Professional Documents
Culture Documents
الشعور باخلوف أمر طبيعي يرافق مراحل النمو املختلفة والتطور احلركي عند األطفال ،فكل مرحلة
من مراحل النمو يواكبها خربات واكتشافات جديدة للطفل ،وغالًب ا ما يظهر اخلوف عندما خيطو
الطف ل خط وات كب رية يف مرحل ة النم و ،ويتس اءل العدي د من األه ل عن كيفي ة التعام ل م ع خ وف
األطف ال ،ولإلجاب ة س نحاول إلق اء الض وء على بعض أن واع اخلوف ال يت تنت اب األطف ال يف مراح ل
العمر املختلفة وسبل التعامل معها.
ثانًي ا :الطف ل من عم ر 10ش هور إىل 3س نوات خيتل ف خوف ه يف ه ذا العم ر ،فه و أك ثر وعًي ا من
الطفل األصغر سًنا ،و من األمور اليت خياف منها األطفال الظالم
( )1عدم االستهتار والتهكم من خوف الطفل فما يشعر به الطفل هو خوف حقيقي ،فعلى سبيل
املثال قد يتخيل الطفل أن هناك وحًش ا كب ًريا خمتبًئ ا حتت سرير غرفة النوم املظلمة ،وهنا جيب على
األهل طمأنة الطفل بعناقه وهتدئته مث أخذه إىل الغرفة وإضاءة النور ،ومن مث بالتدريج حىت يرى أنه
ال وجود ألي وحش حتت السرير.
( )2حماول ة ختفي ف خ وف الطف ل من احليوان ات ،باختي ار وقت مالئم وأخ ذه لرؤي ة قط ة مثًال
وبالتدريج جعل الطفل يلمس القطة مع االنتباه إىل عدم اإلصرار على ذلك يف حال رفض الطفل.
يف ه ذه املرحل ة يش تكي بعض األطف ال من االس تيقاظ ليًال خ ائفني ،أو اخلوف من ال ذهاب للن وم
مبف ردهم ومن الظالم ،وغالًب ا م ا يك ون هن اك س بب حقيقي مهم وراء ش عور الطف ل ب اخلوف ،فق د
يك ون الطف ل حزيًن ا ملوت ق ريب أو خائًف ا من ال ذهاب إىل املدرس ة فينبغي أن يعطى الفرص ة للتعب ري
والكالم عم ا يش عر ب ه ،وإذا ك ان الس بب رؤيت ه حللم م زعج فيس تيقظ الطف ل ليًال ؛ فمن املفي د
التحدث إليه عن أشياء حيبها مع توفري إضاءة خفيفة يف غرفة نومه ..
وهن ا أحب أن أذِّك ر األه ل مبراقب ة م ا يش اهده أطف اهلم من أفالم الرس وم املتحرك ة وال يت ق د حتت وي
على مشاهد خميفة أو مرعبة.
و غالًبا ما يزول اخلوف عند األطفال مبرور الوقت ،وعلى األهل توفري احلب ،وترسيخ ثقة األطفال
يف أنفسهم؛ فهي أكثر العوامل املساعدة للتغلب على اخلوف.
وغالًب ا أيض ًا م ا تنم و الكث ري من الص فات يف الص غار بس بب األه ل ،ومن ه ذه الص فات اخلوف؛
فاألهل خيوفون أوالدهم منذ صغرهم من الكلب ،اإلبرة ،الفلفل احلار...أخل
أقسام الخوف
-1اخلوف االفرتاض ي :وه و ال ينش أ بش كل ط بيعي م ع اإلنس ان ،وإمنا س بب نش وئه اف رتاض
احمليطني بالصغري.
-2اخلوف الغري زي :ينش أ عن دما يب دأ الطف ل باملش ي؛ حيث يص بح أك ثر تعرًض ا خلط ر الوق وع
واالصطدام ،وهذا خيلق عند الولد خوًفا حقيقًيا يقف حاجًز ا أمام تنمية شخصيته وقدراته الذاتية.
ومن الضروري على األهل بشكل عام واألمهات بشكل خاص؛ االنتباه إىل تصرفاهتم والتعديل من
س لوكهم م ع أوالدهم ،حبيث ال يش ريون إليهم أن هن اك م ا ي دعو إىل اخلوف إن مل يكن هن اك فعًال
ما خييف؛ فاألوالد أمانة يف رقاب أهليهم.
