You are on page 1of 35

‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫فلسفة‬

‫التفكير الناقد‬
‫‪ 12/02/2022‬‬

‫ديفيد هيتشكوك‬ ‫الكاتب‬

‫صالح الفالحي‬ ‫ترجمة‬

‫نسخة ‪PDF‬‬ ‫تحميل‬

‫مدخل فلسفي حول التفكير الناقد وتاريخه واستخداماته‪ ،‬والمنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة)‪ .‬ننوه بأن الترجمة هي‬
‫للنسخة المؤرشفة في الموسوعة‪ ،‬والتي قد يطرأ عليها بعض التعديل من فينة ألخرى منذ تتمة هذه الترجمة‪ .‬وختاًم ا‪ ،‬نخّص‬
‫بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم‪ ،‬واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة‪.‬‬

‫التفكير الناقد هو هدف تعليمي يحظى بقبول واسع النطاق‪ .‬وإن كان تعريفه محل جدل‪ ،‬إال أنه يمكن فهم تعريفاته‬
‫المتمايزة على أنها تصورات متباينة لمفهوم أساسي وهو‪ :‬التفكير اليقظ الموجه لهدف‪ .‬تختلف التصورات بشأن نطاق‬
‫ذلك التفكير‪ ،‬ونوعية الهدف‪ ،‬ومعايير وقواعد التفكير بتيّقظ‪ ،‬ومكونات التفكير التي تركز عليها تلك التصورات‪ .‬وقد‬
‫أوصَي باعتماده كهدف تعليمي انطالقًا من احترام استقاللية الطالب وإعدادهم للنجاح في الحياة وللمواطنة الديمقراطية‪.‬‬
‫يتمتع “المفكرون الناقدون” باالستعدادات والقدرات التي توجههم كي يفكروا على نحو ناقد عند االقتضاء‪ ،‬ويمكن تحديد‬
‫تلك القدرات بشكل مباشر؛ أما االستعدادات فعلى نحو غير مباشر‪ ،‬أخذًا باالعتبار العوامل التي تساعد على ممارسة‬
‫القدرات أو تعرقلها‪ُ .‬طّو رت اختبارات قياسية لتقييم درجة تمتع الشخص بتلك االستعدادات والقدرات‪ ،‬وثبت تجريبيا أن‬
‫التدخل التعليمي يحّسنها‪ ،‬ال سيما عندما يشمل الحوار والتعليم اإلرسائي ‪ anchored instruction‬والتوجيه‪ .‬نشأ‬
‫الجدل حول قابلية تعميم التفكير الناقد عبر المجاالت المعرفية‪ ،‬وحول التحيز المزعوم في نظريات التفكير الناقد‬
‫وتدرسيها‪ ،‬وحول عالقة التفكير الناقد بأنواع التفكير األخرى‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ .1‬التاريخ‬
‫‪ .2‬ما ُتعّد أمثلة على التفكير الناقد وما ٌتعّد‬

‫‪ 1.2‬أمثلة ديوي الرئيسية‬


‫‪ 2.2‬أمثلة ديوي األخرى‬
‫‪ 3.2‬أمثلة أخرى‬
‫‪ 4.2‬أمثلة ال تعد تفكيرًا ناقدًا‬

‫‪ .3‬تعريف التفكير الناقد‬


‫‪ .4‬قيمة التفكير الناقد‬
‫‪ .5‬عملية التفكير على نحو ناقد‬
‫‪ .6‬مكونات العملية‬
‫‪ .7‬قدرات واستعدادات ُم سهمة‬
‫‪ .8‬استعدادات التفكير الناقد‬

‫‪ 1.8‬االستعدادات االبتدائية‬
‫‪ 2.8‬االستعدادات الداخلية‬

‫‪ .9‬قدرات التفكير الناقد‬


‫‪ .10‬المعرفة الضرورية‬
‫‪ .11‬طرق التعليم‬
‫‪ .12‬جوانب خالفية‬

‫‪ 1.12‬قابلية التفكير الناقد للتعميم‬


‫‪ 2.12‬االنحياز في نظرية التفكير الناقد وطرق تعليمه‬
‫‪ 3.12‬عالقة التفكير الناقد بسائر أنواع التفكير‬

‫المراجع‬
‫أدوات أكاديمية‬
‫مصادر أخرى على اإلنترنت‬
‫مداخل ذات صلة‬

‫‪ .1‬التاريخ‬
‫يعود استخدام مصطلح “التفكير الناقد” بوصفه هدفا تعليميا إلى الفيلسوف األمريكي جون ديوي (‪ ،)1910‬وكان يشير‬
‫إليه في الغالب باسم “التفكير االستقصائي”‪ .‬وقد عّر فه بأنه‪:‬‬
‫النظر النشط والمثابر واليقظ في أي معتقد أو صورة مفترضة للمعرفة في ضوء األسس التي تدعمه‪ ،‬واالستنتاجات‬
‫‪‬‬
‫اإلضافية التي يجنح إليها‪)Dewey 1910: 6; 1933: 9( .‬‬ ‫‪‬‬

‫وقد ربط ديوي عادة النظر تلك بموقف علمي للعقل‪ .‬وتشير اقتباساته المطولة عن فرانسيس بيكون وجون لوك وجون‬
‫ستيوارت ميل إلى أنه لم يكن أول شخص يقترح تطوير توجه علمي للعقل ليغدو هدفًا تعليميًا‪.‬‬

‫في الثالثينيات من القرن الماضي‪ ،‬شاركت مدارس عدة في دراسة دامت ثماني سنوات وبإشراف جمعية التعليم التقدمي‬
‫(‪ ،)Aikin 1942‬وقد تبّنى الكثير منها التفكير الناقد بوصفه هدفا تعليميا‪ ،‬كما طّو ر فريق التقييم في الدراسة اختبارات‬
‫ألجل تحقيق ذلك الهدف (‪ .)Smith, Tyler, & Evaluation Staff 1942‬استطاع جالسر(‪Glaser )1941‬‬
‫أن ُيبّين تجريبيًا أّن من الممكن تحسين التفكير الناقد لدى طالب مدارس المرحلة العليا‪ ،‬وبينما تضّم ن التصنيف ذو‬
‫التأثير الكبير الذي أعّده بلوم لألهداف التعليمية المعرفية قدرات التفكير الناقد (‪ ،)Bloom et al 1956‬اقترح إنيس‬
‫)‪ Ennis (1962‬اثني عشر مظهرا من مظاهر التفكير الناقد كأساس للبحث في تعليم قدرة التفكير الناقد وتقييمها‪.‬‬

‫اجتذب مؤتمر دولي سنوي حول التفكير الناقد واإلصالح التعليمي يعقد في كاليفورنيا منذ ‪ 1980‬عشرات اآلالف من‬
‫المعلمين من جميع مستويات التعليم ومن أجزاء كثيرة من العالم‪ .‬كذلك فإنه ومنذ ‪ 1980‬اشترط نظام الجامعات‬
‫الحكومية في والية كاليفورنيا على جميع طالب المرحلة الجامعية التسجيل في مادة دراسية في التفكير الناقد‪ .‬تقوم‬
‫جمعية المنطق غير الصوري والتفكير الناقد مند ‪ 1983‬برعاية جلسات بالتزامن مع اجتماعات الجمعية الفلسفية‬
‫األمريكية (‪ ،)APA‬وفي ‪ 1987‬وّجهت لجنة فلسفة المرحلة ما قبل الجامعية التابعة للجمعية الفلسفية األمريكية‬
‫بإصدار بيان توافقي حول التفكير الناقد ألغراض التعليم والتقييم التربوي (‪ ،)Facione 1990a‬كما طّو ر الباحثون‬
‫اختبارات قياسية لقدرات التفكير الناقد وسماته؛ للحصول على التفاصيل‪ ،‬راجع ملحق التقييم‪ .‬في وقتنا الراهن‪ُ ،‬تدرج‬
‫مؤسسات التعليم حول العالم التفكير الناقد ضمن إرشادات برامج التعليم والتقييم‪ ،‬ويصادق القادة السياسيون ورجال‬
‫األعمال على أهميته‪.‬‬

‫لالطالع على تفاصيل حول هذا التاريخ‪ ،‬راجع ملحق التاريخ‪.‬‬

‫‪ .2‬ما ُتعّد أمثلة على التفكير الناقد وما ٌتعّد‬


‫سيكون مفيدًا قبل النظر في تعريف التفكير الناقد أن نأخذ بعين االعتبار بعض األمثلة على التفكير الناقد‪ ،‬مع أمثلة‬
‫لضروب تفكير أخرى سيتضح أنها ال تعد تفكيرًا ناقدًا‪.‬‬

‫‪ 1.2‬أمثلة ديوي الرئيسية‬

‫يتخذ ديوي نماذَج للتفكير االستقصائي (‪ Dewey: 68-71 1910‬؛ ‪ )94-91 :1933‬من ثالث أوراق صفية‬
‫للطالب يصفون فيها تفكيرهم‪ ،‬وهي تتراوح بين أمثلة من الحياة اليومية وأمثلة علمية‪.‬‬

‫مثال التنقل‪“ :‬ذات يوم‪ ،‬بينما كنت في وسط المدينة وتحديدا في الشارع رقم ‪ ،16‬لفتت انتباهي ساعة جدارية‪ ،‬فرأيت‬
‫أن عقاربها تشير إلى ‪ ،12:20‬وهو ما ذكرني بموعدي في شارع ‪ 124‬في تمام الساعة الواحدة‪ .‬ففكرت أنه ونظًر ا‬
‫ألنني استغرقت ساعة للنزول إلى مكاني الحالي بواسطة الترام‪ ،‬فاألرجح أنني سأتأخر عشرين دقيقة إذا عدت بذات‬
‫الوسيلة‪ ،‬في حين يمكنني أن أوفر عشرين دقيقة إذا ركبت قطار األنفاق‪ .‬لكن هل هناك محطة بقربي؟ إذا لم تكن هناك‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫محطة قريبة‪ ،‬فربما سأضيع أكثر من عشرين دقيقة في البحث عن واحدة‪ .‬ثم فكرت في قطار السكة الحديد‪ ،‬ورأيت خط‬
‫قطار يمر بين مجمعين‪ .‬لكن أين المحطة؟ إذا كان موقعها بعد عدة مجمعات في الجهة العليا من الشارع الذي أقف فيه‬
‫أو الجهة السفلى‪ ،‬فسأضيع الوقت بدًال من اكتسابه‪ .‬تذكرت أن قطار األنفاق أسرع من قطار السكة الحديد؛ عالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬تذكرت أنه يمر أقرب منه إلى الجزء الذي أود الوصول إليه من الشارع ‪ ،124‬وذلك سيوفر الوقت في نهاية‬
‫المشوار‪ .‬فخلصت ألفضلية قطار األنفاق‪ ،‬ووصلت إلى وجهتي بحلول الساعة الواحدة “‪Dewey 1910: 68-( .‬‬
‫‪)69; 1933: 91-92‬‬

‫مثال العّبارة‪“ :‬يبرز عمود أبيض طويل به كرة ذهبية من سطح العّبارة العلوي وهي العّبارة التي أعبر بواسطتها النهر‬
‫يومًيا‪ .‬وقد بدا لي أنه سارية علم حين رأيته ألول مرة؛ يؤيد ذلك لونه وشكله وكرته المذهبة‪ ،‬وبّر رت كل تلك األسباب‬
‫اعتقادي هذا‪ .‬إال أنه سرعان ما واجهت التحديات اعتقادي‪ .‬كان وضع العمود أفقًيا على وجه التقريب‪ ،‬وهو وضع غير‬
‫معتاد لسارية العلم؛ ثم أنه لم تكن هناك بكرة أو حلقة أو حبل يمكن من خالله تثبيت العلم؛ وتمثلت خاتمة التحديات‬
‫بوجود َعَص وين عمودّيتين في مكان آخر على القارب ُترفع منهما األعالم أحياًنا‪ .‬بدا مرّجحا أن وجود العمود لم يكن‬
‫لرفع األعالم‪.‬‬

‫ثم حاولت بعدها أن أتخيل جميع األغراض الممكنة من وجود العمود‪ ،‬وأن أفكر في األنسب منها‪( :‬أ) ربما كان للتزيين‪.‬‬
‫ولكن نظًر ا ألن جميع العبارات وحتى زوارق السحب تحوي أعمدة‪ ،‬فقد رفضُت هذه الفرضية‪( .‬ب) ربما كان قطب‬
‫تلغراف السلكي‪ .‬لكن ذات االعتبارات السابقة جعلت هذا االفتراض غير محتمل‪ .‬أضف إلى ذلك أن الموقع الطبيعي‬
‫لقطب كهذا سيكون الجزء العلوي من القارب‪ ،‬أعلى غرفة المالحة‪( .‬ج) قد يكون الغرض منه تبيان االتجاه الذي‬
‫يتحرك فيه القارب‪.‬‬

‫” دعم هذا االستنتاج ما اكتشفته من أن العمود كان أخفض من غرفة المالحة‪ ،‬بحيث يمكن لمن يوجه الدفة رؤيته‬
‫بسهولة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬كان طرفه أعلى بدرجة كافية من القاعدة‪ ،‬ذلك لكي يبدو من موقع الرّبان أكثر بروزا من‬
‫مقدمة القارب‪ .‬أضف إلى ذلك أن الرّبان‪ ،‬في وقوفه بالقرب من مقدمة القارب‪ ،‬سيحتاج إلى توجيه كهذا بشأن اتجاه‬
‫القارب‪ .‬وتحتاج زوارق السحب كذلك إلى أعمدة لذات الغرض‪ .‬كانت هذه الفرضية أكثر احتماًال من الفرضيات‬
‫األخرى بكثير ولذا اقتنعت بها‪ .‬توصلت إلى استنتاج مفاده أن العمود إنما أعد لغرض أن يظهر للقبطان االتجاه الذي‬
‫يتوجه إليه القارب‪ ،‬لتمكينه من التوجيه بشكل صحيح”‪ 1910Dewey: 69-70( .‬؛ ‪)93-92 :1933‬‬

‫مثال الفقاعات‪“ :‬عند غسل الكؤوس برغوة صابون ساخنة ثم وضعها مقلوبة الفوهة على طبق‪ ،‬تظهر فقاعات على‬
‫الجزء الخارجي من فوهات الكؤوس ثم تدخل إلى الداخل‪ .‬لماذا؟ يشير وجود الفقاعات إلى وجود هواء‪ ،‬ال بد وأنه يأتي‬
‫من داخل الكأس كما الحظت‪ .‬وأالحظ أن الماء الصابوني الموجود على الطبق يمنع تسرب الهواء عدا ذلك العالق في‬
‫فقاعات‪ .‬ولكن لَم يخرج الهواء من الكأس؟ لم تدخل أي مادة لتدفعه إلى الخروج‪ .‬البد أن الهواء تمدد‪ .‬يتمدد الهواء‬
‫بارتفاع الحرارة أو بانخفاض الضغط أو بكليهما‪ .‬هل تعّر ض الهواء إلى الحرارة بعد أخذ الكأس من الرغوة الساخنة؟‬
‫من الواضح أنه لم يكن الهواء الذي كان عالقًا في الماء‪ .‬إذا كان الهواء الذي تعّر ض للتسخين هو السبب‪ ،‬فال بد أن‬
‫هواًء باردًا قد دخل خالل نقل الكؤوس من الرغوة إلى الطبق‪ .‬أختبُر مدى صحة هذا االفتراض بإخراج عدة كؤوس‬
‫أخرى‪ .‬أهّز بعضها ألضمن احتجاز هواء بارد في داخلها‪ ،‬وأخرج بعضها اآلخر جاعًال فوهته نحو األسفل حتى أمنع‬
‫الهواء البارد من الدخول‪ .‬تظهر الفقاعات على السطح الخارجي لكل كأس احتجزُت هواًء باردًا في داخله‪ ،‬ولم تظهر‬
‫‪‬‬
‫فقاعات على أٍّي من الكؤوس التي لم يدخلها هواء بارد‪ .‬من المؤكد أن استداللي صحيح‪ .‬البد أن الهواء الذي دخل من‬ ‫‪‬‬
‫الخارج قد تمدد بفعل حرارة الكأس‪ ،‬وهو ما يفسر ظهور الفقاعات خارج الكأس‪ .‬لكن لماذا تتجه بعد ذلك إلى الداخل؟‬
‫المواد الباردة تتقلص‪ .‬برد الكأس وكذلك برد الهواء بداخله‪ .‬وبانخفاض الضغط‪ ،‬ظهرت الفقاعات في الداخل‪ .‬وألتأكد‬
‫من ذلك‪ ،‬أختبر بوضع كوب من الثلج على الكأس بينما ال تزال الفقاعات تتشكل في الخارج‪ ،‬وسرعان ما تنعكس‬
‫متجهة إلى الداخل” (‪)Dewey 1910: 68-69; 1933: 93-94‬‬

‫‪ 2.2‬أمثلة ديوي األخرى‬

‫يضّم ن ديوي (‪ )1933 ، 1910‬كتابه أمثلة أخرى من التفكير الناقد‪ .‬سنتطرق منها إلى ما يلي‪.‬‬

‫مثال الطقس‪ :‬يالحظ رجل أثناء مشيه أن الجو غدا باردًا فجأة‪ ،‬فيعتقد أن من المرّجح أن تمطر‪ ،‬ثم ينظر ألعلى ويرى‬
‫سحابة مظلمة تحجب الشمس‪ ،‬فيحث خطاه (‪ 10-6 :1910‬؛ ‪.)13-9 :1933‬‬

‫مثال الفوضى‪ :‬يجد رجل وهو عائد إلى مسكنه أن المسكن في حالة اضطراب وأن حاجّياته مبعثرة‪ ،‬فيفكر بداية في‬
‫السطو كتفسير لألمر‪ ،‬ثم يفكر في األطفال األشقياء كتفسير بديل‪ ،‬ينظر بعدها ما إذا كانت األشياء الثمينة مفقودة‪،‬‬
‫فيكتشف أنها ُفقدت (‪ 83–82 :1910‬؛ ‪.)168–166 :1933‬‬

‫مثال التيفوئيد‪ :‬في تشخيصه لحالة مريض تشير أعراضه الظاهرة إلى إصابته بالتيفوئيد‪ ،‬يتجنب طبيب االستدالل على‬
‫نتيجة حتى ُتجمع بيانات أكثر من خالل سؤال المريض وإجراء الفحوصات (‪ 86-85 :1910‬؛ ‪.)170 :1933‬‬

‫مثال الضبابية‪ :‬يلفت انتباهنا شيء منطمس المعالم ومتحرك من بعيد‪ ،‬فنتساءل ما إذا كانت عاصفة غبار أو أفرع‬
‫شجرة تتحرك أو شخص يؤشر نحونا‪ ،‬نفكر في سمات أخرى ينبغي أن توجد في كل احتمال مما سبق‪ ،‬وننظر ونرى ما‬
‫إذا ُو جدت تلك السمات (‪ 108 ، 102 :1910‬؛ ‪.)133 ، 121 :1933‬‬

