You are on page 1of 102

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة أبي بكر بلق ايد تلمسان‬

‫لية العلوو ااالتتاايةة التسيير والعلوو التجارية‬

‫حمارضات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫مقزر دعم بيداغوجي موجه لطلبة السنة الثانية جذع مشترك‬

‫إعداد األســتاذة ‪ :‬بن يخلف زهرة‬

‫الموسم الجامعي ‪2020/2019‬‬


‫ثوصيف املقياس‬ ‫محاضرات الرياضيات املالية‬

‫إلاطار البيداغوجي العام‪:‬‬

‫عنوان المقياس ‪ :‬الفساد وأخالقيات العمل‬


‫الدفعة المستهدفة‪ :‬السنة الثانية جذع مشًتك ‪ :‬علوم اقتصادية‪،‬جتارية ‪،‬مالية وعلوم التسيري‬

‫النناا ‪ :‬حماضرة‬
‫دة المحاضرات ‪ :‬ساعة ونصف أسبوعيا خالل الفصل الثاين من السنة اجلامعية‪ ،‬مبعدل‪ 12‬حصة‪.‬‬
‫لغة التدريس ‪ :‬العربية‬
‫أسلوب التقييم‪:‬امتحان يف هناية السداسي مدتو ساعة ونصف‪.‬‬

‫سير المحاضرة‪ :‬ساعة وربع يتم تداول املعلومات املسطرة لكل حماضرة ‪ +‬ربع ساعة يتم تداول أشهر‬
‫املفاىيم ذات الصلة واليت قد يثريىا أو يستفهم عنها الطلبة‬

‫املحتوى العام للمطبوعة ‪:‬‬


‫يعد الفساد ظاىرة خطرية تعاين منها كافة اجملتمعات منذ القدم(ظهور البشرية)‪ ،‬سواء كانت متقدمة أو متخلفة‬
‫‪،‬كما تربز األخالقياتكاجتاه قومي للتقليل من حدتو ‪،‬ومع تزايد فضائح الفساد وإرىاصاتو بفعل العوملة واالنفتاح العاملي‬
‫تنامى االىتمام مبكافحتو ‪،‬ولعل أول وسيلة مكافحة تتمثل يف التوعية لذلك مت اعتماده كمقياس يدرس يف عديد‬
‫التخصصات اجلامعية ببلدان العامل املختلفة ‪،‬خاصةأن جل البلدان منضوية حتت لواء املنظمات العاملية ملكافحتو على‬
‫شاكلة البنك العاملي وصندوق النقد الدويل ومنظمة الشفافية الدولية ‪....‬‬

‫بالنسبة للجزائر ‪،‬وكغريىا من باقي دول العامل مل تنعزل عن النسق العاملي احلديث املناىض للفساد ‪،‬ونلمس ىذا من‬
‫خالل عالقتها باملؤسسات املذكورة ‪،‬فبعد انضمامها ملؤسسة الشفافية الدولية يف ‪، 2003‬وتوقيعها أول قانون ملكافحة‬
‫الفساد يف ‪، 2006‬أصبح تداول موضوع الفساد باجلامعة ضرورة ملحة لتنمية الوعي الطاليب ‪.‬‬

‫ولكون االقتصاد ختصص حموري ‪،‬يعزي إىل الفساد جل املشاكل اليت يعاجلها كان لزاما تداول مقياس الفساد وأخالقيات‬
‫العمل يف السنة الثانية باعتبارىا من الفًتات التكوينية األساسية للطالب‪.‬‬

‫وحيتوي املقياس على ‪ 12‬حماضرة كاآليت ‪:‬‬

‫‌أ‬
‫ثوصيف املقياس‬ ‫محاضرات الرياضيات املالية‬

‫المحاضرتين ‪ 01‬و‪ :02‬التأصيل النظري ملفهوم الفساد االقتصادي‬

‫المحاضرتين ‪03‬و ‪ :04‬نطاق الفساد‬

‫المحاضرتين‪05‬و ‪ :06‬مدخالت وخمرجات الفساد االقتصادي‬

‫المحاضرة ‪ :07‬مكافحة الفساد االقتصادي‬

‫المحاضرتين ‪ 08‬و ‪:09‬تطور الفساد اإلداري باجلزائر‬

‫المحاضرة ‪ :10‬مفهوم أخالقيات العمل‬

‫المحاضرة ‪ :11‬نطاق أخالقيات العمل‬

‫المحاضرة ‪ :12‬مرتكزات أخالقيات العمل‬

‫اصطالحات أساسية لتحليل الفساد وأخالقيات العمل‪ :‬وىي املفاىيم اليت يتم تداوهلا يف الربع ساعة األخري من كل حماضرة‬
‫‪،‬وتكون من إقًتاح أو إعداد الطلبة أو األستاذ على أن يتشارك اجلميع يف النقاش‬

‫ألاهداف البيداغوجية للمقياس‪:‬‬


‫املطبوعة تضع بني أيدي الطلبة خربة سنوات من التدريس يف اجملال إضافة لكون املقياس يندرج يف‬
‫التخصص البحثي لألستاذة ما وفر زمخا كبريا من املراجع واملعطيات‪ ،‬لذلك حرصنا على توخي البساطة يف‬
‫تقدمي احملتوى وفقا لألىداف التالية ‪:‬‬

‫*املقياس عبارة عن مفاىيم أساسية تفسر احلالة االقتصادية للمجتمعات و تنشط دورة املنطق والتفكري لدى‬
‫الطالب حملاولة فهم واقعو املعاش ‪.‬‬

‫*املقياس ليست جمرد تعريفات أكادميية بقدر ما ىو توسيع حللقة النقاش حول ىذه األكادمييات ليتمكن‬
‫الطالب من بناء فكر مستقل وغري موجو يسمح لو بتحديد توجهاتو مبوضوعية تناسب مستواه الثقايف‬
‫كطالب جامعي وتبعده عن لغة الشارع واملغالطات العشوائية‬

‫*ميرن املقياس الطالب على بناء املفاىيم بعد استيعاب أبعادىا وأسسها واالبتعاد عن احلفظ احلريف األجوف‬
‫الذي يضمحل مبجرد انتهاء فًتة االمتحانات‬
‫‌ب‬
‫ثوصيف املقياس‬ ‫محاضرات الرياضيات املالية‬

‫*املقياس فرصة أمام الطالب لتقوية مالحظاتو وتسلسل أفكاره من خالل بناء حلقات نقاش منظمة حول‬
‫مفاىيم حمددة لكل حماضرة‬

‫*يوضح املقياس للطالب ضرورة استيعاب خصوصياتو وقدراتو وحىت نقط ضعفو الشخصية للوصول إىل‬
‫ىدف يكون قد حدده بنفسو‪ ،‬كما يكسبو ثقة أكرب لطرح أفكاره ومناقشتها بدل االنسياق األعمى حنو‬
‫ما يقع عليو مسعو أو بصره(كتب ‪،‬إعالم‪،‬انًتنيت‪،)...‬ذلك أن الطالب سيدرك نسبية املفاىيم وضرورة‬
‫التعامل هبا يف مواقعها الصحيحة‪.‬‬

‫*تفعيل الوعي بأن ختصصنا ليس مبنيا على األسلوب النظري وإمنا ميزج بني الشقني النظري والتطبيقي‬
‫‪،‬ويعتمد يف الغالب على حتليل النتائج التطبيقية‪.‬‬

‫املخرجات املتوقعة من املقياس‪:‬‬


‫ومن خالل األىداف املسطرة أعاله نسعى إىل‪:‬‬

‫*على المدى القريب‪ :‬تأىيل الطالب الجتياز االمتحانات بنجاح ‪،‬وتنشيط قدراتو الفكرية املنطقية اليت‬
‫تساعده يف فهم باقي املقاييس‬

‫*على المدى البعيد نسبيا‪ :‬تأىيل الطالب إىل احلياة العملية من خالل تنمية مهاراتو وقدراتو‪.‬‬

‫‌ج‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرثين ‪ 01‬و ‪ :02‬الحأصيل الىظري لمفهىم الفساد الاكحصادي‬

‫‪ _ I‬مق اربات الفساد في الفكر العالمي ‪:‬‬


‫قبل أف لبوض ُب تفاصيل الفساد االقتصادم بشكل خاص (كهدؼ رئيسي للمقياس)‪،‬ارتأينا كنقطة‬
‫بداية اػبوض ‪-‬دكف إسهاب قد وبيد بنا عن غاية اؼبقياس‪ُ -‬ب األدبيات السابقة اليت تناكلت الفساد بأبعاده‬
‫اؼبختلفة كاليت نلخصها ُب ‪:‬‬

‫‪-1‬مفهىم الفساد وفلا ملجمىعة العالكات إلاوساهية‪:‬‬

‫كتنطوم ضمن ىذه اجملموعة كل مفاىيم الفساد اليت تعكس األبعاد اليت رباؾ على أساسها العالقات‬
‫اإلنسانية متمثلة ُب البعد االجتماعي كالثقاُب ‪ ،‬البعد القانوين ‪،‬ك البعد الشرعي‪ ،‬كذلك ألف األفراد كاعبماعات‬
‫يتواصلوف ُب إطار عالقات قانونية ‪،‬اجتماعية ثقافية كعقائدية‪ .‬كنشَت إٔب أف مفهوـ الفساد ضمن ىذه اجملموعة‬
‫ىو األقدـ كاألعرؽ (سنوضح ىذا ُب اعبزئية اؼبوالية) حيث تزخر بو عديد األدبيات اليت سنحاكؿ استحضار أبرزىا‬
‫دكف اػبوض ُب اغبيثيات‪.‬ؽبذا هبدر التنويو بوجود غزير األدبيات اليت ستضطرنا اغباجة البيداغوجية إٔب إغفاؽبا‬
‫رغم ثقلها كأنبيتها خاصة عند أصحاب التخصص من الباحثُت ُب علم النفس‪،‬القانوف كاالجتماع‪.‬‬

‫إف مفهوـ الفساد من منظور العالقات اإلنسانية قد سيق إصباال على اعتباره انتهاكا أك خرقا للقانوف‬
‫الذم تصدره النخبة‪،‬كاألعراؼ كالتقاليد االجتماعية اليت تنتشر بُت العامة ‪،‬كاؼبعتقدات الدينية اليت يؤمن هبا األفراد‬

‫كعلى ىذا األساس اخًتنا تصنيف األدبيات اؼبتناكلة للفساد ربت ىذا اؼبنظور إٔب قسمُت رئيسيُت‪:‬‬

‫أ‪-‬الفساد كجريمة انتهاك للقانون ‪:‬‬


‫ُب ىذا السياؽ يعترب الفساد جريبة يقدرىا التفاعل االجتماعي الذم يستثَتىا كيزاكج ىذا اؼبفهوـ بُت‬
‫األبعاد القانونية ‪-‬االجتماعية للظاىرة حيث يقحم العالقات اإلنسانية كسبب مباشر للظاىرة‪ ،‬كمن ىذا اؼبنظور‬
‫حسب ‪ Ehrlich‬فإن ربليل جريبة الفساد يستند على فكرة بسيطة مؤداىا أف كل األفراد ـبَتكف بُت نوعُت من‬
‫النشاط ‪،‬القانوين كغَت القانوين‪ ،‬كأنو عندما يعطي النشاط غَت القانوين للفرد أجرا منافسا للنشاط القانوين ‪ ،‬كحُت‬
‫تكوف درجة العقوبة احملتملة ضعيفة يفضل األشخاص اؼبركر إٔب الفعل ‪. 1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Ehrlich I ,) 1973(, Participation in Illegitimate Activities : A Theorical and Empirical Investigation , Journal of‬‬
‫‪politicalEconomy, mai-juin 1973p521/565‬‬

‫‪1‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫ب الفساد انتهاك لألعراف القانونية ‪،‬االجتماعية والعقائدية ‪:‬‬


‫يوضح البعد القانوين لظاىرة الفساد متغَتا أساسيا وبرؾ بعدا آخر ىو البعد االجتماعي متمثال ُب‬
‫اؼبصلحة الفردية اػباصة اليت ربيكها أصال العالقات االجتماعية اليت على أساسها يتم انتهاؾ القوانُت كاألعراؼ‬
‫االجتماعية كُب ىذا السياؽ يرل ‪ G.Tarkowshi‬أف الفساد ىو تلك النشاطات اليت يعتربىا اجملتمع غَت مشركعة‬
‫أك تعتربىا النخبة ُب السلطة تناقضا مع منطق النظاـ ‪،1‬إف ىذا اؼبفهوـ يشَت إٔب ربط الفساد بانتهاؾ القانوف من‬
‫جهة كاألعراؼ االجتماعية من جهة أخرل ‪،‬كذبدر اإلشارة إٔب أف مفهوـ الفساد من ىذا اؼبنطلق قاصر جدا‬
‫‪،‬ذلك أف األعراؼ االجتماعية كالثقافية كثَتا ما زبتلف من بلد آلخر كبدرجة تشتت أكرب من اختالؼ القوانُت‬
‫‪،‬كوف القوانُت تسنها النخبة اليت تتقارب توجهاهتا بينما التقاليد تفرضها اجملتمعات اليت تتباين بدرجة كبَتة‪.‬‬

‫إف التقاليد االجتماعية السائدة مثل الرابط العائلي كاعبماعاٌب الوثيق تنعكس ُب أغلب اغباالت على‬
‫على سلوؾ مستخدمي الدكلة ‪،‬كىذا ما يؤكده البنك الدكٕب الذم يعترب أف الفساد نتاج الشركط االقتصادية‬
‫االجتماعية كالسياسية كما العادات كالتقاليد اػباصة بكل بلد ‪.2‬كما يبدك أكيدا عند ىذا اؼبستول من التحليل‬
‫فهم عالقة الفساد بالشرط االجتماعي ‪،‬حيث أف اللحمة االجتماعية تأخذ دكرا بارزا ُب تفسَت الرشوة كالفساد‬
‫عموما كىذا على مستويي ركابط القرابة ك اعبماعة من جهة ‪،‬كالعادات كالتقاليد من اعبهة اؼبقابلة‪.‬‬

‫إف ربليل الفساد من منظور اللحمة االجتماعية يعمد إٔب رؤية اغباضر باعتباره نتاجا للماضي ‪3‬ذلك أنو‬
‫يقرؤ اغباضر بعُت اؼباضي كتًتتب عن ىذه القراءة استمرار النظر للمجتمع باعتباره مكونا باألفضلية من صباعات‬
‫قبلية كعائلية كإثنية كدينية متماسكة ال زبرقها عالقات السوؽ كال تقسيم العمل كال االنفتاح كسهولة االنتقاؿ ‪...‬‬
‫كلعل ىذه أبرز نقطة ينتقد على أساسها ىذا التحليل ‪.‬‬

‫‪ Vito Tanzi‬أف ىنالك ؾبموعة من‬ ‫كمن ىذه الزاكية(التحليل من منظور اللحمة االجتماعية) يرل‬
‫اػبصائص االجتماعية جملتمع معُت قد زبتلف ُب ؾبتمع آخر ‪،‬فعلى سبيل اؼبثاؿ مدل عالقات التحفظ اليت تسود‬
‫الركابط ُب العالقات االقتصادية كاالجتماعية ‪،‬حيث ُب اجملتمعات اليت تسودىا عالقات التحفظ بسبب‬
‫االتصاالت الوثيقة فيما بُت صباعات اؼبواطنُت الذين تربطهم ببعضهم البعض عالقات ضبيمية كيتوقوف إلضفاء‬
‫الطابع الشخصي على معظم العالقات فإف دكر الدكلة كلما كاف كبَتا ‪،‬ازداد احتماؿ أف أف تستخدـ أدكاهتا من‬
‫‪4‬‬
‫قبل اؼبوظفُت العامُت كاؼبستخدمُت اؼبدنيُت حملاباة ؾبموعة معينة ‪.‬كغَت بعيد عما أسلفنا ذكره يرى‪Amselle1992‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Doig Alan and Mclvor Stephanie , )1999( , corruption and its control in the developmental context,Third World‬‬
‫‪Quarterly, vol20.Issue3,P659‬‬
‫‪2‬‬
‫‪World Bank ,)1992( ,Governance and Development , Washington‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ernest Gellner,)1981(,Muslim Sociéty, Cambridge University Press,New York‬‬
‫‪ 4‬فيتو تانزم ‪( ،‬ديسمرب ‪،)1995‬الفساد ُب األنشطة اغبكومية كاألسواؽ ‪،‬ؾبلة التمويل ك التنمية ‪،‬العدد ‪،24‬ص‪26‬‬

‫‪2‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫أف توريد األعماؿ اإلدارية لطائفة الشخص (حيو ‪،‬مدينتو ‪،‬زمرتو ‪،‬قبيلتو‪)..‬ىي حالة طبيعية ُب النفس البشرية ‪ُ 1‬ب‬
‫إشارة كاضحة لتربير ترابط اجملموعة للرشوة اليت زبدمها‪ .‬كباؼبثل فإف ‪ Scott1969‬يبيز بُت فساد القرابة كفساد‬
‫‪2‬‬
‫اؼبساكمة حيث تعكس األكٔب العالقات اإلثنية الطائفية اؼبعتمدة على ثقافة األفراد ‪،‬كيساند ‪F. Bayard 1992‬‬

‫نفس اؼبفهوـ حيث يعترب أف اغباجة النفسية ػبدمة األقارب تفوؽ االىتماـ باؼبصلحة العامة اليت تبدك بعيدة ‪،3‬إف‬
‫الفساد حسب األدبيات اؼبذكورة ىنا مرتبطة بالعالقات اإلنسانية الوثيقة اليت تعترب القرابة على رأسها كمن ٍب‬
‫االنتماء إٔب زمرة أك طائفة أك ؾبموعة معينة‬

‫من اؼبفاىيم السابقة استنسخ مفهوـ أخطر يدعم ركائز الفساد ُب اجملتمع‪ ،‬كىو اعتباره طريقا للعودة إٔب التوازف‬
‫االجتماعي‪ 4‬أين ربتضنو اجملتمعات اؼبضطهدة بدعول اسًتجاع اغبقوؽ ‪.‬‬

‫‪-2‬مفهىم الفساد وفلا ملجمىعة العالكات السياسية‪:‬‬


‫من ىذا اؼبنظور يعاِب الفساد مقًتنا بفضاءات السياسة كالرأم العاـ ‪ ،‬كىو تدؿ على اغبكم اؼبستبد‬
‫فاغبكاـ الفاسدكف يدعموف كل سياسة ربفظ مصاغبهم الشخصية دكف مراعاة تأثَت ذلك على الدخل القومي‬
‫كعلى مؤشرات االقتصاد بشكل عاـ ‪5‬ك نتيجة لذلك ظهرت عدة مفاىيم جديدة ؿباكلة تقويض الظاىرة كاغبكم‬
‫الرشيد الذم أصبح من شركط االنضماـ لصندكؽ النقد الدكٕب كمن ٍب زيادة إمكانيات تدخل العآب ُب شؤكف‬
‫بعض الدكؿ ربت ىذه الذرائع‪.‬‬

‫الفساد من ىذا اؼبنظور ىو ربايل كانتهاؾ ُب القيم كالعالقات السياسية خاصة بعد اإلشارة إٔب أف عآب‬
‫السياسة دبا يوفره من امتيازات ألعوانو يعترب فضاء خصبا للممارسات الفاسدة أين يربز صراع تبادؿ اؼبصاّب على‬
‫حساب القيم كاؼببادئ كُب ىذا الصدد يشَت ‪ H.S.Becker‬إٔب أف الفساد فعل تنطبق عليو ظبة التبادؿ فوراء‬
‫اؼبصاّب اؼبتبادلة أك التقدير اؼبإب لعمل ما يتمحور اػبالؼ على ارتكاز قيم متدرجة سياسيا حيث تتقدـ اؼبصلحة‬
‫اػباصة على العامة ‪ 6‬كعلى ىذا األساس فإنو يبكن اعتبار الفساد كفقا ؼبا يقره ‪Hungton Samuel‬سلوك يتضمن‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean Cartier-Bresson, )1992 (,elements d’analyse pour une économiede la corruption, Revue Tière‬‬
‫‪Monde,n°131,juillet-septembre‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Scott, James C, )1969 (,The Analysis of Corruption in Developing Nations , Comparative Studies and History.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪F. Bayard, )1992(, Malversations et corruption dans les finances françaises , Paris .‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Jean Cartier-Bresson ,)1997(, Pratiques et contrôle de la corruption‬‬ ‫‪, association d’économie financière,‬‬
‫‪Montchrestien‬‬

‫‪ 5‬سوزاف ركز أكرماف‪ ،)2003(،‬الفساد كاغبكم ’ األىلية للنشر ‪ ،‬عماف األردف ‪،‬الطبعة األكٔب‪.‬‬
‫‪ 6‬بيَت الكوـ ‪،‬ترصبة سوزاف خليل‪ ، )2003 ( ،‬الفساد ‪،‬عُت للدراسات كالبحوث اإلنسانية كاالجتماعية مصر ‪ ،‬الطبعة األكٔب ‪،‬ص ‪37‬‬

‫‪3‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫يتضمن اكبراؼ اؼبسؤكلُت العامُت كانتهاكهم لألسس اليت يقوـ عليها النظاـ السياسي لتحقيق مصاغبهم اػباصة ‪.1‬‬

‫كال نستطيع بناء اؼبفهوـ السياسي للفساد دكف كلوج مفهوـ الزبونية السياسية اؼبفهوـ األكثر مناىضة‬
‫للشفافية كالديبقراطية كالذم يركز دعائم مفهوـ الرشوة فيما ىبص العالقات السياسية‪ .‬فالزبونية مرتبطة بأنظمة‬
‫اغبكم غَت الديبقراطية ‪ ،‬كاليت ال زالت ٓب تبغ مستول متطورا ُب مؤسسة السلطة كدكلة اؼبؤسسات اؼببنية على‬
‫حكم القانوف أم اليت ال زالت ُب مستول تشخيص السلطة حيث أف السلطة اؼبشخصة تقوـ على زبناء يوالوف‬
‫اغبكاـ كيستمدكف نفوذىم منهم ال من ثقة اؼبواطنُت الذين صوتوا لصاغبهم‪.‬كعلى ضوء ما تقدـ يعرؼ الفساد‬
‫"كتكلفة تربير لشرعية اغبكم اؼبتسلط من قبل الفاعلُت ُب اغبقل السياسي‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬الثقاُب كاالقتصادم كُب‬
‫أجهزة الدكلة على اختالفها‪ ،‬كىي البديل األقل تكلفة سياسية من القمع كاإلرغاـ" ‪. 2‬‬

‫‪-3‬مفهىم الفساد وفلا ملجمىعة العالكات الاكحصادًة‪:‬‬


‫ربت ىذه اجملموعة سنحاكؿ إدراج اؼبفاىيم اليت تناكلت الفساد ُب سياؽ العالقات االقتصادية مع التذكَت‬
‫بأف ىذا البعد اؼبفاىيمي يعترب حديثا إذا ما قورف باألبعاد االجتماعية‪،‬الثقافية كالسياسية أين اعترب الفساد ظاىرة‬
‫انتهاؾ للقوانُت كالواجبات كاألخالقيات كٓب وبظ الشق االقتصادم للمفهوـ حبقو الكامل من الدراسة كإمبا اقتصر‬
‫اىتماـ االقتصاديُت على التدليل إٔب خطر الظواىر االجتماعية بزعامة الرشوة على االقتصاد ‪ ،‬كمع العشرية األكٔب‬
‫للحرب العاؼبية الثانية أدرؾ االقتصاديوف الصعوبات االجتماعية للتشغيل الفعلي لألسواؽ ‪3‬كهبذا بدأ التوجو كبو‬
‫اعتبار ىذه الظواىر االجتماعية كظواىر اقتصادية باألساس كًب ربليلها كفق منطق السوؽ (سنحلل تطور مفهوـ‬
‫الفساد االقتصادم ُب اعبزءية الالحقة)‪.‬‬

‫كألف األدبيات اليت تناكلت الفساد من الشق االقتصادم كثَتة كمتنوعة سنحاكؿ من جهتنا تبويبها بشكل‬
‫بسيط‪،‬مركزين على أىم اؼبعطيات االقتصادية اليت تناكلتها ىذه األدبيات‪،‬كعلى ىذا األساس نقًتح تقدًن مفهوـ‬
‫الفساد من اؼبنظور االقتصادم ُب شقُت رئيسيُت ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Huntington, S.P ,) 1968 (, Modernization and corruption , in Political order in Changing Societies‬‬

‫‪ 2‬عبد العزيز النويضي ‪ ،)2008 (،‬الرشوة ك الزبونية السياسية –مبوذج اؼبغرب‪، -‬ؾبلة نقد للدراسات كالنقد االجتماعي ‪ ،‬العدد ‪ 25‬اؼبعنوف بالنهب كالفساد ‪،‬خريف –شتاء ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Jens Chr. Andvig and Odd-Helge Fjeldstad, Inge Amundsen, Tone Sissener, Tina Søreide , )2000( ,Research on‬‬
‫‪Corruption ; A policy oriented survey , Commissioned by NORAD, Final report, December 2000, Chr.‬‬
‫‪Michelsen Institute (CMI) & Norwegian Institute of International Affairs (NUPI) , P 12.‬‬

‫‪4‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫أ‪-‬الفساد كشكل للبحث عن العوائد ‪:‬‬


‫إف دراسة الشق االقتصادم للفساد استوجبت رؤيتو من زاكية السوؽ الذم يلتقي فيو العرض كالطلب من‬
‫خالؿ البحث عن األرباح كالعوائد ذلك أنو حسب‪ Mauro Paolo‬الفساد يبكن أف وبدث مىت كجد الًتبح ‪ 1‬لذا‬
‫يبكن القوؿ أف اؼبنافسة على كسب األرباح كاقتناص الفرص اؼبتاحة احملدكدة كفقا إلشكالية الندرة يدفع باؼبتعاملُت‬
‫االقتصاديُت إٔب عرض الرشاكم أك غَتىا من مظاىر الفساد للحصوؿ على مكاسب شخصية ‪ ،‬كعلى ىذا‬
‫األساس جاءت جل مفاىيم الفساد مؤكدة على أهنا السعي كراء ربقيق اؼبنافع اػباصة اؼبتمثلة أساسا ُب البحث‬
‫عن العوائد كُب ىذا السياؽ يرل ‪ R.Tollisson‬أف اجملتمع يبحث عن العوائد كالفساد شكل خاص كال شرعي‬
‫للبحث عن العوائد ‪ 2‬من جهتو كُب نفس السياق ‪ Becker‬يوضح أف االقتصاد السياسي للفساد وبلل اؼبواجهة‬
‫بُت عرض الفساد كطلبو حسب مبادئ السوؽ كمن منطق اقتصاد اعبريبة كمن ىذا اؼبنطلق فإف عرض الفساد ك‬
‫الطلب عليو نبا اؼبنفذ الوحيد لتحسُت اؼبداخيل ‪ ،‬كىذا ما يستوجب مقارنة األرباح احملتملة باػبسائر احملتملة (‬
‫‪3‬‬
‫ـباطر العقاب ) فالعرض كالطلب إذف يتطوراف حسب درجة العقوبة احملتملة ‪.‬من نفس الزاكية يرى‪Buchanan‬‬
‫من جهتو أف البحث عن الغٌت الشخصي كالرفاىية ىي أحد أبرز اؼبتغَتات اؼبؤثرة على طلب الفساد كىو عمل‬
‫صيادك اؼبكافآت اليت تعترب سبثل نفقة غَت شرعية من الثركات النادرة ‪. 4‬‬
‫ب‪ -‬الفساد كانحراف عن الوظيفة العمومية لتحقيق المكاسب الخاصة ‪:‬‬
‫تعترب اإلدارة ىي مركز القوة ك القرار ُب الوحدة االقتصادية العامة كاػباصة على حد سواء‪ ،‬كمن ٍب اؼبناخ‬
‫األنسب لتنامي الفساد‪ ،‬كىو ما جعل مفهوـ الفساد ُب شقو اإلدارم يفرض نفسو بقوة عند ىذا اؼبستول من‬
‫التحليل‪،‬فعلى غرار ما تقدـ ذكره ‪،‬قبد أدبيات عديدة تدعم ىذا الطرح كمن صبلة ىذه األدبيات على سبيل اؼبثاؿ‬
‫و ‪ J.Baden‬اللذاف يعترباف الفساد سوؽ سوداء غبقوؽ اؼبلكيات أين تعطى للموظفُت‬ ‫‪B.Benson‬‬ ‫ال اغبصر‬
‫‪5‬‬
‫العموميوف القدرة على ازباذ القرار ‪ ،‬فالفساد إذف كسيلة مرنة غَت شرعية للتأثَت على القرارات اإلدارية‬

‫‪1‬‬
‫‪Mauro Paolo, )1998( ,Corruption :causes,consequences,and agenda for further research, Finance and‬‬
‫‪development ,P11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪R.D.Tollisson ,) 1982 (rent-seeking : a survey , kyklos 35(4) .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Becker, G.S. and G.J. Stigler ,) 1974( , Law enforcement, malfeasance, and the compensation of Enforcers ,‬‬
‫‪Journal of Legal Studies.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Jean Cartier-Bresson , )1997(, Pratiques et contrôle de la corruption , association d’économie financière,‬‬
‫‪Montchrestien‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Jean Cartier-Bresson, (1992) , elements d’analyse pour une économiede la corruption, Revue Tière‬‬
‫‪Monde,n°131,juillet-septembre‬‬

‫‪5‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ _ II‬تطور تداول مفهوم الفساد االقتصادي في الفكر العالمي‪:‬‬


‫يعد الفساد ظاىرة خطَتة ُب كل اجملتمعات منذ القدـ(ظهور البشرية)‪ ،‬سواء كانت متقدمة أك متخلفة ‪،‬‬
‫كدليل ذاؾ كوف الفساد دبختلف أنواعو (األخالقي ‪،‬الديٍت ‪،‬السياسي‪،‬اؼبإب‪)...‬كاف العامل الرئيسي ُب اهنيار‬
‫أغلب األنظمة كاغبضارات كما اعترب احملرؾ األكؿ عبميع الثورات ‪،‬االنتفاضات كحركات التغيَت الكربل‪.‬كعلى‬
‫ضوء االعتبارات السالفة الذكر ‪،‬تناكؿ اؼبفكركف منذ زمن بعيد مفهوـ الفساد كلكن اؼبالحظ أف شكل تناكؿ‬
‫الفساد ُب ذلك الوقت كاف يتسم بالعمومية كالشموؿ حيث ٓب تكن ىناؾ حبوث موجهة بشكل مطلق ؼبعاعبة‬
‫تفاصيل إشكالية الفساد االقتصادم بل إف الفساد كاف يفرض نفسو عند مستويات ـبتلفة من ربليل عديد‬
‫اؼبواضيع ‪،‬خاصة منها الفلسفية ‪،‬االجتماعية كالسياسية‪.‬كفيما يلي نعرض باختصار تطور مفهوـ الفساد من مرحلة‬
‫الشمولية كالعموـ إٔب غاية اعتماده كمفهوـ اقتصادم على اؼبستويُت الكلي ك اعبزئي كىذا باعتماد تبويب خاص‬
‫باألستاذ على خلفية اؼبعطيات اؼبتوفرة‪:‬‬

‫‪ -1‬مررحة العمىمية واللمىل ‪:‬‬

‫كقد ًب ُب ىذه اؼبرحلة استعماؿ مصطلح الفساد من قبل أعرؽ اؼبفكػرين ‪،‬الفالسفة كرجاؿ الدين من‬
‫أمثاؿ ‪ "Platon, Aristote, Thucy-did et Machiavel " :‬بغرض اإلشارة إٔب كل أفعاؿ األفراد اليت زبل‬
‫باؼبعايَت األخالقية للمجتمع ‪ ،1‬كلعل ىذا يربز بوضوح أف مركز ثقل مفهوـ الفساد كاف مرتبطا جبميع التجاكزات‬
‫األخالقية اليت بدكرىا تنعكس على اجملتمع مباشرة كمن ٍب على صبيع اؼبستويات الثقافية ‪،‬السياسية كالعقائدية‪،‬كىنا‬
‫تظهر بوضوح اؼبساحة الواسعة اليت ازبذىا الفساد ُب تلك اغبقبة‪.‬كفقا ؼبا تقدـ فقد ظل الفساد كلزمن طويل‬
‫ؿبتكرا من طرؼ باحثي علم االجتماع كالفلسفة السياسية كاؼبدارس القانونية التقليدية كفق نظرة مشولية تعترب‬
‫الفساد اكبرافا عن اؼبعايَت كالقيم اؼبتعارؼ عليها ُب ؾبتمع معُت كُب فًتة زمنية معينة‪.‬‬

‫‪،‬كمن أبرز األمثلة على ذلك ‪ 2‬قبد أف أرسطو ‪ Aristote‬أثناء تصنيفو للنظم السياسية قدـ أىم النظم الفاسدة من‬
‫خالؿ ىيمنة كحكم الفرد كنزكعو ؼبمارسة االستبداد كالطغياف على األعضاء الذين يكونوف ؾبتمع اؼبدينة كتعد‬
‫النظم اؼبلكية اؼبطلقة كحكم األقلية إحدل النظم األكثر فسادا من بقية النظم كاغبكومات األخرل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Johnson M., (1996), The Search for Definitions : The Vitality of Politics and the Issue of Corruption, Revue‬‬
‫)‪International des Sciences Socials n°149, P( 371-387‬‬
‫‪2‬‬
‫عبدكؿ مصطفى ربت إشراؼ غضباف مربكؾ‪ ،) 2008/2007 ( ،‬تأثَت الفساد السياسي ُب التنمية اؼبستديبة (حالة اعبزائر ‪ ، )2006-1995‬مذكرة ماجستَت ‪،‬زبصص‬
‫تنظيمات سياسية كإدارية ‪،‬جامعة باتنة ‪،‬ص ‪28‬‬

‫‪6‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -2‬مررحة ألاهاهية الفردًة‬

‫‪Adam‬‬ ‫ُب نفس اإلطار كُب فًتة الحقة (الفكر الكالسيكي)قبد أف األب الركحي لالقتصاد آدـ ظبيث‬
‫‪ Smith‬سار على نفس درب كل من دافيد ىيوـ ‪ David Hume‬كبرنارد ماندفيل ‪ ، Bernard Mandville‬ىذا‬
‫األخَت الذم انطلق من مسلمة أساسية أف اإلنساف تواؽ كؿبب بطبيعتو للهو كالراحة كاؽبناء كلذلك فإف صبيع‬
‫اعبهود اليت يبذؽبا تتجو كبو ربقيق منفعتو الشخصية ‪،‬حيث يرل آدـ ظبيث ‪ Adam Smith‬بأف اإلنساف ينجذب‬
‫دائما كبو ربقيق رغباتو ليثبت ميوالتو ذباه اآلخرين فاألنانية ىي احملرؾ األكثر استعماال لتحقيق مطالب كنزكات‬
‫األفراد‪.1‬كمن ىنا كانت نواة الفكر اللربإب اليت تفيد بأف البحث عن اؼبنفعة الفردية يبثل العقالنية كيدفع إٔب‬
‫التصرفات الرشيدة ‪،‬كوبفز التنافس الذم يكوف السوؽ مكانو أين يتحكم العرض كالطلب كليس األخالؽ‪ ،‬ككوف‬
‫القاعدة األساس للتعامل االقتصادم ىي اؼباؿ باعتباره ؿبددا لقيمة التبادؿ ‪،‬إال إنو ال يتوقف عند ىذا اغبد ‪،‬بل‬
‫يتعداه ليصبح ىدفا ُب حد ذاتو كهبذا يبحث األفراد عن شىت السبل للحصوؿ على أرباح أكرب كىذا ما جعل‬
‫‪ Marx‬يؤكد بأف اؼباؿ ىو الذم يفسد الفرد ‪.2‬‬

‫‪ -3‬مررحة املفهىم إلاداري اللاهىوي (الىظيفة )‬

‫كزبص ىذه اؼبرحلة بداية اؼبرحلة اؼبعاصرة اليت تلت اغبربُت العاؼبيتُت ‪،‬أين ًب االىتماـ أكثر بتنظيم شؤكف‬
‫الدكؿ كعالقاهتا اػبارجية ‪،‬كبالنسبة ؽبذه اؼبرحلة فرغم اذباه مفهوـ الفساد كبو التخصيص كتناكؿ أبعاده االقتصادية‬
‫من لدف قدماء االقتصاديُت اؼبعاصرين‪ ،‬إال أنو ٓب يكن ؿبور دراسات اقتصادية كلية عميقة ‪،‬بل سبحور أساسا ُب‬
‫دراسات علماء اإلدارة كالقانوف من منطلق كونو سلوؾ اكبراؼ عن الوظيفة العامة كهبذا الزـ البعد اإلنساين‬
‫كاالجتماعي للمفهوـ ُب ىذه اؼبرحلة كمن بُت األعالـ الذين تناكلوه ُب ىذا السياؽ نذكر‬
‫‪(Nye 1967, Heidenheimer 1970 ,Berg.Hahn et Schmidhauser1976, Jacek Tarkowski1989‬‬
‫)‪, Becker.Gary1968 , Klitgaard Robert 1988, Rose-Ackerman Susan 1978,J.C.Scott 1972 ...‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Isabelle Delattretraductrce(2003), La corruption a foison regard sur un phénomène tentaculaire ,La harmattan‬‬
‫‪,p16.17‬‬
‫‪ 2‬نفس اؼبرجع السابق ‪،‬ص ‪32‬‬

‫‪7‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-4‬مررحة ثداول الفساد على املسحىي الكلي‪:‬‬

‫كنبن ذبدر اؼبالحظة إٔب أنو ُب مطلع التسعينات ظهرت اجتهادات أكثر حوؿ تناكؿ مفهوـ الفساد‬
‫كمتغَت ُب االقتصاد الكلي للدكؿ(التنمية ‪،‬اغبكم الراشد ‪،‬العوائد القومية ‪،‬الناتج الوطٍت ‪،‬البطالة ‪،‬الفقر‪ )...‬ك‬
‫كىنا كاف الًتكيز على تأثَت الفساد على العملية التنموية كمن أبرز األظباء اليت تناكلت اؼبوضوع بالتحليل كالبحث‬
‫الذم انصب أكثر على الشق اؼبيداين من خالؿ استطالعات الرأم ك ذبميع كتنسيق اؼبعلومات عن اجملمعات‬
‫االقتصادية الكلية كتأثرىا بالفساد نذكر على سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر كحسب أنبية الدراسات (لكثرة األظباء اليت‬
‫سانبت ُب ىذا السياؽ)‪:‬‬

‫‪(Jean Cartier-Bresson1995 , Barro. Robert1991, Della Porta1996, YMény , Kaufmann 1996,‬‬


‫‪Mauro Paolo 1995 , Rose-Ackerman Susan1996, Shleifer.Andrei et Robert Vishny1992‬‬
‫)… ‪,J.F.Médard 1995 ,Vito Tanzi1997‬‬

‫‪-5‬مررحة ثداول الفساد على املسحىي الجسئي‪:‬‬

‫استمر الًتكيز على تناكؿ مفهوـ الفساد من الشق االقتصادم بشكل أكسع‬ ‫مع مطلع األلفية الثالثة‬
‫حيث شهدت ىذه الفًتة التفاؼ العآب بشقيو النامي كاؼبتقدـ حوؿ ملف الفساد كال أدؿ على ذلك من مساعي‬
‫اؼبنظمات اغبكومية كغَت اغبكومية كصبعيات األعماؿ كاجملتمع اؼبدين لتكثيف اعبهود كبو مكافحة الفساد ما أفرز‬
‫حبوثا أكثر عمقا توجهت على اػبصوص لدراسة إشكالية الفساد على صعيد االقتصاد اعبزئي كمن ٍب على‬
‫مستول اؼبؤسسات (حوكمة الشركات‪، 1‬شفافية اؼبنافسة‪،‬نزاىة بيئة األعماؿ‪ )...‬كمن أبرز األظباء اليت أسهمت ُب‬
‫ربليل ىذا اعبانب‬

‫‪)J.Cartier-Bresson , Rose-Ackerman Susan , Montigny Philipe ,P. Lascoumes ,Tobin‬‬ ‫(…‬


‫يبقى أف نذكر بأف أبرز االجتهادات اؼبوثقة للمفهوـ اغبإب للفساد االقتصادم جاءت على يد خرباء‬
‫اؼبؤسسات اؼبالية الدكلية كالبنك العاؼبي كمؤسسات مكافحة الفساد اؼبستحدثة مع مطلع التسعينات كعلى رأسها‬
‫مؤسسة الشفافية الدكلية كقد سبخضت معظمها عن حبوث ميدانية تدرس حاالت الفساد ُب مناطق العآب اؼبختلفة‬
‫‪،‬ككفقا لعديد اؼبؤشرات اؼبفصلة كاؼبركبة‪.‬‬

‫‪ 1‬طارؽ عبد العاؿ ضباد‪،)2005( ،‬حوكمة الشركات (اؼبفاىيم ‪،‬اؼببادئ التجارب)‪،‬الدار اعبامعية اإلسكندرية‪،‬مصر‬

‫‪8‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ _ III‬المفهوم المعاصر للفساد االقتصادي في الفكر العالمي‪:‬‬


‫‪-1‬إشكالية عدم الحىافم في ثحدًد مفهىم مىرد لحفساد‪:‬‬
‫لقد تناكلت األحباث اؼبعاصرة مصطلح الفساد على نطاؽ كاسع كبشكل صريح ‪،‬كذلك بفعل تأثَته‬
‫العميق على صبيع ؾبالت اغبياة‪،‬كانتشاره الالؿبدكد ُب كل اجملتمعات كرغم ىذا يالحظ أف الوصوؿ إٔب مفهوـ‬
‫موحد للفساد يظل ؿبل دراسة كيعزل ذلك إٔب ‪: 1‬‬
‫‪-‬عدـ كجود منهج موحد لدراسة ىذه الظاىرة بسبب اختالؼ انتماءات ك زبصصات اعبهات الدارسة للمفهوـ‬
‫‪-‬اختالؼ معايَت اجملتمعات للفصل بُت ما ىو فاسد كما ىو غَت فاسد‬
‫‪-‬الفساد ظاىرة متجددة تغَت آلياهتا حسب احمليط اغباضن ؽبا‬
‫‪-‬الفساد ظاىرة إنسانية مرتبطة بالعنصر البشرم‪.‬‬
‫‪-‬اختالؼ درجة تقبل كتعامل اجملتمع مع مستويات الفساد ‪،‬بُت ما يراه اؼبختصوف كما تراه العامة‪.‬‬
‫‪-‬الفساد ظاىرة مرتبطة بكل اجملاالت ‪،‬تؤثر فيها كتتأثر هبا‬
‫بالنظر إٔب عدـ التوصل لتوحيد اؼبفهوـ نظرا لالعتبارات السالفة الذكر ‪،‬أفرز االقتصاد اؼبعاصر زطبا ىائال‬
‫من التعاريف اليت حاكلت تفسَت مفهوـ الفساد االقتصادم كاليت يستحيل التطرؽ إليها صبيعها ‪،‬كىو ما قادنا‬
‫لتبويبها بأسلوبنا (كفقا للغاية البيداغوجية للمقياس ) ‪،‬إٔب صنفُت ‪،‬حيث نستعرض ُب الصنف األكؿ أشهر‬
‫تعاريف اؼبؤسسات الدكلية كاإلقليمية اؼبالية ‪ ،‬لنتطرؽ من خالؿ الصنف الثاين الستعراض تعاريف أشهر الباحثُت‬
‫ُب علم االقتصاد ‪،‬مع اإلشارة إٔب استبعاد التعاريف اؼبرتبطة باألبعاد االجتماعية كالقانونية ‪،‬ليس لعدـ أنبيتها‬
‫كلكن بدعول الرتكيز على زبصص الطلبة‬

