You are on page 1of 51

‫عدنان بن سلمان الدريويش‬

‫مدمرات‬
‫شخصية الطفل‬
‫تست‬

‫‪2‬‬
‫الحمد هلل وحده ‪ ،‬والصالة والسالم على من ال نبي بعده ‪ ،‬أما‬
‫بعد ‪:‬‬
‫رسالة إلى من أخذ على عاتقه تربية األجيال ‪ ،‬وصناعة الرجال‬
‫‪ ،‬وصياغة العقول‪ ،‬وصيانة السلوك‪ ،‬وتحقيق أهداف كل العلوم؛‬
‫قادرا على حسن المسيرة في هذه الحياة‬ ‫حتى يكون ذلك اإلنسان ً‬
‫وفق أهدافه النبيلة وغاياته السامية‪ ،‬صالحا ً في نفسه وجسده‬
‫وعالقاته ‪.‬‬
‫أبعث لك رسالتي هذه ‪ ،‬وإن كنت قد جعلت أمثلتي على الوالدين‬
‫( األب واألم ) إال أنها رسالة لكل ذكر وأنثى سواء كان ( مربيا ً‬
‫‪ ،‬معلما ‪ ،‬داعية ‪ ،‬قائدا ً ‪ ،‬إمام مسجد ‪ ) ..... ،‬فإليكم جميعا أقول‬
‫عن‬ ‫‪ ..‬كما قال صلى هللا عليه وسلم‪ُ " :‬كلُّكُم َراع َو ُكلُّكُم َمسؤول َ‬
‫الر ُج ُل َراع ِفي أَه ِل ِه‬
‫اإل َما ُم َراع َو َمسؤول عَن َر ِعيَّ ِت ِه‪َ ،‬و َّ‬ ‫َر ِعيَّ ِت ِه‪ِ ،‬‬
‫ت َزو ِج َها‬ ‫َو ُه َو َمسؤول عَن َر ِعيَّتِ ِه‪َ ،‬وال َمرأَةُ َرا ِعيَة فِي بَي ِ‬
‫س ِي ِد ِه َو َمسؤُول عَن‬‫َو َمسؤُولَة عَن َر ِعيَّتِ َها‪َ ،‬وال َخا ِد ُم َراع فِي َما ِل َ‬
‫َر ِعيَّتِ ِه" رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫ي أمانة عند‬ ‫وقال اإلمام الغزالي ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪( :-‬الصب ُّ‬
‫والديه‪ ،‬وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش‬
‫وصورة‪ ،‬وهو قابل لكل نقش‪ ،‬ومائل إلى كل ما يُما ُل إليه‪ ،‬فإن‬
‫س ِع َد في الدنيا واآلخرة أبواه‪ ،‬وإن ع ُِود‬ ‫الخير نشأ عليه‪ ،‬و َ‬ ‫َ‬ ‫ع ُِود‬
‫ي و َهلَ َك ‪ ،‬وكان الوزر في رقبة‬ ‫الشر وأًه ِم َل إهمال البهائم‪َ ،‬‬
‫ش ِق َ‬
‫‪3‬‬
‫القيم عليه ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وكما أن البدن في االبتداء ال يخلق كامالً‪ ،‬وإنما يكمل ويقوى‬
‫بالغذاء‪ ،‬فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال‪ ،‬وإنما تكمل‬
‫بالتربية‪ ،‬وتهذيب األخالق‪ ،‬والتغذية بالعلم)‪ .‬إحياء علوم الدين‬
‫( ‪. )3/72‬‬
‫تعتبر البيئة من أهم األسباب التي تمهد للطفل سبيل الحياة الذي‬
‫يسلكه‪ ،‬فإما سليما ً صالحا ً وإما معوجا ً شاذا ً ‪ ،‬ولها أثرا واضحا‬
‫في تكوين نفسيته ‪ ،‬فإن كانت هذه التربية سليمة قويمة‪ ،‬فإن‬
‫الطفل ينشأ ونفسه قوية‪ ،‬بعيدة كل البعد عن التعرض لإلصابة‬
‫بالمرض النفسي ‪.‬‬
‫مثل هذه البيئة تيسر مقومات النمو السوي‪ ،‬وتقلل من عوامل‬
‫التأزم واالضطراب النفسي‪.‬‬
‫والطفل في حال صغره يكون قلبه كالعود الرطب‪ ،‬توجهه حيثما‬
‫أردت ‪ ،‬فإذا كبر سنه جف هذا العود وبقي على ما وجهتهُ عليه‬
‫‪ ،‬فالصغير يتأثر بأي كالم يَصدر إليه ‪ ،‬سواء كالم عاطفي ‪ ،‬أو‬
‫كالم جارح ‪ ،‬أو غير ذلك ‪ ،‬وتظهر أثار تصرفاته بحسب بيئته‬
‫التي يعيش فيها ‪ ،‬فإذا رأيت الطفل هادئ ًا أو لديه بعض‬
‫التصرفات الجميلة فالغالب أنه قد اكتسبها ممن حوله من أبيه‬
‫وأمه وأخوته وأقاربه ‪.‬‬
‫وينشئ ناشئ الفتيان فينا ‪ . . . .‬على ما قد كان عوده أبوه‬

‫‪4‬‬
‫وإن رأيت الطفل لديه بعض التصرفات الخاطئة والغريبة ‪ ،‬فهذا‬
‫أمر طبيعي فما حصل هذا إال بسبب ما يواجهه من أخطاء في‬
‫التربية السلوكية أو عقد نفسية يعاني منها ‪ ،‬وهذه العقد‬
‫النفسية إن تمكنت من نفس الطفل أو الصبي فإن عالجها صعب‬
‫جدا ً ‪ ،‬وهذه العقد من أكبر عوامل حصولها هي ‪ ،‬الصراخ ‪،‬‬
‫واالستهزاء‪ ،‬ونقد الذات ‪.‬‬
‫لذا بعض األطفال حينما يعاني من هذه األمور تتغير أطباعهم‬
‫وأخالقهم وسجاياهم ‪،‬فتظهر فيهم ‪ ،‬الشكاسة‪ ،‬والشراسة ‪،‬‬
‫والشناءة ‪ ،‬أو غير ذلك ‪ ..‬فيكون الطفل انطوائي على نفسه ‪،‬‬
‫مصاب بالرهاب االجتماعي وتهتز ثقته ‪ ،‬ويتدنى مستوى‬
‫تحصيله الدراسي وغيرها من اآلثار ‪.‬‬
‫ومدمرات شخصية الطفل ‪ ،‬أقصد بها كل سلوك سلبي يقوم به‬
‫المربي اتجاه الطفل فتكون سببا في تعثره نفسيا واجتماعيا‬
‫وتربويا ‪.‬‬
‫وهي كثيرة منها ‪ :‬اإلهمال والصراخ والنقد واالستهزاء‬
‫والكلمات البذيئة والحرمان والتهديد والحماية الزائدة ‪....‬‬
‫وغيرها لكني في هذه الرسالة سأتحدث على أقوى المدمرات ‪-‬‬
‫في نظري ‪ -‬لها أثر كبير على شخصية الطفل ومنها تتفرع بقية‬
‫المدمرات ‪ ،‬وهللا أسأل أن ينفع بها كل مربي ‪ ،‬وأن يصلح‬
‫أوالدنا ويجعلهم قرة عين لنا ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫المحضن األول للطفل‪ ،‬ومنها يتعلم القي َم واألخالق‪،‬‬
‫ِ‬ ‫األسرةُ هي‬
‫وفيها تتشكل شخصيتُه حسب األساليب التربوية التي يستخدمها‬
‫الوالدان‪ ،‬سواء كانت إيجابية أو سلبية‪.‬‬
‫ومن األساليب التي يستخدمها األبوان في تربية األطفال‪:‬‬
‫أسلوب الصراخ‪ ،‬والصراخ هو أح ُد األساليب التي يستسهلها‬
‫يكف الطفل عن‬ ‫َّ‬ ‫الوالدان كونها تأتي بنتائج فورية‪ ،‬من أجل أن‬
‫فور سماعه صراخ والديه‪.‬‬ ‫تصرف ما َ‬
‫أن الطفل قد يهدأ بسرعة بعد الصراخ عليه‪ ،‬فإن ذلك‬ ‫وبالرغم من َّ‬
‫يؤدي إلى شعوره بالحزن‪ ،‬وقد تستمر تلك المشاعر السلبيَّة فترة‬
‫قصيرة أو طويلة‪ ،‬فعند كل خطأ يرتكبه األطفال مقصودًا أو غير‬
‫مقصود‪ ،‬وحتى عندما يملؤون البيت بلع ِبهم ولَهوهم‪ ،‬تضيق‬
‫صدور بعض األمهات واآلباء عن تح ُّمله‪ ،‬فيكفُّونهم عن اللعب‬
‫بالصراخ‪.‬‬

‫والسؤال هنا‪:‬‬
‫هل الصراخ يعد طريقة سليمة للتواصل مع األطفال؟ وهل‬
‫مرت تجارب‬
‫الصراخ عالج فعال لكثير من مشكالت األطفال؟ وهل َّ‬
‫علينا تؤكد نجاح هذا األسلوب؟‬
‫‪6‬‬
‫رغم اعتقاد معظم اآلباء أن الصراخ على الطفل يُساعد على حل‬
‫المشكالت في الوقت الحالي‪ ،‬ويمنعه من التصرف بسوء في‬
‫المستقبل‪ ،‬فإن هذا االعتقاد ال أساس له من الصحة؛ فالكثير من‬
‫اآلباء واألمهات ال ينتبهون إلى أن صراخهم في وجه أطفالهم قد‬
‫تأثيرا سلبيًّا في نفسية الطفل‪.‬‬
‫ً‬ ‫يعطي‬
‫إن الصراخ على األطفال ينتج سلوكيات سلبية في نواح كثيرة‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪-‬هدم الثقة بالنفس ‪ ،‬فالطفل الذي يصرخ عليه والداه باستمرار‬
‫غالبا ً ما يشعر بعدم قيمته كفرد‪ ،‬وسيؤدي إلى انطوائه وعدم‬
‫مشاركته مع من حوله‪.‬‬
‫‪-‬الخوف ‪ ،‬وغالبا ً ما يؤدي الصراخ إلى شعور الطفل بالخوف‬
‫ومن ثم يتراكم هذا اإلحساس ليؤدي إلى شخصية متوترة وخائفة‬
‫‪ ،‬ليس لديها القدرة على حل مشاكلها‪.‬‬
‫‪-‬العدوانية ‪ ،‬فاألطفال الذين يتعرضون إلى التعنيف والصراخ من‬
‫قبل ذويهم باستمرار غالبا ً ما تتسم شخصياتهم بالعدوانية خاصة‬
‫عندما يصل عمر الطفل إلى أربع أو خمس سنوات‪.‬‬
‫‪-‬عدم القدرة على التركيز ‪ ،‬وهي من المشاكل التي يعاني منها‬
‫الطفل بسبب الصراخ واإلساءة العاطفية التي يتعرض لها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪-‬إن استخدام العنف اللفظي والصراخ على الطفل بدالً من محاكاته‬
‫بالمنطق قد يسبب في زيادة أخطائه وتكرارها دون أن يتعلم منها‪.‬‬