‫مثال مضخة الشفط‪ :‬في تأّم له لمضخة الشفط‪ ،‬يالحظ العاِلم أوال أنها ستسحب الماء إلى ارتفاع أقصاه ‪ 33‬قدًم ا عندما‬
‫تكون عند مستوى سطح البحر وإلى مستوى أقل من ذلك عند ارتفاعات أعلى‪ ،‬ويختار ما يستحّق انتباهه من الدرجات‬
‫المختلفة للضغط الجوي عند تلك االرتفاعات‪ ،‬ويقوم بإجراء تجارب ُيفّر غ من خاللها الهواء من الوعاء الذي يحتوي‬
‫الماء (بعد توقف الشفط عن العمل) ويحسب بواستطها وزن الهواء عند مستويات مختلفة‪ ،‬ويقارن نتائج االستدالل حول‬
‫االرتفاع الذي يسمح عنده وزن معين من الهواء لمضخة شفط برفع المياه إلى أقصى ارتفاع ملحوظ عند ارتفاعات‬
‫مختلفة‪ ،‬ويماثل أخيرًا بين مضخة الشفط وظواهر مختلفة ظاهرًيا مثل السيفون (آلية حمل السائل إلى مستوى منخفض)‬
‫وارتفاع البالون (‪ 153-150 :1910‬؛ ‪.)198-195 :1933‬‬

‫‪ 3.2‬أمثلة أخرى‬

‫مثال األلماس[‪ : ]sa1‬يقود شخص سيارته في حارة األلماس والمخصصة للسيارات التي تحمل راكبًا واحدًا على‬
‫األقل‪ ،‬ويالحظ أن عالمات الشكل األلماسي ذي األضالع األربعة ومتساوية الطول مرسومة على أرضية تلك الحارة‬
‫من الشارع لكنها تمتاز بأنها متباعدة في بعض األماكن ومتقاربة في أماكن أخرى‪ .‬يتساءل‪ :‬لماذا؟ يقترح قائد السيارة‬
‫أن السبب ربما يكمن في أن عالمات الشكل األلماسي ليست ضرورية عند وجود خط مزدوج ومتصل يفصل حارة‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫األلماس عن الحارة المجاورة‪ ،‬ولكن تظهر الحاجة إليها عند وجود خط واحد ومتقطع يسمح بالعبور إلى حارة األلماس‪.‬‬
‫المزيد من التقّص ي يؤكد أن عالمات الشكل األلماسي تكون متقاربة عندما يفصل خط متقطع حارة األلماس عما‬
‫يجاورها‪ ،‬ولكنها تكون متباعدة في حالة الخط المتصل والمزدوج‪.‬‬

‫مثال الطفح الجلدي‪ :‬تصاب امرأة فجأة بطفح جلدي أحمر يسبب حكة شديدة على حلقها وأعلى صدرها‪ .‬والحظت‬
‫مؤخًر ا عالمة على ظهر يدها اليمنى‪ ،‬لكنها لم تكن متيقنة ما إذا كانت العالمة طفحًا جلديًا أو خدشًا‪ .‬تستلقي على‬
‫السرير مفكرة فيما عساه يكون سببًا للطفح الجلدي وماذا ستفعل حياله‪ .‬كانت قد بدأت قبل أسبوعين تقريًبا بتناول أدوية‬
‫ضغط الدم التي تحتوي على عقار السلفا‪ ،‬وحذرها الصيدالني أن تتأهب لردة فعل تحسسية‪ ،‬نظًر ا لردة فعل تحسسية‬
‫سابقة لديها تجاه دواء يحتوي على عقار السلفا؛ إال أنها كانت تتناول الدواء لمدة أسبوعين دون أي تأثير‪ .‬في اليوم‬
‫السابق‪ ،‬بدأت في استخدام مرهم جديد على رقبتها وأعلى صدرها؛ إال أن وجود عالمة على ظهر يدها التي لم تتعرض‬
‫للمرهم الجديد يتعارض مع اعتبار المرهم هو السبب‪ .‬بدأت في تناول ُم عينات حيوية قبل حوالي شهر‪ .‬كما بدأت مؤخًر ا‬
‫في استخدام قطرات جديدة للعين‪ ،‬لكنها افترضت أن مصنعي قطرات العين سيحرصون على عدم تضمين المكونات‬
‫المسببة للحساسية في الدواء‪ .‬قد يكون الطفح الجلدي عبارة عن طفح جلدي حراري‪ ،‬حيث كانت تتعرق بغزارة مؤخًر ا‬
‫من الجزء العلوي من جسدها‪ .‬ونظًر ا ألنها على وشك السفر في إجازة قصيرة‪ ،‬حيث لن تتمكن من مقابلة طبيبها‬
‫المعتاد‪ ،‬فقد قررت االستمرار في تناول الُم عينات الحيوية واستخدام قطرات العين الجديدة وأن تتوقف عن تناول دواء‬
‫ضغط الدم وتعود إلى المرهم القديم لرقبتها وأعلى صدرها‪ .‬وهي تخطط الستشارة طبيبها المعتاد عند عودتها بشأن‬
‫دواء ضغط الدم‪.‬‬

‫مثال المترشح‪ :‬على الرغم من أن ديوي لم يضّم ن أي أمثلة على تفكير موجه نحو تقييم حجج اآلخرين‪ ،‬إال أن تفكيرا‬
‫كهذا بات ُيعّد نوًعا من التفكير الناقد‪ .‬نجد مثاًال على هذا التفكير في مهمة األداء ضمن تقييم التعلم الجامعي (‪،)+CLA‬‬
‫والذي تصفه المنظمة المشرفة عليه بأنه‬

‫تقييم قائم على األداء يقدم مقياًسا لمساهمة مؤسسة ما في تطوير التفكير الناقد ومهارات االتصال الكتابي عند طالبها‪.‬‬
‫(‪)Council for Aid to Education 2017‬‬

‫تتطلب عينة لمهمة نشرت على موقع المنظمة من المتقدم لالختبار كتابة تقرير للنشر على نطاق عام ُيقّيم فيه مقترحات‬
‫سياسة مرشح وهمي والحجج الداعمة له‪ ،‬بحيث ُيتاح له استخدام وثائق مرجعية‪ ،‬مع كتابة توصية بشأن ما إذا كان‬
‫سيصادق على المرشح أم ال‪.‬‬

‫‪ 4.2‬أمثلة ال تعد تفكيرًا ناقدًا‬

‫إن قبوًال فوريًا لفكرة تظهر تلقائيًا كحل لمشكلة (على سبيل المثال‪ ،‬تفسير محتمل لحدث أو ظاهرة‪ ،‬أو فعل يبدو أنه‬
‫يؤدي إلى نتيجة مرغوبة) هو “تفكير غير ناقد‪ ،‬أي الحد األدنى من التقصي” (‪ .)Dewey 1910 : 13‬كذلك فإن‬
‫تعليقًا مستمرًا للحكم في ضوء الشك حول حل ممكن ليس تفكيًر ا ناقدًا (‪ .)Dewey 1910: 108‬ال يعتبر النقد الذي‬
‫تحركه أيديولوجية سياسية أو دينية راسخة تفكيًر ا ناقدًا‪ .‬وهكذا يستخدم باولو فريري(‪Paulo )]1970[ 1968‬‬
‫‪ Freire‬المصطلح (على سبيل المثال ‪ ،‬في ‪ )146 ، 100 ، 81 ، 71 :1970‬بمعنى يتصف بميل سياسي شديد‬
‫‪‬‬
‫بحيث ال يشمل التفكير فحسب‪ ،‬بل يشمل أيًض ا سلوكا ثوريًا ضد االضطهاد‪ .‬كذلك فإن اشتقاق استنتاج من معطيات‬ ‫‪‬‬
‫معينة باستخدام خوارزمية ليس تفكيًر ا ناقدًا‪.‬‬

‫‪ .3‬تعريف التفكير الناقد‬


‫ما هو التفكير الناقد؟ تتعدد التعريفات‪ .‬يسرد إنيس )‪Ennis (2016‬أربعة عشر تعريًفا أكاديميًا فلسفية التوجه وثالثة‬
‫تعريفات معجمية‪ .‬واتباعًا لراولز (‪ Rawls )1971‬الذي ميز تصوره للعدالة عن التصور النفعي لها بيد أنه اعتبرهما‬
‫تصورين متنافسين لذات المفهوم‪ ،‬يرى إنيس أن التعريفات السبعة عشر هي تصورات مختلفة للمفهوم ذاته‪ .‬صاغ‬
‫راولز المفهوم المشترك للعدالة على أنه‪:‬‬

‫مجموعة مميزة من المبادئ لتعيين الحقوق والواجبات األساسية ولتحديد … التوزيع الصائب لمنافع التعاون االجتماعي‬
‫وأعبائه‪)Rawls 1971: 5( .‬‬

‫يزعم بايلين وآخرون )‪ Bailin et al. (1999b‬أنه إذا أخذ المرء في االعتبار أي أنواع التفكير ال يعتبرها تربوي ما‬
‫تفكيًر ا ناقدًا وأي أنواع أخرى يعتبرها كذلك‪ ،‬فبإمكانه أن يستنتج أن التربويين يرون التفكير الناقد عادة ُم ّتسما بثالث‬
‫سمات على األقل‪.‬‬

‫‪ .1‬أنه يتم لغاية تتمثل في اتخاذ قرار بشأن ما يعتقده المرء أو يفعله‪.‬‬
‫‪ .2‬أن من يشرع في التفكير إنما يسعى الستيفاء معايير المالءمة والدقة بما يتالءم مع ذلك التفكير‪.‬‬
‫‪ .3‬أنه تفكير يستوفي المعايير ذوات الصلة عند مستوى معين من الحد األدنى‪.‬‬

‫يمكن للمرء تلخيص المفهوم األساسي الذي يتضمن هذه الجوانب الثالثة بالقول إن التفكير الناقد هو تفكير يقظ وموّجه‬
‫لغاية‪ .‬يبدو هذا المفهوم األساسي منطبقًا على جميع أمثلة التفكير الناقد الموضحة في القسم السابق‪ .‬أما بالنسبة لألمثلة‬
‫التي ال تعد تفكيرًا ناقدًا‪ ،‬فإن استبعادها يعتمد على اعتبار أن التفكير اليقظ هو استبعاد القفز المباشر إلى االستنتاجات‪،‬‬
‫وتعليق الحكم دون اعتبار لقوة الدليل‪ ،‬واستبعاد االستدالل المنطلق من منظور أيديولوجي أو ديني ال يقبل التشكيك‪،‬‬
‫واستخدام خوارزمية بشكل تلقائي لإلجابة عن سؤال‪.‬‬

‫إذا كان أساس التفكير الناقد هو التفكير اليقظ والموّجه نحو غاية‪ ،‬فإن التصورات حوله يمكن أن تتنوع وفًقا لنطاقه‬
‫المفترض‪ ،‬وهدفه المفترض‪ ،‬ومعايير الفرد مع الحد األدنى الذي يكون فيه يقظًا‪ ،‬ومكون التفكير الذي يركز عليه الفرد‪.‬‬
‫أما من حيث نطاقه‪ ،‬فتقصره بعض التصورات (على سبيل المثال‪ )Dewey1910 ،1933:‬على التفكير البّناء على‬
‫أساس مالحظات الفرد وتجاربه‪ ،‬ويقصره آخرون (على سبيل المثال ‪Ennis 1962; Fisher & Scriven‬‬
‫‪ )1997; Johnson 1992‬على تقييم نواتج ذلك التفكير‪ .‬ويعتبره كل من إنيس (‪ Ennis )1991‬وبيليت إت ال‬
‫)‪ Bailin et al. (1999b‬شامُال لكل من البناء والتقييم‪ .‬فيما يتعلق بغايته‪ ،‬فإن بعض التصورات تقصرها على تكوين‬
‫حكم (‪ .)Dewey 1910, 1933; Lipman 1987; Facione 1990a‬ويجيز آخرون أن تكون األفعال وكذلك‬
‫المعتقدات منتهى عملية التفكير الناقد (‪ .)Ennis 1991; Bailin et al. 1999b‬أما فيما يتعلق بمعايير التيّقظ‬
‫وحّدها األدنى فتتباين التعريفات بشأن المصطلح المستخدم لإلشارة إلى أن التفكير الناقد يلبي معايير معينة منها‪:‬‬
‫“منضبط فكرًيا” (‪“ )Scriven & Paul 1987‬معقول” (‪“ ،)Ennis1991‬بارع” (‪“ )Lipman 1987‬ماهر”‬
‫‪‬‬
‫(‪ )Fisher & Scriven 1997‬متيّقظ” (‪ .)Bailin & Battersby 2009‬تحدد بعض التعريفات هذه المعايير‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وتشير بطرق شتى إلى “النظر في أي اعتقاد أو شكل مفترض للمعرفة على ضوء األسس التي تدعمه واالستنتاجات‬
‫األخرى التي تخلص إليه” (‪ )Dewey 1910, 1933‬؛ “طرق التساؤل المنطقي واالستدالل” (‪)Glaser1941‬؛‬
‫“وضع تصور و‪/‬أو تطبيق وتحليل وتجميع وتقييم المعلومات التي تم جمعها من (أو الناتجة عن) المالحظة أو الخبرة أو‬
‫التقصي أو االستدالل أو االتصال” (‪)Scriven & Paul 1987‬؛ كذلك هناك الشرط في أن يكون التفكير الناقد‬
‫“حساًسا للسياق‪ ،‬ويعتمد على المعايير‪ ،‬ويصحح ذاته بذاته” (‪)Lipman 1987‬؛ إلى جانب “اعتبارات إثباتية أو‬
‫مفاهيمية أو منهجية أو معيارية أو سياقية” (‪)Facione 1990a‬؛ و “اعتبارات اإليجابية والسلبية للُم خَر ج من حيث‬
‫المواصفات (والمعايير) المالئمة” (‪ .)Johnson 1992‬ويقترح ستانوفيتش وستانوفيتش ‪Stanovich and‬‬
‫)‪Stanovich (2010‬تأسيس مفهوم التفكير الناقد على مفهوم العقالنية‪ ،‬الذي يفهمانه على أنه يجمع بين العقالنية‬
‫المعرفية (مالءمة معتقدات المرء مع العالم من حوله) والعقالنية األداتية (تحسين استيفاء الهدف)؛ ويريان أن المفكر‬
‫الناقد هو شخص “لديه ميل لتجاوز االستجابات دون المستوى والصادرة من العقل في حالته التلقائية” (‪.)2010:227‬‬
‫هذه المواصفات المتنوعة لمعايير التفكير الناقد ليست غير متوافقة بالضرورة مع بعضها البعض‪ ،‬وهي تفترض سلفًا‬
‫وفي كل األحوال الفكرة األساسية للتفكير بتيّقظ‪ .‬بالنسبة لعنصر التفكير المتفرد باالهتمام‪ ،‬فإن بعض التعريفات ترّكز‬
‫اهتمامها على التأني في إقرار الحكم أو تعليقه أثناء التفكير (‪ ،)Dewey 1910; McPeck 1981‬في حين يرّكز‬
‫البعض اآلخر اهتمامه على التساؤل أثناء تعليق الحكم (‪ ،)Bailin & Battersby 2009‬كما أن هناك تعريفات تهتّم‬
‫بالحكم الناتج (‪ ،)Facione 1990a‬وأخرى تهتّم باالستجابة االنفعالية الالحقة (‪.)Siegel 1988‬‬

‫يعتبر تعريف التفكير الناقد في السياقات التعليمية “تعريًفا برامجيًا” (‪ .)Scheffler 1960: 19‬إنه تفكير يعبر عن‬
‫برنامج عملي لتحقيق هدف تعليمي‪ .‬من أجل هذا الهدف‪ ،‬التعريف ذو صيغة الجملة الواحدة أقل فائدة بكثير من توضيح‬
‫لعملية التفكير الناقد‪ ،‬مع معايير ومواصفات ألنواع التفكير التي قد تنطوي عليها هذه العملية‪ .‬الهدف التعليمي الحقيقي‬
‫هو إدراك الطالب لتلك المعايير والمواصفات وتنبّيها وتطبيقها‪ .‬يتكون هذا المزيج من التبني والتطبيق بدوره من‬
‫اكتساب معرفة المفكر الناقد وقدراته واستعداداته‪.‬‬

‫ال تتضمن تصورات التفكير الناقد على وجه العموم النزاهة األخالقية كجزء من المفهوم‪ .‬اعتبر ديوي‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬أن التفكير الناقد هو الهدف الفكري الفائق للتعليم‪ ،‬غير أنه قام بتميزه عن تنمية التعاون االجتماعي بين أطفال‬
‫المدارس‪ ،‬والذي اعتبره الهدف األخالقي المركزي‪ .‬أضاف إنيس ‪ Ennis (1996, 2011)Ennis‬إلى قائمته السابقة‬
‫من االستعدادات المرتبطة بالتفكير الناقد مجموعة من االستعدادات التي تهتم بكرامة وقيمة كل إنسان‪ ،‬والتي وصفها‬
‫مجتمعة بأنها استعداد “متالزم” (‪ )1996‬يكون من دونه التفكير الناقد أقل قيمة بل ربما ضاّر ا‪ ،‬وقد أّكد على أن‬
‫البرنامج التعليمي الذي يهدف إلى تنمية التفكير الناقد مع إهمال االستعداد المتالزم لالهتمام بكرامة كل إنسان وقيمته‬
‫“سيكون ناقًص ا بل وربما خطيًر ا” (‪.)Ennis1996: 172‬‬

‫‪ .4‬قيمة التفكير الناقد‬


‫رأى ديوي أن تعليم التفكير االستقصائي من شأنه إضافة قيمة للفرد والمجتمع؛ ذلك أن اإلقرار في الممارسة التعليمية‬
‫بصلة النفس العلمي للفضول الفطري عند األطفال‪ ،‬إلى جانب خيالهم الخصب وحبهم للتساؤل التجريبي‪“ ،‬من شأنه أن‬
‫يخلق سعادة الفرد ويحد من الهدر االجتماعي” (‪.)Dewey 1910: iii‬اضطلعت المدارس المشاركة في دراسة‬
‫‪‬‬
‫الثماني سنوات بتطوير عادة التفكير االستقصائي ومهارة حل المشكالت كوسيلة لتوجيه الشباب نحو فهم أسلوب الحياة‬ ‫‪‬‬
‫الديمقراطية التي تتسم بها الواليات المتحدة وتقديرها والعيش وفقها (‪ .)Aikin 1942: 17– 18 ، 81‬قّدم هارفي‬
‫سيجل )‪ Harvey Siegel (1988: 55–61‬أربعة اعتبارات لدعم تبني التفكير الناقد بوصفه نموذجا تعليميا أمثل‪.‬‬
‫(‪ )1‬يقتضي احترام األشخاص احترام المدارس والمعلمين لمطالبة الطالب بأسباب وتفسيرات‪ ،‬والتعامل مع الطالب‬
‫بصدق‪ ،‬وإدراك الحاجة إلى التعامل مع األحكام المستقلة للطالب؛ تتعلق كل هذه المتطلبات باألساليب التي يعامل بها‬
‫المعلمون الطالب‪ )2( .‬يتولى التعليم مهمة إعداد األطفال ليكونوا بالغين ناجحين‪ ،‬وهي مهمة تتطلب تنمية اعتمادهم‬
‫على ذواتهم‪ )3( .‬ينبغي للتعليم أن يدّر ب األطفال على التقاليد العقالنية في مجاالت مثل التاريخ والعلوم والرياضيات‪.‬‬
‫(‪ )4‬يجب أن يهيئ التعليم األطفال ليصبحوا مواطنين ديمقراطيين‪ ،‬األمر الذي يتطلب إجراءات منطقية ومواهب‬
‫وسلوكيات ناقدة‪ .‬استكماًال لهذه االعتبارات‪ ،‬يرد سيجل )‪ Siegel (1988: 62–90‬على اعتراضين‪ :‬االعتراض‬
‫األيديولوجي المتمثل في أن تبني أي نموذج تعليمي يتطلب التزاًم ا أيديولوجًيا سابًقا‪ ،‬واعتراض التلقين المتمثل في أن‬
‫تنمية التفكير الناقد ال يمكن أن تتحرر من كونها شكًال من أشكال التلقين‪.‬‬

