجمهورية»(.)41
-12تطور القضاء اإلدارى بشأن الحالة الظاهرة :إذا كان القضاء السابق قد ارتكن إلى الحالة
الظاهرة وحدها كدليل كاف ومطلق على ثبوت الجنسية ،فإن قضاء المحكمة اإلدارية العليا قد
تطور فى اآلونة األخيرة تطو اًر سلبياً فى شأن االرتكان للحالة الظاهرة نحو تبنى مفاهيم أكثر
تشددًا إذ لم يعد ينظر إليها إال كمجرد قرينة على ثبوت الجنسية ،ويبدو ذلك واضحاً من
خالل جملة مبادئ استقرت فى قضاء المحكمة اإلدارية العليا:
-1اكتساب الجنسية المصرية يتقرر مباشرة من الدستور والقانون :وقد قضت بأن «المستفاد
من هذه النصوص أن الجنسية المصرية مركز قانونى ينشأ مباشرة من أحكام الدستور
والقانون ويتحقق فى المصرى األصيل بواقعة ميالده ألب مصرى ،أو من خالل إقامة
( )41جلس ة 21م ارس ،1371مجموع ة المب ادئ القانوني ة الت ى قررته ا المحكم ة اإلداري ة العلي ا ،س ،11ص227
وما يليها.
09
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
أصوله أو إقامته وفقاً للشروط والمدد التى تحددها القوانين المتعاقبة للجنسية والتى حددت
طوائف المصريين األصالء واالشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف،
فاعتبرت رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانية من المصريين ،إذا توافر فى حقهم شرط
اإلقامة المعتادة خالل الفترة من 1نوفمبر سنة 1313حتى 11مارس ( 1323تاريخ
نشر القانون ) 1323/13وقد أكدت جميع القوانين الصادرة فى هذا الشأن حق هذه
الطائفة فى التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت فى حقهم الشروط المشار
إليها بأن كانوا مقيمين فى األراضى المصرية فى 1نوفمبر سنة 1313وحافظوا على تلك
اإلقامة حتى 11مارس سنة .)42(»1323
-2الحالة الظاهرة ليست – بمفردها – دليالً على ثبوت الجنسية :وقد ذهبت المحكمة إلى أنه
ومن حيث إن «المطعون ضده فى الطعن رقم 34/1313ق لم يقم بإثبات ما يفيد إقامة
والده أو أى من أصوله فى مصر إقامة معتادة (الفترة من 1313/11/1حتى
)1323/4/11حتى يفيد من الجنسية المصرية تبعاً لوالده ،كما لم يقم بإثبات جنسيته
المصرية وهو الذى يقع عليه إثبات ذلك ،وال يعول فى إثبات الجنسية المصرية على
الحالة الظاهرة إذ أن لهذه المحكمة قضاء يجرى على أن الحالة الظاهرة ،ليست لها حجية
قاطعة فى إثبات الجنسية المصرية خاصة إذا توافرت الدالئل على انتفاء ثبوتها ،إذا كانت
مظاهر هذه الحالة من استخراج المطعون ضده لبطاقة عائلية أو بطاقة شخصية أو
شهادات ميالد أو شهادات إدارية أو واقعة تجنيد نجله طالما ال تعرف أحكام تشريعات
الجنسية هذا المركز فى القانون الخاص بالجنسية المصرية ،وعلى ما تقدم واذ لم تثبت
الجنسية المصرية للمطعون ضده فإنها ال تثبت بالتالى لنجله المطعون ضده ،واذ انتهى
الحكمين المطعون فيهما إلى غير هذا المذهب فإنهما جديران باإللغاء وبرفص
الدعويين»(.)44
( )42الطعن رقم 4111لس نة 43ق جلس ة ،1332/12/21مش ار إلي ه ف ى د .محم د م اهر أب و العين ين ،المفص ل
فى شرح اختصاص مجلس الدولة وفقاً لألحكام والفتاوى ،المرجع السابق ،ص.71
( )44الطعن ان رقم ا 1313 -1314لس نة 34ق جلس ة ،2111/1/24والطع ن رق م 1741لس نة 34ق جلس ة
،2111/1/13والطعن رقم 3334لسنة 31ق جلسة ،2112/2/3مش ار إل يهم ف ى المرج ع الس ابق ،ص36
وما يليها.
21
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
( )43الوق ائع المص رية – الع دد 24ف ى 11م ارس .1323ولمزي د م ن التفاص يل ع ن التط ور التش ريعى لتنظ يم
الجنسية فى مصر راجع مؤلفنا أحكام الجنسية فى القانون ال دولى والق انون المص رى المق ارن ،المرج ع الس ابق،
رقم 127وما يليها ،ص 67وما يليها.
