You are on page 1of 14

‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .

‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫تاريخ نشر المقال‪2017/ 09 /01 :‬‬ ‫تاريخ استقبال المقال‪ 6102/03/22 :‬تاريخ قبول نشر المقال‪6102/08/15 :‬‬

‫أخالقيات العمل وإشكالية املمارسة يف املؤسسة اجلزائرية‬


‫أ‪.‬‬
‫أ‪.‬يعقوب سالم‪ -‬بسكرة ‪ -‬الجزائر‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس بسكرة ‪ -‬الجزائر‬
‫‪Yakoub.salem@yahoo.com‬‬
‫الملخص‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى عرض وتحليل أهمية أخالقيات العمل في المؤسسات عموما من منطلق‬
‫الفضائح واألزمات األخالقية التي مست كبريات المؤسسات في العالم‪ ،‬هذه الممارسات غير األخالقية‬
‫أوضحت االنسياب الطوعي للرؤساء والمرؤوسين نحو الماديات والغرق في مستنقع الحيل القانونية‪ ،‬وتكريس‬
‫مذهب الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬
‫كما تهدف الدراسة أيضا إلى تحليل خاص لواقع أخالقيات العمل بإشكاالتها الظاهرة للعيان‬
‫والضامرة عن المشاهدة في المؤسسة الجزائرية االقتصادية واإلدارية عبر سيرورتها التاريخية بصورة مقتضبة‬
‫وهادفة‪ ،‬والوقوف على سبل تفعيلها على أساس قابلية أخالقيات العمل للتعديل والتبديل والزيادة والنقصان‪،‬‬
‫طالما تدخل تحت سيطرة إرادة اإلنسان وتتفاعل مع التطورات الحاصلة في البيئة الخارجية للمؤسسات‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬أخالقيات العمل‪ ،‬المؤسسة‪.‬‬


‫‪Work ethikcs and the problematic of practice in the‬‬
‫‪Algerian institution.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪This study aims to present and analysis the importance of working in‬‬
‫‪institutions général because the ethics crises leading institutions in the world‬‬
‫‪touched, And unethical practices have become through voluntary heads and‬‬
‫‪subordinates toward materialism and legal breach.‬‬
‫‪The study also aims to special analysis of the reality of the work ethic in‬‬
‫‪the Algerian institution in a successful manner, and research on the mechanisms‬‬
‫‪of activation.‬‬
‫‪Keywords: Work ethikcs, institutional.‬‬

‫‪91‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫مقــــدمـــة‪:‬‬

‫يعد موضوع أخالقيات العمل من الموضوعات الهامة‪ ،‬والتي أخذت الحاجة إليها تتزايد بسبب تزايد‬
‫الفضائح األخالقية‪ ،‬وتراجع النظم القيمية‪ ،‬إذ تكاد تكون أخالقيات العمل القضية الصعبة والمهمة في‬
‫المؤسسات على اختالف نشاطاتها‪ ،‬وهذا الرتباطها الوثيق بأداء العمل‪ ،‬والذي بدوره يعطي مؤش ار هاما على‬
‫مدى نجاح أو تفوق هذه المؤسسة على تلك‪ .‬ومما الشك فيه أن األخالقيات في كل مجتمع هي نتاج تطوره‬
‫التاريخي‪ ،‬لذا فهي ضرورية في تكوين المجتمع واستق ارره‪ ،‬خصوصا فيما يتعلق بالتمييز بين ما هو جيد و‬
‫سيء‪ ،‬وما هو صواب وخطأ‪.‬‬
‫غير أن اإلشكال المستند إليه في تبرير األخطاء التنظيمية‪ ،‬هو أن المؤسسات في الوقت الراهن‬
‫تعمل تحت وقع ضغوط عدة نتيجة التغيرات السريعة‪ ،‬والتي جعلت العديد منها في منافسة شديدة‪ ،‬هذا‬
‫الواقع وغيره ساهم بدوره في وضع العديد من المؤسسات في مأزق أخالقي تجاوزت فيه مسؤولياتها‬
‫االجتماعية‪ ،‬ولذا فالضرورة تلح االلتزام بأخالقيات العمل كونها مبادئ معيارية‪ ،‬وليست نظرية أو أسلوب‬
‫يعطي وصفا ألحكام معينة‪ ،‬وانطالقا من أهمية االلتزام بأخالقيات العمل‪ ،‬ودورها في تعزيز األداء والتأثير‬
‫االيجابي في موقف المؤسسات األخالقي تجاه موظفيها وأجهزتها‪ ،‬فإن المؤسسات اليوم مطالبة إلى تنظيم‬
‫أعمالها وفقا للرؤى األخالقية والعمل على إرساء دعائم الوالء للعمل من منظور قيمي وأخالقي‪.‬‬
‫والمؤسسات الجزائرية االقتصادية واإلدارية ليست في منأى عن ذلك لطالما عانت الفشل في تحديد‬
‫أنماط التسيير المناسبة والذي انعكس بدوره أداء العمل اإلنتاجي واإلداري‪ ،‬وهو ما ولد انحرافات في‬
‫ممارسات منتسبيها رؤساء ومرؤوسين كل على مستواه‪ ،‬خصوصا أن ما يؤسف له أن بعض المدراء‪-‬‬
‫الرؤساء‪ -‬يعتمدون على أصحاب الوشاية والتجسس ونقل األخبار عن الموظفين اآلخرين‪ ،‬مما يشجع على‬
‫انتشار الخلق الرديء ويؤدي إلى اتساع الوباء األخالقي في المؤسسة‪ ،‬رغم أن األصل في مهمة المدير أن‬
‫يتخلى عن أي خدوش أخالقية تتعلق بشخصه أو بعمله‪ ،‬والمعضلة األخرى في المؤسسات الجزائرية‪ ،‬أنه‬
‫كلما ارتفعت مرتبة موظف معين‪ ،‬إال وخفت أو انعدمت المراقبة عليه‪ ،‬وهذا قد يؤدي بالبعض منهم إلى‬
‫العزف على األوتار غير السليمة‪ ،‬إلى‪ ،‬كل هذا وغيره أدى إلى إذكاء روح األنانية وتفجير بؤر الصراع‬
‫وتعظيم الربح والمنفعة الخاصة‪ .‬ومعالجة لواقع اإلشكاالت التنظيمية المختلفة التي تواجهها المؤسسات‬
‫الجزائرية‪ ،‬ستتطرق الدراسة إلى تشخيص عموميات هذه المعضلة‪ ،‬وصوال إلى حلول لتفعيل االلتزام‬
‫بأخالقيات العمل‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫المفاهيم األساسية‪:‬‬