‫‪ .5‬عملية التفكير على نحو ناقد‬


‫على الرغم من تنوع األحد عشر مثاًال الواردة في القسم الثاني من هذا المقال‪ ،‬إال أنه يمكن للمرء تمييز نمط مشترك‬
‫بينها‪ .‬حّلل ديوي هذا النمط بوصفه متألًفا من خمس مراحل‪:‬‬

‫‪ .1‬اقتراحات يثب من خاللها العقل إلى حل ممكن؛‬


‫‪ .2‬تحويل ذهني لصعوبة أو حيرة إلى مشكلة ينبغي حلها‪ ،‬أو إلى سؤال ينبغي العثور على إجابة عنه؛‬
‫‪ .3‬استخدام اقتراح تلو اآلخر كفكرة جوهرية‪ ،‬أو فرضية‪ ،‬بغرض الشروع في المراقبة إلى جانب العمليات‬
‫األخرى وتوجيهها لجمع حقائق مادية؛‬
‫‪ .4‬التطوير الذهني المفّص ل لفكرة أو افتراض من حيث هي فكرة أو افتراض (التفكير‪ ،‬بالمعنى الذي يكون فيه‬
‫التفكير جزًء ا من االستدالل‪ ،‬وليس كّله)؛‬
‫‪ .5‬اختبار الفرضية عبر نشاط علني أو تخيلي‪Dewey 1933: 106–107( .‬؛ الخط في األصل مائل)‬

‫ستسبق عملية التفكير االستقصائي التي تتكون من هذه المراحل حالة تتصف بالحيرة أو اإلشكالية أو التشتت‪ ،‬ثم يعقب‬
‫هذه العملية موقف أشّد وضوًح ا وتماسًكا وحسًم ا (‪ .)Dewey 1933: 106‬حّل مصطلح “مراحل”محّل مصطلح‬
‫“خطوات” (‪ ،)Dewey 1910: 72‬وبذلك ُح ذف االقتراح السابق للتسلسل الثابت‪ ،‬كما ظهرت بدائل للتحليل أعاله في‬
‫(‪ )Dewey 1916: 177‬و (‪.)Dewey 1938: 101–119‬‬

‫يشير تنوع الصيغ إلى الصعوبة التي ينطوي عليها تقديم تحليل منطقي واحد لعملية متباينة جدًا‪ .‬قد يكون لعملية التفكير‬
‫الناقد نمط حلزوني‪ ،‬مع إعادة تعريف المشكلة على ضوء العقبات التي تحول دون حلها بصيغتها األصلية‪ .‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬من الممكن أن يخلص الشخص في مثال التنّقل أعاله إلى استحالة وصوله إلى الموعد في الوقت المحدد ومن ثم‬
‫يعيد صياغة المشكلة على أنها إعادة جدولة الموعد لوقت مناسب للطرفين‪ .‬كذلك فإن تعريف مشكلة ال يأتي دائما بعد‬
‫فكرًة لحل مقترح ما أو ال يؤدي إليها على الفور‪ ،‬وال ينبغي للتعريف أن يقوم بذلك‪ ،‬وهذا ما أدركه ديوي نفسه في‬
‫وصفه للطبيب في مثال التيفوئيد بأنه يتجنب أي تفضيل شديد لهذا االستنتاج أو ذاك قبل حصوله على معلومات إضافية‬
‫(‪ .)Dewey 1910: 85; 1933: 170‬إن من لديهم فرضية في أذهانهم‪ ،‬حتى وإن كان ارتباطهم بها ضعيفًا جًدا‪،‬‬
‫‪‬‬
‫يكون لديهم ما يسمى “باالنحياز التأكيدي” (‪ :)Nickerson 1998‬من المرجح أن يولوا اهتمامًا بالدليل الذي يؤكد‬ ‫‪‬‬
‫الفرضية ويتجاهلوا الدليل الذي يخالفها أو يؤيد فرضيات تنافسها‪ .‬يبلغ المحققون ووكاالت االستخبارات والتحريات في‬
‫حوادث الطائرات من الحصافة بحيث يجمعون األدلة ذات الصلة بشكل منهجي ويؤجلون حتى مجّر د التبني المبدئي‬
‫لفرضية تفسيرية إلى أن َيستبعد الدليُل – الذي تم جمعه بدرجة مالئمة من التحقق‪ -‬جميع التفسيرات باستثناء تفسير‬
‫واحد‪ .‬يمكن أيضًا انتقاد تحليل ديوي لعملية التفكير الناقد من حيث أنه يتطلب قبوَل أو رفَض حٍل محتمل لمشكلة‬
‫محددة‪ ،‬مع عدم جواز اتخاذ قرار لتعليق الحكم على ضوء األدلة المتاحة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬وأخذًا باالعتبار التنوع‬
‫الهائل في أنواع المشكالت التي يكون التقّص ي مناسًبا لها‪ ،‬سيكون هذا التقّص ي على األرجح متنوعًا في مكّو نات أحداثه‪.‬‬
‫لعّل أفضل طريقة لتصور عملية التفكير الناقد هو باعتبارها قائمة تحقق بحيث ُيمكن ألحداثها المكونة لها أن تتجسد‬
‫وفق تنوع في ترتيبها‪ ،‬وانتقائيتها‪ ،‬وألكثر من مرة‪ .‬قد تشمل هذه األحداث المكونة (‪ )1‬االنتباه إلى صعوبة‪ ،‬و(‪)2‬‬
‫تحديد المشكلة‪ ،‬و(‪ )3‬تقسيم المشكلة إلى مشكالت فرعية تسهل معالجتها‪ ،‬و(‪ )4‬صياغة أشكال متعددة من الحلول‬
‫الممكنة للمشكلة أو المشكلة الفرعية‪ ،‬و(‪ )5‬تحديد أي من األدلة له صلة باتخاذ قرار‪ ،‬من بين الحلول الممكنة‪ ،‬للمشكلة‬
‫أو المشكلة الفرعية‪ ،‬و(‪ )6‬وضع خطة للمراقبة المنهجية أو التجربة التي ستكشف عن الدليل ذي الصلة‪ ،‬و(‪ )7‬تنفيذ‬
‫خطة المراقبة المنهجية أو التجريب‪ ،‬و(‪ )8‬مالحظة نتائج المراقبة أو التجربة المنهجية‪ ،‬و(‪ )9‬جمع اإلفادات‬
‫والمعلومات ذات العالقة من اآلخرين‪ ،‬و(‪ )10‬الحكم على مصداقية اإلفادات والمعلومات التي تم جمعها من اآلخرين‪،‬‬
‫و(‪ )11‬استخالص النتائج من األدلة التي تم جمعها ومن اإلفادة التي تم قبولها‪ ،‬و(‪ )12‬قبول حل تدعمه األدلة بشكل‬
‫مالئم‪ ،‬راجع(‪)cf. Hitchcock 2017: 485‬‬

‫إن التصورات القائمة على قوائم التحقق لعملية التفكير الناقد عرضة لالعتراض كونها ميكانيكية وإجرائية للغاية‪،‬‬
‫وبدرجة ال تناسب القضايا متعددة األبعاد والمحملة بالمشاعر والتي هي بحاجة ملّحة للتفكير الناقد حيالها (‪Paul‬‬
‫‪ .)1984‬لمثل هذه القضايا‪ُ ،‬يلجأ إلى عملية أكثر دياليكتية‪ ،‬وُتحّدد فيها وجهات النظر المتنافسة وذوات العالقة‪،‬‬
‫وُتستكشف تطبيقاتها‪ ،‬وُيسعى من خاللها إلى شكل من التوليف اإلبداعي‪.‬‬

‫‪ .6‬مكونات العملية‬
‫إذا نظرنا إلى عملية التفكير الناقد كما وضحتها األمثلة األحد عشر‪ ،‬فبوسعنا تحديد أنواع مميزة من األفعال والحاالت‬
‫العقلية التي تشّكل جزًء ا من تلك العملية‪ .‬إن التمييز بين تلك المكونات وتسميتها وتوصيفها بإيجاز يعّد تمهيدًا مفيدًا‬
‫لتحديد القدرات والمهارات والميول والمواقف والعادات وما شابهها مما يسهم سببّيا في التفكير بشكل ناقد‪ .‬تحديد تلك‬
‫القدرات والعادات يعد بدوره تمهيًدا مفيًدا لتحديد أهداف تعليمية‪ ،‬كما أّن تحديُد تلك األهداف يعّد بدوره تمهيًدا مفيًدا‬
‫لتصميم استراتيجيات لألخذ بيد المتعلمين نحو تحقيق األهداف ولتصميم طرق قياس لمدى قيام المتعلمين بذلك‪ .‬توفر‬
‫هذه المقاييس تعقيبات للمتعلمين حول إنجازهم وأساًسا للبحث التجريبي حول فعالية االستراتيجيات المختلفة لتثقيف‬
‫الناس حول التفكير بشكل ناقد‪ .‬لنبدأ ‪-‬إًذا‪ -‬بتمييز أنواع األفعال واألحداث العقلية التي يمكن لها أن تظهر في عملية‬
‫التفكير الناقد‪.‬‬

‫المالحظة‪ :‬يالحظ المرء شيًئا ما في محيطه المباشر (كبرودة درجة الحرارة على نحو مفاجئ في مثال الطقس‪،‬‬
‫أو فقاعات تتشكل خارج الزجاجة ثم تدخل إليها في مثال الفقاعات‪ ،‬أو طيف متحرك من مسافة بعيدة في مثال‬
‫الطيف‪ ،‬أو طفح جلدي في مثال الطفح الجلدي)‪ ،‬أو يالحظ نتائج تجربة أو رصد منهجي (كفقدان أشياء ثمينة‬
‫في مثال الفوضى‪ ،‬أو عدم حدوث شفط من دون ضغط الهواء كما في مثال مضخة الشفط)‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫الشعور‪ :‬يشعر المرء بحيرة أو تشّكك حيال أمر ما (ككيفية الوصول إلى موعد في الوقت المحدد في مثال‬
‫النقل‪ ،‬أو كالسبب وراء اختالف المسافات بين عالمات الشكل األلماسي في مثال األلماس)‪ .‬إزاء حيرة كهذه‪،‬‬
‫يبتغي المرء حًال‪ .‬كذلك فإنه يشعر بالرضا بمجّر د عثوره على إجابة (كمثل استقالل قطار األنفاق في مثال‬
‫النقل‪ ،‬وكمثل إدراك علة اقتراب المسافات بين عالمات الشكل األلماسي في كونها نابعة من حاجة للتحذير في‬
‫مثال األلماس)‪.‬‬
‫التساؤل‪ :‬يصيغ المرء سؤاًال يستوجب إجابة (كالسؤال عن سبب تشّكل الفقاعات على الجدار الخارجي لكأس‬
‫بعد إخراجه من الماء الساخن كما في مثال الفقاعات‪ ،‬أو عن كيفية عمل مضخات الشفط كما في مثال الشفط‪،‬‬
‫أو عن سبب الطفح الجلدي كما في مثال الطفح الجلدي)‪.‬‬
‫التخيل‪ :‬يفكر المرء في إجابات ممكنة (مثل حافلة أو قطار أنفاق سريع أو قطار سكة حديد في مثال التنّقل‪،‬‬
‫ومثل سارية علم أو زخرفة أو أداة اتصال السلكي أو مؤشر اتجاه في مثال العبارة‪ ،‬أما في مثال الطفح الجلدي‪:‬‬
‫فيفكر في رد فعل تحسسي أو طفح حراري)‪.‬‬
‫االستدالل‪ :‬يتدّبر المرء ما تكون عليه الحال إذا افترض التسليم بإجابة ممكنة (كمثل فقدان الممتلكات الثمينة إذا‬
‫تعّر ض المنزل للسطو في مثال الفوضى‪ ،‬أو كمثل البداية المبكرة لظهور الطفح الجلدي إذا كان األمر يتعلق‬
‫برّد فعل تحسسي تجاه عقار السلفا في مثال الطفح الجلدي)‪ .‬أو أن يتوصل المرء إلى نتيجة بمجرد جمع ما‬
‫يكفي من األدلة ذوات العالقة (تتمثل في استخدام قطار األنفاق في مثال التنّقل‪ ،‬والسطو في مثال الفوضى‪،‬‬
‫والتوقف عن تناول أدوية ضغط الدم والمرهم الجديد في مثال الطفح الجلدي)‪.‬‬
‫المعرفة‪ :‬يستخدم المرء ما ُح فظ من معرفة حول الموضوع قيد التفكير لتوليد إجابات محتملة أو لالستدالل على‬
‫ما يمكن توقعه استنادا إلى افتراض إجابة معينة (كمثل معرفة نظام النقل العام لمدينة في مثال التنّقل‪ ،‬أو معرفة‬
‫االشتراطات المرتبطة بسارية العلم في مثال العّبارة‪ ،‬أو معرفة قانون بويل في مثال الفقاعات‪ ،‬أو معرفة ردود‬
‫فعل تحّسسية في مثال الطفح الجلدي)‪.‬‬
‫التجريب‪ :‬يصمم المرء وينفذ تجربة أو مالحظة منهجية لمعرفة ما إذا كانت النتائج المستخلصة من إجابة‬
‫محتملة ستحدث (كالنظر إلى موقع سارية العلم بالنسبة لموقع الرّبان في مثال العبارة‪ ،‬أو وضع مكعب ثلج فوق‬
‫كأس بعد إخراجه من ماء ساخن في مثال الفقاعات‪ ،‬أو قياس االرتفاع الذي ستسحب مضخة الشفط إليه الماء‬
‫على ارتفاعات مختلفة في مثال مضخة الشفط‪ ،‬أو مالحظة تواتر عالمات الشكل األلماسي عندما ُيسمح‬
‫بالحركة من وإلى حارة السير ذات العالمات ألماسية الشكل في مثال األلماس)‪.‬‬
‫االستشارات‪ :‬يجد المرء مصدًر ا للمعلومات‪ ،‬ثم يحصل على المعلومات من المصدر‪ ،‬ويصدر حكًم ا بشأن‬
‫قبولها‪ .‬ال يتضمن أي من األمثلة األحد عشر البحث عن مصادر المعلومات‪ .‬من هذه الناحية فإن تلك األمثلة‬
‫غير ُم عبّر ة‪ ،‬حيث أن لدى معظم الناس حاليًا إمكانية الوصول شبه الفوري إلى المعلومات ذوات الصلة باإلجابة‬
‫عن أي سؤال‪ ،‬بما في ذلك العديد من تلك التي توضحها األمثلة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مثال المرشح يتضمن أنشطة‬
‫استخراج المعلومات من المصادر وتقييم موثوقيتها‪.‬‬
‫تعيين الحجج وتحليلها‪ :‬يالحظ المرء حجة ويتدّبر بنيتها ومحتواها كبداية لتقييم قوتها‪ .‬هذا النشاط أساسي في‬
‫مثال المرشح‪ .‬إنه جزء مهم من عملية التفكير الناقد التي يقوم من خاللها المرء باستعراض حجج لمواقف‬
‫مختلفة حول قضية ما‪.‬‬
‫الحكم‪ :‬يصدر المرء حكًم ا على أساس من التفكير واألدلة المتراكمة‪ ،‬مثل الحكم بأن الغاية من العمود تتثمل في‬
‫تبيان الِو جهة للرّبان في مثال العّبارة‪.‬‬
‫اتخاذ القرار‪ :‬يتخذ المرء قراًر ا بشأن ما يجب فعله أو السياسة التي يجب تبنيها‪ ،‬كما هي الحال مع قرار ركوب‬
‫قطار األنفاق في مثال العّبارة‪.‬‬

‫‪ .7‬قدرات واستعدادات ُم سهمة‬


‫حين يقوم شخص ما بشيء ما على نحو طوعّي ‪ ،‬فإنه بطبيعة الحال يعّبر عن كّل من إرادته وقدرته على القيام بذلك‬
‫‪‬‬
‫الشيء في وقت محدد‪ .‬تسهم كل من اإلرادة والقدرة بدور سببي في سلوك هذا الشخص‪ ،‬بمعنى أن فعًال طوعيًا لم يكن‬ ‫‪‬‬
‫ليتم لوال تحقق أحدهما (أو كليهما)‪ .‬لنفترض على سبيل المثال أن أحدهم يقف وذراعاه تنسدالن على جانبيه‪ ،‬ثم يرفع‬
‫ذراعه اليمنى طواعية إلى وضع أفقي ممتد‪ .‬ليس بوسعه فعل ذلك ما لم يكن قادرًا على رفع ذراعه‪ ،‬كأْن يكون جانبه‬
‫األيمن مصابًا بالشلل نتيجة جلطة دماغية‪ .‬كما لن يكون بوسعه فعل ذلك ما لم يكن راغبًا في رفع ذراعه‪ ،‬كأْن يشارك‬
‫مثًال في مظاهرة في الشارع ويحدث أن يحث أحد المتعصبين للعرق األبيض الحشد على رفع الذراع اليمنى في تحية‬
‫نازية في ظل عدم رغبة هذا الشخص التعبير عن دعمه لأليديولوجية العنصرية النازية‪ .‬ينطبق هذا التحليل نفسه على‬
‫التفكير الناقد بوصفه عملية ذهنية طوعية‪ .‬يتطّلب األمر إرادة وقوة كي يتحقق التفكير بشكل ناقد‪ ،‬بما في ذلك اإلرادة‬
‫والقدرة على أداء كل فعل من األفعال العقلية التي تشّكل عملية التفكير الناقد إلى جانب تنسيق تلك األعمال في تسلسل‬
‫ُيستثمر في العثور على حل حين تطرأ معضلة ما‪.‬‬

‫لنتأّم ل اإلرادة أوًال‪ .‬يمكننا تحديد كل ما من شأنه المساهمة سببيا في إرادة التفكير على نحو ناقد من خالل النظر في‬
‫عوامل من شأنها منع الفرد من التفكير على نحو ناقد في مسألة ما رغم قدرته على ذلك (‪ .)Hamby 2014‬لكل‬
‫عامل من هذه العوامل ‪-‬إًذا‪ -‬موقف نقيض يساهم سببيا في إرادة التفكير على نحو ناقد في مناسبة محددة‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال‪ ،‬األشخاص الذين اعتادوا القفز إلى استنتاجات من دون تفكير في بدائل لن يفكروا بشكل ناقد في ما يبرز من‬
‫قضايا‪ ،‬حتى وإن كانت لديهم القدرات الالزمة لفعل ذلك‪ .‬لهذا‪ ،‬فإن الموقف النقيض والمتمّثل في إرادة التأني في الحكم‬
‫ُيساهم سببيا في التفكير على نحو ناقد‪.‬‬

