Professional Documents
Culture Documents
دعوى إلغاء رخصة البناء بسبب تجاوز السلطة
دعوى إلغاء رخصة البناء بسبب تجاوز السلطة
مــقـدمــة:
ين�ص الف�صل 35من د�ستور اململكة املغربية لفاحت يوليوز � )1(2001أنه «ي�ضمن القانون
حق امللكية وميكن احلد من نطاقها وممار�ستها مبوجب القانون �إذا اقت�ضت ذلك متطلبات
التنمية الإقت�صادية والإجتماعية للبالد ،وال ميكن نزع امللكية �إال يف احلاالت ووفق الإجراءات
التي ين�ص عليها القانون ،ومن متة ف�إن القاعدة هي �أن املالك حر يف الت�صرف يف ملكه
كيفما �شاء ،غري �أن القانون قد يقيد هذا الت�صرف من �أجل حتقيق املنفعة العامة ،ومن �أبرز
()2
القوانني املنظمة للقيود الواردة على حق امللكية قانون التعمري 12.90املتعلق بالتعمري
والقانون رقم 25.90املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات ال�سكنية( )3والقانون رقم 7.81
املتعلق بنزع امللكية(.)4
�إال �أنه قبل اللجوء �إلى املحاكم الإدارية للنظر يف املنازعات املتعلقة مبيدان التعمري،
يتعني ا�ستيفاء الإجراءات املتعلقة برفع الدعوى ،حيث يتعني �أن يكون الطاعن �أهال قانونا
ملمار�سة الطعن يف القرار الإداري ،و�أن يربر امل�صلحة يف هذا الطعن �ضد القرار مو�ضوع
النزاع ،بالإ�ضافة �إلى �شرطان يتعلقان مبو�ضوع النزاع املطعون فيه ب�أن يكون �ضارا ونهائيا.
كما يجب �أن يكون القرار املراد الطعن فيه م�شوبا ب�أحد العيوب املن�صو�ص عليها
يف املادة 20من قانون 90.41املحدث للمحاكم الإدارية()5والتي جاء فيها« :كل قرار
�إداري �صدر من جهة غري خمت�صة �أو لعيب يف ال�شكل �أو النحراف يف ال�سلطة �أو النعدام
- 1ظهري �شريف رقم � 1.11.91صادر يف 27من �شعبان 23( 1432يوليوز )2011بتنفيذ الد�ستور.
- 2ظهري �شريف رقم � 1.92.31صادر يف 15من ذي احلجة 17( 1412يونيو )1992بتنفيذ القانون رقم 12.90املتعلق بالتعمري.
- 3ظهري �شريف رقم � 1.92.7صادر يف 15من ذي احلجة 17( 1412يونيو )1992بتنفيذ القانون رقم 25.90املتعلق بالتجزئات
العقارية واملجموعات ال�سكنية وتق�سيم العقارات.
- 4ظهري �شريف رقم � 1.81.254صادر يف 11من رجب 1402بتنفيذ القانون رقم 81.7املتعلق بنزع امللكية من �أجل املنفعة العامة
واالحتالل امل�ؤقت ،من�شور باجلريدة الر�سمية عدد 3685بتاريخ 3رم�ضان 15( 1403يوليوز .)1983
- 5ظهري �شريف رقم � 1.91.225صادر يف 22من ربيع االول � 10( 1414شتنرب )1993بتنفيذ القانون رقم 41.90املحدث
مبوجبه املحاكم الإدارية ،من�شور باجلريدة الر�سمية عدد 4227بتاريخ 3نونرب �ص � 2183ص .1993
التعليل �أو ملخالفة القانون ،ي�شكل جتاوزا يف ا�ستعمال ال�سلطة يحق للمت�ضرر الطعن فيه
�أمام اجلهة الق�ضائية الإدارية املخت�صة» .هذا ف�ضال عن كون املدعي يتعني �أن يكون
م�ؤازرا مبحامي.
وهناك �شرط خام�س يكمن يف عدم وجود الدعوى املوازية «�إذ تن�ص الفقرة الأخرية
من الـمادة 23من قانون الـمحاكم الإدارية على �أنه ال يقبل الطلب الهادف �إلى �إلغاء قرارات
�إدارية �إذا كان فـي و�سـع املعنيني بالأمر �أن يطالبوا مبا يدعونه من حقوق بطرق الطعن العادي
�أمــام الق�ضاء ال�شامل» .وهذا ما تن�ص عليه املادة 360من قانون الـم�سطرة الـمدنية(.)6
�إال �أنه بالرغم من توافر هذه ال�شروط ،ف�إن التقدم بطلب �إلغاء القرارات الإدارية
ال�صادرة عن ال�سلطات الإدارية ب�سبب جتاوز ال�سلطة داخل �أجل �ستني يوما ،يبتدئ من تبليغ
القرار �إلى املعني بالأمر ،ويجب على هذا الأخري �أن يقدم قبل انق�ضاء هذا الأجل ،تظلما عن
القرار �إلى رئي�س املجل�س اجلماعي �أو العامل �أو الوايل وذلك يف حماولة لت�سوية النزاع ت�سوية
ودية وهو ما ن�ص عليه الف�صل 48من قانون امليثاق اجلماعي اجلديد ،با�ستثناء دعاوي
احليازة �أو الدعاوي املرفوعة لدى الق�ضاء امل�ستعجل.
