Professional Documents
Culture Documents
الملخص:
تهدف هذه الورقة البحثية إلى تسليط الضوء على الدور الذي تلعبه القيادة التمكينية في
التطرق إلى الخلفية النظرية
ّ تنمية السلوك اإلبداعي لدى العاملين في المنظمة ،حيث يتم
للقيادة التمكينية ومتطّلباتها وكذا مقياس القيادة التمكينية ،كما يتم استعراض أهم تعاريف
السلوك اإلبداعي ،وتدعيم ذلك بمقوماته وأنواعه ،باإلضافة إلى قراءة معمقة في عناصره
من جهة ،ومراحله وخطواته من جهة أخرى .وفي األخير يتم تناول القيادة بالتمكين
كمدخل لتنمية السلوك اإلبداعي لدى العاملين بالمنظمة.
الكلمات المفتاحية :القيادة التمكينية ،السلوك اإلبداعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلف المرسل :د /فوزية برسـوليbersouli_fouzia2007@yahoo.fr ،
433
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
Abstract
The purpose of this paper is to highlight the role of leadership
empowerment in the development of creative behavior among the
staff of the organization. The theoretical background of leadership
empowerment and its requirements, as well as the measure of
leadership empowerment, are reviewed and the most important
definitions of creative behavior are reviewed. To read in depth the
elements on the one hand, and stages and steps on the other. Finally,
leadership empowerment is addressed as an input to the
development of creative behavior among the staff of the
organisation.
Key Words: Empowerment leadership, creative behavior.
مقدمة:
ّ
أن المنظمات الرائدة هي تلك التي
إن المتتبع لبيئة األعمال اليوم ،يالحظ بال شك ّ
ّ
تحرص على االستثمار في األفكار الجديدة التي تشبع رغبات عمالئها بطرق مختلفة
ومبتكرة ،وعليه يمكن القول أن اإلبداع أصبح هو المفتاح األساسي للتميز و الريادة في
بيئة األعمال المعاصرة ،والمطلوب من المنظمات اليوم البحث عن اآلليات المناسبة
والفعالة التي تسهم في إطالق قدرات رأس مالها البشري ،وذلك من خالل جعل بيئة
العمل مناسبة ومشجعة على طرح األفكار اإلبداعية وتطويرها بغض النظر عن
مصادرها ،ألن الهدف في األخير هو الوصول إلى بناء منظمة مبدعة قادرة على التأثير
في بيئة العمل ال متأثرة بها ومنساقة نحو اتجاهاتها المتجددة باستمرار.
وفكرة تنمية السلوك اإلبداعي استثارت الباحثين في مختلف ميادين اإلدارة فظهرت
على أثر ذلك العديد من المداخل التي فرضت نفسها في هذا الصدد ،والتي نذكر من
بينها :اإلدارة بالجودة الشاملة ،اإلدارة بالمشاركة ،إدارة المعرفة...الخ .والمتفحص لهذه
المداخل اإلدارية يالحظ أنها تشترك في أمر مهم أال وهو االهتمام بالعامل وفتح مجال
المشاركة أمامه ،واالستماع إلى أفكاره ومقترحاته لتشجيعه على تفجير قدراته اإلبداعية،
تعبر في جوهرها علىومن هنا اقتحمت ميدان اإلدارة ما يسمى بالقيادة التمكينية ،والتي ّ
الحرية والدعم ،ليسهم بفكره وعمله في بناء
منح العامل مهما كان موقعه مزيدا من الثقة و ّ
وتنمية المنظمة.
434
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
وفي إطار هذا السياق سنتناول في هذه الورقة البحثية اإلجابة عن التساؤل التالي:
ما هو دور القيادة التمكينية في تنمية السلوك اإلبداعي لدى العاملين؟
تبني فرضيتين أساسيتين هما: تم ّفرضيات الدراسةّ :
فعل االتصاالت والمشاركة بين العاملين.
-الفرضية األولى :القيادة التمكينية تبث الثقة وتُ ّ
-الفرضية الثانية :السلوك اإلبداعي ينمو لدى العاملين في ظل القيادة التمكينية.
أهمية الدراسة :تظهر جليا أهمية الدراسة في كونها تتناول واحدا من أحدث المفاهيم
يتبناها قادة المنظمات،
اإلدارية المعاصرة والذي يعتبر من أهم المداخل األساسية التي ّ
أن موضوع اإلبداع من جهة أخرى كان وال يزال يحظي بأهمية بالغة لدى ضف إلى ذلك ّ
الباحثين على اعتبار أنه ُيعد المدخل األساسي الذي يضمن للمنظمة الريادة والتميز ،لذا
تعتبر دراسة السلوك اإلبداعي وطرق تنميته من األهمية بمكان للمنظمات في بيئة
األعمال المعاصرة؛
أهداف الدراسة :تهدف هذه الدراسة إلى محاولة اإلحاطة باإلطار النظري لماهية القيادة
التمكينية والسلوك اإلبداعي ،وكيف تساهم القيادة بالتمكين في تنمية وتحفيز السلوك
اإلبداعي للعاملين.
الدراسات السابقة :في إطار بناء هذه الدراسة تمت مصادفة العديد من الدراسات العربية
منها وحتى األجنبية ،والتي حاولت أن تجمع بين متغيرات الدراسة بصور مختلفة أهمها:
-دراسة بطاينه سنة 7112بعنوان" :أثر التمكين والدعم التنظيمي في السلوك اإلبداعي
للعاملين في القطاع العام األردني" ،حيث هدفت هاته الدراسة إلى التعرف على أثر
التمكين والدعم التنظيمي في السلوك اإلبداعي من وجهة نظر مسؤولي المديريات
الحكومية في إقليم الشمال .وقد تم ذلك من خالل دراسة مسحية باستخدام اإلستبانة في
جميع محافظات الشمال األردني (إربد ،المفرق ،عجلون ،جرش) ،حيث وزعت ()157
استمارة واسترجع منها ( )117أي بنسبة استجابة بلغت (.)%20.2
وتوصلت هاته الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها:
-كان المستوى العام إلدراك المدراء للدعم التنظيمي المقدم عاليا؛
-يوجد أثر ايجابي لكل من التمكين والدعم التنظيمي على السلوك اإلبداعي لدى
435
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
لعاملين من وجهة نظر مسؤولي المديريات الحكومية في إقليم الشمال األردني ،والمالحظ
أن التمكين يفسر تباينا أعلى من الدعم التنظيمي بالنسبة لمتغير السلوك اإلبداعي.