20
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
فان جد الطاعن األول ألبيه يكون قد توافر فى حقه شرط اإلقامة فى مصر المدة من
1313/11/1حتى 1323/4/11واالتصاف بالرعوية العثمانية ،وبالتالى فانه يكون
ال فى الجنسية المصرية بحكم القانون ،األمر الذى يترتب عليه تمتع والد الطاعن
داخ ً
األول بتلك الجنسية بالتبعية لوالده وكذلك تمتع الطاعن األول وأوالده بما فيهم الطاعن
الثانى بالجنسية المصرية بالميالد ألب يحمل هذه الجنسية عمالً بحكم المادة الثانية من
القانون رقم 26لسنة 1371بشأن الجنسية المصرية»(.)41
-3إثبات التوطن فى مصر قبل 1نوفمبر 1313مع المحافظة عليه سواء بالنفس أو
باألصل الذى ينحدر منه الشخص حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الحالى :كانت
النتيجة الحتمية التجاه المحكمة اإلدارية العليا المتشدد فى شأن ثبوت الجنسية المصرية
هو االرتكان لضابط اإلقامة فقط بما يعنى إهدار حجية الحالة الظاهرة كدليل لإلثبات فى
هذا المجال .وقد ترتبت هذه النتيجة بسبب االلتزام الصارم بحرفية نص المادة األولى من
قانون الجنسية الحالى رقم 26لسنة 1371التى تقرر بأن« :المصريون هم :أوالً-
المتوطنون فى مصر قبل 1نوفمبر سنة 1313من غير رعايا الدول األجنبية،
المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون ،وتعتبر إقامة األصول مكملة
إلقامة الفروع واقامة الزوج مكملة إلقامة الزوجة» .ولما كان النص المذكور يشترط لثبوت
الجنسية ضرورة التوطن فى مصر فى 1نوفمبر سنة 1313مع المحافظة على هذا
التوطن حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الحالى مع اعتبار إقامة األصول مكملة إلقامة
الفروع واقامة الزوج مكملة إلقامة الزوجة ،فقد قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن «المستفاد
من نصوص قوانين الجنسية المصرية المتعاقبة أن الشارع المصرى قد حدد طوائف
المصريين األصالء واالشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف واعتبر رعايا
الدولة العثمانية من المصريين ،إذا توافر فى حقهم شرط اإلقامة المعتادة خالل الفترة من
1نوفمبر سنة 1313حتى 11مارس سنة 1323تاريخ نشر القانون رقم 13لسنة
1323وقد أكدت جميع القوانين الصادرة فى هذا الشأن حق هذه الطائفة فى التمتع
( )41مشار إليه فى مؤل ف د .محم د م اهر أب و العين ين ،المفص ل ف ى ش رح اختص اص مجل س الدول ة وفق اً لألحك ام
والفتاوى حتى عام ،2111المرجع السابق ،ص 112وما يليها.
22
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت فى حقهم الشروط المشار إليها بأن كانوا
مقيمين فى األراضى المصرية فى 1نوفمبر 1313وحافظوا على تلك اإلقامة حتى تاريخ
صدور القانون ،فنصت المادة األولى من القانون رقم 26لسنة 1371على أن المصريين
هم "أوالً :المتوطنون فى مصر قبل 1نوفمبر سنة 1313من غير رعايا الدول األجنبية
المحافظون على إقامتهم فيها حتى ت اريخ العمل بهذا القانون ،وتعتبر إقامة األصول مكملة
إلقامة الفروع واقامة الزوج مكملة إلقامة الزوجة" ،ومقتضى ذلك أن ثبوت الجنسية
المصرية يستلزم أن يكون الشخص متوطناً فى مصر قبل 1نوفمبر سنة 1313سواء
بنفسه أو بأصله الذى انحدر منه وظل محافظاً على هذه اإلقامة حتى 21مايو سنة
، )46(1371فإذا كان الثابت أن والد المدعى المطعون ضده يوسف ...وهو من رعايا
الدولة العثمانية قد ولد بمدينة اإلسكندرية فى 26يونيو سنة 1132على ما يبين من
وعمد فى بطريركية الروم
الشهادة الصادرة من مكتب صحة المنشية باإلسكندريةُ ،
الكاثوليك باإلسكندرية فى 1132/11/1وتزوج فى 1311/11/23باإلسكندرية وتوفى
بها فى ،1331/7/21كما أن المدعى ولد باإلسكندرية فى 1322/12/41وحافظ على
إقامته باإلسكندرية حيث التحق بمدرسة الفرير "سانت فاميل" حتى عام 1343ثم التحق
بالعمل بالعديد من المحالت التجارية باإلسكندرية بصفة مستمرة ومتصلة – على ما يبين
من الشهادات الصادرة من المحالت المشار إليها – حتى أحيل إلى المعاش فى
1312/12/41بمعرفة شركة اإلسكندرية للحلويات والشيكوالتة ،األمر الذى يؤكد أن ميالد
المطعون ضده واقامته بجمهورية مصر العربية كان امتداداً طبيعياً إلقامة والده الذى ولد
وأقام وتزوج فيها فى تاريخ سابق على 1نوفمبر سنة 1313وظلت هذه اإلقامة مستمرة
ومتصلة بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 26لسنة ،1371األمر الذى يؤكد ثبوت الجنسية
المصرية فى حق المطعون ضده ،واذ انتهجت المحكمة فى حكمها الطعين هذا النهج
( )46وذل ك م ع ال تحفظ أن ه ذا الت اريخ ل يس ه و ت اريخ العم ل بق انون الجنس ية الح الى ،وانم ا ت اريخ إص دار ه ذا
الق انون ،فالت اريخ الص حيح للعم ل بق انون الجنس ية الح الى ه و 23يوني و ،1371لمزي د م ن التفاص يل راج ع
مؤلفنا أحكام الجنسية فى القانون الدولى والقانون المصرى المقارن ،المرجع السابق ،رقم ،141خاص ة ه امش
.113
23
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
الصحيح فى استجالء حقيقة عالقة المدعى وانتمائه للجنسية المصرية مع واقع شهادات
الميالد والوفيات والزواج الصادرة من الجهات الرسمية المعترف بها فى مصر وانتهت من
ذلك كله إلى ثبوت الجنسية المصرية فى حق المدعى "المطعون ضده" فإنها تكون قد
أصابت الحق فيما انتهت إليه ...ومن ثم فال وجه للنص على الحكم الطعين بمخالفته
للقانون تطبيقاً أو تأويالً ،ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً
بالرفص»( .)47والذى يستخلص من هذا الحكم أن المعول عليه فى ثبوت الجنسية المصرية
هو التوطن فى مصر – سواء بالنفس أو باألصل – قبل 1نوفمبر 1313مع المحافظة
عليه حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الحالى .وال شك أن إثبات الجنسية المصرية على
هذا النحو أمر عسير – وعسير جداً – ليس فقط على عموم المواطنين ،وانما على المشرع
الذى أصدر قانون الجنسية ذاته ،وعلى قضاة المحكمة اإلدارية العليا القائمين على تطبيقه
بهذا النحو المتشدد ،كما ال ينجو من هذه الصعوبة أيضاً أساتذة القانون الدولى الخاص
القائمين على تفسير وتدريس مادة الجنسية رغم أنهم حاملو أسرارها.
