Professional Documents
Culture Documents
- 1 (كتاب) مدمرات شخصية الطفل
- 1 (كتاب) مدمرات شخصية الطفل
مدمرات
شخصية الطفل
تست
2
الحمد هلل وحده ،والصالة والسالم على من ال نبي بعده ،أما
بعد :
رسالة إلى من أخذ على عاتقه تربية األجيال ،وصناعة الرجال
،وصياغة العقول ،وصيانة السلوك ،وتحقيق أهداف كل العلوم؛
قادرا على حسن المسيرة في هذه الحياة حتى يكون ذلك اإلنسان ً
وفق أهدافه النبيلة وغاياته السامية ،صالحا ً في نفسه وجسده
وعالقاته .
أبعث لك رسالتي هذه ،وإن كنت قد جعلت أمثلتي على الوالدين
( األب واألم ) إال أنها رسالة لكل ذكر وأنثى سواء كان ( مربيا ً
،معلما ،داعية ،قائدا ً ،إمام مسجد ) ..... ،فإليكم جميعا أقول
عن ..كما قال صلى هللا عليه وسلمُ " :كلُّكُم َراع َو ُكلُّكُم َمسؤول َ
الر ُج ُل َراع ِفي أَه ِل ِه
اإل َما ُم َراع َو َمسؤول عَن َر ِعيَّ ِت ِهَ ،و َّ َر ِعيَّ ِت ِهِ ،
ت َزو ِج َها َو ُه َو َمسؤول عَن َر ِعيَّتِ ِهَ ،وال َمرأَةُ َرا ِعيَة فِي بَي ِ
س ِي ِد ِه َو َمسؤُول عَنَو َمسؤُولَة عَن َر ِعيَّتِ َهاَ ،وال َخا ِد ُم َراع فِي َما ِل َ
َر ِعيَّتِ ِه" رواه البخاري ومسلم .
ي أمانة عند وقال اإلمام الغزالي -رحمه هللا تعالى ( :-الصب ُّ
والديه ،وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش
وصورة ،وهو قابل لكل نقش ،ومائل إلى كل ما يُما ُل إليه ،فإن
س ِع َد في الدنيا واآلخرة أبواه ،وإن ع ُِود الخير نشأ عليه ،و َ َ ع ُِود
ي و َهلَ َك ،وكان الوزر في رقبة الشر وأًه ِم َل إهمال البهائمَ ،
ش ِق َ
3
القيم عليه . ِ
وكما أن البدن في االبتداء ال يخلق كامالً ،وإنما يكمل ويقوى
بالغذاء ،فكذلك النفس تخلق ناقصة قابلة للكمال ،وإنما تكمل
بالتربية ،وتهذيب األخالق ،والتغذية بالعلم) .إحياء علوم الدين
( . )3/72
تعتبر البيئة من أهم األسباب التي تمهد للطفل سبيل الحياة الذي
يسلكه ،فإما سليما ً صالحا ً وإما معوجا ً شاذا ً ،ولها أثرا واضحا
في تكوين نفسيته ،فإن كانت هذه التربية سليمة قويمة ،فإن
الطفل ينشأ ونفسه قوية ،بعيدة كل البعد عن التعرض لإلصابة
بالمرض النفسي .
مثل هذه البيئة تيسر مقومات النمو السوي ،وتقلل من عوامل
التأزم واالضطراب النفسي.
والطفل في حال صغره يكون قلبه كالعود الرطب ،توجهه حيثما
أردت ،فإذا كبر سنه جف هذا العود وبقي على ما وجهتهُ عليه
،فالصغير يتأثر بأي كالم يَصدر إليه ،سواء كالم عاطفي ،أو
كالم جارح ،أو غير ذلك ،وتظهر أثار تصرفاته بحسب بيئته
التي يعيش فيها ،فإذا رأيت الطفل هادئ ًا أو لديه بعض
التصرفات الجميلة فالغالب أنه قد اكتسبها ممن حوله من أبيه
وأمه وأخوته وأقاربه .
وينشئ ناشئ الفتيان فينا . . . .على ما قد كان عوده أبوه
4
وإن رأيت الطفل لديه بعض التصرفات الخاطئة والغريبة ،فهذا
أمر طبيعي فما حصل هذا إال بسبب ما يواجهه من أخطاء في
التربية السلوكية أو عقد نفسية يعاني منها ،وهذه العقد
النفسية إن تمكنت من نفس الطفل أو الصبي فإن عالجها صعب
جدا ً ،وهذه العقد من أكبر عوامل حصولها هي ،الصراخ ،
واالستهزاء ،ونقد الذات .
لذا بعض األطفال حينما يعاني من هذه األمور تتغير أطباعهم
وأخالقهم وسجاياهم ،فتظهر فيهم ،الشكاسة ،والشراسة ،
والشناءة ،أو غير ذلك ..فيكون الطفل انطوائي على نفسه ،
مصاب بالرهاب االجتماعي وتهتز ثقته ،ويتدنى مستوى
تحصيله الدراسي وغيرها من اآلثار .
ومدمرات شخصية الطفل ،أقصد بها كل سلوك سلبي يقوم به
المربي اتجاه الطفل فتكون سببا في تعثره نفسيا واجتماعيا
وتربويا .
وهي كثيرة منها :اإلهمال والصراخ والنقد واالستهزاء
والكلمات البذيئة والحرمان والتهديد والحماية الزائدة ....
وغيرها لكني في هذه الرسالة سأتحدث على أقوى المدمرات -
في نظري -لها أثر كبير على شخصية الطفل ومنها تتفرع بقية
المدمرات ،وهللا أسأل أن ينفع بها كل مربي ،وأن يصلح
أوالدنا ويجعلهم قرة عين لنا .
5
المحضن األول للطفل ،ومنها يتعلم القي َم واألخالق،
ِ األسرةُ هي
وفيها تتشكل شخصيتُه حسب األساليب التربوية التي يستخدمها
الوالدان ،سواء كانت إيجابية أو سلبية.
ومن األساليب التي يستخدمها األبوان في تربية األطفال:
أسلوب الصراخ ،والصراخ هو أح ُد األساليب التي يستسهلها
يكف الطفل عن َّ الوالدان كونها تأتي بنتائج فورية ،من أجل أن
فور سماعه صراخ والديه. تصرف ما َ
أن الطفل قد يهدأ بسرعة بعد الصراخ عليه ،فإن ذلك وبالرغم من َّ
يؤدي إلى شعوره بالحزن ،وقد تستمر تلك المشاعر السلبيَّة فترة
قصيرة أو طويلة ،فعند كل خطأ يرتكبه األطفال مقصودًا أو غير
مقصود ،وحتى عندما يملؤون البيت بلع ِبهم ولَهوهم ،تضيق
صدور بعض األمهات واآلباء عن تح ُّمله ،فيكفُّونهم عن اللعب
بالصراخ.
والسؤال هنا:
هل الصراخ يعد طريقة سليمة للتواصل مع األطفال؟ وهل
مرت تجارب
الصراخ عالج فعال لكثير من مشكالت األطفال؟ وهل َّ
علينا تؤكد نجاح هذا األسلوب؟
6
رغم اعتقاد معظم اآلباء أن الصراخ على الطفل يُساعد على حل
المشكالت في الوقت الحالي ،ويمنعه من التصرف بسوء في
المستقبل ،فإن هذا االعتقاد ال أساس له من الصحة؛ فالكثير من
اآلباء واألمهات ال ينتبهون إلى أن صراخهم في وجه أطفالهم قد
تأثيرا سلبيًّا في نفسية الطفل.
ً يعطي
إن الصراخ على األطفال ينتج سلوكيات سلبية في نواح كثيرة
منها :
-هدم الثقة بالنفس ،فالطفل الذي يصرخ عليه والداه باستمرار
غالبا ً ما يشعر بعدم قيمته كفرد ،وسيؤدي إلى انطوائه وعدم
مشاركته مع من حوله.
