Professional Documents
Culture Documents
لحسن وهزيزي
لحسن وهزيزي
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﻋﻼﻭﻱ ،ﻋﺒﺪﺍﻟﺨﺎﻟﻖ .(2013) .ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ﻭ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﻮﻇﻴﻒ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ.ﺍﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻺﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ،ﻉ ، 159 - 171. 112,113
ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 516901/Record/com.mandumah.search//:http
�ص��در عن المحكمة الإدارية بالرباط حكما تحت عدد 2012-5-568بتاريخ 23مايو ،2013يق�ض��ي
بالحك��م عل��ى الدولة في �ش��خ�ص رئي���س الحكومة باتخاذ �إجراءات ت�س��وية الو�ض��عية الإداري��ة والمالية
للمدعي��ة ،وذل��ك ب�إدماجها في �س��لك الوظيف��ة العمومية ،مع ما يترت��ب على ذلك من �آث��ار قانونية وفقا
للمر�سوم رقم 2-11-100ال�صادر بتاريخ � 8أبريل 2011وتنفيذا لمح�ضر 20يوليوز .2011
تتمثل وقائع الق�ض��ية كما هي محددة في الحكم في كون المدعية (�س.ي) وهي حا�ص��لة على دبلوم
الما�س��تر رفعت دعوى ق�ض��ائية �ض��د الدولة المغربية في �ش��خ�ص رئي�س الحكومة ،تلتم�س فيها �إدماجها
في �س��لك الوظيفة العمومية وفقا اللتزام الحكومة بالتوظيف المبا�ش��ر في مح�ض��ر 20يوليوز 2011وبناء
على مر�س��وم رقم 2-11-100ال�ص��ادر بتاريخ � 8أبريل 2011الذي ين�ص على �أنه «ي�ؤذن للإدارات العمومية
والجماعات المحلية ب�أن توظف مبا�ش��رة بناء على ال�ش��هادات ...المتر�ش��حين الحا�صلين على ال�شهادات
العليا المطلوبة ،في الأطر والدرجات ذات الترتيب اال�ستداللي المطابق ل�سلم الأجور رقم ،»11علما �أن
عبد الخالق عالوي 160
المدعية م�سجلة بلوائح التوظيف التي ت�ضم حاملي ال�شهادات العليا «مجموعة الإن�سانية»� ،إال �أنها فوجئت
ب�إق�صاء مجموعتها من التوظيف المبا�شر بالإدارة العمومية.
وقد ق�ضت المحكمة ب�إدماج المدعية في �سلك الوظيفة العمومية وفقا للمر�سوم رقم 2-11-100ال�صادر
بتاريخ � 8أبريل .2011
التعليق o
من �أجل �أن ت�ص��ل المحكمة �إلى نتيجة الحكم الم�ش��ار �إليها �ساقت مجموعة من الحيثيات ،كلها تثير
الكثير من النقا�ش والت�سا�ؤل حول مدى �صالبتها وجديتها.
فعلى م�ستوى ال�شكل �أدرجت المحكمة الق�ضية �ضمن الق�ضاء ال�شامل ،في �إطار دعاوى ت�سوية الو�ضعية
الفردي��ة للموظفي��ن ،واعتبرت �أن المعني��ة ينطبق عليها تكييفا جديدا من ابت��كار المحكمة هو«الموظف
بح�س��ب الطبيعة �أو الم�آل �أو الموظف المحتمل الخا�ضع لم�سطرة الولوج» .ويالحظ بهذا الخ�صو�ص �أن
هذا التكييف لي�س له وجود ال في الت�شريع وال الفقه وال االجتهاد الق�ضائي في مجال القانون الإداري� ،إذ
�أنه ال يتوفر على �أي عن�صر من عنا�صر التعريفات التي �أعطيت �سواء لمفهوم الموظف �أو العون العمومي.
�أما من حيث المو�ض��وع ،ف�إن المحكمة اعتمدت على مجموعة من الحيثيات �أدرجتها في �إطار ثالثة
عناوين هي:
�أوال :حقيقة الن�سخ المتم�سك به.
ثانيا :حول الطبيعة القانونية للمح�ضر وحجيته القانونية.
ثالثا :حول طلب ت�سوية الو�ضعية الإدارية والمالية.
و�إذا كان العنوانان الأول والثاني يت�ضمنان بع�ض النقاط القانونية التي اعتمدها القا�ضي ،ويقت�ضي الأمر
مناق�ش��تها ف��ي �إطار هذا التعليق ،ف�إن العنوان الثالث يعتبر مجرد ا�س��تعرا�ض لبع���ض المبادئ البديهية ذات
ال�ص��لة بمبد�أ ال�شرعية واحترام القانون والحق في ال�شغل والحكامة ...والتي وردت ب�أ�سلوب يت�سم بكثير
من الخطابة والإن�شاء من �أجل �إبراز بع�ض القواعد والمبادئ الم�ستندة �إما �إلى الد�ستور �أو المواثيق الدولية،
والتي ال خالف حولها وال حول �ضرورة مراعاتها واحترامها ،غير �أنها وظفت في غير محلها.
وبناء على ذلك ف�إننا �س��نركز على م�ض��مون العنوانين الأول والثاني ،واللذين يثيران العديد من الق�ضايا
والإ�شكاالت القانونية.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
161 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
لالدعاء ب�أحقيتها فيما ت�سميه بالإدماج المبا�شر ،لم يتم ن�سخه ب�شكل فوري بموجب القانون 50-05بتغيير
النظام الأ�سا�س��ي العام للوظيفة العمومية في الف�ص��ل 22منه ،الذي ن�ص في فقرته الأولى على �أنه «يجب �أن
يتم التوظيف في المنا�صب العمومية وفق م�ساطر ت�ضمن الم�ساواة لولوج نف�س المن�صب ،وال �سيما ح�سب
م�سطرة المباراة» .وذلك نظرا لأربعة اعتبارات من وجهة نظر المحكمة ،هي:
االعتبار الأول�« :أنه من �ش��روط تحقق الن�س��خ احترام قاعدة عدم رجعية القانون المكر�س��ة د�س��توريا،
و�ص��ونها وذلك ب�أن ال تكون الأو�ض��اع النا�ش��ئة في ظل القانون القديم قد ا�س��توفت �ش��روطها القانونية
وعرفت طريقها �إلى التنفيذ من خالل مر�سوم الإدماج».