-1العجز عن إثبات اإلقامة وفقاً لألحكام السابقة مع توافر الحالة الظاهرة من شأنه نقل عبء
اإلثبات لجهة اإلدارة :وجدت بعص األحكام األخرى للمحكمة اإلدارية العليا التى تحمل -
ربما -بارقة أمل وطوق نجاه لكل من يعجز عن إثبات اإلقامة فى مصر وفقاً للضوابط
واألحكام المشار إليها سابقاً ،فاقتناع المحكمة بمصرية الشخص استنادًا لحالته الظاهرة من
شأنه نقل عبء اإلثبات إلى عاتق و ازرة الداخلية ،وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا -وان
متذبذبا -بأنه «ومن حيث أن الطاعن قدم العديد من المستندات
ً كان قضاؤها فى ذلك
التى حفل بها الطعن -ولم تجحدها جهة اإلدارة -لالستدالل على جنسيته المصرية،
ومن ذلك صورة قرار لجنة بحث جنسية أهالى سيناء الصادر بتاريخ 1361/4/17فى
الملف رقم 6371/11/24بأن (الطاعن) ...مصرى الجنسية ،وصورة التصريح رقم 137
ملف رقم 21/14/31الصادر من محافظة سيناء بالموافقة للطاعن على السفر إلى قطاع
( )47الطع ن رق م 333لس نة 41ق ،جلس ة ،1333/12/11مش ار إلي ه ف ى مؤل ف د .محم د م اهر أب و العين ين،
المفصل فى شرح اختصاص مجلس الدولة وفق اً لألحك ام والفت اوى حت ى ع ام ،2111المرج ع الس ابق ،المرج ع
السابق ،ص.14
24
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
غزة لمباشرة أمالكه والعودة إلى محل إقامته بالشيخ زويد باعتباره مصرى الجنسية ،وكذلك
شهادة ميالد الطاعن المثبت بها أنه من مواليد الشيخ زويد فى 1323/1/26وأنه مصرى
الجنسية ،وصورة بطاقته العائلية الصادرة من سجل مدنى الشيخ زويد بمحافظة شمال
سيناء فى عام 1363والمستخرج بدل فاقد لها فى عام 1312وثابت بها أن محل ورقم
قيد الطاعن هو 313رفح سيناء ،وصورة جواز سفر مصرى رقم 212444صادر من
القنصلية المصرية بطرابلس فى ،1333/4/21وبطاقة انتخاب صادرة من و ازرة الداخلية
برقم 313فى 1363/12/1وصورة بطاقة عضوية باالتحاد االشتراكى العربى ،وصورة
قرار آخر صادر من اللجنة المشكلة لبحث جنسية أهالى سيناء بمعاملة بعص األشخاص
معامل ة المصريين ومن بينهم اثنان من أبناء عم الطاعن هما ،...:فالشك أن هذه
المستندات وغيرها من المستندات األخرى التى طويت عليها الحوافظ المقدمة من الطاعن،
ال معتمدًا إلثبات الجنسية المصرية فإنها تنهص قرينة على تمتع الطاعن
وان لم تكن دلي ً
بهذه الجنسية وأنه ليس فلسطينياً كما تدعى جهة اإلدارة ،وهذه القرينة ال يصح إغفالها إال
إذا توافرت الدالئل على إثبات عكسها وهو ما لم يحدث .ومن حيث أنه يتضح جلياً مما
تقدم أنه بتالحم القرينة المستفادة من مستندات الطاعن مع موقف جهة اإلدارة من بحث
جنسيته – فان عبء إثبات الجنسية يكون قد تزحزح من عاتق الطاعن إلى عاتق الجهة
اإلدارية ،بحسبان أنها أقرت صراحة بالجنسية المصرية للطاعن ولكنها حجبتها عنه بزعم
أنها تخص شخصاً آخر يحمل اسماً مشابهاً السمه دون أن تقدم الدليل على صحة
ادعائها ،ومن ثم تكون الجنسية المصرية ثابتة للطاعن من واقع األوراق والمستندات
ال عن األوراق والمستندات المقدمة منه والتى لم تجحدها
الموجودة بملف بحث جنسيته فض ً
جهة اإلدارة ،ولم تقدم ما ينفى صحتها»(.)41
-6وربما تعود المحكمة اإلدارية العليا – بهذا القضاء الراشد – لالرتكان للقواعد العامة
واالعتراف باألثر الناقل لعبء اإلثبات فى مجال الحالة الظاهرة التى تعتبر -على األقل
-قرينة على ثبوت الصفة المصرية للشخص ليقع على عاتق من يدعى العكس عبء
اإلثبات فمن يريد إثبات أن حالته الظاهرة تفيد أنه مصرى ،فما عليه إال أن يثبت
( )41الطعن رقم 1671لسنة 34ق ،جلسة ،2112/1/11مشار إليه فى المرجع السابق ،ص.121
25
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
بالمستندات المتتالية صفته المصرية أثناء مراحل حياته المختلفة ،وذلك بتقديم شهادات
الميالد الممنوحة له ،والبطاقات الشخصية ،وجوازات السفر ،والشهادات الدراسية التى
حصل عليها من المدارس والجامعات المصرية ،وكافة المستندات األخرى التى منحتها له
الدولة طيلة حياته على أنه مصرى ،حيث تتكاتف هذه المستندات جميعها لتكون حالة
ظاهرة على مصرية الشخص ،لتحدث أثرها الناقل لعبء اإلثبات إلى عاتق و ازرة الداخلية
التى يقع عليها عبء إثبات انتفاء الجنسية المصرية عن الشخص ،وذلك كله فى األحوال
التى يعجز فيها الفرد عن إثبات اإلقامة فى مصر سواء بالنفس أو باألصل فى الفترة ما
بين 1نوفمبر سنة 1313وتاريخ العمل بقانون الجنسية الحالى.
