Professional Documents
Culture Documents
محاضرة قانون 1 1
محاضرة قانون 1 1
نشأة القانون:
اإلنسان كائن حي تتملكه األنانية وحب الذات ،عاجز بمفرده عن إشباع حاجاته وضمان بقائه ،ومنذ نشأته وهو يصارع
الطبيعة ويقاومها ومن هنا نشأت عادات وتقاليد على مستوى العائلة والقبيلة ،فهو محتم عليه التعامل مع غيره على
مختلف المستويات االقتصادية أو االجتماعية أو االقتصادية أو السياسية وهو يعبر عن كل ذلك باختيار نوع النظام الذي
يحكمه ،ونجد أن اإلنسان البدائي بر عبر العصور التاريخية بعدة مراحل:
ففي البداية كان يقتات من أوراق األشجار والثمار ،وبعدها عاش مرحلة الصيد حيث كان يتغذى على ما يصطاده.
لكن بعدها عرف مرحلة من االستقرار حيث أصبح يهتم باألرض وتربية المواشي ،ومن هنا نشأ حق الملكية والذي يعتبر
أول حق عرفه اإلنسان وما يزال يتمسك به حتى اآلن.
وبعدها تكونت األسر وتجاورت العائالت ونشأت روابط بينها كروابط الصداقة والمصاهرة ،ثم تكونت العشيرة ثم القبيلة
وأصبح شيخ القبيلة هو المسؤول األول عن حمايتها .وبعدها تكون نظام القرى والمدن أي ما يسمى بـالنظام السياسي
والذي عرف بـنظام السلطة الشعبية ،ونم هنا تكونت الدولة وهي كل مجتمع سياسي تتوفر فيه ثالث عناصر أساسية
وهي :الشعب ،اإلقليم ،والسيادة .وتمارس ثالث سلطات :السلطة التشريعية ،التنفيذية ،والقضائية.
إذن :نجد أن القانون ضرورة اجتماعية وتستوجب حياة الشعوب اختيار نظام قانوني يحكم رغبات األفراد وينظمها،
والنظريات التي تفرض إمكانية قيام دولة بدون قانون ال يمكن أن تحقق في يوم ما.
تعريف القانون
لغة :يرجع أصل كلمة قانون إلى اللغة اليونانية ،فهي كلمة معربة أخذت من كلمة كانون KANUNويقصد بها العصا
المستقيمة كأداة للضرب عند االنحراف أو الخروج عن نطاقه .وانتقلت كلمة القانون إلى لغات أخرى مثل :الفرنسية
) ،(DROITباإليطالية) ، (DIRECTOباإلسبانية) ، (DIRECHIOباأللمانية) ، (DRCHTبالروسية(NPABO)...
اصطالحا :نجد أن أغلب المفكرين لم يتفقوا على تعريف واحد للقانون ،فمنهم من عرفه على أساس الغاية التي يهدف
إلى تحقيقها بين أفراد الجماعة .وعرف على أنه :القاعدة الملزمة التي تنظم عالقات األشخاص في المجتمع تنظيما عادال
يكفل حرياتهم ويحقق الخير العام .كما تم انتقاد هذا التعريف على أساس أن فكرة الخير العام ليست فكرة ثابتة .كما أن
فكرة الغاية تعتبر من األفكار المطروحة للنقاش ،ومنه أساس تعريف القانون هو الجزاء ،فالقانون هو مج القواعد العامة
الجبرية التي تصدر عن دراسة الدولة وتنظم سلوك األشخاص الخاضعين لهذه الدولة.
*ونجد القانون في مجاالت غير قانونية ،كقانون الجاذبية وقانون العرض ،ولهذا نجد أن لكلمة قانون مدلوالن :
-يقصد بكلمة قانون بالمدلول الواسع :مجموع القواعد القانونية التي تنظم سلوك األفراد داخل المجتمع والذي يشمل على
مجموعة قوانين الدولة كالقانون الدستوري ،المالي ،والمدني...
-ويقصد بكلمة قانون بالمدلول الضيق :مجموع القواعد القانونية التي تنظم فرعا من فروع القانون ولهذا استعملت كلمة
CODEللتمييز بين كلمة قانون DROITوتعني التشريع أي مج القواعد التي تضعها السلطة التشريعية.