االعتبار الثاني� :أن مر�سوم � 8أبريل 2011لم يتم ن�سخه ،من وجهة نظر المحكمة� ،إال ابتداء من فاتح يناير
،2012تاريخ دخول المر�سوم التطبيقي للف�صل 22الم�شار �إليه والمتمثل في مر�سوم 25نونبر 2011بتحديد
�ش��روط وكيفي��ات تنظيم مباريات التوظيف في المنا�ص��ب العمومي��ة ،حيز التنفيذ ،بعد ن�ش��ره بالجريدة
الر�سمية عدد 6007مكرر بتاريخ 27دجنبر .2011
االعتبار الثالث� :أنه لي�س هناك تعار�ض بين م�ضمون الف�صل 22الذي كر�س المباراة ،وبين نظام التوظيف
بناء على ال�ش��هادات الذي ال يقيم ح�س��ب المحكمة �أي تمييز بين المواطنين ،ولم يخل بقاعدة الم�س��اواة
�أو اال�ستحقاق.
االعتبار الرابع� :أن الف�صل 22من النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة العمومية ،الذي ين�ص على �أن التوظيف
يتم عن طريق المباراة حافظ على اال�ستثناء الذي جاء به المر�سوم �أي �أنه �أبقى على التوظيف المبا�شر.
�إن هذه الحيثيات واالعتبارات ،ال ت�ص��مد مع حقيقة كون الف�ص��ل 22من القانون 50-05بتغيير النظام
الأ�سا�س��ي العام للوظيفة العمومي��ة ،الذي ين�ص على �آلية المباراة للتوظيف ف��ي الدرجات والأطر النظامية
ب��الإدارات العمومي��ة ،يتعار�ض مع مر�س��وم � 8أبريل 2011الذي ي�س��مح بالتوظيف بناء على ال�ش��هادات،
وبالتالي فهو ين�سخه ويوقف العمل به ابتداء من تاريخ ن�شر القانون بالجريدة الر�سمية� ،أي 19مايو ،2011
و�إذا كان��ت المحكمة تنفي هذه الفكرة ،بالنظر لالعتبارات الم�ش��ار �إليه��ا �أعاله ف�إن هذه الأخيرة مردود
عليها وفق مايلي:
�أ – فيما يتعلق باالعتبار الأول والمتمثل في عدم تحقق الن�سخ ا�ستنادا �إلى عدم مراعاة قاعدة عدم الرجعية
«التي تح�ص��ن الأو�ض��اع القانونية والإدارية النا�ش��ئة والمنفذة في ظل القانون القديم ل�ص��يرورتها حقوقا
مكت�س��بة ال يقب��ل الم�س بها �أو التراجع عنه��ا « و�أن حق الإدماج يعتبر حقا مكت�س��با للمعنيين به ال يجوز
الم�سا�س به» بعد «�صدور مر�سوم االدماج».
ف�إنه يبدو �أن المحكمة تعتبر �أن مر�س��وم التوظيف ب�ص��فة ا�س��تثنائية الذي ي�س��مح بالتوظيف بناء على
ال�ش��هادات قد ولد حقوقا مكت�س��بة للمعنيين به ،وبالتالي ال يمكن القول بن�سخه من طرف القانون 50-05
طالما �أن الن�س��خ يتعين �أن يراعي مبد أ� الحقوق المكت�سبة .كما يالحظ �أن الحكم يكر�س عبارات ومفاهيم
من قبيل «الإدماج المبا�شر»« ،مر�سوم الإدماج» ،لي�س لها �أي وجود في الن�صو�ص القانونية.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
عبد الخالق عالوي 162
لق��د غ��اب عن المحكمة �أن مر�س��وم � 8أبريل 2011هو ن�ص تنظيمي يت�ض��من قواع��د عامة ومجردة،
وبالتالي فهو ال يولد في حد ذاته �أية حقوق مكت�سبة طالما لم يتم تج�سيده بقرارات فردية تخ�ص المعنيين
ب��ه تق�ض��ي بتوظيفهم� ،إن هذه الق��رارات الفردية وبعد اتخاذها طبقا للمقت�ض��يات الجاري بها العمل هي
الوحيدة الكفيلة بتوليد الحقوق المكت�سبة للأفراد.
فم��ن المبادئ الم�س��تقرة فقها وق�ض��اء فيما يتعلق بن�س��خ الق��رارات الإدارية� ،أن الق��رارات التنظيمية
الم�شروعة يمكن دائما �أن يطالها الن�سخ ،بما يعنيه من �إلغاء �آثارها بالن�سبة للم�ستقبل� ،سواء كان هذا الن�سخ
من طرف ال�س��لطة التي �أ�ص��درت القرار �أو كان من طرف ن�ص قانوني �أعلى ،مادام �أن القرارات التنظيمية
ال تولد في حد ذاتها �آثارا قانونية فردية ،بل �إن القرارات الإدارية الفردية هي الوحيدة التي لها هذه اال�آثار
الفردية (((.
وفي هذا ال�سياق ق�ضت الغرفة الإدارية في قرار لها عدد 44بتاريخ 4نونبر � 1966أنه« :من الم�سلم به �أن
الأعمال الإدارية التنظيمية نظرا لما تت�سم به من عمومية ومو�ضوعية ال ت�ستطيع في حد ذاتها �أن تن�ش�أ حقا
مكت�سبا بل �إن المقررات الفردية �أو الجماعية التي تن�صب على �شخ�ص �أو جماعة من الأ�شخا�ص المعينين
فيه��ا بذواته��م ال ب�أو�ص��افهم فقط هي وحده��ا التي من �ش���أنها �أن تولد حقوقا مكت�س��بة ...ولكي يمكن
للمحررين الم�شار �إليهم االحتجاج بالتمتع بحق مكت�سب ...كان من ال�ضروري �أن تتخذ الإدارة المخت�صة
تدابير تطبيق في حق كل واحد منهم وذلك ب�إ�صدارها مقررات فردية �أو مقرر جماعي.((( »...
وبالإ�ض��افة �إلى ما �س��لف ،ف�إنه من قراءة المادة الأولى من مر�س��وم � 8أبريل 2011التي تن�ص على �أنه:
«ب�ص��فة ا�س��تثنائية وانتقالي��ة �إلى غاية 31دجنبر 2011ي���ؤذن للإدارات العمومي��ة والجماعات المحلية �أن
توظف مبا�ش��رة ،بن��اء على ال�ش��هادات ،وخالفا للمقت�ض��يات التنظيمية الجاري بها العمل ،المتر�ش��حين
الحا�ص��لين على ال�شهادات العليا المطلوبة ،في الأطر والدرجات ذات الترتيب اال�ستداللي المطابق ل�سلم
الأجور رقم ،»11يت�ض��ح �أن ن�ص المادة يق�ض��ي فقط بال�س��ماح للإدارات العمومية والجماعات المحلية،
ب�صفة انتقالية� ،أي لفترة زمنية محددة ،من فاتح يناير �إلى غاية 31دجنبر ،2011وب�صفة ا�ستثنائية� ،أي ا�ستثناء
من المقت�ضيات النظامية المن�صو�ص عليها في الأنظمة الأ�سا�سية التي تن�ص على المباراة كقاعدة للتوظيف،
ب�إمكانية اعتماد التوظيف مبا�ش��رة بناء على ال�ش��هادات ،للتوظيف في الدرجات المرتبة في �س��لم الأجور
رقم ،11بدل اعتماد المباراة.