-7واقعة اإلقامة مجرد واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة طرق اإلثبات :من مظاهر التيسير التى
حملها إلينا أيضاً قضاء المحكمة اإلدارية العليا المعاصر ،هو ذلك الحكم المتعلق بكيفية
إثبات اإلقامة ،فكيف يتسنى – وهو سؤال يدور بخلد الجميع – إثبات اإلقامة فى مصر
قبل 1نوفمبر سنة 1313مع إثبات المحافظة عليها حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية
الحالى ،فقد يكون لدى الفرد مستندات عرفية كعقود بيع أو إيجار ألطيان اشتراها أو
استأجرها األجداد ،فهل تصلح هذه المستندات العرفية للتدليل على إقامة األجداد وتوطنهم
فى ذ لك العهد القديم الخالى من المستندات؟! أجابت المحكمة اإلدارية العليا – بجلستها
المنعقدة فى – 2112/6/23على هذا التساؤل باإليجاب مقررة أنه «ال ينال مما سبق أن
تكون بعص المستندات المقدمة من الطاعن عرفية ،ذلك أن األمر إنما يتعلق بواقعة مادية
هى واقعة اإلقامة التى لم يستلزم المشرع إلثباتها طريقاً خاصاً أو وسيلة بعينها ،إلى جانب
أن إثبات اإلقامة فى مثل هذه الحالة تكتنفه صعوبات ومالبسات خاصة مردها إلى قدم
عهد مدة اإلقامة وعدم تحسب ذوى الشأن لها ،مما يقتضى النظر إلى أدلة إثباتها بقدر
من المرونة والعدالة حتى ال يفضى األمر إلى التكليف بما هو أشبه بالمستحيل فيما هو
يخص كيان الشخص ومصيره ،وذلك باعتبار المستندات المقدمة إلثباتها – ولو كانت
عرفية – منشئة لقرينة لصالح ذوى الشأن ال يسوغ لجهة اإلدارة إغفالها إال إذا ثبت لديها
فسادها أو وجد من المستندات ما يناقضها ،وهو ما لم يتحقق فى الحالة المماثلة حيث قدم
26
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
الطاعن العديد من المستندات الرسمية والعرفية التى حفل بها الطعن إلثبات إقامة والده
بالبالد ،ولم تقدم جهة اإلدارة من جانبها ما يفيد القناعة بعدم صحة هذه المستندات»(.)43
-1خالصة القول فى طرق إثبات الجنسية المصرية :هكذا ننتهى فى طرق إثبات الجنسية تحديداً
إلى أن الجنسية المصرية المكتسبة تثبت بتقديم العمل الذى اكتسبت به كتقديم قرار التجنس
مثالً ،وأن الجنسية المصرية األصيلة المبنية على حق اإلقليم تثبت بثبوت الميالد فى مصر،
وهو ما تكفى بشأنه شهادة الميالد ،وأن الجنسية المصرية المبنية على حق الدم تثبت بتتبع
شجرة العائلة على عمود النسب إلثبات إقامة األصل فى مصر فى 1نوفمبر سنة ،1313
والمحافظة على اإلقامة – وحسبما قررت المحكمة اإلدارية العليا – حتى 21مايو ،1371
مع اعتبار إقامة األصول مكملة إلقامة الفروع واقامة الزوج مكملة إلقامة الزوجة ،وذلك مع
التحفظ على أن هذا التاريخ ليس هو تاريخ العمل بقانون الجنسية الحالى وانما تاريخ إصدار
القانون المذكور ،فالتاريخ الصحيح للعمل به – وكما سلف البيان – هو 23يونيو
.)31(1371
-3شهادة الجنسية
-14مفهوم شهادة الجنسية :بعد أن اعتنقت المادة السادسة من الدستور الجديد المعدل لعام
، 2113حق الدم المطلق واعترفت لألم بنفس دور األب فى مجال نقل الجنسية لألبناء
بنصها على أن «الجنسية حق لمن يولد ألب مصرى أو ألم مصرية» ،عادت وقررت أن
«االعتراف القانونى به (أى من يولد ألب مصرى أو ألم مصرية) ومنحه أو ارقًا تثبت بياناته
الشخصية ( ومن بينها البيان المتعلق بالجنسية بطبيعة الحال) حق يكفله القانون وينظمه».
وها هو قانون الجنسية ينظم شهادة الجنسية باعتبارها ورقة رسمية إلثبات الجنسية .شهادة
الجنسية عبارة عن وثيقة رسمية تمنحها الدولة لشخص معين تفيد تمتعه بجنسيتها .وتعد
شهادة الجنسية « Certificat de nationalitéبمثابة إقرار بالجنسية للشخص ،من جانب
27
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
الدولة ،وتتحدد قوة هذه الشهادة ،كدليل على الجنسية ،وفق قانون الدولة التى أصدرتها»(.)31
وفى ذلك تنص المادة 21من قانون الجنسية على أن «يعطى وزير الداخلية كل ذى شأن
شهادة بالجنسية المصرية مقابل أداء رسم ال يجاوز خمسة جنيهات وذلك بعد التحقق من
ثبوت الجنسية ،ويصدر بتحديد الرسم قرار من وزير الداخلية .ويكون لهذه الشهادة حجيتها
القانونية ما لم تلغ بقرار مسبب من وزير الداخلية ،ويجب أن تعطى هذه الشهادة لطالبها
خالل سنة على األكثر من تاريخ تقديم الطلب ،ويعتبر االمتناع عن إعطائها فى الميعاد
المذكور رفضاً للطلب» .وبتأمل هذا النص نجد أنه يقرر األحكام اآلتية:
-1يختص بمنح الشهادة – بعد التحقق من ثبوت الجنسية – وزير الداخلية فى مقابل رسم ال
يتجاوز خمسة جنيهات.
