Professional Documents
Culture Documents
الشعبة :عربي.
تعد مقدمة ابن خلدون من اهم المؤلفات العربية التي تدرس من جوانب الحياة االقتصادية و
التاريخية و االجتماعية و السياسية و غيرها الكثير ،وفي هذا التقرير سوف نتناول
فصلين من الفصول الهامة في المقدمة و هذا لما تتناوله من جانب هام ،الفصل السادس و
الثالثون بعنوان " في ان كثرة التآليف في العلوم عائقة عن التحصيل " و الذي يتناول ازمة
التعليم و يسلط الضوء على مشكلة من المشاكل الهامة في هذا الجانب و هو اثر االكثار من
المؤلفات العلمية في موضوع او اكثر على االستيعاب و الفهم و هو من األمور الهامة في
عملية التعليم و التعلم فهي تؤثر فيه بشكل مباشر و يمكن ان تعطي انطاعا خداعا للهولة
األولى ،و يتحدث ابن خلدون عن العلماء و ممارسة السياسة في الفصل الثالث و
االربعون من الجزء الثاني في المقدمة و ما اذا كان العلماء مؤهلين لدخول الساحة السياسية
و ممارسة السياسة ام انها منطقة شائكة و غير مناسبة للعلماء و هو ما سنلقي الضوء عليه
في هذا التقرير .
التطبيق :
ان ما ذكره ابن خلدون في هذا الفصل يمكن تطبيقه في الواقع الحالي ،ان ما ذكره ابن خلدون يطلق
عليه في عصرنا الحديث " اإلغراق المعلوماتي " .
اإلغراق المعلوماتي هي ظاهرة هي ظاهرة مذكورة غالبًا في مجتمعنا المعولم وقد حلل العلماء هذه
الظاهرة منذ عقو د .تم إجراء كل من البحث الكمي والنوعي حول األسباب واألعراض والتدابير
المضادة 1حيث انه يعبر عن وجود الكثير من المعلومات مع قلة التحصيل ،فال يتم االستفادة من قيمة
هذا الكم من المعلومات اال قليل ،بل انه في أوقات كثيرة يسبب الضرر بتشتيت العقل و تعطيل بعض
العمليات ،و يمكن القول ان " اإلغراق المعلوماتي هو وصف للحالة المتمثلة بالتعرض لكمية كبيرة من
المعلومات غير المفيدة مما يؤدي إلى تحفيز الدماغ بشكل زائد عن الحاجة" ، 2و من االضرار التي
يسببها اإلغراق المعلوماتي: 3
• زيادة ضغط الدم.
• سوء المزاج وقلة الطاقة.
• انخفاض القدرة اإلدراكية مما يؤثر في اتخاذ القرارات.
• وجود صعوبة في التركيز.
• قلة االنتاجية.
• ضعف في النظر.
• رغبة مستمرة في التحقق من البريد االلكتروني والرسائل والهاتف.
• األرق.
• اإلرهاق.
بالتطبيق على الواقع السياسي فإن ظاهرة اإلغراق المعلوماتي قد لعبت دورا كبيرا فيما يسمى بـ فشل
علم السياسة في مصر ،حيث ان علم السياسة و على الرغم من وجود الكثير من المعلومات و االخبار
السياسية بسبب التطور التكنولوجي او الطفرة التكنولوجية التي حدثت في العصر الحديث ،فكان متاح
العديد من مصادر المعلومات و كم هائل من المعلومات ولكن قد فشل السياسيون في التنبؤ بوقوع
احداث الخامس و العشرين من يناير و سقوط النظام الذي استمر لمدة ثالثون عاما ً ،و هنا لعب
4 محمد صفار ،فشل علم السياسة في مصر ،جريدة االهرام األسبوعي ٢٠١٣ ،
نقله ايمن الحسيني على موقع :
https://www.ida2at.com/muhammed-soffar-writes-politics-science-failure-in-egypt/
يمكن تلخيص ما جاء به ابن خلدون في انه ذكر ابن خلدون رؤيته في العالقة بين العلماء والسياسة،
والتي قامت على فهم وإدراك طبيعة عمل العلماء ،بطبيعة السياسة وما تتطلبه من مهارات وفنون خاصة
.بها
يبين بن خلدون أن العلماء "معتادون النظر الفكري والغوص على المعاني ،وانتزاعها من المحسوسات
وتجريدها في الذهن ،أمورا ً كليه عامة ،ليحكم بأمر على العموم ،ال بخصوص مادة وال شخص وال جيل
".وال أمة وال صنف من الناس ،ويطبقون من بعد ذلك الكلي على الخارجيات
كما أنهم كما ذكر بن خلدون "يقيسون األمور على أشباهها وأمثالها ،بما اعتادوه من القياس الفقهي ،فال
تزال أحكامهم وأن ظارهم كلها في الذهن ،وال تصير إلى المطابقة إال بعد الفراغ من البحث والنظر ،أو ال