-الخوف ،وغالبا ً ما يؤدي الصراخ إلى شعور الطفل بالخوف
ومن ثم يتراكم هذا اإلحساس ليؤدي إلى شخصية متوترة وخائفة
،ليس لديها القدرة على حل مشاكلها.
-العدوانية ،فاألطفال الذين يتعرضون إلى التعنيف والصراخ من
قبل ذويهم باستمرار غالبا ً ما تتسم شخصياتهم بالعدوانية خاصة
عندما يصل عمر الطفل إلى أربع أو خمس سنوات.
-عدم القدرة على التركيز ،وهي من المشاكل التي يعاني منها
الطفل بسبب الصراخ واإلساءة العاطفية التي يتعرض لها.
7
-إن استخدام العنف اللفظي والصراخ على الطفل بدالً من محاكاته
بالمنطق قد يسبب في زيادة أخطائه وتكرارها دون أن يتعلم منها.
9
تقول مها " :أشعر بإحباط كبير عندما أسمع هذه العبارة من
والدتي (أنت ال تتعلمي من أخطائك) ،ألنني أشعر وكأنها حكمت
علي بأنني إنسانة مفقود األمل فيها ،وبالرغم من أنها محقة في
أنني أكرر بعض أخطائي ،ولكنني ال أتعمد ذلك ،وأحاول تفادي
الوقوع في نفس الخطأ " .
ويقول محمد" :أحيانا ً يحرجني والدي بنقده لي أمام أقربائي،
أتمنى بعدها أن أختفي من المكان ،وأقول لنفسي إن الجميع
يضحك علي ،ويعتقد أنني ابن سيئ الطباع ،وعندما أعبر لوالدي
في وقت الحق عن مشاعري وأفكاري عندما ينتقدني أمام
اآلخرين ،يقول لي إنني من اضطره لذلك " .
أيها اآلباء إن النقد السلبي هو اإلشارة والتعبير عن أمر ما بأنه
خاطئ ومرفوض بتوجيه الناقد تركيزه وإصبعه على النقاط
السلبية التي قام بها الشخص ،مع إخباره بما كان يجب عليه
فعله.
ويعتبر النقد السلبي هو النقد من أجل االنتقاد فقط وليس من أجل
التصحيح ،وقد يصحبه الشعور بالهجوم ،باإلضافة إلى تجاهل
إيجابيات الطفل والتركيز فقط على االنتقاد وعدم التحكم بمشاعر
الوالدين تجاهه ،ألن هذا النوع من النقد يعتمد في الغالب على
العاطفة أكثر من العقل والمنطق.
10
يقول رحمة " :إن السخرية من الطفل على كل عمل يقوم به
تولد لديه روح التذمر والتمرد ،ويثير لديه الخوف ويقيد تصرفاته
مما يترتب عليه كبت حرية الطفل وإشعاره بالحرمان فيصاب
بالتردد والجبن "( .أثر معاملة الوالدين في تكوين الشخصية ،دارالحياة ،
دمشق -1986.ص. )247
إذا سألت األب قال :قصدي في ذلك الصالح وأن يكون أحسن من
غيره ،ومشكلة الوالدين أنهما ال يريان إال القبيح السيئ ،وإن
كان التصرف النابع من الولد حسناً ،فالسيئات مرئية عندهم
والحسنات دفينة .
تجد الطفل ينزل إلى الصالة وهو ينتظر من ينتقده ،هذا يقول
( سروالك طويل ،شعرك غير ممشط ،بدلتك لونها سيئ ... ،
وهكذا ) ،حتى يدرب الطفل نفسه على تحمل النقد .
أحد الشباب درجته النهائية بين ، % 55 – 50لما جد واجتهد
وصل إلى ، % 60حضر إلى البيت وهو مستبشر ألنه تغير ،
فيجد من والديه النقد " ،لو فيك خير لوصلت إلى ، %90فقط
( 5درجات ) هذا الذي قدرت عليه " ...،وهكذا .
لألسف يتسابق الوالدان في معرفة النقص ،والتركيز على
السلبيات دون النظر إلى كثرة اإليجابيات التي في الطفل ،
11
فيهدمان بقية أركانه الصالحة .
إن االنتقادات السلبية لها آثار سلبية على األوالد كبارا وصغارا ،
ذكورا وإناثا ،فهي تعمل على أن تفقدهم الثقة في النفس
وتجعلهم أشخاصا فاشلين ،بل وتكون دافعا ألن يقوم الولد
بالعناد والتحلي بالصفات السيئة .
عندما توجه انتقادًا للطفل فأنت بذلك قد توجه له رسالة يترجمها
الطفل بأنك ال تحبه ،وهذا الشعور قد يتطور شيئ ًا فشيئ ًا ويزيد
إحساسه بعدم قيمته عندك .
كثرة انتقاد الطفل أمام اآلخرين تشعره بالخجل من نفسه ،ومع
الوقت واتخاذ نفس أسلوب النقد السلبي للطفل يشعر وكأن هناك
مشكلة شخصية معه مما قد يجبره على االنسحاب االجتماعي ،
والخوف من التعبير عن عواطفه .
وهنا ينصح علماء تغيير السلوك الوالدين عند توجيه سلوك
األوالد بالتالي :
-قم بانتقاد السلوك وليس الشخص ،فإذا رأيت غرفة الطفل غير
مرتبة ،ال تقل له :أنت شخص فوضوي ،ولكن قل :غرفتك غير
منظمة ،هل يمكنك ترتيبها؟ وهكذا في كل موقف عليك أن تفصل
الشخص عن السلوك.
12
-اقترح حلوالً وأفكار ،إذا كان طفلك يعاني مشكلة في مادة
مثال؛ ً
فبدال من أن تقول له :ال فائدة منك ،أنت ضعيف الرياضيات ً
في هذه المادة ،يمكنك القول :أعتقد أن دروس الرياضيات
اإلضافية يمكن أن تساعدك.
-تقدير إيجابيات طفلك ،من المهم جدأ التركيز على إيجابيات
طفلك واألمور الجيدة التي يقوم بها فمثالً إذا أنهى طفلك واجبه
ً
فبدال من قول: المدرسي ولكن خط يده كان بحاجة إلى التحسين،
خط يدك ليس جيدًا ،يمكنك القول :إنني معجب حقًا بأنك أنهيت
مهامك المدرسية ،ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى العمل بشكل أكبر
على خطك.
أيها اآلباء ...ال بد من توجيه النقد اإليجابي لألوالد ،بهدف
تصحيح أخطائهم وممارساتهم السلبية ،والمقصود بالنقد اإليجابي
توضيح السبب الذي وجه من أجله النقد ،وأن يكون ذلك بأسلوب
لطيف ،بعيدا ً عن التصعيد والتجريح لذات الولد ،فالنقد للسلوك
وليس للشخصية ،وكذلك يجب توضيح السلوك البديل المرغوب
فيه ،مع فتح الباب للنقاش والتحاور مع االبن حول تبعيات
السلوك غير المقبول .
13
أغلب األطفال الصغار يمتازون بالشقاوة وكثرة الحركة وذلك لما
يتمتعون به من طاقة وحيوية ،فهم يقيمون الدنيا وال يقعدونها ،
ال يستقر لهم على حال ،دائمو الحركة والتخريب ،الصغار
يتجنبونهم ،والكبار يؤنبونهم.
تقول أم حازم " :ابني عمره 8سنوات وهو كثير الشغب في
البيت وكل مكان ،وكثير األخطاء ،وأنا أفقد أعصابي فأضربه
بشكل مبرح ،ثم أندم وأجلس أبكي ،والمشكلة أنه يكرر األخطاء
وال يؤثر به الضرب ،بل أنه يضرب زمالءه في المدرسة وتأتيني
منه شكايات كثيرة ،فهل أنا مخطئة بضربه ،وماذا أفعل مع
أخطائه ،كيف أعاقبه إذا ؟ " .