بمعنى �أن مقت�ض��يات المر�س��وم ال تلزم الإدارة على الإطالق بالتوظيف مبا�ش��رة بناء على ال�ش��هادات،
وبالتالي فهي غير ملزمة بما ي�س��ميه القا�ض��ي الإداري ،تع�س��فا ،بـ «الإدماج المبا�ش��ر»� ،إذ �أن الإدارة لها
(1) Yves Gaudemet, Traité de droit administratif, tome 1, 16e édition, L.G.D.G., Paris, 2001, p. 655.
من�شورات كتابة الدولة في ال�ش�ؤون الإدارية ،الطبعة الأولى، 1970-1966 ((( قرارات المجل�س الأعلى ،الغرفة الإدارية
يناير � ،1983ص.41.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
163 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
مطل��ق الحري��ة في التوظيف من عدمه ،لأن التوظيف �أيا كانت �آليته �س��واء عن طري��ق المباراة �أو التوظيف
بناء على ال�ش��هادات ،باعتباره �إجراءات الختيار المر�ش��حين ل�ش��غل الوظائف العمومية يظل من �ص��ميم
ال�س��لطة التقديرية للإدارة ،لأنها هي الوحيدة التي تقدر حاجياتها للتوظيف ،وفي هذا ال�ش�أن يذهب الفقه
واالجتهاد الق�ضائي في مجال المباريات مثال �إلى �أن ال�سلطة الإدارية هي التي تقرر فتح مباريات التوظيف
عندما تقدر �أن ذلك �ضروريا ،بل �إن وجود منا�صب مالية �شاغرة ال يلزمها بذلك (((.
�أ�ض��ف �إلى ذلك �أن التوظيف يخ�ض��ع ل�ش��روط محددة ،فف�ضال عن �ض��رورة مراعاة مبادئ الم�ساواة
واال�س��تحقاق ،هن��اك �ش��رط توفر المنا�ص��ب المالية طبقا للف�ص��ل 7من النظام الأ�سا�س��ي الع��ام للوظيفة
العمومية ،علما �أن تحديد عدد هذه المنا�صب يخ�ضع ل�سلطة البرلمان من خالل قوانين المالية ،وال يرتبط
فقط ب�سلطة و�إرادة الحكومة,
وبمعن��ى �آخ��ر ف�إن الإدارة وحتى �إبان �س��ريان مر�س��وم � 8أبري��ل 2011كانت تتمتع ب�س��لطة مطلقة في
اعتماد التوظيف المبا�ش��ر بناء على ال�ش��هادات من عدمه كما هي حرة في تقدير عدد المنا�صب المفتوحة
للتوظيف ،وموا�صفات المر�شحين وغير ذلك.
ب – بالن�سبة لالعتبار الثاني ،جاء في الحكم «وحيث �إن المر�س��وم رقم 2-11-100بتاريخ � 8أبريل 2011
ال��ذي يخول للحكوم��ة اعتماد الإدماج المبا�ش��ر في التوظيف بدل المباراة �ص��ادر قبل �ص��دور القانون
رق��م 50-05المتعل��ق بتغيير وتتميم الظهير ال�ص��ادر ف��ي 1958/2/24بمثابة النظام الأ�سا�س��ي العام للوظيفة
العمومية...وقب��ل دخول مر�س��ومه التطبيق��ي رقم 2-11-621المتعل��ق بتنظيم المباريات ال�ص��ادر بتاريخ
27دجنب��ر ،2011والداخ��ل حي��ز التنفي��ذ ابتداء من فات��ح يناي��ر ،2012مما ال مجال مع��ه للحديث عن
الن�سخ.»...
«وحي��ث �إن المح�ض��ر المذكور يكت�س��ي قيمة قانوني��ة لكونه تم التوقيع عليه �إبان �س��ريان المر�س��وم
الوزاري اال�ستثنائي لأبريل 2011القا�ضي بالإدماج المبا�شر لحاملي ال�شهادات العليا المعطلة وداخل �أجله
وقبل دخول المر�س��وم التطبيقي رقم 2-11-621المتعلق بتنظيم المباريات ال�ص��ادر بتاريخ 27دجنبر 2011
المنفذ للقانون رقم »... 50-05
يبدو �أن المحكمة تعتبر �أن مر�سوم � 8أبريل 2011قد تم ن�سخه بموجب مر�سوم 25نونبر ،2011حيث
و�ضعت تقابال بين الن�صين ،وك�أنهما ينظمان نف�س المو�ضوع.
يتعين الت�ش��ديد على عدم وجود عالقة من حيث المو�ض��وع بين مر�س��وم 25نونبر 2011ب�ش�أن �شروط
وكيفي��ات تنظي��م مباري��ات التوظيف في المنا�ص��ب العمومية الذي �ص��در تطبيقا للف�ص��ل 22من النظام
(3) Jean Marie Auby et autres, Droit de la fonction publique, 5e édition, Dalloz, Paris, 2005, p. 171 ; – André De Laubadère,
Yves Gaudemet, Traité de droit administratif, tome 5, la Fonction publique,12e édition, L.G.D.J., Paris, 2000, p. 115.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
عبد الخالق عالوي 164
الأ�سا�س��ي العام للوظيفة العمومية ،وبين المر�س��وم ال�ص��ادر بتاريخ � 8أبريل 2011ب�ش���أن التوظيف ب�ص��فة
ا�ستثنائية� .إذ �أن مر�سوم 25نونبر ،2011وكما هو وا�ضح من عنوانه ،يحدد فقط كيفيات تنظيم المباريات
من حيث تحديد االختبارات وعددها وكيفية �إجرائها وغير ذلك ،فهو جاء ليحل محل المر�س��وم الملكي
رقم 401-67ال�صادر بتاريخ 22يونيو 1967ب�سن نظام عام للمباريات واالمتحانات الخا�صة بولوج �أ�سالك
ودرجات ومنا�صب الإدارات العمومية ,فمر�سوم 25نونبر 2011لم ي�أت لتحديد طرق التوظيف ،باعتبار
�أن هذه الآليات المتمثلة في المباراة وكذا اال�س��تثناءات الواردة عليها ح�س��م �أمر تحديدها في الف�ص��ل 22
من القانون .50-05
وبن��اء عل��ى ذلك ف�إن مر�س��وم � 8أبريل 2011الذي يقرر �أحكاما ا�س��تثنائية للتوظيف المبا�ش��ر بناء على
ال�شهادات لم ي�أت ا�ستثناء من المر�سوم الملكي ال�صادر بتاريخ 22يونيو 1967ال�سالف الذكر ،بقدر ما جاء
ا�ستثناء من المقت�ضيات النظامية الواردة في الأنظمة الأ�سا�سية لموظفي الإدارات العمومية التي كانت تن�ص
كقاعدة عامة على المباراة للتوظيف ،حيث رخ�ص المر�س��وم الم�شار �إليه للإدارات العمومية والجماعات
المحلية بالتوظيف بناء على ال�شهادات ،بدل المباراة كما كانت مكر�سة في الأنظمة الأ�سا�سية ،لذلك فقد
جاء �ضمن حيثياته الأنظمة الأ�سا�سية الخا�صة والم�شتركة بين الإدارات.