أم ا إذا رأى األه ل أن هن اك م ا ي دعوهم لتح ذير أوالدهم من ش يء ي ؤذيهم ،فعليهم أن يفس روا هلم
األم ر بش كل علمي ومنطقي بطريق ة خالي ة من ال رتهيب والتهوي ل والتخوي ف ،بعي دة عن رائح ة
الكذب .
توطئة
يستجيب الطفل منذ والدته ملؤثرات العامل اخلارجي الذي حييط به وختتلف االستجابة باختالف شدة
املثري ومدى تأثريه بالطفل فشدة الضوء مثًال جتعله حيرك عينيه بسرعة واألصوات العالية تدعوه إىل
الصراخ والقيام حبركات دفاعية معينة حتاشيًا للخطر 0وهذا السلوك الذي يتخذه الطفل جتاه تلك
األحداث يسمى خوفًا 0
فاخلوف هو إذا ما يعرب عنه جمموع احلركات والصراخ وتغيريات اللون واتساع حدقة العني وتسرع
ضربات القلب اليت تقرتن باخلطر املفاجئ وهذه الردود اجلسدية ليست إال جهود الطفل للتخلص من
مثري يؤمله أو يهدد حياته 0
ويبدأ اخلوف عند الطفل على هيئة فزع عميق يتجلى يف مالمح الوجه عامة تتبعه رعشة وصراخ
مصحوب بتغريات عضوية داخلية مما يؤدي يف النهاية إىل ارجتاف الشفتني والتلعثم يف الكالم 0وال
يقتصر اخلوف على الصغار وحدهم بل كثريًا ما حيدث عند األحداث والراشدين ويعد اخلوف إحدى
القوى الفاعلة يف بناء الشخصية أو هدمها فقد يؤدي إىل تشتيت الطاقة العقلية املتجهة إىل هدف ما كما
قد يوجه الفرد إىل الطريق الصحيح ويدفع عنه القوى املؤذية 0
وقد دلت البحوث على أن الطفل الذي مل يتعرض للمؤثرات اخلارجية كما يتعرض غريه من األطفال ال
يبدي خوفًا يف الظالم إذا ما المس بعض احليوانات أو الطيور أو حىت األشياء اجملسمة 0كما دلت هذه
البحوث أيضًا على وجود شيئني يثريان اخلوف عند الرضيع خاصة 0ومها الضوضاء العالية وزوال ما
يستند إليه فإذا ما اقرتن مثري آخر كالظالم أو حيوان أو نار بأحد هذين املثرين نتج اخلوف يف املناسبات
املتتالية كلها إذا ما تكرر هذا االقرتان عدة مرات – ويطلق على اخلوف يف هذه احلال اسم ( الردود
االنفعالية الشرطية ) – ويصبح اخلوف من الكلب هو اخلوف من نباحه قبل اخلوف من عضته 0
وهكذا نعلل شعور الطفل باخلوف عندما يرتك وحده للمرة األوىل يف الظالم فليس الظالم هو سبب
اخلوف وإمنا السبب احلقيقي هو شعور الطفل باالنفصال والوحدة اليت كثريًا ما تقرتن بالظالم 0
وباملقابل ليس احليوان هو الذي يسبب اخلوف للطفل وإمنا صوت احليوان الذي كثريًا ما يقلده الوالدان
يف أثناء تقدمة الدمى احليوانية إىل الطفل 0
لنأخذ طفًال نشأ مع أم تقفل األبواب بضوضاء شديدة وتتكلم بصوت عال فإذا مل تكن طريقتها سارة
يف تقدمي الطعام للطفل فمن اجلائز أن تصبح هي نفسها مبعثًا للخوف خاصة وقت الطعام وهلذا جند أن
بعض األطفال يقبلون على الطعام من أمهاهتم وال يقبلونه من مربياهتم أو بالعكس وقد يألف الرضيع
شخصًا ما ويقبل عليه بينما ترتعد فرائصه خوفًا من شخص آخر وكثريًا ما خياف األطفال من بعض
األشياء اليت تقرتن بالضوضاء إذا ما تكرر هذا االقرتان وأصبح حقيقة راسخة يف ذهن الطفل 0فهناك