-توجد معوقات كثيرة لتطبيق التمكين أهمها المركزية الشديدة في سلطة اتخاذ القرار.
-دراسة Robergسنة 7112بعنوان" :التمكين الهيكلي و االستعداد النفسي كمتنبئ
لإلبداع" هدفت هاته الدراسة إلى محاولة التعرف على مستوى التمكين اإلداري واالستعداد
النفسي وعالقتهما باإلبداع الفردي لدى الطلبة الخرجين وغير الخريجين في جامعة سان
جوس الحكومية San Jose Stateبالواليات المتحدة األمريكية .حيث استخدمت فيها
استبانة خاصة وزعت على أفراد عينة الدراسة البالغ عددهم( )722مفردة.
وتوصلت هاته الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها:
-توجد عالقة ايجابية بين التمكين اإلداري بصفة عامة واإلبداع الفردي؛
-هناك أثر قوي ألبعاد التمكين اإلداري ممثلة بصفة خاصة بالرقابة على الق اررات
واطار العمل الهيكلي على زيادة مستوى اإلبداع الفردي.
وانطالقا مما سبق يمكن القول بأن مساهمة هذه الدراسة بصفة عامة تظهر من خالل
كونها من أوائل الدراسات التي ستحاول دراسة دور القيادة بالتمكين بشقيه كمتغير مستقل
والسلوك اإلبداعي كمتغير تابع.
وللتعمق أكثر في موضوع الدراسة سيتم التطرق إلى المحاور البحثية اآلتية:
-أوال :القيادة التمكينية؛
-ثانيا :السلوك اإلبداعي؛
-ثالثا :القيادة بالتمكين كمدخل لتنمية السلوك اإلبداعي.
أوال :القيادة التمكينية
التعرض للخلفية النظرية
من أجل اإللمام اإلطار المفاهيمي للقيادة بالتمكين ال ُبّد من ّ
للقيادة التمكينية ومتطّلباتها وكذا مقياسها في المنظمة ،من خالل ما يلي.
.1أسلوب التمكين من خالل النمط القيادي:
القيادة بالتمكين هي أسلوب قيادي ينسجم مع قوة الخبرة وقوة المعرفة وقوة اإلعجاب
بشخص القائد (الكاريزما) فالقادة الفعالون هم الذين يقودون بتمكين مرؤوسيهم وبتوفير
436
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
التمكين بشكل كّلي ومتكامل ،)1(".وهناك ثالث مهام يجب تحديدها والتوصل إليها في
()2
هذا المجال ،هي:
تحديد نوع سلوكيات القائد التي يمكن إعتبارها سلوكيات تمكينية؛
توضيح كيف لسلوكيات القائد التمكينية أن تقود إلى بناء مفهوم متكامل عن
التمكين؛
كيف تؤثر سلوكيات القائد التمكينية على األفراد.
بأنه إعادة توزيع أو نقل سلطة (قوة) صناعة القرار لألفراد الذين
يتّصف التمكين هنا ّ
ال يملكونها ومنح الفرد ُسلطة لممارسة وظيفته ،بحيث يكون أقدر على حل مشاكل العمل
فإن سلوكيات القائد التمكينية تخلق مناخا
وأكثر مساهمة في تخطيط وتنفيذ المهام .لذا ّ
ظف من خالله أكبر قدر من المسؤولية ،والسلطة في يعزز فرص النجاح ويعطي المو ّ ّ
()3
اتخاذ القرار ،المعلومات وكذا الحافز والدعم من أجل العمل.
فإن القيادة التمكينية تتّسم بما يلي:
ومن خالل ما سبق ّ
حرية التصرف والصالحية واالستقاللية في تنفيذ أعماله؛ منح الموظف الكفء ّ
التحكم في متطلبات الوظيفة؛
منح الموظفين مستويات أكبر من السيطرة و ّ
إقامة عالقات من الثقة المتبادلة والشراكة في المصالح بين القائد والموظف؛
تحمل المسؤولية وعلى التّعّلم والتطوير الذاتي؛
تشجيع األفراد على ّ
دعم مشاركة العاملين في عملية صناعة القرار.
.1.1نظريات في سلوكيات القائد التمكينية:
عدة نماذج هامة اهتم الباحثون فيها بالقيادة التحويلية التي
عرفت سنة 1221ظهور ّ
تقتضي في األساس تحول المنظمات عن تلك الممارسات التقليدية وذلك من أجل بقائها
عدة نظريات قيادية حديثة تستخدم النظرية التحفيزية
في المنافسة ،وكنتيجة لذلك ظهرت ّ
كإطار للعمل وتحاول توضيح قدرة القائد على تحقيق اإللتزام والوفاء من مرؤوسيهم وكذا
تحقيق سلوكيات داعمة ،فالقيادة التحويلية تتضمن تأثير القائد على المرؤوس قصد
تحول منظماتهم ،وهذه النظريات مناسبة للهياكل التنظيمية
تمكينه من المشاركة في عملية ّ
الحديثة أين يكون الموظف وليس فقط القائد ُملزمين بتحقيق أهداف المنظمة ،حيث لم يعد
438
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
للرؤساء اليوم وقت لمراقبة سلوكيات األفراد وايجاد حلول لمشكالتهم ،فكل موظف يجب
أن يكون مسؤوال عن عمله وعن النتائج المترتبة عنه .وفي هذا المجال هناك ثالث
نظريات حديثة بحثت في طبيعة القيادة التمكينية وُقدمت دراسات تطبيقية في هذا المجال،
()4
وهي:
طورت أولى النظريات في .1.1.1نظرية Bassسنة 1891في القيادة التحويليةّ :
القيادة التحويلية من طرف Burnsسنة 1222الذي وصف القيادة بأنها عملية تحفيز
عرف Bass وبناء على هذه النظرية ّ
ً للمرؤوسين لالحتكام إلى القيم المثالية واألخالقية،
القيادة التحويلية من كونها تأثير القائد على التابعين واقترح بأكثر تفصيل وصفا للعمليات
التحويلية بالمنظمة ،فالقائد التحويلي يسعى لرفع رغبات واحتياجات الفرد وتحقيق أعلى
كل من ( التحفيز،
أداء ،وقد وجد العديد من الباحثين عالقة بين القيادة التحويلية وبين ّ
الفعالية الذاتية ،األداء ،الرضا الوظيفي ،التمكين النفسي ،اإللتزام التنظيمي ،التمكين في
بأن هذه النتائج تضيف
بيئة العمل" التمكين الهيكلي") .كما ذكر Morrisonسنة ّ 1222
الوضوح في العالقة الهامة بين القيادة والتمكين في تحديد كيف لألفراد أن يشعروا بقيمة
أن القيادة غير مدرجة في
بأن هذه النتائج هامة خاصة ّ
ما يؤدونه من أعمال ،كما الحظ ّ
أغلب الدراسات المتعلقة بالتمكين.