-2تمنح الشهادة فى موعد أقصاه سنة من تاريخ الطلب ،ويعتبر امتناع الوزير عن إعطائها
فى الموعد المذكور رفضاً للطلب ،ويجوز الطعن فيه أمام القضاء.
-4للشهادة حجية قانونية تثبت لصاحبها الجنسية المصرية ما لم تلغ بقرار مسبب.
-13حجية شهادة الجنسية :يثور التساؤل عن الحجية القانونية لشهادة الجنسية؟ هل هى حجية
قاطعة ال يجوز مناقضة ما جاء فيها أم أنها مجرد قرينة على ثبوت الجنسية المصرية؟ لم
يتضمن نص المادة 21إجابة على هذا التساؤل ،وانما كل ما قرره أن لهذه الشهادة «حجيتها
القانونية» ،ومن ثم يتعين بحث الحجية المقررة لشهادة الجنسية فى ضوء األحكام العامة فى
مادة الجنسية .بداية يجب التنويه إلى أن شهادة الجنسية «ليست بذاتها أداة لمنح الجنسية
المصرية ،وانما هى مجرد دليل إثبات يفترص معه دخول الشخص فى حالة من حاالت
الجنسية المصرية األصيلة أو المكتسبة»( .)32فالجنسية المصرية ال تستمد إال من القانون،
والقضاء هو المرجع األخير للفصل فى أحكامها ،فقد تكون الشهادة مبنية على بيانات غير
صحيحة أو مستندات مزورة ،لذلك استقر القضاء على أن شهادة الجنسية ليست لها حجية
مطلقة .فقد قضت محكمة القضاء اإلدارى بأن لشهادة الجنسية «حجية نسبية تسقط...
بإثبات عكسها ...ولما كان اكتساب الجنسية يكون بقيام أسبابه بالشخص طبقاً للقانون فإن
( )31د .أحمد عبد الكريم سالمة ،المبسوط فى شرح نظام الجنسية ،رقم ،1244ص 312وما يليها.
( )32د .عز الدين عبد ان ،الجنسية والموطن ،المرجع السابق ،ص.113
28
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
المشرع لم يقيد سحبها (سحب الشهادة) أو إلغاءها بميعاد ،وذلك سواء أكان السحب أو
اإللغاء راجعاً إلى سبب طارئ جد بعد منحها كفقد الجنسية أو سحبها أو إسقاطها أم إلى
عيب شابها وقت منحها الستنادها إلى بيانات غير صحيحة أو داخلها الغش أو الخطأ .وال
يقف األمر عند هذا الحد بل إن لكل ذى مصلحة أن ينازع حامل هذه الشهادة فى الجنسية
الثابتة بها لو استطاع إثبات العكس ولو كانت لم تلغ بقرار مسبب وال تزال قائمة ،ذلك ألن
الشهادة ليست حجة قاطعة فى إثبات الجنسية وانما هى دليل قابل إلثبات عكسه أمام القضاء
الذى له فى النهاية حق الفصل فى قيمة هذه الشهادة»( .)34ويقرر هذا الحكم العديد من
المبادئ:
-1لشهادة الجنسية حجية نسبية تسقط بإثبات العكس.
-2يجوز سحب الشهادة فى أى وقت بعد منحها ،إذ لم يقيد المشرع هذا السحب بميعاد معين.
-4لكل ذى مصلحة أن ينازع فى صحة شهادة الجنسية.
-11واذا كان ذلك كذلك ،فما هى فائدة هذه الشهادة؟ وهل تستوى فى قوتها كدليل إثبات مع الحالة
الظاهرة؟ الحقيقة أن منح هذه الشهادة ينطوى على فوائد كبيرة:
-16تعتبر شهادة الجنسية قرينة قانونية قوية على تمتع الشخص بجنسية الدولة ،فهى المستند
الرسمى الوحيد الذى يمنح بعد التأكد من ثبوت الجنسية ،وهو ما يميزها عن المستندات
مؤخر بالحجية فى هذا المجال مثل شهادة الميالد أو بطاقة
ًا األخرى التى اعترف لها المشرع
الرقم القومى أو شهادة الخدمة العسكرية ،حيث ال يتأكد الموظف الذى يمنح هذه المستندات
من ثبوت الجنسية ،بل وال تعد هذه المهمة من مقتضيات وظيفته من حيث األساس.
-2تعد شهادة الجنسية كذلك «دليالً كافياً على ثبوت الجنسية ،بحيث ال يطالب من
يتزود بها بدليل آخر معها»( ،)33وذلك لكونها – وكما قضت المحكمة اإلدارية العليا
– «الوثيقة اإلدارية التى يعول عليها فى إثبات الجنسية المصرية ،وقد أضفى عليها
المشرع حج ية قانونية ،ومن ثم يتعين األخذ بها لدى جميع الجهات الرسمية كدليل
على الجنسية المصرية ما لم تلغ بقرار من وزير الداخلية على أن يكون هذا القرار
( )34جلسة 16نوفمبر ،1313مجموعة المبادئ التى قررتها محكمة القضاء اإلدارى ،س ،3ص.21
( )33د .أحمد عبد الكريم سالمة ،المبسوط فى شرح نظام الجنسية ،المرجع السابق ،ص.312
29
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
مسبباً»( .)31ومن ثم يتضح الفارق بين شهادة الجنسية والحالة الظاهرة .فشهادة
الجنسية دليل رسمى معد وكاف بذاته ولذاته إلثبات الجنسية ،وبالتالى تلتزم
بمقتضاها جميع الجهات اإلدارية والقضائية فى الدولة ،أما الحالة الظاهرة فهى دليل
غير رسمى ،ألنها فكرة تعبر عن الحالة الواقعية للشخص وظهوره بمظهر الوطنيين،
كما أنها دليل غير كاف على ثبوت الجنسية المصرية وانما يجب على الشخص أن
يقدم ما يعززها من مستندات .يضاف إلى ذلك أن الحالة الظاهرة قد تكون أحد
األدلة التى يتم اللجوء إليها للحصول على شهادة الجنسية.