طفلة على سبيل املثال أضناها املرض ألن أبويها كانا يتشاحنان كثريًا أمامها يف صراخ وضوضاء ليًال
وحينما أزيل السبب وسوى الوالدان النزاع فيما بينهما حتسنت حالة الطفلة الصحية وعادت إىل وضعها
الطبيعي 0غري أن هناك خماوف أخرى أكثر تعقيدًا تنشأ يف نفس الطفل وتنمو مع خوضه غمار احلياة
العائلية 0ويرتبط اخلوف يف الغالب باألشخاص وباملشاعر اليت تنشأ يف نفس الطفل جتاه هؤالء
األشخاص 0فالطفل خياف عندما يشعر أنه مهمل فيثور ويغضب وقد يودي به هذا إىل الكراهية بل إىل
املقت 0وقد يكون هذا الشعور بالكراهية أو املقت قويًا جدًا يف بعض األحيان حيث ينزع الطفل إىل
إخفائه حىت عن نفسه لكي يستطيع أن يتقبل القوانني الوالدية رغبة يف احملبة والسالم 0وتلعب العقوبة
دورًا كبريًا يف اخلوف إذا كانت أعمال الطفل غري مرغوب فيها
وينتقل اخلوف من أمل العقاب والشخص الذي يوقعه إىل انفعاالت الطفل ومشاعره املتأججة وهو يعلم
أهنا حمظورة عليه 0وخياف الطفل يف هذه احلال من نفسه وكثريًا ما حيدث هذا النوع من اخلوف عند
العصابيني الذين خيشون سيطرة األهواء أو النزعات 0وقد حيدث اخلوف نتيجة ملثري داخلي يرتبط
بشيء خارجي قد ال يكون ضارًا يف حد ذاته فهناك طفل يف العاشرة من عمره مثًال خياف من الوحدة
على الرغم من أنه نبيه شديد احلذر يف تصرفاته فقد دخل ذات يوم إىل املطبخ صباحًا فلم يكد يفتح
الباب حىت سقط حزام أبيه املعلق فوق الباب على كتفه فارتعدت فرائصه وانطلق مسرعًا دون أن يدخل
املطبخ ومنذ ذلك املوقف ابتدأ خوفه وأصبح ال يطيق البقاء وحيدًا ألنه يرى أيدي ممتدة من خلف
األبواب وأشباحًا ترتاقص يف الغرفة لرتعبه ولدى البحث تبني أن والد الطفل سيد مطاع له طريقة يف
التأديب يفخر هبا وهو حيب أطفاله وخاصة هذا الطفل الذي يعجب بأبيه أيضًا
أنواع المخاوف
تقسم املخاوف اليت تصيب األطفال إىل نوعني تبعًا لتقدم منو الطفل النوع األول بسيط يتعلق بدافع
احملافظة على البقاء ويشمل خماوف األطفال العادية اليت تظهر يف احلياة اليومية وتسهل مالحظتها
كاخلوف من الظالم واحليوانات واللصوص 0فالظالم هو مايعده الطفل نوعًا من الوحدة حيث يرتك
املرء وحيدًا دون وقاية أو طمأنينة وهو املكان الذي يتوقع جميء األخطار فيه وهذا ما يسمى باخلوف
من اجملهول 0ولعل الطفل حني يصفر وهو يصعد الدرج يف الظالم صفريًا خفيفًا أو يغين ال يفعل أكثر
من تعزيز إحساسه بالطمأنينة واألنس كما يفعل البسطاء بإبعاد اخلطر الكامن يف الظالم بوساطة التعاويذ
0ونظرًا ملا حيدثه الظالم من رعب فإنه يصبح شخصًا ميكن أن ينزل العقاب بالطفل وميكن تفادي
اخلوف من الظالم بأن نعود الطفل النوم وحده وألفة الظالم حيث تكون احلالة املالزمة للنوم اهلادئ 0
واخلوف من احليوانات والشرطة واألطباء واألماكن العالية كلها من املخاوف املوضوعية البسيطة األكثر
شيوعًا وعلى اآلباء أن يعرفوا ذلك ليسهل التغلب على اخلوف ويصبح أمرًا ممكنًا 0فاألطفال خيافون
من أي شيء جديد أو غريب ولكن هذا يزول بسرعة إذا ما هيء للطفل الوقت الكايف حىت يألف