1
خصائص القاعدة القانونية:
-1قواعد سلوك تنظم وتحكم السلوك االجتماعي:
الحياة في المجتمع تتطلب بالضرورة تنظيما للسلوك األشخاص وعالقتهم في عدة مجاالت مختلفة ،وهذا بوضع قواعد
إلزامية تحدد وتبين حدود حريتهم وتحقق العدل فيما بينهم وبهذه القواعد يسود النظام واألمن داخل المجتمع و بدونها
تتحول الحياة إلى فوضى.
ونجد أن قواعد القانون تتخذ صورة األمر أو النهي أي أنها عبارة خطاب موجه إلى األشخاص يتضمن أم ار بعمل معين
أو نهيا عنه ،كالقاعدة التي تأمر األشخاص بدفع الضرائب أو االمتناع عن عمل معين مثل القاعدة التي تمنع أو تنهي
األشخاص عن ارتكاب الجرائم كالقتل والسرقة ولهذا امتازت القاعدة القانونية بكونها قاعدة سلوك اجتماعية وال وجود قاعدة
قانونية إال حيث يوجد المجتمع.
-2قاعدة عامة ومجردة:
القاعدة القانونية باعتبارها الخلية األساسية في القانون ما هي إال خطاب موجه إلى األشخاص بصفة عامة و مجردة ال
تخص شخصا معينا بذاته أو تتعلق بموضوع محدد بذاته بل تكون قابلة للتطبيق على كل من تتوفر فيه كل الشروط
لتطبيق القاعدة آنيا (عاجال) أما المقصود بكلمة "مجردة" أي دون علم أو تنبؤ مسبق لمن يطبق عليه القانون ،فإذا أصدر
الخطاب إلى شخص معين من اسمه أو بشأن واقعة معينة بالذاتية فيكون هذا الخطاب أمر موجه إلى هذا الشخص
المعين وليس قاعدة قانونية مثل :األمر بتعيين وزير ... .
-3قاعدة ملزمة مقترنة بجزاء:
يقصد بكلمة اإللزام أنها واجبة التنفيذ ،ويتجسد اإللزام هنا في الجزاء الذي يحدده القانون ،وهو رد فعل أو عقاب على
االلتزام واالحترام عن طريق استعمال القوة العامة المتمثلة في السلطة التنفيذية :كرجال الدرك والشرطة ...عند اللزوم .
وهي الوحيدة المخولة للتوقيع باسم المجتمع عن طريق استعمال القوة التي تملكها(السلطة التنفيذية) دون أن يستقل األفراد
بأنفسهم بتوقيعه ال في حاالت استثنائية :كـالحق الشرعي في الدفاع عن النفس ،أو المال . ...ونجد نوعان من الجزاءات:
أ -الجزاءات الجنائية :وهي تتمثل في العقوبات الجنائية :كـاإلعدام ،السجن المؤبد ...والتدابير األمنية الشخصية (تتعلق
بشخصية المتهم) مثل :منع الشخص من ممارسة مهنة أو نشاط أو غلق مؤسسة.
ب -الجزاءات المدنية :يتخذ الجزاء المدني عدة أشكال منها :التعويض المالي ،أي إجبار أو اإللزام على شخص ما دفع
مبلغ مالي للمتضرر نتيجة عن الضرر الذي لحقه .وكذا الحكم في إبطال العقد أو نسخه.
خصائص الجزاء :يشترك الجزاء في كل القواعد القانونية في مجموعة من الخصائص مهما يكن نوعها أو الفرع الذي
تنتمي إليها وتتمثل في:
أ -الجزاء حال :معناه أن الشخص عند مخالفته للقاعدة القانونية وعدم االمتثال لها ،تطبق عليه العقوبة وهو على قيد
الحياة أي دنيوي.
ب -الجزاء ذو طابع مادي :معناه أن هذا الجزاء يمس الشخص المخالف إما في جسمه ماله.
2
ت -الجزاء تختص بوضعه وتوقيعه السلطة العامة :إذ يجوز لألفراد العاديين ممارسة الجزاء وإال كنا أمام شريعة
الغاب.