‫‪-2‬الفساد الاكحصادي مً مىظىر املؤسسات الدولية وإلاكحيمية‬


‫نقًتح ىذه التعاريف لكوف اؼبنظمات الدكلية ىي أكثر األطراؼ اليت اىتمت بتحديد معٌت الفساد‪،‬‬
‫خصوصا اؼبؤسسات الدكلية كاإلقليمية اؼبالية ؾالبنك الدكٕب كصندكؽ النقد الدكٕب كالبنك اإلفريقي‬
‫للتنمية‪،...‬إضافة إٔب اؼبنظمات غَت اغبكومية كمؤسسة الشفافية الدكلية‪...‬‬

‫‪2‬‬
‫‪-‬بالنسبة للبنك الدولي ‪" :‬الفساد ىو استغالؿ أك إساءة استعماؿ الوظيفة العامة من أجل اؼبصلحة اػباصة"‬

‫‪1‬‬
‫فراس مسلم أبو قاعود‪ ،)2013(،‬الوقاية من الفساد اإلدارم كمكافحتو من منظور الفكر اإلسالمي‪ ،‬ؾبلة كلية بغداد للعلوـ االقتصادية اعبامعة‪ ،‬العدد ‪36‬‬
‫‪ 2‬نزيو عبد اؼبقصود ؿبمد مربكؾ ‪ )2013(،‬الفساد االقتصادم أساليبو أشكالو كأثاره أليات مكافحتو‪ ،‬دار الفكر اعبامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،‬ص ‪32‬‬

‫‪9‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-‬بالنسبة لصندوق النقد الدولي ‪":‬الفساد يعربعن عالقة األيادم الطويلة اؼبتعمدة اليت هتدؼ لالستفادة من‬
‫ىذا السلوؾ لشخص كاحد أك ؾبموعةذات عالقة باآلخرين‪" 1‬‬
‫‪-‬بالنسبة لمنظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد ‪ :‬الفساد عموما ىو كل عمل يتضمن سوء استخداـ‬
‫اؼبنصب العاـ لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسو أك صباعتو ‪،‬كبعد عديد االجتهادات كثقت اؼبنظمة التعريف‬
‫اؼبوإب"الفساد ىو السلوؾ الذم يبارسو اؼبسئولوف ُب القطاع العاـ كاػباص سواء كانوا سياسيُت أك موظفُت مدنيُت‬
‫‪2‬‬
‫هبدؼ إثراء أنفسهم أك أقارهبم بصورة غَت قانونية كمن خالؿ إساءة السلطة اؼبمنوحة ؽبم"‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬بالنسبة للبنك اإلفريقي للتنمية يعتربه "استعماؿ العوف العمومي لقوة منصبو كذلك للبحث عن االمتيازات"‬

‫يعترب الفساد االقتصادم"إساءة الوظيفة العمومية أك اػباصة لصاّب‬ ‫‪-‬من جهتو البنك األسيوي للتنمية‬
‫اػبواص"كىو بذلك يتهم القطاع اػباص دبثل القطاع العاـ بالتواطؤ ُب الظاىرة ‪.‬‬

‫التعريفاف األخَتاف يتهماف القطاع العمومي باؼبسؤكلية اؼبطلقة عن الفساد كيعترباف أف كل االكبرافات اؼبوجودة ُب‬
‫القطاع العاـ ىي ؿبصلة طبيعية للفساد االقتصادم كفق مصاّب أطرافو ‪ ،‬كما أف ىذه االكبرافات سببا مباشرا ُب‬
‫عرقلة القطاع العمومي كمن ٍب مسار النشاط االستثمارم ‪ ،‬االقتصادم ك التنموم‪.‬‬

‫‪ :‬سبحورت تعاريف أبرز اؼبنظمات الدكلية كبنوؾ‬ ‫**تحليل مضامين تعاريف المنظمات الدولية واإلقليمية‬
‫التنمية اإلقليمية كاحمللية ُب اعتبار الفساد "سوء استخدـ الوظيفة للمصلحة الشخصية"‬

‫‪-‬تركيز اؼبنظمات الدكلية على الفساد االقتصادم من شقو اإلدارم ‪:‬تعترب اإلدارة ىي مركز القوة ك القرار ُب‬
‫الوحدة االقتصادية العامة كاػباصة على حد سواء‪ ،‬كمن ٍب اؼبناخ األنسب لتنامي الفساد‪ ،‬كىو ما جعل اؼبفهوـ ُب‬
‫شقو اإلدارم يفرض نفسو بقوة عند ىذا اؼبستول من التحليل ‪.‬‬

‫‪-‬تركيز اؼبنظمات الدكلية على الفساد االقتصادم ُب الوظيفة العمومية ‪ :‬حيث ذبمع التعاريف السابقة كغَتىا من‬
‫التعاريف غَت اؼبذكورة على اعتبار الفساد االدارم كاؼبإب ‪ :‬انتهاؾ القوانُت كاالكبراؼ عن تأدية الواجبػ ػ ػ ػػات الرظبية‬
‫ُب القطاع العاـ لتحقيق مكسب مإب شخصي ‪ ،‬كىو هبذا يبس اإلخالؿ بشرؼ الوظيفة كمهنيتها كبالقيم‬
‫كاؼبعتقدات اليت يؤمن هبا الشخص‪ ،‬ككذلك ىو اخضاع اؼبصلحة العامة للمصاّب الشخصية ‪،‬كغالب ػان ما يكوف عن‬
‫طريق كسطاء كاليكوف مباشران ‪ ..‬كالفساد هبذا موجود ُب كافة القطاعات اغبكومية منها كاػباصة فهو موجود ُب‬
‫أم تنظيم يكوف فيو للشخص قوة مسيطرة أك قوة احتكار ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪IMF )1999(. Corruption Around the world .IMF Working paper Washington.1999 p08‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Parwezfarsan ,(2007),administrative corruption in india university of heidelberg , p 03 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Philippe Montigny ,(2006),L’entreprise face à la corruption internationale, Preface de François Périgot , Ellepses‬‬
‫‪edition marketing‬‬

‫‪10‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-3‬الفساد الاكحصادي مً مىظىر أبرز بارثي الاكحصاد‪:‬‬


‫حىت ال نضيع مرة أخرل ُب زخم التعاريف الغزيرة ألشهر اؼبنظرين االقتصاديُت ‪،‬بوبنا بأسلوبنا أبرز ىذه‬
‫التعريف كفقا ؼبفهومها العاـ اؼبوحد كما يلي ‪:‬‬

‫‪-1‬الفساد باعتباره وسيلة غير شرعية للتأثير على القرارات وتوجيهها ‪ :‬تعترب اإلدارة ىي مركز القوة ك القرار‬
‫ُب الوحدة االقتصادية العامة كاػباصة على حد سواء‪ ،‬كمن ٍب اؼبناخ األنسب لتنامي الفساد االقتصادم‪ ،‬كىو ما‬
‫جعل مفهوـ الفساد ُب شقو اإلدارم يفرض نفسو عند ىذا اؼبستول من التحليل ؾ"سوؽ سوداء غبقوؽ اؼبلكيات‬
‫أين تعطى للموظفُت العموميوف القدرة على ازباذ القرار ‪ ،‬فالرشوة إذف كسيلة مرنة غَت شرعية للتأثَت على القرارات‬
‫اإلدارية " ‪ B.Benson J.Baden1‬كىذا التعريف بدكره يركز على األعواف العموميوف كمرتشوف أساسيوف خاصة‬
‫منهم أصحاب القرار‪ .‬ك مع تداعيات العوؼبة كاالنفتاح تتسع رقعة القطاع اػباص الذم ال يستغٍت أبدا عن قرارات‬
‫الدكلة ‪ ،‬كمن ٍب يبدك الفساد كوسيلة لتكييف ىذه القرارات كفق مصاغبو ‪.‬‬

‫‪-2‬الفساد باعتباره وسيلة غير شرعية الستغالل المعلومات قصد تقليل المنافسة ‪ :‬مع تزايد حدة اؼبنافسة‬
‫تصبح اؼبعلومة رىانا أساسيا للتقليل من الشك االقتصادم فَتتفع شبن اغبصوؿ عليها الستغالؿ الفرص اؼبتاحة‬
‫كمواجهة اؼبنافسة‪.‬كالفساد االقتصادم ىو الوسيلة غَت الشرعية للحصوؿ على اؼبعلومة األكثر مالئمة‪،‬كُب ىذا‬
‫السياؽ يرل‪ " Meny 1992‬أف أطراؼ الفساد االقتصادم تضع ُب اغبسباف دكرة اؼبعلومات ُب مستويات اإلدارة‬
‫‪2‬‬
‫اؼبختلفة للتقليل من عدـ اليقُت كإضعاؼ اؼبنافسة "‬

‫‪-3‬الفساد يتمثل في العرض و الطلب للبحث عن العوائد ‪ :‬كىنا يربز مفهوـ الفساد االقتصادم من زاكية‬
‫‪3‬‬
‫" اجملتمع يبحث عن‬ ‫‪R.Tollisson‬‬ ‫السوؽ الذم يلتقي فيو العرض كالطلب كعلى ىذا األساس ندرج مفهوـ‬
‫‪Becker68-74‬‬ ‫العوائد كالفساد شكل خاص كال شرعي للبحث عن العوائد "‪ .‬من جهتو كُب نفس السياؽ‬
‫يوضح أف "االقتصاد السياسي للفساد وبلل اؼبواجهة بُت عرض الفساد كطلبو حسب مبادئ السوؽ كمن منطق‬
‫اقتصاد اعبريبة كُب ىذا السياؽ فإف عرض الرشوة ك الطلب عليها نبا اؼبنفذ الوحيد لتحسُت اؼبداخيل ‪ ،‬كىذا ما‬

‫‪1‬‬
‫‪Jean Cartier-Bresson,(1992),elements d’analyse pour une économiede la corruption,Revue Tière‬‬
‫‪Monde,n°131,juillet-septembre‬‬
‫‪2‬‬
‫‪MENY Y,(1992), La corruption de la République, Paris, éditeur Fayard,‬‬
‫‪3‬‬
‫‪R.D.Tollisson ,(1982), rent-seeking : a survey , kyklos 35(4) , 1982‬‬

‫‪11‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫يستوجب مقارنة األرباح احملتملة باػبسائر احملتملة ( ـباطر العقاب ) فالعرض كالطلب إذف يتطوراف حسب درجة‬
‫‪.1‬‬
‫العقوبة احملتملة"‬

‫على ضوء ما تقدـ يبكن اعتبار الفساد االقتصادم"كسيلة غَت شرعية للحصوؿ على اؼبعلومات كالتأثَت على‬
‫القرارات باستغالؿ الوظائف العامة غبساب اؼبصاّب الشخصية كفق مبادئ السوؽ اؼبتمثلة ُب العرض كالطلب بغية‬
‫ربقيق عوائد كامتيازات تتأثر بدرجة اؼبخاطر احملتملة" ‪.2‬‬

‫‪ -4‬املفهىم اللامل ملصطلح الفساد الاكحصادي‪:‬‬


‫كجدنا للفساد االقتصادم عديد التعاريف كونو مفهوـ كاسع متشعب لكننا لبتصرىا صبيعا بأسلوبنا‬
‫اػباص (توافقا مع الغاية البيداغوجية) كما يلي ‪:‬الفساد ىو اكبراؼ عن اؼبعايَت األخالقية ‪،‬الدينية ‪،‬الثقافية‬
‫‪،‬السياسية ‪،‬االجتماعية كاالقتصادية اليت يسطرىا أفراد اجملتمع ُب مكاف معُت خالؿ فًتة من الزمن ‪.‬‬

‫من خالؿ اؼبفهوـ اؼبقًتح نسطر النقط األساسية التالية ‪:‬‬

‫**كل اكبراؼ عن اؼبعايَت اليت يضعها اجملتمع مهما كاف بعدىا تعترب فسادا‪.‬‬

‫**كلما كاف اجملتمع أكثر اتزانا سيكوف أكثر تشددا مع الفساد ألنو سيضع معايَت أكثر دقة‬

‫**مفهوـ الفساد مفهوـ نسيب قد ىبتلف من زمن آلخر أك مكاف آلخر (مثاؿ شرب الكحوؿ يعترب طبيعيا ُب‬
‫اجملتمعات غَت اؼبسلمة كفسادا ُب اجملتمعات اؼبسلمة ‪،‬عما اؼبرأة ُب بعض اجملالالت يعترب فسادا ُب زمن‬
‫سابق‪)....‬‬

‫على ضوء ما تقدـ ‪ -‬كحىت نكوف أكثر دقة ‪ -‬نصوغ بأسلوبنا التعريف اعبامع اؼبفصل التإب ‪" :‬الفساد‬
‫االقتصادم كاؼبإب ىو سلوؾ اكبراؼ عن اؼبعايَت االقتصادية‪،‬االجتماعية كالسياسية اؼبتعارؼ عليها عن طريق‬
‫انتهاؾ الواجبات اإلدارية كالسياسية االعتيادية أك التحايل عليها(قد يكوف بطريقة قانونية) للتأثَت ُب القرارات أك‬
‫كسب اؼبعلومات الكفيلة بتقليل الشك االقتصادم كالسياسي لصاّب فئة معينة ُب بلد معُت كُب فًتة ؿبددة بغية‬
‫حبث أطرافها (من القطاعُت العاـ كاػباص)عن عوائد كمداخيل كامتيازات تكوف مادية للبعض ‪،‬اثنيو أكسياسية‬
‫للبعض اآلخر‪،‬أك قد تكوف حبثا عن مركز ريادم ُب السلم االجتماعي‪ ،‬يتحملها ُب األخَت اجملتمع ‪،‬االقتصاد‬
‫الوطٍت كالنظاـ كمنو الفرد كمستهلك هنائي ككمواطن "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Becker, G.S. and G.J. Stigler ,(1974), Law enforcement, malfeasance, and the compensation of Enforcers ,‬‬
‫‪Journal of Legal Studies‬‬
‫‪ 2‬تعريف شامل خاص باأل ستاذ‬

‫‪12‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرثين ‪03‬و ‪ :04‬هطاق الفساد الاكحصادي (أهىاعه ‪،‬ممارساثه‪،‬وخصائصه)‬

‫‪ _ I‬أنواع الفساد اإلقتصادي‪:‬‬


‫توافقا مع االىتماـ اؼبتنامي ُب عاؼبنا الدكٕب اؼبعاصر بإشكالية الفساد ‪،‬انصبت حولو أحباث غزيرة أفرزت‬
‫كما ىائال من اؼبفاىيم (كما أشرنا سابقا) ‪،‬انبثقت منها تصنيفات كثَتة تقسم الفساد إٔب أنواع ـبتلفة كفق عديد‬
‫اؼبعايَت كفيما يلي كعلى سبيل اؼبثاؿ ال اغبصر سندرج أكثر ىذه التصانيف تداكال ‪:‬‬
‫‪-1‬ثصييف الفساد إلاداري وفلا لحرأي العام ‪:‬‬

‫حيث يتم التصنيف حسب درجة االتفاؽ بُت رؤية النخبة كالعامة لتصرؼ معُت على أنو فساد كيستحق‬
‫العقوبة ‪.1‬ىنا قبد تصنيف الفساد باأللواف كفقا لدرجة إدراؾ اجملتمع لو من األبيض إٔب األسود ‪.2‬‬

‫***الفساد األبيض ‪ :‬كيعٍت إف ىناؾ اتفاؽ كبَت من قبل اعبمهور كاؼبوظفُت العاملُت ُب اعبهاز اإلدارم على‬
‫تقبل كاستحساف العمل اك التصرؼ اؼبعٍت ‪ .‬أم تعاطف الغالبية العظمى مع الظاىرة كبالتإب ال نلمس جهودا بارزة‬
‫ؼبكافحتو حيث يصبح حالة عادية عادية تتعايش مع اجملتمع‪،‬كحسب ‪ Heidenheimer‬فإف الرشوة البيضاء جنحة‬
‫تقبلها النخب كتتساىل الشعوب بشأهنا ‪،‬كرغم كجود قواعد قانونية جنائية ُب أكثر األحياف فإنو ال ينظر إليها‬
‫بوصفها تعديات على القيم األساسية للمجتمع كبالتإب فإنو ال يتبعها رفض اجتماعي‪.‬مثاؿ ‪:‬قد يعترب فتح كشك‬
‫صغَت بدكف رخصة مقبوال إٔب حد بعيد ُب بعض اجملتمعات ُب ظل غياب فرص العمل‬

‫***الفساد األسود ‪:‬كيشَت إٔب اتفاؽ اعبمهور كاؼبوظفُت العاملُت ُب اعبهاز اإلدارم على إدانة عمل أك تصرؼ‬
‫سيئ يعتربه ‪ Heidenheimer‬شديد اػبطورة مقارنة بسابقق‪،‬حيث هبمع الشعب كالنخبة معا على أنو انتهاؾ‬
‫صارخ للمعايَت األخالقية كالقانونية كمن ٍب ذبب إدانتو ‪،‬مالحقتو ‪،‬كمعاقبة مقًتفيو ‪.‬‬

‫‪ 1‬ىايدهنايبر ‪ .‬أرنولد ج‪ ، )1996 (،‬معآب الفساد ‪:‬دراسة من منظور مقارف ‪،‬اجمللة الدكلية للعلوـ االجتماعية اليونسكو ‪،‬القاىرة العدد ‪149‬ص‪57‬‬
‫‪2‬‬
‫بيَت الكوـ ‪،‬ترصبة سوزاف خليل‪ ، )2003 ( ،‬الفساد ‪،‬عُت للدراسات كالبحوث اإلنسانية كاالجتماعية مصر ‪ ،‬الطبعة األكٔب ‪،‬ص ‪10‬‬

‫‪13‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫***الفساد الرمادي ‪:‬كظبي بالفساد الرمادم لعدـ إمكانية احتسابو على أم نوع من النوعُت السابقُت كيدؿ‬
‫على عدـ اتفاؽ أك إصباع بُت النخبة كالعامة على اعتبار فبارسة معينة فاسدة ‪،‬كبالتإب ال هبمعوف على إدانتها‬
‫كمن أمثلة ذلك قضايا التمويل السياسي اليت تعتربىا النخبة من ضركريات اغبياة السياسية بينما يفندىا الشعب‪.‬‬

‫‪-2‬ثصييف الفساد إلاداري وفلا لحجم الحعامالت‪:1‬‬

‫***الفساد الصغير ‪(:‬فساد الدرجات الوظيفية الدنيا) كىو الفساد الذم يبارس من فرد كاحد دكف تنسيق مع‬
‫اآلخرين لذا نراه ينتشر بُت صغار اؼبوظفُت عن طريق استالـ رشاكل من اآلخرين ‪.‬‬

‫*** الفساد الكبير ‪( :‬فساد الدرجات الوظيفية العليا من اؼبوظفُت) كالذم يقوـ بو كبار اؼبسؤكلُت كاؼبوظفُت‬
‫لتحقيق مصاّب مادية أك اجتماعية كبَتة كىو أىم كامشل كاخطر لتكليفو الدكلة مبالغ ضخمة ‪.‬‬

‫‪-3‬ثصييف الفساد إلاداري وفلا لحفئة التي ثحعامل به‪:‬‬

‫***فساد القمة ‪:‬يتعامل بو كبار متخذم القرار ك اؼبسؤكلُت ُب الدكلة من رؤساء ككزراء كجنراالت كغَتىم كيبتد‬
‫حىت إٔب التعامل مع اػبارج‬

‫***فساد الطبقة الوسطى ‪ :‬يتعامل بو متخذك القرار كاؼبسؤكلوف األدىن درجة من سابقيهم كىم الذين يسَتكف‬
‫اؼبؤسسات العمومية من مدراء كمندكبُت ‪،‬كيتورطوف غالبا مع فبثلي القمة لتمرير فسادىم‪...‬‬

‫***فساد القاعدة ‪ :‬ىو اؼبنتشر بُت أفراد الطبقة العادية من الشعب كاؼبوظفُت العموميُت كيكوف عادة الزبلص من‬
‫البَتكقراطية كالركتُت اإلدارم‬

‫‪-4‬أشكال الفساد الاكحصادي رسب ألاطراف امللاركة فيه‪:‬‬


‫من ىذا اؼبنظور نالحظ أف مفاىيم الفساد تتخذ شكلُت أساسيُت نبا الفساد الذاٌب (الفردم‬
‫‪،‬التلقائي‪،‬العشوائي)كالفساد اعبماعي (التآمرم ‪،‬اؼبنظم ‪،‬احملرض)‪.‬‬
‫***الفساد الذاتي ‪ :‬حيث اإلفساد قد وبدث عن طريق طرؼ كاحد يًتبح كينتفع عن طريق ذباكزات يقوـ هبا‬
‫دبفرده دكف إشراؾ للغَت كأمثلة مفاىيم الفساد اليت تقع ُب ىذا السياؽ عديدة كالسرقة ‪،‬االختالس ‪ ،‬اإلنباؿ ُب‬
‫العمل ك التسيب‪ ،‬االنتفاع دبمتلكات الدكلة دكف كجو حق ‪،‬االعتداء على فبتلكات الغَت باالحتياؿ‪ ،...‬كيدرج‬
‫ضمن ىذا السياؽ أيضا األعماؿ اليت ال يتم التحريض عليها بل يقوـ هبا الشخص بنفسو كغبسابو اػباص كدكف‬

‫اؼبؤسسة العربية لضماف االستثمار‪،)1999( ،‬الفساد ‪ ،‬آثاره االقتصادية كاالجتماعية ‪،‬كسبل مكافحتها ‪،‬سلسلة اػبالصات اؼبركزة ‪،‬ص ‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪14‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫ضغط طرؼ آخر ‪-‬كإف كانت أغلب اؼبفاىيم تعترب الظركؼ طرؼ ثاف ُب ىذه األعماؿ الفاسدة‪ -‬نظرا لدرجة‬
‫تشتت األعماؿ الفاسدة الفردية فإهنا تعترب عشوائية حيث ال ىبدـ العمل الفاسد الفردم عمال فاسدا فرديا آخر‬
‫كال يتعاكنوف بل وبذر بعضهم بعضا ألف أغلب اؼبفسدين الذاتيُت ال يعرفهم الغَت هبذه الصفة كىو ما يصعب من‬
‫مهمتهم ‪ ،‬كلعل ىذا ىو سبب قلة اؼبفاىيم اليت تناكلت الفساد من ىذا اؼبنظور‪.‬‬

‫***الفساد التآمري ‪:‬كيشارؾ ُب عملية الفساد من ىذا اؼبنظور طرفاف أك أكثر ‪،‬كقد صبت أغلب مفاىيم الفساد‬
‫ُب ىذا السياؽ ‪ ،‬كظبي بالتآمرم ألنو اتفاؽ أك مؤامرة بُت طرفُت أك أكثر لالستيالء على اؼباؿ العاـ أك اإلخالؿ‬
‫بالقواعد األخالقية أك القانونية أك االقتصادية ‪ ،1‬ىذا اؼبفهوـ للفساد ىو األكثر ركاجا ألنو ببساطة األكثر تواجدا‬
‫ُب اجملتمعات كمرد ذلك إٔب اللحمة اليت تنشأ بُت أطرافو ك اليت تؤمن ؽبم اغبماية ؾبتمعُت من األخطار اػبارجية‬
‫على عكس الفساد الفردم ‪ ،‬كذلك ما يبيز ىذا النوع من الفساد كونو منظم كتقل العشوائية فيو عن سابقو‬
‫كذلك أنو لكي يراعي مصاّب صبيع أطرافو يتكافلوف إلبعاده عن دائرة اػبطر ُب شكل شبكات كؽبذا يسمى‬
‫بالفساد اؼبنظم كأمثلتو عديدة كاعبريبة اؼبنظمة ‪ ،‬شبكات اؼبافيا ‪،‬شبكات األسلحة ‪ ،‬شبكات العملة ‪ ،‬شبكات‬
‫الرشوة‪،...‬باختصار فمفهوـ الفساد من ىذا اؼبنظور ىو عالقة تآمرية بُت جهات رظبية كأخرل غَت رظبية تعترب‬
‫غطاء ؽبا كاليت تسمح خبلق الثقة بُت متعامليها لتنظيم اؼبعامالت كتطوير العمليات اليت هتدؼ إٔب ربالف ُب‬
‫اؼبعلومات ك القرارات‪. 2‬‬

‫ذبدر اإلشارة إٔب كجود عديد التصنيفات األخرل ‪،‬كفقا ؼبعايَت متعددة ‪،‬على شاكلة التفريق بُت الفساد‬
‫احمللي كالفساد األجنيب ‪،‬كالتفريق بُت الفساد اإلرادم كالالإرادم (القسرم كالطوعي)‪،‬التفريق بُت الفساد اؼبنظم‬
‫كالعشوائي‪.....‬‬

‫‪ _ II‬الفساد اإلداري والمالي أبرز أوجه الفساد اإلقتصادي‪:‬‬


‫يرتكز االقتصاد كالفساد على حد سواء على عنصرين أساسسُت نبا ‪:‬العنصر البشرم (جهاز إدارم‬
‫‪+‬متعاملُت اقتصاديُت كالزبائن كاؼبوردين كاؼبستثمرين ‪....‬كالذين يرتبطوف باإلدارة بنسب متفاكتة)كالعنصر اؼبإب‬
‫كاؼبادم(أمواؿ ‪،‬امتيازات ‪،‬ىدايا ‪ )....‬كىذا ما هبعل الفساد االقتصادم ينشطر إٔب شقُت أساسيُت نبا الفساد‬
‫اإلدارم كالفساد اؼبإب اللذاف سنحاكؿ الفصل بُت مفهوميهما فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬الفساد املالي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ضبدم عبد العظيم ‪، ) 2008 ( ،‬عوؼبة الفساد كفساد العوؼبة‪ ،‬الدار اعبامعية اإلسكندرية ‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪43‬‬
‫‪2 Nicolas Hayoz ,) 1993( , Corruption et politique dans la société moderne , Cahiers du Centre‬‬
‫‪Interdisciplinaire d’Etique et des Droits de l’Homme.‬‬

‫‪15‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**الفساد اؼبإب ىو ذلك السلوؾ اؼبناُب للقوانُت كاألخالؽ كالقائم على اإلخالؿ باؼبصاّب كالواجبات العامة من‬
‫خالؿ استغالؿ اؼباؿ العاـ لتحقيق مصاّب خاصة ‪ .1‬فالفساد اؼبإب إذف يتمثل ُب كل اؼبخالفات اؼبالية كـبالفة‬
‫القواعد ك األحكاـ اؼبالية اليت تنظم سَت العمل اإلدارم كاؼبإب ُب الدكلة كمؤسساهتا ‪،‬كـبالفة التعليمات اػباصة‬
‫بأجهزة الرقابة اؼبالية كيشمل ‪:‬صفقات السالح ‪،‬اعبريبة اؼبنظمة ‪،‬التهرب الضرييب كاعببائي ‪،‬ىدر اؼباؿ العاـ‪..‬إْب ‪.2‬‬

‫‪-2‬الفساد إلاداري‪:‬‬

‫**الفساد اإلدارم ىو ؾبموعة األعماؿ اؼبخالفة للقوانُت كاؽبادفة للتأثَت بسَت اإلدارة العامة أك قراراهتا أك أنشطتها‬
‫هبدؼ االستفادة اؼبادية اؼبباشرة أك غَت اؼبباشرة ‪ ،3‬فالفساد اإلداريإذنويتعلق دبظاىر الفساد كاالكبرافات اإلدارية‬
‫كالوظيفية أك التنظيمية كتلك اؼبخالفات اليت تصدر عن اؼبوظف العاـ إثناء تأديتو ؼبهاـ كظيفتو ُب منظومة‬
‫التشريعات كالقوانُت كالضوابط كمنظومة القيم الفردية اليت ال ترقى لإلصالح كسد الفراغ لتطوير التشريعات‬
‫كالقوانُت اليت تغتنم الفرصة لالستفادة من الثغرات بدؿ الضغط على صناع القرار كاؼبشرعُت ؼبراجعتها كربديثها‬
‫باستمرار‪.‬‬

‫يعترب الفساد اإلدارم كاؼبإب كاجهة للفساد االقتصادم ‪،‬حيث أف جل األحباث التناكلة للفساد ُب شقو‬
‫االقتصادم تركز على اعبانبُت اإلدارم كاؼبإب ‪،‬كزبتزؿ فبارساتو ُب ىذين اعبانبُت كما سنوضح ُب اعبزئية اؼبوالية‪.‬‬

‫‪ _III‬أبرز مماررات (مظاهر)الفساد اإلداري والمالي‪:‬‬


‫‪-1‬أبرز مظاهر الفساد املالي ‪:‬‬

‫توافقا مع تعريفنا السابق للفساد اؼبإب ‪،‬قبد لو عديد اؼبمارسات (اؼبظاىر) كاليت نذكر أنبها على سبيل‬
‫اؼبثاؿ ال اغبصر فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الرشوة ‪:‬كتعٍت حصوؿ الشخص على منفعة تكوف مالية ُب الغالب لتمرير أك تنفيذ أعماؿ خالؼ‬
‫التشريع أك أصوؿ مهنية‪ ، 4‬كىي أيضا سبثل كل نفع وبصل عليو مسبقا موظفا نتيجة تنفيذه عمال غَت قانوين‬
‫لصاّب الراشي‪ ،‬أك حىت اإلمتناع عن تنفيذ عمل هبدؼ إغباؽ ضرر بطرؼ معُت‪ ،‬على أف يتؤب اؼبستفيذ من عدـ‬
‫تنفيذ ىذا العمل دفع رشوة ‪.‬‬

‫‪ 1‬ىاشم الشمرم(‪، )2011‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪37‬‬


‫‪ 2‬ىاشم الشمرم(‪، )2011‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪21‬‬
‫‪ 3‬سليماف بن ؿبمد اعبريش ‪، )2003 (،‬الفساد اإلدارم كجرائم استعماؿ السلطة الوظيفية ‪،‬الرياض ‪،‬ص ‪113‬‬
‫‪4‬‬
‫حناف سآب‪ ،)2003(،‬ثقافة الفساد ُب مصر‪ ،‬دار احملركسة للنشر كالتوزيع‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص‪143‬‬

‫‪16‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫كيتطلب ربقيق الرشوة تفاعل بُت طرفُت ( الراشي كاؼبرتشي)‪ ،‬الطرؼ األكؿ يبثل جانب العرض كيتعلق بأكلئك‬
‫الساعُت دكما للحصوؿ على مزايا أك مصاّب أك مكافئات أك مكاسب كالطرؼ الثاين يبثل جانب الطلب كىم‬
‫أصحاب اؼبراكز كالنفوذ كالسلطة الذين يقدموف ميزة أك أفضلية أك يسهلوف اغبصوؿ على مكاسب شخصية‪.‬‬
‫كىناؾ من يذىب إٔب التفريق بُت الرشوة اؼبوجبة(اؼبيسرة)كاليت تسهم ُب االلتفاؼ على األنظمة كالقوانُت غَت‬
‫الفعالة كالركتينية كبطرائق منتظمة من جهة كإضفاء الشرعية على سلوؾ دافعي الرشوة الراغبُت ُب اغبصوؿ على‬
‫صفقات كامتيازات معينة من جهة أخرل‪ ،‬كقد يكوف أحيانا الغرض من تلك الرشوة كضع العراقيل أماـ اؼبستوردين‬
‫اؼبنافسُت ُب احمللي‪ ،‬لذلك فستفعل الرشوة فعلها كآلية العرض كالطلب‪ ،‬إال أنو باؼبقابل قد تؤدم الرشوة إٔب تدين‬
‫ُب مستول النوعية ُب اػبدمة أيا كاف نوعها أك زبفيض ُب التكاليف ُب العقود كالصفقات أك الصفقات من أجل‬
‫ربمل مبلغ الرشوة األعلى‪. 1‬‬
‫‪ ‬النصب واإلحتيال ‪:‬ىو جريبة إقتصادية تتضمن نوعا من الغش يعمل على تزييف اغبقائق كاؼبعلومات‬
‫لتحقيق منافع خاصة كقد تتم عمليات اإلحتياؿ بوساطة مسؤكلُت أك موظفي حكومة‪ ،‬اك سياسيُت نافذين‪.2‬‬
‫‪ ‬غسيل األموال ‪:‬تعد من اعبرائم االقتصادية اغبديثة اليت ‪،‬ترتبط بالفساد كاعبريبة اؼبنظمة‪ ،‬ال سيما منها‬
‫اؼبخدرات‪ ،‬كالفساد السياسي‪ ،‬الرشوة‪ ،‬كالتهريب‪ ،‬حيث ترتبط ىذه اعبريبة بالبنوؾ كاؼبؤسسات اؼبالية ؼبا توفره ىذه‬
‫األخَتة من قنوات كأساليب تستخدـ ُب غسيل األمواؿ غَت النظيفة‪ ،‬ىدفها األساسي إضفاء الشرعية على أمواؿ‬
‫غسيل أك تبيض األمواؿ إذف ىو استخداـ كسائل مالية مشركعة‬ ‫ىي ُب األصل ذات مصدر غَت مشركع‪ 3‬ؼ‬
‫فهو إذف‬ ‫لتغطية التعامالت اؼبالية اؼبمنوعة أك غَت النظامية لتضليل السلطات الرظبية كشرعنة األمواؿ الفاسدة‬
‫جريبة اقتصادية هتدؼ إٔب إضفاء شرعية قانونية على أمواؿ ؿبرمة (ـبدرات ‪،‬ذبارة السالح ‪،‬اختالسات ‪،‬رشاكم‬
‫‪ )...،‬لغرض حيازهتا أك التصرؼ فيها أك إدارهتا أك حفظها أك إستبداؽبا أك إيداعها أك إستثمارىا أك ربويلها أك‬
‫نقلها أك التالعب ُب قيمتها‬

‫‪ ‬االبتزاز‪ :‬أم اغبصوؿ على أمواؿ من طرؼ معُت ُب اجملتمع مقابل تنفيذ مصاّب مرتبطة بوظيفة الشخص‬

‫اؼبتصف بالفساد‪.‬‬

‫‪ ‬اختالس المال العام ‪ :‬كيقصد بو" استيالء العاملُت أك اؼبوظفُت ُب مكاف ما على ما بأيديهم من أمواؿ‬

‫‪1‬عمر القاضي‪ ،‬الفساد اإلدارم ك إمكانيات اإلصالح االقتصادم‪ ،‬ص‪، 6- 5‬تاريخ التصفح ‪www.transparency-kwait.org/index.php2012/5/2‬‬

‫‪2‬‬
‫ابتهاؿ ؿبمد رضا داكد‪ ،)2016(،‬الفساد اإلدارم كآثاره السياسية كاإلقتصادية مع إشارة خاصة أب ذبربة العراؽ ُب الفساد‪ ،‬ؾبلة دراسات دكلية‪ ،‬العدد ‪ ، 48‬بغداد ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫ابتهاؿ ؿبمد رضا داكد‪،)2016(،‬مرجع سابق‬

‫‪17‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫نقدية ككبوىا بدكف سند شرعي"‪1‬ىو نوع خاص من السرقة إذ يتمثل ُب االستيالء على اؼباؿ العاـ من قبل من‬
‫أككل إليو أمر إدارتو أك جبايتو اك صيانتو‪.‬‬

‫‪ ‬نهب المال العام‪ :‬أم اغبصوؿ على أمواؿ الدكلة كالتصرؼ هبا من غَت كجو حق بشكل سرم ربت‬

‫مسميات ـبتلفة‪.2‬‬

‫‪ ‬تبديـد المال الـعـام ‪ :‬كتتحقق ىذه اعبريبة عند قياـ اؼبؤسبن على اؼباؿ بإخراجو من حيازتو باستهالكو أك‬

‫التصرؼ فيو تصرؼ اؼبالك كأف يبيعو أك يرىنو أك يقدمو ىبة أك ىدية للغَت ‪ ، 3‬كما يُعترب من قبيل تبديد اؼباؿ‬
‫العاـ استخدامو من قبل اؼبسؤكؿ اإلدارم ُب أكجو غَت تلك اليت رصد ؽبا ُب األساس ‪.‬‬

‫صك أك ـبطوط ِّك‬


‫يشكل مستندان‬ ‫‪ ‬التزوير ىو ‪ :‬ىو ربريف ّم‬
‫متعمد للحقيقة ُب الوقائع كالبيانات اليت يثبتها ٌّك‬

‫عمدا بوثيقة مكتوبة هبدؼ الغش‪ ،‬أك‬


‫بدافع إحداث ضرر مادم أك معنوم أك اجتماعي ‪ .‬أك ىو العبث ن‬
‫االحتياؿ‪ ( .‬التوقيع بطريقة احتيالية‪ ،‬ربت اسم شخص آخر إما على شيك‪ ،‬أك على كصية‪ ،‬أك عقد‪ ،‬أك‬
‫أكراؽ اؽبوية كالشهادات العلمية كغَتىا‪ ،‬تزكير التواريخ قصد التالعب ‪،‬تزكير اؼبعلومات ُب الوثائق‪،‬تزكير‬
‫الشهادات ‪)...‬‬

‫‪ ‬التزييف ‪ :‬ىو النسخ اؼبطابق لألصل من مصدر غَت شرعي هبدؼ الغش أك ىو التقليد كتقدًن اؼبقلد‬
‫على أنو األصل بغية تغيَت القرارات لصاّب اؼبزكر أك بغرض الًتبح اؼبباشر‪ (.‬تزييف العملة ‪،‬تزييف اؼباركات‬
‫كالعالمات التجارية كتقليد البضائع حيث أف اؼبننتجات اؼبزيّمفة تكوف عادة أدىن مستول من اؼبنتجات‬
‫األصلية‪،‬تزييف أك تزكير أختاـ الدكلة كالدمغات كالطوابع ‪...‬‬
‫على أساس ما تقدـ لبلص إٔب أف التزكير يعٍت التغيَت ُب احملتول كالتالعب بو أما التزييف فهو النسخ اؼبطابق‬
‫لألصل‬
‫‪ ‬التهرب الضريبي ‪ :‬التهرب الضرييب ىو عبارة عن صبيع اؼبخالفات القانونية اليت تعٍت عدـ االمتثاؿ‬
‫للتشريع أك استعماؿ الفجوات القانونية لصاّب التملص من دفع الضريبة جبميع الوسائل كاألشكاؿ سواء تعلق‬
‫األمر باغبركات اؼبادية كالعمليات احملاسبية سواء بالكل أك باعبزء اؼببلغ الواجب الدفع ػبزينة الدكلة الذم تستعملو‬
‫‪1‬‬
‫حسن شحاتو‪ ،)1999(،‬حرمة اؼباؿ العاـ ُب الشريعة السلمية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬القاىرة‪،‬ص‪36‬‬

‫‪2‬‬
‫أضبد أبو دية‪ ،)2004(،‬الفساد‪ :‬أسبابو كطرؽ مكافحتو‪ ،‬منشورات االئتالؼ من أجل النزاىة كاؼبساءلة ‪،‬نشر أماف ‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪ 3‬أحسن بوسقيعة‪ )2006(،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬ط ‪ ،3‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪18‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫من اجل تغطية نفقاهتا االجتماعية كذلك هبدؼ الوصوؿ باجملتمع كاالقتصاد الوطٍت إٔب التنمية االقتصادية ‪،‬كهبذا‬
‫فإف التهرب قد يتم بطريقتُت ‪:‬‬
‫**** مشركعة‪ :‬باللجوء إٔب ثغرة موجودة ُب النصوص التشريعية القانونية اػباصة بالضريبة أم أنو ال يوجد ـبالفة‬
‫للنصوص القانونية)‬

‫***أكغَت مشركعة‪ :‬ىو هترب مقصود من طرؼ اؼبكلفُت كذلك عن طريق ـبالفتهم عمدا ألحكاـ القانوف اعببائي‬
‫قصدا منهم عدـ دفع الضرائب اؼبستحقة عليهم إما باالمتناع عن تقدًن أم تصريح بأرباحو‪.‬أك بتقدًن تصريح‬
‫ناقص أك كاذب‪.‬أك إعداد سجالت كقيود مزيفة‪.‬أك االستعانة ببعض القوانُت اليت سبنع الدكائر اؼبالية االطالع على‬
‫حقيقة األرباح إلخفاء قسم منها‬

‫‪ ‬التهرب الجمركي ‪:‬كأبطالو من كبار اؼبسؤكلُت على اعبمارؾ كبعض األعواف‪ ،‬كُب بعض الدكؿ ىناؾ‬
‫شبكات معقدة من األعواف تتيح الفساد اعبمركي‪ ،‬كتضع كثائق البنك العاؼبي مؤسسات اعبمارؾ كإدارة الضرائب‬
‫على رأس دكائر الفساد الكبَت ؼبا ؽبا من انعكاسات على مستول األسعار كمداخيل الدكلة كعلى ربقق اؼبنافسة‬
‫الكاملة ُب السوؽ‪.1‬‬
‫‪ ‬تهريب األموال ‪:‬يقوـ بعض اؼبسؤكلُت اغبكوميُت ذكم السلوؾ الفاسد من اؼبراتب اؼبختلفة بتهريب‬
‫أمواؽبم اليت حصلوا عليهمما بطرؽ غَت قانونية كغَت شرعية إٔب الدكؿ اجملاكرة كاألجنبية الستثمارىا على شكل‬
‫‪2‬‬
‫كدائع ُب بنوؾ تلك الدكؿ لقاء فوائد مرتفعة أك شراء أسهم ُب شركات أجنبية أك شراء عقارات‪ ...‬اْب‬
‫‪ ‬الفساد التجاري ‪:‬كيشمل صبيع االكبرافات اؼبتعلقة بعمليات البيع كالشراء على شاكلة التالعب باألسعار‬

‫أك بالكميات أك جبودة اؼبنتوج‪،‬أك بالفواتَت كالفوترة اؼبزيفة أك اؼبضخمة ‪.‬‬

‫‪ ‬الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومـية ‪ :‬كتعد ىذه اعبرائم من قبيل اعبرائم اؼبتعلقة بالفساد ‪ ،‬كىي‬

‫تأخذ ثالث صور احملاباة‪ ،‬كاستغالؿ نفوذ أعواف اؽبيئات كاؼبؤسسات العمومية للحصوؿ على امتيازات غَت مربرة‪،‬‬
‫كقبض العموالت من الصفقات العموميػة أكالرشوة ُب ؾباؿ الصفقات العمومية ‪.3‬كتعترب الصفقات العمومية فرصة‬
‫أك اؼبقاكؿ‪ ،‬كيستجيب ىذا‬ ‫يغتنمها اؼبوظف الفاسد عبلب الثراء الفاحش عندما يطلب شبنا باىظا من اؼبورد‬

