Professional Documents
Culture Documents
ت بِ َما أ َْن َز َؿَم ْن ُ تَتَّبِ ْع أ ْ ؾ فَ ْادعُ واستَِقـ َكما أ ِ قاؿ تعالى " َفمِ َذلِ َ
اء ُى ْـ َوُق ْؿ آ َ
َى َو َ ت َوَال ُم ْر َ َ ْ ْ َ
َّ َع ِد َؿ ...لََنا أ ْ ت ِأل ْ اب وأ َِّ ِ ِ ٍ
َع َمالُ ُك ْـ َال ُح َّجةَ َب ْي َن َنا َوَب ْي َن ُك ُـ الموُ
أْ َع َمالَُنا َولَ ُك ْـ ُم ْر ُ الموُ م ْف كتَ َ
ص ُير (" ي ْجمع ب ْي َن َنا وِالَْي ِو اْلم ِ
َ َ ََُ َ
َف وقد امر اهلل عز وجؿ ايضا عباده باقامة العدؿ "قاؿ تعالى َّ َّ
ْم ُرُك ْـ أ ْ اف الموَ َيأ ُ
َف تَ ْح ُك ُموا بِاْل َع ْد ِؿ ۚ إِ َّف المَّوَ نِ ِع َّما اس أ ْ الن ِ َىمِيَا َوِا َذا َح َك ْمتُ ْـ َب ْي َف َّ ات إِلَ ٰى أ ْ تُؤُّدوا ْاألَم َان ِ
َ َ
ير" .ص ًاي ِعظُ ُكـ بِ ِو ۚ إِ َّف المَّو َكاف س ِميعا ب ِ
َ َ َ ً َ َ ْ
ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
وى ُك ْـ ع ْن َد ُك ٍّؿ َم ْس ِجد َو ْاد ُعوهُ يموا ُو ُج َ َم َر َربٍّي باْلق ْسط َوأَق ُ وقاؿ عز وجؿ " ُق ْؿ أ َ
وف ". يف لَوُ ٍّ ِ ِ
ود َ يف َك َما َب َدأَ ُك ْـ تَ ُع ُ الد َ ُم ْخمص َ
والعدؿ الذى امر اهلل بو ىوالعدؿ الجرد عف اليوي او لوجود قرابة او عداوة ,
ِ ِ ام ِ ِ ِ َِّ
آف قَ ْوٍـ يف لمّو ُشيَ َداء بِاْلق ْسط َوالَ َي ْج ِرَمَّن ُك ْـ َش َن ُ ونوْا قَ َّو َ آمُنوْا ُك ُ يف َ قاؿ تعالى( َيا أَُّييَا الذ َ
ب لِمتَّ ْق َوى َواتَّقُوْا المّوَ إِ َّف المّوَ َخبِ ٌير بِ َما تَ ْع َممُوف( عمَى أَالَّ تَع ِدلُوْا ْ ِ
اعدلُوْا ُى َو أَ ْق َر ُ ْ َ
امي َف لِمّ ِو ُشيَ َداء بِاْل ِق ْس ِط َوالَ َي ْج ِرَمنَّ ُك ْـ
ونوْا قَ َّو ِآمُنوْا ُك ُ يف َ
َِّ
وقاؿ تعالى ايضا "أَُّييَا الذ َ
ب لِمتَّ ْق َوى َواتَّقُوْا المّوَ إِ َّف المّوَ َخبِ ٌير بِ َما َش َنآف قَوٍـ عمَى أَالَّ تَع ِدلُوْا ْ ِ
اعدلُوْا ُى َو أَ ْق َر ُ ْ ُ ْ َ
وف"" . تَ ْع َممُ َ
فقػػد أمػػر اهلل سػػبحانو وتعػػالى بالعػػدؿ ,وأمػػر والة أمػػر المسػػمميف أف يحكمػوا بػػيف
النػاس بالعػدؿ ,كمػا جػػاءت نصػوص الشػريعة اإلسػبلمية بالحػػث عمػى تحقيػؽ العدالػػة
بيف الناس ,ال فرؽ بيف غني وفقير ,وال بيف المسمـ وغير المسػمـ ,فتحقيػؽ العػدؿ
بيف الناس ىو مف سمات األمة اإلسبلمية
4 نطام احلكم يف االسالم
,ولقد كػاف النبػي صػمى اهلل عميػو وسػمـ والخمفػاء ال ارشػديف -رضػواف اهلل عمػييـ-
ترجمػػة فعميػػة لتحقيػػؽ العػػدؿ والحػػرص عميػػو ,وض ػربوا نموذج ػاً يحتػػذى بػػو ,وسػػبقوا
(ٔ)
جميع األمـ حتى اآلف في إنصاؼ الناس ,ودفعاً ألي ظمـ يقع عمييـ .
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
تاريخ الخمفاء لجبلؿ الديف بف عبد الرحمف السيوطي صٗ ٙػ ط مطبعة السعادة " المكتبة التجارية " (ٔ)
مصر ػ سنة ٖٔٔٚىػ ػ ٕٜ٘ٔـ ػ تحقيؽ /محمد محيى الػديف عبػد الحميػد ,األمػواؿ ألبػى عبيػد ابػف
القاسـ ػ صٕٔ ػ ط دار الفكر ػ بيروت ػ دٓت ٓ
5 نطام احلكم يف االسالم
المبحث التمييدي
النظاـ في المغة:
النظاـ (بالكسر) ىو :الترتيب واالتٍّساؽ والتَّأليؼ ,وأصمو :الخيط الذي ُين َ
ظـ فيو ٍّ
مت األمر فانتَظَـ؛ أي :أقمتُو فاستَقاـ ,وىو عمى ٍ
نظاـ واحد؛ أي :نيج المؤلؤ.ونظَ ُ
غير ُمختمَؼ فيو
النظاـ في االصطالح:
ٔ"-لساف العرب"؛ المحيط البف منظور ,إعداد وتصنيؼ :يوسؼ الخياط ,دار لساف العرب بيروت ,جٖ
ص ,ٙٙٚو"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير لمرافعي"؛ تأليؼ أحمد بف محمد المقري الفيومي
المتوفى ٓ ٚٚىػ ,ط .الخامسة ,األميريةٜٕٕٔ ,ـ ص ٔٗ.ٛ
ٕ "المعجـ الوسيط" الصادر عف مجمع المغة العربية بمصر ,طٖٔٛٔ .ىػٜٔٙٔ ,ـ ,جٕ صٔٗ ,ٜوفيو:
نظاـ األمر :قوامو وعماده.
ٖ -الدكتور محمد عبداهلل العربي" :نظاـ الحكـ في اإلسبلـ" ,طبعة بيروت ,بتقديـ الشيخ :محمد المبارؾ,
صٕٔ.
6 نطام احلكم يف االسالم
اما اذا خصصنا وقمنا نظاـ الحكـ في اإلسبلـ فنقصد بذلؾ :األحكاـ المنظٍّمة
در عنيـ الفساد,وي َأ ِ َّ
السياسية ,وتدبير أىؿ اإلسبلـ بما ُيصمح أحواليـَ , لمسُّمطة
ظاميـ في شتَّى ِ فيو جزٌء ِم َف السياسة الشر َّ
عية.فاإلسبلـ عقيدةُ المسمميف ون ُ
صبلح
الرضا بيا؛ ففيو َ
االنقياد ليا و ٍّ
ُ ويجب الخضوعُ ألحكامو و
ُ جوانب الحياة,
حاليـ في ُدنياىـ وأُخراىـ.
قاؿ الدكتور محمد عبداهلل العربي" :نقصد بنظاـ الحكـ اإلسبلمي تمؾ األصوؿ
ضيا القرآف و َّ
السنة في تنظيـ شؤوف الحكـ ,تمؾ األصوؿ فر َ والمبادئ َّ
الكمية التي َ
مستقيما ,في ضوء ظروؼ
ً والمبادئ التي طُبٍّقت في صدر اإلسبلـ تطبيقًا و ًّ
اقعيا
أف سار ىذا التطبيؽ
البيئة ومقتضيات العصر ,ثـ حدث في العصور التالية ْ
ٍ
استقامة في أقمو (ٔ). بيف انح ار ٍ
ؼ في أكثره ,و
اإلسبلمية مجموعةُ األحكاـ التي رتََّبيا اإلسبلـ لمفرد والمجتمع والدولة في
َّ ُّ
فالنظُـ
األمة
فإف الحكـ الذي تقتضيو حاجة َّ تقدـ َّ وبناء عمى ما َّ
ً جميع ُشؤوف الحياة؛
يكوف سياسة شر َّ
عية ُمعتَبرة بشرطيف:
ػػػػػػػػػ
والثاني :أال ي ِ
ناقض مناقضةً حقيقيَّةً دليبلً تفصيميًّا ًّ
عاما جاء في القُرآف أو السنة ُ
معا ,أو أجمع المسمموف عمى خبلفو (ٔ). أو فييما ً
َّ
اإلسبلمية بما يكفؿ تحقيؽ العامة لمدولة عية فيي تدبير ُّ
الشؤوف َّ أماَ السياسة الشر َّ
مما ال َّ
يتعدى حدود الشريعة وأصوليا الكمية ,وا ْف لـ المصالح ود ْفع المضارَّ ,
األئمة المجتيديف ,وا َّف اإلسبلـ جاء في َمجاؿ الحكـ بمبادئ َّ
كمية, َّ يتَّفؽ وأقوا َؿ
نظاما تفصيميًّا في شكؿ الحكومات ,أو طريقة تنظيـ ُسمطتيا أو ً فمـ يعرض
ُس ِ
س الثابتة ,تارًكا تطبيقاتيا التفصيمية بوضع األ ُ
ْ َّ
كيفية اختيار الحاكـ ,واكتفى
عصر بما ُيحقٍّؽ صالح المجتمع
ٍ األمة في ٍّ
كؿ وظروؼ َّ
َ تتطور
َّ والجزئية
اإلسبلمي"
ػػػػػػػػػ
ٔ -جاد الحؽ عمي جاد الحؽ شيخ األزىر" :بحث عف الفقو اإلسبلمي" ,منشور في سمسمة دراسات في
الحضارة اإلسبلمية ,طبعة الييئة العامة لمكتاب بمصر ,المجمد الثالث صٕٜٙ.
ٕ -الشيخ عبدالوىاب خبلؼ" ,السياسة الشرعية" صٕٓ ,ونفس المعنى في "السياسة الشرعية"؛ لمحمد البنا
صٗ ,و"السياسة الشرعية"؛ لعبدالرحمف تاج صٔٓٛ
8 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثاني
لـ يكف لمعرب نوع مف الحكومات المعروفة اآلف ,ولـ يكف ليـ قضاء
يحتكموف إليو ,أو جياز أمف يقر النظاـ ويحافظ عميو ,وال حتى جيش يد أر
عنيـ األخطار الخارجية ,ولـ يكف ثمة سمطة تضرب عمى أيدي المعتديف ,
الم ْعتَ َدى عميو يثأر لنفسو بنفسو
وتوقع العقاب عمى المجرميف .وانما كاف الرجؿ ُ
,وعمى قبيمتو أف تشد أزره (ٔ) .
ومما يؤكد الفراغ السياسي الذي كانت تعيشو العرب ما يمي :
ٔ -ما حدث عندما جاء أبرىة األشرـ ليدـ الكعبة وأرسؿ إلى مكة يسأؿ
عف سيدىا وشريفيا فأخبر بأنو عبد المطمب بف ىاشـ ,فمما جاء عبد
المطمب إلى أبرىة أجمو وأكرمو وأجمسو معو عمى بساطو ,ثـ قاؿ
لترجمانو :قؿ لو :حاجتؾ ؟
قاؿ عبد المطمب :حاجتي أف يرد عمي الممؾ مائتي بعير أصابيا لي .
قاؿ أبرىة :لقد كنت أعجبتني حيف رأيتؾ ,ثـ قد زىدت فيؾ لما كممتني
,أتكممني في مائتي بعير أصبتيا لؾ وتترؾ بيتاً ىو دينؾ وديف آبائؾ
وأجدادؾ قد جئت ألىدمو ال تكممني فيو ؟
قاؿ عبد المطمب :إني أنا رب اإلبؿ ,واف لمبيت رباً سيمنعو .
قاؿ أبرىة :ما كاف ليمنع مني .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :حسف إبراىيـ حسف ,تاريخ اإلسبلـ السياسي والديني والثقافي واالجتماعي ٔ. ٕ٘,ٖ٘ /
9 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
قاؿ عبد المطمب :أنت وذاؾ ..فرد عمى عبد المطمب اإلبؿ .
ولكف اهلل سبحانو وتعالى حمى بيتو مف كيد الكائديف كما قاؿ سبحانو
(ٕ)
{ ألـ تر كيؼ فعؿ ربؾ بأصحاب الفيؿ } ...
,ولـ يصنع أىؿ مكة شيئاً لمدفاع عف ىذا البيت ,ولو كاف ىناؾ سمطة
سياسية في الببلد لقامت بشيء مف ذلؾ لرده عف قصده ,ألف ىذا البيت
الذي جاء لييدمو لو مكانة عمية في نفوس أىؿ مكة .
ٕ -الخبلؼ في وضع الحجر األسود عند تجديد بناء الكعبة ,حيث قرر
المتنازعوف أف يحكـ بينيـ أوؿ داخؿ عمييـ مف باب الحرـ ,فكاف
الداخؿ ىو رسوؿ اهلل (. )ٖ()
ولو كاف ىناؾ ثمة سمطة سياسية في الببلد لكانت ىي المرجع في مثؿ
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر تفصيؿ القصة وتماميا عند ابف كثير في البداية والنياية ٕ. ٔٚٙ-ٔٚٓ/
(ٕ) سورة الفيؿ ,اآلية األولى .
(ٖ) انظر تفصيؿ القصة عند ابف ىشاـ في السيرة النبوية ٜٜٔٔ-ٜٕٔ/
11 نطام احلكم يف االسالم
فروعاً كثيرة (ٔ) ,يتمتع كؿ منيا بحياة منفصمة ووجود مستقؿ ,وال تتحد إال
اد ٍة ,اشتراكاً في الدفاع عف القبيمة أو قياماً بغارات بالغة
في ظروؼ غير ُم ْعتَ َ
الخطورة(ٕ).
ولكف ىذه القبائؿ العربية ال تخمو مف نوع مف العبلقة فيما بينيا مف أمثمتيا
االحبلؼ والجوار وبيانيا فيما يمي -:
-1األحالؼ
ِ
الحمؼ :العيد يكوف بيف القوـ ,وقد حالفو أي :عاىده ,وتحالفوا أي :
تعاىدوا (ٖ) .وىو نوع مف العبلقة بيف القبائؿ العربية ,وىو في األصؿ
المعاقدة والمعاىدة عمى التعاضد والتساعد والتناصر (ٗ).
في ىذا الحديث (ال حمؼ في اإلسبلـ) المراد بو حمؼ التوارث ,والحمؼ
عمى ما منع الشرع منو .أما حمؼ التعاوف عمى البر والتقوى ,واقامة الحؽ ,
فيذا ىو الذي أقره اإلسبلـ وزاد في توثيقو (ٔ) .
-2الجوار
وقد أقر اإلسبلـ الجوار ولكف ليس عمى طريقة الجاىمية ,بؿ لغايات نبيمة
وأىداؼ سامية كإجارة المشركيف كي يسمعوا القرآف ,فإهلل سبحانو قاؿ لنبيو
محمد ( { : )واف أحد مف المشركيف استجارؾ فأجره حتى يسمع كبلـ اهلل ثـ
أبمغو مأمنو ذلؾ بأنيـ قوـ ال يعمموف }(ٖ) .بمعنى :واف أحد مف المشركيف
الذيف أمرت بقتاليـ يامحمد طمب منؾ األماف فأجبو إلى طمبو حتى يسمع القرآف
(ٗ)
ويتعمـ شيئاً مف الديف ,وىو آمف مستمر األماف حتى يرجع إلى ببلده ومأمنو
.
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر النووي ,شرح صحيح مسمـ . ٕٛ / ٔٙ
(ٕ) انظر :الجوىري ,الصحاح ٕ ٙٔٛ /مادة [جور] .وابف منظور ,لساف العرب ٗ , ٔ٘ٗ /مادة
[جور] .والشوكاني ,فتح القدير ٕ . ٖٖٛ /
(ٖ) سورة التوبة ,اآلية . ٙ
(ٗ) انظر :ابف كثير ,تفسير القرآف العظيـ ٕ . ٖٖٛ/والسعدي ,تيسير الكريـ الرحمف في تفسير كبلـ
المناف ٖ. ٕٓٔ/
12 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
كما أف رسوؿ اهلل ( )قد أجار عاـ الفتح رجبلً مف المشركيف
استجاروا بأـ ىانيء ,لما دخؿ عمييا أخوىا عمي بف أبي طالب (رضي اهلل
عنو) يريد قتمو .
وفي المقابؿ فإف الشرع اإلسبلمي قد جاء بالتيديد والوعيد لمف يجير
المجرميف والمحدثيف ,ألف في ذلؾ إعانة ليـ عمى الظمـ والفساد ,فعف عمي بف
ٕ
أبي طالب (رضي اهلل عنو) عف النبي ( )قاؿ (( :لعف اهلل مف لعف والده( ),
ولعف اهلل مف ذبح لغير اهلل ,ولعف اهلل مف آوى محدثاً ,ولعف اهلل مف غير منار
(ٖ)
,والمحدث ىنا ىو المجرـ الذي يفسد في األرض فقد حقت المعنة األرض))
عمى مف يحميو وينصره ,لذا فإف الشرع اإلسبلمي المطير ال يقر إجارة
المجرميف وحمايتيـ مف إقامة العدؿ فييـ .
ــــــــ ـ
(ٔ) قاؿ ابف ىشاـ في السيرة ٕ : ٗٔٔ /ىما الحارث بف ىشاـ ,وزىير بف أبي أُميَّة بف المغيرة .
(ٕ) وفي رواية (والديو) وىو باإلفراد يعـ أي ف الوالديف .
(ٖ) أخرجو مسمـ ,كتاب األضاحي ,حديث رقـ . ٜٔٚٛ
13 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثالث
أوالً :الشورى
الشورى في المغة :مف شور ,يقاؿ :أشار إليو باليد :أومأ ,وأشار عميو
ت الدابة
وش ْر ُ
الش َارةُ :المباس والييئة ُ .
الش َو ُار و َ
بالرأي ,والشوار :متاع البيت .و َ
(ٔ)
َش ْو اًر :عرضتيا لمبيع .
لمشورى في النظاـ اإلسبلمي أىمية عظيمة ,فيي قاعدة مف قواعد نظاـ الحكـ
في اإلسبلـ ,ويدؿ عمي أىمية الشوريما يمي :
(ٔ) قد أمر سبحانو وتعالى بيا نبيو محمداً ( )في قولو تعالي {فبما رحمة
مف اهلل لنت ليـ ولو كنت فظاً غميظ القمب النفضوا مف حولؾ فاعؼ عنيـ
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :د .سميماف بف قاسـ العيد النظاـ السياسي االسبلمي ص ٕٔ
ٕ) الجوىري ,الصحاح , ٚٓٗ/ٕ ,مادة [شور] .وابف منظور ,لساف العرب ٗ , ٖٗٚ-ٖٗٗ/مادة
[شور] .والفيروز أبادي ,القاموس المحيط ٕ. ٙ٘/
14 نطام احلكم يف االسالم
واستغفر ليـ وشاورىـ في األمر فإذا عزمت فتوكؿ عمى اهلل إف اهلل يحب
(ٔ)
المتوكميف}
(ٕ) سميت بيا سورة مف القرآف الكريـ ,وفييا أثنى اهلل سبحانو وتعالى عمى
عباده المؤمنيف الذيف اتصفوا بجممة مف الصفات ومنيا (الشورى) فيما بينيـ ,
كما في قولو سبحانو {والذيف يجتنبوف كبائر اإلثـ والفواحش واذا ما غضبوا ىـ
(ٕ)
. يغفروف .والذيف استجابوا لربيـ وأقاموا الصبلة وأمرىـ شورى بينيـ}
وىذه السورة سورة مكية وىذا دليؿ عمى أف الشورى ليست ميمة لمدولة فحسب
بؿ ىي ميمة ألي جماعة كانت صغيرة أو كبيرة .
(ٕ) لـ يتركيا الرسوؿ ( )ولـ يغفؿ عنيا ,مع كماؿ عقمو ,ورجاحة رأيو
,وىو المؤيد بالوحي مف اهلل سبحانو وتعالى ,فيو الذي ال ينطؽ عف
اليوى إف ىو وحي يوحى ,ومع ىذا كمو كاف يشاور أصحابو ,فيذا
ىو المنيج القويـ ,والطريؽ المستقيـ ,في إدارة الجماعات واتخاذ
الق اررات ,بؿ كاف الرسوؿ ( )أكثر الناس مشورة ألصحابو ,كما
ورد في سنف الترمذي مف حديث أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ (( :
(ٖ)
. ما رأيت أحدا أكثر مشورة ألصحابو مف رسوؿ اهلل ))
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة آؿ عمراف ,اآلية . ٜٔ٘
(ٕ) سورة الشورى ,اآليتاف . ٖٛ , ٖٚ
(ٖ) كتاب الجياد ,حديث رقـ ٗٔ. ٔٚ
15 نطام احلكم يف االسالم
و لما كاف رسوؿ اهلل (( )أكثر الناس مشورة ألصحابو -كما في
الحديث المذكور -فقد كاف عميو الصبلة والسبلـ يشاورىـ في أمور كثيرة عامة
وخاصة ,ويشاورىـ جماعات وأفراداً ,ويخص منيـ أولي الفضؿ ,كما في
قولو ألبي بكر وعمر (رضي اهلل عنيما) (( :لو اجتمعتما في مشورة ما
(ٔ)
. خالفتكما))
ٔ -نزوؿ الرسوؿ ( )عمى مشورة أصحابو لو في الخروج إلى المشركيف يوـ
أحد ,وكاف يرى البقاء في المدينة .فمما عمـ الناس بنزوؿ الرسوؿ (( )عمى
رأييـ ندموا وقاؿ (( :استكرىنا رسوؿ اهلل ( ,ولـ يكف لنا ذلؾ )) فمما خرج
عمييـ رسوؿ اهلل ( )قالوا لو (( :يا رسوؿ اهلل ,استكرىناؾ ولـ يكف لنا ذلؾ ,
فإف شئت فاقعد صمى اهلل عميؾ ,فقاؿ رسوؿ اهلل ( :(ما ينبغي لنبي لبس
(ٕ)
. المتو أف يضعيا حتى يقاتؿ ))
ــــــــ ـ
(ٔ) مسند اإلماـ أحمد ,حديث رقـ ٖٖ٘ٔٚ
(ٕ) ابف ىشاـ ,السيرة النبوية ٕ. ٖٙ/
16 نطام احلكم يف االسالم
ٕ -في غزوة الخندؽ لما ىـ رسوؿ اهلل ( )بعقد الصمح بينو وبيف غطفاف
(ٔ)
واستشار فيو بعض أصحابو ,فأشاروا عميو بتركو فتركو .
ٖ -نزولو عند رأي األغمبية مف أصحابو في أسارى بدر ,حيث قاؿ رسوؿ اهلل
(( )ألبي بكر وعمر (( :ما تروف في ىؤالءاألسارى؟)) فقاؿ أبو بكر :يا نبي
اهلل ىـ بنو العـ والعشيرة ,أرى أف تأخذ منيـ فدية فتكوف لنا قوة عمى الكفار ,
فعسى اهلل أف ييدييـ لئلسبلـ .فقاؿ رسوؿ اهلل (((( : )ما ترى يا ابف
الخطاب؟)) قمت :ال واهلل يا رسوؿ اهلل ,ما أرى الذي رأى أبو بكر ,ولكني
أرى أف تمكنا فنضرب أعناقيـ ,فتمكف عميا مف عقيؿ فيضرب عنقو وتمكني
(ٕ)
مف فبلف نسيبا لعمر فأضرب عنقو ,فإف ىؤالء أئمة الكفر وصناديدىا .
وكانت األغمبية ترى رأي أبي بكر الصديؽ (رضي اهلل عنو) فأخذ رسوؿ اهلل
(( )بيذا الرأي .
ىذه المواقؼ وغيرىا مف مواقؼ رسوؿ اهلل (( )ومواقؼ الخمفاء الراشديف
(رضي اهلل عنيـ) وبقية األئمة تدؿ داللة واضحة عمى وجوب العمؿ بنتيجة
الشورى التي توافؽ الحؽ ,واال كاف وجوب الشورى المذكور سابقاً ال معنى لو .
ولقد حث رسوؿ اهلل (( )عمى بذؿ المشورة كما ورد في سنف ابف ماجة مف
حديث جابر بف عبد اهلل (رضي اهلل عنو) قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل ((: )
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :ابف ىشاـ ,السيرة النبوية ٕ. ٕٕٖ/
(ٕ) صحيح مسمـ ,كتاب الجياد والسير ص ٖ. ٔٚٙ
17 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
.كما حذر مف الخيانة لما روي عف ((إذا استشار أحدكـ أخاه فميشر عميو))
أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عف رسوؿ اهلل (( )أنو قاؿ (( :ومف استشار أخاه
(ٕ)
. فأشار عميو بأمر وىو يرى الرشد غير ذلؾ فقد خانو))
نيج الخمفاء الراشدوف (رضي اهلل عنيـ) نيج رسوؿ اهلل (( )في
الشورى ,فكانوا ال يبرموف أم اًر مف أمور األمة ليس فيو حكـ واضح إال تشاوروا
فيو كما وصفيـ ربيـ سبحانو وتعالى بقولو {وأمرىـ شورى بينيـ} وأوؿ أمر
تشاوروا فيو بعد رسوؿ اهلل (( )ىو أمر الخبلفة حتى تولى أبو بكر الصديؽ
(رضي اهلل عنو)
واستشار أبو بكر (رضي اهلل عنو) الناس في استخبلؼ عمر بف الخطاب
(ٗ)
. (رضي اهلل عنو)
ــــــــ ـ
(ٔ) كتاب األدب ,حديث رقـ . ٖٚٗٚ
(ٕ) المسند ,حديث رقـ (ٛ٘٘ٛترقيـ إحياء التراث) .
(ٖ) صحيح البخاري ,كتاب االعتصاـ بالسنة ٗ. ٖٚٙ/
(ٗ) راجع ص . ٜٗ
18 نطام احلكم يف االسالم
ورأى أبو بكر قتاؿ مف منع الزكاة فقاؿ عمر كيؼ تقاتؿ الناس وقد قاؿ
رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ أمرت أف أقاتؿ الناس حتى يقولوا ال إلو إال اهلل
فإذا قالوا ال إلو إال اهلل عصموا مني دماءىـ وأمواليـ إال بحقيا وحسابيـ عمى
اهلل فقاؿ أبو بكر واهلل ألقاتمف مف فرؽ بيف ما جمع رسوؿ اهلل ( ثـ تابعو بعد
عمر فمـ يمتفت أبو بكر إلى مشورة إذ كاف عنده حكـ رسوؿ اهلل (( )في الذيف
فرقوا بيف الصبلة والزكاة وأرادوا تبديؿ الديف وأحكامو وقاؿ النبي ( )مف بدؿ
(ٔ)
وعمر بف الخطاب (رضي اهلل عنو) كاف كثي اًر ما يستشير دينو فاقتموه .
أصحابو ,فورد في صحيح مسمـ أف عمر استشار الناس في حد الخمر ,فقاؿ
(ٕ)
عبدالرحمف :أخؼ الحدود ثمانيف ,فأمر بو عمر .
وكذلؾ عثماف بف عفاف (رضي اهلل عنو) فقد استشار الناس في أمور كثيرة
منيا جمع األمة عمى مصحؼ واحد خوفاً مف الفرقة ,قاؿ عنو عمي (رضي اهلل
عنو) (( :ال تقولوا في عثماف إال خي اًر ,فواهلل ما فعؿ الذي فعؿ في
المصاحؼ إال عف ٍ
مؤل منا ))(ٖ) .
وعمي بف أبي طالب (رضي اهلل عنو) كاف يسمؾ مسمكيـ ويستشير أصحابو
في أمور األمة ,ومنيا حربو لمخوارج ,وخروجو إلى الجمؿ وصفيف .
ــــــــ ـ
(ٔ) المرجع نفسو ,المدرؾ نفسو .
(ٕ) كتاب الحدود ,حديث رقـ . ٔٚٓٙ
(ٖ) ابف حجر ,فتح الباري . ٔٛ/ٜ
19 نطام احلكم يف االسالم
حكـ الشورى
(ٔ)
ىما -: اختمؼ العمماء في حكـ الشورى عمى قوليف
القوؿ األوؿ
وىو قوؿ جميور الفقياء ,ومنيـ المالكية والحنفية ,والقوؿ الصحيح في
(ٕ)
,وقالوا انيا واجبة عمي االماـ. مذىب الشافعي
فالشورى مف قواعد الشريعة وعزائـ األحكاـ ,ومف ال يستشير أىؿ العمـ والديف
(ٖ)
فعزلو واجب ,وىذا مما ال خبلؼ فيو .
يقوؿ االماـ الشوكاني في تفسيره :,واجب عمى الوالة مشاورة العمماء فيما ال
يعمموف ,وفيما أشكؿ عمييـ مف أمور الدنيا ,ومشاورة وجوه الجيش فيما يتعمؽ
بالحرب ,ووجوه الناس فيما يتعمؽ بالمصالح ,ووجوه الكتاب والعماؿ والوزراء
(ٗ)
فيما يتعمؽ بمصالح الببلد وعمارتيا .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :ابف كثير ,تفسير القرآف العظيـ ٔ. ٕٗٔ/
(ٕ) انظر :النووي ,شرح صحيح مسمـ ٗ . ٚٙ/وانظر د .أحمد العوضي ,الحقوؽ السياسية لمرعية ص
ٕ. ٔٛ
(ٖ) الجامع ألحكاـ القرآف ٗ. ٔٙٔ/
(ٗ) فتح القدير ٔ. ٖٜٗ/
21 نطام احلكم يف االسالم
ٔ -قولو تعالي {فبما رحمة مف اهلل لنت ليـ ولو كنت فظاً غميظ القمب
النفضوا مف حولؾ فاعؼ عنيـ واستغفر ليـ وشاورىـ في األمر فإذا
(ٔ)
عزمت فتوكؿ عمى اهلل إف اهلل يحب المتوكميف}
أف (شاورىـ في األمر) أمر واألمر يدؿ عمى الوجوب ,ما لـ ترد قرينة تصرفو
(ٕ)
مف اإليجاب إلى الندب .
ٕ -إذا كاف األمر بالشورى لرسوؿ اهلل (( )وىو الذي ال ينطؽ عف اليوى
,أمره اهلل سبحانو وتعالى أف يستشير أصحابو ,فالشورى في حؽ غيره مف
الحكاـ واألمراء أوجب .
ٖ -أف اهلل سبحانو وتعالى قرف الشوري بالصبلة في قولو {والذيف استجابوا لربيـ
وأقاموا الصبلة وأمرىـ شورى بينيـ } وىذا يدؿ عمى أف حكميا حكـ الصبلة وىو
الوجوب .
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة آؿ عمراف ,اآلية . ٜٔ٘
(ٕ) التفسير الكبير ,الفخر الرازي .ٙٚ/ٜوانظر :النظاـ السياسي في اإلسبلـ ,لمحمد عبد القادر أبي
فارس صٜٛ
21 نطام احلكم يف االسالم
القوؿ الثاني
وىو قوؿ الشافعي وقتادة والربيع بف إسحاؽ ,وبو جزـ أبو نصر القشيري
(ٔ)
وقالوا بأنيا مندوبة. ,ورجحو ابف حجر
ٔ -أف األمر في المغة ال يفيد الوجوب إال إذا دلت قرينة عمى ذلؾ .
(ٕ)
ٕ -أف األمر لرسوؿ اهلل (( )بمشاورة أصحابو إنما ىو لتطييب قموبيـ.
مف ىذا يتبيف أف القوؿ بالوجوب ىو القوؿ الراجح ,ويدؿ عميو الراي الراجح
فعؿ رسوؿ اهلل (( )وصحابتو مف بعده .
ــــــــ ـ
(ٔ) فتح الباري ٖٔ. ٖٗٔ/
(ٕ) ابف كثير ,تفسير القرآف العظيـ ٔ. ٕٗٔ/
22 نطام احلكم يف االسالم
فوائد الشورى
ٔ -الكشؼ عف الكفاءات والقدرات ,وبيا يظير األكفاء وتستفيد األمة مف
كفاءتيـ.
صفات المستشار
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :النظاـ السياسي في اإلسبلـ لمحمد عبد القادر أبو فارس ص . ٜٛ-ٛٙ
(ٕ) القرطبي ,الجامع ألحكاـ القرآف ٗ. ٔٙٔ/
23 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
قاؿ سفياف الثوري :ليكف أىؿ مشورتؾ أىؿ التقوى واألمانة .
ومف ىذه األقواؿ وغيرىا يمكف استنباط صفات المستشار العامة عمى النحو
التالي -:
نطاؽ الشورى
مف المعموـ أف الشورى أمر اجتيادي ,وال اجتياد فيما فيو نص مف كتاب
اهلل سبحانو وتعالى ,أو سنة رسولو محمد (( , )ولقد فيـ صحابة رسوؿ اهلل
(( )ىذا األساس لمشورى ,فقد كانوا يسألوف رسوؿ اهلل (( )عندما يعرض
عمييـ الشورى ,أىو وحي ,أـ ىو اجتياد مف رسوؿ اهلل (( )؟ واذا تقرر أنو
اجتياد أشاروا عميو برأييـ .
ولقد استشار رسوؿ اهلل (( )صحابتو في أمور كثيرة ,منيا أمور
الحرب ,واألسرى ,وحتى أنو (( )استشارىـ في أمر أىمو لما حصمت حادثة
اإلفؾ .
ــــــــ ـ
(ٔ) القرطبي ,الجامع ألحكاـ القرآف ٗ. ٔٙٔ/
24 نطام احلكم يف االسالم
وقد ثبت عف بعض الخمفاء (رضي اهلل عنيـ) المشاورة في األحكاـ ,
كما شاور عمر بف الخطاب (رضي اهلل عنو) في حد الخمر كما في صحيح
(ٔ)
مسمـ ,فقاؿ عبدالرحمف :أخؼ الحدود ثمانيف ,فأمر بو عمر .
لذلؾ فاف قولو تعالي {وشاورىـ في األمر} بياف لنطاؽ الشورى ,وىو كممة
(األمر) وىي عامة بمعنى :أي أمر يرد عميؾ فيما يشاور في مثمو ,والمراد
(ٕ)
ىنا المشاورة في غير األمور التي يرد بيا الشرع .
ــــــــ ـ
(ٔ) كتاب الحدود ,حديث رقـ . ٔٚٓٙ
(ٕ) انظر :الشوكاني ,فتح القدير ٔ. ٖٜٖ/
25 نطام احلكم يف االسالم
ثانياً :العػػػػدؿ
وفي االصطبلح :ىو الحكـ بيف الناس بالحؽ وعدـ الجور أو الميؿ في الحكـ
أوجب اهلل سبحانو وتعالى العدؿ عمى والة المسمميف ,ولقد تضافرت األدلة مف
الكتاب والسنة عمى وجوب العدؿ ,ومنيا عمى سبيؿ المثاؿ ما يمي -:
ٔ -قولو تعالي {إف اهلل يأمر بالعدؿ واإلحساف وايتاء ذي القربى وينيى عف
(ٕ)
. الفحشاء والمنكر والبغي يعظكـ لعمكـ تذكروف}
ٕ -قولو تعالي {إف اهلل يأمركـ أف تؤدوا األمانات إلى أىميا واذا حكمتـ بيف
(ٖ)
. الناس أف تحكموا بالعدؿ}
(ٔ)
,والقسط ىو العدؿ . ٖ -قولو تعالي {قؿ أمر ربي بالقسط }
ــــــــ ـ
(ٔ) الجوىري ,الصحاح ٘. ٔٚٙٓ,ٔٚٙٔ/
(ٕ) سورة النحؿ ,اآلية ٓ. ٜ
(ٖ) سورة النساء ,اآلية . ٘ٛ
26 نطام احلكم يف االسالم
ٖ -مف السنة ما روي عف أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عف النبي (()
قاؿ (( :ما مف أمير عشيرة إال يؤتى بو يوـ القيامة مغموال ال يفكو إال
(ٕ)
. العدؿ أو يوبقو الجور))
ٗ -ما روي عف أبي ذر عف النبي (( )فيما روى عف اهلل (تبارؾ
وتعالى) أنو قاؿ (( :يا عبادي إني حرمت الظمـ عمى نفسي وجعمتو
(ٖ)
. بينكـ محرما فبل تظالموا )) ...
٘ -وما ورد في صحيح مسمـ أيضاً عف جابر بف عبد اهلل (رضي اهلل عنو)
أف رسوؿ اهلل (( )قاؿ (( :اتقوا الظمـ فإف الظمـ
ظممات يوـ القيامة واتقوا الشح فإف الشح أىمؾ مف كاف قبمكـ حمميـ عمى
(ٗ)
. أف سفكوا دماءىـ واستحموا محارميـ))
مف ذلؾ يتبيف باف اهلل سبحانو وتعالى أوجب العدؿ لتستقيـ الحياة ويأمف
الناس ,وتنتظـ أمور دينيـ ودنياىـ ,ولـ يقتصر األمر بالعدؿ في النظاـ
اإلسبلمي مع األصدقاء فقط ,بؿ جاء األمر بالعدؿ حتى مع األعداء ,كما
في قولو سبحانو { يا أييا الذيف آمنوا كونوا قواميف هلل شيداء بالقسط وال
ــــــــ ـ
=
(ٔ) سورة األعراؼ ,اآلية . ٕٜ
(ٕ) المسند برقـ ٓ( ٜٕٜترقيـ إحياء التراث) .
(ٖ) كتاب البر والصمة ,حديث رقـ . ٕ٘ٚٚ
(ٗ) كتاب البر والصمة ,حديث رقـ . ٕ٘ٚٛ
27 نطام احلكم يف االسالم
يجرمنكـ شنآف قوـ عمى أال تعدلوا اعدلوا ىو أقرب لمتقوى واتقوا اهلل إف خبير بما
(ٕ) (ٔ)
أي ال يحممنكـ بغض قوـ عمى ترؾ العدؿ فييـً . تعمموف}
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة المائدة ,اآلية . ٛ
(ٕ) ابف كثير ,تفسير القرآف العظيـ ٕ. ٖٔ/
28 نطام احلكم يف االسالم
ثالثاً :المساواة
ولقد جاء القرآف الكريـ معمناً ىذا المبدأ ,كما في قولو تعالى { يا أييا الناس إنا
(ٔ)
خمقناكـ مف ذكر وأنثى وجعمناكـ شعوباً وقبائؿ لتعارفوا }...
ووجو المساواة بيف الناس ىو أف اهلل سبحانو وتعالى خمقيـ مف أصؿ واحد مف
ذكر وأنثى ,فكميـ يرجعوف إلى آداـ وحواء .
وجاء رسوؿ اهلل (( )يؤكد ىذا المبدأ في المساوة حيث خطب وسط أياـ
التشريؽ فقاؿ (( :يا أييا الناس أال إف ربكـ واحد ,واف أباكـ واحد ,أال ال
فضؿ لعربي عمى أعجمي ,وال لعجمي عمى عربي ,وال ألحمر عمى أسود ,
(ٕ)
. وال أسود عمى أحمر ,إال بالتقوى ,أبمغت ؟ ))...
ولقد أنكر رسوؿ اهلل (( )عمى أبي ذر عندما عير رجبلً بأمو ,كما في
صحيح البخاري عف المعرور بف سويد قاؿ :لقيت أبا ذر بالربذة ,وعميو حمة
وعمى غبلمو حمة ,فسألتو عف ذلؾ ,فقاؿ :إني ساببت رجبل فعيرتو بأمو ,
فقاؿ لي النبي (( (( : )يا أبا ذر أعيرتو بأمو إنؾ امرؤ فيؾ جاىمية إخوانكـ
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة الحجرات ,اآلية ٖٔ .
(ٕ) أخرجو اإلماـ أحمد في المسند ,رقـ ( ٕٕٜٚٛترقيـ إحياء التراث) .
29 نطام احلكم يف االسالم
خولكـ جعميـ اهلل تحت أيديكـ فمف كاف أخوه تحت يده فميطعمو مما يأكؿ
(ٔ)
. وليمبسو مما يمبس وال تكمفوىـ ما يغمبيـ فإف كمفتموىـ فأعينوىـ))
كما أنكر رسوؿ اهلل (( )التمايز باألحساب والتفاخر بيا ,ووصؼ ذلؾ
أنو مف عمؿ الجاىمية ,كما في صحيح مسمـ عف أبي مالؾ األشعري أف النبي
(( )قاؿ (( :أربع في أمتي مف أمر الجاىمية ال يتركونيف :الفخر في
األحساب ,والطعف في األنساب ,واالستسقاء بالنجوـ ,والنياحة ,وقاؿ النائحة
إذا لـ تتب قبؿ موتيا تقوـ يوـ القيامة وعمييا سرباؿ مف قطراف ودرع مف
(ٕ)
. جرب))
ــــــــ ـ
(ٔ) كتاب اإليماف ,حديث رقـ ٖٓ .
(ٕ) كتاب البر والصمة ,حديث رقـ ٖٗ. ٜ
31 نطام احلكم يف االسالم
سوي اهلل بيف العباد في التكاليؼ الشرعية فكميـ يعبدوف رباً واحداً ,ليـ
كتاب واحد ,ورسوؿ واحد ,وقد كمفوا مف الشريعة بتكاليؼ موحدة ال تمييز
بيف عربي وعجمي ,وال أحمر وأسود ,وال أمير و وزير .فكميـ يصموف
خمس مرات في اليوـ مستقبميف قبمة واحدة ,وكميـ يصوموف شي اًر واحداً ىو
شير رمضاف المبارؾ (,مف طموع الفجر إلى غروب الشمس) ,وتتجمى ىذه
المساواة عندما يقفوف في الحج بصعيد واحد بمباس واحد يدعوف رباً واحداً ,
عمى اختبلؼ أجناسيـ ,وألوانيـ ,ولغاتيـ .
-2المساواة في الحدود
ال فرؽ في النظاـ السياسي في اإلسبلـ بيف غني وفقير ,ومأمور و أمير ,
وشريؼ وضعيؼ ,في إقامة حدود اهلل وتنفيذ أحكامو كما ىي الحاؿ عند بعض
األمـ والشعوب كما أخبر بذلؾ رسوؿ اهلل (( )عف حاؿ الييود بقولو (( :يا
أييا الناس ,إنما ضؿ مف قبمكـ أنيـ كانوا إذا سرؽ فييـ الشريؼ تركوه ,واذا
سرؽ فييـ الضعيؼ أقاموا عميو الحد .وايـ اهلل ,لو أف فاطمة بنت محمد
(ٔ)
. سرقت لقطع محمد يدىا))
ــــــــ ـ
(ٔ) سبؽ تخريج الحديث .
31 نطام احلكم يف االسالم
وفي جانب المساواة في الحدود يقوؿ تعالى {وكتبنا عمييـ فييا أف النفس
بالنفس والعيف بالعيف واألنؼ باألنؼ واألذف باإلذف والسف بالسف والجروح
(ٔ)
. قصاص}
-3المساواة في الجزاء
الناس في الجزاء عمى أعماليـ سواء {فمف يعمؿ مثقاؿ ذرة خي اًر يره ومف
(ٕ)
,و (مف يعمؿ) تفيد العموـ أياً كاف ىذا العامؿ ذك اًر يعمؿ مثاؿ ذرة ش اًر يره}
أو أنثى ,ح اًر أو عبداً ,عربياً أو أعجمياً ...الخ .
-4المساواة في المسئولية
يدؿ عمى ىذا الجانب مف المساواة ما روي عف ابف عمر (رضي اهلل عنيما)
قاؿ :سمعت رسوؿ اهلل (( )يقوؿ (( :كمكـ راع ,وكمكـ مسئوؿ عف رعيتو,
اإلماـ راع ومسئوؿ عف رعيتو ,والرجؿ راع في أىمو وىو مسئوؿ عف رعيتو,
والمرأة راعية في بيت زوجيا ومسئولة عف رعيتيا ,والخادـ راع في ماؿ سيده
(ٖ) .
ومسئوؿ عف رعيتو))
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة المائدة ,اآلية ٘ٗ .
(ٕ) سورة الزلزلة ,اآليتاف . ٚ,ٛ
(ٖ) كتاب الجمعة ,حديث رقـ . ٖٜٛ
32 نطام احلكم يف االسالم
رابعاً :الحرية
الحرية نعمة مف نعـ اهلل عز وجؿ إلى اإلنساف ,واذا مورست عمى وجييا
الصحيح وفؽ ما رسمو اهلل كانت سبباً فى سعادة اإلنساف فى الدنيا واآلخرة
واإلنساف فى حياتو يتمتع بدائرة خاصة مف التفكير واالختيار الحر الذى تؤلؼ
حقيقتو كموجود بشرى ,ومف ىذه الحريات التي اودعيا اهلل لعباده ما يمي :
-1حرية العقيدة
فبل يجوز ألحد أف يكره أحداً عمى اعتناؽ الديف ,قاؿ تعالى "" ال إكراه فى
(ٕ)
الديف قد تبيف الرشد مف الغي "
واذا كػاف الػديف فػػى حيػاة اإلنسػاف لػػو كػؿ ىػػذه األىميػة الكبػرى ولػػو ىػذا األثػػر
أصيبل لئلنسػاف ال يجػوز
ً البالغ فى تشكيؿ حياتو وصياغة سموكو ,فإنو ُيعد حقًّا
بأي شكؿ مف األشكاؿ.
ألحد أف يعتدى عميو ٍّ
ومف أجؿ ذلؾ يرسـ القرآف الكػريـ المػنيج الػذى يجػب االلتػزاـ بػو فػى الػدعوة إلػى
ظ ِػة اْلحس َػن ِة وج ِ يؿ رٍّب َ ِ ِ ِِ ِِ
ػادْليُـ ؾ بِاْلح ْك َمػة َواْل َم ْو ِع َ َ َ َ َ الديف فى قولو تعالىْ ( :ادعُ إلى َسب َ
بِالَّتِي ِى َي أ ْ
(ٔ)
َح َس ُف )
ولـ يمجأ اإلسبلـ إطبلقًا إلى إجبار اآلخريف مف أصػحاب الػديانات األخػرى عمػى
الدخوؿ فى اإلسبلـ ,وذلػؾ كمػو يػأتى انطبلقًػا مػف مبػدأ ثابػت فػى شػريعة اإلسػبلـ
ــــــــ ـ
(ٕ)
سورة البقرة مف اآلية ( .) ٕ٘ٙ
(ٖ) .د /صبى عبده سعيد -اإلسبلـ وحقوؽ اإلنساف صػ .ٜٔٓ * ٜٚط مطبعة
جامعة القاىرة
33 نطام احلكم يف االسالم
" وال تجسسوا " وآنت تجسست عمينا ويقوؿ سبحانو " واتوا البيوت مف أبوابيا
" وآنت صعدت إلينا مف الجدار ويقوؿ سبحانو " فبل تدخموىا حتى يؤذف لكـ
" وآنت تفعؿ ذلؾ فعفا عنيـ
-3حرية الرأي
وىى التى تكوف بإظيار ما في الفكػر وذلػؾ بػالكبلـ أو الكتابػة ,أو غيػر
ذلؾ مف وسائؿ التعبير , ،ويدؿ عمي ذلؾ ما رواه أنس قال :قال رسولل
اهلل « :ثالث منجيات ،خشية اهلل في السر لالعالنية ،لالقصد في الفقر
لالغنو ،،للمموة ال و فوي الغلووا لالرلوا ،لثوالث ممملووات شو م ووا ،
لهلى متبع لاعجاا المرء بنفسه».
لذلؾ فاف الشريعة االسبلمية أوجبت عمى مف استوفى شروط االجتياد أف
(ٕ)
يجتيد واذا اجتيد فأصاب فمو أجراف واف أخطأ فمو أجر واحد
ــــــــ ـ
(ٔ)
سورة النحؿ مف اآلية ٕ٘ٔ
(ٕ)
د /محمد عمى محجوب -تاريخ التشريع اإلسبلمي صػ .ٜٔٓ
35 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الرابع
الربانية
النظاـ السياسي في اإلسبلـ يتميز بأنػو نظػاـ ربػاني ,والربانيػة فػي ىػذا النظػاـ
تعني أمريف :ربانية المصدر وربانية الوجية .
ونقصػػد بربانيػػة الرباني ػة المصػػدر أف مصػػدر ىػػذا النظػػاـ مػػف الػػرب سػػبحانو
وتعالى حيث أنزلو في كتابو ,ويؤكد ىذا ما ورد في قولو سبحانو :
(ٔ)
{ ومف لـ يحكـ بما أنزؿ اهلل فأولئؾ ىـ الكافروف }
(ٕ)
وقولو { ومف لـ يحكـ بما أنزؿ اهلل فأولئؾ ىـ الظالموف }
(ٖ)
وقولو { ومف لـ يحكـ بما أنزؿ اهلل فأولئؾ ىـ الفاسقوف }
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة المائدة ,اآلية ٗٗ .
(ٕ) سورة المائدة ,اآلية ٘ٗ .
(ٖ) سورة المائدة ,اآلية . ٗٚ
36 نطام احلكم يف االسالم
ٔ -العصػػمة مػػف التنػػاقض { .ولػػو كػػاف مػػف عنػػد غيػػر اهلل لوجػػدوا فيػػو اختبلف ػاً
كثي اًر}(ٔ).
ٕ -البراءة مف التحيز ,والتحيز ىػو الميػؿ لمصػمحة طائفػة مػف البشػر ,أو لبمػد
دوف آخر.
ٖ -االحتػراـ وسػػيولة االنقيػػاد { .فػػبل وربػػؾ اليؤمنػػوف حتػػى يحكمػػوؾ فيمػػا شػػجر
بينيـ ثـ ال يجدوا في أنفسيـ حرجاً مما قضيت ويسمموا تسميماً }(ٕ) .
ٗ -التحػ ػػرر مػ ػػف عبوديػ ػػة اإلنسػ ػػاف لئلنسػ ػػاف .العبوديػ ػػة ىػ ػػي الػ ػػذؿ والخضػ ػػوع
واالنقيػػاد ,بمعنػػي أف السػػادة قػػد ُي َحٍّرمػػوف عمػػى أتبػػاعيـ مايشػػاؤوف ويحممػػوف
ليػػـ مػػا يشػػاؤوف .أمػػا فػػي اإلسػػبلـ فالمشػػرع ىػػو اهلل ,فػػبل خضػػوع إال هلل ,
وال عبودية إال لو سبحانو .
وىو أف يبتغي اإلنساف بعممو المولي عز وجؿ ,فاإلنساف المسمـ ىػو الػذي
تكػػوف أعمالػػو كميػػا هلل سػػبحانو وتعػػالى كمػػا فػػي قولػػو سػػبحانو { قػػؿ إف صػػبلتي
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة النساء ,اآلية ٕ. ٛ
(ٕ) سورة النساء ,اآلية ٘. ٙ
37 نطام احلكم يف االسالم
ونسػ ػكي ومحي ػػاي ومم ػػاتي هلل رب الع ػػالميف ال شػ ػريؾ ل ػػو وب ػػذلؾ أم ػػرت وأن ػػا أوؿ
المسمميف }(ٔ) .
ىكػذا يعمػػف اإلنسػاف المػػؤمف توجيػو هلل سػػبحانو وتعػالى فػػي جميػع أمػػوره ,
ومف جممتيا منيجو السياسي الذي يسير عميو مخمصاً في ذلؾ ,ومما يدؿ عمى
ذلؾ ما روي عف أبػي ىريػرة عػف النبػي (( )قػاؿ (( :سػبعة يظميػـ اهلل فػي ظمػو
يوـ ال ظؿ إال ظمو اإلماـ العادؿ وشاب نشأ في عبادة ربو ورجؿ قمبػو معمػؽ فػي
المساجد ورجبلف تحابا في اهلل اجتمعػا عميػو وتفرقػا عميػو ورجػؿ طمبتػو امػرأة ذات
منصب وجماؿ فقاؿ إني أخػاؼ اهلل ورجػؿ تصػدؽ أخفػى حتػى ال تعمػـ شػمالو مػا
تنفؽ يمينو ورجؿ ذكر اهلل خاليا ففاضت عيناه))(ٕ) .
ومػػا روي عػػف أبػػي سػػعيد قػػاؿ قػػاؿ رسػػوؿ اهلل (( (( : )إف أحػػب النػػاس
إلػػى اهلل يػػوـ القيامػػة وأدنػػاىـ منػػو مجمسػػا إمػػاـ عػػادؿ ,وأبغػػض النػػاس إلػػى اهلل
(ٖ)
وأبعدىـ منو مجمسا إماـ جائر )) .
وما روي عف معقؿ بف يسار (رضي اهلل عنو) قػاؿ سػمعت النبػي (( )يقػوؿ:
(ٗ)
((ما مف عبد استرعاه اهلل رعية فمـ يحطيا بنصػيحة إال لػـ يجػد رائحػة الجنػة))
.
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة األنعاـ ,اآليتاف ٖ. ٕٔٙ,ٔٙ
(ٕ) الجامع الصحيح ,كتاب األذاف ,حديث رقـ ٓ. ٙٙ
(ٖ) كتاب األحكاـ ,حديث رقـ . ٖٕٜٔ
(ٗ) كتاب األحكاـ ,حديث رقـ ٓ٘ٔ. ٚ
38 نطام احلكم يف االسالم
وفي رواية أخرى ق ػػاؿ رسوؿ اهلل (((( : )ما مػف واؿ يمػي رعيػة مػف المسػمميف
(ٔ)
. فيموت وىو غاش ليـ إال حرـ اهلل عميو الجنة))
العالمية
النظاـ اإلسبلمي نظاـ عالمي يتميز بعالمية الزماف وعالمية المكاف ,فعالميػة
الزماف تعني أنيا صالحة إلػى قيػاـ السػاعة ,وعالميػة المكػاف تعنػي أنيػا صػالحة
عمػػى أي جػػزء مػػف أج ػزاء االرض .فيػػي صػػالحة لمنػػاس جمػػيعيـ عمػػى اخػػتبلؼ
أجناسيـ ولغاتيـ ,ولقد جاءت اآليات واألحاديػث ببيػاف ىػذه الصػفة ,ومػف ذلػؾ
-:
وقاؿ تعالي { قؿ يا أييا الناس إني رسوؿ اهلل إليكـ جميعاً }(ٖ) .
ومف السنة ما ورد عف جابر بف عبداهلل (رضي اهلل عنو) أف النبػي (()
ق ػػاؿ ((:أعطي ػػت خمسػ ػاً ل ػػـ يعطي ػػف أح ػػد قبم ػػي ,نص ػػرت بالرع ػػب مس ػػيرة ش ػػير,
وجعمت لي األرض مسجداً وطيو اًر ,فأيما رجؿ مف أمتي أدركتو الصبلة فميصؿ,
ــــــــ ـ
(ٔ) كتاب األحكاـ ,حديث رقـ ٔ٘ٔ. ٚ
(ٕ) سورة القمـ ,اآلية ٕ٘ .
(ٖ) سورة األعراؼ ,اآلية . ٔ٘ٛ
(ٗ) سورة األنبياء ,اآلية . ٔٓٙ
39 نطام احلكم يف االسالم
وأحمػػت لػػي المغػػانـ ولػػـ تحػػؿ ألحػػد قبمػػي ,وأعطيػػت الشػػفاعة ,وكػػاف النبػػي يبعػػث
إلى قومو خاصة وبعثت إلى الناس عامة ))(ٔ) .
وعػػف تمػػيـ الػػداري (رضػػي اهلل عنػػو) قػػاؿ سػػمعت رسػػوؿ اهلل (( )يقػػوؿ :
(ٖ)
(( ليػػبمغف ىػػذا األمػػر مػػا بمػػغ الميػػؿ والنيػػار وال يتػػرؾ اهلل بيػػت مػػدر(ٕ) وال وبػػر
إال أدخمػػو اهلل ىػػذا الػػديف بعػػز عزيػػز أو بػػذؿ ذليػػؿ ع ػ از يعػػز اهلل بػػو اإلسػػبلـ وذال
يذؿ اهلل بو الكفر )) (ٗ).
ومما يدؿ عمى عالمية ىذا الديف أنو آخر األدياف وال ديف بعده فبل بػد أف
يكػػوف صػػالحاً لكػػؿ زمػػاف ومكػػاف إلػػى قيػػاـ السػػاعة .وكمػػا أف المصػػدر األصػػمي
ليػػذا الػػديف بقػػي سػػميماً لػػـ تمسػػو يػػد التحريػػؼ والتبػػديؿ لػػدليؿ قػػاطع أيض ػاً عمػػى
عالمية ىذا الديف وأنظمتو باختبلؼ أنواعيا .
الشموؿ
النظاـ السياسي في اإلسبلـ لـ يأت قاص اًر عمى ما ييـ الحاكـ ,أو عمى ما ييػـ
المحك ػػوـ ,ب ػػؿ ج ػػاء ش ػػامبلً لك ػػؿ م ػػا يحتاج ػػو النظ ػػاـ م ػػف بي ػػاف لواجب ػػات األمي ػػر
وحقوقػػو ,وواجب ػػات المػػأمور وحقوق ػػو ,وجػػاء النظ ػػاـ اإلسػػبلمي أيضػ ػاً بمػػا ي ػػنظـ
ــــــــ ـ
(ٔ) أخرجو البخاري ,الجامع الصحيح ,كتاب التيمـ ,حديث رقـ ٖٕٖ .ومسمـ ,كتاب المساجد ومواضع
الصبلة ,حديث رقـ ٓٔ . ٛوىذا لفظ البخاري .
(ٕ) المدر ىو الطيف اليابس ,وىـ أىؿ القرى واألمصار .
(ٖ) الوبر ىو الصوؼ أو الشعر ,وىـ أىؿ البادية .
(ٗ) أخرجو اإلماـ أحمد في مسنده ,حديث رقـ ( ٜٔٙ٘ٓترقيـ إحياء التراث) .
41 نطام احلكم يف االسالم
عبلقػ ػػة الدول ػ ػة اإلسػ ػػبلمية بغيرىػ ػػا مػ ػػف األمػ ػػـ والشػ ػػعوب ,مػ ػػف المسػ ػػمميف وغيػ ػػر
المسمميف .
ويدؿ عمى ىذا الشموؿ قولو تعالي{ :ونزلنا عميؾ الكتاب تبياناً لكػؿ شػيء وىػدى
(ٔ)
ورحمة وبشرى لممسمميف}
قاؿ ابف الجوزي في تفسير ىذه اآلية :اف الق اّرف بياف لكػؿ شػيء مػف أمػور الػديف
,إمػػا بػػالنص عميػػو ,أو باإلحالػػة إلػػى مػػا يوجػػب العمػػـ ,مثػػؿ بيػػاف رس ػػوؿ اهلل
(ٕ)
. (( )أو إجماع المسمميف
(ٖ)
, وقولو تعالي { :ما فرطنا في الكتاب مف شيء }
قػػاؿ ابػػف سػػعدي فػػي تفسػػيره :مػػا أىممنػػا وال أغفمنػػا فػػي المػػوح المحفػػوظ شػػيئاً مػػف
األشػػياء .ويحتمػػؿ أف الم ػراد بالكتػػاب ,ىن ػا الق ػرآف ,وأف المعنػػى كػػالمعنى فػػي
قولو تعالى {ونزلنا عميؾ الكتاب تبياناً لكؿ شيء} ))ٗ .
ومما يػدؿ عمػى ىػذا الشػموؿ أيضػاً مػا ورد عػف أبػي ذر (رضػي اهلل عنػو)
قاؿ :لقد تركنا محمد (( )وما يحرؾ طػائر جناحيػو فػي السػماء إال أذكرنػا منػو
ٔ
عمما))( ).
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة النحؿ ,اآلية . ٜٛ
(ٕ) زاد المسير ٗ. ٕٗٛ/
(ٖ) سورة األنعاـ ,اآلية . ٖٛ
(ٗ) تيسير الكريـ الرحمف في تفسير كبلـ المناف ٕ. ٖٜٙ/
41 نطام احلكم يف االسالم
الواقعية
ٔ -اإلتياف باألنظمة والتشريعات السياسية الممكنة التطبيؽ في واقع البشر .
ٕ -النظػػر إلػػى الحػػاكـ عمػػى أنػػو بشػػر لػػو حقوقػػو وعميػػو واجباتػػو ,وعػػدـ التجػػاوز
في حقوقو إلى ما ليس لو .
ٖ -النظػػر إلػػى المحكػػوـ عمػػى أنػػو بشػػر لػػو حقوقػػو وعميػػو واجباتػػو ,وعػػدـ بخسػػو
مف الحقوؽ التي تجب لو.
ويػػدؿ عمػػى ذلػػؾ مػػا قالػػو ربعػػي بػػف عػػامر (رضػػي اهلل عنػػو) (( اهلل ابتعثنػػا لنخػػرج
مف شاء مف عبادة العباد إلى عبادة اهلل ,ومف ضيؽ الدنيا إلى سعتيا . )ٕ()).
الوسطية
الوس ػػط ى ػػو الخي ػػار األج ػػود ,وك ػػاف رس ػػوؿ اهلل (( )وس ػػطاً ف ػػي قوم ػػو ,أي
أشرفيـ نسباً ,وقيؿ الوسط العدؿ (ٖ).
ــــــــ ـ
=
(ٔ) أخرجو اإلماـ أحمد في مسنده ,حديث رقـ ٗ٘( ٕٓٛترقيـ إحياء التراث) .
(ٕ) وكاف ذلؾ في معركة القادسية عندما بعثو سعد بف أبي وقاص (رضي اهلل عنو) ,انظر ابف كثير ,
البداية والنياية . ٖٜ / ٚ
(ٖ) ابف كثير ,تفسير القرآف العظيـ ٔ . ٜٔٔ /
42 نطام احلكم يف االسالم
جػػاء اإلسػػبلـ وسػػطا فػػي عقيدتػػو ,وسػػطا فػػي شػريعتو بػػيف الغمػػو والتقصػػير ,
وكػػذلؾ وسػػطا فػػي أنظمت ػو ومػػف جممتيػػا النظػػاـ السياسػػي فػػي اإلسػػبلـ ,فػػبل ىػػو
نظاـ دكتاتوري ,والنظاـ ُمفٍَّرط ,وبيذا كاف خير نظاـ عرفتو البشرية.
لقد وصؼ اهلل سبحانو وتعالى ىذه األمة بالوسطية كما في قولػو سػبحانو وتعػالى
{وكػػذلؾ جعمنػػاكـ أمػػة وسػػطاً لتكون ػوا شػػيداء عمػػى النػػاس ويكػػوف الرسػػوؿ عمػػيكـ
شييداً }(ٕ) .
ــــــــ ـ
(ٔ) الجامع ألحكاـ القرآف ٕ. ٔٓٗ/
(ٕ) سورة البقرة ,اآلية ٖٗٔ .
43 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :د .سميماف بف قاسـ العيد النظاـ السياسي االسبلمي ص ٙٚ
(ٕ) انظر :الجوىري ,الصحاح ٗ , ٖٔ٘ٙ /مادة [خمؼ] .وابف منظور ,لساف العرب , ٛٙ , ٛ٘/ٜ
مادة [خمؼ] ,والفيروز أبادي ,القاموس المحيط ٖ , ٖٔٚ /مادة [خمؼ] .
(ٖ) مقدمة ابف خمدوف ص ٖٔٔ .
(ٗ) األحكاـ السمطانية ص ٘ .
44 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
. لمصالح الديف والدنيا ))
وقد ُعرؼ ولي األمر في الدولة اإلسبلمية بعد رسوؿ اهلل (( )بعدة ألقاب
ىي :الخميفة ,وأمير المؤمنيف ,واإلماـ .
الخميفة :أوؿ مف لقب بالخميفة ىو أبو بكر الصديؽ (رضي اهلل عنو) ,فكانوا
(ٕ)
يسمونو خميفة رسوؿ اهلل ((. )
أمير المؤمنيف :أوؿ مف دعي بو عمر بف الخطاب (رضي اهلل عنو) ,فمما
توفي أبو بكر (رضي اهلل عنو) كانوا يسموف عمر بف الخطاب (رضي
اهلل عنو) خميفة خميفة رسوؿ اهلل (( , )فاستثقموا ذلؾ المقب بكثرتو
وطوؿ إضافتو ,ووافؽ أف دعا أحد المسمميف عمر (رضي اهلل عنو)
بػػ(يا أمير المؤمنيف) فاستحسنو الناس واستصوبوه ودعوه بو (ٖ).
اإلمػػػاـ :أوؿ مف اشتير بيذا المقب ىو أمير المؤمنيف عمي بف أبي طالب
(رضي اهلل عنو) .والذي خصو بو الشيعة تعريضاً بمذىبيـ في أنو
أحؽ بإمامة الصبلة مف أبي بكر الصديؽ (رضي اهلل عنو) ,وكذلؾ
جعموه لقباً لجميع أئمتيـ .
ــــــــ ـ
(ٔ) الخبلفة ص , ٔٚرئاسة الدولة في الفقو اإلسبلمي لمدكتور محمد رأفت عثماف ص . ٛٙ - ٜٙ
(ٕ) المقدمة البف خمدوف ,ص ٔ٘ٔ .
(ٖ) المرجع نفسو ,المدرؾ نفسو .
45 نطام احلكم يف االسالم
,كما يقتدي المأموـ باإلماـ ,وليذا يقاؿ :اإلمامة الكبرى ,تميي اًز عف
اإلمامة الصغرى ,كإمامة الصبلة والحج ونحوىا ,ولكف الخطأ أف يجعؿ
ىذا المقب خاصاً بأناس دوف آخريف ممف شغموا المنصب ,واألفضؿ أف
يقاؿ في حؽ عمي (رضي اهلل عنو) الخميفة أو أمير المؤمنيف بعداً عف
(ٔ)
ذلؾ التخصيص.
لقد ذكر اهلل سبحانو وتعالى (أولو األمر) في كتابو العزيز في قولو سبحانو{ :يا
(ٕ)
,وكما في أييا الذيف آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ وأولي األمر منكـ}
قولو سبحانو {واذا جاءىـ أمر مف األمف أو الخوؼ أذاعوا بو ولو ردوه إلى
(ٖ)
. الرسوؿ والى أولي األمر منيـ لعممو الذيف يستنبطونو منيـ}
لذلؾ اختمؼ المفسروف في معنى (أولي األمر) في اآلية عمى النحو التالي -:
ٔ -ىـ الفقياء والعمماء الذيف يعمموف الناس أموردينيـ ,قالو ابف عباس وجابر
(ٗ)
(رضي اهلل عنيـ) .
(ٔ)
ٕ -ىـ األمراء والوالة ,قالو أبو ىريرة (رضي اهلل عنو) .
ــــــــ ـ
(ٔ) المرجع نفسو ,المدرؾ نفسو .
(ٕ) سورة النساء ,اآلية . ٜ٘
(ٖ) سورة النساء ,اآلية ٖ. ٛ
(ٗ) البغوي ,معالـ التنزيؿ ٕ . ٕٖٜ/وابف كثير ,تفسير القرآف القرآف العظيـ ٔ . ٜ٘ٔ/والقرطبي ,الجامع
ألحكاـ القرآف ٘ . ٔٙٛ/وابف الجوزي ,زاد المسير ٕ.ٔٔٙ/
46 نطام احلكم يف االسالم
(ٕ)
ٖ -أبو بكر وعمر ,قالو عكرمة .
(ٖ)
ٗ -المياجروف واألنصار ,قالو عطاء .
والقوؿ األخير مف ىذه األقواؿ ىو القوؿ الراجح ,وىو اختيار ابف القيـ
رحمو اهلل حيث يقوؿ (( :والتحقيؽ أف اآلية تتناوؿ الطائفتيف (العمماء واألمراء)
وطاعتيـ مف طاعة الرسوؿ ,فكاف العمماء مبمغيف ألمر الرسوؿ ,واألمراء
(ٗ)
. منفذيف لو فحينئذ تجب طاعتيـ تبعا لطاعة اهلل ورسولو))
ــــــــ ـ
=
(ٔ) البغوي ,معالـ التنزيؿ ٕ . ٕٖٜ/والقرطبي ,الجامع ألحكاـ القرآف ٘ . ٔٙٚ/وابف الجوزي ,زاد
المسير ٕ. ٔٔٙ/
(ٕ) البغوي ,معالـ التنزيؿ ٕ . ٕٗٔ/والقرطبي ,الجامع ألحكاـ القرآف ٘ . ٔٙٛ/وابف الجوزي ,زاد
المسير ٕ. ٔٔٙ/
(ٖ) البغوي ,معالـ التنزيؿ ٕ. ٕٗٔ/
(ٗ) إعبلـ الموقعيف ٕ. ٕٗٓ/
47 نطام احلكم يف االسالم
أجمع الفقياء عمي القوؿ بأف نصب الخميفة واجب وقاؿ بو جميور األمة ,مف
لدف النبي (وحتي يومنا ىذا .
وفي ىذا قاؿ ابف حزـ :اتفؽ جميع أىؿ السنة وجميع الشيعة عمي نصب
(ٔ)
اإلمامة .