‫لنتأّم ل اآلن القدرة‪ ،‬فعلى النقيض من قدرة المرء على تحريك ذراعه‪ ،‬وهي قدرة قد تكون مفقودة تماًم ا نتيجة لجلطة‬
‫دماغية تسببت في شللها‪ ،‬تعتبر القدرة على التفكير الناقد قدرة متطورة من حيث أّن غيابها ليس غيابًا تاّم ا للقدرة على‬
‫التفكير بل هو غياب القدرة على التفكير على نحو سليم‪ .‬يمكننا تحديد القدرة على التفكير السليم بشكل مباشر من خالل‬
‫قواعد التفكير الجيد ومعاييره‪ .‬بشكل عام‪ ،‬يحتاج المرء في سبيل أن يكون قادًر ا على تأدية أنشطة التفكير على نحو‬
‫سليم – وهي األنشطة التي قد تشّكل مكونات عملية التفكير الناقد – إلى معرفة المفاهيم والمبادئ التي تميز األداء الجيد‬
‫لتلك األنشطة‪ ،‬إلى جانب إدراك الحاالت التي تستدعي تطبيق تلك المفاهيم والمبادئ‪ ،‬ومن ثّم تطبيقها‪ .‬قد تكون المعرفة‬
‫واإلدراك والتطبيق ذوات طبيعة إجرائية بدال من تقريرية‪ ،‬وقد تكون مختصة بمجال معين بدال من قابليتها للتطبيق‬
‫على نطاق واسع‪ ،‬وفي أّي من الحالتين قد تتطلب معرفة بالموضوع‪ ،‬معرفة من نوع عميق أحيانًا‪.‬‬

‫قادت تأّم الت من النوع الذي عّبرت عنه الفقرتان السابقتان الباحثين إلى تحديد معرفة “المفكر الناقد” وقدراته‬
‫واستعداداته‪ ،‬بوصفه شخصا يفكر على نحو ناقد متى ما كان من المالئم فعل ذلك‪ .‬ننتقل اآلن إلى األنواع الثالثة من‬
‫المسهمات السببية في التفكير الناقد‪ .‬نبدأ باالستعدادات‪ ،‬إذ يمكن القول أنها أقوى ما يسهم في كون المرء مفكًر ا ناقدًا‪،‬‬
‫وتتسم بإمكانية تعزيزها في مرحلة مبكرة من نمو الطفل‪ ،‬وهي قابلة للتطوير عمومًا (‪.)Glaser 1941: 175‬‬

‫‪ .8‬استعدادات التفكير الناقد‬


‫يستخدم الباحثون التربويون مصطلح “االستعدادات ‪ ”Dispositions‬على نطاق واسع لإلشارة إلى عادات العقل‬
‫والمواقف التي تسهم سببًيا في أن يكون المرء مفكًر ا ناقدًا‪ .‬يقترح بعض الكتاب (;‪e.g., Paul & Elder 2006‬‬
‫‪ )Hamby 2014; Bailin & Battersby 2016‬استخدام مصطلح “الفضائل” لوصف هذا الجانب عند المفكر‬
‫الناقد‪ .‬هذه الفضائل‪ ،‬وبالرغم من أنها فضائل تتعلق بالشخصية‪ ،‬إاّل أنها تخص طرق تفكير الشخص‪ ،‬ال طرق تصرفه‬
‫‪ ‬اآلخرين‪ .‬هي ليست فضائل أخالقية بل فضائل فكرية‪ ،‬من النوع الذي أوضحه زاجزبسكي ‪Zagzebski‬‬
‫تجاه‬ ‫‪‬‬
‫)‪ (1996‬وناقشه توري وألفانو وجريكو )‪.Turri, Alfano, and Greco (2017‬‬

‫وفق تصور واقعي‪ُ ،‬تعّد االستعدادات الفكرية أو الفضائل الفكرية خصائص واقعية للمفكرين‪ .‬إنها ميول عامة أو‬
‫قابليات أو نزعات للتفكير بطرق معينة في ظروف معينة‪ ،‬ويمكن أن تكون تفسيرية على نحو فعلي (‪Siegel‬‬
‫‪ .)1999‬يجادل المشككون بعدم وجود دليل داعم ألساس عقلي محدد تقوم عليه عادات العقل التي تسهم في التفكير‬
‫على نحو ناقد‪ ،‬ويرون أّن من التضليل التربوي افتراض أساس كهذا (‪ )Bailin et al. 1999a‬إن استعدادات التفكير‬
‫الناقد‪ -‬مهما كانت حالتها‪ -‬تحتاج إلى دافع لبدء تشّكلها عند الطفل‪ ،‬ويمكن لهذا الدافع أن يكون خارجًيا أو داخلًيا‪ .‬مع‬
‫نمو األطفال‪ ،‬تغدو قوة العادة أكثر أهمية شيئا فشيئا في إبقاء االستعداد مستدامُا (‪.)Nieto & Valenzuela 2012‬‬
‫قوة العادة لوحدها‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬لن تستطيع على األرجح المحافظة على استعدادات التفكير الناقد‪ .‬ينبغي على المفكرين‬
‫الناقدين أن يقّدروا استخدام معرفتهم وقدراتهم للتفكير في األشياء بأنفسهم وألنفسهم ويستمتعوا بذلك‪ .‬يجب أن يكونوا‬
‫ملتزمين بالتساؤل ومغرمين به‪.‬‬

‫قد يكون لدى المرء استعداد للتفكير الناقد فيما يتعلق بأنواع معينة من القضايا فحسب‪ .‬يمكن للمرء‪ ،‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫أن يكون متفتح الذهن بشأن القضايا العلمية ولكنه ليس كذلك بشأن القضايا الدينية‪ .‬وبالمثل‪ ،‬يمكن للمرء أن يكون واثًقا‬
‫من قدرته على التفكير حول العواقب الالهوتية لوجود الشر في العالم‪ ،‬لكن من دون أن تكون له ثقة مماثلة في قدرته‬
‫على التفكير حول أفضل تصميم لصاروخ باليستي موَّجه‪.‬‬

‫من المفيد عادة تقسيم استعدادات التفكير الناقد إلى استعدادات ابتدائية (تلك التي تسهم سببيًا في تدشين التفكير الناقد في‬
‫قضية ما) واستعدادات داخلية (تلك التي تسهم سببًيا في أداء جيد لتفكير ناقد بعد تدشينه) (‪.)Facione 1990a: 25‬‬
‫ال يوجد تعارض بين هاتين الفئتين من االستعدادات‪ ،‬فاالنفتاح الذهني‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بمعناه الذي يشير إلى قابلية‬
‫الفرد للتمّعن في وجهات نظر بديلة عن وجهة نظره‪ ،‬هو استعداد ابتدائي وداخلي في آن واحد‪.‬‬

‫‪ 1.8‬االستعدادات االبتدائية‬

‫باستخدام استراتيجية النظر في العوامل التي من شأنها إعاقة التفكير الناقد عند َم ن يمتلكون القدرة على القيام به يمكننا‬
‫تحديد استعدادات الشروع في التفكير الناقد بأنها‪ :‬االنتباه‪ ،‬وعادة التساؤل‪ ،‬والثقة بالنفس‪ ،‬والجرأة‪ ،‬واالنفتاح الذهني‪،‬‬
‫وقابلية تعليق الحكم‪ ،‬والثقة بالعقل‪ ،‬ورغبة المرء في العثور على دليل على معتقداته‪ ،‬وابتغاء الحقيقة‪ .‬سننظر بإيجاز‬
‫إلى ما يعنيه كل استعداد منها‪ ،‬ونبين المصادر التي تقر كل حالة على حدة‪.‬‬

‫االنتباه‪ :‬لن يفكر المرء على نحو ناقد إن فشل في مالحظة قضية تتطلب تفكيرًا ملّيا‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬أحد المشاة في‬
‫مثال الطقس لم يكن لينظر نحو األعلى لوال أنه الحظ أن الهواء أصبح فجأة أشد برودة‪ .‬يحتاج المرء ‪-‬إًذا‪ -‬كي يكون‬
‫مفكرًا ناقًدا إلى أن يعتاد االنتباه لما يحيط به‪ ،‬بحيث ال تقتصر مالحظته على ما يشعر به بل تشمل أيضا منابع الحيرة‬
‫في مضامين يتلّقاها وفي معتقداته ومواقفه (‪Facione 1990a: 25; Facione, Facione, & Giancarlo‬‬
‫‪.)2001‬‬
‫عادة التساؤل‪ :‬التساؤل أمر مجهد ويحتاج المرء إلى دافع داخلي لالنخراط فيه‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬كان بإمكان الطالب‬
‫‪‬مثال الفقاعات أن يتوقف بكل بساطة عند التساؤل حول سبب الفقاعات بدال من االنخراط في تفكير قاده إلى‬
‫في‬ ‫‪‬‬
‫فرضية‪ ،‬ومن ثَّم إلى تصميم تجربة وتنفيذها الختبار الفرضية‪ .‬إرادة التفكير على نحو ناقد ‪-‬إًذا‪ -‬تحتاج إلى طاقة ذهنية‬
‫ومبادرة‪ .‬ما الشيء القادر على توفير تلك الطاقة؟ إنه الشغف بالتساؤل‪ ،‬أو لعّلها عادة التساؤل فحسب‪ .‬حاجج‬
‫)‪ Hamby (2015‬بأن إرادة التساؤل هي الفضيلة المحورية للتفكير الناقد‪ ،‬بحيث تشمل جميع الفضائل األخرى‪ ،‬كما‬
‫أنها ُتعّد استعدادًا للتفكير الناقد عند ديوي (‪ 29 :1910‬؛ ‪ ،)35 :1933‬وجالسر)‪ ،Glaser (1941: 5‬وإنيس‬
‫‪ 1987: 12( Ennis‬؛ ‪ ،Facione (1990a: 25 ،)8 :1991‬بايلين وآخرون‪Bailin et al.1999b:( .‬‬
‫‪ ،)294‬هالبرن (‪ ،Halpern، Facione )452 :1998‬و‪ ،Facione‬وجيانكارولو& )‪.Giancarlo (2001‬‬

‫الثقة بالنفس‪ :‬يمكن أن يؤدي عدم ثقة الفرد في قدراته إلى إعاقة التفكير الناقد لديه‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬لو كانت المرأة‬
‫في مثال الطفح الجلدي تفتقر إلى الثقة في قدرتها على استيضاح األمور بنفسها‪ ،‬فلربما اكتفت بافتراض أن الطفح‬
‫الجلدي على صدرها لم يكن سوى رد فعل تحسسي ألدويتها التي حذرها الصيدلي منها‪ .‬لهذا فإن إرادة التفكير على‬
‫نحو ناقد تتطلب ثقة المرء في قدرته على التقصي (‪Facione1990a: 2‬؛ & ‪Facione ، Facione،‬‬
‫‪.)Giancarlo 2001‬‬

‫الجرأة‪ :‬خوف المرء من أن يفكر لنفسه بنفسه قد يمنعه من التفكير‪ .‬لذا فإن إرادة التفكير على نحو ناقد تتطلب جرأة‬
‫فكرية (‪.)Paul & Elder 2006: 16‬‬

‫االنفتاح الذهني‪ :‬يعيق الموقف الدوغمائي التفكير الناقد‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬الشخص الملتزم بموقف صلب في تأييده‬
‫لحق االختيار بشأن قضية الوضع القانوني لإلجهاض اإلرادي قد ال تكون لديه رغبة في التفكير بجدية حول مسألة‬
‫توقيت اكتساب الجنين أثناء نموه للحق األخالقي في الحياة‪ .‬لهذا فإن إرادة التفكير على نحو ناقد تتطلب انفتاحًا ذهنيًا‪،‬‬
‫أي أنها تقتضي استعداد المرء لفحص أسئلة يمتلك أجوبة مسبقة عنها‪ ،‬لكن المزيد من األدّلة والتفكير قد يدفعانه إلى أن‬
‫يجيب عنها على نحو (;‪Dewey 1933; Facione 1990a; Ennis 1991; Bailin et al. 1999b‬‬
‫‪ .)Halpern 1998, Facione, Facione, & Giancarlo 2001‬يؤكد بول )‪ Paul (1981‬على االنفتاح‬
‫الذهني بشأن الرؤى البديلة حول العالم‪ ،‬ويوصي بمقاربة ديالكتيكية لدمج رؤى كتلك باعتبارها مركزية لما يسميه‬
‫التفكير الناقد “بمعناه الّتام”‪.‬‬

‫قابلية تعليق الحكم‪ :‬سيؤدي التوّقف السابق ألوانه عند حل أّو لي إلى إعاقة التفكير الناقد‪ .‬لهذا فإن الرغبة في التفكير‬
‫على نحو ناقد تتطلب قابلية تعليق الحكم أثناء استكشاف البدائل (‪Facione 1990a; Ennis 1991; Halpern‬‬
‫‪)1998‬‬

‫الثقة في العقل‪ :‬بما أّن عدم الثقة في عمليات التساؤل االستداللي ستثني المرء عن االنخراط فيه‪ُ ،‬تعّد الثقة في تلك‬
‫العمليات استعداًدا مبدئًيا للتفكير الناقد (‪Facione 1990a, 25; Bailin et al. 1999b: 294; Facione,‬‬
‫‪ .)Facione, & Giancarlo 2001; Paul & Elder 2006‬تحاجج ثاير بيكون ‪Thayer-Bacon‬‬
‫)‪ ،(2000‬في رد فعل لها على التركيز الحصري المزعوم على العقل في نظرية التفكير الناقد والتعليم‪ ،‬بأن الحدس‬
‫والخيال والمشاعر تلعب أدوارًا مهمة في تصور مالئم للتفكير الناقد والذي تسميه “التفكير البّناء”‪ .‬يتطلب التفكير الناقد‬
‫من وجهة نظرها الثقة‪ ،‬ليس في العقل فحسب‪ ،‬بل في الحدس والخيال والمشاعر أيضًا‪.‬‬
‫ابتغاء الحقيقة‪ :‬إذا لم يهتم المرء بالحقيقة بل غدا راضيًا عن تمسكه بتحيزه المبدئي إزاء قضية ما‪ ،‬فلن يفكر على نحو‬
‫‪‬في تلك القضية‪ .‬لهذا فإن ابتغاء الحقيقة هو استعداد ابتدائي للتفكير الناقد (;‪Bailin et al. 1999b: 294‬‬
‫ناقد‬ ‫‪‬‬
‫‪ .)Facione, Facione, & Giancarlo 2001‬إن استعدادا البتغاء الحقيقة متضّم ن في استعدادات التفكير الناقد‬
‫األكثر تحديًدا‪ ،‬كمثل محاولة الفرد بأن يكون جيد االطالع‪ ،‬وأن ينظر على نحو جاد في وجهات نظر أخرى غير وجهة‬
‫نظره‪ ،‬ويبحث عن بدائل‪ ،‬ويعّلق الحكم حين يكون الدليل غير كاٍف ‪ ،‬ويتبني موقفًا حين تكون األدلة الداعمة لذلك‬
‫الموقف كافية‪.‬‬

‫‪ 2.8‬االستعدادات الداخلية‬

‫تعتبر بعض االستعدادات االبتدائية‪ ،‬مثل االنفتاح الذهني وقابلية تعليق الحكم‪ ،‬استعدادات داخلية للتفكير الناقد أيضًا‪،‬‬
‫وذلك من حيث إشارتها إلى عادات أو مواقف عقلية تسهم سببًيا في أداء جديد في عملية التفكير الناقد بمجرد تدشينها‪.‬‬
‫بيد أّن هناك العديد من االستعدادات الداخلية األخرى للتفكير الناقد‪ ،‬ويعتمد بعضها على تصّو ر المرء للتفكير السليم‪.‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬من مقّو مات التفكير السليم في قضية ما صياغتها بوضوح والمحافظة على التركيز عليها‪ .‬لهذا‬
‫الغرض‪ ،‬ال يحتاج المرء إلى القدرة المالئمة فحسب‪ ،‬بل يحتاج أيًض ا إلى االستعداد المالئم أيضًا‪ .‬يصفه إنيس (‪:1991‬‬
‫‪ Ennis )8‬بأنه استعداد “لتحديد استنتاج أو سؤال مع المحافظة على التركيز عليه”‪ ،‬ويصفه فيشيكوني ‪Facione‬‬
‫)‪ (1990a: 25‬بأنه “وضوح في عرض السؤال أو المسألة”‪ .‬أما االستعدادت الداخلية األخرى فهي محفزات لمواصلة‬
‫عملية التفكير الناقد أو مواءمتها‪ ،‬كمثل رغبة االستمرار في مهمة معقدة ورغبة التخلي عن االستراتيجيات غير المثمرة‬
‫في محاولة لتصحيح الذات (‪ .)Halpern 1998: 452‬للحصول على قائمة باستعدادات التفكير الناقد الداخلية التي‬
‫تمت اإلشارة إليها‪ ،‬راجع الملحق الخاص بتوجهات التفكير النقدي الداخلية‪.‬‬

‫‪ .9‬قدرات التفكير الناقد‬


‫يفترض بعض المنظرين مهارات‪ ،‬بمعنى قدرات مكتسبة‪ ،‬باعتبارها مهارات فاعلة في التفكير الناقد‪ .‬ليس من الواضح‪،‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬أن فعال عقليًا سليمًا يمّثل ممارسة لمهارة عامة ومكتسبة‪ .‬االستدالل على وقت الوصول المتوقع‪ ،‬كما في مثال‬
‫التنّقل‪ ،‬يتضمن بعض المكونات العامة لكنه يستخدم أيضًا معرفة غير عامة حول موضوع معين‪ .‬يعارض بايلين‬
‫وآخرون )‪ Bailin et al. (1999a‬النظر إلى مهارات التفكير الناقد بوصفها مهارات عامة ومنفصلة‪ ،‬ويستندون في‬
‫ذلك إلى أن األداء الماهر في مهمة التفكير الناقد ال يمكن فصله عن معرفة بمفاهيم وعن مبادئ من ذوات المجال‬
‫المحدد حول التفكير السليم‪ ،‬كما يقرون بأن الحديث عن المهارات ليس إشكاليًا إذا كان يعني فحسب أن الشخص الذي‬
‫يمتلك مهارات التفكير الناقد قادر على القيام بأداء ذكي‪.‬‬