إن الضرب سواء كان مبرحا أو غير مبرح هو إهانة للطفل،
خاصة أن هناك ضرب يكون معه صراخ وعصبية ورعب ،
فيكون هذا الضرب نوع من أنواع العنف على الطفل ،بل ويعتبر
إهانة كبيرة ،وأقرب إلى الوحشية من التأديب .
والذي يؤلم في الضرب ليس األلم الجسدي والصراخ فقط بل األلم
النفسي والشعور بالكراهية والدونية والشعور بعدم الثقة بالنفس
والشعور بالقهر وعدم األمان.
14
إن ضرب الطفل ليس بالحل المثالي الذي يجب اللجوء إليه ،ألنه
نتائجه سلبية مع المدى الطويل ،فمن اآلثار السلبية لضرب
األطفال :
-تنمية سلوك العدوانية ،فالطفل يصل إلى قناعة أن الضرب هو
وسيلة للتنفيس عن الضغوطات والعصبية ،وأن األقوى يضرب
األضعف والكبير يضرب الصغير.
-الضرب قد يكون سببا ً بفقدان الطفل لثقته بنفسه أو حتى فقدانه
الثقة باألمان من الوالدين.
-العدوان الجسدي على األطفال يسبب لهم اآلالم ،وفي بعض
األحيان يؤثر على تحصيلهم العلمي.
-الضرب عامل أساسي من عوامل المشاكل النفسية لدى
األطفال ،وقد يوصل الضرب الطفل إلى المرحلة االنطوائية.
تقول أم مريم " :أنا أم لثالثة أطفال ،بنت 12سنة ،وولدان
أحدهما 8سنوات ،واآلخر عام ونصف ،مشكلتي مع ابنتي
الكبرى ،أنني أقوم بضربها ضربًا مبر ًحا عنيفًا عندما تعاندني أو
تتطاول معي في الحديث ،وبعدها أندم أشد الندم على أنني فقدت
أعصابي معها ،وأظل أبكي طوال األيام التالية ،وأعتذر لها.
15
أشعر أنني أكرر معها ما كانت تفعله أمي بي ،رغم أنني تعهدت
وأقسمت على نفسي أال أكرر ذلك مع أبنائي ،ومع ذلك أجد نفسي
أفعله ،والغريب أنني ال أفعل ذلك إال مع ابنتي ،فلم يحدث يو ًما
أني ضربت ابني األوسط بهذه القسوة.
أشعر أنني مريضة نفسيًا ،وأنتقم من ابنتي لما كان يحدث بي
دون وعي ،ورغم أنني ألتمس العذر ألمي ،ألنها كانت مطلقة
وتحمل مسؤولية البيت واألوالد بمفردها ،وأنا ظروفي ميسرة،
ومع ذلك أعامل ابنتي بنفس أسلوبها معي" .
أخي األب وأختي األم ،حتى نتغلب على صفة الضرب ،أنصح
أولياء األمور بما يلي :
-تدريب النفس تدريجيًّا على ترك الضرب ،فاألساليب التربوية
مكتسبة من خالل الممارسة ،وليس هنالك شيء ثابت غير متغير.
-الحرص على ُحسن القول والمعاملة ،واللجوء للحوار الذي
يغرس القناعات عوضًا عن الضرب الذي ال يولد إال السخط
والمزيد من العناد.
16
-الحرص على قراءة الكتب التربوية ومتابعا المختصين
التربويين والتعرف على مشكالت األطفال النفسية ،فالتعرف عن
قرب على حدة العواقب واآلثار النفسية التي تتركها القسوة
والضرب على الطفل وهدم شخصيته سيكون عونًا لنا على ضبط
االنفعاالت والبعد عن تفريغ الخبرات السابقة من القسوة.
-االستعانة بالمختصين وأصحاب الخبرات الناجحة لبث الشكوى
والتحدث عن مشاعركما ،والتنفيس عن مشاعر السخط والكبت
النفسي الذي وقع من الطفل أو من غيره ،وطلب العالج
والمساعدة.
-بناء جسور صداقة مع األوالد وشرح ما تعانونه من ألم عند
حدوث المشاكل والعناد من قبلهم .
-ضبط النفس بالبعد عن الغضب ،وتذكر ما أوصى الرسول
الكريم صلى هللا عليه وسلم بعدم الغضب ،مع نصيحتي لكما بترك
المكان الذي تبدأ عنده لحظات الغضب ،ثم الوضوء واالستعاذة
باهلل من الشيطان.
وأخيرا :االكثار من االستغفار والدعاء ،وتقديم النصح لألوالد
ً -
بهدوء ،والتفكير بمحاسنهم ومناقبهم الستشعار الجوانب
اإليجابية في شخصيتهم ،واإلحساس بالرحمة والرأفة كونهم
17
أوالدكما وفلذات قلبيكما .
المشكالت األسرية أمر طبيعي جدا ً وال يوجد أسرة في هذا الكون
من المشاكل األسرية والخالفات الزوجية ،فال يُمكن ال تُعاني َ
العيش ضمن حياة طبيعية وسعيدة فقط بل يوجد بعض االختالفات
بين الزوجين ،ويعود السبب في ذلك بين أفراد األسرة وخاصةً َ َ
منأن كل فرد في هذا العالم يمتلك شخصية وطبع ُمعين َ إلى َ
ال ُممكن أن ال يتوافق م َع الطرف اآلخر في أمر ما.
ولكن الخالفات الزوجية واألسرية تُصبح زائدة عن حدها إذا ت َم
رفض الزوج للزوجة أو العكس أو القيام بالتعنيف والسلوكيات
غير األخالقية والصراخ المستمر والجو المليء بالتوتر ،وخاصةً
أما َم األطفال فبعض األسر تضع أطفالها في غرفة خاصة ومن ث َم
أن األطفال لن يسمعوهم أو يراقبوهم، يبدأوا بالمشاكل ظنا ً منهم َ
ولكن يحدث العكس دائما ً فالطفل يتأثر كونهُ رقيق جدا ً وال يدرك
حقيقة الخالف الموجود َ
بين والديه فيبدأ بالبكاء والتوتر والقلق
ويُصاب ببعض االضطرابات إذا استمرت هذه المشاكل أما َم
عينيه.
ولألسف فهذه المشاحنات تؤثر تأثيرا ً سلبيا ً شديدا ً على أكثر
األطفال ،وقد يمتد هذا التأثير ويستمر مع الطفل في حياته
المستقبلية .
18
ومن هذه اآلثار :
-نوبات التوتر والقلق ،عندما ينشأ األطفال في بيئة جدلية
محاطة بالمشاكل بين األبوين فإنه من الممكن أن يصاب بحالة
من االضطراب العاطفي ،وتبدأ العديد من األسئلة بالتالعب بعقل
الطفل حول إذا ما كان والداه يحبانه أو إن كانا سينفصالن وماذا
سيكون مصيرهم؟ .
-تأخر األداء المدرسي ،التوتر العاطفي الذي يصاب به األطفال
نتيجة المشاكل بين أبويهم يجعل األطفال مشتتين االنتباه نتيجة
تفكيرهم في تبعيات المشاكل الموجودة بالمنزل.
-المشاكل نفسية ،عندما تكون النزاعات شائعة في المنزل،
سواء كان ذلك ما بين الزوجين ،أو بين األهل واألوالد أو مزيج
من النوعين ،فكثيرا ما يصاب األطفال بالمشاكل النفسية.