ٔ -قولو تعالي {يا أييا الذيف آمنوا أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ وأولي األمر
(ٕ)
.فطاعة ولي األمر -في غير معصية اهلل -واجبة بنص القرآف فإذا منكـ}
لـ يوجد الخميفة فممف تكوف الطاعة ؟
ٕ -يتوقؼ عمى نصب الخميفة كثير مف الواجبات ,كتنفيذ الحدود الشرعية ,
ورد المظالـ ,واقامة الجمع واألعياد ونحوىا .ومف المعموـ في القواعد الفقيية :
(ٖ)
ماال يتـ الواجب إال بو فيو واجب .
ٗ -أف الصحابة لما اختمفوا في السقيفة ,في َم ْف يكوف خميفة لممسمميف ,
أجمعوا بعد تداوؿ االّراء عمي تولي أبا بكر الصديؽ الخبلفة ,فموال أف
(ٗ)
الخبلفة واجبة لما ساغت تمؾ المحاورة والمناظرة عمييا .
ــــــــ ـ
(ٔ) الفصؿ في الممؿ واألىواء والنحؿ ٗ( . ٕٚ/مكتبة الخانجي بالقاىرة) .
(ٕ) سورة النساء ,اآلية . ٘ٛ
(ٖ) انظر :الييتمي ص . ٔٙطٖ (دار الكتب العممية ,بيروت ٔٗٔٗ ,ىػ) .
(ٗ) انظر :أبا يعمى الفراء ,األحكاـ السمطانية ص . ٜٔ
48 نطام احلكم يف االسالم
وىو قوؿ جميور أىؿ السنة ,ويشاركيـ فيو المعتزلة والخػوارج والمرجئػة
,ويس ػػتدلوف بم ػػا نق ػػؿ ع ػػف عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب (رض ػػي اهلل عن ػػو) لم ػػا ورد ف ػػي
صػػحيح البخ ػػاري ع ػػف عب ػػداهلل اب ػػف عمػػر رض ػػي اهلل عنيم ػػا ق ػػاؿ قي ػػؿ لعم ػػر أال
تستخمؼ قاؿ (( :إف أستخمؼ فقد استخمؼ مف ىو خير مني أبػو بكػر واف أتػرؾ
فقد ترؾ مف ىو خير مني رسوؿ اهلل (. )ٔ())
ويدؿ عمى ىذا القوؿ أيضاً أف النقػاش الػذي جػرى فػي سػقيفة بنػي سػاعدة
-وقد حضره كبار المياجريف واألنصار -لـ يػذكر فيػو أحػد أف رسػوؿ اهلل (()
استخمؼ ,ولو ذكر شيء مف ىذا لكاف حاسماً لمنقاش .
يقػػوؿ القرطبػػي فػػي ىػػذا :لػػو كػػاف عنػػد أحػػد مػػف الميػػاجريف واألنصػػار نػػص مػػف
النبػػي (( )عمػػى تعيػػيف أحػػد بعينػػو لمخبلفػػة لمػػا اختمف ػوا فػػي ذلػػؾ وال تفاوض ػوا
(ٕ)
فيو,وىذا قوؿ جميور أىؿ السنة.
ــــــــ ـ
(ٔ) أخرجو البخاري ,كتاب األحكاـ ,حديث رقـ . ٕٚٔٛ
(ٕ) ابف حجر ,فتح الباري . ٖٕ/ٚ
49 نطام احلكم يف االسالم
القوؿ الثاني :أنو نص عمي أبي بكر الصديؽ (رضي اهلل عنو)
وىػػو قػػوؿ بعػػض أىػػؿ السػػنة وجماعػػة أصػػحاب الحػػديث ,كالحسػػف البصػػري ,
(ٔ)
وابف حجر الييتمي ,واإلماـ أحمد في رواية عنو ,وغيرىـ مف الخوارج .
واستدؿ أصحاب ىذا القوؿ بأدلة منيا ما ورد في صحيح مسػمـ عػف محمػد بػف
جبير بف مطعـ عف أبيو أف امرأة سألت رسوؿ اهلل (( )شيئا ,فأمرىا أف ترجع
إليو ,فقالت :يا رسوؿ اهلل أرأيت إف جئت فمـ أجدؾ ؟ قػاؿ (( :فػإف لػـ تجػديني
فأتي أبا بكر)) (ٕ) .
ويػػرد عمػػييـ بػػأف ىػػذا الحػػديث لػػيس نص ػاً ألبػػي بكػػر بالخبلفػػة ,إنمػػا ىػػو
إخبار مف رسوؿ اهلل (( )لتمػؾ المػرأة بػأف حاجتيػا قػد يقضػييا أبػو بكػر (رضػي
اهلل عنو) حتى ولو لـ يكف خميفة .
واسػػتدلوا أيضػاً باألصػػوؿ الكميػػة والقػرائف التػػي تقتضػػي أنػػو أحػػؽ باإلمامػػة وأولػػى
(ٖ)
بالخبلفة .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :ابف تيمية ,منياج السنة ٔ . ٗٛٚ/وابف الييتمي ,الصواعؽ المحرقة ص ٕٗ وما بعدىا .
(ٕ) أخرجو البخاري ,الجامع الصحيح ,كتاب المناقب ,حديث رقـ . ٖٜٙ٘ومسمـ ,كتاب الفضائؿ ,
حديث رقـ . ٕٖٛٙوالمفظ لمسمـ .
(ٖ) فتح الباري . ٖٕ/ٚ ,
51 نطام احلكم يف االسالم
القوؿ الثالث :أنو عيف عمي بف أبي طالب (رضي اهلل عنو)
وىػػو قػػوؿ الشػػيعة ,ويسػػتدلوف بمػػا ورد عػػف سػػعد بػػف أبػػي وقػػاص (رضػػي
اهلل عنػػو) قػػاؿ :قػػاؿ النبػػي (( )لعمػػي (( :أمػػا ترضػػى أف تكػػوف منػػي بمنزلػػة
ىاروف مف موسى ؟ ))(ٔ).
ويػػرد ىػػذا االسػػتدالؿ مػػا قالػػو النػػووي :بػػأف ىػػذا الحػػديث لػػيس فيػػو داللػػة
السػػتخبلفو بعػػد النبػػي (( , )إنمػػا قػػاؿ ىػػذا لعمػػي حػػيف اسػػتخمفو فػػي المدينػػة فػػي
غزوة تبوؾ ,ويؤيد ىذا أف ىاروف المشبو بو لـ يكف خميفػة بعػد موسػى ,وتػوفي
(ٕ)
قبؿ وفاة موسى عمييما السبلـ .
كمػػا يسػػتدلوف بمػػا قالػػو رسػػوؿ اهلل (( )لعمػػي (رضػػي اهلل عنػػو) (( مػػف
كنت مواله فعمي مواله ))(ٖ) .
وىذا الحديث مع صحتو ليس فيو داللة عمػى االسػتخبلؼ ,إنمػا أضػاؼ بعػض
الشػػيعة إلػػى ىػػذه الحادثػػة روايػػات أخػػرى مكذوبػػة إلثبػػات اسػػتخبلؼ عمػػي بػػف أبػػي
طالب (رضي اهلل عنو) .
ويرد عمى ىذا القوؿ ما قالو عمي بف أبي طالب (رضي اهلل عنو) :
ــــــــ ـ
أخرجو البخاري ,الجامع الصحيح ,كتاب فضائؿ الصحابة ٖ . ٕٖ /ومسمـ في صحيحو ,كتاب (ٔ )
فضائؿ الصحابة ٗ . ٔٛٚٓ /وىذا لفظ البخاري ,وفي رواية مسمـ (( إال أنو النبي بعدي )) .
(ٕ) شرح صحيح مسمـ . ٔٚٗ / ٔ٘ ,
(ٖ) أخرجو اإلماـ أحمد في المسند ٗ ,ٕٛٔ/الترمذي في سننو ,كتاب المناقب ٕ . ٕٕٔ/وصححو األلباني
في صحيح الجامع ٘ , ٖٖ٘/ومشكاة المصابيح ٖ. ٕٔٚٓ/
51 نطام احلكم يف االسالم
(( يا أييػا النػاس إف رسػوؿ اهلل (( )لػـ يعيػد إلينػا فػي ىػذا اإلمػارة شػيئاً ,حتػى
رأينا مف الرأي أف يستخمؼ أبا بكر)) (ٔ) .
وىناؾ أمر آخر يرد بو عمييـ ,وىو أنو لو كاف األمػر كمػا يزعمػوف لكػاف
عمػػي (رضػػي اهلل عنػػو) مػػف أعظػػـ النػػاس فػػي ىػػذا األمػػر ذنبػاً ألنػػو تػػرؾ أمػػر اهلل
(ٕ)
ورسولو .
وكػذلؾ فػإف معنػى ((مػف كنػت مػواله)) لػيس اإلمػرة والسػمطاف والقيػاـ عمػى
المسمميف بعده ,واال ألفصح ليـ بذلؾ رسوؿ اهلل (( )كما أفصح ليـ بالصػبلة
(ٖ)
والزكاة والصوـ الحج .
وىػ ػػو قػ ػػوؿ الروانديػ ػػة الػ ػػذيف زعم ػ ػوا أف النبػ ػػي (( )نػ ػػص عمػ ػػي العبػ ػػاس بػ ػػف
عبدالمطمب ونصبو إمػاـ ثػـ نػص العبػاس عمػى إمامػة ابنػو عبػداهلل ونػص عبػداهلل
عمػػى إمامػػة ابنػػو عمػػي بػػف عبػػداهلل ثػػـ سػػاقوا اإلمامػػة إلػػى أف انتي ػوا بيػػا إلػػى أبػػي
جعفر المنصور.
وال ػراجح مػػف األق ػواؿ الس ػػابقة ىػػو القػػوؿ بعػػدـ ال ػػنص عمػػى أحػػد بعين ػػو ,
والحكمة مف ذلؾ تتمثؿ في أف النص عمى أحد بعينو يقضي باعتقاد العصمة لو
ــــــــ ـ
(ٔ) ابف كثير ,البداية والنياية ٘. ٕ٘ٓ/
(ٕ) انظر :البللكائي ,شرح أصوؿ اعتقاد أىؿ السنة والجماعة . ٕٔ٘ٗ/ٛ
(ٖ) انظر :المرجع السابؽ .
52 نطام احلكم يف االسالم
,وباتباعػو فػي أقوالػػو وأفعالػو ,واعتقػاد التشػريع شػأنو ,بحجػة أف الرسػػوؿ (()
ىو الذي عينو وىو أعمـ بو .
إضافة إلى أنو ال يجوز عزلو إذا وجد السبب المقتضي لمعزؿ .ىذا بخبلؼ مػف
كػػاف يعيػػنيـ النبػػي (( )فػػي حياتػػو فإنػػو إذا أخطػػأ أو أذنػػب أمكػػف لمرسػػوؿ (()
أف يرد خطأه ويصحح ذنبو ,أما بعد موت الرسوؿ (( )فبل يمكف ذلؾ ,فكاف
عدـ النص عمى واحد بعينو أصمح لؤلمة
كانت الخبلفة بعد رسوؿ اهلل (( )ثبلثيف عاماً ,وقد دلت السنة عمى ذلؾ ,
لما في مسند اإلماـ أحمد عف سفينة قاؿ سمعت رسوؿ اهلل (( )يقوؿ :
((الخبلفة ثبلثوف عاما ثـ يكوف بعد ذلؾ الممؾ قاؿ سفينة :أ َْم ِس ْؾ ,خبلفة أبي
بكر (رضي اهلل عنو) سنتيف وخبلفة عمر (رضي اهلل عنو) عشر سنيف وخبلفة
عثماف (رضي اهلل عنو) اثني عشر سنة وخبلفة عمي ست سنيف (رضي اهلل
عنيـ) (ٔ).
قاؿ السيوطي في تاريخو :قاؿ العمماء لـ يكف في الثبلثيف بعده (( )إال
الخمفاء األربعة ,وأياـ الحسف (ٕ).
ــــــــ ـ
(ٔ) مسند اإلماـ أحمد ,حديث رقـ ٕٕٔٗٔ .
(ٕ) تاريخ الخمفاء ص ٔٔ .
53 نطام احلكم يف االسالم
بالبحث فى كيفية اختيار الخميفة ػ رئيس الدولة ػ تبيف أف الخميفة كػاف يػتـ
توليتو باالنتخػاب أو االختيػار (ٔ) مػف قبػؿ المسػمميف ,سػواء كػاف ىػذا االختيػار
, ,أو عمػى مػرحمتيف كاختيػار عثمػاف عمى مرحمة واحدة كاختيػار الصػديؽ
حيث تـ اختياره أوالً مف قبؿ أىؿ الشورى ,ثـ اختياره مف المسمميف .
حتى والية العيػد يمػزـ ليػا قبػوؿ أو بيعػة المسػمميف لػولى العيػد لكػى يصػير
,فمو لـ يبايعو أىؿ القػدرة وينفػذوا عيػد أبػى خميفة ,كما فى والية سيدنا عمر
بكر لـ يصر خميفة .كما قاؿ ابف تيمية (ٕ).
ــــــــ ـ
( ) 1يـى اشيـ أن أن امة ةــن ش ــص ةــل ادلةـ ىت اشأ ةــن اشــٌب يــَبك اشالمـى ،بـ شرةــن امنــقة ن ـ ـ ــل اشـ يل ـ ة
جيب ل ه تأ ْب اخلل فـن ـ امةـ م ـ ةـل أـ و ـلا اخلل فـن امنقم ال جيوز شالىب إغف شه ال تفويضه إىل األةن
جيب أن يكون ةأةوة ً ةل اشكب ئى اشةغ ئى دل أث اهلل زلم اً م الق اشىن شن نص ل أن اخلل فـن ةـل
أ و ل ـل أ ا شـب ـ ـىم اهلل بـه ـ انـ شوا لـ دشـ أشـن ةـ أنـنل اهلل نـ ةـل نـلع ن ـث يأى،بـ
ب لة اش الن اشالبوين ال نقلن اشيىيأن ،ق اىيق شإلة ةن ال م إال اشالص شلمني ةل اش فة ول أ اشي أن
ىف امة ةــن يىا ــا ن ا ــل ت م ــن ن ةالبـ ج اش ـالن اشالبويــن ة ن ــن ىابــن ط ن 1416 1م حتق ــق أ /زلمـ ـ أ
يىا ا ةل اشك ب احل يثن أ /زلم أ،ص ثم ن .ي نن اش شن ىف اشفقه امنقة ن 124 / 1ة أ
أا اشك ب اجل ةأ اشق ىة ص ن 195ة أ .الء ـ أ اشي أن ـ شقبوا أ مسوا شىا،ضـن شى،ضـبم أ ـ كـى
شى،ضبم زي ل ل ال ة أ ى إة ةن أ كى مى ث ـ ل زيـ ن ر ،ضـو مى ـ ض اهلل البم ـ
،موا شىا،ضن مسوا أن ألهنم شوا ضلل ةل أن ل . شلمني ةل اش فة يىا ـا بـ ب ـل ةالةـو
احلالبل ن اشرب ن ىف ةأى،ن ق ئ أ األأي ن أا اشـَباث اشأـى حتق ق/يل ـ أإـ إ ـىا م احلـ ج ط1411 2/
ـ ـ 1981م ص 36ة أ .
( )2ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين . 531 / 1
54 نطام احلكم يف االسالم
واالنتخػػاب فػػي لغػػة العػػرب االنت ػزاع واالختيػػار واالنتقػػاء ,ومنػػو النخبػػة وىػػـ
الجماع ػػة تخت ػػار م ػػف الرج ػػاؿ فتنت ػػزع م ػػنيـ (ٔ) وف ػػى ح ػػديث ع ػػامر ب ػػف األك ػػوع "
(ٕ) . انتخب مف الرجاؿ مائة رجؿ فاتبعيـ "
وسميت بيعة لئلماـ(ٖ)
وعرؼ صاحب كتاب التعاريؼ البيعة ,بذؿ الطاعة ّ
ألف الشخص يضع يػده فػى يػد مػف يختػاره لمخبلفػة ػ رئػيس الدولػة ػ ليعقػد لػو ىػذه
(ٗ) الوالية
,ق ػػاؿ تع ػػالى :
(٘) .
وقػػاؿ ابػػف منظػػور ,أف البيعػػة ىػػى المعاقػػدة والمعاىػػدة ,كػػأف كػػؿ واحػػد بػػاع
(.)ٙ ما عنده وأعطاه خالصة نفسو وطاعتو ودخيمة أمره
والبيعػ ػػة فػ ػػي الفكػ ػػر السياسػ ػػي اإلس ػ ػػبلمى تعنػ ػػى اختيػ ػػار السػ ػػمطة الحاكم ػ ػػة
ومعاىدتيا عمى السمع والطاعة ,وىذا المعنى ىو نفسو المقصػود مػف االنتخػاب
الذى يعد وسيمة يعبر مف خبلليا الشخص عػف إرادتػو ورغبتػو فػي اختيػار حاكمػو
ــــــــ ـ
( )1ا ل ةالمو ن ش ن اشأىب 751 / 1ـ اشفّب زآ أ ن اشقـ ةوب ايـ :ن ص 175ـ اشف ـوة ن ادلةـب ح ادلالـّب / 2
596ـ ا ل األثّب ن اشالب ين ىف غىيب احل يث األثى . 69 / 5
. 462 / 7 ( )2ا ل جى ن ،ح اشب
( )3زلم ب اشىؤف ادلال ن اش و ف ل ةبم ت اش أ يف ص . 153
( )4ا ل األثّب ن اشالب ين ىف غىيب احل يث األثى . 716 / 1
( )5نو ة اشف ح ن اآلين ن 11
ن ب اشأْب . 265 / 2 ( )6ا ل ةالمو ن ش ن اشأىب 23 / 8ـ اشفىا
55 نطام احلكم يف االسالم
ممزم ػ ػاً كػ ػػؿ مسػ ػػمـ بالمشػ ػػاركة فػ ػػى االنتخابػ ػػات الرئاسػ ػػية ,لػ ػػذلؾ عبػ ػػر النبػ ػػى
جاىمية)(ٔ) بقولو(:ومف مات وليس فى عنقو بيعة مات ميتة
والمتتبػػع لطػػرؽ توليػػة الخمفػػاء ال ارشػػديف يجػػدىا قػػد تمػػت كميػػا باالختيػػار مػػف
حيث طبؽ ىػؤالء الخمفػاء كػؿ المبػادئ اإلسػبلمية بػدوف تحريػؼ المسمميف(ٕ) قبؿ
وال تبديؿ ,بعيداً عف نزواتيـ الشخصية ,وأرسوا الكثيػر مػف القواعػد فػى المجػاؿ
السياس ػػي المس ػػتوحاة م ػػف الكت ػػاب والس ػػنة المطيػ ػرة ,مم ػػا أض ػػفى عميي ػػا طابعػ ػاً
إسػػبلمياً أصػػيبلً ,وقػػد ظيػػر ذلػػؾ بوضػػوح فػػى اختيػػار أو انتخػػاب ى ػؤالء الخمفػػاء
عمى النحو التالى :ػ
ــــــــ ـ
ـ ل حتــى اخلـى ج
( )1ة ــلم ن يــم ح ة ــلم ن ـ ب امةـ ة ـ ب ةقزةــن د ــن ادل ــلمْب الـ وبــو اشفــًب ىف ـ
يث م . 1478 / 3 1851 ل اشع ن ةف ن اجلم ن
. ( )2أ و األ ل ادلوأ أ ن ت يل اش ن و امنقة أا اشَباث اشأى شلعب ن اشاليى اش وزيا ص 32ة أ
56 نطام احلكم يف االسالم
رضا اهلل ورسولو بيا وأنيا حؽ وأف اهلل أمر بيذا وقػدره وأف المػؤمنيف يختارونػو ,
وكػػاف ىػػذا أبمػػغ مػػف مجػػرد العيػػد بيػػا ألنػػو حينئػػذ كػػاف يكػػوف طريػػؽ ثبوتيػػا مجػػرد
العيد ,وأما إذا كاف المسمموف قد اختػاروه مػف غيػر عيػد ودلػت النصػوص عمػى
صوابيـ فيما فعموه ورضا اهلل ورسولو بذلؾ كاف ذلؾ دليبلً عمى أف الصديؽ كػاف
فيو مف الفضائؿ التى باف بيا عف غيره ما عمـ المسمموف بو أنو أحقيـ بالخبلفػة
"(ٔ) .
والح ػوار الػػذى دار بػػيف بع ػض الميػػاجريف بقيػػادة أبػػى بكػػر وبػػيف األنصػػار
يثب ػػت بم ػػا ال ي ػػدع مج ػػاالً لمش ػػؾ أف تولي ػػة أب ػػى بك ػػر بزعام ػػة س ػػعد ب ػػف عب ػػادة
الخبلفػػة كانػػت باالنتخػػاب ,أو مػػا يمكػػف أف نطمػػؽ عميػػو بمغػػة العصػػر الحػػديث
(االقتراع الحر المباشر) مف قبؿ الحاضريف فى سقيفة بنى ساعدة .
أف سػعد بػف عبػادة كػاف مرشػحاً لمخبلفػة مػف قبػؿ التػاريخ(ٕ) وتروى لنا كتػب
األنص ػػار ,وأف أب ػػا بك ػػر ك ػػاف مرش ػػحاً م ػػف قب ػػؿ المي ػػاجريف ,ودار الحػ ػوار ب ػػيف
ــــــــ ـ
( )1ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين .525 524 / 1
( )2ةل ب اش يخ اشٌب تال شص لا ادلوضوع ن يىا ا ن أ ـو اشفـىج ـل بـ اشـىإل ـل لـ ـل زلمـ ن يـفن اشةـفوة
/1 أا ادلأى،ن ّب ت .ط 1399 2 /ـ 1979 -م حتق ق /زلموأ ،يو أ /زلم اب لأـه ـ
ـ أ ــو ــم زلم ـ ا ــل ب ـ ن ــل أإ ـ 254ة ـ أ ـ ن ا ــل ت م ــن ن ةالب ـ ج اش ـالن اشالبويــن 51 / 2ة ـ أ ـ
اش م مـي اشب ــُب ن اشثقـ ت أا اشفكــى ط 1395 1 /ـ 1975 -م حتق ــق اش ـ ــىف اشـ يل أإـ / 2
ـ اخلنا ن ختىيج اش الالت اش مأ ن شه ةل احلىف اشةـال ت اشأمـ الت حتق ـق ن إ ـ ن 154ة أ
اشغىب امنقة ّب ت ن 1985م 381 / 1ة أ ـ ا ـل ثـّب ن اشب ايـن اشالب يـن 245 / 5 ب ب ط .أا
يخ اخللف ء 63/1ة أ ـ اشعرب ن ت يخ اشىنـ ادللـوك 233/2ةـ أـ ـ ضـ اشـ يل بـ ـ اش وا ن ت
امجي ن ب ادلوا ف أا اجل ـ ـّب ت ط1997 1 /م حتق ـق أ /بـ اشـىإل مـّبة / 3 اشىإل ل أإ
. 589ة أ
58 نطام احلكم يف االسالم
الف ػريقيف ,فتحػػدث األنصػػار عػػف فضػػميـ فػػى اإلسػػبلـ وتحػػدث الميػػاجروف عػػف
ولػػـ يػػدـ ىػػذا سػػابقتيـ فيػػو ,وخاصػػة سػػابقة أبػػى بكػػر وفضػػمو وصػػحبتو لمنبػػى
النقػػاش طػػويبلً ,فسػػرعاف مػػا انتيػػى بانتخػػاب سػػيدنا أبػػى بكػػر بأغمبيػػة الحاضػريف
. فى سقيفة بنى ساعدة خميفة لرسوؿ اهلل
فقد حكى الطبرى(ٔ) وابف قتيبة(ٕ) أف األنصار قد اجتمعوا فور وفاة النبػى
فى سقيفة بنى ساعدة لمنظر فى أمػر الخبلفػة ,وقػاؿ سػعد بػف عبػادة البنػو قػيس
رضػػى اهلل ع نيمػػا إنػػى ال أسػػتطيع أف أسػػمع النػػاس لمرضػػى ,ولكػػف تمقػػى منػػى
قػػولى فأسػػمعيـ ,فكػػاف سػػعد يػػتكمـ ويحفػػظ ابنػػو ويرفػػع صػػوتو لكػػى يسػػمع قومػػو ,
,فكػػاف فأخػػذ يػػتكمـ ليسػػتميؿ قمػػوب األنصػػار نحػػوه لينتخبػػوه خميفػػة لرسػػوؿ اهلل
ممػا قػاؿ ػ كمػا حكػى ابػف قتيبػة ػ " :يػا معشػر األنصػار إف لكػـ سػابقة فػى الػديف
لبػػث فػػى قومػػو وفضػيمة فػػى اإلسػػبلـ ليسػػت لقبيمػػة مػػف العػػرب ,إف رسػػوؿ اهلل
بضػػع عش ػرة سػػنة يػػدعوىـ إلػػى عبػػادة الػػرحمف ,وخمػػع األوثػػاف فمػػا آمػػف بػػو مػػف
,وال يعرفوا دينو , قومو إال قميؿ ,واهلل ما كانوا يقدروف أف يمنعوا رسوؿ اهلل
وال يدافعوا عف أنفسيـ حتى أ ارد اهلل بكـ الفضيمة ,وساؽ إليكـ الكرامة ,وخصكـ
,والمنع لو وألصحابو واإلعزاز لدينو , بالنعمة ,ورزقكـ اإليماف بو وبرسولو
والجيػػاد ألعدائػػو ,فكنػػتـ أشػػد النػػاس عمػػى مػػف تخمػػؼ عنػػو مػػنكـ ,وأثقمػػو عمػػى
عدوكـ مف غيركـ ,حتى استقاموا ألمر اهلل تعالى طوعاً وكرىػاً ,وأعطػى البعيػد
المقػادة صػاغ اًر داحػ اًر حتػى أثخػف اهلل تعػالى لنبيػو بكػـ األرض ,ودانػت بأسػيافكـ
ــــــــ ـ
. ( )1اشعرب ن ت يخ اشىن ادللوك 233 / 3ة أ
( )2ا ل بن ن امة ةن اش ن ن . 5 / 1
59 نطام احلكم يف االسالم
لػػو العػػرب ,وتوفػػاه اهلل تعػػالى وىػػو راض عػػنكـ قريػػر العػػيف ,فشػػدوا أيػػدكـ بيػػذا
األمر ,فإنكـ أحؽ الناس وأوالىـ بو " .
وقد أثػر سػعد بػف عبػادة بكبلمػو ىػذا فػى األنصػار حتػى انحػازوا لػو ورشػحوه
لمخبلفة وأجابوه قائميف " :أف قد وفقت فى الرأى وأصػبت فػى القػوؿ ,ولػف نعػدو
ما رأيت توليتؾ ىذا األمر ,فأنت مقنع ولصالح المؤمنيف رضا " .
ىػػذا عػػف ترشػػيح سػػعد بػػف عبػػادة لمخبلفػػة ,أمػػا ترشػػيح سػػيدنا أبػػى بكػػر فقػػد
حكػػى المؤرخػػوف أنػػو عنػػدما وصػػؿ الخبػػر ػ خبػػر اجتمػػاع األنص ػار فػػى السػػقيفة
وىو يومئذ مشغوؿ بتجييز رسػوؿ لمنظر فى أمر الخبلفة ػ إلى سيدنا أبى بكر
فخرجػػا مسػػرعيف إلػػى ,فػزع أشػػد الفػػزع ,فقػػاـ ومعػػو عمػر بػػف الخطػػاب اهلل
فاصػػطحباه وانطمق ػوا حتػػى وصػػموا إلػػى السػػقيفة ,فمقيػػا أبػػا عبيػػدة بػػف الج ػراح
وأخػػذ يعػػدد مناقػػب الميػػاجريف ,وأنيػػـ أحػػؽ بالخبلفػػة السػػقيفة ,فػػتكمـ أبػػو بكػػر
مف األنصار ,فكاف مما قاؿ بعد أف حمد اهلل وأثنى عميػو وصػمى عمػى رسػولو :
باليػػدى وديػػف الحػػؽ ,فػػدعا إلػػى اإلسػػبلـ , " إف اهلل جػػؿ ثنػػاؤه بعػػث محمػػداً
فأخػػذ اهلل تعػػالى بنواصػػينا وقموبنػػا إلػػى مػػا دعػػا إليػػو ,فكنػػا معشػػر الميػػاجريف أوؿ
,ونحػػف مػػع النػػاس إسػػبلماً ,والنػػاس لنػػا فيػػو تبػػع ,ونحػػف عشػػيرة رسػػوؿ اهلل
ذلػػؾ أوسػػط العػػرب أنسػػاباً ,وليسػػت لقبيمػػة مػػف قبائػػؿ العػػرب ,إال ولق ػريش فييػػا
والدة " ,وأخػػذ يسػػتميؿ األنصػػار نحػػوه ونحػػو الميػػاجريف ليكسػػب ودىػػـ ويحصػػؿ
عمػى أصػواتيـ لتػرجيح كفػة الميػاجريف فػى انتخابػات الرياسػة ,فكػاف ممػا قػػاؿ " :
وأنػػتـ أيضػاً ػ أى األنصػػار ػ واهلل الػػذيف آووا ونصػػروا وأنػػتـ وزراؤنػػا فػػى الػػديف ,
,وأنػػتـ إخواننػػا فػػى كتػػاب اهلل تعػػالى وشػػركاؤنا فػػى ديػػف اهلل ووزراء رسػػوؿ اهلل
عز وجؿ وفيما كنا فيو مف سراء وضػراء واهلل مػا كنػا فػى خيػر قػط إال كنػتـ معنػا
فيػػو فػػأن تـ أحػػب النػػاس إلينػػا وأكػػرميـ عمينػػا ,وأحػػؽ النػػاس بالرضػػا بقضػػاء اهلل
61 نطام احلكم يف االسالم
تعالى . .وأنتـ المؤثروف عمى أنفسيـ حيف الخصاصة " وفى محاولة مػف سػيدنا
أبى بكر لمحو الشؾ مف قموب األنصار فى أف أبػا بكػر يطمبيػا لنفسػو ,فقػد قػاـ
ورشػػح لمخبلفػػة عمػػر بػػف الخطػػاب وأبػػا عبيػػدة بػػف الج ػراح ,حيػػث قػػاؿ " :وانمػػا
أدعوكـ إلى أبى عبيدة أو عمر وكبلىمػا قػد رضػيت لكػـ ,وليػذا األمػر وكبلىمػا
لو أىؿ " وفى رواية ابف عباس عف عمر أنو قاؿ " :وقد رضيت لكـ أحد ىػذيف
.غيػػر أف أبػػا "(ٔ) الػػرجميف وأخػػذ بيػػدى ويػػد أبػػى عبيػػدة فمػػـ أك ػره ممػػا قػػاؿ غيرىػػا
عبيدة وعمر لـ يوافقا عمى التقدـ عمى أبى بكر ,وأنك ار عميو ترشػيحو ليمػا فقػاال
ػ أى أبو عبيدة ,وعمر " :ما ينبغى ألحد مف الناس أف يكوف فوقػؾ يػا أبػا بكػر
بالص ػػبلة فأن ػػت أح ػػؽ أن ػػت ص ػػاحب الغ ػػار وث ػػانى اثن ػػيف ,وأم ػػرؾ رس ػػوؿ اهلل
الناس بيذا األمر " ,ولػـ يسػتمر النقػاش طػويبلً ,فقػد بػادر سػيدنا عمػر باختيػار
أبى بكر ,حيث قاؿ لو " :مف ذا ينبغػى أف يتقػدمؾ ,ويتػولى ىػذا األمػر عميػؾ
,أبس ػػط ي ػػدؾ أبايع ػػؾ " ,وبع ػػد أف ب ػػايع س ػػيدنا عم ػػر أب ػػا بك ػػر بالخبلف ػػة اني ػػاؿ
المسمموف مف األنصار والمياجريف باختيار ومبايعة سيدنا أبى بكر ,إال سعد بف
. يبايع(ٕ) عبادة الذى مات ولـ
ــــــــ ـ
( )1ا ل جى ن ،ح اشب . 31 / 7
( )2يىا ا ،م نق ةل نةوص ن ا ل بن ن امة ةن اش نن 9 6 5 / 1يىا ـا ىف دات ادلأـُب شفـ ظ ىيبـن
اً أ و اشأب ب أإـ ـل زلمـ ـل زلمـ ـل لـ ـل جـى اذل مـ ن اشةـوا ق ايى ـن لـ أ ـ اشـى ،اشضـقل
اشنن ن ة ن ن اشىن شن ّب ت ط 1997 1 /م حتق ق /ب اشىإل ل ب اهلل اشَب ـ ةـ زلمـ اخلـىاط
ا ــل ــنم ن اشفة ـ ىف ادلل ـ األ ـواء اشالم ـ ةك بــن اخل ـ صل اشق ـ ىة 126 / 4ة ـ 32 / 1ة ـ أ ـ
أ ـ أ و كى زلم ل اشع ب ل جى ل اشق نم أ و كى اشب ق ن دتب األ ائـ تل ـ ص اشـ الئ ة ن ـن
ـ ،مح ــل أإـ اشك ــب اشثق ،ــن ــّب ت ط1987 1 /م حتق ــق ن مـ أ اشـ يل ـ 494 / 1ةـ أـ
كمـ ـ ن ةأ ـ ـ ج اشقبـ ــول يـ ــىح ن ــلم اشويـ ــول إىل ل ــم األي ــول أا ا ــل اشقـ ـ م .اش ـ ـ ة م ط 1411 1 /ـ ـ -
=
61 نطام احلكم يف االسالم
أيضػاً ( :ولػػو كنػػت متخػػذاً خمػػيبلً التخػذت أبػػا بكػػر خمػػيبل إف صػػاحبكـ خميػػؿ
قػد أمػره أف يصػمى بالنػاس فقػاؿ " :مػروا أبػا وىذا بجانػب أف النبػى )(ٔ) اهلل
. "(ٕ) بكر فميصمى بالناس
ػ يصمى بالناس ثبلثػة أيػاـ ,صػمى وقاؿ الطبرى " :فمكث ػ أى أبو بكر
بيـ سبعة عشرة صبلة "(ٖ) .
فيػى خبلفػة تمػت باختيػار المسػمميف ىذا ما كاف مف أمر خبلفة أبى بكر
؛ ألف أبا بكر سػار عمػى نيػج رسػوؿ اهلل تعػالى ,وكانت استم ار اًر لعيد النبى
,وقاؿ " :وانى واهلل ال أدع أم اًر رأيت رسوؿ اهلل يصنعو إال صػنعتو "(ٗ) ,وقػاؿ
,أى متبػع سػنة "(٘) فى أوؿ خبلفتو " :أييا الناس إنما أنػا متبػع ولسػت بمبتػدع
ومقتفياً أثره غير مبدؿ وال مخترع . الرسوؿ
ــــــــ ـ
=
ل أيوب ل يّب . 256 / 4 ب اشن ى أ ب ل أ إنة ..
ـم ( ) 1ة لم ن يم ح ة لم ب ،ضـ ئ اشةـم ن ـ ضـ اهلل ـالبم ـ ـ ب ةـل ،ضـ ئ أ كـى اشةـ يق ـ ض ـ
ـ ب اخلويــن ادلمــى ىف ادل ــج ـ ب أ ـواب ادل ـ 1855 / 4 2383ـ اشب ـ ن يــم ح اشب ـ
يث م 178 / 1 455اشلفمح دل لم .
ب اآلدان ب ادلىي أن ييب اجلم ـن ـم 236 / 1 633ـ ة ـلم ن ن يم ح اشب ( )2اشب
يم ح ة لم ب اشةقة ب ان قف امة م إدا ىض شـه ـل ..ةـل يةـل شالـ ب ر .ـم 1 418
. 311 /
( )3اشعرب ن ت يخ اشىن ادللوك . 213 / 2
ىف نفس ادلأُب يىا ا ن ا ل ب ن ن اشثق ت 164 / 2ـ ا ل ت م ـن ن ةالبـ ج ( )4اشعرب ن ادلى ا اش ق 236 / 2
اش الن اشالبوين . 334 / 8
( )5أ ــو بـ اهلل زلمـ ــل نــأ ــل ةال ــا اشبةــى اشن ــى ن اشعبقـ ت اشكــرب أا يـ أ ــّب ت 183 / 3 .ىف دات
ادلأُب يىا ا ن ا ل ت م ن ن تل ص ب االن غ ثن ( اشـىأ لـ اشبكـى ) ةك بـن اشغى ـ ء األثىيـن ن ادل يالـن ادلالـو ة ط/
1417 1ـ حتق ـق /زلمـ لـ جـ ل 466 / 2ـ ا ـل اجلـوز ن يـفن اشةـفوة 261 / 1ـ ا ـل ثـّب ن اشب ايـن
=
63 نطام احلكم يف االسالم
والناظر فى كيفية تولية أبى بكػر الخبلفػة يجػدىا قػد جػاءت بانتخػاب غالبيػة
المسمميف ,ال فرؽ بيف المػوظفيف مػنيـ وغيػر المػوظفيف ,فصػفة الموظػؼ لػيس
ليا أى تأثير فى الحد مف ممارسة حقو فى االنتخاب .
( ٖٔ – ٖٕ ىػ ) : ثانياً :كيفية اختيار عمر بف الخطاب
ػ مميئة باألحداث السياسية , قصرىا(ٔ) ػ بالرغـ مف كانت خبلفة أبى بكر
فقػػد ش ػيدت حػػروب الػػردة ,كمػػا شػػيدت بػػدء الفتوحػػات اإلسػػبلمية خػػارج الجزي ػرة
العربية واشتباؾ جيوش المسمميف فى القتاؿ مع الفرس والروـ وخشى أبو بكر
عمى المسميف مف التفرؽ فى ىذا الوقت العصيب ,خاصة وقػد شػعر بػدنو أجمػو
,وأف مصػػمحة المسػػمميف توجػػب أف يعقػػد العيػػد بالخبلفػػة ألحػػد أصػػحابو حتػػى ال
يحػػدث مػػا حػػدث مػػف خػػبلؼ فػػى اجتمػػاع السػػقيفة ,فاختػػار أقػػوى وأكفػػأ الصػػحابة
,ولكف لـ يتـ لو العقػد إال بعػد مشػاورة لقيادة المسمميف وىو عمر بف الخطاب
الصحابة فى ىذا االختيار(ٕ) .
لػـ يكػف مسػتبداً فػى اختيػار عمػر بػف وتروى لنػا كتػب التػاريخ أف أبػا بكػر
الخطػػاب خميفػػة عمػػى المسػػمميف ,بػػؿ شػػاور كبػػار الصػػحابة فػػى ذلػػؾ ,وقػػد ذكػػر
ابف حباف فػى الثقػات أف أـ المػؤمنيف عائشػة ػ رضػى اهلل عنيػا ػ قػد أشػارت عمػى
أبى بكر أبييا وىو فى مرضو أف يستخمؼ عمر ,فقالػت عائشػة ػ كمػا روى ابػف
حباف ػ ألبييا " :أتريد أف تعيد إلى الناس عيداً ؟ قاؿ نعـ ,قالت :فبيف لمناس
ــــــــ ـ
=
اشالب ين 313/6ـ اش وا ن ت يخ اخللف ء ص ن 63اشعرب ن ت يخ اشىن ادللوك . 245 / 2
( )1نص يق ،ه نال ْب ثقثن أ بى اثالْب يىيل يوة ً .يىا ا ن ا ل ب ن ن اشثق ت . 194 / 2
( )2أ /زلم ض ء اش يل اشىيس ن اشالمىي ت اش ن ن امنقة ن ص ن . 181
64 نطام احلكم يف االسالم
حتى يعرفػوا الػوالى بعػدؾ ,قػاؿ :نعػـ ,قالػت إف أولػى النػاس بيػذا األمػر بعػدؾ
عمر "(ٔ) .
وغيرىمػػا مػػف المػػؤرخيف أف أبػػا بكػػر قبػػؿ أف حبػػاف(ٕ) والطبػػرى(ٖ) وذكػػر ابػػف
يعيد إلى عمر ػ رضى اهلل عنيما ػ استشار كبػار الصػحابة فػى ذلػؾ ,فػذكر ابػف
حباف " :فمما أصبح ػ أى أبو بكر ػ دعا نف اًر مف المياجريف واألنصار يستشيرىـ
فى عمر ,منيـ عثماف بف عفاف وعبد الرحمف بػف عػوؼ وسػعد بػف أبػى وقػاص
وسعيد بف زيد ,فقاؿ لعبد الرحمف بف عوؼ :يػا أبػا محمػد أخبرنػى عػف عمػر ,
فقػػاؿ :يػػا خميفػػة رسػػوؿ اهلل ىػػو واهلل أفضػػؿ مػػف أريػػؾ فيػػو مػػف رجػػؿ ..ث ػـ دعػػا
عثماف بف عفاف فقاؿ :يا أبا عبػد اهلل أخبرنػى عػف عمػر ,فقػاؿ :إف عممػى أف
سريرتو خير مف عبلنيتػو ,وأف لػيس فينػا مثمػو ,قػاؿ ػ أى أبػو بكػر ػ يرحمػؾ اهلل
يا أبا عبد اهلل " .
بمش ػػاورة كب ػػار الص ػػحابة ,ب ػػؿ خ ػػرج ف ػػدعى الن ػػاس ول ػػـ يكت ػػؼ الص ػػديؽ
فػػالتفوا مػػف حولػػو فخيػػرىـ بػػيف أف يتػػرؾ ليػػـ اختيػػار الخميفػػة مػػف بعػػده وبػػيف أف
يفوضوه فى ذلؾ ,فػأجمعوا عمػى إسػناد ىػذه الميمػة لػو ,فقػد ذكػر ابػف قتيبػة " :
قاؿ :ثـ أمر أف تجتمع لو النػاس ,فػاجتمعوا ,فقػاؿ :أييػا النػاس ,قػد حضػرنى
مػػف قضػػاء اهلل مػػا تػػروف ,وانػػو ال بػػد لكػػـ مػػف رجػػؿ يمػػى أمػػركـ ,ويصػػمى بكػػـ ,
ــــــــ ـ
( )1ا ل ب ن ن اشثق ت ن . 191 / 2
( )2ا ل ب ن ن اشثق ت ن . 192 191 / 2
( )3اشعرب ن ت يخ اشىنـ ادللـوك 352 / 2ةـ أـ ـ يىا ـا ىف دات ادلأـُب ن أإـ ـل لـ اشقلقيـال ن يـبح
األ يـ ىف يـال ن امنيـ أا اشفكـى أةيــق ط 1987 1 /م ن حتق ــق أ /يونـف لـ اشعويـ 364 / 9
ة أ .
65 نطام احلكم يف االسالم
ويقاتؿ عدوكـ ,فيأمركـ :فإف شئتـ اجتمعتـ فاتمرتـ ثـ وليػتـ عمػيكـ مػف أردتػـ ,
واف شئتـ اجتيدت لكـ رأى ,واهلل الذى ال إلو إال ىػو ال آلػوكـ فػى نفسػى خيػ اًر ,
قػػاؿ :فبكػػى وبكػػى النػػاس ,وقػػالوا :يػػا خميفػػة رسػػوؿ اهلل أنػػت خيرنػػا وأعممنػػا ,
فاختر لنا ,قاؿ :سأجتيد لكى رأى ,وأختار لكـ خيركـ إف شاء اهلل "(ٔ) .
عمػػر كػػاف باتفػػاؽ مػػف وقػػد ذكػػر القمقشػػندى " :أف اسػػتخبلؼ أبػػى بكػػر
الصحابة مف غير نكير فكاف إجماعاً "(ٕ) .
: فمما عمـ أبو بكر ىذا القبوؿ مف الصحابة أممى عمى عثمػاف بػف عفػاف
" بسػػـ اهلل الػػرحمف الػػرحيـ ,ىػػذا مػػا عيػػد بػػو أبػػو بكػػر بػػف أبػػى قحافػػة آخػرة عيػػده
بالدنيا نازحاً عنيا ,وأوؿ عيػده بػاآلخرة داخػبلً فييػا :إنػى أسػتخمؼ عمػيكـ عمػر
بػػف الخطػػاب ,فػػإف تػػروه عػػدؿ فػػيكـ ,فػػذلؾ ظنػػى بػػو ,ورجػػائى فيػػو ,واف بػػدؿ
"(ٖ) وغير فالخير أردت ,وال أعمـ الغيب وسيعمـ الذيف ظمموا أى منقمب ينقمبػوف
.
ــــــــ ـ
( )1ا ل بن ن امة ةن اش نن . 99 / 1
( )2اشقلقيال ن يبح األ ي ن . 1365 / 9
ا ل ب ن ايـن ىيبـن ةـل دشـ نةـب ن ر ـ ل شأثمـ ن ا ـب ن ( )3ا ل بن ن امة ةن اش نن ن 19 / 1
لا ة ب ه أ و كى ل أ م ،ن إىل ادل لمْب أةـ أـ ...أغمـ ل ـه ،ـل ب الـه ،ك ـب ثمـ ن ن أةـ
آشــو م يـّباً أ،ـ ق أ ــو كــى ،قـ ل ن ا ـىأ لـ ،قـىأ ل ــه د ــى أـ ،قـ انـ لفص لـ كم مــى ــل اخلعـ ب
،ا أ و كى ي يه ،ق ل ن اشلبـم ش ـه غـّب أةـى نب ـ مى ،كرب أ و كى ،ق ل ن ناك اهلل ل امنقم يّباً
أ أ ــلش إال يــق بم يفــص ل ـ بم اشف الــن ،أملــص ،ـ بم مب ـ أنــص أ لــم ــه ..ر يىا ــا ىف دش ـ ا ــل ب ـ ن ن
ـ اشثقـ ت ن 193 192 /2يىا ــا ىف دات ادلأــُب ن ا ــل نــأ ن اشعبقـ ت اشكــرب ن 274 / 3ةـ أـ
اشعرب ن تـ يخ اشىنـ ادللـوك 2ن 353 /ـ اشق ضـ أ ـو احل ـل بـ اجلبـ ـل أإـ األنـ آ أ ن ادلغـُب ىف أ ـواب
اش و ـ ـ اشأـ ـ ل .اشـ ـ ا ادلةـ ـىين شل ـ ـ ش ف اشَبد ــن حتق ــقن أ /بـ ـ احلل ـ م زلم ــوأ أ/ن ــل م ن أن ـ اجل ــنء ادل ـ مم
شلأيىيل ن ص ن 7 6
66 نطام احلكم يف االسالم
,أش ػػرؼ أب ػػو بك ػػر عم ػػى الن ػػاس فق ػػاؿ " :أترض ػػوف بم ػػف الطبػ ػرى(ٔ) وذك ػػر
أستخمؼ عميكـ ؟ فإنى واهلل ما آلوت مف جيد الرأى ,وال وليت ذا قرابة وانػى قػد
استخمفت عمر بف الخطاب فاسمعوا لو وأطيعوا ,فقالوا سمعنا وأطعنا " .
الخبلف ػػة يج ػػد أني ػػا ق ػػد تم ػػت والمتأم ػػؿ لطريق ػػة تولي ػػة عم ػػر ب ػػف الخط ػػاب
ب االختيار مف قبؿ كافة المسمميف ,وأف مسمؾ سيدنا أبى بكر ال يتعػدى الترشػيح
عمى مشػاورة المسػمميف ليذا المنصب ,وىذا الترشيح الذى اعتمد فيو أبو بكر
,وكػػذلؾ اعتمػػد عمػػى فضػػائمو فػػى اإلسػػبلـ ,وعمػػى عممػػو عمػػى شػػخص عمػػر
بأف المسمميف سيسمعوا لو ويطيعوا ,ىذا مف ناحية ,ومف ناحية أخرى أف الذى
دعا الصديؽ إلى مبدأ الترشيح لمخبلفة أساسػاً ,ىػو الخػوؼ مػف تفػرؽ المسػمميف
بعػػده عمييػػا ,خاصػػة وأف الدولػػة اإلسػػبلمية كانػػت فػػى ظػػروؼ صػػعبة آنػػذاؾ ,
حيث كانت حػروب الػردة ,مػف ناحيػة ,وحػرب الفػرس والػروـ مػف ناحيػة ثانيػة ,
وب ػػدء الفتوح ػػات اإلس ػػبلمية خ ػػارج الجزيػ ػرة العربي ػػة م ػػف ناحي ػػة ثالث ػػة ,فب ػػاف أف
االنتخاب أو االختيار مف قبؿ األمة ىو الطريؽ الوحيد الختيار الخميفة .
وفى ذلػؾ يقػوؿ ابػف تيميػة واإلمػاـ " :متػى صػار إمامػاً فػذلؾ بمبايعػة أىػؿ
الق ػػدرة ل ػػو ,وك ػػذلؾ عم ػػر لم ػػا عي ػػد إلي ػػو أب ػػو بك ػػر إنم ػػا ص ػػار إمامػ ػاً لم ػػا ب ػػايعوه
وأطاعوه ,ولو قدر أنيـ لـ ينفذوا عيد أبى بكر ولـ يبايعوه لـ يصر إماماً "(ٕ) .
وخبلصة القوؿ :أف خبلفة سيدنا عمػر بػف الخطػاب كانػت باالختيػار الحػر
مف قبؿ كافة المسمميف ال فرؽ بيف الموظفيف منيـ وغير الموظفيف .
ــــــــ ـ
( )1اشعرب ن ت يخ اشىن ادللوك . 353 352 / 2
( )2ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين . 531 / 1
67 نطام احلكم يف االسالم
بػػالموت قػػاؿ البنػػو :اذىػػب إلػػى عائشػػة وأقرئيػػا منػػى السػػبلـ ولمػػا أحػػس
واستأذنيا أف أقبر فى بيتيا مع رسوؿ اهلل ومع أبى بكر ,فممػا أتاىػا عبػد اهلل بػف
عمر وأع مميا ,قالت :نعـ وكرامة ,ثـ قالت :يا بنى أبمغ عمر سػبلمى ,وقػؿ
(ٖ) , لػػو :ال تػػدع أمػػة محمػػد بػػبل راع ,اسػػتخمؼ عمػػييـ وال تػػدعيـ بعػػدؾ ىم ػبلً
. "(ٗ) فإنى أخشى عمييـ الفتنة
ــــــــ ـ
( )1أ ــو كــى أإ ـ ــل زلم ـ ــل ـ ن ــل يني ـ اخلــقل ن اش ـالن أا اشىايــن اشىي ـ ض ط 1411 1 /ـ حتق ــق ن أ /
ـ بن دتب ـ ع ن اشن ىا 296 / 1ـ ىيب ةل ادلأُب يىا ا ن أ و كى زلم ل اشع ب ـل اشق نـم اشبـ ق
األ ائ تل ص اش الئ ص ن 518ـ أ و مى يونف ل ب اهلل ل ب اشرب اشالمى ن اش مب ـ ىف ادلواـ ةـل
ادلأـ األنـ ن اشال ــى ن زا ة مــوم األ ـ ف اشيـ ون امنــقة ن ادلغــىب 1387ـ حتق ــق /ةةــعف ــل
أإ اشألو زلم ل ب اشكبّب اشبكى . 128 / 22
.ب األ ك م ب االن قف ـم 2638/6 6792ـ ة ـلم يـم ح ة ـلم ن يم ح اشب ( )2اشب
. ب امة ة ب االن قف تى ه م . 1454 / 3 1823اشلفمح شلب
و ةَب ك ن ىـ ا ل ةالمو .ش ن اشأىب 113/5 ( )3اذلم و اشيئ اشل ال ا شه حيفمه يى و
( )4ا ل بن ن امة ةن اش ن ن . 23/1
68 نطام احلكم يف االسالم
لما أخبػره عبػد اهلل بػذلؾ قػرر سػيدنا عمػر أف يعيػد بالخبلفػة لمجموعػة كبػار
الص ػػحابة وفض ػػبلئيـ ,وبالفع ػػؿ فق ػػد ح ػػدد النف ػػر الس ػػتة ال ػػذيف يج ػػب أف يخت ػػار
الخميفة مف بينيـ ,وىـ :عثماف بف عفاف ,وعمى بػف أبػى طالػب ,وطمحػة بػف
عبيد اهلل ػ وكاف غائباً ػ والزبير بف العواـ ,وسعد بف أبى وقاص ,وعبد الػرحمف
وىػو بف عوؼ ,وقاؿ عنيـ سيدنا عمر ,ىؤالء النفر الذيف تػوفى رسػوؿ اهلل
عنيـ راض(ٔ) .
ثـ قاؿ سيدنا عمر ػ كما حكى ابف قتيبة ػ " :يا معشر المياجريف األوليف ,
إنى نظرت فى أمر الناس ,فمـ أجد فييـ شقاقاً وال نفاقاً ,واف يكف بعػدى شػقاؽ
ونفاؽ فيو فيكـ ,تشاوروا ثبلثة أيػاـ ,فػإف جػاءكـ طمحػة إلػى ذلػؾ ,واال فػاعزـ
عميكـ باهلل أف ال تتفرقوا مف اليوـ الثالػث حتػى تسػتخمفوا أحػدكـ ,فػإف أشػرتـ بيػا
إلى طمحة ,فيو ليا أىؿ ,وليصؿ بكـ صييب ىذه الثبلثة التى تتشاوروف فييػا
,فإنػػو رجػػؿ الم ػوالى ال ينػػازعكـ أمػػركـ ,وأحضػػروا معكػػـ مػػف شػػيوخ األنصػػار ,
وليس ليـ مف أمركـ شئ ,وأحضروا معكـ الحسف بف عمى وعبد اهلل بف عباس
,فإف ليـ قرابة ,وأرجو لكـ البركػة فػى حضػورىما ,ولػيس ليمػا مػف أمػركـ شػئ,
ويحضػػر ابنػػى عبػػد اهلل مستشػػا اًر ,ولػػيس لػػو مػػف األمػػر شػػيئ ,قػػالوا :يػػا أميػػر
ــــــــ ـ
( )1يىا ا ىف ةن اشيو ا ل نأ ن اشعبق ت اشكرب 341 / 3ة أ ـ ا ل ثـّب ن اشب ايـن اشالب يـن 114/7
ة أ ـ زلم ب اهلل ل زلم ادلأ ،ى ادل شك ن اشأوايم ةل اشقوايم ىف= = حتق ق ةو ف اشةـم ن أـ ،ـ ة
ـ اشالــىب أا اجل ـ ــّب ت ط 1417 1 /ـ .حتق ــق أ /زلم ـ د ـ غ ـ ز ص ن 21ة ـ أ ـ
زلم ـ ـ ـ ــل ل ـ ـ ـ ــل زلم ـ ـ اشيـ ــو ن اشقـ ــول ادلف ـ ـ ىف أأش ــن اال بـ ـ أ اش قل ـ ـ أا اشقل ــم اشكوي ــص .ط1/
1396ـ ـ حتق ق /بـ ـ اش ــىإل بـ ـ اخلـ ـ شق .ص ن 23اشع ــرب ت ـ يخ اشىن ـ ادلل ــوك 581 / 2ة ـ أـ ـ ..
اشقلقيال ن يبح اال ي 364/9ة أ ـ أ و احل ـل لـ ـل إمس ـ ـل أ يـى األ ـأى ن ام نـن ـل
أيول اش ي نن .أا األنة اشق ىة ط 1397 /ـ حتق ق أ ، /و ن ْب زلموأ ن ص . 251
69 نطام احلكم يف االسالم
المؤمنيف إف فيو لمخبلفة موضعاً فاستخمفو ,فإنا ارضػوف بػو ,فقػاؿ :حسػب آؿ
الخطاب تحمؿ رجؿ منيـ الخبلفة ,ليس لو مف األمػر شػيئ ,ثػـ قػاؿ :يػا عبػد
اهلل إيػػاؾ ثػػـ إيػػاؾ ال تتمػػبس بيػػا ,ثػػـ قػػاؿ :إف اسػػتقاـ أمػػر خمسػػة مػػنكـ وخػػالؼ
واحػػد فاضػربوا عنقػػو ,واف اسػػتقاـ أربعػػة واختمػػؼ اثنػػاف فاضػربوا أعناقيمػػا ,واف
اسػػتقر ثبلثػػة واختمػػؼ ثبلثػػة فػػاحتمكوا إلػػى ابنػػى عبػػد اهلل ,فػػؤلى الثبلثػػة قضػػى ,
"(ٔ) . فالخميفة منيـ وفييـ ,فإف أبى الثبلثة اآلخروف ذلؾ فاضربوا أعناقيـ
النفر الستة الذيف يجب أف يكوف الخميفػة وبعد أف ذكر عمر بف الخطاب
مػػف بيػػنيـ ووضػػح ليػػـ كيفيػػة المشػػاورة ,وبػػيف ليػػـ مػػف يحكػػـ بيػػنيـ إذا انقسػػموا ,
وعزـ عمييـ بأف ال يتركوا المسمميف مف غيػر خميفػة أكثػر مػف ثبلثػة أيػاـ ,وحػدد
مف يصمى بالنػاس خػبلؿ ىػذه المػدة التفػت إلػييـ وقػاؿ " :قػد قومػت لكػـ الطريػؽ
,ثػػـ استشػػعر سػػيدنا عمػػر أف ىػػذه المشػػاورة سػػتنتيى بتنصػػيب "(ٕ) فػػبل تعوجػػوه
واحد مف اثنػيف ىمػا سػيدنا عمػى أو سػيدنا عثمػاف ,لػذلؾ ػ كمػا ذكػر ابػف قتيبػة ػ
التفت إلى عمى بف أبى طالب فقاؿ :لعػؿ ىػؤالء القػوـ يعرفػوف لػؾ حقػؾ وشػرفؾ
وقرابتؾ مف رسوؿ اهلل ,وما آتاؾ اهلل مػف العمػـ والفقػو والػديف فيسػتخمفونؾ ,فػإف
وليت ىذا األمر فاتؽ اهلل يا عمى فيو ,وال تحمؿ أحداً مف بنى ىاشـ عمى رقاب
الناس"(ٖ) ,ثـ التفت إلى عثماف فقاؿ :يا عثماف ,لعؿ ىؤالء القػوـ يعرفػوف لػؾ
ص ػػيرؾ م ػػف رس ػػوؿ اهلل وس ػػنؾ وشػ ػرفؾ وس ػػابقتؾ فيس ػػتخمفونؾ ,ف ػػإف ولي ػػت ى ػػذا
األمر فبل تحمػؿ أحػداً مػف بنػى أميػة عمػى رقػاب النػاس " .وبعػد أف بػيف ووضػح
ــــــــ ـ
( )1ا ل بن ن امة ةن اش نن . 24 / 1
( )2ا ل بن ن ادلى ا اش ق . 25 / 1
( )3ل بن ن امة ةن اش نن . 25 / 1
71 نطام احلكم يف االسالم
ليـ قاؿ ليـ اخرجوا عنى ,وراح يدعو ليـ ويقػوؿ " :الميػـ ألفيػـ واجمعيػـ عمػى
مػػف الحػػؽ ,وال تػػردىـ عمػػى أعقػػابيـ ,ووؿ أمػػر أمػػة محمػػد خيػػرىـ " ثػػـ تػػوفى
يومو(ٔ) .
فمما مات سيدنا عمر ,اجتمػع القػوـ ومعيػـ عبػد اهلل بػف عمػر وعبػد اهلل بػف
عباس ,والحسف بف عمى ,ومرت الثبلثة أيػاـ دوف إحػراز أى تقػدـ ,وفػى اليػوـ
الثالث عرض عمييـ عبد الرحمف بف عوؼ أف يخموا أمرىـ إلى ثبلثة منيـ ,فقاؿ
الزبيػػر قػػد جعمػػت أمػػرى إلػػى عمػػى ,وقػػاؿ طمحػػة :قػػد جعمػػت أمػػرى إلػػى عثمػػاف ,
وقاؿ سعد :قد جعمت أمرى إلى عبد الرحمف بف عوؼ ,ثػـ قػاؿ عبػد الػرحمف :
كونوا مكانكـ حتى آتيكـ ,ثـ خرج عمى الناس ممثمػاً ال يعرفػو أحػػد ,وبػدأ يسػأؿ
الناس ويستشيرىـ حوؿ مف ىو أحؽ بالخبلفة بعد عمر ؟ يقوؿ ابف قتيبة " :فما
ت ػػرؾ أح ػػداً م ػػف المي ػػاجريف واألنص ػػار وغي ػػرىـ م ػػف ض ػػعفاء الن ػػاس ورع ػػاعيـ إال
سأليـ واستشارىـ ..مف ترى الخميفة بعد عمر ,فمـ يمؽ أحداً يستشيره وال يسػألو
إال ويقػػوؿ عثمػػاف ,فممػػا رأى اتفػػاؽ النػػاس واجتمػػاعيـ عمػػى عثمػػاف ,طمػػب مػػف
المسور بف مخرمة أف يدع لو نف اًر مف المياجريف ,وأف يدع لو عثماف وعمياً فػى
المسجد ,وبعد صبلة الصػبح أخػذ عبػد الػرحمف بػف عػوؼ عمػى كػؿ واحػد منيمػا
,وسػػنة صػػاحبيؾ العيػػد والميثػػاؽ لػػئف بايعتػػؾ لتقػػيمف كتػػاب اهلل وسػػنة رسػػولو
مف قبمؾ ,وكذلؾ إف بايعت غيرؾ لترضػيف ولتسػممف وليكػونف سػيفؾ معػى عمػى
وقػػاؿ لػػو : مػػف أبػػى ,فػػأعطوه العيػػد والميثػػاؽ ,فممػػا تػػـ ذلػػؾ أخػػذ بيػػد عثمػػاف
وس ػػنة عمي ػػؾ عي ػػد اهلل وميثاق ػػو ل ػػئف اخترت ػػؾ لتق ػػيمف كت ػػاب اهلل وس ػػنة رس ػػولو
ــــــــ ـ
( )1ا ل بن ن ادلى ا اش ق نفس ادلوضا .
71 نطام احلكم يف االسالم
بأال تجعؿ أحداً مف بنى أمية عمػى رقػاب النػاس ,فقػاؿ صاحبيؾ وشرط عمر
عثماف :نعـ ,ثـ أخػذ بيػد عمػى وقػاؿ لػو :اختػارؾ عمػى شػرط عمػر بػأال تجعػؿ
عنػد ذلػؾ :مالػؾ ليػذا إذا أحداً مف بنى ىاشـ عمػى رقػاب النػاس ,فقػاؿ عمػى
قطعتيػػا فػػى عنقػػى ,فػػإف عمػػى االجتيػػاد ألمػػة محمػػد حيػػث عممػػت القػػوة واألمانػػة
استعنت بيما ,سواء فى بنى ىاشػـ أو فػى غيػرىـ ,فقػاؿ عبػد الػرحمف :ال واهلل
حتى تعطينى ىذا الشرط ,فقاؿ عمى عند ذلؾ :واهلل ال أعطيكو أبداً ,فتركو ثـ
خرج عبد الرحمف إلى المسجد وجمع الناس فحمد اهلل وأثنى عميو ,ثـ قاؿ :إنى
نظػػرت فػػى أمػػر النػػاس فمػػـ أرىػػـ يعػػدلوف بعثمػػاف ,فبايعػػو وبايعػػو عمػػى والنػػاس
عبػػد جميع ػاً وذكػػر " الحكمػػى " فػػى معػػارج القبػػوؿ ,إف أوؿ مػػف بػػايع عثمػػاف
الرحمف بف عوؼ ثـ عمى بف أبػى طالػب ثػـ بقيػة أصػحاب الشػورى ثػـ بقيػة أىػؿ
. ػ(ٔ) الدار ثـ بقية المياجريف واألنصار ػ رضى اهلل عنيـ أجمعيف
لمخبلفة والمبلحظ أف الذى دعا عبد الرحمف بف عوؼ إلى ترشيح عثماف
ىػػو مػػا عممػػو مػػف أمػػر المسػػمميف مػػف أنيػػـ ال يرضػػوف بعثمػػاف بػػديبلً ,حيػػث ظػػؿ
عبد الرحمف بف عوؼ ثبلثة أياـ لـ يغػتمض فييػا بكبيػر نػوـ يشػاور النػاس فػيمف
يسػػتحؽ الخبلفػػة بعػػد عمػػر ,حتػػى قػػاؿ ابػػف قتيبػػة " :فمػػا تػػرؾ ....وغيػػرىـ مػػف
وقػػاؿ ابػػف تيميػػة فػػى ذلػػؾ " : "(ٕ) ضػػعفاء النػػاس ورعػػاعيـ إال سػػأليـ واستشػػارىـ
ــــــــ ـ
ـ يىا ـ ــا أيض ـ ـ ً ا ـ ــل بـ ــن ن ادلى ـ ــا اش ـ ـ ـ ق كم ـ ــي ن ةأـ ـ ـ ج اشقب ـ ــول 1161 / 3 ( )1ـ ـ ـ ،مح ا ـ ــل أإـ ـ ـ
ا ــل بـ ن ةــن ادليـ ة شفـ ظ ىيبــن ـ يىا ــا شــه ن يــم ح ا ــل بـ ن َبت ــب ا ــل لبـ ن 26 25 / 1
ـ ب إيب ـ و ــل ةال ــب اشةــم ن ـ ذلم ن ـ ئبم ــل ى أمس ـ ئبم ض ـوان اهلل ل ـ بم أدأــْب ـ ن ـ ب
يث م 351 / 15 6917ـ ل أ ب األ ن ط إنال أو يم ح لي ىط اشي ْب .
( )2ا ل بن ن ادلى ا اش ق . 26 / 1 .
72 نطام احلكم يف االسالم
وبقى عبد الرحمف يشاور الناس ثبلثة أيػاـ ,وأخبػر أف النػاس ال يعػدلوف بعثمػاف
وأنو شاور حتى العزارى فى خدورىف "(ٔ) .
وقػد عبػػر اإلمػػاـ أحمػػد بػف حنبػػؿ عػػف بيعػػة أميػر المػػؤمنيف عثمػػاف بػػف عفػػاف
بقولػػو " :ولػػـ يتفػػؽ النػػاس عمػػى بيعػػة كمػػا اتفقػوا عمػػى بيعػػة عثمػػاف ,وعثمػػاف واله
المس ػػمموف بع ػػد تش ػػاورىـ ثبلث ػػة أي ػػاـ ,وى ػػـ مؤتمف ػػوف متفق ػػوف متح ػػابوف متػ ػوادوف
. "(ٕ)
معتصموف بحبؿ اهلل جميعاً
ونستخمص مما سبؽ أف اختيار سيدنا عثماف بف عفػاف كػاف باالنتخػاب مػف
بيف الستة الػذيف رشػحيـ سػيدنا عمػر بػف الخطػاب لرياسػة الدولػة ,مػف قبػؿ كافػة
المسمميف ال فرؽ بيف الموظفيف منيـ وغير الموظفيف ,فظير أف الموظؼ العاـ
لو الحؽ فى اختيار أو انتخاب مف يتولى أمره
رابعاً :كيفية اختيار عمى بف أبى طالب ػ كرـ اهلل وجيو( ٖ٘ – ٓٗ ىػ) :
ك ػػاف أغم ػػب الص ػػحابة (ٖ) بع ػػد مقت ػػؿ أمي ػػر الم ػػؤمنيف عثم ػػاف ب ػػف عف ػػاف
,أمػػا الصػػحابة الػػذيف متف ػرقيف فػػى األمصػػار عنػػد بيعػػة عمػػى بػػف أبػػى طالػػب
بحجػة كان وا فى المدينة ,فقد توقؼ بعضيـ فى بداية األمػر عػف مبايعػة عمػى
انتظػار اجتمػػاع أىػؿ الشػػورى لمنظػر ؛ إال أنػػو لػـ يمبػػث طػويبلً فقػػد بػايع عميػاً واف
كػػاف قػػد بايعػػو أوالً بمسػػانو ومنعػػو يػػده ,وفػػى النيايػػة بايعػػو باليػػد والمسػػاف ,أمػػا
ــــــــ ـ
( )1ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين . 351 / 6
( )2ا ل ت م ن ن ادلى ا اش ق . 351 / 6
.ـ ص ن 52ةـ أـ ( )3يىا ا يف ةق ن ن ثم ن تفة قً ن أ و كى اشب ق ن دتب األ ائ تل ص اش الئ
ا ل جى ن اشةوا ق ايى ن ل أ اشى ،اشضقل اشنن ن 341/1ة أ
73 نطام احلكم يف االسالم
,حيػػث اجتمػػع النػػاس فػػى المسػػجد فقػػاـ البػػاقوف مػػف الصػػحابة فقػػد بػػايعوا عميػاً
الزبيػػر بػػف الع ػواـ وخطػػب فػػى النػػاس قػػائبلً بعػػد أف حمػػد اهلل وأثنػػى عميػػو " أييػػا
ب بيا اليوى ,وقد تشػاورنا فرضػينا الناس ,إف اهلل قد رضى لكـ الشورى ,فأَ ْذ َى َ
عمي ػاً فبػػايعوه ,فػػانطمؽ النػػاس إلػػى عمػػى فػػى داره ليبػػايعوه فػػأبى مبػػايعتيـ وردىػػـ
"(ٔ) قائبلً " :ليس ىذا لكـ ,إنما ىو ألىؿ الشورى وأىؿ بدر ...فانصرفوا عنو
.