كل منهما القيادة
.1.1.1نظرية Konzes & Posnerللسلوكيات القيادية :وصف ّ
قرروا االنقياد والتبعية،
على ّأنها عالقة متبادلة بين من اختاروا القيادة وبين أولئك الذين ّ
عيناتها 1011مفردة قاما بإستقراء خمس سلوكيات ومن خالل دراستهم التي فاقت ّ
يمارسها القادة للتأثير على األفراد إلنجاز األهداف التنظيمية ،وهذه السلوكيات هي:
التحدي ألي عملية تنطوي على المخاطرة كونها عملية ذات منحى مبدع
ّ
ومبتكر؛
إلهام الرؤية المشتركة؛
تمكين اآلخرين من أجل بناء فريق عمل وكذا بناء عالقة أساسها الثقة؛
نمذجة الطريق من خالل وضع نماذج لمعايير عالية؛
التشجيع من خالل الدعم ،الرعاية واالعتراف و االحتفاء باإلنجازات.
439
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
وبالنسبة للباحثين فالمدراء الذين يطبقون هذه السلوكيات الخمسة هم أكثر تأثي ار على
األفراد لتحقيق أهداف إيجابية للمنظمة.
تصور Haiسنة 1881لسلوكيات القائد التمكينية :قام الباحث Haiبتوسيع
ّ .1.1.1
دائرة دراساته التجريبية حول نموذج لعملية التمكين ،بوصفها عملية تحفيزية بدال من
كونها مفهوما عالئقيا ،ففي المفهوم العالئقي القائد يتشارك القوة مع موظفيه عن طريق
يفوض لموظفيه
مكونا أساسيا في التمكين ،والقائد الذي ال ّ
يعد التفويض ّ
التفويض ،حيث ّ
أن الحاجة لتمكين المرؤوسين
الصالحيات ال يمكن أبدا تمكينهم ،كما ناقش الباحث ّ
تصبح مهمة عندما يشعر الموظف بالضعف ،أي عدم التأثير على مجريات األحداث
بالمنظمة ،وهنا يأتي دور القائد في تحديد الظروف (مناخ المنظمة) الذي يساهم في
تكون الشعور بالضعف لدى الموظف ،وهذه الظروف يمكن أن تشمل :التغيير التنظيمي،ّ
ضعف االتصاالت ،النظام الشبكي المعقد ،الرقابة الشديدة ،ضعف نظام الحوافز ،عدم
التقدم المحدودة واالتصال المحدود
وضوح الدور ،مشاركة محدودة في اتخاذ القرار ،فرص ّ
()5
مع المستويات اإلدارية الدنيا.
بأن÷م عناصر هامة في نجاح المنظمة ،ويكونون في أما التمكين فيشعر الموظفين ّ
ّ
منتصف دائرة التنظيم وليس الهامش أو المحور ،ولدعم عملية التمكين ُح ّددت أربع
()6
ممارسات قيادية يمكن اعتبارها تمكينية:
التعبير عن الثقة في المرؤوسين ذوي األداء العالي؛
تعزيز فرص المشاركة في عملية صناعة القرار؛
منح اإلستقاللية بدل القيود البيروقراطية؛
وضع أهداف ملهمة وذات معنى.
التحول نحو بيئة التمكين ليس سهال بالنسبة للكثير من
ّ إن
.1.1متطلبات تمكين القادةّ :
السلطة ،ونقص الثقةالمديرين بسبب خوفهم من فقدان الرقابة ،أو التنازل عن جزء من ّ
تم تطوير إطار عمل لتمكين القادة يشمل:
()7
بموظفيهم حيث ّ
الم َم ِكن الذي يدافع عن موظفيه ويعترف
القيم المشتركة :يقصد بها القائد ُ
ويكافئ إنجازاتهم؛
بخبراتهم ُ
440
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
ِ
الممكن على خلق رؤية ملهمة ومشاركة اإلستراتيجية :يقصد بها قدرة القائد
القوة بشكل مناسب؛
ِ
الممكن النمط :هي مجموعة من الخصائص التي يتّصف بها سلوك القائد
كتحقيقه لمبادئ المساواة والثقة واالحترام؛
ِ
الممكن امتالكها كمهارات المهارات :وتشمل المهارات التي يجب على القائد
التخطيط واالتصال والتفاعل.
.1.1مقياس سلوكيات القيادة التمكينية :اعتمد أغلب الباحثين والدارسين على مقياس
يتكون من:
للقيادة التمكينية ّ
()8
441
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
كما يشمل أيضا تحرير األفراد من حالة الشعور بالضعف وقلة التأثير حتى يتمكنوا من
إبداء سلوكيات المبادرة وتحقيق األهداف بالطرق التي يجدونها مناسبة.
تحسيس القائد بأهمية ومعنى العمل :وهي سلوكيات يظهرها القائد من خالل:
-اإللهام بقيمة ومعنى األهداف التي ترغب المنظمة في تحقيقها.
-ربط مهام الموظف بقيم وقضايا اجتماعية.
ثانيا :السلوك اإلبداعي
نحاول فيم يلي التاإلبداعي:يعة ومحتوى السلوك اإلبداعي ،حيث سنتناول اإلطار
المفاهيمي له من خالل استعراض أهم تعاريفه ،وتدعيم ذلك بمقوماته وأنواعه ،باإلضافة
إلى قراءة معمقة في عناصره من جهة ،ومراحله وخطواته من جهة أخرى.