3
المحاضرة رقم ()20
5
المحاضرة رقم ()23
تبرز أهمية تقسيم القانون إلى عام وخاص في عدة مجاالت نذكر منها:
-1في مجال االمتيازات :من أجل تحقيق المصلحة العامة في المجتمع منحت للسلطة العامة عدة إمتيازات لم
يمنحها القانون لألفراد ،ألنهم يسعون فقط لتحقيق مصالحهم الخاصة ،نذكر من بين هذه االمتيازات الخدمة
العسكرية ،دفع الضرائب ،نزع الملكية من أجل المنفعة العامة...
-2في مجال العقود :العقود التي تبرمها الدولة او أحد فروعها كصاحبة السيادة هي عقود إدارية تكون في مركز
ممتاز وأعلى من الفرد ،فلها حق تعديل أو إلغاء شروط العقد أو فسخه ،وهي عقود تخضع للقانون العام ،أما في
القانون الخاص فطرفا العقد يكونان متساويان أمام العقد( العقد شريعة المتعاقدين).
-9في مجال األموال :المال العام مخصص للمنفعة العامة فال يجوز التصرف فيه وال الحجر عليه وال اكتسابه
بالتقادم ،عكس المال الخاص فيمكن التصرف فيه ،الحجر عليه كما يمكن إكتسابه بالتقادم.
6
-7بالنسبة لإلختصاص القضائي :المنازعات التي تكون الدولة أو أحد فروعها طرفا فيها تكون أما القضاء االداري،
وااللقانون الواجب التطبيق هو القانون العام ،أما المنازعات التي تكون بين األفراد تكون أما القضاء العادي
والقانون الواجب التطبيق هو القانون الخاص.
7
القانون الخاص :هو مجموع القواعد القانونية التي تنظم العالقات بين طرفين ال يعمل أحدهما بصفته صاحب سيادة أو
سلطة على اآلخر .للقانون الخاص عدة فروع نذكر منها على سبيل المثال الفروع التالية:
القانون المدني ،القانون التجاري ،قانون اإلجراءات المدنية ،القانون البحري ،القانون الجوي ،القانون الدولي الخاص ،قانون
العمل ...
-1القانون المدني :وهو من أهم فروع القانون الخاص ،إذ يعتبر األصل بالنسبة لهذه الفروع ويعبر عنه بأنه الشرعية
العامة في عالقات القانون الخاص بحيث تطبق قواعده على هذه العالقات في كل ما ال يوجد في شأنه نص خاص .وهو
ينظم عالقات الفرد المالية .ويطلق عليها قواعد المعامالت و األحوال العينية.
-2القانون التجاري :هو مجموع القواعد التي تنظم العالقات الناجمة عن المعامالت التجارية ،أي القواعد المتعلقة
بتعريف التاجر وتحديد األعمال التجارية ،وكل ما يتعلق بالنشاط التجاري فيعالج قضايا اإلفالس إجراءاته وآثاره على
التاجر ،تنظيم الشركات التجارية من حيث إنشاؤها ،نشاطاتها ،كيفية إنقضائها.
-9قانون االجراءات المدنية واالدارية :مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم السلطة القضائية وتبين اختصاص
المحاكم واالجراءات الواجب اتباعها للوصول إلى حماية حق مقرر في القانون الخاص.
-7قانون العمل :مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العالقة بين العمال وأرباب العمل ،من موضوعاته :تنظيم
عالقة العمل ،وضع حد أقصى لساعات العمل ،وضع حد أدنى لألجور ،حماية العمال من إصابات العمل ،الحق
النقابي ،حمايتهم من التعسف أو الفصل التعسفي...
-5القاون البحري والجوي :بالنسبة للقانون البحري فهو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العالقات التجارية الناشئة
عن المالحة البحرية (التنظيم القانوني للسفينة من حيث االسم ،التسجيل ،الجنسية ،العقود التي ترد عليها مثل البيع،
التجهيز ،عقد التأمين ،واألخطار التي تتعرض لها)..
أما القانون الجوي فهو يتناول كل المسائل المتعلقة بالمالحة الجوية الواردة على الطائرة ،من ضمن موضوعاته :جنسية
الطائرة ،النظام القانوني لطاقمها ،عقد النقل الجوي ،مسؤولية الناقل ،التأمين ...