فالتظلم الذي يرفعه املدعي يف حالة النزاع لي�س تظلما اختياريا كما تن�ص على ذلك
املادة 23من قانون املحاكم الإدارية والف�صل 360من قانون امل�سطرة املدنية( ،)7بل هو تظلم
وجوبي مفرو�ض على �صاحب امل�صلحة تقدميه ،بحيث �إذا قامت الدعوى قبل تقدمي ذلك
التظلم اعتربت الدعوى غري مقبولة.
- 6ينظر امليلود بوطريكي :تعليق على الفقرة الأخرية من املادة 23من قانون املحاكم الإدارية ،املجلة املغربية للإدارة املحلية
والتنمية .عدد ،73-72يناير � -أبريل � ،2007ص.182 ،
- 7ين�ص الف�صل 360من قانون امل�سطرة املدنية على �أنه « :يجب مع مراعاة مقت�ضيات الفقرة التالية من هذا الف�صل �أن تقدم
طلبات �إلغاء مقررات ال�سلطات الإدارية لل�شطط يف ا�ستعمال ال�سلطة داخل �أجل �ستني يوما من يوم ن�شر �أو تبليغ املقرر املطعون فيه.
غري �أنه ميكن للمعنيني بالأمر قبل ان�صرام الأجل املحدد للطعن النزاعي �أن يرفعوا تظلما ا�ستعطافيا �إلى ال�سلطة التي �أ�صدرت
املقرر �أو �إداريا �إلى التي تعلوها مبا�شرة وميكن يف هذه احلالة تقدمي الطلب �إلى املجل�س الأعلى ب�صفة �صحيحة خالل �ستني يوما
ابتداء من تبليغ مقرر الرف�ض ال�صريح كليا �أو جزئيا للطعن الإداري الأويل.
يعترب �سكوت ال�سلطة الإدارية �أكرث من �ستني يوما على امللتم�س اال�ستعطايف �أو الإداري رف�ضا و�إذا كانت ال�سلطة الإدارية هيئة من
الهيئات التي تعقد دورات للتداول ف�إن الأجل املحدد يف �ستني يوما لتقدمي الطلب ميتد �إذا اقت�ضى احلال �إلى نهاية �أول دورة قانونية
تلي تقدمي الطلب.
�إذا كانت الن�صو�ص التنظيمية اجلاري بها العمل تن�ص على م�سطرة خ�صو�صية للطعن الإداري ف�إن طلب الإلغاء ال يقبل �إال بعد �إتباع
امل�سطرة املذكورة و�ضمن الآجال املن�صو�ص عليها �أعاله.
يعترب �سكوت الإدارة �ستني يوما بعد تقدمي الطلب رف�ضا ويتعني على املعني بالأمر يف هذه احلالة �أن يقدم طلبا �إلى املجل�س الأعلى
داخل �ستني يوما ابتداء من ان�صرام الأجل الأول املحدد �أعاله.
ال يقبل طلب الإلغاء املوجه �ضد املقررات الإدارية �إذا كان يف ا�ستطاعة من يعنيهم الأمر املطالبة بحقوقهم لدى املحاكم العادية».
�إال �أنه يتعني �إدخال الوكيل الق�ضائي للمملكة حتت طائلة بطالن الدعوى� ،إذا تعلق
الأمر مبديونية الدولة �أو �إدارة عمومية ح�سب منطوق الف�صل 514من امل�سطرة املدنية� ،أما
�إذا كانت الدعوى موجهة �ضد اجلماعات املحلية والتي تعترب م�صالح عمومية ،ال �إدارات
عمومية حيث �أن لها �شخ�صية م�ستقلة ولي�ست م�شمولة مبقت�ضيات الف�صل 514الذي يجعل
�إدخال الوكيل الق�ضائي يف الدعوى �إلزاميا وبالتايل ال تتمتع بالإعفاء من الر�سوم الق�ضائية
وال من ت�أجيل �أدائها(.)8
وفـي حالة القبول ف�إن الق�ضاء الإداري عندما يبت فـي هذا النوع من الـمنازعات،
يحاول �أن يقدم نوعا من التوازن بني حـق الإدارة الـم�شرفة على تطبيق ومراقبة تدابري قوانني
التعمري واحرتامها وعدم الإخالل بها ،وبني حـق الـمواطن بالـمقابل فـي احل�صول على بناء
م�ستوف ل�شروط ومعايري اجلمالية واجلودة وحمرتم فـي نف�س الوقت لهذه ال�ضوابط ،غري
�أن الـم�ؤكد من خالل ر�صد �أغلب االجتهادات الق�ضائية �أن هناك �صرامة من جانب هذا
الق�ضاء فـي التعامل مع مثل هذه الـمنازعات ،خا�صة فـي احلالة التي يكون هنـاك غياب
لأي ترخي�ص قانوين بخ�صو�ص عملية البناء �أو التجـزيء التي تتم مبا�شرتها ،وبالتايل ف�إنه
يحاول �أن يحمي �إلى جانب الـم�شروعية وحق الـملكية الـم�ضمون د�ستوريا ،حقوق الأفراد
معتمدا فـي كل ذلك على القيام بقراءة لـمقت�ضيات الن�صو�ص القانونية الـمنظمة لـمجال
التعمري ،وحماولة �إعطاء تف�سري لها ق�صد �إيجاد مبادئ وقواعد ق�ضائية فـي جمال التعمري،
معتمدا فـي كل ذلك على االجتهادات التي كر�ستها خمتلف الـمحاكم الإدارية بالـمجل�س
الأعلى(.)9
و�إذا كانت �أغلب الق�ضايا التي تعر�ض على هذه املحاكم ي�ستهدف من خاللها رافعوها
�إما �إلغاء القرارات ال�صادرة عن ال�سلطات الـمكلفة بالتعمري� ،أو احل�صول على تعوي�ض ب�سبب
الـم�سا�س مب�صاحلهم ومراكزهم الـمادية ،ف�إنني �س�أحاول من خالل هذا التعليق تناول
خمتلف جوانب هذه الـمنازعات عن طريق ر�صد �أغلب التدخالت التي يقوم بها القا�ضي
الإداري فـي هذا املجال ،وذلك من خالل ما يعر�ض عليه من منازعات يهدف من خاللها
رافعوها لإلغاء بع�ض القرارات ال�صادرة عن �سلطة التعمري ،من بينها رخ�ص البناء والهدم
و�إيقاف الأ�شغال.