.1اإلطار المفاهيمي للسلوك اإلبداعي:
يخلط الكثير من الباحثين بين اإلبداع كنتيجة نهائية ،وبين اإلبداع كسلوك يمارس في
بيئة العمل ،وانطالقا من هذا سنحاول تفسير حقيقة السلوك اإلبداعي من خالل عرض
أهم الت عاريف التي قدمت له ،بناء على ما جاء في أدبيات إدارة األعمال الغربية والعربية
على حد سواء ،باإلضافة إلى تحليلها من أجل استنباط أهم مقومات وأنواع السلوك
اإلبداعي.
- 1.1تعريف السلوك اإلبداعي :Creative Behavior
"قت الدراسات الغربية والعربية على أهمية السلوك اإلبداعي ،لكنها اختلفت في تعريفه
ويرجع ذلك أساسا إلى الطبيعة المعقدة للظاهرة ،وهذا ما يمكن استنتاجه من خالل اآلتي:
-1.1.1تعريف السلوك اإلبداعي في أدبيات إدارة األعمال الغربية:
يعرف Mackinnonالسلوك اإلبداعي على أنه " :تصرف يسعى لتحقيق إنتاج يتميز
بالجدة والمالئمة وامكانية التطوير ،)9( ".أما دراسة Epsteinفتعرف السلوك اإلبداعي
()10
على أنه " :السلوك الذي يتسم بالجدة والذي يراه المجتمع على أنه جديد وذو قيمة".
في حين أن دراسة Spreitzerتعرف السلوك اإلبداعي على أنه":متجه نحو التغيير
ألنه يتضمن خلق منتجات جديدة ،أو أفكار جديدة ،أو إجراءات جديدة ،أو عمليات
()11
جديدة".
442
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
كذلك ترى دراسة Corteseأن السلوك اإلبداعي يعرف على أنه":إيجاد طرائق جديدة
في التفكير والتعلم تُغير على نحو رئيسي عمليات المنظمة ومخرجاتها ".أما دراسة
Zipple,فترى بأن السلوك اإلبداعي يعرف على أنه " :كيفية التفكير بعيدا عن السياقات
التقليدية ،مع استحضار كل أشكال المغامرة في تبني عمليات التغيير ودعمه بما يحقق
()12
تحوالت إبداعية في بيئة المنظمات وعملياتها".
تعرف دراسة Eline & Alالسلوك اإلبداعي على أنه ":كافة األعمال الفردية الموجهة ّ
()13
نحو توليد ،وتقديم ،وتطبيق أشياء جديدة ومفيدة في أي مستوى تنظيمي".
.1.1.1تعريف السلوك اإلبداعي في أدبيات إدارة األعمال العربية:
تعتبر دراسة الدهان ،من البحوث المرجعية حيث كان لها السبق في اإلشارة إلى ضرورة
تميز مفهوم السلوك اإلبداعي ،حيث عرفته على أنه :السلوك الذي يتفرد به الشخص
ثم يستجيب لها بما يتفق مع ذاته ،فتأتي استجابته مختلفة
عندما يواجه مواقف يتأثر بهاّ ،
()14
عن استجابات اآلخرين".
أما دراسة أخرى فتعرفه على أنه " :العمليات القادرة على تحقيق االنشقاق عن مسارات
()15
التفكير العادي لتقديم تصورات جديدة".
كذلك ترى إحدى الدراسات بأن السلوك اإلبداعي يمكن تعريفه على أنه جميع األفعال
الفردية والجماعية الموجهة نحو استنباط وتبني وتطبيق األفكار المميزة والفريدة على
جميع مستويات التنظيم .ويمكن أن تشمل هذه األفكار تطوير أساليب إنتاجية جديدة ،أو
استحداث تغيرات جديدة في األساليب اإلدارية التي توجه نحو تحسين عالقات العمل ،أو
تطبيق تكنولوجيا جديدة في العمليات اإلنتاجية التي تهدف إلى زيادة مستوى كفاءة
()16
وفعالية التنظيم".
أما دراسة العطوي سنة 7112فترى بأن السلوك اإلبداعي يعرف على أنه ":عملية خلق
األفكار الجديدة البعيدة عن السياق التقليدي في التفكير ،واستحداث كافة الطرائق
واألساليب التي من شانها تحويل هذه األفكار إلى واقع مطبق وذي قيمة للمجتمع ،والتي
تحمل في أشكال المغامرة المتمثلة بعمليات التغيير والدعم لتحقيق األهداف
()17
التنظيمية".
443
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
أن :أن نقطة االنطالق في تحليل مفهوم السلوك اإلبداعي من خالل ما سبق يالحظ ّ
في المنظمات تكون من خالل التأكيد على نقطتين أساسيتين ،وهما:
النقطة األولى :أن السلوك اإلبداعي يعتبر أحد أنماط أو أشكال السلوك التنظيمي؛
النقطة الثانية :ضرورة التركيز وعدم الخلط بين السلوك اإلبداعي والناتج اإلبداعي.
ببساطة يمكن القول أن الناتج اإلبداعي يتمثل في تقديم شيء جديد كليا أو نسبيا،
ممثال في سلعة أو خدمة أو فكرة...الخ .أما السلوك اإلبداعي فحسب دراسة السالم سنة
1999فهو عبارة عن التصرف المتفرد الذي يمارسه الفرد أو الجماعة في مواقع العمل،
وليس بالضرورة أن ينتج عنه إنتاج جديد أو خدمة جديدة ،فهو السلوك الذي يسبق
اإلبداع في صيغته النهائية ،وقد يكون هذا السلوك إبداعا في حد ذاته عندما يمارسه
()18
صاحبه أول مرة في مواقع العمل.
وتحاول دراسة القحطاني سنة 7117شرح الرابط بين اإلبداع كنواتج والسلوك اإلبداعي،
حيث تشير إلى أن اإلبداع يعني استخدام الموظف لمهاراته الشخصية اإلبداعية في
استنباط المنتجات واألساليب الجديدة بطريقة ابتكاريه ،وهذه المهارات حسبها ما هي إال
تعبير عن بعض السمات الشخصية للمبدعين ،والتي تظهر في شكل سلوك محدد يطلق
عليه مسمى "السلوك اإلبداعي".
وتشرح دراسة الدهان سنة 1222العملية اإلبداعية قائلة إن اإلبداع عملية مركبة
تتضمن على األقل عنص ار عقليا ،وعنص ار انفعاليا ،وعنص ار سلوكيا .والبداية تكون
بالعنصر العقلي والذي يسمى بالتفكير اإلبداعي حيث يولد شعو ار انفعاليا كالقلق أو
الخوف أو الرضا ،ثم يجسد العنصرين السابقين نفسيهما في سلوك إبداعي ظاهر
()19
لآلخرين ،الذي بدوره قد يترجم في النهاية إلى نواتج إبداعية".