مػع عػدـ ثـ تحػدث بعضػيـ إلػى بعػض وقػالوا :يمضػى خبػر قتػؿ عثمػاف
البيعة ألمير بعده ,فيثػور النػاس ,فػبل تػأمف أف يكػوف فػى ذلػؾ الفسػاد ,ارجعػوا
ػي
إلى عميػاً فػبل تتركػوه حتػى يبػايع ػ أى يقبػؿ البيعػة ػ و ارحػوا يتػرددوف عمػى عم ّ
ومعيػػـ األشػػتر النخعػػى ليبػػايعوه وىػػو يقػػوؿ ليػػـ مثػػؿ مػػا قػػاؿ ليػػـ أوالً ,إال أنيػػـ
أصروا عمى مبايعتو وأخذ األشتر يكممو فيرغبو تارة بأنػو ىػو أفضػؿ النػاس ليػا ,
وأف أحداً ال يشبيو ,ويرىبو أخرى بأنو لو لـ يقبػؿ المبايعػة لربمػا تقػع فتنػة كبيػرة
ليػـ فمسػؾ األشػتر تشؽ صفوؼ المسمميف ,وأماـ ىذا اإلصػرار انصػاع عمػى
بيده فبايعو ,ثـ بايعو مف معػو ,ثػـ أقبػؿ سػيدنا عمػى إلػى المسػجد الشػريؼ لعقػد
ميثػػاؽ البيعػػة العامػػة مػػع بػػاقى المسػػمميف ,وكػػاف أوؿ مػػف صػػعد المنبػػر طمحػػة
رضػ ػػى اهلل عػ ػػنيـ أجمعػ ػػيف وبايعػ ػػو بيػ ػػده ثػ ػػـ الزبيػ ػػر وسػ ػػعد وأصػ ػػحاب النبػ ػػى
بػأف واستكماالً ألمر البيعة أشار عبد اهلل بف عباس عمى عمػى بػف أبػى طالػب
يرسؿ بالبيعة إلى اآلفاؽ ,ففعؿ ذلؾ فجاءتو مف كؿ مكاف ,إال ببلد الشاـ التى
عامبلً عمييا مف قبؿ عثماف بف عفاف . كاف معاوية بف أبى سفياف
ــــــــ ـ
. ( )1يىا ا ىف دش ن ا ل بن ن ادلى ا اش ق 46 / 1 .ة أ
74 نطام احلكم يف االسالم
وعمى الرغـ مف أف بيعة سيدنا عمػى كانػت ػ إلػى حػد مػا ػ أضػعؼ مػف بيعػة
الخمفػ ػػاء الثبلثػ ػػة السػ ػػابقيف عميػ ػػو حيػ ػػث وقعػ ػػت فػ ػػى عصػ ػػر كانػ ػػت تسػ ػػوده الفػ ػػتف
واالضػ ػػطرابات السياسػ ػػية ,إال أنيػ ػػا تمػ ػػت باالختيػ ػػار الحػ ػػر مػ ػػف قبػ ػػؿ المسػ ػػمميف
القتناعيـ بأنو أفضؿ مف يمى أمور المسمميف بعد مقتؿ سيدنا عثماف ,وقد عبػر
بالخبلفػة فقػاؿ " :الحقيػػؽ ابػف حجػر الييتمػػى عػف أحقيػة عمػػى بػف أبػى طالػػب
بالخبلفػػة بعػػد األئمػػة الثبلثػػة ىػػو اإلمػػاـ المرتضػػى والػػولى المجتبػػى عمػػى بػػف أبػػى
طالب ,باتفاؽ أىػؿ الحػؿ والعقػد عميػو كطمحػة والزبيػر وأبػى موسػى وابػف عبػاس
وخزيمػػة بػػف ثابػػت وأبػػى الييػػثـ بػػف النبيػػاف ومحمػػد بػػف مسػػممة وعمػػار بػػف ياسػػر "
وقػػد ذكػػر ابػػف حجػػر ,أف اإلجمػػاع انعق ػػد عمػػى ذلػػؾ ,ووجػػو انعقػػاده فػػى زم ػػف
الشورى عمى أنيا لو أو لعثماف ,وىذا إجمػاع عمػى أنػو لػوال عثمػاف لكانػت لعمػى
,فحيف خرج عثماف بقتمو مف البيت عمـ أنيا بقيت لعمى إجماعاً ,كمػا نقػؿ ابػف
حجػػر عػػف إمػػاـ الحػػرميف الجػػوينى قولػػو " :وال اكتػراث بمػػف قػػاؿ ال إجمػػاع عمػػى
. "(ٔ) إمامة عمى ,فإف اإلمامة لـ تجحد لو ,وانما ىاجت الفتنة ألمور أخرى
" :إف ال ػػديف(ٕ) وف ػػى ذات المعن ػػى ق ػػاؿ ص ػػاحب كت ػػاب الغني ػػة ف ػػى أص ػػوؿ
الخبلفة بعده ػ أى بعد عثماف ػ لعمى بإجماع القوـ عميو وعقدىـ الخبلفة لو " .
وقد عبر ابف سعد فى الطبقات الكبرى عف ذلػؾ أيضػاً بقولػو " :وبويػع عمػى
بف أبى طالب Pبالمدينة الغد مف يوـ مقتؿ عثماف بالخبلفة بايعو طمحة والزبير
ــــــــ ـ
( )1يىا ا ىف دش ا ل جى اذل م اشةوا ق ايى ن . 349/1
( )2أ ــو نــأ ب ـ اشــىإل ــل زلم ـ ادل ــوىل اشي ـ ،أ ن اشغال ــن ىف أيــول اش ـ يل ة ن ــن اخل ـ ة ت األحب ـ ث اشثق ،ــن .
ن ص ن 187ـ يىا ا ىف دات ادلأـُب ن ا ـل ت م ـن ن ّب ت .ط 1987 1 /م حتق ق /م أ اش يل أإ
ةالب ج اش الن اشالبوين 535 / 1 .ة أ .
75 نطام احلكم يف االسالم
وسعد بف أبى وقاص وسعيد بف زيد بف عمرو بف نفيػؿ وعمػار بػف ياسػر وأسػامة
بف زيد وسيؿ بف حنيؼ وأبو أيوب األنصػارى ومحمػد بػف مسػممة وزيػد بػف ثابػت
وغيػػرىـ وخزيمػػة بػػف ثابػػت وجميػػع مػػف كػػاف بالمدينػػة مػػف أصػػحاب رسػػوؿ اهلل
"(ٔ) .
وممػػا سػػبؽ يتضػػح أف خبلفػػة سػػيدنا عمػػى جػػاءت باالختيػػار الحػػر مػػف قبػػؿ
المسمميف ال فرؽ بيف الموظفيف منيـ وغير الموظفيف .
وبعد ...فيؤالء األئمة األربعة المجمػع عمػى عػدليـ وفضػميـ(ٕ) ,وعصػرىـ
يسػػمى عص ػر الخبلفػػة الكاممػػة أو ال ارشػػدة ,وبعػػد عصػػرىـ تمقػػب رياسػػة الدول ػػة
( بالمم ػػؾ ,فق ػػد روى شػ ػريح ب ػػف النعم ػػاف ع ػػف س ػػفينة ق ػػاؿ :ق ػػاؿ رس ػػوؿ اهلل
الخبلفة فى أمتى ثبلثوف سنة ثـ ممؾ بعد ذلؾ ,ثـ قػاؿ لػى سػفينة أمسػؾ خبلفػة
أبػػى بكػػر وخبلفػػة عمػػر وخبلفػػة عثمػػاف ,ثػػـ قػػاؿ لػػى أمسػػؾ خبلفػػة عمػػى ,قػػاؿ
فوجػػدناه ثبلثػػيف سػػنة ,قػػاؿ سػػعيد فقمػػت لػػو إف بنػػى أميػػة يزعمػػوف الخبلفػػة فػػييـ
. )(ٖ) فقاؿ :كذبوا بنوا الزرقاء بؿ ىـ مموؾ مف شر المموؾ
ــــــــ ـ
( )1ا ل نأ اشعبق ت اشكرب ن . 31 / 3
( )2أ و احل ل األ أى ن ام نن ل أيول اش ي نن .ص ن . 251
ب اشفًب .ـ ب ةـ ـ ء ىف اخللفـ ء ـ يث ـم 513 / 4 . 2226ـ احلـ يث يـممه ( )3اشَبةل ن نالل اشَبةل
اشي خ األشب او أإ ن ىف ة ال و .ة ال األنة ةل يث أ ب اشـىإل نـف الن .ةـوىل نـول اهلل ـم
. 221 / 5 21969ـ ل الــه ــأ ب األ ن ـ ؤ ط إن ـال أو ــل شــه ثق ـ ت ـ ل اشةــم ح ـ ا ــل ب ـ ن .
يــم ح ا ــل ب ـ ن .ـ ب اش ـ يخ ـ ب إيب ـ و ــل ةال ــب اشة ــم ن .ــم 392 / 15 . 6943أ ــو
احل ل ل ل اجلأ ـل ب ـ اجلـو ى اشبغـ اأ ة ـال اجلأـ .ة ن ـن نـ أ ـّب ت .ط 1411 . 1 /ـ ـ
م . 3323ص ن 479اشلفمح شلَبةل . 1991م .حتق ق ةى أإ
76 نطام احلكم يف االسالم
وىذا يدؿ عمى أف خبلفة األئمة األربعػة ىػى الخبلفػة الكاممػة التػى يجػب أف
يقتػػدى بيػػا ويرجػػع إلييػػا والػػى المبػػادئ السياسػػية التػػى أقرتيػػا عنػػد اختيػػار رئػػيس
الدولة اإلسبلمية .
وأمػا مػا جػرى مػف عمػى والزبيػر وعائشػة ػ رضػى اهلل عػنيـ أجمعػيف ػ فإنمػا
كػػاف عمػػى تأويػػؿ واجتيػػاد ,وكميػػـ مػػف أىػػؿ االجتيػػاد ,وقػػد شػػيد ليػػـ النبػػى
بالجنة ,والشيادة تدؿ عمى أنيـ كانوا عمػى حػؽ فػى اجتيػادىـ وكػذلؾ مػا جػرى
بػيف سػيدنا عمػ ى ومعاويػة ػ رضػى اهلل عنيمػا ػ كػاف يػدؿ عمػى تأويػؿ واجتيػاد ,
فكػػؿ الصػػحابة أئمػػة مػػأمونوف غيػػر متيمػػيف فػػى الػػديف ,وقػػد أثنػػى اهلل ورسػػولو
. "(ٔ) عمييـ أجمعيف
ونخمص مف العرض السابؽ لكيفية تولية الخمفاء األربعػة ػ رضػى اهلل عػنيـ
ػ ػ إلػػى أنيػػا قػػد جػػاءت باالختيػػار أو االنتخػػاب الحػػر مػػف قبػػؿ جميػػع المسػػمميف ,
المػػوظفيف مػػنيـ وغيػػر المػػوظفيف ,س ػواء كػػاف االنتخػػاب بشػػكؿ مباشػػر أو عمػػى
مرحمتيف ,كما ىػو الحػاؿ فػى اختيػار سػيدنا عثمػاف ,حيػث تػـ ترشػيحو مػف قبػؿ
أىؿ الشورى أوالً ,ثـ قاـ المسمموف بمبايعتو .
واختيار الخميفة ػ رئيس الدولة ػ سواء كاف مف قبػؿ أىػؿ الشػورى أو مػف قبػؿ
األمة مباشرة
ــــــــ ـ
( )1أ و احل ل األ أى ن ام نن ل أيول اش ي نن .ص ن . 251
77 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثالث
شروط اإلماـ
-1اإلسالـ
ىذا الشرط في اإلماـ مف الشروط المتفؽ عمييا بيف الفقياء ,فبل يجوز
لمكافر أف يكوف رئيساً لمدولة اإلسبلمية ,ألف إمامة المسمميف تقتضي مف اإلماـ
نشر اإلسبلـ وحماية المسمميف ,وحماية مصالح األمة ونحوىا ,وىذه األمور ال
تتأتى مف الكافر.
-2الحرية
لو حرية التصرؼ بنفسو ومالو ,فكيؼ يكوف لو التصرؼ بشعب بأكممو كما أف
الرؽ مزيؿ لمييبة ,فالرقيؽ ال ييابو الناس ,وربما احتقروه ,واستنكفوا عف
طاعتو ,وفي ىذه الحاؿ ال تنتظـ الطاعة لمرقيؽ التي ىي مف واجبات الرعية
(ٔ)
لموالي .
ولكف إذا تغمب غير الحر وحصمت لو اإلمامة وجبت طاعتو واف كاف عبداً
حبشياً ,وحرـ الخروج عميو ,إخماداً لمفتنة وصوناً لمدماء ,تحقيقاً لمصمحة
(ٕ)
األمة .
-3الذكورة
اتفؽ سمؼ ىذه األمة وخمفيا عمى أنو ال يجوز لممرأة أف تمي اإلمارة ,لما
ورد في صحيح البخاري مف حديث أبي بكرة (رضي اهلل عنو) قاؿ لما بمغ
رسوؿ اهلل (( )أف أىؿ فارس قد ممكوا عمييـ بنت كسرى قاؿ ((:لف يفمح قوـ
(ٖ)
.قاؿ ابف حجر :المنع مف أف المرأة ال تمي القضاء ولوا أمرىـ امرأة))
واإلمارة ىو قوؿ الجميور (ٗ).
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس ,النظاـ السياسي في اإلسبلـ صٕ. ٔٛ
(ٕ) انظر :الشنقيطي ,أضواء البياف ٔ . ٕٔٛ/والدميجي ,اإلمامة العظمى عند أىؿ السنة والجماعة ص
ٕٕٗ .
(ٖ) كتاب المغازي ,حديث رقـ ٕ٘ٗٗ .
(ٗ) فتح الباري . ٕٔٛ/ٛ
79 نطام احلكم يف االسالم
ومف قاؿ إف الحديث خاص بالفرس فقولو باطؿ ألف العبرة بعموـ المفظ ال
بخصوص السبب ,كما أف النكرة في سياؽ النفي تقتضي العموـ فالحديث عاـ
في كؿ قوـ .
والمرأة أقؿ كفاءة مف الرجؿ في إدارة شئوف الدولة في الحرب والسمـ ,
فالرجؿ أقوى عقبلً ,وأعدؿ نظرة ,وأشد حزماً مف المرأة .وقد جعؿ اهلل سبحانو
وتعالى لمرجؿ القوامة عمى المرأة لقولو تعالي {الرجاؿ قواموف عمى النساء بما
(ٔ)
,وقوامة الرجؿ عمى المرأة تقتضي تفوقو في فضؿ اهلل بعضيـ عمى بعض}
القدرة عمييا ,
,قاؿ ابف سعدي (( :فضؿ الرجاؿ عمى النساء مف وجوه متعددة ,مف كوف
الواليات مختصة بالرجاؿ ,والنبوة ,والرسالة .)ٕ())...
-4القوة
(ٔ)
. القوة في المغة ضد الضعؼ ,وقد تكوف في البدف ,وقد تكوف في العقؿ
وتعني في اصطبلح الفقياء " ممكة تقتضي سيولة اإلقداـ عمى المأمور بو,
(ٕ)
. واإلحجاـ عف المنيي عنو "
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة النساء ,اآلية ٖٗ .
(ٕ) تيسير الكريـ الرحمف في تفسير كبلـ المناف ٕ. ٙٓ/
(ٔ) لويس المعموؼ :المنجد صٗ – ٙٙ٘ ,ٙٙمجمع المغة العربية :المعجـ الوجيز صٕٕ٘ – ابف
منظور :لساف العرب ٘ٔ – ٕٓٚ/محمد بف أبي بكر عبدالقادر الرازي :مختار الصحاح ,ط /
دار الجيؿ ,بيروت ٔٗٓٚىػ ٜٔٛٚ-ـ ص. ٘٘ٛ
ي :تفسير الفخر
(ٕ) اإلماـ محمد الرازي فخر الديف ابف العبلمة ضياء الديف عمر المشتير بخطيب الر ّ
=
81 نطام احلكم يف االسالم
ومف ىنا البد أف يكوف المرشح لرئاسة الدولة ذا طاقة وقدرة عمى تحمؿ أعباء
المنصب المسند إليو؛ لذا عرؼ القوي في االصطبلح بأنو " :مف تتوافر فيو
(ٖ)
. القدرة البدنية والذىنية التي يتطمبيا العمؿ بحسب طبيعتو ,ومتطمبات أدائو "
والقدرة البدنية تقتضي سبلمة الجسـ مف األمراض ,أما القدرة الذىنية فتستمزـ
سبلمة العقؿ مف اآلفات .
إذاً فالقوة صفة يجب توافرىا في كؿ مف يستعاف بيـ في الوظيفة العامة أكد
وؿ َك ِر ٍيـ * ِذي قُوٍة ِع ْن َد
س ٍعمييا القرآف الكريـ في قولو : --إِن ُو لَقَ ْو ُؿ َر ُ
يف * ,)ٗ( وفي قولو --عمى لساف ابنة اع ثَـ أ ِ
َم ٍ ط ٍ ش َم ِك ٍ
يف * ُم َ ِذي ا ْل َع ْر ِ
ــــــــ ـ
=
الرازي المشتير بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب ,ط /دار الفكر ,المجمد الحادي عشر ص, ٖٜٔ
وقريب مف ىذا المعنى ,اإلماـ جعفر بف محمد بف جرير الطبري :جامع البياف في تفسير القرآف ط/
الرابعة ٓٓٗٔىػٜٔٛٓ-ـ ,ط /دار المعرفة ,بيروت ,المجمد الثامف صٕٗ – اإلماـ نظاـ الديف
الحسف بف محمد بف حسيف القمي النيسابوري :تفسير غريب القرآف ورغائب الفرقاف ,بيامش جامع
البياف ,المجمد الثامف صٖٗ – اإلماـ إسماعيؿ حقي البروسوي :تفسير روح البياف ,ط /دار
الفكر ,ط /بدوف تاريخ ,المجمد الخامس ص. ٖٜٔ
(ٖ ) د /عيسى عبده ,وأحمد إسماعيؿ الحسيني :العمؿ في اإلسبلـ ,ط /دار المعارؼ ,القاىرة ,ط/
بدوف تاريخ ص. ٕٔٛ
(ٗ) سورة التكوير اآليات (. )ٕٔ-ٜٔ
81 نطام احلكم يف االسالم
ي ْاأل ِ ِ
يف,)٘(وىذه اآلية
َم ُ ْج ْر َت ا ْلقَ ِو ُّ استَأْ ِج ْرهُ إِف َخ ْي َر َم ِف ْ
استَأ َ شعيب َ :يا أ ََبت ْ
()ٙ
جاءت بأوؿ قاعدة وضعيا اإلسبلـ في انتقاء الموظفيف
وقد أوضح سيدنا عمر بف الخطاب --معالـ ىذه القوة ,بأنيا قوة غير
عاتية ,قواميا الرفؽ والرحمة ,حيث أثر عنو قولو " :إف ىذا األمر –يعني
الوظيفة العامة -ال يصمح إال بالقوة التي ال جبرية فييا ,وبالميف الذي ال وىف
(ٔ)
. فيو "
فالقوة في مجاؿ التوظؼ تعني " الكفاءة البدنية والفنية المؤىمة لتولي الوظيفة
العمومية" .
ومف ىنا فترتكز القوة في مجاؿ الوظيفة العامة عمى جانبيف ,األوؿ :الكفاءة
البدنية ,والثاني الكفاءة الفنية .
مف اختياره إذا لـ يكف مرضو معدياً ,فإذا كاف معدياً فبل يجوز اختياره ؛ حتى ال
يصاب جميور
المتعامميف معو بيذا المرض ,مف باب تحمؿ الضرر األدنى لدفع الضرر األكبر
أو مف بػاب تحمؿ الضرر الخاص لدفع الضرر العاـ ,وتطبيقاً لقاعدة أساسية
مف القواعد التي تبنى عمييا أحكاـ الشريعة اإلسبلمية وىي قاعدة " دفع المضرة
(ٔ)
. مقدـ عمى جمب المنفعة"
فقد أفاض عمماء اإلسبلـ فييا شرحاً وتفصيبلً, أما عف سالمة األعضاء
ولقد سبؽ القوؿ بأف القدر المتطمب توافره منيا يتوقؼ عمى نوع الوظيفة
(ٕ)
,فإذا كانت الوظيفة مف الوظائؼ القيادية,فبلبد وأف يختار ومتطمبات أدائيا
ليا أشخاص ممف يوقروف في الصدور ,ويمتازوف بالييبة واإلجبلؿ ,وىذا يستمزـ
توافر قدر مف السبلمة أكبر مف القدر المتطمب فيمف يولوف وظائؼ غير قيادية
أو قميمة األىمية .
ــــــــ ـ
(ٔ ) اإلماـ تاج الديف عبدالوىاب بف عمي بف عبدالكافي السبكي :األشباه والنظائر ,تحقيؽ /عادؿ أحمد
عبدالموجود ,عمي محمد عوض ,ط /دار الكتب العممية ,بيروت ,ط /األولى ٔٔٗٔىػٜٜٔٔ-ـ
ٔ – ٔٓ٘/د /عبدالعزيز محمد عزاـ :المقاصد الشرعية في القواعد الفقيية ,ط /دار البيػاف
لمطباعػة والنشر ٕٔٓٓـ صٕ٘ٔ .
(ٕ) د /ماجد الحمو :القانوف اإلداري صٖٕٗ .
84 نطام احلكم يف االسالم
ومف ىنا نجد الفقياء(ٖ)يقسموف أوجو النقص التي تؤثر عمى سبلمة األعضاء
إلى أربعة أقساـ -:
القسـ األوؿ -:
النقص المفقد لمقدرة عمى العمؿ ,كفقد اليديف أو الرجميف ,أو عجزىما –
الشمؿ , -وىذا النقص تنتفي معو صبلحية الموظؼ العضوية لموظيفة ,إذا
كانت تستمزـ نشاطاً بدنياً وحركة دائمة ,أما إذا لـ تتطمب ذلؾ بأف كاف قواميا
العقؿ والفكر فيجوز إسنادىا ليذه النوعية مف الموظفيف ,حيث أجاز الماوردي
إسناد وظيفة القضاء لممقعد ؛ لعدـ تأثير ذلؾ عمى عقمو وال يشيف حكمو(ٗ) ,واف
كاف إسنادىا لؤلصح أفضؿ .
ــــــــ ـ
(ٖ) أحمد عبداهلل القمقشندي :مآثر اإلناقة في معالـ الخبلفة ,تحقيؽ /عبدالستار أحمد فراج ,مف سمسمة
التراث العربي ,طبع /الكويت ٜٗٔٙـ ٔ – ٖٗ/الماوردي :األحكاـ السمطانية صٖٗ – ٗٗ ,أبو
يعمى :األحكاـ السمطانية صٕٕ .
(ٗ) الماوردي :الحاوي الكبير ٕٓ. ٕٕٓ/
(٘) الماوردي :األحكاـ السمطانية صٗٗ – أبو يعمى :األحكاـ السمطانية صٕٕ .
85 نطام احلكم يف االسالم
أما الوظائؼ غير القيادية خاصة التي تعتمد عمى الرأي والعقؿ وال تتطمب
كماؿ الحركة فبل بأس مف اختيار مف لحقو ىذا النقص ليا ,السيما إف تميز
(ٔ)
. بحكمة بالغة وعقمية يانعة تجعمو أصمح مف غيره لتولي أعبائيا
ــــــــ ـ
(ٔ) د /فاروؽ النبياف :نظاـ الحكـ في اإلسبلـ صٕ , ٗٙعف د /محمد باىي أبو يونس :االختيار
عمى أساس الصبلحية لموظيفة العامة ص٘٘ .
(ٕ ) أستاذنا الدكتور /فؤاد النادي :موسوعة نظاـ الحكـ في اإلسبلـ ,الكتاب الثاني طرؽ اختيار الخميفة
رئيس الدولة في الفقو السياسي اإلسبلمي ,وفي النظـ الدستورية المعاصرة ,ط /األولى ٓٓٗٔىػ-
ٜٓٔٛـ ,ط /دار الكتاب الجامعي ,القاىرة صٗ. ٙ
(ٖ) الماوردي :األحكاـ السمطانية ص٘ٗ – أبو يعمى :األحكاـ السمطانية صٕٕ – القمقشندي :مآثر
اإلناقػة ٔ. ٖٗ/
86 نطام احلكم يف االسالم
أما بالنسبة لسالمة الحواس :فيشترط لمف يتولى أمر الوظيفة العامة أف
يكوف سميعاً بصي اًر متكمماً؛ حتى يتسنى لو القياـ بعممو عمى أكمؿ وجو ,وكما
سبؽ أف القدر المتطمب مف سبلمة ىذه الحواس يتوقؼ عمى نوعية الوظيفة
ــــــــ ـ
(ٗ) سورة آؿ عمراف مف اآلية (. )ٖٜ
(٘ ) وفي معنى الحصور رأياف :أحدىما :أنو العنيف الذي ال يستطيع إتياف النساء ,وثانييما :أنو مف ال
ذكر لو يغشى بو النساء ,أو لو ذكر كالنواة .
يراجع في ذلؾ :الماوردي :األحكاـ السمطانية صٖٗ – ٗٗ ,أستاذنا الدكتور /محمد رأفت عثماف :
رياسة الدولة في الفقو اإلسبلمي ,ط /دار الكتاب الجامعي ,القاىرة ,ط /بدوف تاريخ ص,ٔٙٛ
. ٜٔٙ
87 نطام احلكم يف االسالم
ولوازـ أدائيا ,فسبلمة الحواس تنقسـ مف حيث تأثيرىا عمى قدرة الموظؼ
وكفاءتو في أداء عممو إلى ثالثة أقساـ .
ــــــــ ـ
(ٔ) الماوردي :األحكاـ السمطانية صٔٗ – ٕٗ ,أبو يعمى :األحكاـ السمطانية صٕٔ – القاضي
شياب الديف المعروؼ بابف أبي الدـ :أدب القضاء صٓ ٚوما بعدىا – اإلماـ أبو زكريا يحيى بف
شرؼ النووي الدمشقي :روضة الطالبيف ,ط /المكتب اإلسبلمي ٖٜ٘ٔىػٜٔٚ٘-ـ ٜٔٔٚ ,ٜٙ/
– عبلء الديف أبو بكر ابف مسعود الكساني الحنفي :بدائع الصنائع ,ط /مطبعة اإلماـ ,الناشر
زكريا عمي يوسؼ ,القاىرة ,بدوف تاريخ – ٜٗٓٚ/ٜالرممي :نياية المحتاج – ٕٖٛ/ٛكماؿ
كشاؼ القناع – ٕٜ٘ ,ٕٜٗ/ٙبرىاف الديف بف اليماـ :فتح القدير – ٕٖ٘/ٚالبيوتي :
الديف أبو الوفاء إبراىيـ بف اإلماـ شمس الديف أبو عبداهلل محمد بف فرحوف :تبصرة الحكاـ ٔ,ٔٛ/
– ٜٔأبو إسحاؽ إبراىيـ بف عمي بف يوسؼ الفيروز أبادي الشيرازي :الميذب في فقو اإلماـ
الشافعي ,وبأسفؿ الصفحة النظـ المستعذب في شرح غريب الميذب :لمعبلمة محمد بف أحمد بف
بطاؿ الركبي ,ط /عيسى البابي الحمبي ٗ ,ٕٜٓ/ط /بدوف تاريخ – الشيخ محمد عميش :شرح
منح الجميؿ ٗ – ٖٔٗ/عبداهلل بف محمود بف مودود الموصمي الحنفي :االختيار لتعميؿ المختار
وعميو تعميؽ الشيخ محمود أبو دقيقو ,ط /دار الفكر ٔ , ٖٛ/ط /بدوف تاريخ – شياب الديف أحمد
بف إدريس القرافي /الزخيرة ,تحقيؽ أ /محمد بو خبزه ,ط /دار الغرب اإلسبلمي ٓٔ , ٜٔ/ط/
بدوف تاريخ – أبو الوليد محمد بف أحمد ابف رشد القرطبي :المقدمات المميدات لبياف ما اقتضتو
رسوـ المدونة مف األحكاـ الشرعيات والتحصيبلت المحكمات ألميات مسائميا المشكبلت ,تحقيؽ /
ط /األولى ٔٗٓٛىػٜٔٛٛ-ـ سعيد أحمد أعراب ,ط /دار الغرب اإلسبلمي ,بيروت ,
=
88 نطام احلكم يف االسالم
ليستطيع بالكبلـ تنفيذ األحكاـ ,وبالبصر التفرقة بيف الشيود واألخصاـ ,وبالسمع
معرفة اإلقرار مف اإلنكار ,وغيرىا مف الوظائؼ التي يتوقؼ حسف أدائيا عمى
قوة اإلبصار ,وسبلكة اآلذاف ,وطبلقة المساف ,كوظائؼ الكتاب والبصاصيف,
والسفراء.
القسـ الثاني -:
العيوب الغير مفقدة لمقدرة عمى العمؿ ,ولكنيا تؤثر عمى كفاءة أدائو,
(ٕ)
. كالعشاء الميمي –عدـ اإلبصار بالميؿ , -وثقؿ السمع ,وتمتمة المساف
وىذه العيوب تعوؽ قدرة الشخص عف القياـ بعممو بكفاءة واقتدار ,ومف ثـ تنتفي
معيا صبلحية الشخص لتولي الوظائؼ التي تتطمب حد اإلبصار ,ولباقة
المساف ,وسبلمة اآلذاف ,كالوظائؼ الدبموماسية ؛ حيث يمزـ أف يتوافر في الرسؿ
والسفراء تماـ ىذه الحواس ,أما الوظائؼ التي ال تستمزـ ذلؾ فبل مانع مف
إسنادىا ليؤالء ,خاصة إذا كاف يرجى شفاؤىـ في ظؿ التقدـ الطبي الكبير في
عصرنا الحديث ,أو تكميؿ ىذا النقص عف طريؽ أجيزة أو معدات معاونة,
كالسماعات والنظارات الطبية .
يفرؽ بو بيف الطعوـ ,وىما كما يقوؿ الروائح ,وثانييما :فقد الذوؽ الذي
الماوردي " :ال يمنعاف مف تولي الوظائؼ القيادية ؛ ألنيما يؤثراف في المذة ,
(ٔ)
,وما داما ال يمنعاف مف تولي الوظائؼ وال يؤثراف في الرأي والعمؿ "
القيادية ,فعدـ منعيما مف تولي غيرىا مف الوظائؼ أولى ,واف كاف اختيار
السميـ األصح أفضؿ إف وجد .
ىذا بالنسبة إلى بياف معنى السبلمة الجسدية باعتبارىا أحد المعنييف ال َذ ْيف
تحوييما الكفاءة الصحية.
المعنى الثاني :يتمثؿ في األىمية العقمية -:
والتي تعني ضرورة توفر قدر مف الوعي واإلدراؾ لدى المرشح يمكنو مف
الوقوؼ عمى طبيعة العمؿ واختيار أفضؿ سبؿ إجادتو(ٕ),وىذا ما دفع فقياء
(ٖ)
إلى اشتراط البموغ اإلسبلـ
ــــــــ ـ
(ٔ) الماوردي :األحكاـ السمطانية صٕٗ – أبو يعمى :األحكاـ السمطانية صٕٔ .
(ٕ) د /محمد باىي أبو يونس :االختيار عمى أساس الصبلحية لموظيفة العامة ص. ٘ٚ
(ٖ) أبو عبداهلل محمد بف محمد بف عبدالرحمف المغربي المعروؼ بالحطاب :كتاب مواىب الجميؿ لشرح
مختصر خميؿ ,وبيامشو التاج واإلكميؿ لمختصر خميؿ :ألبي عبداهلل محمد بف يوسؼ بف أبي
القاسـ العبدي الشيير بالمواؽ ,ط /الثانية ٖٜٔٛىػ ٜٔٛٛ -ـ , ٛٛ/ٙط /بدوف ذكر لمناشر –
القرافي :الزخيرة ٓٔ – ٔٙ/ابف أبي الدـ :أدب القضاء صٓ – ٚابف مودود :االختيار لتعميؿ
ٕ – ٕٜٓ/ابف اليماـ :فتح القدير – ٕٖ٘/ٚالرممي : المختار ٔ – ٔٛ/الشيرازي :الميذب
– ٜٗٓٚ/ٜالنووي :روضة الطالبيف نياية المحتاج – ٕٖٛ/ٛالكسانػي :بدائع الصنائػع
ٔٔ. ٜٙ/
91 نطام احلكم يف االسالم
والعقؿ فيمف يتولى األمر في الدولة اإلسبلمية ؛ ألنيا تحتاج إلى قوة في
الشخصية ونضج في الفكر وخبرة بأمور الحياة ؛ لكوف البموغ بداية اكتساب ىذه
الصفات .
فغير البالغ ال يجري عميو القمـ ,وال يتعمؽ بقولو عمى نفسو حكـ ,فأولى أف ال
(ٕ) (ٔ)
ويرجع ذلؾ لسببيف ,إذ ال يكوف مف أىؿ الواليات يتعمؽ بو عمى غيره حكـ
,أوليما :أف غير البالغ يحتاج في تسيير أموره إلى ولي يبلحظو ,ويشرؼ
(ٖ)
,وثانييما :أف غير عميو ,فكيؼ يجوز أف يشرؼ ىو عمى مصالح الناس
ٍ
بمكمؼ ,وأف أعمالو ال تحسب عميو شرعاً ,لربما دفعو البالغ لعممو أنو ليس
(ٗ)
. ذلؾ إلى اإلخبلؿ عمداً بالمسئولية الممقاة عمى عاتقو
ويرجع السبب في عدـ تولية غير البالغ الوظائؼ العامة إلى نقصاف عقمو
وضيؽ إدراكو ,مما يفقده القدرة عمى تحمؿ أعبائيا ,فروى نافع عف عبداهلل بف
عمر قاؿ" :عرضني رسوؿ اهلل --يوـ أحد في القتاؿ وأنا ابف أربع عشرة
سنة فمـ يجيزني وعرضني يوـ الخندؽ وأنا ابف خمس عشرة سنة فأجازني
ــــــــ ـ
(ٔ) الماوردي :األحكاـ السمطانية ص – ٕٔٛالبيوتي – كشاؼ القناع . ٕٜٗ/ٙ
(ٕ) زيف العابديف بف إبراىيـ بف نجيـ :األشباه والنظائر ,ط /دار الكتب العممية ,بيروت ٓٓٗٔىػ ٜٔٛٓ -ـ
صٖٓٚ
(ٖ) محمد بف أحمد الشربيني الخطيب :مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنياج عمى متف المنياج ألبي
زكريا يحيى بف شرؼ النووي ,ط /مصطفى البابي الحمبي ٖٔٚٚىػٜٔ٘ٛ-ـ ٗ. ٖٔٓ/
(ٗ) القمقشندي :مآثر اإلناقة ٔ. ٖٕ/
91 نطام احلكم يف االسالم
قاؿ نافع :فقدمت عمى عمر بف عبدالعزيز وىو يومئذ خميفة فحدثتو ىذا
الحديث فقاؿ :إف ىذا لحد بيف الصغير والكبير فكتب إلى عمالو أف يفرضوا
(٘)
. لمف كاف ابف خمس عشرة سنة ومف كاف دوف ذلؾ فاجعموه في العياؿ"
وىذا يدؿ عمى أف الحد األدنى لتولي الوظائؼ العامة في الدولة اإلسبلمية
ىو خمس عشرة سنة ,وىو سف التكميؼ ,وىذا ال يمنع مف رفع الحد األدنى
()ٙ
مثؿ وظيفة لمسف في الوظائؼ التخصصية التي تحتاج إلى خبرة وطوؿ ميراف
القضاء ,فقد ثبت أف النبي --حينما ولي عمياً بف أبي طالب قضاء اليمف
: -- عمي سنو فقاؿ لمرسوؿ
كاف في الثبلثيف مف عمره ,وقد استصغر ُّ
تبعثني عمى قوـ أسف مني وأنا حدث ال أبصر القضاء ,فوضع الرسوؿ--
يده عمى صدره وقاؿ :الميـ ثبت لسانو ,واىد قمبو ,يا عمي إذا جاءؾ الخصماف
فبل تقضي بينيما حتى تسمع مف اآلخر ما سمعتو مف األوؿ ,فإنؾ إذا فعمت
()ٚ
. عمى قضاء بعد ذلؾ
ذلؾ تبيف لؾ الحؽ ,فما اختمؼ ّ
ــــــــ ـ
(٘) مسمـ :صحيح مسمـ ,كتاب اإلمارة ,باب بياف سف البموغ ,ح رقـ ( – ٜٔٗٓ/ٖ , )ٔٛٙٛالبخاري :
صحيح البخاري ,كتاب الشيادات ,باب بموغ الصبياف وشيادتيـ ...ح رقـ (ٕٕ٘) )ٜٗٛ/ٕ( ,والمفظ
لمسمـ .
( )ٙد /محمد باىي أبو يونس :االختيار عمى أساس الصبلحية لموظيفة العامة ص. ٜ٘
( )ٚاإلماـ محمد أبو زىرة :المرجع في السيرة النبوية خاتـ النبييف ,--ط /دار الفكر العربي ,القاىرة ,ط/بدوف
تاريخ صٓٗٓٔ – محمد بف عبداهلل أبو عبداهلل الحاكـ النيسابوري :المستدرؾ عمى الصحيحيف ,ط /دار
بيروت ٔٗٔٔ ,ىػٜٜٔٓ-ـ ,تحقيؽ /مصطفى عبدالقادر عطا ,ط /األولى , الكتب العممية ,
أبو عبداهلل الشيباني :مسند أحمد ,ط /مؤسسة قرطبة ,مصر ,ط/ ٖ–ٔٗ٘/أحمد بف حنبؿ
بدوف تاريخ ,ح رقـ (.ٔٔٔ/ٔ , )ٕٔٛ
92 نطام احلكم يف االسالم
وىذا ال يمنع مف إسناد وظيفة القضاء إلى ما دوف الثبلثيف ما داـ لديو الخبرة
والجدارة المتيف تؤىبلنو لحسـ المنازعات وفض الخصومات بيف الناس بالقسط ,
(ٔ)
أف يحيى بف أكثـ ولي قضاء البصرة وسنو يربوا عمى فقد جاء في تاريخ بغداد
العشريف بقميؿ ,فاستصغره أىؿ البصرة ,فقالوا :كـ سف القاضي ؟ فعمـ أنو
استصغر ,فقاؿ :أنا أكبر مف عتاب بف أسيد الذي وجو بو النبي --قاضياً
- عمى أىؿ مكة يوـ الفتح ,وأنا أكبر مف معاذ بف جبؿ الذي وجو بو النبي
-قاضياً عمى أىؿ اليمف ,وأنا أكبر مف كعب بف سوار الذي وجو بو عمر
بف الخطاب قاضياً عمى أىؿ البصرة ,فكاف جوابو حجة عمييـ .
ولي
وقد جاء في الوالة والقضاة لمكندي ,أف عبدالواحد بف عبدالرحمف َّ
(ٕ)
. القضاء ولو خمس وعشروف سنة
ىذا بالنسبة لمحد األدنى مف السف لمدخوؿ في الوظيفة العامة ,أما بالنسبة
لسف التقاعد –اإلحالة إلى المعاش أو الخروج مف الوظيفة , -فقد جاء في
ــــــــ ـ
(ٔ ) أبو بكر أحمد بف عمي بف الخطيب البغدادي :تاريخ بغداد ,ط /دار الكتاب العربي ,بيروت ,ط/
بدوف تاريخ ٗٔ – ٜٜٔ/أبو العباس شمس الديف أحمد بف محمد بف أبي بكر بف خمكاف :وفيات
األعياف وأنباء أبناء الزماف ,تحقيؽ /إحساف عباس ,ط /دار صادر ٖٜٔٛىػٜٔٚٛ-ـ
. ٜٔٗ/ٙ
(ٕ ) أبو عمر محمد بف يوسؼ الكندي المصري :الوالة والقضاة ,ط /مؤسسة الخانجي ,مصر ٜٔٓٛـ
صٖٖٓ .
93 نطام احلكم يف االسالم
(ٖ)
أف الموظؼ الذي لـ يكف محجو اًر عميو ,وكاف بالغاً مراتب اإلجماع البف حزـ
حسف الديف ,سالـ االعتقاد ,ح اًر غير معتؽ ,عالماً بالحديث والقرآف والنظر
واإلجماع واالختبلؼ قاد اًر صحيحاً ,لـ تختؿ قواه العقمية يظؿ مستم اًر في عممو
إلى أف يعجز فيعزؿ أو يعتزؿ .
وىذا يدؿ عمى أف بقاء الموظؼ في عممو مرىوف بكفاءتو وقدرتو عمى تحمؿ
أعبائو بغض النظر عف كبر سنو ,والدليؿ عمى ذلؾ أف شريحاً ظؿ قاضياً عمى
وعم ّر مائة وعشريف سنة ,ولـ يتعطؿ عف القضاء
الكوفة خمساً وسبعيف سنةَّ ,
إال ثبلث سنيف زمف فتنة ابف الزبير(ٗ) .
أما عف اشتراط العقؿ لتولي الوظائؼ العامة ,فقد روي عف النبي --أنو
قاؿ " :رفع القمـ
ــــــــ ـ
(ٖ ) أبو محمد بف عمي أحمد بف حزـ األندلسي :مراتب اإلجماع ,ط /دار اآلفاؽ الجديدة ,ط /الثانية
ٓٓٗٔىػ ٜٓٔٛـ ص. ٘ٙ
(ٗ) ابف خمكاف :وفيات األعياف ٕ – ٗٙٓ/أبو الفرج عبدالحي بف عماد الحنبمي :شذرات الذىب ,ط/
دار المسيرة ,بيروت ,ط /بدوف تاريخ ٔ – ٛ٘/أبو محمد عبداهلل بف مسمـ بف قتيبة الدينوري :
كتاب عيوف األخبار ,ط /دار الكتب المصرية ,القاىرةٖٖٔٗ ,ىػٜٕٔ٘-ـ ,المجمد األوؿ صٔ,ٙ
ٕ. ٙ
94 نطام احلكم يف االسالم
عف الصبي حتى يحتمـ وعف المعتوه حتى يفيؽ وعف النائـ عف ثالثة
(ٔ)
. حتى يستيقظ "
مما يدؿ عمى أف فاقد العقؿ أو معتمو غير مكمؼ ؛ ألف العقؿ مناط التكميؼ,
وما داـ الشخص غير مكمؼ فبل يجوز إسناد الوظيفة إليو لفقده اإلدراؾ والتمييز
.
والمقصود باشتراط العقؿ فيمف يولى أمر الوظيفة العامة ليس العقؿ الذي
يتعمؽ بو التكميؼ مف حيث عممو بالمدركات الضرورية ,بؿ البد أف يكوف
صحيح التمييز جيد الفطنة بعيداً عف الميو والغفمة(ٕ) ,يتوصؿ بذكائو إلى
(ٖ)
. إيضاح ما أشكؿ ,وفصؿ ما أعضؿ
ــــــــ ـ
(ٔ) عبداهلل بف عمي بف الجارود أبو محمد النيسابوري :المنتقى ,ط /مؤسسة الكتاب الثقافية ,بيروت
ٔٗٓٛىػ ٜٔٛٛ-ـ ,تحقيؽ /عبداهلل عمر البارودي ,ط /األولى ٔ – ٕٓ٘/محمد بف إسحاؽ بف
خزيمة أبو بكر السممي النيسابوري :صحيح بف خزيمة ,ط /دار المكتب اإلسبلمي ,بيروت
ٖٜٓٔىػٜٔٚٓ-ـ ,تحقيؽ د /مصطفى األعظمي ,باب ذكر الخبر الداؿ عمى أف أمر الصبياف
بالصبلة قبؿ البموغ عمى غير اإليجاب ٕ , ٕٔٓ/وفي باب ذكر إسقاط فرض الحج عف الصبي قبؿ
البموغ ,وعف المجنوف حتى يفيؽ ٗ – ٖٗٛ/الحاكـ :في المستدرؾ عمى الصحيحيف ,حديث رقـ
(ٖٕٓ٘) , ٙٚ/ٕ ,والمفظ لمحاكـ ,وقاؿ عنو :حديث صحيح عمى شرط مسمـ .ولـ يخرجاه
ووافقو الذىبي .
(ٕ) الشربيني :مغني المحتاج ٗ – ٖٚ٘/ابف فرحوف :تبصرة الحكاـ ٔ – ٔٛ/الحطاب :مواىب الجميؿ
– ٛٛ/ٙمحمد عميش :منح الجميؿ ٗ – ٖٔٛ/الرممي :نياية المحتاج . ٕٖٛ/ٛ
(ٖ) الماوردي :األحكاـ السمطانية ص. ٕٔٛ
95 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
(ٗ) الماوردي :المرجع السابؽ ص٘ٔ .
96 نطام احلكم يف االسالم
ولكي يتحقؽ اليدؼ المنشود مف وظيفة القضاء مثبلً ,وىو حسـ النزاعات
وفصؿ الخصومات ,وايصاؿ الحقوؽ ألربابيا(ٔ) ,البد أف يكوف المرشح ليا
عالماً بالحبلؿ والحراـ وسائر األحكاـ ,وعممو بذلؾ يتطمب عممو بكتاب اهلل
(ٕ)
,ويشيد لذلؾ حديث معاذ بف جبؿ وبسنة نبيو , --وباإلجماع والقياس
حيف بعثو الرسوؿ --قاضياً ,فقاؿ لو :كيؼ تصنع إذا عرض لؾ حكـ ؟
قاؿ :أقضي بما في كتاب اهلل ,قاؿ :فإف لـ تجد ؟ قاؿ :فبسنة رسوؿ اهلل-
, -قاؿ :فإف لـ تجد ؟ قاؿ :أجتيد برأي ,فقاؿ : --الحمد هلل الذي
(ٖ)
. وفؽ رسوؿ رسوؿ اهلل لما يرضي اهلل ورسولو
ــــــــ ـ
(ٔ) البيوتي :كشاؼ القناع . ٕٜٛ/ٙ
(ٕ) الكساني :بدائع الصنائع – ٜٗٓٚ/ٜالنووي :روضة الطالبيف ٔٔ – ٜ٘/ابف أبي الدـ :أدب
صٓ – ٚشيخ اإلسبلـ أبو عمر يوسؼ بف عبداهلل بف محمد بف عبدالبر النمري القضاء
القرطبي :كتاب الكافي في فقو أىؿ المدينة المالكي ,تحقيؽ د /محمد محمد الموريتاني ,الناشر
مكتبة الرياض الحديثة ,الرياض ,ط /بدوف تاريخ صٕ٘ – ٜحساـ الديف عمر بف عبدالعزيز بف
مازة البخاري المعروؼ بالصدر الشييد :كتاب أدب القضاء شرح الخصاؼ ,تحقيؽ /محي ىبلؿ
السرحاف ,العراؽ وزارؽ األوقاؼ ,إحياء التراث اإلسبلمي ,الكتاب الثامف والعشروف ٕٔٔٚ ,ٕٔٙ/
– القرافي :الذخيرة ٓٔ – ٔٙ/الماوردي :األحكاـ السمطانية صٖٓٔ – أبو يعمى :األحكاـ
السمطانية صٔ. ٙ
(ٖ ) عبداهلل بف عبدالرحمف أبو محمد الدارمى :سنف الدارمى ,ط /دار الكتاب العربي ,بيروت ٔٗٓٚىػ
,طبعة /األولى ,تحقيؽ /فؤاد أحمد زمرلي ,ط /خالد السبع العممي ,باب الفتيا ,حديث رقـ ٔٙٛ
ٔ – ٕٚ/أحمد ابف الحسيف بف عمي بف موسى أبو بكر البييقي :سنف البييقي الكبرى ,ط /مكتبة
الباز,مكة المكرمة ٗٔٗٔىػ ٜٜٗٔـ ,تحقيؽ /محمد عبدالقادر عطا ,حديث رقـ ,ٕٕٓٔٙ
ٓٔ – ٔٔٗ/سميماف بف األشعث أبو داود السجستاني األزدي ,سنف أبػي داود ,ط /دار الفكر ,
تحقيؽ /محمد محي الديف عبدالحميد ,حديث رقـٕ. ٖٖٓ/ٖ ٖٜ٘
97 نطام احلكم يف االسالم
أما عف وظيفة قيادة الجيش ,فمكي يتحقؽ اليدؼ المرجو منيا ,وىو الدفاع
عف اإلسبلـ والمسمميف ,والتمكيف ليـ في األرض ,فبلبد وأف يتوافر فيمف يشغؿ
أمر ىذه الوظيفة العمـ التاـ بفنوف القتاؿ ,وأساليب العدو في الخداع والنزاؿ,
كما قاؿ ابف تيمية بعد أف وضع القوة في كؿ والية بحسبيا ... " :فالقوة في
إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القمب والى الخبرة بالحروب والمخادعة فييا ,فإف
وكر وفر
الحرب خدعة ,والى القدرة عمى القتاؿ مف رمي وطعف وضرب وركوب ّ
ونحو ذلؾ "(ٗ) .
فإذا توافرت ىذه الصفات في شخص وجب تقديمو عمى غيره في قيادة
الجيش ,حتى ولو كاف غيره ىذا أتقى منو وأسبؽ في اإلسبلـ ,لكونو أنفع
(ٔ)
,ويرشدنا إلى ذلؾ مسمؾ النبي --في إسناده قيادة لممسمميف مف غيره
الجيش لخالد بف الوليد؛ ألنو كاف أنكى لمعدو وأمير مف غيره في ىذا المجاؿ,
حيث قاؿ عنو النبي " : --نعـ عبداهلل وأخو العشيرة خالد بف الوليد سيؼ
(ٕ)
. مف سيوؼ اهلل سمو اهلل عمى الكفار والمنافقيف "
ــــــــ ـ
(ٗ) ابف تيمية :السياسة الشرعية صٓٔ .
(ٔ) أستاذنا الدكتور /فؤاد النادي :مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة لمقانوف في الفقو اإلسبلمي ,
ط /دار الكتاب الجامعي ,ط /الثانية ٓٓٗٔىػٜٔٛٓ-ـ ص. ٜٔٙ
(ٕ ) الييتمي :مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ,تحقيؽ /عبداهلل درويش ,ط /دار الفكر ,بيروت ٕٔٗٔىػ-
ٕٜٜٔـ – ٘ٛٓ/ٜأبو عبداهلل محمد بف عبدالواحد بف أحمد الحنبمي المقدسي :األحاديث المختارة,
ط /مكتبة النيضة الحديثة ,مكة المكرمة ٓٔٗٔىػ ,الطبعة /األولى ,تحقيؽ /عبدالممؾ عبداهلل
بف دىيش ,حديث رقـ ٘ٗ ٔ. ٖٕٔ/
98 نطام احلكم يف االسالم
وقد قدمو النبي--عمى كبار الصحابة أمثاؿ أبي بكر وعمر وعمي ممف
أسمـ مف قبؿ الفتح وقاتؿ ,بالرغـ مف ارتكابو ألفعاؿ تب أر منيا النبي --قاؿ :
(ٖ)
,وبالرغـ مف ذلؾ تمسؾ بو " الميـ إني أب أر إليؾ مما صنع خالد مرتيف "
(ٗ)
. النبي --؛ ألنو كاف أنفع لممسمميف مف غيره في ىذا الباب
وبانتياء القوؿ عف القدر البلزـ توافره مف العمـ والخبرة العممية فيمف يشغؿ
أمر الوظيفة العامة ,نكوف قد انتيينا مف الحديث عف القوة ,باعتبارىا مف أىـ
ضمانات نظاـ الجدارة ,بجانب معيار األمانة .
وأخي اًر نعود ونذكر بأف القوة بجانبييا الذيف ترتكز عمييما –الكفاءة البدنية
والكفاءة الفنية -ليست بدرجة واحدة في كؿ الوظائؼ ,وانما يختمؼ القدر
المتطمب توافره منيا باختبلؼ نوعية الوظيفة ومتطمبات أدائيا ,عمى نحو ما
سبؽ تفصيمو في حينو .
وننتقؿ اآلف إلى الحديث عف معيار األمانة لتكتمؿ الفائدة في االختيار
لموظيفة العامة .
ــــــــ ـ
(ٖ) البخاري :صحيح البخاري :كتاب المغازي ,باب بعث النبي --خالد بف الوليد إلى بني َج ِذيمة ,
ح رقـ (ٗ. ٔ٘ٚٚ/ٗ , )ٛٓٛ
(ٗ) والفعؿ الذي فعمو خالد بف الوليد وتب أر منو النبي , --أنو أرسمو إلى بني جذيمة فقتميـ وأخذ
وداىـ
أمواليـ بنوع شبية ,ولـ يكف يجوز ذلؾ ,وأنكر عميو بعض مف معو مف الصحابة ,حتى ّ
النبي --وضمف أمواليـ.
راجع :أحمد بف تيمية :السياسة الشرعية صٓٔ .
99 نطام احلكم يف االسالم
-5األمانة
(ٔ)
. األمانة في المغة ضد الخيانة ,وتطمؽ عمى الوفاء واالطمئناف والوديعة
فاألمانة تطمؽ عمى الخصاؿ الحميدة التي يجب أف يتحمى بيا كؿ مسمـ ,مف
عناية وحفظ لمحقوؽ وايصاليا ألربابيا,فاألمانة في لساف الشرع ليا داللة واسعة
(ٕ)
مدارىا جميعاً شعور المرء بجسامة المسئولية الممقاة عمى تحمؿ معاني شتى
(ٖ)
ثـ أماـ الناس . عاتقو ,وادراكو الجازـ بأنو مسئوؿ أماـ اهلل في المقاـ األوؿ
فيي تعني ,عمؿ كؿ ما هلل فيو طاعة وامتثاؿ ,واجتناب كؿ ما هلل فيو
مخالفة وعصياف(ٗ).
ويقوؿ الشيخ الغزالي " :إف األمانة تعني قياـ كؿ إنساف بما كمؼ بو ,وانجاز
(٘)
. ما تعاقد مع الدولة والجماعة عمى إتمامو "
ــــــــ ـ
(ٔ) لويس المعموؼ :المنجد في المغة واألعبلـ ص – ٔٛمجمع المغة العربية :المعجـ الوجيز صٕ٘,
. ٕٙ
(ٕ ) األمانة الزمة في جميع معامبلت اإلنساف سواء مع ربو بفعؿ المأمورات وترؾ المنييات ,أو مع نفسو
باختيار األنفع واألصمح ليا في الديف والدنيا ,أو مع سائر الخمؽ ,ويدخؿ فييا رد الودائع وعدـ
. إفشاء األسرار وعدؿ األمراء والحكاـ ...
راجع :الشيخ /محمد الرازي :تفسير الفخر الرازي . ٖٔٗ/ٜ
(ٖ ) ميدي محمد مجبر :األمانة في األداء اإلداري ,ط /مكتبة الخدمات الحديثة ,ط /األولى
٘ٔٗٔىػٜٜٔ٘-ـ صٕٓ .
(ٗ) محمد حممي محمد خضر :الرياض الندية في الخطب المنبرية ,ط /مكتبة اإلرشاد ,جدة ,ط/
الثانية ٖٔٗٔىػٜٜٕٔ-ـ ص. ٜٔٔ
(٘ ) الشيخ محمد الغزالي :اإلسبلـ والطاقات المعطمة ,ط /دار الكتب اإلسبلمية ,ط /الرابعة ,ط/
=
111 نطام احلكم يف االسالم
ويقوؿ صاحب التفسير الكبير " :إف األمانة عبارة عما إذا وجب لغيرؾ
()ٙ
. عميؾ حؽ ,فأديت ذلؾ الحؽ إليو فيذا ىو األمانة "
وتعني األمانة في منطؽ اإلدارة اإلسبلمية ,الكفاءة الخمقية التي تنبع مف
خشية اهلل ومراقبتو س اًر وعبلنية ,فبل يخوف وال يسرؽ ,وال يظمـ وال ينحرؼ ,وال
()ٚ
ويؤدي ما عميو. يسعى في األرض فساداً
(ٔ)
معايير ثبلثة لؤلمانة ىي :الخوؼ مف اهلل ,وأال ويضع ابف تيمية
يضحي بآخرتو في سبيؿ دنياه ,وأال يخشى الناس ,وىذه المعايير قد أخذىا اهلل
ش ُوا
--عمى كؿ مف تولى أمر الوظيفة العامة ,حيث يقوؿ : --فَال تَ ْخ َ
آي ِاتي ثَ َمناً َقمِيالً َو َم ْف لَ ْـ َي ْح ُك ْـ ِب َما أَ ْن َز َؿ الموُ
شتَُروا ِب َ
ش ْو ِف َوال تَ ْ
اخ َ اس َو ْالن َ
وف .)ٕ( فَأُولَ ِئ َؾ ُىـ ا ْل َك ِ
افُر َ ُ
ــــــــ ـ
=
بدوف تاريخ ص. ٖٔٙ
( )ٙاإلماـ محمد الرازي :تفسير الفخر الرازي المشتير بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب . ٔٗ٘/ٜ
( ) ٚالقاضي أبو يوسؼ بف يعقوب بف إبراىيـ :كتاب الخراج ,ط /المطبعة السمفية ومكتبتيا ,ط/
السادسة ٖٜٔٚىػ ص - ٜٔٔد /مصطفى أبو زيد فيمي :فف الحكـ في اإلسبلـ ,ص٘ٔٔ.
(ٔ) ابف تيمية :السياسة الشرعية ص – ٜاإلماـ الرازي :التفسير الكبير . ٔٗ٘/ٜ
(ٕ) سورة المائدة مف اآلية (ٗٗ) .
111 نطام احلكم يف االسالم
(ٖ)
حيف واله عمى مصر " : ويقوؿ سيدنا عمي بف أبي طالب لؤلشتر النخعي
...ثـ انظر في أمور عمالؾ فاستعمميـ اختبا اًر وال توليـ محاباة وأثرة ,فإنيما
جماع مف شعب الجور والخيانة ,وتوخ منيـ أىؿ التجربة والحياء والورع مف أىؿ
البيوتات الصالحة والقدـ في اإلسبلـ " ...ثـ قاؿ لو أيضاً ... " :ثـ انظر في
حاؿ كتابؾ ,فوؿ عمى أمورؾ خيرىـ ,واخصص رسائمؾ التي تدخؿ فييا مكائدؾ
وأسرارؾ بأجمعيـ لوجود صالح األخبلؽ . " ...
ومف ىنا يتضح أف مف ولي أم اًر عاماً مف أمور المسمميف البد وأف يكوف
مسمماً تقياً حفيظاً عمى ما يؤتمف عميو مف أسرار وأمواؿ؛ ألف الوظيفة العامة
أمانة يجب أف ال يختار ليا إال مف كاف أميناً قوياً عمى تحمؿ أعبائيا ,يقوؿ
َىمِ َيا َوِا َذا َح َك ْمتُ ْـ َب ْي َف َف تُ َؤُّدوا ْاألَما َن ِ
ات إِلَى أ ْ َ ْمُرُك ْـ أ ْ ِ
اهلل : --إف الم َو َيأ ُ
َف تَ ْح ُك ُموا ِبا ْل َع ْد ِؿ ,)ٗ( يقوؿ الطبري :إف ىذه اآلية تعتبر خطابا لوالة الن ِ
اس أ ْ
أمور المسمميف بأداء األمانة إلى مف ولوا أمرىـ في فيئيـ وحقوقيـ ,وما ائتمنوا
عميو مف أمورىـ بالعدؿ ,فقد نقؿ عف سيدنا عمي قولو " :حؽ عمى اإلماـ أف
ــــــــ ـ
(ٖ ) محمد الرضى بف الحسف الموسوي :نيج الببلغة مف كبلـ اإلماـ عمي ,شرح الشيخ /محمد عبده,
ٖ – ٔٓ٘-ٕٔٓ/محمد كرد عمي :اإلسبلـ والحضارة العربية ٕ - ٕٔٗ/أستاذنا الدكتور /جعفر
عبدالسبلـ :نظاـ الدولة في اإلسبلـ مع المقارنة بالفقو الوضعي ,ط /رابطة الجامعات اإلسبلمية ,
القاىرة ٕٕٕٔٗٔٔٗ-ىػ ٕٕٓٓ-ٕٓٓٔ-ـ ,ص٘ ٔٙوما بعدىا .
(ٗ) سورة النساء مف اآلية (. )٘ٛ
112 نطام احلكم يف االسالم
يحكـ بما أنزؿ اهلل ,وأف يؤدي األمانة ,فإذا فعؿ ذلؾ ,فحؽ عمى الناس أف
يسمعوا ويطيعوا ,وأف يجيبوا إذا دعوا "(٘).
ويؤكد النبي --كوف الوظيفة أمانة ال يجوز إسنادىا إال لمف كاف أميناً
قوياً عمى رعايتيا ,حينما قاؿ ألبي ذر عندما جاءه طالباً الوظيفة " :يا أبا ذر
إنيا أمانة ,وانيا يوـ القيامة خزي وندامة ,إال مف أخذىا بحقيا وأدى الذي عميو
()ٙ
. فييا "
وروي عنو --قولو ":إذا ضيعت األمانة فانتظر الساعة ,قاؿ :وما
أضاعتيا يا رسوؿ اهلل ؟
(ٔ)
. قاؿ :إذا أسند األمر إلى غير أىمو فانتظر الساعة "
فالخائف ال مكاف لو في الوظيفة العامة حتى ولو كاف قوياً ؛ ألنو غير أميف
عمى ما تحت يده مف أمور المسمميف ,فضبلً عف أف الخيانة تعد مف عبلمات
إذا حدث كذب واذا وعد النفاؽ ,يقوؿ النبي " : --آية المنافؽ ثالث
(ٕ)
,والمنافؽ ال يجوز تقميده ألنو مخادع ,يقوؿ-- أخمؼ واذا أؤتمف خاف "
ــــــــ ـ
(٘ ) أبو جعفر بف جرير الطبري :جامع البياف عف تأويؿ آي القرآف ,ط /مصطفى البابي الحمبي ,ط/
الثالثة ٖٔٛٛىػٜٔٙٛ-ـ ٘ ٔٗٗ/وما بعدىا .
( )ٙمسمـ بف الحجاج أبو الحسف القشيري النيسابوري:صحيح مسمـ,ط/دار إحياء التراث العربي,بيروت ,
تحقيؽ /محمد فؤاد عبدالباقي ,ط /بدوف تاريخ ,حديث رقـ (ٕ٘ , )ٔٛباب كراىية اإلمارة بغير
ضرورة ٖٔٗ٘ٚ/
(ٔ) الحافظ شياب الديف أبو الفضؿ العسقبلني المعروؼ بابف حجر :فتح الباري بشرح صحيح البخاري
,ط /مصطفى البابي الحمبي ٖٔٚٛىػٜٜٔ٘-ـ . ٔٔٚ ,ٔٔٙ/ٔٗ ,
(ٕ) مسمـ :صحيح مسمـ ,حديث رقـ , ٜ٘باب بياف خصاؿ المنافؽ ٔ – ٚٛ/البخاري :صحيح
البخاري ,حديث رقـ ٖٖ ,باب عبلمة المنافؽ ٔ , ٕٔ/وفي باب أمر بإنجاز الوعد ,تحت رقـ
=
113 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
=
, ٔٓٔٓ/ٖ , ٕٖ٘ٙوأيضاً في ٘. ٕٕٕٙ/
(ٖ) سورة النساء مف اآلية (ٕٗٔ) .
(ٗ) مسمـ :صحيح مسمـ ,باب استحقاؽ الوالي الغاش لرعيتو النار تحت رقـ ٕٗٔ ٔ. ٕٔٙ/
(٘) سورة الحديد مف اآلية (ٕ٘) .
( )ٙابف تيمية :السياسة الشرعية صٗٔ .
114 نطام احلكم يف االسالم
وقد اشترط الماوردي عدة شروط لكي تتحقؽ العدالة المطموبة فيمف يشغؿ
وظيفة القضاء ,أو أي وظيفة في الدولة اإلسبلمية ,فقاؿ " :والعدالة أف يكوف
صادؽ الميجة ,ظاىر األمانة ,عفيفاً عف المحارـ ,متوقياً المآثـ ,بعيداً عف
(ٖ)
. الريب ,مأموناً في الرضا والغضب ,مستعمبلً لمروءة مثمو في دينو ودنياه "
والعدالة بيذا المعنى ال تنتفي بفسؽ الجوارج فحسب ,وانما تنفي أيضاً بالظمـ
والطغياف ,وفي ذلؾ يقوؿ التفتازاني " :إف الفاسؽ ال يصمح ألمر الديف ,وال
يوثؽ بأوامره ونواىيو ,والظالـ يختؿ بو أمر الديف والدنيا فكيؼ يصمح لموالية –
الوظيفة -وما الوالي –الموظؼ -إال لدفع شره أليس مف العجيب استرعاء الذئب
(ٗ)
. "
ــــــــ ـ
(ٔ) مجمع المغة العربية :المعجـ الوجيز ص. ٜٗٓ
ي الكمبي :
(ٕ) الشربيني :مغني المحتاج ٗ – ٕٗٚ/اإلماـ أبو عبداهلل محمد بف أحمد بف محمد بف ُجز ّ
القوانيف الفقيية ,ط /دار الكتاب العربي ,بيروت ,ط /األولى ٗٓٗٔىػٜٜٔٗ-ـ صٖٖٓ .
(ٖ) الماوردي :الحاوي الكبير ٕٓ ,ٕٕٖ/ولفضيمتو أيضاً :األحكاـ السمطانية ص. ٕٜٔ
(ٗ) سعد الد يف عمر التفتازاني :شرح مقاصد الطالبيف في عموـ أصوؿ الديف ,ط /دار الطباعة ,
األستانة ٕٔٚٚىػ ٕ. ٕٖٓ/
115 نطام احلكم يف االسالم
آم ُنوا إِ ْف َج َ
اء ُك ْـ يف َ ُّيا ال ِذ َ
فالفاسؽ ال يجوز توليو ,لقولوَ : --يا أَي َ
ص ِب ُحوا َعمَى َما فَ َع ْمتُ ْـ َن ِاد ِم َ ٍ ؽ ِب َنبٍأ فَتَبي ُنوا أ ْ ِ ِ
يف يبوا قَ ْوماً ِب َج َيالَة فَتُ ْ
َف تُص ُ فَاس ٌ َ َ
(٘) ,ومف غير المعقوؿ أف نبحث ونتحرى مدى صحة أقوالو وتصرفاتو حتى
تقبؿ ,وتترتب عمييا آثارىا القانونية ,واال لو فعمنا ذلؾ لضاعت المصمحة
العامة ,فضبلً عف أف الفاسؽ غير أىؿ لتدبير شئوف نفسو ,فكيؼ يكوف مؤتمناً
()ٚ
. عمى أمور المسمميف( ,)ٙوىو شخص غير موثوؽ فيو
وكما يمنع الفسؽ مف تولية الوظائؼ العامة ,يمنع كذلؾ الظمـ والطغياف ؛
ألف الغرض مف وجود الوظائؼ نصرة المظموـ واألخذ عمى يد الظالـ ,وايصاؿ
الحقوؽ ألصحابيا ,فإذا كاف مف يقوـ بيذه الميمة ىو نفسو مف الظالميف ,فمف
يأخػذ عمى يده وينيره ويأخذ الحؽ منػو ؟ أليس
بعجيب تكميؼ الذئب برعي الغنـ ؟ واهلل إنو لعجيب ! ,فكيؼ يعطي الحؽ
لمف ال يكفمو ,والسمطة لمف يجب أف تمارس عميو ,وتطبيؽ القانوف لمف يخالفو
ويتعدى عميو(ٔ) ,فيؿ يستقيـ الظؿ والعود أعوج ؟
ــــــــ ـ
(٘) سورة الحجرات اآلية (. )ٙ
( ) ٙمحمد شاكر الشريؼ :اختصار غياث األمـ في الثبات الظمـ :إلماـ الحرميف الجويني ص– ٖٚ
التفتازاني :شرح السعد عمى المقاصد ٕ. ٕٖٓ/
( )ٚالرممي :نياية المحتاج . ٕٖٛ/ٛ
(ٔ) أستاذنا الدكتور /فؤاد النادي :مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة لمقانوف صٔ , ٕٛولسيادتو
أيضاً :مبادئ نظاـ الحكـ في اإلسبلـ صٔ. ٕٙ
116 نطام احلكم يف االسالم
لذا نجد المولى --لـ يمب طمب سيدنا إبراىيـ --عندما أراد اإلمامة
في ذريتو ,فقاؿ المولى : --ال َي َناْ ُؿ َع ْي ِدي الظَاْلِميف )ٕ( أي ال
يستحقونيا وال يصموف إلييا(ٖ) بسبب ظمميـ وبغييـ .
ومف ىنا يتضح أف العدالة صفة يجب أف يتحمى بيا كؿ مف يتولى أم اًر مف
أمور المسمميف ,وبانتفائيا تنتفي األمانة ,ومف انتفت أمانتو ,انتفت بالطبع
صبلحيتو لموظيفة العامة .
وألىمية العدالة في المرشح لموظيفة قرر اإلماـ مالؾ أنو في حالة عدـ وجود
(ٗ)
. مستجمع لشروط الوظيفة يكفي اختيار مف توافر فيو العمـ والورع
ــــــــ ـ
(ٕ) سورة البقرة مف اآلية (ٕٗٔ) .
(ٖ) د /السنيوري :أصوؿ الحكـ في اإلسبلـ ص. ٜٚ
(ٗ) الشيخ عميش :منح الجميؿ ٗ – ٖٔٛ/الخرشي عمى مختصر سيدي خميؿ ,وبيامشو حاشية الشيخ
عمي العدوي ,ط /دار صادر ,ط /بدوف تاريخ . ٖٜٔ/ٚ
(٘) سورة يوسؼ --مف اآلية (٘٘) .