‫‪1‬‬
‫بشَت مصيطفى ‪(،‬جويلية ‪، )2005‬الفساد االقتصادم مدخل إٔب اؼبفهوـ كالتجليات ‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية‪ ،‬العدد‪ ، ،:06‬مركز البصَتة للبحوث كالدراسات االنسانية‪،‬‬
‫الدار اػبلدكنية للنشر كالتوزيع‪،‬ص‪. 14‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اهلل بن حاسن اعبابرم‪ ،)2006(،‬الفساد االقتصادم ‪:‬أنواعو‪ ،‬أسبابو‪ ،‬أثاره‪ ،‬عالجو‪ ،‬اؼبؤسبر اإلسالمي الثالث‪ ،‬اؼبملكة العربية السعودية‪ ،‬جامعة أـ القرل ‪ ،‬ص‪8‬‬

‫‪3‬‬
‫ؿبمد صباؿ مظلوـ‪ ،‬نشوة عبد العظيم‪ ،)2000( ،‬الفساد‪ :‬األسباب كالتداعيات ك طرؽ اؼبعاعبة‪ ،‬كراسات إسًتاتيجية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مركز اػبليج للدراسات اإلسًتاتيجية‪ ،‬لندف ‪ ،‬ص‬

‫‪23‬‬

‫‪19‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫األخَت‪ ،‬كيدفع بسخاء للموظف عمولة مقابل حصولو على فرصة التعاقد مع اإلدارة كتتحوؿ ىذه الفرصة إٔب‬
‫مظهر من مظاىر الفساد الكبَت حُت يقبل اؼبوظف الرشوة‪ ،‬كباؼبقابل فإف الطرؼ اؼبتعاقد مع اإلدارة يتقاصر عن‬
‫أداء اػبدمة أك توريد اؼبواد أك التجهيزات‪ ،‬طبقا ؼبا حصل االتفاؽ عليو ُب دفًت الشركط اؼبعدة سلفا‪ ،‬كطبقا‬
‫ؼبواصفات معينة‪.‬‬

‫‪-2‬أبرز مظاهر الفساد إلاداري‪:‬‬

‫توافقا مع تعريفنا السابق للفساد اإلدارم ‪،‬قبد لو عديد اؼبمارسات (اؼبظاىر) كاليت نذكر أنبها على سبيل‬
‫اؼبثاؿ ال اغبصر فيما يلي‪:1‬‬

‫‪-1‬االنحرافات التنظيمية‪:‬كيقصد هبا تلك اؼبخالفات اليت تصدر عن اؼبوظف ُب أثناء تأديتو ؼبهمات كظيفتو‬
‫كاليت تتعلق أساسا بالعمل ‪:‬‬
‫‪ ‬عدـ مراعاة االنضباط ُب العمل ‪ ( :‬التأخر ُب اغبضور– اػبركج ُب كقت مبكر عن كقت الدكاـ الرظبي –‬
‫النظر إٔب الزمن اؼبتبقي من العمل بدكف النظر إٔب مقدار إنتاجيتو – قراءة اعبرائد كاستقباؿ الزكار – التنقل‬
‫من مكتب إٔب آخر ‪. ) .....‬‬

‫‪ ‬امتناع أك عجز اؼبوظف عن أداء العمل اؼبطلوب منو ‪( :‬رفض اؼبوظف أداء العمل اؼبكلف بو – عدـ القياـ‬
‫بالعمل على الوجو الصحيح – التأخَت ُب أداء العمل ‪.) ....‬‬
‫‪ ‬الًتاخي كالتكاسل ‪ ( :‬الكسل – الرغبة ُب اغبصوؿ على أكرب اجر مقابل أقل جهد ‪)..‬‬
‫‪ ‬عدـ االلتزاـ بأكامر كتعليمات الرؤساء ‪( :‬العدكانية كبو الرئيس – عدـ إطاعة أكامر الرئيس – البحث عن‬
‫اؼبنافذ كاألعذار لعدـ تنفيذ أكامر الرئيس ‪.) .....‬‬
‫‪ ‬السلبية ُب العمل‪ ( :‬الالمباالة – عدـ إبداء الرأم – عدـ اؼبيل إٔب التجديد كالتطوير كاالبتكار – العزكؼ‬
‫عن اؼبشاركة ُب ازباذ القرارات – االنعزالية – عدـ الرغبة ُب التعاكف – عدـ تشجيع العمل اعبماعي –‬
‫ذبنب االتصاؿ باألفراد ‪. ) ......‬‬

‫‪1‬حسُت خلف موسى ‪ )2014 (،‬الفساد االدارل َب اجملتمعات النامية “االسباب – اؼبظاىر – العالج ” مصر مبوذجا‪،‬اؼبركز الديبقراطي العريب ‪ً،‬ب التصفح بتاريخ ‪2020/05/2‬‬

‫من اؼبوقع ‪https://democraticac.de/?p=591‬‬

‫‪20‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ ‬عدـ ربمل اؼبسؤكلية ‪ ( :‬ربويل األكراؽ من مستول إدارم إٔب آخر – التهرب من اإلمضاءات كالتوقيعات‬
‫لعدـ ربمل اؼبسؤكلية ‪. ) .....‬‬
‫‪ ‬إفشاء أسرار العمل‪ :‬خاصة بالنسبة لبعض اؼبناصب اغبساسة اليت تستوجب السرية‬
‫‪ ‬التعتيم كغياب الشفافية‪ :‬أم عدـ تقدًن صورة كاضحة كحقيقية عن كل ما وبدث‪ ،‬دبا يضمن ربقيق الثقة‬
‫كالنزاىة كاؼبوضوعية ُب اإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬إٔب جانب عدـ اإلفصاح السليم كُب الوقت اؼبناسب عن اؼبوضوعات‬
‫اؼبهمة‪ .‬من ٍب عرقلة توصيل آبعلومات سواء كانت ؿباسبية أكإفصاحا ماليا أكغَت مإب‪،‬‬
‫كنستطيع أف قبمل التعتيم ُب أف تكوف اؼبعلومات غَت صحيحة أك غَت كاضحة أك غَت كاملة إٔب كل األطراؼ‬
‫ذات اؼبصلحة‪.‬‬

‫‪-2‬االنحرافات السلوكية‬
‫كيقصد هبا تلك اؼبخالفات اإلدارية اليت يرتكبها اؼبوظف كتتعلق دبسلكو الشخصي كتصرفو‬
‫‪ ‬عدـ احملافظة على كرامة الوظيفة ‪( :‬الكالـ الفاحش كالسوقي‪ ،‬ارتكاب اؼبوظف لفعل ـبل باغبياء ُب‬
‫العمل كاستعماؿ اؼبخدرات أك التورط ُب جرائم أخالقية‪. ) ...،‬‬
‫‪ ‬فبارسة سلطة اؼبنصب بطريقة تعسفية ‪:‬كأف يتجاكز اؼبدير فرض احًتامو إٔب درجة ربويلو إٔب كالء‬
‫لشخصو كمن ٍب اؼبقربُت منو من أعواف كأفراد العائلة‬
‫‪ ‬المحسوبية ‪ :‬أم تنفيذ أعماؿ لصاّب فرد أك جهة ينتمي ؽبا الشخص؛ مثل‪ :‬حزب أك عائلة أك منطقة‪،‬‬
‫دكف أف يكونوا مستحقُت ؽبا‪ ،‬كىي منتشرة ُب الدكؿ العربية بشكل عاـ ‪.‬‬
‫‪ ‬المحاباة‪ :‬أم تفضيل جهة على أخرل ُب اػبدمة‪ ،‬بغَت حق للحصوؿ على مصاّب معيَّنة ‪.‬‬

‫كيعرؼ الفساد القائم على احملاباة كاحملسوبية بالفساد األبوم )‪ (Parochial corruption‬على أساس أف ىذه اآللية‬
‫تنطلق من ركابط القرىب ‪،‬كالوضع الطبقي كالو الءا ت التقليدية الضيقة اليت تكوف ـبرجاهتا تقريب صباعات‬
‫‪F.‬‬ ‫كطبقات كاستبعاد كردبا اضطهاد صباعات كطبقات أخرل على أساس األصوؿ العرقية كاالجتماعية ‪ .1‬كيساند‬
‫‪ Bayard 1992‬ىذه الفكرة حيث يعترب أف اغباجة النفسية ػبدمة األقارب تفوؽ االىتماـ باؼبصلحة العامة اليت‬
‫تبدك بعيدة‪.2‬‬

‫‪ ‬الواسطة ‪:‬أم التدخل لصاّب فرد ما أك صباعة دكف االلتزاـ بأصوؿ العمل كالكفاءة الالزمة؛ مثل‪ :‬تعيُت‬
‫شخص ُب منصب معُت ألسباب تتعلق بالقرابة أك االنتماء رغم كونو غَت كفء ‪.‬‬

‫‪ 1‬الشيخ داكد ‪ .‬عماد صالح عبد الرزاؽ ‪ ، )2003 ( ،‬الفساد كاإلصالح ‪ ،‬دراسة ‪ ،‬ارباد الكتاب العرب ‪،‬دمشق‪،‬ص ‪69‬‬
‫‪2‬‬
‫‪F. Bayard, )1992(, Malversations et corruption dans les finances françaises, Paris.‬‬

‫‪21‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ _ VI‬أبرز الصف ات الممتررك لممتلل مماررات الفساد‪:‬‬

‫رغم اختالؼ الباحثُت حوؿ ربديد مفهوـ موحد للفساد إال أنا قبد ؼبمارسات الفساد صفات عديدة‬
‫‪1‬‬
‫مشًتكة نلخصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬السـريـة ‪ :‬كىي صفة تشًتؾ فيها صبيع أنواع األعماؿ الفاسدة ‪،‬كوف الفاسدين يعوف التجاكزات اليت يقوموف‬
‫هبا كما السرية إال داللة على اػبطأ‪ .‬كتعترب السرية من أبرز خصائص فبارسات الفساد االقتصادم بسبب خرقها‬
‫لتقاليد اجملتمع ‪،‬كذبدر اإلشارة إٔب أف ىذه اػباصية قد تزكؿ ُب بعض اغباالت أين ربل ؿبلها العلنية كيكوف ىذا‬
‫عند استشراء الظاىرة بشكل مسيطر يفرض على اجملتمع التعايش معها بشكل غَت مستهجن ‪.2‬‬

‫‪-2‬جعدد ألاطراف والحىاكض ‪ :‬جدير بالذكر بأف معظم فبارسات الفساد الفساد تندرج ربت نطاؽ ما يسمى‬
‫بالتآمرم ُب داللة كاضحة على تعدد األطراؼ اليت تقوـ بالفعل الفاسد ‪،‬كما أف أشكاؿ الفساد تتسم بالتناقض‬
‫مع اؼبصلحة العامة لصاّب اػباصة‪.‬فعال تزداد صعوبة القياـ باؼبمارسة الفاسدة كلما تشدد اجملتمع كالقانوف ُب‬
‫مالحقتها ما هبعل من الضركرم إشراؾ أكثر من طرؼ غبماية ىذه اؼبمارسة ‪ ،‬كؽبذا عادة ما تتظافر اعبهود للقياـ‬
‫بالفعل الفاسد ‪،‬كذلك بغرض سبريره دكف عقاب ‪،‬كعادة ما ينجر عن ىذا التعاضد سبرير أعماؿ فاسدة ُب النخاع‬
‫بشكل رظبي كقانوين بعد تعاكف اعبهات الرظبية مع اؼبفسدين مقابل منفعة مادية أك معنوية حاضرة أك آجلة‪.‬‬

‫‪ -3‬املـروهة ‪ :‬حيث يتعايش الفساد االقتصادم مع صبيع الظركؼ كُب كل األزمنة كال أدؿ على ذلك من تطويره‬
‫ألشكاؿ رباكي طبيعة كل مكاف ك زماف‪،‬فاؼبمارسات الفاسدة تطور أساليبها لتستوعب كل اؼبتغَتات األصلية‬
‫الثابتة كاؼبستحدثة ما هبعل قياسها أمرا صعبا إف ٓب يكن مستحيال ُب أغلب األحياف‪.‬‬

‫‪ -4‬الحمـىيه ‪ :‬كىو اإلكثار من مراحل الفعل الفاسد بغرض تغطيتو كىو أسلوب تشًتؾ فيو عديد أشكاؿ الفساد‬
‫االقتصادم (تبييض األمواؿ أبرز أشكاؿ الفساد االقتصادم الذم يبتلك ىذه اػباصية)‪،‬كلعل خاصية التمويو ىي‬
‫اليت تعزز ىامش مركنة اؼبمارسات الفاسدة ذلك أنو كُب سياقها يلجأ اؼبفسدكف إٔب ابتداع عديد اؼبمارسات اليت‬
‫من شأهنا أف رباكي طبيعة كل مكاف ك زماف كهبذا تتنامى أشكاؿ الفساد بشكل متصاعد حيث يتعايش الفساد‬
‫االقتصادم مع صبيع الظركؼ كُب كل األزمنة ‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬الفساد االقتصادم ال يستثٍت أم قطاع فهو ينطبق على القطاعات الثالثة اػباص‪ ،‬كالعاـ‪ ،‬كاجملتمع‬
‫اؼبدين‪ .‬كما يغطي كال من اؼبكاسب اؼبالية كغَت اؼبالية‪ .‬كيًتاكح بُت اػبداع‪ ،‬كاألنشطة غَت القانونية كاإلجرامية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نزيو عبد اؼبقصود ؿبمد مربكؾ (‪ ،)2013‬الفساد االقتصادم أساليبو أشكالو كأثاره أليات مكافحتو‪ ،‬دار الفكر اعبامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،‬ص‪22‬‬
‫‪ 2‬عبد اجمليد حرارشة ‪ ،) 2003( ،‬الفساد اإلدارم ‪ ،‬رسالة ماجستَت ُب العلوـ االقتصادية كاإلدارية ‪،‬إشراؼ ‪:‬أ‪.‬د نعيم نصَت جامعة الَتموؾ ‪،‬األردف‪،‬ص ‪41‬‬

‫‪22‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪23‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرثين ‪03‬و ‪ :04‬هطاق الفساد الاكحصادي (أهىاعه ‪،‬ممارساثه‪،‬وخصائصه)‬

‫‪ _ I‬أنواع الفساد اإلقتصادي‪:‬‬


‫توافقا مع االىتماـ ادلتنامي ُب عادلنا الدكرل ادلعاصر بإشكالية الفساد ‪،‬انصبت حولو أحباث غزيرة أفرزت‬
‫كما ىائال من ادلفاىيم (كما أشرنا سابقا) ‪،‬انبثقت منها تصنيفات كثرية تقسم الفساد إذل أنواع سلتلفة كفق عديد‬
‫ادلعايري كفيما يلي كعلى سبيل ادلثاؿ ال احلصر سندرج أكثر ىذه التصانيف تداكال ‪:‬‬
‫‪-1‬ثصنيف الفساد إلاداري وفلا للرأي العام ‪:‬‬

‫حيث يتم التصنيف حسب درجة االتفاؽ بني رؤية النخبة كالعامة لتصرؼ معني على أنو فساد كيستحق‬
‫العقوبة ‪.1‬ىنا صلد تصنيف الفساد باأللواف كفقا لدرجة إدراؾ اجملتمع لو من األبيض إذل األسود ‪.2‬‬

‫***الفساد األبيض ‪ :‬كيعين إف ىناؾ اتفاؽ كبري من قبل اجلمهور كادلوظفني العاملني ُب اجلهاز اإلدارم على‬
‫تقبل كاستحساف العمل اك التصرؼ ادلعين ‪ .‬أم تعاطف الغالبية العظمى مع الظاىرة كبالتارل ال نلمس جهودا بارزة‬
‫دلكافحتو حيث يصبح حالة عادية عادية تتعايش مع اجملتمع‪،‬كحسب ‪ Heidenheimer‬فإف الرشوة البيضاء جنحة‬
‫تقبلها النخب كتتساىل الشعوب بشأهنا ‪،‬كرغم كجود قواعد قانونية جنائية ُب أكثر األحياف فإنو ال ينظر إليها‬
‫بوصفها تعديات على القيم األساسية للمجتمع كبالتارل فإنو ال يتبعها رفض اجتماعي‪.‬مثاؿ ‪:‬قد يعترب فتح كشك‬
‫صغري بدكف رخصة مقبوال إذل حد بعيد ُب بعض اجملتمعات ُب ظل غياب فرص العمل‬

‫***الفساد األسود ‪:‬كيشري إذل اتفاؽ اجلمهور كادلوظفني العاملني ُب اجلهاز اإلدارم على إدانة عمل أك تصرؼ‬
‫شديد اخلطورة مقارنة بسابقق‪،‬حيث غلمع الشعب كالنخبة معا على أنو انتهاؾ‬ ‫‪Heidenheimer‬‬ ‫سيئ يعتربه‬
‫صارخ للمعايري األخالقية كالقانونية كمن ٍب ذبب إدانتو ‪،‬مالحقتو ‪،‬كمعاقبة مقًتفيو ‪.‬‬

‫***الفساد الرمادي ‪:‬كمسي بالفساد الرمادم لعدـ إمكانية احتسابو على أم نوع من النوعني السابقني كيدؿ‬
‫على عدـ اتفاؽ أك إصباع بني النخبة كالعامة على اعتبار شلارسة معينة فاسدة ‪،‬كبالتارل ال غلمعوف على إدانتها‬
‫كمن أمثلة ذلك قضايا التمويل السياسي اليت تعتربىا النخبة من ضركريات احلياة السياسية بينما يفندىا الشعب‪.‬‬

‫‪-2‬ثصنيف الفساد إلاداري وفلا لحجم الحعامالت‪:1‬‬

‫‪ 1‬ىايدهناؽلر ‪ .‬أرنولد ج‪ ، )1996 (،‬معادل الفساد ‪:‬دراسة من منظور مقارف ‪،‬اجمللة الدكلية للعلوـ االجتماعية اليونسكو ‪،‬القاىرة العدد ‪149‬ص‪57‬‬
‫‪2‬‬
‫بيري الكوـ ‪،‬ترصبة سوزاف خليل‪ ، )2003 ( ،‬الفساد ‪،‬عني للدراسات كالبحوث اإلنسانية كاالجتماعية مصر ‪ ،‬الطبعة األكذل ‪،‬ص ‪10‬‬

‫‪13‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫***الفساد الصغير ‪(:‬فساد الدرجات الوظيفية الدنيا) كىو الفساد الذم ؽلارس من فرد كاحد دكف تنسيق مع‬
‫اآلخرين لذا نراه ينتشر بني صغار ادلوظفني عن طريق استالـ رشاكل من اآلخرين ‪.‬‬

‫*** الفساد الكبير ‪( :‬فساد الدرجات الوظيفية العليا من ادلوظفني) كالذم يقوـ بو كبار ادلسؤكلني كادلوظفني‬
‫لتحقيق مصاحل مادية أك اجتماعية كبرية كىو أىم كامشل كاخطر لتكليفو الدكلة مبالغ ضخمة ‪.‬‬

‫‪-3‬ثصنيف الفساد إلاداري وفلا للفئة التي ثحعامل به‪:‬‬

‫***فساد القمة ‪:‬يتعامل بو كبار متخذم القرار ك ادلسؤكلني ُب الدكلة من رؤساء ككزراء كجنراالت كغريىم كؽلتد‬
‫حىت إذل التعامل مع اخلارج‬

‫***فساد الطبقة الوسطى ‪ :‬يتعامل بو متخذك القرار كادلسؤكلوف األدىن درجة من سابقيهم كىم الذين يسريكف‬
‫ادلؤسسات العمومية من مدراء كمندكبني ‪،‬كيتورطوف غالبا مع شلثلي القمة لتمرير فسادىم‪...‬‬

‫***فساد القاعدة ‪ :‬ىو ادلنتشر بني أفراد الطبقة العادية من الشعب كادلوظفني العموميني كيكوف عادة الزبلص من‬
‫البريكقراطية كالركتني اإلدارم‬

‫‪-4‬أشكال الفساد الاكحصادي حسب ألاطراف املشاركة فيه‪:‬‬


‫من ىذا ادلنظور نالحظ أف مفاىيم الفساد تتخذ شكلني أساسيني علا الفساد الذاٌب (الفردم‬
‫‪،‬التلقائي‪،‬العشوائي)كالفساد اجلماعي (التآمرم ‪،‬ادلنظم ‪،‬احملرض)‪.‬‬
‫***الفساد الذاتي ‪ :‬حيث اإلفساد قد ػلدث عن طريق طرؼ كاحد يًتبح كينتفع عن طريق ذباكزات يقوـ هبا‬
‫دبفرده دكف إشراؾ للغري كأمثلة مفاىيم الفساد اليت تقع ُب ىذا السياؽ عديدة كالسرقة ‪،‬االختالس ‪ ،‬اإلعلاؿ ُب‬
‫العمل ك التسيب‪ ،‬االنتفاع دبمتلكات الدكلة دكف كجو حق ‪،‬االعتداء على شلتلكات الغري باالحتياؿ‪ ،...‬كيدرج‬
‫ضمن ىذا السياؽ أيضا األعماؿ اليت ال يتم التحريض عليها بل يقوـ هبا الشخص بنفسو كحلسابو اخلاص كدكف‬
‫ضغط طرؼ آخر ‪-‬كإف كانت أغلب ادلفاىيم تعترب الظركؼ طرؼ ثاف ُب ىذه األعماؿ الفاسدة‪ -‬نظرا لدرجة‬
‫تشتت األعماؿ الفاسدة الفردية فإهنا تعترب عشوائية حيث ال ؼلدـ العمل الفاسد الفردم عمال فاسدا فرديا آخر‬
‫كال يتعاكنوف بل ػلذر بعضهم بعضا ألف أغلب ادلفسدين الذاتيني ال يعرفهم الغري هبذه الصفة كىو ما يصعب من‬
‫مهمتهم ‪ ،‬كلعل ىذا ىو سبب قلة ادلفاىيم اليت تناكلت الفساد من ىذا ادلنظور‪.‬‬

‫***الفساد التآمري ‪:‬كيشارؾ ُب عملية الفساد من ىذا ادلنظور طرفاف أك أكثر ‪،‬كقد صبت أغلب مفاىيم الفساد‬
‫ُب ىذا السياؽ ‪ ،‬كمسي بالتآمرم ألنو اتفاؽ أك مؤامرة بني طرفني أك أكثر لالستيالء على ادلاؿ العاـ أك اإلخالؿ‬

‫ادلؤسسة العربية لضماف االستثمار‪،)1999( ،‬الفساد ‪ ،‬آثاره االقتصادية كاالجتماعية ‪،‬كسبل مكافحتها ‪،‬سلسلة اخلالصات ادلركزة ‪،‬ص ‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪14‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫بالقواعد األخالقية أك القانونية أك االقتصادية ‪ ،1‬ىذا ادلفهوـ للفساد ىو األكثر ركاجا ألنو ببساطة األكثر تواجدا‬
‫ُب اجملتمعات كمرد ذلك إذل اللحمة اليت تنشأ بني أطرافو ك اليت تؤمن ذلم احلماية رلتمعني من األخطار اخلارجية‬
‫على عكس الفساد الفردم ‪ ،‬كذلك ما ؽليز ىذا النوع من الفساد كونو منظم كتقل العشوائية فيو عن سابقو‬
‫كذلك أنو لكي يراعي مصاحل صبيع أطرافو يتكافلوف إلبعاده عن دائرة اخلطر ُب شكل شبكات كذلذا يسمى‬
‫بالفساد ادلنظم كأمثلتو عديدة كاجلرؽلة ادلنظمة ‪ ،‬شبكات ادلافيا ‪،‬شبكات األسلحة ‪ ،‬شبكات العملة ‪ ،‬شبكات‬
‫الرشوة‪،...‬باختصار فمفهوـ الفساد من ىذا ادلنظور ىو عالقة تآمرية بني جهات رمسية كأخرل غري رمسية تعترب‬
‫غطاء ذلا كاليت تسمح خبلق الثقة بني متعامليها لتنظيم ادلعامالت كتطوير العمليات اليت هتدؼ إذل ربالف ُب‬
‫ادلعلومات ك القرارات‪. 2‬‬

‫ذبدر اإلشارة إذل كجود عديد التصنيفات األخرل ‪،‬كفقا دلعايري متعددة ‪،‬على شاكلة التفريق بني الفساد‬
‫احمللي كالفساد األجنيب ‪،‬كالتفريق بني الفساد اإلرادم كالالإرادم (القسرم كالطوعي)‪،‬التفريق بني الفساد ادلنظم‬
‫كالعشوائي‪......‬‬

‫‪ _ II‬الفساد اإلداري والمالي أبرز أوجه الفساد اإلقتصادي‪:‬‬


‫يرتكز االقتصاد كالفساد على حد سواء على عنصرين أساسسني علا ‪:‬العنصر البشرم (جهاز إدارم‬
‫‪+‬متعاملني اقتصاديني كالزبائن كادلوردين كادلستثمرين ‪....‬كالذين يرتبطوف باإلدارة بنسب متفاكتة)كالعنصر ادلارل‬

‫‪ 1‬ضبدم عبد العظيم ‪، ) 2008 ( ،‬عودلة الفساد كفساد العودلة‪ ،‬الدار اجلامعية اإلسكندرية ‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪43‬‬

‫‪2 Nicolas Hayoz ,) 1993( , Corruption et politique dans la société moderne , Cahiers du Centre‬‬
‫‪Interdisciplinaire d’Etique et des Droits de l’Homme.‬‬

‫‪15‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫كادلادم(أمواؿ ‪،‬امتيازات ‪،‬ىدايا ‪ )....‬كىذا ما غلعل الفساد االقتصادم ينشطر إذل شقني أساسيني علا الفساد‬
‫اإلدارم كالفساد ادلارل اللذاف سنحاكؿ الفصل بني مفهوميهما فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬الفساد املالي ‪:‬‬

‫**الفساد ادلارل ىو ذلك السلوؾ ادلناُب للقوانني كاألخالؽ كالقائم على اإلخالؿ بادلصاحل كالواجبات العامة من‬
‫خالؿ استغالؿ ادلاؿ العاـ لتحقيق مصاحل خاصة ‪ .1‬فالفساد ادلارل إذف يتمثل ُب كل ادلخالفات ادلالية كسلالفة‬
‫القواعد ك األحكاـ ادلالية اليت تنظم سري العمل اإلدارم كادلارل ُب الدكلة كمؤسساهتا ‪،‬كسلالفة التعليمات اخلاصة‬
‫بأجهزة الرقابة ادلالية كيشمل ‪:‬صفقات السالح ‪،‬اجلرؽلة ادلنظمة ‪،‬التهرب الضرييب كاجلبائي ‪،‬ىدر ادلاؿ العاـ‪..‬إخل ‪.2‬‬

‫‪-2‬الفساد إلاداري‪:‬‬

‫**الفساد اإلدارم ىو رلموعة األعماؿ ادلخالفة للقوانني كاذلادفة للتأثري بسري اإلدارة العامة أك قراراهتا أك أنشطتها‬
‫هبدؼ االستفادة ادلادية ادلباشرة أك غري ادلباشرة ‪ ،3‬فالفساد اإلداريإذنويتعلق دبظاىر الفساد كاالضلرافات اإلدارية‬
‫كالوظيفية أك التنظيمية كتلك ادلخالفات اليت تصدر عن ادلوظف العاـ إثناء تأديتو دلهاـ كظيفتو ُب منظومة‬
‫التشريعات كالقوانني كالضوابط كمنظومة القيم الفردية اليت ال ترقى لإلصالح كسد الفراغ لتطوير التشريعات‬
‫كالقوانني اليت تغتنم الفرصة لالستفادة من الثغرات بدؿ الضغط على صناع القرار كادلشرعني دلراجعتها كربديثها‬
‫باستمرار‪.‬‬

‫يعترب الفساد اإلدارم كادلارل كاجهة للفساد االقتصادم ‪،‬حيث أف جل األحباث التناكلة للفساد ُب شقو‬
‫االقتصادم تركز على اجلانبني اإلدارم كادلارل ‪،‬كزبتزؿ شلارساتو ُب ىذين اجلانبني كما سنوضح ُب اجلزئية ادلوالية‪.‬‬

‫‪ _III‬أبرز مارراا ( ظاهر)الفساد اإلداري والمالي‪:‬‬


‫‪-1‬أبرز مظاهر الفساد املالي ‪:‬‬

‫توافقا مع تعريفنا السابق للفساد ادلارل ‪،‬صلد لو عديد ادلمارسات (ادلظاىر) كاليت نذكر أعلها على سبيل‬
‫ادلثاؿ ال احلصر فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬الرشوة ‪:‬كتعين حصوؿ الشخص على منفعة تكوف مالية ُب الغالب لتمرير أك تنفيذ أعماؿ خالؼ‬

‫‪ 1‬ىاشم الشمرم(‪، )2011‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪37‬‬


‫‪ 2‬ىاشم الشمرم(‪، )2011‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪21‬‬
‫‪ 3‬سليماف بن زلمد اجلريش ‪، )2003 (،‬الفساد اإلدارم كجرائم استعماؿ السلطة الوظيفية ‪،‬الرياض ‪،‬ص ‪113‬‬

‫‪16‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫التشريع أك أصوؿ مهنية‪ ، 1‬كىي أيضا سبثل كل نفع ػلصل عليو مسبقا موظفا نتيجة تنفيذه عمال غري قانوين‬
‫لصاحل الراشي‪ ،‬أك حىت اإلمتناع عن تنفيذ عمل بهدف إلحاق ضرر بطرؼ معني‪ ،‬على أف يتوذل ادلستفيذ من‬
‫عدـ تنفيذ ىذا العمل دفع رشوة ‪.‬‬
‫كيتطلب ربقيق الرشوة تفاعل بني طرفني ( الراشي كادلرتشي)‪ ،‬الطرؼ األكؿ ؽلثل جانب العرض كيتعلق بأكلئك‬
‫الساعني دكما للحصوؿ على مزايا أك مصاحل أك مكافئات أك مكاسب كالطرؼ الثاين ؽلثل جانب الطلب كىم‬
‫أصحاب ادلراكز كالنفوذ كالسلطة الذين يقدموف ميزة أك أفضلية أك يسهلوف احلصوؿ على مكاسب شخصية‪.‬‬
‫كىناؾ من يذىب إذل التفريق بني الرشوة ادلوجبة(ادليسرة)كاليت تسهم ُب االلتفاؼ على األنظمة كالقوانني غري‬
‫الفعالة كالركتينية كبطرائق منتظمة من جهة كإضفاء الشرعية على سلوؾ دافعي الرشوة الراغبني ُب احلصوؿ على‬
‫صفقات كامتيازات معينة من جهة أخرل‪ ،‬كقد يكوف أحيانا الغرض من تلك الرشوة كضع العراقيل أماـ ادلستوردين‬
‫ادلنافسني ُب احمللي‪ ،‬لذلك فستفعل الرشوة فعلها كآلية العرض كالطلب‪ ،‬إال أنو بادلقابل قد تؤدم الرشوة إذل تدين‬
‫ُب مستول النوعية ُب اخلدمة أيا كاف نوعها أك زبفيض ُب التكاليف ُب العقود كالصفقات أك الصفقات من أجل‬
‫ربمل مبلغ الرشوة األعلى‪. 2‬‬
‫‪ ‬النصب واإلحتيال ‪:‬ىو جرؽلة إقتصادية تتضمن نوعا من الغش يعمل على تزييف احلقائق كادلعلومات‬
‫لتحقيق منافع خاصة كقد تتم عمليات اإلحتياؿ بوساطة مسؤكلني أك موظفي حكومة‪ ،‬اك سياسيني نافذين‪.3‬‬
‫‪ ‬غسيل األموال ‪:‬تعد من اجلرائم االقتصادية احلديثة اليت ‪،‬ترتبط بالفساد كاجلرؽلة ادلنظمة‪ ،‬ال سيما منها‬
‫ادلخدرات‪ ،‬كالفساد السياسي‪ ،‬الرشوة‪ ،‬كالتهريب‪ ،‬حيث ترتبط ىذه اجلرؽلة بالبنوؾ كادلؤسسات ادلالية دلا توفره ىذه‬
‫األخرية من قنوات كأساليب تستخدـ ُب غسيل األمواؿ غري النظيفة‪ ،‬ىدفها األساسي إضفاء الشرعية على أمواؿ‬
‫غسيل أك تبيض األمواؿ إذف ىو استخداـ كسائل مالية مشركعة‬ ‫ىي ُب األصل ذات مصدر غري مشركع‪ 4‬ؼ‬
‫فهو إذف‬ ‫لتغطية التعامالت ادلالية ادلمنوعة أك غري النظامية لتضليل السلطات الرمسية كشرعنة األمواؿ الفاسدة‬
‫جرؽلة اقتصادية هتدؼ إذل إضفاء شرعية قانونية على أمواؿ زلرمة (سلدرات ‪،‬ذبارة السالح ‪،‬اختالسات ‪،‬رشاكم‬
‫‪ )...،‬لغرض حيازهتا أك التصرؼ فيها أك إدارهتا أك حفظها أك إستبداذلا أك إيداعها أك إستثمارىا أك ربويلها أك‬
‫نقلها أك التالعب ُب قيمتها‬

‫‪ ‬االبتزاز‪ :‬أم احلصوؿ على أمواؿ من طرؼ معني ُب اجملتمع مقابل تنفيذ مصاحل مرتبطة بوظيفة الشخص‬

‫ادلتصف بالفساد‪.‬‬

‫‪ 1‬حناف سادل‪ ،)2003(،‬ثقافة الفساد ُب مصر‪ ،‬دار احملركسة للنشر كالتوزيع‪ ،‬مصر ‪ ،‬ص‪143‬‬
‫‪2‬عمر القاضي‪ ،‬الفساد اإلدارم ك إمكانيات اإلصالح االقتصادم‪ ،‬ص‪، 6- 5‬تاريخ التصفح ‪www.transparency-kwait.org/index.php2012/5/2‬‬

‫‪3‬‬
‫ابتهاؿ زلمد رضا داكد‪ ،)2016(،‬الفساد اإلدارم كآثاره السياسية كاإلقتصادية مع إشارة خاصة اذل ذبربة العراؽ ُب الفساد‪ ،‬رللة دراسات دكلية‪ ،‬العدد ‪ ، 48‬بغداد ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ابتهاؿ زلمد رضا داكد‪،)2016(،‬مرجع سابق‬

‫‪17‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ ‬اختالس المال العام ‪ :‬كيقصد بو" استيالء العاملني أك ادلوظفني ُب مكاف ما على ما بأيديهم من أمواؿ‬

‫نقدية كضلوىا بدكف سند شرعي"‪1‬ىو نوع خاص من السرقة إذ يتمثل ُب االستيالء على ادلاؿ العاـ من قبل من‬
‫أككل إليو أمر إدارتو أك جبايتو اك صيانتو‪.‬‬

‫‪ ‬نهب المال العام‪ :‬أم احلصوؿ على أمواؿ الدكلة كالتصرؼ هبا من غري كجو حق بشكل سرم ربت‬

‫مسميات سلتلفة‪.2‬‬

‫‪ ‬تبديـد المال الـعـام ‪ :‬كتتحقق ىذه اجلرؽلة عند قياـ ادلؤسبن على ادلاؿ بإخراجو من حيازتو باستهالكو أك‬

‫التصرؼ فيو تصرؼ ادلالك كأف يبيعو أك يرىنو أك يقدمو ىبة أك ىدية للغري ‪ ، 3‬كما يُعترب من قبيل تبديد ادلاؿ‬
‫العاـ استخدامو من قبل ادلسؤكؿ اإلدارم ُب أكجو غري تلك اليت رصد ذلا ُب األساس ‪.‬‬

‫صك أك سلطوط ِّك‬


‫يشكل مستندان‬ ‫‪ ‬التزوير ىو ‪ :‬ىو ربريف ّم‬
‫متعمد للحقيقة ُب الوقائع كالبيانات اليت يثبتها ٌّك‬

‫عمدا بوثيقة مكتوبة هبدؼ الغش‪ ،‬أك‬


‫بدافع إحداث ضرر مادم أك معنوم أك اجتماعي ‪ .‬أك ىو العبث ن‬
‫االحتياؿ‪ ( .‬التوقيع بطريقة احتيالية‪ ،‬ربت اسم شخص آخر إما على شيك‪ ،‬أك على كصية‪ ،‬أك عقد‪ ،‬أك‬
‫أكراؽ اذلوية كالشهادات العلمية كغريىا‪ ،‬تزكير التواريخ قصد التالعب ‪،‬تزكير ادلعلومات ُب الوثائق‪،‬تزكير‬
‫الشهادات ‪)...‬‬

‫‪ ‬التزييف ‪ :‬ىو النسخ ادلطابق لألصل من مصدر غري شرعي هبدؼ الغش أك ىو التقليد كتقدًن ادلقلد‬
‫على أنو األصل بغية تغيري القرارات لصاحل ادلزكر أك بغرض الًتبح ادلباشر‪ (.‬تزييف العملة ‪،‬تزييف ادلاركات‬
‫كالعالمات التجارية كتقليد البضائع حيث أف ادلننتجات ادلزيّمفة تكوف عادة أدىن مستول من ادلنتجات‬
‫األصلية‪،‬تزييف أك تزكير أختاـ الدكلة كالدمغات كالطوابع ‪...‬‬
‫على أساس ما تقدـ طللص إذل أف التزكير يعين التغيري ُب احملتول كالتالعب بو أما التزييف فهو النسخ ادلطابق‬
‫لألصل‬
‫‪1‬‬
‫حسن شحاتو‪ ،)1999(،‬حرمة ادلاؿ العاـ ُب الشريعة السلمية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬القاىرة‪،‬ص‪36‬‬

‫‪2‬‬
‫أضبد أبو دية‪ ،)2004(،‬الفساد‪ :‬أسبابو كطرؽ مكافحتو‪ ،‬منشورات االئتالؼ من أجل النزاىة كادلساءلة ‪،‬نشر أماف ‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫‪ 3‬أحسن بوسقيعة‪ )2006(،‬الوجيز في القانون الجزائي الخاص‪ ،‬ط ‪ ،3‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪.27‬‬

‫‪18‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ ‬التهرب الضريبي ‪ :‬التهرب الضرييب ىو عبارة عن صبيع ادلخالفات القانونية اليت تعين عدـ االمتثاؿ‬
‫للتشريع أك استعماؿ الفجوات القانونية لصاحل التملص من دفع الضريبة جبميع الوسائل كاألشكاؿ سواء تعلق‬
‫األمر باحلركات ادلادية كالعمليات احملاسبية سواء بالكل أك باجلزء ادلبلغ الواجب الدفع خلزينة الدكلة الذم تستعملو‬
‫من اجل تغطية نفقاهتا االجتماعية كذلك هبدؼ الوصوؿ باجملتمع كاالقتصاد الوطين إذل التنمية االقتصادية ‪،‬كهبذا‬
‫فإف التهرب قد يتم بطريقتني ‪:‬‬
‫**** مشركعة‪ :‬باللجوء إذل ثغرة موجودة ُب النصوص التشريعية القانونية اخلاصة بالضريبة أم أنو ال يوجد سلالفة‬
‫للنصوص القانونية)‬

‫***أكغري مشركعة‪ :‬ىو هترب مقصود من طرؼ ادلكلفني كذلك عن طريق سلالفتهم عمدا ألحكاـ القانوف اجلبائي‬
‫قصدا منهم عدـ دفع الضرائب ادلستحقة عليهم إما باالمتناع عن تقدًن أم تصريح بأرباحو‪.‬أك بتقدًن تصريح‬
‫ناقص أك كاذب‪.‬أك إعداد سجالت كقيود مزيفة‪.‬أك االستعانة ببعض القوانني اليت سبنع الدكائر ادلالية االطالع على‬
‫حقيقة األرباح إلخفاء قسم منها‬

‫‪ ‬التهرب الجمركي ‪:‬كأبطالو من كبار ادلسؤكلني على اجلمارؾ كبعض األعواف‪ ،‬كُب بعض الدكؿ ىناؾ‬
‫شبكات معقدة من األعواف تتيح الفساد اجلمركي‪ ،‬كتضع كثائق البنك العادلي مؤسسات اجلمارؾ كإدارة الضرائب‬
‫على رأس دكائر الفساد الكبري دلا ذلا من انعكاسات على مستول األسعار كمداخيل الدكلة كعلى ربقق ادلنافسة‬
‫الكاملة ُب السوؽ‪.1‬‬
‫‪ ‬تهريب األموال ‪:‬يقوـ بعض ادلسؤكلني احلكوميني ذكم السلوؾ الفاسد من ادلراتب ادلختلفة بتهريب‬
‫أمواذلم اليت حصلوا عليهمما بطرؽ غري قانونية كغري شرعية إذل الدكؿ اجملاكرة كاألجنبية الستثمارىا على شكل‬
‫‪2‬‬
‫كدائع ُب بنوؾ تلك الدكؿ لقاء فوائد مرتفعة أك شراء أسهم ُب شركات أجنبية أك شراء عقارات‪ ...‬اخل‬
‫‪ ‬الفساد التجاري ‪:‬كيشمل صبيع االضلرافات ادلتعلقة بعمليات البيع كالشراء على شاكلة التالعب باألسعار‬

‫أك بالكميات أك جبودة ادلنتوج‪،‬أك بالفواتري كالفوترة ادلزيفة أك ادلضخمة ‪.‬‬

‫‪ ‬الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومـية ‪ :‬كتعد ىذه اجلرائم من قبيل اجلرائم ادلتعلقة بالفساد ‪ ،‬كىي‬

‫تأخذ ثالث صور احملاباة‪ ،‬كاستغالؿ نفوذ أعواف اذليئات كادلؤسسات العمومية للحصوؿ على امتيازات غري مربرة‪،‬‬
‫كقبض العموالت من الصفقات العموميػة أكالرشوة ُب رلاؿ الصفقات العمومية ‪.1‬كتعترب الصفقات العمومية فرصة‬

‫‪1‬‬
‫بشري مصيطفى ‪(،‬جويلية ‪، )2005‬الفساد االقتصادم مدخل إذل ادلفهوـ كالتجليات ‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية‪ ،‬العدد‪ ، ،:06‬مركز البصرية للبحوث كالدراسات االنسانية‪،‬‬
‫الدار اخللدكنية للنشر كالتوزيع‪،‬ص‪. 14‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اهلل بن حاسن اجلابرم‪ ،)2006(،‬الفساد االقتصادم ‪:‬أنواعو‪ ،‬أسبابو‪ ،‬أثاره‪ ،‬عالجو‪ ،‬ادلؤسبر اإلسالمي الثالث‪ ،‬ادلملكة العربية السعودية‪ ،‬جامعة أـ القرل ‪ ،‬ص‪8‬‬

