Professional Documents
Culture Documents
المعلوماتية
المعلوماتية
مدخل :
بداي))ة أج))د أن))ه يتعين علين))ا منهجي))ا لدراس))ة موض))وع تس))ويق المعلوماتي))ة في كيانن))ا الحض))اري وفي
وجودنا المؤسساتي ،أو استنباتها في واقعنا الحياتي ،أن نضع المسألة ضمن النطاق الزمني في محور
آجل األعمال وعاجلها ،ونتفحص ذلك عند الغرب المرسل وعندنا نحن المستقبلين ،ذلك أن هذا النط))اق
بحسب المرزوقي هو المعيار ال)ذي ي))وفر لن))ا تقويم))ا فعلي))ا لممارس))اتنا النظري))ة والعملي))ة ويحمين))ا من
مساوئ الفصل بين النظر والعمل وسوء تق))دير العالق))ة بينهم))ا (.الم))رزوقي34:ـ)37حيث أن تس))ويق
التكنولوجيا من حيث هو راهننا الحاضر ورهاننا المستقبلي الحضاري يط))رح كآلي))ة من آلي))ات أعمالن))ا
المتعلقة بنشدان التقدم والمواكبة العالمية في كل قطاعات التنمية ،تقتض))ي دراس))تها في نط))اق العالق))ة
بين بعدي العمل آجله وعاجله ،وهو نطاق منهجي ال يستقيم تحليل مس))ألة تمي))يز الض))روري من غ)يره
في األعمال الحضارية المجتمعية دونه؛ فاآلجل من األعمال في الوظيفة العقلية االدراكية شأن تصوري
ت))وقعي أو ت))ذكري ي))دخل في نط))اق البحث النظ))ري ،حس))ب تعري))ف الم))رزوقي ل))ه ،ومن وجه))ة نظ))ر
السيبرنيطيقية هو الذي يوفر لنا الخيارات الالزمة للتخطيط الناجع ومقتض))يات تأهي))ل الف))رد والمجتم))ع
على تمثل واع لجهاز التحكم ال)ذاتي ال)ذي يعم))ل في ه)ذا المج))ال كجه))از من))اعي يحف))ظ ال)ذات الفردي))ة
والهوية االجتماعية من أي مساوئ محتملة للتجربة الوافدة ،والعاجل من األعمال ـ حسب الم))رزوقي ـ
شأن تطبيقي حسي يدخل في نطاق اإلنجاز عند(الميقات) وحلول األوان الحتمية للممارسة التي ال تقب))ل
التأجيل والتأخير ،وفي منظور السيبرنيطيقا هو الجانب من العم)ل ال)ذي يهتم بتحس)ين التحكم وتوس)يع
لمجال السيطرة الخارجية على الذات والمجتمع ،وعن)د زي)ادة نف)وذ س)لطة العم)ل واإلنج)از ب)دل س)لطة
المعرف))ة والتحكم ال))ذاتي في منظوم))ة العم))ل ب))العلم يخت))ل م))يزان العم))ل ،كم))ا هي ثقاف))ة المجتمع))ات
الص))ناعية أو الحداثي))ة في العم))ل تتب))دى متمرك))زة أك))ثر ح))ول النم))و واإلنت))اج .وفي فلس))فة م))وت
األي)ديولوجيات وح)تى م)وت اإلنس)ان وإقص)اء لل)ذات واإلرادة ،واالعت)داد ب)الوقع ومفردات)ه ،تمرك)زت
التقنية والتكنولوجيا كبديل عن الذات ،تمارس وظيفتها في منظومة العم))ل كم))ا ل))و ك))انت ش))يء مض))اد
للعقل والفكر والذات تفرض نفسها على إنسانية اإلنسان وتس))لبه إرادت))ه ،وهي ب))ذلك تس))اهم في إنت))اج
القن المأمور بدل من اإلنسان المنصت على األقل .
والعالقة بين آجل األعمال وعاجلها مؤكدة االرتباط والعلي)ة في التجرب)ة الغربي)ة النهض)وية المعياري)ة،
ذلك أن ممارسة األعمال بوصفها عاجلة إنما تستند إلى مرجعية نظرية تتعلق بمعطيات األفعال اآلجل))ة،
وتتغذى من نتائجها كتجربة تصورية منطقية شكلت منظومة فكرية ومبادئ واس))تراتيجيات ومخطط))ات
يستهدي بها العمل طريقه للنجاح ،محققة بذلك شرط الحرية اإلنسانية وتس))اميه ،فالعق))ل اإلنس))اني ه))و
من يجعل للعالقة بين بعدي العمل ( اآلج))ل والعاج))ل ) فاعليته))ا الس))ببية الواعي))ة في الفع))ل الف))ردي أو
الجماعي التاريخي ،حيث يجعل اآلجل في العمل عاجال في البحث النظري.
وإذا أردنا أن نضع له))ذه العالق))ة توص))يفا من منظ))ور بي))داغوجي تعلمي ،فإنن))ا ن))درجها في س))ياق م))ا
يعرف في البيداغوجيا بـ "التمثالت التي تعمل وظيفيا على "اس))تباق ذه))ني للحاض))ر قب))ل أن يوج))د في
الواقع " أو ما يعرف بتح))يين م))ا ليس آني))ا ( ،التمث))ل 23 :ـ ) 29وه))و م))ا نع))ده هن))ا التك))وين األولي
للمورد المعرفي النظري الالزم للعمل ،وما يجعل العاجل في العمل آجال يستمد مشروعية ممارس))ته من
المعرف)ة النظري)ة االس)تباقية ( الم)ورد المع)رفي المك)ون) بش)كل يحق)ق توص)يل الفع)ل اآلج)ل بالعاج)ل
ويغذيه ،وهو ما تقوم به التمثالت في إحدى وظائفه))ا البيداغوجي))ة ،تتب))دى في))ه معرف))ة الطف))ل ب))الواقع
معرفة بنائية فريدة وليست مجرد انعكاس للواقع ،وعندما يصبح األمر التعلمي يتعلق باإلنس))ان الراش))د
في طور العمليات الشكلية يكون أقدر على التجري))د وممارس))ة التفك))ير الفرض))ي االس))تنتاجي ،ولألس))ف
ليس ك))ل الراش))دين كم))ا ه))و في ع))رف النظري))ة البنائي))ة التكويني))ة يبلغ))ون ه))ذه المرحل))ة ( التقني))ات
التربوية 165 :ـ ) 170فالكثير كما هو مالح))ظ في مجتمعن))ا الراش))د (كمؤسس))ات) ـ لفق))دانهم ش))روط
ذلك ـ عجز عن بلوغ تلك المرحلة من التعلم ( النضج ) لممارسة التفكير الفرضي بخصائص))ه الذهني))ة،
وفي ضوء هذا العجز يفسر ـ بيداغوجيا ـ فشل المؤسس))ات الوطني))ة التحديثي))ة ـ من حيث هي جماع))ة
من الراشدين النظاميين المشرفين ـ في تنشيط البحوث االفتراضية االستباقية أو االستش))رافية قب))ل أي
مشروع عملي ضروري لإلنجاز اآلني .وهو الشرط الالزم ال)ذي ب)ه يحق)ق العم)ل ش)رطه اإلنس)اني أي
القدرة على اإلدراك الس))ليم للعالق))ة الس))ببية ،وإح))دى تجلي))ات العلم باألس))باب أو العلم بالعم))ل كص))ورة
مع))برة عن ممارس))ة اإلنس))ان إلنس))انيته وتحقي))ق س))يادته على الطبيع))ة من منظ))ور بن خل))دون .ومن
منظور السيبرنيطيقية هي الصورة ال)تي تتحق)ق به)ا المعرف)ة ذات التحكم ال)ذاتي أي المعرف)ة المنظم)ة
ذاتيا كمناعة ترفض حتمية التحكم الخارجي والخضوع القسري لها .ولعل هذه الصورة هي م))ا تق))رب ـ
فلس)))فيا ـ بين ال)))ذات في ص)))ورتها الترندس)))تانتالية ( المتعالي)))ة عن الواق)))ع ) وال)))ذات في ص)))ورة
الدازاين( التاريخانية ).
وتتعاظم مسألة إدراك العالقة بين اآلجل من األفعال والعاجل منها في منظومة التحديث عن))دنا أك))ثر من
غيرنا من حيث أننا في موقع التلقي واالستهالك ،أي في موقع المتعلم ،فتكنولوجيا المعلوماتية تعد عند
غيرنا المبدع ( ماضي أو حاضر ) يجري تحيين))ه يم))ارس في ض))وء مرجعيت))ه النظري))ة ويس))تمد قوت))ه
منها ،في حين أنه يعمل على تسويقها فينا للممارسة اآلنية مجردة من بعدها النظري اآلج))ل ،أي تعم))ل
كما لو أنها علم ينفذ فينا بدور مقنن لمنظوماتنا وذواتنا الستجابة لمطالب تخص السوق العالمية ،وهو
م))ا يجع))ل وض))عها موض))ع الفحص التجري))بي المنطقي واألم))بريقي في ض))وء الرب))ط الس))ببي بين آج))ل
األعم))ال وعاجلهاـ حين م))ا نك))ون بص))دد مالءم))ة أنفس))نا للت))أهب للمواكبةـ أك))ثر من ض))رورة حيث ال
يستقيم وال يجد الفعل المجتمعي في وضعية التلقي حريته عند فالسفة العمل ومنظري))ه إال إذا استحض))ر
الوعي بتلك العالقة وامتلك آليات التحكم الذاتي .وأن حصول الفص))ل بين بع))دي العم))ل ال يفس))ر إال في
ضوء سوء تقدير لتلك العالقة ،فيصبح العمل النظري مجرد تأم))ل أو تحلي))ل تص))وري تجري))دي ال يع))بر
عن حقيقة الرشد في البحث وبناء الواقع ،والممارسة مجرد ارتجال لعاج)ل األعم)ال ال مرجعي)ة نظري)ة
تس))نده وت))زوده ،وه))و م))ا يفق))ده حريت))ه تحت ض))غط ال))زمن ويس))بب بعدئ))ذ العوائ))ق األمبيريقي))ة
واالبستمولوجية ويؤول إلى فش))ل التجرب))ة كم))ا ه))و الش))أن عن))دنا حيث يس))ود طغي))ان األعم))ال اآلجل))ة
مجردة عن أبعادها النظرية ( أي العمل بدون علم ) .وقد قال الغ))زالي ق))ديما ( العلم ب))دون عم))ل جن))ون
والعلم بدون عمل )....ومن ذلك ما نجده ماثال في حالة المؤسسات التربوي))ة ال))تي ترك))ز على اإلنج))از
في مشاريعها اإلصالحية ح)تى ب)دت وكأنه)ا فاق)دة لهويته)ا الفكري)ة والعلمي)ة أو على األق)ل لم تس)تطع
بلورتها أو هي تبحث عن ذاتها تحت وطأة ما يمكن تسميته بكوكتال ثقافي متنافر األلوان أفقدها مصدر
تمويلها معرفيا ،فاكتفت بالحفاظ على البقاء بالزيادة والنقصان ،وهكذا في كل جه))د تح))ديثي نأخ))ذ على
حين غرة ،ويحين في غفلة منا وقت العمل الذي ال يبقي فس))حة للتأجي))ل والبحث النظ))ري إال في نط))اق
بحث سبل تكييف ومالءمة أوضاعنا نفسيا ومؤسس))اتيا لحتمي))ة التكنولوجي))ا اإللكتروني))ة وغيره))ا على
حساب الحتمية االجتماعية ،فنقع في األسر لما يعرف بعقدة السبق ووهم التقدم والمواكبة حتى ولو أن
وجودنا لم يتعد مستوى البقاء.
وإذا كانت مسالة اقتناء التكنولوجيا وتس))ويقها في مؤسس))اتنا تج))د مس))وغا منطقي))ا وتجريبي))ا له))ا في
عقدة السبق تحت ضغط وتأثير وتنشيط عدادات الجوانب اإليجابية لإللكترونيات ،فإنه يتعين علين))ا على
األق))ل وفي غي))اب مؤسس))ات الفحص العلمي لك))ل واف))د( فك))ري نظ))ري ،تكنول))وجي ص))ناعي ،ف))ني
جمالي...الخ) أن نستحضر على األقل ونخض))ع أعمالن))ا وممارس))اتنا لإليح))اءات والص))يحات التحذيري))ة
التي تطلق من مؤسسات الفحص عن)د المرس)ل .وق)د أطلقت تل)ك المؤسس)ات تح)ذيراتها بفع)ل ربطه)ا
للعالق)ة بين آج)ل األعم)ال وعاجله)ا من)ذ البداي)ة ،ففي مج)ال كش)ف الخط)ورة الناتج)ة عن اإلف)راط في
التطبيقات التكنولوجية نجدها مبك)رة ومتزامن)ة م)ع الوض)ع الح)داثي ،حيث كش)فت الدراس)ات أن)ه من)ذ
اإلعالن الفلسفي عن وحدة اإلنسان وواحديته في الوجود ،انفصل اإلنسان المعاص))ر عن هللا وم))ا ف))وق
الوجود وأخذ وج))وده كإنس))ان في منظوم))ة المدني))ة المعاص))رة ي))درج تحت ت))أثير وط))أة مط))الب الحي))اة
وتحقي))ق ال))ذات وقم))ع الواق))ع واستعص))ائه عن االس))تجابة ،ويتع))رض في ذل))ك لس))لب وج))وده الرم))زي
المعنوي ونفي معاييره وقيمه العليا الممتدة إلى مصدر إبداعات اإلنسان نفسه أو إلى مص))درها اإللهي،
وأدرج ذل))ك في المعرف))ة الوض))عية كم))ا ل))و ك))ان تجلي))ات لتحري))ر اإلنس))ان من األنس))اق الخارج))ة
الميتافيزيقية عن نطاق ذاتيته؛ ليعيش واقعيته بحرية ،غير أن تجلياته األخرى بدت وك))أن اإلنس))ان في
الوض))عية البنيوي))ة ب))دأ يفق))د تس))اميه أو تعالي))ه عن التجرب))ة الحس))ية أو م))ا يس))ميه الفالس))فة بـ"
ترانسندانتليته( ) Transcendentalismويتخلى عن مواقع))ه القيادي))ة في التج))اوز واإلب))داع لص))الح
الكائنات األخرى التي أوجدها وركبها ( التقني))ة ).كم))ا ب))دأ يفق))د ح))تى قدرت))ه على إدراك م))ا يجب فعل))ه
لتخطي الواق)ع ،لص))الح ذاتيت))ه أي يفق))د براكسيس))يته ( ) Praxisإن ص))ح التعب))ير.فيفق))د العم))ل بعدئ))ذ
حريته بفقدانه لبعده النظري العرفي ويصير العم)ل خاض)ع للعجل)ة واآلني)ة وطغيانه)ا ،فيس)قط في ح)يز
المغامرة والعشوائية ،والقفز إلى التحديث والحداثة بجهل أو تجاهل كامل لشروطها مهم))ا ب))دت التقني))ة
إيجابي))ة تس))تجيب لك))ل تح))ديات العم))ل الزمني))ة والمكاني))ة ،كم))ا هي اإلجاب))ات ال))تي توفره))ا التقني))ات
التكنولوجية التي يستعملها كالكمبيوتر والذكاء االصطناعي واألن)ترنت...الخ وأعتق))د أن أك))ثر التجلي))ات
لفقدان العم))ل لبع))ده النظ))ري هي م))ا ه)و علي))ه ح))ال منظومتن))ا الحداثي))ة من حيث نحن نع))د من معش))ر
المستهلكين ،حيث تعمل التكنولوجيا كمعلم ضابط لسلوكنا وذواتنا وإيقاعات تفكيرنا ،ف))القفز إلى اقتن))اء
أدوات الحداثة واستعمال تكنولوجياتها ،هو المهيمن في كل سياساتنا التحديثي))ة ومنه))ا سياس))ة تح))ديث
التعليم باقتناء الكومبيوتر واستدخاله ضمن العناصر المكونة للعملية التعليمي))ة دون بحث ش))روط ذل))ك،
ودون إدراج بع))د اآلج))ال له))ذا العم))ل فنبحث منظوم))ة مبادئ))ه وغايات))ه ،وفعاليت))ه التعليمي))ة أي نبحث
مشروعيته وشرعيته ،ونقف بعدئذ على مستلزمات تفعيل المرجعي))ة الذاتي))ة والتحكم ال))ذاتي( الحص))انة
االجتماعية ) ونكشف لعبة العصر في خرق عذرية الهويات الثقافية المحلية المسكوت عنه))ا .وإذا ك))ان
الغرب بطفراته العلمية قد أفقد الذات في وضعية الكوجيت))و ال))ديكارتي تعاليه))ا وتس))اميها ،وأكس))بها في
الوقت نفسه تاريخانيتها وصيرورتها الوجودية في الزمان والمكان فص))ارت ك))ل األش))ياء تحت التفك))ير
والدراسة والتجريب في نموذج الدزاين ،حيث انفتاح الذات على العالم ال من حيث هو موضوع فحس))ب
وإنما كانشغال ،يؤرقه ويثير فيه قلق وتساؤالت مستمرة ،ف))إن عق))دة الس))بق أفق))دتنا أزمن))ة الفع))ل في
المكان والزمان ووضعتنا موضع الكائن الممتن))ع عن البحث في األش))ياء ( ليس في اإلمك))ان أب))دع مم))ا
كان ) أو في قدرية الوجود وآيات))ه في الكائن))ات واألش))ياء المنزه)ة عن البحث والتكش))ف واالنكش))اف .
( الماهي))ة علي ح))رب ) 134 :فلم نع))د نهتم ب))البحث أو بض))رورة الدراس))ات االستش))رافية وال مراك))ز
بحثية مؤسسية ونكتفي بما يحققه الغرب من إبداع لنالئم أنفسنا الستهالك كحتمية تكنولوجي))ة ال خي))ار
لنا حيالها .وكأننا نساق بقولة " خلقوا وسخروا لنا بمنتجاتهم من أجل سعادتنا ".
والبحث في العالق))ة بين آج))ال األفع))ال وعاجله))ا ال تخص))نا نحن المتلقين فحس))ب وال هي من مفاعي))ل
نظرية المؤامرة كما قد يترآى للبعض ،بل هي مرحلة من مراحل ال))وعي بالعم))ل واإلنج))از في أزمنت))ه؛
فعند الغرب نجدها ماثلة في التحليل الفلسفي لـ "م))اركيوز" حيث نق))ل الع))الم بع))د تفاؤل))ه بمنجزات))ه في
عالم التقنية إلى التشاؤم والضبابية القاتمة لمستقبل البشرية في ظل التقدم التق))ني ،مس))جال ب))ذلك رب))ط
آجل العمل بعاجله؛ حيث ظهرت اآلداتي))ة ( التقني))ة ) وتوغالته))ا في حي))اة الف))رد في مش))روع م))اركيوز
النقدي ومن تبعه أمثال "هبرماس " أداة لقولبة اإلنسان وعرقلة إلرادته الواعية الح))رة أك))ثر مم))ا هي
أداة للتقدم والرفاهية .وما أظهرته تلك التحليالت الفلسفية المجتمعية في المشروع النقدي الم))ذكور من
صعوبة االنعتاق من ضغط األداتية ولد حالة من التوتر والقلق لدى المفك))رين والفالس))فة من الش))مولية
المعاصرة في تطبيقات التقنية اآلخذة في التزايد والمصاحبة باإلخفاقات المتكررة ،ومنه انبث))ق الس))ؤال
فهل إلى خروج من سبيل عند الغرب المب))دع ذات))ه؟ ( إش))كالية التواص))ل 345 :ـ ) 346وه))و س))ؤال
يستفز باستمرار النخب العلمية للتحليل والفحص الحضاري لمنجزاته حتى يتف))ادى م))ا يمكن أن نس))ميه
بتب))ذير ال))ذات * الفردي))ة أو الجماعي))ة ،فك))ان للدراس))ات االستش))رافية مكانته))ا العلمي))ة واالجتماعي))ة
والسياس))ية لتقري))ر مش))روعية العم))ل وش))رعيته في ك))ل مش))روع استش))رافي مس))تقبلي يتص))ورونه
ويرغبون في تحقيق))ه .ومن هن))ا أرى من الض))روري م))ا دمن))ا ت))ابعين في الوض))ع ال))راهن أن نس))تبطن
محاسن الغرب في ذاكرتنا ونعمل على إنتاج السؤال الفلسفي ألي إنجاز حتى نس))قط على األق))ل االته))ام
بنظرية " المؤامرة" .
حول المفهـوم
المعلوماتية :مفهوم يكتسب يوما بعد يوم ق)وة ومش)روعية الت)داول والحف)ر في مدلوالت)ه ،ح)تى ص)ار
مثقال بحمولة كبيرة من الدالالت ،فهو مكثف في وجوده وماهيته وال يقبل أن يختزل إلى مج))رد مفه))وم
يطل))ق على وس))ائل وأجه))زة إلكتروني))ة إتص))الية نفعي))ة ،فه))و يتعل))ق بك))ل حيثي))ات التواص))ل اإلعالمي
والبيداغوجي واالجتماعي والوجداني ،مما جعله موزعا بين عدة حق))ول معرفي))ة وجعل))ه بالت))الي مكثف))ا
في وجوده وماهيته ووظائفه وعلى قابلية قوي))ة للت))داول والتأوي))ل ،ويتض))من ع))دة دالالت ويحي))ل على
وض))عيات متنوع))ة ومتع))ددة كالوض))عية البيداغوجي))ة واإلخباري))ة والتحكمي))ة والتنبئي))ة والعالئقي))ة
واالجتماعية والواقعية واالفتراضية ...الخ .
فهو يحيل على مفهوم معجمي كما هو في الق))اموس اللغ))وي الفرنس))ي يتمرك))ز ح))ول المعالج))ة اآللي))ة
للمعلومات ( ) Informatiqueأو تعني علم الحاسوب باللغ))ة األنجليزي))ة( ) omputing Science
وتستعمل في الجزائر لتعني (إعالم آلي) وكل هذه المفاهيم والتسميات تتضمن داللة مشتركة تتعلق بما
تقوم بها اآللة وبالتحديد أجهزة الحاسوب من معالجة للمعلوم))ات من ت))دوين وتخ))زين وف))رز وتص))نيف
وع)))رض وتحلي)))ل وت)))ركيب وبحث وت)))رتيب ،وتع)))ديل وإدم)))اج ونس)))خ ،ولص)))ق وبرمج)))ة ونمذج)))ة
وحوار ...الخ أي ما تقوم به كل ما تعنيه كلمة المعالجة اإللكترونية للمعلومات .