- 8ينظر موالي ادري�س احلالبي الكتاين :م�سطرة التقا�ضي الإدارية ،اجلزء الأول ،املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية �سل�سلة
موا�ضيع ال�ساعة ،عدد � 1997.12ص .52
- 9ينظر �أحمد هرمو�ش :دور اجلماعات املحلية يف جمال التعمري ،ندوة باملحكمة الإدارية بوجدة حول مو�ضوع «الإ�شكاالت التي
يطرحها قانون التعمري» ،بتاريخ 2دجنري .2007
وهذا ما �س�أحاول التطرق �إليه يف مطلبني� ،أتناول يف املطلب الأول قرارات الرتخي�ص
بالبناء ويف املطلب الثاين قرارات الهدم ووقف الأ�شغال.
املطلب الأول :قرارات الرتخي�ص بالبناء
�إن رخ�صة البناء باعتبارها القرار الإداري الذي يت�ضمن الرتخي�ص بالقيـام
ب�أعمال البناء والت�شييد �أو غريهما .قد تكون مو�ضوعا لع ــدة نزاعات بــني الإدارة
والأفراد� ،أو بني الأفراد فيما بينهم �أثناء تنفيذ الأ�شغال الـمرخ�ص لها ،مع ما قد
ينتج عنها من �أ�ضرار قد تلح ــق بالغري� ،أو قد تك ــون كذلك حمال لـمخالفات يعاقــب
عليها القانون باعتبارها جرائم مت�س بالنظام العام العمراين وقواعد و�أنظمة التهيئة
والتعمري(.)10
�إن كل عملية بنـاء �أو �إعادة بناء �أو حتى �إدخال تغيريات و�إ�صالحات على البنـاءات
القائمة والتجزئة ،تخ�ضع ح�سب مقت�ضيات الـمادة 40من قانـون 12.90الـمتعلق بالتعمري
وكذا الـمادة 2من قانون 25.90الـمتعلق بالتجزئة �إلى �ضرورة احل�صول على ترخي�ص
بذلك.
ويجب �أن يتوفر ملف طلب احل�صول على رخ�صة البناء الوثائق والإجراءات املن�صو�ص
عليها قانونا .و�إذا كان هذا هو املبد�أ فقد تكون يف بع�ض احلاالت القرارات التي مبقت�ضاها
يتم منح هذه الرخ�ص� ،سواء كانت �صريحة �أو �ضمنية بالرف�ض �أو القبول ،حمل طعن �أمام
جهة الق�ضاء الإداري ،الذي يتولى البت يف م�شروعيتها -ك�سائر القرارات الإدارية الأخرى،
انطالقا من عيوب امل�شروعية املن�صو�ص عليها يف املادة 20من قانون 41.90املحدث للمحاكم
الإدارية.