‫‪19‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫أك ادلقاكؿ‪ ،‬كيستجيب ىذا‬ ‫يغتنمها ادلوظف الفاسد جللب الثراء الفاحش عندما يطلب شبنا باىظا من ادلورد‬
‫األخري‪ ،‬كيدفع بسخاء للموظف عمولة مقابل حصولو على فرصة التعاقد مع اإلدارة كتتحوؿ ىذه الفرصة إذل‬
‫مظهر من مظاىر الفساد الكبري حني يقبل ادلوظف الرشوة‪ ،‬كبادلقابل فإف الطرؼ ادلتعاقد مع اإلدارة يتقاصر عن‬
‫أداء اخلدمة أك توريد ادلواد أك التجهيزات‪ ،‬طبقا دلا حصل االتفاؽ عليو ُب دفًت الشركط ادلعدة سلفا‪ ،‬كطبقا‬
‫دلواصفات معينة‪.‬‬

‫‪-2‬أبرز مظاهر الفساد إلاداري‪:‬‬

‫توافقا مع تعريفنا السابق للفساد اإلدارم ‪،‬صلد لو عديد ادلمارسات (ادلظاىر) كاليت نذكر أعلها على سبيل‬
‫ادلثاؿ ال احلصر فيما يلي‪:2‬‬

‫‪-1‬االنحرافات التنظيمية‪:‬كيقصد هبا تلك ادلخالفات اليت تصدر عن ادلوظف ُب أثناء تأديتو دلهمات كظيفتو‬
‫كاليت تتعلق أساسا بالعمل ‪:‬‬
‫‪ ‬عدـ مراعاة االنضباط ُب العمل ‪ ( :‬التأخر ُب احلضور– اخلركج ُب كقت مبكر عن كقت الدكاـ الرمسي –‬
‫النظر إذل الزمن ادلتبقي من العمل بدكف النظر إذل مقدار إنتاجيتو – قراءة اجلرائد كاستقباؿ الزكار – التنقل‬
‫من مكتب إذل آخر ‪. ) .....‬‬

‫‪ ‬امتناع أك عجز ادلوظف عن أداء العمل ادلطلوب منو ‪( :‬رفض ادلوظف أداء العمل ادلكلف بو – عدـ القياـ‬
‫بالعمل على الوجو الصحيح – التأخري ُب أداء العمل ‪.) ....‬‬
‫‪ ‬الًتاخي كالتكاسل ‪ ( :‬الكسل – الرغبة ُب احلصوؿ على أكرب اجر مقابل أقل جهد ‪)..‬‬
‫‪ ‬عدـ االلتزاـ بأكامر كتعليمات الرؤساء ‪( :‬العدكانية ضلو الرئيس – عدـ إطاعة أكامر الرئيس – البحث عن‬
‫ادلنافذ كاألعذار لعدـ تنفيذ أكامر الرئيس ‪.) .....‬‬

‫‪1‬‬
‫زلمد صباؿ مظلوـ‪ ،‬نشوة عبد العظيم‪ ،)2000( ،‬الفساد‪ :‬األسباب كالتداعيات ك طرؽ ادلعاجلة‪ ،‬كراسات إسًتاتيجية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مركز اخلليج للدراسات اإلسًتاتيجية‪ ،‬لندف ‪ ،‬ص‬

‫‪23‬‬

‫‪2‬حسني خلف موسى ‪ )2014 (،‬الفساد االدارل َب اجملتمعات النامية “االسباب – ادلظاىر – العالج ” مصر ظلوذجا‪،‬ادلركز الدؽلقراطي العريب ‪ً،‬ب التصفح بتاريخ ‪2020/05/2‬‬

‫من ادلوقع ‪https://democraticac.de/?p=591‬‬

‫‪20‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ ‬السلبية ُب العمل‪ ( :‬الالمباالة – عدـ إبداء الرأم – عدـ ادليل إذل التجديد كالتطوير كاالبتكار – العزكؼ‬
‫عن ادلشاركة ُب ازباذ القرارات – االنعزالية – عدـ الرغبة ُب التعاكف – عدـ تشجيع العمل اجلماعي –‬
‫ذبنب االتصاؿ باألفراد ‪. ) ......‬‬
‫‪ ‬عدـ ربمل ادلسؤكلية ‪ ( :‬ربويل األكراؽ من مستول إدارم إذل آخر – التهرب من اإلمضاءات كالتوقيعات‬
‫لعدـ ربمل ادلسؤكلية ‪. ) .....‬‬
‫‪ ‬إفشاء أسرار العمل‪ :‬خاصة بالنسبة لبعض ادلناصب احلساسة اليت تستوجب السرية‬
‫‪ ‬التعتيم كغياب الشفافية‪ :‬أم عدـ تقدًن صورة كاضحة كحقيقية عن كل ما ػلدث‪ ،‬دبا يضمن ربقيق الثقة‬
‫كالنزاىة كادلوضوعية ُب اإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬إذل جانب عدـ اإلفصاح السليم كُب الوقت ادلناسب عن ادلوضوعات‬
‫ادلهمة‪ .‬من ٍب عرقلة توصيل ادلعلومات سواء كانت زلاسبية أكإفصاحا ماليا أكغري مارل‪،‬‬
‫كنستطيع أف صلمل التعتيم ُب أف تكوف ادلعلومات غري صحيحة أك غري كاضحة أك غري كاملة إذل كل األطراؼ‬
‫ذات ادلصلحة‪.‬‬

‫‪-2‬االنحرافات السلوكية‬
‫كيقصد هبا تلك ادلخالفات اإلدارية اليت يرتكبها ادلوظف كتتعلق دبسلكو الشخصي كتصرفو‬
‫‪ ‬عدـ احملافظة على كرامة الوظيفة ‪( :‬الكالـ الفاحش كالسوقي‪ ،‬ارتكاب ادلوظف لفعل سلل باحلياء ُب‬
‫العمل كاستعماؿ ادلخدرات أك التورط ُب جرائم أخالقية‪. ) ...،‬‬
‫‪ ‬شلارسة سلطة ادلنصب بطريقة تعسفية ‪:‬كأف يتجاكز ادلدير فرض احًتامو إذل درجة ربويلو إذل كالء‬
‫لشخصو كمن ٍب ادلقربني منو من أعواف كأفراد العائلة‬
‫‪ ‬المحسوبية ‪ :‬أم تنفيذ أعماؿ لصاحل فرد أك جهة ينتمي ذلا الشخص؛ مثل‪ :‬حزب أك عائلة أك منطقة‪،‬‬
‫دكف أف يكونوا مستحقني ذلا‪ ،‬كىي منتشرة ُب الدكؿ العربية بشكل عاـ ‪.‬‬
‫‪ ‬المحاباة‪ :‬أم تفضيل جهة على أخرل ُب اخلدمة‪ ،‬بغري حق للحصوؿ على مصاحل معيَّنة ‪.‬‬

‫كيعرؼ الفساد القائم على احملاباة كاحملسوبية بالفساد األبوم )‪ (Parochial corruption‬على أساس أف ىذه اآللية‬
‫ت التقليدية الضيقة اليت تكوف سلرجاهتا تقريب صباعات‬ ‫تنطلق من ركابط القرىب ‪،‬كالوضع الطبقي كالو الءا‬
‫‪F.‬‬ ‫كطبقات كاستبعاد كردبا اضطهاد صباعات كطبقات أخرل على أساس األصوؿ العرقية كاالجتماعية ‪ .1‬كيساند‬

‫‪ 1‬الشيخ داكد ‪ .‬عماد صالح عبد الرزاؽ ‪ ، )2003 ( ،‬الفساد كاإلصالح ‪ ،‬دراسة ‪ ،‬ارباد الكتاب العرب ‪،‬دمشق‪،‬ص ‪69‬‬

‫‪21‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ Bayard 1992‬ىذه الفكرة حيث يعترب أف احلاجة النفسية خلدمة األقارب تفوؽ االىتماـ بادلصلحة العامة اليت‬
‫تبدك بعيدة‪.1‬‬

‫‪ ‬الواسطة ‪:‬أم التدخل لصاحل فرد ما أك صباعة دكف االلتزاـ بأصوؿ العمل كالكفاءة الالزمة؛ مثل‪ :‬تعيني‬
‫شخص ُب منصب معني ألسباب تتعلق بالقرابة أك االنتماء رغم كونو غري كفء ‪.‬‬

‫‪ _ VI‬أبرز الصففاا الممتررك لممتتل مارراا الفساد‪:‬‬

‫رغم اختالؼ الباحثني حوؿ ربديد مفهوـ موحد للفساد إال أنا صلد دلمارسات الفساد صفات عديدة‬
‫‪2‬‬
‫مشًتكة نلخصها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬السـريـة ‪:‬‬

‫كىي صفة تشًتؾ فيها صبيع أنواع األعماؿ الفاسدة ‪،‬كوف الفاسدين يعوف التجاكزات اليت يقوموف هبا‬
‫كما السرية إال داللة على اخلطأ‪ .‬كتعترب السرية من أبرز خصائص شلارسات الفساد االقتصادم بسبب خرقها‬
‫لتقاليد اجملتمع ‪،‬كذبدر اإلشارة إذل أف ىذه اخلاصية قد تزكؿ ُب بعض احلاالت أين ربل زللها العلنية كيكوف‬
‫ىذا عند استشراء الظاىرة بشكل مسيطر يفرض على اجملتمع التعايش معها بشكل غري مستهجن ‪.3‬‬

‫‪-2‬جعدد ألاطراف والحناكض ‪:‬‬

‫جدير بالذكر بأف معظم شلارسات الفساد الفساد تندرج ربت نطاؽ ما يسمى بالتآمرم ُب داللة‬
‫كاضحة على تعدد األطراؼ اليت تقوـ بالفعل الفاسد ‪،‬كما أف أشكاؿ الفساد تتسم بالتناقض مع ادلصلحة العامة‬
‫لصاحل اخلاصة‪.‬فعال تزداد صعوبة القياـ بادلمارسة الفاسدة كلما تشدد اجملتمع كالقانوف ُب مالحقتها ما غلعل من‬
‫الضركرم إشراؾ أكثر من طرؼ حلماية ىذه ادلمارسة ‪ ،‬كذلذا عادة ما تتظافر اجلهود للقياـ بالفعل الفاسد ‪،‬كذلك‬
‫بغرض سبريره دكف عقاب ‪،‬كعادة ما ينجر عن ىذا التعاضد سبرير أعماؿ فاسدة ُب النخاع بشكل رمسي كقانوين‬
‫بعد تعاكف اجلهات الرمسية مع ادلفسدين مقابل منفعة مادية أك معنوية حاضرة أك آجلة‪.‬‬

‫‪ -3‬املـروهة ‪ :‬حيث يتعايش الفساد االقتصادم مع صبيع الظركؼ كُب كل األزمنة كال أدؿ على ذلك من تطويره‬
‫ألشكاؿ رباكي طبيعة كل مكاف ك زماف‪،‬فادلمارسات الفاسدة تطور أساليبها لتستوعب كل ادلتغريات األصلية‬
‫الثابتة كادلستحدثة ما غلعل قياسها أمرا صعبا إف دل يكن مستحيال ُب أغلب األحياف‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪F. Bayard, )1992(, Malversations et corruption dans les finances françaises, Paris.‬‬

‫‪2‬‬
‫نزيو عبد ادلقصود زلمد مربكؾ (‪ ،)2013‬الفساد االقتصادم أساليبو أشكالو كأثاره أليات مكافحتو‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ -‬اإلسكندرية ‪ ،‬ص‪22‬‬
‫‪ 3‬عبد اجمليد حرارشة ‪ ،) 2003( ،‬الفساد اإلدارم ‪ ،‬رسالة ماجستري ُب العلوـ االقتصادية كاإلدارية ‪،‬إشراؼ ‪:‬أ‪.‬د نعيم نصري جامعة الريموؾ ‪،‬األردف‪،‬ص ‪41‬‬

‫‪22‬‬
‫املحور ألاول ‪:‬الفساد الاقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -4‬الحمـىيه ‪:‬‬

‫كىو اإلكثار من مراحل الفعل الفاسد بغرض تغطيتو كىو أسلوب تشًتؾ فيو عديد أشكاؿ الفساد‬
‫االقتصادم (تبييض األمواؿ أبرز أشكاؿ الفساد االقتصادم الذم ؽلتلك ىذه اخلاصية)‪،‬كلعل خاصية التمويو ىي‬
‫اليت تعزز ىامش مركنة ادلمارسات الفاسدة ذلك أنو كُب سياقها يلجأ ادلفسدكف إذل ابتداع عديد ادلمارسات اليت‬
‫من شأهنا أف رباكي طبيعة كل مكاف ك زماف كهبذا تتنامى أشكاؿ الفساد بشكل متصاعد حيث يتعايش الفساد‬
‫االقتصادم مع صبيع الظركؼ كُب كل األزمنة ‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬الفساد االقتصادم ال يستثين أم قطاع فهو ينطبق على القطاعات الثالثة اخلاص‪ ،‬كالعاـ‪ ،‬كاجملتمع‬
‫ادلدين‪ .‬كما يغطي كال من ادلكاسب ادلالية كغري ادلالية‪ .‬كيًتاكح بني اخلداع‪ ،‬كاألنشطة غري القانونية كاإلجرامية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرثين ‪ 05‬و‪ :06‬مدخالت ومخرجات الفساد الاقتصادي (ألاسباب والنتائج)‬

‫‪ -I‬أسباب الفباب البالب اا ارب‪:‬بب‬

‫نظرا لتعدد أسباب الفساد ادلايل واإلداري نقًتح فيما يلي تبويبها إىل ثالث حزم رئيسية ‪: 1‬‬
‫‪-1‬العوامل الشخصية ‪:‬‬
‫**العمر ‪:‬إن حاجات ادلوظف الشاب كثرية وموارده قليلة‪ ،‬ولكونو موظفا جديدا وحديث التعيني قد تكون سببا‬
‫وراء شلارسات إدارية فاسدة‪.‬‬
‫**مدة الخدمة ‪:‬فقد يكون كبار ادلوظفني شلن تكوم مدة خدمتهم طويلة على معرفة تامة بأساليب إخفاء‬
‫ادلمارسات اإلدارية الفاسدة ويساعد ىذا األمر على ارتكاهبا ‪ ،‬وقد يكون ادلوظف حديث اخلدمة أكثر ميال‬
‫دلمارسة حاالت الفساد اإلداري بسبب تأثره السريع بزمالئو يف العمل غري النزيهني ‪.‬‬
‫**المستوى الدراسي ‪:‬إن تأكيد عالقة شلارسات الفساد اإلداري بادلستوى الدراسي والتحصيل العلمي رمبا‬
‫ختتلف باختالف اجملتمعات ‪ ،‬فاجملتمعات اليت يسهما احلصول فيها للفرد على شهادات عليا بأسلوب غري علمي‬
‫وغري مشروع وكذلك احلصول على الوظيفة بطريقة غري قانونية وعادلة يكون أفراد ىذا اجملتمع أكثر ميال دلمارسة‬
‫الفساد اإلداري‪ ،‬عكس اجملتمعات اليت يكون نظامها التعليمي كفؤ وقائم على أسس علمية يكون فيو نظام‬
‫اخلدمة ادلدنية ذو جدية ودقة يف عمليات التوظيف فانو ػلول دون وصول أناس غري كفوئني إىل الوظائف‬
‫احلكومية وبالتايل تقل عمليات الفساد اإلداري‪.‬‬
‫**الجنس ‪:‬عادة الرجال ادلوظفني ؽليلون أكثر دلمارسة حاالت الفساد اإلداري من النساء‪ ،‬بسبب تكوينهم‬
‫النفسي وسرعة تأثرىم مبا ػليط بعم من عاملني‪.‬‬
‫**المهنة والتخصص ‪:‬من ادلتوقع أن تكون حاالت الفساد اإلداري أكثر وضوحا لدى اإلداريني يف الوظائف‬
‫احلكومية أو منظمات األعمال منها يف الوظائف الفنية التخصص‪ ،‬ورمبا يعود إىل شلارسة اإلداريني ألعمال جتعلهم‬
‫على احتكاك مباشر بالناس تدفعهم يف غالب األحيان إىل فتح مواضيع ؽلكن النفاذ منها إىل دفع رشوة او قبول‬
‫وساطات أو غريىا من حاالت الفساد اإلداري‪.‬‬
‫‪-2‬العوامل املؤسسية والتنظيمية‪:‬‬
‫**ثقافة المنظمة ‪:‬إن عدم وجود ثقافة تنظيمية قوية ومتماسكة واغلابية تؤدي إىل التزام عال والتحلي بأخالقيات‬
‫إدارية سامية‪ ،‬قد يكون سببا دلمارسات فاسدة حيث أن اغلب ىذه الثقافة التنظيمية غالبا ما يرافقو شيوع ثقافة‬
‫الفساد يف ادلنظمة أو اإلدارة احلكومية‪.‬‬

‫‪ 1‬طاىر الغاليب وصاحل العامري‪ ،)2010(،‬ادلسؤولية االجتماعية وأخالقيات األعمال‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان ‪ ،‬ص ‪389-385‬‬

‫‪23‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**حجم المنظمة ‪:‬غالبا ما يكون كرب احلجم خصوصا يف اإلدارات العمومية مرتبطا بوجود ترىل إداري وبطالة‬
‫مقنعة وبريوقراطية عالية‪ ،‬وىذه كلها تؤدي بدورىا إىل شلارسات غري قانونية وسلوكيات فساد إداري ال ؽلكن‬
‫السيطرة عليها بسهولة‪.‬‬
‫**ضعف النظام الرقابي ‪:‬حيث غلعل من ادلمارسات الفاسدة روتينا ساريا ؽلر دون مساءلة أو حساب‪،‬‬
‫فمنظمات األعمال واإلدارات العمومية مدعوة إلعادة النظر باستمرار يف نظمها الرقابية وأساليب تقييم األداء‬
‫لديها فقد تطورت ىذه النظم كثريا وأصبحت متاحا للمسؤولني الكثري من األدوات الفاعلة اليت تساعد يف ضبط‬
‫حاالت الفساد اإلداري‪.‬‬
‫**العالقة مع المسؤولين في اإلدارات العليا ‪:‬وىذه قد تكون سببا دلمارسات إدارية فاسدة تنتج عن استغالل‬
‫النفوذ ذلؤالء ادلسؤولني واالحتماء بوم سواء كانت العالقة قرابة أو ارتباط مصاحل أو صداقة ‪.‬‬
‫**طبيعة العمل المؤسسي ‪:‬إن درجة وضوح العمل وأىداف ادلؤسسات ومنظمات األعمال وشفافية عملها لو‬
‫اثر كبري يف تقليل حاالت الفساد اإلداري‪ ،‬أما ادلؤسسات اليت تقتضي طبيعة عملها الكثري من السرية والسرعة‪،‬‬
‫ولديها موارد كثرية بعيدة عن الرقابة الشعبية واإلعالمية فان حاالت الفساد اإلداري تكثر فيها وؽلكن إخفاءىا‬
‫بسهولة كما يتوقع مرتكبوىا‪.‬‬
‫**الهياكل التنظيمية وىياكل السلطة ‪:‬إن عدم وضوح الصالحيات والسلطات وعدم تناسب اذليكل التنظيمي‬
‫مع طبيعة العمل وعدم وجود وصف وظيفي واضح يزيد من احتمال شلارسة الفساد اإلداري يف منظمات من ىذا‬
‫النوع أكثر من غريه‪.‬‬
‫**البطالة المقنعة ‪:‬إن وجود أعداد كبرية من العاملني ال ؽلارسون أعماال فعلية قد يكون سببا وراء تفنن ىؤالء‬
‫ادلوظفني يف طلبات وتعقيد سري ادلعامالت لغرض االبتزاز والرشوة والوساطة وغريىا‪.‬‬
‫**عدم االستقرار الوظيفي ‪:‬إن شعور ادلوظف خاصة يف اإلدارات العليا من أن منصبو ىو فرصة غلب أن‬
‫يستغلها لفًتة زلددة جتعل منو أكثر ميال دلمارسة حاالت فساد إداري لغرض اإلثراء وبناء النفوذ وتوطيد العالقات‬
‫مع اآلخرين على حساب مصلحة ادلنظمة والنزاىة والعدالة‪.‬‬
‫‪-3‬العوامل البيئية ‪:‬‬
‫**عوامل البيئة السياسية ‪:‬يعترب ىذا البعد من أكثر األبعاد دعما للفساد اإلداري يف الدول النامية‪ ،‬فهيمنة‬
‫الساسة الفاسدين على سلتلف نواحي احلياة ىي السبب يف انتشار حاالت الفساد الثقيل‪ ،‬تتمثل أىم مالمح ىذه‬
‫البيئة السياسية الفاسدة يف عدم االستقرار السياسي‪ ،‬وعدم وجود دستور دائم‪ ،‬عسكرة اجملتمع ‪ ،‬سيطرة الدولة‬
‫على وسائل اإلعالم‪ ،‬ضعف منظمات ادلجدتع ادلدين‪.‬‬
‫**عوامل البيئة االقتصادية ‪:‬يشكل االقتصاد مدخال دلمارسة حاالت الفساد اإلداري بأشكالو ادلتنوعة‪،‬‬
‫فالسياسات االقتصادية والنقدية ادلرجتلة للدولة واألزمات االقتصادية يسبب احلروب والكوارث أو سوء التخطيط‬

‫‪24‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫قد تكون مدخال يشجع الفساد‪ ،‬وبصفة عامة ؽلكن اعتبار البطالة واطلفاض األجور وتدىور قيمة العملة وزلدودية‬
‫فرص االستثمار‪ ،‬وعدم فعالية نظم الرقابة االقتصادية وادلالية يف ادلؤسسات من أىم العوامل االقتصادية ادلساعدة‬
‫يف انتشار الفساد اإلداري‪.‬‬
‫**عوامل البيئة االجتماعية ‪:‬فإذا ما كانت العوامل االجتماعية غري ناضجة ومشبوىة فإهنا ستشكل بكل تأكيد‬
‫مدخال واسعا دلمارسات إدارية فاسدة على سلتلف ادلستويات‪ ،‬ومن الضروري اإلشارة ىنا أن العوامل االجتماعية‬
‫قد ال يتم االنتباه ذلا وألثرىا مثل العوامل االقتصادية وذلك بسبب وقوع ادلجدتع حتت تأثري ظاىرة القبول‬
‫االجتماعي ذلذه العوامل‪ ،‬ومن أىم العوامل االجتماعية احملتمل تسببها يف الفساد اإلداري نذكر القيم ادلشوىة‬
‫مع‪ ،‬فقدان احلراك االجتماعي ورتود التفكري والتحجر وعدم قبول‬ ‫السائدة يف ادلجدتع‪ ،‬شيوع ثقافة الفساد يف اجملت‬
‫التغيري‪ ،‬زيادة عدد السكان وشح ادلوارد واستنزافها‪ ،‬التعصب الطائفي والديين‪.‬‬
‫**عوامل البيئة القانونية والتشريعية ‪:‬ؽلكن أن تساىم ىذه البيئة إىل حد كبري يف انتشار حاالت الفساد اإلداري‬
‫إذا كانت تتصف بعدم النزاىة وعدم االستقاللية واخلضوع الكامل للسلطة والسياسية أو التنفيذية يف الدولة‪،‬‬
‫وؽلكن أن نلخص أىم منافذ الفساد اإلداري ضمن أبعاد ىذه البيئة إىل سلتلف القوانني التعسفية‪ ،‬والتغيري ادلستمر‬
‫فيها‪ ،‬الثنائية يف تفسري القوانني‪ ،‬ضعف اجلهاز القضائي‪.‬‬
‫**عوامل البيئة الثقافية ‪:‬ؽلكن أن تكون البيئة الثقافية بعنصرىا وأبعادىا ادلتعددة دافعا للفساد اإلداري خصوصا‬
‫يف الدول النامية‪ ،‬فكلما اتسمت البيئة الثقافية باالنغالق واخلوف من االنفتاح وادليل إىل اجلمود والتحجر فان‬
‫بذور الفساد اإلداري ستنمو فيها وتنتشر بسرعة وأعقد وسائل مكافحتها وعالجها ‪.‬فللمؤسسات الًتبوية والدينية‬
‫والصحافة اإلعالم دور كبري يف بناء قيم ثقافية اغلابية أو العكس واليت قد تكون سببا رئيسيا يف انتشار الفساد‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫‪-II‬نتبئجب الفباب البالب اا ارب‪:‬بب‬

‫بعد أن خضنا يف أسباب ودوافع الفساد كمدخالت ذلذه الظاىرة ‪،‬تفرض علينا السريورة ادلنهجية عرض‬
‫سلرجات الظاىرة متمثلة يف نتائجها وسللفاهتا حىت يكتمل اإلطار النظري يف شقو ادلفاىيمي ‪.‬ونقًتح ىنا أيضا –‬
‫بالنظر لتشعب وكثرة سللفات الفساد تبويبها إىل ثالث حزم رئيسية ىي النتائج على ادلستوى االقتصادي ‪،‬على‬
‫ادلستوى اإلنساين وعلى ادلستوى السياسي‪.‬‬
‫‪-1‬أثر الفساد على المستوى إلاقتصادي‪:‬‬
‫توافقا مع الغاية البيداغوجية ‪ ،‬وللتنسيق مع باقي ادلقاييس ادلقًتحة على طلبة السنة الثانية (مقياس‬
‫االقتصاد الكلي)‪،‬ارتأينا أن ضللل آثار الفساد على ادلستوى االقتصادي من خالل أثرىا على كل مركبة من مركبات‬
‫الدخل الكلي يف ظل التدخل احلكومي واخلارجي ‪ ،‬وادلتمثلة يف االستهالك الكلي (قطاع العائالت )‪،‬االستثمار‬

‫‪25‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الكلي (ادلنتجني)‪،‬اإلنفاق احلكومي واإليرادات احلكومية(احلكومة)والتجارة اخلارجية (القطاع اخلارجي) ذلك أن ‪:‬‬
‫‪Y=C+I+G +X–Z‬‬
‫**أثر الفساد على االستثمار الكلي(المنتجين) ‪:‬يعترب اإلنفاق االستثماري من أكثر مكونات الطلب الكلي‬
‫تقلبا‪ ،‬وينتقل تأثري االستثمار من بعد الطلب الكلي إىل الدخل التوازين الذي يتطلب نوعا من ادلساواة لكي يتم‬
‫الوصول إليو‪ ،‬ويتقلب مستوى الدخل يف االقتصاد بالتايل كنتيجة لتقلب مستوى االستثمار اخلاص والذي يرتبط‬
‫ارتباطا وثيقا بالعملية االستثمارية‪ .‬وعلى ىذا األساس يعترب أي تأثري للفساد ولو كان ىامشيا يف االستثمار‪،‬مرىقا‬
‫جدا للنمو ومن مث العملية التنموية وىذا ما سنناقشو فيما يلي ‪:‬‬
‫من بني أبرز متغريات االقتصاد الكلي اليت مت رصد عالقتها بالفساد االستثمار الكلي ‪،‬حيث يبني ماورو‬
‫‪ ،Mauro1995 1‬من خالل استخدام مؤشر للفساد ابتداء من أوائل الثمانينات‪ ،‬أن ارتفاع مستويات الفساد‬
‫يقًتن باطلفاض مستويات االستثمار اليت تقاس حبصة من الناتج الداخلي اإلرتايل ‪.‬وىذا ادلؤشر الذي يصنف‬
‫الدول وضعتو" اذليئة الدولية لدوائر األعمال حسب سلم يتدرج من صفر إىل عشرة استنادا إىل تقييم مدى لزوم‬
‫الفساد يف ادلعامالت التجارية ‪.‬وتشري األرقام العالية إىل مستويات فساد منخفضة ‪.‬‬

‫ويؤثر الفساد يف النمو عرب تأثريه يف كل من االستثمار احلكومي واالستثمار اخلاص‪ .‬ففي حال االستثمار‬
‫احلكومي‪ ،‬يربز االنعكاس على ادلبلغ النهائي ‪،‬وعلى نوعية االستثمار‪ .‬وفيما ؼلص ادلبلغ النهائي لالستثمار ‪ ،‬فإن‬
‫احلصول على الصفقات العامة من عروض احلكومة عن طريق العموالت‪ ،‬يزيد من تكاليف االستثمار يف قطاعات‬
‫مثل البناء واألشغال العامة‪ ،‬إذا ما احتسبت مبالغ العموالت يف زلاسبات الشركات بصورة أو بأخرى ‪.‬‬

‫وفيما ؼلص نوعية االستثمار‪ ،‬فإن منح الصفقات لشركات ليست بالضرورة متح ّكمة يف إدارة اإلنتاج أو‬
‫يف أخالقيات االستثمار ‪ ،‬بل قادرة فقط على شراء ذمم ادلسئولني‪ ،‬غالبًا ما يؤدي إىل الغش يف ادلنتوج‪ .‬كما يؤثر‬
‫الفساد يف حتويل االستثمار عن رلاالت معينة إىل رلاالت أخرى ذلا القدرة على إنتاج الريع شلا يؤثر سلبًا يف عملية‬
‫ختصيص ادلوارد ويعيق عملية التنمية ‪،‬إن الفساد من ىذا ادلنظور ووفقا دلا يراه ‪Tanzi‬يساىم إذن يف تدين كفاءة‬
‫االستثمار العام وإضعاف مستوى اجلودة يف البنية التحتية العامة ‪ 2‬وذلك بسبب الرشاوي اليت حتد من ادلوارد‬
‫ادلخصصة لالستثمار وتسيء توجيهها أو تزيد من كلفتها ‪،‬ناىيك عن الوساطة والغش يف اختيار ادلشاريع ‪.‬‬

‫إضافة لكل ما أوردنا جتدر اإلشارة إىل أن الفساد يثبط أيضاً االستثمار األجنيب وؼلفض ادلوارد ادلتاحة‬
‫إعاقة‬ ‫‪Johnston‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫للهياكل األساسية للعملية اإلنتاجية واخلدمات العامة وبرامج زلاربة الفقر كما يقرر‬

‫‪1‬‬
‫‪Mauro, Paolo, )1995( ,Corruption and Growth . Quarterly Journal of Economics 110(3): p. 701-720‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Vito Tanzi , Hamid Davoodi, )1997(, Corruption ,Public Investment and Growth ,IFM Working Paper‬‬

‫‪26‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الفساد للمؤسسات السياسية من خالل إضعاف شرعيتها وإمكانية زلاسبة احلكومات ‪، 1‬وىو ما سنتطرق إليو‬
‫الحقا عند حتليل أثر الفساد على التجارة اخلارجية‪.‬‬

‫وطللص شلا سبق إىل أن الرشوة تؤثر على أداء القطاعات االقتصادية‪ .‬وقد أظهرت األحباث يف ىذا اجملال‬
‫أهنا تضعف النمو االقتصادي ‪ ،‬حيث تؤثر على استقرار ومالءة مناخ االستثمار وتزيد من تكلفة ادلشاريع وهتدد‬
‫نقل التقنية ‪ ،‬وتضعف األثر اإلغلايب حلوافز االستثمار بالنسبة للمشاريع احمللية واألجنبية كما ختفض العائد على‬
‫االستثمار‪. 2‬‬

‫**أثر الفساد على االستهالك الكلي(العائالت) ‪ :‬يتسبب الفساد يف تدين مستوى كفاءة االقتصاد وذلك‬
‫بسبب تأثريه على توزيع الدخل واإلنتاج باإلضافة إىل االستهالك ‪،‬ولعل األثر ادلباشر للفساد على ادلستهلكني‬
‫يظهر من خالل زيادة تكاليف اخلدمة اليت قد تكون رلانية أصال وىي تكلفة لن يتحملها رجل األعمال بالطبع‬
‫بل سيحملها للمستهلك النهائي فتنخفض قدرتو الشرائية ‪.‬ولعلو بات من الواضح أن الفساد يتحملو االقتصاد‬
‫الكلي ال أطراف الفساد ‪،‬وبدوره ػلملو إىل ادلستهلك النهائي إما يف شكل رفع ذتن اخلدمات ‪،‬أو يف شكل‬
‫ضرائب ورسوم أو قد تنعكس على ادلستوى العام ألسعار السلع واخلدمات األساسية‪ ،‬كما قد يتحمل ادلستهلك‬
‫رداءة جودة السلع اليت كانت زلل تعامل فاسد‪.‬‬
‫من جهة أخرى يبدو أثر الفساد واضحا وجليا من خالل توسيع ثقافة االستهالك دون إحراز ما يقابلها‬
‫من إنتاج ‪ ،‬ويتعلق األمر ىنا بأولئك الذين ػلصلون على دخول إضافية كريع للفساد ‪،‬فهؤالء سيفتقرون إىل‬
‫العقالنية يف ترشيد إنفاقهم االستهالكي كنتيجة الستسهاذلم احلصول على األموال مىت احتاجو ا إليها عن طريق‬
‫الفساد ‪،‬وهبذا ستتجو إنفاقاهتم ضلو الكماليات والتسابق ضلو ادلاركات العادلية على حساب ادلنتج احمللي ‪،‬ىذا فيما‬
‫يتعلق بصغار ادلوظفني وادلسؤولني يف اإلدارات ‪،‬أما إذا اجتهنا صوب ادلسؤولني النافذين والشخصيات احلساسة يف‬
‫اجملتمع فنجد أهنا بدورىا ترفع مستويات استهالكها إىل أعلى قيمة شلكنة وادلتمثلة يف الًتف االجتماعي ‪ ،‬أين‬
‫تنفق األموال الطائلة على استبدال ماركات السيارات ‪،‬والرحالت السياحية وما يقابلها من مصاريف ال يتم‬
‫االلتفات إليها ألن ادلسؤول النافذ يرى يف منصبو موردا دائما لتغطية ىذه التكاليف الغري عقالنية ‪.‬‬

‫‪1 Johnston, M. , )1997(, What can be done about Entrenched Corruption?, Paper presented to the Ninth Annual‬‬
‫‪Banl Conference on Development Economics, The World Bank, Washington DC., 30 April – 1 May.‬‬

‫‪ 2‬ادلؤسسة العربية لضمان االستثمار ‪ ،)1999 (،‬الفساد ‪ :‬آثاره االجتماعية واالقتصادية وسبل مكافحتو ‪ ،‬سلسلة اخلالصات ادلركزة ‪ ،‬السنة الثانية إصداره ‪ ، 1999 /‬الكويت‬
‫ص‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**أثر الفساد على اإلنفاق و اإليرادات الحكومية (الحكومة) ‪:‬يًتتب على الفساد ادلمتد وانتشاره يف القطاع‬
‫احلكومي آثار على ختصيص النفقات العامة شلا يؤدي إىل حتقيق أدىن نفع شلكن من ىذا اإلنفاق وليس أقصى نفع‬
‫شلكن منو ‪ .‬وعليو يًتتب على شيوع الفساد وانتشاره يف رلتمع ما ‪ ،‬سؤ ختصيص دلوارد ىذا اجملتمع العامة ‪،‬ألهنا‬
‫سوف تتجو صوب أوجو اإلنفاق اليت ال حتظى بأولوية اإلنفاق العام من وجهة نظر اجملتمع ‪ .‬ومن مث ستحظى‬
‫األنشطة ادلظهرية كاألنشطة الرياضية واألندية ووسائل اإلعالم وضلو ذلك بإنفاق سخي ويف مقابل ذلك سيتم‬
‫إغفال الكثري من األنشطة والقطاعات االقتصادية اذلامة ‪ ،‬أو يكون اإلنفاق عليها ليس بالدرجة الكافية ‪،‬‬
‫كاإلنفاق على القطاع الزراعي والصناعي ‪ ،‬أو اإلنفاق على حتسني مستوى ادلناطق النائية ‪.‬‬

‫كما أن تنفيذ ادلشروعات العامة وادلناقصات ستتميز بدرجة عالية من التميز وعليو سيتم استريا د ادلواد‬
‫اخلام ومواد البناء واآلالت وظلوىا ‪ ،‬من بالد أجنبية معينة ‪ ،‬يف حني قد ال تكون ىذه السلع ادلستوردة من ىذه‬
‫البالد جيدة أو رخيصة مقارنة بغريىا من ادلصادر ادلتاحة ‪.‬كما أنو وفقا ألحباث ‪ Mauro‬ادلناقصات وادلشروعات‬
‫اذلامة سًتسو على شركات معينة شللوكة ألصحاب النفوذ واجلاه يف اجملتمع ‪.1‬‬

‫إضافة إىل ما تقدم ذكره يقوم الفساد بتغيري تركيبة عناصر اإلنفاق احلكومي ‪ ،‬إذ يبدد السياسيون وادلسؤولون‬
‫ادلرتشون موارد عامة أكثر على البنود اليت يسهل ابتزاز أموال كبرية منها مع االحتفاظ بسريتها ‪ ،‬ويالحظ أن‬
‫األجهزة احلكومية اليت ينتشر فيها الفساد تنفق أقل على اخلدمات األساسية مثل التعليم والصحة ‪ ،‬وتتجو إىل‬
‫اإلنفاق بشكل أكرب على رلاالت االستثمار ادلفتوحة للفساد ‪،2‬كما أن ادلالية العامة للحكومة ونتيجة دلمارسات‬
‫الفساد تتأثر سلبا حسبما أوضحتو دراسة كل من ‪ 3 Tanzi ,Davoodi 1977‬اليت توصلت للنتائج التالية ‪:‬‬

‫* يؤدي الفساد لزيادة حجم االستثمارات العامة على حساب اخلاصة لكون العديد من بنود اإلنفاق مرنة‬
‫لتالعب كبار ادلسؤولني يف احلصول على رشاوي ‪.‬‬

‫* يشوه الفساد تكوين النفقات العامة بعيدا عن التشغيل والصيانة الالزمة من أجا اإلنفاق على معدات جديدة‬

‫* يشوه الفساد تكوين النفقات العامة بعيدا عن حاجة الصحة والتعليم للتمويل ‪،‬ألن ىذه النفقات بادلقارنة مع‬
‫نفقات ادلشاريع األخرى ىي األقل سهولة على ادلسؤولني يف انتزاع الريع‪.‬‬

‫‪ 1‬مورو‪،‬باولو ‪ ،)1998(،‬الفساد ‪ ،‬األسباب والنتائج ‪ .‬رللة التمويل والتنمية‪،‬ص ‪.12‬‬

‫‪ 22‬ادلؤسسة العربية لضمان االستثمار ‪ ، )1999 (،‬الفساد ‪ :‬آثاره االجتماعية واالقتصادية وسبل مكافحتو ‪ ،‬سلسلة اخلالصات ادلركزة ‪ ،‬السنة الثانية ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬ص ‪4‬‬

‫‪ 3‬ػلىي غين النجار ‪ ،‬اآلثار االقتصادية للفساد االقتصادي ‪ ،‬تاريخ التصفح ‪www.nazaha.iq/search_web/eqtsade/4.doc، 2009/05/03‬‬

‫‪28‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫* يقلل الفساد من إنتاجية االستثمار العام والبنية التحتية للبلد‬

‫* قد ؼلفض الفساد من ضريبة الدخل ألنو ينال من قدرة احلكومة على رتع الضرائب والرسوم ‪.‬‬

‫‪Johan‬‬ ‫**أثر الفساد على التجارة الخارجية ‪ :‬من جهة البحوث الكمية اليت كان من بني السباقني إليها‬
‫‪ Lambs drof‬فًتى أن درجة الفساد يف الدولة ادلستوردة يؤثر على ىيكل التجارة للدول ادلصدرة ‪ ،‬وىذا يتضح يف‬
‫ميل ادلصدرين األجانب إىل تقدًن رشاوي للموظفني الرمسيني يف الدول ادلستوردة ‪ ،1‬وعليو فإن الشركات الرائشة‬
‫تطرد الشركات األمينة من نطاق التجارة ‪ ،‬لكن إذا كانت الشركات غري األمينة ختضع لرقابة تنظيمية جيدة ‪،‬فإن‬
‫ىذه الشركات ستنال النصيب األكرب من التجارة ‪.‬‬

‫إن مسألة الفساد يف التجارة أو االستثمارات اخلارجية ىي مصدر لعدم اليقني يف تقييم تكاليف ادلؤسسات وهبذا‬
‫فإهنا تشوه السوق وجتعل ادلنافسة غري عادلة ‪،‬وقد ركزت البحوث يف ىذا اجملال على الفساد يف البلدان ادلستقبلة‬
‫لالستثمارات ‪ ،‬ففي األسواق األكثر فسادا التجارة غلب أن تكون أكثر حذرا ‪،‬وحسب وجهة نظر الباحثان يرجع‬
‫ىذا ألن االستثمارات األجنبية ادلباشرة تكون ظلوذجا يفرض درجة عالية من االستعداد واجلهود ‪.‬ومن خالل‬
‫النتائج يتبني أن البلد زلل التعامل ىو ادلعين أكثر بالفساد ‪،‬أين يتوجب اخيار الشريك اخلارجي من قبل البلدان‬
‫قبل أن تطلق العنان لالستثمارات اخلارجية‪.‬وقد توصلت الدراسات االقتصادية إىل العالقة العكسية بني مرونة‬
‫حيث اعتربا أن‬ ‫‪ S.Knack,S‬و ‪O.Azfar‬‬ ‫التبادالت اخلارجية والفساد ‪ ،‬وىذا على غرار ما أكده كل من‬
‫الفساد يؤثر على التبادالت التجارية سلبا والعكس ليس صحيحا بالضرورة ‪. 2‬‬

‫حوصلة ‪:‬للفساد آثار سلبية على النمو االقتصادي وارتفاع معدالت الفقر نتيجة دلا حتدثو من سوء يف‬
‫ختصيص ادلوارد ويف توجيهها ضلو االستثمارات غري ادلنتجة هبدف حتقيق الكسب غري ادلشروع وىي على العموم‬
‫تعترب مكلفة ألي بلد تستفحل فيو بشكل ينعكس على مستويات األداء االقتصادي ومن مث على صلاعة اخلطط‬
‫التنموية أوال فالدقة يف تنفيذىا ‪،‬وىكذا غلازف الفساد بالعملية التنموية شكال ومضمونا خاصة على ادلدى البعيد‬

‫وفيما يلي نقًتح شكال يبسط ما تقدم ‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد اهلل بن حاسن اجلابري‪ 1426 (،‬ىجرية) ‪،‬الفساد االقتصادي أنواعو‪ .‬أسبابو‪ .‬آثاره وعالجو ‪ ،‬ادلؤدتر العادلي الثالث لالقتصاد اإلسالمي‪ /‬جامعة أم القرى‬

‫‪2‬‬
‫‪S.Knack,S et O.Azfar ,)2003( , TradeIntensity,Country Size and Corruption , Economics of Governance‬‬
‫‪,04/2003‬‬

‫‪29‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الشكل رقم ‪ :01‬أثر الفساد على االقتصاد من خالل محددات الطلب الكلي‬