‫بالرغم من هذا التشّكك‪ ،‬أدرج منظرو التفكير الناقد مسهمات عامة في التفكير الناقد أطلقوا عليها أسماء متعددة‪،‬‬
‫كالقدرات (‪ ،)Glaser 1941; Ennis 1962, 1991‬أو المهارات (‪)Facione 1990a; Halpern 1998‬‬
‫أو الكفاءات (‪ .)Fisher & Scriven 1997‬إن دمج قوائم تلك المسهمات من شأنه إنتاج وفرة مربكة ومشوشة لما‬
‫يربو على الخمسين من األهداف التعليمية المحتملة‪ ،‬مع مجّر د تداخل جزئي فيما بينها‪ .‬إّن من المعقول عوضًا عن ذلك‬
‫محاولة فهم أسباب التعددية والتنوع‪ ،‬والقيام باختيار وفًقا ألسباب ذاتية ويهدف إلى تمييز قدرات محددة لتطويرها ضمن‬
‫منهج للتفكير الناقد‪ .‬هناك سببان للتنوع في قوائم قدرات التفكير الناقد‪ ،‬وهما التصور الكامن للتفكير الناقد والمستوى‬
‫التعليمي المنتظر‪ .‬تتضمن التصورات المقتصرة على التقييم‪ ،‬مثال‪ ،‬مجموعة من القدرات تختلف عن تلك التي تتضّم نها‬
‫التصورات المقتصرة على التكوين‪ُ .‬طرحت بعض القوائم‪ ،‬كتلك الموجودة في (‪ ،)Glaser1941‬كأهداف تعليمية‬
‫‪‬‬
‫لطالب المدارس الثانوية‪ ،‬في حين اقُترح بعضها اآلخر كأهداف لطالب الجامعات (على سبيل المثال‪Facione ،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.)1990a‬‬

‫تشير الفقرات المتبقية من هذا القسم إلى قدرات نابعة من تأّم ل في القدرات العامة الالزمة ألداء جيد في أنشطة التفكير‬
‫المشار إليها في القسم السادس من هذا المدخل‪ ،‬وهي األنشطة التي ُتعّد مكونات لعملية التفكير الناقد والموضحة في‬
‫القسم الخامس‪ .‬يصاحب اشتقاق كل مجموعة من القدرات استشهاد بالمصادر التي تسرد هذه القدرات مع إشارة إلى‬
‫االختبارات المعيارية التي تزعم فحصها‪.‬‬

‫قدرات المالحظة‪ :‬تتطلب المالحظة اليقظة والدقيقة أحياًنا خبرة وممارسة متخصصة‪ ،‬كحالة مالحظة الطيور ومالحظة‬
‫مواقع الحوادث‪ .‬إال أن هناك قدرات عامة لمالحظة ما تلتقطه حواس المرء من محيطه والقدرة على التعبير عنها‬
‫بوضوح ودقة لنفسه ولآلخرين‪ .‬هذه المالحظة من شأنها التدريب على األخذ في االعتبار والقدرة على التعرف على‬
‫عوامل تجعل مالحظة شخص ما أقل جدارة بالثقة‪ ،‬كمثل التأطير المسبق للموقف‪ ،‬والوقت غير المالئم‪ ،‬والحواس‬
‫الضعيفة‪ ،‬وسوء ظروف المالحظة‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬من المفيد أيًض ا أن يكون المرء ماهًر ا في اتخاذ خطوات لجعل‬
‫المالحظة أجدر بالثقة‪ ،‬مثل االقتراب من شيء ما للحصول على نظرة أفضل‪ ،‬وقياس شيء ما ثالث مرات واحتساب‬
‫متوسط قيمة القياس‪ ،‬والتحقق من ماهية الشيء الذي يظن المرء مشاهدته من خالل وجود شخص آخر يقف في موضع‬
‫يتيح له مشاهدة الشيء نفسه بصورة جيدة‪ .‬ذات فائدة أيًض ا مهارة الفرد في تمييز جوانب يقوم فيها بتضمين تقريره عّم ا‬
‫يالحظه استدالال بدال من مالحظة مباشرة‪ ،‬وبهذا يستطيع عندئٍذ الُح كم حول ما إذا كان االستدالل ُم بّر را أم ال‪ .‬تكشف‬
‫تلك القدرات عن نفسها أيضا حين يفكر المرء في ما إذا كان سيقبل تقرير مالحظة ما وعلى أي درجة من الثقة يكون‬
‫قبوله بالتقرير‪ ،‬كما هي الحال على سبيل المثال في دراسة التاريخ أو في تحقيق جنائي أو في تقييم التقارير اإلخبارية‪.‬‬
‫تظهر قدرات المالحظة في بعض قوائم قدرات التفكير الناقد (;‪Ennis 1962: 90; Facione 1990a: 16‬‬
‫‪ .)Ennis 1991: 9‬هناك عناصر تختبر قدرة المرء من حيث الحكم على مصداقية تقارير المالحظة في اختبارات‬
‫كورنيل للتفكير الناقد‪ ،‬في المستويات ‪ X‬و‪Z (Ennis & Millman 1971; Ennis, Millman, & Tomko‬‬
‫)‪ ،1985, 2005‬كما أّن اختبار نوريس وكينغ )‪ Norris and King (1983, 1985, 1990a, 1990b‬يمّثل‬
‫اختبارا للقدرة على تقييم تقارير المالحظة‪.‬‬

‫قدرات المشاعر‪ :‬تتضمن المشاعر التي تقود عملية التفكير الناقد الحيرة أو االلتباس‪ ،‬والرغبة في حلها‪ ،‬والرضا الناتج‬
‫من إنجاز الحل المنشود‪ .‬يشعر األطفال بهذه المشاعر في سن مبكرة‪ ،‬ومن دون تدريبهم عليها‪ .‬إّن التعليم الذي يتخذ من‬
‫التفكير الناقد هدفًا له يحتاج فحسب إلى توجيه تلك المشاعر والتأّكد من عدم كبتها‪ .‬يستفيد التفكير الناقد التعاوني من‬
‫القدرة على تمييز التزامات شعورية وردود أفعال متعلقة بالفرد وباآلخرين من حوله‪.‬‬

‫قدرات التساؤل‪ :‬تحتاج عملية التفكير الناقد إلى تحويل الشعور األولي بالحيرة إلى سؤال واضح‪ .‬تتطلب صياغة‬
‫السؤال بصورة جيدة عدم البناء على افتراضات مشكوك فيها‪ ،‬وعدم استباق الحكم على القضية‪ ،‬إلى جانب استخدام لغة‬
‫في سياق بحيث ال يشوبها لبس وعلى قدر كاٍف من الدّقة (‪Ennis 1962: 97‬؛‪.)1991:9‬‬

‫قدرات الّتخّيل‪ :‬يتطلب التفكير الذي ُيراد منه إيجاد التفسير السببي الصحيح لظاهرة عامة أو لحدث معين قدرًة على‬
‫تخيل تفسيرات محتملة‪ ،‬كما يتطلب التفكير حول ماهية سياسة أو خطة عمل جديرة بالتبّني توليد خيارات وتأّم ل‬
‫العواقب المحتملة لكّل منها‪ .‬إن المعرفة المختصة بمجال معين مطلوبة لنشاط إبداعي كهذا‪ ،‬لكن القدرة العامة على‬
‫‪‬‬
‫تخيل البدائل مفيدة ويمكن العناية بها من أجل أن تصبح أسهل وأسرع وأكثر امتداًدا وأشّد عمًقا (‪Dewey 1910:‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ .)34–39; 1933: 40–47‬يضّم ن فوكيشيا )‪ Facione (1990a‬وهالبرن )‪ Halpern (1998‬القدرة على‬
‫تخيل البدائل بوصفها قدرة من قدرات التفكير الناقد‪.‬‬

‫قدرات استداللية‪ :‬من المسّلم به على نطاق واسع أن القدرة على استخالص نتائج من معلومات معّينة‪ ،‬وعلى تمييز‬
‫الفرد لدرجة التحقق من استتباع نتائجه أو نتائج اآلخرين‪ ،‬هي واحدة من القدرات العامة للتفكير الناقد‪ .‬تشتمل جميع‬
‫األمثلة األحد عشر والواردة في القسم الثاني من هذه المقالة على استدالالت‪ ،‬بعضها ناتج عن فرضيات أو خيارات‬
‫(كما في أمثلة التنّقل والعّبارة والفوضى)‪ ،‬وبعضها اآلخر ناتج عن شيء تّم ت مالحظته (كما في مثالْي الطقس والطفح‬
‫الجلدي)‪ .‬ليس من بين تلك االستدالالت استدالل واحد سليم صورّيا‪ ،‬وإنما ُأجيزت جميعها بواسطة قواعد استدالل عامة‬
‫تتّسم في بعض األحيان بأنها قواعد أساسية ومحدودة أو مشروطة (‪ )Toulmin 1958‬وتعتمد على معرفة مختصة‬
‫بمجال معين – مثل االستدالل على أن رحلة الحافلة تستغرق الوقت نفسه تقريًبا في كل اتجاه‪ ،‬وأن قطب التلغراف‬
‫الالسلكي يقع على أعلى مكان ممكن في العّبارة‪ ،‬وأن البرد المفاجئ غالًبا ما يتبعه المطر‪ ،‬وأن رد فعل تحسسي على‬
‫عقار السلفا يظهر بشكل عام بعد وقت قصير من بدء تناوله‪ .‬هناك جدل حول تحديد مدى حاجة التفكير الناقد إلى القدرة‬
‫المتخصصة في استخالص نتائج من مقّدمات بواسطة قواعد االستدالل الصورية‪ .‬يرى ديوي (‪ Dewey)1933‬أن‬
‫الصيغ المنطقية تكمن في عرض نتاج التأّم ل بدًال من وجودها في عملية التأمل ذاتها‪ .‬من ناحية أخرى ‪ ،‬يؤكد إنيس‬
‫)‪Ennis (1981a‬أن المتوّقع من شخص متعلم على نحو متحرر امتالكه للقدرات التالية‪ :‬ترجمة عبارات اللغة‬
‫الطبيعية إلى عبارات توظف الروابط المنطقية القياسية‪ ،‬واالستخدام الصحيح للمفردات المرتبطة بالشروط الضرورية‬
‫والكافية‪ ،‬والتعامل مع الصيغ المجّر دة للحجج إلى جانب الحجج التي تتضّم ن رموزًا‪ ،‬وتحديد ما إذا كانت نتيجة الحجة‬
‫تستتبع بالضرورة مقّدماتها استنادا إلى الصيغة المجّر دة للحجة‪ ،‬والتفكير من خالل االستعانة بالقضايا الُم رّكبة منطقًيا‪،‬‬
‫وتطبيق قواعد المنطق االستنباطي وإجراءاته‪ُ .‬تعتبر القدرات االستداللية قدرات تفكير ناقد عند جالسر ‪Glaser‬‬
‫)‪ ، (1941: 6) ، Facione (1990a: 9) ، Ennis (1991: 9‬فيشر وسكريفن ‪Fisher & Scriven‬‬
‫)‪ ،(1997: 99, 111‬وهالبرن )‪ .Halpern (1998: 452‬تشكل العناصر التي تختبر القدرات االستداللية اثنين من‬
‫االختبارات الفرعية الخمسة لتقييم واطسون وجالسر الخاص بالتفكير الناقد (‪Watson & Glaser 1980a,‬‬
‫‪ ،)1980b, 1994‬كما ُتشّكل تلك العناصر أيضا قسمين من األقسام األربعة في اختبار كورنيل للتفكير الناقد على‬
‫المستوى ما دون الجامعي (‪،)Ennis & Millman 1971; Ennis, Millman, & Tomko 1985, 2005‬‬
‫وثالثة من األقسام السبعة في اختبار كورنيل للتفكير الناقد على المستوى الجامعي (;‪Ennis & Millman 1971‬‬
‫‪ )Ennis, Millman, & Tomko 1985, 2005‬و ‪ 11‬من أصل ‪ 34‬عنصًر ا في النموذجين ‪ A‬و ‪ B‬من اختبار‬
‫مهارات التفكير الناقد بكاليفورنيا (‪ ، )Facione 1990b ، 1992‬إلى جانب تشكيل تلك العناصر أيضا لنسبة عالية‬
‫لكنها متغيرة من األسئلة الخمسة والعشرين متعّددة الخيارات في تقييم التعلم الجماعي لمجلس دعم التعليم (‪Council‬‬
‫‪.)for Aid to Education 2017‬‬

‫قدرات تجريبية‪ :‬إن أهمية معرفة كيفية تصميم تجربة وتنفيذها ال تقتصر على البحث العلمي فحسب‪ ،‬بل تشمل أهميتها‬
‫أيضا الحياة اليومية‪ ،‬كما هي الحال في مثال الطفح‪ .‬خصص ديوي فصًال كامًال من كتابه “كيف نفكر” (‪:1910‬‬
‫‪ 156–145‬؛ ‪ )202–190 :1933‬لتفّو ق التجربة على المالحظة في تقّدم المعرفة‪ .‬تبرز القدرات التجريبية بصورة‬
‫غير مباشرة في تقييم تقارير الدراسات العلمية‪ .‬أّم ا المهارة في تصميم التجارب وتنفيذها فتتضّم ن القدرات المعترف بها‬
‫لتقييم األدلة (‪ ،)Glaser1941: 6‬وإلجراء التجارب وتطبيق تقنيات االستدالل اإلحصائي المناسبة‬
‫‪ ،)Facione1990a:‬وللحكم على االستقراءات الُم فضية إلى فرضية تفسيرية (‪ ،)Ennis1991: 9‬وإدراك‬
‫(‪9‬‬ ‫‪‬‬
‫الحاجة إلى عينات كبيرة الحجم بما يكفي (هالبيرن ‪ .)1998‬يتضمن اختبار كورنيل للتفكير النقدي على المستوى‬
‫الجامعي (‪)Ennis & Millman 1971; Ennis, Millman, & Tomko 1985, 2005‬أربعة عناصر ( من‬
‫أصل ‪ 52‬عنصرا) حول التصميم التجريبي‪ ،‬كما يقوم تقييم التعلم الجامعي ‪The Collegiate Learning‬‬
‫‪( Assessment‬مجلس دعم التعليم ‪ )Council for Aid to Education 2017‬بالمبادرة في فتح المجال لتقييم‬
‫تصميم الدراسة من حيث كّل من مهام األداء وأسئلتها متعددة الخيارات‪.‬‬

‫قدرات استشارية‪ :‬تبرز أهمية مهارة الرجوع إلى مصادر المعلومات حين يسعى المرء للحصول على معلومة‬
‫لمساعدته في حل مشكلة‪ ،‬كما هي الحال في مثال المرشح‪ .‬تتضمن القدرة على العثور على المعلومات وتقييمها القدرة‬
‫على جمع المعلومات ذوات الصلة وتنظيمها (‪ ،)Glaser1941: 6‬والقدرة على الحكم فيما إذا كان من الممكن القبول‬
‫بصحة عبارة صادرة عن سلطة مزعومة (‪ ،)Ennis1962: 84‬والقدرة على التخطيط للبحث عن المعلومات‬
‫المطلوبة (‪ ،)Facione 1990a: 9‬والقدرة على الحكم على مصداقية المصدر (‪ُ .)Ennis 1991: 9‬تختبر القدرة‬
‫على الحكم على مصداقية العبارات من خالل ‪ 24‬عنصًر ا (من أصل ‪ )76‬في اختبار كورنيل للتفكير الناقد على‬
‫المستوى ما دون الجامعي (‪)Ennis & Millman 1971; Ennis, Millman, & Tomko 1985, 2005‬ومن‬
‫خالل أربعة عناصر (من أصل ‪ )52‬في اختبار كورنيل للتفكير النقدي على المستوى الجامعي (‪Ennis & Millman‬‬
‫‪ )1971; Ennis, Millman, & Tomko 1985, 2005‬تتطلب مهمة أداء تقييم التعلم الجامعي تقدير ما إذا كانت‬
‫المعلومات الواردة في مستندات معينة جديرة بالوثوق بها (‪ Council for Aid to Education 2017‬مجلس دعم‬
‫التعليم)‪.‬‬

‫قدرات تحليل الحجج‪ :‬إن القدرة على تحديد الحجج وتحليلها تسهم في عملية مسح الحجج حول قضية ما من أجل تكوين‬
‫حكم عقالني خاص بالمرء‪ ،‬وذلك كما في مثال المرشح‪ُ .‬تعّد هذه القدرة مهارة من مهارات التفكير الناقد عند فوكيشيني‬
‫)‪ Facione (1990a: 7-8‬وإنيس(‪ Ennis )9 :1991‬و هالبرن (‪ .Halpern )1998‬خمسة عناصر (من‬
‫أصل ‪ )34‬في اختبار مهارات التفكير الناقد بكاليفورنيا (‪ )Facione 1990b, 1992‬تقوم باختبار مهارة تحليل‬
‫الحجة‪ ،‬كما يقوم تقييم التعلم الجامعي (‪ Council for Aid to Education 2017‬مجلس دعم التعليم) بإدراج‬
‫التحليل الحجاجي في االختبارات متعددة الخيارات حول القراءة والتقييم النقدّيْين إلى جانب انتقاد الحجح‪.‬‬

‫مهارات الحكم واتخاذ القرار‪ :‬المهارة في الحكم واتخاذ القرار هي مهارة التعرف على الحكم أو القرار الذي تدعمه‬
‫األدلة والحجج المتاحة‪ ،‬وتحديد درجة الثقة بهذا الدعم‪ .‬تعّد هذه المهارة ‪-‬إًذا‪ -‬أحد مكونات المهارات االستداللية التي‬
‫سبقت مناقشتها‪.‬‬

‫غالًبا ما تتضمن القوائم واالختبارات المتعلقة بقدرات التفكير الناقد قدرتين إضافيتين‪ :‬تحديد االفتراضات وصياغة‬
‫التعريفات وتقييمها‪.‬‬

‫‪ .10‬المعرفة الضرورية‬
‫إلى جانب االستعدادات والقدرات‪ ،‬يحتاج التفكير الناقد أيضا معرفة‪ :‬معرفة بمفاهيم التفكير الناقد‪ ،‬وبمبادئه‪ ،‬وبما يتصل‬
‫‪‬‬
‫بالموضوع محل التفكير‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫من قدرات التفكير الناقد الموضحة في الجزء السابق من المقال يمكننا استخالص قائمة قصيرة بالمفاهيم التي ُيسهم‬
‫فهُم ها في التفكير الناقد‪ .‬تتطلب قدرات المالحظة فهمًا للفرق بين المالحظة واالستدالل‪ ،‬وتتطلب قدرات التساؤل فهمًا‬
‫لمفاهيم الغموض وااللتباس‪ ،‬وتتطلب القدرات االستداللية فهم الفرق بين االستدالل القاطع واالستدالل القابل إلعادة‬
‫النظر (وكما جرى العرف في التسمية‪ ،‬بين االستنباط واالستقراء)‪ ،‬وكذلك الفرق بين الشروط الضرورية والشروط‬
‫الكافية‪ .‬تتطلب القدرات التجريبية إدراكا لمفاهيم الفرضية والفرضية الصفرية واالفتراض والتنبؤ‪ ،‬وكذلك مفهوم‬
‫الجوهرية اإلحصائية ووجه اختالفها عن األهمية اإلحصائية‪ .‬كما تتطلب القدرات التجريبية أيضا فهم االختالف بين‬
‫التجربة والدراسة الرصدية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص الفرق بين تجربة عشوائية محكومة ودراسة ارتباطية مستقبلية‬
‫ودراسة بأثر رجعي (دراسة الحاالت والشواهد)‪ .‬أما قدرات تحليل الحجج فتتطلب استيعابًا لمفاهيم الحجة والمقدمة‬
‫واالفتراض واالستنتاج ونقيض االستنتاج‪ ،‬كما تّم اقتراح مفاهيم إضافية للتفكير الناقد من قبل بيلين وآخرون ‪Bailin .‬‬
‫)‪ et al. (1999b: 293‬وفيشر وسكريفن )‪ ،,Fisher & Scriven (1997: 105–106‬وبالك ‪Black‬‬
‫)‪.(2012‬‬