‫على غرار أغلبية المفاهيم في العلوم االجتماعية‪ ،‬فإن مفهوم أخالقيات العمل لم يحظى بتعريف‬
‫موحد ودقيق على أساسه يمكن تحديد ممارسة السلوك األخالقي في العمل‪ ،‬ويمكن تطبيقه على كل من له‬
‫عالقة بالمؤسسة رؤساء كانوا أو مرؤوسين‪ ،‬ونفس الشيء يقال عن المؤسسة‪ ،‬وان كانت بحدة أقل‪ .‬ولذا‬
‫سيتم التطرق إلى المفهومين بما يتوافق وأهداف الدراسة‪.‬‬

‫‪ -0‬مفهوم أخالقيات العمل‪:‬‬

‫لقد تعددت الرؤى التي تناولت أخالقيات العمل‪ ،‬وقد يرجع سبب ذلك إلى اختالف المدارس‬
‫المنشغلة بالموضوع من جهة‪ ،‬والى تعقد األسباب الموجهة للعمل في المؤسسات الحالية من جهة أخرى‪،‬‬
‫ومن التعاريف التي تطرقت إلى أخالقيات العمل نذكر‪:‬‬
‫تعرف أخالقيات العمل بأنها " تلك المواثيق والقيم الخلقية التي يتحلى بها العاملون‪ ،‬أثناء تأديتهم‬
‫أعمالهم وواجباتهم الوظيفية والمهنية‪ ،‬وأثناء تعاملهم مع المستفيدين من أفراد أو جماعات أو تنظيمات أو‬
‫مجتمعات في إطار المستويات والخدمات المتاحة في المجتمع"‪ .1‬إن هذا التعريف قد نبه إلى أن األعمال‬
‫الوظيفية تحتم تطبيق‪ ،‬القوانين والمواثيق التي تؤدي بالضرورة إلى انعكاس ايجابي أال وهو تحقيق التوافق‬
‫واالنسجام بين كل الفئات المتعاملة مع المؤسسات سواء الداخلية أو الخارجية‪.‬‬
‫كما تعرف أيضا بأنها "مجموعة القواعد واألسس التي يجب على المهني التمسك بها والعمل‬
‫بمقتضاها‪ ،‬ليكون ناجحا في تعامله مع الناس‪ ،‬ناجحا في مهنته‪ ،‬مادام قاد ار على اكتساب ثقة زبائنه‪،‬‬
‫والمتعاملين معه من رؤساء ومرؤوسين"‪.2‬‬
‫إن هذا التعريف ينحي اتجاه التمسك بالسلوكيات واألساليب األخالقية التي يجب انتهاجها و التي‬
‫تنعكس بكل تأكيد على الممارسات الوظيفية للمؤسسة‪.‬‬
‫انطالقا مع مما ورد نجد أن أخالقيات العمل تمثل بمدى التزام الموظف بواجباته الوظيفية‪ ،‬كما‬
‫حددها له القانون ضمن القيم والمثل األخالقية االيجابية‪ ،‬التي تمكن من دعم الظواهر االيجابية ودحر‬
‫الظواهر السلبية تحت ظل المصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي ضمان سلوك ملتزم بالجوانب األخالقية والقيمة المعبرة‬
‫عن الثقة والشفافية واالبتعاد عن التميز والمراوغة والصدق‪ ،‬حيث يؤدي التمسك بأخالقيات العمل إلى نتائج‬
‫مرضية للمؤسسة وفق وسائل مشروعة وأدوات محددة تحقق التقدم ومواكبة حركة التطور‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫‪0.0‬مفهوم المؤسسة‪:‬‬

‫هي تنظيم اجتماعي منظم بوعي له حدود واضحة المعالم‪ ،‬يعمل وفق أسس معينة لتحقيق‬
‫مجموعة من األهداف‪ ،‬خاضع لملكية عامة أو خاصـة‪ ،‬ونشاطه ضمن القطاع االقتصادي أو اإلداري‪.‬‬