‫تأثري شلارسات الرشوة على‬

‫القطاع الخارجي‬ ‫القطاع الحكومي‬ ‫قطاع المنتجين‬ ‫قطاع العائالت‬

‫التجارة الخارجية ‪:‬‬ ‫الميزانية‬ ‫اإلستثمار ‪:‬‬ ‫االستهالك ‪:‬‬

‫‪-‬صادرات وواردات غير‬ ‫‪-‬تضخيم اإلنفاق‬ ‫‪-‬ارتفاع تكلفة االستثمار‬ ‫‪-‬ارتفاع نقطة اإلشباع‪.‬‬
‫مخططة عشوائية‬ ‫الحكومي‬
‫‪-‬استثمار غير مخطط‬ ‫‪-‬استهالك غير مخطط‬
‫‪-‬زيادة درجة الشك‬ ‫‪-‬إيراد حكومي غير‬
‫عشوائي وغير عقالني‬ ‫عشوائي وغير عقالني‬
‫االقتصادي في التبادالت‬ ‫مخطط عشوائي وغير‬
‫عقالني‬ ‫‪-‬قدرة تنافسية غير عادلة‬ ‫‪-‬انخفاض القدرة الشرائية‬
‫وليست متكافئة‬ ‫ألن المستهلك يتحمل‬
‫تراجع مستويات الدخل القومي‬ ‫تكاليف الرشوة‪.‬‬

‫تراجع مستويات النمو كون الدخل القومي متغيرتو األساسية‬

‫إرباك الخطة التنموية في كل مراحلها ‪،‬منذ اإلعداد وحتى التنفيذ ومن ثم فشل التنمية‬

‫انحراف المسار االقتصادي و تثبيط‬


‫االقتصاد القومي على التطور‬

‫المصدر ‪:‬من إعداد األستاذة على ضوء ما تقدم في ىذه الجزئية‬

‫‪30‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**أثر الفساد على مستوى الفقر ‪:‬إضافة حملددات الطلب الكلي كمركبات رئيسية للمستوى االقتصادي ‪،‬مل صلد‬
‫فقد بينت‬ ‫بدا من إقحام مستوى الفقر كمركبة ال تقل أعلية عند حتليل أثر الفساد على اذليكل االقتصادي‬
‫النمو ال ينجر عنو ضرورة حتقيق التنمية البشرية إذا مل يصحبو توزيع عادل نسبيا‪ .‬فالبشرية قد‬
‫التجارب أن حتقيق ّ‬
‫ظلو عام زلًتم لكن ذلك مل ؽلنع زيادة عدد الفقراء ادلدقعني يف نفس الفًتة زيادة قدرت‬
‫حققت يف الثمانينات نسبة ّ‬
‫مبئة مليون فقري جديد‪.‬‬
‫ظلوا اقتصاديا وزيادة ثروة‪ ،‬لكنها زادت يف فقر بلدان‬
‫ؽلكن القول إرتاال إن العودلة قد حققت لبعض البلدان ّ‬
‫أخرى‪ ،‬كما زادت حىت يف بعض البلدان ادلستفيدة من فقر شرائح من اجملتمع مل تشملها ذتار النمو ومل تتحول إىل‬
‫يربر إقحامنا لتأثري الفساد على الفقر يف سياق مناقشة أثره على النمو االقتصادي‬
‫تنمية بشرية‪ .‬ولعل ىذا ما ّ‬
‫والتنمية وفيما يلي حتليل ذلك التأثري‪.‬‬

‫إن الدولة اليت يتفشى فيها الفساد ‪ ،‬ؽلكن أن تكون شرسة يف مواجهة أفقر الفقراء شلن ال ؽللكون ادلوارد للتنافس‬
‫مع الراغبني يف تقدًن الرشاوى‪ ، 11998 Osborne‬وػلرم الفساد الفقراء من نصيبهم حىت ولو كان ىذا النصيب‬
‫ىزيال ‪.‬ويزيد من حدة الفقر بتحويلو ادلوارد ادلخصصة لتخفيف حدة الفقر إىل جيوب عدؽلي النزاىة من ادلسؤولني‬
‫احلكوميني ورجال األعمال ‪.‬ويوسع الفجوة القائمة بني اجلنسني ألن ادلبالغ ادلدفوعة بغرض الفساد إظلا تدفع مقابل‬
‫خرق قواعد اإلنصاف يف التشغيل والشراء ‪.‬كما ويتسبب يف السخط السياسي والقالقل االجتماعية‪.‬‬

‫وؽلكن لنا أن نلخص ما تقدم ذكره يف كون الفساد يؤدي إىل توسيع الفجوة بني األغنياء والفقراء‬
‫‪،‬وىذا األثر يكون على عدة مستويات نوجز أعلها فيما يلي ‪:‬‬

‫* قد يتهرب األغنياء من دفع الضرائب وؽلارسون سبال ملتوية للتهرب ‪ ،‬وىذا يساعد على تعميق الفجوة بني‬
‫األغنياء والفقراء‪ ،‬من جهة مقابلة يتحمل الفقراء عبئا ضريبيا أثقل وخدمات أقل ‪.‬‬

‫* يؤدي الفساد إىل زيادة كلفة اخلدمات احلكومية مثل ‪ :‬التعليم والسكن وغريىا من اخلدمات األساسية ‪ ،‬وىذا‬
‫بدوره يقلل من حجم ىذه اخلدمات وجودهتا شلا ينعكس سلبا على الفئات األكثر حاجة ‪.‬‬
‫* حصول الفقراء على حد أدىن من اخلدمات االجتماعية اليت ال ؽللكون القدرة على دفع مقابلها غري ادلشروع‬
‫(األموال الفاسدة كالرشاوي)‪،‬وىو ما يفاقم حدة الفقر‪.‬‬
‫* تفادي استثمارات اذلياكل األساسية للمشاريع اليت تساعد الفقراء ‪،‬ذلك أن الفكر الذي يسري ادلمارسات‬
‫الفاسدة سيدفعها ضلو ادلصاحل اخلاصة على حساب األمور االجتماعية‪.‬‬
‫‪-2‬أثر الفساد على املستوى الاجتماعي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Osborne, Denis ,)1998 ( , Learning Module on Corruption , UNDP Publication‬‬

‫‪31‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫لطادلا مت تناول مواضيع الفساد يف النسق االجتماعي والسياسي ‪،‬ذلك أهنا تبدو جلية أكثر من خالذلما‬
‫‪،‬حيث يرى ‪ Treisman 2000‬أن ادلتغريات االقتصادية تفسر الفساد أقل من ادلتغريات السياسية واالجتماعية ‪،‬‬
‫والسبب ىو أهنا (ادلتغريات االجتماعية والسياسية) تتأثر بالعوامل غري ادلخططة اقتصاديا أثناء احلكم الطويل‬
‫والقصري األجل ‪،‬بينما ادلتغريات االقتصادية فال تظهر إال يف األجل الطويل ‪ . 1‬ولعل ىذا ما أدى إىل إيالء األعلية‬
‫القصوى لألبعاد االجتماعية والسياسية من الباحثني ادلتخصصني ‪،‬إىل أن استحوذ النظام الرأمسايل على االقتصاد‬
‫العادلي معلنا ميالد العودلة اليت فتحت اآلفاق على كل االحتماالت وكشفت مواطن قصور عديدة يف األنظمة‬
‫االقتصادية اليت مت إسناد معظمها إىل الفساد وىو ما سرع وترية البحوث االقتصادية ضلو ىذا السياق ‪.‬‬

‫من جهتنا سنقتصر يف ىذه اجلزئية على عرض اخلطوط العريضة ألبرز اآلثار االجتماعية والسياسية للفساد يف‬
‫شكل نقط دون اخلوض يف تفاصيل قد خترج بنا عن النسق ادلخطط للمقياس‪.‬‬

‫‪ ‬يسهل الفساد جتاىل قوانني الصحة والسالمة‪ ،‬وتسهل اإلفالت من ادلالحقة القضائية بشأن اإلضرار بالبيئة ‪.‬‬
‫وتبطل مفعول القوانني‪ ،‬ويصعد اإلجرام ويزيد من حدتو‪ ،‬ويغذي الثورة ويشكل يف نهاية ادلطاف خطرا عادليا‪.‬‬
‫‪ ‬يقود الفساد إىل التشكيك يف فعالية القانون ويف قيم الثقة واألمانة إىل جانب هتديده للمصلحة العامة من‬
‫خالل إسهامو يف خلق نسق قيمي تعكسو رلموعة من العناصر الفاسدة وىو ما يؤدي إىل ترسيخ رلموعة من‬
‫السلوكيات السلبية‪.2‬‬
‫‪ ‬يزيد الفساد من سلطة األثرياء ويوسع الفجوة بني الطبقات ‪ ،‬ويؤثر سلباً على الشرػلة الفقرية من اجملتمع ‪.‬‬

‫‪-3‬أثر الفساد على مستوى العالقات السياسية‪:‬‬

‫تتعدد وتتشابك اآلثار السياسية للفساد واليت نوجزىا يف النقط التالية على سبيل ادلثال ال احلصر ودون‬
‫إسهاب ؼلرج بنا عن نطاق أىدافنا ‪:‬‬

‫‪ ‬يؤدي الفساد إىل إضعاف جودة اخلدمات العامة ‪ ،‬ويدفع إىل الربح غري ادلشروع عن طريق الرشاوى بدالً‬
‫من ادلشاركة يف األنشطة اإلنتاجية ‪ ،‬كما يضعف من شرعية الدولة و سلطتها ‪ ،‬وؽلهد حلدوث اضطرابات تتهدد‬
‫األمن واالستقرار السياسي يف الدول النامية‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Treisman, Daniel ,( 2000) ,The causes of corruption: a cross national study , Journal of Public Economics, vol. 76,‬‬
‫‪P441‬‬

‫‪2‬‬
‫ىدى متكيس ‪ ، )1999( ،‬الشروط السياسية للتنمية – خربة دول اجلنوب ‪ ،‬ورقة قدمت إىل ندوة الفساد والتنمية ‪ ،‬مركز دراسات الدول النامية ‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬ص ‪30‬‬

‫‪ 3‬ادلؤسسة العربية لضمان االستثمار ‪ ، )1999 (،‬الفساد ‪ :‬آثاره االجتماعية واالقتصادية وسبل مكافحتو ‪ ،‬سلسلة اخلالصات ادلركزة ‪ ،‬السنة الثانية إلصداره ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪32‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ ‬يعترب ‪Y.Meny‬كعامل سياسة أن أخطر أشكال الفساد ادلعاصر ىي "اليت تتحول مادهتا إىل طاقة"فهكذا‬
‫جرى تأسيس عالقات التبعية و اخلدمات ادلتبادلة بطرق غري واضحة واالتفاقات اليت تثري الشبهات حوذلا‬
‫والقضية تتعلق بنظره بنظام معني للتبادل يسلك طريق الشرعية وال يكون التبادل النقدي عنصرا رئيسيا بالضرورة‬
‫‪،‬فمنح الًتاخيص والتصاريح ؽلكن أن يتما عن طريق العقود أو تزوير قيم الفواتري ‪،‬والفساد يف رأيو "ليس ظاىرة‬
‫على ىامش النظام ولكنو يتعايش يف انسجام وثيق مع ذلك النظام ويتغذى على نقط الضعف فيو ويستند إىل‬
‫‪1‬‬
‫آليات وقيم النظام ذاتو"‬
‫‪Y.Meny1992‬يبدو أن تركز السلطة يف‬ ‫‪ ‬فيما يتعلق بتأثري الفساد على الدؽلقراطية ‪،‬فحسب اعتقاد‬
‫قبضة اجلهاز التنفيذي تعمل يف اجتاه هتميش باقي السلطات التشريعية والقضائية وحىت السلطة الرابعة ادلتمثلة يف‬
‫الصحافة واإلعالم ‪،‬وىنا تربز إشكالية حتليل عالقة الدؽلقراطية بالفساد‪.‬‬
‫يؤثر الفساد على سوق النفوذ السياسي ‪،‬حيث أنو يربك حسابات الشفافية لصاحل الفئات األكثر قدرة‬ ‫‪‬‬
‫على الدفع ‪،‬وفقا لقانون العرض والطلب ‪ ،‬ففي العامل ادلعاصر مل تصبح االنتخابات معتمدة فقط على شعبية‬
‫ادلًتشح ‪،‬بقدر ما تتعلق بإمكانياتو اليت يسخرىا جلذب الرأي العام ‪،‬ىذه اإلمكانيات اليت عادة ما يكون‬
‫مصدرىا فاسدا‪.‬‬

‫‪ 1‬بيري ال كوم ‪،‬تررتة سوزان خليل ‪ ،)2003 ( ،‬الفساد ‪ ،‬عني للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ‪،‬الطبعة األوىل ‪،‬ص ‪10‬‬

‫‪33‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫اإلاحاضرة ‪ :07‬مكافحت الفساد الاكتصادي‬

‫الفساد‬
‫‪:‬‬ ‫‪ _I‬الهيئات العالمية واإلق ليمية المهتمة بمكافحة‬
‫مع استفحاؿ ظاىرة الفساد وتناميها بشكل جعلها ظاىرة عادلية خطَتة ‪،‬التفت كربيات اذليئات‬
‫وادلنظمات العادلية واإلقليمية وحىت احمللية‪،‬احلكومية وغَت احلكومية‪ ،‬حملاولة قياسها وإرساء اسًتاتيجيات ناجعة‬
‫دلكافحتها ‪،‬من خالؿ ىذه اجلزئية سنقدـ بعض النماذج الرائدة عن اذليئات العادلية اليت اىتمت دبكافحة الفساد‬
‫(على سبيل ادلثاؿ ال احلصر)‪:‬‬
‫‪-1‬هيئت الامم اإلاتحدة ‪:‬‬
‫لقد أعطت منظمة األمم ادلتحدة أعلية كبَتة دلكافحة الفساد وتعزيز اآلليات الرقابية للحد من انتشلره‬
‫وىذا نتيجة التداعيات السلبية اليت تنجم عنو‪ ،‬فاجلهود الوطنية مل تتمكن من احلد من انتشاره وىو ما استدعى‬
‫تنسيق اجلهود الدولية يف إطار األمم ادلتحدة للحد من مظاىر الفساد بُت الدوؿ‪،‬وذلذا الغرض ازبذت اجلمعية‬
‫العامة لؤلمم ادلتحدة يف ‪ 28‬جانفي ‪ ، 1997‬قرارا يطلب من األمُت العاـ مساعدة الدوؿ األعضاء على وضع‬
‫اسًتاتيجيات دلنع ومكافحة الفساد‪،1‬ىذا القرار الذي كاف سبهيدا العتماد" اتفاقية األمم ادلتحدة دلكافحة الفساد"‬
‫وىكذا انبثقت من منظمة األمم ادلتحدة أوؿ معاىدة ملزمة قانونيا ذلا طبيعة عادلية‪ ،‬أبرمت يف أكتوبر ‪، 2003‬‬
‫دوؿ يف يناير ‪ 2008‬ويغطي ىذا ادليثاؽ أحكاـ ادلنع‪،‬‬ ‫ودخلت حيز التنفيذ يف ‪ ، 2005‬مث صادؽ عليها ‪ 107‬ة‬
‫والتجرمي‪ ،‬وادلساعدة التقنية‪ ،‬والتعاوف الدويل‪ ،‬كما تغطي الشروط نطاقا واسعا دلمارسات الفساد) على سبيل‬
‫ادلثاؿ الرشوة‪ ،‬واالبتزاز‪ ،‬وغسيل األمواؿ‪ ،‬وسوء استخداـ الوظيفة‪ ،‬واستغالؿ النفوذ‪ ،‬وعرقلة العدالة ( وتنطبق على‬
‫كل من القطاعُت العاـ واخلاص‪.‬‬
‫كما تعمل ىياكل األمم ادلتحدة على مكافحة الظاىرة وذالك من خالؿ مكاتبها اإلقليمية يف دوؿ العامل حيث‬
‫يعترب برنامج األمم ادلتحدة اإلظلائي ‪ PNUD‬طرفا فاعال يف مكافحة الفساد من خالؿ برامج العمل اليت يقوـ‬
‫هبا حيث أف األىداؼ اإلظلائية تعترب يف نفس الوقت أىداؼ للحد من انتشار الفساد‪.‬‬

‫سوزاف روز أكرماف‪(،‬جويلية ‪ )1997‬الفساد واحلكم الرشيد‪،‬برنامج األمم ادلتحدة اإلظلائي ‪ ،‬ورقة مناقشة رقم ‪ ، 3‬ص‪4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪34‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -02‬اإلاؤسساث اإلااليت الدوليت (البىك العاإلاي و صىدوق الىلد الدولي ‪:‬‬


‫‪-‬تكييف سياسة المؤسسات المالية الدولية مع مكافحة الفساد ‪: 1‬بسبب تزايد وتَتة ادلنافسة أصبح ادلختصوف يف‬
‫التنمية يدركوف أف الًتكيز على البٌت التحتية ليس كافيا للنهوض باالقتصاد ‪،‬خاصة يف دولة ضعيفة ادلؤسسات‬
‫سياسيا وبَتوقراطيا ويف سوؽ ال يعمل بكفاءة نتيجة الفساد ادلستشري فيو‪.‬وىكذا أخذت ادلؤسسات ادلالية‬
‫الدولية ‪-‬وعلى شاكلتها البنك العادلي وصندوؽ النقد الدويل ‪ -‬تشًتط ىامشا معينا من الشفافية يكفل حصوذلا‬
‫على األمواؿ اليت أقرضتها وموازاة مع ذلك مت رفض ادلشاريع ادلتواجدة ببلداف فيها دالئل على الفساد‪ ،‬من جهة‬
‫أخرى مت فرض إصالحات حكومية وسياسية بغية تقويض الفساد‪.‬‬
‫‪-‬البنك العالمي ‪:‬ىو مؤسسة عادلية رباوؿ دعم الدوؿ من خالؿ مشاريع التنمية‪ ،‬حيث هتتم أيضا دبعايَت‬
‫الشفافية‪ ،‬وآداء احلكومات‪ ،‬واحلد من الفساد‪ ،‬عرب تعليق ادلشاريع وادلساعدات ادلقدمة للدوؿ اليت فيها الفساد‪،‬‬
‫إذ تقدـ سنويا تقريرا مفصل عن الدوؿ اليت ينتشر فيها الفساد‪ ،‬واضلراؼ احلكومات عن دورىا ادلنوط بإرساء‬
‫واحًتاـ قواعد التنمية ادلستدامة‪ ،‬حيث ترتب الدوؿ عرب مسوحات إستطالع رأي‪ ،‬وبيانات لتقصي احلقائق‪.2‬‬
‫وقد بٍت البنك الدويل منذ سنة ‪ 1996‬خطة دلساعدة الدوؿ يف مواجهة الفساد وزلاصرتو ‪ ،‬تتضمن تشخيص‬
‫ظاىرة الفساد وأسباهبا وعواقبها ‪ ،‬وادخاؿ إصالحات على أنظمة الدولة من الناحية التشريعية واإلدارية‬
‫واالقتصادية ‪ ،‬واشراؾ اجملتمع ادلدين وادلنظمات غَت احلكومية ووسائل األعالـ يف مكافحة الفساد‪.‬‬
‫ولعل ما يؤخذ على البنك العادلي ىو اقًتاحو لربامج إصالح متشاهبة "ظلوذج الواحد للجميع" دوف مراعاة‬
‫االختالؼ يف الظروؼ االجتماعية االقتصادية السياسية وحىت الثقافية وىو ما جعل مكافحة الفساد أقل عمقا‬
‫من درجة تفشيو باجملتمعات‪.‬‬
‫‪-‬صندوق النقد الدولي ‪:3‬صندوؽ النقد الدويل ‪ FMI‬من جهتو أحس خبطورة ادلوقف فازبذ إجراءات متشددة‬
‫‪،‬ففي ‪ 1997‬أكد وقفو دلساعدة أي دولة يتوضح أف الفساد هبا يعيق اجلهود ادلبذولة لتجاوز مشاكلها‬
‫االقتصادية‪،‬وعلى إثر ذلك بدأ الصندوؽ بدمج وربديد مشاكل الفساد يف معايَت خاصة وقاـ كل من‬
‫‪BM‬و‪FMI‬بتأجيل أو رفض تقدمي ادلساعدة لبعض الدوؿ اليت يؤثر فيها الفساد بشكل سليب على االستقرار ادلايل‬
‫وبرامج التنمية واليت تكوف حكوماهتا غَت مستعدة لالعًتاؼ بادلشكل والتعامل معو‪ .‬وإضافة لذلك حث الصندوؽ‬
‫الدوؿ على زيادة الشفافية باإلبالغ عن ادلؤشرات االقتصادية للسماح للمستثمرين بإعطاء أحكاـ أفضل بشأف‬
‫وضعية البلداف اليت يستثمروف هبا ‪،‬وجدير بالذكر أف الصندوؽ قاـ بتلك ادلساعي على أعقاب األزمة ادلالية‬
‫اآلسيوية ‪.1997‬‬

‫‪1‬‬
‫ديفيد لونا ‪ 4(،‬أكتوبر ‪ ،)2002‬مكافحة الفساد وتعزيز النزاىة ‪ ،‬مداخلة يف مؤسبر ادلعهد الدوىل لؤلخالقيات العامة )‪ ، (IIPE‬مدينة بريسبُت االسًتالية ‪،‬‬
‫تاريخ اإلطالع ‪. 2008/02/15 :‬‬ ‫‪http://www.cipe-arabia.org/files/html/art0901.htm‬‬
‫‪ 2‬بن ع زوز زلمد‪ ،)2016(،‬الفساد اإلداري واالقتصادي‪ ،‬آثاره وآليات مكافحتو ‪ -‬حالة اجلزائر ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعودلة والسياسات االقتصادية العدد‪، 07‬ص‪205‬‬
‫‪ 3‬ج‪.‬بشاٌٍ أوحىد ‪ ،‬انفساد ححذ يخىاصم نهخًٍُت‬

‫‪35‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -03‬مىظمت الشفافيت الدوليت‪:‬‬


‫كما سبق وأشرنا فإف ادلؤسسات الدولية باختالؼ توجهاهتا وخاصة ادلالية منها قد اىتمت دبشكلة‬
‫الفساد وصلد البنك العادلي على ىرـ ادلهتمُت بادلوضوع حيث أنو وضع تدابَت مكافحة الفساد يف قمة جدوؿ‬
‫أعمالو وقد أنشأ ذلذا الغرض ىيئة دولية"مؤسسة الشفافية الدولية " اليت رسخت مفهوما جديدا أطلق عليو "جزر‬
‫النزاىة " وىو عبارة عن ميثاؽ دلكافحة الفساد يف عقود الصفقات العامة الكبَتة يعاقب سلالفوه بوضعهم على‬
‫القائمة السوداء وحرماهنم من العقود ادلستقبلي‪.‬وعلى ىذا األساس نستطيع القوؿ أف منظمة الشفافية الدولية‬
‫ولدت من رحم ادلؤسسات ادلالية الدولية‬
‫منظمة الشفافية الدولية ىي منظمة غَت حكومية أىلية دولية) منظمة رلتمع مدين (تأسست عاـ ‪1993‬‬
‫من قبل ادلدير السابق للبنك الدويل احملامي األدلاين بيًت إيغن‪، Beter Eigen‬أمانتها العامة يف برلُت بأدلانيا‪،‬‬
‫اكتسبت شهرة يف إنتاج مؤشرات لقياس الفساد حيث تقوـ جبمع وربليل ونشر البيانات وادلعلومات لزيادة الوعي‬
‫حياؿ أثر الفساد‪ ،‬تقوـ بإعداد أحباث عن درجات النزاىة لدى احلكومات ومؤشرات الفساد اإلداري وادلايل‬
‫ومتابعة ردود احلكومات وتصرفاهتا ذباه مشروعات القوانُت اليت تقدمها ادلنظمة دلواجهة الفساد يف تلك الدوؿ‪،‬‬
‫وتعتمد ادلنظمة يف سبويل أنشطتها على التربعات واإلعانات اليت يقدمها عدد ال بأس بو من سلتلف اذليئات‬
‫وادلنظمات احلكومية وغَت احلكومية وادلؤسسات االقتصادية كالبنك الدويل واألمم ادلتحدة وغَتىا من ادلؤسسات‬
‫وىدؼ ادلنظمة كما أعلنت عنو ىو احلد من الفساد عن طريق تفعيل ارباد عادلي لتحسُت وتقوية نظم النزاىة‬
‫احمللية والعادلية‪. 1‬‬
‫لقد جاءت منظمة الشفافية الدولية كمحاولة دلؤسسات اجملتمع ادلدين العادلية دلكافحة ظاىرة الفساد اليت‬
‫أصبحت تعاين منها كافة الدوؿ واجملتمعات ‪ ،‬وتقوـ ادلنظمة على فكرة مفادىا أف اجملتمع العادلي ػلتاج إىل القطاع‬
‫غَت احلكومي بعدما تأكد عجز احلكومات الوطنية دبفردىا عن مكافحة الفساد ‪،‬و تعمل ادلنظمة على مواجهة‬
‫ظاىرة الفساد من الناحية ادلشًتكة كوف سلاطرىا تتعدى حدود احلاالت لفردية‪ ،‬وعليو فادلنظمة ترى أف ىناؾ‬
‫مسئولية مشًتكة وعامة حملاربتها‪ ،‬كما يعترب الفساد حركة عادلية تتجاوز النظم االجتماعية والسياسية واالقتصادية‬
‫والثقافية داخل كل دولة‪ ،‬لذا ركزت ادلنظمة اىتمامها دببادئ احلكم الراشد كادلشاركة وادلسائلة والشفافية‪2‬‬
‫يقوـ النشاط الرئيسي للمنظمة على اإلصدار السنوي دلؤشر إدراؾ الفساد والذي مت نشره للمرة األوىل‬
‫سنة‪ 1995‬حيث يصنف التقرير الدوؿ حبسب درجة الفساد اليت يسود الشعور بانتشارىا دبختلف األوساط‬
‫(اإلدارات ‪ ،‬النخب السياسية ‪ ،)..‬ىذا وسبتنع ادلنظمة عن تسمية الشركات ادلفسدة لتحصر انتقاداهتا لدوذلا‬
‫‪،‬وىنا تكمن نقطة ضعف أخرى حيث تستثٌت الشركات متعددة اجلنسيات من حقل رقابتها كوهنا ال سبلك‬
‫ارتباطات وطنية‪ .‬تنحصر قيمة ادلؤشر ادلشار لو سابقا يف اجملاؿ ]‪ [10.0‬حيث أف الصفر يدؿ على أف كل‬

‫‪1‬‬
‫غزواٌ سفٍك ػىٌذ ‪ ، )2014( ,‬دساست إحصائٍت ححهٍهٍت نًؤشش يذسكاث انفساد يغ اإلشاسة انى حانت انؼشاق‪ ،‬بحث يُشىس فً انًؤحًش انؼهًً انسُىي انسابغ نهٍأة انُزاهت‬
‫‪.‬إبراىيم غرايبة ‪،)2010(،‬ادلجسبعات يف مواجهة الفساد "فيالدلفيا الثقافية‪ ،‬العدد‪ ،7‬ص ‪. 13‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫التعامالت احلاصلة يف البلد فاسدة ‪،‬بينما العشرة تدؿ على أف كل التعامالت احلاصلة يف البلد نظيفة وتصنف كل‬
‫الدوؿ حبصرىا يف ىذا اجملاؿ الذي مل تصل حملدديو أي دولة حلد اآلف ‪ .‬ونظرا دلا سبق فسًتتب الدوؿ اليت مشلتها‬
‫الدراسة حسب العالمة ادلتحصل عليها ‪ ،‬ولكن ىذا ال يعٍت بتاتا أف الدولة يف ادلرتبة األخَتة ىي األكثر فسادا يف‬
‫الكوف لسبب بسيط متمثل يف أف الدراسة مشلت عينة ‪ 1‬من العامل وليس كل دوؿ العامل‬

‫‪ -04‬اإلاىظمت العاإلايت للبرإلااهين ضد الفساد‬


‫تأسست ادلنظمة العادلية للربدلانُت ضد الفساد"غوباؾ " يف مؤسبر بردلاين دويل عقد يف كندا سنة ‪2002‬‬
‫وىي منظمة معنية بتعزيز مبادئ ادلساءلة والنزاىة والشفافية‪،‬وىي شبكة من الربدلانيُت ذوي ادليوؿ ادلشًتكة يف زلاربة‬
‫الفساد بأوطاهنم والعامل ككل ‪،‬فروعها ادلمتدة يف ‪ 85‬بردلانا حوؿ العامل توفر الدعم وادلعرفة وتبادؿ األفكار بُت‬
‫الربدلانيُت على الصعيدين اإلقليمي والعادلي وسبنحهم فرصا للتعاوف وىدـ احلواجز السياسية بشأف قضية أساسية‬
‫ىي الفساد ‪ ،2‬وهبذا تقوـ بدور التنسيق العادلي بُت سلتلف الربدلانُت ‪ ،‬أما فروعها اإلقليمية فتعمل على تفعيل‬
‫قدرة الربدلانُت يف مواجهة قضايا الفساد‪ .‬وتسعى ادلنظمة إىل وضع دليل للربدلانُت لكيفية السيطرة على الفساد‬
‫وتوفَت مادة تدريبية للربدلانُت على موضوع ادلوازنة و ادلراقبة ادلالية وإصدار مدونة سلوؾ (سنتعرؼ على مفهوـ‬
‫مدونة السلوؾ يف احملور الثاين للمقياس) الربدلانُت وقياس أداء الدور الرقايب للربدلانُت‪.‬‬

‫‪-05‬مىظمت التعاون والتىميت الاكتصادًت‪:3‬‬


‫وىي منظمة دولية ‪ ،‬اضطلعت بدور قيادي من الناحية الدولية‪ ،‬يف نطاؽ مكافحة الرشوة‪ ،‬والفساد‪ ،‬منذ‬
‫سنة ‪ ، 1989‬وتًتكز أىم رلهوداهتا فيما يلي‪:‬‬
‫‪-‬أصدرت توصيات عاـ ‪ 1994‬بشاف الرشوة‪ ،‬يف تبادالت األعماؿ الدولية ‪ ،‬حبيث دعت الدوؿ األعضاء إىل‬
‫ربديد معايَت فاعلة حملاربة رشوة ادلوظفُت الرمسيُت األجانب وقد مت مراجعة التوصيات السابقة سنة ‪، 1997‬‬
‫‪ -‬أصدرت ادلنظمة يف ماي‪ 1996‬التوصيات اخلاصة‪ ،‬دبكافحة الفساد يف ادلشًتيات ادلمولة بادلساعدات واليت‬
‫تدعو إىل اعتماد رلموعة من التدابَت دلنع ادلمارسات الفاسدة‪ ،‬يف ادلشًتيات اليت يتم سبويلها دبساعدة خارجية‪.‬‬
‫‪-‬ميثاؽ منظمة التعاوف االقتصادي والتنمية )‪ 4:(OECD‬ىو إصلاز كبَت حلكم القانوف ووضع األولوية القصوى‬
‫للحصوؿ على التزاـ من أكرب الدوؿ الصناعية يف العامل بتبٍت قوانُت صارمة خاصة هبا دلكافحة الفساد ‪،‬ويلزـ‬

‫‪ 1‬كاَج انؼٍُت انًبذئٍت نًُظًت انشفافٍت انذونٍت ‪54‬دونت فً سُت ‪ 1995‬وٌزداد حُايٍها يُز رنك انحٍٍ فً دالنت واضحت نهىػً بأهًٍت انًىضىع‪.‬‬
‫‪ 2‬انذنٍم انبشنًاًَ ‪ ،‬دوس انبشنًاٌ فً حُفٍز أهذاف انخًٍُت انًسخذايت ‪،‬ص ‪، 5‬حاسٌخ انخصفح ‪ 2‬ياي ‪www.gopacnetwork.org،2019‬‬

‫‪ 3‬نحٍٍ فشٌذ ‪،‬انفساد االلخصادي أسبابه وحذاػٍخه ‪،‬يهف ‪ ، PDF‬ص ‪ ، 205‬حاسٌخ انخصفح ‪ 15‬ياي ‪2020‬‬
‫‪https://cse.google.com/cse?q=%‬‬
‫‪4‬‬
‫ولغ انًٍثاق حىل يكافحت سشىة انًسؤونٍٍ األجاَب فً انًؼايالث انخجاسٌت انذونٍت فً دٌسًبش ‪،1997‬حٍث وافمج ‪34‬دونت ػهى سٍ حششٌؼاث‬
‫جُائٍت حًاثم األحكاو انخً ٌخضًُها انماَىٌ انخاص بًًاسساث انفسادفً انخاسج‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫ادليثاؽ الفرقاء بأف يعتربوا رشوة مسؤويل احلكومات األجنبية معينُت كانوا أو منتخبُت عمال جرميا يعاقب عليو‬
‫القانوف جزائيا‪ .‬وعلى الفرقاء أيضا ربديد عقوبات جنائية فعالة إضافة لكوهنم يستطيعوف مصادرة الفساد وعائداتو‬
‫ػاألرباح الصافية الناذبة عن ادلعاملة غَت الشرعية‪-‬أو فرض غرامات لتوفَت حافز قوي دلنع الفساد ‪ .‬بالنسبة لعملية‬
‫مراقبة وتنفيذ ادليثاؽ فهي تقع على عاتق كل دولة من الدوؿ األعضاء وكذا الدوؿ اليت تريد اإلنضماـ سباشيا مع‬
‫برنامج ادلراقبة الذي أعدتو جلنة خاصة‪.‬‬

‫‪ -06‬أبرز اإلاىظماث ؤلاكليميت اإلاهتمت بمكافحت الفساد ‪:‬‬


‫إىل جانب اذليئات وادلنظمات العادلية ‪،‬توجد ىيئات إقليمية وحىت زللية تنضوى ربت غطاء مكافحة‬
‫الفساد على شاكلة ‪:‬منظمة الدوؿ األمريكية ‪،‬االرباد األوريب‪...‬‬
‫‪-‬منظمة الدول األمريكية ‪:(OAE)1‬تعترب أوؿ دعوة إقليمية وضعت اتفاقية دلكافحة الفساد وقد ترسخت يف‬
‫‪26‬دولة من األمريكيتُت‬ ‫مارس ‪1996‬ب ‪ Caracas‬ويف جويلية ‪2003‬حصلت على توقيع‬
‫والكراييب‪.‬وهتدؼ أساسا إلرساء معايَت للموظفُت وادلسؤولُت بالقطاع العاـ‪،‬ومتخذي القرار وتطلبهم بتربير‬
‫مداخيلهم‪.‬‬
‫‪-‬االتحاد األوربي)‪: (UE‬بدوره يعاجل مشكل اؿفساد ليس باعتبارىا حديثة النشأة لكن كوهنا شلتدة اجلذور تارؼليا‬
‫‪.‬وقد أسهم بعدة اقًتاحات كفيلة بتخفيف عبء ا لفساد على الدوؿ األعضاء ‪ ،‬وذلك باعتماده سياسة رباوؿ‬
‫تاليف األخطار على ادلستوى االقتصادي للصمود يف وجو تنافسية العامل‪.‬‬
‫‪-‬منظمات مكافحة الفساد على المستوى اإلفريقي‪ :‬حبكم طبيعتها اجلاذبة دلمارسات الفساد أكثر من غَتىا‬
‫والراجع أساسا للًتكيبة االجتماعية لدوذلا ‪ ،‬بات لزاما على الدوؿ اإلفريقية أف تسهم بدورىا يف مكافحة الظاىرة‬
‫)‪(OUA‬وعدد من اللجاف‬ ‫وىذا ما قادىا الستحداث تنظيمات عديدة يف اجملاؿ مثل منظمة االرباد اإلفريقي‬
‫اإلقليمية االقتصادية كلجنة دوؿ إفريقيا الغربية‪،‬والتحالف العاـ اإلفريقي )‪(CGA‬الذي يتوجو لكبار مسؤويل‬
‫الدوؿ اإلفريقية وفق ميثاؽ منظمة التعاوف االقتصادي والتنمية بغية سبهيد األرضية ادلناسبة لتداعيات العودلة و‬
‫رىانات اخلوصصة أين يتم الربط العكسي بُت التنمية والفساد‬
‫مالحظة‪:‬إف ادلعلومات الواردة يف ادلقرر تظل جزءا ال يتجزأ من واقع ػلوي الكثَت من ادلبادرات اإلقليمية والعادلية‬
‫اليت ما انفكت رباوؿ زلاصرة الفساد اليت استفحل يف كل بقعة من العامل واليت ال نستطيع استثناء اجلزائر منو ‪،‬‬
‫فما ىو واقع الظاىرة ببلدنا ‪،‬وما ىي وسائلها للتعامل معها سؤاالف سنحاوؿ اإلجابة عنهما من خالؿ احملاضرة‬
‫ادلوالية ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Daniel Dommel,face à la corruption ,edition originale KARTHALA ,2004‬‬

‫‪38‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪_ II‬وسائل مواجهة الفساد ووعجج‬


‫مع تعدد أنواع ‪،‬آليات ‪،‬أسباب وآثار الفساد ‪،‬تتشعب وسائل مواجهتو اليت طلتصر أعلها فيما يلي ‪: 1‬‬

‫‪ -01‬اًجاد اجفاق اجتماعي على معيار للليم‬


‫وىذ يتطلب ضرورة واعلية تطوير فهم عاـ دلعيار واحد للقيم على مستوى االمة حبيث يضع االمانة‬
‫كإحدى الفضائل السامية اجلديرة بالتقدير والثناء ‪ .‬ويف نفس الوقت اغلاد او خلق ؾره عاـ وامشئزاز لدى‬
‫ادلواطنُت من الفساد حبيث يعتربونو من ؾبريات الرذائل ‪ ،‬وىذا ال ؽلكن اف يتم إال من خالؿ التعليم دبختلف‬
‫مراحلو وبواسطة وسائل االعالـ ادلختلفة ايضاً‪.‬‬
‫‪ -02‬اماهت وهساهت وشفافيت اللياداث العليا‬
‫دلا كاف فساد القادة ىو من اخطر اشكاؿ الفساد فاف عدـ وجود االمانة واالستقامة لدى القادة‬
‫السياسيُت وؾبار ادلوظفُت وؾبار ادلوظفُت سيؤدي حتماً اىل ذبرؤ صغار ادلوظفُت على سلوؾ ودروب الفساد‬
‫والرشوة ادلشينة واستقالؿ ادلواطنُت وىنا البد من احكاـ الرقابة على تصرفات ؾبار ادلوظفُت ومطالبتهم بتقيم‬
‫تقارير دورية عن موجوداهتم الثابتة وادلتداولة وبواسطة وضع قواعد لسلوؾ موظفي الدولة واعالهنا من حُت اىل‬
‫آخر ليطلع عليها ادلواطنوف حىت يكوف بامكاهنم احلكم بانفسهم فيما اذا ؾاف ىناؾ خروج من قبل ادلوظفُت على‬
‫ىذه القاعدة والسلوؾ ادلطلوب‪.‬‬
‫‪ -03‬وشر التعليم وجوعيت اإلاواطىين‬
‫الشك اف جهل ادلواطنُت وعدـ معرفتهم حلقوقهم غلعلهم فريسة للموظفُت ادلرتشُت ‪ ،‬فيدفعوف ذلم الرشوة‬
‫من اجل اصلاز معامالهتم وبالتايل اتساع ظاىرة الفساد وربميل ادلواطنُت ماال طاقة ذلم هبا ودلعاجلة مثل ىذا الوضع‬
‫البد من نشر التعليم او الدورات او الوعي االجتماعي بُت صفوؼ ادلواطنُت وتعريفهم حبقوقهم ‪ ,‬ودبا يؤدي اىل‬
‫امتناعهم عن دفع الرشوة اىل ادلواطنُت‪ ،‬واىل تقليل نسبة الفساد يف االدارة وربجيم ادلنظومات الفاسدة داخل‬
‫اجلهاز االداري وصوالً اىل تفتيتها والقضاء عليها‪.‬‬
‫‪ -04‬محاسبت موظفي الدولت ‪:‬‬
‫إف ضعف او انعداـ عنصر الرقابة واحملاسبة على موظفي الدولة يؤدي اىل انتشار وتفشي الفساد بينهم ‪،‬‬
‫واىل إساءة استعماذلم لسلطاهتم التقديرية وذباوز حدود صالحيتهم والعبث بامواؿ الدولة من ناحية واسغالؿ‬
‫ادلواطنُت من ناحية اخرى ‪ .‬وىنا البد من تشخيص وربديد األشخاص ادلنحرفُت وؾشف ادلنظومات الفاسدة‬
‫داخل اجلهاز االداري من خالؿ إنشاء األجهزة الرقابية الالزمة والقادرة على ؾشف االضلرافات وادلمارسات‬

‫‪1‬‬
‫أمحد حسن زغب ‪(،‬جواف ‪،)2015‬القيم واألخالقيات ادلعاصرة ودورىا يف تقليل الفساد يف إدارة ادلنظمات ادلعاصرة‪ ،‬رللة جامعة القدس ادلفتوحة لؤلحباث والدراسات اإلدارية‬
‫واالقتصادية ‪ -‬اجمللد األوؿ ‪،‬العدد الثالث ‪،‬ص‪78-76‬‬

‫‪39‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الالأخالقية داخل اجلهاز اإلداري ادلعٍت والتحقيق مع ادلوظفُت ادلنحرفُت وفرض العقوبات اليت يستحقوهنا عليهم‬
‫ليكونوا عربة لآلخرين‪.‬‬
‫‪-05‬جبسيط إجراءاث العمل والتخلص من اإلاعوكاث الادارٍت‬
‫اف ؾثرة ادلعوقات اإلدارية ؾتعقيد االجراءات وعدـ تبسيطها وطوؿ خطواهتا يعد من األسباب الرئيسية‬
‫للفساد اإلداري يف األجهزة احلكومية وخاصة اخلدمية منها‪ ،‬وذلك الف االجراءات الطويلة وادلعقدة تؤدي اىل‬
‫الفساد نتيجة إلجبار ادلواطنُت على دفع الرشاوى إىل ادلوظفُت الذين يتولوف اصلاز معامالهتم لقناعة ىؤالء‬
‫ادلواطنُت بانو عدـ الدفع سيؤدي اىل تاخَت اصلاز معامالهتم او حىت ضياعها داخل الدائرة ودلعاجلة مثل ىذه‬
‫احلاالت البد من دراسة القوانُت واألنظمة والتعليمات وإدخاؿ التعديالت ادلناسبة عليها وتصميم اإلجراءات‬
‫البسيطة والسريعة الصلاز معامالت ادلواطنُت وذبنيبهم دفع الرشاوي للمواطنُت‪.‬‬
‫‪ -06‬جلوٍم ومكافاة اإلاوظف ألامين‬
‫يف ظل الفساد ادلتفشي يف األجهزة احلكومية صلد أف ادلوظف االمُت والنزيو ال يلقى التقدير واالحًتاـ‬
‫والدعم‪ ،‬بل يصبح يف مأزؽ ويتلقى االىانات والسخرية من الكثرة الفاسدة وادلنظومات ادلنحرفة بسبب أمانتو‬
‫وإخالصو واجتهاده ‪ ،‬بل قد يصل األمر اىل تعرضو اىل العقوبة او اجلزاء النو امُت ونزيو ‪ .‬وىنا ال عالج اال بدعم‬
‫واسناد ادلوظف االمُت وتقدمي احلوافز ادلناسبة لو وتقوؽلو واعتباره مثاالً وقدوة حسنة ؽلكن اف يقتدي هبا اآلخرين‬
‫ويعدلوف من سلوؾىم ادلنحرؼ وتصرفاهتم االدارية الفاسدة‪.‬‬
‫‪ -07‬اعادة الىظر بمستوٍاث الرواجب والاجور بين فترة واارر‬
‫اف اطلفاض مستوى الرواتب واألجور ادلدفوعة دلوظفي الدولة يعد ىو اآلخر من األسباب الرئيسية‬
‫النتشار ظاىرة الفساد داخل االجهزة احلكومية ‪،‬وخصوصاً اذا ؾاف راتب ادلوظف ال ؽلكنو من توفَت العيش‬
‫الكرمي لو والفراد عائلتو ‪ ,‬فأف ذلك سيدفعو للبحث عن مصادر أخرى ألجل زيادة دخلو ودلواجهة متطلبات‬
‫احلياة‪ ،‬وىذا ما يؤدي بو اىل اللجوء اىل الرشوة والفساد وانتشارعلا نتيجة الضلراؼ مثل ىؤالء ادلوظفُت لقبوذلم‬
‫الرشوة والتعامل هبا ‪ .‬اف‬
‫افضل عالج دلثل ىذه احلالة ىو دراسة رواتب واجور وأجراء تعديالت الالزمة على سلم او درجات الرواتب من‬
‫حُت الخر وما يتناسب مع مستويات ادلعيشة وظروؼ السوؽ‬