‫إن القدرة على التفكير على نحو ناقد تتطلب‪ ،‬وفًقا لجالسر (‪ Glaser )25 :1941‬معرفًة بطرق التساؤل والتفكير‬
‫المنطقّيْين‪ .‬لكن لو عدنا لنراجع قائمة القدرات في الجزء السابق‪ ،‬سنالحظ أن بعضها يمكن اكتسابه والتمرن عليه من‬
‫خالل الممارسة فحسب‪ ،‬مع ربما شيء من التوجيه لهذه الممارسة في بيئة تعليمية‪ ،‬متبوعة بتعقيبات عليها‪ .‬يتطلب‬
‫البحث بذكاء عن تفسير سببي لظاهرة ما أو حدث ما أن يفكر المرء في نطاق كامل من الُم سهمات السببية المحتملة‪،‬‬
‫لكن تجسيد المرء لهذا المبدأ من خالل ممارسته يبدو أكثر أهمية من قدرة المرء على التعبير عنه‪ .‬إن ما يهّم هو‬
‫“المعرفة اإلجرائية” لمعايير التفكير السليم ومبادئه (‪ ،)Bailin et al. 1999b: 291–293‬إال أن تطوير قدرات‬
‫للتفكير الناقد‪ ،‬كمثل تصميم تجربة أو بناء تعريف إجرائي‪ ،‬يمكن تعزيزه من خالل تعّلم الجانب النظري الكامن وراء‬
‫تلك القدرات‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن معرفة صريحة بمواربات التفكير البشري تبدو مفيدة كإرشاد تحذيري‪ ،‬ذلك أن‬
‫الذاكرة البشرية ليست قابلة للخطأ فحسب فيما يتعلق بالتفاصيل‪ ،‬وهو األمر الذي يدركه الناس من خالل تجاربهم‬
‫الخاصة مع التّذكر بشكل مغلوط‪ ،‬وإنما هي أيضا ذاكرة طّيعة إلى درجة أن التذّكر المفصل والواضح والحيوي لحدث‬
‫ما يمكن أن يكون بأكمله مجرد تلفيق (‪ .)Loftus 2017‬يسعى الناس إلى األدلة أو يفسرونها بطرق تنحاز لمعتقداتهم‬
‫وتوقعاتهم القائمة‪ ،‬وغالًبا ما يكونون غير واعين “النحيازهم التأكيدي” (‪ .)Nickerson 1998‬ال يقتصر األمر على‬
‫خضوع األشخاص لهذا أو ذاك من االنحيازات الذهنية (‪ ،Kahneman 2011‬والتي ال يكونون واعين بها عادًة‪ ،‬بل‬
‫قد ينتج أثر عكسي على المرء حين يدرك تلك االنحيازات ثم يحاول واعيًا االنحياز إلى األثر المعاكس لها من خالل‬
‫إبطالها أو إبطال التحيزات االجتماعية كالتنميط العرقي أو الجنسي (‪ .)Kenyon & Beaulac 2014‬من المفيد أن‬
‫يكون المرء واعيًا بتلك الحقائق وبالفعالية الفائقة في شّل مفعول االنحيازات وذلك ‪-‬على سبيل المثال‪ -‬من خالل عمل‬
‫سجل فوري لمالحظاته‪ ،‬وباالمتناع عن تكوين فرضية تفسيرية أولية‪ ،‬وبالتحكيم محجوب المعلومات‪ ،‬وبالتجارب‬
‫العشوائية مزدوجة التعمية‪ ،‬وبحجب أسماء الطالب عند حساب درجات أعمالهم‪.‬‬

‫يتطلب التفكير الناقد حول قضية ما معرفة جوهرية بالمجال الذي تنتمي إليه القضية‪ ،‬إذ ليست قدرات التفكير الناقد‬
‫إكسيرًا سحرًيا بحيث يمكن تطبيقها على أية قضية من قبل شخص ليست لديه معرفة بالحقائق ذوات الصلة باستكشاف‬
‫تلك القضية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬احتاج الطالب في مثال الفقاعات إلى معرفة أن الغازات ال تخترق األجسام الصلبة مثل‬
‫الزجاج‪ ،‬وأن الهواء يتمدد عند تسخينه‪ ،‬وأن حجم الغاز المحصور يتناسب طرديًا مع درجة حرارته وعكسيًا مع‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫ضغطه‪ ،‬وأن األجسام الساخنة ستبرد تلقائًيا لتصل إلى درجة الحرارة المحيطة بالوسط ما لم تظل ساخنًة من خالل‬
‫العزل أو عن طريق مصدر للحرارة‪ .‬لهذا فإّن المفكرون الناقدون يحتاجون إلى مصدر غني بالمعرفة ذات العالقة‬
‫بالموضوع وبما يتناسب مع مجموعة المواقف المتنوعة التي يواجهونها‪ُ .‬تأخذ هذ الحقيقة بعين االعتبار من خالل‬
‫إدراج الحرص والمحافظة على سعة االطالع بشكل عام ضمن استعدادات التفكير الناقد‪.‬‬

‫‪ .11‬طرق التعليم‬
‫أظهرت التدخالت التعليمية التجريبية‪ ،‬في ظل مجموعات محكومة‪ ،‬أن بإمكان التعليم تحسين مهارات التفكير الناقد‬
‫واستعداداته‪ ،‬وذلك وفق ما تم قياسه بواسطة االختبارات المعيارية‪ .‬للحصول على معلومات حول تلك االختبارات‪،‬‬
‫راجع ملحق التقييم‪.‬‬

‫ما هي طرق التعليم األكثر فاعلية في تنمية استعدادات المفكر الناقد وقدراته ومعرفته؟ وجد أبرامي وآخرون ‪Abrami‬‬
‫)‪ et al. (2015‬من خالل تحليلهم للدراسات التجريبية وشبه التجريبية أّن ُكاّل من الحوار والتعليم اإلرسائي واإلرشاد‬
‫زاد من فاعلّية التدخل التعليمي‪ ،‬كما أنها أكثر فاعلّية حين تكون مجتمعة‪ .‬وجد هؤالء الباحثين أيًض ا في تلك الدراسات‬
‫أّن الجمع بين تعليم التفكير الناقد على نحو مستقل مع تعليمه من خالل موضوع محدد يتم فيه تشجيع الطالب على‬
‫التفكير الناقد أكثر فاعلية من االقتصار على أي منهما على حده‪ .‬لم يكن الفرق‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬جوهريا من الناحية‬
‫اإلحصائية؛ بمعنى أنه ربما نشأ مصادفة‪.‬‬

‫تفتقر معظم تلك الدراسات إلى المتابعة ذات المدى الزمني الطويل والضرورية لتحديد ما إذا كانت التحسينات التفاضلية‬
‫الملحوظة في القدرات أو االستعدادات المرتبطة بالتفكير الناقد تستمر مع مرور الزمن‪ ،‬إلى فترة التخرج مثال في‬
‫المرحلة الثانوية أو الجامعية‪ .‬للحصول على تفاصيل حول دراسات أساليب تنمية مهارات التفكير الناقد واستعداداته‪،‬‬
‫انظر ملحق طرق التدريس‪.‬‬

‫‪ .12‬جوانب خالفية‬
‫نفى باحثون قابلية قدرات التفكير الناقد للتعميم على حقول ميدانية مختلفة‪ ،‬كما اّدعى باحثون وجود تحّيز في نظرية‬
‫التفكير الناقد وطرق تدريسها‪ ،‬في حين تقّص ى آخرون عالقة التفكير الناقد بأنواع التفكير األخرى‪.‬‬

‫‪ 1.12‬قابلية التفكير الناقد للتعميم‬

‫هاجم مكبيك )‪ McPeck (1981‬المسارات التي ظهرت في السبعينيات نحو مهارات التفكير‪ ،‬بما فيها المسار نحو‬
‫التفكير الناقد‪ُ ،‬م حاججًا بأنه ال توجد مهارات تفكير عامة‪ ،‬ألن التفكير إنما هو دائما تفكير بموضوع يختّص بقضية‬
‫محددة‪ .‬زعم مكبيك أيضا أّن من غير المفيد للمدارس والكليات تدريس التفكير وكأنه موضوع منفصل‪ ،‬بل ينبغي أن‬
‫يوجه المدّر سون تالميذهم إلى أْن يكونوا مفكرين مستقلين من خالل تدرسيهم للمواد الدراسية بطريقة تبرز فيها بنيتهم​‬
‫المعرفية وتشّجع النقاش والحجاج وتكافئ على ممارستهما‪ .‬غير أنه وبحسب بعض منتقديه (على سبيل المثال‪Paul :‬‬
‫‪ ،)1985; Siegel 1985‬فإن حجة مكبيك المركزية تحتاج إلى تفصيل‪ ،‬ذلك أنها حجة تتناقض مع أمثلة جلية في كّل‬
‫‪‬‬
‫من الكتابة والتحدث‪ ،‬فكالهما يتضمن (حتى مستوى تعقيد معين) قدرات عامة يمكن تعليمها بالرغم من أنها تتعّلق دائما‬
‫‪‬‬
‫بموضوع يختّص بقضية محددة‪ .‬يتوّجب على مكبيك‪ ،‬في سبيل جعل حجته مقنعة‪ ،‬تبيان كيفية اختالف التفكير عن‬
‫الكتابة والتحدث على نحو ال يسمح بالتجريد المفيد لمكوناته من الموضوعات التي يتناولها‪ ،‬وهو التبيان الذي لم يقم به‪.‬‬
‫بيد أن العديد من منظري التفكير الناقد يشاطرونه موقفه في أن استعدادات المفكر الناقد وقدراته إنما ُتطور على نحو‬
‫أمثل في سياق تناول موضوع يختص بقضية محددة‪ ،‬ومنهم ‪Dewey (1910, 1933), Glaser (1941),‬‬
‫)‪Passmore (1980), Weinstein (1990), and Bailin et al. (1999b‬‬

‫ساهم تحدي َم كبيك في تحفيز التأّم ل في المدى الذي يكون فيه التفكير الناقد ُم ختّص ا بموضوع محدد‪ .‬حاجج مكبيك‬
‫لصالح أطروحة االختصاص بالموضوع الصارمة‪ ،‬وبحسب هذه األطروحة ُيعتبر اختصاص جميع قدرات التفكير‬
‫الناقد بموضوع محدد حقيقة مفاهيمية‪( .‬لكنه لم يقم بتوسيع أطروحته المتعلقة باالختصاص بالموضوع لتشمل‬
‫استعدادات التفكير الناقد‪ .‬ال سيما أنه رأى استعداد “التأني في الحكم” في حاالت التنافر المعرفي باعتباره استعدادًا‬
‫عاًم ا‪ ).‬يواجه االختصاص بالموضوع من الناحية المفاهيمية أمثلة مضادة في غاية الوضوح‪ ،‬مثل القدرة العامة على‬
‫إدراك الخلط بين الشروط الضرورية والكافية‪ .‬هناك أطروحة أكثر تواضًعا‪ ،‬أّيدها مكبيك أيضا‪ ،‬وهي االختصاص‬
‫بالموضوع من الناحية المعرفية‪ ،‬وبحسب هذه األطروحة تتباين قواعد التفكير السليم من ميدان إلى آخر‪ .‬من الجلّي أن‬
‫هذه األطروحة تحتفظ بتماسكها حتى حدود معينة؛ على سبيل المثال‪ ،‬المبادئ التي يحل المرء بمقتضاها معادلة تفاضلية‬
‫تختلف تماًم ا عن المبادئ التي يحدد المرء بمقتضاها ما إذا كانت لوحة ما لوحة أصلية لبيكاسو‪ .‬لكن األطروحة تعاني‪،‬‬
‫كما يشير إنيس (‪ ،Ennis )1989‬من غموض مفهوم “الميدان” أو “الموضوع”‪ ،‬كما تعاني أيضا من الوجود الواضح‬
‫لمبادئ تشترك فيها ميادين مختلفة مهما اتسع نطاق تأويل مفهوم “الميدان”‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تحتفظ مبادئ االستدالل‬
‫االستنباطي‪-‬االفتراضي بقابلتيها للتطبيق في جميع الميادين المختلفة والتي ُيستخدم فيها هذا النوع من االستدالل‪ .‬هناك‬
‫أيضا نوع ثالث من االختصاص بالموضوع‪ ،‬ونعني به أطروحة االختصاص بالموضوع من الناحية التجريبية‪،‬‬
‫وبحسب هذه األطروحة فإّن من الُم سّلم به بوصفه حقيقة قابلة للفحص تجريبيا أّن الشخص الذي يمتلك قدرات المفكر‬
‫الناقد واستعداداته في ميدان معين من ميادين البحث لن يمتلكها بالضرورة في ميدان آخر‪.‬‬

‫تثير أطروحة االختصاص بالموضوع من الناحية التجريبية اإلشكالية العامة حول نقل التعلم‪ ،‬فإذا كان البد من تطوير‬
‫قدرات التفكير الناقد واستعداداته على نحو مستقل في كل مادة تعليمية‪ ،‬كيف يمكن لها أن تكون ذوات فائدة عند التعامل‬
‫مع مشكالت الحياة اليومية والقضايا السياسية واالجتماعية للمجتمع المعاصر‪ ،‬ومعظم هذه المشكالت والقضايا ال‬
‫يتناسب مع إطار المادة التعليمية التقليدية؟ يميل أنصار أطروحة االختصاص بالموضوع من الناحية التجريبية إلى‬
‫القول بأن من المرجح أن يتحقق نقل التعلم إذا كان هناك تعليم للتفكير الناقد في مجموعة متنوعة من المجاالت‪ ،‬مع‬
‫عناية صريحة باالستعدادات والقدرات المشتركة بين المجاالت‪ .‬غير أّن األدلة على هذا الزعم هزيلة‪ ،‬وهناك حاجة‬
‫لدراسات تجريبية جيدة التصميم وتهدف إلى تقّص ي الظروف التي تزيد من احتمالية نقل التعلم‪.‬‬

‫في النقاشات التي تتناول عمومية أو محدودية استعدادات التفكير الناقد وقدراته‪ ،‬من المسّلم به أن التفكير الناقد حول أي‬
‫موضوع يتطّلب خلفية معرفية حول ذلك الموضوع‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬أشّد الفهم عمقًا لمبادئ االستدالل االستنباطي‪-‬‬
‫االفتراضي ليس ذا فائدة إال إذا كان مصحوًبا بشيء من المعرفة بما يمكن له أن يشير إلى تفسيرات معقولة لبعض‬
‫الظواهر قيد البحث‪.‬‬
‫‪ 2.12‬االنحياز في نظرية التفكير الناقد وطرق تعليمه‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫أبدى ناقدون اعتراضات على وجود انحياز في نظرية التفكير الناقد وتعليمه وممارسته‪ ،‬في حين أشار بعض الشارحين‬
‫(ومنهم ‪ )Alston 1995; Ennis 1998‬أن كل من يتخذ موقًفا إنما لديه تحيز بمعناه الحيادي من حيث أنه يميل إلى‬
‫توجه محدد دون سواه من التوجهات األخرى‪ .‬لكن اعتراض الناقدين على التحيز يتمّثل في معناه االزدرائي والناشئ‬
‫عن تفضيل غير ُم بَّر ر ألساليب معينة من المعرفة على أخرى‪ ،‬مع ترديدهم لزعم مفاده أن األساليب التي ُفضلت على‬
‫نحو مجحف هي أساليب الجنس المهيمن أو الثقافة المهيمنة (‪ .)Bailin 1995‬تفّضل تلك األساليب‪:‬‬

‫تعزيز تحّيزات متمركزة حول الذات والمجتمع على االنخراط الديالكتيكي مع رؤى معاكسة للعالم (‪Paul‬‬
‫‪.)1981, 1984; Warren 1998‬‬
‫االبتعاد عن موضوع البحث على القرب منه (‪ Martin 1992‬؛ ‪)Thayer-Bacon 1992‬‬
‫الالمباالة تجاه حالة اآلخرين على االهتمام بهم (‪)Martin 1992‬‬
‫الميل إلى الفكر على الميل إلى الفعل (‪)Martin 1992‬‬
‫التحلي بالعقالنية على االهتمام بفهم أفكار الناس (‪)Thayer-Bacon 1993‬‬
‫تحقيق الحيادية والموضوعية على تحقيق التجسيد والتموضع (‪)Thayer-Bacon 1995a‬‬
‫الشك على االعتقاد (‪)Thayer-Bacon 1995b‬‬
‫العقل على المشاعر والخيال والحدس (‪)Thayer-Bacon 2000‬‬
‫التفكير االنفرادي على التفكير التعاوني (‪)Thayer-Bacon 2000‬‬
‫المهام المكتوبة والمنطوقة على أشكال التعبير األخرى (‪)Alston 2001‬‬
‫العناية بأنواع التواصل المكتوبة والمنطوقة على العناية بالمشكالت البشرية (‪)Alston 2001‬‬
‫الفوز في المناظرات في المجال العام على صنع المعنى وفهمه (‪)Alston 2001‬‬

‫القاسم المشترك في هذا المزيج من االتهامات هو االستياء من التركيز على التحليل المنطقي وتقييم التفكير والحجج‪.‬‬
‫بينما يقر هؤالء الباحثون بأن مثل هذا التحليل والتقييم يعّد جزءا من التفكير الناقد وينبغي أن يكون جزًء ا من تصوره‬
‫وطرق تعليمه‪ ،‬إال أنهم يصرون على أنه جزء فحسب‪ .‬يتأّسف بول )‪ ،Paul (1981‬مثًال‪ ،‬على ميل التدريس‬
‫المتشظي ألساليب تحليل الحجج وتقييمها إلى ما يؤدي إلى تحويل الطالب إلى مجرد سفسطائيين بكفاءة أكبر‪ ،‬بحيث‬
‫يصبحون ماهرين في اكتشاف أخطاء في المواقف والحجج التي يختلفون معها‪ ،‬لكنهم يظلون أكثر رسوًخ ا في التحيّز ات‬
‫التي انطلقوا منها والمتمركزة حول ذواتهم ومجتمعاتهم‪ .‬يستشهد مارتن )‪ Martin (1992‬وثاير بيكون ‪Thayer-‬‬
‫)‪ Bacon (1992‬باأللفة مع موضوع البحث والتي عّبر عنها كبار الباحثين في علم األحياء والطب كتجارب ذاتية‬
‫لهم ويستحسنانها‪ ،‬وهي ألفة تتعارض مع النأي الذي ُيزعم أنه موصى به في تصورات التفكير الناقد القياسية وطرق‬
‫تعليمه‪ .‬تقارن ثاير بيكون )‪ Thayer-Bacon (2000‬بين التعلم المتجسد والمضّم ن اجتماعًيا لطالب مدرستها‬
‫االبتدائية في مدرسة مونتيسوري‪ ،‬حيث استخدموا خيالهم وحدسهم وعواطفهم باإلضافة إلى تفكيرهم المنطقي‪ ،‬مع‬
‫تصورات للتفكير الناقد بوصفه‪:‬‬