ويشير من جهة أخرى إلى نظم المعلومات وعلوم الحاس))وب التطبيقي))ة يهتم بدراس))ة عملي))ات االتص))ال
وتطوير أساليب تنظيم وتخزين ومعالج))ة ونش))ر المعلوم))ات العلمي))ة والص))ناعية والخدماتي))ة وغيره))ا،
وه))و ب))ذلك يحي))ل في دالالت))ه على ك))ل م))ا يتعل))ق ب))المنظور العلمي لتقني))ة المعلوم))ات أو تكنولوجي))ا
المعلوم))ات بم))ا تش))تمل علي))ه من المعرف))ة بالعت))اد والبرمج))ة واالتص))االت وتطوراته))ا في اإلنت))اج
واالستخدام والمعالج))ة واإلدارة (.رحوم))ة 58 :ـ . )59أي ان))ه مفه))وم يتعل))ق بك))ل م))ا اص))طلح علي))ه
باآلالت الذكية وتطبيقاتها كتقنية وتأثيراتها على حياة اإلنسان بعد أن أصبحت ج))زء من وج))وده .ومن
ثم))ة فه))و مفه))وم يتعل))ق بثقاف))ة جدي))دة تتس))م بالبع))د المه))اري في س))لوك اإلنس))ان وبرمجت))ه لوج))وده
المعرفي ،وهي آخذة في االنتشار الواسع بين جمي))ع الطبق))ات والفئ))ات وك))ل الالع))بين وتتعل))ق بك))ل م))ا
تقتضيه المعرفة بماهية المعرف)ة اإللكتروني)ة بأدواته)ا كالحاس)وب بأنواع)ه وتطورات)ه ،ونظم البرمج)ة
وتقنياته))ا،والمعالج))ة اإللكتروني))ة للمعلوم))ات وطرقه))ا ،وأنظم))ة االتص))ال وكيفي))ات التواص))ل ،وبحث
منافعها وآثارها النفسية والمجتمعية .
ومن مقاربة التكون والنشوء فتكنولوجيا المعلومات ما هي إال تجليات متطورة لحاجة اإلنسان الفطري)ة
في التحكم المادي واألدواتي إلشباع حاجاته ورغباته المتجددة في تطويع محيطه منذ اس))تخدام األدوات
الحجرية إلى إنتاج الترمستات ثم إلى تطورات إنتاج اآلالت الذكية وما يعرف بالذكاء االص))طناعي وهي
حاج))ة م))ازالت مس))تمرة في تجلياته))ا اإلبداعي))ة لإلنس))ان وابتكارات))ه ،وتع))د من المنظ))ور التط))وري
الحضاري بمثابة فعل التجدد الذاتي للحداثة تميزت ب))دمج المتن))اهي لتكنولوجي))ا المعلوم))ات بتكنولوجي))ا
االتصال آخذة في تحقق ما كان خياليا في الفردية والفردانية ،فهي تكنولوجية جديدة بامتياز تفيد ث))ورة
ما فوق التصنيع والتراكم المعرفي الموجه نحو التحكم التقني الدقيق في البيئ))ة الفيزيقي))ة واالجتماعي))ة
أي ما يس)مى ب)الثورة الس)يبرنيطيقية تح)رر اإلنس)ان من قبض)ة الت)أثيرات البيئي)ة وحتمي)ة إكراهاته)ا،
بإلغاء كل المسافات االجتماعي))ة والنفس))ية والمكاني))ة والزماني))ة ( الس))يبرنيطيقا ) 51 :والح))ديث اآلن
يجري عندهم حول أنسنة الروبوت (اإلنسان اآللي ) حيث يجري ضخه بالذكاء االصطناعي ،أما الس))ائد
عندنا هو روبتة اإلنسان.حيث يتم منذ مدة تفكيك قدرات اإلنسان وتجزئ))ة س))لوكه واختص))اره في ذرات
ال حصر لها .
ومن حيث هي ( أي :المعلوماتية ) مفهوم وظيفي يرتب))ط بعل))ة االس))تخدام المكث))ف لآلالت اإللكتروني))ة
فهو يندرج ضمن مساعدة اإلنسان على توسيع مداركه وقدراته ومعالجته للمثيرات المعرفية ،مثل))ه في
ذلك مثل استعمال اإلنسان للنظارة لتوسيع قدرات بصره ،واستعماله اآللة لمض))اعفة جه))وده العض))لية،
واستعماله السماعة لمضاعفة قدرة السمع لديه ،واس))تعماله الكت))اب والق))راءة لتوس))يع مفاهيم))ه ...الخ
فكذلك اآلن يستعمل الكومبيوتر لتوسيع قدرته في معالجته للمعلومات وذلك هو المفه))وم العلي الس))ببي
الذي يحيلنا عليه مفهوم " المعلوماتية " وقد برز إلى السطح ليعبر عن ما طوره اإلنس))ان من الم))وارد
اإللكترونية للمعرفة ،وهي الموارد التي أنتجه))ا اإلنس))ان لتخف))ف من أعب))اء تفك))يره وعقل))ه في عص))ر
يتسم بتدفق كثيف للمعرفة ،كما أنتج اآللة الميكانيكية والكهربائية عند دخوله عصر الص))ناعة لتخف))ف
من أعباء الجهد العضلي السائد في عصر الزراعة .ومن ثمة فهو مص)طلح من الناحي)ة الوظيفي)ة يك)اد
يكون تاريخانيا يتطور ويكتسب دالالت مستمرة ويشير عموما في كل سيروراته إلى ما تهبه تكنولوجيا
المعلوم))ات لإلنس))ان من حري))ة وتح))رر ،من خالل إكس))ابه آلي))ات التحكم التق))ني في مج))ال المعلوماتي))ة
وتمكينه من مواجهة التدفق في اإلنتاج الكثيف للمعارف المعلومات شبيهة بأجهزة التحكم ال))ذاتي ال))تي
وهبه))ا هللا لإلنس))ان تمكن))ه من توجي))ه واع وتحكم دقي))ق في س))لوكه من حيث اس))تقباله واس))تجاباته
لمثيرات المحيط بما ينفعه.
المفهوم التربوي للمعلوماتية
ومفهوم المعلوماتية في التربي)ة والبي)داغوجيا ليس مج)رد وس)ائط تكنولوجي)ة ت)درج من بين الوس)ائط
واألدوات التي يستعملها المعلم أثناء التدريس خاصة بتعلم مهارة أو توضيح فكرة أو عرض تجرب))ة أو
مجسم أو هي مجرد مفهوم يتعلق بآلة التعليم يس)مح للتلمي)ذ بتلقي دروس)ه المبرمج)ة من غ)ير المعلم
أي التعليم عن بعد.وال هي مجرد آلة مكثفة في وظائفه))ا البيداغوجي))ة ودمج آلي لع))دد من الوس))ائط في
جهاز واحد يعطي وظائف كلية وجزئي))ة تتعل))ق باالتص))ال البي))داغوجي ،ك))الجمع بين الوس))ائل الس))معية
البصرية ،لفظية وغير لفظية متحركة وس))اكنة رمزي))ة تجريدي))ة وواقعي))ة امبيريقي))ة ،خيالي))ة وواقعي))ة،
أوهي مجرد تغيير شكلي للوضعيات التعلمية وإدماج صيغ التعلم الذاتي في العملية التعليمية ،فهي قب))ل
ذلك صياغة أخرى لمفهوم التربية ذاتها وفلسفتها وأهدافها وسياساتها .تتعلق بتغيير أساس))ي في نم))ط
الحياة وأولوياتها في زمن العولمة .
فما هي هذه األنماط والمعاني الحياتية في زمن العولمة ؟.
يؤرخ للعولمة من الناحية السياسية اإلجرائية بنهاية الحرب الباردة وإن هي تمتد في التاريخ المعاص))ر
من الناحي))ة الفكري))ة إلى عص))ر الحداث))ة واألن))وار ...وتط))ور في س))ياق ثق))افي علم))اني ليص))بح خط))اب
االنفت))اح الكلي على االنتم))اء الع))المي يتخطى ك))ل الح))دود ن))اتج عن مفاعي))ل خط))اب المابع))د والعالق))ة
الحميمية المراد بناؤها بين األنا واآلخر ،ويستهدف كما هو معلن تحقيق التقارب الك))وني والتمرك))ز أو
التوح))د ح))ول نم))ط واح))د أو أنم))اط مح))دودة من الثقاف)ة ،ح))تى تتماث))ل ط))رق العم))ل والتفك))ير بين ب))ني
اإلنسان؛ بل تتماثل الحاجات والرغب)ات وط)رق اإلش)باع ،ومن ثم)ة تتماث)ل ط)رق مواجه)ة المش)كالت،
والتخلص نتيج))ة ذل))ك من األن))ا والنحن التراثي))ة المجتمعي))ة ( الهوي))ة ) الناتج))ة عن األنس))اق الحداثي))ة
األسطورية ،التي لم تنجز حس))ب منظ))ري المابع))د إال إع))ادة إنت))اج التعص))ب الثق))افي في ص))ور جدي))دة،
والتمركز حول الذات ومن ثمة ضرورة بناء األنا والنحن العص)رية العالمي)ة ( االنتم)اء الع)المي) ال)تي
تقتضيها التطورات التكنولوجية وتنمحي فيها الفوارق وأشكال التعصب.
وهي بهذا المفهوم يفترض أن تكون ذات مضمون تعددي وتن))وعي ،يحت))ل ك))ل ف))رد أو مجتم))ع بهويت))ه
الخاصة موقع))ا م))ا في التع))ولم ح))تى يض))من مش))اركة الجمي))ع وتحقي))ق تك))افؤ الف))رص في ذل))ك ،إال أن
صياغتها في ضوء حديث النهايات واالنتصار األب))دي للقيم الرأس))مالية اللبرالي))ة جعله))ا خط))اب أح))ادى
مهيمن شمولي يلغي وينفي اآلخر بصياغة بنية العالم المتعدد والمجتمعات المتباين))ة متماثل)ة في أنم))اط
المعيشة والسلوكات والثقافة وح)تى في الم)دركات الذاتي)ة ،وال يت)أتى ذل)ك إال ب)التخلي كره)ا أو طوع)ا
للخصوصيات والتمايزات الفردية للمجتمعات واألفراد لتلتقي تدريجيا ح))ول قب))ول نم))ط واح))د للمعيش))ة.
إنه خطاب الحنين إلى الوحدة يبطن هيمنة وتسلط وسيطرة لثقافة المنتصر .
وبم))ا ت))وفره تكنولوجي))ا المعلوم))ات ـ وهي ش))كل من أش))كال العولم))ة ووس))يلتها في اآلن نفس))ه ـ من
إمكانيات ض)خمة لتحقي)ق التوح)د الع)المي ذاك يج)ري تك)ييف المجتمع)ات ومالءم)ة أنظمته)ا القانوني)ة
وأنساقها الثقافية ومنظوماتها التربوية وأنماطها االقتصادية( مالءمة الهوية ) لتنسجم والنظام العالمي
ومطالبه وشروط االندماج فيه؛ وأخذ خطاب المالءم))ة والتك))ييف م))ع الص))يغ العالمي))ة ش))كله الت))دريجي
التراتيبي يتجلى عموما في البداية في صيغ الش))راكة والتب))ادل التج))اري واالقتص))ادي ثم يتص))اعد نح))و
الخصوصيات الثقافية الشديدة كالتربية وأنماط المعيشة واألس)رة في ش))كل عالق)ات تكافئي))ة ،ثم يتط))ور
إلى تفكي))ك األنس))اق الك))برى الثقافي))ة والرس))مية كالش))ركات المحلي))ة ،وش))كل الدول))ة...الخ ( الهوي))ة
الجماعية ) لتحرير الفرد والمجتمع من أنساقه الذاتية ومن هويته التراثية لتيسير اندماجه في األنس)اق
العالمية كالشركات المتعددة الجنسيات لتنتهي المالءمة بتحقيق الهيمنة والتبعي)ة للغ)الب المنتص)ر على
حد تعبير بن خلدون قديما .
ومن ثمة فهي خطاب ضد كل ما يعتقد خصوص)ية فردي))ة أو اجتماعي))ة أو انغالق بك))ل ص))وره وأنس))اقه
بالمعايير الثقافة اللبرالية المنتصرة وهي ذات مفعول كلي وخطاب شمولي يط))ال جمي))ع ج))وانب الحي))اة
الفردية والجماعية مم)ا أعطى مع)نى آخ)ر للحي)اة والعالق)ات تتمرك)ز في أحس)ن حاالته)ا خض)وع غ)ير
الخبير للخبير دوما ....
ومن ثمة فالمعنى العام الذي يمكن أن نس))توحيه للحي))اة ه))و ال))نزوع نح))و األوحادي))ة وتم))دد المواطن))ة
القطرية أو االقليمية إلى المواطن))ة العالمي))ة المهيمن))ة وال))تي تتطلب تفكيك))ا م))ا لص))لب ثقاف))ة المواطن))ة
التقليدية بما فيها األفكار واألمزجة والتاريخ والجغرافيا واالنتماء ومن)ع الممانع)ة الذاتي)ة ليتش)كل الك)ل
في مربع العولمة بفرديته .
وبهذا المعنى للعولمة تربويا تصبح التربية مفهوما ال ن)راه إال ض)من أه)داف العولم)ة المس)كوت عنه)ا
والمتعلق))ة بتك))وين الملع))وب بهم لص))الح الالع))بين الج))دد.من خالل ع))زل التلمي))ذ معرفي))ا عن محيط))ه
االجتماعي والثق))افي وح))تى اإليكول))وجي لص))الح دمج))ه في العالق))ة ب))العوالم االفتراض))ية ال))تي يوفره))ا
الحض))ور الكلي الش))مولي لتكنولوجي))ا المعلوم))ات في عملي))ة التعليم والتعلم ،بغ))رض إكس))اب الجي))ل
المهارات التي تطلبها الشركات المتعددة الجنسيات وحصول المتعة واللذة الفردية(.أي تربي))ة الع))دميين
الجدد ،أو بتعبير أخالقي قيمي تربية الخائنين ألوساطهم ومج))الهم الحي))وي) يتع))رف علي))ه ولكن))ه يقل))ل
دوما من التواصل به حتى يتنكره.
ولم يبق بعد هذا الحديث المعولم للتربية عن معنى للتربية يتعلق بتربية المواطن الص))الح من حيث هي
إدم))اج مؤسس))ي وانتم))اء اجتم))اعي وتش))كيل للهوي))ة ،أو اإلنس))ان الص))الح من حيث هي إنم))اء للقيم
اإلنس))انية أو الفردي))ة من حيث هي تحقي))ق لل))ذات كم))ا تعلمن))اه من علم النفس؛ ب))ل هي مع))نى يرتب))ط
بتسويق الذات في السوق العالمية اآلنية ...أو تبدوا وكأنها في ظل المعلوماتية تعيد إنتاج ما يعت))بره"
لويس دومون" بالفردانية الخارجة عن العالم أو العق)ل خ)ارج الدنيوي)ة المع)روف في الص)يغة الهندي)ة
القديمة (النرفانا) أو الرجل األعلى عند كونفوشيوس بصيغة الفردية والعقلية االفتراضية الخارج))ة عن
الفيضية الكلية االجتماعية ,ولكنه يجرى ذلك داخل العالم ,وهي صيغة تعبر عن مفه))وم األم))ة من حيث
هي المجتمع الكلي المؤلف من بشر يعشون بأحاسيس فردية ( مقاالت في الفردانية ص ) 24 :
ولكن هذا المعنى للتربية المعولمة وما يسمى بتكوين الضمير العالمي عبر العوالم االفتراض))ية م))ا ف))تئ
يصطدم بما يعتبره " شونفلونج " بالعدة الوراثية التي نتجاهله))ا في إج))راءات المواكب))ة العالمي))ة حيث
يعتق))د أن اإلدراك الحس))ي لألف))راد وتش))كل الم))دركات البيئي))ة تتط))ور م))ع التفاع))ل بالمحي))ط البي))ئي
واالجتماعي مم)ا يكس)بها خصوص)ية أو م)ا يمكن أن نس)ميه بالهوي)ة الجغرافي)ة ال يمكن تجاهله)ا ،وال
تسمح باالستجابة دائما خارج موطنها األصلي؛ وألجل ذلك ـ كما تدل عليها تجارب عدة حول استعصاء
الحصول على استجابة األفراد لمش)كالت م)ا يس)مى المجتم)ع الع)المي والمش)اركة في نش)أته ـ يجب أن
تهتم التربية بالتدريب على التجريد المعرفي وهو ما يتعارض مب))دئيا لع))دة اإلنس))ان الحس))ية والوراثي))ة
الخاض))عة بالض))رورة للبيئ))ة المحلي))ة اللص))يقة بمدركات))ه ( الثقاف))ة العالمي))ة .) 126 :وه))ذا المعطى
المعرفي كاف لضرورة إدراج التفكير اآلجل ضمن العاجل من األعمال ،من أجل استحداث تغيير أساسي
في نمط التربية ليس فقط بامتالك الكومبيوتر التعليمي ،ووضعه في متناول التلميذ أو بتعلم الول))وج في
العوالم االفتراضية واألنترنت بل باستحداث نمط التعليم المتجاوز لنق))ائص اإلدراك الحس))ي ،على تربي))ة
القدرة على التفكير التأملي والتدبري والتجريد المعرفي العقلي ،أي تزويد الفرد بمعرفة خارج نطاق أو
أنساق وجوده ( الم))ادي واالجتم))اعي) ح))تى تتموض))ع ال))ذات في مس))افة واح))دة بين وص))لها بمحيطه))ا
وتواصلها بالمحيط العالمي وفق دوائ)ر المحي)ط المتدرج)ة نح)و إنت)اج الهوي)ة العالمي)ة االفتراض)ية في
الذات .وعندها فقط يمكن الحصول على قدرات تساير مشكالت التنمي))ة في المجتم))ع الع))المي المع))رفي
المنشود بغير ما زهد في الذات .وإال سنخسر حتما متعة الوصل واالتصال الالزم بمحيطنا االيكول))وجي
واالجتماعي بمعنى التخلي عن هويتنا الخاصة لصالح الهوية العالمية ونص)ير في دائ)رة الالمنتمي كم)ا
استهدفته فلسفة كولن والسون تتقاذفنا الشركات المتعددة الجنسيات والثقافات.
ونخلص إلى أن المعلوماتية في التربية تعني تمكين التلميذ والطالب الجامعي من عولمة ذات))ه في ش))كل
الهوي))ة االفتراض))ية ،وم))ا يمكن))ه من الت))ذاوت واالنتق))ال في العض))وية من هوي))ة إلى أخ))رى في نط))اق
المجتمع االفتراض))ي اإلنس))اني ،وذل))ك من خالل برمج))ة مدركات))ه تحت ت))أثير البرمج))ة اآللي))ة النمطي))ة
العالمية للمعلومات والمعارف تلقي))ا وإرس))اال .أي (تعلم منظوم))ة التواص))ل ) .وه))و المع))نى ال))ذي أراده
فالسفة المابعد كما يتراءى لنا ،وبه تصبح المعلوماتية ذات أهمية خاصة ومخاطر جمة .
ومن الناحية البيداغوجية االجرائي)ة تع)د المعلوماتي)ة في التربي)ة ت)دريب التلمي)ذ والط)الب كي)ف يعه)د
بجزء غير يسير من نشاطه الذهني الهادف للتعلم واالكتساب إلى اآللة ،حيث أن كل ما يجب أن يتعلم))ه
التلميذ بشكل فيزيقي من معالجة المعلومات وحل المسائل وحفظ القواع))د وممارس))ة الح))وار والنمذج))ة
والرسم والكتابة وكل ما يتعلق بأعمال العمليات العقلية من أجل التعلم واستيعاب المعرفة يوكلها كأفعال
لآللة لتقوم بها بدقة متناهية وسرعة فائقة وبطريق)ة أوتوماتيكي)ة آلي)ة ( مس)تقبليات ) 632: 64وال
ش)ك أن في ذل)ك قيم)ة إيجابي)ة تتعل)ق بتم)دد ق)درات اإلنس)ان العقلي)ة ،كم)ا أس)لفنا ،وفي ال)وقت نفس)ه
تستبطن آثارا سلبية تتعلق بمضاعفة االسترخاء العقلي.
في عمومية أهمية المعلوماتية
ال أعتقد أن)ه بقي من يش)كك أو ح)تى ين)اقش أهمي)ة التكنولوجي)ا من الناحي)ة النفعي)ة الحياتي)ة الفردي)ة
الخالص))ة ،بع))د أن تكش))فت نتائجه))ا على المس))توى االتص))ال واإلعالم والتربي))ة واإلدارة والص))ناعة
والتجارة وما إلى ذلك؛ إذ أص))بحت من مس))تلزمات التكي))ف واالن))دماج المه))ني واالجتم))اعي المؤسس))ي
للفرد ،بل إن منافعه)ا ص)ارت من ض)من العالق)ات التالزمي)ة بالتنمي)ة بص)فة عام)ة ،وف)وق ذل)ك فإنه)ا
أصبحت من أساسيات ما يسمى بتكوين وإنماء الضمير الكوني العولمي على حد تعب))ير .....يعي))د إنت))اج
الذاتي))ة المتع))ددة المراك))ز كم))ا يس))ميها " غ))اتري " ( الجس))د ،األن))ا ،العائل))ة ،االثني))ات الش))ركة،
المؤسسة .)....
وارتبطت المعلوماتية ارتباطا جوهريا بالبعد التقني في أداء اإلنسان ،وهو البعد الذي برز إلى الس))طح
من حيث أهميته في تغيير الواقع وحتى الفكر في فلسفة الحداثة ،حيث تموق))ع كمفه))وم ض))من مف))ردات
التق)))دم بش)))كل ال يفهم التق)))دم وح)))تى االزده)))ار الم)))وجب للس)))عادة ،إال من خالل إس)))تدخال التقني)))ات
التكنولوجية الحديثة في أي أداء يمارسه اإلنسان فكل عمل توظف فيه التقنيات والتكنولوجيات الحديث)ة
يعتبر عمال تقدميا ومتطورا ،وكلما استغنى اإلنسان عن اس))تخدام التكنولوجي))ات واس))تبعدها لس))بب من
األسباب في أدائه ،كلم)ا وص)ف عمل)ه بالعم)ل التقلي)دي المغل)ق والمنغل)ق؛ فص)ارت التكنولوجي)ا رم)زا
للتقدم ومفهوم مرادف للحداثة والعصرنة ،ومف))ردة من مف))ردات أي))ديولوجيا التق))دم .وهي األي))ديولوجيا
التي دفعت بمنطق تقسيم العلوم إلى علوم بروليتاري)ة وعل)وم برجوازي)ة المزده)ر أي)ام ازده)ار بنيوي)ة
التحليل النفسي والطبقية الماركسية والقطيعة الباشالرية (.انته))اء ف))ترة والي))ة األي))ديولوجيات الفكري))ة
لتحل محله))ا والي))ة األي))ديولوجيات الحياتي))ة ) .وف))وق ذل))ك وبحس))ب الب))احث "الش " وب))النظر إلى م))ا
توص))لت إلي))ه تكنولوجي))ا المعلوم))ات من تط))ور فإنن))ا نعيش الحتمي))ة المعلوماتي))ة ،مظهره))ا يتجلى في
حص))ول االرتب))اط بين النظم العض))وية ( البش))رية) والنظم التقني))ة المادي))ة (اإلنس))الي) أي االرتب))اط بين
النموذج الفزيولوجي والنموذج السيبراني التحكمي ,ومن ثمة فالتفاعل حاصل بين ( عض))وي ـ تق))ني )
فال يمكن العيش في هذا المجتمع المعلوماتي بدون أدواته التقنية واالتصالية ؛ وهو ما يؤكد ـ في نظره
ـ أن المجتمع ظاهراتي وكيان حي))وي وليس كم))ا ذهب إلي))ه التطوري))ون من أن المجتم))ع كائن))ا عض))ويا
( األن)ترنت ص . ) 92 :ويخلص "الش" إلى أن نظري)ة المعلوماتي)ة أخ)ذت تبل)ور مجتم)ع المعلوم)ات
ال))ذي ينتق))ل من النظ))ام إلى الالنظ))ام ثم إلى النظ))ام م))رة أخ))رى ،ومن العقالني))ة إلى الالعقالني))ة ثم إلى
العقالنية الفائقة .وهو األمر الذي يحتم التكيف معه.