444
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
المصدر :سعيد عيد العطوي ،أثر المناخ التنظيمي في السلوك اإلبداعي لدى الموظفين
في الجامعات السعودية :دراسة تطبيقية على الجامعات الحكومية والخاصة ،رسالة
ماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،جامعة مؤته ،األردن ،7112 ،ص.12 :
من خالل الشكل السابق يمكننا القول بأن العملية اإلبداعية تبدأ أوال بما يسمى
بالتفكير اإلبداعي ،الذي يعبر عن تفاعالت ذهنية تدفعها الرغبة والحاجة إلى التغيير،
حيث تتأثر أساسا بطبيعة األفراد وهنا نتكلم أساسا على مكونات وخصائص الشخصية
اإلبداعية ،التي ال يمكن أن تتحقق وتتوفر لدى الجميع .بعد ذلك يتطور التفكير اإلبداعي
ليتحول إلى ما يسمى بالسلوك اإلبداعي ،والذي يظهر من خالل مراحل وخطوات نظامية
من أهم خصائصها أنها عبارة ممارسات وتفاعالت تبتعد عن الروتين والسياقات
االعتيادية التي تسود المنظمة وأنظمتها ،وهذا يعتمد أساسا على ضرورة توفر بيئة
حاضنة لذلك ،أو بصورة أدق مناخ تنظيمي مشجع ومحفز للسلوكيات والممارسات
اإلبداعية .وهذا ما يتجسد في النهاية من خالل نواتج إبداعية قد تكون على شكل منتجات
وأساليب وأفكار أصيلة نسبيا ،بما ينعكس إيجابا على أهداف المؤسسة والعاملين
والمجتمع.
وانطالقا من سبق يمكننا أن نستنتج أهمية السلوك اإلبداعي باعتباره الركيزة األساسية
في العملية اإلبداعية ،لذا على المنظمات مهما كانت أهدافها وقبل أن تفكر في النواتج
اإلبداعية واألفراد المبدعون يجب عليها أن تسعى إلى توفير بيئة حاضنة ومساعدة على
نمو وازدهار الممارسات والسلوكيات اإلبداعية.
445
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
446
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
447
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
448
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
يستطيع اآلخرون رؤيتها ،مما يمكنه من اكتشاف عالقات وترابطات ومكونات وطرق
حديثة لم تكن مألوفة أو موجودة من قبل.
()23
وتصنف المرونة إلى نوعين ،هما:
-مرونة التكيف :وتتصل بقدرة الفرد على تغيير اتجاهه العقلي في التفكير والسلوك ،إي
إعادة بناء وتنظيم وترتيب عناصر المشكلة المطروحة وطبيعة الفعل ،بناء على متطلبات
الموقف والظروف واإلمكانيات المتاحة؛
-المرونة التلقائية :وهي التي تظهر دون حاجة ضرورية يتطلبها الموقف ،فيعطي بذلك
الشخص من خاللها عدد من االستجابات الفكرية والسلوكية التي ال تنتمي إلى فئة واحدة
وانما إلى اتجاهات متعددة .وهذا ما يميز المرونة عن الطالقة بأنواعها ،حيث يبرز عامل
المرونة أهمية تغيير اتجاهات األفكار ،بينما تبرز الطالقة أهمية كثرة األفكار فقط بغض
النظر عن اتجاهاتها.
الحساسية للمشكالت :ويقصد بها درجة الوعي بوجود المشكالت أو عناصر
الضعف في البيئة أو النظام.حيث أن بعض األفراد أسرع من غيرهم في مالحظة
المشكالت والتحسس من وجودها في كافة المواقف والظروف ،وال شك أن اكتشاف
الم شكلة يمثل خطوة أولى في عملية البحث عن حل لها ،ويرتبط بهذا القدرة على
ولعل إحساس ()24
مالحظة األشياء غير العادية في محيط الفرد واثارة التساؤالت حولها.
المبدع بالمشكالت واتجاهه نحو إصالحها يفسر ما كشفت عنه الدراسات من نتائج تؤكد
قدرة المبدعين على رؤية الالوضوح فيما يراه اآلخرون واضحا ،وعدم الرضا بما هو
كائن ،والقدرة على إدراك الفرق بين ما يجب إن يكون وما هو كائن فعال.
األصالة :وتتمثل في القدرة على إنتاج أفكار تتسم بالجودة ،أو التفكير فيما وراء
المباشر أو غير المألوف ،أي إنتاج أكبر عدد من األفكار غير الشائعة أو ذات
عبر عنها بالقدرة على إنتاج أفكار أصلية
وي ّ
ُ
()25
االرتباطات البعدية بالمشكلة محل البحث.
قليلة التكرار داخل الجماعة التي ينتمي إليها الفرد ،حيث أنه كلما قلت درجة شيوع الفكرة
زادت أصالتها ،فالشخص المبدع ال يكرر أفكار المحيطين به وال يلجأ إلى الحلول
التقليدية للمشكالت ،وتعد هذه السمة من أهم مقومات السلوك اإلبداعي .حيث أن
449
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
األصالة هي نتيجة مباشرة للتخيل ،بمعنى عدم الرضا عن األمر الواقع والرغبة في خلق
شيء جديد و مختلف ،وتشتمل على ثالث جوانب رئيسية ،وهي:
()26
االحتفاظ باالتجاه أو تركيز االنتباه :وتتمثل في قدرة الفرد على التركيز لفترة
ِ
ات بينه وبينها .كما تعني عدم التنازل من الزمن في مشكلة معينة دون أن تحول ُ
الم َشتتَ ُ
عن الهدف ،واإلصرار على تتبعه والسير في اتجاهه ،ومحاولة تحقيقه بطريقة مباشرة أو
غير مباشرة .غير أن قدرة المبدع على مواصلة االتجاه والتركيز ال يجب أن تكون بشكل
متصلب ،فالمبدع أثناء مواصلته لتحقيق اتجاهاته يعدل من أفكاره لكي يحقق أهدافه
اإلبداعية بأفضل صورة ممكنة ،لكنه ال يتنازل عن أهدافه حيث يظل في الوقت نفسه
محتفظا لنفسه بالمرونة المناسبة التي تتيح له اكتشاف السبل الهادفة والفعالة .وهذه السمة
أي االحتفاظ باالتجاه على قدر كبير من األهمية ،فقد يواجه الباحث أثناء سعيه
صعوبات مفاجئة ،فإن لم يكن يتمتع بهذه القدرة فقد يستبد به اليأس ويتوقف عن البحث.