‫‪-08‬جباًن استراجيجيت مكافحت الفساد بين مختلف دول العالم‪:‬‬


‫شلا الشك فيو أف مواجهة الفساد واحلد منو يعد ربديًا يواجو كافة احلكومات واجملتمعات‪ ،‬وتعد اجلهود‬
‫اليت تبذؿ من أجل مكافحتو على مستوى وضع السياسات وتطبيقو ا‪ ،‬واستحداث اآلليات الفعالة دلواجهتو دليال‬
‫ومؤشرا على احلوكمة اجليدة والشفافية يف إدارة الشئوف العامة واحًتاـ ومحاية حقوؽ اإلنساف‬
‫ً‬ ‫على إدراؾ خطورتو‬
‫ووجود التزاـ سياسي دلكافحتو‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫ودلا كاف الفساد ظاىرة متشعبة ومعقدة‪ ،‬وزبتلف وسائلو يف الزحف داخل اجملتمعات وإعادة إنتاج نفسو‪ ،‬فإف‬
‫سياسات مواجهتو ليست باليسَتة‪ ،‬إذ ترتبط دبسار وسلوكيات وليس فقط بقرار‪ ،‬وتتقاطع مع مؤسسات وجهات‬
‫رمسية وغَت رمسية عديدة‪ ،‬ويتوىل فاعلوف سلتلفوف يف األىداؼ والتوجهات وضع سياسات مكافحتو‪ ،‬شلا يتطلب‬
‫ضرورة إشراؾ العديد من اجلهات يف التوجهات اليت تعمل على وضع السياسات دلكافحتو‪.‬‬
‫ظلوذجا واحدا‪ ،‬ومن غَت الصحيح اختزاذلا‬
‫وخالفًا لالعتقاد السائد‪ ،‬فإف سياسات احلد من الفساد ال تتبع ظلطًا و ً‬
‫يف قياـ احلكومة بوضع التشريعات الوطنية وادلواثيق الدولية موضع التطبيق دوف االنتباه إىل أف وضع السياسات‬
‫يعترب طرفا و احدا ضمن عملية ديناميكية تتباين فيها ادلصاحل واألىداؼ‪ ،‬بل واحللوؿ ادلقدمة للحد من الظاىرة‬
‫ومعدالت مكافحتها وف ًقا ألولويات كل مرحلة وادلناخ السياسي السائد ‪ ،‬األمر الذي ال ينفي أعلية ضرورة وجود‬
‫توافق سياسي ووطٍت هبدؼ تطوير رؤية إسًتاتيجية دلكافحة الفساد‪.1‬‬

‫ذلذا ذبدر اإلشارة إىل تعدد االقًتاحات اليت تبنتها الدوؿ ادلختلفة دلكافحة الفساد بكافة أشكالو‪ ،‬حيث‬
‫اختارت بعض الدوؿ وضع اسًتاتيجيات وطنية تتضمن ادلئات من ادلقاييس اإلدارية والقانونية‪ ،‬يف حُت تبنت دوؿ‬
‫أخرى سياسات انتقائية تركز على تعزيز الشفافية والنزاىة وتعظيم ادلسا ء لة يف رلاالت عدة من اإلدارة العامة‪،‬‬
‫وتبنت دوؿ أخرى خطط لتطوير البنية التشريعية ومواءمتها مع ادلعاىدات واالتفاقيات الدولية يف ىذا الشأف‪...‬‬
‫‪ _ III‬المجتمع المدني و مكافحة الفساد‪:‬‬
‫‪-01‬أهميت اإلاجتمع اإلادوي في مكافحت الفساد‪:‬‬
‫يلعب اجملتمع ادلدين دورا مكمال للدور احلكومي‪ ،‬ذلك إف جرائم الفساد ال ؽلكن زلاصرهتا ومكافحتها‬
‫إال بتظافر جهود احلكومة واجملتمع ادلدين ‪.‬مث أف مكافحة الفساد والوقاية منو ىي عملية ينبغي أف يشًتؾ فيها‬
‫اجلميع من أفراد ومؤسسات اجملتمع ادلدين مثل النقابات واجلمعيات واألحزاب السياسية ‪.‬‬
‫وعلى أساس ما تقدـ إف أي دولة دبفهومها احلديث ال ؽلكنها أف تقوـ بكل األدوار وحدىا ‪،‬لذا البد من إشراؾ‬
‫اجملتمع ادلدين دبا ؽلتلك من قوة تنظيمية يف توزيع احلاجيات يف جو من التكامل والتضامن ‪. 2‬ويف حاؿ وجود‬
‫إدراؾ ووعي بالدور اذلاـ الذي يؤديو اجملتمع ادلدين يف ربقيق اخلدمة العامة وربقيق التنمية احمللية وخلق قوة‬
‫معارضة تكوف حصنا يف وجو استبداد احلكم ‪،‬وعلى ىذا األساس قد ارتأينا أف تقييمنا لظاىرة الفساد غلب أف‬
‫يستند إىل تقييم العمل اجلمعوي ببلدنا بشكل عاـ وخصوصا ما يتعلق منو دبكافحة لفساد‪.‬‬
‫ويبدو أف ىناؾ ارتباطا بُت ادلستويات العالية من الفساد وبُت ادلستويات ادلنخفضة من نشاط اجملتمع‬
‫ادلدين‪، 3‬إذ أف اجلهود اليت تساعد على بروز رلتمع مدين خالؽ ونابض باحلياة تستدعي تطور منظومة قانونية‬

‫‪ 1‬نجُت انشفافٍت وانُزاهت ‪،)2008 (،‬انخمشٌش انثاًَ ‪:‬أونىٌاث انؼًم وآنٍاحه ‪،‬جًهىسٌت يصش انؼشبٍت ‪،‬ص ‪5‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Essaid Tayeb,(2005),Gouvernance et société civil cas de l’Algerie,revue Idara,n°30 ,2005,P280‬‬
‫‪ 3‬مؤسسة أماف ‪،‬الشفافية (‪، )2019‬مواجهة الفساد عناصر نظاـ النزاىة الوطٍت ‪،‬كتاب ادلرجعية الشفافية الدولية ‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪،‬فلسطُت‬
‫‪www.aman-palestine.org‬‬ ‫تاريخ االطالع ‪2020/01/02‬‬

‫‪41‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫يستطيع اجملتمع ادلدين أف يتحرؾ يف إطارىا وأف يقيم مؤسساتو بعيدا عن تدخل احلكومة وسيطرهتا ‪،‬كما تستدعي‬
‫ليس بالشيء السهل الذي يتحقق دوما ‪،‬على‬ ‫إقامة حوار إغلايب بُت اجملتمع ادلدين واحلكومات ‪ ،‬وىذا‬
‫األخص يف دؽلقراطية صاعدة ألنو قد يكوف متعارضا مع أفكار ومفاىيم مت تكوينها سلفا بشأف كيفية تطوير‬
‫وفرض قرارات احلكومة‪.‬‬

‫‪-02‬آلالياث التي ٌستخدمها اإلاجتمع اإلادوي إلاكافحت الفساد ‪:1‬‬

‫نتطرؽ إىل اآلليات اليت نص عليها قانوف مكافحة الفساد ومع ما ورد النص عليو يف اتفاقية األمم ادلتحدة‬
‫دلكافحة الفساد ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المساهمة في اتخـاذ القرار ‪ :‬من أجل إضفاء مزيداً من الشفافية‪ ،‬يلعب اجملتمع ادلدين دورا ىاما يف‬
‫مكافحة الفساد والوقاية منو ‪ ،‬وذلك من خالؿ مشاركة اذليئات احلكومية يف ازباذ القرار‪ ،‬وكذلك إشراؾ ادلواطنُت‬
‫يف تسيَت شؤوف العمومية وإشراكهم يف ربمل ادلسؤولية‪ ،‬ومن مث سبكينهم من اإلطالع عن قرب على ادلعلومات‬
‫ادلتعلقة بادليزانية ومػعرفة كيفية صرؼ األمواؿ العامة ‪.‬‬

‫ب – التحسـيس ‪ :‬إف فكرة اجملتمع ادلدين أصبحت تقوـ اليوـ على مفهوـ ادلواطنة‪ ،‬الذي يقتضي إشراؾ ادلواطن‬
‫يف تسيَت الشؤوف العامة‪ ،‬لذلك فإنو يستوجب أف يقوـ اجملتمع ادلدين حبمالت للتحسيس ولشرح سلاطر جرائم‬
‫الفساد وآثارىا ادلدمرة على التنمية‪ ،‬والقياـ بأنشطة إعالمية تسهم يف عدـ التسامح مع الفساد ومع األشخاص‬
‫الضالعُت فيو‪ ،‬وينبغي أف توجو ىذه احلمالت لفائدة الشباب من خالؿ وسائل اإلعالـ واالتصاؿ‪ ،‬ومن خالؿ‬
‫برامج تربوية وتعليمية ربذر من ىذه ادلخاطر وتعرؼ بأسبابو وبآثاره السيئة وادلدمرة ‪.‬‬

‫ج – الحـصول على المعلومات ‪ :‬من أجل إضفاء الشفافية يف تسَت الشؤوف العامة ينبغي على ىيئات اجملتمع‬
‫ادلدين وكذا وسائل اإلعالـ احلصوؿ على ادلعلومات ادلتعلقة بالفساد ونشرىا وتعميمها ‪ ،‬وسبكينها من ذلك ودور‬
‫ىذه الوسائل ىاـ يف كشف ادلمارسات ادلتعلقة بالفساد وادلفسدين‪ ،‬وىذه مسؤولية حساسة وخطَتة ال تقل يف‬
‫أعليتها عنمسؤولية األجهزة التشريعية والتنفيذية والقضائية يف زلاربة ومكافحة الفساد ادلاليواإلداري‪ ،‬بل وأحيانا‬
‫يأخذ دور وسائل اإلعالـ يف مكافحة ظاىرة الفساد ادلاليواإلداري بُعدا اجتماعياً وسياسياً أكرب كونو ذا اثر أوسع‬
‫وبعد شعيب ومجاىَتي مباشروواضح شلا ينعكس مباشرة يف تأثَتاهتا على الساحة احمللية وجبميع أبعادىا‪ .‬ولكن ينبغي‬
‫اإلشارة إىل احًتاـ اخلصوصية عند نشر ىذه ادلعلومات‪ ،‬ومراعاة حقوؽ اآلخرين أو مسعتهم‪ ،‬ويف ىذا اخلصوص‬
‫فإف على الدولة أف تضمن تيسَت احلصوؿ على ادلعلومات بصفة فعلية ‪.‬‬

‫‪ 1‬سضا هًٍسً‪ ،‬دوس انًجخًغ انًذًَ فً انىلاٌت يٍ جشائى انفساد ويكافحخها ‪،‬يجهت دفاحش انسٍاست وانماَىٌ‪ ، ،‬ص‪266-264‬‬

‫‪42‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫د ‪ -‬الرصـد ‪ :‬ىو وسيلة فعالة سبكن اجملتمع ادلدين من خالؿ فضح ادلمارسات الفاسدة‪ ،‬وتعبئة الرأي العاـ‬
‫وؽلكن للمجتمع ادلدين أف يقوـ دبراقبة كيفية صرؼ ادلاؿ العاـ وإبراـ الصفقات‪ ،‬ومراقبة األحزاب السياسية وسبويل‬
‫احلمالت االنتخابية‪ ،‬حيث صلد أنو يف كثَت من البلداف يقوـ أصحاب ادلصاحل اخلاصة واألثرياء بابتزاز السياسيُت‬
‫وشراءىم بادلاؿ ‪.‬‬

‫‪_ III‬تجربة سنغافورة كنموذج والمي رائد في مكافحة الفساد‪:‬‬

‫‪-01‬مكاهت سىغافورة في اارطت الفساد العاإلاي ‪:1‬‬


‫مبراجعة تصنيف منظمة الشفافية العادلية لعاـ ‪ 2017‬صلد أف دولة سنغافورة ربتل ادلرتبة السادسة عادلياً يف‬
‫قائمة الدوؿ األقل فسادا ‪ ،‬بينما احتلت ادلرتبة اخلامسة سنة ‪2020‬ولعل السبب األساس يف اإلدارة الناجحة‬
‫لرئيس وزراء سنغافورة الذي حكم دلدة ‪ 40‬عاماً على التوايل‪ ،‬وناؿ لقب (والد سنغافورة ادلستقلة ) كونو صلح يف‬
‫القضاء على الفساد يف البالد ‪ُّ .‬‬
‫وتعد التجربة السنغافورية من التجارب اجلديرة بادلتابعة يف مكافحة الفساد؛ ألف‬
‫ربولت بعد تطبيق اسًتاتيجية مكافحة الفساد إىل دولة من أفضل عشر دوؿ يف رلاؿ مكافحة‬
‫دولة سنغافورة ّ‬
‫الفساد بعد أف كانت تعد واحدة من الدوؿ األكثر فساداً يف ستينيات القرف ادلاضي‬

‫وقد شرعت احلكومة السنغافورية يف إجراء حزمة تغيَتات جذرية يف ىيئة مكافحة الفساد مشلت إلغاء حصانة‬
‫ادلسؤولُت أماـ ادلساءلة‪ ،‬وطالت ادلساءلة عوائل ادلسؤولُت والتحقيق يف احلسابات ادلصرفية‪ ،‬وجرد مجيع ادلمتلكات‬
‫ليس فقط للمسؤولُت‪ ،‬وإظلا ألعضاء عوائل ادلسؤولُت‪ ،‬وأقارهبم‪ ،‬وحىت أصدقائهم ‪.‬‬
‫‪-02‬استراجيجيت سىغافورة في مكافحت الفساد الاكتصادي ‪:2‬‬
‫دوف إسهاب قد ػليد بنا عن غايتنا ‪،‬سنلخص اسًتاتيجية سنغافورة يف مكافحة الفساد االقتصادي يف العناصر‬
‫األربعة التالية ‪:‬‬

‫‪ 1‬صباح علو ‪ ،)2019(،‬اخلطوات االسًتاتيجية دلكافحة الفساد وذبارب شعوب العامل ‪،‬احلوار ادلتمدف ‪،‬العدد ‪، 6351‬تاريخ التصفح ‪2020/05/15‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=649342&r=0‬‬

‫‪ 2‬صباح علو ‪ ،)2019(،‬اخلطوات االسًتاتيجية دلكافحة الفساد وذبارب شعوب العامل ‪،‬احلوار ادلتمدف ‪،‬العدد ‪، 6351‬تاريخ التصفح ‪2020/05/15‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=649342&r=0‬‬

‫‪43‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**العنصر األوؿ ‪ :‬حىت ربصل ىيئة مكافحة الفساد على مصداقية حقيقية حققت مع الرئيس نفسو ومع أفراد‬
‫أسرتو‪ ،‬مث نشطت يف التحقيق مع الوزراء ومجيع مسؤويل الدولة واعتقلت بعضهم‪.‬‬
‫**العنصر الثاين ‪ :‬يف مكافحة الفساد كاف يف تفعيل " قانوف "من أين لك ىذا " الذي يسمح دبراجعة مستويات‬
‫معيشة ادلوظفُت شلن يعيشوف خارج حدود إمكانياهتم‪ ،‬أو لديهم شلتلكات وأمواؿ ربت تصرفهم مل يكن يف‬
‫أي مكافأة يتلقاىا ادلسؤوؿ من أي‬ ‫مقدورىم احلصوؿ عليها من مرتباهتم‪ ،‬كدليل على الرشوة؛ وبالتايل تُ ُّ‬
‫عد ُ‬
‫شخص يسعى إىل االتصاؿ دبؤسسات احلكومة رشوة حىت يثبت العكس؛ وىذا يعٍت أ ّف على ادلسؤوؿ احلكومي‬
‫إثبات براءتو‪ ،‬وإقناع احملكمة بعدـ تلقي الرشوة أو الدخوؿ يف أي شبهة فساد‪ .‬ويف حالة فشل ادلسؤوؿ يف إثبات‬
‫نزاىتو‪ ،‬واقتناع احملكمة بفساده‪ ،‬تعرض شلتلكاتو للمصادرة مع غرامة كبَتة‪ ،‬وردبا يُلقى يف السجن يف وقت الحق ‪.‬‬
‫حسنت احلكومة رواتب ادلوظفُت والسيما ادلسؤولُت‪ ،‬واتبعت احلكومة سياسة‬ ‫ٍ‬
‫**العنصر الثالث ‪ :‬ويف خط متواز ّ‬
‫تقوـ على جعل رواتب ادلوظفُت احلكوميُت ىي األعلى يف اجملتمع‪ ،‬وقد ّأدى ارتفاع الرواتب إىل جذب القطاع‬
‫العاـ ألفضل ادلتخصصُت بعيداً عن احملاباة واحملسوبية‪ .‬وحينما بدأت البالد يف االنتعاش االقتصادي السريع‪،‬‬
‫بدأت أجور القطاع اخلاص باالرتفاع‪ ،‬وما كاف من احلكومة إال زيادة مرتبات موظفيها‪ ،‬وتلقى ادلوظفوف ادلدنيوف‬
‫والقضاة رواتب تعادؿ مرتبات كبار ادلديرين يف الشركات الرائدة ‪.‬‬
‫**العنصر الرابع‪:‬وحىت ال تغفل أجهزة الدولة عن شبهات الفساد‪ ،‬استعانت احلكومة باإلعالـ يف كشف احلاالت‬
‫ادلشبوىة عرب تشكيل وسائل إعالـ مستقلة وموضوعية تغطي مجيع حاالت الفساد اليت عُثَِر عليها أو اليت غفلت‬
‫عنها‪ .‬وصارت الصحف ووسائل اإلعالـ األخرى تبحث عن ضابط شرطة ػلصل على الرشوة‪ ،‬أو موظف مدين‬
‫يعرقل شؤوف ادلواطنُت من أجل الرشوة ليكونا يف الصفحة األوىل ‪.‬‬
‫حولت دولة فاشلة من حالة سيئة دوف موارد طبيعية‪ ،‬إىل واحدة‬ ‫فكانت ىذه ىي العناصر التنظيمية األربع اليت ّ‬
‫من االقتصادات الرائدة يف العامل يف أقل من ‪ 40‬عاماً‪ ،‬وىي جديرة بالدراسة والتحقيق ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرجين‪ :09،08‬جطور الفساد إلاداري بالجزائر‬

‫‪ _I‬تطور ظاهرة الفساد باإلدارة العمومية الجزائرية‬


‫لطاؼبا كان االقتصاد اعبزائري مركزيا خول للدولة اإلشراف على خَتات البلد ‪،‬وبطبيعة اغبال تعترب اإلدارة‬
‫العمومية نبزة الوصل بُت اغبكومة والشعب ‪،‬كما أهنا مركز للقرارات االقتصادية اغبساسة دبا سبتلكو من إمكانيات‬
‫ىائلة تسخرىا ؽبا الدولة‪ ،‬وىو ما هبعلها مرتعا خصبا للفساد بشىت أنواعو ولعل تاريخ اإلدارة العمومية اغبافل‬
‫باهتامات الفساد ليس وليد اؼبركزية فحسب بل ىو نتاج لًتاكمات اؼبراحل اليت مرت هبا اعبزائر من عهد األتراك‬
‫إىل الفرنسيُت ‪،‬فالدولة اؼبستقلة الراىنة‪.‬‬

‫‪-01‬الفساد في إلادارة في العهد التركي بالجزائر‪:‬‬


‫يعرف العهد الًتكي يف اعبزائر بعهد الدايات الذي يتمثل يف دولة عسكرية يرأسها داي (رئيس‬
‫اعبماعة)يقوم بانتخابو كل من اؼبليشيا و اعبيش الًتكي أو ما يسمى بالتنظيم االنكشاري ‪.1‬‬

‫واعبدير بالذكر أن األجهزة اإلدارية يف ىذا العهد كانت تتسم بالضعف من ناحية التسيَت والتنظيم واؼبراقبة‬
‫‪،‬ويرجع سبب ىذا الضعف إىل افتقاد تلك األجهزة لعنصر الشعب وانعزاؽبا عنو‪.‬وبالتايل فإن قيامها كان يهدف‬
‫باألساس إىل خدمة اؼبصاحل اػباصة للفئات اؼبذكورة على حساب مصلحة اؼبواطنُت اعبزائريُت وىو أس مفاىيم‬
‫الفساد ‪،‬ومن ىنا نشأت روح التنافر بُت تلك األجهزة اؼبنغلقة على نفسها واؼبواطنُت الذين فقدوا أمل التعاون‬
‫معها ورفضوا أوامرىا‪.‬ويف ىذا اعبو اؼبشحون بعدم الثقة بدأ مبو شىت أنواع اؼبساوئ اإلدارية تًتأسها الرشوة كأحد‬
‫معامل البَتوقراطية لتضرب جذورىا عميقا يف تربية أفراد اجملتمع اعبزائري‪.‬ولعل اعبهل ساىم بقسط كبَت يف ترسيخ‬
‫ىذه السلبيات يف الذىنيات اعبزائرية‪.‬ويف ىذا اػبصوص عبأت السلطات اإلدارية الًتكية إىل زبدير عقول الشعب‬
‫بنشر الطرق اػبرافية لطمأنة النفوس ومعرفة اؼبستقبل بشىت أنواع التحايل على الدين(كالتفسَتات غَت الصحيحة‬
‫لبعض األحاديث النبوية والنصوص القرآنية) ونشر السحر والشعوذة‪،‬وإىل جانب ىذه األمراض االجتماعية كان‬
‫تقدمي اؽبدايا والرشوة للقيادة والبايات واػبزناجة واآلغات وغَتىم أمر طبيعي مقابل قضاء بعض اؼبصاحل اإلدارية‬
‫حيث كان اؽبم الوحيد صبع األموال من اؼبواطنُت اعبزائريُت نظرا لإلفالس اؼبايل الذي كان يتخبط فيو اؼبوظفون يف‬
‫ذلك الوقت نتيجة الضعف الشديد الذي كانت تعاين منو اإلدارة اؼبالية ‪،‬حيث أن ىذه اؼبرحلة التارىبية مل تكن‬

‫فيها اإلدارة اؼبالية على درجة كبَتة من الكفاءة بل كان ينقصها االنضباط اؼبايل واغبسايب ‪،‬حيث مل يكن ىناك‬
‫توازن حقيقي يف توزيع النفقات العامة ‪،‬إذ أن اعبزء األكرب منها ـبصص للصرف على رجال السلطة العليا ‪.1‬‬

‫‪ 1‬طبيس السيد اظباعيل ‪ ،)1975( ،‬القيادة اإلدارية والتنظيم اإلداري يف اعبمهورية اعبزائرية ‪،‬اعبزائر‪،‬ص ‪132-130‬‬

‫‪45‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫لبلص فبا تقدم إىل أن جذور الظواىر السلبية يف اإلدارة اعبزائرية تتقدمها الرشوة ضاربة يف القدم وتعود‬
‫أصوؽبا إىل العهد الًتكي ‪،‬وسبثلت أسباب ترسخها يف غطرسة اإلدارة وتعاليها على الشعب ‪،‬واتصافها بالصبغة‬
‫العسكرية ال اؼبدنية ‪،‬وسعيها اغبثيث ػبدمة مصاحل ذوي النفوذ وىو ما أوجد فقدان الثقة بُت اإلدارة واؼبواطن ‪.‬‬

‫‪-02‬الفساد في إلادارة في عهد الاستعمار الفرنس ي بالجزائر‪:‬‬


‫إن تاريخ الفًتة االستعمارية مليء بشىت أنواع الفساد من اختالسات ‪،‬ربايالت ورشوة بداية من استسالم‬
‫رؤساء القبائل "الرشوة االستعمارية شوىت سلطة رؤساء القبائل الذين ائتمنوا لقاء خدماهتم الوفية‪ ،‬كما أن‬
‫القدرات اإلدارية القانونية والضريبية مل تكن معرفة" ‪.2‬حيث ترسخت معامل القيم السلبية يف اإلدارة (من بَتوقراطية‬
‫‪،‬رشوة ‪،‬ابتزاز ‪،‬ربايل‪)...‬مع بداية االحتالل الفرنسي ‪،1830‬إذ جاءت اإلدارة االستعمارية متسمة بالسمة‬
‫العسكرية ذات النزعة اؼبركزية الشديدة اليت سبثلت يف قبضة السلطات العسكرية على األجهزة اإلدارية وتوجيو ىذه‬
‫األجهزة كبو مصاحل الفرنسيُت وأعواهنم من اؼبستوطنُت األوربيُت على حساب أصحاب البالد الشرعيُت ‪.3‬‬
‫ونضيف ىنا أن األعمال التارىبية تشَت لكون االقتصاد االستعماري الذي بدأ بتجريد فبتلكات األىايل وهنب‬
‫ثرواهتم بٍت على عائد عقاري منحرف حيث وزعت آنذاك ملكيات األراضي على اؼبعمرين األوربيُت عن طريق‬
‫اإلدارات اليت مارست أساليب ملتوية لتحقيق ذلك‪.‬وىكذا باتت اإلدارة االستعمارية غارقة بالفساد وىذا ما‬
‫استنكرتو جرائد تلك الفًتة اليت نوىت بإقصاء االستعمار الفرنسي ألغلب الضغوط اؼبالية عن طريق‬
‫الضرائب‪.4‬حيث أن سلطات االستعمار الفرنسي اذبهت منذ البداية إىل إضعاف اؼبواطنُت بالضرائب اليت كان‬
‫يقوم جبمعها "القايد" وىو موظف بسيط مسلم ىبتارونو غالبا من قدماء احملاربُت ليكون حارسا للنظام يف القرى‬
‫واؼبد اشر والبادية وال تدفع لو اإلدارة مرتبا يكفيو ‪،‬بل تكتفي بالتغاضي عن األساليب اغبقَتة اليت يسلكها‬
‫لكسب عيشو‪،‬وتوسيع ثروتو على حساب من ىم ربت سيطرتو ‪.5‬‬
‫لبلص فبا سبق أن رباليل الفساد يف ىذه الفًتة تعزى أسباهبا إىل بَتوقراطية اإلدارة الفرنسية وتسلطها‬
‫وسبييزىا يف اؼبعاملة ‪،‬إضافة إىل أجور اؼبوظفُت اليت تعمدت فرنسا جعلها زىيدة لتستكمل بالطرق اؼبلتوية ضد‬
‫الشعب اعبزائري ربت غض طرف وحىت ضباية من السلطات وىو ما رسخ جل أنواع اؼبمارسات السلبية يف اإلدارة‬
‫‪-03‬الفساد في إلادارة الجزائريت بعيد الاستقالل ‪:‬الدولت الوارثت‬
‫بعد االستقالل توسع شكل اإلدارة اؼبتعسفة وزاد انتشار الفساد فيها ‪ ،‬ففي الواقع مبوذج الدولة الوارثة شرح‬
‫سسيولوجية الفساد بأغلب أكباء إفريقيا ويف اعبزائر باؼبثل ‪.‬حيث أن االستعمار دمر نظام القبيلة بشكل عنيف فبا‬
‫ىدم أي ؿباولة لبناء إدارة فعالة ‪-‬بعد االستقالل –ذات سلطة مطلقة ومن مث صعود مستويات البطالة وتنامي‬

‫‪ 1‬طبيس السيد اظباعيل ‪،)1975( ،‬اؼبرجع السابق ‪،‬ص‪130.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Talahit Fatiha,)2000( corruption et engrenage de la violence en Algérie Revue Tiers Monde‬‬
‫‪ 3‬طبيس السيد اظباعيل ‪،)1975( ،‬اؼبرجع السابق ‪ ،‬ص‪140.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Talahit Fatiha,)2000( corruption et engrenage de la violence en Algérie Revue Tiers Monde‬‬
‫‪5‬‬
‫أضبد توفيق اؼبدين ‪ ، 1956 ،‬ىذه ىي اعبزائر ‪ ،‬مكتبة النهضة اؼبصرية ‪،‬القاىرة ‪،‬ص ‪103-102‬‬

‫‪46‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الالتكافؤ وىي ظروف مساعدة لتنامي الفساد أكثر فأكثر واستفحال آلياتو ‪ ،‬وىذا ما نلمسو من خالل‬
‫اؼبمارسات الفاسدة اليت رافقت قيام الدولة اعبزائرية حىت يف بداياهتا (موجة توزيع بطاقات اعبهاد اؼبزورة الناذبة عن‬
‫التساىل حيث كانت شهادة اثنُت كافية لتحويل الشخص جملاىد على األوراق الرظبية ليشهد بدوره آلخرين‬
‫يلحقهم بالقائمة وىذا ما ضخم عدد اجملاىدين وكان ىذا كلو بغرض االستفادة من اؼبزايا اليت سبنحها‬
‫الدولة)‪.1‬وقد اعتربت ىذه الفًتة (بعيد االستقالل ‪ ) 1965 -1962‬فًتة ذبريبية بالنسبة لإلدارة اعبزائرية ‪ 2‬وىذا‬
‫نتيجة اؼبخلفات االستعمارية وؿبدودية قدرة الدولة على النهوض اؼبباشر بإدارة حديثة تستجيب ؼبتطلبات اؼبرحلة‪.‬‬
‫‪-04‬الفساد في إلادارة الجزائريت في ظل املركزيت ‪ :‬الدولت الحاميت‬
‫إن اعبزائر وحبكم كوهنا خرجت من فًتة استعمارية مريرة ‪ -‬وجدت إثرىا كثَتا من جاراهتا تنتهج أسلوب‬
‫االقتصاد اؼبسَت كنمط وأسلوب سائد أفرز مفهوم الدولة اغبامية‪ -‬مل ذبد بدا من سلك نفس اؼبسار ويف ىذا‬
‫السياق يتوضح أن احتكار الدولة الذي عاش بعد االستعمار بعفوية يغطي االنقسام اؼبتحفظ للسلطة وأن ىذه‬
‫اإلديولوجية االجتماعية جاءت لتغطي النهب الذي توسع يف كل القطاعات وبالتايل خلق فرصا ىامة الستفحال‬
‫الفساد‪ ،3‬ونستطيع اعبزم أن الوقوع يف االحتكار العمومي الذي أسستو الدولة اغبامية مل يولد سوى اإلثقال‬
‫بالديون وأن االقتصاد اعبزائري مل ينتج شيئا غَت عوائد الطاقة ‪ .‬لقد عرفت ىذه الفًتة ذباوزات عديدة و‬
‫احتياالت خطَتة مرت كلها ربت غطاء رظبي أين تفصل القوانُت على اؼبقاس دبرونة كبَتة كون الدولة ىي البائع‬
‫واؼبشًتي ‪ ،‬اؼبصدر واؼبستورد ‪،‬اؼبالك واؼبمول‪..،‬وىنا نعيب أسس الرقابة اليت ربولت إىل رقابة عقيمة وشكلية أين‬
‫الدولة ىي اؼبراقب واؼبراقب‪.‬‬
‫بالنسبة لإلدارة اعبزائرية يف ىذه الفًتة فقد أوجدت فرصة ساكبة للبَتوقراطية ومن خالؽبا الفساد ‪،‬حبيث‬
‫وجدت نفسها ملقاة خالل عدة سنوات يف عامل جديد ‪،‬وبناء على ذلك فهي ستتحقق من عملية إعادة تكييف‬
‫أعضائها اؼبنحدرين من شرائح اجتماعية ـبتلفة‪،‬تدرهبيا بفعل اؼبراكز و اؼبواقع القيادية اليت وبوزون عليها يف ىرم‬
‫الدولة وباستيالئها على رقابة الدولة البَتوقراطية اعبزائرية(مبوذج الدولة اغبارسة) فقد عرفت ربوال حاظبا وربولت‬
‫ىكذا إىل بَتوقراطية برجوازية (مبوذج الدولة اؼبتسلطة)‪،‬وبالنسبة إىل قادة الربجوازية البَتوقراطية (يف اعبيش‬

‫‪ 1‬علي سعيدان‪ ،( 1981) ،‬بَتوقراطية اإلدارة اعبزائرية ‪،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اعبزائر ‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد اغبميد اإلبراىيمي‪ ، (2004) ،‬دراسة حالة اعبزائر‪ :‬حبث مقدم يف إطار الندوة الفكرية ؼبركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع اؼبركز السويدي باإلسكندرية بعنوان "الفساد‬
‫واغبكم يف البالد العربية" ‪،‬بَتوت‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Talahit Fatiha,) 1998( ,LA CORRUPTION: LE PRIX DE LA CONTRE-REFORME , Libre Algérie n°5,‬‬
‫‪Alger, 9-22 novembre .‬‬

‫‪47‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫واالقتصاد) ‪،‬فإن التنازالت اؼبقدمة للجماىَت ال يبكن أن يسمح هبا إال بالقدر الذي يربط ىذه األخَتة بالنظام‬
‫دون إعادة النظر يف الًتتيبات االجتماعية السائدة ودون التشكيك يف سلطان الدولة ‪. 1‬‬

‫استنادا ؼبا أسلفنا فإن الفساد يف ىذه اؼبرحلة قد طور أساليبو يف اإلدارة اعبزائرية ‪ ،‬فمن جهة اؼبركزية‬
‫فرضت بَتوقراطية مرىقة على اؼبواطن العادي ‪،‬ومن اعبهة اؼبقابلة فإن ىذه البَتوقراطية تستغل لبناء ثروة ذوي‬
‫النفوذ ‪ ،‬ومع حالة التعتيم اليت رافقت الدولة اغبارسة بغية ضباية النافذين وجدت الفساد حيزا ىاما لكسر قيود‬
‫البَتوقراطية من طرف اؼبواطن العادي ‪،‬وإغراء كبار اؼبوظفُت (أصحاب القرار) من طرف النافذين‪ .‬ومع كل فبارسة‬
‫رشوية كان ىناك تفتيح ؼبسالك صعبة ؼبمارسات رشوية الحقة‪.‬‬
‫إن ىذا االنسداد اػبطَت جعل اؼبسؤولية بالقطاع العام ؾبرد وسيلة للرغبة غَت احملدودة يف منافع الدولة والًتبح منها‬
‫شخصيا‪.‬وهبذا مت توجيو اػبطط القومية التنموية وفق اؼبصاحل الشخصية لفئات معينة وىو ما حاصر االقتصاد‬
‫اعبزائري ‪ ،‬فبا أوجب عملية اإلصالح اليت ظهرت مع برامج التعديل اؽبيكلي اليت فرضها ‪FMI‬ومفاىيم إعادة جدولة‬
‫الديون وىي ما يعرف باؼبرحلة االنتقالية اليت سنصف خصوصية الرشوة هبا فيما يلي ‪.‬‬
‫‪-05‬الفساد في إلادارة الجزائريت في ظل إلاصالحاث‪:‬‬
‫يف خضم الظروف اؼبشار إليها سلفا وجدت اعبزائر نفسها أمام حتمية التوجو إىل السوق لتخفيف‬
‫وانسحاب الذولة تدرهبيا من بعض‬ ‫الثقل على القطاع العام وإشراك القطاع اػباص يف العملية التنموية‬
‫النشاطات االقتصادية وفسح اجملال أمام اؼببادرات اػباصة عن طريق تشجيع االستثمار اػباص‪ .‬و ىو ما فرضو‬
‫البنك الدويل من خالل برامج اإلصالح اؽبيكلي يف إطار التحويل اعبماعي لدول العامل إىل الليربالية ‪.‬‬
‫إذن فإثر الوضع السابق(اؼبركزية) ‪-‬الذي صور للشعب أن مراكز القرار يف اعبزائر ما ىم إال صباعات ربصر‬
‫تركيزىا بأنشطة ملتوية لتغذي جشعها ‪- 2‬برزت ضرورة االنتقال القتصاد السوق كحتمية مفروضة على الواقع‬
‫اعبزائري ‪ ،‬خاصة بعد أن دعم ‪ FMI‬ىذا التوجو بربامج التعديل اؽبيكلي اليت صاغها إلعادة جدولة الديون فهل‬
‫يعترب ىذا االنتقال من الدولة اغبامية إىل اؼبنافسة اغبرة وأسس السوق كافيا للقضاء على الرشوة أو حىت التقليل‬
‫منها أو على األقل إيقاف زحفها؟‬
‫لقد أشارت رباليل الفساد إىل ىذه اؼبرحلة بعمق‪ ،‬حيث أن اعبزائر ىنا عرفت ربوال مهما بتارىبها االقتصادي‬
‫‪ ،‬كوهنا شهدت انتقادا جذريا للقرارات الكربى الناذبة عن تسيَت الدولة لالقتصاد ‪،‬و لكن الوعي لدى اؼبنتخبُت‬
‫كان مل يكتمل بعد فاكبصرت التعديالت يف نظرة تكنوقراطية مل ذبتهد بالشكل اؼبطلوب للوصول إىل عمق‬
‫التعديالت وىكذا بدت ؿباوالت اإلحاطة دبشكلة الفساد شكلية ال تعدو نطاق اػبطب والتقارير وىذا ما خلق‬

‫‪11‬‬
‫‪Mohamed Harbi , 1980 , F.L.N mirage et réalité : des origines à la prise du pouvoir(1945-1962) ,éd Jeune-‬‬
‫‪Afrique ,Paris.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Djillali Hadjadj,L’Algérie le piège des généraux, www.lesoirdalgerie.com/pdf/2010/09/07...-‬‬

‫‪48‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫وضعية خطَتة أين مت اهتام عدد كبَت من الشخصيات البارزة بالتحايل لكنهم بقوا دون عقاب ‪ ،‬بل أكثر من‬
‫‪1‬‬
‫ذلك فقد حافظو على مراكزىم وكامل صالحياهتم ‪.‬‬
‫‪2‬ا‬ ‫وقد انتهت رباليل الفساد ؽبذه الفًتة ‪ ،‬لكون الفساد وبدل أن تقيده اإلصالحات أصبحت شبنا عكسيا لو‬
‫‪،‬فما حدث ىو ؾبرد تغيَت ألشكال الفساد وميكانيزماهتا وربوطها عن طريق تنظيمها احملكم يف شبكات قوية‬
‫ربميها وتصعب الوصول إليها وىكذا تطور الفساد وازداد اتساعا لنشهد يوما بعد يوم فبارسات جديدة سبرر دون‬
‫عقاب ‪.‬‬
‫‪-06‬الفساد يساير جبعاث إلاصالح الاقتصادي في إلادارة الجزائريت ‪:‬‬
‫لقد ظلت النتائج االقتصادية و االجتماعية لربنامج التصحيح اؽبيكلي تشكل موضوع جدل واسع ؼبختلف‬
‫االقتصاديُت و احملللُت بسبب الظروف الداخلية و اػبارجية الغَت مالئمة (ضغط اؼبديونية اػبارجية ‪،‬تردي ـبتلف‬
‫اؼبؤشرات االقتصادية وتفاقم اإلختالالت يف التوازنات اؼبالية الكربى ‪ ،‬الظروف األمنية الصعبة و عدم االستقرار‬
‫السياسي اليت مرت هبا البالد ‪ ،‬تراجع فرص االقًتاض و عدم ثقة اؼبتعاملُت األجانب‪.)...‬‬

‫و إذا كان بعض االقتصاديُت يعتربون أن االقتصاد اعبزائري قد حقق نتائج إهبابية خاصة على اؼبستوى الكلي يف‬
‫ظل الربنامج الذي تبنتو اعبزائر بدعم من صندوق النقد الدويل( أين ربسنت معظم اؼبؤشرات االقتصادية الكلية و‬
‫عاد النمو االقتصادي بعد فًتة طويلة نسبيا من الركود باإلضافة إىل اسًتجاع التوازنات اؼبالية‪ ،‬حيث أصبح‬
‫االقتصاد الوطٍت أكثر استجابة للتحوالت و الصدمات اػبارجية‪)...‬‬

‫إال أن اؼبضاعفات السلبية و إن كانت ظرفية و مؤقتة كانت صارخة وواضحة خاصة على اعبانب االجتماعي‬
‫‪.‬ومن ىنا تدخل الفساد يف التحليل حيث أنو تركز ليربر باغبماية اليت استماتت الطبقات العليا يف ربقيقها عن‬
‫طريق تكثيف عملية النهب باستغالل الوضع العاجز للجزائر يف مفًتق الطرق بُت التسيَت اؼبمركز والتسيَت اغبر‬
‫ىذا الوضع الذي نتج عنو فراغ قانوين وتوسيع أكرب ؼبنح الصالحيات والتفويضات بشكل متشتت ظبح ؼبن‬
‫يعتربون أنفسهم حاذقُت بتكوين طبقة األثرياء اعبدد ‪،‬الذين كونوا ثروهتم نتيجة حسن استغالؽبم لثغرات القانون‬
‫واستفادهتم من اؼبزايا اليت منحتها الدولة لتشجيع الستثمار اػباص إما عن طريق احملاباة ويف الغالب عن طريق‬
‫الرشوة ‪.‬‬

‫يف اعبهة اؼبقابلة(وعلى غرار الطبقة النافذة) ‪،‬توسع الفساد يف شرائح اجملتمع الوسطى مربرة دبحاولة ذباوز‬
‫النتائج االجتماعية القاسية لربامج اإلصالح حيث أنو وكما أسلفنا فإن نتائج اإلصالحات من خالل الربنامج‬
‫الذي اعتمدتو اعبزائر قد أدى إىل تفاقم الوضعية االجتماعية حيث ارتفعت معدالت البطالة و تراجع اؼبستوى‬

‫‪1‬‬
‫‪Djillali Hadjadj,(2001), Corruption et démocratie en Algérie, Paris, La Dispute, 2001‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Fatiha Talahite, (1998) ,LA CORRUPTION: LE PRIX DE LA CONTRE-REFORME , Libre Algérie n°5,‬‬
‫‪Alger, 9-22 novembre 1998‬‬