وبالنظر لبعض آراء الباحثين في مسألة الحتميات( التقنية ،االجتماعية ،المعلوماتية ) ومن وجهة نظ))ر
التوفيقية؛ فإنهم يعتقدون أن)ه إذا ك)انت نظري)ة الحتمي)ة التقني)ة هي اإليم)ان بق)درة اآلل)ة الفائق)ة على
استحداث تغيرات اجتماعية ,وإذا كانت الحتمية االجتماعية تكرس اإلرادة اإلنسانية كس))بب للتغ))ير ,وإذا
ك))انت جدلي))ة الثقاف))ة المادي))ة ( التقني))ة ) الالمادي))ة ( المجتم))ع) هي م))ا يح))دث التغ))ير بحس))ب هرب))رت
ماركيوز؛ فإن" سكوتالشي" وفق منظور ما يسميه الثقافة ضمن المسافة ي))رى أن ( الحتمي))ة التقني))ة ـ
المعلوماتية ) أصبحت هي األساس في التغير والتنمية(.األنترنت 95:ـ) 96
أهميتها في تحرر الذات من الهويات المغلقة .
ثبت لفالسفة المابعد أن المصالح الفردية والجماعية متعددة ومتنوع))ة ومتن))افرة أحيان))ا مم))ا جع))ل من
الواقع متعددا ومتنافرا أحيانا ومتكامال ومنسجما أحيانا تبعا الدراكات اإلنسان له وهو م))ا جع))ل الص))يغ
الكليانية تفشل في االحتواء بوسائلها العلمية والقانونية واأليديولوجية ،وجعل من الض))روري الخ))روج
عن انغالق األنا الفردية والـ " نحن " الجماعية في الص))يغ الكلياني))ة إلى التع))الق الوج))داني بين ال))ذات
واآلخر في الصيغ الحياتية األكثر تحررا كصيغ التعليم المفردن ال))ذي ت))وفره اآلل))ة الذكي))ة من حيث هي
إضافة تسند وضعيات الفردية والجماعية وال تزيحها بمعنى أنها تح))رر اإلنس))ان من االنغالق في ال)ذات
أو النحن دون االستغناء عن تحقيق الذات عبر التواصل مع اآلخر من حيث أن اآلخر جزء من الحقيق))ة
ال يمكن االس))تغناء عن))ه ( م))وريس .) 31 :وب))ذلك يك))ون البحث عن الحقيق))ة والتعلم واالكتس))اب في
عصر المعلوماتية وانتشار اآلالت الذكية اكتسب وس))ائط أخ))رى ت))ثري البحث ومص))ادر المعرف))ة بش))كل
قوي غ))ير معه))ود وي))ثري العالق))ات ويغنيه))ا ويكثفه))ا ،ب))ل حرره))ا وأطل))ق عنانه))ا بال ح))دود أو قي))ود
المج))ال؛ مم))ا يث))ير تس))اؤل ح))ول م))ا يس))مى المس))ؤولية األخالقي))ة كقض))ية ك))برى في عص))ر انتش))ار
المعلوماتية.
وبالجملة تتجلى أهميتها التحررية في تفعيل ال)ذات العارف)ة بم))ا تض))يفه المعلوماتي))ة من ق)وة الفعالي))ة،
حيث يعتقد أنه إذا كانت اآللة الصناعية والكهربائية هي بمنزلة المضاعفة األسية للجهد العض))لي ،ف))إن
اآلالت الذكية هي المضاعفة األسية لمدركات اإلنسان وقدراته وجهوده الحس))ية في تنظيم ومعالج))ة م))ا
يرد إليه من معلومات ومعارف وأخبار ورسائل واالنفتاح على اآلخر...الخ
األهمية التربوية :
بداية يجب التذكير بأن المقاربة الوظيفة للمعلوماتية في التربية والبيداغوجية ت))بين أنه))ا كيفي))ة أخ))رى
لص)))ناعة التعلم ال تختل)))ف كث)))يرا عن الوس)))ائل التقليدي)))ة األخ)))رى ( الكت)))اب ـ الص)))ورة ـ النم)))اذج ـ
النص ...الخ ) فليس هناك ما يؤكد قدرة الحاسوب على تعليم التالمي))ذ اإلب))داع واالبتك))ار ،ب))ل أن بعض
الدراسات تشير نتائجها إلى أن التحصيل الدراسي يتحسن بالكومبيوتر لدى المتوسطين من التالميذ وال
يشير إلى ذلك بالنسبة للفئات األخرى ( الضعفاء ـ والمتفوقين ) فهو تعلم في نط))اق األنظم))ة الرمزي))ة
أو نظم التعلم بالمالحظة ،وعلى أهمية هذه النظم في االكتس))اب المع))رفي ،فهي ليس))ت بديل))ة عن التعلم
بنظم الخبرة كالتجربة الحسية ،والتفاعل االجتماعي المباشر ،ولكنه مع ذلك فهو يفترق عنه))ا في أن))ه
من أهم مضخمات العقل البشري في كونه وس))يلة تض))في على المعرف))ة قابلي))ة ال متناهي))ة من االنفت))اح
على المعاني وتطور النمذج))ة وقابلي))ة تش))كلها باس))تمرار .ومن المتع))ارف علي))ه في أدبي))ات ال))تربويين
والبي))داغوجيين أن التعلم والتعليم مف))اهيم افتراض))ية؛ إذ يتعل))ق بواق))ع تجري))دي ونم))اذج ذهني))ة وح))تى
المجسد منها كالقاعة والمكتبة والمختبر إن هي إال واقع تجريدي أو الواقع الفوقي يدفع باإلنسان نح))و
التجري))د والنمذج))ة والعقلن))ة والنمطي))ة والتفك))ير والتص))ور والتخي))ل يح))اكي م))ا يع))رف اآلن ب))الواقع
االفتراضي ...الخ وقد ت)بين لـ " " K Sheingأن التلمي)ذ عن)دما يتعلم الحاس)وب فه)و يوظ)ف رم)وزا
حيث يضع نفسه أمام عالم من الرموز يب)ني وي)ركب مجموع)ة أفك)ار ومعلوم)ات وغيره)ا .وإذا ك)انت
المدرسة هي ك)ذلك ف)إن أش)كال التعليم عن بع)د والتعليم اإللك)تروني واألن)ترنت وم)ا ينتجان)ه من واق)ع
تعليمي افتراضي { المدرسة االفتراضية ,الفصل االفتراضي ,المكتبة االفتراض))ية ،اإلدارة االفتراض))ية }
هي امتداد للفصل التقليدي والمدرسة التقليدية بكل حيثياتهما ( .األنترنت .) 194 :
وبغض النظر عن محدودية النتائج للمعلوماتية في التحصيل ،فأهميته))ا في التربي))ة ال أج))د له))ا مكان))ة
أقل من مكانة الضوء بالنس))بة لح))دوث عملي))ة اإلبص))ار ،أو مكان))ة الس))كة بالنس))بة لتنق))ل القط))ار ،فهي
عظيمة بهذا القدر وآخذة في التعاظم بقدر ما تحدثه اآلالت الذكية في نظر البيداغوجيين يوما بع))د يوم))ا
من ارتقاء بعملية التعليم نحو جودة مفرداته بما تستحدثه من ظروف التشويق والتعلق وصيغ التعزي))ز
ومتعة التعلم ورفع منسوب التحصيل وجودة األداء واصطفاء للمعلومة وانتقائها بأقل جهد وأق))ل تكلف))ة
وأقصر وقت؛ فالكومبيوتر بداية هو بمنزلة ذاك))رة إض))افية للتلمي))ذ تع))وض احتم))االت النس))يان لل))ذاكرة
الطبيعي))ة ،كم))ا تع))وض محدودي))ة ال))ذاكرة الورقي))ة ومعان))اة القلم والورق))ة ،فه))و ي))وفر إمكان))ات هائل))ة
للتخزين واالستحضار والتعديل واإلضافة والحذف والدمج ،فهي ذاكرة مفتوحة ومكتبة مفتوحة وتحول
مفتوح ال يعرف الغلق أو االمتناع.
ويعم))ل منظ))ري البي))داغوجيا وراس))مي السياس))ات التربوي))ة في ك))ل البل))دان على تعميم اس))تخدام ب))ل
التوظيف الالمحدود لوسائل االتصال البيداغوجي اإللك)تروني والتعلم الش)بكي والتعليم عن بع)د وإنش)اء
العوالم االفتراضية ( اإلدارية ،التعليمية التعلمية ،الخدماتية ...الخ ) لتصبح ثقافة مش))اعة يس))تفيد من))ه
التالمي))ذ في المدرس))ة وخارجه))ا بيس))ر وبش))كل متس))اوي بين ك))ل الفئ))ات الش))عبية .وبه))ذا المفه))وم
فالمعلوماتية هي الضوء الذي به يحدث استبصار المعرفة وهي القطار ال))ذي يركب))ه الطف))ل نح))و ج))ودة
الذات .
ومن ناحية السياسة التربوية ،أنهت تجارب عالمية عديدة الجدل القائم حول مبدأ إدخال المعلوماتية في
التربية منذ الثمانينات ونحيل القارئ إلى ما أوردته مستقبليات من التج))ارب المبك))رة كتجرب))ة الوالي))ات
المتحدة ودول أوربا والهند وبعض البلدان األفريقي)ة والعربي)ة واألس)يوبة ،إذ أك)دت ك)ل ه)ذه التج)ارب
حتمية إدماج التكنولوجيا الجديدة ضمن عناص))ر العملي))ة التعليمي))ة ،وت))دعوا إلى إش))اعة ه))ذه التقني))ات
اإللكترونية في التعليم المدرسي من أجل أن يص))بح التعليم ح))ق وج))ودي يتحق))ق مي))دانيا لجمي))ع أطف))ال
العالم بصفة حتمية وليس مجرد مبدأ إيديولوجي تتب))اهى ب))ه ال))دول وتزاي))د على بعض))ها البعض ،وبقي
الجدل فقط ـ في نظر تلك التجارب ـ حول فوائد ذل)ك والط)رق ال)تي يتعين على ك)ل دول)ة تطبيقه)ا وف)ق
نماذجها التنموية (.مستقبليات العدد 593 : 64ـ . ) 669
األهمية المعرفية وتجاوز إشكالياتها البيداغوجية :ـ
تشكل مرجعيات العلوم والمعارف واالختصاص))ات في المنظوم))ات التربوي))ة لل))دول المتقدم))ة ،ب))دأ من))ذ
التنوير وفجر البنيوية ينحاز تدريجيا ال سيما في عهد العصر الصناعي إلى الكفاءة في الس))لوك واألداء
والقدرة على اإلنت))اج واس))تحداث التط))ورات الالزم))ة في الواق)ع الص))ناعي تحدي))دا ،بم))ا ي))وفر لإلنس))ان
رفاهيته واشباعاته من حاجاته الضاغطة اآلني))ة .فك))ان أن ت))درج منط))ق العلم في االبتع))اد عن التجري))د
والممارسة النظرية ،ليخلوا المكان والسبيل للتجربة والمالحظة المباشرة .وتدرج في هذا االتجاه ح))تى
أن))ه أص))بح اآلن في عه))د المابع))د لم يع))د يس))تند إلى المرجعي))ات االبس))تمولوجية للعل))وم وال للفلس))فات
البيداغوجية وال لمواصفات المواطن الصالح بق))در م))ا يخض))ع لمرجعي))ات الس))وق ومتغيرات))ه ب))ل ح))تى
لتقلبات))ه ،فخض))عت العل))وم لإلمع))ان الش))ديد في التخص))ص ح))تى ب))دت وكأنه))ا منفص))لة عن أنس))اقها
االبستمولوجية وآلياتها الميتودولوجي)ة ،وس)ياقاتها التطوري)ة ،وص)ارت المع)ارف ب)ذلك مح)ل التف)تيت
والتجزيئ واألجرأة ،وهندسة ،كما لو كانت سلسلة من المهارات س))لوكية متتالي))ة مص))نفة ومبوب))ة ب))ل
ومبرمج)))ة بحس)))ب متطلب)))ات س)))وق العم)))ل ومف)))ردات الوظيف)))ة ،ومقتض)))يات اإلنت)))اج واالس)))تثمار
والتسويق...الخ كما هو في ثقافة المؤسسة ومن ثمة فالمعرفة سلعة تباع وتشترى وتخضع لمتغ))يرات
السوق وشروط الجودة .والسوق بعدئذ معيار لقياس بضائع المعرفة كما تقاس قيمة البضائع بالنقود.
ومن خالل تكنولوجيا المعلومات يتحقق حلم أولئك ال))ذين ناض))لوا من أج))ل تأس))يس التعليم والتعلم على
مبدأ اللعب كمبدأ سيكولوجي من حيث هو أروع سبل التعلم وأقرب إلى طبيعة الطفل التلقائية والعفوية،
بعيدا عن إكرهات المقرر والكتاب المدرسي المؤدلج السيما حين يك))ون بص))دد تعلم عل))وم الحي))اة ،دون
م))ا تعب أو اإلحس))اس ب))اإلكراه والض))غط وقواع))د االنض))باط الملزم))ة؛ فيعتق))د أن الطف))ل أم))ام مث))يرات
الكومبيوتر وتشويقاته في األلع))اب يتمث))ل الق))وانين العالق))ات اإليجابي))ة والقواع))د االجتماعي))ة ويميزه))ا
وينسق حركات)ه وينمي ذك)اءه ولغت)ه ،ويم)ارس خيال)ه وخي)ال اآلخ)رين واألق)ران ،فهي ألع)اب تعلمي)ة
كمعرفة تعزز الحس التعاوني بغير إمالء وال إكراه.
ولذاك فالتعليم اإللكتروني يحقق الفردانية من حيث هو يتيح التعلم الذاتي الذي يقلص سلطة الراش))دين
على غير الناضجين من األطفال .أو سلطة الضعيف على القوي ،والعارف على الذي ال يعرف والخبير
على من ال خبرة له .فللحرية ال))تي تتيحه))ا التقني))ة اإللكتروني))ة في االتص))ال البي))داغوجي ،واس))تقاللية
التلميذ الكاملة في االختي))ار ،إجاب))ات ش))افية على كث))ير من التس))اؤالت التقليدي))ة ال))تي أثارته))ا وتثيره))ا
إيستمولوجيا ممارسات المدرسة كمؤسسة بيداغوجية اجتماعية ،بع))د أن تكفلت بالبي))داغوجيا الدمجي))ة
واألهداف المتعلقة بالتوريث الثقافي والهوية وتنميط الشخصية واألدلجة ،وإع))ادة اإلنت))اج ...الخ .فهي
صيغة تستجيب أيضا ألمنية روسو والمنح)درين من أفك)اره في الحري)ة البيداغوجي)ة وتأس)يس التربي)ة
على السلبية من حيث هي استقاللية تامة للطف))ل عن الت))أثيرات االجتماعي))ة لص))الح األنس))نة واأله))داف
السامية العالمية ،في كل مراحل طفولته ،ذلك بعد أن يئس ديوي من ذل)ك عقب ض)خ القوم)يين األلم)ان
أه))دف قومي))ة ش))ديدة التنمي))ط واألدلج))ة في ك))ل ال))برامج التربوي))ة والممارس))ات البيداغوجي))ة ،تص))وغ
التربية في محيط قومي كثيرا ما ك))ان معادي))ا لآلخ))ر ويح))د من النزع)ة اإلنس))انية الطبيعي))ة الروس))وية،
ويقلل من حرية الطفل في االختيار ( جون ديوي. ) :
وانتفت مع الكومبيوتر الضرورة التي يراها دوركايم لتدخل الراشدين في تربية غير الراشدين من اج))ل
الدمج في المؤسسات االجتماعية .وتحققت نهاية للتعليم البنكي كما حلم بها "باولو فرايري" ،وأج))ابت
التربية اإللكترونية عن تساؤالت بورديو وما أضفته من مخاوف بيداغوجية تتعلق ب))اإلكراه واالنض))باط
المفرط (أي كل ما يسميه بالعنف الرمزي) وح))االت التفس))ير التش))اؤمي لوظ))ائف المدرس))ة القابع))ة في
إعادة اإلنتاج والقول بحتمية التعسف الثقافي ،بل أجابت عن مخاوف بودريلالر" " Boudrillardالتي
توصف بالحقيقية في توصيف وظيفة المدرسة كما لو كانت وظيفة إرهابي))ة أس))وأ من وظيف))ة التعس))ف
الثقافي مما حدا به األمر إلى الدعوة إلى تأس))يس مدرس))ة المقاوم))ة ال))تي تح))ول المعلمين ره))ائن ومن
ثمة تبرير عمل اإلرهابيين وتفهم أعم)الهم العنيف)ة ( قض)ايا 35 :ـ .) 37والتربي)ة اإللكتروني)ة ت)وفر
على "اليتش "عناء البحث عن البديل حينما نادى بموت المدرسة ،فنحن على أبواب م))ا بع))د المدرس))ة
أو نهاية المدرس)ة كمؤسس)ة ض)من ح)ديث النهاي)ات ،فكم)ا ي)رتقب أن يص)بح الم)دونون الب)ديل الفعلي
للمؤسسة اإلعالمية ،بما تتيحه تكنولوجيا اإلعالم واالتصال اإللكتروني)ة ،فإن)ه أيض)ا ي)رتقب أن يتط)ور
التعليم عن بعد ويصير بديال عن المدرسة من حيث هي مؤسسة ويتحرر كل من المعلم والتلميذ من كل
إكراهاته))ا( الس))لطة ،ال))زمن المك))ان ،الق))وانين ،القواع))د االنض))باطية التش))ريعات االنتظ))ام والنظ))ام،
البرنامج األسبوعي ،التعسف التربوي والبيداغوجي ...الخ ) .ذل))ك أن الوض))عية التعلمي))ة ال))تي يتيحه))ا
التعلم الفرداني اإللكتروني تتيح إمكانية تجاوز التلميذ إلكراهات المؤسسة كمكان ثابت بح))دود جغرافي))ة
ومهنية وبرمجة في زمان وبنظ)ام وض)من قواع)د وق)وانين ومع)ايير وض)بط الس)لوك والحرك)ة والتكلم
بمقدار .فالوضعية التفاعلية بين التلميذ والوسيط اإللكتروني تكون حتم))ا خالي))ة من ك))ل ص))يغ وأنم))اط
التفاعل المباشر بين المعلم والتالميذ السائدة في التعليم ب))دون وس))ائط إلكتروني))ة ،وبمن))أى عن آثاره))ا
السلبية المحتملة ،كما يرصدها فالندرز وكل البيداغوجيين الالتوجيهيين والقلقين من االتصال المباش))ر
القائم على الهيمنة والمحتوى التفاعلي الموجه .أي أن التقنية اإللكترونية من منظور الس))لطة والق))وة،
فهي تلغي األبوية بكل تجلياتها وتعزز منطق الشراكة .
األهمية التواصلية الفردية والجماعية في تكوين المعرفة والتعلم
والكمبيوتر يوفر تبادل الرسائل المعرفي)ة في اآلن بك)ل حري)ة بين التالمي)ذ فيمكنهم من تب)ادل الخ)برات
ونشر آرائهم ع)بر الع)الم فتلقي الرس)ائل المفتوح)ة والمعلوم)ات العلمي)ة بحري)ة ووعي ،تمكن الطلب)ة
والتالميذ في مختلف المستويات التعليمي))ة من بن))اء معرف))ة متع))ددة المص))ادر ومتنوع))ة في مض))امينها
ومحتوياته))ا ( فه))و يس))تطيع بن))اء معرف))ة ترفيهي))ة وتعليمي))ة تعلمي))ة وتدريبي))ة وإخباري))ة وإعالمي))ة
ومدرسية سطحية ومعمق))ة...الخ في مختل))ف مج))االت المعرف))ة اإلنس))انية والطبيعي))ة والبيولوجي))ة مم))ا
يساعدهم على االستفادة القصوى وب))دون ح))دود من التغذي))ة الراجع))ة وتص))حيح مس))اراتهم الفكري))ة أو
المهنية وحتى االدراكية منها .
كما تمكن التالميذ من تكوين عالقات إنسانية غير محدودة م)ع الطلب)ة والتالمي)ذ من جنس)يات مختلف)ة،
أي تمكنه من ما يسمى بعقد الصداقات الدولية أو األخوة العالمية حسبما يرغب ،فيمكن))ه المش))اركة في
الحوارات العلمية والثقافية من أي موقع افتراضي ومن أي مكان بل أنه يس))تطيع أن يخت))ار معلم))ه من
أي جنسية كانت فال حدود لإلمكانات والمس))احات االفتراض))ية والواقعي))ة منه))ا ال))تي تتيحه))ا تكنولوجي))ا
المعلومات فهي قد حققت نهاية الجغرافيا والزمن .
ـ تكنولوجيا المعلومات تتيح للطالب معرفة الوضعيات المختلف))ة لزمالئ)ه من حيث اهتمام))اتهم العلمي))ة،
ومستوياتهم وأوضاعهم ،ويمكنه أن يحدد مستواه من بين أقرانه وزمالئ))ه مم))ا يس))اعده على االختي))ار
واالنض))مام لمجموع))ات وف))رق العم))ل البيداغوجي))ة ب))وعي ودون االعتم))اد على أي))ة س))لطة معرفي))ة أو
إدارية بيداغوجية ،وكذا معرفة المواضيع والمحتويات الدراسية وتصنيفاتها كم)ا يمكن)ه معرف)ة نتائج)ه
واالستفادة من التغذية الراجعة عقب االنتهاء من االمتحانات ونشر النتائج ومعرفة العالمات.
أما المعلم فيمكنه الكومبيوتر بداية من نشر معلوماته وآرائه ويتصل بتالميذه عبر المواق))ع اإللكتروني))ة
أو البريد اإللكتروني والمشاركة في الحوارات مع تالميذه ويوجهها ويقودها عن بع))د ،ويمكن))ه تس))جيل
دروسه وإبداء مالحظاته وإرس))الها في حينه))ا بحيث يتمكن ك))ل تلمي))ذ من االطالع عليه))ا من أي مك))ان
شاء ،كما يمكنه إجراء االمتحان وتصحيحه ونشر العالمات بكل تفاصيلها عن طريق البريد اإللك))تروني
والمواقع االفتراضية المتاحة.