‫تفكيًر ا يستخدم لنقد الحجج‪ ،‬وتقديم التبريرات‪ ،‬وإصدار األحكام حول ماهية األسباب الوجيهة أو اإلجابات الصحيحة‪.‬‬
‫(‪)Thayer-Bacon 2000: 127–128‬‬
‫أفادت ألستون )‪ Alston (2001‬أن طالبها في فصل للدراسات النسائية كانوا قادرين على إدراك العيوب في أسطورة‬
‫‪‬‬
‫سندريال التي يسودها كثير من الخيال الرومانسي ولكنهم بقوا يتصرفون على صعيد عالقاتهم الرومانسية كما لو أن‬ ‫‪‬‬
‫جميع اإلخفاقات تعود إلى خطأ المرأة‪ ،‬مع استمرارهم في القبول بمفاهيم الحب من النظرة األولى والحياة السعيدة‬
‫األبدية‪ .‬تقول ألستون إّن على الطالب أن‪:‬‬

‫يكونوا قادرين على ربط نقدهم الفكري باعتبارات أكثر عاطفية وجسدية وأخالقية عند اتخاذ خيارات محفوفة‬
‫بالمخاطر وذوات تحّيزات جنسانية أو عنصرية أو طبقية أو عائلية أو جنسية أو غيرها من العواقب التي تنالهم أو تنال‬
‫القريب منهم أوالبعيد عنهم … إن تفكيرًا ناقدًا يقتصر في قراءته للحجج أو النصوص أو الممارسات على ظاهرها‬
‫فحسب‪ ،‬دون صالت بالمشاعر‪ /‬أو الرغبة ‪ /‬أو الممارسة أو الفعل‪ ،‬لُه َو تفكير يفتقر إلى العمق األخالقي الذي من شأنه‬
‫ردم الهّو ة بين نشاط ذهني مجرد وبين ما نود تسميته تفكيرًا ناقدًا (‪)Alston 2001: 34‬‬

‫يصف بعض النقاد تحيزات كتلك على أنها مجحفة بحق النساء‪ ،‬وقد اتهمت ثاير‪-‬بيكون )‪،Thayer-Bacon (1992‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬نظرية التفكير الناقد الحديثة بأنها جنسانية‪ ،‬بحجة أنها نظرية تفصل الذات عن الموضوع وتتسبب‬
‫في فقدان اتصال المرء بصوته الداخلي‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬هي منحازة ضد المرأة‪ ،‬ذلك أن النساء (كما تؤكد بيكون) يصلن‬
‫الذات بالموضوع ويستمعن إلى صوتهن الداخلي‪ .‬ال يقتضي اتهامها أن النساء كمجموعة​​أقل قدرة في المتوسط من‬
‫الرجال على تحليل الحجج وتقييمها‪ .‬لم يجد فيكوشيني )‪ Facione (1990c‬فرًقا في األداء على أساس الجنس في‬
‫اختبار مهارات التفكير الناقد في كاليفورنيا‪ ،‬كما لم يجد كون ‪ Kuhn (1991: 280–281‬أي فرق على أساس‬
‫الجنس في التصرف أو الكفاءة لالنخراط في التفكير الحجاجي‪.‬‬

‫يقترح النقاد مجموعة متنوعة من التدابير العالجية للتحيزات التي يزعمون وجودها‪ ،‬وهم ال ينصحون عمومًا باستبعاد‬
‫التفكير الناقد كهدف تعليمي أو التقليل من أهميته‪ ،‬بل إنهم يقترحون وضع تصور مختلف للتفكير الناقد وتغيير طرق‬
‫التعليم وفًقا لذلك التصور‪ .‬إّن مقترحاتهم في طرق التعليم ناتجة منطقيا عن اعتراضاتهم‪ ،‬ويمكن تلخيصها على النحو‬
‫التالي‪:‬‬

‫التركيز على شبكات الحجاج ذوات التبادالت الجدلية والتي تظهر من خاللها وجهات النظر المتنافسة بدًال من‬
‫الحجج المتشظية‪ ،‬وذلك لتطوير تفكير ناقد ذي “حس قوي” يتجاوز التحيزات الذاتية واالجتماعية (‪Paul‬‬
‫‪.)1981, 1984‬‬
‫تعزيز التقارب مع الموضوع قيد النظر والشعور بالتواصل مع اآلخرين من أجل المساهمة في ديمقراطية‬
‫إنسانية (‪.)Martin 1992‬‬
‫تطوير “تفكير بّناء” كنشاط اجتماعي في مجتمع من المتسائلين المتجسدين فعليًا واجتماعيًا بآراء ذاتية ال تقّدر‬
‫العقل فحسب‪ ،‬بل الخيال والحدس والمشاعر أيضًا (‪.)Thayer-Bacon 2000‬‬
‫عند تطوير التفكير الناقد في المواد الدراسية‪ ،‬ال تعطى األهمية للمهارات وال لالستعدادات‪ ،‬وإنما تعطى األهمية‬
‫لفتح المجال أمام عوالم المعنى (‪.)Alston 2001‬‬
‫االهتمام بتنمية استعدادات التفكير الناقد جنبًا إلى جنب مع مهاراته‪ ،‬وتبني “طرق التعليم الناقدة” التي مارسها‬
‫ودافع عنها فريري )]‪ Freire (1968 [1970‬و هوكس& ‪hooks (1994) (Dalgleish, Girard,‬‬
‫)‪.Davies 2017‬‬
‫القاسم المشترك بين هذه المقترحات هو التعامل مع التفكير الناقد باعتباره نشاًطا اجتماعًيا وتفاعلًيا وشخصي االنخراط‬
‫‪‬‬
‫كمثل النشاط الجماعي في التجّم عات الحرفية أو في تنمية الحظائر (‪)Thayer-Bacon 2000‬وذلك بدال من‬ ‫‪‬‬
‫اعتباره نشاًطا فردًيا ومنعزًال وقاصيا كما رمز إليه النحات رودان في تمثاله المفكر ‪ .The Thinker‬يمكن للمرء أن‬
‫يجد وصفًا جلّيًا للتعليم من النوع الذي يجسده التعريف األول في الجملة السابقة في كتابات بيل هوكس ‪bell hooks‬‬
‫)‪ . (1994, 2010‬فهي ترى في التفكير الناقد تبادًال جدليًا منفتحًا ومعّبرا عن مواقف متعارضة ونابعا من وجهات‬
‫نظر متعددة‪ ،‬وهو تصور يشبه التفكير الناقد في “معناه الصارم” عند بول (‪ .)Paul 1981‬تخّلت بيل هوكس عن بنية‬
‫الهيمنة في الصفوف الدراسية التقليدية‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬أصبحت تكّلف طالبها في برنامج تدريبي تمهيدي حول‬
‫الكاتبات السود بكتابة فقرة عن سيرتهم الذاتية حول ذاكرة عرقية مبكرة‪ ،‬ومن ثّم قراءتها بصوت عاٍل بينما يستمع‬
‫اآلخرون‪ ،‬وبذلك تؤكد على تفّر د كل صوت وقيمته‪ ،‬إلى جانب خلق وعي جمعي حول تنوع التجارب في المجموعة‬
‫(‪ .)hooks 1994: 84‬إّن “طرق تعليمها التشاركية” ‪-‬إًذا‪ -‬تشبه “الحرية الموّجهة” والتي تم تطبيقها في مدرسة‬
‫مختبر جون ديوي في شيكاغو في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين‪ ،‬إذ تشتمل على الحوار‬
‫والتعليم اإلرسائي والتوجيه‪ ،‬وهي العناصر التي رأى أبرامي )‪ Abrami (2015‬أنها األكثر فاعلية في تحسين‬
‫مهارات التفكير الناقد واستعداداته‪.‬‬

‫‪ 3.12‬عالقة التفكير الناقد بسائر أنواع التفكير‬

‫ما عالقة التفكير الناقد بحل المشكالت واتخاذ القرار ومستويات التفكير العليا والتفكير اإلبداعي وسائر أنواع التفكير‬
‫المعروفة؟ يبدو جليًا أن اإلجابة عن هذا السؤال تعتمد على كيفية تعريف ما يتضّم نه من مصطلحات‪ .‬إذا نظرنا إلى‬
‫التفكير الناقد بمنظور واسع بحيث يشمل أي تفكير يقظ تجاه أي موضوع وألي غرض‪ ،‬فإن حل المشكالت واتخاذ‬
‫القرار سيكونان من ضمن أنواع التفكير الناقد‪ ،‬شريطة الحرص عند القيام بكل منهما‪ .‬تاريخيا‪ ،‬كان “التفكير الناقد” و‬
‫“حل المشكالت” اسمين للشيء ذاته‪ .‬أما إذا نظرنا للتفكير الناقد من منظور أضيق بحيث يقتصر على تقييم نواتج فكرية‬
‫فحسب‪ ،‬فسيكون عندئٍذ منفصًال عن حل المشكالت واتخاذ القرار‪ ،‬فهذان ُيعتبران من ضروب التفكير البّناء‪.‬‬

‫ما أشار إليه تصنيف بلوم لألهداف التعليمية بعبارة “القدرات والمهارات الفكرية” هو ما أطلق عليه البعض “التفكير‬
‫الناقد”‪ ،‬وهو أيضا “التفكير االستقصائي” كما سّم اه ديوي وآخرون‪ ،‬و”حل المشكالت” كما ّسماه غيرهم (‪Bloom et‬‬
‫‪ .)al 1956: 38‬لهذا فإن ما يسمى بـ “مهارات التفكير العليا” في المستويات األعلى من التصنيف والمتعلقة بالتحليل‬
‫والتركيب والتقييم ليست سوى مهارات تفكير ناقد‪ ،‬على الرغم من خلّو ها من معايير عامة لتقييمها (‪.)Ennis1981b‬‬
‫كذلك تتعاطى النسخة المنقحة من تصنيف بلوم (‪ )Anderson et al. 2001‬مع التفكير الناقد بوصفه تفكيرا عابرا‬
‫لتلك األنواع من العمليات الذهنية والتي تنطوي على ما هو أكثر من التذّكر (–‪Anderson et al. 2001: 269‬‬
‫‪ .)270‬للحصول على التفاصيل‪ ،‬راجع ملحق التاريخ‪.‬‬

‫أما التفكير اإلبداعي فهو تفكير يتداخل مع التفكير الناقد (‪ .)Bailin 1987, 1988‬إّن التفكير حول تفسير لظاهرة ما‬
‫أو حدث ما‪ ،‬كما هو الحال في مثال العّبارة‪ ،‬يتطّلب خيااًل إبداعًيا لبناء فرضيات تفسيرية معقولة‪ .‬بالمثل‪ ،‬يتطلب التفكير‬
‫في مسألة سياسية‪ ،‬كما في مثال المرشح‪ ،‬إبداًعا يؤدي إلى خيارات‪ .‬في المقابل‪ ،‬يحتاج اإلبداع في أي مجال إلى أن‬
‫يكون متوازنا من ِقبل تقييم ناقد لمسودة لوحة أو رواية أو نظرية رياضية‪.‬‬
‫]أرى أن كلمة األلماس هنا غير معتادة للقارئ العربي وأن األنسب هو ” العالمات معينة الشكل ربما تكون‬sa1[