‫‪49‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫التعليمي و الصحي و ذلك كنتيجة للتدابَت التقشفية‪ ،‬حيث تزايد الفقر و البؤس و تضاعفت الفوارق االجتماعية‬
‫بُت ـبتلف شرائح اجملتمع كما يؤكد تقرير برنامج األمم اؼبتحدة للتنمية لسنة ‪ 1999‬إذ يشَت أن ‪ ٪20‬من أغٌت‬
‫فئات اجملتمع اعبزائري تستحوذ على ما يقارب ‪ ٪50‬من الدخل ‪ . 1‬إن ىذه النتائج كانت متوقعة بالنظر لتجارب‬
‫البلدان اؼبختلفة اليت سبقتنا يف ىذا اجملال باعتبار أن ىذه األخَتة مستمدة أساسا من ذبارب البلدان اؼبتطورة و‬
‫اليت زبتلف اختالفا جذريا عن ذبارب البلدان اؼبختلفة ‪.‬‬

‫‪-07‬الفساد يستفحل في إدارة الدولت الجزائريت الحديثت ‪:‬‬

‫جدت اعبزائر نفسها أمام رىان اػبوصصة ففتحت أبواب اقتصادىا على مصراعيو لالستثمارات احمللية‬
‫واألجنبية‪،‬وىو ما وسع من صالحيات اؼبسؤولُت اإلداريُت ‪ -‬خاصة الرفيعة اؼبستوى‪ -‬يف ما يتعلق بتوقيع تراخيص‬
‫االستثمار والتصدير ‪،‬وحىت اؼبوظفون العاديون يف ىذه اإلدارات برز دورىم يف تسهيل استخراج ىذه الًتاخيص‬
‫بعد توقيعها أو على األقل عدم عرقلتها ‪،‬وىو ما فتح الطريق كبو مزيد من التفنن يف أشكال وآليات الفساد‬

‫فيما يتعلق بباقي اإلدارات العمومية اؼبرتبطة مباشرة باؼبواطن العادي ‪،‬فلم تسلم بدورىا من مواصلة تنامي‬
‫الفساد هبا ذلك أنو وحبكم وفرة العائدات البًتولية اليت جعلت اعبزائر ورشة ضخمة للمشاريع االجتماعية بغية‬
‫ربقيق التنمية ‪،‬سخرت الدولة إمكانيات ىامة ؼبختلف القطاعات من خالل اؼبؤسسات العامة القائمة عليها‬
‫‪،‬ولبص بالذكر اإلدارات اؼبتعلقة باجملالس اؼبنتخبة(الوالية ‪،‬الدائرة ‪،‬البلدية) ‪،‬وقد كانت ىذه اإلمكانيات ؿبط‬
‫استفزاز ؼبمارسات الفساد حىت توزع بطريقة غَت شرعية (مثال ‪:‬التحايالت الفاضحة للحصول على دعم الدولة يف‬
‫ـبتلف القطاعات يف ظل تغييب الرقابة و تواطؤ اؼبسؤولُت) ‪.‬ومل تقتصر فبارسات الفساد والرشوة على التنافس‬
‫للحظوة دبزايا الدولة بل تطورت لتصبح طريقا أساسيا إلقباز التعامالت اليومية يف اإلدارة اعبزائرية (يظهر ىذا من‬
‫خالل األرقام الدالة على تورط اإلدارة العمومية يف الفساد باعبزائر أكثر من باقي الشرائح ‪،‬ذلك أنو ورغم النتائج‬
‫اليت تبدو إهبابية لالقتصاد اعبزائري بعد عملية اإلصالح وبفضل العوائد الطاقوية ‪،‬فإن التكلفة االجتماعية كانت‬
‫كبَتة وقد انعكست مباشرة على اؼبواطن الكادح الذي ارتفع مستوى معيشتو ‪،‬يف وقت يالحظ ترف طبقة‬
‫فاسدة دون جهد ‪ ،‬وقد ال يكون ىناك مربر أقوى النتهاج الفساد من ىذا الذي ذكرنا ‪.‬‬

‫ولعل ما يبيز بو احملللون ىذه الفًتة من حيث االكبرافات والتجاوزات ‪،‬ىو أهنا ربولت من الفساد (بعد االستقالل‬
‫)‪،‬إىل النهب (أثناء وبعد اإلصالح)‪،‬ومنو إىل اؼبرحلة األخَتة اليت اعتربوىا نهبا مكشوفا ‪ ،‬فاالختالف إذن ىو أن‬
‫اؼبواطن العادي اليوم يعي ولو نسبيا شكل وحجم الفساد اؼبوجود يف اجملتمع كما أن السلطات واعبهات اؼبعنية‬

‫‪1‬‬
‫‪،‬التقييم األويل ؼبضمون و نتائج برنامج التصحيح اؽبيكلي يف اعبزائر‪ ،‬اؼبلتقى الدويل حول العوؼبة و برامج التصحيح اؽبيكلي و التنمية – جامعة )‪ (1999‬روابح عبد الباقي و علي نبال‪،‬‬
‫فرحات عباس سطيف ‪ 16/15‬ماي‬

‫‪50‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫بدورىا وأكثر من اؼبواطن العادي تدرك سباما خطورة الوضع ‪،‬إال أن االثنُت يفضالن اؼبوقف السليب ‪،‬فاؼبواطن‬
‫العادي إما يتذمر أو يسلك طريق الفساد ‪،‬والسلطات اؼبسؤولة إما تنساق وراء اؼبفسدين أحيانا أو تنادي دبكافحة‬
‫الظاىرة أحيانا أخرى وىو ما جعل ىذه اؼبكافحة تبدو شكلية إىل حد بعيد‪.‬ومن الدالئل على ىذا تنامي‬
‫الفضائح اؼبالية باعبزائررغم جهودىا اغبثيثة (على األقل ظاىريا) فيما يتعلق دبكافحة الفساد ‪.‬‬

‫‪-08‬انتفاضت الشعب الجزائري ضد الفساد ‪:‬الحراك الشعبي‬

‫يف ظل ما تقدم من تعفن ‪،‬جاءت انتفاضة الشعب اعبزائري ضد مظاىر الفساد واالستبداد‪ ،‬اليت تعترب‬
‫نوعي يف سوسيولوجيا اجملتمع‪ ،‬ألهنا تعرب عن رغبة جاؿبة وعزيبة طاؿبة كبو التغيَت اإلهبايب‬
‫كمؤشر على ربول ّ‬
‫ٍت الفساد‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫وصناعة الفعل اغبضاري‪ ،‬والتحرر من ربقة االستبداد والرداءة دبختلف ذبلياهتا‪ ،‬اليت ترسبت عرب س ّ‬
‫وضربت بأطناهبا يف كل ربوع البالد ‪ ،‬فمنذ ‪ 22‬من فرباير ‪ 2019‬بدأت شروبة واسعة من الشعب اعبزائري يف‬
‫التظاىر السلمي بكل واليات الوطن ‪،‬مرتُت على األقل يف األسبوع‪ ،‬فيخرج الطلبة اعبامعيون اىل الشوارع كل‬
‫يوم ثالثاء يف حُت زبرج سائر فئات الشعب يف أيام اعبمعة‪ .‬نشأ ىذا اغبراك الوطٍت اؼبسامل إثر االعًتاض الشعيب‬
‫العارم على للعهدة اػبامسة للرئيس األسبق عبد العزيز بوتفليقة‪،‬اليت شكلت القطرة اليت أفاضت الكأس ‪،‬فدفعت‬
‫الشعب للمطالبة بالتغيَت العميق يف النظام السياسي‪،‬االقتصادي ‪،‬االجتماعي ‪....‬ربت مسمى الشعار‬
‫العامي“يتناحاو كاع” (فلَتحلوا صبيعاً)‪.‬‬

‫ولعل اعبدير بالذكر ىو أن االكبياز الواضح ؼبؤسسة اعبيش يف صف الشعب ىو الذي ساىم يف تغذية ما ظبي‬
‫باغبراك الشعيب ‪،‬كما واصل اعبيش مرافقتو لالنتقال السلمي للسلطة وسط ـباوف كبَتة النفالت األمن ويف ظل‬
‫ؿباكمات تارىبية لثلة من رموز النظام السابق ‪.‬‬

‫فإىل أي حد سينجح النظام اغبايل بقيادة الرئيس عبد اجمليد تبون يف رىان بناء اعبزائر اعبديدة ‪،‬النزيهة والعادلة‬
‫والشفافة ‪،‬ىذا ما سيجيب عنو اؼبستقبل‪.‬‬

‫حوصلة ‪:‬من خالل ما تقدم يتضح أن الفساد يف اإلدارة اعبزائرية ليس وليد اليوم بل ىو نتاج لًتاكمات عدة‬
‫مراحل ‪،‬حيث غذهتا كل مرحلة خبصائص وصفات معينة لتتكيف استعدادا للمرحلة الالحقة ‪ ،‬ولعل ىذا ىو سر‬
‫قوة الظاىرة ومشوخها الذي انتقل هبا من مباغتات االكبراف اؼبوروث عن العهدين الًتكي والفرنسي ‪ ،‬إىل النهب‬
‫اؼبمنهج ربت أعُت الدولة اغبامية ‪،‬ومن مث السطو على ـبصصات التنمية اليت أوالىا ؽبا اإلصالح االقتصادي‬
‫‪،‬لنصل إىل النهب اؼبكشوف الذي يتحدى أصوات اؼبكافحة وأخَتا االنتفاضة العارمة ضد الفساد‪.‬‬
‫وفيما يلي نقًتح جدوال يلخص ما أسلفنا ربليلو‪:‬‬
‫‪51‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫الجدول رقم ‪ :01‬تطورات الفساد في اإلدارة العمومية الجزائرية‬


‫تطورات ظاهرة الفساد في اإلدارة‬ ‫المرحلة‬
‫ظاىرة الفساد يف اعبزائر بدأت كأزمة ثقة بُت اؼبواطن و اإلدارة يف العهد الًتكي‪.‬‬ ‫العهد التركي‬
‫ظاىرة الفساد يف العهد االستعماري طورت الحتواء التسلط والتمييز و تكملة أجور اؼبوظفُت‬ ‫االحتالل الفرنسي‬
‫اؼبتدنية عمدا بغية السماح دبمارسات االبتزاز واالستغالل‬
‫ظاىرة الفساد بعيد االستقالل ورثت كل صفاهتا أثناء االستعمار ورسختها أكثر‬ ‫المراحل األولى لالستقالل‬
‫ظاىرة الفساد أثناء فًتة التخطيط اؼبركزي ‪،‬أعادت تكييف أعواهنا وفق األوضاع اعبديدة عن‬ ‫االنغماس في المركزية‬
‫طريق البَتوقراطية اػبانقة لسلطة الدولة والصالحيات الواسعة لألعوان العموميون‬
‫ظاىرة الفساد واصلت تناميها يف ظل تكنوقراطية اإلصالحات اليت مل تسحب الصالحيات‬ ‫اإلصالحات االقتصادية‬
‫من كبار اؼبرتشُت ‪،‬بل أعطتهم فرصة أكرب للفساد من خالل ؿباولة هنب األموال‬ ‫وتبعاتها‬
‫العمومية‪،‬فربوز القطاع اػباص للواجهة يف اعبزائر ‪،‬ما ىو يف الواقع إال تشجيع ذوي النفوذ‬
‫لالستيالء على ثروات األمة ربت مسمى اػبوصصة‪،‬وشهدت اؼبرحلة توسع عرض الرشوة يف‬
‫اإلدارة العمومية‬
‫بُت التوجو الشكلي القتصاد السوق ومن خاللو االتفاقيات اؼبربمة حملاربة الظاىرة (سن‬ ‫االلتزامات المحلية والدولية‬
‫التشريعات يف انتظار التنفيذ‪ ، )..‬والفعلي إلعادة سبوقع الدولة يف اغبياة االقتصادية (بفضل‬ ‫بالمكافحة‬
‫اليسرة اؼبالية اليت ربملت على عاتقها النهوض باؼبشاريع التنموية ربت وصاية الدولة)‪،‬وجد‬
‫الفساد مناخا مالئما لتطور آلياتو ‪،‬وتتحول إىل مرحلة النهب اؼبكشوف‬
‫بلغ الوعي القومي باستفحال الفساد ذروتو ‪،‬فخرج الشعب مطالبا بالتغيَت والعدالة واحملاسبة‬ ‫مرحلة االنتفاضة الشعبية ضد‬
‫الفساد‬

‫من إعداد األستاذة ‪:‬حوصلة للمعلومات الواردة في هذه الجزئية‬

‫‪_ II‬خصائص تستثير الفساد بالجزائر‬


‫على أساس ما تقدم ومن منطلق التحوالت اليت عرفتها اعبزائر نستطيع أن مبيز االقتصاد اعبزائري بأربع‬
‫خصائص رئيسية مسؤولة بشدة عن تفاقم إشكالية الفساد بالبلد‪:‬‬
‫‪-01‬سيادة نمط الدولت الوارثت‪:‬‬
‫لقد اىتمت دراسات و حبوث عديدة بنموذج الدولة الوارثة اؼبنبعثة من حضن دولة متعسفة استغلتها لفًتة طويلة‬
‫من الزمن ‪،‬وقد كانت كل الدول حديثة االستقالل مثاال عن ىذه الدولة اليت وصفت بقابليتها للفساد ‪،‬ويف ىذا‬
‫السياق تناول ‪1Medard‬خصائص الدولة الوارثة ومالزمتها ؼبمارسات الفساد مضيفا أهنا تنتج أزمة تربير‬

‫‪1‬‬
‫‪Médard, Jean-François , Public corruption in Africa: A comparative perspective , in Corruption and Reform,‬‬
‫‪n°1,1986.‬‬

‫‪52‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫القدرات وعدم كفاية إعادة التوزيع حيث أن النموذج اؼبوروث اؼبمارسات الفاسدة فيو تصبح نظامية وعامة فهي‬
‫أوال وسيلة لتحويل اؼبوارد مث تتطور لتصبح مبوذج اػبلود والبقاء‪.‬‬
‫بالنسبة للجزائر ‪،‬ورغم االستقالل السياسي إال أهنا ورثت عن مستعمرىا أبرز ظبات ؿبيطو اؼبؤسسايت واؼبتمثل‬
‫خصوصا يف التشريعات اليت مت االحتفاظ جبلها والتغيَت الطفيف عليها أحيان ‪،‬إضافة إىل نفس مبط التسيَت‬
‫اإلداري وىذا ساري اؼبفعول إىل يومنا اغبايل ‪ ،‬وبدورىا تشبعت اؼبنظومة البنكية باعبزائر من ىذه اػباصية وىو ما‬
‫كرس التعامالت الربوية على نطاق واسع ورىن ىامش اؼبعامالت اإلسالمية إىل حد بعيد كوهنا ضلت ربت غطاء‬
‫التقنُت اؼبوروث‪.‬‬
‫‪-02‬سيادة نمط الدولت الريعيت‪:‬والذي يعٍت أن تعتمد الدولة على الطلب اػبارجي لسلعة أساسية (النفط‬
‫اػبام) ‪ ،‬وهبذا باتت السياسة االقتصادية باعبزائر رىينة تقلبات السوق العاؼبي للنفط ما جعلها مضطربة وغامضة‪.‬‬
‫‪-03‬سيادة نمط الدولت الحاميت ‪:1‬فعال تشرف الدولة اعبزائرية على العملية التنموية برمتها منذ مرحلة التسيَت‬
‫الذايت مرورا بفًتة االشًتاكية ‪،‬فتطبيق إمالءات التصحيح اؽبيكلي ‪،‬مث عودة لغة اؼبخططات الوطنية مع اليسرة‬
‫اؼبالية اؼبتاحة وصوال إىل ضغوط التقشف ‪،‬وىذا ما جعل السياسة االقتصادية بالبلد وسيلة لشراء السلم‬
‫االجتماعي بدال من اعتبارىا مطلب أساسي للتنمية‪ .‬ويف ىذا السياق نستطيع القول بأن احتكار الدولة الذي‬
‫عاش بعد االستعمار بعفوية يغطي االنقسام اؼبتحفظ للسلطة وأن ىذه اإلديولوجية االجتماعية جاءت لتغطي‬
‫النهب الذي توسع يف كل القطاعات وبالتايل خلق فرصا ىامة الستفحال الفساد ‪ ،2‬ونستطيع اعبزم أن الوقوع يف‬
‫االحتكار العمومي الذي أسستو الدولة اغبامية مل يولد سوى اإلثقال بالديون وأن االقتصاد اعبزائري مل ينتج شيئا‬
‫غَت عوائد الطاقة ‪.‬‬
‫لقد عرفت ىذه الفًتة ذباوزات عديدة و احتياالت خطَتة مرت كلها ربت غطاء رظبي أين تفصل القوانُت على‬
‫اؼبقاس دبرونة كبَتة كون الدولة ىي البائع واؼبشًتي ‪ ،‬اؼبصدر واؼبستورد ‪،‬اؼبالك واؼبمول‪..،‬وىنا نعيب أسس الرقابة‬
‫اليت ربولت إىل رقابة عقيمة وشكلية أين الدولة ىي اؼبراقب واؼبراقب‪.‬‬

‫‪-04‬ثقل القطاع العام ‪:‬فعال ترافقت عملية التنمية باعبزائر بأنبية القطاع العام اإلنتاجي‪.‬وىو ما يضعف فيو‬
‫أنبية نظام اغبوافز كمحرك لزيادة فعالية العمل (اإلنتاجية)‪ .‬كما أن عدم توجو أىداف مؤسسات القطاع العام‬
‫كبو السوق بشكل صريح أدى إىل ضيق أفقها على مستوى التوسع‪ ،‬وىو ما أفقدىا الديناميكية األساسية اليت‬
‫تسمح ؽبا بتجديد أداة اإلنتاج ‪.‬وحاليا رغم توجو اعبزائر القتصاد السوق فإن قطاعها اػباص اؽبش ال يزال وبتفظ‬
‫دبورثات النسق العمومي يف تعويلو اؼبطلق على الدولة ليس جملرد اإلقالع ولكن مالزمتو يف صبيع اؼبراحل لتغطية‬

‫‪ 1‬عجة اعبياليل ‪ ،‬التجربة اعبزائرية يف تنظيم التجارة اػبارجية من احتكار الدولة إىل احتكار اػبواص‪ ،‬دار اػبلدونية ‪.2007 ،‬‬
‫‪Fatiha,LA CORRUPTION: LE PRIX DE LA CONTRE-REFORME , Libre Algérie n°5, Alger, 9-22 2Talahit‬‬
‫‪.novembre ,1998‬‬

‫‪53‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫ـباطر بيئة األعمال غَت اؼبستقرة بالبلد‪ .‬وقد أدى ىذا إىل تقويض حريات اؼببادرة واإلبداع يف إعداد وتنفيذ‬
‫السياسات البنكية‪.‬‬
‫بالنسبة لإلدارة اعبزائرية فقد أوجدت فرصة ساكبة للبَتوقراطية ومن خالؽبا الرشوة ‪،‬حبيث وجدت نفسها‬
‫ملقاة خالل عدة سنوات يف عامل جديد ‪،‬وبناء على ذلك عملت على إعادة تكييف أعضائها اؼبنحدرين من‬
‫شرائح اجتماعية ـبتلفة‪،‬تدرهبيا بفعل اؼبراكز و اؼبواقع القيادية اليت وبوزون عليها يف ىرم الدولة وباستيالئها على‬
‫رقابة الدولة البَتوقراطية اعبزائرية(مبوذج الدولة اغبارسة) فقد عرفت ربوال حاظبا وربولت ىكذا إىل بَتوقراطية‬
‫برجوازية (مبوذج الدولة اؼبتسلطة)‪،‬وبالنسبة إىل قادة الربجوازية البَتوقراطية (يف اعبيش واالقتصاد) ‪،‬فإن التنازالت‬
‫اؼبقدمة للجماىَت ال يبكن أن يسمح هبا إال بالقدر الذي يربط ىذه األخَتة بالنظام دون إعادة النظر يف الًتتيبات‬
‫االجتماعية السائدة ودون التشكيك يف سلطان الدولة ‪. 1‬‬
‫تشَت اػبصائص اؼبذكورة إىل درجة كبَتة من التعقيد يف احمليط اؼبؤسسايت باعبزائر مردىا إىل االفتقار ؽبامش‬
‫االستقاللية الذي ىبول صنع قرار يراعي اؼبصلحة االقتصادية واالجتماعية دون ضغوط سياسية وإرىاصات‬
‫اجتماعية‪.‬‬
‫‪ _ III‬الرؤية العالمية لتطور الفساد بالجزائر‬
‫إن األنبية الكبَتة اؼبتنامية اليت ربظى هبا منظمة الشفافية الدولية كأكرب مؤسسة غَت حكومية مناىضة‬
‫للفساد والرشوة بالعامل ال تًتك بدا من تلمس مسار الفساد بأي بلد من خالل تقييم ىذه األخَتة لو‪.‬وىو ما‬
‫دفعنا فيما يلي لتبيُت تطورات الفساد باعبزائر وفقا ؼبؤشرىا‪.‬‬
‫الجدول رقم(‪: )02‬تطورات مؤشر مدركات الفساد بالجزائر (‪)2019/2003‬‬
‫‪2008‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫السنة‬
‫‪3.2‬‬ ‫‪3.0‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫المؤشر‬
‫‪180/92‬‬ ‫‪178/99‬‬ ‫‪163/84‬‬ ‫‪159/97‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪133/88‬‬ ‫الترتيب‬
‫‪2014‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫السنة‬
‫‪3.6‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫المؤشر‬
‫‪175/100‬‬ ‫‪177/94‬‬ ‫‪186/105‬‬ ‫‪183/112‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪180/111‬‬ ‫الترتيب‬
‫‪2020‬‬ ‫‪2019‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2017‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫السنة‬
‫‪-‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪3.4‬‬ ‫‪3.6‬‬ ‫المؤشر‬
‫‪-‬‬ ‫‪180/106‬‬ ‫‪180/105‬‬ ‫‪180/112‬‬ ‫‪176/86‬‬ ‫‪168/88‬‬ ‫الترتيب‬
‫المصدر ‪:‬من إعداد األستاذة استنادا إلى تقارير منظمة الشفافية الدولية(موقع المنظمة من األنترنت‪) www.transparency.org‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed Harbi , F.L.N mirage et réalité : des origines à la prise du pouvoir(1945-1962) ,éd Jeune-Afrique‬‬
‫‪,Paris,1980.‬‬

‫‪54‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫تؤكد النتائج اؼبوضحة من خالل كل من اعبدول والشكل البياين السابقُت أن اعبزائر ما فتئت ربتل‬
‫مراتب غَت مشرفة يف سلم الفساد منذ أخذىا باالعتبار ضمن الدول اليت تقيمها منظمة الشفافية‬
‫الدولية(‪، )2003‬وإذا اعتربنا أن االعتماد يف وصف مسار الفساد يف البلد على الًتتيب أقل موضوعية ‪،‬كون‬
‫عدد البلدان اػباضعة للتقييم متغَتة فإن عالمة اؼبؤشر الذي يعترب نفسو بالنسبة عبميع البلدان تؤكد بدورىا‬
‫اؼبستوى اؼبتدين للجزائر فيما يتعلق دبستوى النزاىة ‪ .‬حيث نالحظ أن أعلى عالمة سجلها اؼبؤشر كانت ‪3.6‬‬
‫سنة ‪ 2013‬وىي عالمة تظل بعيدة جدا عن العالمة الوسطى( ‪ 5‬من عشرة) وىو ما يشَت إىل اؼبستوى اؼبرتفع‬
‫للفساد باعبزائر‪.‬‬
‫على مدى ‪ 11‬سنة كاملة اكبصر مؤشر الفساد باعبزائر بُت القيمتُت ‪ 2.6‬و ‪ 3.6‬ؿبققا ربسنا نوعيا بوحدة‬
‫واحدة فقط ‪،‬وىي قيمة ال تبشر أبدا باػبَت بالنسبة لبلد يشهد أوضاعا مالية مروبة ويراىن على االستثمار‬
‫األجنيب والشراكة اػبارجية للنهوض بالتنمية واالستمرار يف االقتصاد العاؼبي وىو ما يتطلب جهودا ضخمة لتوفَت‬
‫األمان االقتصادي الذي ال يتأتى إال من خالل نتائج قياسية (وليست رمزية) فيما يتعلق دبستوى الفساد‪.‬ولعل‬
‫عودة تراجع مؤشر الفساد بالنسبة لسنوات اليسرة اؼبالية ‪ 2009‬و‪ 2010‬وحىت ‪ 2011‬بعد بلوغو قيمة ‪3.2‬‬
‫سنة ‪ 2008‬يؤكد تذبذب وضعية النزاىة بالبلد وسياسة النهب اؼبكشوف ػبَتات البلد وىذا ما تربزه اؼبراتب‬
‫اؼبتأخرة للجزائر يف السنوات األخَتة إىل غاية ‪ .2019‬ىذا وذبدر اإلشارة إىل أن ربسن مراتب اعبزائر أحيانا‬
‫وتراجعها أحيانا أخرى ال يعزى بالضرورة إىل واقع ربسن أو تقهقر وضعية الفساد بل مرده إىل تذبذب عدد الدول‬
‫اؼبعنية باإلحصاء كل سنة كما يتضح من خالل اعبدول‪.‬‬
‫وحىت ال لبوض يف تفاصيل قد ربيد بنا عن غاية البحث ‪،‬لبلص اختصارا إىل التأكيد على التنامي اؼبستمر‬
‫لظاىرة الفساد باعبزائر رغم التحسنات الطفيفة جدا يف اؼبؤشر واليت قد نعتربىا مهملة إذا قسناىا باؼبؤشرات‬
‫الكلية اإلهبابية نسبيا واؼبتأتية من اليسرة اؼبالية للعوائد البًتولية‪،‬ىذا إضافة إىل تذبذب وعدم استقرار مساره كبو‬
‫االرتفاع‪ ،‬وىو ما يعكس عدم تواجد اإلرادة السياسية الفعلية ؼبكافحة الفساد واليت توازي اعبهود الشكلية اؼببذولة‬
‫يف السياق (صبلة القوانُت الصادرة يف السياق) ‪.‬‬
‫‪ – VI‬المجتمع المدني و الفساد بالجزائر‪:1‬‬
‫‪-01‬وضعيت املجتمع املدني في إطار مكافحت الفساد بالجزائر‪:‬‬
‫إن أبرز الدالئل بشأن اختبار مدى صدق تعهدات اغبكومة فيما ىبص مكافحة الفساد ىي رؤية ما إذا‬
‫كانت اغبكومة مستعدة للتعاطي مع اجملتمع اؼبدين ‪ ،‬وعلى ىذا األساس سنحاول من خالل ىذه اعبزئية اإلجابة‬
‫على تساؤل جوىري متمثل يف وضعية اجملتمع اؼبدين يف ؾبال مكافحة الفساد باعبزائر؟ وىو تساؤل زبول اإلجابة‬
‫عليو التماس مستوى اإلرادة السياسية الفعلية فيما يتعلق بالتصدي للفساد ببلدنا‪.‬‬

‫‪ 1‬بن يخلف زهرة ‪(،‬أكتوبر ‪،)2010‬تحليل موقف الفرد الجسائري من ظاهرة الرشوة ‪،‬مجلة االقتصاد المعاصر ‪،‬العذد ‪، 08‬ص‪220-197‬‬

‫‪55‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫فيما ىبص اعبزائر ‪،‬فإن اؼبتتبع ؼبسار العمل اعبمعوي يالحظ فورا سبيزه باالرتداد وعدم الثبات من جهة‬
‫‪،‬وكثرة العراقيل اليت يواجهها خاصة إذا ما أراد ولوج أبواب يعتربىا اغبكم ؿبرمة ‪،‬أضف إىل ىذا أنو بدوره ال ىبلو‬
‫من فبارسات الفساد والرشوة كون أىداف اعبمعيات ال تكون دوما ىي االجتماعية اؼبعلن عنها بقدر ما تكون‬
‫اؼبادية اػبفية‪.‬ولعل ىذا ما هبعل مبادرات اجملتمع اؼبدين فيما يتعلق دبكافحة الفساد ضعيفة جدا‪.‬‬
‫ونلحظ االرتداد وعدم الثبات يف العمل اعبمعوي عموما من خالل مسَتتو التارىبية اليت بدأت مع االنفتاح كون‬
‫الليبَتالية السياسية ال يبكن ؽبا أن تتجسد إال بتحقيق الليبَتالية االقتصادية من خالل ما يعطى للقطاع اػباص من‬
‫شرعية التواجد واالنتشار كعنصر فاعل يف معادلة اغبكم‪،‬إذن فقد كانت بداية ظهور اغبركة اعبمعوية مع بداية‬
‫التسعينات ‪،‬أين اتسمت باغبضور القوي ‪،‬ومن بُت األىداف اليت كانت تسعى إليها ىي كبح سلطة اعبهاز‬
‫البَتوقراطي ‪،‬وتعميق اغبريات اليت ظلت مهضومة ولفًتة طويلة من الزمن يف ظل نظام اغبزب الواحد‪.‬لكن وبعد‬
‫الطفرة القوية عادت اغبركة اعبمعوية للًتاجع والركود بعد سنة ‪، 1995‬وأصبح نشاطها مقيدا الستفحال ظاىرة‬
‫العنف الدموي ببلدنا آنذاك ‪،‬وبقيت إىل اليوم شبو عديبة الفعالية يقتصر دورىا على مل التأييد واؼبساندة للنظام‬
‫القائم لتحصيل ؼبكاسب اؼبادية ‪.1‬يف ظل ىذه الظروف ومع قصور دور اجملتمع اؼبدين بشكل عام ‪،‬يظهر جبالء‬
‫عجزه يف اؼبواضيع األكثر مساسا بالنظام وأعوانو ‪،‬وعلى رأسها الفساد والرشوة ‪،‬حيث استسلمت اعبمعيات‬
‫اعبزائرية يف أغلبها ؼبنطق الزبونية والوالء السياسي كوهنا ال سبتلك الوسائل اؼبادية و البشرية اليت سبنحها االستقاللية‬
‫‪،‬ومن مث فهي ال تكون عبارة عن سبثيل صادق وفعلي للتفاعالت اغباصلة باجملتمع وال تستطيع التنديد دبختلف‬
‫السلوكيات الفاسدة للمسؤولُت ‪،‬ولعل ىذا يفسر قلة اعبمعيات الناشطة يف ىذا السياق إىل حد بعيد حيث تكاد‬
‫زبلوا الساحة اعبمعوية اعبزائرية إال من اعبمعية اعبزائرية ؼبكافحة الفساد ‪ AACC‬برئاسة جياليل حجاج واليت‬
‫سنتعرض ألبرز مواقفها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -02‬الجمعيت الجزائريت ملكافحت الفساد ‪:AACC‬‬
‫تعترب فرعا إداريا ؼبؤسسة الشفافية الدولية اليت تعرفنا عليها سابقا ومن مث فهي تعكس رؤيتها وتوجهها‬
‫بأعُت جزائرية ‪،‬ورباول اعبمعية استدراك ثغرات اؼبرصد يف أن تكون ناجعة فعال ومفيدة ‪،‬وؽبذا قبدىا تركز كثَتا‬
‫على اعبانبُت التحسيسي والتوعوي من خالل اإلصدار ‪ ،‬واالحتكاك اؼبباشر باؼبواطن لرصد انشغاالتو عن طريق‬
‫موقعها اإللكًتوين اػباص الذي هبيب فيو رئيسها على تساؤالت الناس ويتبٌت األفكار اعبديدة ويوثق الشكاوي‬
‫اؼبصرح هبا ؿباوال اؼبساعدة يف إهباد اغبلول وإيصال قلق اعبمهور إىل أعلى اؼبستويات‪.‬‬

‫‪ 1‬عبدول مصطفى ‪ ، 2008/2007،‬تأثَت الفساد السياسي يف التنمية اؼبستديبة مرجع سابق‪،‬ص ‪66‬‬

‫‪56‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫كما تعترب اعبمعية اعبزائرية ؼبكافحة الفساد ‪(Association Algérienne de la lutte Contre la‬‬
‫)‪ Corruption‬برئاسة جياليل حجاج احملاولة اؼبدنية الوحيدة للوقوف يف وجو الفساد والرشوة ‪،‬اللهم إال بعض‬
‫اؼببادرات اليت وئدت يف اؼبهد ونذكر يف ىذا السياق اؼببادرة اليت قام هبا عدد من اؼبسؤولُت من رؤساء حكومة‬
‫سابقُت مثل أضبد بن بيتور ومولود ضبروش ؼبكافحة ظاىرة الفساد وقد ترأس ىذه اعبمعية أضبد مهساس أحد‬
‫القادة التارىبيُت اؼبفجرين للثورة ولكن ىذه اؼببادرة قوبلت بالرفض من طرف السلطة فبا يعٍت زبوفها الشديد من‬
‫مثل ىذه اغبركات خاصة إذا حركها من كان لو احتكاك سابق أو آين بالسلطة ‪،‬من جهتنا نعترب أن ىذا يف حد‬
‫ذاتو يعترب اعًتافا ضمنيا دبستوى عال من الفساد يف ىرم السلطة تستميت ىذه األخَتة يف شجبو‪.‬‬
‫مل يكن ظهور اعبمعية اعبزائرية ؼبكافحة الرشوة بالسهل وال بالعبثي ‪ ،‬بل ىو نتاج مسَتة ضد التيار‬
‫اؼبعاكس حيث يفيد رئيس اعبمعية جياليل حجاج بكثرة العراقيل اليت تعرضت وتتعرض ؽبا صبعيتو‪.‬ولكن اعبمعية‬
‫اليت تعمل على رصد أىم التطورات اليت تتعلق بالفساد باعبزائر وتعمل يف إطار التعاون الدويل مع منظمة الشفافية‬
‫الدولية ‪،‬تؤكد من خالل رئيسها أهنا ماضية يف ربقيق مساعيها وأهنا مواصلة إلعداد تقاريرىا ‪،‬ولعل ىذا اإلصرار‬
‫(من وجهة نظرنا اػباصة) مستمد من اغبصانة الدولية والظرف االضطراري للجزائر فيما ىبص تعاوهنا مع العامل‬
‫اػبارجي وما أفرزه من اتفاقيات وتشريعات كبحت نسبيا ربركات السلطة يف وقف زحف اؼبنددين بالفساد على‬
‫األقل عند مستويات معينة‪.‬‬
‫فيما يتعلق دبواقف اعبمعية فإهنا عادة ما يتم اإلعالن عنها على لسان رئيسها من خالل مقابلتو‬
‫الصحفية ومقالتو وكذا الندوات واالجتماعات احمللية والدولية اليت وبظرىا‪،‬ولعل ما يالحظ على ىذه اؼبواقف رغم‬
‫جرأهتا و إثارهتا لصميم اؼبشاكل اؼبتعلقة بالظاىرة ‪،‬ىو اللهجة اغبادة اليت ذبعل األمر قد يبدو صراعا بُت السلطة‬
‫والتيار اؼبعاكس أكثر منو سبثيال للواقع وعكسا لإلرادة الشعبية ‪،‬ولعل ىذا (حسب نظرنا) ىو ما ساىم يف ؿبدودية‬
‫الوعي جبهود اعبمعية خاصة عند العامة(وىو ما التمسناه لدى إعدادنا لفصل التطبيقي للبحث) ‪،‬واألخطر من‬
‫ذلك غياب ىذا الوعي حىت عند بعض اؼبسؤولُت الذين وإن يقر معظمهم بوجود كيان اعبمعية فإن أغلبهم‬
‫(اؼبفسدين والصاغبُت على حد سواء) ال يثقون هبا ويعتربوهنا مكافحة ؽبم وليس للفساد ‪،‬وىذا يف الوقت الذي‬
‫هبب أن تعمل اعبمعية على اجتذاب تأييد ىذه الفئة (اؼبسؤولُت) خاصة البعيدين نسبيا عن الفساد وىذا حىت‬
‫تستطيع أن تكون فعالة من جهة (دبا تستطيع ىذه الفئة تقديو) ‪ ،‬ولتتمكن من الصمود واالستمرارية من جهة‬
‫مقابلة‪.‬‬
‫ونستطيع أن نقيم وضعية الفساد باؼبستعصية واؼبتأزمة وفقا للجمعية اعبزائرية ؼبكافحة الفساد ‪،‬وذلك من‬
‫خالل انتقاداهتا اؼبتكررة لعديد األوضاع وامتعاضها الشديد من كثَت اؼبواقف واليت نذكر منها على سبيل اؼبثال ال‬
‫اغبصر ما يلي ‪:‬‬
‫إن موقف اعبزائر من مكافحة الفساد يتعارض سباما مع التزاماهتا األفبية يف ىذا اجملال‬ ‫‪-‬‬
‫إن اؼبنتخبُت احملليُت ىم من يبثلون الشعب اعبزائري يف الواقع وليس اجملتمع اؼبدين‬ ‫‪-‬‬
‫‪57‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -‬إن اعبزائر تراىن على االتفاقيات اعبهوية اليت تربطها بإفريقيا مثل اتفاقية النيباد‬
‫‪ -‬تتأخر اغبكومة يف إصدار اؼبراسيم التطبيقية اؼبتعلقة بقانون الوقاية من الفساد وؿباربتو بتواطؤ أطراف ؿبلية‬
‫وأخرى أجنبية تتخوف من فتح ملفات الفساد اليت يعتقد تورطها هبا‪.‬‬
‫‪ -‬رغم الشروع واالستماتة يف ربضَت النصوص التشريعية ‪،‬يتفشى الفساد بوتَتة أسرع بكثَت من ؿباوالت‬
‫احتوائو وىذا راجع أساسا لغياب اإلرادة السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬إن قانون الوقاية من الفساد ومكافحتو بالرغم من أنبيتو‪ ،‬إال انو يتضمن الكثَت من النقائص‪ ،‬حيث أنو‬
‫ال ينص على أن وكالة مكافحة الفساد هبب أن تكون مفتوحة على اجملتمع اؼبدين ومستقلة سباما عن اإلدارات‬
‫التنفيذية والعمومية‪.‬‬
‫‪ -‬إن السلطة تعوق الوصول إىل مصدر اؼبعلومة وبذلك ربمي الفساد‪.‬‬

‫كحوصلة ؼبا تقدم نشَت إىل أن زبونية اإلعالم وؿبدودية اجملتمع اؼبدين وشكلية اؼبواقف الرظبية باعبزائر‬
‫مؤشرات قوية على استفحال الفساد ‪،‬ورغم أهنا(اؼبصادر الرظبية) مل تفلح يف كشف أرقام واقعية عن الظاىرة ‪،‬إال‬
‫أن جهودىا اؼبتواضعة تكشف عن تزايد وتَتة الفساد ‪،‬كما أن أمامها فرصة استغالل الوضع العاؼبي الضاغط‬
‫بشكل أو بآخر على ربركات بعض أعوان السلطة ضدىا لكي تكون أكثر فاعلية يف اؼبستقبل ‪،‬وىذا لن يتحقق‬
‫طبعا إال برفع درجة الوعي ومسانبة صبيع مكونات النسيج الوطٍت خاصة احملتكُت بالظاىرة مباشرة والعارفُت‬
‫خبباياىا والقادرين على التنبؤ هبا من خالل اؼبادة العلمية اليت يتوفرون عليها ونشَت ىنا صراحة لوجوب اشًتاك‬
‫البحث لعلمي يف ىذه اؼبهمة ؼبا يتوفر علي من مصداقية نسبية مقابل باقي اؼبصادر احمللية‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرة‪ :10‬مفهوم أخالكيات العمل‬

‫بالنظر إىل اهنيار عديد األنظمة بسبب االحنرافات األخالقية ‪،‬ناىيك عن تنامي الفضائح األخالقية على‬
‫ادلستويني الكلي واجلزئي وكذا تراجع منظومة القيم تزايد االىتمام مبوضوع األخالقيات ‪ .‬الذي عززه تنامي‬
‫الضغط القادم من مؤسسات اجملتمع ادلدين ومجاعات الضغط األخرى(احمللية ‪،‬اإلقليمية والعادلية ) واالجتاه حنو‬
‫العودلة وتنميط ادلعايري الفنية على األقل عادليا وتراجع احلكومة عن األعمال(اخلوصصة)‪..‬‬

‫من خالل ىذه احملاضرة سنحاول مناقشة ىذا ادلفهوم بزواياه ادلختلفة ‪،‬بداية من تطوره التارسني ‪،‬إىل تعريفو ومن مث‬
‫الوقوف على أذنيتو‬

‫‪ _I‬التطور التاريخي لمفهوم أخالقيات العمل‪:‬‬


‫‪ -01‬مفهوم أخالكيات العمل كبل ميالد الفكر الاكتصادي ‪:‬‬
‫**يرجع تاريخ ظهور األخالقيات كممارسة إىل ظهور البشرية ‪،‬ذلك أن الصواب واخلطأ ‪،‬العدل والظلم‬
‫‪،‬اجليد والسيء ‪،‬الصاحل وادلفسد ‪...‬كلها صفات وجدت مع ظهور أول إنسان وىو سيدنا آدم عليو السالم الذي‬
‫كان أول من وضع أمام اختبار االختيار بني اخلطأ والصواب‪.‬ومنذ ذلك التاريخ عاشت البشرية جبميع أطيافها‬
‫ىذا االختبار‪،‬لذلك تطورت األخالقيات من ممارسة إىل مفهوم و تعبًت مدونو محورايب من أقدم ادلدونات التارسنية‬
‫‪1‬‬
‫اليت قدمت رلموعو من القواعد و الواجبات يف العمل و كذا اإلجراءات العقابية يف حالةعدم اإللتزام هبا‪.‬‬
‫وبعد ذلك توالت احلضارات اإلنسانية (اإلغريقية ‪،‬اليونانية ‪،‬البابلية ‪،‬ادلصرية‪ )....‬على ترسيخ األخالق كمفهوم‬
‫استمد قدسيتو أوال من الديانات السماوية ‪،‬وثانيا من القامات الفلسفية العظيمة على شاكلة أفالطون و أرسطو‬
‫الذي اىتم بفكرة ادلدينة ادلثلى اليت يتحقق فيها العدل ‪.‬‬

‫** فًتة العصور الوسطى رسخت األخالقيات يف البعد الديين ذلك أهنا تعترب فًتة تعاظم نفوذ الدولة‬
‫اإلسالمية من جهة وتشكل النظام اإلقطاعيمن جهة أخرى ‪.‬‬

‫‪-‬فيف ظل تقهقر االمرباطورية الرومانية والفارسية ومع بداية القرن السابع ادليالدي ظهر الدين اإلسالمي بشبو‬
‫اجلزيرة العربية‪،2‬وىو ما جرف البشرية حنو تيار جديد من التعامالت االقتصادية الرشيدة حيث اعتربت احلضارة‬

‫‪ 1‬صراع كرشنة‪ ،‬بدرانية حورية ‪،‬اإللتزام بأخالقيات العمل داخل ادلنظمة كأداة للحد من الفساد اإلداري‪ ،‬رللة التنمية واالقتصاد التطبيقي‪ ،‬جامعة ادلسيلة‪ ،‬العدد ‪، 04‬ص ‪201‬‬
‫‪ 2‬خالد أبو القمصان ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪14‬‬

‫‪59‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫اإلسالمية دنوذجا للتسيري القومي والرشادة يف التعامل وهبذا يعترب ظهور اإلسالم حدث تارسني أثر بقوة على‬
‫سريورة األنشطة االقتصادية وأردف هبا مفهوم األخالقيات يف الدين وادلعامالت‪.‬‬

