You are on page 1of 12

‫ّ‬

‫واعن‪،‬‬ ‫سر‬
‫ربّي ي ّ‬

‫خالل الندوة التي انعقدت في قسنطينة‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬أكتوبر ‪ ،2022‬تحت عنوان جباية‬
‫‪ 2022‬والجباية المطبّقة على العقود المبرمة مع الشركات األجنبية‪ ،‬والتي نظمتّها‬
‫مهني المحاسبة لوالية‬
‫ّ‬ ‫المنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين بالتنسيق مع جمعية‬
‫قسنطينة‪ ،‬كانت لي مداخلة في فترة األسئلة‪ ،‬أردّتُ من خاللها‪ ،‬تقديم توضيحات مه ّمة‪،‬‬
‫حول إشكالية مدى قبول خصم ‪ les surestaries‬جبائيا‪.‬‬

‫أن ‪ ،les surestaries‬ك" غرامات تعاقدية‬ ‫أن ال ُمحاضر الفاضل‪ ،‬اعتبر ّ‬


‫ذلك‪ّ ،‬‬
‫‪ ،"pénalités contractuelles‬وبالتالي فهي قابلة للخصم جبائيا‪.‬‬

‫ولقد بنى بقوله هذا‪ ،‬على المادة ‪ 50‬من قانون المالية ‪ ،2022‬التي أضافت جملة جديدة‬
‫في الفقرة رقم ‪ 5‬من المادة ‪ ،169‬من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة‪ ،‬وهي‬
‫" ‪..‬ال تكون قابلة للخصم‪...‬وكذا الغرامات التعاقدية‪ ،‬عندما يت ّم دفعها ألشخاص غير‬
‫خاضعين للضريبة بالجزائر" انتهى‪( .‬انظر الصورة رقم ‪.)1‬‬

‫أن ‪ les surestaries‬تعتبر ك" غرامات تعاقدية"‪ ،‬فإنّها قابلة‬


‫فحسب ال ُمحاضر‪ :‬فبما ّ‬
‫للخصم باستثناء تلك المدفوعة ألشخاص أجانب غير خاضعين للضريبة بالجزائر‪.‬‬
‫تعليق‪:‬‬

‫عند صدور قانون المالية ‪ ،2022‬استبشر الكثير بإدراج هاته الفقرة في المادة ‪،169‬‬
‫حيث اعتبروها معالجة نهائية‪ ،‬إلشكالية قبول الخصم الجبائي ل ‪،les surestaries‬‬
‫وبما أنّها تعتبر غرامات تعاقدية‪ ،‬إذن ـ حسب تحليلهم ـ فهي قابلة أن تخصم من وعاء‬
‫احتساب النتيجة الجبائية‪.‬‬

‫تحفظاتي حول هذا االستنتاج‪ ،‬يتمثل في النقاط التالية‪:‬‬

‫بأن ‪ ،les surestaries‬قد ذُكرت‬ ‫ظن الكثير ّ‬


‫أوال‪ :‬نتيجة كثرة تداول هذا االستنتاج‪ّ ،‬‬
‫صراحة في المادة ‪ 50‬من ق م ‪ ،2022‬واألمر ليس كذلك‪ ،‬بل هو استنتاج ضمني‬
‫وبمفهوم الكالم‪ ،‬وليس بمنطوقه‪ :‬أي ما دام ّ‬
‫أن الغرامات التعاقدية المتعلقة بالمتعامل‬
‫األجنبي‪ ،‬غير قابلة للخصم‪ ،‬إذن فالغرامات التعاقدية المتعلقة بالمتعامل المحلي‪ ،‬قابلة‬
‫للخصم (ما يسمى بمفهوم المخالفة)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تصنيف ‪ les surestaries‬بأنّها " غرامات تعاقدية"‪ ،‬غير مسلّم به وهو رأي‬
‫متنازع فيه وقابل للنقاش‪ :‬فهل تُصنف ك" غرامة" أ ّم مجرد خدمة أو عبء نتيجة عدم‬
‫إفراغ البضاعة أو استرجاع الحاوية في الوقت المحدد؟‪.‬‬