‫لذا علينا إذا أردنا التوقف عن الصراخ على األطفال ‪:‬‬


‫‪-‬البحث عن السبب الرئيس الذي جعل الطفل وقع في الخطأ ‪.‬‬
‫تحذيرا قبل البدء بالصراخ عليه؛ فاألطفال بطبيعتهم‬‫ً‬ ‫‪-‬منح الطفل‬
‫يماطلون في الوقت‪ ،‬سواء أكان في موعد النوم أو التوقف عن‬
‫اإلزعاج ‪ ،‬ليكون كافيًّا الستجابته لما يُطلب منه‪.‬‬
‫‪-‬أخذ وقت كاف بعيدًا عن الطفل من أجل إخراج الطاقات السلبية‬
‫قبل التكلم في أي موضوع ‪ ،‬خاصة في لحظات التوتر والغضب ‪.‬‬
‫‪-‬التدرب على ضبط النفس‪ ،‬والتفكير لبضع دقائق قبل البدء بأي‬
‫تصرف‪.‬‬
‫‪-‬تعليم الطفل السلوك اإليجابي بالحوار الهادئ وبالقصة ‪ ،‬أولى‬
‫من الصراخ عليه ‪.‬‬
‫‪-‬إدراك أن ما قد يتصرفه األطفال في عمرهم الصغير قد يكون‬
‫أمرا طبيعيًّا رغم أنه سلوك خاطئ‪ ،‬وحينئذ الواجب تعليمه كيف‬ ‫ً‬
‫التعامل مع المواقف أولى من لومه ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪-‬كن قدوة صالحة لهم ‪ ،‬فاألطفال يتعلمون طريقة التواصل منك‬
‫منذ الوالدة‪ ،‬لذلك ركز على نفسك عند التعامل معه من خالل‬
‫خفض الصوت‪ ،‬واستخدام األلفاظ المحترمة والعبارات السليمة‬
‫والكلمات الواضحة ‪.‬‬
‫‪-‬ال تحاول أن تتذكر المشاكل السابقة التي قام بها طفلك مما‬
‫يسبب لك تراكمات تدفعك إلى الغضب بشكل أكبر ومنها إلى‬
‫الصراخ ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫تقول مها ‪" :‬أشعر بإحباط كبير عندما أسمع هذه العبارة من‬
‫والدتي (أنت ال تتعلمي من أخطائك)‪ ،‬ألنني أشعر وكأنها حكمت‬
‫علي بأنني إنسانة مفقود األمل فيها‪ ،‬وبالرغم من أنها محقة في‬
‫أنني أكرر بعض أخطائي‪ ،‬ولكنني ال أتعمد ذلك‪ ،‬وأحاول تفادي‬
‫الوقوع في نفس الخطأ " ‪.‬‬
‫ويقول محمد‪" :‬أحيانا ً يحرجني والدي بنقده لي أمام أقربائي‪،‬‬
‫أتمنى بعدها أن أختفي من المكان‪ ،‬وأقول لنفسي إن الجميع‬
‫يضحك علي‪ ،‬ويعتقد أنني ابن سيئ الطباع‪ ،‬وعندما أعبر لوالدي‬
‫في وقت الحق عن مشاعري وأفكاري عندما ينتقدني أمام‬
‫اآلخرين‪ ،‬يقول لي إنني من اضطره لذلك " ‪.‬‬
‫أيها اآلباء إن النقد السلبي هو اإلشارة والتعبير عن أمر ما بأنه‬
‫خاطئ ومرفوض بتوجيه الناقد تركيزه وإصبعه على النقاط‬
‫السلبية التي قام بها الشخص‪ ،‬مع إخباره بما كان يجب عليه‬
‫فعله‪.‬‬
‫ويعتبر النقد السلبي هو النقد من أجل االنتقاد فقط وليس من أجل‬
‫التصحيح ‪ ،‬وقد يصحبه الشعور بالهجوم ‪ ،‬باإلضافة إلى تجاهل‬
‫إيجابيات الطفل والتركيز فقط على االنتقاد وعدم التحكم بمشاعر‬
‫الوالدين تجاهه ‪ ،‬ألن هذا النوع من النقد يعتمد في الغالب على‬
‫العاطفة أكثر من العقل والمنطق‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫يقول رحمة ‪ " :‬إن السخرية من الطفل على كل عمل يقوم به‬
‫تولد لديه روح التذمر والتمرد‪ ،‬ويثير لديه الخوف ويقيد تصرفاته‬
‫مما يترتب عليه كبت حرية الطفل وإشعاره بالحرمان فيصاب‬
‫بالتردد والجبن "‪( .‬أثر معاملة الوالدين في تكوين الشخصية ‪ ،‬دارالحياة ‪،‬‬
‫دمشق ‪-1986.‬ص‪. )247‬‬
‫إذا سألت األب قال ‪ :‬قصدي في ذلك الصالح وأن يكون أحسن من‬
‫غيره ‪ ،‬ومشكلة الوالدين أنهما ال يريان إال القبيح السيئ ‪ ،‬وإن‬
‫كان التصرف النابع من الولد حسناً‪ ،‬فالسيئات مرئية عندهم‬
‫والحسنات دفينة ‪.‬‬
‫تجد الطفل ينزل إلى الصالة وهو ينتظر من ينتقده ‪ ،‬هذا يقول‬
‫( سروالك طويل ‪ ،‬شعرك غير ممشط ‪ ،‬بدلتك لونها سيئ ‪... ،‬‬
‫وهكذا ) ‪ ،‬حتى يدرب الطفل نفسه على تحمل النقد ‪.‬‬
‫أحد الشباب درجته النهائية بين ‪ ، % 55 – 50‬لما جد واجتهد‬
‫وصل إلى ‪ ، % 60‬حضر إلى البيت وهو مستبشر ألنه تغير ‪،‬‬
‫فيجد من والديه النقد ‪ " ،‬لو فيك خير لوصلت إلى ‪ ، %90‬فقط‬
‫( ‪ 5‬درجات ) هذا الذي قدرت عليه "‪ ...،‬وهكذا ‪.‬‬
‫لألسف يتسابق الوالدان في معرفة النقص ‪ ،‬والتركيز على‬
‫السلبيات دون النظر إلى كثرة اإليجابيات التي في الطفل ‪،‬‬
‫‪11‬‬
‫فيهدمان بقية أركانه الصالحة ‪.‬‬
‫إن االنتقادات السلبية لها آثار سلبية على األوالد كبارا وصغارا ‪،‬‬
‫ذكورا وإناثا ‪ ،‬فهي تعمل على أن تفقدهم الثقة في النفس‬
‫وتجعلهم أشخاصا فاشلين ‪ ،‬بل وتكون دافعا ألن يقوم الولد‬
‫بالعناد والتحلي بالصفات السيئة ‪.‬‬
‫عندما توجه انتقادًا للطفل فأنت بذلك قد توجه له رسالة يترجمها‬
‫الطفل بأنك ال تحبه ‪ ،‬وهذا الشعور قد يتطور شيئ ًا فشيئ ًا ويزيد‬
‫إحساسه بعدم قيمته عندك ‪.‬‬
‫كثرة انتقاد الطفل أمام اآلخرين تشعره بالخجل من نفسه ‪ ،‬ومع‬
‫الوقت واتخاذ نفس أسلوب النقد السلبي للطفل يشعر وكأن هناك‬
‫مشكلة شخصية معه مما قد يجبره على االنسحاب االجتماعي ‪،‬‬
‫والخوف من التعبير عن عواطفه ‪.‬‬
‫وهنا ينصح علماء تغيير السلوك الوالدين عند توجيه سلوك‬
‫األوالد بالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬قم بانتقاد السلوك وليس الشخص ‪ ،‬فإذا رأيت غرفة الطفل غير‬
‫مرتبة‪ ،‬ال تقل له‪ :‬أنت شخص فوضوي‪ ،‬ولكن قل‪ :‬غرفتك غير‬
‫منظمة‪ ،‬هل يمكنك ترتيبها؟ وهكذا في كل موقف عليك أن تفصل‬
‫الشخص عن السلوك‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬اقترح حلوالً وأفكار ‪ ،‬إذا كان طفلك يعاني مشكلة في مادة‬
‫مثال؛ ً‬
‫فبدال من أن تقول له‪ :‬ال فائدة منك‪ ،‬أنت ضعيف‬ ‫الرياضيات ً‬
‫في هذه المادة ‪ ،‬يمكنك القول‪ :‬أعتقد أن دروس الرياضيات‬
‫اإلضافية يمكن أن تساعدك‪.‬‬
‫‪ -‬تقدير إيجابيات طفلك ‪ ،‬من المهم جدأ التركيز على إيجابيات‬
‫طفلك واألمور الجيدة التي يقوم بها فمثالً إذا أنهى طفلك واجبه‬
‫ً‬
‫فبدال من قول‪:‬‬ ‫المدرسي ولكن خط يده كان بحاجة إلى التحسين‪،‬‬
‫خط يدك ليس جيدًا ‪ ،‬يمكنك القول‪ :‬إنني معجب حقًا بأنك أنهيت‬
‫مهامك المدرسية ‪ ،‬ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى العمل بشكل أكبر‬
‫على خطك‪.‬‬
‫أيها اآلباء ‪ ...‬ال بد من توجيه النقد اإليجابي لألوالد ‪ ،‬بهدف‬
‫تصحيح أخطائهم وممارساتهم السلبية‪ ،‬والمقصود بالنقد اإليجابي‬
‫توضيح السبب الذي وجه من أجله النقد‪ ،‬وأن يكون ذلك بأسلوب‬
‫لطيف‪ ،‬بعيدا ً عن التصعيد والتجريح لذات الولد ‪ ،‬فالنقد للسلوك‬
‫وليس للشخصية‪ ،‬وكذلك يجب توضيح السلوك البديل المرغوب‬
‫فيه‪ ،‬مع فتح الباب للنقاش والتحاور مع االبن حول تبعيات‬
‫السلوك غير المقبول ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫أغلب األطفال الصغار يمتازون بالشقاوة وكثرة الحركة وذلك لما‬
‫يتمتعون به من طاقة وحيوية ‪ ،‬فهم يقيمون الدنيا وال يقعدونها ‪،‬‬
‫ال يستقر لهم على حال ‪ ،‬دائمو الحركة والتخريب ‪ ،‬الصغار‬
‫يتجنبونهم ‪ ،‬والكبار يؤنبونهم‪.‬‬
‫تقول أم حازم ‪ " :‬ابني عمره ‪ 8‬سنوات وهو كثير الشغب في‬
‫البيت وكل مكان‪ ،‬وكثير األخطاء‪ ،‬وأنا أفقد أعصابي فأضربه‬
‫بشكل مبرح‪ ،‬ثم أندم وأجلس أبكي‪ ،‬والمشكلة أنه يكرر األخطاء‬
‫وال يؤثر به الضرب‪ ،‬بل أنه يضرب زمالءه في المدرسة وتأتيني‬
‫منه شكايات كثيرة‪ ،‬فهل أنا مخطئة بضربه‪ ،‬وماذا أفعل مع‬
‫أخطائه‪ ،‬كيف أعاقبه إذا ؟ ‪" .‬‬
‫إن الضرب سواء كان مبرحا أو غير مبرح هو إهانة للطفل‪،‬‬
‫خاصة أن هناك ضرب يكون معه صراخ وعصبية ورعب ‪،‬‬
‫فيكون هذا الضرب نوع من أنواع العنف على الطفل ‪ ،‬بل ويعتبر‬
‫إهانة كبيرة‪ ،‬وأقرب إلى الوحشية من التأديب ‪.‬‬
‫والذي يؤلم في الضرب ليس األلم الجسدي والصراخ فقط بل األلم‬
‫النفسي والشعور بالكراهية والدونية والشعور بعدم الثقة بالنفس‬
‫والشعور بالقهر وعدم األمان‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫إن ضرب الطفل ليس بالحل المثالي الذي يجب اللجوء إليه ‪ ،‬ألنه‬
‫نتائجه سلبية مع المدى الطويل ‪ ،‬فمن اآلثار السلبية لضرب‬
‫األطفال ‪:‬‬
‫‪ -‬تنمية سلوك العدوانية ‪ ،‬فالطفل يصل إلى قناعة أن الضرب هو‬
‫وسيلة للتنفيس عن الضغوطات والعصبية‪ ،‬وأن األقوى يضرب‬
‫األضعف والكبير يضرب الصغير‪.‬‬
‫‪ -‬الضرب قد يكون سببا ً بفقدان الطفل لثقته بنفسه أو حتى فقدانه‬
‫الثقة باألمان من الوالدين‪.‬‬
‫‪ -‬العدوان الجسدي على األطفال يسبب لهم اآلالم‪ ،‬وفي بعض‬
‫األحيان يؤثر على تحصيلهم العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الضرب عامل أساسي من عوامل المشاكل النفسية لدى‬
‫األطفال‪ ،‬وقد يوصل الضرب الطفل إلى المرحلة االنطوائية‪.‬‬
‫تقول أم مريم ‪ " :‬أنا أم لثالثة أطفال‪ ،‬بنت ‪ 12‬سنة‪ ،‬وولدان‬
‫أحدهما ‪ 8‬سنوات‪ ،‬واآلخر عام ونصف ‪ ،‬مشكلتي مع ابنتي‬
‫الكبرى ‪ ،‬أنني أقوم بضربها ضربًا مبر ًحا عنيفًا عندما تعاندني أو‬
‫تتطاول معي في الحديث‪ ،‬وبعدها أندم أشد الندم على أنني فقدت‬
‫أعصابي معها‪ ،‬وأظل أبكي طوال األيام التالية‪ ،‬وأعتذر لها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أشعر أنني أكرر معها ما كانت تفعله أمي بي‪ ،‬رغم أنني تعهدت‬
‫وأقسمت على نفسي أال أكرر ذلك مع أبنائي‪ ،‬ومع ذلك أجد نفسي‬
‫أفعله‪ ،‬والغريب أنني ال أفعل ذلك إال مع ابنتي‪ ،‬فلم يحدث يو ًما‬
‫أني ضربت ابني األوسط بهذه القسوة‪.‬‬
‫أشعر أنني مريضة نفسيًا‪ ،‬وأنتقم من ابنتي لما كان يحدث بي‬
‫دون وعي‪ ،‬ورغم أنني ألتمس العذر ألمي‪ ،‬ألنها كانت مطلقة‬
‫وتحمل مسؤولية البيت واألوالد بمفردها‪ ،‬وأنا ظروفي ميسرة‪،‬‬
‫ومع ذلك أعامل ابنتي بنفس أسلوبها معي‪" .‬‬