موضوع خوفه 0إال أنه ال بد من اإلشارة هنا إىل أنه ال جيوز دفع الصغار وإقحامهم يف املواقف اليت
ختيفهم بغية إعانتهم يف التغلب على اخلوف 0واخلوف الذي يتصل بالتجارب احلقيقية يف مرحلة
الطفولة قد يكون أمرًا ضروريًا لإلبقاء على النفس وتوجيه السلوك 0غري أنه جيب عدم اإلسراف يف
إثارة مثل هذه املخاوف لئال تزداد شدهتا وتصبح عامًال معوقًا لنشاط الطفل 0
ومن احلكمة أن نشجع الطفل بعد تعرضه إلحدى التجارب املزعجة على التحدث عنها كما يشاء حىت
تظهر أقل غرابة وأكثر ألفة بدًال من دفنها يف أعماق نفسه مما يكون له أثر بالغ يف حياته املقبلة ومن
املستحسن أن ميتنع األهل عن االستهزاء بالطفل إذا خاف واهتامه بالغباوة أحيانًا وأن يظهروا له بأهنم
يقدرون مشاعره وإن هذه املشاعر املنافية لن تدوم طويًال 0
أما النوع الثاين من املخاوف فهو يرتبط بالشعور باألمث يف نفس الطفل نتيجة لصلته بالقائمني على
توجيه سلوكه 0إن أطفال اآلباء اهلادئني ينشؤون غري هيابني ويرجع ذلك إىل رزانة عقوهلم أوًال وتنظيم
انفعاالهتم ثانيًا مما جيعلهم قدوة حسنة ألطفاهلم يسرعون يف تقليدها 0يضاف إىل أن اآلباء اهلادئني
يثريون يف نفس الطفل شعورًا باخلري ميكن أن ينغص حياته ويتحول إىل ضمري له مطالب مرهقة 0وتعد
القصص اخلرافية أشكاًال مجيلة حياول الطفل من خالهلا التعبري عن آماله وشكوكه بالنسبة إىل الراشدين
احمليطني به وتشمل أغلب خماوفه فيجد فيها التنني واملردة وأغرب من ذلك أيضًا حيث تتحول الوحوش
إىل بشر 0إن تلك القصص تغذي خيال الطفل ولكنها ال ختلقه فهو يؤلف القصص مبحض إرادته
وطبيعته ومع ذلك فإن تنقية خيال الطفل من األشياء املخيفة املرعبة تتطلب العناية برتبيته يف السنوات
األوىل وتعويده ضبط نفسه بعيدًا عن الصرامة الشديدة 0
ويلعب التقليد دورًا هامًا يف خماوف األطفال 0فاألطفال ال يقلدون والديهم يف األخالق والعادات
االجتماعية فحسب وإمنا ميتد ذلك إىل املواقف االنفعالية اليت يتخذها األطفال حيال أي موقف رأوا
أهلهم فيه 0فاألم اليت ختاف من الظالم أو احليوانات أو النار 00اخل ميكن أن ختلف هذه املخاوف يف
ولدها صورة مناذج من السلوك يقوم الطفل بتقليدها وحماكاهتا لذلك ينصح اآلباء واألمهات الذين
يعانون من بعض املخاوف بأال يظهروها أمام أطفاهلم ألهنا ستنعكس ورمبا بشكل دائم يف تصرف الطفل
وهو يواجه املواقف املماثلة 0
وكثري من املخاوف اليت قد يتعرض هلا الطفل هي من النوع اهلدام الذي ال جيديه نفعًا بل يفتت نشاطه
ويشل فعاليته 0ويلعب التقليد هنا دورًا كبريًا يف تكوين هذه املخاوف نتيجة لعالقة الطفل بوالديه إذ
جيد اآلباء أحيانًا أن اخلوف من الطرق اجملدية يف فرض الطاعة وتنفيذ األوامر 0ولكن هذا ليس أساسًا
صحيحًا للتحكم بسلوك الطفل بل إن مثل هذه التجارب قد ترتك وراءها ندوبًا وآثارًا سلبية يف
تصرفات الطفل قد يصعب التخلص منها 0
ومن السهل جدًا أن يصري اخلوف طاغية متكمنة من عقل الطفل إذًا ما تابعنا التلميح واإلحياء له بإمكانية