‫‪ -6‬أهمية أخالقيات العمل‪:‬‬

‫تبرز أهمية أخالقيات العمل في المؤسسات‪ ،‬بأنها تعطي قيمة للمجتمع ككل من خالل التزام‬
‫المؤسسات بمسؤولياتها االجتماعية‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى تحسين حياة األفراد داخل المؤسسات‬
‫من خالل النظم األخالقية التي تنتهجها‪ ،‬لذا فإن أهمية أخالقيات العمل في المؤسسات تتضح من خالل‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إن كفاءة وفعالية أداء األعمال يقوم على أساس القيم والمعايير األخالقية‪ ،‬كما أن المعايير األخالقية‬
‫‪3‬‬
‫تراقب السلوك وترسخ الحاالت المرغوبة في المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬المحافظة على خصوصيات األفراد وتنمية جانب االلتزام لديهم والمطالبة بإحالل القيم بدال من اللوائح‬
‫لالرتقاء بها والتدريب عليها‪ ،‬وهو ما يعزر من سمعة المؤسسة على جميع األصعدة سواء على البيئة‬
‫المحلية واإلقليمية والدولية‪ ،‬كما يؤدي أيضا إلى مردود ايجابي للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬إن االهتمام بأخالقيات العمل في موقع العمل يساعد العاملين بالشعور بالثقة الكاملة واألمان داخل‬
‫وخارج عملهم‪.‬‬
‫‪ -‬قد تتكلف منظمات األعمال‪-‬المؤسسات‪ -‬كثي ار نتيجة تجاهلها االلتزام بالمعايير األخالقية وهنا يأتي‬
‫التطرف األخالقي ليضع المؤسسة في مواجهة الكثير من الدعاوي القضائية بل والجريمة في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬خاصة إذا ما تمادت المؤسسة وأخذت تركز كثي ار على مبدأ الرشد والنموذج االقتصادي بعيدا عن‬
‫التوجه االقتصادي االجتماعي األخالقي"‪.1‬‬
‫‪ -‬تسهل عملية صنع القرار وتحقق احترام كل األطراف سواء من داخل أو خارج المؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬يشكل المناخ األخالقي المرآة العاكسة لخفايا عمل وممارسات سلوكية داخل المؤسسة‪ ،‬وخاصة الجوانب‬
‫الضمنية غير الملموسة منها‪ ،‬وبالتالي هذه المرتكزات األخالقية تشكل الوعاء الحيوي لتصميم المؤسسة‬
‫وتغيير سلوكها وسلوك إدارتها‪ ،‬وكذلك تعزيز روح االلتزام األخالقي لمختلف مفردات العمل‪.5‬‬
‫‪ -‬إن التزام المؤسسة بالعديد من المعايير األخالقية في إطار اإلنتاج والتوزيع واالستهالك واالنسجام‬
‫واالعتراف بالخصوصيات والعمل الصادق والثقة المتبادلة‪ ،‬ودقة وصف المعلومة هو الذي يضمن الحصول‬
‫على الشهادات العالمية‪ ،‬مثل اإليزو وجوائز الجودة الشاملة‪.‬‬

‫‪94‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫‪ -3‬مصادر أخالقيات العمل‪:‬‬


‫إن مصادر أخالقيات العمل متعددة ويمكن حصرها في التالي‪:‬‬
‫‪ -0-3‬المصدر الديني‪ :‬قدم الدين لإلنسانية جمعاء مختلف الطرق السليمة في تعامل األفراد مع بعضهم‪،‬‬
‫فلم يترك صغيرة وال كبيرة إال أحصاها‪ ،‬حيث تعرض للعدل واالستقامة‪ ،‬والطاعة‪ ،‬والمعامالت في البيع‬
‫والشراء والعقود وابرام المعاهدات‪ ،‬وترشيد االستهالك والنفقات‪ ،‬كما حث على النزاهة في التعامل مع‬
‫اآلخرين‪ ،‬وكذا أمر بتجنب الغش وتحريم الرشوة‪ ،...‬كما يعتبر المصدر الحقيقي للمسؤولية الشخصية‪ ،‬والتي‬
‫‪6‬‬
‫تنبع منها الرقابة الذاتية‪.‬‬
‫ولعل من ابلغ ما يدل على مكانة األخالق باعتبارها مصدرها ألخالقيات العمل‪،‬مكانة األخالق وعظم‬
‫درجتها وأهميتها الكبرى في دين اإلسالم قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق)‪.‬‬
‫‪ -6-3‬المصدر السياسي‪ :‬ويقصد به النمط السياسي الذي يسود المجتمع ويسيره وينعكس على أخالقيات‬
‫العمل‪ ،‬فإذا كان النظام السياسي ديكتاتوري يشجع على القيم البالية‪ ،‬فانه سينعكس سلبيا على توجهات‬
‫األفراد في المؤسسات والعكس صحيح‪ ،‬إذا كان يؤمن بالتعددية والمشاركة والحوار فإن التأثير سيكون‬
‫ايجابيا و بالتأكيد في قيم األفراد وقناعاتهم المهنية‪.‬‬
‫وبالتالي فان "نمط السلوك سواء أكان أخالقيا أم غير أخالقيا‪ ،‬فانه سيتأثر بطبيعة وخصائص البيئة‬
‫السياسية مع مالحظة أن حساسية الموظف تجاه النظام السياسي السائد‪ ،‬سواء كانت خوفا منه أو احتراما‬
‫له تعتمد في األساس على طبيعة هذا النظام السياسي وخصائصه"‪.1‬‬
‫المصدر االجتماعي‪ ":‬تعتبر البيئة االجتماعية التي يعيش فيها الفرد والتمازج بين قطاعات‬ ‫‪-3-3‬‬
‫المجتمع المختلفة من خالل عادات وتقاليد وأعراف وقيم من أهم مصادر االختالفات التي تؤثر في إدارة‬
‫وفي مستوى التعامل بين المواطنين والجمهور من جهة وبين الموظفين أنفسهم داخل المؤسسة من جهة‬
‫‪8‬‬
‫أخرى "‬
‫فنمط العيش وممارسات الحياة االجتماعية وما يحملوه أفرادها من قيم وعادات وأعراف ومعتقدات سواء‬
‫كانت العادات والتقاليد أمراضا اجتماعية أم قيما وتقاليد ايجابية‪ ،‬تؤثر في السلوك المهني وبالتالي ستتشكل‬
‫أخالق إما ايجابية أو سلبية داخل العمل مما قد تؤدي إلى صراع داخل التنظيم‪.‬‬
‫‪ -4-3‬المصدر االقتصادي‪ :‬تتحكم الظروف االقتصادية السائدة في المجتمع في جميع أفراده ومن بينهم‬
‫المهنيون واإلداريون‪ ،‬إذ أن الظروف االقتصادية الصعبة‪ ،‬تدفع بأفراد المجتمع غالبا إلى أنماط من السلوك‬
‫ومما الشك فيه أن الشخص الذي يعيش في ظروف اقتصادية معيشية‬ ‫بعيدة عن المعايير الخلقية "‪.1‬‬
‫مريحة تضمن له العيش الكريم ‪ ،‬من المتوقع أن تكون أخالقياته في العمل سليمة‪ ،‬والعكس من ذلك‬
‫فالشخص الذي يعيش وضع متردي قد يتوقع منه مظاهر‬