ويعتبــر ر�ؤ�سـ ــاء الـمجال�س اجلماعية هم الــمخت�صون مبنـح الرتخي�ص بالبناء
وم�ستندهم فـي ذلك قانون الــميثاق اجلم ــاعي( )11خا�صــة الف�صـل 44وكذا الـمواد 13و
22و 41و 45و 46و 48و 55و ....58من قانون التعمري ،فـي حني ورد على �سبيل الإ�ستثناء
وبخ�صو�ص جم ــاالت حم ـ ــددة� ،صالحية الرتخي�ص الـممنوحة للعامل مبقت�ضى ظهري
- 10ينظر :حممد بوجيدة ،رخ�صة البناء ،اجلزء الأول ،الطبعة الأولى ،1998من�شورات املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية،
�سل�سلة دالئل الت�سيري� ،ص .7
- 11ظهري �شريف رقم � 1.08.153صادر يف 22من �صفر 18( 1430فرباير )2009بتنفيذ القانون رقم 17.08املغري واملتمم
مبوجبه القانون رقم 78-00املتعلق بامليثاق اجلماعي كما مت تغيريه وتتميمه ،من�شور باجلريدة الر�سمية رقم 5711ال�صادر يوم
االثنني 23فرباير .2009
1984/10/02ورجال ال�سلطة الـمحلية بالن�سبة لبع�ض البلديـ ــات التي تخ�ضـع لأنظمة
�إداري ـ ــة(.)12
وبح�سب املادة 43من قانون 12.90املتعلق بالتعمري ،ف�إن رخ�ص البناء ال ت�سلم �إال
بعد التحقق من �أن املبنى املزمع �إقامته تتوفر فيه ال�شروط التي تفر�ضها الأحكام الت�شريعية
والتنظيمية اجلاري بها العمل ،خ�صو�صا الأحكام الواردة يف ت�صاميم التهيئة ،و�أن �أي خرق
من جانب طالب الرخ�صة لهذه ال�ضوابط قد يكون مو�ضوع رف�ض من طرف ال�سلطة املخت�صة،
مما قد يدفعه �إلى رفع دعوى ق�ضائية للطعن يف م�شروعية هذا القرار.
ويعمل الق�ضاء الإداري على التحقق مما �إذا كانت طلبات الرتخي�ص املقدمة
لل�سلطات املخت�صة تتوفر فيها ال�شروط املن�صو�ص عليها يف القوانني والأنظمة اجلاري بها
العمل وكذلك بت�صاميم التهيئة املعمول بها وذلك عند مراقبته مل�شروعية هذه القرارات .مع
مراعاة التوازن بني امل�صلحة العامة وامل�صلحة اخلا�صة حماوال دائما ترجيح الكفة الأولى،
وذلك لأن قوانني التعمري هي من النظام العام وبالتايل ملزمة للجميع ،ومتى تبني �أن طلب
الإلغاء م�ؤ�س�س قانونا وت�أكد من �أن الإدارة قد جتاوزت �صالحياتها القانونية عند رف�ضها
طلب الرتخي�ص ف�إنه يق�ضي ب�إلغاء هذه القرارات �أو يحكم برف�ض الطلب متى تبني له وجود
�إخالل من �صاحب طالب الرخ�صة.
كما �أن هذه القرارات -الرتخي�ص بالبناء -مل يبني امل�شرع املغربي �صيغة منحها من
طرف �صاحب الإخت�صا�ص يف ذلك ،هل يجب �أن يتخذ القرار ال�شكل املكتوب �أم يكفيه �أن
يكون �شفويا ،الأمر الذي قد ي�ستع�صي معه معرفة تاريخ تبليغ القرار الحت�ساب �أجل الطعن
- 12تن�ص املادة 59من قانون 12-90املتعلق بالتعمري على �أنه« :حتدد �ضوابط البناء العامة :
� -شكل و�شروط ت�سليم الرخ�ص وغريها من الوثائق املطلوبة مبقت�ضى هذا القانون والن�صو�ص الت�شريعية املتعلقة بالتجزئات
العقارية واملجموعات ال�سكنية وتق�سيم العقارات والن�صو�ص ال�صادر ة لتطبيقها.
� -ضوابط ال�سالمة الواجب مراعاتها يف املباين وال�شروط الواجب توفرها فيها ملا ت�ستلزمه متطلبات ال�صحة واملرور واملتطلبات
اجلمالية ومقت�ضيات الراحة العامة خ�صو�صا:
• قواعد �إ�ستقرار املباين ومتانتها،
• م�ساحة املحالت وحجمها و�أبعادها،
• �شروط تهوية املحالت ،خ�صو�صا فيما يتعلق مبختلف الأحجام والأجهزة التي تهم ال�صحة والنظافة،
• احلقوق التي يتمتع بها يف الطرق العامة �أ�صحاب العقارات املجاورة لها،
• مواد وطرق البناء املحظور �إ�ستخدامها ب�صورة دائمة،
• التدابري املعدة للوقاية من احلريق،
• طرق ال�صرف ال�صحي والتزود باملاء ال�صالح لل�شرب،
• الإلتزامات املتعلقة ب�صيانة الأمالك العقارية واملباين».
فيه متى كان يخالف رغبة �صاحب الرتخي�ص وهو الأمر الذي ال يتما�شى وم�صلحة الإدارة يف
�ضبط �أمورها وم�صداقية تعاملها مع من اختارها لرتعى م�صاحله.