‫أخي األب وأختي األم ‪ ،‬حتى نتغلب على صفة الضرب ‪ ،‬أنصح‬
‫أولياء األمور بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تدريب النفس تدريجيًّا على ترك الضرب‪ ،‬فاألساليب التربوية‬
‫مكتسبة من خالل الممارسة‪ ،‬وليس هنالك شيء ثابت غير متغير‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على ُحسن القول والمعاملة‪ ،‬واللجوء للحوار الذي‬
‫يغرس القناعات عوضًا عن الضرب الذي ال يولد إال السخط‬
‫والمزيد من العناد‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬الحرص على قراءة الكتب التربوية ومتابعا المختصين‬
‫التربويين والتعرف على مشكالت األطفال النفسية‪ ،‬فالتعرف عن‬
‫قرب على حدة العواقب واآلثار النفسية التي تتركها القسوة‬
‫والضرب على الطفل وهدم شخصيته سيكون عونًا لنا على ضبط‬
‫االنفعاالت والبعد عن تفريغ الخبرات السابقة من القسوة‪.‬‬
‫‪ -‬االستعانة بالمختصين وأصحاب الخبرات الناجحة لبث الشكوى‬
‫والتحدث عن مشاعركما ‪ ،‬والتنفيس عن مشاعر السخط والكبت‬
‫النفسي الذي وقع من الطفل أو من غيره ‪ ،‬وطلب العالج‬
‫والمساعدة‪.‬‬
‫‪ -‬بناء جسور صداقة مع األوالد وشرح ما تعانونه من ألم عند‬
‫حدوث المشاكل والعناد من قبلهم ‪.‬‬
‫‪ -‬ضبط النفس بالبعد عن الغضب‪ ،‬وتذكر ما أوصى الرسول‬
‫الكريم صلى هللا عليه وسلم بعدم الغضب‪ ،‬مع نصيحتي لكما بترك‬
‫المكان الذي تبدأ عنده لحظات الغضب‪ ،‬ثم الوضوء واالستعاذة‬
‫باهلل من الشيطان‪.‬‬
‫وأخيرا‪ :‬االكثار من االستغفار والدعاء‪ ،‬وتقديم النصح لألوالد‬
‫ً‬ ‫‪-‬‬
‫بهدوء‪ ،‬والتفكير بمحاسنهم ومناقبهم الستشعار الجوانب‬
‫اإليجابية في شخصيتهم‪ ،‬واإلحساس بالرحمة والرأفة كونهم‬
‫‪17‬‬
‫أوالدكما وفلذات قلبيكما ‪.‬‬
‫المشكالت األسرية أمر طبيعي جدا ً وال يوجد أسرة في هذا الكون‬
‫من المشاكل األسرية والخالفات الزوجية ‪ ،‬فال يُمكن‬ ‫ال تُعاني َ‬
‫العيش ضمن حياة طبيعية وسعيدة فقط بل يوجد بعض االختالفات‬
‫بين الزوجين‪ ،‬ويعود السبب في ذلك‬ ‫بين أفراد األسرة وخاصةً َ‬ ‫َ‬
‫من‬‫أن كل فرد في هذا العالم يمتلك شخصية وطبع ُمعين َ‬ ‫إلى َ‬
‫ال ُممكن أن ال يتوافق م َع الطرف اآلخر في أمر ما‪.‬‬
‫ولكن الخالفات الزوجية واألسرية تُصبح زائدة عن حدها إذا ت َم‬
‫رفض الزوج للزوجة أو العكس أو القيام بالتعنيف والسلوكيات‬
‫غير األخالقية والصراخ المستمر والجو المليء بالتوتر‪ ،‬وخاصةً‬
‫أما َم األطفال فبعض األسر تضع أطفالها في غرفة خاصة ومن ث َم‬
‫أن األطفال لن يسمعوهم أو يراقبوهم‪،‬‬ ‫يبدأوا بالمشاكل ظنا ً منهم َ‬
‫ولكن يحدث العكس دائما ً فالطفل يتأثر كونهُ رقيق جدا ً وال يدرك‬
‫حقيقة الخالف الموجود َ‬
‫بين والديه فيبدأ بالبكاء والتوتر والقلق‬
‫ويُصاب ببعض االضطرابات إذا استمرت هذه المشاكل أما َم‬
‫عينيه‪.‬‬
‫ولألسف فهذه المشاحنات تؤثر تأثيرا ً سلبيا ً شديدا ً على أكثر‬
‫األطفال‪ ،‬وقد يمتد هذا التأثير ويستمر مع الطفل في حياته‬
‫المستقبلية ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫ومن هذه اآلثار ‪:‬‬
‫‪ -‬نوبات التوتر والقلق ‪ ،‬عندما ينشأ األطفال في بيئة جدلية‬
‫محاطة بالمشاكل بين األبوين فإنه من الممكن أن يصاب بحالة‬
‫من االضطراب العاطفي‪ ،‬وتبدأ العديد من األسئلة بالتالعب بعقل‬
‫الطفل حول إذا ما كان والداه يحبانه أو إن كانا سينفصالن وماذا‬
‫سيكون مصيرهم؟ ‪.‬‬
‫‪ -‬تأخر األداء المدرسي ‪ ،‬التوتر العاطفي الذي يصاب به األطفال‬
‫نتيجة المشاكل بين أبويهم يجعل األطفال مشتتين االنتباه نتيجة‬
‫تفكيرهم في تبعيات المشاكل الموجودة بالمنزل‪.‬‬
‫‪ -‬المشاكل نفسية ‪ ،‬عندما تكون النزاعات شائعة في المنزل‪،‬‬
‫سواء كان ذلك ما بين الزوجين‪ ،‬أو بين األهل واألوالد أو مزيج‬
‫من النوعين‪ ،‬فكثيرا ما يصاب األطفال بالمشاكل النفسية‪.‬‬
‫‪ -‬تأثيرات دائمة ‪ ،‬فاألطفال الذين ينشؤون بين مشاكل األبوين‬
‫المتكررة من المحتمل أن يتأثروا في مرحلة البلوغ ‪ ،‬ويكونون‬
‫أكثر عرضة ( لخطر االكتئاب‪ ،‬تعاطي المخدرات والكحول‪ ،‬القيام‬
‫بالسلوكيات المعادية للمجتمع‪ ،‬مع مخاطر الفشل في العالقات‬
‫الشخصية والحياة المهنية حتى بعد تخطي سن المراهقة) ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬التعرف على رفاق سوء ‪ ،‬في حال استمر النزاع بين األبوين‬
‫لفترة طويلة‪ ،‬قد يندفع الطفل لمغادرة المنزل ألوقات طويلة‬
‫والتعرف على أصدقاء سوء ‪.‬‬
‫‪ -‬الفشل العاطفي ‪ ،‬حيث يكون الطفل قد كون فكرة خاطئة عن‬
‫الزواج وعن الحب‪ ،‬وربما يكون رافضا ً لفكرة الزواج تماما ً وهذا‬
‫سيؤثر على حياته العاطفية ويشعره بالنقص بسبب العقد النفسية‬
‫التي تشكلت لديه حول هذا الموضوع‪.‬‬
‫‪ -‬الفشل األسري ‪ ،‬في حال تزوج الطفل فلن يكون لديه خبرة‬
‫سابقة عن كيفية تشكيل وإنشاء عائلة سليمة وصحية وخالية من‬
‫المشاكل‪ ،‬وقد يمارس نفس التصرفات المغلوطة التي قد تعلمها‬
‫من أهله في أسرته ويقودها للدمار‪.‬‬
‫ولهذه المشكالت أسباب يجب على الوالدين التنبه لها واالبتعاد‬
‫عنها ومحاولة عالجها قبل أن تتفاقم وتزداد ومنها ‪:‬‬
‫‪ -‬الصمت الزوجي ‪ ،‬فقد يكون بسبب كثرة أعباء الزوج العملية‬
‫والمالية ومتطلبات الحياء أو من الزوجة لعدم قبولها له ‪.‬‬
‫‪ -‬تضخيم عيوب شريك الحياة ‪ ،‬فلكل شخص عيوبه وإيجابياته‬
‫مهما كان ‪ ،‬لذا من الخطأ التركيز على عيوبه ونسيان حسناته ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬تدخل طرف ثالث في الحياة الزوجية تدخال سلبيا كالوالدين أو‬
‫األقارب أو األصدقاء فيكون سببا في نشوء المشكالت بين‬
‫الزوجين ‪.‬‬
‫‪ -‬التقنية واألجهزة االلكترونية ‪ ،‬فبالرغم من إيجابياتها على‬
‫الحياة بشكل عام إال أن لها آثار سلبية على الحياة الزوجية ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الحماية الزائدة هي حماية مبالغ فيها ال تعطي للطفل مساحة‬
‫للتصرف أو التعرف على البيئة التي يعيش فيها ‪ ،‬وتتضمن تدخال‬
‫دائما في حياته وقراراته ‪ ،‬وخاصة ما يكون من األم والتي تشعر‬
‫بأن طفلها سيتعرض لألذى في كل لحظة ‪ ،‬ومن دون قصد تمأل‬
‫نفس الطفل بأن هناك مئات من األشياء غير المرئية في المجتمع‬
‫خطرا عليه ‪ ،‬ومن ثم يشعر الطفل بالخوف ‪ ،‬ويرى أن‬ ‫ً‬ ‫تشكل‬
‫المكان الوحيد الذي يمــــكن أن يشعر فيه باألمان واالطمئنان هو‬
‫بجوار أمه ‪ ،‬لدرجة أن يخاف الوالدين عليه حتى يحوالنه إلى‬
‫كائن ساكن ليس لديه أي مبادرات ‪.‬‬
‫ومن مظاهر هذا الخوف ‪ ،‬منعه من اللعب مع أقرانه‪ ،‬وإجباره‬
‫على ارتداء مالبس كثيرة‪ ،‬إرغامه على تناول أطعمة معينة‪،‬‬
‫وتدليله من خالل االستجابة لجميع طلباته‪ ،‬ومعاملته طوال الوقت‬
‫كطفل رضيع ال يستطيع االعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية‪،‬‬
‫وهذا بدوره يمنع نمو شخصية الطفل‪ ،‬ويمنع الطفل من تحقيق‬
‫االستقالل الذاتي‪.‬‬
‫هذا الطفل يشعر بالخوف دائمـًا وال يستطيع أن يعبر الطريق‬
‫وحده ‪ ،‬أو يستمتع بالجري أو اللعب أو السباحة في البحر ؛ ألنه‬
‫يتوقع في كل لحظة أن يصاب بأذى ‪ ،‬ويظل منطويـًا خجوالً بعيدًا‬
‫عن محاولة فعل أي شيء خوفـًا من إصابته بأي أذى ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫فهما لم يسمحا له أن يخطئ ‪ ،‬وإذا أخطأ حملوا عنه خطأه ‪ ،‬وفر‬
‫له األبوان جميع ألوان الراحة والملهيات واألدوات الداعمة وبين‬
‫يديه السائق والخادمة ‪ ( ...‬شبيك لبيك ) ‪.‬‬
‫وقد يلجأ الوالدان إلى هذا األسلوب لعدة أسباب ومنها ‪:‬‬
‫إذا كان الطفل وحيدًا ‪ ،‬اإلنجاب بعد فترة زمنية طويلة من الزواج‬