-تأثيرات دائمة ،فاألطفال الذين ينشؤون بين مشاكل األبوين
المتكررة من المحتمل أن يتأثروا في مرحلة البلوغ ،ويكونون
أكثر عرضة ( لخطر االكتئاب ،تعاطي المخدرات والكحول ،القيام
بالسلوكيات المعادية للمجتمع ،مع مخاطر الفشل في العالقات
الشخصية والحياة المهنية حتى بعد تخطي سن المراهقة) .
19
-التعرف على رفاق سوء ،في حال استمر النزاع بين األبوين
لفترة طويلة ،قد يندفع الطفل لمغادرة المنزل ألوقات طويلة
والتعرف على أصدقاء سوء .
-الفشل العاطفي ،حيث يكون الطفل قد كون فكرة خاطئة عن
الزواج وعن الحب ،وربما يكون رافضا ً لفكرة الزواج تماما ً وهذا
سيؤثر على حياته العاطفية ويشعره بالنقص بسبب العقد النفسية
التي تشكلت لديه حول هذا الموضوع.
-الفشل األسري ،في حال تزوج الطفل فلن يكون لديه خبرة
سابقة عن كيفية تشكيل وإنشاء عائلة سليمة وصحية وخالية من
المشاكل ،وقد يمارس نفس التصرفات المغلوطة التي قد تعلمها
من أهله في أسرته ويقودها للدمار.
ولهذه المشكالت أسباب يجب على الوالدين التنبه لها واالبتعاد
عنها ومحاولة عالجها قبل أن تتفاقم وتزداد ومنها :
-الصمت الزوجي ،فقد يكون بسبب كثرة أعباء الزوج العملية
والمالية ومتطلبات الحياء أو من الزوجة لعدم قبولها له .
-تضخيم عيوب شريك الحياة ،فلكل شخص عيوبه وإيجابياته
مهما كان ،لذا من الخطأ التركيز على عيوبه ونسيان حسناته .
20
-تدخل طرف ثالث في الحياة الزوجية تدخال سلبيا كالوالدين أو
األقارب أو األصدقاء فيكون سببا في نشوء المشكالت بين
الزوجين .
-التقنية واألجهزة االلكترونية ،فبالرغم من إيجابياتها على
الحياة بشكل عام إال أن لها آثار سلبية على الحياة الزوجية .
21
الحماية الزائدة هي حماية مبالغ فيها ال تعطي للطفل مساحة
للتصرف أو التعرف على البيئة التي يعيش فيها ،وتتضمن تدخال
دائما في حياته وقراراته ،وخاصة ما يكون من األم والتي تشعر
بأن طفلها سيتعرض لألذى في كل لحظة ،ومن دون قصد تمأل
نفس الطفل بأن هناك مئات من األشياء غير المرئية في المجتمع
خطرا عليه ،ومن ثم يشعر الطفل بالخوف ،ويرى أن ً تشكل
المكان الوحيد الذي يمــــكن أن يشعر فيه باألمان واالطمئنان هو
بجوار أمه ،لدرجة أن يخاف الوالدين عليه حتى يحوالنه إلى
كائن ساكن ليس لديه أي مبادرات .
ومن مظاهر هذا الخوف ،منعه من اللعب مع أقرانه ،وإجباره
على ارتداء مالبس كثيرة ،إرغامه على تناول أطعمة معينة،
وتدليله من خالل االستجابة لجميع طلباته ،ومعاملته طوال الوقت
كطفل رضيع ال يستطيع االعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية،
وهذا بدوره يمنع نمو شخصية الطفل ،ويمنع الطفل من تحقيق
االستقالل الذاتي.
هذا الطفل يشعر بالخوف دائمـًا وال يستطيع أن يعبر الطريق
وحده ،أو يستمتع بالجري أو اللعب أو السباحة في البحر ؛ ألنه
يتوقع في كل لحظة أن يصاب بأذى ،ويظل منطويـًا خجوالً بعيدًا
عن محاولة فعل أي شيء خوفـًا من إصابته بأي أذى .
22
فهما لم يسمحا له أن يخطئ ،وإذا أخطأ حملوا عنه خطأه ،وفر
له األبوان جميع ألوان الراحة والملهيات واألدوات الداعمة وبين
يديه السائق والخادمة ( ...شبيك لبيك ) .
وقد يلجأ الوالدان إلى هذا األسلوب لعدة أسباب ومنها :
إذا كان الطفل وحيدًا ،اإلنجاب بعد فترة زمنية طويلة من الزواج
،إذا كان الصبي الوحيد بين بنات ،أو العكس ،الجهل بأساليب
التربية الصحيحة ،قد يكون الوالدان تلقوا في طفولتهم نفس
األسلوب في التربية ،مرض الطفل بمرض مزمن.
لذا اتركه يعيش حياته الطبيعية ،دعه يخطأ ويتعلم من خطأه ،
نحن نوفر له الحماية التي تحفظه من األخطار فقط ،أما الحماية
من كل شيء فإن الطفل ينشأ مفسد ،ثم يقع في شر أعماله .
وللحماية الزائدة تأثيرا سلبيا على الطفل في كافة المستويات ،
ومن تلك التأثيرات:
-عدم تقدير مشاعر اآلخرين ،بل دائما يتوقع المزيد منهم دون
إعطاء المقابل.
-تنمية الطباع السيئة ،سواء كانت تلك الطباع غرورا أو
عدوانية أو أنانية ،ويصبح طفال اعتماديا غير مسؤول ،وقد يتنمر
على اآلخرين.
23
-الكسل ،عندما تؤدي األم كل المهام والوظائف بالنيابة عنه ،قد
يعتاد الطفل ذلك مع نموه ونضجه ،ويصبح شخصا كسوال
اعتماديا على غيره في المقام األول ،وال يستطيع تلبية احتياجاته
األساسية.
-ال يعترف بأخطائه ،واالعتذار عنها ،فهذا يجعل منه شخصية
غير مبالية ال تعترف بأخطائها وال تعتذر عنها.
-تدني احترام الذات ،إن الطفل الذي عانى من الحماية المفرطة،
ينضج وهو يعاني من تدني احترام وتقدير الذات ،وقد يفتقر إلى
المرونة والثقة الضروريتين لمواجهة العالم ،وذلك بسبب الرسالة
التي يتم توجيهها للطفل دائما ،بأنه غير مؤهل أو جيد بما يكفي
إلدارة حياته بنفسه.
-عرضة لالكتئاب والقلق ،إن اإلفراط في الحماية في الصغر
يسبب القلق واالكتئاب في الكبر ،حيث يعتاد الطفل على قلق
والديه المستمر عليه ،وينمو وهو مضطر للتفاعل تحت القلق
الدائم من حدوث شيء ما.
24
وء ِم َن القَو ِل ِإ َّال َمن ُ
ظ ِل َم) س ِّللاُ ال َجه َر ِبال ُّ
ب َّ قال هللا تعالىَ (:ال يُ ِح ُّ
سورة النساء ،وقال صلى هللا عليه وسلم " ليس المؤمن بالطعان
وال اللعان وال الفاحش البذيء " رواه الترمذي .
في دراسة أمريكية قديمة ( 1989م ) ذكرها الدكتور مصطفى
أبو السعد في برنامج فضــــائي (نظرة شرعية – تعاملنا مع
األطفال ) " :عدد الكلمات البذيئة التي يستقبلها الطفل من
الميالد إلى سن 18سنة تتراوح من 50ألف إلى 150ألف
كلمة سيئة ".
إن الكلمات البذيئة هي شكل من أشكال العدوان اللفظي الذي
يمارس على اآلخرين ،وينطوي الكالم البذيء على الشتم والسب
والقذف والتعيير والتنقيص واالستهزاء .
مثل كلمات ( أنت غبي – طول عمرك حيوان – ال يعجبني شكلك
، ) .....تجعل هذه الكلمات الطفل يعجز عن فهم ما يريده المربي
أو الوالدان فتطلق عليه هذه العبارات النارية والتي يحس فيها
الطفل بالمرارة والقهر .