تصير بالجملة إلى مطابقة ،وإنما يخرج ما في الخارج عما في الذهن من ذلك ،كاألحكام الشرعية ،فإنها
فروع عما في المحفوظ من أدلة الكتاب والسنة ،فتطلب مطابقة ما في الخارج لها ،عكس النظر في العلوم
..".العقلية ،التي يطلب في صحتها مطابقتها لما في الخارج
ثم يخلص بن خلدون ،إلى وصف طبيعة العلماء بقوله" :فهم متعودون في سائر أنظارهم األمور الذهنية
واألنظار الفكرية ال يعرفون سواها ،والسياسة يحتاج صاحبها إلى مراعاة ما في الخارج وما يلحقها من
األ حوال ويتبعها ،فإنها خفية ،ولعل أن يكون فيها ما يمنع من إلحاقها بشبه أو مثال ،وينافي الكلي الذي
".يحاول تطبيقه عليها
يميز بن خلدون بين ممارسة العلماء كطبيعة ذهنية مجردة ،قائمة على االستنتاج العقلي في جوانب كثيرة،
وما يقوم على ذلك من استدالالت تقوم على القياس ،في حين أن السياسة كما ذكر بن خلدون ،تتطلب
.معرفة ما يحدث من الوقائع ،ومعرفة أصلها
التطيبق :
في محاولة تطبيق ما ذكره ابن خلدون على الواقع تنقسم الرؤيا الى قسمين األول هو مناقضة ابن
خلدون و الثاني هو توافق حديث ابن خلدون و عدم تناقضه ،حالة ثالثة عن التناسب الجزئي
األول :حينما نطبق ما قاله ابن خلدون في عصره نجد ان ابن خلدون قد ناقض نفسه ،حيث انه تحدث
عن العلماء و عن المعوقات التي تمنع دخول العلماء الى الساحة السياسية ،وقد تحدث عن انه العلماء
من الصعب دخولهم الى الساحة السياسية لجلهم بالمجال السياسي و قد اغفل ان التعلم في هذا العصر
هو تعلم موسوعي وليس اختصاصي ،فقد يدرس العالم العديد من المجاالت العلمية و يستطيع الدخول
الى أي مجال مما درسه نظرا ألنه قد درسه و تعلمه ،فكان العلماء يدرسون العديد من المجاالت التي
يمكن اال تتقاطع ببعضها البعض مثل العالم ابن سينا الذي درس الميتافيزيقيا و الرياضيات و الطب و
الفلك و الفلسفة و غيرها من العلوم و قد الف العديد من المؤلفات في كل مجال بل انه قد عمل في
العديد من المجاالت و قد عين وزيرا لألمير شمس الدين البويهي ، 5و هناك العديد من األمثلة على
علماء قد تولوا العديد من المناصب السياسية و كانوا من الناجحين في هذا المجال ،و اقرب مثال هو
ابن خلدون ذاته ،حيث درس القرآن الكريم و حفظه و درس القانون و التاريخ و قد تولى العديد من
المناصب السياسية و عمل بالسياسة و برع فيها .6
فمن الصعب ان نقول ان العلماء ابعد الناس عن السياسة في العصور القديمة مثل عصر ابن خلدون لما
تمتاز به العملية التعليمية بالموسوعية الشاملة .
الرؤيا الثانية :حيث ان ما تحدث به ابن خلدون في هذا الفصل ليس خطأ ً و انما هو يتوافق مع الكثير
من الحاالت في العصر ا لحديث الذي يمتاز بتخصصية المجاالت ،فقد يكون العلماء ابعد الناس عن
الخاتمة :
في الخاتمة نجد ان ابن خلدون قد طرح أمورا هامة مثل التعليم و أسباب عدم استيعاب الكثير من الناس
للمعلومات و االستفادة منها على الرغم من وجودها بوفرة كبيرة و هو ما عرفناه فيما بعد بـ " اإلغراق
المعلوماتي " ،أيضا قد طرح قضية العلماء و السياسة و مدى قرب و بعد العلماء عن السياسة و قد
استنتجت ان ما تحدث عنه ابن خلدون في هذا الفصل لم يكن مناسبا في عصره بسبب موسوعية عملية
التعلم و ه و ما كان يمتاز به هذا العصر في الجانب التعليمي و هذا ما جعل حديث ابن خلدون غير منطقي
،ولكن على الجانب االخر وجدنا ان ما تحدث به ابن خلدون منطقي في العصر الحالي و متناسبا جدا مع
مبدأ تخصصية التعليم و االختصاص في المجاالت ،و لكن في الحالتين سواء كان حديث ابن خلدون
منطقي او حكمه بمعنى ادق منطقيا او ال فهذا ال ينفي انه قد طرح موضوعين في غاية الخطورة و
األهمية .
7 ايمان ماهر ،قصة ألبرت آينشتاين الذي رفض رئاسة إسرائيل ،جريدة الدستور ٢٠١٨ ،