ويبقى الإ�شكال القانوين الذي تثريه الرخ�ص ال�صريحة بالبناء والتجزئة والتي
ت�سلم مبجرد ا�ستيفاء الطلب املقدم بخ�صو�صها لل�شروط التي ت�ستوجبها الأحكام الت�شريعية
والتنظيمية املعمول بها يف جمال التعمري ،متمثال يف حالتني :
-احلالة الأولى� :إذا مت ت�سليمها من طرف امل�صالح املخت�صة دون ا�ستطالع ر�أي
بع�ض اجلهات الإدارية الأخرى ذات االرتباط مبو�ضوعها .ذلك �أنه من املفرو�ض وبح�سب
الفقرة الثانية من املادة 43من قانون � 12.90أن ت�سلم رخ�صة البناء بدون الإخالل بوجوب
�إحراز الرخ�ص الأخرى املن�صو�ص عليها يف الت�شريعات اخلا�صة ،وبعد �أخذ الآراء واحل�صول
على الت�أ�شريات املقررة مبوجب الأنظمة اجلاري بها العمـل ،و�إن كل �إخالل بهذا املقت�ضى
القانوين� ،سي�ؤدي �إلى جعل هذه الرخ�صة باطلة ،بغ�ض النظر عن كونها �صادرة عن جهة
�إدارية خمت�صة ،لأن ذلك لي�س وحده كافيا لإ�ضفاء �صبغة ال�شرعية عليها،
-احلالة الثانية� :إذا مت الطعن يف هذه الرخ�ص من طرف الغري خا�صة من طرف
اجلوار ،بعلة �أن من �ش�أن لبناء مو�ضوعها يف حالة �إجناز �أن ي�ؤدي �إلى �إحلاق �أ�ضرار ج�سيمة
لهم ،وهذا ما كان مو�ضوع قراري ،الذي ر�أى فيه قا�ضي املو�ضوع �أنه ال يتم البت يف الطلبات
بالإلغاء املوجه �ضد هذه الرخ�ص من طرف الغري �إال يف احلالة التي يثريون فيها بخ�صو�صها
و�سائل ودفوع مرتبطة بتطبيق القانون املنظم للتعمري ،و�أنه فيما عدا ذلك يتم تطبيق
مقت�ضيات الفقرة الأخرية من املادة 23من القانون 41.90املحدث للمحاكم الإدارية املتعلقة
بالدعوى املوازية.
و�إذا كان االعتقاد ال�سائد �أن الهدف من وراء و�ضع هذا املقت�ضى القانوين ،يعود �إلى
رغبة امل�شرع يف �إلزام الإدارة البت يف طلبات الرتخي�ص التي تقدم �إليها بال�سرعة املطلوبة
ق�صد ت�شجيع مبادرات الإ�ستثمار التي يقوم بها الأفراد خا�صة يف جمال العقار والعمران،
ف�إن الوا�ضح �أن هناك عدم فهم �أو�ضح لهذا املقت�ضى �سواء من جانب الإدارة املكلفة بالتعمري
�أو من جانب حتى الأفراد(.)13
املطلب الثاين :قرارات الهدم ووقف اال�شغال
�إن الغر�ض من ذكر بع�ض املراحل التي يقطعها �صاحب البناء �إلى غاية �إقامته باملن�ش�أة،
- 13ينظر عبد النا�صر توفيق العطار :ت�شريعات تنظيم املباين ،مطبعة ال�سعادة� ،1997 ،ص .80
التي تولى بناءها ابتداء من ح�صوله على ترخي�ص �إلى غاية ا�ستقراره وح�صوله على رخ�صة
ال�سكن ،هو البحث عما ميكن �أن تعرت�ضه من م�ضايقات ناجتة عن �صدور �أي قرار باملفهوم
الإداري من املمكن �أن مي�س مب�صاحله وي�ضايقه يف �إنهاء م�شروعه ،خا�صة �إذا كان القرار
املذكور بعيدا عن ال�شرعية ومت�سم بال�شطط يف ا�ستعمال ال�سلطة ،وغالبا ما تثار بعد ذلك
نزاعات �أخرى تت�صل يف الغالب بهذه الأ�شغال املراد �إقامتها �سواء يف طور الإحداث� ،أو الذي
مت فعال �إحداثها واالنتهاء من �إقامتها ،خا�صة يف احلالة التي يكون هناك �أي �إخالل من
جانب املعني بالأمر بهذه الرخ�صة وعدم التقيد ب�ضوابط التعمري واجلمالية ،مما ي�ستدعي
يف الغالب تدخل ال�سلطات املخت�صة لت�صحيح هذه الأو�ضاع املختلة عن طريق اتخاذ قرارات
تكون يف �شكل قرارات ب�إيقاف الأ�شغال �أو الهدم ،ح�سب طبيعة وحجم املخالفة املرتكبة من
قبل املعني بالأمر ،ودون امل�سا�س ب�إمكانية اللجوء يف هذه احلالة �إلى الق�ضاء اجلنحي املخت�ص
وفق م�سطرة دقيقة ن�صت عليها مقت�ضيات قانون 12.90املتعلق بالتعمري ،وجتدر الإ�شارة �إلى
�أن القرارات الإدارية املتعلقة ب�إيقاف الأ�شغال �أو الهدم غالبا ما تكون حمل طعن ق�ضائى من
جانب املعنيني بها �أمام جهة الق�ضاء الإداري املخت�ص ،ب�سبب التجاوز يف ا�ستعمال ال�سلطة،
وهذا ما ن�صت عليه مقت�ضيات املادة 65من قانون التعمري يف فقرتها الثانية على �أنه�« :إذا
كانت �أ�شغال البناء ما زالت يف طور الإجناز يبلغ رئي�س املجل�س اجلماعي فور ت�سلمه للمح�ضر
�أمر �إلى املخالف بوقف الأ�شغال يف احلال».
وعليه �س�أحاول الوقوف يف هذا املطلب على قرارات بوقف الأ�شغال (فقرة �أولى)
والقرارات املتعلقة بالهدم (فقرة ثانية).