117 نطام احلكم يف االسالم
فتقتضي طبيعة الوظيفة أف يكوف القائـ عمى أمرىا ممف يصوف األمواؿ
ويحرس نفسو مف زالت المساف ,مف أجؿ أف يكتب لو فييا الدواـ واالستقرار .
فاإلسبلـ ال يحث الشخص عمى كتماف سر نفسو فحسب ,ولكف عمى كتماف
–سواء كاف مف أمر الناس أو الوظيفة -فإف ذلؾ أمانة يجب سر غيره أيضاً
الحفاظ عمييا ,واال ُعد خائناً لؤلمانة ,يقوؿ النبي " : --إذا حدث الرجؿ
بالحديث ثـ التفت فيو أمانة "(. )ٙ
ومف أبرز الوقائع التي تدؿ عمى ضرورة توافر شرط الكتماف فيمف يشغؿ
الوظيفة ,ما روى أف سيدنا عمر بف الخطاب --مف أنو استعمؿ ابف مطيع
عمى الكوفة –وفي رواية جبير بف مطعـ -وقاؿ لو :ال تخبرف أحداً بذلؾ ,ولكف
ابف مطيع أخبر زوجتو بذلؾ قائبلً ليا :إف أمير المؤمنيف استعممني عمى
الكوفة ,فما كاف مف زوجتو إال أف أخبرت أختيا زوجة المغيرة بف شعبة بذلؾ,
فمما جاء المغيرة أخبرتو زوجتو الخبر ,فذىب مف فوره إلى عمػر بف الخطػاب,
(ٔ)
:استأذف لي عميو ولؾ أربعمائة درىـ ,فأذف ,فمما دخؿ عميو فقاؿ لمحاجب
,قاؿ لو :وفقؾ اهلل يا أمير المؤمنيف لقد استعممتو أميناً قوياً ,قاؿ عمر :مف ؟
ــــــــ ـ
( )ٙاإلماـ أحمد :مسند أحمد ,بمفظ "إذا حدث اإلنساف حديثاً " ,حديث رقـ ٖٗ– ٖٕ٘/ٖ , ٔٗٛ
عبدالعظيـ عبدالقوي المنذري أبو محمد :الترغيب والترىيب ,ط /دار الكتب العممية ,بيروت
ٔٗٔٚىػ ,ط /األولى ,تحقيؽ /إبراىيـ شمس الديف , ٕٙ/ٖ ,بمفظ " إذا حدث رجؿ بحديث ثـ
التفت فيو أمانة".
(ٔ) والحاجب الذي اتخذه عمر بف الخطاب اسمو " يرفأ " وكاف أوؿ مف ارتشى في اإلسبلـ ,والمغيرة بف
شعبة أوؿ مف رشا ,وكاف مقدار الرشوة أربعمائة درىـ .
راجع :الماوردي :الحاوي الكبير ٕٓ. ٛٔ/
118 نطام احلكم يف االسالم
قاؿ :ابف مطيع استعممتو عمى الكوفة ,قاؿ عمر :ويحؾ ومف أخبرؾ بيذا ؟
قاؿ :السقايات تتحدثف بو في الطرقات ,وآنذاؾ عدؿ عف تعييف ابف مطيع عمى
الكوفة ,وعيف المغيرة بدالً منو ,فقاؿ لو :اذىب فخذ العيد منو ,ثـ اذىب إلى
(ٕ)
. الكوفة
فإفشاء السر وعدـ كتمانو كاف سبباً في عدـ تولية ابف مطيع أمر الكوفة؛
ألنو فقد صفة مف صفات الكفاءة الخمقية –األمانة -وىي صفة حفظ األسرار
وكتمانيا .
واذا كاف شرط الحفظ يقتضي كتماف األسرار وعدـ إفشائيا ,فإنو يستمزـ
أيضاً حفظ األمواؿ
وعدـ إىدارىا ,فرئيس الدولة بالنسبة لمماؿ العاـ ,كالوصي بالنسبة لميتيـ ,ال
يتصرؼ إال بما فيو مصمحتو ,وبما يعود عميو بالنفع .
ــــــــ ـ
(ٕ ) ابف حجر العسقبلني :اإلصابة في تمييز الصحابة وبيامشو االستيعاب في معرفة األصحاب البف
عبدالبر القرطبي ,ط /دار إحياء التراث العربي ,بيروت ,ط /األولى ,ط /بدوف تاريخ ٖ,ٕٗ٘/
ٖ٘ٗ – الببلذري :أنساب األشراؼ – الشيخاف أبو بكر وعمر وولدىما ,ط /مؤسسة الشراع
العربي ٜٜٔٛـ ,تحقيؽ د /إحساف صدقي صٓ – ٜٔٔ ,ٜٔأبو الحسف عمي بف أبي الكرـ محمد
بف عبدالكريـ الشيباني المعروؼ بابف األثير الجزري الممقب بعز الديف :الكامؿ في التاريخ ,ط /
دار الفكر ,بيروت ٖٜٔٛىػ ٜٔٚٛ -ـ – ٜ/ٕ ,الحافظ أبو حاتـ محمد بف حباف بف أحمد
التميمي البستي :السيرة النبوية وأخبار الخمفاء ,صححو وعمؽ عميو الحافظ السيد عزيز بؾ
وجماعة مف العمماء ,ط /مؤسسة الكتب الثقافية ,دار الفكر,بيروت ط /أولى ٔٗٓٚىػ ٜٔٛٚ -ـ
,صٕ. ٜٗ
119 نطام احلكم يف االسالم
والرعيؿ األوؿ مف القادة اإلسبلمييف ضربوا لنا أروع األمثمة وأعظميا في
الحفاظ عمى الماؿ العاـ ,فالخميفة األوؿ أبو بكر الصديؽ شعر بعظـ المسئولية
الممقاة عمى عاتقو ,وأنو سيسأؿ عنيا أماـ اهلل , --فمما اقتربت لحظة الفراؽ
,قاؿ البنتو أـ المؤمنيف عائشة –رضي اهلل عنيا" : -يا بنيتي إنا ولينا أمر
المسمميف ,فمـ نأخذ لنا دينا اًر وال درىماً ,ولكننا أكمنا مف حريش طعاميـ
في بطوننا ,ولبسنا مف خشف ثيابيـ عمى ظيورنا ,وانو لـ يبؽ عندنا مف فيئ
وال كثير إال ىذا العبد الحبشي ,وىذا البعير الناضج ,وجرد المسمميف قم يؿ
(ٔ)
. ىذه القطيفة ,فإذا مت فابعثي بيا إلى عمر "
وروى عنو --أنو لما دنا أجمو ,قاؿ :ردوا ما عندنا مف ماؿ المسمميف,
فإني ال أخمؼ في منزلي مف ماليـ شيئاً ,وأرضي التي بمكاف كذا لممسمميف بما
أصبت مف أمواليـ ,فمما دفع ذلؾ إلى عمر بف الخطاب ,قاؿ :رحـ اهلل أبا
(ٕ)
. بكر لقد أتعب مف بعده
وجاء عمر بف الخطاب وأصبح خميفة لممسمميف ,ووضح العبلقة التي تربط
الموظؼ بالماؿ العاـ ,وطبقيا عمى نفسو أوالً ,فقاؿ " :إني أنزلت نفسي مف
ــــــــ ـ
(ٔ) محمد بف سعد :الطبقات الكبرى ,ط /دار صادر ,بيروت ٘ٓٗٔىػٜٔٛ٘-ـ ,ٜٕٔ ,ٔٛٙ/ٖ ,
ٖ – ٜٔأبوالفرج عبدالرحمف بف عمي بف محمد بف الجوزي :مناقب أمير المؤمنيف عمر بف
الخطاب ,ط /دار الكتب العممية ,بيروت ,ط /بدوف تاريخ ,تحقيؽ د /زينب إبراىيـ الفاروط
ص. ٘ٙ
(ٕ ) عز الديف بف األثير :أسد الغابة في معرفة الصحابة ,ط /دار إحياء التراث العربي ,بيروت ,ط/
األولى ط /بدوف تاريخ ٖ. ٜٔ/
111 نطام احلكم يف االسالم
ماؿ اهلل منزلة ماؿ اليتيـ ,إف استغنيت استعففت ,واف افتقرت أكمت بالمعروؼ,
فإف أيسرت قضيت ...وال يحؿ لي مف ىذا الماؿ إال ما كنت آكبلً مف صمب
(ٖ)
. مالي "
ولـ يكتؼ بيذا الحد ,ولكنو عيف المقدار الذي يستحقو الموظؼ مف ىذا
الماؿ كأجرة مقابؿ انقطاعو وتفرغو لمقياـ بعممو ,فقاؿ " :يحؿ لي حمتاف ,حمة
في الشتاء ,وحمة في القيظ ,وما جح عميو واعتمر ,وقوتي وقوت أىمي كقوت
رجؿ مف قريش ليس بأغناىـ وال بأفقرىـ ,ثـ أنا بعد ذلؾ رجؿ مف المسمميف
(ٗ)
. يصيبني ما أصابيـ "
فمقد وضع الفاروؽ عمر --بيذا قاعدة مف أعظـ قواعد االقتصاد والعدالة
في توزيع ثروات وخيرات الببلد ,فمو كؿ إنساف –خاصة الموظفيف ورجاؿ
السمطات -أخذ كفايتو مف الماؿ بالمعروؼ ,وعرؼ ما عميو مف واجب فأداه ,
وما لو مف حؽ فاقتضاه ,ما وجد في األرض فقير ,أو صاحب شكاية أو
مظممة ,ولكف لؤلسؼ أصبحت حياتنا غابة البقاء فييا لؤلقوى ,وال حظ فييا
لمفقير الضعيؼ ,وأصبحت السمطات ىرقمية كمما مات أو انعزؿ ىرقؿ جاء
ىرقؿ ,وما أمر واهلل اإلسبلـ بذلؾ نسأؿ اهلل العفو والعافية .
ــــــــ ـ
(ٖ ) أحمد بف محمد بف عبدربو األندلسي :العقد الفريد ,ط /مطبعة لجنة التأليؼ والترجمة ,القاىرة
ٗ. ٙٗ/ ٜٔٗٛـ
(ٗ ) ابف سعد :الطبقات الكبرى ,ط /دار الكتب العممية ,ط /األولى ,بيروت ,ط /بدوف تاريخ ,
ٖ.ٜٔٛ/
111 نطام احلكم يف االسالم
وينصرـ عيد عثماف --ويجيئ عصر سيدنا عمي –كرـ اهلل وجيو-
ويسير فيو عمى ذات النيج الذي انتيجو مف قبمو مف الخمفاء في حرصيـ عمى
الماؿ العاـ والمحافظة عميو ,فما يأخذه إال مف حقو ,وال يضعو إال في حقو ,ال
محاباة وال مودة وال قرابة ,فقد رفض محاباة أخيو عقيؿ ابف أبي طالب ,وأبى
أف يجري لو عطاء ال يستحقو مف بيت الماؿ لما طمب ذلؾ ,مما دفعو إلى تركو
واالنضماـ إلى معاوية وىو يقوؿ " :إف أخي خير لي في ديني ,ومعاوية خير
(ٕ)
. لي في دنياي "
ــــــــ ـ
(ٔ ) عباس محمود العقاد :ذو النوريف عثماف بف عفاف ,ط /دار النيضة لمطبع والنشر ,القاىرة ,ط/
بدوف تاريخ صٔ٘ .
(ٕ) عباس محمود العقاد :عبقرية عمي ,ط /دار نيضة مصر لمطبع والتوزيع ,القاىرة ,بدوف تاريخ
صٖٖ.
112 نطام احلكم يف االسالم
ومف ىنا يتضح أف كتماف األسرار وصيانة األمواؿ مف مستمزمات الحفظ ,
والحفظ مف مستمزمات األمانة ,فصار بذلؾ عنص اًر مف عناصرىا بجانب
اإلسبلـ والتقوى ,يجب توافره الستكماؿ صفات األمانة حتى يصير الشخص
أىبلً لموظيفة العامة .
-6العمـ
تنفيذ األحكاـ الشرعية وحمؿ الناس عمييا يتطمب مف اإلماـ أف يكوف عالماً
بيذه األحكاـ .
ولكف ىؿ يمزـ أف يصؿ العمـ إلى درجة االجتياد ؟ ورد الخبلؼ في ذلؾ ,الي
رأييف :
(ٔ)
,وابف خمدوف حيث يقوؿ : ٔ -ذىب إلى اشتراط االجتياد الماوردي
(( واليكفي مف العمـ إال أف يكوف مجتيداً ؛ ألف التقميد نقص واإلمامة
(ٕ)
. تستدعي الكماؿ في األوصاؼ ))
ٕ -ذىب الكثير مف الفقياء المتأخريف الي عدـ اشتراط االجتياد لئلماـ
حتى ال تتعطؿ الواليات وتكثر المفاسد وتتعطؿ األحكاـ الشرعية ,وعمى
اإلماـ أف يستعيف بمف ىو أعمـ منو .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر األحكاـ السمطانية ص . ٙ
(ٕ) المقدمة صٕٖٔ .
113 نطام احلكم يف االسالم
-7النسب القرشي
اختمؼ أىؿ العمـ قديماً وحديثاً في ىذا الشرط ,فممنيـ مف يرى أف
اإلماـ يجب أف يكوف قرشياً ,ومنيـ مف لـ يشترط ذلؾ .
(ٕ) (ٔ)
,والماوردي وممف ذىب إلى اشتراط النسب القرشي اإلماـ :ابف حزـ
,حيث قاؿ ((:أما النسب القرشي فئلجماع الصحابة يوـ السقيفة عمى ذلؾ ,
(ٖ)
. واحتجت قريش عمى األنصار لما ىموا يومئذ ببيعة سعد بف عبادة)).
واستدؿ أصحاب ىذا الرأي بعدد مف األدلة الصحيحة منيا ما ورد في
صحيح البخاري مف حديث ابف عمر (رضي اهلل عنيما) عف النبي (( )قاؿ
((:ال يزاؿ ىذا األمر في قريش ما بقي منيـ اثناف
(٘) (ٗ)
والخوارج وممف أجاز اإلمامة في غير قريش أبو بكر الباقبلني
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :الفصؿ في الممؿ واألىواء والنحؿ ص . ٕٔٛ
(ٕ) انظر األحكاـ السمطانية ص . ٙ
(ٖ) المقدمة صٖٖٔ .
(ٗ) مقدمة ابف خمدوف ص ٖٖٔ .
(٘) الشيرستاني ,الممؿ والنحؿ ص. ٔٔٙ
114 نطام احلكم يف االسالم
,واستدؿ أصحاب ىذا القوؿ بما ورد في صحيح البخاري مف حديث أنس بف
مالؾ (رضي اهلل عنو) عف النبي (( )قاؿ ((:اسمعوا وأطيعوا واف استعمؿ
(ٔ)
.والعبد الحبشي المذكور في الحديث الذي عميكـ حبشي كأف رأسو زبيبة))
أمر الرسوؿ (( )بطاعتو ليس قرشياً .
ولقد َّ
رد ابف خمدوف ىذا االستدالؿ وقاؿ (( :إنو خرج مخرج التمثيؿ والغرض
(ٕ)
. لممبالغة في إيجاب السمع والطاعة ))
وبيذا يتبيف أف القوؿ بعدـ اشتراط النسب القرشي أرجح لما دلت عميو
األحاديث الصحيحة فمو كاف اإلماـ غير قرشي فإنو تجب طاعتو بالمعروؼ
ويحرـ الخروج عميو لذلؾ .
-8األفضمية
أي والية األفضؿ تقدـ عمي المفضوؿ وممف ذىب الشتراط األفضمية
(ٖ)
. أبو الفراء ,حيث قاؿ ((أف يكوف مف أفضميـ في العمـ والديف))
وممف ال يشترط ىذا الشرط ابف حزـ ,وقاؿ بوالية المفضوؿ بوجود الفاضؿ
األمصار أناساً مف الصحابة مع
ً ,واستدؿ بأف الرسوؿ (( )عيف في واليات
توفر مف ىو أفضؿ منيـ(ٗ) .
ــــــــ ـ
(ٔ) الجامع الصحيح ,كتاب األذاف ,حديث رقـ ٖ. ٜٙ
(ٕ) المقدمة ص ٖٖٔ .
(ٖ) األحكاـ السمطانية ص ٕٓ .
(ٗ) انظر :الفصؿ في الممؿ واألىواء والنحؿ ص . ٕٔٛ
115 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الرابع
واجبات اإلماـ
ٔ -حفظ الديف عمى أصولو المستقرة ,وما أجمع عميو سمؼ األمة .
ٕ -نشر العمـ والمعرفة بكؿ سبيؿ ,فإف تقدـ الدولة رىف بما تصؿ إليو مف
العموـ النافعة.
ٖ -العمؿ عمى توفير الحياة الكريمة ألبناء الدولة مف الحاجات الضرورية
كالمأكؿ والمشرب والمسكف .
ٗ -إقامة الحدود لتصاف محارـ اهلل تعالى عف االنتياؾ ,وتحفظ حقوؽ عباده
عف إتبلؼ واستيبلؾ .
٘ -تحصيف الثغور وتجييز الجيوش ,وجياد األعداء بالعدة المانعة ,والقوة
الدافعة .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر مثبلً :الماوردي ,األحكاـ السمطانية ص . ٔٛوالفراء ,األحكاـ السمطانية ص . ٕٚ,ٕٛ
116 نطام احلكم يف االسالم
-ٛتقدير العطايا مف بيت الماؿ ,مف غير سرؼ وال تقتير ,ودفعو في وقت
التقديـ فيو وال تأخير .
-ٜاختيار األكفاء لوظائؼ الدولة ,وتعييف األمناء عمى أمواؿ األمة .
117 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الخامس
حقوؽ اإلماـ
ٔ -الطاعة
جاءت الشريعة اإلسبلمية بنظاـ حكـ متكامؿ ,وكانت الطاعة فيو دعامة
مف دعائمو ,فيي دوف شؾ قاعدة كبيرة ال يقوـ الحكـ وال ينتظـ إال بيا ,ألف
ضدىا العصياف والتمرد الذي يورث الفوضي والفتف ,وال شؾ في أف ىذا يمقتو
اإلسبلـ ويحاربو.
لذلؾ نجد اإلسبلـ قد أصؿ ىذه القاعدة وجعميا واجباً أساسياً يمتزـ بو
المرؤوس ,وحقاً مف حقوؽ الحكاـ عمى المحكوميف لضماف حسف سير العمؿ
في المرافؽ العامة لممسمميف.
واذا كاف اإلسبلـ قد ألزـ المرؤوسيف بإطاعة أوامر رؤسائيـ وسرعة تنفيذىا
,إال أف ىذه الطاعة لـ تكف طاعة عمياء تسمب المرؤوس رأيو ,وتطغي عمي
إعماؿ فكرة ,ولكنيا طاعة مبصرة قواميا عدـ مخالفة شرع اهلل فالمرؤوس ػ
سواء كاف عسكريا أو مدنيا ػ ممزـ بفحص األوامر الصادرة إليو مف رؤسائو
وعرضيا عمى أحكاـ الشريعة اإلسبلمية ,فإف قبمتيا نفذىا واف خالفتيا أمتنع
عف تنفيذىا ,واال تحمؿ المسئولية المدنية ,والجنائية المترتبة عمى أثار تنفيذ
ىذه األوامر.
118 نطام احلكم يف االسالم
ولموقوؼ عمى معني الطاعة الرئاسية ,ومدي اعتبارىا قيداً عمى ممارسة
الموظؼ العاـ لحقوقو وحرياتو السياسية
أوال :مفيوـ الطاعة.
ثانيا :حكـ الطاعة وأساس مشروعيتيا.
ثالثا :حدود الطاعة الواجبة .
119 نطام احلكم يف االسالم
()1
أوال :مفيوـ الطاعة
الطاعة في المغة تعني االمتثاؿ واالنقياد ,يقاؿ أطاعو إطاعة أى انقاد لو
والطاعة ال تكوف إال عف أمر كما أف الجواب ال يكوف إال عف قوؿ(ٕ).
وجاء في النياية في غريب الحديث واألثر طاع لو يطوع وتطيع فيو طائع
إذا أذعف وانقاد ,وقيؿ طاع يعني إذا انقاد ,وأطاع يعني اتبع األمر ولـ يخالفو
( ال طاعة في معصية اهلل )(ٖ) ,يريد عدـ طاعة والة األمر إذا ومنو قولو
أمروا بما فيو معصية ,كالقتؿ أو القطع أو نحوه ,ومعناه أف الطاعة ال تسمـ
لصاحبيا وال تخمص إذا كانت مشوبة بالمعصية ,وانما تصح الطاعة وتخمص
مع اجتناب المعاصي(ٗ).
ومفيوـ الطاعة في اإلسبلـ يستمد قوتو ومداه مف قواعد وأحكاـ الشريعة
اإلسبلمية ,فطاعة المرؤوس لمقيادة اإلسبلمية العادلة تؤكد امتثالو ألوامر اهلل.
والقيادة في اإلسبلـ ىي السمطة التنفيذية التي تتولى تطبيؽ أحكاـ الشريعة
,وتقوـ عمى رعاية مصالح المسمميف ,وال شؾ أف ىذا يعد أم اًر مف األمور
التي أمر بيا المولى سبحانو وتعالى ػ وبذلؾ تصبح طاعة المسمـ ليا طاعة هلل
ــــــــ ـ
ث تىأ يف ب اشفقه ( ) 1خي لف ةفبوم ا ن اشىؤن ء يف اشيىيأن امنقة ن ل ةفبوةب يف اشالمم اشوضأ ن
امنقةي مبأال اشأ م اشلي يأِب يضوع اشى ن أل اةى احلك م الم تأِب يف اشالمم اشوضأ ن ـ م نبق نه ـ
يضوع ادلووف أل اةى ؤن ئه م سل شف ب .
) )2اشف وةي ن ادلةب ح ادلالّب يف غىيب اشيىح اشكبّب شلي ،أي ادلك بن اشألم ن ّب ت .381/2
( ) 3احل يث او ة لم ن يم ح ة لم ن ب امة ة ب وب ا ن األةىاء يف غّب ةأة ن اهلل حتىديب يف
ادلأة ن م .1469/3 1841
( )4أ و اش أ أات ادلب ك ل زلم اجلن ي ادلأى ف ل األثّب ن اشالب ين يف غىيب احل يث األثى ادلك بن اشألم ن ّب ت
1399ـ ـ 1979م حتق ق أإ اشنا ي زلموأ زلم اشعال ي 322/3ـ ا ل ةالمو ن ش ن اشأىب
.241/8
121 نطام احلكم يف االسالم
الطاعة فيقترؼ إثماً أو يسعى إلى معصية أو إلى محرـ طمعاً في الرزؽ أو
أنو قاؿ ( :نفث روح جريا وراء منصب(ٔ) .فقد روي أبو أمامة عف رسوؿ اهلل
القدس في روعى أف نفساً لف تخرج مف الدنيا حتي تستكمؿ أجميا وتستوعب
رزقيا ,فأجمموا في الطمب وال يحممنكـ إبطاء الرزؽ أف تطمبوه بمعصية اهلل ,
فإف اهلل ال يناؿ ما عنده إال بطاعتو)(ٕ).
ومما سبؽ يمكف أف نعرؼ الطاعة بوجو عاـ بأنيا " االمتثاؿ ألوامر اهلل
ونواىيو " .وىذا التعريؼ يوجب االلتزاـ بالطاعة مف قبؿ الجميع حكاماً
ومحكوميف ,أنبياء ومرسميف.
أما في نطاؽ الوظيفة العامة فيمكف تعريفيا بأنيا " االمتثاؿ ألوامر الرؤساء
ونواىييـ وسرعة تنفيذىا في نطاؽ الشرع ".
ــــــــ ـ
( )1يىا ا يف دش أ /زلم ب احلم أ و زي ن ا ن اشىؤن ء ى ً ضأ ً 34 33
بة د ى ل ب اشن ( ) 2اشعرباين ن ادلأجم اشكبّب ب اشة أ ةل يث ي ل اشأجقن أ و أة ةن
ب اشب وع ب امد ل يف الب اش ن تىك م 79/7 34332اشب بقي ن اش الل اشكربي نب ال
البب مب ال حي م .264/5 11184
123 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ىح تالويى األ ة يف ،قه امة م أيب ال فن ن أ اي ل اش ادل ( ) 1زلم أةْب اشيبّب ل يل ن
يل شالج ادل شف ةعبأن ةةعفي اشب يب احلليب أ الأو ط 1386 2/ـ ـ اشالأم ن يل ه ت كملن ا ل
1966م 422/5زيل اش يل ل إ ىا م ادلأى ف ل صل م احلالفي ن األ ب و اشالم ئى حب ه نن ن اشالواوى
ل األ ب و اشالم ئى ال ل يل حتق ق زلم ةع ا احل ،مح أا اشفكى ط 1413 1/ـ ـ 1983م ص
138ة أ ـ زلم اشيى ِب اخلع ب ن ةغِب اي ج إىل ةأى،ن ةأ ين أشف ظ ادلالب ج ل ةًب ادلالب ج أليب ز ىي
زلٓب اش يل ىف اشالو ي ةعبأن ةةعفي اشب يب احلليب أ الأو ط 132/4 1958 1/ـ أ و حيٓب ز ىي
ن اشي خ أيب اشأب ب ل أإ اشىةل اشكبّب األنة ي اشي ،أ أنِب ادلع شب ىح ض اشع شب ن ةيه
األنة ي جتىي اشأقةن /زلم ل أإ اشيو ىي أا اشك ب امنقةي اشق ىة 111 / 4ـ ل
اشقلقيال ر إن اهلل تأ ىل أ ب ا ن أ ىل األةى ل ،ن ادل ةالْب أ ،ىضب ل د ا ادل لمْب ،ق ل
ئقً ن
[ اشال ء آين ن ] 59لم ً ةاله تأ ىل ن اشع ن ةقك األةى نع ه ة ك اجلمبو واةه أنه ال ت م ن نن ةا
اشيق ق االضلىاف ر يىا ا اشقلقيال ي ن يبح األ يي 425 424/11أ /زلم أ،ص ثم ن اشقض ي
اشثقث ـ تغ ّب ادلالكى شقوة اخلى ج ل احل م تكفّب اش شن أا اشفض لن أ ط 1989 1 /م ص
48ـ أ /زلم احل ُب الف ن اش ئم األن ن ن شالم م احلكم ىف امنقم رللن اشألوم اشق نون ن اال ة أين
ةأن ْب مشس اش الن 16اشأ أ األ ل يال يى يوش و 1984م ص 165ـ أ /نينة ل ن احلقوق تة
اشيىيف ن أيول امأا ة اش الم م ىف أ شن امنقم األ ىل أا اشالبضن اشأى ن اشق ىة 1991م ص 59ة
أ .
( )2ادل أي ن األ ك م اش لع ن ن ط /ادلك بن اش و ،ق ن ص .41
124 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
( )1ادل أي ن األ ك م اش لع ن ن ص .95
( )2ادل أي ن ادلى ا اش ق ص .95 94
125 نطام احلكم يف االسالم
تعالى "ولو ردوه إلى الرسوؿ والى أولى األمر منيـ لعممو الذيف يستنبطونو
منو"(ٔ) .فجعؿ تفويض األمر إلى وليو سبباً لحصوؿ وسداد األمر(ٕ).
وبما أف الرئيس اإلدارى يعد بش اًر مما يسمح بإمكانية ورود خطأه ,األمر
الذي يقتضي نظر المرؤوس في األوامر الصادرة منو إليو ,فإذا رأي فييا
مخالفة لشرع اهلل لفت نظر رئيسو إلى ىذه المخالفة ,وأشار إليو بوجو الصواب
فييا ,وفي ذلؾ يقوؿ الماوردي " فإف ظير ليـ ػ أي لممرؤوسيف ػ صواب خفي
عميو بينوه لو وأشاروا بو عميو ,ولذلؾ ندب إلى المشاورة ليرجع بيا إلى
الصواب " (ٖ).
أما األساس الثاني وىو الميـ ,فيو األساس التشريعى ,والذي يتمثؿ فيما
ورد مف نصوص في القرآف الكريـ والسنة النبوية الشريفة توجب طاعة أولى
األمر(ٗ) .وعدـ مخالفة أوامرىـ ,وىذا ما نتحدث عنو في الصفحات التالية:
أوالً :أساس مشروعية الطاعة مف القرآف:
: تعالى فقاؿ األمر أولى بطاعة الكريـ القرآف صرح
ــــــــ ـ
( )1نو ة اشال ء ن ةل اآلين 83
( )2ادل أي ن األ ك م اش لع ن ن ص95
( )3ادل أ ن ادلى ا اش ق نفس ادلوضا .
ة ( ) 4ا ل أيب اشأن احلالفي ن ىح اشأق ة اشعم ين ادلك ب امنقةي ّب ت ط 1391 4/ـ ص 379
أا اشك ب اشألم ن ّب ت ائق األز أ ـ زلم ل ل ل زلم اشيو ين ن اش اجلىا ادل ،ق ل
حتق ق /زلموأ إ ىا م زي ط 1415 1ـ 514/4ـ ا ل نم ن ام ك م .431/7
126 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ).
أتفؽ المفسروف عمى أف ىذه اآلية تدؿ عمى وجوب طاعة أولى األمر ,
واف كانوا قد اختمفوا فيما بينيـ حوؿ المقصود بأولى األمر اختبلفاً كبي اًر(ٕ) ًَ, ,
غير أف أشير اآلراء في المقصود بأولى األمر رأياف ,األوؿ :أف المقصود بيـ
الوالة واألمراء ,وىذا قوؿ ابف عباس وتابعو أبو ىريرة وسيؿ بف عبد اهلل
التستري ,
والثاني :أنيـ أىؿ القرآف والعمـ كما قاؿ جابر بف عبد اهلل ومجاىد في
أحد قوليو ,وىو اختيار مالؾ رحمة اهلل ,ومثمو قوؿ الضحاؾ ,حيث قاؿ " :
إف المقصود بيـ الفقياء والعمماء في الديف " (ٖ).
ومف جانبي أميؿ إلى رأي ابف كثير :حيث قاؿ " والظاىر ػ واهلل أعمـ ػ أف
اآلية في جميع أولى األمر مف األمراء والعمماء " (ٗ) ,فالمقصود بأولى األمر
ــــــــ ـ
( )1نو ة اشال ء ن اآلين .59
م كي ل رل يف وشه ( )2ال ك آ اء أيىي يف ادلقةوأ يل األةى ةالب أن ادلقةوأ نم أيم ب زلم
ادلقةوأ نم أ ىل م ك ل كىةن اآلين إ ة إىل أيب كى مى ض اهلل البم اشث ين
اشأق اشىأ اشليل ي ى ن أةى اشال ب م د ى ا ل ب ن.
ى أ و أفى ل ىيى اشعرب ن ةا اشب ن ل ت ي آ اشقىآن حتق ق /أإ ( ) 3يىا ا ىف تفة دش
ة ن ن اشىن شن ط 1421 1 /ـ ـ 2111م 497 / 8ة أ ـ اشقىاىب ن اجل ةا أل ك م اشقىآن أا
ص 1922ة أ ـ أ و اشفض زلموأ األشون ن ح ادلأ ىف تف ّب اشقىآن اشأم م اشغ اشأى اجملل اشث
أا إ ء اشَباث اشأى ّب ت 65 / 5ة أ ـ ا ل اجلوز ن زاأ ادل ّب ىف لم اش ف ّب اش با ادلث
ّب ت ط 1414 3 /ـ 116 / 2ة أ ـ اشثأ شىب ن اجلوا ى احل ن ىف تف ّب ادلك ب امنقة
اشقىآن ة ن ن األ ل شلمعبو ت ّب ت 384 / 1ة أ ـ أ و اش أوأ ن تف ّب أ و اش أوأ أا إ ء
اشَباث ّب ت 193 / 2ـ اش وا ن اش ادلالثو ىف اش ف ّب دل ثو أا اشفكى ّب ت 1993م / 2
. 573
( )4ا ل ثّب ن تف ّب اشقىآن اشأم م ن أا ا بن شلاليى اش وزيا .345/2
127 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ب وشه تأ ىل ن ب األ ك م ( منىأطاعىأموريىفقدىأطاعني ) او اشب ي
( )1ث ل اشاليب
ر أا أوا اهلل أا أوا اشىنول أ ىل األةى ةالكم ر م .1611/6 6718
م 6726 تكل ةأة ن ب اش ما اشع ن شإلة م ة ب األ ك م ( ) 2اشب ي ن يم ح اشب ي
.2612/6
( )3نو ة اشال ء ن اآلين .59
( )4اشقىايب ن تف ّب اشقىايب اجملل اشث ينن ص .1924
129 نطام احلكم يف االسالم
أيضاً
(ٔ ) .وقولو تعالى
(ٕ).
قاؿ ابف كثير "فيذه أوامر بطاعة العمماء واألمراء ,وليذا قاؿ تعالى "
وأطيعوا اهلل" أي أتبعوا كتابو " وأطيعوا الرسوؿ" أي خذوا بسنتو " وأولى األمر
منكـ" اي فيما أمروكـ بو مف طاعة اهلل ال في معصية اهلل " ,إنما الطاعة في
المعروؼ ,كما روي في الحديث الشريؼ سالؼ الذكر.
ثانياً أساس مشروعية الطاعة مف السنة:
أحاديث كثيرة تفرض عمى المسمميف موظفيف وغير ورد عف النبي
موظفيف طاعة رؤسائيـ ,نذكر منيا ما يمي:
أنو قاؿ ( السمع والطاعة عمى ٔ -عف نافع رضى اهلل عنو عف النبى
المرء المسمـ فيما أحب وكره ,ما لـ يؤمر بمعصية ,فإف أمر بمعصية
فبل سمع وال طاعة)(ٖ).
ــــــــ ـ
اآلين .42 ( )1نو ة اشالم
( )2نو ة اشال ء اآلين .83
ب األ ك م ب اش ما اشع ن شإلة م ة تكل ةأة ن م 6725 ( ) 3اشب ي ن يم ح اشب ي
2612/6ـ ا و ة لم يف يم مه لفمح ىيب اً يف ب امة ة ب وب ا ن األةىاء يف غّب ةأة ن
حتىديب يف ادلأة ن م .1469/3 1839
131 نطام احلكم يف االسالم
فبايعناه ,فكاف فيما ٕ -عف عبادة بف الصامت قاؿ "دعانا رسوؿ اهلل
أخذ عمينا أف بايعناه عمى السمع والطاعة في منشطنا ومكرىنا وعسرنا
ويسرنا وأثره عمينا ,وأف ال ننازع األمر أىمو ,قاؿ " إال أف تروا كف اًر
بواحاً عندكـ مف اهلل فيو برىاف"(ٔ).
( إنيا ستكوف بعدي أثره وأمور تنكرونيا ,قالوا يا ٖ -قاؿ رسوؿ اهلل
رسوؿ اهلل كيؼ تأمر مف أدرؾ منا ذلؾ ؟ قاؿ :تؤدوف الحؽ الذي
عميكـ وتسألوف اهلل الذي لكـ)(ٕ).
وقاؿ اإلماـ النووي في شرح ىذا الحديث أف " فيو الحث عمى السمع والطاعة ,
واف كاف المتولى ظالماً عسوفاً فيعطي حقو مف الطاعة ,وال يخرج عميو وال
يخمع ,بؿ يتضرع إلى اهلل تعالى في كشؼ أذاه ودفع ضره واصبلحو"(ٖ).
ٗ -عف عمقمة بف وائؿ الحضرمي عف أبيو قاؿ ,سأؿ سممة بف يزيد
فقاؿ " :يا نبى اهلل أرأيت إف قامت عمينا أمراء الجعفي رسوؿ اهلل
يسألونا حقيـ ويمنعونا حقنا ,فما تأمرنا ؟ فأعرض عنو ,ثـ سألو؟
فأعرض عنو ,ثـ سألو في الثانية أو في الثالثة فجذبو األشعت ابف
قيس وقاؿ :اسمعوا وأطيعوا فإنما عمييـ ما حممو وعميكـ ما حممتـ"(ٗ).
ــــــــ ـ
( ) 1ة لم ن يم ح ة لم ن ب امة ة ب وب ا ن األةىاء يف غّب ةأة ن حتىديب يف ادلأة ن م 1719
م
نَب ن أ ي أةو اً تالكى هن ب اشفًب ب ول اشالىب 1469/3اشب ي ن يم ح اشب ي
.2588/6 6647
م .1472/3 1843 ب وب اشو ،ء ب أن اخللف ء األ ل ،أل ل ب امة ة ( )2ة لم ن يم ح ة لم
( )3اشالو ي ن ادلالب ج ىح يم ح ة لم ل احلج ج .232 / 12
م .1474/3 1846 إن ةالأوا احلقوق ( )4ة لم ن يم ح ة لم ن ب امة ة ب وب ا ن األةىاء
131 نطام احلكم يف االسالم
٘ -قاؿ عبد الرحمف بف عمرو السممي وحجر بف حجر أتينا العرباض بف
سارية وىو ممف نزؿ فييـ
(ٔ).
وقمنا أتيناؾ زائريف وعائذيف ومقتبسيف ,فقاؿ العرباض صمى بنا رسوؿ
ذات يوـ ثـ أقبؿ عمينا فوعظنا موعظة بميغة ذرفت منيا العيوف , اهلل
ووجمت منيا القموب ,فقاؿ قائؿ يا رسوؿ اهلل كأف ىذه موعظة
مودع,فماذا تعيد بنا ؟ قاؿ ( :أوصيكـ بتقوى اهلل والسمع والطاعة واف
عبداً حبشياً :فإنو مف يعيش منكـ بعدى فسيرى اختبلفا كثي اًر ,فعميكـ
بسنتى وسنة الخمفاء الميدييف الراشديف ,تمسكوا بيا وعضوا عمييا
بالنواجز ,واياكـ ومحدثات األمور فإف كؿ محدثة بدعة ,وكؿ بدعة
(ٕ)
ضبللة "
ٍ
بخمس اهللُ أمرنى بيف ) السمع والطاعة -ٙقاؿ رسوؿ اهلل ( وأنا آمركـ
والجياد واليجرة والجماعة فإف مف فارؽ الجماعة قيد شبر فقد خمع ربقة
اإلسبلـ مف عنقو ,إال أف يرجع "(ٖ).
ــــــــ ـ
( )1نو ة اش و ن ن اآلين 92
ب اش الن ب شن م اش الن م . 611 /2 4617ل اله اشي خ األشب ن ( ) 2أ و أا أ ن نالل أ أا أ
يم ح – اشَبةل ن ب اشألم ب األيل ش الن ا ال ب اشب ع م – 44 / 5 2676ا ل ة ن ن نالل
ا ل ة ن ا ،ن اشك ب ىف امدي ن ،ض ئ اشةم ن اشألم ب إتب ع نالن اخللف ء اشىا يل ادلب يْب م
15/1 42اشلفمح أل أا أ .
ب األةث ل ب ةث اشةقة اشة م اشة ن م 148 / 5 2863ل اله ( ) 3اشَبةل ن نالل اشَبةل
اشي خ األشب يم ح .
132 نطام احلكم يف االسالم
( اسمعوا وأطيعوا واف قاؿ ,قاؿ رسوؿ اهلل -ٚعف أنس بف مالؾ
استعمؿ عميكـ عبد حبشى كأف رأسو ذبيبة ) (ٔ).
أف طاعة األمراء مف طاعة اهلل ورسولو فقاؿ ( مف -ٛوقد بيف النبى
أطاعنى فقد أطاع اهلل ومف عصانى فقد عصى اهلل ,ومف أطاع أميرى
فقد أطاعنى ومف عصى أميرى فقد عصانى ) (ٕ).
فيذه جممة مف األحاديث النبوية الشريفة واضحة الداللة عمى وجوب طاعة
الرؤساء ,وقد عمؽ اإلماـ النووى عمى ىذه األحاديث – أحاديث السمع والطاعة
– قائبل " :إف ىذه األحاديث التى تحث عمى السمع والطاعة فى جميع األحواؿ
سببيا اجتماع كممة المسمميف ,فإف الخبلؼ سبب لفساد أحواليـ فى دينيـ
ودنياىـ" (ٖ).
ــــــــ ـ
م /6 6723 تكل ةأة ن ب اش ما اشع ن شإلة م ة ب األ ك م ن يم ح اشب ( )1اشب
. 2612
ب األ ك م ب وشه تأ ىل ر أا أوا اهلل أا أوا اشىنول أ ىل األةى ةالكم ر ن يم ح اشب ( ) 2اشب
ب امة ة ب وب ا ن األةىاء ىف غّب ةأة ن م – 2661 / 6 6718ة لم ن يم ح ة لم
حتىديب ىف ادلأة ن م 1466 / 3 1835
( )3اشالو ن ادلالب ج ىح يم ح ة لم ل احلج ج . 225 / 12
133 نطام احلكم يف االسالم
()1
ثالثا :حدود الطاعة الواجبة
الشريعة اإلسبلمية حينما أوجبت عمى المرؤوسيف طاعة رؤسائيـ ,لـ تأمر
بأف تكوف ىذه الطاعة عمياء أو مطمقة ,وانما جعمتيا طاعة مقيدة بأحكاـ
اإلسبلـ وتعاليمو .فاألمر والطاعة فى اإلسبلـ كبلىما مقيد غير مطمؽ ,فميس
آلمر أف يأمر بما يخالؼ الشريعة وليس لمأمور أف يطيع فيما يخالؼ الشريعة ,
سواء كاف موظفاً أو غير موظؼ(ٕ).
فأمر الحاكـ فى الشريعة ال يعفى المأمور مف المسئولية ولو كاف المأمور
موظفاً ,فإذا أمر الرئيس مرؤوسيو بعمؿ مخالؼ لمشريعة فأتاه وىو عالـ بأنو
غير مباح لو ,كاف عمى المرؤوس عقوبة الفعؿ الذى أتاه ,ألف أمر الرئيس
فى ىذه الحالة يعتبر أم اًر غير ممزـ ال تجب طاعتو ,ألنو صدر فيما ال سمطاف
لمرئيس فيو ,وليس لممرؤوس أف ينفذه ,فإف نفذه تحمؿ مسئوليتو(ٖ).
وقد ساقت كتب التراث اإلسبلمى مواقؼ كثيرة امتنع فييا الموظفوف عف
تنفيذ أوامر رؤسائيـ المخالفة لمشريعة اإلسبلمية ,امتثاال ألمر اهلل سبحانو
وتعالى ,وعمى ذلؾ نقسـ ىذا إلى فرعيف كالتالى :
ــــــــ ـ
( )1شلفقب ء أ وال أ أن ىف أ اشع ن اشوا بن ن أ ـ أنه جتب ا ن امة م ىف ة أةى ه إال أن يكون زلىة ً ،ق جتب
ا ه ،ه ،جب ا ه ىف ادلكى و ادلب ح ادلال ب اشوا ب .ب ـ جتب ا ن امة م ىف غّب ايىم ادلكى و
،جب إدا أةى وا ب أ ةال ب أ ةب ح .جـ ـ جتب ا ن امة م ىف ادلب ح ادلال ب إدا ن ةل ادلة ىت اشأ ةن .
د ـ جتب ا ن امة م ىف اشوا ب ال جتب ا ه ىف ادلال ب ـ ،غّبو ةل ادلب ح ادلكى و أ ىل أ م اشو وب .شلمني
ةل اش فة ىف لا اشي ن يىا ا ن ان دن اش و /زلم ن أإ ةى ن اشبغ أ ك ةه ىف اشفقه امنقةي
ةعبأن اشَب شلكمب وتى اب ن األ ،ص االع ص 121ة أ .
( )2أ /ب اشق أ وأة ن اش يىيا اجلال ئ امنقة ةق ن ً شق نون اشوضأ ة ن ن اشىن شن ن ط 1415 1 /ـ -
1985م . 561/1
( )3ب اشق أ وأة ن ادلى ا اش ق نفس ادلوضا .
134 نطام احلكم يف االسالم
الفرع األوؿ
تقييد الطاعة بعدـ المعصية
ممارسة السمطة بتدبير مصالح األمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بما حتمو الشارع
مف قواعد وأحكاـ ,بحيث إذا خرجت ىذه الممارسة عف نطاقيا الذى رسمو
الشارع انتفت طاعتيا .
( ٔ)
أنو ال يجوز لمرئيس أو ولى األمر أف يأمر بما فيو لذلؾ قرر الفقياء
معصية ,فإف أمر ينتفى واجب الطاعة المفروض عمى المرؤوسيف .
يقوؿ ابف قيـ الجوزية " فى بياف انتفاء واجب طاعة الرؤساء إذا أمروا
بمعصية بعد ما ذكر قولو تعالى
ــــــــ ـ
يل ن احل ن ن – 422/5ا ل صل م ن األ ب و اشالم ئى يـ – 138أ و حيٓب ز ىي ( )1يىا ا ىف دش ا ل
األنة ن أنُب ادلع شب – 111/ 4اشيى ُب اخلع ب ن ةغُب اي ج ن – 132 /4ا ل ت م ن ن اشف
اشكرب ط /أا ادلأى،ن ن 234 / 5شه أيض ً ةالب ج اش الن اشالبوين – 387/3يىا ا لش ال ل ت م ن ن
أ ن يـ – 128ي يق ة ىف ايبن اشال ى /ةك بن اشَباث امنقة اشق ىة حتق ق اش و /زلم
ل ل ل ل اشقالوي ن يقمن أ ىل اال ب شل أ ىف د ى اشال أيم ب اشال اشال ى/ةك بن اف أا
األنة اشق ىة ط 1398 1/ـ 1984 -م حتق ق /أإ ج ز اش ق يـ – 225أ و احل ْب زلم ل
ل ل اشع ب اشبةى ن ادلأ م ىف أيول اشفقه اشال ى /أا اشك ب اشألم ن ّب ت ط 1413 1/ـ حتق ق
/يل ادلس 16 / 2زلم ل زلم اشيو ن اشقول ادلف ىف أأشن ام ب أ اش قل اشال ى /أا اشقلم
اشكويص ط 1396 1 /ـ حتق ق /ب اشىإل ب اخل شق يـ – 35اجلة ص ن أ ك م اشقىآن – 177/3
ا ل نم ن ام ك م ىف أيول األ ك م أا احل يث اشق ىة ن ط 1414 1/ـ . 242 / 6
135 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
,قاؿ
ابف قيـ الجوزية " فأمر تعالى بطاعتو وطاعة رسولو ,وأعاد الفعؿ إعبلماً بأف
طاعة الرسوؿ تجب استقبلال مف غير عرض ما أمر بو عمى الكتاب ,بؿ إذا
أمر وجبت طاعتو مطمقاً سواء كاف ما أمر بو فى الكتاب أو لـ يكف فيو ,فإنو
أوتى الكتاب ومثمو معو ؛ ولـ يأمر بطاعة أولى األمر استقبلال ,بؿ حذؼ
الفعؿ وجعؿ طاعتيـ فى ضمف طاعة الرسوؿ إيذاناً بأنيـ إنما يطاعوف تبعاً
لطاعة الرسوؿ ,فمف أمر منيـ بطاعة الرسوؿ وجبت طاعتو ,ومف أمر
(ٕ)
بخبلؼ ما جاء بو الرسوؿ فبل سمع وال طاعة "
(ٖ )
عند تفسيرىـ لقولو تعالى وىذا ما انتيى إليو المفسروف
ــــــــ ـ
( )1نو ة اشال ء ن اآلين 59
ّب ت ط 1973/م حتق ق /اه ب اشىؤف ( ) 2ا ل م اجلوزينن إ قم ادلو أْب ل ب اشأ دلْب اشال ى أا اجلل
نأ .48 /1
( )3يىا ا ىف تف ّب لو اآلين اشعرب ن تف ّب اشعرب 495 / 8ة أ – اشقىاىب – اجل ةا أل ك م اشقىآن
يـ 1922ة أ – ا ل ثّب ن تف ّب اشقىآن اشأم م 342 / 2ـ أ و زلم احل ْب ل ة أوأ ل اجملل اشث
زلم ل اشفىاء اشبغو اشي ،أ ن ةأ اش الني حتق ق /زلم ب اهلل اشالمى آيى ن اشال ى /أا ا بن شلاليى
ط 1417 4 /ـ 1997 -م 239/ 2ة أ – اشثأ شىب ن اجلوا ى احل ن ىف تف ّب اشقىآن اش وزيا
األ ل شلمعبو ت ّب ت – 384 / 1ب اشىإل ل ل ل زلم اجلوز ن زاأ ادل ّب ىف لم ةن ن
ّب ت ط 1414 3/ـ – 115/2قل اش يل اش وا ن اش ادلالثو ىف ادلك ب امنقة اش ف ّب
دل ثو ن أا اشفكى ّب ت ن . 573 / 2 1993 اش ف ّب
136 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ )
حيث قرروا أف ىذا
يستفاد مف حذؼ الفعؿ " أطيعوا " عندما ذكرت اآلية أولى األمر ,فيذا يعد
دليبلً عمى أف طاعة أولى األمر داخمة فى طاعة الرسوؿ وال يجوز أف تتعداىا .
وقد قاؿ الرازى " إف األمة مجمعة عمى أف األمراء والسبلطيف إنما يجب
طاعتيـ فيما عمـ بالدليؿ أنو حؽ وصواب ,وذلؾ الدليؿ ليس إال الكتاب
والسنة ,فحينئذ ال يكوف ىذا قسماً منفصبلً عف طاعة الكتاب والسنة ,وعف
(ٕ)
طاعة اهلل وعف طاعة رسولو ,بؿ يكوف داخبل فيو"
وقاؿ أبو السعود فى تفسير ىذه اآلية " بعد ما أمر الوالة بطريؽ العموـ أو
بطريؽ الخصوص بأداء األمانات ,والعدؿ فى الحكومات ,أمر سائر الناس
بطاعتيـ ,لكف ال مطمقاً بؿ ضمف طاعة اهلل تعالى وطاعة رسوؿ اهلل ,حيث
قيؿ ,وأطيعوا اهلل وأطيعوا الرسوؿ وأولى األمر منكـ ,وىـ أمراء الحؽ ووالة
العدؿ ,كالخمفاء الراشديف ومف يقتدي بيـ مف الميتديف ,وأما أمراء الجور
فبمعزؿ مف استحقاؽ العطؼ عمى اهلل والرسوؿ في وجوب الطاعة ليـ"(ٖ).
وقد صرحت السنة النبوية المطيرة بانتفاء واجب الطاعة عند األمر
أنو قاؿ : بمعصية ,فمما جاء فييا ,الحديث الذي رواه نافع عف النبي
( السمع والطاعة عمى المرؤ المسمـ فيما أحب وكره ما لـ يؤمر بمعصية ,فإف
(ٗ)
. أمر بمعصية فبل سمع وال طاعة )
ــــــــ ـ
( )1نو ة اشال ء ن ةل اآلين 59
( ، )2ى اش يل اشىاز ن ةف تح اشغ ب . 244 / 3
( )3أ و اش أوأ ن إ أ اشأق اش ل م إىل ةناي اشقىآن اشكى أا إ ء اشَباث اشأىيب ّب ت .193/2
( ) 4اشب ي ن يم ح اشب ي ن ب األ ك م ب اش ما اشع ن شإلة م ة تكل ةأة ن م 6725
=
137 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
=
م 4192 ب احلث ل ا ن امة م ب اشب أن او اشال ئي يف اش الل 944/2لفمح ىيب
154/7لفمح شو ان أم ل كم ب بيي ...ر .
( )1ا ل جى اشأ ققين ن ،ح اشب ي .187/2
( )2اشالو ي ن ادلالب ج ىح يم ح ة لم ل احلج ج 46/9ـ يىا ا أيض ً ب اشىإل ل أيب كى اش واين اش يب ج
ىح يم ح ة لم ل احلج ج .363/3
أا اشك ب اشألم ن ائق امز ( )3اشيو ين ن األ ا 33/8شليو ين أيض ً اش اجلىا ادل ،ق ل
.298/4 ّب ت ط 1415 1/ـ حتق ق /زلموأ إ ىا م أ و زي
ش ىل ن أ ة وأ ( )4اشع ن اشوا بن ة م ة أيقً ةل ا ن اشيىع شلش جيب أن يفىض ل األةى اشىئ
ـ ان ال أ األةى اشىئ ن إىل أ ك م اشيىع .ب ـ ا ال ء تةى ،ت اشىئ س نوا ه ىف األةو اشأ ةن ل ادلةلمن
ادليى ن .جـ ـ أن يكون ة أةى ه امة م أ نوا ه أايقً ىف اي ة ي هتم ةا ا ب اشق يل اش قْب .يىا ا ىف
=
139 نطام احلكم يف االسالم
ما ىي األحكاـ الشرعية التي ينتفي عند مخالفتيا واجب والسؤاؿ اآلف
طاعة الرؤساء؟
ولئلجابة عمى ىذا التساؤؿ ينبغى أف نفرؽ بيف األحكاـ االجتيادية التي
اختمفت حوليا اآلراء ,وبيف األحكاـ القطعية التي ال خبلؼ بشأنيا ,كالثابتة
بالكتاب والسنة المتواترة.
مخالفة شرعية ىي محؿ خبلؼ بيف الفقياء ,فإنو يجب عمى مرؤوسيو طاعة
رئيسيـ وتنفيذ ىذا األمر ,حتي ولو كاف المرؤوسوف أو أحدىـ يخالفو في
الرأي ,وفي ذلؾ يقوؿ ابف الصبلح "إذا حكـ الحاكـ بما يراه في موضع
الخبلؼ السائغ ,فميس لحاكـ يخالؼ في رأيو أف ينقض حكمو ,أي ال يعترض
عميو فيما حكـ بو فيرده ويبطمو(ٔ)"
فحكـ أو أمر الحاكـ بإتباع وجية نظر معينة في مسائؿ الخبلؼ يقطع
الخبلؼ ويحسـ النقاش ,وتجب طاعتو ,قاؿ ابف الصبلح "حكـ الحاكـ بشرطة
يقطع الخبلؼ ويمتنع عمى المخالؼ نقضو" (ٕ ) .وقاؿ الجصاص ":إذا حكـ
الحاكـ بأحد وجوه االختبلؼ نفذ حكمو"(ٖ).
وقاؿ ابف رجب عند حديثو عف حكـ الحاكـ في األرض التي ال مالؾ ليا "
ينفذ حكـ الحاكـ وال يرد وال يعترض عميو"(ٗ) .وجاء في المنثور مف القواعد أف "
حكـ الحاكـ في المسائؿ المختمؼ فيا يرفع الخبلؼ"(٘).
ومف ىنا نخمص إلى أف واجب طاعة الرؤساء ال ينتفي إذا كاف أمر
الرئيس منطوياً عمى مخالفة لحكـ شرعى ىو محؿ خبلؼ بيف الفقياء أو محؿ
اجتياد ,إذا كاف ػ أي الرئيس ػ مجتيداً أو لـ يكف وقد شاور أو سأؿ فيو العمماء
ــــــــ ـ
( ) 1أ و مى ثم ن ل ب اشىإل ل ثم ن اشيبىز ي ادلأى ف ل اشةقح ن أأب ادلفٍب ادل فٍب ن ةك بن اشألوم
اشك ب ّب ت ط 1417 1/ـ حتق ق أ /ةو،ق ب اهلل ب اشق أ .112/1 احلكم
( )2ا ل اشةقح ن أأب ادلفٍب ادل فٍب .511/2
( )3اجلة ص ن أ ك م اشقىآن .316/1
( ) 4ب اشىإل ل اإ ل ب احلالبلي االن ىاج أل ك م اخلىاج اشال ى أا اشك ب اشألم ن ّب ت
ط 1415/ـ ص .137
.69/2 ( )5اشن يي ن ادلالثو ةل اشقوا
141 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
( )1يف دش يقول اآلة ر إمن ديكل نقضه ـ أ كم احل م ـ ن يكون كمه سل شف ً ش ش اا أ إد ع أ
ب لي و ة نص اشألن ،ه ةالةوين أ ن عا ،ه الفي اشف ق ْب األي اشفىع ريىا ا اآلة ي ن
ام ك م يف أيول األ ك م 219/4ـ يف دات ادلأِب يىا ا اشغناىل ن ادل ةفي يف لم األيول ص 367ـ أ و
إنم ق إ ىا م ل ل اشيّباز ن اشلما يف أيول اشفقه أا اشك ب اشألم ن ّب ت ط 1415 1/ـ
1985م ص 54ا ل ت م ن اشف ي اشكربي .247/4
ب األ ك م ب ف يب يا امة م اشال ب م 2633/6 6776او ( ) 2اشب ي ن يم ح اشب ي
ة لم لفمح ىيب يف ب امة ة ب اشب أن ل اش ما اشع ن م .1491/3 1867
142 نطام احلكم يف االسالم
عمى السمع وفي حديث آخر عف جرير بف عبد اهلل قاؿ ,بايعت النبي
والطاعة فمقنني " فيما استطعت والنصح لكؿ مسمـ(ٔ)".
فباف مف ذلؾ أف االلتزاـ بواجب الطاعة مقيد باالستطاعة والقدرة عمى تنفيذ
األمر الصادر مف الجيات العميا.
وخبلصة القوؿ :أف الشريعة اإلسبلمية قد ألزمت بنصوص قطعية
المرؤوسيف بطاعة أوامر رؤسائيـ وسرعة تنفيذىا في حدود قواعد وأصوؿ
الشريعة المتفؽ عمييا.
غير أنو يمكف في حالة الضرورة طاعة األمر الرئاسي الذي يتضمف
معصية اهلل بيقيف ,وذلؾ إذا كاف عصياف ىذا األمر يترتب عميو اليبلؾ أو
تفتيت وحدة األمة(ٕ) ,طبقاً لمقاعدة الشرعية التي تقضي بارتكاب اخؼ الضرريف
( ٖ)
فإذا كاف الضرر المترتب عمى طاعة األمر غير الشرعي عند اجتماعيما
أخؼ مف الضرر المترتب عمى عصياف ىذا األمر ,وجبت الطاعة فى ىذه
الحالة ,واال فبل .
ــــــــ ـ
الفس م 2634/6 6778 ب ف يب يا األة م اشال ب ب األ ك م ( ) 1اشب ي ن يم ح اشب ي
يل اشالة من م .75/1 56 اشلفمح او ة لم يف ب امدي ن ب أن اش
ص .341 ( )2أن دن اش و ، /اأ اشال أي ن ةب أ ادليى ن
ىح اشأق ة اشعم ين ص 373أ و ز ىي حي ي ل ىف اشالو ي ( ) 3يىا ا يف لو اشق ة ا ل أيب اشأن احلالفي
أأب اشف و ادلفٍب ادل فٍب أا اشفكى أةيق ط 1418 1/ـ حتق ق /م ب اشو ب ص 61
اآلة ي ن ام ك م 181/1ـ ل ل ب ب اشبأل احلالفي ن اشقوا اشفوائ األيوش ن ة ي ألق ن ةل أ ك م
ةعبأن اش الن ايم ين اشق ىة 1375ـ ـ 1956م ـ حتق ق /زلم ة اشفقي ص 113أ و ة اشغناىل ن
ادل ةف يف لم األيول ص .71
143 نطام احلكم يف االسالم
-2النصيحة
ومما يدؿ عمى النصيحة لوالة األمر ما ورد في صحيح مسمـ مف حديث
تميـ الداري (رضي اهلل عنو) أف النبي (( )قاؿ (( :الديف النصيحة قمنا لمف
(ٕ)
. قاؿ هلل ولكتابو ولرسولو وألئمة المسمميف وعامتيـ))
قاؿ ابف حج :النصيحة ألئمة المسمميف إعانتيـ عمى ما حمموا القياـ بو ,
وتنبيييـ عند الغفمة ,وسد خمتيـ عند اليفوة ,وجمع الكممة عمييـ ,ورد القموب
(ٖ)
النافرة إلييـ ومف أعظـ نصيحتيـ دفعيـ عف الظمـ بالتي ىي أحسف .
-3حؽ الماؿ
يجب لبلماـ مف بيت ماؿ المسمميف ما يكفي حاجتو وحاجة أىمو ,يأخذ منو بقد
ما يكفيو ومف يعوؿ بالمعروؼ ,وقد أخذ أبو بكر وعمر (رضي اهلل عنيما) ما
يكفييما مف بيت الماؿ ,فقد روى ابف سعد عف عطاء بف السائب قاؿ(( :لما
استخمؼ أبو بكر أصبح غاديا إلى السوؽ وعمى رقبتو أثواب َيتَّ ِج ُر بيا ,فمقيو
عمر بف الخطاب وأبو عبيدة بف الجراح ,فقاال لو :أيف تريد يا خميفة رسوؿ اهلل؟
ــــــــ ـ
(ٔ) الجوىري الصحاح ٔ . ٗٔٓ/وابف حجر ,فتح الباري ٔ. ٖٔٛ/
(ٕ) كتاب اإليماف ,حديث رقـ ٘٘ .
(ٖ) فتح الباري ٔ. ٖٔٛ/
144 نطام احلكم يف االسالم
قاؿ السوؽ ,قاال :تصنع ماذا وقد وليت أمر المسمميف؟ قاؿ :فمف أيف أطعـ
عيالي؟ قاال لو :انطمؽ حتى نفرض لؾ شيئاً ,فانطمؽ معيما ففرضوا لو كؿ يوـ
(ٔ)
. شطر شاة وما كسوه في الرأس والبطف))
ولما ولي عمر أمر المسمميف كاف يأخذ مف بيت الماؿ قدر حاجتو فأخبر
المسمميف بما يحؿ لو مف ماؿ اهلل ,بقولو (( :يحؿ لي حمتاف ,حمة في الشتاء,
وحمة في الصيؼ ,وما أحج عميو وأعتمر مف الظير ,وقوتي وقوت أىمي
كقوت رجؿ مف قريش ليس بأغناىـ وال بأفقرىـ ,ثـ أنا بعد ذلؾ رجؿ مف
(ٕ)
. المسمميف يصيبني ما أصابيـ))
و قاؿ عمر بف الخطاب (رضي اهلل عنو) أيضاً (( :إني أنزلت نفسي مف
ماؿ اهلل منزلة ماؿ اليتيـ ,إف استغنيت استعففت ,واف افتقرت أكمت
(ٖ)
. بالمعروؼ))
ــــــــ ـ
(ٔ) الطبقات الكبرى ٖ. ٔٛٗ/
(ٕ) ابف سعد ,الطبقات الكبرى ٖ. ٕٚٙ/
(ٖ) المرجع السابؽ ,وقاؿ ابف حج في الفتح ٖٔ : ٔ٘ٔ/سنده صحيح .
145 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الثاني
الوزارة
اشتقاؽ كممة الو ازرة مأخوذ مف ِ
الوْزر ,وىو الثقؿ ,ألنو يتحمؿ عف الممؾ
الوَزر ,وىو الممجأ ,ومنو قولو تعالى {كبل ال وزر}
أثقالو .وقيؿ إنو مأخوذ مف َ
أي ال ممجأ ,فسمي بذلؾ ألف الممؾ يمجأ إلى أريو ومعونتو .
وقيؿ إنو مأخوذ مف األزر ,وىو الظير ,ألف الممؾ يقوى بتوزيره كقوة البدف
(ٔ)
بالظير .
-1وزارة تفويض
وىي أف يستوزر اإلماـ مف يفوض إليو تدبير األمور برأيو وامضاءىا عمى
اجتياده .ومما تتطمبو ىذه الو ازرة مف الخصاؿ الحميدة ما حكي عف المأموف
قولو :إني التمست ألموري رجبلً جامعاً لخصاؿ الخير ,ذا عفة في خبلئقو ,
واستقامة في طرائقو ,قد ىذبتو اآلداب ,وأحكمتو التجارب ,إف اؤتمف عمى
األسرار قاـ بيا ,واف قمد ميمات األمور نيض فييا ,يسكنو الحمـ ,وينطقو
العمـ , ,وتكفيو المحظة ,وتغنيو الممحة ,لو صولة األمراء ,وأناة الحكماء ,
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :الفراء ,األحكاـ السمطانية ص , ٕٜوالجوىري ,الصحاح ٕ , ٛٗ٘/مادة [وزر] .
(ٕ) انظر :الماوردي ,األحكاـ السمطانية ص ٕ٘ وما بعدىا .والفراء ,األحكاـ السمطانية ص ٕٜوما
بعدىا .
146 نطام احلكم يف االسالم
وتواضع العمماء ,وفيـ الفقياء ,إف أُحسف إليو شكر ,واف اُبتمي صبر ,ال
يبيع نصيب يومو بحرماف غده ,يسترؽ قموب الرجاؿ بخبلبة لسانو وحسف بيانو
(ٔ)
.
واذا كانت و ازرة التفويض في أمر عاـ فبل بد لذلؾ مف شرطيف -:
ٔ -يجب عمى الوزير أف يطالع اإلماـ لما أمضاه مف تدبير ,وأنفذه مف والية
وتقميد ,لئبل يصير باالستبداد كاإلماـ .
ٕ -عمى اإلماـ أف يتصفح أفعاؿ الوزير ,وتدبير األمور ,ليقر منيا ما وافؽ
الصواب ويستدرؾ ما خالفو .
ٔ -لو أف يحكـ بنفسو ويقمد الحكاـ ألف شروط الحكـ فيو معتبرة .
ٖ -ينظر في المظالـ وينيب فييا ,ألف شروط المظالـ فيو معتبرة .
(ب) لئلماـ أف يستعفي األمة مف الو ازرة وليس ذلؾ لموزير .
ــــــــ ـ
(ٔ) الماوردي ,األحكاـ السمطانية ص . ٕٙ
147 نطام احلكم يف االسالم
(جػ) لئلماـ أف يعزؿ مف قمده الوزير وليس لموزير أف يعزؿ مف قمده اإلماـ
-وزارة تنفيذ
واذا كانت و ازرة التفويض يشترط فييا ما يشترط لئلماـ عدا القرشية ,فإف
و ازرة التنفيذ ال يشترط ليا ما يشترط لو ازرة التفويض ,فبل يعتبر ليا شرط الحرية
وال العمـ ,ألنو ليس لو أف ينفرد بوالية وال تقميد ,فتعتبر فيو الحرية ,وال يجوز
لو أف يحكـ فيعتبر فيو العمـ .
ٕ -صدؽ الميجة ,حتى يوثؽ بخبره فيما يؤديو ,ويعمؿ عمى قولو فيما ينييو
ٗ -أف يسمـ فيما بينو وبيف الناس مف عداوة وشحناء .
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :الفراء ,األحكاـ السمطانية ص ٖٔ .
148 نطام احلكم يف االسالم
٘ -أف يكوف ذكو اًر لما يؤديو إلى الخميفة وعنو ,ألنو شاىد لو عميو .
ٔ -يجوز لوزير التفويض أف يباشر الحكـ والنظر في المظالـ ,وليس ذلؾ
لوزير التنفيذ.
ٕ -يجوز لوزير التفويض أف يستبد بتقميد الوالة والموظفيف وليس ذلؾ لوزير
التنفيذ.
ٖ -يجوز لوزير التفويض أف ينفرد بتسيير الجيوش وتدبير الحروب وليس ذلؾ
لوزير التنفيذ .
ٗ -يجوز لوزير التفويض أف يتصرؼ في أمواؿ بيت الماؿ ,بقبض ما يستحؽ
(ٔ)
لو ,ودفع ما يجب عميو وليس ذلؾ لوزير التنفيذ.
ــــــــ ـ
(ٔ) انظر :عبدالقادر عوده ,اإلسبلـ وأوضاعنا السياسية ص ٕٖٕ .
149 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الثالث
االمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر
المطمب األوؿ :مفيوـ االمر بالمعروؼ والنيي عف المنكروفضمو :
المعروؼ :يطمؽ المعروؼ عمى كؿ ما تعرفو النفس مف الخير ,وتطمئف إليو,
فيو معروؼ بيف الناس ال ينكرونو .وقيؿ :ىو ما عرؼ حسنو شرعاً وعقبلً.
وسمي منك اًر ,ألف
المنكر :ضد المعروؼ ,وىو ما عرؼ قبحو شرعاً وعقبلً ّ
أىؿ األيماف ينكرونو ويستعظموف فعمو.
والمعروؼ يدخؿ فيو كؿ ما أمر اهلل بو ورسولو مف األمور الظاىرة والباطنة ,
مثؿ :شرائع اإلسبلـ واإليماف باهلل والصموات الخمس والزكاة والحج ,واإلحساف
في عبادة اهلل واخبلص الديف هلل ,والتوكؿ عميو ومحبتو ورجائو ,وغيرىا مف
أعماؿ القموب ,وصدؽ الحديث والوفاء بالعيود وأداء األمانات وبر الوالديف
وصمة األرحاـ واإلحساف إلى الجار واليتيـ ,ومكارـ األخبلؽ.