‫وضربتُ للسادة الحضور‪ ،‬بمثال توضيحي لوجهة هذا النظر‪:‬‬

‫لو فرضنا ّ‬
‫أن إدارة الفندق ـ الذي ت ّم فيه تنظيم الندوة ـ اتفقت مع المنظمين لهاته الندوة‪،‬‬
‫على أن تكون الوجبات المقدّمة مدفوعة الثمن‪ ،‬ولكن استغالل قاعة المحاضرات مجاني إال‬
‫إذا تعدّت الندوة الساعة ‪ 14‬زواال‪ ،‬فهنا يستوجب على المنظمين دفع مبلغ ‪ 50.000‬دج‪.‬‬

‫وسؤالي‪ :‬هل يعتبر مبلغ ‪ 50.000‬دج مجرد أعباء استغالل قاعة المحاضرات حساب‬
‫‪ " 613‬إيجارات"‪ ،‬أ ّم تعتبر غرامة تعاقدية تسجل في حساب ‪ " 657‬أعباء استثنائية‬
‫للتسيير الجاري" ؟؟‪......‬‬

‫بأن ‪ les surestaries‬لها صفة الغرامات‬ ‫إذن يجب إثبات أوال وقبل كل شيء‪ّ ،‬‬
‫تصوره‪ ،‬وأثبت العرش ثم أنقش كما يُقال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التعاقدية‪ ،‬فالحكم على الشيء فرع من‬

‫أن الغرامات التعاقدية لم يكن يُقبل خصمها جبائيا من قبل‪ّ ،‬‬


‫وأن ق م‬ ‫ظن الكثير‪ّ ،‬‬
‫ثالثا‪ :‬لقد ّ‬
‫‪ ،2022‬من خالل مادته ‪ ،50‬قد تراجع واعتبرها غرامات تعاقدية‪.‬‬
‫وهذا فهم خطأ‪ ،‬فبناء على ثالثة مراسالت التي وقفتُ عليها‪ ،‬والصادرة من المديرية العامة‬
‫للضرائب‪ ،‬فيفهم بمنطوقها وبصريحة العبارة‪ّ ،‬‬
‫بأن الغرامات التعاقدية‪ ،‬قابلة للخصم جبائيا‬
‫(انظر الصورة رقم ‪ 3 ،2‬و‪.)4‬‬

‫رابعا‪ :‬يزعم البعض‪ ،‬أن اإلدارة الجبائية‪ ،‬تقبل الخصم الجبائي ‪، les surestaries‬‬
‫بناء على مراسلة منسوبة للمديرية العامة للضرائب‪ ،‬متداولة على شبكة التواصل‬
‫سل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وهي في حقيقتها ال صدر لها (ال تظهر مقدمة المراسلة من تاريخ وال ُمر ِ‬
‫وال ُمرسل إليه‪ ،‬وال نهايتها والمعني باإلمضاء *(انظر الصورة رقم ‪.)5‬‬

‫فهاته المراسلة في حقيقتها‪ ،‬لم تصدر من المديرية العامة للضرائب‪ ،‬بل صدرت من إحدى‬
‫المديريات الوالئية للضرائب‪ ،‬بتاريخ ‪ 27‬مارس ‪ 2017‬ـ ا ّ‬
‫طلعت على النسخة األصلية‬
‫التي نُشرت في إحدى المجموعات منذ فترة ـ وتظهر في بعض النسخ في أسفلها عبارة "‬
‫‪.Le Directeur des impôts de Wilaya‬‬

‫والغريب‪ّ ،‬‬
‫أن هاته المديرية الوالئية للضرائب‪ ،‬ال تعمل بهاته المراسلة حاليا‪ ،‬كما أخبرني‬
‫تعرض للتعديل ‪redressements‬‬ ‫ّ‬ ‫محاسب إحدى الشركات في هاته الوالية‪ ،‬حيث ت ّم‬
‫نتيجة‪ ،‬عدم إعادة إدراج جبائيا ‪ les surestaries‬والتي س ّجلها في حساب ‪" 65‬‬
‫أعباء العملياتية األخرى"‪.‬‬

‫خالصة النقطة الرابعة‪ :‬ال توجد أي وثيقة ـ في علمي ـ صادرة عن المديرية العامة‬
‫تنص على قابلية خصم ‪. les surestaries‬‬ ‫ّ‬ ‫للضرائب‪،‬‬