الفقرة الأوىل :قرارات �إيقـاف الأ�شغـال
هناك فرق بني القرارات التي ت�صدر ب�إيقاف الأ�شغال ،وبني تلك التي ي�صدرها ر�ؤ�ساء
املجال�س اجلماعية ب�صفتهم من �سلطات ال�شرطة الإدارية اجلماعية اخلا�صة املكلفة ب�شرطة
التعمري ،طبقا للمادة 50من قانون 78.00املتعلق بامليثاق اجلماعي وكذا املادة 67من قانون
12.90املتعلق بالتعمري ،خا�صة عندما يتعلق الأمر بالأبنية التي تتم �إقامتها بدون ترخي�ص
قانوين �أو بدون �أي احرتام ملقت�ضيات هذا الرتخي�ص يف حالة وجوده ،وبني تلك التي ي�صدرها
والة اجلهات وعمال العماالت والأقاليم يف �إطار ال�ضوابط املن�صو�ص عليها يف املادة 71من
قانون 12.90املتعلق بالتجزئة العقارية وتق�سيم الأرا�ضي(.)14
- 14ينظر ال�شريف البقايل :رقابة القا�ضي الإداري على م�شروعية القرارات ال�صادرة يف جمال التعمري ،دار القلم للطباعة
والن�شر والتوزيع ،الطبعة الأولى � ،2006ص .202
و�إذا كانت �أهمية هذه القرارات تتمثل يف زجر املخالفات يف بداية البناء ،ف�إننا نود
�أن ن�شري �إلى �أنه كان من الأجدى لو مت منح الإخت�صا�ص بكامله للوالة والعمال دون ر�ؤ�ساء
املجال�س اجلماعية( ،)15ذلك �أن �أع�ضاء ال�سلطة املحلية الذين يهيمن على اخت�صا�صهم الطابع
والهاج�س الأمني واحرتام القانون ،ويعتربون �أ�صال ممثلني لل�سلطة التنفيذية يف دوائرهم
الرتابية ،ويتوفرون على تفوي�ض لبع�ض ال�سلط يف �إطار �سيا�سة عدم الرتكيز الإداري ،بل
يتوفرون على كافة الو�سائل التي متكنهم من التدخل يف جميع امليادين واملجاالت ،خا�صة
�إمكانية ا�ستعمال القوة العمومية بال�شكل الذي ميكنها من �إعطاء الدعم وامل�ساعدة لبع�ض
الأعمال التي تبا�شرها الدولة للمحافظة على الإ�ستقرار ال�سيا�سي والإقت�صادي واالجتماعي،
عك�س املجال�س اجلماعية الذين قد ال ميار�سون هذا الإخت�صا�ص لأ�سباب ذات طبيعة �سيا�سية
انتخابية وثقافية اجتماعية مت�أ�صلة يف املجتمع املحلي الذي يرف�ض فيه املنتخبون اتخاذ �أي
�إجراء قد مي�س م�صالح منتخبيهم.
ثم �إنه بالإ�ضافة �إلى ذلك ف�إن ال�سلطة املحلية (ب�شوات وقواد) ب�صفتهم �ضباطا لل�شرطة
الق�ضائية -كما ين�ص ذلك الف�صل 20من قانون امل�سطرة اجلنائية ميكنهم مبا�شرة �إيقاف
الأ�شغال وحجز �أدوات البناء باعتبارها �أداة ارتكاب املخالفة ،وو�سائل �إثبات و�إقناع طبقا ملا
هو من�صو�ص عليه يف قانون امل�سطرة اجلنائية .رغم �أن قانون 12.90مل ين�ص يف �صلبه على
الإجراءات املادية التي ميكن من خاللها تفعيل قرارات �إيقاف الأ�شغال من قبل حجز �أدوات
البناء املتواجدة يف الور�ش املرتكبة فيه املخالفة يف �إطار �ضوابط ال�شرطة الإدارية اجلماعية.
لكن هل هذه القرارات ال�صادرة ب�إيقاف الأ�شغال هي قرارات ممهدة التخاذ الإجراء
املالئم �أو لنوعية املخالفة املرتكبة والتي قد ت�ؤدي �إلى �صدور قرار بالهدم؟
الفقرة الثانية :قرارات الهدم
�إذا كانت املخالفة املرتكبة تتمثل يف القيام ببناء من غري احل�صول على ترخي�ص
�سابق �أو يف منطقة غري قابلة للبناء طبقا لل�ضوابط املعمول بها� ،أو كان البناء غري مطابق
للرتخي�ص املمنوح للمعني بالأمر �سواء من حيث عدم تقيده بالعلو امل�سموح به �أو بالأحجام
واملواقع امل�أذون فيها �أو بامل�ساحة املباح بناءها �أو بال�ضوابط املتعلقة بالبناء �أو بالغر�ض
املخ�ص�ص له البناء ح�سب املادة 68من قانون 12.90املتعلق بالتعمري ،والذي يخول لل�سيد
العامل �إما بطلب من رئي�س املجل�س �أو تلقائيا اتخاذ جميع الإجراءات الإدارية يف حق املخالف
- 15ينظر احلاج �شكرة � :آفاق دعوى الإلغاء يف جمال التعمري ،املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية� ،سل�سلة موا�ضيع ال�ساعة،
عدد � ،47ص .247
ومن جملتها �إرجاع احلالة �إلى ما كانت عليه قبل املخالفة وذلك بهدم ما مت بنا�ؤه بدون
رخ�صة وخمالف للقانون..