‫‪95‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫وسلوكيات سلبية كالغش واستغالل الوظيفة وغيرها‪ ،‬لكي تضمن لها العدول وتحقيق ما يحاجه نتيجة نقص‬
‫وتردي الحالة االقتصادية التي يعيشها‪.‬‬
‫تلك القوانين واألنظمة والتشريعات التي تضعها الدولة أو‬ ‫المصدر التنظيمي‪ :‬ويقصد به‬ ‫‪-5-3‬‬
‫المنظمات الخاصة أو باألحرى هي " البيئة التنظيمية التي يعمل فيها الفرد بكل ما فيها من قوانين ولوائح‬
‫وأنظمة وقيم وتقاليد و تحدد سلوك العاملين فيها وتوجه مسارهم "‪ .72‬والشكل التالي يوضح المصادر‬
‫األساسية لتشكل أخالقيات العمل‪.‬‬
‫شكل رقم‪0:‬‬

‫المصدر الثاني‬ ‫المصدر الثالث‬ ‫المصدر األول‬

‫البيئة الخارجية‬ ‫المؤسسة‬


‫الفرد‬

‫‪ -‬التشريعات‬
‫‪ -‬السياسات‬
‫والقوانين الحكومية‬ ‫‪ -‬القيم الدينية‬
‫واالستراتيجيات‬
‫‪ -‬األعراف والتقاليد‬ ‫‪ -‬العائلة‬
‫‪ -‬قواعد العمل‬
‫االجتماعية‬
‫‪ -‬المعايير‬
‫‪-‬المدونات‬
‫‪ -‬اإلعالم‬ ‫الشخصية‬

‫‪ -‬الخبرة الحياتية‬
‫‪ -‬مؤسسات‬
‫الرأي‬
‫مصادر أخالقيات العمل‬

‫ط‪،7‬‬ ‫المصدر‪ :‬ظاهر منصور محسن الغالبي‪ ،‬إدارة استراتيجيات منظمات األعمال المتوسطة والصغيرة‪،‬‬
‫األردن‪:‬دار وائل‪ ،5 022،‬ص‪.726‬‬

‫‪ -4‬ركائز أخالقيات العمل‪:‬‬


‫لقد كثر الحديث عن أخالقيات العمل وازداد االهتمام بها في اآلونة األخيرة بشكل الفت للنظر‬
‫وهذا نتيجة تراجعها عن منظومة القيم السلوكية التي البد أن يتعامل معها بال أدنى شك أو تحيز مع األفراد‬
‫في المؤسسة أي كان نوعها وحجمها ‪ ،‬ولذا فان ذلك يتطلب التمتع بقدر واسع من األخالق و األعراف‬
‫الممكنة ل لتفاعل مع اآلخرين‪ ،‬ومن ثم التركيز على بناء تلك القيم الجوهرية والثقافة الخاصة بالمؤسسة‬
‫المهنية وتصبح سلوك موحد يتعامل معه العاملين ويلتزم بها ‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫األعضاء وتستند إليها الهيئة اإلدارية معهم‪ .‬وبغض النظر عن العمل المزاول تعتبر أخالقيات العمل‬
‫صفات أخالقية عامة مرتبطة بالفرد أينما كان موقعه ومهما كانت ديانته‪ ،‬ومن بين أهم هذه الركائز‬
‫األخالقية ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -0-4‬احترام األنظمة والقوانين‪:‬‬


‫" إن السياسات واألنظمة ومجموعة مبادئ األخالق تشكل قوى مهمة في تشكيل أخالقيات األعمال والتي‬
‫‪77‬‬
‫من شانها توجيه السلوك باالتجاه الذي قد يعزز أو يضعف أخالقيات األعمال"‬
‫وتعليمات تلزم‬ ‫ومنه حري بأي مؤسسة تشريع مواثيق تنبثق عنها مجموعة قوانين وأنظمة‬
‫الموظفين بتلك القوانين والتعليمات واإلجراءات ‪ ،‬بهدف الحفاظ على طابع السيادة العامة داخل المؤسسة‪،‬‬
‫مع ضرورة أن تتصف هذه القوانين بالمرونة والتطوير وتماشي مع متطلبات العمل وظروفه وال يخفى على‬
‫‪70‬‬
‫اإلدارة إشراك اإلداريين والفنيين في وضع هذه القوانين والتعليمات كي تضمن تكاملها وتوافقها‪.‬‬
‫وعليه فاستنادا لما تقدم يكون الرئيس والمرؤوسين في أي مؤسسة خاضع ألوامر التعليمات‪ ،‬ألن‬
‫في ذلك واجب الطاعة واحترام الذات والمؤسسة كشخصية معنوية‪.‬‬

‫‪ -6-4‬احترام قيم وعادات المجتمع‪:‬‬


‫تعتبر أخالقيات العمل في األساس هي مجموعة القيم واألعراف والتقاليد التي يبنى عليها‬
‫المجتمع‪ ،‬ومن منطلق أنها تلك القواعد والمعايير التي يمكن للفرد التمييز بين الصواب والخطأ‪ ،‬فهي تشكل‬
‫نمط من السلوك الفردي الذي يعد انعكاس لما هو سائد في البيئة المجتمعية‪ ،‬وهذا ما ينقله األفراد نتيجة‬
‫تفاعلهم في مؤسساتهم‪ ،‬وبالتالي نجد العادات والتقاليد والقيم‪ ،‬قد أدت دور أساسيا في بناء وتشكل‬
‫الممارسات األخالقية التي يمارسها العامل يوميا‪.‬‬
‫وجديد بالذكر أن العالم بات يبحث عن القيم واألخالق في مجال األعمال بكافة أشكالها في ظل‬
‫األزمات العاصفة التي أطاحت ببعض الشركات العمالقة نتيجة عدم االلتزام بأخالقيات األعمال في‬
‫وأهداف الشركات‪ ،‬وأصبح الهدف‬ ‫ممارستها وفي معظم القطاعات‪ ،‬وحدث تحول في مفاهيم الكفاءة‬
‫األخالقي جنبا إلى جنب مع هدف تعظيم الربح حيث يلتقي الجانب المادي مع الجانب الروحي المشكل‬
‫‪73‬‬
‫وفي كل ما تقتضيه المنظومة األخالقية من قيم العمل وتأخذ الصورة الصحيحة‬ ‫لطبيعة اإلنسان‪.‬‬
‫واالنسجام بين قيم الموظف وقيم مؤسسته الطريق الصحيح‪ ،‬يتجلى هدف واحد هو السمو بالمهنة لدرجاتها‬
‫األعلى‪.‬‬