وهن��ا يتعين لف��ت االنتباه �إلى �أن الأنظمة الأ�سا�س��ية لموظف��ي الإدارات العمومية قد �س��بقت القانون
50-05ف��ي تكري�س المب��اراة ك�آلية للتوظيف والتخل��ي عن التوظيف بناء على ال�ش��هادات،حيث تم �إقرار
المب��اراة ف��ي الأنظمة الأ�سا�س��ية ال�ص��ادرة بعد �س��نة ،1997و م��ن بينها مثال الأنظمة الأ�سا�س��ية الخا�ص��ة
بهيئ��ة الأطباء الم�ش��تركة بين ال��وزارات ( ،)1999وهيئة موظفي وزارة ال�ش���ؤون الخارجية ( )2004وهيئة
التقنيين الم�ش��تركة بين الوزارات ( )2005وهيئة مفت�ش��ي ال�ش��غل ( )2008وموظفي كتابة ال�ض��بط بوزارة
العدل ( )2008والممر�ض��ين ) (2007وغيرها ،وتوج ذلك ب�ص��دور الأنظمة الأ�سا�س��ية الخا�ص��ة بهيئات
المت�ص��رفين والمحررين والم�ساعدين الإداريين والم�س��اعدين التقنيين بتاريخ � 29أكتوبر ،((( 2010والتي
بد�أ العمل بها ابتداء من فاتح يناير .2011
واعتبارا لما �س��لف ،ف�إن القول ب�أن مر�س��وم � 8أبريل 2011ب�ش���أن التوظيف ب�ص��فة ا�س��تثنائية لم ين�سخ
�إال بعد �ص��دور مر�س��وم 25نونبر 2011المتعلق بالمباريات يجانب ال�ص��واب ،بالنظر الختالف مو�ضوع
وم�ض��مون كل من المر�س��ومين ،وباختالف المو�ضوع ال مجال للحديث عن الن�سخ ,ولعل ما ي�ؤكد ذلك
هو �أن المادة 18من المر�س��وم الأخير التي ن�ص��ت على الن�صو�ص التي تم ن�سخها بموجبه لم تدرج مر�سوم
� 8أبريل � 2011ض��منها ،و�إنما �أ�ش��ارت �إلى ن�سخ المقت�ض��يات النظامية المخالفة وعلى ر�أ�سها المقت�ضيات
المتعلقة بالمباريات الواردة في المر�س��وم الملكي رقم 401-67ال�ص��ادر بتاريخ 22يونيو 1967ب�س��ن نظام
عام للمباريات واالمتحانات الخا�صة بولوج �أ�سالك ودرجات ومنا�صب الإدارات العمومية.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
165 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
والمح�ص��لة �أنه �إذا كان مر�س��وم � 8أبريل 2011قد �أوقف العمل بالمباراة ك�آلية للتوظيف في الدرجات
المرتبة في �سلم الأجور رقم 11و�أحل محلها التوظيف المبا�شر �إلى غاية 31دجنبر ،2011ف�إن هذا المر�سوم
انتهى العمل به قانونا منذ 19مايو 2011تاريخ ن�شر القانون 50-05بالجريدة الر�سمية ،وبالتالي ف�إن مح�ضر
20يوليوز ي�صبح بدون �سند قانوني.
ج��ـ – عالق��ة باالعتب��ار الثال��ث ،جاء ف��ي الحكم �أن« :نظام التوظيف المبا�ش��ر نف�س��ه لم يق��م تمييزا بين
المواطنين ولم يخل بقاعدة الم�س��اواة �أو اال�س��تحقاق طالما �أنه مفتوح لجميع حملة ال�ش��هادات العلمية
المطلوب��ة المتماثل��ة مراكزه��م القانونية ...ولم يق�ص منه فئة على ح�س��اب �أخرى ،وتوخى الم�ش��رع منه
تحقيق عدالة اجتماعية تعزز انخراط الطاقات ال�ش��ابة والحية في الن�س��يج االقت�صادي والتنموي ،وت�ضمن
تقلي�ص الفوارق االجتماعية».
يبدو �أن المحكمة تعتبر �أن نظام التوظيف المبا�ش��ر ال يتعار�ض مع مبادئ الم�س��اواة واال�ستحقاق كما
ج�سدها الف�صل 22من القانون 50-05من خالل �إقراره للمباراة.
�إذا كان التوظيف بناء على ال�ش��هادات ال يخالف من حيث المبد�أ ،المبادئ العامة للتوظيف المرتكزة
على الم�س��اواة واال�س��تحقاق وتكاف�ؤ الفر�ص� ،إذا تم الحر�ص على ربط تطبيقه بهذه المبادئ ،ف�إنه يتعين
الت�شديد على �أن هيئة المحكمة تعرف حق المعرفة �أنه لي�س هناك �أية عالقة بين هذه المبادئ وبين التوظيف
بناء على ال�شهادات كما كان يطبق في الإدارات العمومية.
�إن التوظيف بناء على ال�شهادات ال يعفي الإدارات العمومية من مراعاة مبادئ الم�ساواة واال�ستحقاق،
باعتبار �أن الأمر يتعلق فقط ب�آلية من �آليات التوظيف ،يتعين �أن تخ�ضع في نهاية المطاف للمبادئ والقواعد
العامة التي تحكم التوظيف ،وعلى ر�أ�سها الم�ساواة لولوج الوظائف العمومية واال�ستحقاق.