كما �أنه وبح�سب املادة 77من نف�س القانون ،ف�إنه ميكن للمحاكم املخت�صة (الق�ضاء
اجلنحي) يف احلالة التي ال تقوم فيها الإدارة بتفعيل مقت�ضيات املادة 68املذكورة �أعاله� ،أن
ت�أمر بهدم البناء �أو تنفيذ الأ�شغال الالزمة لي�صري العقار مطابقا للأنظمة املقررة وذلك
على نفقة مرتكب املخالفة ،داخل �أجل 30يوما ابتداء من تاريخ احلكم النهائي.
وجميع الإجراءات املتخذة لزجر املخالفات يف �إطار قانون التعمري ل�سنة 1992تبقى
جميعها م�ساطر يجب احرتامها من طرف الإدارة ،وتتمثل يف �إجناز حم�ضر ملعاينة و�ضبط
املخالفة وتبليغ املعني بالأمر �أمر بتوقف الأ�شغال ،متى كان البناء يف طور الإجناز على �أن
يودع رئي�س املجل�س يف جميع احلاالت الواردة يف املادة � 66شكوى لدى وكيل امللك باملحكمة
االبتدائية ،ويحيط الوايل �أو العامل املعني علما بذلك و�إرفاق ال�شكوى بن�سخة من الإعذار
الذي طالبت مبوجبه الإدارة من املخالف ت�سوية املخالفة املرتكبة ،وعند عدم الإمتثال
للإعذار يتولى رئي�س املجل�س مطالبة العامل بالأمر بهدم جميع �أو جزء من البناء املخالف
لل�ضوابط املقررة ،ويتولى رئي�س املجل�س مطالبة العامل بالأمر بهدم جميع �أو جزء من البناء
املخالف لل�ضوابط املقررة ،ويتولى رئي�س املجل�س �إ�شعار النيابة العامة واملخالف بالإجراءات
التي اتخذها تنفيذا للمادة 68من قانون التعمري(.)16
وبالتايل ف�إن قرار الهدم قد يكون ذو طابع ق�ضائي ي�صدر عن الق�ضاء اجلنحي املتابع
�أمامه مرتكب املخالفة املن�صو�ص عليها يف املادة 66من قانون 12.90املتعلق بالتعمري ومن�شور
وزارة الداخلية عدد 61ال�صادر �سنة ،1994وقد يكون ذو طابع �إداري ي�صدر مبا�شرة من
وايل اجلهة �أو عامل العمالة �أو الإقليم املخت�ص �إما ب�صفة تلقائية �أو بطلب من رئي�س املجل�س
اجلماعي� .إذا كان القرار �أو الأمر ال يقبل يف احلالة الأولى الطعن فيه بالإلغاء �أمام جهة الق�ضاء
الإداري ،ا�ستنادا ملبد�أ ف�صل ال�سلطات الذي ال يجيز جلهة ق�ضائية �أن تبث يف م�شروعية �أحكام
جهة ق�ضائية �أخرى ،اللهم �إذا كانت جهة ثانية للبت يف �أحكامها يف �إطار طرق الطعن العادية
وغري العادية املن�صو�ص عليها يف قانون م ج ،ف�إنه يف احلالة الثانية ف�إن كافة القرارات التي
ت�صدر يف هذا ال�صدد �إال وتكون قابلة للطعن فيها �أمام املحاكم الإدارية املخت�صة.
�إن ما جتب الإ�شارة �إليه يف هذا اخل�صو�ص �أن الأمر بالهدم ال ميكن �أن ي�صدر �إال من
- 16ينظر حممد الأعرج :قانون منازعة اجلماعات املحلية ،من�شورات املجلة املغربية للإدارة املحلية والتنمية� ،سل�سلة موا�ضيع
ال�ساعة ،عدد � ،2008 ،58ص .68
�أجل خمالفة رخ�صة البناء �أو ال�ضوابط اجلاري بها العمل يف ميدان التعمري ،و�إن انتهاك
قواعد التهيئة والتعمري يف جمال البناء يولد م�س�ؤولية املخالفني باعتبارها خمالفات يعاقب
عليها بن�ص خا�ص ،وهذا العتبارها قواعد قانونية من النظام العام وجوهرية مقرتنة بجزاء
وال يجوز االتفاق على خمالفتها ،ولأنها تهدف �إلى حتقيق م�صلحة عامة �سيا�سية و�إجتماعية
و�إقت�صادية وثقافية تعلو على امل�صالح الفردية.
ويلعب القا�ضي العادي دورا مهما وحا�سما يف مهمة ردع املخالفات املرتكبة لرخ�صة
البناء ،وهذا من �أجل احرتام �أكرب لقواعد التهيئة والتعمري.