تعرضه للخطر إن كثريًا من اآلباء ال ينفكون عن حتذير أطفاهلم وتنبيههم إىل األخذ بلون ما من النشاط
واالمتناع عن غريه حىت ال يصيبهم إىل األخذ بلون ما من النشاط واالمتناع عن غريه حىت ال يصيبهم
األذى ويعتاد الطفل على مساع عبارات حمددة مثل :ال تتسلق الشجرة لئال تقع سيخطفك الشحاذ إذا
خرجت من البيت – إذا أكلت احللوى ستصاب باملرض – سوف ترتكك أمك وحيدًا إذا كنت شقيًا
وغري ذلك من عبارات التخويف 0وقد يكون هذا التحذير وسيلة مؤقتة للتهذيب لكنها ليست ذات
أثر طيب يف غرس السلوك احلميد 0وحلسن احلظ فإن كثريًا من األطفال سرعان ما يكتشفون زيف
هذه التحذيرات ويتصرفون حياهلا على أهنا ليست كذلك 0ومع أن اخلوف وسيلة جمدية أحيانًا يف
ضبط الطفل ضبطًا مؤقتًا غري أنه من اخلري لآلباء أن يوقنوا بأن أطفاهلم قادرون – وخبربهتم اخلاصة –
على اكتشاف اخلداع والتهديد من جانبهم دليًال واضحًا على ضعفهم وقلة درايتهم يف معاجلة املواقف
بشكل صريح وإجيايب حيقق مصلحة اآلباء واألبناء 0
وليتذكر اآلباء أهنم ما ربطوا عنصر اخلوف ببعض املواقف أو األشخاص أو األشياء هبدف إخافة الطفل
أو إرهابه فإهنم ال يلحقون به ظلمًا كبريًا فحسب بل أهنم يف ذلك حيطمون ثقته بوالديه 0لذلك جيب
أال تكون انفعاالت األطفال جماًال لالستغالل واالستخفاف ألن ذلك ال يقل خطورة عن العبث بإحدى
حواس الطفل اليت جيب على الوالدين العناية هبا واحملافظة عليها 0
واخلوف انفعال تسهل استثارته بوسائل وطرق شىت وله آثار بعيدة املدى على اآلباء أن حيذروا منها
وحياولوا جتنبها يف األوقات مجيعها 0وهنا ال بد أن نشري إىل صعوبة فصل اخلوف عن العقاب يف تربية
األطفال وأن نتساءل إىل أي حد ينبغي أن يكون اخلوف عامًال يف التهذيب االجتماعي ؟ 0
يف الواقع أن موقف الطفل جتاه العقاب جيب أال يكون قائمًا على عدم املباالة من جهة أو اهللع واخلوف
من جهة أخرى 0بل جيب أن يتسم املوقف بنوع من االهتمام أي أن يكون مصطبغًا بعنصر خلوف إىل
حد ما 0فإذا مل يشعر الطفل باالضطراب إزاء عمل ينايف القواعد االجتماعية وإذا مل حيفل الصغري
بسخط أهله لسوء تصرفه يف موقف ما فهو شخص يصعب أن نكون فيه قيمًا وعادات تؤدي به إىل
التوافق أو التكيف االجتماعي 0
ومن اجلدير بالذكر أن احلذر ليس إال نوعًا من اخلوف ضروريًا ومالزمًا للنجاح 0فكلما أقدم الطفل
على خربة جديدة الزمه نوع ما من اخلوف يتجلى يف كثري من ألوان الشك واحليطة مثله يف ذلك مثل
الكبار الذين يتوقعون اإلخفاق وقد يصل إىل درجة متنع حتقيق أهدافه وتؤدي إىل اخليبة 0
وكثري من املخاوف اليت يشعر هبا الصغار ليست موضوعية أي متصلة باألشياء املرئية أو املسموعة بل
تنتج على األغلب من خيال الطفل وتصوراته الذاتية 0وهذه املخاوف الذاتية يصعب حتديد أسباهبا إال
بعد وقت طويل من الدراسة الدقيقة 0والطفل اخليايل قد يتصور أنواع املواقف املرعبة كلها فتبدو أمامه