�إن مراعاة مبد�أ الم�س��اواة في التوظيف بناء على ال�ش��هادات ال يتحقق �إال ب�إعالن المنا�ص��ب ال�ش��اغرة
المفتوحة للتوظيف لجميع المواطنين المتوفرين على ال�شروط.
غير �أنه من المعروف �أن تطبيقات التوظيف بناء على ال�شهادات في الإدارة العمومية تميز بممار�سات
حكومية خ�ض��عت ل�ض��غط االحتجاجات و باعتماد الحلول ال�س��هلة و الظرفية و الترقيعية ،دون التفكير
�أو حت��ى الت�س��ا�ؤل عن م�س��تقبل وم�آل ه��ذه الحلول ومدى ديمومتها .وب�ص��رف النظر ع��ن هذه الطريقة
االرتجالية ،والتي تنم عن �سوء التدبير الوا�ضح حيث ظل التوظيف يرتبط باالحتجاج ،ف�إنه �إذا تم االكتفاء
بوجهة النظر القانونية ،يمكن ت�س��جيل �أن اعتماد التوظيف بناء على ال�ش��هادات بالطريقة ،التي كان يطبق
بها ،هو في حد ذاته مو�ضوع ت�سا�ؤل كبير فيما يتعلق بمدى �شرعيته ،حيث كانت بع�ض الإدارات العمومية
تعمد �إلى توظيف المر�شحين ب�شكل مبا�شر ،دون �أي �إعالن �أو �إ�شهار لمنا�صب التوظيف ،وهذا ما يتناق�ض
ب�شكل �صارخ مع مبد�أ الم�ساواة لولوج الوظائف العمومية ،المن�صو�ص عليه ،في الد�ساتير المغربية ،وكذا
في النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة (الف�صل .)1
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
عبد الخالق عالوي 166
ف�إذا كان النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة العمومية ومعه الأنظمة الأ�سا�سية قد �أقرت في ال�سابق التوظيف
بن��اء على ال�ش��هادات ،ف���إن ذلك يعني فقط ع��دم �إجراء مباريات بال�ش��كل المنظم في المر�س��وم الملكي
للمباري��ات وال يعني على الإطالق �أن يتم توظيف المر�ش��حين ،بطريقة �س��رية ،دون �أي �إعالن �أو �إ�ش��هار
للتوظيف ،وهو ما يحول دون �إعالم المواطنين والمواطنات ،من �أجل تقديم تر�شيحاتهم للتوظيف.
وبالإ�ض��افة �إلى ما �س��لف ،ف�إنه بالرجوع �إلى النظام الأ�سا�س��ي العام للوظيفة العمومية )الف�صل 22في
�ص��يغته القديمة) والأنظمة الأ�سا�س��ية الخا�ص��ة بموظفي الإدارات العمومية ،يالحظ �أن العبارة التي كانت
مكر�س��ة قانونا ب�ش��كل عام هي التوظيف بناء على ال�ش��هادات ،ولي�س ما ي�سمى بالتوظيف المبا�شر ،الذي
يعتب��ر بدع��ة ال �أ�س��ا�س لها وهو الذي �أدى �إلى ما ي�س��مى من طرف البع�ض بـ «الإدماج المبا�ش��ر بالوظيفة
العمومية».
وف��ي �س��ياق هذه التطبيقات عملت الحكومات ال�س��ابقة على توقيع محا�ض��ر م��ع مجموعات حملة
ال�شهادات من �أجل توظيفهم تت�ضمن لوائح المعنيين بالتوظيف ،علما �أن هذه المحا�ضر كان يتم تحديدها
ا�س��تنادا �إل��ى معايير غي��ر معروفة وفي كل الأحوال ال عالقة لها بمبد�أي الم�س��اواة واال�س��تحقاق ،باعتبار
�أن مبد أ� الم�س��اواة في مجال التوظيف كما �س��لف الذكر يقت�ضي �إ�ش��هار و�إعالن منا�صب التوظيف لجميع
المواطنين المغاربة المتوفرين على ال�شروط ب�صرف النظر عن مكان تواجدهم ،كما �أن اال�ستحقاق يقت�ضي
تحديد معايير االنتقاء واالختيار المبنية على الكفاءة وحدها ،دون �أية اعتبارات �أخرى ترتبط بالقدرة على
ال�ض��غط واالحتجاج ,وال �ش��ك �أن هناك فئات من حاملي ال�شهادات يتوفرون على ال�شروط المطلوبة وتم
�إق�صاءهم من التوظيف لمجرد �أنهم لم يكونوا م�سجلين في المحا�ضر الم�شار �إليها ،فعن �أي م�ساواة وعن
�أي ا�ستحقاق يتحدث القا�ضي؟
من جانب �آخر اعتبرت المحكمة �أن الم�ش��رع توخى من التوظيف المبا�ش��ر ومن مح�ض��ر 20يوليوز
«عدالة اجتماعية تعزز انخراط الطاقات ال�شابة والحية في الن�سيج االجتماعي».
ال �أدري عن �أية عدالة اجتماعية تتحدث المحكمة؟ وكيف يمكن لممار�س��ات في التوظيف تتم على
�أ�سا�س االعتبارات ال�سالفة �أن ت�ساهم في هذه العدالة االجتماعية؟ وهل ب�إمكان محا�ضر التوظيف التي تقوم
على معايير غير معروفة �أن ت�ساهم في تحقيق ال�سلم االجتماعي؟
�إن الممار�س��ات التي اعتمدت في ال�س��ابق في مجال التوظيف ال �س��يما من خالل المحا�ض��ر الم�شار
�إليها ،هي �إحدى عوامل تهديد ال�س��لم االجتماعي ،فقد ر�س��خت هذه التطبيقات ممار�سات خطيرة لدى
حاملي ال�ش��هادات يرتبط فيها ولوج الوظيفة العمومية باالحتجاج بدل �أن يرتبط باال�س��تحقاق والكفاءة,
لذلك ال غرابة �إن كان التوظيف في الإدارات العمومية قد ارتبط طيلة الع�شر �سنوات الأخيرة بهذه الدوامة
من المحا�ضر.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
167 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
د – فيما يرتبط باالعتبار الرابع ،جاء في الحكم« :وحيث �إنه ف�ضال عن ذلك فحتى الف�صل 22من القانون
الأ�سا�س��ي للوظيفة العمومية ال��ذي ي�ؤكد على �أن التوظيف يكون عن طريق المب��اراة ،ف�إنه ترك �إمكانيات
�أخرى خارجها ،كانت الحكومة ،حين التوقيع على المح�ضر ،على علم بمقت�ضياتها ،لذلك حافظت على
اال�ستثناء الذي جاء به المر�سوم ال�سالف الذكر ،ولم تلغيه كليا».