اما المنكر فيو ضد المعروؼ,وىو األمر القبيح,تقوؿ أنكرت عمية فعمو إنكا اًر
(ٔ )
إذا عبتو ونييتو عنو
و لممنكر عدة تعريفات بيانيا كالتالي - :
ٔ -المنكر ىو:ما تنكره النفوس السميمة وتتأذى بو مما حرمة الشرع ,
(ٕ)
ونافرة الطبع ,وتعاظـ استكباره ,وقيح عمية الفتح استظياره في محؿ المؤل
ٕ -المنكر :ىو ما ليس فيو رضا اهلل مف قوؿ أو فعؿ ,والنيي عنو :ىو
ــــــــ ـ
ٔ
) مختار الصحاح لمرازي صػ ٜٙٚط المطبعة األميرية بالقاىرة سنة ٜٕٔٙ
ٕ
) أحكاـ القرآف لمجصاص ٕ ٖٕٕ/الناشر دار الصحؼ – مطبعة عبد الرحمف محمد
151 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
طمب الكؼ عف فعؿ أو قوؿ ما ليس فيو رضا اهلل تعالى
(ٕ)
ٖ -المنكر :ىو ما ينكره الشارع محرماً كاف أو مكروىاً
ٗ -المنكر ىو :كؿ ما ينكره الشرع وينيي عنو ,ويذمو ,ويذـ أىمو ,
(ٖ)
ويدخؿ في ذلؾ جميع المعاصي أو البدع
٘ -المنكر ىو :تقبيح ما تنفر عنو الشريعة والعفة ,وىو ما ال يجوز في
(ٗ)
ديف اهلل تعالى
ومف خبلؿ ىذه التعريفات يمكف تعريؼ المنكر بأنو :كؿ تصرؼ ينكره
الشرع ,ويستقبحو العقؿ صغائر الذنوب وكبائرىا
-ٙالمنكر ىو :ما أنكره الشرع بالنيي عنو ,وىو يعـ جميع المعاصي
(٘)
والرذائؿ والدناءات عمى اختبلؼ أنواعيا .
-ٚالمنكر ىو :كؿ معصية حرمتيا الشريعة اإلسبلمية سواء وقعت مف
()ٙ
مكمؼ أو غير مكمؼ
ــــــــ ـ
ٔ
) األمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر لشيخ اإلسبلـ ابف تيمية ص ػٔ ط موسوعة الفقة اإلسبلمي
ٕ
) د /طارؽ محمد الطوارى – األمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر صػ – ٚط جامعة الكويت – قسـ
التفسير والحديث
ٖ
) الموسوعة الفقيية ط و ازرة األوقاؼ والشئوف اإلسبلمية بالكويت ج ٙصػ ػٕٕٕ٘ٗٚ,
ٗ
) التعريفات لمجرجاني صػٗ٘ ط دار الكتاب العربي – تحقيؽ ابراىيـ األبيارى
٘
) الجامع الحكاـ القرآف لمقرطبي ٖٓٔٔٛ/
ٙ
( ا /عبد القادر عودة – التشريع الجنائي اإلسبلمي مقارناً بالقانوف الوضعي جٔ ص ٕ ٜٗط دار التراث
العربي سنة ٜٔٚٚـ
151 نطام احلكم يف االسالم
ٕ -أف اهلل سبحانو وتعالى ربط خيرية األمة لمحمدية عمى سائر األمـ
ُخ ِر َج ْت لِمن ِ
اس بأنيا تأمر بالمعروؼ وتنيي عف المنكرقاؿ تعالى( ُك ْنتُ ْـ َخ ْي َر أُم ٍةأ ْ
(ٕ)
وف ِبالم ِو ۗ ) وف ِبا ْلمعر ِ
وؼ َوتَ ْن َي ْو َف َع ِف ا ْل ُم ْن َك ِرَوتُ ْؤ ِم ُن َ ْم ُر َ َ ْ ُ تَأ ُ
فاهلل سبحانو وتعالي مدح ىذه األمة ووصفيا بالخيرية ألف أفرادىا يأمر
بالمعروؼ وينيوف عف المنكر ,فمو تركوا ىذا لـ يستحقوا الخيرية ,وكاف ذلؾ
(ٖ)
سبباً ليبلكيـ
ٖ -أف اهلل سبحانو وتعالى جعؿ الفرؽ بيف المؤمنيف والمنافقيف ىو األمر
ض ُي ْـ ِم ْف
ات َب ْع ُ وف وا ْلم َن ِ
افقَ ُ ِ
بالمعروؼ والنيي عف المنكر ,قاؿ تعالى ( ْل ُم َنافقُ َ َ ُ
(ٗ) وف ِبا ْلم ْن َك ِر وي ْنيو َف ع ِف ا ْلمعر ِ
وؼ ) َب ْع ٍ
َ ُْ ْمُر َ ُ َ َ َ ْ َ ض ۗ َيأ ُ
ــــــــ ـ
ٔ) سورة األعراؼ ,االية ٔ٘ٚ
ٕ( سورة آؿ عمراف األية ٓٔٔ
ٖ
) الجامع الحكاـ القرآف لمقرطبي ٖٓٔٔٛ/
ٗ
) سورة التوبة األية ٙٚ
152 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
) سورة آؿ عمراف األية ٗٔٔ
ٕ
) سورة المائدة االية ٘ٓٔ
ٖ
) رواه أبو داود وفي سننو ٗ ٕٔٔ/كتاب اعبلـ – باب األمر والنيي رقـ ٖٔٗٗ ط دار الرياف لمتراث
ٗ
) سورة الحج اآلية رقـ ٓٗٗٔ-
153 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ) سورة النساء اآلية ٗٔٔ
ٕ( رواه مسمـ في صحيحة ٗ -ٕٓٙ/كتاب العمـ – باب مف حسف سنة حسنة أو سيئة رقـ ٗ ٕٙٚط دار
الفكر – تحقيؽ محمد عبد الباقي
ٖ) رواه البخاري في صحيحة – ٖٙٓ/ٙكتاب المنافؽ – باب عبلمات النبوة رقـ ٖ٘ٛٙنشر المكتبة
التوفيقية – القاىرة
ٗ( سورة التوبة اآلية ٔٚ
155 نطام احلكم يف االسالم
أعبلىا وبعضيـ أسفميا فكاف الذيف في اسفميا إذا استقوا مف الماء مروا عمى مف
فوقيـ فقالوا لو أنا فرقنا في تعيينا خرقاً ولـ تؤذ مف فوقنا فأف تركيـ وما أرادوا
(ٔ)
ىمكوا جميعاً ,وأف أخذوا عمي أيدييـ نجوا ونجو جميعاً
ــــــــ ـ
ٔ) رواه مسمـ جػ ٚص ٕ
156 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ) الشرح الصغير ىامش المغة الساؾ ٔ ٖ٘٘/ط مصطفي سنةٕ٘ ,ٜٔاعانة الطالبيف لمدماطي ٗ ٕٔٛ/ط
عيسى الحمبى دار احياء عموـ الديف لمغزالى ٕٖٖٓ/ط عيسى الحمبى سنة ٜٔ٘ٚ
ٕ) الجامع الحكاـ القرآف القرطبى ٗ , ٔٙ٘/الكشاؼ لمزمخشرى ٖٜٔٔ/
ٖ) مجموع فتاوى ابف تيمية ص , ٖٖٚشرح النووى عمى صحيح سميـ ٕٕٖ/
ٗ
) سورة آؿ عمراف اآلية ٗٓٔ
157 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
بالمعروؼ والنيي المنكر واجب عمي سبيؿ الكفاية
اموا الص َالةَ َوآَتَُوا الزَكاةَض أَقَ ُاى ْـ ِفي ْاأل َْر ِيف إِ ْف َمكن ُ ٕ-قولة تعالى (ال ِذ َ
ِِ ِ ِ
َم ُروا ِبا ْل َم ْع ُروؼ َوَن َي ْوا َع ِف ا ْل ُم ْن َك ِر َولمو َعاق َب ُة ْاأل ُ
ُم ِ
(ٕ)
ور) َوأ َ
وجو الداللة :أف ىذا يدؿ عمى أف دفع المنكر واجب عمى سبيؿ الكفاية
ض) وليس كؿ اى ْـ ِفي ْاأل َْر ِ وأف اهلل سبحانو وتعالى عينيـ بقولة (ال ِذ َ
يف إِ ْف َمكن ُ
الناس يمكنيـ اهلل في األرض ,منيـ الذيف الذيف يقع عمييـ عبئ دفع المنكر
(ٖ)
النيـ صفوة اهلل تعالي مف خمقة
ٖ -مف المعقوؿ :أف االمر بالمعروؼ والنيي المنكر ليس في استطاعة
الجميع حتى يكوف فرض عيف ,ولكنو فرض كفاية لمف استطاع إليو ,فإذا
اجتمع أحد الضرريف ,وأىمميما ضرر عدـ دفع المنكر والثاني عدـ دفع ارتكب
أخفيما ضر اًر التقاء أشدىما
القوؿ الثاني :
ذىب بعض الفقياء إلى القوؿ بأف االمر بالمعروؼ والنيي المنكر فرض
عيف يجب عمى كؿ مسمـ ومسممة بشرط التكميؼ
والى ىذا ذىب ابف حزـ الظاىري ,وابف كثير ,والشيخ محمد عبده والسيد
(ٗ)
محمد رشيد رضا
ــــــــ ـ
ٔ) أحكاـ القراف لمجصاص ٕٕٜ/
ٕ) سورة الحج اآلية ٔٗ
ٖ) تفسير القرطبي ٗٔٙ٘/
ٗ) المحمى البف حزـ الظاىرى ٔ ٖٙٔ/ط دار اآلفاؽ الجديدة – بيروت – تفسير ابف كثير ٕ ٛٙ/ط دار
احياء الكتب العربية
158 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ)سورة آؿ عمراف االية ٗٓٔ
ٕ) التوضيح والتقبيح لصدر الشريعة بيا مش التمويح عمى التوضيح لمتفتازاني ٔ ٜ٘,ٙٓ/ط بيروت
ٖ) رواه مسمـ في صحيحو ٕ ٕ٘٘/باب األمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر ,نيؿ األوطار لمشوكاني
ٖ ٖٓٗ/ط المطبعة العثمانية سنة ٖٔ٘ٚالناشر مكتبة دار التراث القاىرة
ٗ) التفسير الكبير لئلماـ فخر الرازى ٔٙٙ/ٛط دار الكتب العممية – بيروت
٘) تفسير المنار لمسيد محمد رضا ٕٕٜ/
159 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثاني
شروط النيي المنكر
أواالُ :الشروط التي تتعمؽ بالنيي عف المنكر
يشترط في النيي المنكر عدة شروط منيا -:
الشرط األوؿ وقوع المنكر :
المنكر كما سبؽ تعريفة .ىو ارتكاب ما حرمو اهلل عمى الناس ويفضؿ
(ٔ)
تعبير المنكر عمى تعبير المعصية ,الف المنكر دائرتو واسعة بعض العمماء
لتشمؿ كؿ ما أنكره الشرع مف كفر أو فوؽ أو عصياف فإذا وقع النكر وجب
دفعو بعض النظر عف العرؼ والعادات والتقاليد الف العرؼ إذا تعارض مع
شرع اهلل فيو باطؿ .
وبناء عمى ذلؾ فمو تعارؼ الناس عمى المعاممة بالربا وكاف مف عاداتيـ
فيو منكر يجب دفعو ,وكذلؾ تعارؼ الناس في بعض البمداف عمى عدـ إعطاء
(ٕ)
المرأة حقيا في الميراث فيذا أيضاً منك اًر يجب دفعو ومحاربتو بكافة الوسائؿ
أما العادات األخرى والتي ليس فييا دليؿ شرعي فيي تخضع لمضوابط
(ٖ)
الشرعية المعتبرة ,وال تعتبر منك اًر غبل باإلجماع عمييا
الشرط الثاني :أف يكوف المنكر ظاى ارً
ومعني ىذا الشرط :أف الذي يفعؿ المنكر وىو مستتر في بيتو اليراه أحد
ال يجوز دفعو ,ألف المنكر البد وأف يكوف ظاى اًر مف غير تستر
ــــــــ ـ
(ٔ) احياء عموـ الديف لمغزالي جٕ ص ٘,ٕٛص ٕٛٙ
(ٕ) د /صبحي عبده سعيد – شرعية السمطة والنظاـ فى حكـ اإلسبلـ ص ٕٜٛالناشر – دار النيضة العربية – القاىرة سنة ٕٓٗٔ ى ػ ٜٜٔٔ -ـ
(ٖ)د /صبحي عبده سعيد – الحاكـ وأصوؿ الحكـ في النظاـ اإلسبلمي ص ٔ , ٔٚص ٕ ٔٚط دار النيضة العربية
161 نطام احلكم يف االسالم
الف اهلل سبحانو وتعالي مستر الكثير مف الذنوب لعؿ أصحابيا أف يرجعوا
إليو فالبحث عف المنكر مف وراء األبواب ال يجوز ألنو يؤدى إلى إشاعة
ش ُة ِفي ال ِذ َ
يف َآ َم ُنوا لَ ُي ْـ َف تَ ِشيع ا ْلفَ ِ
اح َ َ يف ُي ِحب َ
ُّوف أ ْ الفاحشة قاؿ تعالى (إِف ال ِذ َ
(ٔ) الد ْنيا و ْاآل ِ
َخ َرِة َوالم ُو َي ْعمَ ُـ َوأَ ْنتُ ْـ َال تَ ْعمَ ُم َ ع َذاب أَلِ ِ
وف) يـ في ُّ َ َ َ ٌ ٌ
ُّيا ال ِذ َ
يف ومف أجؿ ذلؾ نيي اإلسبلـ عف التجسس – قاؿ تعالى ( َيا أَي َ
ض الظ ِّف إِثْ ٌـ َوَال تَ َجس ُ ير ِم َف الظ ِّف إِف َب ْع َ اجتَِن ُبوا َك ِث ًا
(ٕ)
سوا) َم ُنوا ْ
آَ
كما روى أف أمير المؤمنيف عمر ابف الخطاب رضي اهلل عنو تسمؼ جدا اًر
فوجد فتية يشربوف الخمر داخؿ بيتيـ فتسوور حائطيـ لينكر عمييـ ذلؾ ,فقاؿ
يا أمير المؤمنيف عصينا اهلل في واحدة وأنت عصيتو في ثبلث ,أما األولى فإف
اهلل تعالى قاؿ ( وال تجسسوا ) وأنت تجسست عمينا ,وأما الثانية فإف اهلل تعالى
قاؿ (وآتوا البيوت مف أبوابيا ) وأنت لـ تدخؿ مف الباب ,وأما الثالثة فإف اهلل
تعالى يقوؿ
( ال تدخموا بيوتاً غير بيوتكـ حتى تستأنسوا وتسمموا عمى أىميا )
وأنت تسورت عمينا حائطاً ووف أف نأذف لؾ بالدخوؿ ,فتركـ عمر ليتوبوا مف
ىذا الذنب فالمنكر الظاىر ىو الذي يقع في الرقات واألماكف العامة وأماكف
العمؿ وكؿ ما يقع أماـ أعيف الناس ,المنكر مف نكارى إذا وجدوا في بيت
وأصواتيـ عالية يسمعاف المار فيذا مف ظاىر ولذلؾ شاور عمر بف الخطاب
رضي اهلل عنو في اإلماـ إذا شاىد بنفسو منك اًر أو حداً مف حدود اهلل فيؿ يقيـ
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة النور االية ()ٜٔ
الحد عميو دوف الشيادة ,فأشار عميو بف أبي طالب كرـ اهلل وجية بضرورة
اإلتياف بشاىديف عدلييف .
فكي يكوف النكر ظاى اًر البد أف يكوف ظاى اًر حسياً كأف يكوف مرئياً أو
(ٔ)
فالسكارى إذا وجدوا في بيت معروؼ وشيود بتقديـ الخمور أو كانت مسموعاً
أصواتيـ مسموعة يسمعيا المار في الطريؽ ,فيذا ييتبر منك اًر ظاى اًر يجب
دفعو ,وكذلؾ المجاىر بالذنب الذي مستره اهلل بالميؿ فعف أبى ىريرة رضي اهلل
عنو قاؿ :سمعت رسوؿ اهلل ()يقوؿ :كؿ أمتي معافى إال المجاىروف وأف
مف المجاىرة أف يعمؿ الرجؿ بالميؿ عمبلً ثـ يصبح وقد ستره اهلل ,فيقوؿ يا
فبلف عممت البارحة كذا وكذا ,وقد بات يستره اهلل ,فأصبح يكشؼ ستر اهلل
(ٕ)
عميو
الشرط الثالث :أف يكوف منك ارً معموماً بغير اجتياد
ومفاد ىذا الشرط :أف يكوف الذي يجب دفعو البد وأف يكوف معموماً مف
الديف بالضرورة أنو منكر بدوف اجتياد وذلؾ كحرمة الزاني وشرب الخمر والربا
,وغير ذلؾ مف المنييات المعمومة أما المسائؿ الفقيية التي تحتاج إلى اجتياد
(ٖ)
فبل تعتبر مف قبيؿ المنكر المعموـ فييا خبلؼ بيف الفقياء
فبل يجوز ألحد أف ينكر عمى أمرآة زواجيا بدوف ولى ألنيا مف األمور
المختمؼ فييا بيف الفقياء طالما أف ىذا الزواج استجمع الشرط األخرى وأيضاً :
ــــــــ ـ
(ٔ) رواه البخارى في صحيحة كتاب األدب – باب ستر المؤمف عمى نفسو ٓٔ ٗٛٙ/حديث رقـ , ٜٙٓٙمسمـ في صحيحة – كتاب الزىد – باب النيي عف ىتؾ
ال يجوز لشخص حنفي المذىب أف ينكر عمى شخص شافعي المذىب صبلتو
بعد وضوءه وخروج دمو منو ,فيذه األمور كميا فييا اختبلفات ,وليست مف
(ٔ)
المنكرات المعمومة لدى جميع الفقياء .
الشرط الربع :أال يؤدى دفع المنكر إلى ما ىو أنكر منو
ومفاد ىذا الشرط :أف دفع المنكر ال يجوز إذا ترتب عمى دفعو منكر أشد
منو وذلؾ كمف يجد مجموعة يسرقوف منزالً وتيقف أو شؾ في نفسو بأنو إذا
منعيـ سوؼ يقتموه ,فبل يجوز لو دفعو ,سداً لباب الذرائع ويدؿ عمى ذلؾ قولة
ِ ٍ (ٕ) وف ِم ْف ُد ِ ِ
سبُّوا الم َو َع ْد ًوا ِب َغ ْي ِر ع ْمـ)
وف المو فَ َي ُ س ُّبوا ال ِذ َ
يف َي ْد ُع َ تعالي ( َوَال تَ ُ
فقد كاف لمسمموف يسبوف أصناـ الكفار فيترتب عمى ذلؾ أف الكفار يسبوا
المسمميف ,فأنزؿ اهلل تعالى ىذه اآلية ناىياً المسمميف عف سب إليو المشركيف
الف ذلؾ يترتب عميو ضر اًر أشد وىو سب اهلل تعالى .
ــــــــ ـ
(ٔ) د /محمود زكي عبد العزيز – أضواء فقو األمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر ص ٓٓ ٛبحث منشور بمجمة ممية الدراسات اإلسبلمية والعربية بقنا العدد ٘ سنة
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة النساء اآلية (ٔٗٔ)
(ٕ) أخرجو أبوداد في سننو جٕ ص – ٘ٗٙرقـ ٖٓٗٗ ,ابف ماجو في سننو جٔ ص ٙ٘ٛرقـ ٕٔٗٓ وقاؿ عنو األلباني حديث صحيح
(ٖ) الموسوعة الفقيية الكويتية ج ٔٚص ٖٕ٘ ط وزراه األوقاؼ والشئوف اإلسبلمية بالكويت سنة ٕٔٓٓ ـ
165 نطام احلكم يف االسالم
-3العدالة
والعدالة ىي اجتناب الكبائر وعدـ اإلصرار عمى الصغائر والبعد عف
الشبيات ومواطف الريب ,فبل يجوز أف يكوف الناىي عف المنكر فاسقاً لقولو
اب أَفَ َال وف الناس ِبا ْل ِبِّر وتَ ْنسو َف أَ ْنفُس ُكـ وأَ ْنتُـ تَ ْتمُ َ ِ
وف ا ْلكتَ َ َ ْ َ ْ َ َْ َ ْمُر َ
تعالى ( :أَتَأ ُ
تَ ْع ِقمُ َ
()1
وف)
وما روى عف أنس بف ممؾ رضي اهلل عنو قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل ( )مف
ىؤالء يا جبريؿ قاؿ :ىؤالء خطباء أمتؾ يقولوف ماال يفعموف ويقرءوف كتاب اهلل
(ٕ)
وال يعمموف .
وذىب البعض إلى عدـ اشتراط العدالة فيمف ينيي عف المنكر بدليؿ أف
شارب الخمر والزاني يجاىد في سبيؿ اهلل ,فبل يسقط عنو ,فاألحكاـ تشمؿ
البر والفاجر ,ومف ترؾ الصبلة ال يسقط عنو الصوـ وىكذا .
والحؽ :أف شرط العدالة فيمف ينيي عف المنكر ىو شرط استحباب وليس
شرط وجوب ,باإلضافة إلى أف العدالة تختمؼ مف زماف آلخر ومف مكاف آلخر
ال سيما ىذا العصر الذي قؿ فيو العدوؿ ,ولكف األفضؿ أف يكوف النيي عف
المنكر مف العدوؿ مف عصره ,لكف يكوف قدوه فيما يقوؿ وينيي ,السيما مع
الشباب والصغار ,فبل يترتب عمى نييو االستخفاؼ بو ,فيترتب عمى النيي
ضرر أشد .
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة البقرة – اآلية ٗٗ
عف المنكر ,فيو ليس وظيفة مف الحاكـ بدليؿ ربط خيرية األمة بكونيا تأمر
بالمعروؼ وينيي عف المنكر ,وال ينحصر ذلؾ في طائفة معينة كما يقوؿ
وف ِبا ْلمعر ِ
وؼ ْم ُر َ ُخ ِر َج ْت لِمن ِ
الرأي األوؿ قاؿ تعالى ُ ( :ك ْنتُ ْـ َخ ْي َر أُم ٍة أ ْ
َ ُْ اس تَأ ُ
َوتَ ْن َي ْو َف َع ِف ا ْل ُم ْن َك ِر) (ٔ) فالحكـ عاـ عمى جميع األمة وال يشمؿ طائفة دوف
(ٕ)
األخرى .
والحؽ :أف االمر بالمعروؼ والنيي عف المنكر مأمور بو كؿ فرد مف أفراد
المجتمع فإذا رأى الفرد أي معصية أمامو فبلبد أف يتمعر وجية غضباً هلل ,فبل
يسكت عمى معصية ,ولكف مف وجو آخر ال يجوز لو البحث عف المنكر في
األماكف العامة واألسواؽ وبالتحسيس الف ذلؾ يؤدى إلى التباغض والتشاحف
بيف الناس وأيضاً ينبغي لو أف يدفع المنكر بقدره ,فإذا اجتمع الضرراف يرتكب
أخفيما ضر اًر التقاء أشدىما
أما المحتسب الذي بعينو الحاكـ فيجوز لو أف يبحث عف المنكر دوف
التجسس عمى الناس ,ويتخذ إجراءات صارمة طبقاً لمصبلحيات التي أعطاىا
لو الحاكـ والقانوف .
وبناء عمى ذلؾ يمكف الجمع بيف القوليف فالنيي عف المنكر يجوز أف يكوف
تكميفاً مف قبؿ الحكـ ,ومف ناحية أخرى أف ىذا ال يعني سمب حؽ اآلخريف في
النيي عف المنكر ,ولكف بضوابط معينو سبؽ ذكرىا
ــــــــ ـ
(ٔ) سورة آؿ عمراف آية (ٓٔٔ)
(ٕ)ناصر خميؿ – الضوابط الفقيية لؤلمر بالمعروؼ والنيي عف المنكرات ص ٖ٘ -رسالة ماجستير سنة ٕٗٗٔ ىػ سنة ٖٕٓٓ ـ
168 نطام احلكم يف االسالم
الفصؿ الثاني
السمطة القضائية
المبحث األوؿ
مفيوـ القضاء ودوره في حماية الحقػوؽ :
المطمب األوؿ :مفيوـ القضاء لغػة واصطالحاً :
أوالً :تعريؼ القضاء في المغػة :
(ٔ)
منيا : يطمؽ القضاء ويراد بو عدة معػاف
(ٔ) الحكـ والفصػؿ :تقػوؿ قضػى بػيف المتخاصػميف أي حكػـ وفصػؿ بينيمػا ,
ومنو قولو تعػالى " :ثُـ الَ َي ِج ُدواْ ِفي أَنفُ ِسػ ِي ْـ َح َرجػاً ِّممػا قَ َ
ض ْػي َت ويسػمموا
تسميما(ٕ) " أي حكمت وفصمت
ُّؾ أَال تَ ْع ُب ُدواْ إِال إِياهُ(ٖ) " أي
ضى َرب َ (ٕ) األمر واإليجاب ,ومنو قولو تعػالىَ " :وقَ َ
أمر وأوجب.
(ٗ)
ات ِفي َي ْو َم ْي ِف
اىف س ْبع سماو ٍ
ض ُ َ َ ََ َ (ٖ) الخمؽ والصنع ,ومنو قولو تعالى " :فَقَ َ
" أي خمقيف وصنعيف
(ٗ) المػػوت والقتػػؿ ,ومنػػو قولػػو تعػػالى " :فَ ِم ػ ْن ُيـ مػػف قَ َ
ضػػى
َن ْح َب ُو(٘) " ,
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
لسػػاف العػػرب البػػف منظػػور٘ٔ ٔٛٙ/ػ ,ٔٛٚمختػػار الصػػحاح لم ػرازي ص , ٕٕٙمعجػػـ مقػػاييس المغػػة (ٔ)
ألبى الحسف بف فارس بف زكريا ٘ ٜٜ/ػ ط مصطفى الحمبي
سػورة النسػاء مف اآليػة رقػـ (٘)ٙ (ٕ)
سػورة اإلسػراء مف اآليػة رقػـ (ٖٕ) (ٖ)
سػورة فصمػت مف اآليػة رقػـ (ٕٔ) (ٗ)
سػورة األحػزاب مف اآليػة رقػـ (ٖٕ) (٘)
169 نطام احلكم يف االسالم
ضػػى
وسػػى فَقَ َ
أي انتيػػى أجمػػو ومػػات وقولػػو تعػػالى " :فَػ َػو َك َزهُ ُم َ
َعمَ ْي ِو( " )ٙأي قتمو .
(٘) الفراغ :تقوؿ قضى حاجتو ,وقضى عميو عيداً :أوصاه وأنفذه .
ض ْيتُـ م َن ِ
اس َك ُك ْـ (" )ٚ ( )ٙاألداء واإلنياء ,ومنو قولو تعالى " :فَِإ َذا قَ َ
()ٛ
,أي أديتـ وأنييتـ مناسككـ
والمعنػ ػ ػػى الم ػ ػ ػراد مػ ػ ػػف ىػ ػ ػػذه المعػ ػ ػػاني :ىػ ػ ػػو الفصػ ػ ػػؿ والحكػ ػ ػػـ بػ ػ ػػيف
المتخاصميف في نزاع بينيما.
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
ٔ) سػورة القصص مف اآليػة رقػـ (٘ٔ) ٓ
سػورة البقػرة مف اآليػة رقػـ (ٕٓٓ) ٓ ٕ)
تفسير الجبلليف بيامش حاشية الصاوي لمشيخ /أحمد الصػاوي ٔ ٛٗ/ػ المجمػد األوؿ ػ ط دار إحيػاء ٖ)
الكتب العربية ػ بػيروت ٓ
171 نطام احلكم يف االسالم
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
(ٔ) لساف الحكاـ في معرفة األحكاـ إلبراىيـ بف أبى اليمف بف محمد بف أحمد بف محمد الحنفػي ٔ ٕٔٛ/ػ
ط مصطفى الحمبي ػ مصر ػ الطبعة الثانية ػ سنة ٖٜٔٚـ ػ ٖٖٜٔىػ ٓ
(ٕ) حاشية العدوي عمى شرح كفاية الطالب الرباني لعمي الصعيدي العدوي ٕٓ ٖٜٗ/
(ٖ) شػرح ميػارة الفاسػي ألبػى عبػد اهلل بػف محمػد المػالكي ٔ ٔٙ/ػ ط دار الكتػب العمميػة ػ بيػروت ػ الطبعػة
األولى سنة ٕٓٗٔىػ ػ تحقيؽ /عبد المطيؼ حسف
(ٗ) حاشية البجيرمػي عمى شرح منيج الطػبلب ٗٓ ٖٗٗ/
(٘) كشػاؼ القػناع لمبيػوتي ٓ ٕٛ٘/ٙ
171 نطام احلكم يف االسالم
أمػػا التقاضػػي فيػػو رفػػع الػػدعوى ,والػػدعوى :ىػػي قػػوؿ عنػػد القاضػػي يقصػػد بػػو
طمب حؽ أو دفعو .
و الق ػػوؿ :إف ق ػػدر عمي ػػو ,واال فتكف ػػي كتابت ػػو ,فم ػػو ك ػػاف الم ػػدعي ع ػػاج اًز ع ػػف
الػػدعوى عػػف ظيػػر قمػػب فإنػػو يكتػػب دع ػواه فػػي صػػحيفة عنػػد القاضػػي يقصػػد بػػو
(ٔ)
طمب الحؽ:أي حؽ معموـ قبؿ غيره أو دفعو :أي دفع الخصـ عف حؽ نفسو
التعريؼ الراجح :
بعد عرض تعريفات الفقياء أرى رجحاف تعريؼ المالكية لمقضاء
وىو :االخبار عف حكـ شرعى عمى سبيؿ االلزاـ .
واالخبار :جنس فى التعريؼ ,وقولو :عف الحكـ الشرعى ,قيد أوؿ خرج بو
األخبار بسائر األشياء غير الحكـ الشرعى ,قولو :عمى سبيؿ االلزاـ خرج بو
فتوى المفتى فيى أخبار عف حكـ شرعى ال الزاـ فيو .
فصار التعريؼ بذلؾ جامعاً :ألف وظيفة القاضى اخبار المتخاصميف بالحكـ
والزاميما بو ,ومانعاً مف دخوؿ الغير فيو :فبليدخؿ فيو التحكيـ لكونو ليس مف
الواليات العامة ,وال الحسبة لكونيا تختمؼ عف والية القضاء فى العموـ
والخصوص .
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
(ٔ) حاشػية ابف عابديػف . ٖٜٜ , ٖٜٛ/ٚ
172 نطام احلكم يف االسالم
الفرع الثاني
اىمية القضاء ودوره في صيانة الحقوؽ
اوال :اىمية القضاء
اف عمـ القضاء فى االسبلـ مف اجؿ العموـ قد ار واعزىا مكانا واشرفيا
ذكرا,فيو مقاـ عمى ومنصب نبوى بو الدماء تعصـ ,واالمواؿ يثبت ممكيا
والمعامبلت يعمـ ما يجوز شرطا وما يحرـ ,ويكره ويندب (ٔ)
فالقضاء يحقؽ اىدافا سامية تؤدى الى اف يسود االمف واالستقرار فى
المجتمع وذلؾ اف االنساف يعيش فى مجتمع ويتعامؿ مع غيره مف الناس
وكثير ما يثور النزاع بيف الناس وقد يعتدى بعضيـ
ا فى مختمؼ اوجو الحياة
عمى بعض او يظمـ احدىـ االخر ابتغاء تحقيؽ مغنـ ال حؽ لو فيو ومف
ثـ فبل بد مف وجود سمطة تطبؽ شرع اهلل فتقضى بيف الناس بالعدؿ وتد أر
عنيـ الظمـ وتحؽ الحؽ وتقطع النزاع وتعيد الحقوؽ الى اصحابيا فيسود
(ٕ)
العدؿ ويعي النا فى امف وسبلـ "
ومما يدؿ عمى اىمية القضاء :ما روى عف رسوؿ اهلل – ( )انو قاؿ
(ٖ)
قياـ ليميا البى ىريرة يا ابا ىريرة عدؿ ساعة خير مف عبادة ستيف سنة
وصياـ نيارىا ,ياابا ىريرة جور ساعة فى حكـ اعظـ عند اهلل مف مقاص
ستيف سنة .
ــــــــ ـ
ٔ تبصرة الحكاـ فى أصوؿ األقضية ومناىج األحكاـ ,البف فرحوف :محمد بف فرحوف ج ػ ٔ تحقيؽ :الشيخ جماؿ مرعشمى ,الطبعة األولى ٜٜ٘ٔـ
ٕ
القضاء فى االسبلـ ,د :فوزية عبدالستار ص ٕٔ طبعة دار الكتب المصرية ٖٔٗٓ ,ى ػ ٕٜٓٓ -ـ
ٖينظر البحر الزخار الجامع لمذاىب عمماء األمطار ,لممرتضى :أحمد بف يحيى ج ػ ٘ ص ٔٔٔ
173 نطام احلكم يف االسالم
كما قيؿ :اف اقامة العدؿ افضؿ مف الجياد الف اقامتو لحفظ الموجود اما
الجياد فيو لطمب الزيادة .
ونظ ار الىمية القضاء فانو ال يتواله اال مف توافرات لديو القدرة والكفاءة لمقياـ
بيذه الميمة الجميمة وذلؾ نظ ار لبلثار الخطيرة التى تترتب عمى انحراؼ
القاضى عف طريؽ الحؽ والعدؿ قاؿ ()القضاة ثبلثة :اثناف فى النار
وواحد فى الجنة رجؿ عمـ الحؽ فقضى بو فيو فى الجنة ,ورجؿ قضى
(ٔ)
لمناس عمى جيؿ فيو فى النار ورجؿ جار فى الحكـ فيو فى النار " "
وروى عف عائشة رضى اهلل عنيا انيا قالت :سمعت رسوؿ اهلل ()
يقوؿ -:ليأتيف عمى القاضى العدؿ يوـ القيامة ساعة يتمنى انو لـ يقض
بيف اثنيف فى تمرة قط .)ٕ(..
أما مف توافرات فيو الصبلحية لشغؿ منصب القضاء ولـ يتبع اليوى ويحكـ
بما انزؿ اهلل فانو نموزج فى اقامة العدؿ بيف الناس وقد قاؿ ( ")اف
المقسطيف عند اهلل يوـ القيامة عمى منابر مف نور عف يميف الرحمف عز
(ٖ)
وجؿ وكمتا يديو يميف الذيف يعدلوف فى حكميـ واىميـ وماولوا "
(ٗ)
وقاؿ أيضا :اف اهلل مع القاضى ما لـ يجر ,فاذا جار وكمو الى نفسو "
وقاؿ ( –)السابقوف الى ظؿ اهلل يوـ القيامة الذيف اذا اعطوا الحؽ قبموه
ــــــــ ـ
ٔأخرجو بف ماجو فى سنتو – األحكاـ – الحاكـ يجتيد فيصيب الحؽ
ٕأخرجو اإلماـ أحمد فى سنده – باقى مسند األنصار
ٖاخرجو المساـ فى صحيحو ,كتاب االمارة – فضيمة االماـ العادؿ وعقوبة الجائر والحس عمى الرفؽ
ٗاخرجو بف ماجو فى سنو – االحكاـ – التخميص فى الحديث والرشوة
174 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
واذا سئموه بذلوه واذا حكموا بيف الناس حكموا كحكميـ النفسيـ "
وقاؿ ( ")اذا جمس الحاكـ مف مكانو ىبط عميو ممكاف يسددانو ويوفقانو
ويردانو ما لـ يجر فاذا جار عرجا وتركاه"
ــــــــ ـ
ٔأخرجو أحمد ,وابف ماجو ,واليشى فى شعب االيماف ,وفى اسناده :مجاىد بف سعيد :وثقو النسائى ,
وضعفو جماعة.
175 نطام احلكم يف االسالم
ال نفػػاذ لػػو ,آس بػػيف النػػاس فػػي مجمسػػؾ ,وفػػي وجي ػؾ ,وقضػػائؾ ,حتػػى ال
يطمػػع ش ػريؼ فػػي حيفػػؾ ,وال ييػػأس ضػػعيؼ مػػف عػػدلؾ ,البينػػة عمػػى المػػدعي,
واليمػػيف عمػػى مػػف أنكػػر ,والصػػمح جػػائز بػػيف المسػػمميف إال صػػمحاً أحػػؿ ح ارم ػاً أو
حػػرـ حػػبلالً ,ومػػف ادعػػى حقػاً غائبػاً أو بينػػة فاضػػرب لػػو أمػػداً ينتيػػي إليػػو ,فػػإف
بينو أعطيتو بحقو ,وأف أعجزه ذلؾ استحممت عميػو القضػية ,فػإف ذلػؾ ىػو أبمػغ
فػػي العػػذر وأجمػػى لمعمػػى وال يمنعػػؾ قضػػاء قضػػيت فيػػو اليػػوـ فراجعػػت فيػػو أريػػؾ
في ػػديت في ػػو لرش ػػدؾ أف ت ارج ػػع في ػػو الح ػػؽ ,ف ػػإف الح ػػؽ ق ػػديـ ال يبطم ػػو ش ػػيء ,
ومراجعػػة الحػػؽ خيػػر مػػف التمػػادي فػػي الباطػػؿ ,والمسػػمموف عػػدوؿ بعضػػيـ عمػػى
بعض إال مجرباً عميو شيادة زور ,أو مجموداً في حد ,فإف اهلل تولى مف عباده
الس ػرائر ,وسػػتر عمػػييـ الحػػدود إال بالبينػػات واأليمػػاف ,ثػػـ الفيػػـ الفيػػـ فيمػػا أدلػػى
إليؾ مما ليس في قرآف أو سنة ,ثـ قايس األمور عنػد ذلػؾ ,واعػرؼ األمثػاؿ ,
ثػػـ اعمػػد فييػػا تػػرى إلػػى أحبيػػا إلػػى اهلل وأشػػبييا بػػالحؽ ,وايػػاؾ والغضػػب والقمػػؽ
والضػػجر ,والتػػأذي بالنػػاس ,والتنكػػر عنػػد الخصػػومة ,فمػػف خمصػػت نيتػػو فػػي
الحؽ ولو عمى نفسو كفاه اهلل ما بينو وبيف الناس ,ومف تزيف بما ليس في نفسو
,فػإف اهلل ال يقبػؿ مػػف العبػاد إال مػا كػػاف خالصػاً ,فمػا ظنػػؾ بثػواب عنػد اهلل فػػي
(ٔ)
عاجؿ رزقو ,وخزائف رحمتو
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
(ٔ) المبسوط لمسرخسػي ٓ ٜ٘/ٔٙ
177 نطام احلكم يف االسالم
فمػػا جػػاء فػػي ىػػذا الكتػػاب غنػػي عػػف التعميػػؽ ,فكػػؿ كممػػة فيػػو تنطػػؽ بػػالحؽ ,
والصدؽ والعدؿ ,وما أجدر القضاة في كػؿ زمػاف ومكػاف أف يتخػذوه دسػتو اًر ليػـ
,وقاعدة أساسية مف قواعد العدالة ,حينئذ تصاف الحقوؽ وترد المظالـ ,ويسود
(ٕ)
األمف واآلماف
ػػػػػػػػػػػػػػػػػػػ
(ٔ) األحكاـ السمطانية لمماوردي صٔ ٜػ ط دار الكتب العمميػة ػ بيػروت ,الػدار قطنػي فػي سػننو ٗ ٕٓٙ/ػ
كتػاب عمػر ػ رضػي اهلل عنػو ,معرفػة السػف واآلثػار عػف اإلمػاـ الشػافعي لمحػافظ أبػو بكػر ػ ط دار
المعرفة ػ بيروت ػ سنة ٖٔٛٙىػ ػ ٜٔٙٙـ ,
(ٕ) د /محمػود بػبلؿ ميػراف ػ المػدخؿ لد ارسػة الفقػو اإلسػبلمي " القسػـ الثػاني " ػ النظريػات العامػة فػي الفقػو
اإلسبلمػي صٔٗٔػ ٕٗٔ
178 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثاني
حكـ القضاء
أ ػ حكـ القياـ بالقضاء مف جية االماـ :
(ٔ)
الشريعة عمى أف القياـ بالقضاء واجب عمى الخميفة إذا كاف اتفؽ فقياء
ود إِنَّا َج َعْم َنا َ
ؾ يستطيع القياـ بو –,قاؿ تعالى َ : -يا َد ُاو ُ
ؽ (ٕ) " وقاؿ تعالى لنبينا ( :)فاحكـ اس بِاْل َح ٍّ
اح ُك ْـ َب ْي َف النَّ ِ َخمِيفَةً ِفي ْاأل َْر ِ
ض فَ ْ
(ٖ)
بينيـ بما انزؿ اهلل".
أما إذا كانت أعباء الخبلفة تجعمو غير قادر عمى القياـ بوظيفة القضاء ,
فيجب عميو أف يعيف لمناس قاضياً فى كؿ بمد ألف النبى ػ ( )حكـ بيف الناس
,فعف أـ سممة رضى اهلل عنيا ػ قالت :قاؿ رسوؿ اهلل ()انكـ تختصموف إلى
ولعؿ بعضكـ أف يكوف الحف بحجتو مف بعض ,فأقضى لو عمى نحو ما أسمع
منو ,فمف قطعت لو مف حؽ أخيو شيئاً ,فإنما أقطع لو قطعو مف النار (ٗ) .
كما كاف ػ ( )يبعث القضاة إلى األمصار ػ ,فبعث عميا رضى اهلل عنو ػ إلى
ــــــــ ـ
ٔ
بدائع الضائع فى ترتيب الشرائع لمكاساف جػ ٚص ٕ ,ط الثانية ٕٓٗٔىػ ٕٜٔٛـ ,التاج واالكميؿ
لممواؽ جػ ٙعف ٜٜمطبوع بيامش مواىب الجميؿ لمخطاب ,مطبوع مع مواىب الجميؿ ,نياية
المحتاج إلى شرح المنياج البف شياب الديف الرممى جػ ٛص , ٕٖٙط األخيرة ٖٔٛٙىػ ػ ٜٔٙٚـ
المحرر فى الفقو عمى مذىب االماـ أحمد لمشيخ مجد الديف أى البركات جػ ٕ ص ٕٕٓ .
ٕاخرجو احمد فى مسند وابو نعيـ فى الحمبة ,وسكت الشوكانى عنو بعد ايراد سنده ومنقبل (تبمى االمطار) جػ
ٛص ٕٜ٘
ٖاخرجو احمد ,واف ماجو واليشى فى شعب االيماف وفى اسناده مجاىد بف سعيد وثقو النسائى وضعفو
جماعة
ٗ
متفؽ عميو ػ سبؿ السبلـ لمصغمانى ط ٖٔ٘ٚىػ ,ج ٗ ص ٜٔٚمطبعة االستقامة .
179 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
وحكـ الخمفاء الراشديف مف بعده بيف الناس وولوا القضاة فى األمصار اليمف
(ٕ)
.
ب ػ حكـ القياـ بالقضاء مف جية الصالحيف لو :
(ٖ )
الشريعة عمى أف القياـ بالقضاء مف جية الصالحيف لو اتفؽ فقياء
فرض كفاية ,إذا قاـ بو البعض سقط عف الباقيف ,واف تركوه ,أثـ الجميع
كغيره مف فروض الكفايات .
ويتعيف القضاء :
إذا لـ يوجد مف يصمح لمقضاء سوى شخص واحد ,أو أف لـ يمى القضاء
ولى مف ال تحؿ واليتو مف فرط حاجو الناس إلى القضاء أواذا لـ تصؿ الحقوؽ
إلى مستحقييا ,فيكوف ىنا طمب القضاء وقبولو واجباً عمى الطالب أو مف يراد
تعيينو ,ألف ما ال يتـ الواجب اال بو فيو واجب
ولمسمطاف اف يكره مف يعمـ قدرتو عميو النو مف الضرورة ايصاؿ الحقوؽ الى
اصحابيا وال يكوف ذلؾ اال بالقضاء
ويحرـ تولي القضاء عمى مف ال يأمف مف نفسو الحيؼ او الجور حتى ال
يصير طريقا لمباشرة المحرـ ا.
ــــــــ ـ
ٔ
سنف أبى داود جٖ ص ٖٔٓ ط ,دار احباء السنو النبويو .
ٕ
المفتى البف قدامو الحنبمى ,جػ , ٜص ٖٜط مكتبة الكميات األزىرية .
ٖ
فتح القدير ػ ط أولى ٖٜٔٛىػ ٜٔٚٓ ,جػ ٚص ٕٕ٘ معيف الحكاـ مرجع سابؽ ص ٚتبصره الحكاـ
مرجع سابؽ جػ ٔ ص ٕٔ ,نياية المحتاج مرجع سابؽ جػ ٛص , ٕٖٙالكافى فى فقو االماـ أحمد
لموفؽ الديف عبداهلل بف قدامو المقدس جػ ٗ ص ٖٔٗ ط رابعة ٘ٓٗٔىػ ػ ٜ٘ٔٛـ ,الميذب فى فقو
االماـ الشافعى لمشيرازى ,جػ ٕ ص ٓ , ٖٚط الثالثة الروفة البيية فى شرح المغة الدمشقية لمشييد
السعيد زيف الديف العالمى المعروؼ بالشييد الثانى ص ٕٖٙبدوف مطبعة .
181 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الثاني
شروط تولى القضاء
وتنقسـ ىذه الشروط الي قسميف بيانيما في المطمبيتف االّتييف :
المطمب األوؿ
الشروط المتفؽ عمييا
أوال :اإلسالـ
إذا كاف أطراؼ النزاع مسمميف أو بعضيـ مسمـ يشترط في القاضي أف
يكوف مسمماً الف القاضى فى ظؿ تطبيؽ أحكاـ الشريعة حينما يعرض عميو
نزاع فإنو يطبؽ عميو أحكاـ الشريعة ,وىذه األحكاـ مأخوذة مف أدلة شرعية
وكؿ مف األحكاـ وأدلتيا ديف ,وتطبيؽ الديف يحتاج إلى اقتناع وايماف بو قبؿ
تطبيقو ليذا اتفؽ الفقياء عمى أف اإلسبلـ شرط لصحة تولية القضاء وصحة
الحكـ سواء كاف أطراؼ النزاع مسمميف ,أو بعضيـ مسمما والبعض اآلخر غير
.
مسمـ
ثانيا :البموغ
اتفؽ الفقياء عمى اشتراط البموغ فيمف يعيف قاضياً ,فبل يصح توليو الصبى
القضاء حتى ولو كاف ممي اًز ,واشتير بيف الناس بالذكاء .
واستدؿ الفقياء لما ذىبوا إليو بمارواه أبوىريره ػ رضى اهلل عنو ػ أف رسوؿ
(ٔ)
اهلل ػ ()ػ قاؿ " تعوذوا باهلل مف رأس السبعيف وامارة الصبياف "
ٔ -أف شيادة الصبى مردودة وىى والية خاصة ,فمف باب أولى عدـ
ــــــــ ـ
ٔ
نيؿ األوطار لمشوكانى ,مرجع سابؽ ,جػ ٛص . ٕٜٚ
181 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
صبلحيتو لمقضاء ألنو والية عامة .
ٕ -أف غير البالغ ال يجرى عميو قمـ ,وال يتعمؽ بقولو عمى نفسو حكـ ,فبل
(ٕ)
يتعمؽ عمى غيره حكـ مف باب أولى .
ٖ -أف القضاء محتاج إلى الفطنة ,وكماؿ الرأي وتماـ العقؿ والصبى ال
(ٖ)
يتوافر فيو ىذه الصفات فبل تصح توليتو .
ٗ -أف تولية رئيس الدولة لشخص أى منصب عاـ مقيد بالنظر والمصمحة ,
(ٗ)
وال تتحقؽ المصمحة فى تولية الصبى منصب القضاء ,فبل يصح توليتو .
ثالثا :العقؿ
مف الشروط التى اتفؽ عمييا الفقياء فيمف يعيف قاضياً شرط العقؿ فبل
يصح تولية المجنوف لمقضاء وذلؾ لما روتو السيدة عائشة ػ رضى اهلل عنيا ػ
أف رسوؿ اهلل ()ػ قاؿ " رفع القمـ عف ثبلثة عف النائـ حتى يستيقظ ,وعف
الصبى حتى يحتمـ ,وعف المجنوف حتى يعقؿ " (٘) باإلضافة إلى األدلة التى
ذكرناىا فى شرط البموغ ألف المجنوف فى حكـ الصبى بؿ أكثر ألف الصبى
بمرور الوقت يقترب إلى استكماؿ العقؿ .
ــــــــ ـ
ٔ
مواىب الجميؿ لمخطاب ػ مرجع سابؽ ,جػ ٙص . ٛٚ
ٕ
األحكاـ السمطانية لممارودى × مرجع سابؽ ص . ٜ٘
ٖ
الدكتور /رأفت محمد عثماف ,القضاء فى الفقو االسبلمى ,مذكرات عمى االستنسؿ .
ٗ
نفس المرجع السابؽ .
٘
فتح البارى يشرح صحيح البخارى جػ ٜص , ٖٛٛط دا المعرفة ببيروت سنف ابف ماجو جػ ٔ ص ٕ٘ٛ
ط دار الفكر .
182 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثانى
الشروط المختمؼ فييا
بعد أف ذكرنا ما اتفؽ عميو فقياء الشريعة اإلسبلمية مف شروط يجب
توافرىا فيمف يعيف قاضياً حتى يكوف أىبلً لمحكـ فى المبحث السابؽ أبيف فى
ىذا المبحث الشروط التى اختمؼ الفقياء فى وجوب توافرىا فى القاضى وىى :ػ
الشرط األوؿ :اإلسالـ
سبؽ القوؿ أف فقياء الشريعة اإلسبلمية قد اتفقوا عمى أف االسبلـ شرط
فيمف يعيف قاضياً إذا كاف أطراؼ النزاع مسمميف ,أو بعضيـ مسمما والبعض
اآلخر غير مسمـ ,,أما إذا كاف أطراؼ النزاع غير مسمميف فإف الفقياء قد
اختمفوا فى اشتراط اإلسبلـ فى القاضى ليحكـ بينيـ إلى مذىبيف .
المذىب األوؿ :ػ
ذىب جميور الفقياء (ٔ )مف المالكية والشافعية والحنابمة والظاىرية إلى
اشتراط اإلسبلـ فى القاضى حتى يكوف أىبلً لمحكـ بيف غير المسمميف ,فبل
يصح تولية الكافر لمقضاء بيف غير المسمميف وال يصح قضاءه .
ــــــــ ـ
ٔ
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ جػ ٗ ص , ٕٜٔتبصرة الحكاـ البف فرحوف مرجع سابؽ جػ ٔ ص
ٖٕ مفتى المحتاج ,مرجع سابؽ جػ ٗ ص ٘ ٖٚاالقناع لمحجاوى ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ص , ٖٙٛ
المحمى البف حزـ مرجع سابؽ ,جػ ٜص ٖ. ٖٙ
ٕ
فترح القدير ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص , ٖٔٙشرح العناية عمى البداية لبلماـ أكمؿ الديف محمود
=
183 نطام احلكم يف االسالم
المسمميف فيصبح تولية غير المسمـ لمقضاء بيف غير المسمميف ويصح قضاءه .
األدلة
أوالً :أدلة الجميور :
استدؿ جميور الفقياء لما ذىبوا إليو باألدلة اآلتية :
(ٔ)
يد ْي ِف ِم ْف ِر َجالِ ُك ْـ ۚ "ش ِي َش ِي ُدوا َ استَ ْ
ٔ – قولو تعالى " َو ْ
(ٕ)
ي َع ْد ٍؿ ِم ْن ُك ْـ "
ش ِي ُدوا َذ َو ْ
وقولو تعالى " َوأَ ْ
وجو االستدالؿ مف اآليتيف الكريمتيف :ػ
أف اهلل تعالى أمرنا فى اآلية األولى بأف يكوف الشاىد مف رجالنا أى مف
أىؿ ممتنا وفى اآلية الثانية أمرنا بإشياد العدؿ ,وغير المسمـ ليس مف رجالنا
وليس عدال فبل تقبؿ شيادتو ,ومف ثـ ال يصمح لتولى القضاء مف باب أولى
ألف القضاء يبنى عمى الشيادة .
سو َؿ َوأ ُْولِي ِ ِ ُّيا ال ِذ َ
يعوا الر ُ
يعوا الم َو َوأَط ُ
آم ُنوا أَط ُ
يف َ ٕ – قولو تعالى َ " :ياأَي َ
(ٖ)
ْاأل َْم ِر ِم ْن ُك ْـ "
وجو الداللة :ػ
أف القاضى فى اإلسبلـ ىو مف أولياء األمور فى الدولة ,وصدر اآليو قد
حصر الخطاب لممؤمنيف ,كما حصرىـ أيضاً بقولو تعالى " منكـ " فبل يجوز
ــــــــ ـ
=
البابرتى جػ , ٚص , ٖٔٙمطبوع مع فتح القدير /حاشية ابف عابديف ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ص
. ٕٜٜ
ٔ
جزء مف اآليو ٕ ٕٛسورة البقرة .
ٕ
جزء مف اآليو ٕ سورة الطبلؽ .
ٖ
آيو ٜ٘سورة النساء .
184 نطام احلكم يف االسالم
ض ُي ْـ أ َْولِ َي ُ
اء َب ْع ٍ وقولو تعالى " َوال ِذ َ
(ٖ)
ض" يف َكفَُروا َب ْع ُ
وجو الداللة مف اآليتيف الكريمتيف :
أف الوالية جاءت عامة فى اآليتيف ,بيف غير المسمميف ,ومف ثـ فيى
(ٗ)
تشمؿ القضاء وغيره مف الواليات .
ــــــــ ـ
ٔ
نياية المحتاج إلى شرح المنياج لمشيخ الرممى جػ , ٕٖٛد /محمود محمد مفتاح القضاء فى االسبلـ ,
مرجع سابؽ .
ٕ
آيو ٔ٘ سورة المائدة .
ٖ
آيو ٖ ٚسورة االنفاؿ
ٗ
د /رأفت محمد عثماف ,القضاء فى الفقو االسبلمى مذكرات عمى االستنسؿ ص ٖٓ ,د /محمود محمد
مفتاح ,القضاء فى االسبلـ ,المرجع السابؽ ,ص ٖٗٔ .
185 نطام احلكم يف االسالم
– 2القياس :ػ
أ ) فقد قاسوا القضاء عمى الشيادة ,وشيادة غير المسمـ صحيحة بيف
(ٔ)
غير المسمميف ,ومف ثـ فإنو يصح قضاؤه بينيـ .
مناقشة ىذا الدليؿ :ػ
نوقش ىذا الدليؿ بأنا ال نسمـ بصحة شيادة غير المسمـ بيف غير المسمميف
(ٕ) لعدـ تغيير األىمية كما سبؽ القوؿ ,واذا كاف المقيس عميو محؿ خبلؼ فبل
يصمح لمقياس عميو .
ب ) أف تعييف قاضى مف غير المسمميف لمقضاء بيف غير المسمميف أمر
جائز ويكوف مف باب التخصيص قياساً عمى تخصيص القاضى المسمـ بجماعة
(ٖ)
معينة مف المسمميف .
) 3المعقوؿ :ػ
فإننا لو قمنا بعدـ صحة تولية الكافر القضاء بيف غير المسمميف لتعطمت
المصالح فيما بينيـ وانتشر الفساد ,فالقوؿ بصحة قضاء الكافر لمكافر ىو ما
تقضى بو المصمحة .
الرأى الراجح
بعد أف استعرضنا آراء الفقياء في اإلسبلـ كشرط فيمف يتولى القضاء بيف
غير المسمميف وأدلة كؿ مذىب يتبيف لنا أف الرأي الراجح ىو ما ذىب إليو
ــــــــ ـ
ٔ
البحر الرائؽ شرح كنز الدقائؽ البف نجيـ الحنفى جداً ص ٖ , ٕٛط دار المعرفة بيروت .
ٕ
د /محمود محمد مفتاح ػ القضاء فف االسبلـ ػ المرجع السابؽ ص ٖٖٔ .
ٖ
حاشية ابف عابديف ,مرجع سابؽ جػ ٗ ص , ٕٜٜد /محمد مصطفى زجيمى التنظيـ القضائى فى الفقو
االسبلمى ص ٘٘ ط دار الفكر .
186 نطام احلكم يف االسالم
االحناؼ القائميف بعدـ اشتراط االسبلـ لمحكـ بيف غير المسمميف لقوة أدلتيـ ,
واقتضاء لممصمحة العامة
187 نطام احلكم يف االسالم
الشرط الثانى
العدالة
العدالة مف أىـ الصفات والشروط التى ينبغى أف تتوافر فيمف يعينو ولى
األمر لمفصؿ بيف الناس فى منازعاتيـ ,وذلؾ النو يؤتمف عمى حقوؽ الناس
ومصالحيـ والفاسؽ غير أميف .
وقبؿ أف نبيف آراء الفقياء فى ىذا الشرط يجدر بنا أوال أف نبيف مفيوـ
العدالة فى الفقو االسبلمى :
أ ػ تعريؼ العدالة فى المغة :التوسط والعدؿ واإلنصاؼ ,وىو إعطاء
(ٔ)
. المرء مالو وأخذ ماعميو
ب ػ العدالة فى اصطالح الفقياء :
عرفيا البعض بأنيا :ممكة أو ىيئة راسخة فى النفس تمنع مف اقتراؼ
كبيرة أو صغيرة دالة عمى الخسة أو مباح يخؿ بالمروءة ,وىذه أحسف عبارة
(ٕ)
. قيمت فى تعريؼ العدالة
وعرفيا آخروف بأنيا :اجتناب الكبائر وعدـ اإلصرار عمى الصغائر
وعرفيا البعض بقولو مف اجتنب الكبائر وأدى الفرائض وغمبت حسناتو
,وقيؿ مف لـ يعرؼ عميو جريمة فى دينو فيو عدؿ (ٗ) , (ٖ)
سيئاتو فيو عدؿ
ــــــــ ـ
ٔ
المعجـ الوسيط ,جػ ٕ ,ص , ٘ٛٛط الثانية ٓٓٗٔىػ ػ ٜٓٔٛـ مطبعة دار المعارؼ .
ٕ
األشباه والنظائر لمسيوطى ,ص ٖٔٗ ,ط عيسى الحمبى .
ٖ
بدائع الصنائع لمكاسانى ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص . ٕٙٛ
ٗ
بدائع الصنائع ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص . ٕٙٛ
188 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
. وعند ابف حزـ العدؿ ىو مف لـ تعرؼ لو كبيرة وال مجاىرة بصغيرة
وبعد ذكر تعريفات العدالة عند بعض العمماء الذى أراه واضحاً ىو التعريؼ
األوؿ وذلؾ ألنو ركز عمى الوازع الدينى فى المسمـ الذى يمنعو مف ارتكاب
المخالفات الدينية كبيرة أو صغيرة أو مباح يخؿ بالمروءة .
آراء الفقياء فى اشتراط العدالة
اختمؼ الفقياء فى العدالة كشرط فيمف يعيف قاضياً إلى مذىبيف :
المذىب األوؿ :
(ٗ) (ٖ) (ٕ
والراجح والشافعية والمالكية ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
عند الحنابمو (٘) إلى أف العدالة شرط لصبلحية القاضى لمحكـ ,فبل يصح تولية
الفاسؽ لمقضاء واليصح حكمو .
المذىب الثانى :
ذىب الحنفية ( )ٙفى الظاىر عندىـ إلى أنو يجوز تولية الفاسؽ القضاء ,
ــــــــ ـ
ٔ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٖ. ٖٜ
ٕ
روضة القضاه وطريؽ النجاة لمسمناوى جػ ٔ صٕ٘ ,ط الثانية ٔٗٓٗ ,ىػ ػ ٜٗٔٛـ االختيار لتعميؿ
المختار البف مردود الموصمى ,جػ ٕ ,ص ٖ , ٛط الثالثة ٖٜٔ٘ ,ىػ ػ ٜ٘ٔٚـ ,شرح فتح القدير
,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٖٕ٘ ,العناية عمى اليداية ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٕٗ٘ .
ٖ
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص , ٕٜٔبداية المجتيد ,مرجع سابؽ ,جػ ٕ ,ص
ٕ. ٜٗ
ٗ
األحكاـ السمطانية لمماوردى ,مرجع سابؽ ,ص , ٙٓ , ٜ٘مغنى المحتاج ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص
٘. ٖٚ
٘
األحكاـ السمطانية البى يعمى الفراء ,مرجع سابؽ ,ص ٗ , ٙالمغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜ
ص ٓٗ .
ٙ
اليداية شرح بداية المبتدى لممرغينانى ,مرجع سابؽ ,جػ ٖ ,ص ٔٓٔ ,فتح القدير عمى اليداية ,مرجع
=
189 نطام احلكم يف االسالم
والعدالة ليست شرطاً فى القاضى ,إال أنو ينبغى أال يولى الفاسؽ لكف إذا ولى
صحت توليتو وحكمو صحيح نافذ ,فالعدالة شرط أولوية فقط ,بمعنى أف العدؿ
يقدـ عمى غيره والحاصؿ كما يقوؿ صاحب فتح القدير ,أف كاف فى الرعية
عدؿ عالـ ال يحؿ تولية مف ليس كذلؾ ولو ولى صحت توليتو عمى مثاؿ شيادة
(ٔ)
. الفاسؽ ال يحؿ قبوليا واف قبمت نفذ الحكـ بيا
األدلة :
أوالً :أدلة الجميور القائميف باشتراط العدالة فى القاضى :
استدؿ الجميور لما ذىبوا إليو باألدلة اآلتية :
ؽ ِب َن َبٍأ فَتََبي ُنوا يف آم ُنوا إِف جاء ُكـ فَ ِ
اس ٌ َ ْ ُّيا الذ َ َ
ِ
أ ػ الكتاب :قولو تعالى ( َيا أَي َ
يف ) (ٕ) . ص ِب ُحوا َعمَى َما فَ َع ْمتُ ْـ َن ِاد ِم َ ٍ
يبوا قَ ْوماً ِب َج َيالَة فَتُ ْ
ِ
أَف تُص ُ
وجو الداللة فى اآلية الكريمة :
أف اهلل سبحانو وتعالى أمر المؤمنيف بالتبييف والتثبت مف قوؿ كؿ فاسؽ وال
(ٖ)
لما يجوز أف يكوف قوؿ قاضى المسمميف غير مقبوؿ إال بعد التبيف والتثبت
يترتب عمى ذلؾ مف تأخير لمحكـ إلى حيف التثبت منو .
ب ػ القياس :
التصح والية الفاسؽ لمقضاء قياسا عمى عدـ قبوؿ شيادتو ألف القضاء مبنى
ــــــــ ـ
=
مرجع سابؽ ,جػ , ٕٖ٘ , ٚالباب فى شرح الكتاب ٗ ٚٚ /ط الرابعة ٖٜٜٔ ,ىػ ػ ٜٜٔٚـ .
ٔ
فتح القدير عمى اليداية ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٖٕ٘ .
ٕ
آيو ٙسورة الحجرات .
ٖ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٓٗ .
191 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
عمى الشيادة وأيضاً ألف الفاسؽ متيـ فى دينو والقضاء طريؽ األمانات
ثانياً :أدلة المذىب الثانى القائميف بعدـ اشتراط العدالة فى القاضى :
استند الحنفية ومف وافقيـ لما ذىبوا إليو باألدلة اآلتية :
أ ػ السنو :
ماروى عف النبى ()أنو قاؿ :سيكوف بعدى أمراء يؤخروف الصبلة عف أوقاتيا
(ٕ)
فصموىا لوقتيا واجعموا صبلتكـ معيـ سبحو
وجو الداللة مف ىذا الحديث الشريؼ :
أف الرسوؿ ()أثبت االماره لؤلفراد مع أنيـ يؤخروف الصبلة عف أوقاتيا ,
فدؿ ذلؾ عمى أف العدالة ليست شرطاً فى صحة التولية فى الواليات أمارة أو
قضاء .
ب ػ القياس :
ال تشترط العدالة فى الشاىد ,وكؿ مف كاف أىبل لمشيادة فيو أىؿ لمقضاء ألف
كبل مف القضاء والشيادة مف باب الوالية فكؿ ما يشترط فى الشاىد يشترط فى
القاضى والفاسؽ أىبل لمشيادة فيكوف أىبلً لمقضاء والعمة فى عدـ اشتراط العدالة
فى الشاىد أف المسمـ اما أف يكوف مف أىؿ العصر الذى شيد لو الرسوؿ ػ
صمى اهلل عميو وسمـ ػ بالخيرية ,واما أف يكوف مف غيرىـ فإف كاف مف أىؿ
العصر الذى شيد ليـ الرسوؿ الكريـ فاألمر واضح ألنيـ غاية العدالة ,وأما إف
ــــــــ ـ
ٔ
االحكاـ السمطانية ألبى يعمى الفراء ,مرجع سابؽ ,ص ٘. ٙ
ٕ
رواه االماـ أحمد فى مسنده ,جػ ٔ ,ص , ٖٜٚوقد ورد ىذا الحديث بألفاظ متقاربو فى سنف أبى داوود
,مرجع سابؽ ,جػ ٔ ,ص , ٔٔٚوسنف النسائى ,جػ ٕ ,ص ٘ , ٚٙ ,ٚط دار الكتب العالمية ,
بيروت .
191 نطام احلكم يف االسالم
كاف مف غيرىـ فظاىر حاؿ المسمـ أنو غير مرتكب لممخالفات الدينية (ٔ) .
جػ أف العدالة غير متوفرة فى كؿ واحد مف الناس ليذا قمنا بجواز تقميد
الفاسؽ لمقضاء وصحة قضائو حفاظاً عمى الحقوؽ واألمواؿ واالبضاع (ٕ) .
الرأى الراجح
بعد مناقشة أدلة الحنفية ومف وافقيـ عمى عدـ اشتراط العدالة فى القاضى
تبيف لنا أف الرأي الراجح ىو ما ذىب إليو جميور الفقياء القائميف باشتراط
العدالة فى القاضى حتى يكوف أىبلً لمحكـ لقوة أدلتيـ وأيضاً لقولو تعالى " :إِف
َف تَ ْح ُك ُموا
ميا َوِا َذا َح َك ْمتُ ْـ َب ْيف الناس أ ْ َما َنات إِلَى أ ْ
َى َ َف تُ َؤُّدوا ْاأل َ
ْمرُك ْـ أ ْ
المو َيأ ُ
(ٖ)
ِبا ْل َع ْد ِؿ "
فالحؽ سبحانو وتعالى يأمر بأداء األمانات إلى أىميا ,والقضاء أمانة
والفاسؽ غير مأموف فى أداء األمانات فبل يصح توليو القضاء ,كما أنو
سبحانو وتعالى ,يأمر الحكاـ بالعدؿ بيف الناس ,والفاسؽ ليس أىبل ليذا
المنصب الخطير ,ألنو إذا كاف مقص اًر فى حؽ اهلل ألـ يقصر فى حقوؽ العباد
؟ ىذا فضبلً عف أف وظيفة القضاء كاف يقوـ بيا الرسؿ واألنبياء عمييـ السبلـ
لخطورتيا وأىميتيا ,فبل يصؿ بنا األمر إلى االستيانة بيذه الوظيفة مف جانب
وبحقوؽ العباد مف جانب آخر فنجيز تقميدىا لمفاسؽ ..
ــــــــ ـ
ٔ
العناية عمى اليداية ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٖٕ٘. ٕ٘ٗ ,
ٕ
شرح فتح القدير عمى اليداية ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٖٕ٘ .
ٖ
آيو ٘ٛمف سورة النساء .
192 نطام احلكم يف االسالم
ا الشرط الثالث
االجتياد
تعريؼ االجتياد فى المغة :
ىو عبارة عف بذؿ الجيد واستفراغ الوسع فى أمر مف األمور وىو يمزـ
الكمفة والمشقة ,ولذا يقاؿ اجتيد فى حمؿ صخرة وال يقاؿ اجتيد فى حمؿ
خردلة ,والجيد بالفتح المشقة وبالضـ الطاقة (ٔ) .
تعريؼ االجتياد لدى عمماء األصوؿ :
عرفو بعض األصولييف بأنو بذؿ المجتيد وسعو فى طمب العمـ باألحكاـ
الشرعية (ٕ) وقيؿ أنو استفراغ الجيد فى درؾ األحكاـ الشرعية (ٖ) ,وقيؿ أنو بذؿ
الفقيو وسعو لتحصيؿ ظف بحكـ شرعى (ٗ) .
آراء الفقياء فى اشتراط االجتياد لتولي القضاء
المذىب األوؿ :
(ٕ)
وبعض مف ذىب جميور الفقياء مف الشافعية(٘)والحنابمة (ٔ)والظاىرية
ــــــــ ـ
ٔ
لساف العرب مادة جيد ,مرجع سابؽ ,جػ ٔ ,ص , ٚٓٛالمعجـ الوسيط ,مرجع سابؽ ,جػ ٔ ,ص
ٕٗٔ .
ٕ
المستصفى مف عمـ األصوؿ لمغزالى ,جػ ٕ ,ص ٖٓ٘ ,ط الثانية .
ٖ
االبياج فى شرح المنياج لشيخ االسبلـ عمى بف عبدالكافى السبكى ,جػ ٖ ,ص ٕ , ٕٙط ٕٓٗٔىػ ػ
ٜٖٔٚـ .
ٗ
ارشاد الفحوؿ إلى تحقيؽ الحؽ فى عمـ األصوؿ لمشكوكانى ,ص ٕٓ٘ ,ط األولى ٖٔ٘ٙ ,ىػ ػ
ٜٖٔٚـ .
٘
منياج الطالبيف وعمدة المفتييف ألبى زكريا يحى بف شرؼ النووى ,ص , ٔٗٛط ٖٖٗٔٔ , ٛىػ ,االـ
لمشافعى جػ , ٙص ٕٓٓ ,ط دار المعرفة ببيروت .
193 نطام احلكم يف االسالم
الحنفية(ٖ) إلى أف االجتياد شرط يمزـ توافره فيمف يتولى القضاء,أما غير المجتيد
(ٗ) فبل يصح توليو القضاء سواء كاف مقمداً أـ عامياً .