‫‪ ،‬إذا كان الصبي الوحيد بين بنات‪ ،‬أو العكس ‪ ،‬الجهل بأساليب‬
‫التربية الصحيحة ‪ ،‬قد يكون الوالدان تلقوا في طفولتهم نفس‬
‫األسلوب في التربية ‪ ،‬مرض الطفل بمرض مزمن‪.‬‬
‫لذا اتركه يعيش حياته الطبيعية ‪ ،‬دعه يخطأ ويتعلم من خطأه ‪،‬‬
‫نحن نوفر له الحماية التي تحفظه من األخطار فقط ‪ ،‬أما الحماية‬
‫من كل شيء فإن الطفل ينشأ مفسد ‪ ،‬ثم يقع في شر أعماله ‪.‬‬
‫وللحماية الزائدة تأثيرا سلبيا على الطفل في كافة المستويات ‪،‬‬
‫ومن تلك التأثيرات‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تقدير مشاعر اآلخرين ‪ ،‬بل دائما يتوقع المزيد منهم دون‬
‫إعطاء المقابل‪.‬‬
‫‪ -‬تنمية الطباع السيئة ‪ ،‬سواء كانت تلك الطباع غرورا أو‬
‫عدوانية أو أنانية‪ ،‬ويصبح طفال اعتماديا غير مسؤول‪ ،‬وقد يتنمر‬
‫على اآلخرين‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪ -‬الكسل ‪ ،‬عندما تؤدي األم كل المهام والوظائف بالنيابة عنه‪ ،‬قد‬
‫يعتاد الطفل ذلك مع نموه ونضجه‪ ،‬ويصبح شخصا كسوال‬
‫اعتماديا على غيره في المقام األول‪ ،‬وال يستطيع تلبية احتياجاته‬
‫األساسية‪.‬‬
‫‪ -‬ال يعترف بأخطائه ‪ ،‬واالعتذار عنها‪ ،‬فهذا يجعل منه شخصية‬
‫غير مبالية ال تعترف بأخطائها وال تعتذر عنها‪.‬‬
‫‪ -‬تدني احترام الذات ‪ ،‬إن الطفل الذي عانى من الحماية المفرطة‪،‬‬
‫ينضج وهو يعاني من تدني احترام وتقدير الذات‪ ،‬وقد يفتقر إلى‬
‫المرونة والثقة الضروريتين لمواجهة العالم‪ ،‬وذلك بسبب الرسالة‬
‫التي يتم توجيهها للطفل دائما‪ ،‬بأنه غير مؤهل أو جيد بما يكفي‬
‫إلدارة حياته بنفسه‪.‬‬
‫‪ -‬عرضة لالكتئاب والقلق ‪ ،‬إن اإلفراط في الحماية في الصغر‬
‫يسبب القلق واالكتئاب في الكبر‪ ،‬حيث يعتاد الطفل على قلق‬
‫والديه المستمر عليه‪ ،‬وينمو وهو مضطر للتفاعل تحت القلق‬
‫الدائم من حدوث شيء ما‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وء ِم َن القَو ِل ِإ َّال َمن ُ‬
‫ظ ِل َم)‬ ‫س ِ‬‫ّللاُ ال َجه َر ِبال ُّ‬
‫ب َّ‬ ‫قال هللا تعالى‪َ (:‬ال يُ ِح ُّ‬
‫سورة النساء ‪ ،‬وقال صلى هللا عليه وسلم " ليس المؤمن بالطعان‬
‫وال اللعان وال الفاحش البذيء " رواه الترمذي ‪.‬‬
‫في دراسة أمريكية قديمة ( ‪ 1989‬م ) ذكرها الدكتور مصطفى‬
‫أبو السعد في برنامج فضــــائي (نظرة شرعية – تعاملنا مع‬
‫األطفال ) ‪ " :‬عدد الكلمات البذيئة التي يستقبلها الطفل من‬
‫الميالد إلى سن ‪ 18‬سنة تتراوح من ‪ 50‬ألف إلى ‪ 150‬ألف‬
‫كلمة سيئة "‪.‬‬
‫إن الكلمات البذيئة هي شكل من أشكال العدوان اللفظي الذي‬
‫يمارس على اآلخرين ‪ ،‬وينطوي الكالم البذيء على الشتم والسب‬
‫والقذف والتعيير والتنقيص واالستهزاء ‪.‬‬
‫مثل كلمات ( أنت غبي – طول عمرك حيوان – ال يعجبني شكلك‬
‫‪ ، ) .....‬تجعل هذه الكلمات الطفل يعجز عن فهم ما يريده المربي‬
‫أو الوالدان فتطلق عليه هذه العبارات النارية والتي يحس فيها‬
‫الطفل بالمرارة والقهر ‪.‬‬
‫بعض أولياء األمور يأمر طفله بأن يشتري من البقالة أو صاحب‬
‫الخضار ‪ ،‬فيأتي وقد نسي بعض األشياء فتنهال عليه أقبح األلفاظ‬
‫( وين مخك يا غبي ‪ ،‬أنا المخطئ بأن اعتمدت عليك ‪. ) ......‬‬
‫‪25‬‬
‫مع أن الطفل تذكر معظم األشياء إال أن هذا اللسان ال يعرف إال‬
‫السوء من الكلمات ‪ ،‬ولو طلب منه أن يرجع ويتأكد من‬
‫المشتريات النتهت المشكلة ‪ ،‬ولو شكره على ذهابه وعلى شراء‬
‫ما أراده األب ‪ ،‬ثم طلب منه أن يتأكد ويرجع النتهت المشكلة ‪.‬‬
‫وقد تتنوع الكلمات البذيئة الصادرة من اآلباء واألمهات والمربين‬
‫‪ ،‬والتي تكون سببا في تدمير شخصية الطفل مثل ‪:‬‬
‫‪ -‬السب أو شتم الطفل بألفاظ تتضمن أوصاف الحيوانات مثل أنت‬
‫(كلب – حمار – ثور – تيس – ياحيوان) ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلهانة من خالل وصفه بأوصاف سلبية‪ ،‬واالنتقاص منه مثل‬
‫أنت (شقي ‪ ،‬كذاب ‪ ،‬قبيح ‪ ،‬سمين ‪ ،‬مفسد‪ ،‬أعرج ‪ ،‬سارق) ‪.‬‬
‫‪ -‬المقارنة بينه وبين أقرانه بطريقة بها الكثير من االستهزاء‪،‬‬
‫والتوبيخ‪ ،‬فإننا بذلك نشعره بالنقص والدونية ‪.‬‬
‫‪ -‬التهديد مثل (سأضرب راسك‪ ،‬أشرب من دمك‪ ،‬سأذبحك) واألب‬
‫أو األم ال تفهم أثر هذا األسلوب الخطير على نفسية الطفل‬
‫المسكين الذي يتوقع في كل لحظة‪ ،‬أنه مذبوح ال محالة ‪.‬‬
‫‪ -‬ترسيخ المعلومة الخاطئة مثل (الرجل ال يبكي‪ ،‬اسكت أنت‬
‫الزلت صغيرا‪ ،‬هذا الولد أصابني بالجنون‪ ،‬أنا ال أقدر عليه‪ ،‬هللا‬
‫يعاقبك ويحرقك بالنار)‪ ،‬هذه المعلومات تثير البلبلة في ذهن‬
‫‪26‬‬
‫الطفل‪.‬‬
‫إن االعتداء الجسدي على األطفال سرعان ما يذهب أثره‪ ،‬في‬
‫حين أن الكلمات البذيئة تعتبر جرحا ً للنفس من الصعب أن يلتئم ‪،‬‬
‫فهي تجعل الطفل يأخذ صورة مشوهة و سلبية عن نفسه مما‬
‫ينعكس على سلوكه وتعامله مع اآلخرين ‪.‬‬
‫ومن اآلثار السلبية للكلمات البذيئة على الطفل ‪ ،‬أن تجعله يفقد‬
‫اإليجابية في نفسه ومع المجتمع ‪ ،‬مما يجعله عدوانيا ويريد‬
‫االنتقام من اآلخرين ‪ ،‬ومن اآلثار أن تجعل الطفل عنيد جدا‬
‫يصعب التعامل معه ويتعمد فعل العكس تماما ‪ ،‬وقد تكون الكلمات‬
‫البذيئة سببا في انحرافهم أو إصابتهم بأمراض نفسية أو فشلهم‬
‫في حياتهم العملية أو فقدان الثقة بأنفسهم ‪.‬‬
‫إن الطفل شديد المالحظة لكل ما يدور حوله ولكل ما يسمعه‪ ،‬كما‬
‫أن ذاكرته تكون نقية وقابلة المتصاص أي أمر يكون حوله‬
‫ويتأثر به ‪ ،‬لذا الواجب على الوالدين ‪:‬‬
‫أوال قدوةً حسنة ألطفالهم في حسن كالمهم‬ ‫‪ -‬أن يكونا هم ً‬
‫وتهذيب لسانهم وحسن اختيارهم لتعابيرهم وألفاظهم‪ ،‬فالطفل‬
‫شديد التقليد ألبويه‪.‬‬
‫‪ -‬أن يمنعوا أطفالهم من صداقة رفاق السوء ومن اللعب في‬
‫الشارع فقد يتأثر الطفل بانحراف األصدقاء السيئين ويتعلم‬
‫‪27‬‬
‫عاداتهم ويتلفظ بألفاظهم غير المقبولة‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتعلموا مخاطر األلفاظ السيئة والشتائم‪ ،‬وأثرها السيء‬
‫على شخصيات األطفال‪ ،‬وأن هذه األلفاظ تثير الحقد والبغضاء‬
‫بين أفراد المجتمع الواحد‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية الوازع الديني في نفوسهم ونفوس أطفالهم بتلقينهم‬
‫األحاديث النبوية التي تحذر من السباب والشتم ‪.‬‬
‫‪ -‬التعرف على اآلثار السلبية التي تقع على األطفال بسبب هذا‬
‫السلوك السيء ‪.‬‬
‫فرب كلمة من معلم أو أب أو أم جرحت الطفل وأثرت فيه حتى‬
‫مراحل الحقة من العمر من شدة وقعها‪ ،‬ورب كلمة ساحرة‬
‫أضاءت طريقا ً وغيرت مسيرة الحياة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫قد يبتلى الطفل بنقص في بعض قدراته أو مهاراته أو في َخلقه‬
‫كأن يكون قصيرا أو طويال أو أعرجا أو أعمى ‪ ،...‬فتكون هذه‬
‫نقصة عليه في نفسه وأمام اآلخرين ‪ ،‬فتجد بعض اآلباء‬
‫واألمهات من يرتكب منهم أخطا ًء بقصد أو بغير قصد أو نتيجة‬
‫عدم علم أو لجهل بحق أطفالهم من استهزاء وسخرية تصل إلى‬
‫مرتبة الجرم لما تخلفه من آثار نفسية خطيرة تلقي بظاللها‬
‫الكثيفة على شخصية الطفل طيلة حياته‪.‬‬
‫وكثير من األطفال يتعرضون ألشكال عديدة من السخرية‬
‫واالستهزاء سواء في المدرسة من معلميهم أو زمالء لهم أو من‬
‫أقاربهم أو من جيرانهم لسبب من األسباب ‪ ،‬وسرعان ما تلتصق‬
‫هذه الدعابات أو تلك المواقف الساخرة‪ ،‬أو تلك التسميات أو‬
‫النعوت الساخرة بهم طيلة حياتهم‪.‬‬
‫ان)‬
‫ق بَع َد ا ِإلي َم ِ‬ ‫س ِاالس ُم الفُ ُ‬
‫سو ُ‬ ‫قال تعالى ( َو َال تَنَابَ ُزوا بِاألَلقَا ِ‬
‫ب بِئ َ‬
‫سورة الحجرات ‪ ،‬فأحيانا تكون البنت طويلة القوام فعندما تمر أمام‬