يبدو �أن القا�ضي االداري قر�أ الف�صل 22قراءة خاطئة قد تكون فقط من �أجل تبرير ما ي�صبو �إليه.
فبالرجوع �إلى الف�ص��ل 22الم�ش��ار �إليه نجده ين�ص على ما يلي «يجب �أن يتم التوظيف في المنا�ص��ب
العمومية وفق م�ساطر ت�ضمن الم�ساواة لولوج نف�س المن�صب ،وال �سيما ح�سب م�سطرة المباراة.
وتعتب��ر بمثابة مب��اراة امتحانات التخرج من المعاهد والم�ؤ�س�س��ات المعهود �إليها بالتكوين ح�ص��ريا
لفائدة الإدارة.
ا�س��تثناء من �أحكام الفق��رة الأولى يمكن للحكومة �أن ترخ�ص لل�س��لطات المكلفة بالدفاع الوطني �أو
بالأم��ن الداخل��ي والخارجي للدولة ،ب���أن تقوم بتوظيفات بع��د اختبار الكفاءات المطل��وب توافرها في
المتر�شحين دون �إعالن �سابق �أو الحق.
تحدد �شروط وكيفيات تطبيق �أحكام هذا الف�صل بموجب مر�سوم».
�إن قراءة �أحكام هذا الف�ص��ل وال �س��يما الفقرة الأولى منه ،ال ينبغي �أن تفتح المجال لأي ت�أويل بوجود
م�ساطر �أخرى للتوظيف �إلى جانب المباراة ،باعتبار �أن الم�شرع ن�ص على المباراة كطريقة للتوظيف� ،إلى
جانب ا�س��تثناءين وحيدين ،هم��ا امتحانات التخرج من بع�ض المعاهد والم�ؤ�س�س��ات التي تقوم بالتكوين
ح�ص��ريا لفائدة الإدارة والتي اعتبرها الم�ش��رع في حكم المباراة ،وكذا الترخي�ص لل�س��لطات الحكومية
المكلفة بالدفاع الوطني �أو الأمن الداخلي والخارجي بتجاوز الإعالن عن التوظيفات.
ولذلك ،ف�إن �أي ت�أويل ب�إ�ض��افة م�س��اطر �أخرى للتوظيف يعد خروجا عن الن�ص� ،إذ �أن ذلك يعتبر كما
لو �أنه تحديد ال�ستثناءات �أخرى على المباراة غير واردة في الن�ص.
ولعل ما يدعم هذا التف�سير هو �أن االجتهاد الق�ضائي ومعه الفقه في مجال الوظيفة العمومية درجا على
اعتبار �أن تحديد طرق التوظيف ،يرجع �إلى الم�ش��رع وحده ،بو�صفه يندرج في �إطار ال�ضمانات الأ�سا�سية
الممنوح��ة للموظفين� .أما ال�س��لطة التنظيمية ،فيرجع لها تحديد كيفيات �إعم��ال وتطبيق �آليات التوظيف
المن�صو�ص عليها من طرف الم�شرع ((( ،فالقاعدة التي يقررها االجتهاد والفقه وكذا الت�شريع (في فرن�سا)
في مجال الوظيفة العمومية هي �أن التوظيف يتم بموجب مباراة ،و�إذا كان هناك ا�ستثناء فال يمكن �إقراراه
�إال بقانون.
(5) René Chapus, Droit administratif général, tome 2, 8e édition, Montchrestien, Paris, 1995, p. 73-75.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
عبد الخالق عالوي 168
وفي كل الأحوال ف�إن الم�شرع ح�سم كل �إمكانية للت�أويل من خالل �صدور المر�سوم التطبيقي للقانون
� ،50-05أي مر�س��وم 25نونبر 2011ال�س��الف الذكر الذي حدد كيفيات تنظيم المباريات دون �أن ي�شير �إلى
�أي �آلية �أخرى للتوظيف ،علما �أنه لم يكن ب�إمكانه في الأ�صل القيام بذلك بالنظر لما �سلف ذكره.
وا�س��تنادا �إلى ذلك ف�إن قراءة مقت�ض��يات الف�صل 22في �صيغته الجديدة ((( ،وبالرغم من طريقة �صياغة
الفقرة الأولى منه تفيد �أن المباراة ،وعدا اال�س��تثناءين الم�ش��ار �إليهما ،تعتبر هي الطريقة النظامية الوحيدة
للتوظيف ،و�أن �إقرار �أي �آلية �أخرى غير المباراة ال يمكن �أن يتم �إال بموجب قانون �شريطة مراعاته لمبد�أي
الم�ساواة واال�ستحقاق المن�صو�ص عليهما في الد�ستور.
�إن هذه القراءة تن�س��جم تماما مع د�ستور 1996والد�ساتير ال�سابقة التي تن�ص على مبد�أ الم�ساواة لولوج
الوظائف العمومية ،لكنها تتعزز �أكثر في ظل د�س��تور ،2011الذي يربط ولوج الوظائف العمومية ب�ش��كل
�ص��ريح بالم�س��اواة واال�ستحقاق معا ((( ،وهو ما يعني �أن �أي ن�ص قانوني يتعلق بولوج الوظائف العمومية
ال يراعي مبد�أي الم�ساواة واال�ستحقاق ،يعتبر مخالفا للد�ستور.
و�إذا كانت هناك جهة �أو طرف يجب عليه القيام بهذه القراءة ،فهو القا�ض��ي الإداري تحديدا ،الذي
ب��دل �أن يجه��د نف�س��ه ويكلفها عناء البحث عن مبررات ال ت�س��تند �إلى �أ�س��ا�س ،من �أج��ل تبرير التوظيف
بناء على ال�ش��هادات و�إ�ض��فاء ال�ش��رعية عليه ،كان عليه �أن يقر�أ فقط الف�ص��ل 22قراءة تتما�شى مع المبادئ
الد�ستورية للتوظيف ،وعلى ر�أ�سها مبد�أي الم�ساواة واال�ستحقاق� .إذ يفتر�ض في القا�ضي الإداري �أن يكون
�أحر�ص من غيره على التم�س��ك بمثل هذه المبادئ ،فمن الطرائف حقا �أن تدافع الإدارة عن مبد�أ المباراة
للتوظيف ،ويدافع القا�ضي عن التوظيف بناء على ال�شهادات بل وما ي�سميه بـ «الإدماج المبا�شر».