قبول المخاطرة :وتعبر عن مدى شجاعة الفرد في تعريض نفسه للفشل ،أو
النقد ،وتقديم تخمينات والعمل في ظروف غامضة ،والدفاع عن أفكاره الخاصة .كما تعني
تبني األفكار واألساليب الجديدة والبحث عن حلول لها ،إضافة إلى
أخذ زمام المبادرة في ّ
450
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
تحمل المخاطرة الناتجة عن األعمال التي يقوم بها الفرد المبدع واالستعداد التام لمواجهة
المسؤولية المترتبة على ذلك.
التحليل والربط :يتمثل التحليل في القدرة على التوصل إلى العناصر التي تتكون
منها األشياء المركبة ،أو بمعنى آخر الكفاءة في تحليل عناصر األشياء وفهم العالقات
بين هذه العناصر .وتفسير ذلك أن أي موضوع ال يسمى مشكلة إال إذا كان معقدا ومؤلفا
من أجزاء بعضها غامض ومتلبس في البعض اآلخر ،وأول ما ينبغي عمله هو تحليل
المادة المجمعة عن المشكلة من أجل تفرعيها إلى مجموعة قضايا أصغر ،بما يسهل
فهمها والتوصل إلى البدائل المناسبة لحلها .أما الربط فيتمثل في القدرة على استغالل
المعرفة والخبرة والمهارة من أجل إدراك العالقات بين األثر والسبب ،وتفسيرها ،ثم استنتاج
أو توليف عالقات ونتائج جديدة.
النزوع إلى التجريب :يميل المبدع إلى عدم االقتناع باألمور والقضايا التي
يمكن أن يراها اآلخرون أبعادا مسلما بها ،بل إنه يميل عادة إلى الشك وانتقادها واعتبارها
أمو ار نسبية تعتمد على المنظور الذاتي لألفراد إزائها ،لذا فإن عملية التجريب والتحقيق
والتأكد يعد من الصفات األساسية المميزة للسلوك اإلبداعي.
القدرة على االبتكار :وتعني الخروج على المألوف في التعامل مع المشكالت
واألنظمة والقوانين ،وعدم الرغبة في االلتزام بالقواعد واألنماط السلوكية التي تم العمل بها
من قبل لحل المشكالت ،والرغبة الدائمة في التجديد والتغيير نحو األفضل.
كما تضيف بعض الدراسات والبحوث عناصر أخرى نكتفي بذكرها دون الخوف في
تفاصيلها ،العتقادنا أنها محتواة ضمنيا في العناصر السابقة ،وهي :التفاصيل ،واالنفتاح
نحو التغيير ،واإلفاضة ،والقدرة على التقييم ،والنقد الذاتي ،والشجاعة والثقة بالنفس.
ويمكن اختصار عناصر السلوك اإلبداعي من خالل الجدول اآلتي:
451
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
الحساسية للمشكالت
النزوع إلى التجريب
القدرة على االبتكار
االحتفاظ باالتجاه
قبول المخاطرة
التحليل والربط
األصالة
المرونة
الطالقة
المصدر :من إعداد الباحثة
.1.1مراحل السلوك اإلبداعي :يؤكد العديد من الباحثين على أن السلوك اإلبداعي وحل
المشكالت يشكالن نفس الظاهرة من حيث الجوهر ،أو على األقل يحمالن نفس األبعاد،
و يمكن دراسة السلوك اإلبداعي من خالل تتبع المراحل التي يسلكها األفراد قبل التوصل
تفسر بعض النماذج سيرورة السلوك اإلبداعي من خالل المراحل
إلى النواتج اإلبداعية ،و ّ
()28
األربعة اآلتية:
.1.1.1مرحلة اإلعداد والتحضير :Preparation Stageويتم في هاته المرحلة
جمع المعلومات ،والتقصي عن المشكلة في جميع االتجاهات ،واستخدام الخلفية النظرية
والبحث في الذاكرة من أجل إجراء القراءات المختلفة ،حيث يتم بعدها القيام بعدة محاوالت
للعمل على حل المشكلة لكنها تبقى .األمر الذي يشكل االعتراف بالحاجة إلى حل مبدع
وليس حال تقليدي لمواجهتها.
.1.1.1مرحلة االختمار أو التفريخ :Incubation Stageتستغرق هاته المرحلة فترة
قد تطول أو تقصر ،وهي تمثل أدق مراحل اإلبداع وأهمها ،ألنها المرحلة التي تشهد
عمليات التفاعل بكل ما تحمله من معاناة وآالم ،حيث تتداخل فيها العوامل الشعورية
والالشعورية في شخصية المبدع ،وتحدث منه خاللها محاوالت هائلة إدارية وعفوية
لتلمس حقيقة المشكلة .حيث أن الشخص المبدع في هاته المرحلة يكون خامال وال يظهر
أي نشاط يذكر ،حيث يحاول فيها العقل أن يستوعب كل المعلومات واألفكار والوقائع
ذات العالقة ،كما يكون الخيال فيها نشيطا ،وعادة ما يصاحبها القلق نتيجة التوترات
النفسية والتقلبات المزاجية التي تفرضها المشكلة.
452
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
453
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
فالقادة المدعمين والمشاركين يسعون دوما إلى زيادة التوقعات االيجابية بالنسبة
للموظفين ،عن طريق خلق معايير التميز وتشجيع المبادرات الفردية مهما كانت ،األمر
الذي ينعكس إيجابا على السلوك اإلبداعي فينمو ويزدهر ،والعكس تماما فإن القادة ذوي
األنماط الموجهة وغير المشاركة يسعون دوما إلى تركيز سلطات اتخاذ القرار بأيديهم ،وال
يميلون إلى تفويض الصالحيات ،وال يشاركون الموظفين في المعلومات وبالتالي فهم
يعارضون فكرة التمكين من أصلها ،األمر الذي ينعكس سلبا على السلوك اإلبداعي
()29
للموظفين ،حيث يصبحون أكثر ميال للتنميط والجمود والروتين.