‫أهلها ‪ ،‬فبدل من سماع الثناء على قوامها الجميل ‪ ،‬وكلمات الحب‬
‫‪ ،‬تبدأ بسماع الهمز واللمز منهم ‪ ،‬مرت علينا الزرافة ‪ ،‬الطول‬
‫طول نخلة ‪ ....‬وغيرها ‪ ،‬والتي تجعلها تنفر من والديها ‪ ،‬وقد‬
‫تكون سببا في البحث عن تقدير الذات من خارج البيت فتقع‬
‫فريسة في أيدي الذئاب البشرية ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫وكذلك االبن فعندما يأتي بالشهادة وفيها ضعف في إحدى المواد‬
‫بسبب ضعف قدراته العقلية ‪ ،‬أو ألي سبب تربوي أو اجتماعي ‪،‬‬
‫فهنا يستلمه الوالد بالكلمات النابية التي تجعله محطما خاصة‬
‫عندما يكون أمام إخوته ‪ ،‬وهم يضحكون عليه ‪ ،‬فتكون سببا لكره‬
‫الدراسة والوقوع في أيدي رفقاء السوء ‪.‬‬
‫ويؤدي هذا النوع من التعامل السلبي مع االبن أو البنت إلى ‪:‬‬
‫‪ -‬نظرته السلبية لذاته‪ ،‬وبناء صورة مشوهة عن نفسه‪ ،‬فهو ال‬
‫يستطيع إال رؤية األخطاء والعثرات وجوانب الضعف التي يسلط‬
‫والداه عليها الضوء ويصفونه بها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم رؤية قدراته وإمكاناته مهما عظمت‪ ،‬حيث يميل سلوكه‬
‫إلى التردد وعدم الثقة بالنفس ‪.‬‬
‫‪ -‬الميل للعزلة واالنسحاب تجنبا ً لآلخرين وانتقاداتهم‪ ،‬فهو يتوقع‬
‫أن ينظر له اآلخرون كما ينظر له والداه‪ ،‬بل ال يستطيع سوى‬
‫النظر إلى ذاته إال عبر المنظار الذي يراه فيه والديه وحكموا به‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬خلق نظرة مضادة نحو األسرة والمجتمع‪ ،‬وإحساس بالظلم‬
‫واإلجحاف‪ ،‬فيميل إلى اتباع السلوكيات العدوانية نحو اآلخرين‬
‫الذين ال يتفهمونه وال يقدرونه‪ ،‬وال يسمحون له بإيجاد مكان‬
‫‪30‬‬ ‫بينهم ‪.‬‬
‫‪ -‬عمل سلوكيات غير مقبولة اجتماعيا ً‪ ،‬كإتالف الممتلكات العامة‬
‫أو االعتداء على ممتلكات اآلخرين أو الميل إلى االنتقام‪.‬‬
‫أخي األب وأختي األم ‪ ...‬يجب أن تعلما أنكما المعلم األول الذي‬
‫يتعلم منه الطفل‪ ،‬ويكتسب منهم الخبرات والمهارات والعادات‬
‫االجتماعية ‪ ،‬فاألولى بكما تعزيز ثقته بنفسه بدال من السخرية‬
‫واالستهزاء به ‪.‬‬
‫علينا أن نفكر جيدا في أثر أفعالنا على نفوس أطفالنا‪ ،‬وعلى‬
‫تكوين شخصياتهم‪ ،‬كما يجب علينا االهتمام بغرس القيم واألخالق‬
‫الحسنة والصفات التي تعزز من نفسية الطفل وتدعم من قدراته‬
‫وشخصيته‪ ،‬وتساعد في خلق شخصية سوية عندها استعداد‬
‫لمواجهة المستقبل بكل ما فيه‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المقارنة بين األطفال أحد وسائل التربية الشائعة والتي يستخدمها‬
‫عادةً بعض األهل والمربين بهدف توليد مشاعر الغيرة لدى الطفل‬
‫‪ ،‬وبالتالي تحفيزه على محاكاة السلوك المرغوب لدى الطفل ‪،‬‬
‫وهو يهدف إلى غرس سلوك معين لدى الطفل ونيل إعجاب من‬
‫يقومون بهذه المقارنة‪.‬‬
‫وكثير من اآلباء واألمهات ال يدركون مخاطر مقارنة األطفال‬
‫كثيرا ما نسمع عبارات مثل ‪ :‬فالن‬ ‫ً‬ ‫اآلخرين مع أطفالهم ‪ ،‬بل‬
‫أفضل منك‪ ،‬فالن أذكى منك‪ ،‬أو أي شيء من هذا القبيل ‪.‬‬
‫أحد اآلباء ال يهتم بمشاعر أوالده‪ ،‬وال يقترب منهم‪ ،‬وال يحاورهم‬
‫وال يقضي معهم وقتاً‪ ،‬مما جعل أوالده جافين عاطفيا ً معه‪ ،‬بينما‬
‫نجد صديقه يهتم بأوالده ويمازحهم ‪ ،‬ويقضي معهم وقتا ً ممتعاً‪،‬‬
‫لذا فأوالده يعاملونه بعاطفة شديدة‪.‬‬
‫وهنا نجد األب األول يقارن أوالده دائما بأوالد صديقه ويسألهم‪:‬‬
‫لم ال تكونون مثلهم؟ وهو ال يدرك أن الخطأ األساسي بدأ من‬
‫عنده!‬
‫على اآلباء أن يعلموا أنه ال يوجد طفالن نسخة طبق األصل عن‬
‫بعضهما‪ ،‬فكل طفل له اهتمامه ونفسيته‪ ،‬فإن كان طفلك من هواة‬
‫كرة القدم‪ ،‬وأردت له أن يرسم‪ ،‬وأجبرته على ذلك‪ ،‬فمن الطبيعي‬
‫‪32‬‬
‫أن ال يكون بمستوى من يحب الرسم ‪.‬‬
‫أحيانا ً غيرة األهل من بعضهم‪ ،‬تجعلهم يجبرون أبناءهم على‬
‫ممارسة هوايات ابن غيرهم ‪ ،‬إال أن لهذا األسلوب أضرارا ً كثيرة‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬خلق شعور بالدونية لدى الطفل يجعله يرى نفسه أقل من‬
‫أقرانه‪.‬‬
‫‪ -‬تنشئة شخص متكبر يقارن نفسه باآلخرين‪ ،‬فيبالغ في مميزاته‬
‫وفي عيوب اآلخرين‪ ،‬وذلك كأسلوب دفاعي ضد التقليل من شأنه‬
‫دائما ً‪.‬‬
‫‪ -‬ال يقدر إنجازاته أبدا ً وال يرضى عنها‪ ،‬ويستصغر ما يحقق من‬
‫نجاحات دائما ً‪.‬‬
‫‪ -‬المغاالة في المقارنة بال مراعاة الختالف الظروف والقدرات‪ ،‬قد‬
‫تجرنا إلى تضخيم فضائل اآلخرين على حساب تقديرنا لفضائل‬
‫أوالدنا‪.‬‬
‫‪ -‬دفع األوالد إلى الطموح الذي ال يراعي القدرات ويتعلق‬
‫بالمستحيل ويقتل الروح والعالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬قتل الطموح لدى األوالد لشعورهم بأنهم أقل من أن يحققوا أي‬
‫شيء‪.‬‬
‫‪ -‬الالمباالة‪ ،‬حيث يرى الطفل أنه ال فائدة من أي جهود يقوم بها‪،‬‬
‫‪33‬‬
‫طالما أن والديه يريان اآلخرين أفضل منه‪.‬‬
‫‪ -‬ربما يصبح شخصا ً حسودا ً‪ ،‬ألنه يركز على ما يوجد لدى‬
‫اآلخرين وينقصه هو‪.‬‬
‫‪ -‬المقارنة تقتل الموهبة‪ ،‬ألن مشاعر الحسد والغيرة والدونية‬
‫تستنزف طاقة الطفل وقدرته على القيام بأي أنشطة منتجة‪،‬‬
‫وشغفه باكتشاف مواهبه‪.‬‬
‫والسؤال هنا كيف يمكن تحفيز الطفل بدون مقارنته مع اآلخرين؟‬
‫تعتبر متانة العالقة بين الطفل وأبويه أهم عامل لتحفيزه في جميع‬
‫مجاالت الحياة‪ ،‬وهذه بعض النقاط التي يجب على الوالدين‬
‫التركيز عليها لتقديم الدعم للطفل‪:‬‬
‫‪ -‬االبتعاد عن مقارنة الطفل بغيره‪.‬‬
‫‪ -‬منح طفلك الثقة لتشجيعه وتحفيزه‪.‬‬
‫‪ -‬مساعدة الطفل على استغالل موهبته وتنميتها‪.‬‬
‫‪ -‬وجود قدوة للطفل‪.‬‬
‫‪ -‬االستماع لطفلك باهتمام وعناية‪.‬‬
‫أيها اآلباء ‪ ..‬إذا أردتم تشجيع أوالدكم فاكتبوا لهم جدول إنجاز‬
‫بشكل شهري أو أسبوعي‪ ،‬واجعلوهم يقارنون إنجازهم لهذا‬
‫األسبوع بإنجاز األسبوع السابق‪ ،‬عندها سيتعلمون كيف ينافسون‬
‫أنفسهم‪ ،‬وال يربطون عملهم بعمل غيرهم‪ ،‬إن تأخر تأخروا‪ ،‬وإن‬
‫‪34‬‬
‫تقدم تقدموا‪.‬‬
‫عندما تقول األم لطفلها‪ :‬لو أكلت أحبك ‪ ..‬لو عملت الواجب أحبك‬
‫‪ ..‬لو بقيت مثل أخوك أحبك‪.‬‬
‫إذا كنت ترددين العبارات السابقة لطفلك كثيرا فاعلمي أنك‬
‫ترتكبين خطأ كبيرا يُسمى «الحب المشروط»‪ ،‬وله أضرار نفسية‬
‫غير متوقعة على الطفل ‪.‬‬
‫إن الحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب وغير مرغوب‬
‫فيه‪ ،‬وعندما يكبر يشعر بعدم االنتماء لألسرة‪ ،‬ألنه كان مكروها‬
‫فيها عندما كان صغيرا‪ ،‬ولهذا السبب نجد أن األطفال يحبون الجد‬
‫والجدة كثيرا ألن (حبهم غير مشروط)‪.‬‬
‫والحب المشروط له آثارا سلبية على األطفال فهو يسبب ‪:‬‬
‫‪ -‬فقدان الثقة بالنفس‪ ،‬ألن والدته تشترط عليه فعل أشياء معينة‬
‫ليحصل على حبها‪ ،‬ومن ثم يفقد الثقة في نفسه‪ ،‬خاصة إذا لم‬
‫يستطع تحقيق شروط والدته ‪.‬‬
‫‪ -‬شخصية ذليلة مطواعة لغيرها ‪ ،‬فعندما يرى الطفل أن شرط‬
‫الحصول على حب والدته هو القيام ببعض التصرفات ‪ ،‬أو أنه لن‬
‫يحصل على حب زمالئه‪ ،‬ومدرسيه إال بفعل ما يرغبون فيه ‪ ،‬هنا‬
‫عندما يكبر سيكون الوضع أسوأ‪ ،‬فقد يتحمل إهانات ممن حوله‪،‬‬
‫مقابل بقائهم معه‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪ -‬شخصية متمردة ‪ ،‬فعلى النقيض قد يرفض الطفل شرط حصوله‬
‫على الحب ويتمرد على ذلك‪ ،‬ويقول خالص ال أريد أن تحبيني‬
‫ويظهر ذلك في تعامالته الشخصية‪.‬‬
‫‪-‬الرهاب االجتماعي ‪ ،‬فالطفل يصاب بعدم القدرة على االختالط‬
‫مع من حوله ‪ ،‬والخوف منهم ‪ ،‬خاصة إذا شعر أنه غير مرغوب‬
‫فيه ‪.‬‬