-6القانون الدولي الخاص :هو مجموعة من القواعد القانونية التي تبين القانون الواجب التطبيق على العالقات ذات
العنصر األجنبي ومدى اختصاص المحاكم الوطنية في الفص في تلك المنازعات.
8
المحاضرة رقم ()24
9
نصت المادة 951من القانون المدني الجزائري " البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء
أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي"
نصت المادة 17من الدستور الجزائري " ال يجوز البتة التنازل أو التخلي عن أي جزء من التراب الوطني"
نصت المادة 27من الدستور الجزائري " يعاقب القانون على التعسف في استعمال الحق"
نصت المادة 25من الدستور الجزائري "عدم تحيز اإلدارة يضمنه القانون"
نصت المادة 93من القانون التجاري الجزائري على مايلي " كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر
ملزم بمسك دفتر لليومية"....
نستنتج من هذه األمثلة أن العبارات واأللفاظ التي يستعملها المشرع للداللة على القواعد اآلمرة هي :يجب،
كل ،ال يجوز ،يلتزم....الخ
أمثلة على القواعد المكملة:
نصت المادة 944من القانون المدني الجزائري" يكون ثمن المبيع مستحقا في الوقت الذي يقع فيه تسليم
المبيع ،ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بخالف ذلك"
نصت المادة 935من القانون المدني الجزائري " إن نفقات تسليم المبيع تكون على المشتري ،ما لم يوجد
عرف أو اتفاق يقضي بخالف ذلك"
نستنتج من هذه األمثلة أن العبارات واأللفاظ التي يستعملها المشرع للداللة على القواعد المكملة هي :ما لم
يوجد عرف أو اتفاق ،إذا لم يكون اتفاق...الخ
-2المعيار المعنوي :هذا المعيار ليس حاسم كالمعيار اللفظي ،فهو تقديري يحدد نوع القاعدة القانونية على
أساس موضوعها وحسب هذا المعيار تكون القاعدة آمرة إذا كان موضوعها يتعلق بالنظام العام واآلداب
العامة ،وتكون مكملة إذا تعلقت بالمصالح الخاصة لألفراد.
لكن لم تعطي قائمة لما هو داخل أو مخالف للنظام العام واآلداب العامة لهذا يصعب العمل بهذا المعيار.
-يصعب تحديد معنى النظام العام ألن فكرته غير محددة تختلف من مكان إلى آخر ،فهو األساس
السياسي ،االجتماعي ،االقتصادي والخلقي الذي يسود مجتمع ما.
-اآلداب العامة :هي تلك القواعد الخلقية الضرورية لحفظ كيان المجتمع وهو القدر من المبادئ التي تنبع
من تقاليد ومعتقدات وأخالق المجتمع ،إذن فاآلداب العامة جزء من النظام العام ،لذا فالقواعد التي تتعلق
بها هي قواعد آمرة ال يجوز لألفراد االتفاق على مخالفتها.
10
المحاضرة رقم ()24
11
-1المبدأ الفوري للقوانين :أي أن القانون الجديد يطبق فو ار على كل الوقائع من تاريخ سيره إلى غاية تاريخ
إلغائه ،وأن القانون القديم يعتبر ملغيا بعد صدوره.
مثال :القانون الجديد يفرض دفع ضريبة على كل من يشتري سيارة ،فمن اشترى سيارة قبل صدور هذا القانون
ليس معنيا بدفع الضريبة.
-2مبدأ عدم رجعية القوانين :ال يمكن تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي ،ويقصد بهذا عدم سير القانون
الحاضر على الماضي ،فال يسري القانون الجديد على عالقات قانونية نشأت ورتبت كافة آثارها في ظل
القانون القديم .
لكن تدخل على هذا المبدأ استثناءات خاصة بالقانون الجنائي (األصلح للمتهم).
كصدور قانون جديد ينص على تخفيف عقوبة السجن ،حيث يطبق هذا القانون حتى على المسجونين
القدامى مع أنهم ارتكبوا جرائمهم في ظل القانون السابق.
