You are on page 1of 4

‫بعد ‪ً 29‬‬

‫عاما من التدريس في التعليم االبتدائي‪ ،‬حيث تعاملت وتفاعلت مع أعداد كبيرة ومتنوعة من التالميذ في كل‬

‫املستويات التعليمية من القسم األول إ لى القسم السادس‪ ،‬كان لدي فرصة الكتساب خبرات تربوية ثرية‪( .‬املحور األول)‬

‫وكذا سنتحدث في املحور الثاني‬

‫استفدت من هذه التجربة بشكل طبيعي وعفوي‪ ،‬وكان لذلك دور كبير في تجاوز التحديات املختلفة وابتكار حلول ّ‬
‫فعالة‬

‫لها‪ .‬في بيئة الفصل الدراس ي‪ ،‬حيث يعيش املعلم مع تالميذه على مدى السنة الدراسية بأكملها‪ ،‬ينتج عن ذلك تفاعالت‬
‫فهما ً‬
‫عميقا للعالقات التي تتشكل بينه وبين التالميذ‪ ،‬وبين التالميذ أنفسهم‪.‬‬ ‫اجتماعية ونفسية تمنح لألساذ ً‬

‫هذه البيئة الفريدة توفر لألستاذ فرصة للتفاعل املستمر مع تالميذه‪ ،‬مما يمكنه من فحص أعماق العالقات التي‬
‫تتشكل داخل الصف‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يمكن لألستاذ أن يجد حال ّ‬
‫فعاال ملختلف التحديات التي قد تطرأ في جماعة القسم‪،‬‬

‫ويكون لديه القدرة على ابتكار حلوال مناسبة ملشكالت التفاعالت االجتماعية بين التالميذ وأيضا بين التالميذ واألستاذ‪ .‬مع‬

‫محاولة استنساخ بعض التجارب الناجحة في املجاالت أخرى ومحاولة توظيفها ‪،‬ليس بالضرورة أن يكون مخططا لها‪ ،‬بل‬

‫قد تكون بشكل عفوي‪ ،‬لتجاوز هذه الظواهر السلبية التي تحدث داخل جماعة القسم‪ ،‬خاصة تلك املتعلقة بالدراسات‬
‫النفسية التي تلعب ً‬
‫دورا في اتخاذ قرارات و إيجاد حلول ناجعة في مجاالت مختلفة‪ ،‬ألن الجانب النفس ي يعتبر أهم عامل‬
‫جزءا ً‬
‫هاما من تشكيل سلوكه‪ .‬تجارب الطفولة مع‬ ‫مؤثر في سلوك الفرد‪ .‬فالخبرات النفسية التي يخوضها الفرد تشكل ً‬

‫العائلة ومجتمع القسم واألصدقاء تلعب ً‬


‫دورا في بناء نماذج السلوك والقيم‬

‫وفي تجربتي الخاصة في إطار جماعة القسم سوف نتحدث في هذا املوضوع‪ ،‬عن بعض الدراسات في مجال علم النفس‬

‫الرياض ي حول سلوك املشجعين داخل املالعب‪ .‬التي تعرفت عليها بشكل متفرق أثناء مشاهدتي لبعض األشرطة الوثائقية‬
‫التلفزية‪ .‬إن تطبيق هذه الستراتيجيات ال ّ‬
‫فعالة داخل الفصل‪ ،‬تحقق بشكل عفوي دون تخطيط‪ ،‬أدت لتخفيف الظواهر‬

‫السلبية التي تحدث في القسم مثل سرقة األدوات املدرسية‪ ،‬وعدم على االنخراط في أنشطة الفصل‪ ،‬وهذا ما سنتطرق إليه‬

‫في هذا املوضوع مع الربط بين هذه الدراسات النفسية في مجالي الرياضة ‪ ،‬وظاهرة سرقة األدوات املدرسية في بعض‬

‫الحاالت‬
‫املحور األول ‪ :‬مجال علم النفس الرياض ي وظاهرة سرقة األدوات املدرسية‬

‫كان للدراسات في علم النفس ً‬


‫دورا فعاال في اتخاذ قرارات في مجاالت مختلفة‪ ،‬بما في ذلك الرياضة‪ .‬في هذا السياق‪،‬‬
‫تعتبر دراسات علم النفس الرياض ي حول سلوك املشجعين وتأثير البيئة املحيطة على تفاعلهم ً‬
‫أمرا بالغ األهمية‪ ،‬مثال إزالة‬

‫الحواجز الحديدية في املالعب النجليزية جاءت نتيجة للدراسات النفسية التي ركزت على فهم سلوك املشجعين وتأثير‬

‫العوائق املادية على تفاعلهم‪ .‬إحدى هذه الدراسات هي البحث الذي أجرته "‪"The Football Safety Officers Association‬‬

‫الذي تناول تأثير الحواجز الحديدية على تجربة املشجعين‪ .‬أظهرت هذه الدراسة أن وجود الحواجز يمكن أن يزيد من‬

‫التوتر و عدوانية املشجعين‪ .‬بالضافة إلى ذلك‪ ،‬أشارت دراسة أخرى منشورة في " ‪Journal of Sport & Exercice‬‬

‫‪ "Psychology‬إلى إن إزالة الحواجز يسهم في التخفيف من نسبة التوتر والعدوانية‪.‬‬