‫إن الحب غير المشروط هو أكبر محفز للطفل ‪ ،‬فعندما تشعر األم‬
‫طفلها أنها تحبه‪ ،‬ألنه ابنها‪ ،‬وأنها تريد رؤيته أفضل إنسان‬
‫لمصلحته‪ ،‬سيستجيب لذلك‪ ،‬والحب غير المشروط يعزز ثقه‬
‫الطفل بنفسه‪ ،‬ويخلق طفال قادرا على اإلنجاز‪ ،‬مرن‪ ،‬يجيد التحدث‬
‫والحوار مع من حوله‪ ،‬سوي في معامالته‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫أيها اآلباء ‪ ..‬إن تصنيف الطفل حسب صفات معينة سوا ًء أكانت‬
‫الصفة إيجابية أم سلبية‪ ،‬تشعره بالضغط وتضعه في مأزق‪ ،‬ألنه‬
‫إما أن يتصرف بطريقة فيها عبء عليه ليبرهن أنه أهل لتلك‬
‫الصفة‪ ،‬وإما أن يتصرف بطريقة غبية ليبرهن لك أنه ليس دائما ً‬
‫كما تتوقع منه ‪ ،‬وهنا يجب أن نساعد األطفال ليتحرروا من قيود‬
‫تصنيفاتنا‪ ،‬وندعهم يتصرفون بنا ًء على كيفية تقديرهم للمواقف‪،‬‬
‫وليس حسب وجهة نظر الكبار سعيا ً لتحقيق توقعاتهم أو نيل‬
‫استحسانهم‪.‬‬
‫فرغم أنه يجب علينا مراقبتهم ووضع حدود لسلوكياتهم السيئة‪،‬‬
‫إال أن ترك مساحة من الحرية ضمن قيود معينة ضرورية من‬
‫أجل مساعدتهم على اإلبداع والتطور التلقائي‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫كثيرة هي األخطاء التي يرتكبها األوالد بقصد أو بغير قصد‪،‬‬
‫والتي غالبا ً ما تغضب الوالدين ‪ ،‬وتثير استفزازهما وغضبهما‬
‫لتأتي منهما مختلف ردود األفعال واألقوال ولعل أكثر ما يصدر‬
‫منهما في ساعات الغضب الدعاء عليهم بأدعية تقشعر منها‬
‫األبدان كقولهم ( هللا ال يوفقك)‪ ،‬و(هللا يأخذك)‪ ،‬و(هللا يغضب‬
‫عليك)‪ ،‬والذي يشعرهما بالراحة ويهدئ من نفسيتهما عند‬
‫الغضب ‪ ،‬مستسهلين األمر غير مباليين بأمر الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم بعدم الدعاء على األوالد ‪ ،‬وتأثير ذلك النفسي على‬
‫مستقبلهم‪ ،‬ال سيما إذا استجيب الدعاء ‪.‬‬