والمعلوماتية بما توفره من معرفة وبرامج تعليمية جاهزة تمكن المعلم من االختيار األفضل للمعلوم))ات
العلمية األكاديمية واالس))تفادة من أي خ))برة عالمي))ة بيداغوجي))ة مهم))ا بع))دت ،وإن رغب في التع))ديالت
أجراها كما يري))د ثم يبلغه))ا لتالمي))ذه بحس))ب إيقاع)اتهم الخاص))ة في التعلم وب))أي طريق))ة وب))أي نم))وذج
تعليمي ي)راه مناس)با لتالمي)ذه ،كم)ا تمكن)ه من إنت)اج المعرف)ة التربوي)ة في مج)ال اختصاص)ه ونش)رها
وعرضها للتقويم التربوي وتلقي التغذية الراجعة تمكنه من التعديل والتصحيح والتطوير المس))تمر فهي
وسائل مفتوحة ضد اإلغالق .وبذلك يستطيع التخلص من إكراهات المعرف)ة المغلق))ة والوس))ائل الثابت))ة
كالتقي))د بالكت))اب المدرس))ي وتعليم))ات المفتش والم))ذكرات الوزاري))ة كم))ا يتخلص من إكراه))ات المك))ان
والضبط الزمني والتخطيط الفوقي للدرس...الخ.
والتقنية اإللكترونية الحديثة توفر لإلنسان معلما أو تلميذا أو مهما كانت هويته المهنية حري))ة االختي))ار
من عدة بدائل فتمكنه من استقبال الرسائل المرغوب فيها كم))ا تمكن))ه من رفض غ))ير المرغ))وب منه))ا،
وتمكنه من الدخول إلى عوالم افتراضية واختيار منها ما يفيده وينتف))ع ب))ه ،ويبع))د منه))ا م))ا يض))ره وال
يفيده ،كما يستطيع من خالل تكنولوجيا المعلوماتية المساهمة في اإلنتاج وإبداء الرأي ونش))ر التج))ارب
البيداغوجية وطنيا وعالميا .
األهمية في تحقيق الجودة التعليمية والبيداغوجية :
ت))وفر المعلوماتي))ة في التربي))ة إمكاني))ة تط))وير وتحس))ين أداء المؤسس))ة التربوي))ة من حيث هي ناظم))ة
لألنس))اق وراعي))ة للقواع))د والق))وانين البيداغوجي))ة ،والتلمي))ذ كمتفاع))ل م))ع المعرف))ة اإللكتروني))ة تلقي))ا
وإنتاجا وحوارا والمعلم كمنسق وموجه ون))اظم للعملي))ة التعليمي))ة ،فالمعلوماتي))ة ت))وفر ب))رامج متنوع))ة
رصدها الب)احثون أمث)ال " روالنلوترن)اخ " ( مس)تقبليات 431 : 63ـ ) 438تق)وم كله)ا على مب)دأ
االستقاللية ،تفيد وتساعد كل من المعلم والتلمي))ذ واإلدارة ك))برامج اإلدارة والبرن))امج المعلم والبرن))امج
التشخيصي الرائز ،والبرنامج الممرن وبرامج القياس والتحكم والمحاكاة ...الخ وألن هذه البرامج كلها
بدأت رديئة إال أنها آخذة في التطور نحو مستويات عليا من الجودة ،في مجال ج))ودة القيم))ة التربوي))ة،
والدعم والتفاعل الحواري .والشك أن المعلوماتية وال)برامج الج)اهزة وم)ا ت)وفره من آلي)ات التعلم ق)د
ارتفعت إلى مس))تويات من الج))ودة العالي))ة ،حيث ش))ملت جمي))ع المع))ارف وتنطل))ق من معطي))ات عل))وم
التربي))ة وعلم النفس والبي))داغوجيا على الخص))وص ،وعلى وج))ه أخص من ال))ذكاء االص))طناعي ,ولم
تس))تثني في ذل))ك المس))تقبل للمعلوم))ات والمع))ارف أو المس))تهلك له))ا حيث أدرجت ك))ل منهم))ا (المنتج
والزبون ) في البرامج كأذواق وق)درات ومق))درات وإمكان))ات ونت))ائج على مس))توى األث))ر ال)ذي تترك))ه،
ولذلك أصبحت اآلالت الذكية والحاسوب واألنترنت من وجهة نظر تربوية ،هي إمكانية إضافية لتحقي))ق
مواكبة العصر ومستجداته ,وألفة عالية بمعالجة المعلومات ،وتحس)ين لنوعي)ة التعلم ,وتحس)ين ف)رص
العمل .وهو األمر الذي يرشحها بأن تحتل موقع الصدارة في اهتمامات السياسات التربوية المستقبلية،
وبعد هذه األهمية إذا كنا نحن قد تأخرن))ا في االس))تفادة من المعرف))ة التقني))ة اإللكتروني))ة بفع))ل التف))اوت
الحضاري ،فإن)ه يتعين علين)ا أن ن)واكب ونتكي)ف م)ع مس)تجداتها وال يس)مح لن)ا باالنتظ)ار ألن س)رعة
تغيرها جعلتها لحظية تح)ال بنفس س)رعة تغيره)ا إلى ثقاف)ة الماض)ي ،مم)ا جع)ل فائ)دتها آني)ة ال تقب)ل
االنتظار.
ولكن ه)))ل به)))ذه األهمي)))ة ال)))تي عليه)))ا تكنولوجي)))ا المعلوم)))ات تفلت من الرقاب)))ة وش)))رط الش)))رعية
والمشروعية ،ونكون بعدئ)ذ متلقين منفعلين ب)دون حص)انة ووقاي)ة ذاتي)ة أو ب)دون ح)تى آلي)ات التحكم
الذاتي السبرنيتي وال حاجة لن)ا في آج)ل أعماله)ا وال خ)وف علين)ا؟ ذل)ك ه)و الم)دخل لبحث مش)روعية
الرقابة أو الوقاية للمعلوماتية .
محاذير األنسنة :
بداية يجب استحضار للقارئ من أننا إذا انتقدنا التقنية المعلوماتية وما يس))وق في عقولن))ا لك))ل م))ا ه)و
غربي ،فليس ذلك من باب العنتريات ,وال من ب)اب رفض اآلخ)ر ،وال من ب)اب فت)اوى الجهالء القاض)ي
بحرم))ة دخ))ول الم))رأة إلى األن))ترنت لحرم))ة الخل))وة ،وإنم))ا من ب))اب المعرف))ة (من تعلم لغ))ة ق))وم أمن
مكرهم ) أي أنن))ا نري))د أن نعرف)ه أك))ثر ألن هن))اك مس))احات رمادي))ة شاس))عة في العالق)ة بينن))ا من حيث
تسويقه لمنتاجاته في واقعنا .
فالتقني))ة واآلل))ة المس))توردة ال تك))ف عن اإلفص))اح عن قيم جدي))دة تج))ذب اإلنس))ان نح))و تمثله))ا كره))ا
وطواعية ،فكما أن اآللة الصناعية أح)دثت أنماط)ا حياتي)ة مؤسس)ية اقتض)ت س)لوكات وتكيف)ات مهني)ة
وجمعنة اجتماعية مناسبة ،واستتبع ذلك تغير أساسي في أنماط التربية والتعليم لين))درجا نح))و التك))ييف
والتكي))ف بالجمعن))ة والبرمج))ة والتمهين وتوزي))ع الكف))اءات وتجزئ))ة الخ))برة وتقنينه))ا وض))بط الس))لوك
القيادي واالنقيادي والمنتج والمستهلك ...فكذلك اآللة اإللكترونية آخذة في إنتاج أنماط حياتي))ة تتم))ازج
فيها الفردية والجماعية واإلنسانية ،وتسهم في تعميق مفهوم األنا المتعددة المراكز في س))ياق الض))مير
الك))وني ،فم))ا ك))ان ينس))جم من قيم العم))ل التايلوري))ة والفوردي))ة في المجتمع))ات الص))ناعية م))ع ثقاف))ة
المؤسسة المثبتة في مكان محدد الواق))ع والوق))ائع ،أص))بح ال ينس))جم م))ع ثقاف))ة المؤسس))ة االفتراض))ية
ومناطق العم))ل المتع))ددة المواق)ع ،وهي المؤسس))ات والتع))دد في الواق)ع ال)ذي يف))رض ال محال)ة تغي))ير
أساس))ي في أنظم))ة المؤسس))ة وأنس))اقها ( كنظ))ام األج))ور والح))وافز والتقاع))د وأس))اليب العم))ل وقيم))ه
وعالقاته اإلنسانية ( .موريس 29:ـ ) 30وقد استتبع ذلك تغيير أساس))ي في أنم))اط التربي))ة والتعليم
فصار اإلنسان يبرمج في مربع األثر والمفع))ول ب))ه ب))دال عن موض))ع الط))بيعي ال))ذي يجب أن يك))ون في
مربع السبب والفاعل من حيث هو سيد ومتحكم ومؤثر وموجه للحياة داخل أناه وخارجها ،كم))ا أرادت))ه
على األقل مسلمات تبشيرات فقهاء الفكر في القرن التاسع عشر والعشرين والكشف عن ما هو مستتر
في تفسير حياة الناس والتمكن من حقيقة جوهر الوجود وجعلت من اإلنسان سيدا وأم)ير عالم)ه ،كم)ا
تكش))ف ل))ديهم إرادة العيش وإرادة الق))وة وص))راع الطبق))ات وق))وة الليبي))دو والعقالني))ة والجمعوي))ة
والفردانية الناضجة وهي تكشفات الحداثة كلها آلت إلى ذاتية مغلقة والنحن المنغلقة وانغلق الك))ل على
الكل فصار التمركز حول الذات هو السبيل إلى إثبات الوج))ود ب))ل إن اإلثب))ات ه))و المنط))ق األي))ديولوجي
المتعصب الذي أستدعى بالضرورة إلى تجديد الحداثة والبحث عن انفتاحها بـ "ما بعد الحداثة " .وه))و
المابعد الذي أذن ـ في طفرة غير معه))ودة ـ بالنهاي))ات والقطيع))ة األبدي))ة م))ع الك))ل الماض))ي إال في م))ا
يتعلق بتأزيم الوضع الحضاري وترسيخ قيم الفرداية والفوارق الطبقية والفجوات الحضارية ،أي إعادة
إنتاج الثنائيات السلبية (األقوياء والضعفاء ،واألسياد والعبيد ،والف))اعلين والمهمش))ين ...الخ .وه))و م))ا
نعده أكبر المخاطر التي تهدد االنسانية في إنسانيتها .
ومن المفيد أن نذكر بأن العلم التطبيقي التكنولوجي على األخص قد ال تعد منافعه المحققة لإلنس))ان وال
تحص))ى من حيث رفاهيت))ه ومتعت))ه وس))عادته وتج))اوزه لك))ل المص))اعب الحياتي))ة وكم))ا أن مش))كالت
تكنولوجيا سابقة تجد إجابات لها في تكنولوجيا ال حقة ،فإن ذلك كله لم يمنع علماء األنسنة من التنبي))ه
لم))ا ال حض))وه بدراس))اتهم وبص))يرتهم من أض))رار تص))يب اإلنس))ان في الوض))ع التكنول))وجي ق))د تف))وق
منافعها وما نبه إلي))ه ه))ؤالء العلم))اء من مخ))اطر ق))د ح))دث في معظم))ه خاص))ة األض))رار ال))تي تلحقه))ا
التكنولوجيا بالبيئة المحضن المرك)زي لإلنس)ان ،وال أدل على ذل)ك من م)ا نعيش)ه اآلن من آث)ار ض)ارة
ناتجة عن ثقب األوزون نتيجة تلوث البيئة ،والسيارة مثال هي قيمة إيجابية لإلنسان نفعه))ا ال يحص))ى،
إال أن أضرارها قد تفوق منافعها وهكذا مع كل آلة.
.والمحاذير التي نوليها اهتمام في هذا المقام تتعلق باالنهي)ارات ال)تي تص)يب كي)ان اإلنس)ان في عم)ق
إنس)انيته تس)توجب اس)تماع السياس)يين ،وهي ال تق)ل ش)أنا عن المح)اذير ال)تي يطلقه)ا العلم)اء تتعل)ق
بت))دمير البيئ))ة ومخ))اطر ثقب األوزون تس))توجب االس))تماع من السياس))يين دائم))ا .ومن ثم))ة فإن))ه من
الطبيعي جدا أن يصاحب كل اختراع ـ تقريبا ـ تخوف اإلنسان من آث))اره الس))لبية المحتمل))ة أو المتخيل))ة
على ذاتيته كإنسان وتغير محيطه وصعوبة التكي))ف بعدئ))ذ ,فق))ديما وفي بداي))ة تط))وير أول ق))اطرة كآل))ة
انتبه اإلنسان إلى ضرورة تشريع يقضي بتوظيف رجل يسبق قط)ار " ستيفنس)ون " يح)ذر الن)اس من
قدوم القطار (أشهر المخترعين :ص) 59
وقد ذهب جل الباحثين إلى أن التكنولوجيا تغير من أسلوب حياة اإلنسان تغييرا جذريا ،فهم يعتقدون أن
الطباعة مثال هي تكنولوجيا عززت الفردية ،فإن األن))ترنت من حيث هي تكنولوجي))ا أخ))ذت الي))وم تع))زز
الجماعية االفتراضية كبديل عن الجماعية الطبيعية وهو ما يستدعي الدراسة (.األنترنت ) 221 :ومن
ثم))ة فهي أداة ق))ادرة على اس))تحداث تغ))ير م))ا ،ال س))يما في الوض))ع البي))داغوجي؛ ف))إذا ك))ان ينظ))ر إلى
استعمال المعلوماتية في التربية من حيث هو إجراء يعزز أك))ثر فرداني))ة التعليم ،فإن))ه أيض))ا ينظ))ر إلي))ه
تحقيق ألمنية القاتلون للمعلم من حيث ه))و في ع))رفهم "سمس))ار المعرف))ة" أو ب))األحرى قت))ل للمجتم))ع
واالتصال اإلنساني ،فالحداثة ك)انت في إح)دى نتائجه)ا ق)د قلص)ت إلى ح)د م)ا اتص)ال اإلنس)ان المكث)ف
بالطبيعة والتعلم الفيزيقي المباش)ر لص)الح العالق)ات االجتماعي)ة وال)دمج المؤسس)ي ،ف)إن المعلوماتي)ة
وعصر المابع))د أخ))ذ يقلص من االتص))ال اإلنس))اني المباش))ر لص))الح االتص))ال ع))بر الع))والم االفتراض))ية
الرمزية.وهو مدعاة للتساؤل والحذر .
ومن المفيد أن نستحضر ما ذهب إليه "مكلوهان " في كتابه " مجرة كوتنب))ورغ " من أن أي اخ))تراع
تكنولوجي أداتي إنما هو يمدد بطريقة أو بأخرى نطاق الجسم والفعل فوس)ائل االتص)ال إنم)ا هي تمدي)د
للحواس ,والشبكة اإللكترونية إنما هي امتداد للجملة العصبية المركزية ,وهي بالنسبة لـ " مكلوهان "
ميزات ،إال أنها تنطوي على عواقب حيث يعتق))د أن لك))ل امت))داد يحص))ل تقليص أو ب))تر لثقاف))ة الطبيع))ة
البشرية ( األنسنة ) أي م)ا يص)طلح علي)ه بـ "مبت)ورات أو مهج)ورات اإلن)ترنت" ت)ؤدي باإلنس)ان إلى
االنعزال أو االضطراب النفسي االجتماعي ( 219ـ ) 223والفصل الدراسي إن هو إال امت))داد للفص))ل
التقلي))دي بك))ل حيثيات))ه ينتج عن))ه بالض))رورة هج))رة وب))تر للثقاف))ة اإلنس))انية الطبيعي))ة ( األن))ترنت :
. ) 194وكذلك فاآلالت الذكية هي هجر وبتر للثقاف))ة المدرس))ية المؤسس))ية دون))ه مخ))اطر على قواع))د
التفاعل والتجمع البشري ،وكل ذلك يستدعي ويشرع لطرح األسئلة ماذا يتمدد ,وماذا يهجر ويبرز ,
وماذا يسترجع ...الخ .
مشروعية الرقابة ( الوقاية ) .
إن االنطباع اإليجابي المطل)ق الس)ائد ح)ول التقني)ة واس)تخدامها لص)الح اإلنس)ان وتقدم)ه ،تك)اد تنش)ئ
عوائق إبستمولوجية نحو طرح أية تس))اؤالت تتعل))ق بج))دوى اس))تخدامها ،وال ش))ك أن ط))رح مث))ل تل))ك
األسئلة تحتاج إلى شجاعة وجرأة كافية وحمولة من المبررات الوجيهة ال نجدها إال عن))د المتخصص))ين
الذين يقرؤون الواقع كانشغال يؤرقهم ويقلقهم ،فلم يمنع هؤالء زخم اإليجابي))ات وازدحامه))ا من كش))ف
مخاطر اآلالت الذكية والتشكيك حول اإليجابية المطلقة السائدة لهذه التقنية ،فقد سكنت تخوف))ات كث))يرة
علماء األنسنة حتى سمو العصر التكنولوجي ،بعص))ر القل))ق ـ وإن ب))ددت التجرب))ة بعض منه))ا ـ و ب))رز
الحديث عندهم منذ مدة عن ما يطلقون عليه برعب اآللة ( ،التكنوفوبيا ) إال أن كثير من ذلك الحديث "
االنشغال " ما زال يحتفظ بقيمته ومصداقيته العلمية في عص))ر المعلوماتي))ة وه)و ح))ديث وانطب))اع نش))أ
عن مساوئ ناتجة من اإلفراط في التفاؤل بمستقبل اإلنسان في ظل التقدم التكنولوجي يص))عب تبدي))دها،
حيث تبرز الدراسات أوجه أخرى للتقني)ة ض)ارة باإلنس)ان ال)ذي أنتجه)ا ذات)ه ،أو تظه)ر على األق)ل م)ا
يقابل نفعها من األضرار ،فالضوء في مثالنا السابق من حيث هو ض))رورة لح))دوث عملي))ة اإلبص))ار ق))د
يمنع حدوثها بسبب ما تبعثه االنعكاسات الضوئية من إش))عاعات ض))وئية ض))ارة ب))العين أو بس))بب ل))ون
الضوء غير المالئم أو شدته التي قد تكون فوق عتبة الحس ...وقد تكون س))كة القط))ار أو القط))ار ذات))ه
ليست من جنس واحد فيتضرر كل منهما وتعاق عملية التنق))ل ،واله))واء من حيث ه))و ض))روري لحي))اة
االنسان وإنعاشه قد يحمل تلوث غير مرئي لالنسان العادي فيسبب ل)ه األض)رار ،فك)ذلك الكوم)بيوتر أو
اآلالت الذكية قد ينبعث منها ما يعيق المعرفة وينحرف بها أو يعيق عملية التعلم ذاتها ،فكما أنها عامل
أساسي لتمكين اإلنسان من المعرفة والتحكم ،فهي قد توظف كعامل هدم تق))ود اإلنس))ان إلى سلس))لة من
االنهيارات يمكن اإلشارة على بعض من المخاطر ومظاهر االنهيارات في ما يلي :
مخاطر التقنية على اإلنسان
المخاطر الصحية :
إذا كانت تكنولوجيا الصناعة أسهمت في إفراز نماذج حياتية اقتضت من اإلنسان التكيف والمالءمة مع
اآللة وتداعياتها وحذرت من مخاطرها على الجسد والنفس فكانت األرغونوميا تبحث وض))عيات تطوي))ع
اآللة مع مقتضيات اإلنسان كعامل ،فإن المعلوماتي)ة من حيث هي آخ)ذة في إف)راز أنم)اط حياتي)ة يطل)ق
عليها مجتمعات المعرفة أو المعلومات أو التعلم( بن علي 22 :ـ ) فإنها تقتضي من اإلنس))ان التكي))ف
والتالؤم والتهيؤ لمن))ع مخاطره))ا على النفس والجس))د كمواجه))ة م))ا تحدث))ه من ت))وترات على مس))توى
الجهاز العصبي وإتالف للجهاز البصري وتصعيد للقل))ق ...الخ وق))د نب))ه علم))اء الحض))ارة إلى مخ))اطر
ص)حية ق)د تواج)ه اإلنس)ان أثن)اء اس)تعماله للتقني)ة ،ففي الوض)ع ال)ذي يك)ون في)ه جس)د الف)رد م)رمى
للموج))ات الكهرومغناطيس))ية وفي مج))ال اإلش))عاعات المنبثق))ة من الوس))ائل التقني))ة الحديث))ة ومنه))ا
الحاسوب وكل أجه))زة التحكم يتع))رض ال محال))ة لت))أثيرات س))لبية على الج))وانب البيولوجي))ة واإلص))ابة
باألمراض العصبية ومختلف األورام يتعذر شرحها هنا ( تقنيات 77 :ـ . )79ومن ثم))ة أوجب أيض))ا
التفكير في إنتاج أرغونوميا خاصة ليس فقط من أجل التكيف الجسدي والسلوكي لإلنس))ان ب))ل ب))التكيف
الوجداني والمعرفي أي تطويع ما أنتجه المرسل من معرفة وأدوات وف))ق المعطي))ات الوجداني))ة للمتلقي
في عدة مجاالت(اللغوي والميتالغوي والمعرفي والميتا معرفي أو ما يسمى بتفكير التفكير ).
مخاطر على ثوابت اإلنسان في التفرد
وبحسب تنبيهات هؤالء العلماء تكون المخاطر قد تجاوزت حدود المكننة ومساوئ تكييف اإلنسان وفق
مقتضيات اآللة والتي ظه))رت في المجمع))ات الص))ناعية ،إلى التنبي))ه لمخ))اطر جدي))دة آخ))ذة في التح))دي
لإلنسان في زمن المعلوماتية وما بعد الحداثة تتعلق بما يعرف بـ "االنسالي " حيث يجري الح))ديث عن
دمج الدوائر الكهربائية والذات اإلنس))انية؛ أي دمج الحاس))وب في الجس))م البش))ري وزراعت))ه كقط))ع في
مختلف أنحاء الجسم بل حتى على مستوى الخاليا والدماغ لتؤدي وظ))ائف معلوماتي))ة ،كزراع))ة رق))ائق
تحت الجلد ،والنظ)ارات الذكي)ة ،وس)ماعات في خالي)ا ،وأجه)زة التنبي)ه والتق)اط والع)رض في الق)دمين
والركبتين والعينين...الخ .ومن الطبيعي إذا حصل ما تقدم فإن مالمح فردية اإلنسان وإنسانية اإلنسان
تتغير باتجاه القضاء على النوع البشري وإنتاج نوع (اإلنسان /اآللة) ( .تقنيات 114 :ـ . ) 118
مخاطر فقدان التوازن :يتعرض اإلنسان في مسيرة تحقيق المزيد من السعادة في الحضارة المعاص))رة
إلى آثار سلبية عرضية تط))ال توازن))ه النفس))ي والجس))مي؛ فق))درة االس))تيعاب ل))دى اإلنس))ان لهرمون))ات
الطبيعة ( المث)يرات) مح)دودة تجعل)ه دوم)ا مت)وترا يبحث عن الت)وازن واإلش)باع ،وكث)يرا م)ا تتع)رض
مبادراته لإلخفاق نتيجة مفعول عص))بونات ال))دماغ ال))تي تخ))زن ك))ل التج))ارب الحس))ية والنظري))ة ،حيث
يؤدي ذلك إلى اختالالت وظيفي))ة بين العق))ل ال))واعي والالواعي ،وينش))أ التص))ادم بين ال))وعي وال))ذاكرة
الخفية وتكثر نتيجة ذلك االخفاقات في التكي))ف ويح))دث التش))وه العقلي واأللم النفس))ي والجس))مي مع))ا .