حقيقة ال لبس فيها مع أهنا من صنع خياله فرتاه خياف منها ويرتعب كما لو كانت يف الواقع احملسوس 0
ويظهر هذا النوع عندما يسمع الطفل قصة مرعبة تدور أحداثها يف الظالم عن الكوارث واملعجزات فإذا
ما أوى إىل فراشه ليًال – وكان وحيدًا يف غرفته راح خياله يستعيد شريط القصة اليت مسعها ويقرهنا مع
الوحدة والظلمة اليت حتيط به 0فينتابه الرعب والذعر وخيرج من فراشه وسط البكاء والصراخ 0ومن
املعروف أن اخلوف من الظالم ال يبدأ إىل يف سن الثالثة من العمر إال إذا تعرض الطفل قبل ذلك خلربة
مفزعة يف الظالم 0ورغم ذلك فإذا ما أحسن الوالدان تدبري حياة الطفل كان هذا الطور قصريًا وكان
أثره يف مستقبل حياة الطفل االنفعالية حمدودًا الغاية 0
-1اخلوف من املظاهر الطبيعية لدى األطفال مجيعهم وهو من األمور املستحبة إذا كان يف احلدود
املعقولة إذ ميكن استخدامه وسيلة حلماية الطفل من احلوادث اليت ميكن أن يتعرض هلا 0أما إذا زاد
على حدود التحذير والتوجيه وسبب قلقًا كبريًا للطفل فسيكون عندها مشكلة جيب النظر فيها
ومعاجلتها بشىت األساليب وبالسرعة املمكنة 0
-2يالحظ بوجه عام أن نسبة اخلوف عند اإلناث أكثر منها عند الذكور أي أن اإلناث أكثر إظهارًا
للخوف من الذكور 0كما ختتلف شدة اخلوف تبعًا لشدة ختيل الطفل 0إذ تتناسب شدة اخلوف
طردًا مع شدة اخليال 0فكلما كان الطفل أكثر ختيًال كان أكثر ختوفًا 0وإن جتارب الطفل يف
املواقف مع األشياء وتكرار مصادفته هلا واحتكاكه مع أترابه من األطفال ختفف اخلوف تدرجييًا من
هذه املواقف واألشياء حىت يألفها ويتكيف معها 0
وتؤكد دراسات – هاغمان ( ) F.R.Hagmen.1932أن مثريات اخلوف عند الطفل فيما بني
الثانية والسادسة من سين حياته تتجلى يف اخلوف من اخلربات املاضية املؤملة 0كاخلوف من عالج
األطباء واخلوف من األشياء الغريبة كاحليوانات اليت مل يعتد عليها الطفل من قبل واخلوف مما خيشاه
الكبار فهو يقلد أهله وذويه يف خوفهم من العواصف والظالم والشياطني 0أي أن الطفل يتأثر يف خماوفه
بأمناط الثقافة اليت تسيطر على بيئته 0
-4تنشأ خماوف األطفال بسبب ما يصادفونه يف خرباهتم نتيجة لألخطاء الرتبوية اليت يرتكبها
الوالدان يف أحيان كثرية 0فهناك أوًال املخاوف اليت هتدف إىل محاية النفس وهي مبثابة النذير باخلطر
من جهة والدافع الذي حيرك املرء ويهيء له سبل الفرار من الضرر الذي قد يقع عليه من جهة
أخرى وثانيًا املخاوف اخلارجة عن طبيعة الطفل وتنشأ عن األشياء املوضوعية نتيجة احتكاكه
باملشرفني على رعايته ومنوه ذلك النمو الذي يتطلب خضوع السلوك مبظاهر كلها لقواعد نظامية
تنتهي إىل حياة اجتماعية منتظمة 0
-5من الصعوبة أن يقف الوالدان على كل خربة قد تكون مبعثًا للخوف عند أطفاهلما ولكننا
نستطيع أن نقول :أن األباء الذين ينالون ثقة أطفاهلم ميكنهم الوقوف على خماوف صغارهم حاملا
يشعرون هبا تقريبًا 0ويستطيعون يف هذه احلال أن يقدموا هلم التوجيه والعون وكل ما يستطيعه
األب احلصيف وقاية الطفل من التجارب اليت تبعث اخلوف يف نفسه وإذا وقعت وجب عليه أن