بعض أولياء األمور يأمر طفله بأن يشتري من البقالة أو صاحب
الخضار ،فيأتي وقد نسي بعض األشياء فتنهال عليه أقبح األلفاظ
( وين مخك يا غبي ،أنا المخطئ بأن اعتمدت عليك . ) ......
25
مع أن الطفل تذكر معظم األشياء إال أن هذا اللسان ال يعرف إال
السوء من الكلمات ،ولو طلب منه أن يرجع ويتأكد من
المشتريات النتهت المشكلة ،ولو شكره على ذهابه وعلى شراء
ما أراده األب ،ثم طلب منه أن يتأكد ويرجع النتهت المشكلة .
وقد تتنوع الكلمات البذيئة الصادرة من اآلباء واألمهات والمربين
،والتي تكون سببا في تدمير شخصية الطفل مثل :
-السب أو شتم الطفل بألفاظ تتضمن أوصاف الحيوانات مثل أنت
(كلب – حمار – ثور – تيس – ياحيوان) .
-اإلهانة من خالل وصفه بأوصاف سلبية ،واالنتقاص منه مثل
أنت (شقي ،كذاب ،قبيح ،سمين ،مفسد ،أعرج ،سارق) .
-المقارنة بينه وبين أقرانه بطريقة بها الكثير من االستهزاء،
والتوبيخ ،فإننا بذلك نشعره بالنقص والدونية .
-التهديد مثل (سأضرب راسك ،أشرب من دمك ،سأذبحك) واألب
أو األم ال تفهم أثر هذا األسلوب الخطير على نفسية الطفل
المسكين الذي يتوقع في كل لحظة ،أنه مذبوح ال محالة .
-ترسيخ المعلومة الخاطئة مثل (الرجل ال يبكي ،اسكت أنت
الزلت صغيرا ،هذا الولد أصابني بالجنون ،أنا ال أقدر عليه ،هللا
يعاقبك ويحرقك بالنار) ،هذه المعلومات تثير البلبلة في ذهن
26
الطفل.
إن االعتداء الجسدي على األطفال سرعان ما يذهب أثره ،في
حين أن الكلمات البذيئة تعتبر جرحا ً للنفس من الصعب أن يلتئم ،
فهي تجعل الطفل يأخذ صورة مشوهة و سلبية عن نفسه مما
ينعكس على سلوكه وتعامله مع اآلخرين .
ومن اآلثار السلبية للكلمات البذيئة على الطفل ،أن تجعله يفقد
اإليجابية في نفسه ومع المجتمع ،مما يجعله عدوانيا ويريد
االنتقام من اآلخرين ،ومن اآلثار أن تجعل الطفل عنيد جدا
يصعب التعامل معه ويتعمد فعل العكس تماما ،وقد تكون الكلمات
البذيئة سببا في انحرافهم أو إصابتهم بأمراض نفسية أو فشلهم
في حياتهم العملية أو فقدان الثقة بأنفسهم .
إن الطفل شديد المالحظة لكل ما يدور حوله ولكل ما يسمعه ،كما
أن ذاكرته تكون نقية وقابلة المتصاص أي أمر يكون حوله
ويتأثر به ،لذا الواجب على الوالدين :
أوال قدوةً حسنة ألطفالهم في حسن كالمهم -أن يكونا هم ً
وتهذيب لسانهم وحسن اختيارهم لتعابيرهم وألفاظهم ،فالطفل
شديد التقليد ألبويه.
-أن يمنعوا أطفالهم من صداقة رفاق السوء ومن اللعب في
الشارع فقد يتأثر الطفل بانحراف األصدقاء السيئين ويتعلم
27
عاداتهم ويتلفظ بألفاظهم غير المقبولة.
-أن يتعلموا مخاطر األلفاظ السيئة والشتائم ،وأثرها السيء
على شخصيات األطفال ،وأن هذه األلفاظ تثير الحقد والبغضاء
بين أفراد المجتمع الواحد.
-تقوية الوازع الديني في نفوسهم ونفوس أطفالهم بتلقينهم
األحاديث النبوية التي تحذر من السباب والشتم .
-التعرف على اآلثار السلبية التي تقع على األطفال بسبب هذا
السلوك السيء .
فرب كلمة من معلم أو أب أو أم جرحت الطفل وأثرت فيه حتى
مراحل الحقة من العمر من شدة وقعها ،ورب كلمة ساحرة
أضاءت طريقا ً وغيرت مسيرة الحياة.
28
قد يبتلى الطفل بنقص في بعض قدراته أو مهاراته أو في َخلقه
كأن يكون قصيرا أو طويال أو أعرجا أو أعمى ،...فتكون هذه
نقصة عليه في نفسه وأمام اآلخرين ،فتجد بعض اآلباء
واألمهات من يرتكب منهم أخطا ًء بقصد أو بغير قصد أو نتيجة
عدم علم أو لجهل بحق أطفالهم من استهزاء وسخرية تصل إلى
مرتبة الجرم لما تخلفه من آثار نفسية خطيرة تلقي بظاللها
الكثيفة على شخصية الطفل طيلة حياته.
وكثير من األطفال يتعرضون ألشكال عديدة من السخرية
واالستهزاء سواء في المدرسة من معلميهم أو زمالء لهم أو من
أقاربهم أو من جيرانهم لسبب من األسباب ،وسرعان ما تلتصق
هذه الدعابات أو تلك المواقف الساخرة ،أو تلك التسميات أو
النعوت الساخرة بهم طيلة حياتهم.
ان)
ق بَع َد ا ِإلي َم ِ س ِاالس ُم الفُ ُ
سو ُ قال تعالى ( َو َال تَنَابَ ُزوا بِاألَلقَا ِ
ب بِئ َ
سورة الحجرات ،فأحيانا تكون البنت طويلة القوام فعندما تمر أمام
أهلها ،فبدل من سماع الثناء على قوامها الجميل ،وكلمات الحب
،تبدأ بسماع الهمز واللمز منهم ،مرت علينا الزرافة ،الطول
طول نخلة ....وغيرها ،والتي تجعلها تنفر من والديها ،وقد
تكون سببا في البحث عن تقدير الذات من خارج البيت فتقع
فريسة في أيدي الذئاب البشرية .
29
وكذلك االبن فعندما يأتي بالشهادة وفيها ضعف في إحدى المواد
بسبب ضعف قدراته العقلية ،أو ألي سبب تربوي أو اجتماعي ،
فهنا يستلمه الوالد بالكلمات النابية التي تجعله محطما خاصة
عندما يكون أمام إخوته ،وهم يضحكون عليه ،فتكون سببا لكره
الدراسة والوقوع في أيدي رفقاء السوء .
ويؤدي هذا النوع من التعامل السلبي مع االبن أو البنت إلى :
-نظرته السلبية لذاته ،وبناء صورة مشوهة عن نفسه ،فهو ال
يستطيع إال رؤية األخطاء والعثرات وجوانب الضعف التي يسلط
والداه عليها الضوء ويصفونه بها.
-عدم رؤية قدراته وإمكاناته مهما عظمت ،حيث يميل سلوكه
إلى التردد وعدم الثقة بالنفس .
-الميل للعزلة واالنسحاب تجنبا ً لآلخرين وانتقاداتهم ،فهو يتوقع
أن ينظر له اآلخرون كما ينظر له والداه ،بل ال يستطيع سوى
النظر إلى ذاته إال عبر المنظار الذي يراه فيه والديه وحكموا به
عليه .
-خلق نظرة مضادة نحو األسرة والمجتمع ،وإحساس بالظلم
واإلجحاف ،فيميل إلى اتباع السلوكيات العدوانية نحو اآلخرين
الذين ال يتفهمونه وال يقدرونه ،وال يسمحون له بإيجاد مكان
30 بينهم .