مثال :حكم على متهم بـ 5سنوات سجن نافذة بتهمة تهريب العملة الصعبة ،وبعد مدة صدر قانون جديد يلغي
القانون السابق ويبيح إدخال النقد األجنبي للبالد ،وهنا يفرج على السجناء فو ار.
*ويجوز للمشرع أن ينص صراحة في التشريع لجديد على سيره على الماضي (أي تطبيقه بأثر رجعي) ألن
مبدأ عدم رجعية القوانين تقيد القاضي دون المشرع.
يقصد بتطبيق القانون من حيث المكان أن القانون يطبق على أقاليم الدولة جميعها ،وعلى كافة األفراد المقيمين فوق
أرض هذه الدولة ،كما أن القانون الوطني ال يجب أن يطبق وال أن تسري أحكامه خارج أقاليم الدولة ،أو على األفراد
المقيمين خارج أراضيها ،وبذلك فإن التصرفات والوقائع جميعها التي تحدث على أراضي الدولة تكون خاضعة لقوانينها،
بحيث يسري القانون على األفراد جميعهم مواطنين أو أجانب وال يتعدى تطبيق القانون الحدود االقليمية للدولة وهناك
مبدأين أساييين في في هذا المضمون:
مبدأ إقليمية القوانين :ويقصد به أن القانون بعد نشره ودخوله حيز النفاذ في كل إقليم الدولة بكل أجزائها -
(البري ،الجوي و البحري) وأن يطبق على كل األشخاص الطبيعية و المعنوية القاطنين في هذا اإلقليم.
مبدأ شخصية القوانين :يقصد بهذا المبدأ سريان القاعدة القانونية على األشخاص المنتمين إلى الدولة، -
سواء كانوا موجودين على إقليمها أو كانوا قيمين خارج هذا اإلقليم ،وعدم سريان هذه القاعدة على
المنتمين لدول أخرى حتى لو كانوا مقيمين في إقليمها ،إذ يتم تطبيق قانون الدولة على كافة رعاياها،
ولكن هذا المبدأ يطبق كإستثناء في بعض القوانين (الزواج ،الجنسية ،الترشح لإلنتخابات )...ويبقى مبدأ
إقليمية القوانين هي األصل في تطبيق القانون من حيث المكان.
12
المحاضرة رقم ()55
مصادر القانون
يقيد القاضي عند فصله في أي نزاع معروض أمامه ،بالرجوع لمصادر القانون بالترتيب المنصوص عليه في أحكام
نص المادة األولى من التقنين المدني الجزائري التي جاءت على النحو التالي " يسري القانون على جميع المسائل التي
تتناولها نصوصه في لفظها أو فحواها.
وإذا لم يوجد نص تشريعي ،حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة اإلسالمية ،فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف ،فإذا لم
يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة ".
وبذلك تنقسم مصادر القانون إلى مصادر رسمية أصلية ومصادر أصلية إحتياطية إلى جانب المصادر التفسيرية
المصادر الرسمية األصلية:
-1التشريع :يقصد بالتشريع سن القواعد القانونية وإكسابها القوة اإللزامية عن طريق سلطة مختصة وفقا إلجراءات معينة،
وهي مجموعة من القواعد المكتوبة تضعها السلطة التشريعية أو التنفيذية في الدولة.
سنتناول هذه القواعد وفقا لترتيبها الهرمي حيث يأتي في قمتها الدستور ،ثم القوانين بشقيها العضوية و العادية ،وأخير
المراسيم واللوائح التنظيمية ،كما سنتطرق إلى األنظمة الداخلية للمجالس التشريعية
أ -الدستور :يعتبر الدستور المصدر الرئيسي للقانون الدستوري ،وهو عبارة عن وثيقة تصدرها أعلى سلطة في
الدولة وهي السلطة التأسيسية ،تجمع فيها أهم القواعد القانونية ،وتؤسس وتنظم السلطات في الدولة وتنظم
مبادئ ممارستها وعالقاتها فيما بينها ومع المحكومين ،كما تتضمن أهم الحريات والحقوق األساسية لإلنسان
ب -التشريع العادي أو العضوي :يتمثل في مجموعة القواعد القانونية التي تسنها السلطة التشريعية ممثلة في
البرلمان في حدود المجاالت التي يحددها الدستور على سبيل الحصر ،فال يحق للبرلمان أن يشرع خارج هذه
المجاالت ،كما ال يحق للسلطة التنفيذية أن تشرع إال في حدود االستثناء الذي أشارت إليه المادة 127من
الدستور ،فبموجب هذه األخيرة لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو
بين دورتي البرلمان ،وأيضا في الحاالت االستثنائية المذكورة في المادة 39من الدستور.