فالقائد التمكيني يتميز بسعيه الدائم إلتباع األساليب التي تشجع على تمكين العاملين
كتفويض المسؤوليات ،والمشاركة في اتخاذ القرار ،وتعزيز قدرات المرؤوسين على التفكير
بمفردهم ،وتشجيعهم على المبادرة باألفكار الجديدة االبتكارية ،األمر الذي ينعكس إيجابا
على السلوك اإلبداعي الفردي والجماعي .وتشير الدراسات وتؤكد على أن القادة الذين
يتمتعون بسلوك تمكيني لديهم قدرة كبيرة على إمداد مرؤوسيهم بالطاقة واإللهام مما يعزز
الفعالية الذاتية وينمي السلوك اإلبداعي.
وكدليل إرشادي اقترحت دراسة ،Davisالذي عمل لسنوات طويلة كمدرب ومستشار
إداري عشرة طرق يمكن للمدير والقائد إتباعها لتحقيق متطلبات التمكين من أجل اإلبداع،
()30
وهي:
التمكين من خالل المسؤوليات :يجب أن تكون المهام المطلوبة من الموظف
معروفة ومحددة ،ويجب أن يوضح القائد للموظف دوره في العمل وموقعه من المنظمة
ككل ،وهذا يؤدي إلى تكوين إحساس باالمتالك واألهمية مما يزيد من تحمله للمسؤولية؛
التمكين من خالل الصالحيات :ال يتم التمكين بدون توفير الصالحيات
المناسبة ،فالموظفون يظهرون حماسا وابداعا أكثر عندما يكون لديهم قدر كاف من
الصالحيات المتعلقة بعملهم ،وعلى الرغم من ذلك يجب أن يكون نطاق هذه الصالحيات
محددا وواضحا بدقة؛
التمكين من خالل المعايير واألداء المثالي :يجب وضع المعايير المناسبة
لتحفيز الموظفين وتمكينهم من الوصول إلى اإلمكانية القصوى .هذه المعايير يجب أن
454
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
يكون لها عدد من الصفات مثل المصداقية والموضوعية...الخ ،وأن تكون ذات مستوى
عالي بحيث تستثير السلوك اإلبداعي للموظف ،على أن يكون باإلمكان فعال تحقيقها؛
التمكين من خالل التدريب والتطوير :حيث يعتبر التدريب عنص ار أساسيا لتزويد
الموظفين بالثقة والمهارات الالزمة ألداء العمل ،لذا يجب أن تسعى وتحرص المنظمة
و بشدة على تطوير مهارات موظفيها ،وباألخص تحفيز واظهار وتنمية مهاراتهم
وسلوكياتهم اإلبداعية؛
التمكين من خالل المعرفة والمعلومات :فالموظفون بحاجة إلى المعرفة لكي
يتمكنوا من اتخاذ الق اررات المتعلقة بعملهم ،وبدون ذلك سيكونون قاصرين على القيام
بالمهام والمسؤوليات المطلوبة منهم .أي أن مشاركة المعلومات وتوفيرها يعد مطلبا
أساسيا لنجاح التمكين واإلبداع؛
التمكين من خالل التغذية الرجعية :تعتبر التغذية الرجعية عن أداء الموظف
عنص ار مهما في التمكين ،فإذا أردنا أن نمنح الموظف التمكين وأن ينجح في ذلك ،يجب
أن يكون الموظف والمنظمة على علم بنقاط ضعفه للقيام بتقويمها ومراجعتها .وهنا يجب
التأكيد والحرص على االتصال الثنائي بين الطريفين (القائد والعامل)؛
التمكين من خالل التقدير واالهتمام :يحتاج الموظف ألن يشعر باحترام وتقدير
الذات ،والقائد هنا له دور مهم في ذلك من خالل إظهار تقديره وحرصه واحترامه
للموظف ،مما يساعد على تعزيز إدراك الموظف لذاته وقدرته على أداء العمل بأقصى
جهد ممكن؛
التمكين من خالل االحترام :فالموظفون يرغبون دائما في أن يعاملوا بتقدير
واحترام وكرامة قبل كل شيء ،فاالحترام هنا يساعد في تعزيز وتقدير الذات وبالتالي
الرغبة في إظهار أداء إبداعي ومتميز؛
التمكين من خالل الثقة :عندما يثق المدير في موظفه فإن ذلك سيؤدي ألن
يركز الموظف جهوده في أداء العمل بدال من الخوف والسعي إلى تبرير كل خطوة يقوم
بها؛
455
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
التمكين من خالل السماح بالفشل :كثي ار أو غالبا ما يكون الفشل مقدمة
للنجاح .فالموظف الذي يعلم أنه يمكنه المحاولة ،واذا فشل فسوف ُيمنح فرصة أخرى أي
السماح بمبدأ المخاطرة ،فإن ذلك سيؤدي إلى النجاح والتميز .وعلى الرغم من صعوبة
إيجاد بيئة تتقبل المخاطرة ،إال أنه يجب في بعض األحيان تقبل هذه الفكرة ألنه وببساطة
قد تكون المخاطرة ضرورية لتنمية السلوك اإلبداعي.
وختاما ،يمكننا تقديم تحليل خاص للعملية من خالل التأكيد على أن سلوكيات القائد
التمكينية تنمي السلوك اإلبداعي لدى العاملين ،و تُعد من أهم تحديات العمل اإلداري في
بيئة األعمال المعاصرة .فالتدريب اليوم بصفة خاصة وتنمية الموارد البشرية بصفة عامة
يجب أن ال يكون مجرد تقليد أو ممارسات مفرغة بعيدة عن الرؤية والتوجه االستراتيجي
للمنظمة ،كما يجب أن ال تكون هدفا بحد ذاته ،فاألصل هو أن القيادة عبارة عن وسيلة
من أجل ضمان الوصول الفعال لتحقيق متطلبات التمكين من أجل اإلبداع ،وهذا ما ُيثبت
المتبنيتين في هذه الدراسة.