-عمل سلوكيات غير مقبولة اجتماعيا ً ،كإتالف الممتلكات العامة
أو االعتداء على ممتلكات اآلخرين أو الميل إلى االنتقام.
أخي األب وأختي األم ...يجب أن تعلما أنكما المعلم األول الذي
يتعلم منه الطفل ،ويكتسب منهم الخبرات والمهارات والعادات
االجتماعية ،فاألولى بكما تعزيز ثقته بنفسه بدال من السخرية
واالستهزاء به .
علينا أن نفكر جيدا في أثر أفعالنا على نفوس أطفالنا ،وعلى
تكوين شخصياتهم ،كما يجب علينا االهتمام بغرس القيم واألخالق
الحسنة والصفات التي تعزز من نفسية الطفل وتدعم من قدراته
وشخصيته ،وتساعد في خلق شخصية سوية عندها استعداد
لمواجهة المستقبل بكل ما فيه.
31
المقارنة بين األطفال أحد وسائل التربية الشائعة والتي يستخدمها
عادةً بعض األهل والمربين بهدف توليد مشاعر الغيرة لدى الطفل
،وبالتالي تحفيزه على محاكاة السلوك المرغوب لدى الطفل ،
وهو يهدف إلى غرس سلوك معين لدى الطفل ونيل إعجاب من
يقومون بهذه المقارنة.
وكثير من اآلباء واألمهات ال يدركون مخاطر مقارنة األطفال
كثيرا ما نسمع عبارات مثل :فالن ً اآلخرين مع أطفالهم ،بل
أفضل منك ،فالن أذكى منك ،أو أي شيء من هذا القبيل .
أحد اآلباء ال يهتم بمشاعر أوالده ،وال يقترب منهم ،وال يحاورهم
وال يقضي معهم وقتاً ،مما جعل أوالده جافين عاطفيا ً معه ،بينما
نجد صديقه يهتم بأوالده ويمازحهم ،ويقضي معهم وقتا ً ممتعاً،
لذا فأوالده يعاملونه بعاطفة شديدة.
وهنا نجد األب األول يقارن أوالده دائما بأوالد صديقه ويسألهم:
لم ال تكونون مثلهم؟ وهو ال يدرك أن الخطأ األساسي بدأ من
عنده!
على اآلباء أن يعلموا أنه ال يوجد طفالن نسخة طبق األصل عن
بعضهما ،فكل طفل له اهتمامه ونفسيته ،فإن كان طفلك من هواة
كرة القدم ،وأردت له أن يرسم ،وأجبرته على ذلك ،فمن الطبيعي
32
أن ال يكون بمستوى من يحب الرسم .
أحيانا ً غيرة األهل من بعضهم ،تجعلهم يجبرون أبناءهم على
ممارسة هوايات ابن غيرهم ،إال أن لهذا األسلوب أضرارا ً كثيرة
منها:
-خلق شعور بالدونية لدى الطفل يجعله يرى نفسه أقل من
أقرانه.
-تنشئة شخص متكبر يقارن نفسه باآلخرين ،فيبالغ في مميزاته
وفي عيوب اآلخرين ،وذلك كأسلوب دفاعي ضد التقليل من شأنه
دائما ً.
-ال يقدر إنجازاته أبدا ً وال يرضى عنها ،ويستصغر ما يحقق من
نجاحات دائما ً.
-المغاالة في المقارنة بال مراعاة الختالف الظروف والقدرات ،قد
تجرنا إلى تضخيم فضائل اآلخرين على حساب تقديرنا لفضائل
أوالدنا.
-دفع األوالد إلى الطموح الذي ال يراعي القدرات ويتعلق
بالمستحيل ويقتل الروح والعالقات اإلنسانية.
-قتل الطموح لدى األوالد لشعورهم بأنهم أقل من أن يحققوا أي
شيء.
-الالمباالة ،حيث يرى الطفل أنه ال فائدة من أي جهود يقوم بها،
33
طالما أن والديه يريان اآلخرين أفضل منه.
-ربما يصبح شخصا ً حسودا ً ،ألنه يركز على ما يوجد لدى
اآلخرين وينقصه هو.
-المقارنة تقتل الموهبة ،ألن مشاعر الحسد والغيرة والدونية
تستنزف طاقة الطفل وقدرته على القيام بأي أنشطة منتجة،
وشغفه باكتشاف مواهبه.
والسؤال هنا كيف يمكن تحفيز الطفل بدون مقارنته مع اآلخرين؟
تعتبر متانة العالقة بين الطفل وأبويه أهم عامل لتحفيزه في جميع
مجاالت الحياة ،وهذه بعض النقاط التي يجب على الوالدين
التركيز عليها لتقديم الدعم للطفل:
-االبتعاد عن مقارنة الطفل بغيره.
-منح طفلك الثقة لتشجيعه وتحفيزه.
-مساعدة الطفل على استغالل موهبته وتنميتها.
-وجود قدوة للطفل.
-االستماع لطفلك باهتمام وعناية.
أيها اآلباء ..إذا أردتم تشجيع أوالدكم فاكتبوا لهم جدول إنجاز
بشكل شهري أو أسبوعي ،واجعلوهم يقارنون إنجازهم لهذا
األسبوع بإنجاز األسبوع السابق ،عندها سيتعلمون كيف ينافسون
أنفسهم ،وال يربطون عملهم بعمل غيرهم ،إن تأخر تأخروا ،وإن
34
تقدم تقدموا.
عندما تقول األم لطفلها :لو أكلت أحبك ..لو عملت الواجب أحبك
..لو بقيت مثل أخوك أحبك.
إذا كنت ترددين العبارات السابقة لطفلك كثيرا فاعلمي أنك
ترتكبين خطأ كبيرا يُسمى «الحب المشروط» ،وله أضرار نفسية
غير متوقعة على الطفل .
إن الحب المشروط يشعر الطفل بأنه غير محبوب وغير مرغوب
فيه ،وعندما يكبر يشعر بعدم االنتماء لألسرة ،ألنه كان مكروها
فيها عندما كان صغيرا ،ولهذا السبب نجد أن األطفال يحبون الجد
والجدة كثيرا ألن (حبهم غير مشروط).
والحب المشروط له آثارا سلبية على األطفال فهو يسبب :
-فقدان الثقة بالنفس ،ألن والدته تشترط عليه فعل أشياء معينة
ليحصل على حبها ،ومن ثم يفقد الثقة في نفسه ،خاصة إذا لم
يستطع تحقيق شروط والدته .
-شخصية ذليلة مطواعة لغيرها ،فعندما يرى الطفل أن شرط
الحصول على حب والدته هو القيام ببعض التصرفات ،أو أنه لن
يحصل على حب زمالئه ،ومدرسيه إال بفعل ما يرغبون فيه ،هنا
عندما يكبر سيكون الوضع أسوأ ،فقد يتحمل إهانات ممن حوله،
مقابل بقائهم معه.
35
-شخصية متمردة ،فعلى النقيض قد يرفض الطفل شرط حصوله
على الحب ويتمرد على ذلك ،ويقول خالص ال أريد أن تحبيني
ويظهر ذلك في تعامالته الشخصية.
-الرهاب االجتماعي ،فالطفل يصاب بعدم القدرة على االختالط
مع من حوله ،والخوف منهم ،خاصة إذا شعر أنه غير مرغوب
فيه .
إن الحب غير المشروط هو أكبر محفز للطفل ،فعندما تشعر األم
طفلها أنها تحبه ،ألنه ابنها ،وأنها تريد رؤيته أفضل إنسان
لمصلحته ،سيستجيب لذلك ،والحب غير المشروط يعزز ثقه
الطفل بنفسه ،ويخلق طفال قادرا على اإلنجاز ،مرن ،يجيد التحدث
والحوار مع من حوله ،سوي في معامالته.