‫فكرة تجربة إزالة الحواجز داخل الفصل ملحاربة ظاهرة سرقة األدوات املدرسية بين التالميذ‪ ،‬قد تبدو غريبة لكن‬

‫األساس في ذلك‪ ،‬هو كون جوهر الدراسة يشير إلى كون االحتياطات املبالغ فيها‪ ،‬ملنع فعل ما‪ ،‬قد تؤدي إلى العكس‪ ،‬و بالتالي‬

‫قد يكون لتخفيف بعض مظاهر االحتياطات املبالغ فيها تأثير إيجابي‪ ،‬قد يساعد في تعزيز الثقة بين التالميذ أنفسهم‬

‫وتحفيز التفاعل اليجابي‪.‬‬

‫وهذا عشته بشكل شخص ي‪ ،‬فعند انتقالي إلى أحد الفرعيات في املجموعة املدرسية‪ ،‬كانت ظاهرة سرقة أغراض‬

‫التالميذ للبعض منهم منتشرة بشكل كبير‪ ،‬و كان الحل هو نهج تدابير احتياطية مبالغا فيها‪ ،‬مثل إغالق األقسام أثناء فترات‬
‫االستراحة‪ ،‬أو حمل التالميذ ملحافظهم مع خروجهم في أوقات االستراحة‪ ،‬مما يشكل ً‬
‫عبء عليهم‪ ،‬و يحول دون استمتاعهم‬

‫باللعب‪ ،‬ويخلق جوا من الريبة في بعضهم البعض‪.‬‬

‫بالنسبة لي‪ ،‬قمت إزالة مظاهر االحتياط املبالغ فيها‪ ،‬وشيئا فشيئا‪ ،‬بدأت تخف هذه الظاهرة إلى أن اختفت بشكل كامل‬
‫مع بعض االستثناءات‪ ،‬إزالة مظاهر االحتياط املبالغ فيها كان خطوة ّ‬
‫فعالة‪ .‬فإزالة مظاهر االحتراز املبالغ فيها ‪ ،‬كانت نتيجته‬

‫إيجابية‪ ،‬عكس اتخاذ إجراءات احتياطية واحترازية التي قد تزيد مين تفاقم املشكلة‪ .‬مثل ما حدث عند إزالة الحواجز‬

‫الحديدية في املالعب‪ ،‬حيث وكان الهدف تحفيز تفاعل إيجابي بين املشجعين‪ .‬نفس املفهوم يمكن تطبيقه في الفصل‪ ،‬حيث‬

‫يمكن تحفيز التالميذ وتعزيز الثقة بينهم واملشاركة اليجابية‪ .‬ففي بعض األحيان‪ ،‬قد تكون الحواجز‪ ،‬سواء كانت حديدية‬

‫أو نفسية‪ ،‬قد تسهم في تحفيز السلوك غير املرغوب‪ .‬فتوفير بيئة تحفز الثقة‪ ،‬في املالعب أو في الفصل يمكن أن يقلل من‬
‫الحاجة إلى سلوكيات سلبية‪ ,‬في الفصل‪ ،‬و لتشجيع الشعور باالنتماء واالندماج في املجموعة لتقليل السلوكيات السلبية‬

‫يجب التشجيع على التفاعل اليجابي داخل الفصل و استخدام نظرية التحفيز لتحفيز السلوك اليجابي داخل الفصل‪.‬‬

‫مثل نظرية التحفيز واملكافأة لدوارد توري الذي قدم نظرية التحفيز والتسلية (‪ )MOT‬التي تؤكد على دور املكافأة والتحفيز‬

‫في تشجيع السلوك اليجابي‪ .‬كتقديم مكافآت وتحفيزات لتعزيز االلتزام بالقواعد وتشجيع على املشاركة اليجابية مما يعزز‬

‫الرضا الشخص ي ويسهم في تعزيز تجربة العيش في جماعة القسم بشكل إيجابي‪.‬‬
‫إن ما استنتجته في تجربتي املهنية مع التالميذ‪ ،‬والتي قد أعبر عنها كمعادلة‪ ،‬هو أنه كلما أظهرت للتالميذ ثقتك بهم‬

‫بشكل أكبر‪ ،‬كلما زادت نسبة تحملهم للمسؤولية‪ .‬وهذا ما ينطبق أيضا على مثال أخر‪ ،‬ففي تصحيح التمارين أو فروض‬

‫املراقبة املستمرة‪ ،‬أوكل إليهم مهمة وضع النقط بأنفسهم‪ ،‬بعد أن أحدد لهم النقط املخصصة لكل سؤال‪ ،‬في الوهلة يظهر‬

‫أن ذلك قد يخلق فرصا للبعض للقيام بالغش‪ ،‬وهذا ما أعتقده و صرح لي به أحد الزمالء من األساتذة‪ ،‬عندما عرف‬

‫الطريقة التي أتبعها‪ .‬لكن على عكس ما يعتقده البعض‪ ،‬فإنه عند تحميل املسؤولية للتلميذ‪ ،‬يزيد ذلك في نسبة رقابته‬

‫لنفسه وبالتالي فإنه في هذه الحالة سيتفادى القيام بالغش‪ ،‬وأكثر من ذلك فإنه يتشدد في عملية التصحيح و ضد‬

‫مصلحته‪ ،‬خوفا من أن يفقد ثقة األستاذ به‪،‬‬

You might also like