‫على عكس الدول األروبية التي ظهرت الصحافة فيها بعد ظهور الطباعة وانتشارها والعالم العربي شهد

المغرب والدة‬
‫متأخرة للصحافة فيه فقد ارتبط ظهور الصحافة في البالد باالستعمار لكَّن ه عرَف سابقًا مجموعة من القنوات التواصلية‬
‫ذات طالع تقليدي والتي تم من خاللها تداول األخبار وغيرها من خالل ما ُعرف ب "البراح" الذي كان يتواجد باألسواق‬
‫األسبوعية ‪" ,‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬كان الّر قاص‪ ،‬وهو ساعي البريد الذي كان ينقل الرسائل واالخبار‪ ،‬يجوب بها المدن‪ ،‬حيث‬
‫ُنّظ َم ت هذه المهمة من طرف السلطان الحسن األول سنة ‪ ،1892‬وأيضا الدور الذي يضطلع به المسجد والّز اوية والمدرسة‬
‫في نقل األخبار وتداولها وقتي اجتماع الناس للصالة أو الّد رس‪ .‬كما ال يمكن نسيان الدور المهم الذي تقوم به القوافل التجارية‬
‫والحاليقية الجّو الين‪ ،‬الذين ينقلون األخبار بين الناس"[‪.]1‬‬

‫يمكن القول أن هذه النشأة لم تكون بمحض الصدفة لكنها ناتجة عن تأثر بعض النخب المثقفة بالصحافة االوروبية إذ "يرجع‬
‫بعض الباحثين انشاء أول جريدة بالمغرب لتاريخ ‪852‬هـ‪1448 /‬م على يد النابغة محمد بن الغازي المكناسي‪ ،‬كما ُيعتبر‬
‫أدب الرحالت المنطلق المعرفي واالستكشافي األول للمغاربة للصحافة‪ ،‬حيث اطلعت النخبة المثقفة بالبالد على الصحف‬
‫الصادرة في أوروبا‪ ،‬حين زيارتهم لها ضمن بعثات دبلوماسية‪ ،‬أو تعليمية أو استطالعية‪ ،‬وبعد رجوعهم إلى المغرب تحدثوا‬
‫عن التطور العلمي والحضاري لتلك األقطار في كتبهم‪ ،‬ومن ذلك نشأت المؤسسات الصحفية‪ ،‬وعبرهم كّو ن المغاربة فكرة‬
‫عن الصحافة"[‪.]2‬‬

‫ونظرا ألن المستعمر مهد لفرض الحماية قبل وقوعها ‪,‬عبر قدوم عدد من المعمرين واستقرارهم بالبالد خالل مراحل‬
‫يمكن اعتبارها مراحل ممهدة للحماية ‪ ,‬جلب العنصر األجنبي معه الصحافة الى البالد ووظفوها لدعم سياساتهم وتوجهاتهم‬
‫والترويج لها ‪ .‬بذلك صدرت في المغرب قبل الحماية سبع عشرة جريدة ناطقة بالفرنسية بين ‪ 1870‬و‪ ،1912‬وظهرت ‪13‬‬
‫جريدة في طنجة و ‪ 4‬في الدار البيضاء[‪.]5‬‬

‫لكن هذه الصحافة المغربية بعد ذلك نمت في كنف دولة تقاوم الحماية ويتجاذب أطرافها مستعمر يحاول توجيه كل‬
‫العوامل لصالحه وحركة وطنية تحارب الى جانب المواطنين ليحظى الوطن باالستقالل والحرية وبين هذا وذاك تشكلت‬
‫صحافة بمعالم جديدة تنزاح النسق لتقيدي الذي عرفه التواصل قبل مرحلة الحماية ‪.‬‬