‫أن اإلشكال ليس في اعتبار ‪les surestarie‬‬ ‫خامسا‪ :‬أه ّم ما ّ‬


‫ركزتُ عليه في مداخلتي‪ّ :‬‬
‫غرامات تعاقدية أم ال؟‪ ،‬بل اإلشكال أعمق من ذلك‪.‬‬

‫إذ المشكلة الحقيقية‪ّ ،‬‬


‫أن معظم اإلدارات الجبائية على مستوى الوطن ـ حسب تتبعي‬
‫لمختلف النقاشات حول هذا الموضوع ـ ‪،‬تعتبر ‪ les surestaries‬كغرامات "‬
‫‪ " pénalités‬غير قابلة للخصم‪ ،‬ومرجعيتها في ذلك منشور المديرية العامة للضرائب‬
‫‪/MF/DGI/DLRF/SDI/2013 275‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 7‬أفريل ‪ ،2013‬والذي موضوعه ‪" :‬تطبيق الرسم على التوطيد البنكي‬
‫على الشحن البحرية الشحن ‪( ." les surestaries‬انظر الصورة ‪.)6‬‬

‫حيث جاء في الصفحة الثانية من هذا المنشور ‪:‬‬


‫‪« Les frais de surestaries ne représentent, en effet, que‬‬
‫‪des pénalités **… ».‬‬
‫" ال تمثل مصاريف ‪ ،surestaries‬في حقيقتها‪ ،‬إال غرامات"‪.‬‬
‫فهذا المنشور‪ ،‬هو مربط الفرس والمرجع بالنسبة لإلدارات الجبائية‪ ،‬لتصنيفها كغرامات‬
‫غير قابلة للخصم‪ ،‬وهم مطالبون بتطبيق إمالءات المديرية العامة للضرائب‪ ،‬باعتبارها‬
‫الهيئة الوصية‪ ،‬إذ أكّثرت وتشبثت في محاولة اقناعهم بخطأ ما ورد في هذا المنشور‪.‬‬
‫وختاما‪ ،‬تمنيتُ من المنظمة الوطنية للمحاسبين المعتمدين‪ ،‬بمعالجة هاته اإلشكالية‪ ،‬بشكل‬
‫نهائي‪ ،‬من خالل المطالبة بموقف واضح لوزارة المالية حول هاته النقطة‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫مناقشات مشروع قانون المالية ‪.2023‬‬

‫وصلى هللا على البشير النذير‬


‫وكتبه توفيق رجاح أبو جابر ـ محافظ حسابات‬
‫سطيف في ‪ 02‬ربيع الثاني ‪1444‬‬
‫الموافق ل‪ 27‬أكتوبر ‪2022‬‬

‫)* ( الغريب ما جاء في محتوى المراسلة‪ ،‬حيث اعتبرت ‪ ،les surestaires‬بأنّها‬


‫لكون عالقتها المباشرة لشراء‬
‫عنصر من عناصر قيمة وتكلفة المخزون أو التثبيت‪ّ ،‬‬
‫المخزون أو اقتناء األصل‪.‬‬

‫واألمر ليس كذلك‪ ،‬فمصاريف ‪ les surestaries‬ليست من مستلزمات وشرط من‬


‫شروط شراء المخزونات‪ ،‬بدليل إمكانية االستغناء عنها‪ ،‬بل هي في حقيقتها مصاريف‬
‫إضافية‪ ،‬م ّما يعني أنّها ال تساهم بطريقة مباشرة في الحصول على المخزون‪.‬‬

‫مجردة‪ ،‬فإنّه يقصد بها الغرامة التي ال يقبل خصمها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫)* ( إذا اطلقت عبارة " غرامة"‪،‬‬
‫واالدّعاء بأّنه يُقصد بها في هاته المراسلة " الغرامة التعاقدية"‪ ،‬ال ب ّد لهذا التخصيص من‬
‫دليل‪ ،‬إذ قد تقرر أنّه "ال تخصيص إال بمخصصّ "‪ ،‬والبينة على المدّعي"‬

You might also like