يعمل جاهدًا للقضاء على تلك املخاوف يف أقرب وأسرع وقت ممكن 0
وللوقاية من اخلوف الزائد ال بد من مراعاة القواعد العامة والصحيحة يف تربية الطفل وخاصة ما يتعلق
بتوفري متطلباته وحاجاته األساسية من حمبة وعطف وشعور بالطمأنينة واألمان ومنحه حرية التصرف يف
بعض شؤونه وحتمله ملسؤوليات تتناسب مع منوه ومراحل تطوره مع عدم إخافته أو حىت اإلحياء إليه
باخلوف إال يف بعض األمور اليت جيب حتذيره منها وتنبيهه إليها بعيدًا عن االستهزاء أو التوبيخ أو
الفظاظة وباإلقناع بأن الشيء الذي خيافه هو غري خميف وغري مؤذ 0
واخلطة العملية واجملدية هي أن تعطي الطفل الشعور باالطمئنان واحلماية واالحرتام والثقة وجنعله أكثر
تعرضًا للشيء الذي خييفه 0فإذا كان خياف الظالم فإننا نداعبه مرات متعددة بإطفاء النور وإشعاله مع
بعض احلركات املرحة 0وال ننسى التقليد الذي يعد صفة أساسية من صفات الطفولة 0فالطفل خيفف
كثريًا من خوفه إذا ما رأى أطفاًال آخرين ال خيافون من شيء خياف منه 0بل ويلعبون فيه كالدمى اليت
متثل احليوانات مثًال وهذا ما يساعده على التكيف وإزالة اخلوف بالتدريج 0
والقاعدة العامة هي أن بعض األطفال يتخلصون من خماوفهم ويتغلبون عليها حىت ولو مل نساعدهم 0
ذلك ألن الطفل – مع تقدمه يف العمر – يبدأ بفهم األشياء بصورة أحسن وتبدو يف نظره خمتلفة عن
ذي قبل مما يقلل يف النهاية من هتديدها له 0أما إذا مل يستطع الطفل التغلب على هذه املخاوف يف
الوقت املناسب وألي سبب كان فيجب عندها التدخل ملساعدته يف التخلص منها 0ويف هذا الصدد ال
بد أن نؤكد أن حسن معاملة الوالدين وطريقة معاجلتهما لألمور شيء هام ومفيد بالنسبة إىل الطفل
وختليصه من خماوفه أما إذا كان اخلوف زائدًا كما هو احلال يف الرهاب أو اخلوف املرضي فمن املناسب
البحث عن االختصاصيني لتقدمي العون واملساعدة يف حل املشكلة
لذلك يشجع األخصائيون اآلباء على مالحظة الجلسات التي يدار بها النقاش داخل األسرة
وباألخص عملية حل الخالفات.
من الطبيعي أن يختلف الوالدان حول أمر ما ،ولكن من غير المستحب أن يتشاجرا أمام األبناء لما
في ذلك من أضرار نفسية واجتماعية عليهم ،والطفل عندما يرى ويسمع الخالف بين والديه قد
يكّو ن فكرة سلبية عن الحياة الزوجية خصوصًا إذا انتهى النقاش بعنف قد تنتج عنه أضرار جسدية
ناهيك عن األضرار النفسية .ومن ناحية أخرى :إن االختالف في الرأي أمام األطفال قد يؤدي إلى
انقسام األطفال إلى جانب أحد الوالدين ،مما يؤدي إلى مشاكل في االتصال والتفاعل بين أفراد
األسرة ،هذا باإلضافة إلى أن الفائز دائمًا أو ( غالبًا ) بعد االختالف يعطي انطباعًا لدى األبناء بأنه
األقوى في حين يرى األبناء الطرف الخاسر على أنه ضعيف وجدير بالشفقة ،وتشير الدكتورة
أنوار إلى تركيز االختصاصيين على ضرورة تأهيل الراغبين في الزواج وتدريبهم على مهارات
االتصال ،وهذا إجراء وقائي ومفيد جدًا حيث يجنب الوالدين الوقوع في مثل هذه المآزق.