-القوانين العضوية :وهي قوانين مكملة للدستور ،ويطلق عليها أيضا القوانين األساسية تميي از لها عن القوانين العادية.
والقوانين العضوية وان كانت تشترك مع العادية في الجهة التي تسنهما وهي البرلمان إال أنها تتميز عنها من ناحيتين
:
-ناحية المضمون أو المجال ،فالقوانين العضوية تعالج مواضيع محددة دستوريا ،وتهدف إلى تنظيم مسائل تتعلق
بالسلطات العامة في الدولة ،أو بمجال حقوق اإلنسان .ونجد أن الدستور الجزائري قد حدد على سبيل الحصر
المواضيع التي يشرع فيها البرلمان بقوانين عضوية بموجب المواد 159 ،129 ،115
-ناحية اإلجراءات ،ففي حين تتم المصادقة على القانون العضوي باألغلبية المطلقة لنواب المجلس الشعبي الوطني
(المادة 129من الدستور) ،و يخضع للرقابة اإلجبارية من طرف المجلس الدستوري قبل صدوره بناء على إخطار من
رئيس الجمهورية ،تتم المصادقة على القوانين العادية بأغلبية األعضاء الحاضرين فقط ،وتكون رقابة المجلس الدستوري
.عليها اختيارية ،ويمكن لرئيس الجمهورية أو احد رئيسي الغرفتين القيام بذلك قبل أو بعد إصدارها
13
-القوانين العادية :هي النصوص التي يسنها البرلمان بشكل عادي في حدود اختصاصاته المبينة على سبيل الحصر
.بموجب المادة 122من الدستور ،ويمكن للقوانين العادية أن تحتوي على قواعد ذات طابع دستوري
-المراسيم واللوائح التنظيمية :هي التصرفات القانونية الصادرة عن السلطة التنفيذية المتمثلة في مراسيم رئيس الدولة أو
الوزير األول والق اررات الو ازرية ،وهي تهدف إلى تنظيم بعض الميادين وفق قواعد عامة ومجردة ،ويعتبر مجال السلطة
التنظيمية واسعا ألنه يشمل كل المجاالت التي تخرج عن مجال القوانين(المادة .)125ونظ ار ألنها تساهم في تنفيذ وتفسير
القوانين وتكملتها في بعض األحيان فهي تشكل مصد ار من مصادر القانون الدستوري ،ومن أمثلة ذلك المرسوم الصادر
في 5جوان 1331المتضمن إعالن حالة الحصار ،والمرسوم الرئاسي رقم 179-43المتضمن القواعد الخاصة بتنظيم
المجلس الدستوري.
-األنظمة الداخلية للمجالس التشريعية :هي عبارة عن وثائق أساسية تهتم بتنظيم وسير العمل البرلماني ،بحيث يمكن
لها أن توضح أو تكمل القواعد التي نص عليها الدستور ،أو القانون العضوي .ونظ ار لخطورة ما يمكن أن تتضمنه
األنظمة الداخلية من انحراف أو تعارض مع القواعد الدستورية ،فقد أوجب الدستور إخضاعها قبل تنفيذها لرقابة المجلس
الدستوري لفحص مطابقتها المادة 165
-المصادر الرسمية االحتياطية:
-1الشريعة اإلسالمية :تتصدر الشريعة اإلسالمية المرتبة األولى من بين المصادر اإلحتياطية الرسمية للقانون وهذا
حسب نص المادة األولى من القانون المدني الجزائري ،والقاضي ملزم بهذا الترتيب المذكور سابقا.