‫‪97‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫‪ -3-4‬الرقابة الذاتية‪:‬‬
‫" إن من أهم عناصر أخالقيات المهنة الضرورية في الوقت الحاضر استشعار المسؤولية‪ ،‬فالموظف‬
‫البد أن يستشعر حجم مسؤوليته أمام اهلل والناس وأن يحرص على القيام بحق هذه المسؤولية العظيمة"‪.71‬‬
‫والمتتبع لحركة التطور و التطوير في جميع المؤسسات وما صاحبها من تطور تكنولوجي هام على أعلى‬
‫مستوى‪ ،‬يالحظ بان أجهزة المراقبة المتطورة مازالت عاجزة‬

‫عن الوصول إلى الحد من مظاهر اإلشكاالت التنظيمية ‪ ،‬وهذا يستدعي صحوة الضمير في السر والعلن‬
‫والمتمثل في الرقابة الذاتية التي تحول دون وقوع الخلل واالنحراف‪ ،‬وبالتالي ضمان األمان واألمن ضد كل‬
‫الممارسات السلبية الناجمة عن عمل ما‪.‬‬

‫‪ -4-4‬أخالقيات سلوكية ‪:‬‬


‫يجب على الموظف والعامل أن يكرس وقته لخدمة المؤسسة التي يعمل بها وأن يعمل كل جهده لصالح‬
‫المصلحة العامة واالبتعاد عن المصالح الشخصية التي بالتأكيد ترجع بالضرر على مؤسسته‪ ،‬كما أم‬
‫االنهماك في القضايا المشبوهة يعد عمال غير أخالقيا‪.‬‬
‫إن العمل وأداء الواجبات الوظيفية بكل دقة واخالص‪ ،‬يعتبر أمانة في عنق الموظف والعامل وعلى جميع‬
‫المستويات اإلدارية الكلية أو الجزئية‪.‬‬

‫‪ -5-4‬اإلخالص والثقة في العمل‪:‬‬


‫يجب أن يجسد العامل أو الموظف جميع الفضائل العامة ومنها اإلخالص والثقة اللذان يعدان وجهان لعملة‬
‫واحدة فالثقة بين الرئيس ومرؤوسيه تضمن العالقة القوية التي تتصف بالعدالة القائمة بينهما كل له حقوق‬
‫وواجبات له وعليه‪ ،‬وهو ما حثت عليه األنظمة اإلدارية المعاصرة على اإلتقان واإلبداع في العمل‪.‬‬
‫" ال ينجح عمل ما لم يكن صاحبه مخلصا وغيو ار على ما بين يديه وال يضيع شيئا من أمالك المؤسسة‪،‬‬
‫‪75‬‬
‫وال يهدر وقتا لعمله الخالص الن اإلخالص في العمل إخالص للوطن أوال "‬

‫‪ -5‬واقع أخالقيات العمل في المؤسسات الجزائرية‪:‬‬

‫إن تحليل واقع أخالقيات العمل في المؤسسة الجزائرية بشقيها االقتصادي واإلداري‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫يتم إال ضمن التتبع التاريخي لتطورها‪ ،‬والذي شهد هو األخر إنفراجات وارهاصات في العديد من المحطات‪،‬‬
‫مثلت دافعا محف از أمام العديد من الموظفين والعمال‪ ،‬كما شكلت حاج از أخالقيا أيضا للبعض األخر‪،‬‬
‫والسبب في ذلك تقاطع كل من الظروف الخارجية والداخلية للمؤسسة‪ ،‬ومن األسباب ذات التأثير السلبي في‬

‫‪98‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫ممارسة العمل في المؤسسة وفق تطورها التاريخي‪ ،‬أي من التسيير الذاتي إلى اقتصاد السوق نقتضب‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -‬جهل العامل ألسس التسيير وضعف ثقافة التنظيم لديه‪.‬‬

‫‪ -‬التوظيف لم يراعى فيه شروط التكوين‪.‬‬

‫‪ -‬فشل أجهزة الرقابة الداخلية والخارجية في تأدية وظائفها‪.‬‬

‫‪ -‬تهميش اإلطارات‪.‬‬

‫‪ -‬التضخم المفرط للعمالة‪.‬‬

‫‪ -‬تعدد مراكز اتخاذ القرار‪.‬‬

‫‪-‬عجز التصور وفشل في تحديد أنماط التسيير‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -‬تأثير المسيرين بنماذج التسيير المستوردة‪.‬‬

‫‪ -‬ضبابية رؤية تحويل الملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬تعظيم الربح وبروز المنافسة‪.‬‬