•مواقف طارئة
هناك مواقف طارئة ال يستطيع الوالدان أن يتفقا على موقف واحد تجاهها مسبقًا ،فكيف يفعل
الولدان إزاءها؟
إضافة إلى مواقف لم تكن قد خطرت على بال الوالدين ليتفقا مسبقًا عليها؟ فكيف يكون التصرف
المثالي؟
هنا يحسن أن ال يخالف أحد الوالدين اآلخر في األمر الذي وجهه إلى الطفل ،ويؤجل معارضته له
ما بعد قيام الطفل باألمر وفي غيبته حتى ال يشهد خالف أبويه.
ومثال ذلك أن تفاجأ األم بأن األب يكلف ولدها بحمل شيء ونقله إلى مكان آخر ..وهي ترى أن
هذا الشيء ثقيل جدًا على الطفل ..وأن وزنه ال يتناسب مع سنه..
من الخطأ هنا أن تقول األم لألب أمام طفلهما :أليس في قلبك رحمة ..كيف تريده أن يحمل هذا
؟ إنه ما زال صغيرًا!!
بل يجب عليها أن تنتظر لتفاتح زوجها بهدوء في غياب الطفل ..وليس أمامه ..وتشرح له كيف
أن تكليفه غير مناسب لسن ولدهما ..وإذا كانت خشيتها على الطفل تدفعها لعدم االنتظار إلى ما
بعد فيمكنها أن تقوم بمساعدة الطفل في حمل ما كلفه به أبوه أو حمله عنه ..دون أن تطلب منه
رفض أمر أبيه له.
•الخالفات األسرية من أهم أسباب األمراض النفسية عند األطفال
في دراسة شملت ( )110أسرة أمريكية تضم أطفاًال تتفاوت أعمارهم ما بين ثالثة وخمسة أعوام
أجراها معهد العلوم النفسية في أتالنتا تبين أن هناك دالئل قطعية على وجود عالقة بين شخصية
الطفل المشاغب ،كثير الحركة العنيد ،المتمرد والعدواني ،وبين األم كثيرة الغضب ،التي تصرخ
دائمًا وتهدد بأعلى صوتها حين تغضب.
وهكذا تلتقي الدراسات التربوية واألسرية على أهمية استقرار األسر في صحة األبناء النفسية،
وعلى دور الخالفات الشديدة والشجارات الدائمة بين الزوجين في فقدان األبناء لهذه الصحة
النفسية أو قدر منها.
•حقوق األبناء
األطفال في حاجة إلى محيط أسري هادئ يشعرهم بالطمأنينة واألمن ،أما النزاع واالختالفات فهي
بمثابة عاصفة عاتية تدمر مشاعر الطفل وتقذف في قلبه الخوف والقلق ،وإذا كانت هناك هموم
تعكر صفو الحياة فينبغي على الوالدين معالجتها بعيدًا عن األطفال ،فاالبتسامة والحنان والمحبة
والرعاية هي حق الطفولة ،وهي من واجبات الوالدين.
-1الحرص على محاورة األبناء بهدوء ،دون هياج أو غضب ،وشرح أخطائهم لهم وآثارها
السلبية مع األمثلة المقنعة.
-2عدم االختالف والمشاجرة أمام األبناء والتعهد على ذلك ،بغية حماية األطفال من اآلثار
الضارة لهذه الخالفات وأيضًا تقليل أوقات الخالف.
-3عدم انتقاد أحد الزوجين اآلخر على أسلوبه في تربية ابنه أو ابنته في حضورهما ،وليؤجل هذا
النقد إلى وقت آخر بعيدًا عن األوالد.
-4اجتناب ضرب األبناء إلى أقصى حد ،فكثيرًا ما تكون النظرة الحازمة أو الكلمة الحاسمة أشد
على األبناء وأجدى من الضرب الذي هو تشٍف أكثر منه تأديبًا.
-5مضاعفة التسامح بين الزوجين في األوقات الحرجة ،والتغافل عن زالت بعضهما وعدم تتبع
األخطاء والمحاسبة على كل شاردة وواردة.
-6مراعاة مشاعر اآلخر وفهمها ألن من أسباب الجفاء الذي يباعد بين الزوجين إهمالهما الثناء،
أي ثناء كل منهما على صاحبه.