()17
ولعل من الأحكام الرائدة يف هذا املجال حكم للمحكمة الإدارية بوجدة للإحالة
�صادر بتاريخ � 16أبريل 2009يف امللف عدد 5/08/1حتت رقم ( 953غري من�شور) وهو
يو�ضح جيدا التعقيد الذي يطرحه توزيع منازعات رخ�صة البناء بني الق�ضاء الإداري والق�ضاء
العادي ،فالغري قد ال يعرف بال�ضبط املحكمة التي يجب �أن يرفع �إليها دعواه ،ومبا �أن رخ�صة
البناء قرار �إداري �صادر عن �سلطة �إدارية فقد يعتقد املعني بالأمر �أنه يجب عليه �أن يرفع
دعواه �إلى قا�ضي الإلغاء وهنا ي�صطدم طلبه بعدم قبول الطلب.
وجتدر الإ�شارة �إلى �أن اعرتاف القا�ضي بكونه خمت�صا �أو باعتبار الطلب مقبوال يعني
نف�س ال�شيء من الناحية القانونية :ففي احلالة الأولى� ،أي يف حالة الإخت�صا�ص ،يعرتف
القا�ضي �أن له �سلطة الف�صل يف نزاع ما ،فهو يبحث عن احلدود التي يجب عدم جتاوزها
واملرتبطة يف �أغلب احلاالت بجوهر الطلب ونوعه واملجال الذي يدخل فيه� .أما يف احلالة
الثانية� ،أي يف حالة القبول ،ف�إن ال�س�ؤال ال يتجه بتاتا نحو القا�ضي و�إمنا نحو املتقا�ضي،
هل احرتم ال�شروط ال�شكلية حتى يكون طلبه مقبوال؟ بالإ�ضافة �إلى ذلك ،ف�إن الإخت�صا�ص
ينبع من ن�ص قانوين ال ميكن للقا�ضي �إال �أن يقوم بتقدير حمتواه� .أما بالن�سبة ل�شروط قبول
الدعوى فيجب �أن تكون مرنة وميكن تعديلها من طرف القا�ضي خا�صة �إذا علمنا �أن الف�صل
16من قانون امل�سطرة املدنية(« )18يلزم على من يثري الدفع بعدم الإخت�صا�ص النوعي �أو
املكاين �أن يبني املحكمة التي ترفع �إليها الق�ضية و�إال كان الطلب غري مقبول و�إذا قبل الدفع
رفع امللف �إلى املحكمة املخت�صة ،التي تكون الإحالة عليها بقوة القانون وبدون �صائر» ،من
خالل هذه املادة يتبني لنا ب�أن امل�شرع املغربي كان �صارما من حيث �إجبار طالب الدفع ،ب�أن
- 17حكم للمحكمة االدارية بوجدة �صادر بتاريخ � 16أبريل 2009يف امللف عدد 5/08/1حتت رقم ،953غري من�شور.
- 18ظهري �شريف رقم � 1.11.149صادر يف 16من رم�ضان � 17( 1432أغ�سط�س )2011بتنفيذ القانون رقم 35.10بتغيري
وتتميم قانون امل�سطرة املدنية كما �صادق عليه الظهري ال�شريف مبثابة قانون رقم 1.74.447ال�صادر يف 11من رم�ضان 28( 1394
�سبتمرب ، )1974من�شور باجلريدة الر�سمية عدد 4227ال�صادر بتاريخ � 6شوال � 5( 1432سبتمرب .)2011
يبني املحكمة التي ترفع �إليها الق�ضية ،علما �أن املواطن العادي يجهل عددا �أكرب من الأمور
القانونية والإجراءات ال�شكلية الواجب �إتباعها و�إال تعر�ض طلبه للرف�ض.
خامتة :
�إذا كان تطور املنازعات املتعلقة برخ�صة البناء وتنوعها يو�ضح ان�شغال الق�ضاة �سواء
الإدارية والعاديني -يف �إطار بناء دولة القانون -بت�شجيع مراقبة ق�ضائية مو�سعة وفعالة
يف جمال التعمري ،ف�إنه �أي�ضا م�صدر تعقيدات ملجرد قراءة ب�سيطة لهذا الق�ضاء نظرا
للإخت�صا�صات الق�ضائية املتعددة (قا�ضي الإلغاء ،قا�ضي الق�ضاء ال�شامل ،القا�ضي املدين)
يف جمال ق�ضاء رخ�صة البناء ،وهو ما ال يعترب يف م�صلحة املتقا�ضني الذين عادة ما يبحثون
عن الأمن والو�ضوح القانونيني.
وين�ص م�شرع قانون 04/04القا�ضي ب�سن �أحكام تتعلق بال�سكنى والتعمري ،على
اخل�صو�ص منع القيام بالبناء يف منطقة غري قابلة لأن يقام فيها املبنى امل�شيد ،كما يفر�ض
احل�صول على رخ�صة البناء يف حال �إدخال تغيريات على املباين القائمة �إذا كانت التغيريات
متعلقة مبثابة البناية وا�ستقرارها ونظافتها ،ومينح امل�شرع ال�سلطة املحلية متمثلة يف العامل
�صالحية الأمر بهدم جميع �أو بع�ض البناء املخالف لل�ضوابط املقررة� ،إذا تعلقت املخالفة
ببناء من غري �إذن �سابق و�إجنازه يف منطقة غري قابلة لأن يقام فيها املبنى امل�شيد �أو املوجود
يف طريق الت�شييد.