المذىب الثانى :
() ٙ (٘ )
فى األصح عندىـ إلى أف االجتياد ليس والمالكية ذىب الحنفية
بشرط فيمف يتولى القضاء فيجوز تولية المقمد مع وجود المجتيد ويكوف حكمو
صحيح ونافذ .
المذىب الثالث :
(ٔ)
إلى أف االجتياد ذىب المالكية فى مقابؿ األصح ( )ٚوبعض الحنابمة
ــــــــ ـ
=
ٔ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٔٗ ,الفروع البف مقمح ,جػ , ٙص ٕٔٗ ,ط الرابعة ,
ٗٓٗٔىػ ػ ٜٗٔٛـ .
ٕ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٖ. ٖٙ
ٖ
فتح القدير ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص , ٕ٘ٙمعيف الحكاـ ,مرجع سابؽ ,ص ٗٔ ,تاريخ القضاء
البف عرنوس ,مرجع سابؽ ,ص . ٜٚ
ٗ
المجتيد ىو الذى يكوف عالما بالكتاب والسنو واالجتماع والقياس ولساف العرب والناسخ والمنسوخ والخاص
والعاـ والمطمؽ والمقيد والمجمؿ والمبيف فى كتاب اهلل وسنو رسولو ويزاد عمييا أعممو بالمتواتر واالحاد
والمسند والمنقطع والمتصؿ وحاؿ الرواه وأف يكوف عالما بطريؽ النظر خبي اًر باألدلة ومعانييا ػ انظر
شروط المجتيد فى المستصفى لمغزالى ,مرجع سابؽ ,جػ ٕ ,ص ٖٓ٘ ,فواتح الرحموت بشرح
مسمـ الثبوت لؤلنصارى , ٖٖٙ / ٕ ,ط الثانية .
٘
حاشية الدسوقى عمى الشرح الكبير ,مرجع سابؽ ,جػٗ ص , ٕٜٔتبصرة الحكاـ البفرحوف ٕٗ
ٙ
وال يقصد بالماس ىنا مف ال عمـ لديو فمف المعموـ اف العمـ باالحكاـ الشرعية مف الشروط المتفؽ عمييا
عند الفقياء ولكف تحديد المراد بالعمـ ىو المختمؼ فيو ولذلؾ يقوؿ الشيخ عميش وسيدى احمد الدردير
المالكياف " وال بد اف يكوف القاضى عالما باالحكاـ الشرعية التى ولى لمقضاء بيا " انظر شرح منح
الجميؿ لمشيخ عميؿ ,جػ ٗ ص , ٖٔٛالشرح الصغير لمدردير ,مرجع سابؽ ,جػٗ ص ٔٛٛ
ٚ
حاشية الشيخ عمى العدوى مطبوع مع الخرشى عمى مختصر خميؿ ,جػ , ٚص .ٖٜٔ
194 نطام احلكم يف االسالم
شرط فيمف يتولى القضاء إف وجد واف لـ يوجد مجتيد فيجوز تولية المقمد
أدلة المػػػػػػذىب األوؿ
استدؿ فقياء ىذا المذىب عمى اف االجتياد شرط لتولى القضاء بالكتاب
والسنة والقياس .
أوال :الكتاب :
وقولو تعالى " فَِإف (ٕ )
قولو تعالى " واف أحكـ بينيـ بما أنزؿ اهلل"
س ِ ِ تََن َاز ْعتُـ ِفي َ ٍ
وؿ " (ٖ). ش ْيء فَُردُّوهُ إِلَى المو َوالر ُ ْ
وجو الدال لة مف اآليتيف -:
أف اهلل – سبحانو وتعالى – امر رسولو ( )فى اآلية األولى اف يحكـ بما
انزؿ اهلل وفى اآلية الثانية أمر– سبحانو وتعالى عامة المسمميف بالرجوع الى
كتاب اهلل وسنة نبيو عند حدوث نزاع بينيـ وال شؾ اف الحكـ بكتاب اهلل وبسنة
نبيو ال يكوف اال مف مجتيد .
ثانيا – السنة :
ٔ-
عف ابى بريدة – رضى اهلل عنو – اف النبى ( )قاؿ " :القضاة ثبلثة
واحد فى الجنة واثناف فى النار ,فأما الذى فى الجنة فرجؿ عرؼ الحؽ
ــــــــ ـ
=
ٔ
كشاؼ القناع عف متف االقناع ,جػ , ٙص ٕٜٙ
ٕ
جزء مف االية ٜٗسورة المائدة .
ٖ
جزء مف االية ٜ٘سورة النساء .
195 نطام احلكم يف االسالم
وقضى بو وأما المذاف فى النار فرجؿ عرؼ الحؽ فجار فى الحكـ فيو فى
(ٔ)
النار ,ورجؿ قضى لمناس عمى جيؿ فيو فى النار "
ــــــــ ـ
ٔ
سنف ابو داود ,مرجع سابؽ ,جػٖ ,ص , ٕٜٜسنف ابف ماجو ,مرجعسابؽ ,ج ػٕ ص ٚٚٙ
ٕ
الروضة الندية شرح الدرر البيية لمفتوحى البخارى ,جػ , ٜص ٕ٘ٗ.
ٖ
سنف الترمذى ,مرجع سابؽ ,ج ػ ٖ ,ص ,ٙٓٚسنف ابى داود ,مرجع سابؽ ,جػ ٖ ,ص ٖٖٓ .
196 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
الروضة الندية ,مرجع سابؽ ,جػ ٕ ,ص .ٕٗٙ
ٕ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٔٗ ,معنى المحتاج ,مرجع سابؽ ,جػٗ ,ص ٕٖٚ
ٖ
سنف ابى داود ,مرجع سابؽ ,ج ػٖ ,ص ٕٖٓ ,سنف ابف ماجو ,مرجع سابؽ ,جػٕ ,ص ٗٚٚ
ٗ
انظر حاشية سعد حمبى عمى اليداية مطبوع مع فتح القدير ,جػ , ٚص ٕ٘ٚ
197 نطام احلكم يف االسالم
أ -اف قضاء المقمد بفتوى غيره يحصؿ بيا الغرض مف القضاء وىو فصؿ
الخصومات وايصاؿ كؿ حؽ الى صاحبو ,فاذا أمكف المقمد تحقيؽ ذلؾ
صح توليتو القضاء ,وصح حكمو قياسا عمى حكـ الحاكـ بقوؿ لممقوـ
(ٔ)
لمسمع والحاكـ ال يعمـ مف التقييـ شيئا
ــــــــ ـ
ٔ
انظر اليداية ,مرجع سابؽ ,جػٖ ,ص ٔٓٔ ,العناية عمى اليداية ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص , ٕ٘ٚ
بدائع الصنائع ,مرجع سابؽ ,جػ ٚصٖ.
ٕ
انظر حاشية ابف عابديف ,مرجع سابؽ ,جػٗ ,ص ٖ٘ٓ
ٖ
كشاؼ القناع عف متف االقناع ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص ٕٜٙ
198 نطام احلكم يف االسالم
,واذا قمنا بتولية الجاىؿ والعامى ضاعت الحقوؽ وعـ الفساد ليذا وذاؾ كاف
رأى المالكية فى الصحيح عندىـ ومف تبعيـ فيو الراجح لكونو محققا لمقاصد
الشريعة وروحيا وخصوصا فى ىذه األياـ التى قصر الناس فييا عف تحصيؿ
ىذه المرتبة .
د
199 نطام احلكم يف االسالم
الشرط الرابع
الذكورة
اختمؼ الفقياء فى الذكورة كشرط فيمف يعيف قاضيا الى ثالثة مذاىب
المذىب االوؿ -:
(ٕ)
والحنايمة ذىب جميور الفقياء مف المالكية (ٔ) اال ابف القاسـ والشافعية
(ٖ )
الى اف الذكورة شرط يمزـ توافره فيمف يعيف قاضيا فبل يجوز تولى المرأة
القضاء فى جميع األحواؿ ,سواء كاف موضوع النزاع بيف رجاؿ فقط ,او بيف
نساء فقط او بيف رجاؿ ونساء ,وسواء كاف موضوع النزاع حقا ماليا او غير
مالى وسواء كاف حقا هلل او ألدمى او مشتركا بينيما ال ينفذ حكميا .
المذىب الثانى -:
(ٗ )
إلى اف المرأة ال يجوز تولييا القضاء ولكف اذا وليت ذىب الحنيفة
صحت توليتيا واثـ مولييا وأحكاميا نافذة فى غير الحدود والقصاص وال يصح
وال ينفذ فى الحدود والقصاص ولو وافؽ الكتاب والسنة لفقداف الوالية فى ذلؾ
فالحنفية متفقوف مع الجميور عمى عدـ جواز والية المرأة لمقضاء لكف الخبلؼ
بينيـ" فيما لو وليت وأثـ المولى .فالجميور يقولوف بعدـ صحة حكميا مطمقا
ــــــــ ـ
ٔ
انظر الشرح الكبير لمدردير .مرجع سابؽ جػ ٗ ص , ٕٜٔبداية المجتيد مرجع سابؽ جػٕ ص ٖ.ٜٗ
ٕ
مفنى المحتاج مرجع سايؽ جػٗ ص ٘ ٖٚادب القاض البف ابى الدـ تحقيؽ د/محمد مصطفى زميمى ص
ٓ ٚط الثانية ٕٓٗٔىػ ٜٕٔٛ -ـ وحوامش الشروانى وابف القاسـ العبادى عمى تحفة المحتاج جػ ٓٔ
ص ٔٓٙ
ٖ
المغنى البف قداـ مرجع سابؽ جػ ٜص ٖٜشرح منتيى االمارات مرجع سابؽ جٖ ص ٗٗٙ
ٗ
الدر المختار لمحصفكى .مرجع سابؽ جػ ٕ ص ٕٖٖ
211 نطام احلكم يف االسالم
والحنفية يقولوف بصحتو فى غير الحدود والقصاص بشرط أف يكوف موافقا لحكـ
الشرع .
المذىب الثالث :
(ٕ) (ٔ)
الطبرى الى أف الذكورة ال تشترط فيمف يتولى وابف جرير ذىب ابف حزـ
القضاء فيجوز تولى المرأة القضاء وحكميا صحيح فى الحدود وغيرىا.
األدلة*
أوال :أدلة جميور الفقياء القائميف باشتراط الذكورة_:
استدؿ جميور الفقياء لما ذىبوا إليو بالكتاب والسنة واإلجماع.
أ_ الكتاب_:
النس ِ
اء ِب َما َفض َؿ الم ُو َب ْع َ
ض ُي ْـ َعمَ ٰى وف َعمَى ِّ َام َ
الر َجا ُؿ قَو ُ قولو تعالى (( ِّ
(ٖ)
ض َوِب َما أَ ْنفَقُوا ِم ْف أ َْم َوالِ ِي ْـ )
َب ْع ٍ
وجو الداللة مف ىذه اآلية الكريمة :
أف اهلل _سبحانو وتعالى _ جعؿ القوامة لمرجاؿ عمى النساء لرجاحة العقؿ
وكماؿ الديف ,ألف مف كاف فى حاجة إلى القوامة عميو ال يصح أف يكوف ىو
قواما عمى غيره ,ولو جاز تولية المرأة القضاء ,لكانت ليا القوامة وىو عكس
ــــــــ ـ
ٔ
المحمى البف حزـ ,جػ ٜص ٕٜٗتحقيؽ لحيو أحياء التراث العربى دار االفاؽ الجديده بيروت ػ لبناف .
ٕ
المغنى البف قدامو جػ ٜص , ٖٜبدايو المجتيد البف رشد جػ ٕ ص ٗ ٜٗونفى ابف العربى نسبو ىذا
القوؿ إلى ابف جديد مف إطبلؽ جواز والية المرأة القضاء وقاؿ :لعمو يعيف توليتيا القضاء فيما
سيجوز ليا أف تشيد فيو كما ىو مذىب ابف حنيفة وليس بأف تكوف قاضيو عمى االطبلؽ .
ٖ
آيو ٖٗ سورة النساء .
211 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
ما تفيده اآلية.
* مناقشة ىػذا الدليؿ _:
نوقش ىذا الدليؿ بأف المراد بالقوامة فى اآلية الكريمة القوامة الخاصة وىى
القياـ عمى أمور األسرة والذى يؤيد ذلؾ سبب نزوؿ ىذه اآلية فقد روى أف سعد
بف الربيع نشذت امرأتو فمطميا فأتت النبى ( )شاكية ,فقاؿ ليا :بينكـ
ضى إِلَ ْي َؾ آف ِم ْف قَ ْب ِؿ أ ْ
َف ُي ْق َ القصاص فأنزؿ اهلل قولو تعالى ( َوال تَ ْع َج ْؿ ِبا ْلقُْر ِ
(ٕ )
وف َعمَى ام َ
الر َجا ُؿ قَو ُ
فأمسؾ النبى ( _ )حتى نزؿ قولو تعالى ( ٍّ َو ْح ُي ُو)
النس ِ
اء) فقاؿ ( ( )أردت أم ار وأراد اهلل غيره ) (ٖ) وىذا دليؿ عمى أف المراد ِّ َ
بالقوامة قوامة الزوج عمى زوجتو بالتأديب.
ب _ السنػػػػػة _:
* ما رواه البخارى عف أبى بكر _رضى اهلل عنو _ قاؿ :لما بمغ رسوؿ
اهلل ( _ )أف أىؿ فارس ممكوا عمييـ بنت كسرى قاؿ :لف يفمح قوـ ولوا
(ٗ)
أمرىـ إمرأة .
وجو الداللة مف الحديث :
أف الرسوؿ _ ( _ )نفى الفبلح عف قوـ جعموا أمرىـ إلى نسائيـ ,
والقضاء مف أىـ أمورىـ ,فبل يصح أف تتواله المرأة ذلؾ أف الرسوؿ _ (_ )
ــــــــ ـ
ٔ
األحكاـ السمطانيو لماوردى ,مرجع سابؽ ,ص , ٜ٘د /عبدالعاؿ عطوه ,القضاء فى االسبلـ مذكرات
عمى االستنسؿ ص . ٔٙ
ٕ
آيو ٗٔٔ سورة طػػو .
ٖ
تفسير البحر المحيط البف حياف ,جػ ٖ ص , ٕٖٛط الثانية ٖٓٗٔ ػ ٖٜٔٛـ .
ٗ
صحيح البخارى ,مرجع سابؽ ,جػ ٖٔ ,ص ٖ٘ .
212 نطام احلكم يف االسالم
ال يقصد بيذا الحديث مجرد اإلخبار عف عدـ الفبلح لمقوـ الذيف ولوا أمرىـ
امرأة ,ألف وظيفة الرسوؿ الكريـ بياف ما يجوز ألمتو أف تفعمو حتى تصؿ إلى
الفبلح ,و ما ال يجوز ليا أف تفعمو حتى تسمـ مف الشر ,ولقد قصد الرسوؿ
_( _ )بيذا الحديث نيى أمتو عف مجاراة الفرس فى إسناد شىء مف أمورىـ
العامة إلى النساء واختار أسموبا لذلؾ يؤكد أف عدـ الفبلح مبلزما لتولية المرأة
أمرىـ وال شؾ أف النيى المستفاد مف الحديث يمنع أى امرأة فى أى عصر مف
(ٔ)
العصور أف تتولى أى والية مف الواليات العامة .
قاؿ االماـ الشوكاني :فيو دليؿ عمى أف المرأة ليست مف أىؿ الواليات وال
(ٕ)
يحؿ لقوـ توليتيا ,ألف تجنب األمر الموجب لعدـ الفبلح واجب .
مناقشة ىذا الدليؿ _:
نوقش ىذا الدليؿ بأف الرسوؿ _( _ )قاؿ ذلؾ فى االمر العاـ وىو
الخبلفة فيكوف الدليؿ فى غير محؿ النزاع ,الف الحديث خاص برئاسة الدولة
,و الذى يدؿ عمى ذلؾ سبب ورود الحديث ,النو ( _ )قاؿ حيف سمع أف
أىؿ فارس ممكوا عمييـ بنت كسرى فيكوف الحديث وارد فى الوالية العظمى
(ٖ)
وليس والية القضاء .
جػ اإلجماع _:
إف إجماع الفقياء واألئمة المجتيديف قبؿ عصر ابف حزـ منعقد عمى عدـ
صبلحية المرأة لبلمامة العظمى بدليؿ قولو _( _ )لف يفمح قوـ ولوا أمرىـ
ــــــــ ـ
ٔ
د /محمود محمد مفتاح ف القضاء فى االسبلـ سابؽ االشارة إليو ,ص . ٖٔٛ
ٕ
نيؿ األوطار لمشوكانى ,مرجع سابؽ ,جػ , ٛص . ٖٔٛ
ٖ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٖٓٗ .
213 نطام احلكم يف االسالم
امرأة ,فيقاس القضاء عمييا بجامع اف كبل منيا والية عامة فتكوف ممنوعة
لتولى القضاء ,كما أنيا ممنوعة وغير صالحة لئلمامة وغير صالحة
(ٔ)
العظمى .
أدلة المذىب الثانى
استدؿ الحنفية باألدلة التى ذكرىا الجميور ألنيـ متفقوف مع الجميور مف
حيث المبدأعمي أف المرأة ال يجوز توليتيا القضاء ,اال أنيـ خالفوا الجميور
فى أف النيى فى األمور الشرعية ال يقتضى الفساد اال اذا كاف النيى لذات
الشىء ,أما النيى عف تولية المرأة القضاء فيفيد حرمة التولية وترتيب اإلثـ
عمى فعميا ولكف ال يفيد فساد التولية أو بطبلنيا كما يقوؿ الجميور ,وىذا ال
يستمزـ سمب واليتيا بؿ ىى مف أىؿ الوالية ,وليذا صمحت شاىدة فيما عدا
الحدود والقصاص ,فتصمح قاضية فى نفس النطاؽ الف حكـ القضاء يستقى
(ٕ)
مف حكـ الشيادة .
أدلة المذىب الثالث :
استدؿ فقياء ىذا المذىب القائميف بجواز تولى المرأة القضاء مطمقا بالسنة واألثر
والقياس
أوال السنة -:
ما رواه عبداهلل ابف عمرو – رضى اهلل عنو – أف النبى ( – )قاؿ المرأة
(ٖ)
راعية عمى أىؿ بيت زوجيا وولده وىى مسئولة عنيـ :
ــــــــ ـ
ٔ
المعنى البف قدامة ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص . ٖٜ
ٕ
بدائع الصنائع ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص ٖ ,العنايو عمى اليدايو ,مرجع سابؽ ,جػ ٚص . ٕٜٛ
ٖ
صحيح البخارى ػ سبقت اإلشارة إليو ٖٔ . ٔٔٔ /
214 نطام احلكم يف االسالم
بالعاطفة ,ومف مظاىر تمؾ العاطفة اننا نجدىا سريعة البكاء وفي الوقت نفسو
سريعة البسمة وىذه العاطفة ال تتفؽ وتقميد ىذا المنصب الذي يحتاج إلي رابطة
جاش وقوة صبر .
واإلسبلـ أحاط عزة المرأة وكرامتيا بسياج منيع مف تعاليمو الحكيمة وحمى
أنوثتيا وأخبلقيا مف العبث والعدواف فحرـ الخموة بيا والنظر إلييا ,وأوجب
عمييا أف تبقى فى بيتيا لتتفرغ لوظيفتيا األولى وال تخرج اال لحاجة مشروعة أو
ضرورية .
217 نطام احلكم يف االسالم
الشرط الخامس
الحرية
اختمفت كممة الفقياء فى الحرية كشرط فيمف يعيف قاضيا إلى مذىبيف -:
المذىب األوؿ :
(ٖ) (ٕ) (ٔ)
ورواية عند والشافعية والمالكية ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
الحنابمة (ٗ )الى أف الحرية شرط فيمف يعيف قاضيا ,فبل يصح تولى العبد
القضاء وال يصح حكمو
المذىب الثانى -:
()ٚ ()ٙ (٘)
إلى أف الحرية وقوؿ لبلمامية ورواية لئلماـ أحمد ذىب الظاىرية
ليست شرط فيمف يعيف قاضيا فيصح تولية العبد القضاء وينفذ حكمو ,إال أف
الحنابمة فى الرواية المذكورة قيدوا صحة قضاء العبد بإذف سيده .
أوال أدلة الجميور -:
استند جميور الفقياء لما ذىبوا اليو باألدلة األتيو :
ــــــــ ـ
ٔ
فتح القدير ,مرجع سابؽ ,جػ ٚص ٖٕ٘ , ٕٕ٘,بدائع الصنائع ,مرجع سابؽ جػ , ٚص ٖ ,تبييف
الحقائؽ شرح فى الدقائؽ لمزيمحى ٔٚ٘/ٗ ,ط الثانية .
ٕ
الشرح الكبير لمدردير مرجع سابؽ جػٗ ,ص , ٕٜٔبداية المجتيد مرجع سابؽ ,جػ ٕ ,ص ٖ. ٜٗ
ٖ
األحكاـ السمطانية لمماوردى ,مرجع سابؽ ,ص , ٜ٘قميوس وعمره ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص . ٕٔٙ
ٗ
المغنى البف قداـ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص , ٖٜكشاؼ القناع ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص
٘. ٕٜٗ,ٕٜ
٘
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ ,جػ ٜص ٖ. ٖٜ
ٙ
المبدع فى شرح المقنع ,مرجع سابؽ ,جػ ٓٔ ,ص . ٜٔ
ٚ
المختصر النافع فى شرح االماميو ,مرجع سابؽ ,ص . ٕٜٚ
218 نطام احلكم يف االسالم
ٔ -أف القضاء منصب دينى يتعمؽ بو تنفيذ أحكاـ شريعة فبل يصمح العبد
ألنو ناقص بالرؽ محجور عميو ال يستقؿ بنفسو وألف الرؽ مانع مف قبوؿ
الشيادة وىى والية خاصة فمف باب أولى أف يمتنع مف والية القضاء ألنيا والية
(ٔ)
عامة
ٕ -العبد مشغوؿ بصفة دائمة بحقوؽ سيده مف خدمة وغيرىا فيو غير
(ٕ)
متفرغ لمصالح األمة
ٖ -أف النفوس البشرية تأنؼ لطاعة مف بو رؽ والف الرؽ كما قاؿ العمماء
أكثر كفر ألنو فى األصؿ عقوبة وقعت عمى أسير الحرب مف الكفار فمما
(ٖ)
استكبروا عف عبادة اهلل جعمو اهلل عبد عبيده
ثانيا أدلة المذىب الثانى :
استدؿ فقياء ىذا المذىب قائميف بعدـ اشتراط الحرية فيمف يعيف قاضياً
بالكتاب والسنة .
ٔ -الكتاب قولو تعالى (( َوْلتَ ُك ْف ِم ْن ُكـ أُم ٌة َي ْد ُع َ ِ
وف وف إلَى ا ْل َخ ْي ِر َوَيأ ُ
ْمُر َ ْ
(ٗ) ِبا ْلمعر ِ
وؼ َوَي ْن َي ْو َف َع ِف ا ْل ُم ْن َك ِر ) َ ُْ
وجو الداللة مف اآلية الكريمة :
أف العبد مكمؼ باألمر بالمعروؼ والنيى عف المنكر وفى تولى القضاء إيصاؿ
ــــــــ ـ
ٔ
مواىب الجميؿ لمخطاب ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص , ٛٚاألحكاـ السمطانية لمماوردى ,مرجع سابؽ ,
ص . ٜ٘
ٕ
الروض المربع لمبيوتى ,جػ ٖ ,ص ٘. ٖٛ
ٖ
د /رأفت عثماف ,القضاء فى الفقو االسبلمى ,مرجع سابؽ ,ص ٘ٗ . ٗٙ,
ٗ
آيو ٗٓٔ سورة آؿ عمراف .
219 نطام احلكم يف االسالم
الحقوؽ الى أىميا وفض المنازعات وىى مف أعظـ أبواب البر واألمر بالمعروؼ
(ٔ) .
والنيى عف المنكر واآلية لـ تفرؽ بيف حر وعبد فبقيت عمى عموميا
-2السنة
فقد روى عف أنس – رضى اهلل عنو – أنو قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل (–)
(ٕ)
(اسمعوا وأطيعوا واف استعمؿ عميكـ عبد حبشى كأف رأسو زبيبة )
وجو الداللة مف الحديث الشريؼ :
أف الرسوؿ أمر المسمميف بالسمع والطاعة لئلماـ سواء كاف ح ار أو عبدا
وسواء أكانت واليتو فى القضاء أـ فى غيره فبل تشترط الحرية فيمف يتولى
القضاء.
الرأى الراجح :
بعد بياف آراء الفقياء وأدلتيـ فى الحرية لشرط لتولى القضاء فانى أميؿ
إلى ترجيح ما ذىب إليو جميور الفقياء القائميف بأف الحرية شرط لتولى
القضاء لقوة أدلتيـ وسبلمتيا مف المعارضة ,وألف القضاء كما سبؽ أف عممنا
وظيفة إلزاـ واإللزاـ ال تقبمو اال مف الحر ,كما أف العبد مشغوؿ بحوائج سيده ,
والمشغوؿ كما يقاؿ ال يشغؿ فنقض العبد مف والية نفسو يمنع مف انعقاد واليتو
عمى غيره فى األمور الخاصة ,فكيؼ يأمر في القضاء ؟
ــــــــ ـ
ٔ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٖٓٗ .
ٕ
صحيح البخارى ,مرجع سابؽ ,جػ ٖٔ ص ٕٔٔ .
211 نطام احلكم يف االسالم
الشرط السادس
الكتابة
مف المسمـ بو أف القاضى حينما تعرض عميو خصومة لمفصؿ فييا يعتمد
عمى السماع مف الخصوـ ثـ يذكر كؿ واحد منيـ أدلتو ثـ يتوجو الييـ القاضى
فى النياية بالحكـ الممزـ فى الخصوـ وال شؾ أف ذلؾ كمو يكوف مشافية
ولكف القاضى يثبتو بالكتابة أو بالشيادة عميو ليذا اختمؼ الفقياء فى الكتابة
كشرط فيمف يعيف قاضيا الى مذىبيف :
المذىب األوؿ :
(ٕ ) (ٔ )
والراجح عند فى المعتمد عندىـ ووجو لمشافعية ذىب المالكية
(ٖ )
إلى القوؿ بعدـ اشتراط الكتابة فيمف فيصح تولية غير العازؼ الحنابمة
لمكتابة القضاء.
المذىب الثانى :
فى قوؿ عندىـ ووجو عندىـ ووجو عند الشافعية (٘)وقوؿ (ٗ)
ذىب المالكية
عند الحنابمة ( )ٙإلى أف الكتابة شرط فيمف يعيف قاضيا فبل يصح تولية غير
العارؼ لمكتابة القضاء.
ــــــــ ـ
ٔ
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص ٖٓٔ .
ٕ
أدب القضاء البف ابف الدـ ,مرجع سابؽ ,ص ٘. ٚ
ٖ
المفتى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٕٗ .
ٗ
مذاىب الجميؿ لمخطاب ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص ٓٓٔ .
٘
أدب القاضى البف أبى الدـ ,مرجع سابؽ ,ص ٘ٚ
ٙ
المبدع فى شرح المقنع ,مرجع سابؽ ,جػ ٓٔ ,ص ٕٔ .
211 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
المفتى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٖٗ .
ٕ
د /عبدالرحمف محمد عبدالقادر ,أىمية القضاء ونزاىتو ,مرجع سابؽ ,ص . ٜٙ
212 نطام احلكم يف االسالم
أوال :
اف القاضى فى أدائو لعممو يحتاج الى الكتابة حتى يتمكف مف معرفة ما
(ٔ)
يكتبو كاتبو فبل يتمكف مف إخفائو منو
ويحتاج القاضى أيضا إلى قراءة ما يقدمو الخصوـ مف أدلة مكتوبة فاذا كاف
(ٕ)
مفتقر الى القراءة ومفتقر إلى الكتابة فكيؼ يحكـ بيف الخصوـ
الرأى الراجح
بعد بياف آراء الفقياء فى اشتراط الكتابة فى القاضى وأدلتيـ نرى أف الراجح ىو
ما ذىب إليو القائميف باشتراط الكتابة فيمف يعيف قاضيا لقوة أدلتيـ وضعؼ
أدلة المخالفيف فعمؿ القاضى كمو قائـ عمى القراءة والكتابة مف وقت رفع الدعوى
اليو وحتى صدور الحكـ مما يدؿ عمى أىمية ىذا الشرط
ــــــــ ـ
ٔ
المفتى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٕٗ .
ٕ
د /عبدالرحمف عبدالقادر ,أىمية القضاء ونزاىتو ,مرجع سابؽ ,ص. ٙٛ
213 نطام احلكم يف االسالم
الشرط السابع
السمع
اختمؼ الفقياء فى السمع كشرط فيمف يعيف قاضيا إلى ثبلثة مذاىب -:
المذىب األوؿ -:
(ٕ) (ٔ)
وقوؿ عند الشافعية وبعض المالكية ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
(ٗ ) (ٖ )
إلى أف السمع شرط لتولى القضاء فبل يصح تولى االصـ والحنابمة
لمقضاء ,الف القاضى ال يحكـ اال بعد سماع الدعوى ,وجواب المدعى عميو ,
وسماع أقواؿ الشيود والمعدليف والمجرحيف لمشيود وكؿ ىذه األوضاع ال تتأتى
اال لشخص وىبو اهلل حاسة السمع .
المذىب الثانى -:
(٘)
فى القوؿ الثانى عندىـ إلى جواز تولية األصـ . ذىب الشافعية
وقالوا بأف األصـ يستطيع فيـ الدعوي عف طريؽ االشارة .
القاضى ال يجوز اف يكوف أصماً ,ولكف اف ط أر عميو الصـ بعد الوالية وحكـ
فاف أحكامو صحيحة ونافذة ويعزؿ .
الرأي الراجح
الرأى الراجح ىو ما يراه جميور الفقياء القائميف باشتراط السمع فى القاضى
حتى يكوف أىبل لمحكـ لقوؿ رسوؿ اهلل – ( –)انما أقضى بنحو ما أسمع .
مما يؤكد أف السمع شرط فيمف يعيف قاضيا ,اذ سماع الخصوـ أمر ضرورى
لتبيف الحؽ ومعرفة الحجة التى يبنى عمييا الحكـ ,وأيضا جاء فى كتاب عمر
بف الخطاب ألبى موسى فإنو اذا أدلى اليؾ .مما يدؿ عمى اشتراط السمع ,
فاألصـ يتعذر عميو الفيـ واإلفياـ وىذا يؤيد ووجية نظر الجميور التي نميؿ
إلى ترجيحيا .
ــــــــ ـ
=
ٔ
الشرح الكبير لمدردير مرجع سابؽ ,جػٗ ,ص ٖٓٔ ,مواىب الجميؿ لمخطاب مرجع سابؽ ,جػ , ٙ
ص. ٜٜ
215 نطام احلكم يف االسالم
الشرط الثامف
البصر
اختمؼ الفقياء فى البصر كشرط لتولى القضاء إلى ثبلثة مذاىب -:
المذىب األوؿ -:
(ٖ)
والحنابمة وبعض المالكية (ٕ)والشافعية (ٔ)
ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
(ٗ)
إلى أف البصر شرط فيمف يعيف قاضيا ,فبل يصح تولية األعمى لمقضاء .
واستدؿ جميور الفقياء بأف األعمى ال يمكنو الضبط فى تحقيؽ المبطؿ مف
(٘)
المحؽ كما أنو ال يميز بيف الطالب والمطموب والجالس والواقؼ .
المذىب الثانى -:
()ٚ ()ٙ
إلى أف البصر ال يشترط فيمف وقوؿ عند الشيعة االمامية ذىب الظاىرية
يتولى القضاء فيجوز تولية األعمى لمقضاء وتكوف أحكامو صحيحة.
استدؿ أصحاب ىذا المذىب القائميف بأف البصر ال يشترط فيمف يتولى
القضاء ويجيز تولية األعمى باآلثار اآلتية -:
ــــــــ ـ
ٔ
البحر الرائؽ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص ٖ , ٕٛفتح القدير عمى اليدايو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٚص
ٖٕ٘ .
ٕ
تبصرة الحكاـ البف فرحوف ,مرجع سابؽ ,جػ ٔ ,ص ٕ٘ .
ٖ
األحكاـ السمطانية لماوردى ,مرجع سابؽ ,ص ٓ , ٙالمجموع شرح الميذب ,مرجع سابؽ جػ , ٔٛص
ٖ. ٖٙ
ٗ
االقناع لمحجاوى ,مرجع سابؽ ,ص . ٖٙٛ
٘
األحكاـ السمطانية لماوردى ,مرجع سابؽ ,ص ٓ. ٙ
ٙ
المحمى ,مرجع سابؽ جػ , ٜص ٖٖٗ
ٚ
المختصر النافع ,مرجع سابؽ ,ص . ٕٜٚ
216 نطام احلكم يف االسالم
ٔ -أف نبى اهلل شعيب عميو السبلـ كاف أعمى وكاف يفصؿ فى
(ٔ)
الخصومات التي تقع في قومو
(ٕ)
ٕ -أف الرسوؿ ()استخمؼ ابف أـ مكتوـ عمى المدينة و كاف أعمى .
مناقشة الجميور ليذه األدلة -:
أوال :ما ذكروه عف نبى اهلل شعيب بأنو كاف يقضى بيف قومو وىو أعمى غير
سميـ ,فابف قدامو الفقيو الحنبمى يقوؿ أنو لـ يثبت أف شعيبا كاف أعمى ,ولو
ثبت ذلؾ فانو ال يصمح أف يكوف حجة الف شعيبا عميو السبلـ كاف المؤمنوف
معو قمة ,وربما ال يحتاجوف الى الحكـ بينيـ لقمتيـ وتناقصيـ وأيضا الف
األنبياء معصوميف مف الخطأ .
ثانياً :أف والية ابف أـ مكتوـ كانت والية لئلمامة فى الصبلة وليست لمقضاء
(ٖ)
ولو سممنا بوالية ابف أـ مكتوـ لمقضاء فيحمؿ ذلؾ عمى أنو قبؿ العمى أو
(ٗ)
أنو منسوخ أو ىو خصوصية لو .
المذىب الثالث -:
ذىب المالكية فى المعتمد (٘) عندىـ أف البصر واجب غير شرط فيجب أف
أف يكوف القاضى بصي ار واذا ط أر عميو العمى وحكـ فأحكامو صحيحة إال أنو
ــــــــ ـ
ٔ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٓٗ .
ٕ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٓٗ .
ٖ
مغنى المحتاج ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص ٘ , ٖٚاالقناع فى حؿ الفاظ ابى شجاع ,مرجع سابؽ ,جػ
٘ ,ص . ٛٚ
ٗ
حاشيو قميوبى وعميره ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص . ٕٜٙ
٘
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ جػ ٗ ,ص ٖٓٔ ,مواىب لجميؿ ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص . ٜٜ
. ٜٜ
217 نطام احلكم يف االسالم
الشرط التاسع
الكالـ
مف المعموـ أف أى شخص ال يستطيع أف يعبر عف إرادتو وفقا لمعادة اال
عف طريؽ الكبلـ ,أما الشخص الذى فقد حاسة النطؽ فطريقو الوحيد لمتعبير
عف ارادتو ىو اإلشارة اال أف ىذه اإلشارة قد يفيميا بعض الناس وقد يتعذر
عمى البعض اآلخر فيميما وليذا اختمؼ فقياء الشريعة حوؿ صبلحية األخرس
لتولى القضاء إلى مذىبيف :
المذىب األوؿ -:
وقوؿ عند الشافعية (ٖ) إلى أف (ٕ)
والحنابمة (ٔ)
ذىب جميور الفقياء مف الحنيفة
الكبلـ شرط فيمف يتولى القضاء فبل يصح تولية األخرس القضاء حتى ولو كاف
مفيوـ اإلشارة ألف األخرس ال يمكنو النطؽ بالحكـ وال يفيـ جميع الناس
(ٗ)
اشارتو .
المذىب الثانى -:
(٘ )
فى القوؿ عندىـ إلى صحة تولية األخرس لمقضاء ذىب الشافعية
()ٙ
فيـ يقولوف بوجوب توافر الكبلـ بشرط أف تكوف إشارتو مفيومة أما المالكية
ــــــــ ـ
ٔ
بدائع الصنائع ,مرجع سابؽ ,جػ ٚص ٖ ,حاشية ابف عابديف ,مرجع سابؽ ,جػ ٗ ,ص ٕٖٓ .
ٕ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ ,جػ , ٜص ٓٗ ,كشاؼ القناع ,مرجع سابؽ ,ص . ٘ٛٛ
ٖ
المجموع ,مرجع سابؽ ,جػ , ٔٛص ٖ , ٖٙالسراج الوىاج ,مرجع سابؽ ,ص . ٘ٛٛ
ٗ
المغنى ,السابؽ ,جػ ٜص ٓٗ .
٘
المجموع ,السابؽ ,جػ , ٔٛص ٖ. ٖٙ
ٙ
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ جػ ٗ ,ص ٖٓٔ ,المواىب ,مرجع سابؽ ,جػ , ٙص. ٜٜ
219 نطام احلكم يف االسالم
الكبلـ فيمف يعيف قاضيا ويجب عزؿ األخرس اذا ولى اال أنيـ يقولوف أف
الكبلـ واجب غير شرط بمعنى أف األخرس يجب عدـ توليو القضاء ولكف اذا
ولى وحكـ فحكمو صحيح ويجب عزلو .
الرأى الراجح
ىو ما ذىب اليو جميور الفقياء القائميف بالرجحاف الذى أراه أولى
النطؽ فيمف يعيف قاضيا ,ألف األخرس ال يستطيع النطؽ بالحكـ باشتراط
كما أنو ال يستطيع أف يوجو أسئمة الى أطراؼ النزاع كى يصؿ الى الحقيقة .
221 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الثالث
تقمد القضاء بوسائؿ غير مشروعة
المطمب االوؿ
تقمد القضاء بالوسطاء او االرشاء
قد يحدث فى بعض االحواؿ اف يعيف فى ىذا المنصب الرفيع مف يسعى اليو
ببذؿ الماؿ عمى سبيؿ الرشوة او اتخاذ الوسطاء حتى يحظى بمنصبو والجموس
فى محرابو فما الحكـ فى ىذه الحالة
اوال :تقمد القضاء بالوسطاء :
في البداية قد وردت أحاديث كثيرة عف النبى ()تحذر مف تمنى القضاء بالقمب
وسؤالو بالمساف ,فضبل عف الوصوؿ اليو ,واالستعانة عميو بالشفعاء ,أو نيمو
وتبوء منصبو ببذؿ الماؿ واالرتشاء منيا:-
- 1ما روى عف عبدالرحمف بف سمرة أنو قاؿ :قاؿ لى رسوؿ اهلل ( " :)يا
عبدالرحمف ال تسأؿ اإلمارة فإنؾ إف أعطيتيا عف مسألة وكمت إلييا ,واف
(ٔ)
أعطيتيا مف غيرمسألة أعنت عمييا
ٖ-ما روى عف أبى ىريرة – رضى اهلل عنو – عف النبى( –)قاؿ ":إنكـ
(ٕ)
ستحرصوف عمى اإلمارة ,وستكوف ندامة يوـ القيامة "
ٗ-ما روى عف أبى موسى األشعرى – رضى اهلل عنو – قاؿ :دخمت
ــــــــ ـ
ٔ اخرجو البخارى فى مسمـ ..البخارى باب مف سنف االمارة وكيؿ الييا ,,ومسمـ باب :الرضى عف طمب
االمارة الحرص عمييا
ٕأخرجو البخارى باب ما يكره مف الحرص عمى االمارة.
221 نطام احلكم يف االسالم
عمى النبى ( –)ورجبلف مف بنى عمر ,فقاؿ أحد الرجميف :يا رسوؿ اهلل
( أقرنا عمى بعض ما والؾ اهلل عز وجؿ ,وقاؿ اآلخر :مثمو ) فقاؿ " :إف اهلل
(ٔ)
ال يولى عمى ىذا العمؿ أحد سألو وال أحدا حرص عميو "
والسر فى ىذا المنع :أف طالب القضاء بيذا الوصؼ ال يوفؽ فى قضائو ,فيو
إذف غير كؼء لو ,كما أف حرصو عمى المنصب بيذه الكيفية يقدح فى عدالتو
(ٕ)
,ويجعمو متيما فى صبلحيتو والعدالة شرط فى تولية القضاء كما سبؽ
ومما سبؽ يمكف القوؿ أف سؤاؿ القضاء ,واالستعانة عمى توليتو بالوسطاء
حكمو فى الجممة المنع وعدـ االباحة
إال أنو استثنى مف ىذا المنع بعض الحاالت التى يباح فييا ,أو قد يندب أو
يجب معيا طمب تولى القضاء أو سؤالو.
أ) :حاالت وجوب طمب القضاء بالوسطاء
يرى كثير مف الفقياء :وجوب طمب القضاء أو سؤالو فى ثبلث حاالت:
الحالة االولي :إذا كاف الفرد شخص بشروط التولى ,أى لـ تتوافر أىمية
القضاء بالنسبة ليذا الشخص فرض عيف يجب عميو طمبو ,أو قبولو إذا عرض
عميو ولـ يخالؼ فى ىذا إال الحنابمة ,حيث قالوا :وال يجب عميو – أى عمى
مف يصمح لمقضاء – طمبو ولو لـ يوجد غيره ,لما روى عف أنس قاؿ :قاؿ
رسوؿ اهلل ( –)مف سأؿ القضاء وكؿ إلى نفسو ومف أجبر عميو نزؿ ممؾ
(ٖ)
يسدده"
ــــــــ ـ
ٔصحيح مسمـ السابؽ
ٕينظر اىمية القضاء د عبد الرحمف عبد القادر ص ٜٔ
ٖينظر كشاؼ القناع ج ٙص ٕٛٚ
222 نطام احلكم يف االسالم
الحالة الثانية :إذا خاؼ مف توافرت فيو شروط تولى القضاء الفتنة عمى نفسو
أو مالو أو ولده أو عمى الناس إف لـ يتولى ىو القضاء وتواله غيره.
الحالة الثالثة :إذا خاؼ مف توافرت فيو شروط القضاء ضياع الحؽ إف لـ يتوؿ
ىو ,وتولى عيره ,سواء أكاف ىذا الحؽ الذى خاؼ ضياعو لو أو لغيره
ب) :حاالت ندب طمب القضاء بالوسطاء.
ذىب فقياء المالكية ,والشافعية ,والزيدية إلى أف طمب القضاء مندوب لمعالـ
غير المشيور ,ليشير عممو ,كذلؾ يروف ندبو لمفقير الذى لو عياؿ ,لئلرتزاؽ
مف منصب القضاء إذا توافرت شروطو فيو (ٔ).
ــــــــ ـ
ٔينظر التاج واالكميؿ ج ٙص ٓٓٔ وتكممة المجموع جٕٓ ص ,ٕٔ٘,ٕٔٙوالبحر الزخار ج ٙص ٕٔٔ
223 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ وقد خرج عف ىذا االتفاؽ :الشافعية حيث جوزوا بذؿ الماؿ لتولى القضاء فى الحاالت التى يسف فييا
اويندب القضاء اذا كاف الطالب كامؿ الذكر ويرجو ا بالقضاء نشر عممو او كاف محتاجا الى االرؽ
ومع ىذا يقولوف اف االخذ الظالـ بأخذه الماؿ ( .ينظر :مفتى المحتاج ,لمشربينى جٗ صٗ) ٖٚ
ٕينظر :حاشية ابف عابديف ج ٘ ص ٖٛٚوحاشية الدسوقى مع الشرح الكبير جٗ ص ٖٔٔ ,وحاشية
القميبوبى جٕ ص ٕٜٙوالبحر الزخار ج ٙص ٖٕٔٔٔٔ,
224 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
وف" - اس بِ ِْ ِ
الن ِ أَمو ِ
اؿ َّ
اإلثْـ َوأَنتُ ْـ تَ ْعمَ ُم َ َْ
وقاؿ ( ":)لعف اهلل الراشى والمرتشى والرائش الذى يمشى بينيما".
قاؿ بو :الحنيفية فى الصحيح مف المذىب ,والمالكية فى قوؿ ثاف ,
(ٕ)
والحنابمة
الترجيح
بعد عرض القوليف السابقيف أرى أف القوؿ الثانى القائؿ :بأنو يحرـ عمى مف
تعيف عميو القضاء بذؿ الماؿ لمحصوؿ عمى منصبو وتقميد واليتو ىو األقرب
إلى الصواب واألولى بالقبوؿ.
ومف ثـ يحرـ دفع الماؿ لتولى منصب القضاء ,سواء أكاف الدافع متعينا ليذا
المنصب أو غير متعيف ,وبعبارة أخرى :سواء أكاف ىذا الشخص انفرد
بصبلحيتو لمقضاء وحده دوف سواه ,أو وجد غيره ممف يصمح ليذا المنصب أو
ذلؾ لما يأتى:
ٔ--أف دفع الماؿ لتولى منصب القضاء ال يخرج عف كونو رشوة شرعا ,
(ٖ)
والرشوة المحرمة شرعا عمى المعطى واآلخذ والواسطة بينيما
وذلؾ بالنص واإلجماع.
ٕ -قالوا :إف فريضة الحج تسقط بدفع الرشوة إلى األعراب فيذا أولى
,واذا منع الطالب لمقضاء مف التولى مع تعينو لممنصب إال بدفع الرشوة لـ يبؽ
ــــــــ ـ
ٔاالية
ٕينظر حاشية بف عابديف ج٘ ص ٖٛٚومجمع االنير جٕ ص ٕ٘ٔ ,والمفتى البف قدامة جزء ٖ ص
ٙٓٚ
ٖينظر حاشية بف عابديف ج٘ ص ٖٛٚ
225 نطام احلكم يف االسالم
ىذا التولى واجبا عميو فبل يأثـ بالمنع ,وانما يأثـ بدفع الماؿ.
ٖ-إف القوؿ بإباحة دفع الماؿ لمف تعيف عميو تولى القضاء ,لعدـ وجود
غيره ممف يصمح – وىو فرض نادر ويكاد يكوف مستحيؿ – يؤدى الى فساد فى
المجتمع ,وتضييع لحدود اهلل ,والعبث بيذا المنصب الجميؿ الحساس فى حياة
الناس جميعا حيث يتولى القضاء مف يدفع أكثر ويظف أنو األحكـ ,ويتدافع
الطالبوف لمقضاء – تبعا لذلؾ – كذلؾ يترتب عمى القوؿ بتمؾ االباحة إفساد
لمحكاـ والقائميف عمى أمر التعييف أفساد أيما إفساد ,واالعانة عمى الفساد فساد
,وتضييع لمببلد جميعا ,وخاصة فى أمر القضاء الحامى لمعدالة ,واألمف
( ٔ)
عمى شرع اهلل
ــــــــ ـ
ٔينظر ضمانات العدالة القضائية در صبلح الشيخ ص ٔٓٙ,ٔٓٚ
226 نطام احلكم يف االسالم
ىذا المنصب ,بؿ تعدد الصالحوف ,وتواله أحدىـ بدفع الرشوة أو بالشفاعة .
وذلؾ ألف الدافع صار محروما فى عدالتو.
أما إذا تعيف القضاء عمى شخص معيف ,ولـ يتعدد مف يصمح لو ,فيو –
أيضا – نفس الحكـ عند مف يقوؿ بحرمة بذؿ الماؿ فى ىذه الحالة لموصوؿ إلى
ىذا المنصب.
ذلؾ أف التسابؽ إلى القضاء والوصوؿ إليو بيذه الطريقة – وخاصة عند تعدد
مف يصمح لو – يدؿ عمى عدـ أمانة الراشى أو المستشفع ,وقمة اكتراثو بالعدالة
وصيانة لحقوؽ الناس.
كما أف ذلؾ يؤدى االضرار بالمجتمع بإفساد جياز الحكـ واإلدارة فيو ,واتبلؼ
لذمميـ ,وتخريب لضمائرىـ بتشجيعيـ أكؿ أمواؿ الناس بالباطؿ (ٔ )
227 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔينظر اليداية جػ ٚصٖ , ٔٙٗ ,ٕٙوشرح مثبل مسكيف عمى متف الكنز ص ٕٕٔ ,واألحكاـ السمطانية
لمماوردى ,ص ٘ , ٜواألحكاـ السمطانية ألبى يعمى ص ٕ. ٚ
ٕاآليو رقـ "٘٘" مف سورة يوسؼ .
ٖينظر :األحكاـ السمطانية لمماوردى ص ٘ , ٜواألحكاـ السمطانية ألبى يعمى ص ٕ , ٚوالتبصره ألبف
فرحوف جػ ٔ ,ص ٓٔ ,والمختصر النافع ص . ٕٜٚ
228 نطام احلكم يف االسالم
واستدؿ أصحاب ىذا القوؿ عمى صحة ماذىبوا إليو بأف إباحة التولى مف
الحكاـ الظممة فيو إعانة لمظالميف وتزكيتيـ بالتقميد منيـ ,أو انقاذ أمرىـ (ٔ).
وقد أجابوا عف والية يوسؼ ( عميو السبلـ ) مف قبؿ فرعوف بما يمى :
ٔ – أف فرعوف يوسؼ كاف صالحاً ,وانما الطاغى ىو فرعوف موسى
( عميو السبلـ ) .
ٕ -أف يوسؼ عميو السبلـ نظر فى أمبلؾ فرعوف دوف أعمالو .
ٖ -أف يوسؼ عميو السبلـ كاف نبياً معصوماً مف الظمـ والجور فيما يميو
(ٕ)
مف األعماؿ ,وىذا المعنى غير مأموف فى حؽ غيره
الترجيح :
أرى أف القوؿ الثانى القائؿ بعدـ جواز تقمد القضاء مف الظالميف مف الحكاـ
أو األمراء ىو األقرب إلى الصواب ,وذلؾ لمافيو مف عوف ليؤالء وتثبت
لسمطانيـ فى الحكـ والبقاء .
ويستثنى مف ذلؾ حالة الضرورة وذلؾ عند تبيف شخص ما ليذا المنصب ,
فيكوف فرض عميو أف يتولى حينذالؾ ,وذلؾ مف أجؿ إحقاؽ الحؽ ,وانصاؼ
المظموميف ,ورفع الشؾ عنيـ ,ماداـ القاضى فى ذلؾ غير مسموب اإلرادة فى
الحكـ بالبدؿ والقطساس بيف الناس .
كذلؾ فى ترؾ القضاء فى ىذه الحالة ضرر أكبر مف توليو ,وفى األحجاـ
عنو فتنو وفساد كبير (ٖ).
ــــــــ ـ
ٔينظر :األحكاـ السمطانية لمماوردى ,ص ٘. ٜ
ٕينظر :األحكاـ السمطانية لمماوردى ,ص ٘ , ٜواألحكاـ السمطانية ألبى يعمى ,ص ٕ. ٚ
ٖينظر :ضمانات العدالة القضائيو ,در صبلح الشيخ ,ص . ٔٔٙ
229 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الخامس
آداب القضاة
اذا جمس القاضى لمحكـ فى مجمس القضاء ,وجب عميو أف يتقيد بعدة
آداب تتحقؽ معيا المحاكمة العادلة التى يحرص عمييا االسبلـ ,حتى يمكف
اظيار وجو الحؽ والحكـ وفقا الحكاـ الشريعة االسبلمية ,لترد الحقوؽ الى
أصحابيا وبناؿ المجرـ جزاءه .
وىذه االداب فى اجماليا تنقسـ الى نوعيف :
ٕ -آداب خاصة ٔ -آداب عامة
المطمب االوؿ
االّداب العامة لمقضاة
ويمكف ايجاز ىذه اآلدآب عمى النحو التالى :
االدب االوؿ :المساواة بيف طرفى الدعوى .
يجب عمى القاضى اف يسوى بيف الخصوـ سواء كانوا مسمميف أو غير
مسمميف قاؿ تعالى " -:اف اهلل يأمركـ أف تؤدوا االمانات الى اىميا واذا حكمتـ
بيف الناس اف تحكموا بيف الناس اف تحكموا بالعدؿ ")ٔ(.
وكممة الناس تشمؿ المسمـ وغير المسمـ ,كما قاؿ جؿ شأنو " :اعدلوا ىو
أقرب لمتقوى " (ٕ)
ــــــــ ـ
ٔمف االية رقـ ٘ٛمف سورة " النساء" .
ٕمف االية رقـ " "ٛمف سورة " المائدة " .
231 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
مف االية "رقـ "ٓ "ٜمف سورة النمؿ .
231 نطام احلكم يف االسالم
بالحجة بالتساوى ,واذا تكمـ أحدىما أسكت اآلخر حتى يسمع كبلمو ويفيمو ,
ثـ يستنطؽ اآلخر حتى يفيـ رأيو تماما .
ويدؿ عمى ما سبؽ مف أحكاـ :
ٔ-ما روى عف عمى (رضى اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل (( ))قاؿ لو " :
يا عمى إذا جمس إليؾ الخصماف فبل تقض بينيما حتى تسمع مف اآلخر
كما سمعت مف األوؿ ,فإنؾ إذا فعمت ذلؾ تبيف لؾ القضاء "
ٕ-ما روى عف أـ سممى قالت :قاؿ رسوؿ اهلل ((":) )مف ابتمى بالقضاء
بيف المسمميف فميساوي بينيـ فى المجمس واإلشارة وال يرفع صوتو عمى أحد
الخصميف أكثر مف اآلخر " (ٔ)
ٖ-ما روى عف عبداهلل بف الزبير قاؿ ":قضى رسوؿ اهلل (( ) )أف
الخصميف يقعداف بيف يدى الحاكـ "
ٗ-ما روى عف الحسف (رضى اهلل عنو ) أنو قاؿ :جاء رجؿ فنزؿ عمى
يد عمى فاستضافو ,فمما قاؿ لو :إنى أريد أف أخاصـ ,فقاؿ لو عمى , :إف
النبى (( ) )نيانا أف نضيؼ الخصـ إال ومعو خصمو "
ومما ينبفى التنبيو عميو :أنو كما ال يصح لمقاضى أف يمعف أحد
الخصميف حجتو ,فكذلؾ يكره أف يمقف الشاىد ما يقوى شيادتو وروابتو
,كأف يمقنو القاضى كبلما يستفيد منو الشاىد عمما .
ــــــــ ـ
ٔ
232 نطام احلكم يف االسالم
وانما حرـ أخذ اليدية ممف لو خصومة – ألنيا تورث إذالؿ الميدى ,
واغضاء الميدى إليو ,وفى ذلؾ ضرر لمقاضى ودخوؿ الفساد عميو ,وقيؿ أف
اليدية تطفىء نور الحكمة ,مما يؤثر عمى القاضى ونزاىتو وموضوعيتو ,
ولذلؾ تعتبر ىذه اليدية فى حكـ الرشوة التى تقدـ إلبطاؿ حؽ أو إحقاؽ
باطؿ .
وقد لعف رسوؿ اهلل (( ))الراش والمرتشى فى الحكـ والرائش الذى يمشى بينيما
" كما قاؿ (( ": ))ىدايا األمراء غموؿ "أى خيانة .
قاؿ تعالى ":ومف يغمؿ يأت بما غؿ يوـ القيامة "
وقاؿ (( ": ))القاضى إذا أكؿ اليدية فقد أكؿ السحت ,واذا قبؿ الرشوة بمغت
بو الكفر " وقاؿ ((": ))مف استعممناه عمى عمؿ فرزقناه رزقا ,فما أخذه بعد
ذلؾ فيو غموؿ " .
قاؿ الشوكانى" :اليدايا التى تيدى لمقضاة ونحوىـ نوع مف الرشوة ,ألف
الميدى إذا لـ يكف معتادا لئلىداء إلى القاضى قبؿ واليتو ال ييدى إليو إال
لغرض ,وىو إما لمتقوى بو عمى باطمو ,أو التوصؿ بيديتو لو إلى حقو ,
233 نطام احلكم يف االسالم
والكؿ حراـ ,وأقؿ األحواؿ أف يكوف طالبا لقربو مف الجاكـ وتعظيمو ونفوذ
كبلمو ,وال عرض لو بذلؾ إال اإلستطالة عمى خصومة ,أو األمف مف
مطالبتيـ لو ,فيحشثمو مف لو حؽ عميو ,ويخافو مف ال يخافو قبؿ ذلؾ ,وىذه
األغراض كميا تئوؿ إلى ما آلت إليو الرشوة "
وعمى ذلؾ ال يجوز أف يتخذ القاضى بوابا يمنع الناس مف الدخوؿ إلى
مجمس القضاء حتى يأخذ منيـ شيئا ,إذ تعتبر ىذه رشوة بتمكيف القاضى
فيكوف ذلؾ بمثابة رشوة يأخذىا القاضى ,لكف يجب أف يتخذ بوابا ينظـ الدخوؿ
عمى القاضى فى دورىـ دوف مقابؿ
وقد روى أف عمر بف عبد العزيز ( رضى اهلل عنو ) رد اليدية ,فقيؿ لو :
إف النبى (( ))كاف يقبميا ,فقاؿ :كانت لو ىدية ولنا رشوة ,ألنو كاف يتقرب
بيا إليو لنبوتو ال لواليتو ,ونحف يتقرب بيا إلينا لواليتنا "
األدب الثالث . :فيـ الخصميف ومحاولة الصح بينيما
ذكر األحناؼ أف مف آداب القاضى أف يكوف فيما عند الخصومة ,
فيجعؿ فيمو وسمعو وقبمو إلى كبلـ الخصميف ,لقوؿ عمر ( رضى اهلل
عنو ) ":فافيـ إذا أدلى إليؾ " ألنو مف الجائز أف يكوف الحؽ مع أحد
الخصميف ,فإذا لـ يفيـ القاضى كبلميما ضاع الحؽ ,وىذا معنى قوؿ عمر
( رضى اهلل عنو ) ":فإنو ال ينفع تكمـ بحؽ ال نقاد لو "
وحتى يصؿ القاضى إلى ىذا الفيـ ,فينبغى عمى القاضى إذا تكمـ أحد
الخصميف أسكت اآلخر ,ألنيما إذا تكمما جممة ال يتمكف مف الفيـ .وال ينبغى
تعجيؿ الخصوـ عف حججيـ ,وال التخويؼ ليـ ,ويقبؿ عمى الحجج ويفرغ
نفسو ليا
234 نطام احلكم يف االسالم
أما فى مجاؿ الصمح بيف الخصميف :فبل بأس لمقاضى أف يقوـ برد الخصوـ
إلى الصمح ,إف طمع منيـ فى ذلؾ ,قاؿ تعالى " :والصمح خير "
فإذا لـ يطمع القاضى فييـ الصمح ال يردىـ إليو ,بؿ بتنفيذ فييـ القضاء
ألنو ال فائدة فى الرد .
األدب الرابع :االعتداد يدفع المدعى عميو بعد سماع المدعى :
مف اآلداب الجميمة فى مجاؿ القضاء :
أف المدعى إذا أقاـ البينة عمى دعواه ,ثـ ادعى المدعى عميو الدفع ,وقاؿ لو
بنية حاضرة ,فإف القاضى – حينئذ -يميمو زمانا إلحضار بنيتو لقوؿ عمر
(رضى اهلل عنو ) ":اجعؿ لممدعى أمدا ينتيى إليو "
وانما أردا بقولو "المدى " أف مدعى الدفع ,ألنو قاؿ فى ذلؾ ":واف عجز
استحممت عميو القضاء " ,وذلؾ وألنو لو لـ ييممو وقضى ببينة المدعى ربما
يحتاج إلى نقض قضائو ,لجواز أف يأتى بالدفع متأخ ار ,فيو -بذلؾ – فيو
صيانة عف النقض أو االبطاؿ .
أما زمف اإلمياؿ – إلحضار المدعى عميو الدفع – فيو مفوض إلى رأى
القاضى إف شاء أخر إلى آخر المجمس ,واف شاء إلى الغد ,واف شاء إلى بعد
الغد ( أى يميمو ثبلثة أياـ فقط ) وال يزيد عميو – عند الحنفية والشافعية ,
والحنابمة – ألف الحؽ قد توجو عميو ,فبل يسعو التأخير أكثر مف ذلؾ
األدب الخامس :الترفؽ فى التعامؿ مع الشيود
ينبغى عمى القاضى أف يمزـ بالترفؽ فى التعامؿ مع الشيود حتى يصؿ إلى
الحقيقة فى القضاء بشيادة الشيود ,فبل يزجر شاىدا وال يتعنتو ,ألف ذلؾ
يمنعو مف الشيادة عمى وجييا ,ويدعوه إلى ترؾ القياـ بتحمؿ الشيادة وأدائيا ,
235 نطام احلكم يف االسالم
وفى ذلؾ تضييع لمحقوؽ ,وألف إكراـ الشيود واجبا شرعا ,ألف اهلل – عز
وجؿ -يحى بيـ الحقوؽ بيف العباد.
وليس مف الرفؽ أو اإلكراـ حسبيـ عمى باب القاضى ,ىذا إف كاف واحدا ,فإف
كانوا كثي ار أقرع نبيـ ,واف كانوا رجاال ونساء قدـ الرجاؿ عمى حدة ,والنساء
عمى حدة ,لما فى الخمط مف حقوؽ الفتنة .
األدب السادس :السؤاؿ عف حاؿ الشيود وعدـ اتخاذ شيود بعينيـ :
أ -السؤاؿ عف حاؿ الشيود :
إذا شيد عند القاضى رجؿ ال يعرؼ حالو وأمانتو عمى رجؿ آخر _ وىذه
الشيادة مما توجب الحكـ شرعا عمى المشيودعميو – فيؿ يجب عمى القاضى
السؤاؿ عف حاؿ الشيود أـ ال ؟
اختمؼ الفقياء فى ىذا عمى قوليف :
القوؿ األوؿ :أف القاضى فى ىذه الحالة يحكـ بشيادتو وال يسأؿ ,إال إذا طعف
الخصـ المحكوـ عميو فى الشاىد ,فحينئذ ال يقضى بالشيادة حتى يعدؿ الشاىد
فى السر ,ويزكى عنده فى العبلنية ,أى يجب التزكية ىنا لمشاىد ,وىذا فى
غير موجبات الحدود والقصاص ,أما فييا فبل بد وجوبا أف يسأؿ عف الشيود
طعف الخصـ فييـ ,أو لـ يطعف ,وال يقضى بشيادتيـ حتى يزكوا ويعدلوا فى
السر والعبلنية .
القوؿ الثانى :أنو يجب عمى القاضى السؤاؿ عف حاؿ الشيود.
فبلبد تزكيتيـ وتعديميـ ى إثبات جميع الحقوؽ ,طعف الحكـ فييـ أو لـ
يطعف.قاؿ بو :المالكية ,والشافعية ,والحنابمة فى ظاىر المذىب ,وأبو
يوسؼ ومحمد مف الحنفية ,والظاىرية وىذا القوؿ ىو األقرب إلى الصواب
236 نطام احلكم يف االسالم
وذلؾ نظ ار لقمة الورع ,وشيوع شيادات الزور ,فيجب التثبيت فى أمر وحاؿ
الشيود.
ب-عدـ اتخاذ شيودا بعينيـ
مف آدآب القضاء -كما قرر فقياء الشافعية عدـ اتخاذ القاضى شيودا بعينيـ ال
تقبؿ شيادة غيرىـ الف فى ذلؾ تضيقا عمى الناس واضرار بيـ فى حفظ الحقوؽ
والف شروط الشيادة ال تختص بالمضيؽ مف قبؿ القاضى الختبلفيا مف
شيادةالى احرى عمى حسب المشيود بو
االدب السابع :االلتزاـ بالتخصص المحدد لو فى واليتو
تكمـ كثير مف الفقياء عمى قاعدة :تخصيص القضاء بالمكاف والزماف والنوع
وعمى القاضى الحكـ فى اختصاصو فقط حسب ما ولى سواء كاف ذلؾ فى
الموضوعات المناط لو الحكـ فييا او فى زمف الوالية أوفى مكانيا ,واذا تـ ىذا
التخصيص لمقضاة مف قبؿ الحاكـ العاـ ,فبل يجوز لمقاضى أف يتجاوز ىذا
التخصيص واال اعتبرت احكامو باطمة
أوال بالنسبة لمتخصص المكانى :
اذا خصص الحاكـ العاـ لمدولة قاضيا واحدا فى مكاف معيف مف الدولة ليحكـ
فيو فاف ىذا التخصيص صحيح ولو أف يحكـ فى كؿ ما يجد مف قضايا فى ىذا
المكاف ,اال اذا قيد قضاءه بزماف معيف أو بنوع معيف مف القضايا
أما اذا تـ تعييف أكثر مف قاضى فى ىذا المكاف فاما أف يكوف قضاء كؿ منيما
عمى استقبلؿ – أى يحكـ كؿ واحد فيما يعرض عميو دوف اشتراؾ االخر معو
فى الحكـ وحيئنذ الى كؿ واحد نوع خاص مف االحكاـ والى االخر غيره كما لو
أسند الى أحدىـ قضاء ( أحكاـ االسرة ) والى الثانى قضاء ( المعامبلت المالية
237 نطام احلكم يف االسالم
والتجارية ) والى الثالث القضاء الجنائى وىكذا فيجوز ذلؾ ويقصر كؿ واحد
عمى النظر فى ذلؾ الحكـ الخاص بو أما اذا كاف القضاء فييما باالشتراؾ فيما
بينيما فى حكـ موضوع يتـ بعبارة أخرى اسنادا قضاء معيف واحد الى أكثر مف
قاضى فى دائرة أو محؿ واحد الحكـ فيو كما لو أسند الى عدة قضاة الفصؿ فى
موضوع جنائى أو مالى فى خصومة واحدة فقد اختمؼ الفقياء فى ىذا عمى
قوليف :
القوؿ االوؿ :انو ال مانع مف اف يقمد قاضياف أو أكثر عمبل واحدا فى مكاف
واحد لتولى الفصؿ باالشتراؾ فيما بينيـ باجماع االرآء أو االكثر .
وذلؾ باعتبار اف القاضى نائب أو وكيؿ عف االماـ أو الحاكـ ولمموكؿ أف يوكؿ
عنو أكثر مف شخص .
كذلؾ فاف الغرض مف القضاء ىو فصؿ الخصومات وقطع المنازعات وايصاؿ
الحؽ الى مستحقيو ,وىذا يحصؿ بتولى قاضييف أو أكثر فأشبو تولى قاض
واحد ليذا الغرض
القوؿ الثانى :ال يجوز تقميد قاضييف أو أكثر عمبل واحدا فى مكاف واحد ,النو
سيؤدى الى ايقاؼ أو تعطيؿ الحكـ فى الخصومات النيما يختمفاف فى االجتياد
فيرى أحدىما ما اليرى فى االخر وأرى أف القوؿ االوؿ ىو االقرب لمصواب لما
استدلوا بو مف أدلة النو كما يجوز لمحاكـ أف يستخمؼ فى البمدة التى ىو فييا
قاضييف فيجوز اف يكوف فييا قاضياف اىمياف
كذلؾ فاف التاريخ االسبلمى جاء فيو اف بعض الخصومات الميمة كانت تنظر
اماـ قضاة أربعة بعد تعدد القضاة فى مسجد دمشؽ ببل انكار مف العمماء
238 نطام احلكم يف االسالم
معناه :أف يتقيد قضاء القاضى بزماف معيف كيوـ أو أسبوع أو شير أو
سنة أو أكثر حسب ما يرى الحاكـ وينص عمى ذلؾ فى عقد الوالية وال يجوز أف
يتجاوز قضاء القاضى ىذا التحديد مف الوقت ,واال اعتبرت أحكامو ممغاة وال
يعتد بيا
ثالثا :بالنسبة لمتخصص النوعى:
ومعناه :تخصيص القاضى بنوع معيف مف القضاء ,كالقضاء الجنائى ,أو
قضاء المعامبلت المدنية والتجارية ,أو قضاء األحواؿ الشخصية ( أحكاـ
األسرة ) ,قاؿ أبو بعمى فى األحكاـ السمطانية ":ويجوز أف تكوف والية
القاضى مقصورة عمى حكومة معينة بيف خصميف "
األدب الثامف :إجابة الدعوة وعيادة المرضى أو تشييع الموتى
إجابة الدعوة :
الدعوة ,مثؿ :وليمة العرس ,أو الختاف ,أو مأدبة الطعاـ فى غيرىما ,وىى
إما أف تكوف عامة ,و إما أف تكوف خاصة.
فالدعوة العامة :ىى التى تعد سواء حضرىا القاضى أـ ال ,أو يكوف عدد
حضورىا فوؽ العشرة.
فممقاضى إجابة الدعوة فى ىذه الحالة بشرط أف اليكوف لمداعى إلييا خصومة
عند القاضى ,ذلؾ ألف اإلجابة سنة ,وال تيمة تتعمؽ بالقاضى فى ىذه اإلجابة
أما الدعوة الخاصة :وىى التى ال يتخذىا صاحبيا لوال حضور القاضى ,أو ما
تكوف دوف العشرة .
فميس لمقاضى إجابة ىذه الدعوة ,ألنيا ال تخمو عف التيمة ,إال إذا كاف
239 نطام احلكم يف االسالم
صاحب الدعوة ممف كاف يتخذ لو الدعوة قبؿ القضاء ,أو كاف بينو وبيف
القاضى قرابة فبل بأس أف يحضر إذا لـ يكف لو خصومة ,إلنعداـ التيمة ,فإف
عرؼ القاضى لو خصومة لـ يحضرىا لمتيمة .