36
أيها اآلباء ..إن تصنيف الطفل حسب صفات معينة سوا ًء أكانت
الصفة إيجابية أم سلبية ،تشعره بالضغط وتضعه في مأزق ،ألنه
إما أن يتصرف بطريقة فيها عبء عليه ليبرهن أنه أهل لتلك
الصفة ،وإما أن يتصرف بطريقة غبية ليبرهن لك أنه ليس دائما ً
كما تتوقع منه ،وهنا يجب أن نساعد األطفال ليتحرروا من قيود
تصنيفاتنا ،وندعهم يتصرفون بنا ًء على كيفية تقديرهم للمواقف،
وليس حسب وجهة نظر الكبار سعيا ً لتحقيق توقعاتهم أو نيل
استحسانهم.
فرغم أنه يجب علينا مراقبتهم ووضع حدود لسلوكياتهم السيئة،
إال أن ترك مساحة من الحرية ضمن قيود معينة ضرورية من
أجل مساعدتهم على اإلبداع والتطور التلقائي.
37
كثيرة هي األخطاء التي يرتكبها األوالد بقصد أو بغير قصد،
والتي غالبا ً ما تغضب الوالدين ،وتثير استفزازهما وغضبهما
لتأتي منهما مختلف ردود األفعال واألقوال ولعل أكثر ما يصدر
منهما في ساعات الغضب الدعاء عليهم بأدعية تقشعر منها
األبدان كقولهم ( هللا ال يوفقك) ،و(هللا يأخذك) ،و(هللا يغضب
عليك) ،والذي يشعرهما بالراحة ويهدئ من نفسيتهما عند
الغضب ،مستسهلين األمر غير مباليين بأمر الرسول صلى هللا
عليه وسلم بعدم الدعاء على األوالد ،وتأثير ذلك النفسي على
مستقبلهم ،ال سيما إذا استجيب الدعاء .
عن جابر بن عبدهللا ــ رضي هللا عنه ــ قال :قال رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم ((ال تدعوا على أنفسكم ،وال تدعوا على أوالدكم
وال تدعوا على أموالكم ،ال توافقوا من هللا ساعة فيها عطاء
فيستجيب لكم )) رواه مسلم .
إن تربية األوالد تحتاج إلى صبر وترو وضبط للنفس بحيث ال
يصدر إال السلوك الذي يتناسب مع الموقف ،والتعوذ باهلل من
الشيطان الرجيم و االمساك عن الكالم حين الغضب ثم الدعاء
لألوالد بالهداية خير من الدعاء عليهم .
40
عندما يفشل الوالدان في االستجابة بشكل جيد الحتياجات طفلهم
العاطفية ،و عندما يكون الوالدان غير متواجدين نفسيا مع الطفل
،يحدث اإلهمال الوالدي أو اإلهمال العاطفي ،واإلهمال الوالدي
يتميز بسهولة مالحظته من األشخاص القريبين من الطفل ،على
نفسيته ومالبسه ونظافته وتعامله مع اآلخرين .
إن اإلهمال الوالدي ليس شرطا أن يكون إساءة عاطفية للطفل ،
فاإلساءة غالبًا ما تكون مقصودة على شكل تصرف يهدف إلى
ً
تجاهال إيذاء الطفل ،في حين أن اإلهمال الوالدي يمكن أن يكون
فشال في مالحظة هذه المشاعر أو ً مقصودًا لمشاعر الطفل أو
التعامل مع الحاجات العاطفية له ،ومثاله :عندما يخبر الطفل
والديه بأنه حزين بشأن تعامل ابن الجيران معه ،والوالدان يرون
أن هذه مسألة ال يجوز الوقوف عليها ،والتهرب من االستماع
لها ،والبعد عن تقديم المساعدة للطفل من أجل التغلب عليها ،
يبدأ الطفل هنا بالشعور بأنه مهمل وأموره ليست مهمة ،فيتوقف
عن طلب المساعدة من والديه .
واإلهمال الوالدي له أنواع منها :
-اإلهمال التربوي ،ويقصد به إهمال سلوكيات الطفل التربوية
وعدم عالجها إن كانت سلبية أو عدم تعزيزها إن كانت إيجابية .
41
ومثاله :أن يتغيب الطفل عن المدرسة ،مما يسبب له تكاسال أو
حرمانا في دراسته ،مما ينتج تخلفا للطفل في دراسته أو عقله
أو سلوكه ،أو يكون الطفل محافظا على األذكار أو الصالة فال
يجد تعزيزا من الوالدين ،مما يشعره أن هذا السلوك غير
مرغوب منه فيتركه .
-اإلهمال الجسدي ،ويقصد به إهمال نظافته ومالبسه وألعابه
وصحته ،أو مراقبته في الدخول والخروج ،مما يسبب للطفل
سوء التغذية واإلصابة بأمراض خطيرة واإلصابات البدنية البالغة
كالجروح والكسور والحروق الناجمة عن عدم مراقبة الطفل
واالعتناء به .
-اإلهمال العاطفي ،ويقصد به عدم مراعاة نفسية الطفل عند
حدوث مشكلة أمامه ،مثل أن يضرب الزوج زوجته أمام الطفل ،
أو تحقيره واالستهزاء به أمام اآلخرين ،أو التلفظ عليه بأقبح
الكلمات وحرمانه من القبلة واللمسة والضمة الحانية .
42
يقول سليم :منذ طفولتي وانا مهمل من قبل والدي ،هو يسكن
معنا لكني ال أشعر بوجوده ،أنا أحبه وأحترمه ،لكنه دائم
العصبية وكان يضرب أمي أمامي ويسبها ويطردها من البيت ،
حتى قررت أن تتركه وتنام في غرفة منعزلة عنه ،حتى اصبح
الحوار بينهما رسميا عن الطعام والشراب فقط ،هو ال يشعر
بوجودنا ،ويقصر في النفقة علينا ،ال نسمع منه إال الصراخ
والعتاب واالنتقاد ،ماذا افعل ؟
ولإلهمال على األطفال أعراض منها ما يكون بسيطا ومنها ما
يكون شديدا ،فاألعراض تبدأ بالظهور ثم مع الزمن تكبر وتتأزم
في نفسية األطفال ومنها :االكتئاب ،القلق ،الالمباالة ،الحزن ،
العدوانية ،العناد ،التبول الغير إرادي ،السهر ،الصحبة السيئة
،فقد الثقة بالنفس واآلخرين ،تجنب العالقات العاطفية ،التدخين
والمخدرات ،اإلرهاب الفكري .
وهنا أنصح اآلباء واألمهات في التعامل مع األطفال بالتالي :
-االبتعاد عن المشاكل األسرية أمام األطفال ،ومحاولة عالج
المشكلة بعيدا عنهم .
-بناء القيم واألخالق واآلداب اإلسالمية ،وأن نكون قدوة
صالحة لهم .
43
-إشباعهم عاطفيا بالكلمة الطيبة والقبلة الحانية واللمسة
الجميلة .
-استشارة المتخصصين في عالج بعض الظواهر السلبية التي
يصعب على الوالدين عالجها .
-تعليم الصغار على كيفية التعرف على مشاعرهم ثم قبولها
والتعبير عنها بطريقة أفضل .
-تعليمهم مهارة حل المشكالت وطريقة التعامل مع اآلخرين .
-التعامل مع أخطاء الصغار بهدوء ،مع تجنب الصراخ
واالستهزاء والنقد والحرمان والضرب فكلها من مدمرات
شخصية األطفال .
-الحوار الهادئ والجلوس معهم وسماع شكواهم خاصة عند
رؤية بعض الظواهر السلبية عليهم .
-تعويدهم على إشغال أوقاتهم بما ينفعهم ،ويطور من مهاراتهم
وقدراتهم وعالقاتهم مع اآلخرين .