تعريف الشريعة اإلسالمية :إن الشريعة اإلسالمية هي ما شرع هللا سبحانه وتعالى لعباده من أحكام على لسان رسوله –
صلى هللا عليه وسلم -سواء أكان بالقرىن أو بسنة رسوله من قول وفعل وتقرير.
وتنقسم أحكام الشريعة االسالمية إلى ثالث أقسام:
-علم الكالم :يتعلق بأصول الدين أي العقائد األساسية لإلسالم ،كااليمان باهلل ورسله وكل الموضوعات التي تدخل
ضمن علم التوحيد.
-علم األخالق :األحكام التي تتناول تهذيب النفس ،وما يجب أن يتحلى به الفرد من فضائل كالصدق والوفاء.
-علم الفقه :مجموعة األحكام المتعلقة بما ينشأ بين األفارد من معامالت.
كما اتفق جمهور الفقهاء على أن المصادر األصلية للفقه اإلسالمي هي الكتاب ،السنة ،اإلجماع والقياس
-2العرف :العرف مجموعة من قواعد السلوك غير المكتوبة التي تعارف الناس عليها في مجتمع معين في زمان معين و
تواتر العمل بها بينهم إلى الحد الذي تولد لديهم االعتقاد بإلزامها
ويقوم العرف على ركنين
أوال :الركن المادي :يتمثل في تكرار الناس لسلوك معين في مسألة معينة ،أو إعتياد الناس على مجموعة من األفعال
والتصرفات التي تخص أحد أمور حياتهم في المجتمع ،ويشترط هذا الركن مجموعة من الشروط تتمثل في :القدم،
الثبات ،العموم والشهرة.
ثانيا:الركن المعنوي :يقوم على االعتقاد الذي يتولد لدى الناس الذين يتبعون سلوك معتاد بأن هذا األخير ملزم لهم قانونا أ
ي شعورهم بإلزاميته ،وهو عنصر داخلي نفسي.
14
-3مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة :قام الفقهاء و الفالسفة بتعريف فكرة القانون الطبيعي ،حيث قالوا بوجود قانون
أسمى من القوانين الوضعية يعتبر أساسا لها ،ومثال يجب على كل مشرع االهتداء به عند وضع القوانين الوضعية هو
القانون الطبيعي الذي يتكون من قواعد عامة أبدية ثابتة صالحة لكل مكان وزمان ،ألنها تصدر عن طبيعة األشياء ،وأن
اإلنسان يكشف عنها بعقله.
موقف القاضي الجزائري من مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة :لقد وجد القاضي الجزائري نفسه في حيرة من كيفية
اإلحالة الواردة في نص المادة األولى من القانون المدني ،ألن المشرع من جهة لم يعرف هذه المبادئ والقواعد ولم يحدد
مصدرها مما يوقعه في حيرة ال تزول إال إذا قام بربط هذه المبادئ بالمثل العليا للمجتمع الجزائري التي يمكن أن تكون في
مجتمعات أخرى.
* المصادر التفسيرية للقانون
.وتتمثل في القضاء والفقه
: 1القضاء :هو مجموعة األحكام التي تصدرها المحاكم والتي تنتج عن اجتهاد القضاة في القانون على ما يعرض عليها
من نزاعات قانونية ،والقضاء وان كان يشكل مصد ار تفسيريا لدى اغلب الدول إال انه يعتبر مصد ار رسميا في الدول ذات
الدساتير العرفية كإنجلترا .وكثي ار ما ساهم القضاء في وضع قواعد دستورية جديدة وابرز مثال عن ذلك ما قامت به
المحكمة العليا األمريكية في 1499حين قررت حق القضاء في مراقبة دستورية القوانين بالرغم أن الدستور األمريكي لم
ينص على ذلك.
:2الفقه :يقصد به مجموعة الدراسات والبحوث واآلراء والنظريات والتعاليق التي يصدرها فقهاء القانون ،والتي تكمل
وتفسر وتنفذ القانون ،وهذه وان كانت مجرد اجتهادات فردية ال تنطوي على قوة إلزامية إال انه كثي ار ما يتأثر بها القضاء
في إصدار أحكامه أو المشرع أثناء سن القوانين ومن ذلك روح القوانين التي تضمنت فكرة فصل السلطات لمونتسكيو.
15