((( �إن قراءة الف�صل 22في �صيغته القديمة قبل التعديل يفيد اعتماد النظام الأ�سا�سي العام للوظيفة العمومية للمباراة ك�آلية وحيدة
للتوظيف حتى قبل تعديله بموجب القانون ،50-05انظر في هذا ال�ش�أن مقالنا بعنوان« :طرق التوظيف في الوظيفة العمومية
المغربية على �ضوء القانون 50-05المغير للنظام الأ�سا�سي للوظيفة العمومية» ،المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،
عدد .2013 ،111
((( ين�ص الف�صل 31من د�ستور 2011على ما يلي« :تعمل الدولة والم�ؤ�س�سات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل
الو�سائل المتاحة لتي�سير �أ�سباب ا�ستفادة المواطنات والمواطنين ،على قدم الم�ساواة ،من الحق في - .....ولوج الوظائف
العمومية ح�سب اال�ستحقاق.»...
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
169 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
�أ – قيمة محا�ضر توظيف حملة ال�شهادات من منظور العالقة القانونية والنظامية بين الإدارة والموظف
ترتك��ز �أنظم��ة الوظيفة العمومي��ة التي ت�أخذ بنظام الم�س��ار المهن��ي ( )carrière de systèmeومن بينها
الوظيفة العمومية المغربية على مبد�أ �أ�سا�سي ،يعد من �أ�صول هذا النظام يتمثل في الطابع القانوني والنظامي
للعالقة التي تربط بين الإدارة والموظف ،وين�ص الف�صل 3من ظهير 24فبراير 1958بمثابة النظام الأ�سا�سي
العام للوظيفة العمومية على �أن «الموظف في حالة قانونية ونظامية �إزاء الإدارة».
ويق�ص��د بالعالق��ة القانونية والنظامية �أن الو�ض��عية القانونية للموظف بما ف��ي ذلك حقوقه وواجباته،
وحياته الإدارية ،محددة بمقت�ض��يات و�أحكام قانونية موجودة �س��لفا� ،أي موج��ودة ،قبل ولوجه الوظيفة
العمومي��ة لذل��ك ف�إنه يتعين عليه الخ�ض��وع له��ا ،وال يمكنه مناق�ش��تها �أو التفاو�ض ب�ش���أنها ،كما �أن هذه
المقت�ضيات قابلة للتبديل والتغيير من طرف الإدارة ب�صفة انفرادية.
ويرتب الفقه واالجتهاد الق�ض��ائي على طبيعة هذه العالقة عدة نتائج من بينها �أن النظام القانوني الذي
يخ�ضع له الموظف يطبق بال�شكل الذي هو عليه ،وال يمكن �أن يعدل �أو يتمم بتدابير خا�صة لي�س لها طابع
نظامي ،بمعنى �أن و�ض��عية الأعوان العموميين ال يمكن �أن تكون مو�ض��وع مناق�ش��ات وتفاو�ض �سواء عند
ولوجهم المرفق العام �أي توظيفهم� ،أو بعد ذلك.
كم��ا يترت��ب عن ه��ذه العالقة وفقا للفق��ه ((( واالجتهاد الق�ض��ائي ((( �أن كل االتفاق��ات التي يمكن
للحكومة �أن تبرمها مع الموظفين �أو المر�ش��حين للتوظيف �س��واء ب�شكل مبا�شر �أو من خالل الهيئات التي
تمثله��م ،بم��ا في ذلك المركزي��ات النقابية ،تفتقد لأي قيمة قانونية في حد ذاتها ولي�س��ت �س��وى �إعالن
للنوايا ،ولها فقط حمولة �أخالقية �أو �سيا�سية .وبالتالي ف�إن كل اتفاق من هذا القبيل بين الإدارة والموظفين
�أو المر�ش��حين للتوظيف ال يلزم الإدارة من الناحية القانونية ،بمعنى �أنه ال يلزم حتى الحكومة التي يمكن
�أن تكون قد وقعت االتفاق ،فكيف يمكن �أن يلزم حكومة �أخرى.
فهذه االتفاقات في حال وجودها لي�س لها �أية حمولة قانونية ،بمعنى �أنها لي�س لها نتائج قانونية ،ومن
�أجل �أن تنتج �آثارها القانونية ،يتعين تج�سيدها في تدابير و�إجراءات قانونية.
(8) René Chapus, Droit administratif général, op. cit., p. 60-61 ; – Jean Michel de Forges, Droit de la fonction publique, PUF,
Paris, 1986, p. 70.
((( هناك توجه ق�ضائي قار في اجتهادات مجل�س الدولة الفرن�سي يق�ضي بغياب �أي قيمة قانونية لهذه االتفاقات ،انظر نماذج
لهذه االجتهادات:
– Jean Marie Auby et autres, Droit de la fonction publique, 5e édition, Dalloz, Paris, 2005, p. 102 ; – René Chapus, op. cit., p. 61.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
عبد الخالق عالوي 170
�س��بق� ،أن مح�ض��ر 20يوليوز هو ت�صرف باطل بل ومنعدم لحظة توقيعه� ،إذ �أنه وب�صرف النظر عن العيوب
ال�ش��كلية الكثيرة التي اعترت المح�ضر ،ال �سيما فيما يتعلق بالتوقيع واالخت�صا�ص ،ف�إن م�ضمون المح�ضر
يفيد ب�ش��روع الحكومة في توظيف حملة ال�شهادات المعنيين ابتداء من فاتح يناير ،2012انطالقا من كون
المنا�ص��ب المالية �س��يتم �إحداثها وفق المح�ض��ر بر�س��م قانون المالية لـ ,2012ومعلوم �أنه وحتى باعتماد
التف�س��ير الذي و�ض��عه القا�ض��ي بكون مر�سوم التوظيف اال�س��تثنائي لم يتم ن�س��خه �إال بعد دخول مر�سوم
25نونب��ر 2011ب�ش���أن المباريات حيز التنفي��ذ� ،أي ابتداء من فاتح يناير ،2012ف�إنه لي�س هناك �أي �أ�س��ا�س
قانوني �أو تنظيمي للتوظيف بناء على ال�ش��هادات ابتداء من فاتح يناير ،2012بحيث ابتداء من هذا التاريخ
تعتبر المباراة هي الطريقة الوحيدة للتوظيف ،بمعنى �أن كل التوظيفات التي تتم بعد هذا التاريخ ال يمكن
�أن تتم �إال عن طريق المباريات.
جـ – اعتبار المح�ضر عمال �إداريا قانونيا يندرج �ضمن العرف الإداري
فيما يتعلق بكون المح�ضر يعتبر عمال �إداريا قانونيا يندرج �ضمن العرف الإداري يالحظ �أن المحكمة
�أحالت على الف�صل 474من قانون االلتزامات والعقود ،في حين �أنها كانت تق�صد الإحالة على الف�صل 475
الذي ين�ص على �أنه «ال ي�سوغ للعرف والعادة �أن يخالفا القانون� ،إن كان �صريحا».