ب -عيادة المرضى أو شيود الجنائز:
عيادة مرضى المسمميف وشيادة جنائزىـ مما يندب فعمو مف القاضى ,ألف
ذلؾ حؽ المسمـ عمى أخيو المسمـ ,والقاضى أولى بذلؾ ,ألنو قدوة لآلخريف
فى المحافظة عمى شرائع الديف ,قاؿ (( : ))حؽ المسمـ عمى أخيو المسمـ
ست :رد السبلـ ,وتشميت العاطس واجابة الدعوة ,وعيادة المريض ,واتباع
الجنائز ,واذا استنصحؾ فانصح لو "
كؿ ذلؾ يندب إذا لـ يشغؿ القاضى عف الحكـ وسرعة التقاضى ,واال منع مف
ذلؾ ,ألف مباشرة الحكـ ,وابطاؿ الحؽ بحكمو إلى صاحبو أولى .
ومما تجدر االشارة اليو :أف ىذا ليس قاص ار فعمو مف القاضى لممسمميف ,بؿ
يستحب – أيضا – عيادة مرضي أىؿ الذمة ,فقد روى البخارى عف أنس أف
النبى (( ":))عاد ييوديا وعرض عميو اإلسبلـ فأسمـ ,فخرج يقوؿ ":الحمد
هلل الذى أنقذه مف النار ".
كما يجوز تشييع موتى أىؿ الكتاب ,كما نقؿ أف أصحاب النبى (())
شيعوا أـ الحارث أبى ربيعة ,وىى نصرانية "
241 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثانى
اآلداب الخاصة يالقضاة
وىذه اآلداب :مجموعة مف الخصاؿ المبلزمة لشخص القاضى حيف القضاء ,
كصفاء نفسو ,وحضور ذىنو عند فيـ موضوع الخصاـ ,وراحة مجمسو أثناء
إصدار األحكاـ .
وبياف ىذه اآلداب بشىء مف التفصيؿ عمى النحو التالى :
األدب األوؿ :صفة مجمس القضاة
يستحب عند الشافعية أف يكوف مجمس القضاء الذى يجمس فيو القاضى لمحكـ
فسيحا ,ألف الضيؽ يتأذى منو القاضى والخصوـ ,كما يستحب أف يكوف بار از
,أى ظاى ار ليعرفو مف أراد مف مستوطف وغريب ؟ وأف يكوف مصونا مف حر
وبرد غير محكميف ,ومف كؿ ما يؤذى مف جو الروائح المنتنة والدخاف والغبار
,قاؿ سيدنا عمر (رضى اهلل عنو ) ":واياؾ والقمؽ والضجر " وىذه األشياء
تقضى إلى الضجر ,وتمنع الحاكـ اإلجتياد ,وتمنع الخصوـ مف استيفاء الحجة
ويكره عند الشافعية اتخاذ المسجد مجمسا لمحكـ ,ألف مجمس القاضى ال يخمو
عف المغط وارتفاع األصوات ,وقد يحتاج إلى إحضاء المجانيف ,والصغار
والحيض والنساء والكفار ,والدواب ,والمسجد يصاف عف ذلؾ كمو .
فإف صادفت قضية أو قضايا وقت حضوره فى المسجد لصبلة أو غيرىا ,فبل
بأس يجوز الحكـ فييا ,استثناء مف المنع ,وعميو يحمؿ ما جاء عف النبى
(صمى اهلل عميو وسمـ ) وعف خمفائو القضاء فى المساجد
وذىب الحنفية ,والمالكية ,والحنابمة ,والزيدية :إلى أنو ال بأس بالقضاء
فى المسجد ,وذلؾ اقتداءا برسوؿ اهلل (( ))وصحابتو والتابعيف ليـ بإحساف ,
241 نطام احلكم يف االسالم
ثانييما :فيـ الواجب فى الواقع ,وىو حكـ اهلل الذى حكـ بو فى كتابو ,أو
عمى لساف رسولو (( ))فى ىذا الواقع ,ثـ يطبؽ أحدىما عمى اآلخر
األدب الثالث :صفاء نفس القاضى عند الحكـ
مما يجب مراعاتو عند القضاء بيف الخصوـ صفاء نفس القضى مف المكدرات
والمقمقات .
ومف ثـ فبل يقض القاضى وىو فى حالة ضجر أو ضيؽ أو اضطراب إال بعد
زواؿ ىذه العوارض ,أو تمؾ األعذار ,والتى تحوؿ بيف القاضى بيف تحرى
العدؿ أو الصواب .
وليذا اتفؽ الفقياء عمى عدـ جواز قضاء القاضى وىو غضباف ,قاؿ (( ))ال
يقتضى حاكـ بيف اثنيف وىو غضباف "
242 نطام احلكم يف االسالم
وقاؿ عمر (رضى اهلل عنو ) ":واياؾ والغضب ,والغضب ,والقمؽ ,والضجر
,والتأذى بالناس ,والتنكر عند الخصومة أو الخصوـ "وىذا يتضمف التحذير
مما يحوؿ بيف الحاكـ وبيف كماؿ معرفتو بالحؽ ,وتجريد قضيو لو ,والغضب
والقمؽ والضجر مضاد ليما
كذلؾ فإف الغضب – أيضا – مما يشغمو عف الحؽ ,ويدىشو عف التأمؿ ,
ويتغير بو عقمو ,فبل يستوفى رأيو وفكره إذف وفى معنى الغضب :كؿ ما يشغؿ
فكر القاضى مثؿ الجوع المفرط ,والعطش الشديد ,ومرافقة أحد األخبثيف وشدة
النعاس ,واليـ والغـ ,والحزف والفرح ,والخوؼ ,والمرض ,وطوؿ الجموس
فيذه األشياء كميا تمنع حضور القمب واستيفاء الفكر ,الذى يتوصؿ بو
إلى إصابة الحؽ فى الغالب ,فيى فى معنى الغضب المنصوص عميو فتجرى
مجراه وتأخذ حكمو.
ولكف ما الحكـ لو حكـ القاضى أثناء الغضب أو ما شاكمو مما سبؽ ؟ فقد
اختمؼ الفقياء فى ذلؾ عمى قوليف :
القوؿ األوؿ :قاؿ بو :بعض الحنابمة ,والزيدية أف قضاءه ال ينفذ ,ويقع
باطبل,ألنو منيى عنو ,والنيى يقتضى فساد المنيى عنو
القوؿ الثانى :أف قضاءه ينفذ ,وال يؤثر فى ذلؾ كونو غضباف أو غيره.
قاؿ بو :الجميورواستدلوا عمى ذلؾ :
بما روى أف النبى (( ))اختصـ إليو الزبير ورجؿ مف األنصار فى شراء
الحرة فقاؿ النبى (( ))لمزبير ":اسؽ ثـ أرسؿ الماء إلى جارؾ " فقاؿ
األنصارى :إف كاف ابف عمتؾ ,فغضب رسوؿ اهلل (( ))وقاؿ لمزبير :اسؽ
ثـ احبس الماء ختى يبمغ الجدر "
243 نطام احلكم يف االسالم
وجو الداللة:
أف النبى (( ))حكـ وىو فى حاؿ غضبو
وجاء فى المذىب الحنبمى ":إنما يمنع الغضب القاضى مف الحكـ ,إذا
كاف قبؿ أف يتضح لو الحكـ فى المسألة ,أما إذا اتضح الحكـ فى المسألة ثـ
عرض عميو الغضب لـ يمنع القاضى مف الحكـ ,ألف الحؽ قد استباف قبؿ
الغضب ,فبل يؤثر الغضب فيو وىذا ما أرجحو واهلل أعمى وأعمـ.
244 نطام احلكم يف االسالم
المبحث الثالث
موانع االىمية
المانع فى المغة -:ىو الحائؿ بيف الشيئيف
وفى االصطبلح - :ىو الوصؼ الظاىر المنضبط الذى جعمو الشارع
حائبل دوف وجود الحكـ ,أو حائبل دوف اقتضاء السبب سببو ,فيمزـ عف وجوده
(ٔ)
العدـ وال يمزـ مف عدمو وجود وال عدـ لذاتو .
ويشتمؿ ىذا الفصؿ عمى المطالب اآلتية - :
المطمب األوؿ
اذا كاف القاضى أحد أطراؼ النزاع
ال شؾ أف اإلنساف ال يصمح اف يكوف خصما وحكما فى آف واحد ميما
كانت عدالتو ونزاىتو ,ألنو ييتـ بالتحيز لنفسو ,وقد اختمؼ الفقياء في كوف
ذلؾ مانعا الي مذىبيف :
المذىب االوؿ :
ذىب جميور الفقياء مف الحنفية والمالكية والشافعية والحنابمة والظاىرية ال
(ٕ)
يجيزوف حكـ القاضى لنفسو لشدة التيمة الموجية اليو
المذىب الثانى -:
ذىب المالكية فى قوؿ عندىـ الى أف القاضي يجوز لو أف يحكـ لنفسو
بشرط أف يكوف الحكـ مبنيا عمى إقرار وكاف بغير إقرار وكاف بالبينة فبل يجوز
ــــــــ ـ
ٔ
أصوؿ الفقو لمخضرى ,ص ٓ , ٚارشاد الفحوؿ ,ص , ٚغاية الوصوؿ ,أ.د /جبلؿ الديف عبدالرحمف
,ص ٘. ٔٛ
ٕ
بدائع الصنائع مرجع سابؽ جػ ٚص , ٛمبيف الحكاـ مرجع سابؽ ص ٖ٘ .
245 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
لمتيمة .
أوال أدلة الجميور -:
استدؿ جميور لما ذىبوا إليو باألدلة اآلتية -:
أوال المعقوؿ -:
أف القاضى ال يجوز لو أف يشيد لنفسو لمتيمة فكذلؾ ال يجوز لو أف
(ٕ)
يحكـ لنفسو مف باب أولى لشدة التيمة .
ثانيا -:اآلثار -:
ما روى عف أمير المؤمنيف عمر بف الخطاب أنو تحاكـ مع أبى بف كعب
فى خصومة بينيما إلى زيد بف ثابت كما تحاكـ سيدنا عماف بف عفاف رضى
اهلل عنو مع طمحة بف جبير بف مطعـ وتحاكـ عمى – رضى اهلل عنو – مع
(ٖ)
ييودي فى درع الى شريح .
ويفيـ مف ىذه اآلثار أف القاضى يمتنع عميو أف ينظر النزاع ويحكـ لنفسو
الف عمر وعثماف وعمى – رضى اهلل عنيـ – وىـ أعدؿ الناس وقفوا أمرىـ
إلى غيرىـ ليفصموا فى منازعات ىـ أطراؼ فييا .
(ٗ)
ثالثا :أف حكـ القاضى لنفسو مف خصائص النبي . -))(( -
ثانيا :أدلة المذىب الثاني -:
استدؿ القائموف بأف القاضى يجوز لو أف يحكـ لنفسو اذا كاف الحمـ
ــــــــ ـ
ٔ
مواىب الجميؿ مرجع سابؽ ج ٙص ٖٗٔ
ٕ
معيف الحكاـ مرجع سابؽ ص ٖ٘ ,كشاؼ القناع مرجع سابؽ ج ٙص ٖٕٓ.
ٖ
المجموع مرجع سابؽ ج ٔٛص ٕٖ٘ ,المعنى .مرجع سابؽ ج ٜص ٔٓٚ
ٗ
مفتى المحتاج مرجع سابؽ ٗ.ٖٜٖ/
246 نطام احلكم يف االسالم
مبنيا عمى اإلقرار بأف أبا بكر الصديؽ – رضى اهلل عنو – قطع يد الرجؿ
الذى سرؽ عقد زوجتو عندما أقر بالسرقة ,فيذا دليؿ عمى أف القاضى
(ٔ)
يجوز لو أف يحكـ لنفسو شرط إقرار الخصـ .
مناقشة ىذا الدليؿ -:
اف الحكـ ىنا ليس لمقاضى وىو أبو بكر الصديؽ – رضى اهلل عنو – ولكف
لزوجتو كما أف السرقة يجب فييا الحد وىو القطع والحدود ومنيا القطع مف
(ٕ)
موجبات حؽ اهلل تعالى فبل يدخميا حكـ القاضى لنفسو .
الرأى الراجح
األولى بالقبوؿ والرجحاف ىو ما ذىب إليو جميور الفقياء القائميف بأف
القاضى ال يجوز لو أف يحكـ لنفسو لقوة أدلتيـ وضعؼ دليؿ المخالفيف
وألف القاضي ميما كانت قوة ايمانو ونزاىتو فانو بشر يميؿ الى ما فيو
تحقيؽ مصمحتو حرصا عمى سبلمة القضاء ونزاىتو واقتداء بمسمؾ الصحابة
رضواف اهلل عمييـ
ــــــــ ـ
ٔ
مواىب الجميؿ مرجع سابؽ ج ٙص ٖٗٔ .
ٕ
د/سيد عبد الرحمف شفيرى ,ضمانا ت صح الحكـ رسالة سابؽ االشارة الييا ص ٔٓٚ
247 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثانى
الزوجية
كمانع مف موانع صبلحية فى عبلقة الزوجية اختمؼ فقياء الشريعة
القاضى لمحكـ فى نزاع يتعمؽ بزوجتو الى مذىبيف -:
المذىب األوؿ - :
(ٕ) (ٔ)
والراجح والمختار مف المالكية ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
(ٖ)
إلى اف القاضى ال يجوز لو أف يحكـ لزوجتو عند الحنابمة
المذىب الثانى -:
()ٙ (٘) (ٗ)
إلى أف القاضي وابف حزـ ورواية عند الحنابمة ذىب الشافعية
يجوز لو أف يحكـ لزوجتو فى أى نزاع ىى طرؼ فيو .
األدلػػة
أدلة المذىب األوؿ -:
استدؿ أصحاب ىذا المذىب القائميف بأف القاضي ,ال يجوز لو أف يحكـ
لزوجتو باألدلة اآلتية -:
أوال :أف رابطة الزوجية مف أقوى أسباب الموااله وىو مما يجعؿ كؿ واحد
ــــــــ ـ
ٔ
المبسوط مرجع سابؽ ٙٗ/ٔٙ
ٕ
التاج واالكميؿ عمى مختصر خميؿ مرجع سابؽ ٖٔٗ/ٙ
ٖ
المغنى المرجع السابؽ ٜٖٔ/ٜ
ٗ
المجموع شرح الميذب مرجع سابؽ ٗٚٔ/ٔٛ
٘
المغنى مرجع سابؽ ٜٖٔ/ٜ
ٙ
المحمى البف حاتـ مرجع سابؽ ٗٔ٘/ٜ
248 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
منيما مائبل لؤلخر .
ثانيا :أف كؿ واحد مف الزوجيف ير اآلخر عف غير حجب فكؿ واحد منيما
(ٕ)
ينتفع باآلخر ليذا ال يجوز لمقاضى أف يحكـ المرأتو
ثالثا :قياس القضاء عمى الشيادة فالزوج ال تقبؿ شيادتو لزوجتو لمتيمة
( ٖ)
فبل يقبؿ وال يصح قضاؤه ليما مف بابا ولى لشدة التيمة
أدلة المذىب الثانى -:
استدؿ المذىب الثاني باألدلة اآلتية -:
أوال :أف عقد النكاح عقد عمى منفعة كعقد اإليجار فبل يمنع مف
(ٗ)
قبوؿ الحكـ
الػرأى الػراجح
بعد أف بينا آراء الفقياء وأدلتيـ فى العبلقة الزوجية كمانع مف موانع أىمية
القاضى لمحكـ تبيف لنا أف ما ذىب اليو الحنيفة والمالكية فى المختار عندىـ
واألصح عند الحنابمة القائميف بعدـ صحة حكـ القاضى لزوجتو ىو االولى
بالقبوؿ والرجحاف لقوة أدلتيـ وضعؼ دليؿ المخالفيف وأيضا الف القاضى متيـ
بالتحيز لزوجتو وسعادتو بما يسعدىا .
ــــــــ ـ
ٔ
المبسوط مرجع سابؽ ٙٗ/ٔٙ
ٕ
المعنى السابؽ نفس الصحيفة
ٖ
الشرح الكبير لمدردير مرجع سابؽ ٕٗٔ٘/
ٗ
المعنى البف قدامو ممرجع سابؽ ٖٜٔ/ٜ
249 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثالث
القرابػة
ال يخفى أف اإلنساف وفقا لممألوؼ يميؿ الى نصرة أقاربو ,وليذا -إذا كاف
أحد أط ارؼ النزاع قريبا لو كوالده وولده مثبل – فقد اختمؼ الفقياء فى مدى
أىميتو لنظر ىذا النزاع ,واصدار حكـ فيو الى مذىبيف -:
المذىب األوؿ :
(ٕ) (ٔ)
والصحيح والمختار عند المالكية ذىب جميور الفقياء مف الحنفية
ورواية عند الحنابمة (ٗ)إلى أف القاضي ال يجوز لو أف يحكـ (ٖ)
عند الشافعية
ألحد أقاربو أصوال أو فروعا .
المذىب الثاني :
() ٙ (٘ )
ورواية عند فى المقابؿ عندىـ وبعض الشافعية ذىب المالكية
()ٚ
إلى أف القاضي يجوز لو أف يحكـ ألقاربو سواء كانوا أصولو أـ الحنابمة
ــــــــ ـ
ٔ
انظر بدائع الصنائع .مرجع سابؽ , ٛ/ٚمعيف الحكاـ .مرجع سابؽ ص ٖ٘ .لساف الحكاـ مرجع
سابؽ ص ٖٕٗ
ٕ
المواىب ,مرجع سابؽ ٖٔٗ/ٙوالشرح الصغير .مرجع سابؽ ٗ , ٕٜٔ/الشرح الكبير .مرجع سابؽ
ٕٗٔ٘/
ٖ
ادب القضاء البف ابى الدـ .مرجع سابؽ ص , ٜٔ٘والمجموع مرجع سابؽ ٖٙ٘/ٔٛنياية المحتاج .
مرجع سابؽ ٕٓٗ/ٛـ .
ٗ
المغنى .مرجع سابؽ ٜٔٔ/ٜشرع منتيى االرادات – مرجع سابؽ ٖ ٖٗٚ/المبدع .مرجع سابؽ
ٕ.ٕٓٙ/
٘
حاشية الصاوى .مرجع سابؽ ٗ.ٕٜٔ/
ٙ
ادب القاض البف الدـ .مرجع سابؽ ص ٜٔ٘
ٚ
االحكاـ السمطانية البى حيمى الغراء .مرجع سابؽ ص . ٚٙ
251 نطام احلكم يف االسالم
(ٔ)
أيضا . فروعو وىذا ما ذىب إليو ابف حزـ الظاىري
أدلة المذىب األوؿ :
استدؿ جميور الفقياء القائميف بعدـ جوار القضاء فى اى نزاع يتعمؽ
بأصولو او فروعو بالسنة واألثر والقياس .
اوال :السنة :
ما روتو السيدة عائشة :رضى اهلل عنيا – أف النبي – صمى اهلل عميو
وسمـ – قاؿ :ال تجوز شيادة خائف وال خائنة وال ظني فى والء أو قرابة وال
(ٕ)
مجمود فى حد
وجو االستدالؿ بيذا الحديث :
إف النبي – صمى اهلل عميو وسمـ -لـ يجيز شيادة األقارب أصوال كانوا أو فروعا
والظني معناه المتيـ واألب ال شؾ انو متيـ مف الشيادة لولده والعكس صحيح
(ٖ)
– واذا ثبت ىذا فى ألنو مالو كما لو والف بينيـ بعضو فكأنو يشيد لنفسو
الشيادة فالقضاء مف باب أولى ألنو اشد خط ار وأعمى مرتبة مف الشيادة .
ثانيا األثر :
جاء فى رسالة عمر بف الخطاب الى ابى موسى االشعرى ما نصو "
والمسمموف عدوؿ بعضيـ عمى بعض ,إال مجمودا فى حد أو مجربا عميو شيادة
ــــــــ ـ
ٔ
المحمى .مرجع سابؽ .ٗٔ٘/ٜ
ٕ
سنف الترمذى مرجع سابؽ ع , ٘ٗٙ , ٘ٗ٘/وقاؿ الترمذى ىذا الحديث غريب اال نعرؼ مف حديث بزيد
مف زياد الدمشقى
ٖ
المغنى – مرجع سابؽ ٜٕٔ/ٜ
251 نطام احلكم يف االسالم
وىذه التيمة الموجية لمقاضي أساسيا أف كبل مف القاضي وأصولو وفروعو ينتفع
كؿ منيما باآلخر .
(ٔ)
فالوالد ينتفع بماؿ ولده والولد ينتفع بماؿ والده
وقيؿ أف أساس ىذه التيمة ,أف أصوؿ القاضي أو فروعو جزء منو أى
(ٕ)
أبعاضو ,فكما يمتنع عميو أف يحكـ لنفسو يمتنع عميو أيضا أف يحكـ ليـ
أدلة المذىب الثاني :
القائميف بصحة حكـ القاضي ألصولو استدؿ أصحاب ىذا المذىب
وفروعو باألدلة اآلتية :
(ٖ)
. أوال :اف قضاء القاضي ألقاربو قضاء لغيره كاألجانب
ثانيا :قياس القضاء عمى الشيادة فكما تجوز الشيادة لؤلصوؿ والفروع
فيجوز القضاء ليـ ,وذلؾ لما روى ابف ربيعة – رضى اهلل عنو – اف عمر بف
الخطاب رضى اهلل عنو قاؿ :تجوز شيادة الوالد لولده والولد لوالده واألخ
(ٗ)
. ألخيو
الرأي الراجح -:
بعد مناقشة ادلة المذىب الثاني القائميف بجواز وصحة حكـ القاضي
ألصولو وفروعو يظير لنا واضحا جميا أف الرأي الراجح ىو ما ذىب إليو
ــــــــ ـ
=
سابؽ ٖٙ٘/ٔٛاالقناع فى حؿ الفاظ بف شجاع ٓ٘ , ٜٜ/شرح منتيى االرادات سابؽ ٖٖٗٚ/
ٔ
االنصاؼ لممرداوى ٔٔ , ٕٔٙ/اليداية مرجع سابؽ ٖٕٕٔ/
ٕ
مغتى المحتاج ,مرجع سابؽ ٕٜٜٗ/
ٖ
المغنى البف قدامة مرجع سابؽ ٔٓٚ/ٜ
ٗ
المحمى البف حزـ مرجع سابؽ ٗٔ٘ /ٜ
253 نطام احلكم يف االسالم
جميور الفقياء القائميف باف القاضي ال يجوز لو اف يحكـ ألصولو او فروعو لقوة
أدلتيـ وأيضا لتنزيو القضاء عف مواطف الشبيات الف رابطة القرابة مف شأنيا
التأثير فى القاضي واخراجو عف حياده أما إذا حكـ القاضي عمى أصولو او
فروعو فيذا الحكـ وارى اف القاضي يمتنع عميو نظر اى نزاع يكوف احد أصولو
او فروعو طرفا فيو سواء حكـ ليـ او عمييـ وذلؾ لوجود التيمة ثابتة فى حقو ,
ليذا وذاؾ أرى أف القاضي ال يحؽ لو نظر اى نزاع يكوف أحد أصولو او فروعو
طرفا فيو حماية لنصب القضاء مف القيؿ والقاؿ باعتباره رمز العدالة .
254 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الرابع
عمـ القاضي المسبؽ بالنزاع
القاضى باعتباره فردا مف أفراد المجتمع ال يستطيع أف يعيش فى عزلة مف
الناس وقد يحد إمامو نزاع فى غير مجمس القضاء ويعمـ جانب الحؽ فيو ,فيؿ
يجوز لو اذا رفع اليو ىذا النزاع ليفصؿ فيو أف يحكـ فيو بعممو دوف بيئة أ اقرار
؟ أـ ال يقضى اال بالبينة اواإلقرار.
فقد اختمؼ الفقياء فى حكـ القاض بعممو إلى ثبلثة مذاىب :
المذىب األوؿ :
ذىب المالكية فى المشيور عندىـ وىو قوؿ لئلماـ مالؾ – رضى اهلل عنو
(ٔ )
والقوؿ المفتى بو فى المذىب – وأكثر أصحابو وظاىر مذىب الحنابمة
(ٕ)
إلى أف القاضي ال يجوز أف يحكـ بعممو مطمقا فبل يحكـ إال الحنفي
بالبينة أو اإلقرار ,سواء كاف موضوع النزاع حقا هلل تعالى كالزنا والشرب وغير
ذلؾ أو حقا آلدمي كالمعامبلت وغيرىا .
المذىب الثانى :
(ٗ) (ٖ)
إلى أف القاضي يجوز ورواية لئلماـ أحمد ذىب ابف حزـ الظاىرى
لو أف يحكـ بعممو مطمقا سواء كاف المحكوـ فيو حقا هلل تعالى أو حقا آلدمى
ــــــــ ـ
ٔ
الشرح الكبير مرجع سابؽ ٗ ,ٔ٘ٛ/جواىر االكميؿ شرح مختصر خميؿ لمشيخ صالح عبد المسيح االبى
االزىرى جػٕ ص ٖٕٓ المتفؽ شرح المؤطا لمباجى مرجع سابؽ ٘.ٔٛٙ /
ٕ
المفتى مرجع سابؽ , ٖ٘/ٜالطرؽ الحكمية البف اليتـ جػ ٜٗٔ
ٖ
المحمى البف حزـ مرجع سابؽ .ٕٗٙ/ٜ
ٗ
المعنى السابؽ نفس الصحيفة
255 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
المحمى مرجع سابؽ ٗٗٙ/ٜ
ٕ
حاشيو ابف عابديف مرجع سابؽ ٗ.ٖ٘٘/
ٖ
مفتى المحتاج مرجع سابؽ ٗ , ٖٜٛ/نياية المحتاج مرجع سابؽ ٕٙٓ/ٛ
ٗ
بدائع الصنائع – مرجع سابؽ ٕ ٙ,ٚ/مجمع االنير ,مرجع سابؽ
٘
قميوبى وعميرة مرجع سابؽ ٗ , ٖٓٗ/نياية المحتاج ٕٜ٘/ٛ .
256 نطام احلكم يف االسالم
ثَ َم ِان َ
(ٔ)
يف َج ْم َدة "
وجو الداللة مف اآلية الكريمة :
أف اهلل – سبحانو وتعالى – أمر بجمد القاذؼ اذا لـ يأت بأربعة شيداء ,
حتى ولو كاف القاضى يعمـ صدقو ,فدؿ ذلؾ عمى أف القاضى ال يجوز أف
يقضى بعممو)ٕ(.
ثانيا السنة :
أ -ما روتو أـ سممة -رضى اهلل عنيا – أف النبى – صمى اهلل عميو
وسمـ -قاؿ ( إنكـ تختصموف الى ولعؿ بعضكـ أف يكوف ألحف بحجتو مف
بعض فاقض لو عمى نحو ما اسمع منو فمف قطعت لو مف حؽ أخيو شيئا فبل
يأخذه فإنما اقطع لو بو قطعة مف النار(ٖ) .
وجو الداللة مف الحديث الشريؼ
أف الرسوؿ –))(( -كما يقضى بنحو ما يسمع مف حجج الخصوـ ولـ
(ٗ)
يقضى بعممو فدؿ ذلؾ عمى اف القاضي ال يجوز لو أف يحكـ بعممو
ب -عف األشعث بف قيس قاؿ :كاف بيف وبيف رجؿ خصومة فى بئر فاختصما
(٘)
إلى رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ فقاؿ عميو السبلـ بينتؾ أو يمينو
وجو الداللة مف الحديث الشريؼ :
ــــــــ ـ
ٔ
جزء مف االية ٗ سورة النور
ٕ
المنتقى شرح المعطا لمياجى مرجع سابؽ ٘ٔٛٙ/
ٖ
متفؽ عميو – انظر سبؿ السبلـ مرجع سابؽ ٗ. ٜٔٚ/
ٗ
المفتى مرجع سابؽ .٘ٗ/ٜ
٘
صحيح البخارى .مرجع سابؽ جػ ٔٔ ص ٘٘.ٛ
257 نطام احلكم يف االسالم
أف الرسوؿ – صمى اهلل عميو وسمـ – جعؿ اإلثبات لممدعى عف طريؽ
البيئة فى قولو شاىداؾ فدؿ ذلؾ عمى أف عمـ القاضي ليس مف طرؽ اإلثبات
جػ -ما روتو السيدة عائشة – رضى اهلل عنيا – أف النبي صمى اهلل عميو
وسمـ فأتوا النبى – صمى اهلل عميو وسمـ – فقالوا :القود يا رسوؿ اهلل فقاؿ لكـ
كذا وكذا فمـ يرضوا فقاؿ :لكـ كذا وكذا فرضوا فقاؿ انى خاطب عمى الناس
ومخبرىـ برضاكـ ؟ قالوا نعـ فخطب فقاؿ :أف ىؤالء الذيف أتونى يريدوف القود
عرضت عمييـ كذا وكذا فرضوا أرضيتـ ؟ قؿ العنيـ المياجروف بيـ فأمرىـ .
رسوؿ اهلل – صمى اهلل عميو وسمـ – أف يكفوا عنيـ فكفوا ثـ دعاىـ فزادىـ
فقاؿ :أفرضيتـ ؟ نعـ قاؿ :انى خاطب عمى الناس ومخبرىـ برضاكـ :قالوا
نعـ ,فخطب فقاؿ :أرضيتـ فقالوا نعـ .
ثالثا :مف اآلثار :
أ -أف أبا بكر الصديؽ – رضى اهلل عنو – قاؿ لو رأيت حدا عمى رجؿ لـ
آخذه حتى تقوـ البينة (ٔ) .
ب -ترافع الى القاضي شريح خصماف فقاؿ لممدعى ألؾ بينة فقاؿ أنت
(ٕ)
شاىدى فقاؿ شريح أتى األمير حتى أحضر فأشيد لؾ
جػ أف عمر بف الخطاب رضى اهلل عنو تراعى عنده رجبلف فقاؿ لو أحدىما
أنت شاىدى فقاؿ عمر إف شئتما شيدت ولـ أحكـ أو أحكـ وال أشيد (ٖ).
ــــــــ ـ
ٔ
رواه الخمسة اال الترمذى ,انظر نيؿ االوطار لمشوكانى مرجع سابؽ ٖٕٖ /ٛ
ٕ
فتح البارى بشرح صحيح مرجع سابؽ ٖٔ٘ٛ/
ٖ
المغنى البف قدامة مرجع سابؽ ٘٘/ٜ
258 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
جزء مف االية ٖٓٔ سورة النساء
ٕ
المحمى مرجع سابؽ ٕٜٗ/ٜ
ٖ
د/رمضاف حافظ القضاء فى االسبلـ ص ٗٙمذكرات عمى االستسؿ بطمبة الدرسات العميا بكمية الشريعة
ٜٕٔٛ -
259 نطام احلكم يف االسالم
عمى ذلؾ فقد عصى رسوؿ اهلل – صمى اهلل عميو وسمـ– ففرضا عميو أف يغير
(ٔ)
كؿ عممو بيو وأف يعطى كؿ ذى حؽ حقو واال فيو ظالـ .
ب -ما روتو السيدة عائشة –رضى اهلل عنيا – قالت دخمت ىند بنت عتبة
امرأة بف سفياف عمى رسوؿ اهلل –صمى اهلل عميو وسمـ -فقالت يا رسوؿ اهلل إف
أبى سفياف رجؿ شحيح وال يعطيني مف النفقة ما يكفيني ويكفى ابني إال ما
أخذت مف مالو بغير عممو فيؿ فى ذلؾ مف جناح ؟ فقاؿ رسوؿ اهلل –صمى اهلل
(ٕ)
عميو وسمـ – خذي مف مالو بالمعروؼ ما يكفيكى ويكفي بنيؾ
وجو الداللة مف ىذا الحديث :
أف الرسوؿ -صمى اهلل عميو وسمـ -حكـ ليند مف غير بينة لعممو
بصدقيا وىذا حكـ بالعمـ مما يدؿ عمى جوازه (ٖ) .
أدلة المذىب الثالػث
استدؿ فقياء ىذا المذىب القائميف بأف القاضي يحكـ بعممو فى حقوؽ
العباد وال يحكـ بعممو فى حقوؽ اهلل باألدلة اآلتية :
أوال :بالنسبة لجواز حكـ القاضى بعممو فى حقوؽ العباد فقد استدلوا
باألدلة التى ذكرىا فقياء المذىب الثاني الدالة عمى الجواز .
ثانيا :بالنسبة لعدـ جواز حكـ القاضي بعممو فى حقوؽ اهلل فقد
استدلوا باألدلة التى ذكرىا فقياء المذىب األوؿ عمى عدـ الجواز وأضافوا
دليبل مف المعقوؿ مفاده.
ــــــــ ـ
ٔ
صحيح مسمـ شرح النووى عميف مرجع سابؽ ٕٕٕ/
ٕ
صحيح البخارى مرجع سابؽ ٖٔ. ٔٚٔ/
ٖ
المغنى البف القداـ .٘ٗ,٘٘/ٜ
261 نطام احلكم يف االسالم
أف القاضي يجوز لو القضاء بالبينة ,فيجوز القضاء بعممو بطريؽ األولى وىنا
ألف المقصود مف البينة ليست عينيا ,بؿ المقصود حصوؿ العمـ بحكـ الحادثة
وعممو الحاصؿ بالمعاينة أقوى مف عممو الحاصؿ بالشيادة ,ألف الحاصؿ
بالشيادة عمـ غالب الرأى وأكثر الظف والحاصؿ بالمشاىدة عمـ القطع واليقيف
فكاف ىذا أثرى فكاف القضاء بو أولى ,اال أنو ال يقض بو فى الحدود الخالصة
ألف الحدود يحتاط فى درئيا وليس مف االحتياط فييا االكتفاء بعمـ نفسو ,
(ٔ)
والحدود تد أر بالشبيات
الػرأى الراجػح
ما أراه أولى بالرجحاف ىو ما ذىب اليو فقياء المذىب األوؿ القائميف بأف
القاضي ال يجوز لو أف يحكـ بعممو مطمقا سواء كاف المحكوـ فيو حقا هلل أو
حقا آلدمي وذلؾ لما يأتي :
ب -أف القوؿ بالمنع مطمقا أنفى لمتيمة وفيو سدا لمذرائع فمو فتح الباب
فى ىذا الزماف لتذرع كثير مف القضاء فقتموا األبرياء لحجة أنيـ رأوىـ يقتموف
ويفرقوف بيف المرء وزوجو بحجة أنيـ سمعوا طبلؽ زوجتو وىذا ىو عيف الفساد
والضرر (ٕ) .
ــــــــ ـ
ٔ
بدائع الصنائع مرجع سابؽ ,ٚ/ٚالمجموع مرجع سابؽ ٖٜٛ/ٔٛ
ٕ
حاشية ابف عابديف .مرجع سابؽ ٗ. ٖ٘٘/
261 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الخامس
االفتاء
قبؿ أف نبيف آراء الفقياء فى حكـ إفتاء القاضي يجدر بنا أوال أف
نبيف حقيقة االفتاء فى المغة واالصطبلح .
أوال :اإلفتاء فى المغة -:
ىو ما أفتى بو الفقيو يقاؿ :أفتاه فى األمر أباف لو ومنو أفتى العالـ اذا
بيف الحكـ (ٔ) .
ثانيا :اإلفتاء فى االصطالح الفقياء :
ىو اإلخبار عف حكـ الشرع ال عمى سبيؿ اإللزاـ (ٕ) .
آراء الفقياء فى حكـ إفتاء القاضي:
اتفؽ الفقياء (ٖ) عمى أف القاضي يجوز لو أف يفتى فى غير المسائؿ التى
تكوف محبل لمخصومات كالعبادات وغيرىا ولكنيـ اختمفوا فى حكـ إفتائو فى
المسائؿ التى تكوف محبل لمخصومات الى مذىبيف .
المذىب األوؿ :
() ٙ (٘ ) (ٗ )
والمشيور عند والشافعية وقوؿ عند المالكية ذىب الحنفية
ــــــــ ـ
ٔ
القاموس المحيط – مرجع سابؽ ٗ ٖٖٚ/المصياح المنير – مرجع سابؽ ٕ.ٖٕٙ/
ٕ
مفتى المحتاج .مرجع سابؽ ٗ , ٖٕٚ/فتح التقدير .مرجع سابؽ
ٖ
حاشية ابف عابديف .مرجع سابؽ ٗ ٕٖٓ/المواىب .مرجع سابؽ ,ٜٜٔ/ٙالمبدع مرجع سابؽ ٕٓٔ٘/
االحكاـ السمطانية لمماوردى مرجع سابؽ ٛٙ/ٔٙ
ٗ
حاشية ابف عابديف مرجع سابؽ ٗ , ٕٖٓ/المسبوط .مرجع سابؽ ٛٙ/ٔٙ
٘
المواىب .مرجع سابؽ ٜٔٔ/ٙ
ٙ
االحكاـ السمطانية .لممارودى مرجع سابؽ ص ٓٙ
262 نطام احلكم يف االسالم
الحنابمة (ٔ) إلى أف القاضي يجوز لو أف يفتى فى مسائؿ الخصومة وغيرىا متى
طمب منو ذلؾ.
المذىب الثاني :
(ٖ) (ٕ)
وقوؿ عند فى المشيور عندىـ وقوؿ عند الحنفية ذىب المالكية
(ٗ)
إلى أف القاضي ال يجوز لو أف يفتى فى المسائؿ التى تكوف الحنابمة
محبل لمخصومات.
أدلة المذىب األوؿ :
استدؿ القائموف بأف القاضي يجوزأف يفتى فى جميع المسائؿ بالسنة والمعقوؿ .
أوال :السنة :
أف الرسوؿ – صمى اهلل عميو وسمـ – ومف بعده الخمفاء الراشديف كانوا
يحكموف بيف الناس فى خصوماتيـ وفى الوقت نفسو كانوا يفتوف الناس فى
(٘)
. نوازليـ
مناقشة ىذا الدليؿ :أف الرسوؿ -صمى اهلل عميو وسمـ – ومف بعده الخمفاء
الراشديف متصفوف بالعدالة المطمقة ظاىرة وباطنو و ليذا كاف ال يخشى منيـ
الحيؼ والجور سواء أفتوا أو حكموا .
ــــــــ ـ
ٔ
المبدع .سبقت االشارة اليو ٓٔ , ٕ٘/المغنى السابؽ ٖٕٔ/ٜ
ٕ
الشرح الكبير لمدلردير .مرجع سابؽ ٖٜٗٔ/
ٖ
معيف الحكاـ – مرجع سابؽ ص ٜٔ
ٗ
اعبلـ الموقعيف – مرجع سابؽ ٕٕٗٔ/
٘
مواىب الجميؿ – مرجع سابؽ , ٜٔٔ/ٙالمسيوط مرجع سابؽ ٛٙ/ٔٙ
263 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
اعبلـ الموقعيف البف القيـ مرجع سابؽ ٗ. ٕٔٔ/
ٕ
شرح كتاب النيؿ وشفاء العميؿ لمعبلمة – محمد بف يوسؼ اطيش ٖٔ .ٚٔ/مطبوع مع كتاب النيؿ وشفاء
العميؿ ط الثالثة ٓٓٗٔ ىػ ٜٔٛ٘ -ـ.
ٖ
د -عبد الرحمف عبد القادر اىمية القضاء ونزاىتو مرجع سابؽ ص ٘.ٚ
ٗ
المغنى البف قداـ مرجع سابؽ .ٖٕٔ /ٜ
264 نطام احلكم يف االسالم
المطمب السادس
الغضب
الفقياء متفقوف عمى أف القاضى يمتنع مف نظر الخصومات فى حالة الغضب
إال أنيـ اختمفوا فى بياف المراد بالمنع ىؿ ىو لمحرمو أـ لمكراىة إلى مذىبيف :
المذىب األوؿ :
ذىب جميور الفقياء مف الحنفية والشافعية إلى أف المراد بالمنح الكراىة
وليس التحريـ وبناء عمى ىذا فإنو يكره لمقاضى أف يحكـ وىو غضباف أو
موصوؼ بأى وصؼ مف األوصاؼ التى قيست عمى الغضب ولكف إذا حكـ
وىو ممتبس بأى أمر مف ىذه األمور فإنو حكمو صحيح وال ينقضى ماداـ موافقاً
(ٔ)
لمحؽ
المذىب الثانى :
ذىب الحنابمة وابف حزـ الظاىرى إلى أف المراد بالمنح التحريـ وليس الكراىة مف
(ٕ)
ثـ فيحرـ عمى القاضى فى ىذه الحالة يكوف حكمو باطبلً
أدلة المذىب األوؿ :
استدؿ جميور الفقياء القائميف بأف المراد بالمنع الكراىة بالسنة :
ٔ – مارواه أبى بكره عف أبيو أنو كتب إليو قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل
(ٖ)
عميو وسمـ ( :اليحكـ أحد بيف اثنيف وىو غضباف )
ــــــــ ـ
ٔ
انظر فى ذلؾ ماسبؽ أف سقنا مف مراجع مذىبية .
ٕ
انظر ما أوردناه فى ىذا الموضوع مف مراجع ونصوص سابقة .
ٖ
صحيح مسمـ يشرح النووى ٕٔ ٔ٘/ط الثانيو ٖٜٕٔ ,ىػ ػ ٕٜٔٚـ ,صحيح البخارى ,مرجع سابؽ ,
ٖٔ , ٖٔٙ/مسند االماـ الشافعى ص . ٖٚٛ
266 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
نيؿ األنصار لمشوكانى . ٖٓٛ / ٛ
ٕ
معيف الحكاـ ,مرجع سابؽ ,ص٘ٔ .
267 نطام احلكم يف االسالم
المطمب السابع
اليدية
(ٔ )
الشريعة عمى أف القاضى يحرـ عميو قبوؿ ىدية مف أحد اتفؽ فقياء
الخصميف أو مف كمييما ,ألف قبوليا يؤدى إلى الشؾ فى نزاىتو فإذا ثبت أنو
قبؿ ىدية مف أحد الخصوـ أو مف كمييما فإنو يكوف غير صالح لنظر الدعوى ,
فالتى يكوف فييا الميدى طرفاً وعمو ذلؾ كما يقوؿ الفقياء أف اليدية تطفئ دور
الحكمة ,كما أنيا تورث إذالؿ الميدى إليو إلرضاء الميدى (ٕ) وفى ذلؾ ضرر
عمى القاضى ودخوؿ لمفساد عميو ,ىذا فضبلً عمى أف اليدية يقصد بيا الخصـ
فى الغالب استحالة قمب القاضي ليعتني بو فى الحكـ فتشبو الرشوة (ٖ) فبل يجوز
لمف تقمد القضاء أف يقبؿ ىديو مف أىؿ عممو لـ تجرعا عادتو بمياداتو سواء
(ٗ)
كاف خصما أو غيره ألنو قد يستعد بو فيما بعد "
األدلة :
استدؿ فقياء الشريعة عمى منع القاضي مف قبوؿ اليدية مف الخصـ باألدلة
اآلتية :
ــــــــ ـ
ٔ
المبسوط الرضى , ٕٛ /ٔٙمعيف الحكاـ لمطرابمس ص , ٔٙاليداية شرح بداية المتيدى ٖ, ٖٔٓ/
مواىب الجميؿ لمخطاب ٕٔٓ/ٙالشرح الكبير لمدردير ٗ , ٔٗٓ/تبصرة الحكاـ البف مزموف ٔ, ٕٜ/
األحكاـ السمطانية لمماوردى ,ص ٙٛػ حاشيتا قمبوى وعميره ٗ , ٖٖٓ/المجوع شرح الميذب
ٖٙٙ/ٔٛالمغنى البف قدامو , ٚٚ/ٜاالحكاـ السمطانية البف يعمف الفراء ص , ٚٙاالقناع لمحجارى
ٗ. ٖٛٔ/
ٕ
معيف الحكاـ ص , ٔٙتبصرة الحكاـ ,مرجع سابؽ . ٕٜ/ٔ ,
ٖ
المغنى البف قدامو ,مرجع سابؽ . ٜٚ/ٜ ,
ٗ
األحكاـ السمطانيو البف يعمى القراء مرجع سابؽ ص . ٚٙ
268 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
صحيح البخارى شرح الفتح عميو ,مرجع سابؽ , ٔٙٗ/ٖٔ ,السسف الكبرى لمبيصقى ٓٔ ٖٔٛ /ط
األولى ٖٔ٘ٙ ,ىػ .
269 نطام احلكم يف االسالم
قضاء فعبل كما تفصؿ الرجؿ مف سائر الجذور ,فقضى عميو عمر وكتب إلى
(ٔ)
عمالو قائبلً :أال أف اليدايا عف الرشا فبل تقبمف مف أحد ىديو
ٕ – استعمؿ عمر بف الخطاب رضى اهلل عنو أبا ىريرة رضى اهلل عنو
فقدـ بماؿ وقاؿ لو عمر مف أيف لؾ ىذا قاؿ ابو ىريرة أنجبت الخيوؿ وتبلحقت
اليدايا ,قاؿ عمر أى عدو اهلل ىبل قعده فى بيتؾ تنظر أييدى اليؾ لـ ال ,
(ٕ)
فأخذ ذلؾ منو وجعمو فى بيت الماؿ
ٗ -رد عمر بف عبدالعزيز ػ رضى اهلل عنو ػ اليدية فقيؿ لو كاف النبى ػ
صمى اهلل عميو وسمـ ػ يقبميا ,فقاؿ :كانت لو ىديو ولنا رشوة ,ألنو كاف
(ٖ)
يتقرب إليو لنبوتو ال لواليتو ونحف يتقرب بيا إلينا لواليتنا
٘ – قاؿ مسروؽ ػ رحمو اهلل ػ إذا قبؿ القاضى اليدية أكؿ السحت واذا قبؿ
(ٗ) .
الرشوة بمغت بو الكفر
ثالثاً :المعقوؿ :
أف الخصـ لـ يقصد مف تقديـ اليدية إلى القاضي إال ىدفاً واحداً وىو
إعانتو عمى خصمو بالباطؿ ألنو لو كاف عمى حؽ فيما يدعيو ما قدـ ىديو إلى
القاضى .
وبناء عمى ما تقدـ ذكره مف أدلة يتضح لنا أف القاضى إذا قبؿ ىديو مف
أحد الخصوـ أو مف كمييما فإنو يكوف غير أىؿ لنظر دعواتيـ .
ــــــــ ـ
ٔ
أخبار القضاء لوكيع ٔ. ٘ٙ/
ٕ
المبسوط لمسرجى ,مرجع سابؽ . ٕٛ/ٔٙ
ٖ
تبصرة الحكاـ السابؽ ,نفس الصحيفة .
ٗ المغنى البف قدامة ,مرجع سابؽ . ٚٚ / ٜ ,
271 نطام احلكم يف االسالم
المطمب الثامف
العداوة
نظ اًر لما تحممو العداوة بيف الناس مف كراىية وبغضاء مما يجعؿ القاضى
متحامبلً عمى عدوه إذا كاف لو نزاع معروض عميو ليفصؿ فيو فقد ذىب جميور
(ٗ)
الفقياء مف الحنفية فى قوؿ (ٔ) والمالكية (ٕ) والشافعية (ٖ) والراجح عند الحنابمة
والشيعة االمامية (٘) إلى أف القاضى ال يجوز لو أف يحكـ عمى عدوه ,وأف حكـ
فحكمو غير صحيح .
المذىب الثانى :
()ٚ
ذىب الحنفية فى القوؿ الثاني ( )ٙوالماوردى مف الشافعية
وورد عند الحنابمة ( )ٛوابف حزـ الظاىرى ( )ٜإلى أف القاضي يجوز لو أف
يحكـ عمى عدوه ,إال أف الحنيفة اشترطوا لجواز حكـ القاضى عمى عدوه
العدالة أما إذا فسؽ القاضى بعداوتو فبل يجوز حكمو ,كما أف ابف حزـ اشترط
أيضاً فى القاضى حتى يقبؿ حكمو عمى عدوه أال تخرجو عداوتو إلى ما ال يحؿ
ــــــــ ـ
ٔ
حاشية ابف عابديف ,مرجع سابؽ , ٖٓٔ/ٗ ,مجمع األنير ٕ. ٜٔٛ/ٜٔٚ/
ٕ
الشرح الكبير لمدردير ,مرجع سابؽ , ٕٔ٘/ٗ ,مواىب الجميؿ ,مرجع سابؽ . ٖٔٗ/ٙ ,
ٖ
أدب القاضى البف أبى الدـ ,مرجع سابؽ , ٔٙٓ ,مغنى المحتاج ,مرجع سابؽ . ٕٗ٘/ٗ ,
ٗ
شرح منتيى االرادات ,مرجع سابؽ , ٕٗٚ/ٖ ,كشاؼ القناع ,مرجع سابؽ . ٖٕٓ/ٙ ,
٘
شرائع االسبلـ ,مرجع سابؽ . ٕٓٙ/ٕ ,
ٙ
لشاف الحكاـ ,مرجع سابؽ ,ص ٖٕٗ ,معيف الحكاـ ,مرجع سابؽ ,ص. ٖٙ
ٚ
األحكاـ السمطانية لمماوردى ,مرجع سابؽ ,ص . ٙٛ
ٛ
االحكاـ السمطانية البى ميمى ,مرجع سابؽ ,ص . ٚٙ
ٜ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ . ٗٔٛ/ٜ ,
271 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ٔ
يقوؿ صاحب نيؿ األرطار ىذا الحديث ليس لو اسناد صحيح ولكف لو طرؽ كثيرة يقوؿ بعضيا بعا ,انظر
انظر نيؿ األمطار لمشوكانى . ٖٕٛ/ٛ
ٕ
األحكاـ السمطانية السابقة نفس الصحة ,مغنى المحتاج ,مرجع سابؽ , ٖٗ٘/ٗ ,الشرح الكبير لمدردير
ٗ , ٕٔ٘/ماشبو ابف عابديف ,مرجع سابؽ . ٖٓٓ/ٗ ,
ٖ
رواه أحمد وأبوداوود نيؿ األوطار الشوكانى جٛص. ٕٕٛ ,ٕٕٚ
ٗ
المحمى البف حزـ ,مرجع سابؽ . ٜٗٔ/ٜ ,
272 نطام احلكم يف االسالم
لو ,ألف نظر النزاع قد يطوؿ وال ندرى ىؿ سيحكـ القاضى لعدوه أـ عميو ,فقد
يحكـ عميو فيكوف حكمو غير نافذ وبالتالى ينظر النزاع مف جديد عند قاضى
آخر وقد يحكـ لو فيتيـ بعدـ الحكـ بكؿ المدعى ليذا فإف القاضى مف البداية
يمتنع مف نظر النزاع الذى يكوف أحد أطرافو عدواً لو .
274 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
( )1ـ ل امة ـ م أإ ـ ــل الب ـ ن ( امة ة ــن ال جت ــوز إال ي ــى اب ....اشال ــب امن ــقم احلم ي ــن اشب ــص ...ف ــمح
إت ـ ن اشع ـن ضـب :أةـوال ادل ـلمْب ،ـإن ـب شـه ـلش أ ـ اشيىيأن لـم األ كـ م يـمن اش الف ـل اش قـو
احل ـ اشأق ـ ةــل لم ـ ء ادل ــلمْب ثق ـ هتم ...ـ ز شــه دش ـ ) .ب ـ اشوا ـ ــل ب ـ اشأنيــن ــل احل ـ ث اش م م ـ ن
ا ق ـ أ امة ـ م ادلبج ـ ا ــل الب ـ .أا ادلأى،ــن .ــّب ت .ص ن 315ـ أإ ـ ا ــل الب ـ ن اشأق ـ ة .ايــن أ كــى
اخلــقل .أا بــن أةيــق .ط 1418 . 1 /ـ ـ حتق ــق /ب ـ اشأنيــن ــن اش ـ يل اش ـّبا ان .ص ن . 124ـ ل
األ ــأى ( ثب ــص إة ةــن ل ـ أ ـ ثم ـ ن أق ـ ةــل ق ـ شــه ةــل اشةــم ن ةــل أ ـ احل ـ اشأق ـ ) .
مـ مسـ م ا ـل جـى اذل مـ .أ ـ احلـ يىا ـا أ ـو احل ـل األ ـأى .ام نـن ـل أيـول اش ي نـن .صن.251
اشأق ،أال ة حت ث ل يق،ن أ كى ـ ل ر إن األةـى مب مبـ ت ـى ضـو و ال ـل ةـل أ ـ احلـ اشأقـ ر
يىا ــا شـ ــه اشةـ ـوا ق ايى ـ ــن 41 / 1 .م ـ ـ د ـ ــى ــلا ادلة ــعلح أ اأ ــه نف ــس ادلأ ــُب ىف ةواض ــا أي ــى ةالب ـ ـ
يثه ل ف ن اي ئ س لا اشلفمح دش ال . 628 / 2 349/1 339/1م أالق ل بم اآلة
اش شـن ـث ـ ل ن ر ـ اشوا ـ ةـل أ ـ احلـ اشأقـ االثالـ ن ـ ف ىف االنأقـ أ ـوب اشع ـن االنق ـ أ ر .لـ
ــل أ ل ـ ــل زلم ـ ــل ن ـ اآلة ـ .غ ي ــن ادل ـىام ىف ل ــم اشك ــقم .اشال ــى/اجمللس األ ل ـ شلي ـ ون امن ــقة ن.
اشق ىة 1391ـ حتق ق /ل زلموأ ب اشلع ف ص ن . 381ىف نفس ادلأُب اشلفمح تقىيب ً يىا ـا ن ضـ
اش ـ يل ب ـ اشــىإل ــل أإ ـ امجي ـ .ـ ب ادلوا ــف .أا اجل ـ .ــّب ت .ط 1977 . 1 /م .حتق ــق أ /ب ـ
اشــىإل مــّبة . 591 / 3 .يىا ــا ىف ان ـ أم ل ةةــعلح ( أ ـ احل ـ اشأق ـ ) أ ــو كــى اشب ـ ق ن دتب ـ األ ائ ـ
ص ن 468ـ ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين ن . 226 / 8
( )2ادل أ ن األ ك م اش لع ن ن .ص ن . 17
275 نطام احلكم يف االسالم
وال نستطيع أف نعرؼ ػ بصورة قاطعػة ػ مصػدر ىػذا المصػطمح ( أىػؿ الحػؿ
والعقد ) وال أوؿ مف استعممو أو أطمقو(ٔ) .
ويبلحػظ أف مػدلوؿ أىػؿ الحػؿ والعقػد " أو أىػؿ االختيػار " أوسػع مػف مػػدلوؿ
المجتيػػديف أو أىػػؿ االجتيػػاد(ٕ) ,إذ يتطمػػب تػوافر شػػروط أشػػد فػػى المجتيػػد مػػف
الشروط المتطمبة فى أىؿ الحؿ والعقد ,وذلؾ ألف وظيفة المجتيد األساسية ىى
استنباط األحكاـ الشرعية مف أدلتيا التفصيمية مع إمكانية إسناد ميمة أىؿ الحػؿ
والعقػػد(ٖ) إليػػو ,أمػػا إذا لػػـ تت ػوافر شػػروط االجتيػػاد فػػى جميػػع ىيئػػة أىػػؿ الحػػؿ
والعقػػد ,فػ إف وظيفتيػػا تقتصػػر عمػػى الميػػاـ السياسػػية فقػػط ولػػيس ليػػـ التػػدخؿ فػػى
األمور التشريعية ,ومف ثـ فإف كػؿ مجتيػد ىػو مػف أىػؿ الحػؿ والعقػد ,والعكػس
غير صحيح(ٗ) .
ــــــــ ـ
( )1أ/و ـ ،ى اشق ـ مس .نم ـ م احلكــم ىف اشي ـىيأن اش ـ يخ امنــقة احل ـ ة اش ن ـ و ين .أا اشالف ـ ئس .ط1974/م اشك ـ ب
األ ل .ص ن . 232
( )2ل اش بك ر ا لم أن م ل تبن اال ب أ ت و ف ل ثقثن أ ـ ء أحدها ن اش ـ ش ف ىف اشألـوم اشـٌب ي بـلب نـ
اشل ل شأى ن أيول اشفقـه ةـ حي ـ ج إش ـه ةـل اشألـوم ىف يـ نن اشـل ل ةـل اخلعـ .حب ـث تةـّب ـلو اشألـوم ةلكـن
اشي ـ ص ،ــإدا داك يثــق فبمــه ش ـ الالت األشف ـ ظ ةــل ــث ـ ـ حتىيــىو تةــم ح= = األأشــن ةــل ،ن ـ ....
والثــا ن ام اــن مبأمــم وا ـ اشيـىيأن ــٌب يأــىف أن اشـ ش اشــل يالمــى ،ــه سلـ شف ذلـ أ ةوا،ــق الثال ـ ن أن
يكون شه ةاله ادلم نن اش بـا شلمق يـ اشيـىيأن ةـ يك ـبه ـوة يفبـم ةالبـ ةـىاأ اشيـىع ةـل دشـ ةـ يال نـب أن يكـون
كمـ ً شــه ىف دشـ ايـ إن يةــىح ــه ر يىا ــا ىف دشـ لـ ــل بـ اشكـ ىف اش ــبك ن امنـ ج ىف ــىح ادلالبـ ج
ل ةالب ج اشويول إىل لم األيول شلب ض .أا اشك ب اشألم ن ّ .ب ت .ط 1414 . 1/ـ 8 /ـ أإـ ـل
ب اشى م اش لو .ق اجل ىف أ ك م اال ب أ اش قل .ادلعبأن اش لف ن .اشق ىة 1385 .ـ حتق ـق /زلـب
اش يل اخلع ب .ص ن 17ة أ .يىا ـا ىف ـى ط اال بـ أ .بـ اشقـ أ ـل ـ ان اش ةيـق ن ادلـ ي إىل
ةــل ب امة ـ م أإ ـ ــل الب ـ ة ن ــن اشىن ـ شن .ــّب ت .ط 1411 2/ـ ـ .حتق ــق أ /ب ـ اهلل ــل ب ـ اجمل ـ
اشَب .ص ن 371ة أ .
اي ئ س اش شن يىا ا ادل أ ناأل ك م اش لع ن ن صن. 17 ( ) 3ادلبمن اشىئ ن أل احل اشأق
( )4أ/نل م ن اشعم ن اش عو اش ني ىف اجمل ما ادلةى .أا اشفكى اشأى 1961 .م .ص ن . 59
276 نطام احلكم يف االسالم
قاؿ الغزالى " :كؿ مجتيد مقبوؿ الفتوى فيو أىؿ الحؿ والعقد قطعاً "(ٔ) .
ويستنتج مػف أقػواؿ الفقيػاء أف أىػؿ الحػؿ والعقػد " أىػؿ االختيػار " وىػى ُ
الييئػػة الت ػػى يتحػػدث عني ػػا فػػى ب ػػاب اإلمام ػػة والتػػى أس ػػند إلييػػا الم ػػاوردى ميم ػػة
اختيار رئيس الدولة ,واشػترط فػييـ العدالػة الجامعػة لشػروطيا(ٕ) ,والعمػـ الػذى
يتوصػػؿ بػػو إلػػى معرفػػة مػػف يسػػتحؽ اإلمامػػة عمػػى الشػػروط المعتب ػرة فييػػا(ٖ) ,
والػرأى والحكمػػة المؤديػػاف إلػػى اختيػػار مػػف ىػػو لئلمامػػة أصػػمح وبتػػدبير المصػػالح
أق ػػوـ وأع ػػرؼ(ٗ) ,ى ػػذه الييئ ػػة تختم ػػؼ ع ػػف ىيئ ػػة المجتي ػػديف الت ػػى ُيس ػػند إليي ػػا
استنباط األحكاـ الشرعية مف أدلتيا التفصيمية .
ويمكف أف نطمؽ عمى الييئة األولػى ( أىػؿ الحػؿ والعقػد أو أىػؿ االختيػار )
الييئة السياسية أو مجمس الشورى ,أما الييئة الثانية ( ىيئة المجتيػديف ) يمكػف
أف نطمػػؽ عمييػػا الييئػػة التش ػريعية أو المجمػػس التش ػريعى ,وتكػػوف ميمػػة الييئػػة
األولػػى ميمػػة سياسػػية فقػػط ,تتمثػػؿ فػػى تقػػديـ النصػػح والمشػػورة لمسػػمطة الحاكمػػة
ــــــــ ـ
( ) 1أ و ة زلم ل زلم اشغناىلن ادل ةف ىف لم األيول .أا اشك ب اشألم ـن .ـّب ت .ط 1413 1 /ـ .حتق ـق
/زلم ب اش قم ب اشي ىف .ص ن . 143
( )2اشأ اشن ادلأ ربة .أن يكون ي أق اشلبجن و ى األة نن ف ف ً ل اي م ة و ً ادلآ .أ ل اشىيـب ة ةونـ ً ىف
اشىض اشغضب ة أمقً دلى ءة ةثله ىف أياله أن و .يىا ا ادل أ أ ن األ ك م اش لع ن ن ن . 129
( )3ا ــَبط ادل ـ أ ىف أ ـ امة ةــن أ ئ ـ س اش شــن نــبأن ــى ط اشأ اشــن ل ـ ــى اب اجل ةأــن اشألــم ادل ـ أ إىل
اال ب ـ أ ىف اشال ـوازل األ ك ـ م نــقةن احل ـواب ةــل اش ــما اشبةــى اشل ـ ن ش ةــح ةأب ـ ةب ــىة ة ـ ي ـ ك ن ـ .
نــقةن األ ض ـ ء ة ــل نق ــص ديال ــا ةــل ان ـ ف ء احلى ــن ن ــى ن اشالب ــوض اش ـىأ ادلفض ـ إىل ن ن ـ ن اشى ــن ت ـ ّب
اشال ــب ــو أن يكــون ةــل ـىي .يىا ــا ادلة ـ ىت .اشيــج ن اشالج ـ ة ادل أيــن إىل إ يــن اشب ضــن ب ـ أ اشأ ـ
ادل أ ن األ ك م اش لع ن ن ن ص . 17
( )4ادل أ ن األ ك م اش لع ن ن ن ص . 17
277 نطام احلكم يف االسالم
ومساعدتيا فى كافة المياـ السياسية ,كما يسند إلييا ميمة اختيار رئػيس الدولػة
,لذلؾ يجب أف تتشكؿ ىذه الييئة مف مجموعة يعبر رأييا عف أكبر عدد ممكػف
مػػف النػػاس فتحصػػؿ بيػػـ القػػدرة عمػػى القيػػاـ بميػػاـ رئاسػػة الدولػػة(ٔ) ,أمػػا الييئػػة
الثانيػػة ( الييئػػة التشػريعية ) فتكػػوف ميمتيػػا دينيػػة تتمثػػؿ فػػى سػػف قواعػػد تشػريعية
فػػى المسػػائؿ التػػى لػػـ يػػرد بش ػأنيا نػػص مػػف الشػػارع الحكػػيـ عػػف طريػػؽ اسػػتنباط
أحكػػاـ ليػػا مػػف األدلػػة الشػػرعية ,وقػػد عبػػر الشيرسػػتانى عػػف ضػػرورة وجػػود ىيئػػة
اجتيادية بجوار رئيس الدولة ,فقاؿ " :يجػب أف يكػوف معػو ػ أى رئػيس الدولػة ػ
م ػػف يك ػػوف م ػػف أى ػػؿ االجتي ػػاد فيراجع ػػو ف ػػى األحك ػػاـ ويس ػػتفتى من ػػو ف ػػى الح ػػبلؿ
والحراـ "(ٕ) .
ويبلحظ أف مدلوؿ الييئة األولى أوسع مف مدلوؿ الييئة الثانية ,بمعنػى أف
أعضػاء الييئػة الثانيػة يجػوز ليػـ ممارسػة كافػة االختصاصػات المخولػة ألعضػاء
الييئة األولى ,بجانػب ممارسػة اختصاصػاتيـ والتػى تتمثػؿ فػى االجتيػاد فيمػا ال
نص فيو ,ولكف العكس غير صحيح .
ــــــــ ـ
( )1يقــول ا ــل ت م ــن أن امة ةــن ر تثبــص مبوا،قــن أ ـ اشيــو ن ل بـ ال يةــّب اشى ـ إة ةـ ً ــٌب يوا،قــه أ ـ اشيــو ن ل ب ـ
اشليل حية ع بم شه ةقةوأ امة ةن ، ...مة ةن ةل نلع ن ال يةّب ةلك ً مبوا،قن ا ال اثالـْب ال أ أـن
إال أن تكــون ةوا،قــن ـ الء تق ض ـ ةوا،قــن غــّب م حب ــث يةــّب ةلك ـ ً ــلش ر يىا ــا ا ــل ت م ــن ةالب ـ ج اش ـالن اشالبويــن
. 527/1
( )2أ و كى زلم ل ب اشكى ل أإ اشيبىن ن ادلل اشالم .أا ادلأى،ن ّب ت 1414 .ـ حتق ق زلم نـ
ق . 153 / 1
278 نطام احلكم يف االسالم
ولموقوؼ عمى دور الموظؼ العػاـ فػى اختيػار ىػاتيف الييئتػيف ,نوضػح أوالً
:كيفيػػة اختيػػار أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد ػ مجمػػس الشػػورى ػ ثػػـ نبػػيف كيفيػػة اختيػػار
المجتيديف ػ المجمس التشريعى.
أوالً :كيفية اختيار أىؿ الحؿ والعقد ( مجمس الشورى ) :
انقسػػمت آراء البػػاحثيف حػػوؿ الوسػػيمة التػػى يػػتـ بيػػا اختيػػار أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد
إلى رأييف ,يرى أحدىما أف اختيار أىؿ الحؿ والعقد يػتـ عػف طريػؽ االنتخػاب ,
والثانى يرى أف اختيار أىؿ الحؿ والعقد يتـ عف طريؽ التعييف .
الرأى األوؿ :اختيار أىؿ الحؿ والعقد عف طريؽ االنتخاب :
ي ػػرى أنص ػػار ى ػػذا الػ ػرأى(ٔ) أف اختي ػػار أى ػػؿ الحػ ػؿ والعق ػػد ي ػػتـ ع ػػف طري ػػؽ
االنتخاب ,حيث إف الميمة الممقاة عمى عاتقيـ والتى فى مقدمتيا اختيار رئػيس
الدول ػػة ,تس ػػتدعى اش ػػتراؾ الش ػػعب ف ػػى اختي ػػار أى ػػؿ الح ػػؿ والعق ػػد خاص ػػة وأف
الش ػريعة اإلسػػبلمية قػػد فرضػػت تطبيػػؽ مبػػدأ الشػػورى ,إال أنيػػا لػػـ تحػػدد الوسػػيمة
التػػى يجػػب مػػف خبلليػػا اختيػػار أىػػؿ الشػػورى أو أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد ,ولكػػف تركػػت
تحديػػد ىػػذه الوسػػيمة لظػػروؼ الزمػػاف والمكػػاف ,والوسػػيمة المناسػػبة الختيػػار أىػػؿ
الحػؿ والعقػػد فػػى ىػػذا الزمػػاف ىػػى االنتخػػاب بشػػرط أال يسػػتعمؿ فييػػا مػػا يسػػتعمؿ
مف الحيؿ والوسائؿ المرذولة (ٕ) .
ــــــــ ـ
( )1يىا ــا ىف دش ـ ن اشي ـ خ أ ــو األ ل ـ ادلــوأ أ ن ت ـ يل اش ن ـ و امنــقةي .تىدــن زلم ـ احل ـ اأ ة ن ــن اشىن ـ شن.
ـلش ابأـن أا اشـَباث ص 35ـ أ/زلمـ بـ اهلل اشأـى نمـ م احلكـم ىف ـّب ت1981 .م .صن 48ةـ أـ
امنـقمن أا اشفكــى .ـّب ت1968 .م .صن 84ةـ أـ .أنـ د/زلم أنـ ن ةالبـ ج امنـقم ىف احلكــمن تىدــن
زلم ةالةو زلم ة ض .أا اشألم شلمقيْبّ .ب ت1964 .م صن 91ة أ .
أ،ىاأ األةن شلل يةـلح شقن ـ ب ـل اىيـق االن ـ ب احلـى ادلب ـى أ ـل اىيـق ( )2نواء ن لا االن ب ةل ب
=
279 نطام احلكم يف االسالم
ويذكر بعض أنصار ىذا االتجاه أف مجتمعاتنا المعقدة ىذه ال يمكف أف يػتـ
استطبلع رأى األمة وتحقيؽ مبدأ الشورى فييػا بغيػر طريػؽ االنتخػاب ,فالوسػيمة
الوحيدة التى يمكف أف تظير عف طريقيا مزايا المرشحيف ىى االنتخاب(ٔ).
واذا كانت الخبلفة الراشدة لـ تعرؼ طريؽ االنتخاب الختيار أىؿ الشورى ,
فػػإف ىػػذا العصػػر كػػاف يمتػػاز بقػػدر مػػف السػػيولة والبسػػاطة يمكنػػو مػػف تحديػػد أىػػؿ
الشورى بدوف مشاكؿ ,فيؤالء الخمفاء قد طبقوا مبػدأ الشػورى بالكيفيػة التػى رأوىػا
محققػػة كفالػػة تطبيقػػو ,ونحػػف ىنػػا ال نتقيػػد بتطبيػػؽ بشػػرى سػػابؽ تختمػػؼ ظػػروؼ
عصره عف ظروؼ عصرنا(ٕ) .