‫وبهذا فإن أهمية أخالقيات العمل أصبحت ضرورية نتيجة االختالالت الحاصلة‪ ،‬ولذا فإن االلتزام‬
‫بها سيكسب المؤسسة االقتصادية الجزائرية سمعة على صعيد البيئة المحلية و اإلقليمية وحتى الدولية‪ ،‬وهذا‬
‫الوضع سينعكس على مردودها ونسبة أرباحها‪ ،‬كما سيعطيها ميزة تنافسية‪.‬‬
‫والحال ذاته فيما يخص اإلدارة الجزائرية ‪ ،‬التي ارتبط تسييرها بالنظام الفرنسي من جهة ومن جهة أخرى‬
‫بالمخلفات التي أوجدها التطور التاريخي للنظام السياسي واالجتماعي‪ ،‬إذ تميزت بالكثير من االنحرافات‬
‫التي تتنافى وأخالقيات العمل اإلداري ومنها‪" :‬وعدم وضوح الق اررات والتباطؤ في أداء العمل ‪ ،‬أدى إلى‬
‫روتين إداري الذي نجم عنه إهمال الخدمة العامة ‪ ،‬وبالتالي انعدام تلك الثقة بين المواطن واإلدارة والتذمر‬
‫المستمر للمواطن من سلوك وانحرافات الموظفين في قطاع اإلدارة الجزائرية "زاد على ذلك التباطؤ الشديد‬
‫في تطبيق التشريعات التنظيمية وافتقاد اإلبداع والتخلي بصفة اإلخالص‪ ،‬وهذا ما اثر على نجاح‬
‫المخططات الموجودة في تسيير الموارد البشرية ‪ ،‬ونذكر بالخصوص غياب االنسجام في اإلدارة العامة‬
‫وعدم وجود سياسية رشيدة "‪.71‬‬

‫‪99‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫كل هذه الممارسات غير األخالقية برزت رغم أن القانون ضمن للموظف حقوقه‪ ،‬كما ضبط له‬
‫واجباته‪ ،‬غير أن غياب التأطير األخالقي والعلمي أوجد عند الفاعلين اإلداريين تحول مجال المسؤولية‬
‫المحدودة إلى سلطة مطلقة نجم عنها عدة مظاهر سلبية على مستوى كل من المؤسسة‪ -‬اإلدارة‪ -‬والجمهور‬
‫‪81‬‬
‫منها‪:‬‬
‫على مستوى المؤسسة‪:‬‬
‫‪ -‬تجميد قدرات الشخص وحصرها في عمل متكرر بفعل التخصص اإلداري‪.‬‬
‫‪ -‬كبر حجم المؤسسة يؤدي إلى ضياع الموظف وعدم إشباع رغباته النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫التمسك بالقوانين واألنظمة وعدم التأقلم مع محاولة أي ا صالح أو تغير‪.‬‬
‫‪ -‬استغالل مستوى المسؤولية وحجم السلطة ألغراض ذاتية‪.‬‬
‫‪ -‬تضخم كبير في حجم القوانين والمراسيم وعدم قدرة الفاعلين على فهمها وممارستها‪.‬‬
‫‪ -‬تقليص من حجم العالقات االجتماعية داخل المؤسسة‪.‬‬
‫عالقتها مع الجمهور‪:‬‬
‫‪ -‬اإلدارة ال تلبي حاجات المواطنين‪.‬‬
‫أن النمو البيروق ارطي الناتج عن اإلصالحات ال يأخذ بعين االعتبار الخدمة العمومية ا لتي يقدمها‬
‫للمواطن بقدر ما يحاول أن يثبت جذور السلطة القانونية‪.‬‬
‫‪ -‬إن المواطن يشكوا من اإلجراءات الشكلية المعقدة خالل تعامله مع المصالح المعنية بفعل تضخم‬
‫القانون ونقص الثقة‪.‬‬
‫‪ -‬التماطل والتباطؤ في تأدية الخدمة العمومية وتحويل القضايا من مؤسسة إلى أخرى‪.‬‬
‫إن التغيير الحاصل في المنظومة السياسية واالقتصادية‪ ،‬أصبح يتطلب وجود أخالقيات عمل‬
‫مهنية مضبوطة ومقننة وفق اطر تنظيمية وتشريعية توجه المسار القانوني لألخالقيات في المؤسسة‬
‫الجزائرية‪ ،‬وهذا ما يؤسس التخلي عن الطابع التقليدي وتنمية روح التجديد التي تراعي مسايرة البيئة‬
‫فالموظف أو العامل‬ ‫الخارجية والداخلية وطبيعة تكوين الفرد الذي هو أساس المنظومة األخالقية ‪.‬‬
‫هو مرآة المؤسسة‪ ،‬لذا يجب أن يكون قدوة لزمالئه ولجمهور مؤسساته‪ ،‬لكي يتحقق الهدف المنشود‪،‬‬
‫وبالتالي الوصول إلى أخالقيات عمل سليمة يمكن أن تطبق كونها رغبة ذاتية وليست خوفا من القانون‪،‬‬
‫للوصول إلى الرقابة الذاتية التي نجحت بها اإلدارة اليابانية‪.‬‬

‫‪100‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫‪ -2‬التدابير المعرفية إلرساء أخالقيات العمل في المؤسسة الجزائرية‪:‬‬

‫إن إشكاالت الممارسات األخالقية وغير األخالقية تبقى دائما موجودة وال يمكن إزالتها بسهولة‪،‬‬
‫بسبب كون اإلطار المحدد للعمل ‪ ،‬ال يمكن تحديده بوضوح ودقة‪ ،‬ويعود عدم االلتزام هذا إلى عدة أسباب‬
‫أهمها الظروف االقتصادية واالجتماعية والمهنية الصعبة من جهة وهشاشة مرجعيات الموظفين من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬وفي كل األحوال فإن جوانب التفكير الناقد والجهد المبذول من قبل المرؤوسين للتأكد من الق اررات‬
‫والمواثيق التي تضمن الممارسة األخالقية الفعالة والتي تعد أم ار مهما في تحسين العمل‪ ،‬والحديث عن‬
‫التدابير المعرفية إلرساء أخالقيات العمل يعد ضرورة أنية في المؤسسة الجزائرية للحد من االنحرافات‬
‫الموجودة بها‪ ،‬كما أنه ال توجد نماذج أو صفات جاهزة يتم قياس السلوك عليها دائما‪ ،‬وانما‬

‫األمر مرتبط في كثير من الحاالت بالنوايا الحسنة والرغبة الصادقة ‪ ،‬ولتحديد التدابير والطرق المعرفية التي‬
‫‪71‬‬
‫تساهم في االلتزام بأخالقيات العمل الوظيفي يمكن إدراج بعض التدابير منها‪:‬‬