( التقني))ات . ) 120 :يض))اف إلى ذل))ك م))ا كش))فته الدراس))ات من أن االس))تعماالت المكثف))ة للوس))ائل
السمعية البصرية قد أدى إلى ما أسموه المفكرون إلى الفرد المفصوم ،حيث قس))مت جس))د اإلنس))ان إلى
أجزاء وقطع ،كل قطعة تعمل كما لو أنها وحدة ،وهو ما نالحظه في ما تحدثه المث))يرات الحض))ارية من
إكراه))ات تش))غيل العين منفص))لة عن األذن ،فكث))يرا م))ا ي))رغم اإلنس))ان على االش))تغال البص))ري على
الشاش))ة ،واالس))تماع للرادي))و في نفس اآلن ،كم))ا ي))رغم على فص))ل الق))دم عن األذن والبص))ر ...الخ
( تقنيات . ) 100 :وهو ما يؤدي إلى صعوبة تناغم الحواس مع العق))ل اإلجم))الي في تك))وين المعرف))ة
فيحدث التشويه الفكري وإنتاج العقل المبلبل ( المضطرب ).
وبتلك المخاطر نكون بني اإلنسان في وضعية التفاعل مع اآللة كما لو أننا كما يصفنا "أيمن عي))وش "
كائنات نسير نحو ترويض أنفسنا وفق معطيات شاشة الحاسوب ،وأننا في تعاملن))ا م))ع الحواس))يب كم))ا
لو أننا نتداول أسالكا نحاسية ننصهر كأفراد في المكننة ،ونعتقد بذلك أننا نكس))ب الحري))ة ،إال أنن))ا نفق))د
الكثير من اإلرادة حتى صرنا لعبة في يد محركات وآالت ودميات نحن من صنعها ( .تقنيات . ) 121 :
وتفصح هذه المخاطر عن نفسها خصوصا فيما يتعل)ق بس)لب اإلرادة والربون)ة ،حيث اإلنس)ان الالمنتج
والالمبدع أو اإلنس)ان القل)ق كم)ا هي ص)ورته في ع)رف اإلنس)انيين .فم)ا يالح)ظ من اس)تخدام للتقني)ة
اإللكترونية في ما يفيد ويغني معارف الفرد مما يجعلها مصدر لتبادل المنافع ،ويدفع بعدئذ نحو تش))جيع
حرية االستخدام ،يالحظ أيضا وبنفس الدرجة اس))تخدامها في م))ا ي))ؤذي اإلنس))ان المس))تخدم واآلخ))رون
برسائل معرفية ضارة ،ومن ثمة فهي مصدر إليذاء اآلخر برسائل هدامة ،وه))و م))ا يس))وغ لمش))روعية
الرقابة في استخدامها ،حيث أن االستس))الم لمقول))ة الحتمي))ة التكنولوجي))ة والخض))وع له))ا ينتج عن))ه ال
محالة تعميق وإمعان تبعية اإلنسان لآللة واستمرار تحكمه))ا في وض))عياته الحياتي))ة ،كم))ا نب))ه إلى ذل))ك
كثير من النخب العلمية في الوضع الحداثي ،حيث سبق أن حذروا من اإلفراط في اس))تخدام التكنولوجي))ا
واالعتماد عليها بدون ضوابط باسم الحرية المطلقة من أض))رار تص))يب ك))ل من المس))تخدم للتكنولوجي))ا
واآلخر والبيئة على حد سواء؛ ومن ذلك ما نفهمه من قول دي))وي التح))ذيري الش))امل من أن الحض))ارة
التي تسمح للعلم بتحطيم القيم المتعارف عليها وال تثق بق)وة العلم في خل)ق قيم جدي)دة ...ت)دمر نفس)ها
بنفسها (.دوبو. ) 43 :
كذلك فإن أصوات النخب العلمية المنتجة لآلالت الذكية بدأت منذ مدة تعلوا وتن))ذر باألخط))ار ال))تي يمكن
أن يتأذى منها اإلنسان من مثل الرسائل اإللكترونية الهدامة المشاعة باس))م الحري))ة في عه))د الفرداني))ة
المفرطة في الوضع ما بعد الحداثي؛ وهو ما يؤكد من جديد خطر خضوع اإلنسان للحتمية التكنولوجي))ة
ويستدعي بعدئذ البحث عن اآلليات التي تمكن اإلنسان المخترع والمنتج والمس))تعمل لآلالت الذكي))ة من
السيادة والتحكم كالرقابة والتوجيه واإلرشاد ،فقد تأكد للمراقبين بما ال يدع مجاال للشك أن التكنولوجي))ا
بكل أنواعها ومستوياتها ومجاالتها عندما تفلت من رقابة اإلنسان ويفقد السيطرة عليه))ا يص))بح أس))يرا
له))ا ،ويمكن أن ت))نزلق ب))ه نح))و التهلك))ة ،تمام))ا كم))ا يفق))د الس))ائق الس))يطرة على قي))ادة س))يارته ،حين
االستعمال المفرط للسرعة ،فتودي حتى بحياته .
مخاطر عولمة المكان بيداغوجيا :
إن ما يروج له كمزاي))ا بش))أن تفج))ير أط))ر الزم))ان والمك))ان من حيث هي إكراه)ات وتحقي))ق م))ا يس))مى
بالقرية الكونية وإن هي كذلك ،إال أنها تنط))وي على مخ))اطرة ليس))ت هين))ة وال هي مستعص))ية اإلدراك،
ونرص))دها في تهدي))د س))المة المج))ال كانتم))اء نفس))ي ومحض))ن اجتم))اعي قب))ل أن يك))ون مج))رد بيئ))ة
إيكولوجية ،ونعتقد أن خط))أ الح))داثيين ب))وعي أو بغ))ير وعي في تح))ديث المج))ال وإنت))اج ( أزم))ة هوي))ة
المدن والقرى والحي ...الخ) بالقضاء على خصوصياتها البنيوية والوظيفي))ة في التواص))ل االجتم))اعي،
فضال عن القضاء على ك))ل م))ا يولدان))ه من مش))اعر وجداني))ة تلص))ق الف))رد بالمك))ان حيث أن))ه ال ينم))وا
التعالق الف)ردي واالجتم)اعي إال في مج)ال يحتض)ن قيم هي في ع)رف االجتم)اعيين مح)ددات للس)لوك،
يتكرر اآلن بعولمة المجال إلنتاج األنفس المعولمة ،فما أقبل عليه الح))داثيون من تفكي))ك هوي))ة المج))ال
( والحومة والحي والقرية ...الخ ) لصالح تقوية االنتماء للدولة الوطنية كرمز ومجال إيكول))وجي ،ق))د
كان تفكيك لهوية المجال وسحره ،في النفوس قبل كل ش)يء ،يض)عف الرواب)ط االجتماعي)ة ،والعالق)ات
المتبادلة وبالتالي قد ك))ان تفكي))ك لالنتم))اء الط))بيعي ،وم))ا يج))ري اآلن من عولم))ة المج))ال يبطن تفكي))ك
للروابط االجتماعية والدولة وإضعافها لصالح العولمة ،وكأن تفج))ير أط))ر المك))ان والزم))ان ه))و بمثاب))ة
تحسين شروط العولمة .ومن ثمة فتكوين الذات العلمية التكنولوجية بالوافد دونه مخ))اطر ته))دد ال))ذات
األيكيولوجية من حيث هي محضن اجتماعي ونفسي يصعب تجاوزه في تربي))ة االنتم))اء .فتفج))ير األط))ر
االجتماعي))ة ه))دف اس))تراتيجي في منظوم))ة التربي))ة المعولم))ة من حيث أنه))ا (أي األط))ر االجتماعي))ة :
المؤسسة ـ الدولة ـ األسرة ـ المسجد ـ المدرسة ـ الحي ـ القرية ـ النادي...الخ )عوائ)ق سوس)يولوجية
مؤسسية تنتج عوائ))ق ابس))تمولوجية بعولم))ة الفك))ر والوج))دان والحس الف))يزيقي ،وتعم))ل في منظوم))ة
العالقات اإلنسانية على إضعاف االرتباط الوجداني وحتى العملي النفعي لدى الفرد في مجال))ه الحي))وي،
وبالتالي ضعف المواطنة والوطنية .إذ أن المج))ال من حيث ه))و مك))ان للعيش وممارس))ة الحي))اة وراب))ط
فيزيائي ,وفضاء انتمائي تراتي)بي وتواص)لي ,وح)يز عالئقي ل)ه هويت)ه الخاص)ة ,حيث يتم)يز بخاص)ية
االتصال واالنفصال ككل الوجود ويشكل رمزية خاصة لوجود الفرد من حيث هو مجال))ه الحي))وي تنم))وا
في ظله شخصيته وتتشكل هويته وفق االتصال واالنفصال عن الهويات األخرى ،ومن ثم))ة فه))و ج))دير
باالحترام ألن احترامه من احترام إنسانية اإلنسان ,فالجغرافي)ا حاض)رة بك)ل ثقله)ا في ش)حنة االنتم)اء,
والعالقات ,والتواصل ,والتمايز ,والتفاعل ,وبالتالي فهي من مفردات السلم القيمي االجتماعي والهوية,
ال يمكن القبول بالمساس به نضير مزايا العولمة االفتراضية.
والفعل اإلنساني ال يمكن تصوره إال في حيز إيكول))وجي وزم))اني معين ،فه))و أح))د المكون))ات األساس))ية
للمعرفة ومجال التجربة بأوسع معانيها حيث أن التفريط في المجال يعني التفريط في الخ))برة المباش))رة
الطبيعية والتفريط في تعلم المسافة االجتماعية والمسافة النفسية والمسافات الزمنية ومفهوم التوطين؛
أي نفقد المعرفة بعالقة اإلنسان بالمجال وهي عالقة تتضمن ثالث))ة أزمن))ة ( ال))زمن الجغ))رافي ,ال))زمن
االجتماعي ,والزمن الفردي وتشكل هذه األبع))اد من))ابع الحي))اة (.قض))ايا ابس))تمولوجية 60 :ـ ) 61
وهو ما يقودنا إلى إشكالية نظرية المعرفة وإعادة صياغتها وفق معطيات المعرفة االفتراضية .
مخاطر معرفية مباشرة
تحيل عملية إدماج تكنولوجيا في التعليم على العولمة وما تثيره من مشكالت تتعل))ق بمجتم))ع المعرف))ة
كالتنمية والحرية والعالقات اإلنسانية وما هو فردي وجماعي ،وال))واقعي واالفتراض))ي ،وتخص))يص م))ا
هو كوني وما هو محلي وخصوصي ،والمرك))زي والالمرك))زي ،والمنم))ط من غ))ير المنم))ط ...الخ .فك))ل
هذه المفردات استدعت تغييرا جذريا لألنماط المعرفي)ة وأس)اليب الت)دريس وإع)ادة ص)ياغة التعلم وف)ق
مقتضيات اآللة الذكية ،وما يستلزم ذلك من إدارة العملي))ات المعرفي))ة من أج))ل الحص))ول على الس))هولة
والسرعة الالزمة للتعلم والتحصيل ،بغرض التكيف مع مقتضيات التنمية ،وقد أثار ذلك مخاطر معرفي))ة
على نشاط اإلنسان العقلي بصفة إجمالية ،فسهولة التعلم الذي توفره اآللة الذكية ال يع))د إيجابي))ا مطلق))ا
فهو ينطوي على مخاطر وسلبيات بحسب دراسات حول االنتباه والذاكرة؛ إذ أن الجهد العقلي المب))ذول
في حالة التعلم بالكتاب أو النص من غير آلة يكون أك))بر بكث))ير من الجه))د العقلي ال))ذي يب))ذل في حال))ة
التعلم باآللة الذكية ،وهو ما يؤدي إلى االسترخاء أو الكسل العقلي ال))ذي تحدث))ه اآلل))ة .ففي تج))ارب "
سالمون " أظهرت النتائج أن الرسالة السهلة تطلبت جهدا تعليميا أق))ل ،وتحص))لت على تعليم))ا بس))يطا،
والرسالة الصعبة تطلبت جهدا اكثر وتحصلت على تعلم اكبر ( األسس .) 141 :ويستنتج من ذل))ك أن
اآللة تقلل من النشاط اإلنساني في وضعيات التعليم المبرمج بصفة عامة .
مخاطر بيداغوجية مباشرة :
يجب علين))ا تنبي))ه الق))ارئ من أنن))ا على وعي ت))ام ونعلم في ه))ذا المج))ال أن المح))اذير البيداغوجي))ة
والمتعلقة أساسا بفرط التفاؤل في نتائج تكنولوجيا التربية وإكراهات الواقع المدرسي من مث))ل الق))درة
االقتصادية والتمويل المالي ،وتكوين المعلمين ،وإنتاج األقراص المدمجة ،ونقص الكف))اءة في ال))برامج
المدمجة ،وفي االستعمال والصيانة وتحقي)ق م)ا يس)مى بالمرافق)ة التربوي)ة ( عب)د الن)بي ) 83 :كله)ا
محاذير يمكن أن تبدد بفعل التطوير والتحسين لوضع تكنولوجيا التربية كسياسة في المستقبل الق))ريب.
ومن الطبيعي بعد هذه المخ))اوف والمح))اذير أن نت))وجس خيف))ة من التكنلج))ة وننس))حب بعدئ))ذ لتأس))يس
إنسانيتنا وتركيزها في مواجه))ة س))لبيات الثقاف)ة اإللكتروني))ة بتح))ريض إنس))انية اإلنس))ان على مقاوم))ة
الربونة مهما بدت لنا منافعه مكثفة وشديدة .ومن الطبيعي أن نح)ترس من اآلل)ة ألنه)ا ارتبطت وعلقت
بذاكرتنا التاريخية بقيم االستعمار والتبعية ،فطبيعي أن تستيقظ فينا مقاومة وممانعة لك))ل آت ،كم))ا ه))و
طبيعي أن تستيقظ فينا مقاومة فرنسا الحرية والحريات ألن في ذاكرتن))ا فرنس))ا التكنولوجي))ا هي فرنس))ا
االستعمار واالستعباد .
ومشروعية الرقابة ت))أتي أيض))ا من جهلن))ا بكينون))ة تكنولوجي))ا اآلالت الذكي))ة رغم تحكمن))ا وتعلمن))ا له))ا
ورغم الفوائد التي نلمسها وتصيبنا منافعها بصفة مباشرة ،فمن))ذ األزل ش))رعن لمراقب))ة ذك))اء اإلنس))ان
في كل ممارساته رغم قناعة اإلنسان العلمي بأنه قيمة إيجابية في ح))د ذات))ه وس))ر تم))يزه اإليج))ابي عن
سائر المخلوقات ،فوضع في أنساق ديني))ة واجتماعي))ة تض))بطه وتح))د من حريت))ه المطلق))ة وتحمي))ه من
االنزالق نحو مخاطر تهدد كينونة اإلنسان ذاته؛ فبسبب استمرار بقاء الذكاء أو العقل في حيز المجهول
والوجود االفتراضي في المعرفة اإلنس))انية الوض))عية واستعص))ائه عن التكش))ف ،ت))أتي عل))ة مش))روعية
وضع اإلنسان ذكائه وعقله موضع النقد والمراقبة ،ومن ثمة كانت التش))ريعات الديني))ة وبن))اء األنس))اق
الرمزية المعيارية من الناحية الوظيفية تعمل كما لو أنها آليات رقابي))ة على ذك))اء اإلنس))ان يهت))دي به))ا
نحو سكة الحياة اآلمنة والنافعة ،على الرغم من قناعة اإلنسان من حتمي))ة إيجابيت))ه في تط))وير حياتن))ا
وأوضاعنا وتمكننا به من درء كل مخاطر التي يمكن أن تصيبنا؛ ب))ل واعتمادن))ا علي))ه في إنت))اج ك))ل م))ا
يتعلق برفاهيتنا وتمتعنا بالحياة وتحكمنا في كل ما حولنا والغوص في أعم))اق األك))وان من حولن))ا رغم
تلك المنافع ،وضع تحت الرقابة فكيف باآلالت الذكية إذن ؟.
وإذا كانت حياتنا في ظل العولمة أصبحت جزء ال يتجزأ عن العالم ،وال يمكننا ـ وال نستطيع ح))تى ول))و
أردنا ـ أن نتجاوز هذا الواقع ،فإننا نج)د أنفس)نا أم)ام الض)رورة والحتمي)ة التقنوي)ة ومن ثم)ة مواجه)ة
تحدياتها ،ال بالتفكير فقط في ما يجب أن نعمله تجاه تلك التحديات؛ بل أصبح في وضعنا أولوية التفكير
في ما ال يجب أن نعمله أي أن نمتنع على فعله ،وتلك عند "دوبو " هي الممارسة الفعلية للحرية ال))تي
يختص بها اإلنسان عن المالئكة كما ثبتتها األدي))ان فهم يفعل))ون م))ا ي))ؤمرون أم))ا اإلنس))ان فه))و م))زود
بالقدرة واالختيار على تجنب األفعال المذمومة والضارة (.دوبو .) 167 :فمن واجبنا أن نواج))ه مثال
ما نعده رعبا تربويا عولميا ونمتنع عن فعله ،وهو م))ا يتعل))ق ب))إجراءات الص))ياغة القس))رية لم))دركاتنا
كأفراد وشعوب وفق نموذج إدراكي واحد ،يتعلق بالقيم اللبرالية التي لم يحصل بعد حولها اإلجماع؛ بل
تعاني من مقاومة شديدة رغم عرض نفسها كقوة عالمية جاذبة ومس))احة تس))توعب اإلنس))انية ،فهي ال
تنتج في مجتمعاتنا إال التصادم الفكري والجم))الي والقيمي م))ع خصوص))ياتنا ومجالن))ا الحي))وي أي تنتج
فقط الفوضى البناءة الالزمة لمغامرة الوحدة اإلنسانية في عرف العولم))يين .وال ش))ك أن الفوض))ى تل))ك
تبدأ من التعليم وبث عنف المدنية على خصوصياتنا في منظوماتنا الثقافية والتربوية .
فمش))روعية الرقاب))ة ت))أتي أيض))ا من مرجعي))ة حق))وق اإلنس))ان ال س))يما في الوض))عية االس))تهالكية،
فاالستهالك لإلنتاج ضرورة حياتية تستتبعه بالضرورة حقوق المستهلك على المستوى الف)ردي كزب)ون
له رغباته ومنافعه وأذواقه ،وحقوق المجتمع في حماية ثقافته وهويت))ه في ع))الم تتح))رك في))ه الث))وابت
وتتشكل باستمرار .فتمدد آثار التكنولوجيا الرقمية في حياتنا الخاصة والثقافية طالت حتى أبج))دياتنا في
العبادة حال دخولنا في الصالة الجماعية ،فمما هو ق)د يك))ون مض))حكا فق))د وج))د اإلم))ام نفس))ه مض))طرا
الستدخال بعض التغييرات في العبارات حين التذكير برص الصفوف ،فيقول ( رصوا الصفوف ،وس))دوا
الفرج وأغلقوا هواتفكم النقالة ) ...وال نستبعد أن يأتي يوم ونجد أنفس))نا في وض))ع تكنول)وجي يع))وض
اإلنسان جهده في االنتقال والممارسة الفعلية للعبادة بما يمكن تسميته بالعبادة االفتراضية .
ونجد الرقابة أو الوقاية تفرض نفسها على تدفق المعلوم))ات وانس))يابها ع))بر الوس))ائط اإللكتروني))ة في
عصر المعلوماتية؛ فهي وإن تعد قيمة إيجابية في حد ذاتها ،إال أنها تنطوي على مخ))اطر عن))دما تك))ون
غزيرة ويصعب على الفرد مواجهتها بقدراته المعرفي))ة الذاتي))ة ،إذ تث))ير إش))كاليات تتعل))ق بالق))درة على
االس))تيعاب والتوجي))ه والتوظي))ف واالس))تثمار ،كم))ا تث))ير غ))زارة األمط))ار رغم إيجابيته))ا مش))اكل على
األرض كثيرا ما كانت أكبر من ق)درة اإلنس)ان فتح)دث أض)رارا .فكم)ا س)وغ اإلنس)ان المعاص)ر لنفس)ه
تخطي))ط ال))والدات وبرمج))ة اإلنج))اب لمواجه))ة م))ا ي))دعى باالنفج))ار الس))كاني وتجنب آث))اره الس))لبية
االقتصادية واالجتماعية والتربوية ،فإنه من المفترض أن يسوغ لنفسه أيضا مراقب))ة وتخطي))ط ت))دفقات
المعرفة اإللكترونية وتخطيط آدواتها واستعمالها منظما في الزمان والمكان كما تنظم المدرس))ة وجوب))ا
استعماالتها للكومبيوتر .
وال يخفى على كل باحث جاد أن ما أحدثته اآللة الص))ناعية في المجتم))ع الص))ناعي الح))داثي من تغي))ير
أساسي في حياة الناس االجتماعية أي في عالقات االنتماء ،وإعادة تشكل الـ "نحن" في نطاق الجمعنة
الصناعية والوطني))ة ،ب))دل األس))رة والعش))يرة والقبيل))ة واالثني))ات ،تحدث))ه اآلن ـ أو م))ا يش))بهه ـ اآلالت
الذكية أو ما يسميه بن علي ( االنس)الي ) في عص)ر مجتمع)ات المعرف)ة على مس)توى الت)دريب والتعلم
والتعليم ،فالتجاوب الوجداني الذي يظهره الطفل مثال لحد التم))اهي والتوح))د حي))ال األلع))اب اإللكتروني))ة
والقصص التربوية وانجذاباتها ،يجعل ذاتية الطفل ـ في بعدها الفرداني واالجتماعي ـ تنموا بمع))زل عن
وسطها العالئقي االجتماعي والطبيعي؛ حيث يظهر الطفل أكثر انتماءا وحبا لآلالت الذكية وأكثر تصديقا
وقابلية للت)أثر من أي مص)ادر أخ)رى للتعلم ،فق)د لوح)ظ عن)د ت)وفر ه)ذه اآلالت الذكي)ة أن الطف)ل يتعلم
مناشط الحياة وينمو في خبراته ومكتسباته في العالقات االجتماعي))ة ع))بر الوس))ائل اإللكتروني))ة بمع))زل
عن الوسائط االجتماعية الطبيعي))ة كاألس))رة والمؤسس))ة ومجتم))ع الراش))دين ،وك))ل ذل)ك يث))ير تس))اؤالت
وإشكاليات حول:
1ـ انتشار وتلقي المعلومات الخاطئة علميا وقيميا في غياب النواظم االجتماعية يمكن أن تشوه معرفة
األجيال وتنبت التناقض))ات األخالقي))ة وت))ؤدي إلى تفك))ك األفك))ار في الوض))ع م))ا بع))د الح))داثي كم))ا تبعث
األف))راد من حيث ال ي))درون إلى اللهث وراء المعلوم))ات الغزي))رة وال يس))تطيعون اس))تيعابها والنتيج))ة
الحتمية لذلك أن يفقد األفراد توازنهم المعرفي ،وتفقد الحكومات والدول قيادة شعوبها المفكك))ة معرفي))ا
( التقنيات 97 :ت ) 98مثل ذلك كفقدان الطبيب للسيطرة على الجسم المفكك بالفيروسات القاتلة .