وفػػى ذلػػؾ يقػػوؿ الشػػيخ المػػودودى " :أمػػا تبػػيف مػػف يحػػوز ثقػػة المسػػمميف ,
فالظاىر فى بابو أنو ال يمكف أف يختار لػو اليػوـ نفػس ذلػؾ الطريػؽ الػذى اختػاره
المس ػ ػػمموف ف ػ ػػى ب ػ ػػدء اإلس ػ ػػبلـ ,خاص ػ ػػة وأف م ػ ػػا يواجين ػ ػػا الي ػ ػػوـ م ػ ػػف العقب ػ ػػات
والمشػػكبلت ,لػػـ يواجػػو النػػاس حينػػذاؾ ,فيجػػوز أف نسػػتخدـ اليػػوـ عمػػى حسػػب
أحوالنا وحاجاتنا كؿ طريؽ مباح يمكف بو تبيف مف يحوز ثقة جميور األمة ,وال
ــــــــ ـ
=
االن ب ادلق شكف ءة اشألم ن .يىا ا ىف دش ن أ /ب اشغُب زلم ى ن .اشيو ىف امنقم .أ انن ىف اشالمم
امنــقة ن .نل ــلن اشبمــوث امنــقة ن .اش ـالن اشأ ــىة 1978 .م .ص ن . 25أ ـ إش ــه أ /ب ـ اشال يــى بــن.
احلىيــن اش نـ ن ــْب اشيـىيأن امنــقة ن اشقـ نون اشوضــأ .ص ن 142أ/ةةــعف أ ــو زيـ ،بمـ ن ةبـ أئ األنممــن
اش ن و ين ةالي ة ادلأ ف .امنكال ين .صن 217ـ أ و األ ل ادلوأ أ ن ت يل اش ن و امنقةي ص . 39
( )1زلم أن ن ةالب ج امنقم يف احلكم ص ن . 91
( )2أ /زلم ب اهلل اشأىيب ن نم م احلكم يف امنقم ص ن . 84
281 نطام احلكم يف االسالم
شؾ أف طرؽ االنتخاب فى ىذا الزماف ىى أيضاً مف الطرؽ المباحة التػى يجػوز
لنا استخداميا ,بشرط أال يستعمؿ فييا الحيؿ والوسائؿ المرذولة "(ٔ) .
وينتقد أصحاب ىذا الرأى أسموب اختيار أىؿ الحؿ والعقد بالتعييف بقوليـ ,
بأنػ ػػو فض ػ ػبلً عػ ػػف أف الحػ ػػاكـ ال يس ػ ػػتطيع بمفػ ػػرده الوصػ ػػوؿ إلػ ػػى خيػ ػػار الن ػ ػػاس
وفضػػبلئيـ ,فػػإف ىػػذا األمػػر الخطيػػر ال يمكػػف أف يتػػرؾ بيػػد الحػػاكـ الفػػرد ميمػػا
كانت نزاىتو وعدالتو ,ىذا فضبلً عف أف اهلل سبحانو وتعالى أمرنػا بتطبيػؽ مبػدأ
الشػػورى ,وطريقػػة تأسػػيس أو تكػػويف مجمػػس الشػػورى نفسػػو يجػػب أف يتمثػػؿ فييػػا
معنى الشورى عمى أتـ وجو(ٕ) .
ــــــــ ـ
( )1يىا ــا يف دش ـ أ ــو األ ل ـ ادلــوأ أين ت ـ يل اش ن ـ و امنــقةي ص ن 39ـ شفض ـ ل ه أيض ـ ر نمىيــن امنــقم
يه أا اشفكى ّب ت 1967م ص ن . 291
( )2زلم أن ن ةالب ج امنقم يف احلكم ص ن . 91
( )3أ /زلم أ،ص ثم ن ن ي نن اش شن يف اشفقه امنقةي ص ن . 361
281 نطام احلكم يف االسالم
وقد احتج أنصار ىذا االتجاه بما وقػع مػف مشػاورة فػى زمػف الخبلفػة ال ارشػدة
,فقػػاؿ الػػدكتور /عبػػد الناص ػر وىبػػة " :إف اختيػػار أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد كػػاف مػػف
اختصاص الحػاكـ ػ الخميفػة ػ نفسػو فيػو الوحيػد الػذى ينتقػى مػف يريػد استشػارتو ,
ولـ يكف اختيار ىؤالء مفروضػاً عميػو مػف جانػب األمػة كمػا ىػو الحػاؿ فػى الػنظـ
الديمقراطيػػة المعاص ػرة ..,فالنظػػاـ اإلسػػبلمى يعطػػى الحػػاكـ وحػػده حػػؽ اختيػػار
أىؿ الحؿ والعقد ,أى أعضاء مجمس الشورى اإلسبلمى "(ٔ) .
وقد نوقش ىذا الرأى بأنو ميما كانت عيوب االنتخاب فإنيا أىػوف وأقػؿ شػ اًر
م ػػف عي ػػوب التعي ػػيف ,ى ػػذا بجان ػػب ص ػػعوبة الوص ػػوؿ إل ػػى ىػ ػؤالء بغي ػػر طري ػػؽ
االنتخػػاب ,فض ػبلً عػػف صػػعوبة تحقيػػؽ العدالػػة فػػى مسػػألة التعيػػيف ,فػػإف ليػػذا
األمر أىمية وخطورة تستوجب عدـ تركو بيف الحاكـ الفرد(ٕ) .
أمػػا عػػف االحتجػػاج بػػأف أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد كػػاف تعييػػنيـ مػػف قبػػؿ الخمفػػاء فػػى
عصػػر الخبلفػػة ال ارشػػدة فقػػد سػػبؽ القػػوؿ بػػأف ىػػذا العصػػر كػػاف يمتػػاز بقػػدر مػػف
السيولة والبساطة يمكف الخميفػة مػف معرفػة مػف يسػتحؽ أف يكػوف مػف أىػؿ الحػؿ
والعقد أو أىؿ الشػورى بأقػؿ جيػد يبػذؿ ,ىػذا فضػبلً عػف أف ىػؤالء الخمفػاء كػانوا
مػػف كبػػار المجتيػػديف وأفضػػؿ أىػػؿ زمػػانيـ آنػػذاؾ ػ وبػػالطبع األزمنػػة التػػى تمػػى
زمانيـ ػ وبالتالى فإف شبية المحابػاة فػى حقيػـ منتفيػة ,عمػى العكػس تمامػاً مػف
حكاـ أىؿ زماننا .
ــــــــ ـ
( ) 1أ /ب اشال يى به ن احلىين اش ن ن ْب اشيىيأن امنقة ن اشق نون اشوضأي ص ن . 144
( )2أ /ب احلم األنة ي ن اشيو أثى يف اش ديقىاا ن ص ن . 255 254
282 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
( ) 1أ /ب اشال يى به ن احلىين اش ن ن ْب اشيىيأن امنقة ن اشق نون اشوضأي ص ن . 151
283 نطام احلكم يف االسالم
مرتب ػػة االجتي ػػاد(ٔ) ,وم ػػف ى ػ ػؤالء ي ػػتـ تك ػػويف المجمػ ػػس التشػ ػريعى ع ػػف طريػ ػػؽ
التعييف(ٕ) .
وىناؾ رأى آخر يرى الوقوؼ إلى جانب الرأى السابؽ فى شقو األوؿ فقط ,
وىو حصر صفات االجتياد فى حممة شيادة معينة ,ولما كػاف عػدد ىػؤالء لػيس
ثابت ػاً ,بػػؿ ىػػو عرضػػو لمزيػػادة بمػػرور الػػزمف ,والييئػػة التش ػريعية تكػػوف محػػدودة
العػػدد إلمكػػاف إج ػراء المناقشػػات وأخػػذ ال ػرأى ,فػػإف أنصػػار ىػػذا ال ػرأى يقترحػػوف
إجراء اقتراع عػاـ بػيف أفػراد الشػعب الختيػار أعضػاء المجمػس التشػريعى مػف بػيف
ىؤالء األشخاص ,وبذلؾ يمكف الجمػع بػيف تػوفر المػؤىبلت العمميػة فػى أعضػاء
المجمس التشريعى ,وبيف انتخابيـ مف أفراد الشعب بالطريؽ الديمقراطى(ٖ) .
ــــــــ ـ
( )1أ /نل م ن اشعم ي ن اش لع ت اشثقث ص ن . 344 343
( )2أ /ب اشال يى به ن احلىين اش ن ن ص ن . 153
( )3أ /ب احلك م اشأ لي ن احلىي ت اشأ ةن يف اشفكى اشالم م اش ني يف امنقم ص ن . 577 576
284 نطام احلكم يف االسالم
وبما أف أىؿ الحؿ والعقد يسند إلييـ ميمة اختيار رئيس الجميورية ,فيجب
أف يك ػػوف اختي ػػار ى ػػذه الفئ ػػة م ػػف أكب ػػر ع ػػدد ممك ػػف م ػػف جم ػػاىير األم ػػة ,ع ػػدد
تحصػػؿ بػػو الشػػوكة التػػى مػػف خبلليػػا يتحقػػؽ مقصػػود اإلمامػػة ػ كمػػا يقػػوؿ ابػػف
تيميػػة(ٔ) ػ وىػػذا ال يتحقػػؽ ػ مػػف وجيػػة نظػػرى فػػى عصػرنا ىػػذا إال عػػف طريػػؽ
االنتخاب .
أمػا عػػف المجتيػػديف فػػإننى أقػر الػرأى الػػذى حصػػرىـ فػى حممػػة شػػيادة معينػػة
رسػػمية تثبػػت أنيػػـ مػػف أىػػؿ االجتيػػاد ,مػػع عػػرض ى ػؤالء عمػػى الشػػعب الختيػػار
العدد المطموب مف بينيـ بصفة عامة .
ولكػػف ثمػػة سػؤاؿ يطػػرح نفسػػو عمػػى بسػػاط البحػػث مػػؤداه ,كيػػؼ يػػتـ انتخػػاب
أعضاء الييئتيف ومف لو حؽ انتخابيـ ؟ .
أجيب عمى ىذا التساؤؿ مف خبلؿ التفصيؿ التالى :
ــــــــ ـ
( )1ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين . 527 / 1
( )2ادل أي ن األ ك م اش لع ن ن ص ن . 17
285 نطام احلكم يف االسالم
خبلليا توافر ىذه الشروط فػيمف يحمميػا ,وتؤكػد جدارتػو بيػا بػأف يكػوف مػف أىػؿ
الح ػػؿ والعق ػػد ,وى ػػذا ل ػػيس ب ػػاألمر العس ػػير ,حي ػػث يمك ػػف أف تك ػػوف ىن ػػاؾ جي ػػة
دراسية فى الدولة تربى وتقوـ ىؤالء وتمنحيـ ىذه الشيادة .
وبذلؾ نكوف قد تأكدنا مف وجود القدر الكافى مف العمػـ والمعرفػة التػى تؤىػؿ
ىػؤالء لممارسػػة ميػػاـ عمميػػـ ,وأمػػا عػػف ضػػرورة أف يؤيػػد أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد أكبػػر
عػدد ممكػف مػف األمػة تحصػؿ بػو الشػوكة ,فػاقترح أف يحػدد العػدد المطمػوب مػف
أىؿ الحؿ والعقد أوالً ,ثـ يقسـ عمى المحافظات داخػؿ الدولػة ,ثػـ عمػى الػدوائر
االنتخابيػػة داخػػؿ المحافظػػة ,بنسػػب م ارعػػى فييػػا عػػدد سػػكاف كػػؿ محافظػػة ػ مػػع
العمـ أف كؿ محافظة ال تخمو مف أناس مؤىميف ألف يكونوا مف أىؿ الحػؿ والعقػد
ػ ثػػـ يرشػػح كػؿ مػػف يحمػػؿ ىػذه الشػػيادة نفسػػو لتػتـ المفاضػػمة بينػػو وبػيف غيػره مػػف
المرشحيف ,ويكػوف لكػؿ فػرد مػف أفػراد الػدائرة االنتخابيػة بػالغ عاقػؿ حػؽ انتخػاب
ى ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػؤالء مصػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػداقاً لقولػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو تعػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػالى :
(ٔ) فالضػمير " ىػـ " جػػاء بصػيغة الجمػػع ,ولػـ يحػػدد
فئة معينة تتولى ىذا األمر ,مما يعنى أف االنتخاب مقرر لمجميع .
وبػػذلؾ نكػػوف قػػد حققنػػا فائػػدة ثبلثيػػة ,حيػػث باشػػتراط حمػػؿ الشػػخص شػػيادة
معينة نكوف قد تحققنا مف صبلحية ىذا الشخص ألف يكوف عضواً فى ىيئة أىؿ
الح ػػؿ والعق ػػد ,ى ػػذا م ػػف ناحيػ ػة ,وم ػػف ناحي ػػة ثاني ػػة ,نحق ػػؽ التأيي ػػد الجم ػػاىيرى
المطمػوب والػذى عبػر عنػو ابػف تيميػة بالشػوكة ,لتحقيػؽ مقصػود الرياسػة .ومػػف
ناحيػػة ثالثػػة :نتفػػادى مػػا وجػػو لنظػػاـ االنتخػػاب مػػف نقػػد ,مػػؤداه أف جميػػع ىيئػػة
ــــــــ ـ
( )1نو ة اشيو ن ةل اآلين . 38
286 نطام احلكم يف االسالم
الناخبيف ليس ليـ المقدرة عمى التمييز بيف مف يصمح ومف ال يصػمح ,واف كػاف
لبعضيـ قدرة عمي ىذا ,وىـ قمة فى الببلد اإلسبلمية ,ومف ثـ فيمكف مف خبلؿ
نظػػاـ االنتخػػاب الػػذى يعطػػى كػػؿ المػواطنيف حػػؽ التصػػويت ,إسػػناد السػػمطة إلػػى
غير أىميا .ففى ىذا االقتراح المقدـ ىنا نتفادى ىذا النقد ,حيث ال يمكف إسناد
السمطة إلػى غيػر أىميػا حتػى لػو سػمحنا لكػؿ المػواطنيف ,مػف لديػو المقػدرة مػنيـ
عمى التمييز بيف مف يصمح ومف ال يصمح ,ومف ليس لديو ىذه المقدرة ,وذلػؾ
ألف جميع المرشحيف ىـ أىؿ لتولى ىذا المنصب الرفيع .
ــــــــ ـ
( )1ا ل ةالمو ن ش ن اشأىب 449 / 2ـ اشىاز ن سل اشةم ح ص . 267
ةل اشبمث . ( )2انمى ص ن
288 نطام احلكم يف االسالم
غيػػر أف مبػػدأ الترش ػػيح بصػػفة عام ػػة قػػد القػػى رفضػ ػاً مػػف جان ػػب عػػدد م ػػف
الباحثيف(ٔ) ألنو يتضمف طمب الواليػة أو الوظيفػة ,وطمػب الواليػة غيػر جػائز ,
لمػػا يشػػتمؿ عميػػو الطمػػب مػػف تزكيػػة لمػػنفس ,وىػػذا منيػػى عنػػو ,قػػاؿ تعػػالى :
ــــــــ ـ
( ) 1ةـالبم اشيـ خ أ ــو األ لـ ادلــوأ أي ــث يقــول ال يال ــب شإلةـ ة أ شأضــوين رللــس اشيــو أ ألي ةالةــب ةــل
ةال يــب ادل ـ وش ن ةــل يى ــح نف ــه أ ي ــأ ،ــه نــأ ً ةـ يىا ــا شفضـ ل ه ن نمىيــن امنــقم يــه ص ن 59ـ
ى ح اشيىيأن أن يالص أن و اش شن امنقة ن يىا ن ل أن ن ال ث يقول ،إنه ةل اش م زلم أن
ـ ص ة ـ شالةــب إأا أ البــه شأضــوين ــن ن ــن جيأل ــه غــّب الئــق تلق ئ ـ ً شل ووــف أ شقن ـ ب ـ يىا ــا
ش ـ أته ن ةالبـ ج امنـقم يف احلكـم ص ن 92ـ يى ـا أيضـ ً أ /بـ اشال يـى بـه ن احلىيـن اش نـ ن ـْب اشيـىيأن
امنقة ن اشق نون اشوضأي ص ن . 267
( )2نو ة اشالجم اآلين . 32
( )3ة ــلم ن يــم ح ة ــلم ن ـ ب امة ـ ة ـ ب اشالبــي ــل الــب امة ـ ة احلــىص ل ب ـ ــم 1454/3 1652ـ
ــم / 6 6727 ـ ب األ ك ـ م ـ ب ة ــل ي ـ ل امة ـ ة أ ن ــه اهلل ل ب ـ اشب ـ ي ن ي ــم ح اشب ـ ي
2613اشلفمح دل لم .
( )4ة ــلمن ي ــم ح ة ــلمن ـ ـ ب امة ـ ـ ة ـ ـ ب اشالب ــي ــل ال ــب امةـ ـ ة احل ــىص ل بـ ـ ــم 1454/3 1733
اشب ينيم ح اشب ي ب األ ك م ب ة يكىو ةل احلىص ل امة ة م .2614 / 6 6731
289 نطام احلكم يف االسالم
الكفاءة الخمقية ػ األمانة ػ كمف يطمبيا قاصداً الجاه واالستعبلء عمى النػاس وحػب
الػدنيا(ٔ) ولمػا يػنـ عنػو الطمػب أيضػاً مػف نقػص فػى الكفػاءة الفنيػة ػ القػوة ػ ألف
الوظيفة تحتاج إلى قوة بدنية وعقمية إلدارة شئونيا .
وعمى ذلػؾ فػإذا كػاف طالػب اإلمػارة أىػبلً ليػا(ٕ) ,بػأف كػاف أمينػاً تقيػاً ورعػاً
قػػاد اًر عمػػى تحمػػؿ أعبائيػػا والقيػػاـ بمسػػئولياتيا فطمبػػو جػػائز ,ألف ىػػذا ينفػػى عنػػو
س ػػوء القص ػػد م ػػف طمبي ػػا ,ويؤك ػػد حرصػ ػػو عم ػػى وفائ ػػو بحق ػػوؽ العب ػػاد ورعايتػ ػػو
لمصػ ػػالح الػ ػػببلد ,فينصػ ػػمح بػ ػػذلؾ حػ ػػاؿ األمػ ػػة ,وىػ ػػذا مػ ػػا ذىػ ػػب إليػ ػػو جميػ ػػور
الفقياء(ٖ) .
وعمى أى حاؿ فإف مبدأ الترشػيح لئلمػارة كػاف موجػوداً فػى عصػر الخبلفػة
الراشدة ,فقد روى غير واحد مف المؤرخيف (ٗ) ما دار فػى سػقيفة بنػى سػاعدة ,
قد رشح نفسو لمخبلفة وحصػؿ عمػى تأييػد األنصػار ,حيػث أف سعد بف عبادة
قالوا لو " :ولف نعدوا ما رأيت توليتؾ ىذا األمر ,فأنت مقنع ولصػالح المػؤمنيف
رضػػا " فممػػا عمػػـ بعػػض الميػػاجريف باجتمػػاع األنصػػار فػػى السػػقيفة ,ذىػػب إلػػييـ
أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ػ رضى اهلل عنيـ ػ وبعد حوار لـ يدـ طويبلً رشح أبو
ــــــــ ـ
( )1ا ل ،ى ون ن تبةىة احلك م 12 / 1ـ اشعىا ل ي ن ةأْب احلك م ص ن . 11
( )2شعبا ،إن ادلى ح شأضوين أ احل اشأقـ اال بـ أ ـو أ ـ شـلش ألنـه ال جيـوز شـه اشَب ـ ح أيـقً بـ ةـوشه
ل ب أة مس ن تثبص يق ه ألن يكون ةل أ احل اشأق أ ةل اجمل ب يل مـ نـبق نـه ـلش ادلى ـح
شىي نن اش شن ،إنه ييَبط ،ه ى ط ب تى مه نالب الب ال ق ً إن ء اهلل
( )3اشعىا ل ــي ن ةأــْب احلك ـ م ص ن 11ـ ا ــل ،ى ــون ن تبةــىة احلك ـ م 12 / 1ـ أ ــو احل ــل اشأم ـىاينن اشب ـ ن يف
ةل ب امة م اشي ،أي 13/13ـ اشالو ي ن ضن اشع شبْب 93 / 11ـ ا ل ةفلح ن اشفى ع . 418 / 6
( )4يىا ا ىف دش اشعرب ن ت يخ اشىنـ ادللـوك 233 / 2ةـ أـ ـ ا ـل بـن ن امة ةـن اش نـ ن 4 / 1ةـ
أ ـ اش وا ن ت يخ اخللف ء ص 63ة أ ـ ا ل ثّبناشب اين اشالب ين 245 / 5ة أ ـ ا ل ت م ن ن
ةالب ج اش الن اشالبوين 51 / 2ة أ .
291 نطام احلكم يف االسالم
بكػر عمػر وأبػا عبيػدة ػ رضػى اهلل عػنيـ ػ لمخبلفػة ,حيػث أمسػؾ بيػدييما وقػاؿ :
إنى رضيت لكـ أحد ىذيف الرجميف ,فأصبح مرشح لمخبلفػة ثبلثػة مػف الصػحابة
,واحػػد مػػف قبػػؿ األنصػػار ,وىػػو سػػعد بػػف عبػػادة ,واثنػػاف مػػف الميػػاجريف وىمػػا
عمر وأبو عبيدة ,غير أف عمر وأبا عبيدة لـ يرتضيا ىذا الترشيح ,وقاال ألبػى
بكر " :ما ينبغى ألحد أف يكوف فوقؾ يا أبا بكر " ,وقد رشحا أبا بكػر لمخبلفػة
,وقاؿ سيدنا عمر " :أنت أحؽ بيذا األمر " ابسط يدؾ أبايعؾ ,فأخذ عمر يد
أبى بكر ػ رضى اهلل عنيما ػ فبايعو ,ثـ بايعو الناس .
ونستخمص مف ذلؾ أف مبدأ الترشيح لمنصػب رئاسػة الدولػة كػاف معروفػاً
فى عصر الخبلفػة ال ارشػدة ,وىػو أعمػى منصػب فػى الدولػة ,ومػف ثػـ فمػف بػاب
أولى تطبيؽ مبدأ الترشيح عمى المناصب األقؿ منو كالترشيح لممجالس النيابية .
وبعػػد ىػػذه التوطئػػة ولموقػػوؼ عمػػى ممارسػػة الموظػػؼ العػػاـ لحػػؽ الترشػػيح
نقسـ ىذا المطمب إلى فرعيف كالتالى :
الفرع األوؿ :الترشيح لممجمس النيابي والشروط المعتبرة فى المرشح .
الفرع الثانى :الترشيح لرياسة الدولة والشروط المعتبرة فى المرشح .
الفرع األوؿ
الترشيح لممجمس النيابى
والشروط المعتبرة فى المرشح
يتكػوف المجمػس النيػابى مػف مجمسػيف ,األوؿ مجمػس الشػورى ػ أىػؿ الحػؿ
والعقد ػ ,والمجمس الثانى ىو المجمس التشريعى ػ أىؿ اإلجتياد ػ وقد سبؽ القوؿ
(ٔ) أف الشروط المعتبرة فيمف يرشح لممجمس التشريعى ,أشد قسوة مػف الشػروط
المعتبرة فيمف يرشح لمجمس الشورى ,نظ اًر لمميمة الممقاة عمى عػاتؽ كػؿ منيمػا
ــــــــ ـ
ةل اشبمث . ( )1يىا ا ص ن
291 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
( )1ادل أ ن األ ك م اش لع ن ن ص ن . 17
( )2ادل أي ن األ ك م اش لع ن ن ص ن . 129
( )3يىا ــا يف ــىح ــلو اشيــى ط ن أ/زلمـ ضـ ء اشـ يل اشـىيس ن اشالمىيـ ت اش نـ ن امنــقة ن ص ن 223أ /زلمـ
=
292 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
=
أ،ص ثم ن ن ي نن اش شن يف اشفقه امنقةي ص ن . 159
( )1لي ل ب اشك يف اش بكين امن ج يف ىح ادلالب ج ل ةالب ج اشويول إىل لم األيول شلب ض ي 8/1ـ يىا ـا
يف ى ط اال ب أ ب اشق أ ل ـ ان اش ةيـقي ن ادلـ ي إىل ةـل ب األةـ م أإـ ـل البـ ص ن 371ةـ
أ .
381 / 11ـ أإ ل ب اشى م اش لو ن ق اجل ـ ىف ( )2ا ل اةنن ادلغُب ىف ،قه امة م أإ ل الب اشي ب
ىف أ ك م اال ب أ اش قل ادلعبأن اش لف ن 1385ـ حتق ق /زلب اش يل اخلع ب ص 34ة أ .
293 نطام احلكم يف االسالم
ٔ -العمػػـ بػػالقرآف الك ػريـ ,وعممػػو بػػالقرآف يقتضػػى منػػو ,معرفػػة
الخاص والعاـ والمطمؽ والمقيد والمحكـ والمتشػابو والمجمػؿ
والمفسػػر والناسػػخ والمنسػػوخ مػػف اآليػػات المتعمقػػة باألحكػػاـ ,
وذلؾ ألف القرآف ىو المصدر األوؿ لمشريعة .
ٕ -العمـ بالسنة النبوية ,فػبل بػد لمػف يرشػح لممجمػس التشػريعى
أف يعػػرؼ السػػنة القوليػػة والفعميػػة والتقريريػػة التػػى وردت فػػى
األحك ػػاـ الش ػػرعية ,والعم ػػـ بالس ػػنة يقتض ػػى من ػػو أف يع ػػرؼ
منيػػا مػػا يعػػرؼ مػػف الق ػرآف الكػريـ ,بجانػػب معرفػػة المت ػواتر
واآلح ػػاد والمرسػ ػػؿ والمتصػ ػػؿ والمسػ ػػند والمنقطػ ػػع والصػ ػػحيح
والضعيؼ ,حتى يكػوف عمػى بينػة مػف األمػر عنػد اسػتنباط
األحكاـ .
ٖ -العمػ ػػـ بمواضػ ػػع اإلجمػ ػػاع ,التػ ػػى أجمػ ػػع عمييػ ػػا العممػ ػػاء ,
والمواضػػع التػػى ال شػػؾ فػػى وجػػود اإلجمػػاع بالنسػػبة ليػػا ,
كأصوؿ المواريث والمحرمات التى جاء بيا القرآف والسػنة ,
وال يشػػترط فيػػو حفػػظ جميػػع مػػا أجمػػع عميػػو العممػػاء حفظ ػاً
يسػػتظيره فػػى ك ػػؿ أحوالػػو ,ب ػػؿ يكفػػى أف يك ػػوف عمػػى عم ػػـ
بموض ػػع اإلجم ػػاع ف ػػى المس ػػألة الت ػػى يدرس ػػيا إف ك ػػاف فيي ػػا
إجمػػاع ,وأف يكػػوف عمػػى عمػػـ بمواضػػع االخػػتبلؼ إف كػػاف
فييا اختبلؼ .
ٗ -معرفة المنيج السميـ فى القياس ,وىػذا يقتضػى منػو معرفػة
شروط القياس وأركانو وأنواعو ,ومسالؾ العمة ومبطبلتيا ,
ألف القياس ىو مناط االجتياد .
294 نطام احلكم يف االسالم
٘ -العم ػػـ بمسػ ػػاف العػ ػػرب ,فمكػ ػػى يػ ػػتمكف المجتيػ ػػد مػ ػػف تفسػ ػػير
القرآف وشرح السنة البد أف يكوف عالماً بمغة العرب ,وذلؾ
يكػوف بمعرفػػة العمػػوـ التػػى بيػػا قػواـ المغػػة العربيػػة مػػف النحػػو
والصػرؼ وغيرىمػا ,حتػى يػػتمكف مػف اسػتنباط األحكػاـ مػػف
الكتاب والسنة .
ى ػػذه ى ػػى الش ػػروط الت ػػى ينبغ ػػى توافرى ػػا ف ػػيمف يرش ػػح لعض ػػوية المجم ػػس
التشريعى ,وقد أصيبت األمة اإلسبلمية بببلء شديد تمثؿ فى تخبط تشريعى
متعػػارض مػػع أحكػػاـ الش ػريعة اإلسػػبلمية ,وتػػدىور وانحطػػاط فػػى األخػػبلؽ ,
نتيجة لغياب ىذه الشػروط أو معظميػا فػى المرشػحيف لممجمػس التشػريعى فػى
عصرنا الحاضر .
فكػ ػػؿ مػ ػػف ت ػ ػوافرت فيػ ػػو الشػ ػػروط المعتب ػ ػرة فػ ػػى أىػ ػػؿ الحػ ػػؿ والعقػ ػػد أو فػ ػػى
المجتي ػػديف بالق ػػدر الك ػػافى حس ػػب ظ ػػروؼ الزم ػػاف ,ج ػػاز ل ػػو الترش ػػيح لعض ػػوية
ػت مػػنح شػػيادة
ىػػاتيف الييئتػػيف ,س ػواء كػػاف موظف ػاً أو غيػػر موظػػؼ ,وقػػد اقترحػ ُ
رسمية تثبت توافر ىذه الشروط ,فمػف حصػؿ عمييػا كػاف أىػبلً لمترشػيح لممجمػس
النيابى ,حتى ولو كاف الحاصؿ عمييا موظفاً عاماً .
الفرع الثانى
الترشيح لرياسة الدولة
والشروط المعتبرة فى المرشح
295 نطام احلكم يف االسالم
تحدث الفقياء عف الشروط التى يجب توافرىا فيمف يرشح لرياسػة الدولػة(ٔ)
,وبالرجوع إلى آراء الفقياء فى ىذه الشروط ُوجد أف ىناؾ شػروطاً مجمػع عمييػا
وأخ ػػرى مختم ػػؼ عميي ػػا(ٕ) وس ػػأبيف ى ػػذه الش ػػروط م ػػع اإلش ػػارة إل ػػى الخ ػػبلؼ ف ػػى
الشرط إف وجد .
وىذه الشروط إجماالً ىى اإلسبلـ والبموغ والعقؿ والحرية ,الذكورة ,االجتياد
والعدالػػة ,صػػحة ال ػرأى فػػى السياسػػة واإلدارة والحػػرب ,سػػبلمة الح ػواس وسػػبلمة
األعضاء ,الشجاعة ,القرشية كونو أفضؿ أىػؿ زمانػو ,ىػذه كػؿ الشػروط التػى
تحدث عنيا الفقياء.
فبالنسبة لئلسبلـ والبموغ والعقؿ والحرية والذكورة والعدالة ,فيذه أمور ظاىرة
يجػػب توافرىػػا فػػيمف يشػػرح نفسػػو لمدولػػة ,قػػاؿ النػػووى ,قػػاؿ القاضػػى عيػػاض " :
أجمػػع العممػػاء عمػػى أف اإلمامػػة ال تنعقػػد لكػػافر ,وعمػػى أنػػو لػػو ط ػ أر عميػػو الكفػػر
ــــــــ ـ
( )1يىا ا ىف لو اش يى ط ن أ و ة اشغناىل ن ،ض ئح اشب اال ن ،ض ئ ادل مبىين أ ادل مبى ىف اشىأ لـ اشب اال ـن
ـ ض ـ اش ـ يل ص ن 181ة ـ أ ـ ة ن ــن أا اشك ــب اشثق ،ــن اشكويــص .حتق ــق أ /ب ـ اشــىإل ـ
امجيـ ن ادلوا ــف 285 / 3ة ـ أ ـ .ا ــل ــنم اشمـ ى ن اشفة ـ ىف ادلل ـ األ ـواء اشالم ـ .ةك بــن اخل ـ صل
اشقـ ىة 128 / 4ا ــو نــأ بـ اشــىإل ــل زلمـ ن اشغال ــن ىف أيــول اشـ يل .ة ن ــن اخلـ ة ت األحبـ ث اشثق ،ــن
.ص ن 179 178ـ اشيبىن .ادلل اشالم . ّب ت .ط 1987 1 /م .حتق ق ن م أ اش يل أإ
153 / 1ـ أ ـو كـى اشبـ ق ن دتب ـ األ ائـ تل ـ ص اشـ الئ .ص ن 471ةـ أـ .اآلةـ ن غ يـن ادلـىام ىف
لم اشكقم ن ص ن 383ة أ .
( )2ـ ل اش ـ و /اش ـالبو ن رجيــب أن ت ـوا،ى ىف ادلى ــح شلىئ نــن ـ ة ــى ط ةالب ـ .ــى ط و ـ ىة ةالب ـ ة ـ ــو رلمــا
ل ه .ةالب ة و سل لف ل ه يىا ا أ /ب اشىزاق اش البو ن أيول احلكـم ىف االنـقم .تىدـن نمىيـن اخلق،ـن
اذل ـن ادلةـىين اشأ ةـن شلك ـ ب اجل ي ة أ /ن أين ب اشىزاق اش البو .ةىا أن تأل ق تقـ أ /تو ،ـق اشيـ
ةبى ن اشقىاءة شلجم ا 1998م ص ن 94
296 نطام احلكم يف االسالم
إنع ػػزؿ ,ق ػػاؿ وك ػػذا ل ػػو ت ػػرؾ إقام ػػة الص ػػموات وال ػػدعاء إليي ػػا ,ق ػػاؿ وك ػػذلؾ عن ػػد
جميورىـ البدعة " (ٔ) .
ويقػػوؿ ابػػف حػػزـ الظػػاىرى " :وجميػػع أىػػؿ القبمػػة لػػيس مػػنيـ أحػػد يجيػػز
إمامة امرأة وال إمامػة صػبى لػـ يبمػغ ,إال الرافضػة ػ اإلماميػة ػ فإنيػا تجيػز إمامػة
الصػػغير الػػذي لػػـ يبمػػغ والحمػػؿ فػػى بطػػف أمػػو ,وىػػذا خطػػأ ألف مػػف لػػـ يبمػػغ فيػػو
غير مخاطب واإلماـ مخاطب بإقامة الديف"(ٕ) .
ويرجػػع السػػبب فػػى اشػػتراط العقػػؿ والبمػػوغ فػػيمف يرشػػح لرياسػػة الدولػػة إلػػى أف
(: التكميػػؼ مػػبلؾ األمػػر ,وال تكميػػؼ عمػػى المجنػػوف والصػػبى لحػػديث النبػػى
رفع القمـ عف ثبلثة :عف المجنوف المغموب عمى عقمػو حتػى يفيػؽ ,وعػف النػائـ
حتى يستيقظ وعف الصبى حتى يحتمـ )(ٖ)
ويقػػوؿ اإليجػػي(ٗ) معم ػبلً اشػػتراط الحريػػة " لػػئبل يشػػغمو خدمػػة السػػيد عػػف
وظ ػ ػػائؼ اإلمام ػ ػػة ,ول ػ ػػئبل يحتق ػ ػػر فيعص ػ ػػى ف ػ ػػإف األحػ ػ ػرار يس ػ ػػتحقروف العبي ػ ػػد
ويستنكفوف عف طاعتيـ " .
ــــــــ ـ
( )1اشالو ن ادلالب ج ىح يم ح ة لم ل احلج ج . 229 /12
( )2ا ل نم اشم ى ن اشفة ىف ادلل اشالم . 89 / 4
( )3أ و أا أ ن نالل أ و أا أ ب احل أ ـ ب اجملالـون ي ـىق أ يةـ ب ـ اً ـم 545 / 2 4411اشَبةـل ن
ـم 32 / 4 1423ـ اشال ـ ئ ن نـالل اشال ـ ئ . نالل اشَبةل .ب احل أ ـ ب ،ـ مل ال جيـب ل ـه احلـ
ب اشعقق ب ةل ال يقـا اق ـه ةـل األز اج .ـم 156 / 6 4432ـ ا ـل ة ـن ن نـالل ا ـل ة ـن .ـ ب
اشعقق ب اـقق ادلأ ـوو ـم 658 / 1 2141ـ اشـ ا ة ن نـالل اشـ ا ة .ـ ب احلـ أ .ـ ب ،ـا اشقلـم
ــل ثقث ــن .ــم . 225 / 2 . 2296ـ ل ال ــه ــْب ن ــل م أن ـ ن ان ـال أو ي ــم ح .ي ــممه أيض ـ ً اشيـ ـ خ
األشب .
( )4ض اش يل امجيي ن ادلوا ف ن . 587 / 3
297 نطام احلكم يف االسالم
لما بمغو أف أىؿ فارس قد ممكوا أما بالنسبة الشت ارط الزكورة فمقوؿ النبى
عمييـ بنت كسرى قاؿ ( :لف يفمح قوـ ولوا أمرىـ إمرأة )(ٔ) وقػاؿ ابػف حػزـ " :
وال خبلؼ بيف أحد فى أنيا ال تجوز المرأة "(ٕ) .
أم ػػا ع ػػف اش ػػتراط العدال ػػة أو ال ػػورع كم ػػا يطم ػػؽ عمي ػػو ال ػػبعض(ٖ) ,فق ػػد ق ػػاؿ
اإليج ػػى معمػ ػبلً ذلػ ػؾ " :فيج ػػب أف يك ػػوف ع ػػدالً ف ػػى الظ ػػاىر ل ػػئبل يج ػػور ,ف ػػإف
الفاسؽ ربما يصرؼ األمواؿ فى أغراض نفسو فيضيع الحقوؽ "(ٗ) .
وقد وضح البعض القدر المتطمػب مػف العدالػة التػى يجػب توافرىػا فػيمف يرشػح
لرياسػػة الدولػػة ,فقػػاؿ " :والجبمػػة اإلنسػػانية بالسػػوء أمػػارة ,والتقػػى فػػى أرجوحػػة
اليوى يغمب تارة ويعجز تارة ,والشيطاف ليس يفتر عف الوساوس ,والزالت تكاد
تجػػرى عمػػى األنفػػاس ,فكيػػؼ يػػتخمص البشػػر مػػف اقتحػػاـ مخطػػور والتػػورط فػػى
فى شرط عدالة الشػيادة ال يعػرؼ أحػد بمحػض محظور ,ولذلؾ قاؿ الشافعى
الطاعػة حتػى يػتمخض بمعصػية ,وال أحػد بمحػض المعصػية حتػى ال يقػدـ عمػػى
طاعة وال ينفؾ أحد عف تخميط ,ولكف مف غمبت الطاعات فى حقو
ــــــــ ـ
( )1اشب ـ ي ن يــم ح اشب ـ .ـ ب ادلغ ـ ز .ـ ب ـ ب اشالــىب إىل ــى ةــى .ــم 1611/4 4163ـ ـ
او أيض ً ىف ب اشفًب .ب اشف الن اشٌب دتوج موج اشبمى م. 2611/6 6686
( )2ا ل نم اشم ى ن اشفة ىف ادلل األ واء اشالم . 129 / 4 .
() 3يىا ا ،مل أالق ل ىط اشأ اشن .ىط اشوع ـ ادل ويل اشي ،أين اشغال ن ىف أيول اش يل.صن 179
( )4امجيي ن ادلوا ف . 587 / 3 .
298 نطام احلكم يف االسالم
المعاصػػى وكانػػت تسػػوؤه سػػيئتو ,وتس ػره حسػػنتو فيػػو مقبػػوؿ الشػػيادة ,ولسػػنا
نشترط فى عدالة القضاء إال ما نشترطو فى الشيادة ,وال نشترط فػى اإلمامػة إال
ما نشترطو فى القضاء "(ٔ) .
وقػػد اشػػترط المػػاوردى عػػدة شػػروط تتحقػػؽ بيػػا العدالػػة المطموبػػة فػػيمف يرشػػح
نفس ػػو لرياس ػػة الدول ػػة أو أى وظيف ػػة عام ػػة ,فق ػػاؿ " :والعدال ػػة أف يك ػػوف ص ػػادؽ
الميجة ظاىر األمانة عفيفاً عف الحراـ ,متوقياً المآثـ ,بعيداً عف الريب ,مأموناً
فى الرضا والغضب ,مستعمبلً لمروءة مثمو فى دينو ودنياه "(ٕ) .
وفى شرط العدالة ىذا يقوؿ الدكتور /السنيوري ناقبلً عف المذكرة التركية عف
الخبلفػػة وسػػيادة األمػػة " :أمػػا عػػف العدالػػة فػػالمراد بيػػا أف يكػػوف صػػاحب اسػػتقامة
فى السػيرة وأف يكػوف متجنبػاً األفعػاؿ واألحػواؿ الموجبػة لمفسػؽ والفجػور ,فكمػا ال
يكوف الظالـ والغادر مستحقاً لمخبلفة ال يكوف المتصؼ بالتآمر والتحايؿ أىبلً ليا
,ولقد قالت األئمة أف إجبلس المتصػؼ بػالظمـ واالعتسػاؼ عمػى كرسػى الخبلفػة
وتسميـ العباد لو ,كمثؿ تسميـ قطيع مف الغنـ لمػذئب ,وجعمػو راعيػاً ليػا ,وأقػوى
برىاف عمى ذلؾ قولو تعالى إلبراىيـ ػ عميو السبلـ ػ عندما سألو أف يجعؿ اإلمامة
(ٖ) فػ ػ ػػى ذريتػ ػ ػػو
ــــــــ ـ
()1اشغناىل ن ،ض ئح اشب اال ن ص ن . 191 191
( )2ادل ـ أ ن اال ك ـ م اش ــلع ن ن ص ن . 129انمــى ص ن . 18ــث حت ـ ث ادل ـ أ ــل ا ـَباط اشأ اشــن ،ـ مل
تى ــح شىي نــن اش شــن .م ـ يىا ــا شلم ـ أ أيض ـ ً احل ـ اشكبــّب .حتق ــق /زلمــوأ ة ــعى .أا اشفكــى شلعب ــن
اشاليى اش وزيا ّب ت 1414 .ـ ـ 1994م . 223/21 .
( )3نو ة اشبقىة ن اآلين . 124
299 نطام احلكم يف االسالم
أى :ال يستحقونيا وال يصموف إلييا والقصػد اإلسػبلمى مػف تنصػيب الخميفػة ىػو
دفع الظمـ عف الناس ال تسميط الظالـ عمييـ .
فمػػذا ال يجػػوز عنػػد عممػػاء اإلسػػبلـ كافػػة ,انتخػػاب مػػف ىػػو معػػروؼ بػػالظمـ
والبغى ػ خميفة ػ كما أف الخميفة الذى ارتكب الظمـ والطغياف أثناء خبلفتو يسػتحؽ
العزؿ ,بؿ إنو عند قدماء الشافعية وعمى رأسيـ اإلماـ الشافعى نفسػو ينعػزؿ ولػو
لـ تعزلو األمة "(ٔ) .
وبالنسبة لمشروط الجسػمية ,فإنػو يشػترط فػيمف يرشػح نفسػو لمخبلفػة ,سػبلمة
الح ػواس مػػف السػػمع والبصػػر والمس ػاف ,وعمػػؿ ذلػػؾ المػػاوردى اشػػتراط ىػػذا الشػػرط
بقولو " :ليصح معيػا مباشػرة مػا يػدرؾ بيػا "(ٕ) ,كمػا عمػؿ الغ ازلػى اشػتراط ىػذا
الشرط بقولو " :إذ ال يتمكف األعمػى واألصػـ مػف تػدبير نفسػو فكيػؼ يتقمػد عيػده
العالـ "(ٖ) .
" وكذلؾ سبلمة األعضاء مف نقػص يمنػع اسػتيفاء الحركػة وسػرعة النيػوض
,ويبلحظ أف القدر المتطمب مػف سػبلمة الحػواس واألعضػاء مػرتبط بالقػدرة عمػى
القياـ بمياـ الخبلفة ,فإذا كاف ىناؾ نقص يفقد القدرة عمى القيػاـ بميػاـ الرياسػة
,كفقػ ػػد اليػ ػػديف أو الػ ػػرجميف أو العمػ ػػى أو الصػ ػػمـ ,فإنػ ػػو ال يجػ ػػوز ترشػ ػػيح ىػ ػػذا
الشػػخص ,أمػػا إذا كػػاف الػػنقص ال يػػؤثر فػى القػػدرة عمػػى القيػػاـ بميػػاـ الرياسػػة وال
ــــــــ ـ
( )1أ /ب اشىزاق اش البو ن أيول احلكم ىف امنقم .ص ن 97ة .
( )2ادل أ ن األ ك م اش لع ن ن .ص ن . 18
( )3اشغناىل ن ،ض ئح اشب اال ن ص ن . 181
311 نطام احلكم يف االسالم
عمػػى كفػػاءة األداء ,مثػػؿ فقػػد الػػذكر أو األنثيػػيف فػػإف ذلػػؾ ال يمنػػع مػػف الترشػػيح
لمرياسة "(ٔ) .
أما عف بقية الشروط فقد اختمؼ بشأنيا الفقياء ,فبالنسبة لشرط االجتيػاد ,
فقد اشترط جميور الفقياء فى المرشح لرياسة الدولة العمـ الػذى يصػؿ إلػى درجػة
االجتي ػ ػػاد فق ػ ػػاؿ ص ػ ػػاحب كت ػ ػػاب المواق ػ ػػؼ " الجمي ػ ػػور عم ػ ػػى أف أى ػ ػػؿ اإلمام ػ ػػة
ومسػػتحقيا مػػف ىػػو مجتيػػد فػػى األصػػوؿ والفػػروع ليقػػوـ بػػأمور الػػديف متمكن ػاً مػػف
إقامة الحجج وحؿ الشبو فى العقائػد الدينيػة مسػتقبلً بػالفتوى فػى النػوازؿ واألحكػاـ
والوق ػ ػػائع نصػ ػ ػاً واس ػ ػػتنباطاً ؛ ألف أى ػ ػػـ مقاص ػ ػػد اإلمام ػ ػػة حف ػ ػػظ العقائ ػ ػػد وفص ػ ػػؿ
الحكومات ورفع المخاصمات ,ولف يتـ ذلؾ بدوف ىذا الشرط "(ٕ) .
ولكف اإلماـ الغزالى ذىب إلى أف االجتيػاد لػيس بشػرط فػى اإلمػاـ ,فقػاؿ :
" وليسػػت رتبػػة االجتيػػاد ممػػا ال بػػد منػػو فػػى اإلمامػػة ضػػرورة ,بػػؿ الػػورع الػػداعى
إلى مراجعة أىؿ العمـ فيو كاؼ "(ٖ) .
ووافؽ ابف حزـ الغزالى فى ذلؾ حيث نقؿ عنو " ثـ يستحب أف يكوف عالمػاً
بما يخصو مف أمور الديف مف العبادات والسياسات واألحكاـ "(ٗ) .
ــــــــ ـ
شلمني ـ ةــل اش فة ـ ىف ــلا اشيــىط تىا ــا تىا ــا ن ـ شٌب ( )1ادل ـ أ ن األ ك ـ م اش ــلع ن ن .ص ن 14ة ـ أ ـ
شلم ـ ّب .نم ـ م اجل ـ ا ة ىف توش ــه اشوو ـ ئف اشأ ةــن أ انــن ةق نــن ــْب اشالم ـ م امأا اشوضــأ امنــقة .ص ن
144ة أ .
( )2ضـ اشـ يل امجيـ ن ادلوا ـف 586 / 3ـ ىف دات ادلأـُب يىا ــا ادل ـوىل اشيـ ،أ ن اشغال ــن ىف أيـول اشـ يل .ص ن
. 178
( )3اشغناىل ن ،ض ئح اشب اال ن .ص ن . 191
( )4ا ل نم اشم ى ن اشفة ىف ادلل األ واء اشالم . 129 / 4 .
311 نطام احلكم يف االسالم
ــــــــ ـ
ن ادلل اشالم . 153 /1 . ( )1اشيبىن
( )2ض اش يل امجي ن ادلوا ف . 585 / 3 .
( )3امجي ن ادلوا ف .586 / 3 .
()4ادل أ ن اال ك م اش لع ن ن .ص ن . 18
312 نطام احلكم يف االسالم
مقػ ػػدرة اتخػ ػػاذ الحكػ ػػـ الصػ ػػائب عنػ ػػد وضػ ػػوح مشػ ػػاكؿ السياسػ ػػة والحػ ػػرب واإلدارة
العامة(ٔ) .
أما بالنسبة الشتراط الشجاعة ,فقد شرطو الجميور كما قاؿ صػاحب كتػاب
المواقؼ ,حيث قاؿ " :شجاع قوى القمب ليقػوى عمػى الػذب عػف الحػوزة والحفػظ
بعػػد انيػزاـ المسػػمميف فػػى لبيضػػة اإلسػػبلـ بالثبػػات فػػى المعػػارؾ كمػػا روى أنػػو
الصؼ قػاؿ أنػا النبػى ال كػذب أنػا ابػف عبػد المطمػب(ٕ) أو ال ييولػو أيضػاً إقامػة
الحدود وضرب الرقاب "(ٖ) .
وقد خالؼ بعض العمماء ولـ يشترط صفة الشجاعة فى اإلماـ لندرة اجتماع
ىػذه الصػػفة مػع الصػػفات األخػػرى(ٗ) ,حيػث قػػاؿ صػاحب المسػػايرة وشػػارحو " :
ويمك ػػف تف ػػويض مقتض ػػيات الش ػػجاعة ,أى األم ػػور الت ػػى تقتض ػػى ك ػػوف اإلم ػػاـ
شػػجاعاً مػػف االقتصػػاص ,واقامػػة الحػػدود وقػػود الجيػػوش مػػف العػػدو ...إلػػى غي ػره
"(٘) .
ــــــــ ـ
( )1يىا ـا ىف دشـ نــأ اشـ يل اش ف ـ زا ن ــىح اش ــأ لـ ادلق يـ 213 / 2 .ـ أ ـ إش ــه أ /زلمـ أ،ــص ثمـ ن ن
ي نن اش شن ىف اشفقه االنقة .ص ن 165ث أي ،ض ل ه لا اشىأ .
( )2احل يث او اشب ـ ن يـم ح اشب ـ .ـ ب اجلبـ أ اش ـّب .ـ ب ةـل ـ أ أا ـن غـّبو ىف احلـىب .ـم . 2719
. 1151 / 3او ىف ةواضا أيى .
( )3ض اش يل امجي ن ادلوا ف . 587 586 / 3 .
()4امجي ن ادلوا ف . 587 / 3 .
إش ه أ /زلمـ أ،ـص ثمـ ن . ( )5اشكم ل ل أ ىيف ن ادل ةىة ىح ادل يىة شلكم ل ل اذلم م .ص ن . 166أ
ي نن اش شن ىف اشفقه امنقة .ص ن . 173 172
313 نطام احلكم يف االسالم
أما عف شرط القرشية ,أى أف اإلماـ يجب أف يكوف مػف قػريش فقػد اختمػؼ
الفقياء بشأنو اختبلفاً كبي اًر وأشير مف رفضوا ىذا الشرط ىـ الخوارج ,لدرجة أف
مػػا يشػػتيروف بػػو ىػػو قػػوليـ بعػػدـ وجػػوب ىػػذا الشػػرط كمػػا رفضػػو أيض ػاً بعػػض
المعتزلة(ٔ) .
ونسػػتخمص مػػف ىػػذا الخػػبلؼ أف شػػرط القرشػػية يعػػد شػػرط تفضػػيؿ ,بمعنػػى
أنو إذا وجد قرشى متساو فى الشػروط مػع غيػره ممػف لػيس بقرشػى قػدـ القرشػى ,
والقوؿ بغير ذلؾ يعد مغالطة فى الشريعة ,حيث ال يستساغ أف يقدـ قرشى فاقد
لشرط العدالة أو البموغ أو العقؿ مثبلً عمى مكتمؿ شروط اإلمامة فيما عػدا شػرط
القرشية(ٕ) ,والقوؿ بغير ذلؾ يؤدى إلى ممكية أو وراثة رياسة الدولة .
أما عف الشرط األخير وىػو كونػو أف يكػوف أفضػؿ أىػؿ زمانػو ,فقػد اختمػؼ
بشأنو الفقياء وذلؾ عند تعرضيـ لمدى جواز إمامة المفضوؿ مع وجود األفضؿ
,فقاؿ أبو بكر الباقبلنى " :ومنيا ػ أى مف الشروط التى يجب توافرىا فى اإلماـ
أف يكوف مف أمثميـ فى العمـ وسائر ىذه األبواب التى يمكػف التفاضػؿ فييػا "(ٖ)
.
ــــــــ ـ
ث :احل يث ول اخلقف ىف لا اشيىط . ( )1يىا ا امجي ن ادلوا ف 587 / 3 .ة أ
( )2ـ ش ضـىا ـل مــى اشغعفـ ن ـ ل ر إدا ا مــا بيـ ى ـ قمهـ ـ ئم شك ـ ب اش ـالن ـ شوا ــب أن يقـ م
احلبي ،إنه أنب خللأه إدا أ ل اشعىيقن ر يىا ا ا ل نم اشم ى ن اشفة ىف ادلل اشالم . 74 / 4
( )3أ و كى اشب ق ن دتب األ ائ تل ص اش الئ .ص ن . 471
314 نطام احلكم يف االسالم
وذىب أبو الحسف األشعرى إلى أف اإلماـ يجب أف يكوف أفضؿ أىؿ زمانػو
فى شروط اإلمامة ,وال تنعقد اإلمامة ألحد مع وجود مف ىػو أفضػؿ فييػا ,فػإف
عقدىا لممفضوؿ كاف المعقود لو مف المموؾ دوف األئمة "(ٔ) .
ولكف قوؿ األكثرية مف الفقياء والمتكمميف أجازوا إمامة المفضػوؿ مػع وجػود
األفض ػػؿ ,وال يك ػػوف وج ػػود األفض ػػؿ مانعػ ػاً م ػػف انعق ػػاد إمام ػػة المفض ػػوؿ م ػػا داـ
مستوفياً لشروط اإلمامة (ٕ) .
وبالرجوع إلى آراء الفقياء فى ذلؾ نستخمص ترجيح القوؿ الذى يرى وجػوب
تقػػديـ األفضػػؿ فػػى شػػروط اإلمامػػة عمػػى المفضػػوؿ ,ولكػػف إذا انعقػػدت اإلمامػػة
لممفضػػوؿ خوف ػاً مػػف الفتنػػة ,أو لمػػرض األفضػػؿ أو لكػػوف المفضػػوؿ أطػػوع إلػػى
النػػاس جػػاز انعقادىػػا لػػو مػػع وجػػود األفضػػؿ والػػدليؿ عمػػى وجػػوب تقػػديـ األفضػػؿ
( :مف استعمؿ رجبلً عمى عصابة وفى تمػؾ العصػابة مػف ىػو أرضػى هلل قولو
( :اجعمػوا أئمػتكـ منو فقد خاف اهلل وخاف رسولو وخاف المػؤمنيف)(ٖ) ,وقولػو
خياركـ )(ٔ) فدؿ ىذا عمى تقديـ األفضؿ عمى المفضوؿ .
ــــــــ ـ
( )1ب اشق ى ل ا ى اشبغ اأ ن أيول اش يل ص 293أ ـ إش ـه أ /زلمـ أ،ـص ثمـ ن .ي نـن اش شـن ىف اشفقـه
االنقة ص . 214
( )2ادل ـ أ ن األ ك ـ م اش ــلع ن ن .ص ن . 25يىا ــا ،ـ مل ـ ل إة ة ــن ادلفض ــول .ا ــل ج ــى اذل م ـ ن اشة ـوا ق
ايى ن ن 175 / 1ـ أ و ةالةو ب اشق ى ل ا ى ل زلم اشبغ اأ ن اشفىق ْب اشفىق ن اشفى ن اشال ن .أا
اآل ،ق اجل ي ة ّ .ب ت .ط 1977 . 2 /م .ص 23ـ ا ل نم اشفةـ ىف ادللـ اشالمـ 127 / 4 .ةـ أـ ـ
اشيبىن ن ادلل اشالم 153 / 1 .ة أ ـ ض اش يل امجي ن ادلوا ف 641 / 3 .ة أ .
( )3احل م ن ادل ك ب ةأى،ن اشةم ن ض اهلل البم .م 141 / 4 . 7123ـ اشعربا ن ادلأجم اشكبّب .ب
اشأــْب .أ أيــث بـ اهلل ــل بـ ب ــل بـ ادلعلــب ...ــم 114 /11 . 11216ـ اشب بقـ ن اش ـالل اشكــرب .
ـ ب آأاب اشق ضـي .ـ ب ال يـوىل اشـوايل اةـىأة ال ،نـق ً ال ـ قً أةـى اشقضـ ء .ـم 21151ـ 118 / 11ـ
=
315 نطام احلكم يف االسالم
ولكػػف مػػا الحكػػـ لػػو خػػبل الزمػػاف مػػف مسػػتجمع لشػػروط اإلمامػػة ,فػػى ىػػذه
الحالة ننظر كما يقوؿ اآلمدى(ٕ) إلى المفسدة المترتبة عمى نصب رئيس الدولػة
والمفس ػ ػػدة المترتب ػ ػػة عم ػ ػػى ع ػ ػػدـ نص ػ ػػبو ,ون ػ ػػدفع أعبلى ػ ػػا بارتك ػ ػػاب أدناى ػ ػػا ,إذ
الضرورات تبيح المحظورات ,كما فى أكؿ الميتة عند االضطرار .
فخمػػو الزمػػاف مػػف مسػػتجمع لشػػروط الرياسػػة يػػدخمنا فػػى حالػػة الضػػرورة التػػى
ىى الوجو اآلخر لممشروعية(ٖ) وليػا أحكاميػا الخاصػة المتعمقػة بيػا والتػى تقػدر
بقػدرىا ,وفػػى ىػػذه الحالػػة يجػػب أف نختػػار األمثػؿ فاألمثػػؿ ممػػف يتػوافر فػػييـ ىػػذا
القدر مف شروط الرياسة(ٗ) .
ــــــــ ـ
=
خيى و ل،ه اشل ىب ةل اش ل ص ر . يث يم ح امنال أ كر ل اله زلقق ب ادل
ء ىف إة ةن ش اشنن .م 3 4912 .ب ا ألوا أئم كم ي م ة ( ) 1اشب بق .اش الل اشكرب .ب احل
. 91 /و ضأ ف امنال أ .
( )2ىف دش يقول االة ر إن يو ىف اشأ ة جما جلم ا ـى ط امة ةـن ـ ةـل ،قـ ىف قـه ـئ ـ شألم أ
اشأ اشـن ضلو ـ ،شوا ـب أن يالمـى إىل ادلف ـ ة اشقزةـن ةــل إ ة ـه ـ م إ ة ـه يـ ،ا أ قمهـ تكـ ب أأن مهـ إدا
اشضى ات تب ح ايمو ات دش م ىف أ ادل ن شال بن إىل شن االضىا ضلوو ر يىا ا اآلة ن غ ين ادلـىام ىف
لم اشكقم ص . 386
( ) 3أنـ دن اشـ و ، /ـ اأ زلمـ اشالـ أ .ةبـ أ ادليــى ن ضـوا :يضــوع اش شــن شلقـ نون ىف اشفقــه امنــقة ةونــو ن
اشفقه اش ني امنقة نم م احلكم ىف امنقم .اشك ب اخل ةس .ط 2/ـ 1411ـ ـ 1981م .ص ن . 91
( ) 4أيــلت ــلا اشـىأ ةــل ـ يث ا ــل ت م ــن ــل ف ــن اش أ ــْب ىف اشوالي ـ ت اشــٌب ـ أ ـ ةــل ي نــن اش شــن ــث إن
قةــه ــلا يالعبــق لـ ةـ أ ن امة ةــن لـ دشـ ،نعب ــه لـ امة ةــن ةــل ـ ب أ ىل ــث يقــول الـ ـ م
األةث ،ألةث ىف ةالةب حب به إدا ،أ دش أ = = اال ب أ اش م .أيـلو وأ ةل يةح شلوالينر ،
شلواليـن حبقبـ ،قـ أأ األة نــن ـ م شوا ــب ىف ـلا ...ر .ا ــل ت م ـنن اش نــن اشيـى ن ص 8يىا ــا شفضـ ل ه ن
اشف ـ اشكــرب .أا ادلأى،ــن .ــّب ت .ط 1 /ـ 1386ـ .حتق ــق ـالْب زلم ـ سللــوف .555/5ىف نفــس
ادلأُب يىا ا أ و اشأب ب مشس اش يل زلم ل أإ ل إنة ل ب ب اش يل اشىةلـ ادلالـوىف ادلةـى األنةـ اشيـبّب
=
316 نطام احلكم يف االسالم
فيػػذه ىػػى الشػػروط المتطمبػػة فػػيمف يرشػػح لمرياسػػة ,ونشػػير إلػػى أف رياسػػة
الدولة ليست حك اًر عمى أحد ,فكؿ مف تػوافرت فيػو ىػذه الشػروط أو القػدر الػبلزـ
منيا إلقامة حدود اهلل والذب عف بيضػة اإلسػبلـ ,كػاف مػف حقػو أف يرشػح نفسػو
لمرياسة ,ال فػرؽ فػى ذلػؾ بػيف مػف كػاف موظفػاً أو غيػر موظػؼ ,فػالجميع أمػاـ
اكتساب ىذه الشروط سواء ,وعمى ذلؾ فالموظؼ العػاـ أيػاً كانػت وظيفتػو مدنيػة
أو عسكرية ,إذا توافرت فيو شروط الرياسة كاف مف حقو الترشيح ليا .
ولكف كيؼ يتـ الترشيح لرياسة الدولة فى الفقو اإلسبلمى ؟
والمتتبػ ػع ألقػ ػواؿ الفقي ػػاء وآرائي ػػـ الس ػػابؽ اإلش ػػارة إليي ػػا ف ػػى ص ػػفحات ى ػػذا
المبحػػث ,يجػػد أف ىنػػاؾ ىيئػػة أطمػػؽ عمييػػا الفقيػػاء ( أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد ) ىػػى
الموكػػوؿ إلييػػا اختيػػار ال ػرئيس ولكػػف ىػػؿ يعػػد اختيػػار أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد ل ػرئيس
الدولة اختيا اًر نيائياً ,أـ يمزـ موافقة الشعب عميو ؟
والناظر فيما نقمو المؤرخػوف عمػا دار فػى سػقيفة بنػى سػاعدة ,ومػا دار مػف
ليكػوف حوار بيف الستة أصحاب الشورى الذيف عينيـ سيدنا عمر بف الخطاب
الخميفة مف بينيـ ,والناظر أيضاً فى أقواؿ الفقياء ػ السابؽ اإلشارة إلييػا ػ والتػى
تؤكد أنو ال بد أف يؤيد اإلمػاـ أكبػر عػدد ممكػف مػف النػاخبيف تحصػؿ بػو الشػوكة
التى أشار إلييا ابف تيمية حيث قاؿ " :وال يصير الرجؿ إمامػاً حتػى يوافقػو أىػؿ
ــــــــ ـ
=
ةأـه ـ ن اشيرباةل ـ . شي ،أ اشةـغّبن هن يـن اي ـ ج إىل ـىح ادلالبـ ج ىف اشفقـه لـ ةـل ب امةـ م اشيـ ،أ
ن أإ ل ب اشىازق ادلأـى ف ـ دلغى اشى ـ .ط /ةةـعف اشبـ احللـىب 241/8ـ زلمـ لـ ن ـىح
ةالح اجلل . 139 138 / 4
317 نطام احلكم يف االسالم
الشػػوكة عمييػػا الػػذيف يحصػػؿ بطػػاعتيـ لػػو مقصػػود اإلمامػػة"(ٔ) فالنػػاظر فػػى كػػؿ
ذلػػؾ يجػػد أف اختيػػار أىػػؿ الحػػؿ والعقػػد لػرئيس الجميوريػػة ال يتعػػد مجػػرد الترشػػيح
ليذا المنصب ,وليس اختيا اًر نيائياً ,خاصة فى عصرنا ىذا حيث ال يوجػد مػف
تجتمع فيو شروط الرياسة .
وعمى ذلؾ فإف تنصيب رئيس الجميورية ػ مف وجية نظرى ػ يتـ عمى النحو
التالى :
يعرض كؿ مف تتوافر فيػو شػروط الرياسػة عمػى أىػؿ الحػؿ والعقػد ,ثػـ تقػوـ
ىػػذه الييئػػة األخيػ ػرة باختيػػار أفض ػػؿ اثنػػيف مم ػػف تت ػوافر ف ػػييـ الشػػروط المطموب ػػة
لمرياسة ثـ تعرض ىذا االختيار عمى أفػراد الشػعب بعػد عػرض م ازيػا وعيػوب كػؿ
مرشػػح ,ليقػػوؿ كممتػػو ويختػػار أحػػدىما وال يصػػير المختػػار رئيس ػاً لمدولػػة إال إذا
حصؿ عمى أغمبية األصوات .
وىذا يفترض االختيار الصحيح لييئة الحؿ والعقػد عمػى النحػو السػابؽ بيانػو
فى كيفية اختيارىـ .
وبػػذلؾ نكػػوف قػػد تحققنػػا مػػف أف الشػػخص المختػػار لمرئاسػػة ىػػو أفضػػؿ مػػف
توافرت فييـ شروط الرياسة ػ ألنو مرشح مػف قبػؿ ىيئػة لػدييا القػدرة عمػى التمييػز
الصحيح بيف مف يصمح ومف ال يصمح ممػف تػوافرت فػييـ شػروط الرياسػة ,وىػـ
أىؿ الحؿ والعقد ػ ىذا مف ناحية ومف ناحية أخرى نكوف قد حصمنا عمى التأييد
الجماىيرى المطموب الذى تحصؿ بو الشوكة لتحقيؽ مقصود الرياسة .
أمػػا عػػرض المرشػػحيف لرئاسػػة الدولػػة مباش ػرة عمػػى الشػػعب لمتفاضػػؿ بيػػنيـ
بدوف وضع ضوابط لمترشيح تتعمػؽ بػالتحقؽ مػف مػدى مقػدرة ىػذا الشػخص لمقيػاـ
ــــــــ ـ
( )1ا ل ت م ن ن ةالب ج اش الن اشالبوين . 527 / 1 .
318 نطام احلكم يف االسالم
بمياـ الرئاسة أو تتعمؽ بمدى توافر شروط اإلمامة فيو ,فيػذا ال يصػمح بػالمرة ,
ألف معظـ أفراد الشعب فى الدوؿ اإلسبلمية بؿ والعربية ليس لدييـ المقػدرة عمػى
التمييز الصحيح بيف مػف يصػمح ومػف ال يصػمح لمرئاسػة ,ومػف ثػـ فػانفراد ىػؤالء
بانتخاب رئيس الدولة ال يجوز ,أو حتى اشتراكيـ مع غيرىـ ممف لػدييـ المقػدرة
عمى عممية االنتخاب فينحرفوا بيا عف الطريؽ الصحيح .
ولو نصبنا ميزاف المقارنة بػيف مػا جػاءت بػو الشػريعة اإلسػبلمية ومػا جػاءت
ب ػػو ال ػػنظـ الوض ػػعية ف ػػى م ػػدى تمت ػػع الموظ ػػؼ الع ػػاـ بحري ػػة االنتخ ػػاب والترش ػػيح
يتضح اآلتى :
ػ ىناؾ اتفاؽ بيف الػنظـ الوضػعية والشػريعة اإلسػبلمية بشػأف إقػرار مبػدأى
االنتخػػاب والترشػػيح بشػػكؿ عػػاـ ,كػػذلؾ فػػإف ىنػػاؾ اتفاق ػاً بينيمػػا فػػى
اخػػتبلؼ ض ػوابط وقيػػود ممارسػػة حػػؽ االنتخػػاب ,عػػف ض ػوابط وقيػػود
ممارس ػ ػػة ح ػ ػػؽ الترش ػ ػػيح ,حي ػ ػػث تف ػ ػػرض ال ػ ػػنظـ الوض ػ ػػعية والشػ ػ ػريعة
اإلسػػبلمية قيػػوداً أشػػد قسػػوة عمػػى الشػػخص عنػػد ممارسػػة حػػؽ الترش ػيح
مما تفرضاه عميػو عنػد ممارسػة حػؽ االنتخػاب ؛ ألف الترشػيح فػى كػؿ
منيما يتعمؽ بطمػب واليػة متعديػة إلػى الغيػر ,يجػب أف يكػوف المرشػح
أىبلً لتولى أعبائيا .
ػ تختمؼ النظـ الوضعية عف الشريعة اإلسبلمية بشأف مدى تمتع الموظػؼ
العػػاـ بحريػػة االنتخػػاب والترشػػيح ففػػى الوقػػت الػػذى نػػرى فيػػو الش ػريعة
اإلسػػبلمية تسػػوى بػػيف الموظػػؼ وغيػػر الموظػػؼ مػػف أف ػراد األمػػة ف ػػى
ممارس ػػة حػ ػػؽ االنتخ ػػاب والترشػ ػػيح ,حي ػػث لػ ػػـ تف ػػرض أى قيػ ػػد عمػ ػػى
الشػػخص يتعمػػؽ بصػػفتو كموظػػؼ عػػاـ أي ػاً كانػػت وظيفتػػو عسػػكرية أو
مدنية ,نجد العكس فػى الػنظـ الوضػعية ,التػى انتيجػت سياسػة تقييػد
حريػػة المػػوظفيف ,خاصػػة العسػػكرييف مػػنيـ ,رجػػاؿ الق ػوات المسػػمحة
والشرطة فى ممارسة حؽ االنتخاب والترشيح لممجالس النيابية .
319 نطام احلكم يف االسالم
وبيذه المقارنة نكوف قػد انتيينػا مػف بيػاف مػدى أحقيػة الموظػؼ العػاـ فػى أف
يكوف ناخباً ومرشحاً ًَ فى النظـ الوضعية والشريعة اإلسبلمية .