‫‪ -‬إدراك األولويات األخالقية لكل عمل ومهنة وترتيبها حسب األهمية‪.‬‬

‫‪ -‬وضع أبواب خاصة عن أخالقيات كل مهنة ضمن الشعارات والنظم واللوائح‪ ،‬سواء في المؤسسات‬
‫العمومية أو الخاصة واطالع جميع العاملين عليها والزامهم بها‪.‬‬

‫‪ -‬اختصار التعليمات األخالقية لتسهيل فهمها وتثبيتها‪.‬‬

‫‪ -‬صياغة أخالقيات العمل بطريقة حية ملموسة‪.‬‬

‫‪ -‬تقوية الرقابة الذاتية‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال الوسائل التثقيفية واإلعالمية‪.‬‬

‫يتضح من هذه التدابير أن الدراية األخالقية لكي تصبح حاضرة في الوجدان الشخصي والمهني للعامل‬
‫والموظف‪ ،‬البد من ترسيخها نظريا ومعرفيا‪ ،‬لتحويل المبادئ والشعارات واألفكار من شيء عابر إلى شيء‬
‫ثابت‪ .‬فالعامل والموظف إذا عرف كل منهم ما يجب عليه القيام به ‪ ،‬دون أن يعرف ما يجب أن يتصف‬
‫به من أخالق‪ ،‬وقع الخلل وتعثرت األعمال‪ ،‬ولذا فالرقابة الذاتية من أهم وأنفع الوسائل لتقويم العمل‪ ،‬ألنه‬
‫مهما ك انت قوة النظام واألحكام الجزائية والقضائية‪ ،‬فإنها قليلة الجدوى مع انعدام مبدأ الرقابة الذاتية‪.‬‬

‫‪101‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫ومن الذي سيمنع موظفا من أخذ الرشوة أو اختالس مال المؤسسة‪ ،‬مالم يكن هناك وازع داخلي من‬
‫ذاته‪ .‬دون نسيان أهمية وسائل اإلعالم في إرساء أخالقيات العمل‪.‬‬

‫‪-7‬السبل العملية لتفعيل أخالقيات العمل بالمؤسسة الجزائرية‪:‬‬

‫بما أن المؤسسة الجزائرية ال تعمل في فراغ وانما في بيئة حية ومتفاعلة‪ ،‬فالبد لها أن تأخذ قيم‬
‫هذه البيئة ومحدداتها األخالقية بعين االعتبار‪ ،‬دون التنصل من القوانين التنظيمية والعمل على تفعيلها‬
‫‪02‬‬
‫واقعيا‪ ،‬ومن السبل التي يمكن أن تفعل بها أخالقيات العمل بالمؤسسة الجزائرية نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬االهتمام الدقيق بأخالقيات النخب القيادية‪.‬‬

‫‪ -‬بناء المطالب األخالقية للعمل على الصدقية‪.‬‬

‫‪ -‬ربط أخالقيات العمل بالعواطف الموجودة في اإلنسان‪.‬‬

‫‪ -‬توطين أخالقيات العمل من خالل التقدير‪.‬‬

‫‪ -‬وضع عقوبات رادعة لمن يرتكب مخالفات أخالقية من الموظفين والعمال‪.‬‬


‫‪ -‬تحسين النظام الرقابي المعمول به في المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -‬إيجاد حوافز خاصة بأخالقيات الوظيفة على مستوى جميع المؤسسات وهذا باحترام حقوق ومصالح‬
‫اآلخرين‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة بالمؤسسة وتحقيق الشفافية في تنفيذ األعمال الموكلة للموظفين أو‬
‫للعاملين‪.‬‬

‫‪ -‬إعادة النظر في المواثيق األخالقية والمدونات لبعض المؤسسات الجزائرية واعادة تفعيلها وتكييفها وفق‬
‫المستجدات الحديثة التي تواجهها هذه المؤسسات باختالف قطاعاتها‪.‬‬

‫‪ -‬وضع لجان للمتابعة والتقييم وترشيد الممارسات التأديبية التي من شأنها تدعيم أخالقيات العمل‪ ،‬وهذا مع‬
‫ضمان التحديد الواضح لسلطات الموظفين واإلداريين وعدم تداخل الوظائف‪.‬‬

‫يستنتج من السبل العملية لتفعيل أخالقيات العمل بالمؤسسة الجزائرية‪ ،‬أن االعتماد على اإلعداد‬
‫األخالقي يعد آلية تفعيليه‪ ،‬طالما يركز على تعميق مبدأ الخدمة العامة ويؤسس لقيم اجتماعية إيجابية‪.‬‬