2ـ تساؤالت حول قدرة اآلالت الذكية كطرف تفاعلي تواصلي على تأمين سالمة نمو الطفل وذاتيت)ه.
فكما تش))ير دراس))ات ومالحظ))ات الب))احثين أن االنص))راف واالنج))ذاب الق))وي لألطف))ال وح))تى الراش))دين
يصيب الشخصية باالنطوائية واالنعزال عن المجال وحتى سوء التكيف االجتماعي والتصحر الشديد في
العالق))ات االجتماعي))ة التواص))لية والوجداني))ة .ووج))د أن اإلدم))ان على االس))تعمال التكنول))وجي في تعلم
المعرفة واالستعانة بها يولد لدى األطفال حالة االسترخاء أو الكسل العقلي حيث ال يبذلون أي جه))د في
إنج))از ابس))ط العملي))ات الحس))ابية ،واالعتم))اد الكلي على الحاس))وب جعلهم غ))ير ق))ادرين على إنج))از
أساسيات المعرفة الرياضية أو غيرها مما تتطلبها حي)اتهم اليومي)ة ،فهم ارتبط)وا بالحاس)وب وب)اآلالت
الذكية ارتباط التبعية الشديدة فال يستطيعون مواجهة المشكالت المعرفية بدونها.
3ـ ينبه الباحثون ومن بينهم " تيبور" إلى إن إيجابي))ات الحاس))وب يجب الال تحيلن))ا على وهم إمكاني))ة
تحوي))ل ك))ل ش))يء موج))ود إلى ص))يغ حاس))وبية وأن تعلم الحاس))وب نهاي))ة لك))ل المش))كالت االجتماعي))ة
المعاصرة ) 390 ( .فيجب الال تحجب عنا إيجابيات تكنولوجيا المعلوم))ات من أن الثقاف))ة اإللكتروني))ة
والمعلوماتية تنطوي على خطورة عظيمة وهي تكوين المجتمع التكنولوجي والتعليم التكنوقراطي ,وهو
المجتم))ع والتعليم الل))ذان تتراجع))ا فيهم))ا القيم اإلنس))انية ,نظ))را لم))ا ينميان))ه من نزع))ة توحي))د التعليم,
وحص))))ار االتص))))االت الشخص))))ية ( أي كم))))ا يس))))ميه " تيب))))ور" تأحي))))د الفك))))ر تبع))))ا لتوحي))))د
التكنولوجيا .مستقبليات . ) 391 : 63وأن االعتماد على الكومبيوتر كمصدر للمعلوم))ات والتعلم من
شأنه أن يحول الفرد إلى غنيمة لألفك))ار التحيزي))ة الس))يئة ال س))يما في عص))ر التعليم المائ))ل للتخص))ص
الدقيق والمغيب عن الثقافة الموسوعية؛.فتجربة االختبارات والروائز المعمم))ة في تص))ميم االمتحان))ات
لم تؤدي من نتائج تذكر ماعدا أنها كشفت عن نفسها خليطا من األحكام التحيزبة الس))بقية وتكميم غ))ير
موثوق لمعارفنا ومدركاتنا ,فغدت مكننة التعليم ـ كما يعتقد تيبور ـ تجربة مؤس)فة .وبن)اء علي)ه ينص)ح
المربون بأنه يجب الالتؤدي إيجابيات تعليم المعلوماتية إلى تموقعه لمكانة الصدارة في البن))اء التعليمي
التعلمي ,فيجب أن يعطي ق)دره في أن))ه مس))اعد على التعلم ليس أك))ثر ,وأن))ه ال يتج))اوز دوره مس))اعدة
الذاكرة وإدارة للمعلومات ومعالجتها ،فال يمكن مثال لتعليم المعلوماتية أن تحل محل عالقة معلم /تلميذ؛
فالعالقة سيرورة اجتماعية سيكولوجية ال يمكن تعويضها ...الخ .ونسوق هذه التنبيهات حتى ال نك))رر
أخطاء الناتجة عن التعامل بإيجابية مطلق))ة في تعليم التفك))ير المنطقي ووهم الموض))وعية وال))تي تب))دوا
إيجابياته ال غبار عليها إال أنن))ا ونحن ننغمس في ذل))ك نق))زم التفك))ير ذات))ه ونخ))ل بحريت))ه في المواق))ف
التعليمية ،ذلك أن التعليم ليس تدريبا على المنطقية إلنتاج جنود انقياديين أوحاديين في التفكير بقدر ما
يهدف إلى تأصيل إنسانية اإلنس))ان بتربي))ة اإلرادة في المجه))ود الكلي الجم))اعي ب))روح تعاوني))ة وليس
بكسل عقلي (.مستقبليات . ) 392 : 63
اآللة الذكية والعالقات اإلنسانية في الوضع البيداغوجي
بحس فلسفي كشف هيدجر عبر مناقشة مفاهيمي)ة لمس)ألة التقني)ة وم)ا يفرقه)ا عن ماهيته)ا ويميزه)ا،
ليستنتج أن)ه ال يمكن بن)اء عالق)ة ح)رة بينن)ا وبين التقني)ة م)ا لم يح)دث إدراك عالق)ة اإلنس)ان بماهي)ة
التقنية فليس بمجرد تمثل اإلنس))ان لمف))ردات التقني))ة وممارس))تها والتكي))ف معه))ا أو رفض))ها واله))روب
عنها نبني تلك العالقة ،ومهما رسمنا تلك العالقة فهي عالق))ة موهوم))ة ألنه))ا تق))ف عن))د ح))دود تص))ور
التقنية كما لو أنها وسيلة وأداة وفعالية إنسانية الرتباطها أو تضمينها الغاية والوس))يلة ض))من منط))وق
العل)ل األربع)ة األرس)طية .وه)و مفه)وم أن)ثروبولوجي يعكس تص)ور أداتي للتقني)ة ويع)بر بص)دق على
الواقع وهو صحيح ال يرقى إلي)ه ش)ك وال يس)مح بالمجادل)ة بش)أنه .فالتقني)ة وس)يلة لغاي)ة وفعالي)ة
إنسانية في الوقت ذاته .ولكنه مع ذلك فالتقنية بم))ا هي تجلي للدق))ة فليس))ت بالض))رورة تجلي للحقيق))ة
ومن خاللها يمكن أن نهتدي للحقيقة .فبحسب هيدجر أن األداتية تلحق اإلنسان كذات بتقني))ات ه))و من
أوجدها وحرم من حريته واستتبع نفسه بها والقول بأن التقني))ة ش))يء حي))ادي إنم))ا ه))و التص))ور ال))ذي
يعمينا عن إدراك ماهيتنا ويبقينا في مربع االستسالم والتبعية .فكما توجد إمكانية تحويل ما ه))و خي))الي
على واق))ع نعيش))ه توج))د أيض))ا إمكاني))ة لتحوي))ل م))ا ه))و حقيقي ونعيش))ه إلى مج))رد وهم نعيش))ه .
( هيدجر . ) :
فاالعت))داد الكام))ل بالتكنولوجي))ا اإللكتروني))ة الحديث))ة في تحقي))ق منس))وب أعلى من الحري))ة الفردي))ة في
التعلم الذاتي كقيمة إيجابية في المنظور اللبرالي وإن هي تبدوا مفي))دة ،إال أنه))ا تحق))ق م))ا ه))و وهم من
الفردية ،وتنبني عليه ،فالفردية كما تأك))د ل)دى الس))يكولوجيين ليس ه)و مج))رد حاص))ل مجم))وع الق))وى
والدوافع الفطرية وبناء عليه صار كعرف لدى التربويين أن النشاط الفردي البحت غير موج))ود وحال))ة
من حاالت الوهم؛ ذلك أن الفرد ما هو إال حصيلة التفاعل ( البيئة أو المجال الحيوي ،الذات) مما يجعله
مدينا في نشاطه لمجاله الحيوي وأن خروج الذات كنشاط عن ذلك النطاق الحيوي ال يع))د حري))ة فردي))ة
بقدر ما يعد خيانة للمجال.
ومما أفادته الدراس))ات المتع))ددة أن اإلدم))ان على التكنولوجي))ا المعلوماتي))ة تبطن مخ))اطر جانبي))ة ،حيث
تحجب إلى حد بعيد التفاع))ل اإلنس))اني المباش))ر في مج))ال االتص))ال البي))داغوجي ح))تى ول))و ن))رى بعض
الصيغ ال))تي تجم))ع ف))رق من التالمي))ذ ح))ول الكوم))بيوتر يعمل))ون مش))دودين إلى الكوم))بيوتر وليس إلى
بعضهم البعض ،وهي حالة أشبه بما يجمعه التلفزيون ألفراد األس))رة لرؤي))ة مش))هد مثال ،فاالتص))ال في
مثل هذه الحالة يجري في نطاق العالقات الفردي))ة ومحتوياته))ا النفس))ية ،ال))تي تس))تجيب ألنم))اط الحي))اة
الفردية كاالتصال الذي ت))وفره األن))ترنت فهي ص))ورة أخ))رى مبتدع))ة من الفردي))ة الفق))يرة في محتواه))ا
االجتماعي .
فالكوممبيوتر يعزز وينمي عالقات جديدة تتعلق بالعفوي اآلني على الفكري المت))أني العقالني والف))ردي
على الجماعي وسيادة الحاضر على الماضي .وبالتالي فإن ما يعتقد أن التعامل مع الكومبيوتر والنه))ل
من المعلوماتية يؤدي إلى التحرر من ك))ل م))ذهب وص))لة ب))الرمزي وبالت))الي تحري))ر األن))ا والفردي))ة من
انساقها الطوباوية هو صحيح؛ إال أنه كث)يرا م)ا يص)بح مج)رد تع)ويض لألوام)ر النص والمعلم وتع)اليم
المنظومات الرمزية والعالق))ات ،ب))أوامر وتع))اليم الكوم))بيوتر ومث))يرات الس))معي البص))ري ال))ذي يط))رح
الجماع))ة خل))ف الحجب وإلى المس))كوت عن))ه أو الالمفك))ر في))ه .وه))و م))ا يش))كل إزاح))ة ألهم عناص))ر
الشخصية الجماعية من حيث هي ليست مجرد حاصل مجموع األفراد واألنماط الشخصية المكون)ة له)ا،
فهي عالقات وتفاعالت ومواقف جماعية حيال المواضيع واألوضاع تفوق بكثير مجم))وع طاق))ة األف))راد
المكونين لها .
اآللة الذكية ونظريات التعلم.
ما فتئت الحواسيب واآلالت الذكية تفصح عن إيجابياته))ا المتع))ددة والكثيف))ة في مج))ال اس))تخداماتها في
التعلم ،حتى أصبح تعلمها في عصر مجتمع))ات المعرف))ة اآلخ))ذة في التك))ون ض))رورة لك))ل مدرس))ة ومن
مقتضيات تربية المواطنة من حيث هي محو لألمية المعلوماتية ،إال أنه يجب تجزئة تلك الضرورة فهي
ضرورة لألمة من حيث إعداد المتخصصين في النخبة أي ضرورة اإلعداد المهني ،وض))رورة لك))ل ف))رد
على مستوى التدريب األساسي وامتالك الخبرة األساسية في استعمال الحاسوب ،وق))د تطرقن))ا إلى ه))ذه
الضرورات في مواقع أخرى مبثوثة في هذا المق))ال ،ومن ثم))ة فال يجب االعتق))اد بض))رورتها المطلق))ة
حتى ال نقع في الخطط الوهمية .ون))درج هن))ا ض))رورتها في التعلم من حيث هي ق))درة هائل))ة الس))تيعاب
نظريات التعلم .فعلى الرغم مما يعتقد من ضآلة المنافع وتفاهة النتائج التي حققته))ا تكنولوجي))ا التربي))ة
من))ذ ب))داياتها أي))ام ثورن))دايك إلى تج))ارب س))كينر في التعليم الم))برمج ثم البرمج))ة التفريعي))ة بمقارنته))ا
ب))التعليم التقلي))دي (األس))س 53:ـ ) 56إال أنن))ا ننطل))ق من م))ا ت))وفره اآلالت الذكي))ة من المعالج))ة
المعلوماتية بكل حيثياتها ،ونقر بفوائدها المبدئي))ة في مج))ال التعليم ،س))يما عن))دما أت))احت اآلل))ة الذكي))ة
ممارس))ة التعليم المف))ردن بإمكان))ات مفتوح))ة واس))عة مقارن))ة بالكت))اب أو اآلل))ة المبرمج))ة ،وتل))ك هي
المالحظة األولية العامة في استيعاب المعلوماتية لنظريات التعلم نرصدها هنا على وج))ه العم))وم في أن
عملية تفريد التعلم القائمة في كل النظري))ات البيداغوجي))ة الحديث))ة ال غب))ار عليه))ا في نظم المعلوماتي))ة
الموجهة للتعليم؛ بل هي بحسب "ديف سويل " المحور الذي تدور عليه كل البرمجيات م))ا دامت تعطي
أولوية للتعلم حسب اإليق))اع والوت))يرة ،واالس))تجابة للف))وارق الفردي))ة ال س))يما في ال))برامج الموص))وفة
بالذكية (مستقبليات 421 : 63ـ . ) 429
وبعد ذلك نرصدها في ما هو أخص ،فقد استوعبت اآلالت الذكية في االستعمال والتوظيف البيداغوجي
ك)))ل نظري)))ات التعلم أو أوج)))ه التعلم المختلف)))ة والمتباين)))ة؛ ب)))ل والمتناقض)))ة أحيان)))ا ،في أبعاده)))ا
االبستمولوجية ،ك))التعلم بالمحاول))ة والخط))أ ،وم))ا توجت))ه النظري))ة الس))لوكية من تعليم م))برمج كص))يغة
مثالية للتعلم من وجهة نظر السلوكية ،وك)ذا النم)اذج المعرفي)ة .فك)ل ص)يغ التعلم مت)وفرة في الس)وق
اإللكترونية وما على المعلم والمدرسة إال حسن االختيار:
فمنها من يركز في منتجاتها من البرامج التعليمية الجاهزة ،على الناتج آخ))ذة ب))ذلك الم))دخل الس))لوكي
بكل معطياته في ضوء ( الخبير المعرض للخطر،والتقليل في نفس الوقت من ش)أن الق)درة الفردي)ة) إال
أنها لم تستطع أن تفلت من كل االنتقادات التي توجه ع))ادة للتعليم الم))برمج ،والترك))يز على األداء ب))دل
الفرد والعمليات العقلية حتى في أرقى برامجها.
ومنها من يرك))ز على تص))ميم ال))برامج التعليمي))ة على معطي))ات اإلدراك وعمليات))ه آخ))ذة ب))ذلك الم))دخل
المعرفي البنائي ال)ذي يس)تهدف العملي)ات العقلي)ة ،ك)الفهم والتحلي)ل وال)تركيب ،وم)ا تقتض)يه عملي)تي
المالءمة والتمثل ،فهم يهتمون بإدارة العمليات المعرفية بدل النتائج ،وبالحوار التفاعلي التلق))ائي ب))دل
برمج))ة البيئ))ة في س))ياق المث))ير واالس))تجابة ,ولم يفلت المعرف))ون هم اآلخ))رون في ظ))ل البرمج))ة
المعلوماتي))ة من مآخ))ذ تتعل))ق بس))قف العفوب))ة والحري))ة ال))تي س))تمنح للتالمي))ذ كي يبن))وا مع))ارفهم
ويكتشفونها بأنفسهم ,فال يمكن التسليم بأن األطفال بالوسائل التكنولوجية على مس))توى من الق))درة م))ا
يمكنهم من تنظيم ثقاف))ة الماض))ي ،ومن األفض))ل أن ال ن))ترك التلمي))ذ أم))ام ص))عوبة البن))اء واالكتش))اف
العرضي الطارئ للبيئة ,ونبادر بتقديم البيئ)ة مص)ممة ج)اهزة ول)ذلك يق)ترح ( ب)راون ) 1984تعليم)ا
متجاوزا يحتفظ بالحوار التفاعلي إال أنه موجه وسمي ذلك " بالتعلم باالكتشاف الموجه " واعت))بر ذل))ك
بمنزلة إعطاء التلميذ سلطات أخرى تزيد من حريته وال تنقصه
تساؤالت بيداغوجية في الوضع التكنولوجي المعلوماتي :
بداي)ة يجب الت)ذكير ب)ان التعليم التقلي)دي يت)وفر على إيجابي)ات التق)اء المعلم والمتعلم والمعرف)ة وجه)ا
لوجه في وضع تفاعلي وفي فضاء محدد الزمان والمكان ال يمكن ألي بديل توفيره ،وم))برر تكنولوجي))ا
المعلومات في التربية بعدئذ يأتي من ض))عف التعليم التقلي))دي على اس))تيعاب الت))دفق الهائ))ل للمعلوم))ات
وص))عوبة تحقي))ق إيجابي))ات التعلم ال))ذاتي والتعلم عن بع))د ...الخ في الص))يغ التقليدي))ة .وعلي))ه يص))بح
توظي)))ف المعلوماتي)))ة في التعلم ال من حيث ه)))و ب)))ديل عن المعلم ،أو من حيث ه)))و مص)))در رئيس)))ي
للمعلومات؛ بل بوصفه مساعد يوفر التوجيه الذاتي للمتعلم ويستعان به عند الحاجة فقط .
ومع هذا االستيعاب التكنولوجي المذكور لنظريات التعلم والمرونة في التعاطي مع كل نم))ط أو أس))لوب
تعليم ،وأش))كال المس))اعدات ال))تي يتيحه))ا للمعلم ،إال أن األس))ئلة المألوف))ة والدائم))ة ال))تي تث))ار عن))د
الممارسات الفعلي)ة ألنم)اط البيداغوجي)ة ،من مث)ل ( م)ا ه)و التعلم ،وكي)ف يح)دث ،وكي)ف نعلم ،وم)اذا
نعلم ...الخ ) بقيت في الوضع التكنولوجي بدون أجوبة شافية .
والتعلم الفردي الذي تنبني عليه فلسفة تكنولوجيا التعلم دونه تساؤالت كالتدين الفردي والثراء الفردي
ال تتعدى منافعه إلى الشأن االجتماعي العام ،إال يسيرا ما لم ينموا ضمن المعاني الرمزي))ة االجتماعي))ة؛
بل إنه إذا لم يستوي الشرط الثقافي االجتماعي القيمي يكون بالضرورة ليس إال نتيجة لنزوات وغرائ))ز
فردية تعمل كما لو أنها شئ معاد للمجتمع .وقبل ذلك وكما سبق أن أشرنا أن الفردية وهم .
وقد أثارت تطبيقات تكنولوجيا المعلومات تس))اؤالت ع)دة تتعل)ق بنتائجه))ا البيداغوجي))ة ،فكم))ا أن هن))اك
دراسات تؤكد على أهمية وإيجابية تقديم المعلوم))ات بم))دخل "الس))معي البص))ري " مثال وتفض))يله على
المدخل الصوتي الشفهي في التعلم عند تس))اوي ش))روط الكف))اءة الذاتي))ة للمتعلم والموض))وعية البيئي))ة؛
فإن هذه الدراسات أيضا تشير إلى محدودية الم))دخل الس))معي البص))ري وح))تى في حال))ة ال))دمج بينهم))ا
( الص))ورة /الكلم))ة ) بس))بب م))ا تث))يره الص))ورة من تعقي))دات تعي))ق مب))دأ التكام))ل بين النص أو الكلم))ة
والصورة (ص ) 160 :وأن تعدد الفترات وتقديم المعلومات في أن واحد ال ي))ؤدي إال إلى مج))رد فيض
في المعلومات وبالتالي إلى إعاقة عملية التعلم ذاتها ( ص ) 164 :وكشفت الدراسات من جهة أخرى
محدودية األجهزة الحسية في استقبال المثيرات ومعالجتها ،ف))ذهن اإلنس))ان يتعام))ل م))ع مث))يرات البيئ))ة
باالختزال واالقتصاد ( مدخل ) :فال معنى بعدئذ لتكثيف المثيرات ،كما يروج له في الوضع التعليمي
المعلوماتي؛ بل أنه قد يكون مضرا على أجهزة استقبال المعلومات وصعوبة تخزينه))ا ،فليس هن))اك من
دليل على أن كمية المعلومات التي توفرها اآلالت الذكية هي بالضرورة مفيدة بل يمكن أن تكون عائقا.
وكما طرحت تساؤالت حول إمكانية الفرد في استيعاب المثيرات المتع))ددة والمتنوع))ة فإن))ه تث))ار أس))ئلة
ك))ذلك ح))ول كف))اءة الكوم))بيوتر من حيث ه))و المرس))ل الب))ديل وقدرت))ه الالزم))ة على االس))تجابة لكثاف))ة
االنبثاقات الوجدانية المتنوعة في الوضع البيداغوجي التف))اعلي للمتلقي وأن يالئم نفس))ه لحظ))ة بلحظ))ة
في تغيير وتعديل من سقف حاجاته لحظ)ة بلحظ)ة م)ع تط)ور اكتش)افاته إلمكان)ات المتلقي التلمي)ذ وه)ل
يتقبل الرسالة المنبثقة من المتلقي في لحظته بالرفض أو القبول كم))ا يح))دث عن))د اإلنس))ان .لق))د تعلمن))ا
مثال من ثقافة الحداثة انه ال يمكن تعويض االتصال المباشر باالتصال غير المباشر في تحص))يل النت))ائج
وتسيير المؤسسة وإدارة أعمالها وعمالها عن بعد ،وهو ما يجعلنا أم))ام ص))عوبة تقب))ل االس))تغناء عن
االتص))ال المباش))ر بين المعلم والتلمي))ذ وتعويض))ه ب))الكومبيوتر للحص))ول على افض))ل النت))ائج في التعلم
والتحصيل الدراسي .فما يتعلمه التلميذ من إيماءات وحركاته قد تفوق ما يتعلمه بالرس))ائل اللفظي))ة عن
بعد أو عن طريق الصورة .