-4الحصول على شهادة الجنسية يحدث أث ًار هاماً فى عبء اإلثبات فينقله من على
عاتق حاملها إلى عاتق من ينازعه فيها ،فكأن «شهادة الجنسية تجعل صاحبها فى
موقف المدعى عليه وتجعل من يناقضها فى موقف المدعى ،الذى عليه عبء
إثبات أنها ال تعبر عن الحقيقة ،سواء أكان هذا المدعى هو فرد عادى ،أم الدولة.
فهى تعطى لصاحبها بعص األمان ،وتجعله فى موقف متميز»( .)36وهذا ما قضت
به صراحة المادة 41من القانون المدنى الفرنسى حين قررت أن عبء إثبات
الجنسية الفرنسية ينتقل إلى عاتق من ينازع فى صحة شهادة الجنسية الممنوحة طبقاً
ألحكام المواد 41وما يليها من ذات القانون.
-17االمتناع عن منح شهادة الجنسية :إذا طلب أحد األفراد الحصول على شهادة الجنسية،
ورفص وزير الداخلية منحه إياها أو امتنع عن إعطائها لمدة سنة من تاريخ الطلب ،اعتبر
ذلك – وفقاً لنص المادة – 21رفضاً للطلب .ومن ثم جاز لصاحب الشأن اللجوء إلى
القضاء للطعن فى قرار وزير الداخلية الرافص إعطاءه الشهادة أو الطعن فى القرار السلبى
باالمتناع عن إعطائها .وقد حدث فى إحدى القضايا أن تقدم أحد األشخاص بطلب للحصول
على شهادة الجنسية وأرفق بطلبه المستندات المؤيدة له ،ولكن وزير الداخلية امتنع عن
إعطائه الشهادة المطلوبة .بيد أن محكمة القضاء اإلدارى حكمت فى الموضوع لصالح هذا
( )31جلسة ،1373/1/11مجموعة المبادئ القانونية التى قررته ا المحكم ة اإلداري ة العلي ا ف ى خمس ة عش ر عام اً،
الجزء األول ،1312 ،ص 323وما يليها.
( )36د .أحمد عبد الكريم سالمة ،المبسوط فى شرح نظام الجنسية ،المرجع السابق ،رقم ،1243ص.313
31
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
الشخص وقضت بأنه كان «يتعين اإلقرار له بالجنسية المصرية واعطاؤه الشهادة المنصوص
بناء على تحريات البوليس المقول بأنها تفيد أن له أميوالً أو
عليها ...وال يصح منعه إياها ً
أفكا اًر شيوعية ،ذلك ألن الحالة من أحوال اإلقرار بالجنسية المصرية المتوافرة للطالب فعالً
بحكم القانون وليست حالة طلب تجنس مما تمنح فيه الجنسية المصرية للطالب إذا توافرت
فيه شروط معينة ،ويتعين الحكم بإلغاء امتناع وزير الداخلية عن إعطاء الشهادة
المطلوبة»(.)37
-11إلغاء شهادة الجنسية :شهادة الجنسية – كما سبقت اإلشارة – هى المستند الرسمى الوحيد
الذى يثبت الجنسية للشخص إلى الحد الذى تلتزم معه جميع سلطات الدولة بما جاء
بمض مونها .ورغم أن وزير الداخلية ال يمنحها إال بعد التأكد من ثبوت الجنسية المصرية
للشخص ،فمن المتصور أن تمنح هذه الشهادة بناء على معلومات غير صحيحة أو باالستناد
إلى وثائق مزورة ،فهنا يحق للوزير إلغاء الشهادة .ويشترط فى جميع األحوال أن يكون قرار
اإللغاء مسبباً واال كان محالً للطعن أمام القضاء .ولم يقيد المشرع من سلطة وزير الداخلية
فى إلغاء الشهادة بميعاد معين وانما يحق له إلغاؤها فى أى وقت بعد منحها .واذا أصدر
الوزير ق ار اًر بإلغائها زالت حجيتها القانونية ،ولم يعد لها أى حجية فى اإلثبات ،فلهذه الشهادة
«حجيتها القانونية ما لم تلغ بقرار مسبب من وزير الداخلية» (المادة .)21
-13الخالص ة :إذا كان لنا أن نعطى خالصة عن كيفية إثبات الجنسية المصرية ،فيمكن القول
بأن عبء اإلثبات يقع على عاتق الشخص الذى يثور النزاع بشأن جنسيته ،وأن هذا العبء
ينتقل من على عاتق الشخص إلى عاتق من ينازعه فيها فى حالتين :األولى :إذا كانت
الحالة الظاهرة بعناصرها الثالثة – االسم والشهرة والمعاملة – توحى بأنه مصرى .والثانية:
إذا كان حامالً مثالً لشهادة ميالد أو بطاقة رقم قومى أو جواز سفر أو شهادة جنسية.