‫عن جابر بن عبدهللا ــ رضي هللا عنه ــ قال ‪:‬قال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ((ال تدعوا على أنفسكم ‪ ،‬وال تدعوا على أوالدكم‬
‫وال تدعوا على أموالكم ‪ ،‬ال توافقوا من هللا ساعة فيها عطاء‬
‫فيستجيب لكم )) رواه مسلم ‪.‬‬

‫وهذا الحديث الشريف يبين لنا أن هناك أوقات شريفة يستجاب‬


‫فيها الدعاء ‪ ،‬فنهينا عن الدعاء على أنفسنا وعلى أوالدنا‬
‫وأموالنا ‪ ،‬لئال يوافق دعاؤنا ساعة إجابة ‪ ،‬فيستجاب للدعاء‬
‫فيصيب الضر أوالدنا بذلك ‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫فإذا صادفت الدعوة ساعة إجابة فتقبلها هللا‪ ،‬ومرت األيام فأصيب‬
‫الولد بنفسه أو بأوالده أو بماله‪ ،‬بأي مصيبة قدرها هللا عليه‪،‬‬
‫وكان سببها دعوة األم أو األب‪ ،‬كم حجم الجناية التي جنى‬
‫الوالدين بها على ولدهما‪.‬‬
‫إن من الطبيعي أن يخطئ األوالد وتصدر منهم تصرفات تثير‬
‫غضب واستفزاز الوالدين ولكن ال يجب أن تكون ردة فعلهم‬
‫بالدعاء عليهم بهذا األسلوب القاسي والذي يعتبر من أسهل‬
‫وأسرع األساليب عند الوالدين للتنفيس عن غضبهما مع أن هناك‬
‫وسائل عقابية عديدة فالبد للوالدين ان يستوعبا بأن هناك الكثير‬
‫من األوالد ممن تأثرت حياتهم بشكل سلبي بسبب دعاء والديهم‬
‫عليهم في كل األوقات وعند أدني األخطاء‪.‬‬

‫تقول إحدى األمهات عن قريبتها أنها كانت لديها طفلة بمنتهى‬


‫الشقاوة وكانت دائما ما تدعي عليها قائلة "حريقه تأخذك "وحين‬
‫نحذرها من هذا األسلوب في التوبيخ تعلل ذلك بأن لسانها تعود‬
‫على تلك الكلمات وقد شاء هللا أن تموت ابنتها في حريق اندلع‬
‫في منزلها فكان حينها درسا ً قاسيا ً على األم ولكن ماذا يفيد الندم‬
‫بعد خسارة ابنتها‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫ولو علم األب أو األم أن سبب تلك المصيبة هي الدعوة التي‬
‫دعاها أحدهما على الولد‪ ،‬كم ستكون الحسرة واأللم في‬
‫نفوسهما(الرحيمة) ‪.‬‬