وب�ص��رف النظر عن مدى مالئمة هذا الف�صل مع خ�صو�ص��يات ومميزات القانون الإداري ،ف�إنه يتعين
الإ�شارة �إلى �أن موقع العرف كم�صدر للم�شروعية في �إطار القانون الإداري ب�شكل عام وفي قانون الوظيفة
العمومية ب�ش��كل خا�ص لي�س �أبدا محل �إجماع من طرف الفقه ،ف�إذا كان العرف يعتبر م�ص��درا من م�صادر
القانون في بع�ض فروع القانون ف�إن هناك عدد من فقهاء القانون الإداري ي�ستبعدونه تماما كم�صدر مبا�شر
لل�ش��رعية الإدارية (� .((1أما باقي الفقهاء الآخرين ف�إنهم يترددون كثيرا في هذا ال�ش���أن ،وفي كل الأحوال
نجد �أن مختلف فقهاء القانون الإداري ال يخ�ص�ص��ون �إال هام�ش��ا محدودا جدا للعرف كم�ص��در للقانون
الإداري ( ،((1ونف�س الأمر ينطبق على قانون الوظيفة العمومية حيث ال ي�ش��ير الفقه �إلى العرف كم�ص��در
من م�صادره (.((1
(10) Auby et Drago, Traité de contentieux administratif, tome 2, p. 354, cité par Yves Gaudemet, Traité de droit administratif,
tome 1, 16e édition, L.G.D.J., Paris, 2001, p. 563.
( ((1ي�شير الفقيه روني �شابي�س �إلى �أنه �إذا كان وجود عادات في المادة الإدارية لي�س محل �شك ف�إن وجود العرف كم�صدر
للقانون الإداري يكت�سي طابعا �إ�شكاليا) ( )René Chapus, Droit administratif général, op. cit., p. 22ويالحظ �أن الفقيه المذكور
يحدد م�صادر القانون الإداري في الد�ستور والقوانين واللوائح واالجتهاد الق�ضائي واالتفاقيات الدولية ،ولم يتناول العرف.
�أما الفقيهان دلوبادير وكودمي فقد طرحا الت�سا�ؤل حول ما �إذا كان العرف يمكن �أن ي�شكل م�صدرا لل�شرعية في المجال
الإداري .Traité de Droit administratif, op.cit., tome 1, p. 563
(� ((1أغلب فقه قانون الوظيفة العمومية يحدد م�صادر هذا القانون ب�شكل عام في الت�شريع واالجتهاد الق�ضائي ،وال ي�شير �إلى
العرف.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013
171 القا�ضي الإداري ومفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات
وكيفم��ا كان الح��ال ف�إن العرف ،ال ينبغي على الإطالق �أن يخالف قاع��دة قانونية مكتوبة �أو �أن يحل
محلها.
�إن اعتبار المحا�ضر الم�شار �إليها كعرف �إداري يدعو حقا �إلى اال�ستغراب� ،أي عرف هذا الذي يمكن
�أن ي�ؤ�س�س لقواعد في التوظيف �أبعد ما تكون عن المنطق القانوني.
�إن اعتبار هذه المحا�ض��ر قاعدة عرفية يعني بب�س��اطة �أن التوظيف يتعين �أن يرتبط فقط باالحتجاجات
واالعت�ص��امات الم�ؤدية �إلى الت�س��جيل في محا�ض��ر محددة ،ولي�س بناء على معايير الم�س��اواة وال�ش��فافية
والكفاءة واال�س��تحقاق .فهو دعوة ب�ش��كل �أو ب�آخر �إلى تكري�س ممار�س��ات تتنافى مع المبادئ والقواعد
القانونية التي تحكم التوظيف ،كما �أنه �إ�ضفاء لل�شرعية على عادات تدبيرية �سيئة.
�إن قواعد و�آليات التوظيف كانت دائما محددة ب�ش��كل وا�ض��ح في الن�ص��و�ص القانونية ،ولذلك ف�إنه
ال يمكن على الإطالق اعتماد العرف في ظل وجود هذه القواعد.
وختاما يمكن القول �أن هذا الحكم كان ،وبعيدا عن �أية اعتبارات �آنية ،فر�ص��ة �أمام الق�ض��اء من �أجل
�أن يبدي موقفه تجاه مفهوم التوظيف بناء على ال�شهادات وتطبيقاته ال�سيما من خالل ما ي�سمى بمحا�ضر
التوظي��ف ،التي تعتبر بدعة م��ن البدع ،و�إحدى مظاهر االنحراف في تاري��خ الوظيفة العمومية المغربية،
والتي تتعار�ض لي�س فقط مع المبادئ القانونية الخا�ص��ة بالتوظيف ،وعلى ر�أ�س��ها الم�ساواة ،ولكن كذلك
مع قواعد الحكامة الجيدة في مجال تدبير الموارد الب�شرية التي تقت�ضي الربط بين الوظائف والم�ؤهالت،
باعتبار �أن الحكامة ،التي �أ�ش��ار �إليها الحكم في غير محلها ،تقت�ض��ي ربط التوظيف بالحاجيات الحقيقية
والفعلية من الكفاءات.
غير �أنه وبدل ذلك ،وبفعل ت�أثره ربما بالظروف المحيطة بمو�ض��وع الق�ض��ية وكل اللغط الذي عرفته،
�س��عى القا�ض��ي �إلى مجرد تبرير نتيجة الحكم التي تو�ص��ل �إليها موظفا كل الو�س��ائل المتاحة ،والتي هي
في �أغلبها و�س��ائل �إما ه�ش��ة �أو �أنها وظفت في غير محلها ،كما �أنها تنطوي على تجاوز ن�ص��و�ص قانونية
وا�ض��حة ،وتخالف مبادئ ق�ض��ائية وفقهية قارة ،وت�ستوحي مقابل ذلك مفاهيم وعبارات من لغة ال�شارع
ال �أ�سا�س وال معنى لها من قبيل «حق الإدماج المبا�شر»« ،مر�سوم الإدماج».
خلف كل المالحظات التي يمكن �إبدا�ؤها على الحكم الق�ضائي مو�ضوع التعليق ،تطرح �أ�سئلة �أعمق
و�أكبر تتعلق ب�ض��رورة ا�س��تيعاب �أ�صول القانون الإداري ومراعاة خ�صو�ص��ياته والتعمق في بع�ض مجاالته
التي تتميز بكثير من الدقة والخ�صو�صية كما هو الأمر بالن�سبة لقانون الوظيفة العمومية.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج � ،113-112شتنبر -دجنبر 2013