ثانيا :إثبات الجنسية األجنبية
ً -22
-21الجنسية رابطة سياسية تعبر فى شق منها عن السيادة الشخصية للدولة على رعاياها ،لذا
يكون طبيعياً أن يسند لقانون كل دولة مهمة تحديد هؤالء الرعايا .فمن غير المنطقى أن تقوم
( )37جلسة 12ديسمبر ،1311مجموع ة المب ادئ القانوني ة الت ى قررته ا محكم ة القض اء اإلدارى ،س ،1ص214
وما يليها.
30
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
دولة معينة بتحديد من يحمل جنسية دولة أخرى ،فالقانون الوطنى هو الذى يحدد الوطنيين،
لذا يجب أال ينكر على القانون األجنبى سلطة تحديد األفراد الذين ينتمون إلى الدولة التى
يمثلها .وتأسيساً على ذلك إذا ثار نزاع حول جنسية شخص أجنبى ،فإنه يتعين الرجوع إلى
قانون الدولة المراد االنتماء إليها لتحديد مدى تمتعه بجنسيتها ،ذلك أن «عدم مراعاة أحكام
قانون الدولة األجنبية فى هذا الصدد قد يترتب عليه اعتبار الشخص منتمياً إلى الدولة
األجنبية فى حين أن هذه الدولة ذاتها ال تعتبره من رعاياها»( .)31وتلك نتيجة شاذة وال يمكن
قبولها ،فقانون الدولة األجنبية هو الذى يحدد حاالت منح الجنسية وشروط كل منها ،وهل
يدخل الشخص ضمن إحدى هذه الحاالت أم ال ،كما أنه هو الذى يحدد أيضًا نوع الجنسية التى
يحملها ،أصيلة أم مكتسبة ،وعلى أى أساس ،هل النسب أم الميالد أم التجنس ...إلخ.
-22وقد ذهبت بعص أحكام القضاء – رغم ذلك – إلى اعتبار إثبات الجنسية األجنبية مسألة واقع
وليست مسألة قانون ،ومن ثم يمكن إثباتها بكافة الطرق .غير أنه ال يمكن التسليم بهذا
المذهب ،ألن من شأنه أن يؤدى إلى االعتراف لشخص ما بجنسية دولة أجنبية فى حين ال
تعتبره هذه الدولة ذاتها من رعاياها .لذلك فالرأى الراجح هو اعتبار إثبات الجنسية األجنبية
مسألة قانون وليست مسألة واقع ،ومن ثم يتعين الرجوع لقانون الدولة األجنبية المراد االنتماء
إليها لمعرفة طرق إثبات الجنسية التى يحددها ،وقوة كل دليل .فلو ادعى شخص مثالً «أنه
يتمتع بجنسية أجنبية معينة وكان قانون هذه الجنسية يعقد االختصاص لجهة معينة بإصدار
شهادة بالجنسية (سواء أكانت ذات حجية مطلقة أو حجية نسبية) كان تقديم هذه الشهادة كافياً
إلثبات تمتع الشخص بهذه الجنسية»( ،)33واذا تعذر الحصول على شهادة الجنسية وكان
القانون األجنبى يحدد وسائل بديلة – كالحالة الظاهرة – فإنه يجب اللجوء إليها ،فالقانون
األجنبى كما يحدد طرق اكتساب الجنسية ،فإنه هو الذى يحدد كذلك طرق إثباتها وقوة كل
دليل.
المسألة الثالثة
( )31د .فؤاد رياص ،أصول الجنسية ،المرجع السابق ،رقم ،412ص.413
( )33د .عز الدين عبد ان ،الجنسية والموطن ،المرجع السابق ،رقم .131
32
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
( )11د .هش ام ص ادق ،هش ام ص ادق ،الجنس ية والم وطن ومرك ز األجان ب ،المجل د األول ف ى الجنس ية والم وطن،
منشأة المعارف باإلسكندرية ،1377 ،رقم ،233ص.637
( )11د .محمد كمال فهمى ،أصول القانون الدولى الخاص ،1311 ،رقم .163
33
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
رابطة بين الفرد والدولة ينبغى أن يفصل فيها على وجه واحد ال يتغير مادامت الوقائع التى
تبنى عليها لم تتغير ،فال يصدر حكم باعتبار شخص ما وطنياً ثم يصدر حكم آخر باعتبار
ذات الشخص ،وفى حدود ذات الوقائع التى بنى عليها الحكم األول ،أجنبياً»(.)12
-23وادراكاً من المشرع المصرى لهذه الغاية فقد قرر فى المادة 2/22من قانون الجنسية بأن
« جميع األحكام التى تصدر فى مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة وينشر منطوقها فى
الجريدة الرسمية» .وبهذا النص أقر المشرع لجميع األحكام الصادرة فى مسائل الجنسية –
سواء بثبوتها أو نفيها – بالحجية المطلقة ،إذ تعتبر هذه األحكام حجة على الكافة ،وال
تقتصر آثارها على أطراف المنازعة التى صدرت فيها .واذا كانت الدولة ذاتها طرفًا فى المنازعة
– وهذا هو الوضع الغالب – فإن الحكم الصادر يكون حجة عليها وعلى جميع المواطنين.
وتمتد الحجية المطلقة لتشمل جميع األحكام الصادرة فى مسائل الجنسية ،سواء كانت صادرة
فى دعوى أصلية أو فى طعن فى قرار إدارى بشأن الجنسية أو كانت صادرة فى مسألة أولية
يعد الفصل فيها الزماً للفصل فى الدعوى األصلية ،فمنطوق المادة 2/22يقرر هذه الحجية
«لجميع األحكام التى تصدر فى مسائل الجنسية» .ويؤكد – باإلضافة إلى ذلك – الحجية
المطلقة لألحكام الصادرة فى دعاوى إلغاء الق اررات اإلدارية الصادرة بشأن الجنسية ،نص
المادة 12من قانون مجلس الدولة الذى يقرر أن «األحكام الصادرة باإللغاء عموماً تكون
حجة على الكافة».