‫إن تربية األوالد تحتاج إلى صبر وترو وضبط للنفس بحيث ال‬
‫يصدر إال السلوك الذي يتناسب مع الموقف ‪ ،‬والتعوذ باهلل من‬
‫الشيطان الرجيم و االمساك عن الكالم حين الغضب ثم الدعاء‬
‫لألوالد بالهداية خير من الدعاء عليهم ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫عندما يفشل الوالدان في االستجابة بشكل جيد الحتياجات طفلهم‬
‫العاطفية ‪ ،‬و عندما يكون الوالدان غير متواجدين نفسيا مع الطفل‬
‫‪ ،‬يحدث اإلهمال الوالدي أو اإلهمال العاطفي ‪ ،‬واإلهمال الوالدي‬
‫يتميز بسهولة مالحظته من األشخاص القريبين من الطفل ‪ ،‬على‬
‫نفسيته ومالبسه ونظافته وتعامله مع اآلخرين ‪.‬‬
‫إن اإلهمال الوالدي ليس شرطا أن يكون إساءة عاطفية للطفل ‪،‬‬
‫فاإلساءة غالبًا ما تكون مقصودة على شكل تصرف يهدف إلى‬
‫ً‬
‫تجاهال‬ ‫إيذاء الطفل‪ ،‬في حين أن اإلهمال الوالدي يمكن أن يكون‬
‫فشال في مالحظة هذه المشاعر أو‬ ‫ً‬ ‫مقصودًا لمشاعر الطفل أو‬
‫التعامل مع الحاجات العاطفية له‪ ،‬ومثاله‪ :‬عندما يخبر الطفل‬
‫والديه بأنه حزين بشأن تعامل ابن الجيران معه ‪ ،‬والوالدان يرون‬
‫أن هذه مسألة ال يجوز الوقوف عليها ‪ ،‬والتهرب من االستماع‬
‫لها ‪ ،‬والبعد عن تقديم المساعدة للطفل من أجل التغلب عليها ‪،‬‬
‫يبدأ الطفل هنا بالشعور بأنه مهمل وأموره ليست مهمة ‪ ،‬فيتوقف‬
‫عن طلب المساعدة من والديه ‪.‬‬
‫واإلهمال الوالدي له أنواع منها ‪:‬‬
‫‪-‬اإلهمال التربوي ‪ ،‬ويقصد به إهمال سلوكيات الطفل التربوية‬
‫وعدم عالجها إن كانت سلبية أو عدم تعزيزها إن كانت إيجابية ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫ومثاله ‪ :‬أن يتغيب الطفل عن المدرسة ‪ ،‬مما يسبب له تكاسال أو‬
‫حرمانا في دراسته ‪ ،‬مما ينتج تخلفا للطفل في دراسته أو عقله‬
‫أو سلوكه ‪ ،‬أو يكون الطفل محافظا على األذكار أو الصالة فال‬
‫يجد تعزيزا من الوالدين ‪ ،‬مما يشعره أن هذا السلوك غير‬
‫مرغوب منه فيتركه ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلهمال الجسدي ‪ ،‬ويقصد به إهمال نظافته ومالبسه وألعابه‬
‫وصحته ‪ ،‬أو مراقبته في الدخول والخروج ‪ ،‬مما يسبب للطفل‬
‫سوء التغذية واإلصابة بأمراض خطيرة واإلصابات البدنية البالغة‬
‫كالجروح والكسور والحروق الناجمة عن عدم مراقبة الطفل‬
‫واالعتناء به ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلهمال العاطفي ‪ ،‬ويقصد به عدم مراعاة نفسية الطفل عند‬
‫حدوث مشكلة أمامه ‪ ،‬مثل أن يضرب الزوج زوجته أمام الطفل ‪،‬‬
‫أو تحقيره واالستهزاء به أمام اآلخرين ‪ ،‬أو التلفظ عليه بأقبح‬
‫الكلمات وحرمانه من القبلة واللمسة والضمة الحانية ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫يقول سليم ‪ :‬منذ طفولتي وانا مهمل من قبل والدي ‪ ،‬هو يسكن‬
‫معنا لكني ال أشعر بوجوده ‪ ،‬أنا أحبه وأحترمه ‪ ،‬لكنه دائم‬
‫العصبية وكان يضرب أمي أمامي ويسبها ويطردها من البيت ‪،‬‬
‫حتى قررت أن تتركه وتنام في غرفة منعزلة عنه ‪ ،‬حتى اصبح‬
‫الحوار بينهما رسميا عن الطعام والشراب فقط ‪ ،‬هو ال يشعر‬
‫بوجودنا ‪ ،‬ويقصر في النفقة علينا ‪ ،‬ال نسمع منه إال الصراخ‬
‫والعتاب واالنتقاد ‪ ،‬ماذا افعل ؟‬
‫ولإلهمال على األطفال أعراض منها ما يكون بسيطا ومنها ما‬
‫يكون شديدا ‪ ،‬فاألعراض تبدأ بالظهور ثم مع الزمن تكبر وتتأزم‬
‫في نفسية األطفال ومنها ‪ :‬االكتئاب ‪ ،‬القلق ‪ ،‬الالمباالة ‪ ،‬الحزن ‪،‬‬
‫العدوانية ‪ ،‬العناد ‪ ،‬التبول الغير إرادي ‪ ،‬السهر ‪ ،‬الصحبة السيئة‬
‫‪ ،‬فقد الثقة بالنفس واآلخرين ‪ ،‬تجنب العالقات العاطفية ‪ ،‬التدخين‬
‫والمخدرات ‪ ،‬اإلرهاب الفكري ‪.‬‬
‫وهنا أنصح اآلباء واألمهات في التعامل مع األطفال بالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬االبتعاد عن المشاكل األسرية أمام األطفال ‪ ،‬ومحاولة عالج‬
‫المشكلة بعيدا عنهم ‪.‬‬
‫‪ -‬بناء القيم واألخالق واآلداب اإلسالمية ‪ ،‬وأن نكون قدوة‬
‫صالحة لهم ‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -‬إشباعهم عاطفيا بالكلمة الطيبة والقبلة الحانية واللمسة‬
‫الجميلة ‪.‬‬
‫‪ -‬استشارة المتخصصين في عالج بعض الظواهر السلبية التي‬
‫يصعب على الوالدين عالجها ‪.‬‬
‫‪ -‬تعليم الصغار على كيفية التعرف على مشاعرهم ثم قبولها‬
‫والتعبير عنها بطريقة أفضل ‪.‬‬
‫‪ -‬تعليمهم مهارة حل المشكالت وطريقة التعامل مع اآلخرين ‪.‬‬
‫‪ -‬التعامل مع أخطاء الصغار بهدوء ‪ ،‬مع تجنب الصراخ‬
‫واالستهزاء والنقد والحرمان والضرب فكلها من مدمرات‬
‫شخصية األطفال ‪.‬‬
‫‪ -‬الحوار الهادئ والجلوس معهم وسماع شكواهم خاصة عند‬
‫رؤية بعض الظواهر السلبية عليهم ‪.‬‬
‫‪ -‬تعويدهم على إشغال أوقاتهم بما ينفعهم ‪ ،‬ويطور من مهاراتهم‬
‫وقدراتهم وعالقاتهم مع اآلخرين ‪.‬‬
‫‪ -‬تخصيص وقت كاف من الوالدين لرعاية الطفل ومنحه الرعاية‬
‫الجسدية والعاطفية والصحية ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫إن تربية الطفل تتطلب الكثير من المهارة والحكمة والوعي‬ ‫َّ‬
‫والصبر‪ ،‬ليشب سويا ً طبيعياً‪ ،‬يتمتع بالصحة والسعادة والنجاح ‪،‬‬
‫وبعيدا ً عن اآلفات والعيوب ‪ ،‬فإذا كانت الحماية الزائدة والدالل‬
‫يؤثران سلبا ً في تصرفات الطفل الحقاً‪ ،‬فأن القمع والتهديد‬
‫والوعيد وعدم إعطائه الفرصة في التعبير عن تصرفاته بحرية‬
‫وطالقة‪ ،‬ينعكس سلبا ً عليه كذلك ‪.‬‬
‫يعتقد كثير من اآلباء واألمهات أن أسلوب التهديد والوعيد‬
‫والعقاب من شأنه أن يؤثر في األبناء والبنات‪ ،‬ويسهم في تقويم‬
‫سلوكهم ‪ ،‬حتى أصبح أسلوب العقاب بحرمان الطفل من شيء‬
‫يحبه‪ ،‬بات نهجا ً يتبعه كثير من األهالي مع أوالدهم ‪ ،‬كطريقة‬
‫لتربيتهم أو عقابهم ‪ ،‬فتجد مثال ‪ :‬الطفل يبلغ من العمر ‪ 7‬سنوات‬
‫ينظر من نافذة البيت إلى أصدقائه وهم يلعبون ويمرحون ‪ ،‬وهو‬
‫يتأملهم بحسرة وألم ‪ ،‬ال يستطيع مشاركتهم ألنه محروم ومعاقب‬
‫ومهدد ‪،‬إن خرج من البيت فسوف ينال جزاءه من الضرب ‪،‬‬
‫منظر أليم وحزين يقطع قلب الطفل وقلب والديه ‪.‬‬
‫تقول أم سليم ‪ :‬أعرف أن أكثر شيء يحبه طفلي هو اللعب مع‬
‫أقرانه ‪ ،‬لذا كلما أخفق أو تكاسل في تنفيذ أوامري عاقبته أو‬
‫هددته بحرمانه من اللعب معهم ‪ ،‬تقول ‪ :‬أكثر شيء كان يؤلمني‬
‫هي توسالته لي باللعب معهم ‪ ،‬وحزنه وألمه وبكائه ‪ ،‬إال أنني‬
‫‪45‬‬
‫كنت مصرة على منعه من الذهاب إلى اللعب معهم‪ ،‬حتى أعدل‬
‫سلوكه‪ ،‬فال يوجد حل آخر أمامي ‪.‬‬
‫ويقول أبو خالد ‪ :‬اتبعت كل األساليب مع ابني البالغ من العمر‬
‫‪ 10‬أعوام‪ ،‬لعقابه على األخطاء التي يقوم بها‪ ،‬ومنعه من فعلها‬
‫مرة ثانية‪ ،‬لكني لألسف لم أجد أي تجاوب منه سوى من خالل‬
‫األسلوب األخير الذي توصلت إليه‪ ،‬وهو منعه من أكثر شيء‬
‫يحبه‪ ،‬وهو جهاز "اآليباد"‪.‬‬
‫أيها اآلباء وايتها األمهات ‪ ،‬إن تهديد الطفل ووعيده بالعقاب‬
‫والحرمان له آثار سلبية عليه ومنها ‪:‬‬
‫‪ -‬الشعور بالقلق والخوف وعدم األمان مع أسرته ‪ ،‬وقلة الثقة‬
‫بنفسه ‪.‬‬
‫‪ -‬العناد الزائد والمتكرر ‪ ،‬وهذا ليس بسبب الطلب الذي طلبته‬
‫األسرة منه ‪ ،‬وإنما بسبب التهديد والوعيد ‪ ،‬مما يزيد في توتر‬
‫العالقة وزيادة المشاكل ‪.‬‬
‫‪ -‬تجاهل الطفل ألوامر والديه ‪ ،‬وهو نوع من التحدي لهم كونهم‬
‫يمارسون أسلوب التهديد معه ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وللتعامل مع مشاكل الصغار وعنادهم ‪ ،‬بعيدا عن التهديد والوعيد‬
‫أنصح اآلباء بالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم االستعجال في العقوبة والتهديد حتى تتأكد من المشكلة ‪،‬‬
‫ولماذا يرفض الطفل تنفيذ األوامر ؟‪.‬‬
‫‪ -‬االبتعاد عن أسلوب األوامر والتهديد ‪ ،‬ألنها رسالة توحي للطفل‬
‫بانتقاص كرامته وأنه ال قيمة له ‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون العقوبة تتناسب مع السلوك الخاطئ ‪ ،‬فما عالقة‬
‫رفض ذهاب الولد إلى بيت جده بحرمانه من الهاتف الخلوي‬
‫مثالً؟! ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال تكون المدة الزمنية للعقوبة والتهديد طويلة جدا ‪ ،‬حتى ال‬
‫يتأقلم معها وتصبح عادية وال تأثر في نفسيته ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون الحرمان والعقوبة يهدم خلق حسن وقيمة تربوية ‪،‬‬
‫مثل تهديده بمنعه من الذهاب إلى المسجد او الذهاب لبيت جدته‬
‫أو الذهاب للمدرسة ‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون التهديد والعقاب قاسي جدا ‪ ،‬كضربه بالسياط أو‬
‫حرمانه من األكل أو منعه من الذهاب للحمام ‪ ،‬أو التعامل مع‬
‫الخطأ الكبير باستهانة‪.‬‬
‫‪ -‬الهدف من التهديد والعقاب هو تغيير السلوك ‪ ،‬فإذا لم يتغير ‪،‬‬
‫‪47‬‬
‫علينا تغيير العقوبة بأسلوب آخر ‪.‬‬
‫‪ -‬تعليم الطفل النظام في البيت منذ صغره ‪ ،‬وأن يكون الوالدان هم‬
‫أول من يطبق ذلك ‪ ،‬مثل الصالة في وقتها ‪ ،‬وعدم السهر ‪ ،‬وآلية‬
‫استخدام األجهزة االلكترونية وغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬احترام رغبة الولد ‪ ،‬ومعرفة سبب رأيه ‪ ،‬فقد يكون رأيه أفضل‬
‫من رأي والديه ‪.‬‬
‫‪ -‬من المهم أن يتعلم الطفل من أخطائه ‪ ،‬فنترك له حرية القرار‬
‫حتى يتعلم ‪ ،‬لكن دون أن يكون قراره في مضرة عليه أو على‬
‫غيره ‪.‬‬
‫‪ -‬االتفاق معه مسبقا على العقوبة لو أخفق في تنفيذ مسؤولياته ‪،‬‬
‫حتى يتحمل قراراته‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التهديد بأشياء ال ننوي على فعلها‪.‬‬
‫إن أسلوب التهديد والوعيد ثبت فشله في تربية األطفال ‪ ،‬فهو‬
‫أسلوب يؤدي إلى نتائج عكسية تضر بالطفل واألسرة والمجتمع ‪،‬‬
‫وبالتالي من األفضل استبداله بأسلوب الشرح والتفسير‪ ،‬وتعريف‬
‫الطفل على السلبيات التي ممكن أن تنتج عن قيامه أو عدم قيامه‬
‫بأمر معين‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫قال ابن القيم رحمه هللا‪" :‬وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا واآلخرة‬
‫بإهماله‪ ،‬وترك تأديبه‪ ،‬وإعانته على شهواته‪ ،‬وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد‬
‫أهانه‪ ،‬ويرحمه وقد ظلمه‪ ،‬ففاته انتفاعه بولده وفوت على ولده حظه في الدنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬ثم قال رحمه هللا‪ :‬وإذا اعتبرت الفساد في األوالد رأيت عامته من قبل‬
‫اآلباء "‪.‬تحفة المودود بأحكام المولود(‪. )1/242‬‬
‫اجنَا َوذُ ِريَّاتِنَا قُ َّرةَ أَعيُن‬
‫ون َربَّنَا َهب لَنَا ِمن أَز َو ِ‬
‫ِين يَقُولُ َ‬
‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬والَّذ َ‬
‫َواجعَلنَا ِلل ُمت َّ ِق َ‬
‫ين إِ َماما ً ﴾ الفرقان‪.74 :‬‬

‫وقد قسمت هذه الرسالة إلى الموضوعات التالية ‪:‬‬


‫مقدمة‬
‫المدمر األول ‪ :‬الصراخ‬
‫المدمر الثاني ‪ :‬النقد السلبي‬
‫المدمر الثالث ‪ :‬الضرب‬
‫المدمر الرابع ‪ :‬المشكالت األسرية‬
‫المدمر الخامس ‪ :‬الحماية الزائدة‬
‫المدمر السادس ‪ :‬الكلمات البذيئة‬
‫المدمر السابع ‪ :‬االستهزاء‬
‫المدمر الثامن ‪ :‬المقارنة مع أقرانه‬
‫المدمر التاسع ‪ :‬الحب المشروط‬
‫المدمر العاشر ‪ :‬الدعاء عليه‬
‫المدمر الحادي عشر ‪ :‬اإلهمال الوالدي ‪.‬‬
‫المدمر الثاني عشر ‪ :‬التهديد والوعيد ‪.‬‬
‫الختام‬
‫‪49‬‬
‫وأخيرا أسأل هللا أن يصلح لنا ولكم الذرية ويجعلهم قرة عين لنا ولكم ‪ ...‬وصلى‬
‫هللا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫أخوكم‬
‫عدنان بن سلمان الدريويش‬
‫المستشار األسري بجمعية التنمية األسرية باألحساء‬
‫المستشار التربوي بمركز الطمانينة لإلرشاد األسري بالمنطقة الشرقية‬
‫يسعدني استقبال اقتراحاتكم على البريد االلكتروني‬
‫‪adnan6543@gmail.com‬‬

‫ولالطالع على مقاالت وكتب المؤلف األسرية والتربوية‬

‫‪50‬‬
‫عدنان سلمان الدريويش‬ ‫مدمرات‬
‫والطفل يف حال صغره يكون قلبه كالعود الرطب‪ ,‬توجهه حيثما‬
‫أردت ‪ ,‬فإذا كرب سنه جف هذا العود وبقي على ما وجهته عليه ‪,‬‬
‫فالصغري يتأثر أبي كالم يَصدر إليه ‪ ,‬سواء كالم عاطفي ‪ ,‬أو‬
‫كالم جارح ‪ ,‬أو غري ذلك ‪ ,‬وتظهر أاثر تصرفاته حبسب بيئته‬
‫هادئ أو لديه بعض‬‫ً‬ ‫اليت يعيش فيها ‪ ,‬فإذا رأيت الطفل‬
‫التصرفات اجلميلة فالغالب أنه قد اكتسبها ممن حوله من أبيه‬
‫وأمه وأخوته وأقاربه ‪.‬‬

‫‪51‬‬

You might also like