وفي مجال محاكاة الكوم)بيوتر ل)ذكاء اإلنس)ان دون)ه تس)اؤالت عدي)دة إذ أن مجاهي)ل اإلنس)ان م)ا زالت
كثيرة ومعارفنا حول ذكائه ما زالت في مهدها مما يجعل تحفظنا ضروري على كل مشروع ي))برمج تعلم
اإلنسان برمجة نهائية؛ فالموقع الذي يراد تحريره للكومبيوتر كب)ديل عن ذك)اء اإلنس)ان يط)رح مس)ائل
تتعلق بما أخذ علم النفس المعرفي في استكشافه لطاقات ال حدود لها عن))د اإلنس))ان كم))ا ه)و االكتش))اف
المتعلق بالذكاء المتعدد (.عاطفي ،اجتماعي ،أدائي تواصلي تكيفي ....الخ .
وتساؤالت أخ)رى تط)ال مس)ألة تحكم اإلنس)ان في المث)يرات وتع)ديلها وتغييره)ا في وض)عية
التعلم باآلالت الذكية ،ففي الوقت الذي يسعى فيه منظرو التعلم أمثال " برون))ر " لص))ياغة كيفي))ة للتعلم
يتخلص في))ه الف))رد من تحكم المث))يرات البيئي))ة الش))كلية على اس))تجاباته بتعلم معالج))ة بيان))ات المث))ير
واختيار االستجابات المناسبة ،تأتي استعماالت اآلالت الذكية كمثيرات ثابتة تبطئ تعلم الحض))ارة فض))ال
عن تخطي إكراهاتها؛ إذ تأكد لبرونر بهذا الصدد خالفا لما ك))ان يعتق))ده بياجي))ه من أن تط))ور العملي))ات
العقلية يرتبط بالبيئة الثقافية سلبا وإيجابا أكثر من ارتباطه بالعمر بفضل نظام التخزين وه)و م)ا يحق)ق
استقاللية الفرد عن إكراهات المثير ( .كين سبنسر ) 197 :وفي فلسفة " ف)روم " تأك))د أن اإلنس))ان
مهما بدا وكأنه جزء من الطبيعة يخضع لحتمياتها الفيزيائية والبيولوجي))ة وإكراهاته))ا إال أن))ه م))ع ذل))ك
فهو يتسامى ف))وق الح))دود الطبيعي))ة الفيزيائي))ة بوعي))ه ال))ذاتي من حيث ه))و أح))د الش))روط ال))تي أهلت))ه
للتجاوز (.الفرويديون الجدد 38 :؟)
والمقاربة الفلسفية تقودنا إلى أن الوجود من حولنا ليس بالموجود المحايد واألص)م إنم)ا ه)و قب)ل ذل)ك
مع))اني وص))يغ متع))ددة في س))ياقات ومن الليون))ة والتس))خير الط))بيعي م))ا يمكن اإلنس))ان من احتوائ))ه
ومعرفت))ه كوج))ود متع))دد الوظ))ائف والمع))اني؛ وال يتطلب من اإلنس))ان بعدئ))ذ إال إدراك))ه في ماهيت))ه في
سياقاته وأنساقه ومن ثم تحديد عالقاته به وتطويعه وتشكيله من أجل استخدامه نح))و أه))داف وغاي))ات
هو من يحددها لصالحه .غير انه يجب استحضار القول بأن التنوع الهائل واالختالف الذي يسود الع))الم
الخارجي من حيث هو في نطاق مدركات اإلنسان واستثارته يعمل حين غزارته على تظليل اإلنسان بدل
تحريره وعتقه ،فكثافة الخيارات التي تتاح لإلنسان في عصرنا يمكن أن تؤول به إلى االنعزال وهو م))ا
يدل على محدودية قدراته على استيعاب الواقع وضبط رس))ائله المنبعث))ة من ك))ل االتجاه))ات ( .جاه))ل :
) 27مما يجعلنا نعتد أكثر بتنظيم المعرفة اإللكترونية وحماية الطف))ل من الض))ياع والض))الل والتي))ه في
فوضى المعلومات اإللكترونية .
فالتكنولوجيا إذن وفق هذه المعطيات غير حيادية ال سيما وأنها تتبدى كما لو أنها خطاب ش))مولي غ))ير
عابئ بمقتضيات الواقع ويدفع بقوة نحو االستسالم لحتمية التكنولوجيا ،بإيجابياتها وسلبياتها وه))و م))ا
يش)رعن للتح)ذير والرقاب)ة أو على األق)ل الوقاي)ة .وط)رح الس)ؤال من مث)ل :فه)ل يمكنن)ا أن نتحكم في
الرسائل التي ترسلها لنا الوسائط التكنولوجية ونتحكم فيها ونوجهها لصالح أجيالنا وأمتنا؟ .فكما يق))ال
يمكن أن نتعثر في كثافة اآلخر.
ضرورة تصميم برنامج وقائي استعجالي من أضرار المعلوماتية .
أوال :حماية المدرسة من اختراق اإلدماج التكنولوجي المضر
إننا نخشى أن نكون قد وقعنا فعال تحت تأثير أخالقيات السوق ومفرداته فنقبل بدون تروي على إدم))اج
تكنولوجيا في التعليم قبل تفحص فوائدها ومنافعها كما يسوق المنتوج قبل تصميمه في كثير من حاالت
السوق ،وال نستطيع بعدئذ أن نتفادى المخاطر التي ذكرناها؛ إذ نالحظ االستعمال غير المنهجي وب))دون
تقويم يذكر ـ من كل الفئات ـ للبريد اإللكتروني وشبكة اإلنترنت واقتن))اء لألق)راص المدمج))ة ،وال))برامج
الجاهزة واستنساخها بسهولة ويسر دون تفحص بيداغوجي .ونخشى تك))رار م))ا ه))و س))ائد في إص))الح
الشأن التربوي في العالم العربي حيث سيادة مقاربة االختراق من حيث هو إدماج انفعالي غير مدروس
للمفردات البيداغوجية المرغوب استنباتها في الفض))اء ال))تربوي ،كم))ا ي))راد باس))تدخال وإدم))اج اآلالت
الذكية والحاسوب واألنترنت في التربية...الخ ويتأسس االختراق عادة على التجربة التي يحشد لها من
وس))ائل وإمكان))ات معياري))ة م))ا يض))من له))ا تحقي))ق مس))تويات عالي))ة من النج))اح ،ثم تعبئ))ة المعلمين
واإلداريين وسن تشريع أولي لتعميمها ،ولكن م)ا تلبث ه)ذه المقارب)ة أن تفش)ل بس)بب غي)اب الش)روط
الالزمة لإلدماج ،وعليه يصبح التروي وعدم التأثر بمرحلة الدعوة والتبشير ،من أهم مراحل اإلصالح
البيداغوجي ،لما يهبه لنا من االعتدال الالزم لتك))وين اإلط))ار النظ))ري وإنض))اجه لوض))ع قض))ية إدم))اج
تكنولوجيا التعليم والوسائل المفتوحة ( الكومبيوتر ـ األنترنت ـ الشاشة ..الخ ) لتصبح شريكا أساس))يا
تتع))ايش م))ع عناص))ر العملي))ة التعليمي))ة المغلق))ة ( الكت))اب ـ الص))ورة ـ النم))وذج ) في وض))ع المدرس))ة
التقليدية ،بدون إزاحة للقديم أو ممانعة للجديد .فعلى الرغم مم))ا تنب))أ ب))ه " بنج))امين س))كينر " من أن
التعلم بواسطة أجهزة التعلم سيضاعف قدرات التلميذ وتسارع الدول في سباق محموم من))ذ التس))عينيات
لربط المدارس بشبكة األنترنت ( ،عبد النبي 15 :ـ ) 28إال أن الفحص البيداغوجي واجب عن))د ك))ل
تطوير أو إدماج للوسيلة ألن ذلك يثير عدة إشكاليات تطال عدة جوانب تربوية واجتماعي))ة ،فهي تث))ير
تساؤالت ذات عالقة بوضع المدرسة التقليدية في ضل اآلالت الجديدة ،وتساؤالت ح))ول ومكان))ة المعلم
والعالقات التواصلية البيداغوجية ،وتساؤالت حول االنتفاع والنتائج المبشر بها سلفا في تنمي))ة ال))ذكاء
وتحس))ين العملي))ة التعليمي))ة ،وتس))اؤالت ح))ول إمكان))ات الدول))ة وق))درتها على توف))ير ه))ذه اآلالت ب))ل
والحصول عليه))ا وتعميمه))ا بالعدال)ة المطلوب))ة على ك))ل أف)راد األم))ة وتس))اؤالت ح))ول أخالق المجتم))ع
وتأهيله ثقافيا لحماية هوية األطفال ،وتساؤالت حول اإلغراق في الع))الم االفتراض))ي ال))ذي يه))دد تربي))ة
الحواس واالتص)ال بالع)الم الفيزي)ائي .وتس)اؤالت ك)برى ح)ول الس)لطة الثقافي)ة وس)يطرة نم)ط ثق)افي
وتهميش األنماط األخرى .
والمش))كلة تص))بح أك))ثر تعقي))دا عن))دما نعلم الوض))عية التعليمي))ة ومس))توى ترديه))ا في مج))ال النوعي))ة
والج))ودة؛ إذ م))ازالت العل))وم والتخصص))ات تخض))ع لمنط))ق اإلمكان))ات وس))عة المقاع))د البيداغوجي))ة،
والظروف اآلنية ،وتتأثر مجانية التعليم واالستيعاب المدرسي باإلمكانات المادية ،فهي المرجعيات العليا
في كل تخطيط تربوي ،فكل التخصصات العلمية في الجامعة ال سيما العلوم االجتماعية تدرس في ضوء
اإلمكانات المتاحة وال)تي ال تتع)دى الس)بورة والمطبوع)ة في أحس)ن األح)وال .وأن األمي)ة في الق)راءة
والكتابة ما زالت مرتفعة بصفة مقلقة ،فهذه التساؤالت كلها تشرعن للتروي واالهتمام بآج))ل اإلص))الح
من اجل تفادي االختراق في غياب شروط صياغة التعلم التكنولوجي التي من أهمها.
ـ غي))اب الرؤي))ة النس))قية لإلدم))اج يحجب بالض))رورة م))ا تحدث))ه العناص))ر المدمج))ة من اختالالت في
الوض))عية التعلمي))ة ك))االختالالت ال))تي تح))دثها تكنولوجي))ا المعلوم))ات من حيث المب))نى والمع))نى للفع))ل
البيداغوجي ( االختالالت في التعامل مع الوسائل الثابتة المغلقة والمعالجة اإللكترونية المفتوحة )
ـ قلة ال)وعي ال)تربوي في األوس)اط التربوي)ة ذاته)ا ب)أن تح)ديث الفع)ل البي)داغوجي وتط)ويره وتجوي)د
فعاليته ليس مجرد إضافة لآلالت الذكية ومضاعفة الجه))د المع))رفي بتل))ك اآلالت ،إنم))ا البي))داغوجيا هي
ممارسة إنسانية قبل أن تكون تدريبا على الوس))ائل البيداغوجي))ة .مم))ا يت))وجب إدراج التح))ديث ض))من
الرؤية النسقية الكلية للفعل البي)داغوجي فيش)مل الوس)يلة والمض)مون والعالق)ات البيداغوجي)ة وس)قف
األهداف التعليمية .
ـ غياب التصور الواضح حتى لدى المتخصصين بتزاوج ما راكمته الوسائل التعليمي))ة من الخ))برة ،وم))ا
س))تحدثه التكنولوجي))ا الجدي))دة بمع))نى غي))اب ت))زاوج بين ال))واقعي واالفتراض))ي في التعليم وم))ا دور
واألهمي))ة الض))رورية لك))ل منهم))ا .فتس))قط التجرب))ة ض))من ه))ذا االخ))تراق في ثنائي))ة العملي والنظ))ري
والجديد والقديم ...الخ .
ـ غياب كلي إلدراك المنافع والمخاطر من كل إدم))اج ج))زئي أو كلي لآلالت الذكي))ة .ذل))ك أن العجل))ة في
اإلدماج يؤدي عادة إلى إغفال أهمية آجل األعمال أي إغفال المورد النظ))ري الالزم لتغذي))ة الممارس))ات
العملية بإستراتيجيات اإلصالح.
ـ عدم استكمال مشاريع محو األمية القرائي المبرمج))ة في الوض))ع الح))داثي كم))ا أس))لفنا ،فاإلحص))ائيات
تشير إلى نسب مقلقة جدا من األمية في القراءة والكتابة ال تسمح بالقفز نحو محو األمية المعلوماتية .
ثانيا :ـ خطوات بناء البرنامج االستعجالي الوقائي:
ولعل الخطوة األولى التي يفرضها المنهج في بناء برن))امج وق))ائي ه))و أن ننفتح ذهني))ا بع))د رص))د ه))ذه
المحاذير والمعطيات الواقعية على كل ما هو خارج ما يعتقد أنه "حس مشترك" بكل حرية ،كما هو في
ع)))رف المنهج)))يين ،اعتق)))ادا منهم ب)))أن ذل)))ك من ض)))رورات التخلص من الص)))ور النمطي)))ة وت)))وخي
الموضوعية وحرية التفكير وممارسة الشك اإليجابي (،موريس أنج))رس 34 :ـ ) 36إن ه))ذه اآللي))ة
الفكرية هي ما يجنبنا من النزعة الشعرية العفوية من حيث هي االنفعال الوج))داني اآلني تج))اه التقني))ة
أي تحمين))ا من االختراق))ات الفوض))وية .حيث نج))رؤ بعدئ))ذ على ط))رح ك))ل م))ا يعتق))د أن))ه إيج))ابي في
المعلوماتي))ة للمس))اءلة وال))درس والتمحيص أو م))ا يس))ميه ب))وبر تفحص إمكانيت))ه للتفني))د ،فأفكارن))ا
المكتسبة السابقة حول األشياء والمواضيع والتي اكتس))بت حس))ا مش))تركا هي ترس))بات يمكن أن تحجب
عنا كثيرا من الواقع ،أو بعبارة أخرى أن الواقع الذي هو في أذهانن))ا يمكن أن يتض))من ج))وانب زائف))ة،
والتفتح الذهني ه)و م)ا يس)مح ب)ادراك ط)رق جدي)دة لمعرف)ة الواق)ع والحقيق)ة أو إدراك م)ا ه)و واقعي
حقيقي وما هو زائف وهمي وبالتالي إدراك ما هو إيجابي وما هو سلبي .
ومن ه))ذا المنطل))ق يجب ط))رح األس))ئلة التش))كيكية وإدراج الواق))ع ال))تربوي في الص))ياغة التكنولوجي))ة
كانش))غال كلي ،بمع))نى أن األس))ئلة ال))تي تطرحه))ا مس))ألة إدم))اج الوس))ائل التعليمي))ة اإللكتروني))ة على
الخصوص في العملية التعليمية ،هي متنوعة ومتجاوزة للشأن ال))تربوي التعليمي إلى الش))أن المجتمعي
واالبستمولوجي األكاديمي ،فهو يطرح نفسه كمشروع مجتمعي يتع))دى ال))تربوي إلى م))ا ه))و اجتم))اعي
واقتصادي وثقافي وبحثي أك))اديمي...الخ .وإذا ك))ان الفع))ل ال)تربوي مح))دد بزمان))ه ومكان))ه ومس))تعجل
بطبيعته ،يستدعي الشروع في إدماج تكنولوجيا المعلومات في العملية التعليمية وال تقبل التأجي))ل ،ف))إن
التأمل من حيث هو آجل األعمال يفرض نفسه للتخطي)ط ورس)م السياس)ة التربوي)ة في س)ياقات تنموي)ة
مجتمعية شاملة ،فإدراك عاجل الفعل في سياق آجل))ه يس))اعدنا ب))دون ش))ك على إخ))راج الفع))ل ال))تربوي
العاجل من دائرة المغامرة واالرتجال واالختراق ،وفي الوقت نفسه يحمي التأمل من التعالي والمقاوم))ة
والفشل ما دامت الوقائع المعاشة تحت النظر كخبرة ،ونؤسس هذا ال))تزاوج بين آج))ل العم))ال وعاجله))ا
حتى ال تكون اإلصالحات التربوية رهن الخطباء ودعاة الخ))برة النظري))ة ( التكنوقراطي))ة ) واالس)تغراق
األكاديمي ،وحتى ال تخ))تزل المدرس))ة في الفع))ل البي))داغوجي م))ا دامت ت))ؤطر المجتم))ع ب))العلم والخ))برة
وتضخ الروح في التنمية .فكما نعلم في أدبيات البيداغوجيا التكوينية أن البيئة ( الوس))ط) ال تك))ف أب))دا
عن مقاومتها واستعصائها للتمث))ل وتعم))ل على إجب))ار الطف))ل على تع))ديل بنيان))ه العض))وية للتكي))ف م))ع
الشروط الجديدة ,وهي في ذلك تحدث حالة الالتوازن في العضوية أو ما يسمى في علم النفس المعرفي
فشل عمليات المطابقة والتمثل الناتجة لما يس))ميه بياجي))ه " باض))طرابات النم))و" .وإذا م))ا ج))از لن))ا أن
نطبق هذه الحالة على حالتنا في التمثي))ل والمطابق))ة للتكنولوجي))ا اجتماعي))ا ,وبي))داغوجيا على مس))توى
المنظومة التربوية ،فإننا نقول أننا في حالة االستعجال وعدم المالءمة قد نصطدم باض))طراب النم))و في
مدارسنا ومجتمعنا على حد سواء ونعجز استحداث الت))وازن الالزم بين المطابق))ة والتمث))ل ,وإنن))ا أيض))ا
نصبح كالطفل الذي يحفظ الكلمة ب))دون وعي داللته))ا وق)د يس))تعملها ص))حيحا في الجمل)ة إال أن تعلمه))ا
يبقى بعيدا؛ ألن المرجعية الحسية للكلمة غائية ,ولذلك فالمعلوماتية كتعلم وبن))اء تق))ني وفك))ري؛ إذا م))ا
فقدت مرجعياتها الفكري)ة أو مالءم)ة البني)ات العقلي)ة الجماعي)ة؛ فإنه)ا ال تح)دث إال اض)طراب في نم)و
مجتم))ع المعرف))ة المقص))ود .ولكن اض))طراب الموازن))ة من المف))ترض في))ه أن ي))ؤدي وظيف))ة الدافعي))ة
والشحن ( االستجابة للتح))دي ) لبل))وغ الموازن))ة؛ إال أن))ه في حال))ة فق))دان بعض الش))روط كالمرجعي))ات
المعرفية أو المجتعية أو الحسية يبقى الشخص في حالة اضطراب النمو فيعج))ز عن التكي))ف أو اإلب))داع
والتجاوز ومن ثمة الفشل في التحدي .
وبناء عليه يعتبر المعرفي))ون االجتم))اعيون ـ إن ص))ح تس))ميتهم تل))ك ـ أن االجتماعي))ة االص))طالحية من
حيث هي تعلم لألخالق والرمزية هي مورد اجتم))اعي مهم في عملي))ة بن))اء المعرف))ة أو هي تك))اد تك))ون
أحد شروط تقدم الموازنة بين المطابقة والتمثل وبالتالي فهي شرط النم))و العقلي أو ش))رط تخطي حال))ة
" اضطراب النمو " (األسس .)165 :إننا بلغة علم النفس المعرفي نحن بحاج))ة إلى اس))تعمال النم))اذج
االدراكية الرمزية؛ أعني التفكير المجرد التأملي والتدبري ال))ذي ي))تيح لن))ا إمكاني))ة التعام))ل م))ع م))ا ه))و
محتمل وما هو غير محتمل ،ومن ثمة إدراج مسألة المعلوماتية كمسألة مطروح))ة للبحث وليس مج))رد
النظر إليها كأشياء لالستعمال اآلني في نطاق الزيادة والنقصان ( حفظ الوجود) .وبالتالي فال نبقى في
مستوى النماذج الحسية الحركية ( مجموعة األفعال الفيزيقي))ة ) أو مس))توى النم))اذج االيقوني))ة ( تمث))ل
المف))اهيم كص))ور) ون))رتقي إلى مس))توى تقعي))د أو قونن))ة الواق))ع المعلوم))اتي بآلي))ة المعرف))ة الرمزي))ة
المجتمعية المؤسسية ،وهي التي تمنحنا براعة لعبة التوازن ـ إن صح التعبير ـ وتهب لنا االس))تمرارية
في تعديل ذلك التوازن مع نمو الخبرة التكنولوجية .فاإلدراك في عرف النفسانيين ال يغ))ير الواق))ع بق))در
م))ا يغ))ير ذات اإلنس))ان ،من حيث ه)و ف)رد أو مجتم))ع فالش))خص ي))ؤول دائم))ا إلى م))ا ه)و علي))ه بفض))ل
مدركاته الماضية ،وكذلك المجتمع ،تأسيسا على مقولة الوجوديين من أن الوج))ود أس))بق من الج))وهر.
(األسس ) 161 :
بناء خطة اإلدماج التقني :
يكتفي االصالحيون عندنا عادة عند كل رغبة في اإلصالح باستيراد النماذج والتجارب وحشد التأييد لها
بالتقارير األيديولوجية أو األكاديمية السطحية غير الموثوقة ،كالبحوث الجاري))ة اآلن ح))ول تكنولوجي))ا
المعلومات وسبل إدماجها في التعليم ،لألسف ال تعدوا أن تك))ون أش))به بالتق))ارير اإلداري))ة األيديولوجي))ة
خالية من الرؤية النقدية؛ بل إنها في كثير من نماذجها األمبيريقية في الجامعة أقل قيمة علمية من تلك
لتقارير الصحفية .وهو ما يتطلب وضع خطة إصالحية شاملة تتكفل بها المؤسسات الجامعي))ة البحثي))ة
بعيدا عن التأثيرات الشخصية واأليديولوجية وتبنى لها ثوابتها المانعة للتغيرات الفجائية واالختراق))ات.
فال يعقل أن نبقى دائما كاألطفال نلعب ونلهو بما ل))دينا ثم نطرح))ه لمج))رد وض))ع ي))دنا على لعب))ة أخ))رى
دون أي تروي لرسم الخطة.