-21شروط االعتراف بالحجية المطلقة لألحكام المتعلقة بالجنسية :يشترط حتى يحوز الحكم
الصادر فى مسائل الجنسية الحجية المطلقة ما يأتى:
-1أن يكون الحكم صاد ًار عن القضاء المختص ،وهو القضاء اإلدارى ،ألنه القضاء الذى
أناط به المشرع – دون غيره – سلطة الفصل فى مسائل الجنسية ،وهذا ما أكدته فعالً
المحكمة اإلدارية العليا حين قضت بأن «األحكام القضائية التى تحوز قوة األمر المقضى
فى الجنسية بصفة مطلقة يجب أن تصدر من الجهة القضائية التى أسند إليها القانون
الفصل فى هذا الخصوص ...وال يتقيد القضاء اإلدارى بالحكم الجنائى الذى مس فى
ال إذا انبنى حكم البراءة فى جريمة دخول األراضى المصرية
أسبابه مسائل الجنسية ،فمث ً
( )12د .عز الدين عبد ان ،الجنسية والموطن ،المرجع السابق ،رقم ،131ص.141
34
االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية وإثباتها – تطور القضاء اإلداري بشأن الحالة الظاهرة
أ .د .عبد المنعم زمزم
ب دون ترخيص على ما فهمته المحكمة الجنائية من أن المتهم مصرى الجنسية بحسب
تأويلها للنصوص القانونية فى هذا الشأن ،ولم يقم على ثبوت أو نفى واقعة معينة من
الوقائع ،فإن هذا الحكم وان حاز قوة األمر المقضى فى تلك الجريمة المعينة ،إال أنه ال
يحوز هذه القوة فى ثبوت الجنسية المصرية بصفة مطلقة ،ألن الجنسية هى رابطة سياسية
بين الدولة ومن يدعى االنتماء إليها .وبهذه المثابة تقتضى تأويالً وتكييفاً قانونياً على
()14
أيضا بأنه
مقتضى القوانين التى تحكم هذه المسألة بالذات» .وقد قضت ذات المحكمة ً
إذا «ثار النزاع عن الجنسية لدى القضاء الجنائى فى صورة مسألة أولية يتوقف عليها
الفصل فى الدعوى المرفوعة لديه فى حدود واليته ،وفصلت المحكمة الجنائية فى الدعوى
بحالتها أى على أساس ما يثبت فيها من وقائع ،بما فى ذلك الوقائع التى تتعلق بالجنسية،
فال يعتبر حكم المحكمة الجنائية فى موضوع الدعوى والذى عولت فيه على الوقائع التى
تتعلق بالجنسية متضمناً الحكم فى ثبوت الجنسية من عدمه ،ومن ثم فإن حكم المحكمة
الجنائية ببراءة والد المدعى من تهمة عدم مغادرة البالد عند انتهاء إقامته المرخص له بها
لم يقطع فى جنسيته المصرية ،فحجية هذا الحكم الجنائى قاصرة على الدعوى الجنائية وال
يمكن أن تتعداها تلك الحجية إلى المسألة األولية التى تمس الجنسية ،فضالً عن أن الحالة
الظاهرة للمطعون تفيد جنسيته الفلسطينية فال يعول على القرينة البسيطة للحكم الجنائى –
وكما ذهب الحكم الطعين – فى ثبوت جنسيته المصرية – والتى لم تثبت للمطعون ضده
بأى سبيل من السبل بل ثبتت له جنسية دولة أخرى»(.)13
-2وحدة المحل والسبب .والمحل هو إثبات أو نفى الجنسية ،أما السبب فهو الدافع المبرر
لرفع الدعوى ،فإذا رفع شخص دعوى إلثبات الجنسية على أساس النسب ثم أخفق فى
دعواه ،فإن ذلك ال يمنعه من رفع دعوى أخرى على أساس التجنس ،الختالف السبب فى
الحالتين .وقد قضت المحكمة اإلدارية العليا فى ذلك بأن «مجال تطبيق الحجية المطلقة
بشأن أحكام الجنسية مشروط بوحدة المحل ووحدة السبب ،وأن يكون طرفا الرابطة ،وهما
( )14جلسة 14يونيه ،1313مجموعة المكتب الفنى ،السنة الرابعة ،العدد الرابع ،ص.1331
( )13الطع ن رق م 1163لس نة 41ق جلس ة ،1333/1/23مش ار إلي ه ف ى مؤل ف د .محم د م اهر أب و العين ين،
المفصل فى شرح اختصاص مجلس الدولة ،المرجع السابق ،ص.12
35
مجلة علمية محكمة المجلة القانونية (مجلة متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية)
()ISSN : 2537 - 0758
الفرد والدولة ،ممثلين فى الخصومة ،وان أثير النزاع فى الجنسية لدى القضاء العادى فى
صورة مسألة أولية .وحكم المحكمة فى موضوع الدعوى والذى عولت فيه على الوقائع التى
تتعلق بالجنسية ال يعتبر حكماً فى الجنسية»(.)11
-26نشر األحكام المتعلقة بالجنسية فى الجريدة الرسمية :لضمان علم الغير باألحكام الصادرة فى
مسائل الجنسية ،فقد أوجب المشرع – وفقاً للمادة – 22ضرورة نشرها فى الجريدة الرسمية.
وال يترتب على عدم النشر أى مساس بالحجية ،فهى حجية مطلقة ،وانما المقصود هو إعالم
قطعا ألى ذريعة لإلدعاء بعدم العلم بصدورها ،كما أن نص المادة 22لم
الغير بمضمونهاً ،
يرتب على عدم النشر عدم حجية قبل الكافة.
( )11جلسة 1مايو ،1361مجموعة المبادئ التى قررتها المحكمة اإلدارية العلي ا ف ى عش ر س نوات ،الج زء األول،
ص.316
36