-تخصيص وقت كاف من الوالدين لرعاية الطفل ومنحه الرعاية
الجسدية والعاطفية والصحية .
44
إن تربية الطفل تتطلب الكثير من المهارة والحكمة والوعي َّ
والصبر ،ليشب سويا ً طبيعياً ،يتمتع بالصحة والسعادة والنجاح ،
وبعيدا ً عن اآلفات والعيوب ،فإذا كانت الحماية الزائدة والدالل
يؤثران سلبا ً في تصرفات الطفل الحقاً ،فأن القمع والتهديد
والوعيد وعدم إعطائه الفرصة في التعبير عن تصرفاته بحرية
وطالقة ،ينعكس سلبا ً عليه كذلك .
يعتقد كثير من اآلباء واألمهات أن أسلوب التهديد والوعيد
والعقاب من شأنه أن يؤثر في األبناء والبنات ،ويسهم في تقويم
سلوكهم ،حتى أصبح أسلوب العقاب بحرمان الطفل من شيء
يحبه ،بات نهجا ً يتبعه كثير من األهالي مع أوالدهم ،كطريقة
لتربيتهم أو عقابهم ،فتجد مثال :الطفل يبلغ من العمر 7سنوات
ينظر من نافذة البيت إلى أصدقائه وهم يلعبون ويمرحون ،وهو
يتأملهم بحسرة وألم ،ال يستطيع مشاركتهم ألنه محروم ومعاقب
ومهدد ،إن خرج من البيت فسوف ينال جزاءه من الضرب ،
منظر أليم وحزين يقطع قلب الطفل وقلب والديه .
تقول أم سليم :أعرف أن أكثر شيء يحبه طفلي هو اللعب مع
أقرانه ،لذا كلما أخفق أو تكاسل في تنفيذ أوامري عاقبته أو
هددته بحرمانه من اللعب معهم ،تقول :أكثر شيء كان يؤلمني
هي توسالته لي باللعب معهم ،وحزنه وألمه وبكائه ،إال أنني
45
كنت مصرة على منعه من الذهاب إلى اللعب معهم ،حتى أعدل
سلوكه ،فال يوجد حل آخر أمامي .
ويقول أبو خالد :اتبعت كل األساليب مع ابني البالغ من العمر
10أعوام ،لعقابه على األخطاء التي يقوم بها ،ومنعه من فعلها
مرة ثانية ،لكني لألسف لم أجد أي تجاوب منه سوى من خالل
األسلوب األخير الذي توصلت إليه ،وهو منعه من أكثر شيء
يحبه ،وهو جهاز "اآليباد".
أيها اآلباء وايتها األمهات ،إن تهديد الطفل ووعيده بالعقاب
والحرمان له آثار سلبية عليه ومنها :
-الشعور بالقلق والخوف وعدم األمان مع أسرته ،وقلة الثقة
بنفسه .
-العناد الزائد والمتكرر ،وهذا ليس بسبب الطلب الذي طلبته
األسرة منه ،وإنما بسبب التهديد والوعيد ،مما يزيد في توتر
العالقة وزيادة المشاكل .
-تجاهل الطفل ألوامر والديه ،وهو نوع من التحدي لهم كونهم
يمارسون أسلوب التهديد معه .
46
وللتعامل مع مشاكل الصغار وعنادهم ،بعيدا عن التهديد والوعيد
أنصح اآلباء بالتالي:
-عدم االستعجال في العقوبة والتهديد حتى تتأكد من المشكلة ،
ولماذا يرفض الطفل تنفيذ األوامر ؟.
-االبتعاد عن أسلوب األوامر والتهديد ،ألنها رسالة توحي للطفل
بانتقاص كرامته وأنه ال قيمة له .
-أن تكون العقوبة تتناسب مع السلوك الخاطئ ،فما عالقة
رفض ذهاب الولد إلى بيت جده بحرمانه من الهاتف الخلوي
مثالً؟! .
-أن ال تكون المدة الزمنية للعقوبة والتهديد طويلة جدا ،حتى ال
يتأقلم معها وتصبح عادية وال تأثر في نفسيته .
-أن ال يكون الحرمان والعقوبة يهدم خلق حسن وقيمة تربوية ،
مثل تهديده بمنعه من الذهاب إلى المسجد او الذهاب لبيت جدته
أو الذهاب للمدرسة .
-أن ال يكون التهديد والعقاب قاسي جدا ،كضربه بالسياط أو
حرمانه من األكل أو منعه من الذهاب للحمام ،أو التعامل مع
الخطأ الكبير باستهانة.
-الهدف من التهديد والعقاب هو تغيير السلوك ،فإذا لم يتغير ،
47
علينا تغيير العقوبة بأسلوب آخر .
-تعليم الطفل النظام في البيت منذ صغره ،وأن يكون الوالدان هم
أول من يطبق ذلك ،مثل الصالة في وقتها ،وعدم السهر ،وآلية
استخدام األجهزة االلكترونية وغيرها.
-احترام رغبة الولد ،ومعرفة سبب رأيه ،فقد يكون رأيه أفضل
من رأي والديه .
-من المهم أن يتعلم الطفل من أخطائه ،فنترك له حرية القرار
حتى يتعلم ،لكن دون أن يكون قراره في مضرة عليه أو على
غيره .
-االتفاق معه مسبقا على العقوبة لو أخفق في تنفيذ مسؤولياته ،
حتى يتحمل قراراته.
-عدم التهديد بأشياء ال ننوي على فعلها.
إن أسلوب التهديد والوعيد ثبت فشله في تربية األطفال ،فهو
أسلوب يؤدي إلى نتائج عكسية تضر بالطفل واألسرة والمجتمع ،
وبالتالي من األفضل استبداله بأسلوب الشرح والتفسير ،وتعريف
الطفل على السلبيات التي ممكن أن تنتج عن قيامه أو عدم قيامه
بأمر معين.
48
قال ابن القيم رحمه هللا" :وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا واآلخرة
بإهماله ،وترك تأديبه ،وإعانته على شهواته ،وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد
أهانه ،ويرحمه وقد ظلمه ،ففاته انتفاعه بولده وفوت على ولده حظه في الدنيا
واآلخرة ،ثم قال رحمه هللا :وإذا اعتبرت الفساد في األوالد رأيت عامته من قبل
اآلباء ".تحفة المودود بأحكام المولود(. )1/242
اجنَا َوذُ ِريَّاتِنَا قُ َّرةَ أَعيُن
ون َربَّنَا َهب لَنَا ِمن أَز َو ِ
ِين يَقُولُ َ
وقال تعالىَ ﴿ :والَّذ َ
َواجعَلنَا ِلل ُمت َّ ِق َ
ين إِ َماما ً ﴾ الفرقان.74 :
أخوكم
عدنان بن سلمان الدريويش
المستشار األسري بجمعية التنمية األسرية باألحساء
المستشار التربوي بمركز الطمانينة لإلرشاد األسري بالمنطقة الشرقية
يسعدني استقبال اقتراحاتكم على البريد االلكتروني
adnan6543@gmail.com
50
عدنان سلمان الدريويش مدمرات
والطفل يف حال صغره يكون قلبه كالعود الرطب ,توجهه حيثما
أردت ,فإذا كرب سنه جف هذا العود وبقي على ما وجهته عليه ,
فالصغري يتأثر أبي كالم يَصدر إليه ,سواء كالم عاطفي ,أو
كالم جارح ,أو غري ذلك ,وتظهر أاثر تصرفاته حبسب بيئته
هادئ أو لديه بعضً اليت يعيش فيها ,فإذا رأيت الطفل
التصرفات اجلميلة فالغالب أنه قد اكتسبها ممن حوله من أبيه
وأمه وأخوته وأقاربه .
51