‫‪102‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫الخـــاتمـــة‪:‬‬

‫مما الشك فيه أن نجاح المؤسسة الجزائرية يتطلب االرتباط بأخالقيات العمل وبالخصائص‬
‫الداخلية المميزة للفرد‪ ،‬ألن أخالقيات العمل ال توجد من تلقاء نفسها‪ ،‬بل تستوجب العمل إليجاد المفقود منها‬
‫وتنمية االيجابي‪ ،‬وهذا ما يعتمد على رسوخ ثقافة التنفيذ‪ ،‬غير أن البيئة المؤسساتية في اآلونة األخيرة غير‬
‫مستقرة‪ ،‬نظ ار للتغيرات الحاصلة على المستويين المحلي والدولي‪ ،‬والذي ولد إف ارزات عدة انعكست بطرق‬
‫شتى على أخالقيات العمل ‪ ،‬و نجم عنها صعوبة موقف االختيار بين المبادئ القيمية األخالقية التي‬
‫اكتسبها كل من العامل أو الموظف و بين التناقض في تطبيق القاعدة القانونية‪ ،‬ولهذا من الصعب على‬
‫الموظف والعامل في كل هذه الحاالت تحديد المنفعة العامة لتوجيه عمله في ظل غياب هذه المرجعيات‬
‫األخالقية‪ ،‬وبالتالي فال بد من تعزيز وترسيخ وتنمية الرقابة الذاتية والتي هي من المقومات المتفق عليها في‬
‫كل األعراف‪.‬‬
‫كما أن أخالقيات العمل يجب أن تكون من المكونات األساسية للتكوين األولي في المؤسسات‬
‫الجزائرية بمختلف قطاعاتها‪ ،‬وذلك من خالل إدخالها في محتوى البرامج والوسائل التعليمية‪ ،‬وهو ما يضمن‬
‫االنعكاس االيجابي لدى العامل والموظف للقضايا األخالقية وتجنب التصادمات مما يؤدي إلى ممارسات‬
‫أخالقية سلبية داخل المؤسسة‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫الخطيب‪،‬عبد الرحمن‪ :‬األخالق المهنية ومواثيقها‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪ ،‬ط‪ ، 8‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪،‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪، 0282‬ص‪.88‬‬
‫‪ -0‬العزاوي‪ ،‬محمد عبد الوهاب‪ :‬أخالقيات اإلدارة ‪ ،‬دار األيام للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،8‬عمان ‪ ،‬األردن‬
‫‪ ،0222،‬ص‪.81‬‬
‫‪ -2‬جرادات ‪ ،‬ناصر محمد ‪ ،‬أبو الحمام ‪ ،‬عزام محمد ‪ :‬المسؤولية األخالقية واالجتماعية للمنظمات‬
‫‪،‬إثراء للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪ ، 8‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 0282 ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -9‬منصور الغالبي ‪ ،‬طاهر محسن ‪ ،‬محسن العامري ‪ ،‬صالح مهدي ‪ :‬المسؤولية االجتماعية وأخالقيات‬
‫األعمال ( األعمال والمجتمع ) ‪ ،‬دار وائل للنشر ‪ ،‬ط‪ ، 8‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 0221 ،‬ص ‪.821‬‬
‫‪ -1‬الخفاجي ‪ ،‬نعمة عباس ‪ ،‬الغالبي ‪ ،‬طاهر محسن ‪ :‬نظرية المنظمة مدخل التصميم ‪ ،‬دار البازوري‬
‫العلمية للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪ ، 0‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 0282 ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪-0‬كامل‪ ،‬مصطفى‪ :‬إدارة األعمال الدولية ‪ ،‬مؤسسة لورد العالمية للشؤون الجامعية‪،‬البحرين‪ ،0220،‬ص‬
‫‪.920‬‬

‫‪103‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬
‫د‪ .‬زرفة بولقواس ‪ ،‬أ‪ .‬يعقوب سالم‬ ‫أخالقيات العمل واشكالية الممارسة في المؤسسة الجزائرية‬

‫‪ -1‬ديفيد ‪ ،‬العجرودي ‪ :‬إدارة منظمات األعمال الخاصة ‪ ،‬المكتب العربي للمعارف ‪ ،‬ط‪ ، 8‬القاهرة ‪،‬‬
‫مصر‪ ، 0288،‬ص ‪.121‬‬
‫‪-1‬‬
‫محمد موسى ‪ ،‬أحمد ‪ :‬إدارة األفراد والموارد البشرية ‪ RH‬بين النظرية والتطبيق ‪ ،‬مكتبة الوفاء‬
‫القانونية للنشر ‪ ،‬ط‪ ، 8‬اإلسكندرية ‪ ،‬مصر ‪ ، 0289 ،‬ص ‪.012‬‬
‫‪ -4‬العزاوي ‪ ،‬محمد عبد الوهاب ‪ ،‬وآخرون ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -82‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -88‬ميدون ‪ ،‬إيمان ‪:‬البعد األخالقي في التسويق ‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 0281 ،‬ص ‪.808‬‬
‫‪ -12‬خلف السكارنة ‪ ،‬بالل ‪ :‬أخالقيات العمل وأثرها في إدارة الصورة الذهنية في منظمات األعمال ‪،‬‬
‫مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية الجامعية ‪،‬العدد الثالث والثالثون ‪ ،‬العراق ‪ ، 0280 ،‬ص ‪.218‬‬
‫‪ -82‬محمد أحمد ‪ ،‬سليمان ‪ ،‬سوسن ‪ ،‬عبد الفتاح ‪ :‬الرضا والوالء الوظيفي قيم وأخالقيات األعمال ‪ ،‬دار‬
‫زمزم للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪ ، 8‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ، 0288 ،‬ص ‪.820‬‬
‫‪ -14‬قاصدي ‪ ،‬فايزة ‪ :‬أخالقيات المهنة في مجال عقود اإلدارية – دراسة مقارنة ‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫العربية ‪ ،‬ط‪ ، 8‬مصر ‪ ، 0281 ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪ -81‬العزاوي ‪ ،‬محمد عبد الوهاب ‪ ،‬وآخرون ‪ :‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.08‬‬
‫‪80‬‬
‫‪- Sidi Ali , Boukrami : Forme de marché et politique de l’ entreprise, OPU,‬‬
‫‪Alger, 1982, p13 ..‬‬
‫‪ -81‬بوقنور ‪ ،‬إسماعيل ‪ :‬التنمية اإلدارية ومعضلة الفساد اإلداري ‪ ،‬دراسة حالة الجزائر ( ‪-8448‬‬
‫‪ ، )0220‬رسالة دكتوراه علم االجتماع ‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ‪،‬جامعة الجزائر ‪ ،‬ص ‪.028‬‬
‫‪ -81‬سعدان‪،‬علي‪ :‬بيروقراطية اإلدارة الجزائرية‪ ،‬المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،8412،‬ص‪.82‬‬
‫‪ -84‬بن ناصر الغامدي‪ ،‬سعيد‪ :‬أخالقيات العمل( ضرورة تنموية ومصلحة شرعية)‪،‬سلسلة دعوة الحق‪،‬العدد‬
‫‪ ،09020282‬ص‪.812‬‬
‫‪-02‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.892‬‬

‫‪104‬‬ ‫مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية ‪-‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬الوادي العدد‪ ،23‬سبتمبر‪0271‬ص ص (‪)721-17‬‬

You might also like