ّ صحة الفرضيتين
خاتمة:
إن تحّلي المسؤولين في المنظمة بالصفات القيادية التمكينية من شأنه إنجاح برامج
ّ
المنظمة اإلبداعية ،ذلك أن العمال سيشعرون بأنهم عناصر هامة في نجاح المنظمة،
وعليه يكونون في منتصف دائرة التنظيم وليس في الهامش أو المحور ،باإلضافة إلى
فعل االتصاالت وي ّ
أن ذلك يبني الثقة ُ جعل العمل أكثر متعة وحافزية وذو معنى ،كما ّ
والمشاركة بين العاملين .وهذا من شأنه أن يخلق مناخا تنظيميا مالئما للعمليات اإلبداعية
و محّف از قويا للسلوكيات اإلبداعية لدى العاملين في المنظمة.
فالقيادة التمكينية لها أبعاد وممارسات تحّفز األف ارد وتدفعهم لالنغماس أكثر في العمل
من اجل اإلبداع ،وهذا ما تحتاجه المنظمة اليوم ،فاإلبداع هو السالح السري الذي تواجه
به بيئتها المتشعبة والمعقدة ،...وفي سبيل ذلك تحتاج القيادة التمكينية لدعائم أساسية
أهمها :الثقة المتبادلة ،وقابلية العاملين وقناعتهم ،والمشاركة في
بدونها ال تأتي ثمارها ّ
المعلومات وتعزيز نظم المعلومات ،واعادة تصميم الهيكل التنظيمي مع التركيز على
االتجاه نحو التمايز األفقي بدال من تعدد المستويات اإلدارية ،باإلضافة إلى التدريب
456
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
406 - 433 ص 0891 السنة80: العدد80 :المجلد
ويجب أن يتم كل هذا في قالب تغيير ثقافي وباألخص في نظام القيم باعتبارها.والتطوير
والتي لها أثر كبير جدا على السلوك اإلبداعي،المفتاح الرئيسي لنجاح القيادة التمكينية
.للعاملين
:الهوامش والمراجع المعتمدة
()10عبد الرحمان أحمد هيجان ،المدخل اإلبداعي لحل المشكالت ،أكاديمية نايف
العربية للعلوم األمنية ،السعودية ،1222 ،ص.12:
)11( Spreitzer, G , M., Social Structural Characteristics of
Psychological Empowerment, USA : Academy of Management
Journal, Vol.39, Issue.2, 1996, p: 486.
( )12كفى حمود عبد هللا النوايسة ،أثر جودة تكنولوجيا نظام المعلومات اإلدارية المدركة
في السلوك اإلبداعي لدى مستخدمي نظام المعلومات في جامعة البلقاء التطبيقية،
دراسات في العلوم اإلدارية ،المجلد( ،)02العدد ( ،)7الجامعة األردنية ،األردن،
،7112ص.041:
( )13لوئ فواز محمد بطاينة ،أثر التمكين والدعم التنظيمي في السلوك اإلبداعي
للعاملين في القطاع العام األردني :دراسة ميدانية من وجهة نظر .مديري المديريات
الحكومية في إقليم الشمال ،رسالة ماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،جامعة
اليرموك ،األردن ،7112 ،ص.71:
( )14أميمة الدهان ،نظريات منظمة األعمال ،مطبعة الصفدي ،األردن،1227 ،
ص.12:
( )15زهير منصور المزيدي ،مقدمة في منهج اإلبداع ،دار الوفاء للطباعة والنشر
والتوزيع ،مصر ،1222 ،ص.12 :
( )16يوسف كامل الزيادين ،أثر المناخ التنظيمي على السلوك اإلبداعي :دراسة تطبيقية
على مدينة الحسين بن عبد هللا الثاني الصناعية ومدينة الحسن الصناعية ،رسالة
ماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،جامعة مؤتة ،األردن ،7111 ،ص.71
( )17سعيد عيد العطوي ،أثر المناخ التنظيمي في السلوك اإلبداعي لدى الموظفين في
الجامعات السعودية :دراسة تطبيقية على الجامعات الحكومية والخاصة ،رسالة
ماجستير في اإلدارة العامة ،غير منشورة ،جامعة مؤته ،األردن ، 7112 ،ص.12 :
458
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
( )18مؤيد سعيد السالم ،العالقة بين أبعاد تصميم العمل والسلوك اإلبداعي
للعاملين:دراسة ميدانية في منشأة صناعية عراقية ،دراسات في العلوم اإلدارية،
الجامعة األردنية ،المجلد ( ،)72العدد ( ،)1األردن ،1222 ،ص.111 :
( )19أميمة الدهان ،مرجع سابق ،ص.12:
( )20سعود محمد النمر ،السلوك اإلداري ،جامعة الملك سعود ،السعودية،1221 ،
ص.11 :
( )21جمال محمود محمد الخباز ،اإلبداع اإلداري لدى مديري المدارس الحكومية في
مصر وسبل تفعيله ،مجلة كلية التربية ،جامعة األزهر ،العدد ( ،)105الجزء (،)1
مصر ،7112 ،ص.711 :
( )22محمد الطيطي ،تنمية قدرات التفكير اإلبداعي ،دار المسيرة للنشر والتوزيع،
األردن ،7111 ،ص.5:
( )23يوسف عبد عطية بحر ،توفيق عطية توفيق العجلة ،القدرات اإلبداعية وعالقتها
باألداء الوظيفي لمديري القطاع العام :دراسة تطبيقية على المديرين العاملين بو ازرات
قطاع غزة ،مجلة الجامعة اإلسالمية ،الجامعة اإلسالمية بغزة ،المجلد ( ،)12العدد
( ،)7فلسطين ،7111 ،ص.141 :
( )24فتحي جروان ،اإلبداع :مفهومه ،معاييره ،نظرياته ،قياسه ،تدريبه ،مراحله ،دار
الفكر للطباعة والنشر ،األردن ،7117 ،ص.152 :
( )25عبد الرحمان توفيق ،التفكير اإلبداعي ،مركز الخبرات المهنية لإلدارة ،مصر،
،7114ص.17 :
( )26على الخطيب ،التربية اإلبداعية :تعلم في العمق واستمطار لألفكار ،منشورات دار
التربية ،قطر ،1225 ،ص.102:
( )27عبد هللا الصافي ،التفكير اإلبداعي بين النظرية والتطبيق ،مطابع دار البالد،
السعودية ،1222 ،ص.114 :
( )28عبد الرحمان أحمد هيجان ،مرجع سابق ،ص ص( .122-122:بتصرف)
459
ISSN: 2333-9331 مجلة االجتهاد للدراسات القانونية واالقتصادية
ص 406 - 433 المجلد 80 :العدد 80:السنة 0891
460