إذا ما حصل االقتناع بضرورة وضع مسألة اإلصالح التربوي ـ وفق المنظ))ور تكنولوجي))ا المعلوم))ات ـ
في نطاق قوننة الواق))ع المعلوم))اتي وتقعي))ده ،ووف))ق المنظوم))ة الرمزي))ة ومرجعي))ة الت))وازن ،فإن))ه من
المفترض على األقل أن يتأسس بن))اء الخط))ة اإلص))الحية في معياريته))ا على معطي))ات البح))وث العلمي))ة
األكاديمية وما صح من العلم والمعرفة بالتجربة والعقلنة ،وأن تتحدد خطواته))ا على تخطي))ط لإلمكان))ات
المتاحة وفق س))قف األه))داف المتوخ))اة ،فالخط))ة اإلص))الحية وف))ق ه))ذا المنظ))ور منهجي))ة من أساس))ها
تنطل))ق من ش))روط االنتق))ال والتح))ول من الوض))ع أو المرحل))ة التكنوقراطي))ة (السياس))ة التربوي))ة،
التشريعات ،الخطط )،إلى المرحلة التنفيذي)ة والممارس)ة.أي أن اإلص)الح ال)تربوي بإدم)اج المعلوماتي)ة
يتضمن :
ـ تبني اإلصالح :في ضوء الشروط المجتمعية واألنساق القيمية والمعرفية بما في ذلك شروط التنمي))ة
اإلنسانية ،وما تقتضيه العوالم االفتراضية من دراسة .
ـ تخطيط اإلصالح :وضع السياسة التربوية في ضوء اإلمكانات البش))رية والمادي))ة والمعلوماتي))ة وف))ق
معايير الجودة وسقف األهداف.
ـ تنفي))ذ اإلص))الح :في ض))وء ش))روط التأهي))ل العلمي التق))ني والوض))عيات التعليمي))ة التعلمي))ة ( المعلم
البرنامج ،الوسائل المجال ...الخ ) .
وبهذه الخطة نكون قد وضعنا التفكير التربوي في آجل األعمال بم))ا يع))ني التفك))ير والبحث في المس))ائل
التالية :
بحث ما يمكن أن نفتقده في تعميم اآلالت الذكية في التعليم :
يعتق)د أن)ه في وض)ع التعلم الم)برمج وب)األحرى التعلم ب)اآلالت الذكي)ة يفق)د الوض)ع البي)داغوجي بعض
سماته جزئيا أو كليا منها :
ـ يفقد الوضع البيداغوجي في االتصال اإللكتروني االتصال المباشر بين المعلم والتلميذ وم))ا يحدث))ه من
تفاعالت والتأثيرات عن طريق الرسائل المتبادل)ة باأللف))اظ المص))احبة باإليم))اءات ،وه)و م))ا ينش))أ عن))ه
نقص في فهم الرسائل التعلمية وصعوبة الوصول إلى إنم))اء الت))آلف والتع))الق االجتم))اعي ل))دى التلمي))ذ
فضال عن صعوبة الوصول إلى بناء حاالت ال))وعي بالتس))خير المتب))ادل ،وه))و ال))وعي الض))روري لنم))و
العالقات االجتماعية المتآلفة الضرورية لكل تعلم
ـ يفقد شفافيته البيداغوجية وتعني أن يكون كل واح))د من المتف))اعلين الش))ريكين ش))فافا لنفس))ه ولغ))يره
شفافية كاملة ،وهي عالقة تربوية ال ت))رقى إليه))ا حرك))ات التفاع))ل االجتم))اعي الدقيق))ة ،ومن ثم))ة فهي
وهم وغواي))ة مظلل)ة حيث أن آلياته))ا تج))ري خ))ارج نط))اق الوجداني))ة العميق))ة ،وم))ا ه)و مالزم للعالق)ة
التربوية إنما هي الحيلة أو ذك))اء الحيل)ة المتب))ادل بين التلمي))ذ والمعلم أو إح))دى الش))ركاء في العالق)ات
االجتماعية لموجهة السلطة والهيمنة واإلفالت من الرقابة التي يمارسانها تج))اه بعض))هم البعض .وهن))ا
ينشط ذكاء المناورات وبروز األقنعة والتب)دالت ولكن نش)اطه س)وف يك)ون ض)من األخالق االنض)باطية
البيداغوجية لضبط الحيلة من االنفالت األخالقي كإخضاع اآلخر والهيمنة واالس))تعباد وهي ب))ذلك تك))ون
موجهة نحو ضمان وتأمين حرية اآلخر .
ـ يفقد الوضع التربوي بعض معطيات علم النفس المعرفي كتنشيط فعالية ال))ذكاء واس))تثمار تع))دده ،من
أجل منع االسترخاء العقلي ،كما يفقد االهتمام بالواقع الحسي ومباشرة األشياء وتعلم التجربة الحسية،
وصناعة البيئة الواقعية ...الخ
ـ يفقد الوضع التربوي بصفة عامة كثيرا سلطته في الضبط األخالقي والدمج في المجال وتحيزه للخبرة
االجتماعية وتعلم المعايير واألحكام والتمييز بين األشياء ،ويصعب تحقيق االنتماء ورسم معالم الهوية.
فهذه المفقودات جزئيا أو كليا يستوجب بحثها وإنتاج بدائل تعوضها .
بحث مشكلة الكائنات االفتراضية الجديدة :
ونقصد به البحث في ما يسميه بعض الباحثين بمجاهيل الفرد اإللكتروني والمجتمع اإللكتروني ،واألمة
اإللكترونية والحياة اإللكترونية أي تأسيس ما هو آخذ في التكون واإلنش))اء اآلن لـ " علم النفس الف))رد
اإللكتروني وعلم االجتماع اإللكتروني وأنثربولوجيا اإلنسان االفتراضي ،فهذه عل)وم يجب أن ت))درج في
آجل العمال وتأسيسها لمجابهة مشكالتها ومتزامنة مع التطبيقات التربوية المدرسية العاجل)ة .وه)و م)ا
يتطلب إصالح جامعي كلي وإدراج العلوم الجديدة المتعلقة بمجتمع المعرفة .فما هو مؤكد اليوم هو أن
الفردي))ة األنترنتي))ة آخ))ذة في التش))كل وأن العقلي الجمعي اإللك))تروني ه))و اآلخ))ر من حيث ه))و مس))احة
لتفاعل الذات اإللكترونية وأن المجتمع االفتراض)ي اإللك)تروني يتش)كل ،وتنم)وا بش)كل مت)واز ل)ذلك ك)ل
الهويات ( هوية الفرد اإللكتروني ،هوية العقل الجمعي اإللك))تروني ـ هوي))ة المجتم))ع اإللك))تروني) ومن
المحتم علينا معرف)ة ه)ذه الشخص))ية اإلنس))انية الواقعي))ة االفتراض))ية؛ وك))ل الهوي))ات ووض))عها موض))ع
الدراس))ة المعمق))ة ودراس))ة ألمنه))ا وس))المتها في طبيعته))ا اآللي))ة االفتراض))ية العالمي))ة وذات الحرك))ة
التعقيدي))ة في التش))كل وط))رق النف))ع الوط))ني والع))المي من ه)ذا النم))وذج .ألنه))ا رغم أنه))ا مم))ددة عن
الشخصية الطبيعية ،إال أنها تتمظهر في أشكال جديدة ،فالفرد األنترن)تي واإللك)تروني بوج)ه ع)ام ب)دأت
مالمح شخص)يته تتك))ون كم))ا يالحظ))ه الدارس))ون الي))وم ،فه))و شخص))ية افتراض))ية تتعام))ل م))ع مجتم))ع
افتراضي ،يمارس بكل حرية التمثل والتحلل والتزييف واالنتقال والحركية فهو يح))يى في واق))ع م))رقمن
يبدوا أنه حتى في تفاصيله الدقيقة وحريته الش)به مطلق)ة في التحل)ل ،س)هل االخ)تراق وت)دمير هويت)ه,
ألنه سيقع دون شك في قبضة الفاعلين وبالتالي فنفع)ه وض)ره لآلخ)رين من حول)ه في محيط)ه م)ا زال
مجهوال وما ينطبق عن الفرد األنترنتي ينطبق أيضا على الجماعة اإللكترونية (األنترنت ) 320 :
البحث في الوقاية من مشكلة االختراق
ولذلك فإنه يتعين بداية على النخب العربية الس)يما في مج)ال تكنولوجي)ا المعلوم)ات التص)دي من)ذ اآلن
إلش))كالية م))ا خلص))ت إليه))ا القم))ة العالمي))ة لمجتم))ع المعلوم))ات المنعق))دة في ج))نيف (10ـ / 12
) 12/2003أو ما يعرف بجرائم السايبرية ،كالسطو والخداع واالختراق والتدمير ،وإنتاج ثقافة األمن
الس))يبراني في س))ياق التنمي))ة االجتماعي))ة واالقتص))ادي كص))ون الخصوص))ية والحماي))ة من االقتحامي))ة
األنترناتية وحماية الملكية الفكرية والهويات الثقافية...الخ ( األنترنت 232 :ـ . ) 236
البحث في حقوق الطفل وحمايته
إننا نجد أنفسنا في الضبط المنهجي قبل أي تفكير في تعميم التعلم بالحاسوب وإشاعة التعلم باألنترنت ـ
حتى في حالة توظيفهما كمساعد للمعلم ـ أن نعمل في نطاق شروط حقوق الطفل في إنسانيته ونحلل:
ـ المتعلم المستهدف من حيث قدراته الفيزيولوجية ومناعته الصحية واتجاهاته نحو الحاسوب ودافعيته
ومعارف))ه الس))ابقة وأوس))اطه الثقافي))ة ووض))عه االقتص))ادي واالجتم))اعي أي بحث هويت))ه الشخص))ية
والرمزية وحاجاته للجودة التعليمية والمواكبة للعصر....الخ
ـ ونحل)ل البيئ)ة من حيث هي مظ)اهر فيزيقي)ة ومث)يرات ومس)خرات مطوع)ة ومنظم)ة إداري)ا ومدعم)ة
لإلدراك الذاتي ومكان للعمل وقابلة للنمذجة اإللكترونية .أي بحث إمكاني))ة التص))نيع االفتراض))ي للبيئ))ة
وإعدادها كمادة للتعلم بحيث تنش))ط من حيث هي مث))يرات ال))ذكاء به))دف إدراكه))ا كمش))كالت في بع))دها
المجالي .
ونحلل موق)ع األداء من حيث مالءمت)ه لتكنولوجي)ا المعلوم)ات.أي تص)ميم المج)ال المدرس)ي ليس)تجيب
والتعلم اإللك))تروني وم))ا يتطلب))ه من االنفت))اح الهندس))ي أو ح))تى في المج))ال الق))انوني واالجتم))اعي
والوجداني
ـ نحلل األنشطة والمهارات التكنولوجية وعالقتها بتنشيط الذكاء وتحقيق االس))تقاللية والحري))ة والتحكم
في المثيرات وتعلم التنبؤ .
بحث االستفادة من التجارب التنموية المعلوماتية ضمن منظور التنمية االنسانية :
يجب وضع المعلوماتية في التربية كانشغال في سياق سؤال النهضة وإخضاعه لعاجل األعمال وآجله))ا
كما أسلفنا حتى نكون تحت وقع العناية االجتماعية والمعيارية األخالقية ،ونحمي أنفسنا من الوقوع في
مطب))ات فلس))فة الل))ذة الفردي))ة والمتع))ة اآلني))ة والش))عرية الجمالي))ة ،حيث ال تلبث أن ت))ذهب ج))ذوتها
وتنطفئ .ومن أج))ل ذل))ك ف))الواجب يحتم علين))ا اس))تقراء تج))ارب ودراس))ات من س))بقنا على تعميم
تكنولوجي))ا التعليم وتح))ذيراتهم في ذل))ك ،كدراس))ة " تيب))ور ق))اموس" فبغ))رض إعط))اء األولوي))ة للقيم
اإلنس))انية اس))تعرض في مق))ال بعن))وان " التربي))ة المعلوماتي))ة األولوي))ة لإلنس))ان" جمل))ة من الحق))ائق
اعتبرها تحذيرات تربوي)ة أطلقه)ا من أج)ل احتف)اظ اإلنس)ان بإنس)انيته وه)و يب)دع ثورت)ه التكنولوجي)ة
المعلوماتية على حد تعبيره وهي على الخصوص.
ـ أن تحتفظ بمب)دأ تك)افؤ الف)رص في إع)داد المجتم)ع لعص)ر الكوم)بيوتر وال تعت)د ب)أي ف)ارق إال ف)ارق
االستعدادات الوراثية التكويني)ة ومس)تويات الق)درة فق)ط وتس)تبعد ك)ل م)ا يتعل)ق ب)الفوارق االجتماعي)ة
والفئوية األخ)رى ال)تي تس)ئ إلى إنس)انيتنا كمجتم)ع بش)ري يص)بوا إلى الع)دل ,وه)و م)ا يتطلب وض)ع
سياسة التثقي)ف االجتم)اعي ومح)و األمي)ة المعلوماتي)ة ،وتحوي)ل م)ا ه)و طوب)اوي في ه)ذا الش)أن إلى
حقيقي واقعي .
ـ يشرع في إدماج اآلالت الذكية من الروض))ة إلى التعليم الج))امعي أفقي))ا وعمودي))ا بحس))ب إمكان))ات ك))ل
دولة وخصوصياتها في سياستها التربوية والبيداغوجية .
ـ إدراج تعميم تعلم المعلوماتية والمعرفة اإللكترونية كما لو أنها أحد شروط المواطنة فالجه))ل به))ا يع))د
نقص في المواطنة .
ـ ضرورة االهتمام بتعلم السلوك االجتماعي كمكون في الهوية الفردي))ة؛ إذ أن تعلم الس))لوك االجتم))اعي
التواصلي واحترام قواعده تعدو أهم من المهارات التقنية في عصر المعلوماتية ومجتمعات المعرفة .
ـ وضع دراسة للبرمجة وانتشالها من وضعها الهووي االختراقي إلى وضع أك))اديمي بح))ثي تخصص))ي،
فكما تدرس نمو النبات فيمكن أن تدرس كيفية استعمال البرنامج ح))تى تص))بح ثقاف))ة الكوم))بيوتر نافع))ة
ومشاعة بين المتعلمين .
ومن مدخل التنمية أيضا نجد ضرورة االس))تفادة من الدراس))ات والتج))ارب الس))ابقة؛ كالدراس))ة المبك))رة
لـ"باباجي))انيس وس))اند ميلت))ون" ح))ول المعلوماتي))ة والتنمي))ة ،إذ أن المعلوماتي))ة في الت))داول المع))رفي
المفاهيمي ـ كما بينت الدراسة ـ بدت وكأنها متع))ددة وأنتجت نتيج))ة ذل))ك خطاب))ات متع))ددة في المعرف))ة
المعلوماتية ،كتربية وتعليم ،وتدريب ،وبالتالي فهي خط))اب " إع))دادي وت))دريبي أو خط))اب الت))آلف م))ع
مكونات الحاسوب" ويقصد به تعليم التقنيات المعلوماتية وإدماجها ضمن البرامج التربوية ،ففي إدراج
الحاسوب والبرامج الجاهزة كمعلم ,يرتكز التفك))ير ح))ول تعليم كيفي))ة اس))تعمال الحاس))وب أي :الت))دريب
المعلوماتي وإكس)اب مه)ارات التش)غيل واس)تعمال ال)برامج الج)اهزة والنمذج)ة ...الخ .وهي مه)ارات
تتعلق بمطالب العمل في مختلف القطاعات وتهيئة عامل المستقبل (أي تهيئة أو تأهيل الف))رد معلوماتي))ا
للعم))ل) .وكم))ا بينت الدراس))ة الم))ذكورة فق))د يرتك))ز خط))اب المعلوماتي))ة في التربي))ة على مفه))وم
يتعلق باإلنتاجية ويرتبط أساسا بتعلم إنتاج البرمجة والصيانة ,وهي معارف عملي))ة تتعل))ق ب))التحكم في
معالجة النصوص وإدارة قاع))دة البيان))ات بغ))رض زي))ادة اإلنتاجي))ة ،وهي المه))ارات ال))تي ال تتطلب فهم
التقنية وال ترتبط بالحاسوب ذاته وهي موجهة أساسا لتنميته .
وتبرز الدراسة اختالفات جوهرية في تجربة الواليات المتح))دة ودول أوروب))ا في تعلم المعلوماتي))ة حيث
وجد أن في الواليات المتحدة تطفو إلى السطح االعتبارات الس))يكولوجية في علم المعلوماتي))ة (إنتاجي))ة
شخصية) ،بينما في أوربا تطفوا إلى السطح االعتبارات االجتماعية( إنتاجية اجتماعية ) .ولذلك أخ))ذت
المعلوماتية في الواليات المتحدة تتطور في سباق االحترافية تحت ضغوط عالم الشغل والصناعة ,بينما
في أورب))ا أخ))ذت تتط))ور في س))ياق الق))رار الجم))اعي والمركزي))ة اإلداري))ة (.مس))تقبليات 393: 63ـ
. ) 404
واألم))ر ال))ذي يس))تخلص بداي))ة من ه))ذه التج))ارب أن تعلم المعلوماتي))ة لم يكن بمع))زل عن الس))ياق
االجتماعي واالقتصادي والثقافي للمجتمعات .وهو األمر الذي يجعلنا بالضرورة أم))ام حتمي))ة التش))كيك
والتحفظ في مقولة " حيادية المعلوماتي))ة " ال س))يما في األوس))اط التربوي))ة وبالت))الي يتعين علين))ا حين
وضع السياسة التربوية إدراجها ضمن منظور التنمية الشاملة وليس مجرد التهيئة للعم))ل أو اإلنتاجي))ة
أو االحترافية الفردية .وقد اتجه البحث في إعادة النظر في مفهوم المعلوماتي))ة في التربي))ة الس))ائدة في
ك))ل من أوروب))ا وأمريك))ا لين))درج ض))من تس))اؤالت تتس))ع إلى بحث آثاره))ا التنموي))ة كمفه))وم التح))رر
التنظيمي والمؤسسي ـ واالستقاللية الذاتية ـ االنتف))اع بالمعلوماتي))ة ،النه))وض باإلنت))اج المحلي .فه))ذه
التساؤالت جديرة بالبحث واإلجابة قبل التفكير في دور اس))تعمال الحاس))وب من البداي))ة؛ ألن التطبيق))ات
التربوية للمعلوماتية أصبحت محل شك ألنها ـ ال سيما في السياق االجتم))اعي ـ ليس))ت مؤك))دة النت))ائج.
(مستقبليات . ) 398 :63
و يتعين علين))ا في الع))الم الث))الث بحس))ب الدراس))ة الم))ذكورة ،بحث إمكاني))ة إيج))اد الش))روط المالئم))ة
لمالءمة المفاهيم الثالثة (المعلوماتية كإعداد مه))ني ,المعلوماتي))ة كإنتاجي))ة ،المعلوماتي))ة كعلم نظ))ري )
لدور المعلوماتية في التربية .وقد خلص الباحثان إلى أن مالءم))ة تل)ك المف))اهيم ألوض))اع الع))الم الث))الث
يمر حتما بالوقوف أوال على الدور التنموي الذي يتوخى من أي استدخال للمعلوماتي))ة في التربي))ة على
المستوى الفردي واالجتم))اعي ,وال يتم ذل))ك إال بوض))ع سياس))ة وطني))ة للمعلوم))ات والمعلوماتي))ة ت))دفع
باتج)اه تربي)ة الحس النق)دي للمعلوم)ات والمع)ارف المتدفق)ة للتلقي ،بن)اء على قي)اس آثاره)ا النفس)ية
واالجتماعي))ة واالقتص))ادية بغ))رض تهيئ))ة األجي))ال للق))درة على التص))رف اإليج))ابي في ك))ل المواق))ف
الحياتية ,وذلك ألجل تجنب الجوانب السلبية للتجارب السابقة التي أعادت إنت)اج الجماع)ات ال)تي تفتق)ر
إلى الم))وارد في ش))كل جماع))ات تفتق))ر إلى المعلوم))ات( .مس))تقبليات 393 :63ـ .)404ومن ح))ق
الحكومات المحلية والوطنية بعدئذ أن تتوجس خيفة في الوضع الحداثي وتتردد في تموي))ل أي مش))روع
يتعلق بتط))وير كف))اءات ومه))ارات المعلوماتي))ة؛ ألنه))ا س))تؤول في النهاي))ة كاس))تثمار لص))الح الش))ركات
المتعددة الجنسيات ،وأن فائدتها الوطنية ض)ئيلة م)ا دامت المؤسس)ات غ)ير مؤهل)ة لالس)تفادة من تل)ك
الخبرات والتقنيات الحديثة .وهو ما يدعوها لتطوير دراساتها من مشكلة م))اذا يمكن فعل))ه وه))و س))ؤال
التكيف ،إلى ممارسة ما يجب أن نمتنع عن فعله ،وهو سؤال االختيار الحر .
ذلك أدنى مما نوجه به تفكيرنا نحو تعميم تكنولوجيا المعلومات في سياق إدماج حقوق الطفل التعليمي)ة
وضمان احترام إنسانية حتى ال نزجه في حتميات ونض))عه موض))ع الحي))وان ض))من التجرب))ة الفيزيقي))ة،
ونالحق سراب الفردية أو الحرية الفردية التي يصبوا لها كبار فالس))فة الفرداني))ة حيث تكش))فت عن))دهم
منذ مدة أنها مستحيلة ما دام الفرد مشدود بما يمكن أن يس))مى بالقدري))ة التحديدي))ة الثالثي))ة (،المج))ال،
الوراثة ،التجربة الماضية) والتي ال تترك أي مجال للحديث عن اإلرادة الح))رة المطلق))ة كم))ا تص))وروها
في أذهانهم ،وحسب "دوبو " فإن أية محاولة من الكومبيتر في إلغاء دور ه))ذا الثالثي ه))و عبث يض))ر
باإلنسان وال يقدمه ( دوبو .) 163 :وقد تأكد لـ " فروم " قبل ذلك أن ما كان صحيحا في سيكولوجية
فرويد من أن المجتم)ع ع)الم إحب)اط وقم)ع وكبت للحاج)ات الفردي)ة المح)ددة بيولوجي)ا ه)و في حقيقت)ه
مصدر للوجود اإلنساني من حيث هو السبيل للوظيفة الخالقة للفردية ( الفرويديون الجدد .) 38 :
أما نحن أمام هذه المعطيات السيكولوجية الفردية والجماعية وأم))ام منظوماتن))ا الرمزي))ة الثقافي))ة يتعين
علينا أن نعي بأن المعلوماتية في التربية هي محصلة تطورات الفردانية ،وأن))ه يجب أن نعي م))اذا يجب
فعله تجاهها وماذا يجب االمتناع عن فعله وندرج المعلوماتية كما لو أنها مشكلة تتعلق بإدارة العمليات
المعرفية االجتماعية (األنظمة الرمزية) والفردية (العمليات المعرفية ) على حد سواء ،وهو م))ا يض))عنا
في سكة البحث عن شروط تحقيق الذات االستخالفية وتكوينها عبر تعلم العلم النسبي في نطاق إلحاقه
بالكلي المطلق .وذل)ك أدنى م))ا نحمي ب))ه أنفس))نا في تفتحن))ا الض))روري على الهوي))ات األخ))رى ح))تى ال
تصبح اآلالت الذكية في غفلة منا طاحونة الذات الطبيعية والهوية االجتماعية والمج))ال الحي))وي ،تتل))ف
عناصر الهوية الرمزية واحد تلو اآلخر ،لتبقينا أبدا في التبعية.
وهللا أعلم
د /فرحاتي العربي
باتنة في 17/02/2007