‫أقرب للفهم‬ 

‫المراجع‬
Abrami, Philip C., Robert M. Bernard, Eugene Borokhovski, David I.
Waddington, C. Anne Wade, and Tonje Person, 2015, “Strategies for
Teaching Students to Think Critically: A Meta-analysis”, Review of
Educational Research, 85(2): 275–314. doi:10.3102/0034654314551063
Aikin, Wilford M., 1942, The Story of the Eight-year Study, with Conclusions
and Recommendations, Volume I of Adventure in American Education, New
York and London: Harper & Brothers. [Aikin 1942 available online]
Alston, Kal, 1995, “Begging the Question: Is Critical Thinking
Biased?”, Educational Theory, 45(2): 225–233. doi:10.1111/j.1741-
5446.1995.00225.x
Re/Thinking Critical Thinking: The Seductions of Everyday“ ,2001 ,–––
Life”, Studies in Philosophy and Education, 20(1): 27–40.
doi:10.1023/A:1005247128053
American Educational Research Association, 2014, Standards for
Educational and Psychological Testing / American Educational Research
Association, American Psychological Association, National Council on
Measurement in Education, Washington, DC: American Educational
.Research Association
Anderson, Lorin W., David R. Krathwohl, Peter W. Airiasian, Kathleen A.
Cruikshank, Richard E. Mayer, Paul R. Pintrich, James Raths, and Merlin C.
Wittrock, 2001, A Taxonomy for Learning, Teaching and Assessing: A
Revision of Bloom’s Taxonomy of Educational Objectives, New York:
.Longman, complete edition
Bailin, Sharon, 1987, “Critical and Creative Thinking”, Informal Logic, 9(1):
23–30. [Bailin 1987 available online]
Achieving Extraordinary Ends: An Essay on Creativity, Dordrecht: ,1988 ,–––
Kluwer. doi:10.1007/978-94-009-2780-3
Is Critical Thinking Biased? Clarifications and“ ,1995 ,–––
Implications”, Educational Theory, 45(2): 191–197. doi:10.1111/j.1741-
5446.1995.00191.x
Bailin, Sharon and Mark Battersby, 2009, “Inquiry: A Dialectical Approach to
Teaching Critical Thinking”, in Juho Ritola (ed.), Argument Cultures:
Proceedings of OSSA 09, CD-ROM (pp. 1–10), Windsor, ON: OSSA. [Bailin &
Battersby 2009 available online]
Fostering the Virtues of Inquiry”, Topoi, 35(2): 367–374.“ ,2016 ,–––
doi:10.1007/s11245-015-9307-6
Bailin, Sharon, Roland Case, Jerrold R. Coombs, and Leroi B. Daniels,
1999a, “Common Misconceptions of Critical Thinking”, Journal of Curriculum  
Studies, 31(3): 269–283. doi:10.1080/002202799183124
1999b, “Conceptualizing Critical Thinking”, Journal of Curriculum ,–––
Studies, 31(3): 285–302. doi:10.1080/002202799183133
Berman, Alan M., Seth J. Schwartz, William M. Kurtines, and Steven L.
Berman, 2001, “The Process of Exploration in Identity Formation: The Role of
Style and Competence”, Journal of Adolescence, 24(4): 513–528.
doi:10.1006/jado.2001.0386
Black, Beth (ed.), 2012, An A to Z of Critical Thinking, London: Continuum
.International Publishing Group
Bloom, Benjamin Samuel, Max D. Engelhart, Edward J. Furst, Walter H. Hill,
and David R. Krathwohl, 1956, Taxonomy of Educational Objectives.
.Handbook I: Cognitive Domain, New York: David McKay
Casserly, Megan, 2012, “The 10 Skills That Will Get You Hired in
2013”, Forbes, Dec. 10, 2012. Available
at https://www.forbes.com/sites/meghancasserly/2012/12/10/the-10-skills-
.that-will-get-you-a-job-in-2013/#79e7ff4e633d; accessed 2017 11 06
Center for Assessment & Improvement of Learning, 2017, Critical Thinking
.Assessment Test, Cookeville, TN: Tennessee Technological University
Cohen, Jacob, 1988, Statistical Power Analysis for the Behavioral Sciences,
.Hillsdale, NJ: Lawrence Erlbaum Associates, 2nd edition
College Board, 1983, Academic Preparation for College. What Students Need
to Know and Be Able to Do, New York: College Entrance Examination Board,
.ERIC document ED232517
Commission on the Relation of School and College of the Progressive
Education Association, 1943, Thirty Schools Tell Their Story, Volume V
of Adventure in American Education, New York and London: Harper &
.Brothers
Council for Aid to Education, 2017, CLA+ Student Guide. Available
at http://cae.org/images/uploads/pdf/CLA_Student_Guide_Institution.pdf;
.accessed 2017 09 26
Dalgleish, Adam, Patrick Girard, and Maree Davies, 2017, “Critical Thinking,
Bias and Feminist Philosophy: Building a Better Framework through
Collaboration”, Informal Logic, 37(4): 351–369. [Dalgleish et al. available
online]
Dewey, John, 1910, How We Think, Boston: D.C. Heath. [Dewey 1910
available online]
Democracy and Education: An Introduction to the Philosophy of ,1916 ,–––
.Education, New York: Macmillan
How We Think: A Restatement of the Relation of Reflective ,1933 ,–––
.Thinking to the Educative Process, Lexington, MA: D.C. Heath  
The Theory of the Chicago Experiment”, Appendix II of Mayhew &“ ,1936 ,–––
.Edwards 1936: 463–477
.Logic: The Theory of Inquiry, New York: Henry Holt and Company ,1938 ,–––
Dominguez, Caroline (coord.), 2018a, A European Collection of the Critical
Thinking Skills and Dispositions Needed in Different Professional Fields for
the 21st Century, Vila Real, Portugal: UTAD. Available
.at http://bit.ly/CRITHINKEDUO1; accessed 2018 04 09
2018b, A European Review on Critical Thinking Educational ,).coord( –––
Practices in Higher Education Institutions, Vila Real: UTAD. Available
.at http://bit.ly/CRITHINKEDUO2; accessed 2018 04 14
Dumke, Glenn S., 1980, Chancellor’s Executive Order 338, Long Beach, CA:
California State University, Chancellor’s Office. Available
.at https://www.calstate.edu/eo/EO-338.pdf; accessed 2017 11 16
Ennis, Robert H., 1958, “An Appraisal of the Watson-Glaser Critical Thinking
Appraisal”, The Journal of Educational Research, 52(4): 155–158.
doi:10.1080/00220671.1958.10882558
A Concept of Critical Thinking: A Proposed Basis for Research on“ ,1962 ,–––
the Teaching and Evaluation of Critical Thinking Ability”, Harvard Educational
.Review, 32(1): 81–111
1981a, “A Conception of Deductive Logical Competence”, Teaching ,–––
Philosophy, 4(3/4): 337–385. doi:10.5840/teachphil198143/429
1981b, “Eight Fallacies in Bloom’s Taxonomy”, in C. J. B. Macmillan ,–––
(ed.), Philosophy of Education 1980: Proceedings of the Thirty-seventh
Annual Meeting of the Philosophy of Education Society, Bloomington, IL:
.Philosophy of Education Society, pp. 269–273
Problems in Testing Informal Logic, Critical Thinking, Reasoning“ ,1984 ,–––
Ability”. Informal Logic, 6(1): 3–9. [Ennis 1984 available online]
A Taxonomy of Critical Thinking Dispositions and Abilities”, in“ ,1987 ,–––
Joan Boykoff Baron and Robert J. Sternberg (eds.), Teaching Thinking Skills:
.Theory and Practice, New York: W. H. Freeman, pp. 9–26
Critical Thinking and Subject Specificity: Clarification and Needed“ ,1989 ,–––
Research”, Educational Researcher, 18(3): 4–10.
doi:10.3102/0013189X018003004
Critical Thinking: A Streamlined Conception”, Teaching“ ,1991 ,–––
Philosophy, 14(1): 5–24. doi:10.5840/teachphil19911412
Critical Thinking Dispositions: Their Nature and“ ,1996 ,–––
Assessability”, Informal Logic, 18(2–3): 165–182. [Ennis 1996 available
online]
Is Critical Thinking Culturally Biased?”, Teaching Philosophy,“ ,1998 ,–––
21(1): 15–33. doi:10.5840/teachphil19982113  
Critical Thinking: Reflection and Perspective Part I”, Inquiry:“ ,2011 ,–––
Critical Thinking across the Disciplines, 26(1): 4–18.
doi:10.5840/inquiryctnews20112613
Critical Thinking across the Curriculum: The Wisdom CTAC“ ,2013 ,–––
Program”, Inquiry: Critical Thinking across the Disciplines, 28(2): 25–45.
doi:10.5840/inquiryct20132828
Definition: A Three-Dimensional Analysis with Bearing on Key“ ,2016 ,–––
Concepts”, in Patrick Bondy and Laura Benacquista (eds.), Argumentation,
Objectivity, and Bias: Proceedings of the 11th International Conference of the
Ontario Society for the Study of Argumentation (OSSA), 18–21 May 2016,
Windsor, ON: OSSA, pp. 1–19. Available
at http://scholar.uwindsor.ca/ossaarchive/OSSA11/papersandcommentaries/1
.05; accessed 2017 12 02
Critical Thinking Across the Curriculum: A Vision”, Topoi, 37(1):“ ,2018 ,–––
165–184. doi:10.1007/s11245-016-9401-4
Ennis, Robert H., and Jason Millman, 1971, Manual for Cornell Critical
Thinking Test, Level X, and Cornell Critical Thinking Test, Level Z, Urbana, IL:
.Critical Thinking Project, University of Illinois
Ennis, Robert H., Jason Millman, and Thomas Norbert Tomko, 1985, Cornell
Critical Thinking Tests Level X & Level Z: Manual, Pacific Grove, CA: Midwest
.Publication, 3rd edition
Cornell Critical Thinking Tests Level X & Level Z: Manual, ,2005 ,–––
.Seaside, CA: Critical Thinking Company, 5th edition
Ennis, Robert H. and Eric Weir, 1985, The Ennis-Weir Critical Thinking Essay
Test: Test, Manual, Criteria, Scoring Sheet: An Instrument for Teaching and
.Testing, Pacific Grove, CA: Midwest Publications
Facione, Peter A., 1990a, Critical Thinking: A Statement of Expert Consensus
for Purposes of Educational Assessment and Instruction, Research Findings
and Recommendations Prepared for the Committee on Pre-College
Philosophy of the American Philosophical Association, ERIC Document
.ED315423
1990b, California Critical Thinking Skills Test, CCTST – Form A, ,–––
.Millbrae, CA: The California Academic Press
1990c, The California Critical Thinking Skills Test–College Level. ,–––
Technical Report #3. Gender, Ethnicity, Major, CT Self-Esteem, and the
.CCTST, ERIC Document ED326584
California Critical Thinking Skills Test: CCTST – Form B, Millbrae, ,1992 ,–––
.CA: The California Academic Press
The Disposition Toward Critical Thinking: Its Character,“ ,2000 ,–––
Measurement, and Relationship to Critical Thinking Skill”, Informal Logic,  
20(1): 61–84. [Facione 2000 available online]
Facione, Peter A. and Noreen C. Facione, 1992, CCTDI: A Disposition
.Inventory, Millbrae, CA: The California Academic Press
Facione, Peter A., Noreen C. Facione, and Carol Ann F. Giancarlo,
2001, California Critical Thinking Disposition Inventory: CCTDI: Inventory
.Manual, Millbrae, CA: The California Academic Press
Facione, Peter A., Carol A. Sánchez, and Noreen C. Facione, 1994, Are
College Students Disposed to Think?, Millbrae, CA: The California Academic
.Press. ERIC Document ED368311
Fisher, Alec, and Michael Scriven, 1997, Critical Thinking: Its Definition and
Assessment, Norwich: Centre for Research in Critical Thinking, University of
.East Anglia
Freire, Paulo, 1968 [1970], Pedagogia do Oprimido. Translated as Pedagogy
of the Oppressed, Myra Bergman Ramos (trans.), New York: Continuum,
.1970
Glaser, Edward Maynard, 1941, An Experiment in the Development of Critical
Thinking, New York: Bureau of Publications, Teachers College, Columbia
.University
Halpern, Diane F., 1998, “Teaching Critical Thinking for Transfer Across
Domains: Disposition, Skills, Structure Training, and Metacognitive
Monitoring”, American Psychologist, 53(4): 449–455. doi:10.1037/0003-
066X.53.4.449
Manual: Halpern Critical Thinking Assessment, Mödling, Austria: ,2016 ,–––
Schuhfried. Available
at https://drive.google.com/file/d/0BzUoP_pmwy1gdEpCR05PeW9qUzA/view;
.accessed 2017 12 01
Hamby, Benjamin, 2014, The Virtues of Critical Thinkers, Doctoral
dissertation, Philosophy, McMaster University. [Hamby 2014 available online]
Willingness to Inquire: The Cardinal Critical Thinking Virtue”, in“ ,2015 ,–––
Martin Davies and Ronald Barnett (eds.), The Palgrave Handbook of Critical
.Thinking in Higher Education, New York: Palgrave Macmillan, pp. 77–87
Haynes, Ada, Elizabeth Lisic, Kevin Harris, Katie Leming, Kyle Shanks, and
Barry Stein, 2015, “Using the Critical Thinking Assessment Test (CAT) as a
Model for Designing Within-Course Assessments: Changing How Faculty
Assess Student Learning”, Inquiry: Critical Thinking Across the Disciplines,
30(3): 38–48. doi:10.5840/inquiryct201530316
Hitchcock, David, 2017, “Critical Thinking as an Educational Ideal”, in his On
Reasoning and Argument: Essays in Informal Logic and on Critical Thinking,
Dordrecht: Springer, pp. 477–497. doi:10.1007/978-3-319-53562-3_30
hooks, bell, 1994, Teaching to Transgress: Education as the Practice of
.Freedom, New York and London: Routledge  
Teaching Critical Thinking: Practical Wisdom, New York and ,2010 ,–––
.London: Routledge
Johnson, Ralph H., 1992, “The Problem of Defining Critical Thinking”, in
Stephen P, Norris (ed.), The Generalizability of Critical Thinking, New York:
.Teachers College Press, pp. 38–53
Kahane, Howard, 1971, Logic and Contemporary Rhetoric: The Use of
.Reason in Everyday Life, Belmont, CA: Wadsworth
Kahneman, Daniel, 2011, Thinking, Fast and Slow, New York: Farrar, Straus
.and Giroux
Kenyon, Tim, and Guillaume Beaulac, 2014, “Critical Thinking Education and
Debasing”, Informal Logic, 34(4): 341–363. [Kenyon & Beaulac 2014
available online]
Krathwohl, David R., Benjamin S. Bloom, and Bertram B. Masia,
1964, Taxonomy of Educational Objectives, Handbook II: Affective Domain,
.New York: David McKay
Kuhn, Deanna, 1991, The Skills of Argument, New York: Cambridge
University Press. doi:10.1017/CBO9780511571350
Lipman, Matthew, 1987, “Critical Thinking–What Can It Be?”, Analytic
Teaching, 8(1): 5–12. [Lipman 1987 available online]
Loftus, Elizabeth F., 2017, “Eavesdropping on Memory”, Annual Review of
Psychology, 68: 1–18. doi:10.1146/annurev-psych-010416-044138
Martin, Jane Roland, 1992, “Critical Thinking for a Humane World”, in
Stephen P. Norris (ed.), The Generalizability of Critical Thinking, New York:
.Teachers College Press, pp. 163–180
Mayhew, Katherine Camp, and Anna Camp Edwards, 1936, The Dewey
School: The Laboratory School of the University of Chicago, 1896–1903, New
York: Appleton-Century. [Mayhew & Edwards 1936 available online]
McPeck, John E., 1981, Critical Thinking and Education, New York: St.
.Martin’s Press
Nickerson, Raymond S., 1998, “Confirmation Bias: A Ubiquitous Phenomenon
in Many Guises”, Review of General Psychology, 2(2): 175–220.
doi:10.1037/1089-2680.2.2.175
Nieto, Ana Maria, and Jorge Valenzuela, 2012, “A Study of the Internal
Structure of Critical Thinking Dispositions”, Inquiry: Critical Thinking across
the Disciplines, 27(1): 31–38. doi:10.5840/inquiryct20122713
Norris, Stephen P., 1985, “Controlling for Background Beliefs When
Developing Multiple-choice Critical Thinking Tests”, Educational
Measurement: Issues and Practice, 7(3): 5–11. doi:10.1111/j.1745-
3992.1988.tb00437.x
Norris, Stephen P. and Robert H. Ennis, 1989, Evaluating Critical
Thinking (The Practitioners’ Guide to Teaching Thinking Series), Pacific  
.Grove, CA: Midwest Publications
Norris, Stephen P. and Ruth Elizabeth King, 1983, Test on Appraising
Observations, St. John’s, NL: Institute for Educational Research and
.Development, Memorial University of Newfoundland
The Design of a Critical Thinking Test on Appraising Observations, ,1984 ,–––
St. John’s, NL: Institute for Educational Research and Development,
.Memorial University of Newfoundland. ERIC Document ED260083
Test on Appraising Observations: Manual, St. John’s, NL: Institute ,1985 ,–––
for Educational Research and Development, Memorial University of
.Newfoundland
1990a, Test on Appraising Observations, St. John’s, NL: Institute for ,–––
Educational Research and Development, Memorial University of
.Newfoundland, 2nd edition
1990b, Test on Appraising Observations: Manual, St. John’s, NL: ,–––
Institute for Educational Research and Development, Memorial University of
.Newfoundland, 2nd edition
Obama, Barack, 2014, State of the Union Address, January 28, 2014.
[Obama 2014 available online]
OCR [Oxford, Cambridge and RSA Examinations], 2011, AS/A Level GCE:
Critical Thinking – H052, H452, Cambridge: OCR. Information available
at http://www.ocr.org.uk/qualifications/as-a-level-gce-critical-thinking-h052-
.h452/; accessed 2017 10 12
OECD [Organization for Economic Cooperation and Development] Centre for
Educational Research and Innovation, 2018, Fostering and Assessing
Students’ Creative and Critical Thinking Skills in Higher Education, Paris:
OECD. Available at http://www.oecd.org/education/ceri/Fostering-and-
assessing-students-creative-and-critical-thinking-skills-in-higher-
.education.pdf; accessed 2018 04 22
Ontario Ministry of Education, 2013, The Ontario Curriculum Grades 9 to 12:
Social Sciences and Humanities. Available
at http://www.edu.gov.on.ca/eng/curriculum/secondary/ssciences9to122013.p
.df; accessed 2017 11 16
Passmore, John Arthur, 1980, The Philosophy of Teaching, London:
.Duckworth
Paul, Richard W., 1981, “Teaching Critical Thinking in the ‘Strong’ Sense: A
Focus on Self-Deception, World Views, and a Dialectical Mode of
Analysis”, Informal Logic, 4(2): 2–7. [Paul 1981 available online]
Critical Thinking: Fundamental to Education for a Free“ ,1984 ,–––
.Society”, Educational Leadership, 42(1): 4–14
McPeck’s Mistakes”, Informal Logic, 7(1): 35–43. [Paul 1985“ ,1985 ,–––
available online]  
Paul, Richard W. and Linda Elder, 2006, The Miniature Guide to Critical
Thinking: Concepts and Tools, Dillon Beach, CA: Foundation for Critical
.Thinking, 4th edition
Payette, Patricia, and Edna Ross, 2016, “Making a Campus-Wide
Commitment to Critical Thinking: Insights and Promising Practices Utilizing
the Paul-Elder Approach at the University of Louisville”, Inquiry: Critical
Thinking Across the Disciplines, 31(1): 98–110.
doi:10.5840/inquiryct20163118
Possin, Kevin, 2008, “A Field Guide to Critical-Thinking
Assessment”, Teaching Philosophy, 31(3): 201–228.
doi:10.5840/teachphil200831324
2013a, “Some Problems with the Halpern Critical Thinking Assessment ,–––
(HCTA) Test”, Inquiry: Critical Thinking across the Disciplines, 28(3): 4–12.
doi:10.5840/inquiryct201328313
2013b, “A Serious Flaw in the Collegiate Learning Assessment (CLA) ,–––
Test”, Informal Logic, 33(3): 390–405. [Possin 2013b available online]
Critique of the Watson-Glaser Critical Thinking Appraisal Test:“ ,2014 ,–––
The More You Know, the Lower Your Score”, Informal Logic, 34(4): 393–416.
[Possin 2014 available online]
Rawls, John, 1971, A Theory of Justice, Cambridge, MA: Harvard University
.Press
.Rousseau, Jean-Jacques, 1762, Émile, Amsterdam: Jean Néaulme
Scheffler, Israel, 1960, The Language of Education, Springfield, IL: Charles
.C. Thomas
Scriven, Michael, and Richard W. Paul, 1987, Defining Critical Thinking, Draft
statement written for the National Council for Excellence in Critical Thinking
Instruction. Available at http://www.criticalthinking.org/pages/defining-critical-
.thinking/766; accessed 2017 11 29
Sheffield, Clarence Burton Jr., 2018, “Promoting Critical Thinking in Higher
Education: My Experiences as the Inaugural Eugene H. Fram Chair in
Applied Critical Thinking at Rochester Institute of Technology”, Topoi, 37(1):
155–163. doi:10.1007/s11245-016-9392-1
Siegel, Harvey, 1985, “McPeck, Informal Logic and the Nature of Critical
Thinking”, in David Nyberg (ed.), Philosophy of Education 1985: Proceedings
of the Forty-First Annual Meeting of the Philosophy of Education Society,
.Normal, IL: Philosophy of Education Society, pp. 61–72
Educating Reason: Rationality, Critical Thinking, and Education, ,1988 ,–––
.New York: Routledge
What (Good) Are Thinking Dispositions?”, Educational Theory,“ ,1999 ,–––
49(2): 207–221. doi:10.1111/j.1741-5446.1999.00207.x  
Simpson, Elizabeth, 1966–67, “The Classification of Educational Objectives:
Psychomotor Domain”, Illinois Teacher of Home Economics, 10(4): 110–144,
ERIC document ED0103613. [Simpson 1966–67 available online]
Skolverket, 2011, Curriculum for the Compulsory School, Preschool Class
and the Recreation Centre, Stockholm: Ordförrådet AB. Available
at http://malmo.se/download/18.29c3b78a132728ecb52800034181/pdf2687.p
.df; accessed 2017 11 16
Smith, B. Othanel, 1953, “The Improvement of Critical Thinking”, Progressive
.Education, 30(5): 129–134
Smith, Eugene Randolph, Ralph Winfred Tyler, and the Evaluation Staff,
1942, Appraising and Recording Student Progress, Volume III of Adventure in
.American Education, New York and London: Harper & Brothers
Splitter, Laurance J., 1987, “Educational Reform through Philosophy for
Children”, Thinking: The Journal of Philosophy for Children, 7(2): 32–39.
doi:10.5840/thinking1987729
Stanovich Keith E., and Paula J. Stanovich, 2010, “A Framework for Critical
Thinking, Rational Thinking, and Intelligence”, in David D. Preiss and Robert
J. Sternberg (eds), Innovations in Educational Psychology: Perspectives on
Learning, Teaching and Human Development, New York: Springer Publishing,
.pp 195–237
Stanovich Keith E., Richard F. West, and Maggie E. Toplak, 2011,
“Intelligence and Rationality”, in Robert J. Sternberg and Scott Barry Kaufman
(eds.), Cambridge Handbook of Intelligence, Cambridge: Cambridge
University Press, 3rd edition, pp. 784–826.
doi:10.1017/CBO9780511977244.040
Tankersley, Karen, 2005, Literacy Strategies for Grades 4–12: Reinforcing the
Threads of Reading, Alexandria, VA: Association for Supervision and
.Curriculum Development
Thayer-Bacon, Barbara J., 1992, “Is Modern Critical Thinking Theory
Sexist?”, Inquiry: Critical Thinking Across the Disciplines, 10(1): 3–7.
doi:10.5840/inquiryctnews199210123
Caring and Its Relationship to Critical Thinking”, Educational“ ,1993 ,–––
Theory, 43(3): 323–340. doi:10.1111/j.1741-5446.1993.00323.x
1995a, “Constructive Thinking: Personal Voice”, Journal of Thought, ,–––
.30(1): 55–70
1995b, “Doubting and Believing: Both are Important for Critical ,–––
Thinking”, Inquiry: Critical Thinking across the Disciplines, 15(2): 59–66.
doi:10.5840/inquiryctnews199515226
Transforming Critical Thinking: Thinking Constructively, New York: ,2000 ,–––
.Teachers College Press  
Toulmin, Stephen Edelston, 1958, The Uses of Argument, Cambridge:
.Cambridge University Press
Turri, John, Mark Alfano, and John Greco, 2017, “Virtue Epistemology”, in
Edward N. Zalta (ed.), The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2017
Edition). URL =
>/<https://plato.stanford.edu/archives/win2017/entries/epistemology-virtue
Warren, Karen J. 1988. “Critical Thinking and Feminism”, Informal Logic,
10(1): 31–44. [Warren 1988 available online]
Watson, Goodwin, and Edward M. Glaser, 1980a, Watson-Glaser Critical
.Thinking Appraisal, Form A, San Antonio, TX: Psychological Corporation
1980b, Watson-Glaser Critical Thinking Appraisal: Forms A and B; ,–––
,Manual, San Antonio, TX: Psychological Corporation
Watson-Glaser Critical Thinking Appraisal, Form B, San Antonio, ,1994 ,–––
.TX: Psychological Corporation
Weinstein, Mark, 1990, “Towards a Research Agenda for Informal Logic and
Critical Thinking”, Informal Logic, 12(3): 121–143. [Weinstein 1990 available
online]
.Logic, Truth and Inquiry, London: College Publications ,2013 ,–––
Zagzebski, Linda Trinkaus, 1996, Virtues of the Mind: An Inquiry into the
Nature of Virtue and the Ethical Foundations of Knowledge, Cambridge:
Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9781139174763

‫أدوات أكاديمية‬

.How to cite this entry

ew the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society

thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO)

ed bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database

‫مصادر أخرى على اإلنترنت‬


Association for Informal Logic and Critical Thinking (AILACT)
Critical Thinking Across the European Higher Education Curricula
(CRITHINKEDU)
Critical Thinking Definition, Instruction, and Assessment: A Rigorous
Approach (criticalTHINKING.net)  
Critical Thinking Research (RAIL)
Foundation for Critical Thinking
Insight Assessment
Partnership for 21st Century Learning (P21)
The Critical Thinking Consortium
The Nature of Critical Thinking: An Outline of Critical Thinking Dispositions
and Abilities, by Robert H. Ennis

‫مداخل ذات صلة‬


abilities | bias, implicit | children, philosophy for | civic education | decision-making
capacity | Dewey, John | dispositions | education, philosophy of | epistemology:
virtue | logic: informal

Hitchcock, David, “Critical Thinking”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall


2020 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL =
.>/<https://plato.stanford.edu/archives/fall2020/entries/critical-thinking

 ‫اللغة وتصميمها‬ ‫الَح ْيرة في طالسم إيليا أبي ماضي‬ 

‫القبح بوصفه قيمة‬

‫ من أجل اجتهاد ثقافي وفلسفي‬:‫ | مجلة حكمة‬Copyright © 2023

You might also like