‫‪-‬إن السمة ادلميزة ألوربا اإلقطاعية يف القرون الوسطى ىي سيطرة الكنيسة‪ ،‬وبالذات "الكنيسة الكاثوليكية"اليت‬
‫مارست سلطة كبرية على األفراد‪،‬ماديا ومعنويا ما مكنها من مضاعفة ممتلكاهتا وبالتايل استطاعت التدخل يف‬
‫فضال عن تنظيم الشرائع وتنظيم األمور الدينية للناس‪.‬‬
‫تنظيم عالقات الناس وسلوكهم على األراضي‪ً ،‬‬
‫وقد امجع الكثري من ادلؤرخني أن الكنيسة لعبت دورا بارزا يف التأثري على الفكر اإلقطاعي وتأثري مباشر على‬
‫أفكار االسكوالئيني مبا فيها االعتبارات الدنيوية واألخروية‪.‬‬
‫وقد كانت الكنيسة مؤسسة أممية إذ مل تظهر الدول القومية بعد بأربا‪،‬ومل توجد سلطة أخرى تنازع سلطة رجال‬
‫‪1‬‬
‫الدين وهبذا أدت الكنيسة دورا أساسيا يف توثيق واستقرار ووحدة قارة أوربا يف القرون الوسطى‬
‫اتسم الفكر االقتصادي يف أوربا ‪ ،‬أين سيطرت الكنيسة مبا يلي‪:‬‬

‫أوال‪:‬مل سنلق بعد ما عرف الحقا بعلم االقتصاد ‪،‬ذلك أن أن التفكري االقتصادي مل يكن مبنيًّا‪،‬التحليل العلمي‪،‬‬
‫وإدنا وجهتو مبادئ الدين واألخالق‪ ،‬ولذلك كانت أفكار القديس توماس اإلكويين متثل قمة النضوج الفكري يف‬
‫‪2‬‬
‫العصور الوسطى‬

‫ثانيا‪ :‬أن الكنيسة فرضت الكثري من القيود على النشاط االقتصادي وحذرت الناس من االنقياد إىل دافع‬
‫احلصول على الثروة والربح إال أن الكويين"‪ ،‬حاول أن يوفق بني ادلعتقدات الدينية والنشاط االقتصادي‪.‬‬

‫وثالثا‪ :‬أن أسس التفكري االقتصادي‪ ،‬يف أوربا يف تلك الفًتة‪ ،‬كان متس ًقا من ىذه الناحية‪ ،‬مع طبيعة احلياة‬
‫‪3‬‬
‫االقتصادية الراكدة ‪.‬‬

‫**انتهت الفًتة اإلقطاعية مبحاوالت إصالحية تقاوم نفوذ الكنيسة وحتاول تنظيم احلياة االقتصادية من خالل‬
‫فصل الدين عن السياسة وظهر االقتصاد كعلم قائم بذاتو حتت مسمى االقتصاد السياسيو حبلول القرن السادس‬
‫عشر أصدر عامل اإلجتماع األدلاين ‪: max weber‬كتابو حتت عنوان'' األخالقيات الربوتستانتية وروح الرأمسالية ''‬
‫و الذي وظف فيو القيم الدينية لصاحل اإلقتصاد و أوضح أن العوامل األساسية لألخالقيات ىي ‪:‬‬
‫)االجتهاد‪،‬االنتظام‪ ،‬أولوية ميدان العمل‪ ،‬تأجيل الرغبات"‪.4‬‬

‫‪1‬زلمد عمر أبو عبيدة ‪،‬عبد احلميد زلمد شعبان ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪22‬‬
‫‪2‬زلمد عمر أبو عبيدة ‪،‬عبد احلميد زلمد شعبان ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪23‬‬
‫‪3‬مدحت القريشي ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪59‬‬
‫‪ 4‬صراع كرشنة‪ ،‬بدرانية حورية‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪203‬‬

‫‪60‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -02‬مفهوم أخالكيات العمل بعد ميالد الفكر الاكتصادي ‪:‬‬


‫**يف فًتة الحقة‪،‬ومع ترسخ الفكر الكالسيكي يف ادلعامالت االقتصادية جند أن األب الروحي لالقتصاد آدم‬
‫‪Bernard‬‬ ‫‪ David‬وبرنارد ماندفيل‬ ‫‪Hume‬‬ ‫مسيث ‪ Adam Smith‬سار على نفس درب كل من دافيد ىيوم‬
‫‪ ، Mandville‬ىذا األخري الذي انطلق من مسلمة أساسية أن اإلنسان تواق وزلب بطبيعتو للهو والراحة واذلناء‬
‫‪Adam Smith‬بأن‬ ‫ولذلك فإن مجيع اجلهود اليت يبذذلا تتجو حنو حتقيق منفعتو الشخصية ‪،‬حيث يرى آدم مسيث‬
‫اإلنسان ينجذب دائما حنو حتقيق رغباتو ليثبت ميوالتو جتاه اآلخرين فاألنانية ىي احملرك األكثر استعماال لتحقيق‬
‫ادلطالب والنزوات ‪.1‬ومن ىنا كانت نواة الفكر اللربايل اليت تفيد بأن البحث عن ادلنفعة الفردية شنثل العقالنية‬
‫ويدفع إىل التصرفات الرشيدة ‪،‬وزنفز التنافس الذي يكون السوق مكانو أين يتحكم العرض والطلب وليس‬
‫األخالق‪ ،‬وكون القاعدة األساس للتعامل االقتصادي ىي ادلال باعتباره زلددا لقيمة التبادل ‪،‬إال إنو ال يتوقف عند‬
‫ىذا احلد ‪،‬بل يتعداه ليصبح ىدفا يف حد ذاتو وهبذا يبحث األفراد عن شىت السبل للحصول على أرباح أكرب‬
‫وىذا ما جعل ‪ Marx‬يؤكد بأن ادلال ىو الذي يفسد الفرد ‪.2‬‬

‫ففي احلقبة الكالسيكية ظهرت نزعة تعظيم الربح على حساب األخالق بشكل واضح من خالل آدم مسيث‬
‫ويتجلى ىذا خصوصا كتابو عن '' البحث عن أسباب و طبيعة ثروة األمم '' وأكد أن للمنظمة ىدف أساسي‬
‫ىو إنتاج السلع ادلادية ومحاية رأمسال وتعظيم الربح بكل طريقة ممكنة ‪ ،‬وكل ىذا سبب مشاكل أخالقية وإحنراف‬
‫أخالقي ال مثيل لو على غرار ظلم وإستغالل األطفال وسوء معاملة النساء العامالت‪ .‬و جاءت أفكار ميلتون‬
‫‪'' business is‬‬ ‫فريدمان احلائز على جائزه نوبل لإلقتصاد ‪ 1963‬و الذي يرى أن األخالق ال دخل ذلا بالعمل‬
‫'' ‪business‬و قد عرب عن ذلك يف كتابو '' الرأمسالية و احلرية ''وأوضح أن الدوافع االقتصادية للمشاريع ىي‬
‫تعظيم الربح لصاحل محلة األسهم أما ادلسؤولية اإلجتماعية فهي ترتبط بدوافع غري إقتصادية و لست طبيعة ادلشروع‬
‫اخلاص‬

‫**وترجع بداية االىتمام بأخالقيات العمل إىل الثلث األخري من القرن العشرين حني بدأ يظهر بقوة على السطح‬
‫‪1874 - 1951‬ورينيو لوسن‬ ‫شيلر‬ ‫‪1951‬ما يسمى بأخالق القيم عند أصحاب فلسفة القيم من أمثال ماكس‬
‫‪1880 - 1954‬ولوى الفل ويرى ىؤالء أن القيمة ىي موضوع ادليول والرغبات والتقديرات تؤلف ميدانا مستقال‬

‫‪1‬‬
‫‪Isabelle Delattretraductrce(2003), La corruption a foison regard sur un phénomène tentaculaire ,La harmattan‬‬
‫‪,p16.17‬‬
‫‪ 2‬نفس ادلرجع السابق ‪،‬ص ‪32‬‬

‫‪61‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫متاما عن ميدان الوجود‪ ،‬وتؤسس أحكاما خاصة تتعلق بالتقدير مردىا االنفعال وال ترجع إىل العقل‪ ،‬وىي يف‬
‫جوىرىا خلق ومثل أعلى‪ .‬و قد أكد ‪ drucker‬و الذي يعد من رواد اإلدارة يف العصر احلايل على " اليد اخلفية‬
‫حتول الرذائل اخلاصة إىل فضائل عامة " ‪ ،‬وأنو يتوجب على مدراء ادلنظمات أن سنتاروا أىداف ذات مسؤولية‬
‫اجتماعية‪.1‬‬

‫‪_II‬تعريف أخالقيات العمل‪:‬‬


‫‪-01‬تعريف ألاخالق‪:‬‬
‫متثل األخالق عموما رلموعة القيم وادلعايري اليت يعتمد عليها أفراد اجملتمع يف التمييز بني ما ىو جيد وما‬
‫ىو سيئ‪ ،‬ومتييز ما ىو صواب وما ىو خطأ‪. 2‬وقد طورت اإلنسانية عرب حضاراهتا ادلتعاقبة شكل ادلعايري‬
‫الصارمة‪ ،‬مث اجملتمعات الصناعية‬ ‫األخالقية ادلعتمدة ‪،‬حيث حنحصي اجملتمعات البدائية ومعايريىا األخالقية‬
‫ومعايريىا األخالقية المتجددة المرنة‪ ،‬وأخرياً اجملتمع العادلي ادلعريف ومعايريه األخالقية النسبية اليت تستوعب ىذا‬
‫‪3‬‬
‫التطور اذلائل يف رلمل األوضاع االقتصادية واالجتماعية والثقافية والتكنولوجية غريىا‪.‬‬
‫وبالنظر إىل أذنية األخالقيات كممارسة وكمفهوم ‪،‬حظي ضبط تعريفها باىتمام كبري ‪،‬من عديد ادلفكرين‬
‫باختالف مشارهبم وفيما يلي –وعلى سبيل ادلثال ال احلصر وتوافقا مع الغاية البيداغوجية‪-‬نستعرض مجلة من‬
‫ىذه التعاريف‪:‬‬
‫**"األخالق رلمومة من ادلبادئ ادلدونة ‪،‬تأمر وتنهي من سلوكيات معينة حتت ظروف معينة وىي انعكاسات‬
‫القيم اليت يتخذىا االفراد كمعايري حتكم سلوكياهتم‪". 4‬‬
‫**من البعد السلوكي "االخالق صفة نفسية مستقرة‪ ،‬ذات آثار يف السلوك زلمودة أو مذمومة‪ ،‬وتعرف كذلك‬
‫أهنا رلموعة القيم وادلعايري اليت يعتمد عليها أفراد اجملتمع يف التمييز بني ما ىو جيد وسيء‪.5‬‬
‫**ويف البعد ذاتو"األخالقيات ىي التوافق مع معايري أو قيم سلوك أو أدب سنتص يف الغالب بادلهن‪ ،‬وتعرف أيضا‬
‫‪6‬‬
‫على أهنا معايري للتصرف والسلوك اليت نتوقع أن يتبعها الناس وتتعلق األخالق الشخصية بأفعال الفرد اليومية‪".‬‬
‫**ويرى البعض أن األخالق ىي " علم فلسفي يتناول مسألة ادلعايري السلوكية الواجبة لإلنسان عن طريق حتديد‬
‫‪7‬‬
‫مفاىيم اخلري والشر‪ ،‬االلتزام و الواجب‪ ،‬الصدق واحلقيقة‪ ،‬وذلك يف سبيل استنباط ادلفاىيم والقيم اخلرية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫صراع كرشنة‪ ،‬بدرانية حورية‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪202‬‬
‫‪ 2‬حتسني الطراونة‪ ،)1990(،‬أخالقيات القرارات اإلدارية ‪ ،‬مؤتة للبحوث والدراسات‪ ،‬رللد ‪ ، 15‬عدد ‪، 12‬ص‪155‬‬
‫‪ 3‬زلسن منصور الغاليب طاىر ‪ ،‬مهدي زلسن العامري صاحل ‪،)2015 (،‬ادلسؤولية اإلجتماعية وأخالقيات األعمال ‪،‬دار وائل ‪،‬األردن ‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ 4‬بالل خلف السكارنو ‪،)2012 (،‬اخالقيات العمل واثرىا يف ادارة الصورة الذىنية يف منظمات االعمالدراسة ميدانية على شركات االتصاالت االردنية ‪ ،‬رللة كلية بغداد للعلوم‬
‫االقتصادية اجلامعة العدد ‪، 33‬جامعة االسراء ‪،‬ص ‪380‬‬
‫‪ 5‬سعاد بعجي(‪، )2017‬دور القيم يف بناء القيادة الناجحة والفعالة بني الفكر الوضعي و اإلسالمي ‪ ،‬دكتوراه يف العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة ادلسيلة ‪ ،‬ص‪36‬‬
‫‪ 6‬بالل خلف السكارنو ‪،)2012 (،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪380‬‬
‫‪ 7‬سليم بطرس جلدة‪،)2010(،‬أخالقيات اإلدارة يف عامل األعمال‪ ،‬دار اإلعالم للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن ‪ ،‬ص‪16‬‬

‫‪62‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫من التعاريف السابقة نصوغ بأسلوبنا تعريفا شامال ‪:‬‬


‫** "األخالق ىي مجلة من ادلعايري(ادلبادئ ‪،‬القيم ‪،‬ادلثل ‪،‬الفضائل ‪ )...‬ادلتفق عليها ‪،‬اليت تفرض على اجملتمع‬
‫لضبط سلوكياتو من االحنراف عن اخلطأ"‬
‫وعلى ىذا األساس فاألخالق مفهوم نسيب بني اجملتمعات وفق ما يسطره كل رلتمع لنفسو من معايري وقيم‬
‫ينتهجها ‪.‬‬

‫‪-02‬تعريف أخالكيات العمل‬


‫نظرا لألذنية القصوى لألخالق يف العمل (اليت سنفصل فيها الحقا)وارتباطها مبستويات األداء وكفاءة‬
‫ادلنظمات واحلكومات ‪،‬جند زمخا كبريا من تعريفات أخالقيات العمل واليت نقًتح منها‪:‬‬
‫**أخالقيات العمل ىي "ادلبادئ وادلعايري‪ ،‬اليت تعترب أساس للسلوك ادلستحب‪ ،‬من أفراد العمل ويتعهد أفراده‬
‫‪1‬‬
‫بااللتزام هبا"‬

‫** " أخالقيات العمل ىو مبدأ اجتماعي يركز على كون الفرد مسؤوال عن العمل الذي يؤديو ‪ ،‬وينطلق من إشنان‬
‫راسخ بأن للعمل قيمة جوىرية رنب احًتامها واإلصرار على تنميتها ‪ .‬وعادة ما ترتبط أخالقيات العمل باألفراد‬
‫جبد وزنسنون الصنع يف عملهم ‪.2‬‬‫الذين يعملون ٍد‬

‫**األخالقيات يف األعمال ىي العلم الذي يعاجل االختيارات العقالنية على أساس التقييم بني الوسائل ادلؤدية إىل‬
‫األىداف‪ ،‬ليضيف إىل األخالقيات بعدا موضوعيا "‪3‬‬
‫**وتعرف أخالقيات األعمال بتفصيل أكرب على أهنا " رلموعة القيم اخلاصة مبنظمات األعمال واليت‬
‫شنكناستخدامها لتقييم ما إذا كانت سلوكيات أعضاء التنظيم شنكن اعتبارىا مقبولة ومناسبة‪ .‬فهي إذن التطبيق‬
‫الفعلي للمعايري األخالقية على سلوكيات األعمال؛ أي تلك ادلبادئ وادلعايري‪ ،‬اليت تعترب أساس السلوك ادلستحب‪،‬‬
‫من أفراد العمل ويتعهد أفراده"‪4‬‬

‫‪ 1‬بالل خلف السكارنو ‪،)2012 (،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪379‬‬


‫‪ 2‬راوية حسن ‪ ، )2001(،‬السلوك يف ادلنظمات ‪ ،‬رلموعة النيل للطباعة والنشر ‪،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 3‬يوسف بومدين‪ ،)2015(،‬أخالقيات األعمال وارتباطها بادلمارسات السلمية للحوكمة يف منظمات األعمال‪ ،‬من منظور إداري إسالمي‪ ،‬رللة‪ -‬االقتصاد وادلالية‪ ،‬ص‪80 .‬‬
‫‪ 4‬سعاد بعجي‪،)2017(،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36 .‬‬

‫‪63‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫من حتليلنا للتعاريف ادلدرجة نسطر النقط التالية ‪:‬‬


‫‪-‬منظومة القيم وادلعايري باجملتمع ىي اليت حتدد نوعية أخالقيات العمل يف ادلنظمة‬
‫‪-‬أخالقيات العمل مفهوم متفق عليو يف كليتو نسيب يف جزئياتو ‪،‬حيث توجب الًتكيز على أخالق معينة حبسب‬
‫العمل وادلهنة واليت من شأهنا أن ترفع األداء وتزيد من مستوى الثقة بني العامل ورب العمل ‪.‬‬
‫‪ -‬شنكن فصل أخالقيات العمل عن األخالق العامة للفرد ‪،‬حيث يتحتم عليو التعامل مع مشاكل العملمن منطلق‬
‫ادلعايري األخالقية العامة اليت يؤمن هبا‬
‫‪-‬يشًتط يف أخالقيات العمل أن تكون إرنابية على مستوى العمل والوظيفة فبها يرتفع األداء ويكون أجود‬
‫مايكون وهبا يتحقق رضا كل من العامل ورب العمل من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪-‬ال يتوقف أمر أخالقيات العمل عند ادلدارس و اجلامعات بل يأخذ األمر بعدا اكرب يف احلياة العملية سواءا يف‬
‫القطاع العام أو القطاع اخلاص ‪.‬‬
‫‪_III‬أهمية أخالقيات العمل‪:‬‬
‫تتجلى أذنية أخالقيات العمل يف عدة مستويات ومبختلف التصنيفات ‪،‬من جهتنا سنكتفي بتبويبها إىل‬
‫مستويني أساسيني ذنا ‪،‬األذنية بالنسبة للمجتمع واألذنية بالنسبة للمؤسسة‪:‬‬
‫‪-01‬أهمية أخالكيات العمل بالنسبة للمجتمع‪:‬‬
‫من ىذا ادلنظور حنصي أذنية أخالقيات العمل بالنسبة للمجتمع يف النقط التالية ‪:‬‬
‫‪-‬تربز أذنية األخالق عموما يف حفظ اجملتمع من ادلظاىر السلوكية الفاسدة‪ ،‬مما رنعلو رلتمعا قويا تسوده قيم‬
‫احلق والفضيلة واإلحسان‪،‬وذلك يف ظل العودلة اليت يشهدىا اجملتمع البشري حيث ال حواجز حتول دون امتزاج‬
‫الثقافات وتداخلها بكل عناصرىا االرنابية والسلبية‪،‬‬
‫‪-‬إن طرح وبناء منظومة لألخالقيات يف شىت رلاالت احلياة العملية يعزز من ترابط ادلواطنني وتفاعلهم اإلرنايب‪.‬‬

‫‪-‬وجود قوانني وتشريعات يساعد على هتدئة اإلضرابات واإلختالفات (بني ادلؤسسة وادلواطن)الناشئة بسبب الطبيعة‬
‫اإلنسانية وبسبب البيئة ادلتغرية بشكل مستمر ‪.‬‬

‫‪-‬وجود قائمة باألخالقيات وبروتوكوالت التعامل يساعد على جعل الطريق واضحاً لدى ادلواطن أو ادلوظف‬

‫على حد سواء ويقلل فجوة الثقة بينهما وبني احلكومة والبلد‪.‬‬

‫‪-‬تساعد ادلنظومة القوية ألخالقيات العمل العمومي من حتسني جودة اخلدمة ادلقدمة للمواطن وتفرض احًتام الطرفني‬
‫ادلوظف وادلواطن على حد سواء‬

‫‪64‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪ -‬تعكس ادلنظومة القوية ألخالقيات العمل العمومي مستوى عال من احلكم الراشد وتفتح آفاق التنمية الصحيحة‬

‫والتعامل ادلثمر مع اخلارج ذلك أهنا تفتح آفاق الشراكة والتعاون واالنصهار يف االقتصاد العادلي ‪.‬‬

‫‪ -‬تساعد ادلنظومة القوية ألخالقيات العمل على عدم استغالل موقعو الوظيفي واحلفاظ على ادلال العام واحًتام‬
‫وقت العمل‪.‬‬

‫‪ -‬تساعد ادلنظومة القوية ألخالقيات العمل العمومي على اكساب ادلوظف الحًتام ادلواطنني‬

‫‪-02‬أهمية أخالكيات العمل بالنسبة للمؤسسة‪:‬‬


‫من ىذا ادلنظور حنصي أذنية أخالقيات العمل بالنسبة للمؤسسة يف النقط التالية ‪:‬‬

‫‪-‬إن طرح وبناء منظومة لألخالقيات يف شىت رلاالت احلياة العملية يعزز من ترابط ادلوظفني وتفاعلهم اإلرنايب‬
‫لصاحل ادلؤسسة‪.‬‬

‫‪-‬إن طرح وبناء منظومة لألخالقيات يف شىت رلاالت احلياة العملية يعزز من ترابط ادلوظفني وتفاعلهم اإلرنايب‬
‫لصاحل ادلؤسسة‪.‬‬

‫‪-‬وجود قوانني وتشريعات يساعد على هتدئة اإلضرابات واإلختالفات الناشئة بسبب الطبيعة اإلنسانية‬
‫وبسبب البيئة ادلتغرية بشكل مستمر حول ادلؤسسة‪.‬‬

‫‪-‬وجود قائمة باألخالقيات وبروتوكوالت التعامل يساعد على جعل الطريق واضحاً لدى ادلوظف ويبعده كل‬
‫البعد عن التوتر الناشئ من اخلوف من ادلستقبل واخلوف من ظلم ومن ناحية الًتقية أو العالوة او حىت‬
‫الفصل من العمل ‪.‬‬

‫‪-‬تطبيق األخالقيات يف شركة ما يساعد من حتسني صورهتا‪ .‬حيث إن احلصول على شهادات عادلية‬
‫وامتيازات عمل خاصة يقًتن بااللتزام ادلنظمة بالعديد من ادلعايري األخالقية يف إطار اإلنتاج والتوزيع‬
‫واالستهالك واالستخدام و االعًتاف باخلصوصيات والعمل الصادق والثقة ادلتبادلة ودقة وصحة ادلعلومة‬

‫‪65‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-‬إن بناء منظومة أخالقية يف ادلنظمة يساعد يف اإلرتقاء بأخالقيات موظفيها وينعكس ذلك بشكل مباشر‬
‫على طريقة تعاملهم مع العمالء أو الشركاء مما يضفي التميز على الشركة ككل‬

‫تعارض بني حتقيق مصاحل منظمة األعمال ادلتمثلة بالربح ادلادي وبني‬
‫ا‬ ‫‪ -‬ادلنظور التقليدي للعمل يرى‬
‫االلتزام بادلعايري األخالقية واليت عرضت وكأهنا تقلل من الكفاءة وىو منظور مرفوض حاليا ‪،‬ففي إطار‬
‫ادلنظور احلديث جند ارتباطا إرنابياا بني االلتزام األخالقي وادلردود ادلايل الذي حتققو ادلنظمة وإن مل‬
‫يكن ذلك على ادلدى القصري فإنو بالتأكيد سوف يكون واضحاً على ادلدى الطويل‪. 1‬‬

‫‪-‬قد تتكلف منظمات األعمال كثرياً نتيجة جتاىلها االلتزام بادلعايري األخالقية وىنا يأيت التصرف‬
‫الالأخالقي ليضع ادلنظمة يف مواجهة الكثري من الدعاوى القضائية بل واجلرمية يف بعض األحيان‬
‫خاصة إذا ما متادت ادلنظمة وأخذت تركز كثرياً على مبدأ الرشد والنموذج االقتصادي بعيداً عن‬
‫التوجو االقتصادي االجتماعي األخالقي‪.‬‬

‫حوصلة ‪:‬مما تقدم ‪ ،‬خنلص إىل أن أخالقيات العمل تسهم يف رفع كفاءة وإنتاجية ادلؤسسات جبودة‬
‫ومعايري عالية من شأهنا رفع رفاىية األفراد واجملتمعات كما أهنا تعزز فرص جناح العمليات التنموية‬
‫وتفضي إىل ادلنافسة الشريفة العادلة بني ادلؤسسات الوطنية والعادلية ‪.‬‬

‫‪ 1‬طاىر زلسن الغاليب ‪ ،‬صاحل مهدي زلسن العامري‪ ،‬ادلسؤولية االجتماعية وأخالقيات األعمال واجملتمع‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬الطبعة األوىل‪ ،2008 ،‬ص ‪.138‬‬

‫‪66‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرة‪ :11‬نطاق أخالقيات العمل‬

‫‪_I‬مصادر وعناصر أخالقيات العمل‪:‬‬


‫‪-01‬مصادر أخالقيات العمل‪:‬‬
‫ال تنشأ أخالقيات العمل من العدم وإمنا تصدر من منابع سلتلفة أشهر تبويباهتا ما يلي ‪: 1‬‬
‫***المصدر الديني ‪ :‬لقد وضعت الديانات السماوية أخالق وفضائل سلوكية تنعكس على ادلرء‬
‫يف تعاملو مع اهلل وحسن ادلعاملة واالستقامة يف التعامل ومعاملة اجلميع معاملة حسنة الهنم متساوون‬
‫يف احلقوق والواجبات‪.‬‬

‫فان‬
‫إن اإلنسان ال يسعى إىل حتقيق غاية إال إذا كان ذلا صدى يف نفسو‪ ،‬وعليو ّن‬ ‫***الذات‪ّ :‬ن‬
‫فان ىذه الذاتية ستعمل على إخضاع القواعد‬ ‫العمل ال بد أن يكون جيد أمام الذات اإلنسانية وعليو ّن‬
‫األخالقية نفسها إىل نظرة الفرد وتقديره اخلاص وىذا أمر زلفوف بادلخاطر ألنو ال يعطي القواعد‬
‫األخالقية الثبات واالستقرار واالستمرارية الالزمة لو‪.‬‬
‫***األسرة ‪ :‬ينقل الفرد سلوكو الذي ورثو من أسرتو إىل ادلنظمة وىذا السلوك يعرب عن واقع‬
‫بيئتو ادلعيشية وظروف حياتو‬
‫***المؤسسات التعليمية ‪:‬تستطيع ىذه ادلؤسسات أن تلعب دورا مهما يف إعداد الطلبة لدخول‬
‫احلقل الوظيفي حيث تستطيع توجيههم وتوعيتهم وتدريسهم ببعض ادلسائل يف األخالق والعالقات‬
‫العامة حىت تنجح يف تنمية سلوك الطالب االجيايب جتاه ادلسؤولية واإلخالص‪.‬‬
‫***القوانين واالنظمة والتشريعات التي تضعها الدولة من نظام اخلدمة ادلدنية‪ .‬قانون اخلدمة اجلامعية ‪،‬‬
‫قانون العمل والعمال‪ ،‬انظمة وقواعد العمل ‪،‬اللوائح االدارية‬
‫*** البيئة االجتماعية ‪:‬تعترب البيئة االجتماعية اليت يعيش فيها الفرد والتمازج بُت قطاعات اجملتمع‬
‫ادلختلفة من خالل عادات وتقاليد واعراف وقيم من اىم مصادر االختالفات اليت تؤثر يف االدارة ويف‬

‫‪ 1‬صويف إديان‪ ،‬قوراري مرمي ‪:‬أخالقيات العمل كأداة للحد من ظاىرة الفساد اإلداري يف الدول النامية‪ ،‬ادللتقى الوطٍت حول ‪ - :‬حوكمة الشركات كآلية للحد من الفساد اإلداري‬
‫وادلايل‪7 ،‬ماي ‪ ، 2012‬جامعة زلمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص‪3‬‬

‫‪67‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫مستوى التعامل بُت ادلواطنُت واجلمهور من جهة وبُت ادلوظفُت انفسهم داخل ادلنظمة من جهة‬
‫اخرى ‪.‬‬

‫حيث تعد اراء العلماء والفالسفة ورجال الفكر على‬ ‫***نظريات التنظيم والمدارس الفكرية والفلسفية‬

‫سلتلف مدارسهم وكذلك علماء البيئة واالدارة والسلوك والتاريخ والسياسة الذين حاولوا يف كلياهتم ان‬
‫ينظموا العالقة بُت احلاكم واحملكوم‪.‬‬

‫***القيادة القدوة ‪ّ :‬ن‬


‫إن القيادة اإلدارية الناجحة ىي اليت تستطيع أن تثبت يف اذلياكل اجلازلة‬
‫روح احلياة عن طريق إشعار كل موظف يف اإلدارة بأنو عضو يف مجاعة تعمل متساندة ورلتمعة‬
‫لتحقيق ىدف معُت يف التنظيم والقيادة القدوة ىي اليت تأخذ األمور بقوة ليس فيها شدة ولُت ليس‬
‫فيو ضعف وتستطيع أن تغرس فضائل األخالق يف نفوس ادلرؤوسُت وتوجد الروح اجلماعية اليت تتعاون‬
‫فيما بينها وحتًتم اآلخرين وتكون خادمة للمصاحل العامة‬
‫مالحظة ‪ :‬مصادر اخالقيات الوظيفة يف القطاع اخلاص ىي نفس مصادر اخالقيات الوظيفة العامة‬
‫مضافا إليها القوانُت الداخلية للمؤسسات واالتفاقيات ادلربمة والعقود ادللزمة وحتركات اجملتمع‬
‫ادلدين((مجعيات أرباب العمل ‪،‬مجعيات هتتم بصناعات معينة‪)....‬‬

‫‪-02‬عناصر أخالقيات ألاعمال ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫صلد عديد العناصر ادلهمة ألخالقيات العمل على شاكلة‬
‫*** احثرام األنظمة والقوانين‪:‬إن السياسات واألنظمة ورلموعة مبادئ األخالق تشكل قوى مهمة يف تشكيل‬
‫أخالقيات األعمال واليت من شاهنا توجيو السلوك باالجتاه الذي قد يعزز أو يضعف أخالقيات األعمال ومنو‬
‫حري بأي مؤسسة تشريع مواثيق تنبثق عنها رلموعة قوانُت وأنظمة وتعليمات تلزم ادلوظفُت بتلك القوانُت‬
‫والتعليمات ‪ ،‬هبدف احلفاظ على طابع السيادة العامة داخل ادلؤسسة‪ ،‬مع ضرورة أن تتصف ىذه القوانُت بادلرونة‬
‫والتطوير ومتاشي مع متطلبات العمل وظروفو وال خيفى على اإلدارة إشراك اإلداريُت اولفنيُت يف وضع ىذه القوانُت‬
‫والتعليمات كي تضمن تكاملها وتوافقها ‪.‬‬

‫زرفة بولقواس يعقوب سامل ‪، )2017(،‬أخالقيات العمل واشكالية ادلمارسة يف ادلؤسسة اجلزائرية‪ ،‬مجلة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الشهيد حمة لخضر‪-‬‬
‫‪1‬‬

‫الوادي العدد ‪ ، 23‬ص ‪97-96‬‬

‫‪68‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫وعليو فاستنادا دلا تقدم يكون الرئيس وادلرؤوسُت يف أي مؤسسة خاضع ألوامر التعليمات‪ ،‬ألن يف ذلك واجب‬
‫الطاعة واحًتام الذات وادلؤسسة كشخصية معنوية‪.‬‬
‫***احترام قيم وعادات المجتمع ‪ :‬تعترب أخالقيات العمل يف األساس ىي رلموعة القيم األعراف والتقاليد‬
‫اليت يبٌت عليها اجملتمع‪ ،‬ومن منطلق أهنا تلك القواعد وادلعايَت اليت ديكن للفرد التمييز بُت الصواب واخلطأ‪ ،‬فهي‬
‫تشكل منط من السلوك الفردي الذي يعد انعكاس دلا ىو سائد يف البيئة اجملتمعية‪ ،‬وىذا ما ينقلو األفراد نتيجة‬
‫تفاعلهم يف مؤسساهتم‪ ،‬وبالتايل صلد العادات والتقاليد والقيم‪ ،‬قد أدت دور أساسيا يف بناء وتشكل ادلمارسات‬
‫األخالقية اليت ديارسها العامل يوميا‪.‬‬
‫***الرقابة الذاتية‪:‬من أىم عناصر أخالقيات ادلهنة الضرورية يف الوقت احلاضر استشعار ادلسؤولية‪ ،‬فادلوظف البد‬
‫أن يستشعر حجم مسؤوليتو أمام اهلل والناس وأن حيرص على القيام حبق ىذه ادلسؤولية العظيمة وادلتتبع حلركة‬
‫التطور و التطوير يف مجيع ادلؤسسات وما صاحبها من تطور تكنولوجي ىام على أعلى مستوى‪ ،‬يالحظ بان‬
‫أجهزة املراقبة ادلتطورة مازالت عاجزة عن الوصول إىل احلد من مظاىر اإلشكاالت التنظيمية ‪ ،‬وىذا يستدعي‬
‫صحوة الضمَت يف السر والعلن وادلتمثل يف الرقابة الذاتية اليت حتول دون وقوع اخللل واالنحراف‪ ،‬وبالتايل ضمان‬
‫األمان واألمن ضد كل ادلمارسات السلبية النامجة عن عمل ما‪.‬‬
‫***أخالقيات سلوكية ‪ :‬جيب على ادلوظف والعامل أن يكرس وقتو خلدمة ادلؤسسة اليت يعمل هبا وأن يعمل كل‬
‫جهده لصاحل ادلصلحة العامة واالبتعاد عن ادلصاحل الشخصية اليت بالتأكيد ترجع بالضرر على مؤسستو‪ ،‬كما أم‬
‫االهنماك يف القضايا ادلشبوىة يعد عمال غَت أخالقيا‪ .‬إن العمل وأداء الواجبات الوظيفية بكل دقة واخالص‪،‬‬
‫يعترب أمانة يف عنق ادلوظف والعامل وعلى مجيع ادلستويات اإلدارية الكلية أو اجلزئية‪.‬‬
‫*** اإلخالص والثقة في العمل ‪:‬جيب أن جيسد العامل أو ادلوظف مجيع الفضائل العامة ومنها اإلخالص والثقة‬
‫اللذان يعدان وجهان لعملة واحدة فالثقة بُت الرئيس ومرؤوسيو تضمن العالقة القوية اليت تتصف بالعدالة القائمة‬
‫بينهما كل لو حقوق وواجبات لو وعليو‪ ،‬وىو ما حثت عليو األنظمة اإلدارية ادلعاصرة على اإلتقان واإلبداع يف‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪_ II‬أهداف وأأاأيات أخالقيات العمل‪:‬‬

‫‪ -01‬اهداف اخالقيات العمل‪:‬‬


‫صلد ألخالقيات األعمال عديد األىداف اليت نوجزىا يف ‪: 1‬‬
‫‪-‬ضبط العادات واالتفاقات ورلموع القيم واألمراف والتقاليد ادلتفق عليها يف زليط ما‪.‬‬
‫‪-‬تساعد األخالقيات عىل تقدمي النقد الذايت لتحسُت ادلردودية‪ ،‬وحتصُت الكفاءات الفنية وحتفيز ادلهارات ادلهنية‬
‫وخلق جسور الثقة يف األىداف ادلتبعة‪.‬‬
‫‪-‬ضبط السلوك ادلهٍت والشخصي الذي ينبغي أن يتحلى بو ادلوظفون لدى الدولة وضمان انضباطهم مبا ينسجم‬
‫ومقتضيات شلارسة الوظيفة العمومية‪ ،‬واطالعىم عىل واجباهتم ادلهنية يف إطار أخالقي‪.‬‬
‫‪-‬تطبيق نظام اجلزاءات اإلجيابية والسلبية لتفادي بعض مظاىر الفساد اإلداري‪.‬‬
‫‪-‬ضمان سلطط عقالين لتسيَت ادلوارد البشرية يأخذ بعُت االعتبار مسارىم ادلهٍت والوظائف‪.‬‬
‫‪-‬حتقيق التوازن بُت األحكام األخالقية وحريات وحقوق ادلوظفُت ) ضبطها وتقنينها‪( .‬‬
‫‪-‬ضرورة تغليب ادلصلحة العامة عىل ادلصلحة اخلاصة للموظف بشكل يتفق واألنظمة التشريعية والتنظيمية‬
‫السارية ادلفعول‪.‬‬
‫‪-‬تقريب عمل اإلدارة العامة من ادلواطنُت باإلصغاء إىل اىتماماهتم وانشغاالهتم وكذا حتسُت نوعية اخلدمات‬
‫ادلقدمة إليهم‪.‬‬
‫‪-‬إنشاء الثقة ادلتبادلة بُت اإلدارة وادلواطن‪.‬‬
‫‪-02‬أساسيات أخالقيات العمل‪:‬‬
‫تستوجب أخالقيات العمل توفر أساسيات معيارية يف كل من العامل وصاحب العمل وىو ما سنوضحو‬
‫فيما يلي ‪:‬‬
‫***أخالقيات العامل ‪:‬واجبات العامل يف إطارىا األخالقي ديكن حصرىا يف النقاط التالية‪: 2‬‬
‫‪-‬أن يشعر العامل بادلسؤولية جتاه العمل الذي كلف أو تعاقد عليو وارتبط بو‪.‬‬
‫‪-‬أن يعرف العامل ما ىو ادلطلوب منو‪،‬وما ىي واجباتو ومنطلقات عملو وأن يكون العقد بُت العامل‬
‫وصاحبو واضحا ال لبس فيو‪.‬‬
‫‪-‬أن يؤدي العمل بأمانة دون تقصَت أو غش أو إمهال‪.‬‬
‫‪-‬أن يؤدي العمل على أحسن وجو أيا كان نوع العمل‪.‬‬

‫‪ 1‬حباش وفاء‪ ،)2019(،‬ثقافة ادلنظمة كمحدد لًتسيخ وتعزيز أخالقيات العمل على مستوى ادلنظمة ‪،‬رللة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬اجمللد‬
‫‪04‬العدد ‪، 02‬ص‪1788‬‬
‫‪ 2‬بالل خلف السكارنة‪" ،( 2009 )،‬أخالقيات العمل"‪ ،‬األردن‪ :‬دار ادلسَتة‪ ،‬ص‪33‬‬

‫‪70‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-‬عدم اخليانة يف العمل بكل صورىا وأشكاذلا‪.‬‬


‫‪-‬عدم استغالل العمل دلصلحة شخصية‪ ،‬أو لقرابة وما إىل ذلك‪.‬‬

‫*** أخالقيات صاحب العمل‪:‬وضلصرىا يف‪: 1‬‬


‫‪-‬أن ال يكلف العامل فوق طاقتو‪.‬‬
‫‪-‬أن يبُت للعامل ما ىو العمل ادلراد إصلازه مع بيان ما يتعلق بادلدة واألجر‪.‬‬
‫‪-‬أن يعطي للعامل حقو عند انتهائو من عملو‪ ،‬دون شلاطلة‪،‬ألن ىذا احلق أصبح دينا يف عنق صاحب‬
‫العمل عليو أن يؤديو‪.‬‬
‫‪-‬أن يكون رحيما بالعمال حُت اخلطأ والصفح عنو‪،‬إذا مل يكن مثة تقصَت عمدي‪.‬‬
‫‪-‬أن ال يبخس العامل حقو عند التعاقد على أي عمل من األعمال‪ ،‬فينبغي أن يكون األجر على‬
‫قدر العمل‪.‬‬
‫‪-‬أن يعامل العمل باحلسٌت‪ ،‬فال بد أن تكون نظرة صاحب العمل إىل العامل نظرة إنسانية‪ ،‬ال يهينو‬
‫وال حيتقره‪ ،‬وقبل كل ذلك ال يظلمو‪.‬‬
‫وما يلزم بو صاحب العمل يف ادلؤسسة اخلاصة‪ ،‬يكون كذلك بالنسبة للمسؤول األول يف ادلؤسسة‬
‫العامة ‪-‬العمومية‪-‬والشكل التايل يلخص ىوية ادلؤسسة من خالل أخالقيات العمل فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬بالل خلف السكارنة‪،( 2009 )،‬ادلرجع السابق ‪،‬ص ‪56‬‬

‫‪71‬‬
‫المحور األول ‪:‬الفساد االقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫املحاضرة‪ :12‬مرثكزات أخالقيات ألاعمال‬

‫‪ _I‬المعايير االخالقية والمهنية لللويية العااة واللااة ‪:‬‬


‫بالنظر إىل كل ما أسلفنا ‪،‬اىتمت مجيع الدول بعملية تأطري قواعد السلوك الوظيفي واخالقيات الوظيفة‬
‫العامة واخلاصة من خالل ما يعرف بادلدونة‪.‬حيث تسعى إدارة ادلنظمات العامة التابعة للحكومات واخلاصة على‬
‫حد سواء إىل إجياد وتدوين أدلة وإرشادات أخالقية ملزمة التطبيق يف أوساط أعضائها لتكون واضحة ‪،‬وملزمة‬
‫للجميع وعلى ىذا األساس ميكن التدليل على نوعني من ادلدونات األخالقية ‪:‬‬

‫‪ -01‬املعايير الاخالقية واملهنية للوظيفة العامة (املدونة أخالقيات الوظيفة العامة)‬

‫إن م د ونة السلوك الوظيفي وأخالقيات الوظيفة العامة ضرورة يف ادلؤسسات احلكومية ليس فقط يف جعل‬
‫الوظيفة العامة أكثر استقامة واستجابة للتطور ادلهين يف حقل اإلدارة العامة وأداء الواجبات بطريقة فعالة بل‬
‫بتقدم اخلدمة العامة على اخلدمة الذاتية ‪ ،‬وىذا ىو جوىر الصراع بني الفرد ومربرات قيامو للفساد ‪.‬‬
‫وتعرف مدونة السلوك الوظيفي عند ىذا ادلستوى بأهنا ‪: 1‬‬
‫** وثيقة تصدرىا الدولة وتتضمن رلموعة من القيم اليت تتبناىا ادلنظمات على اختالف انواعها يف توجيو‬
‫وممارسة العاملني يف ادائهم العماذلم واليت تساعدىم يف مواجهة القضايا وادلشكالت اليت تعًتضهم اثناء ادائهم‬
‫االعمال ادلوكلة اليهم ‪.‬‬

‫مالحظة ‪ :‬جند بعض الوظائف اليت ينشط أصحاهبا يف القطاع اخلاص ولكنهم يؤدون خدمة عمومية كالطبيب‬
‫والصيديل ‪،‬أعوان النقل‪ ....‬لذلك تصدر مدونات رمسية من احلكومة لتنظيم نشاطهم ‪.‬‬
‫كما جتدر اإلشارة أيضا لعدم كفاية االىتمام بتدوين السلوكيات وإقرارىا بشكل رمسي يف وثيقة حكومية وإمنا‬
‫يتوجب احلرص على تطبيقها فعليا من خالل أنظمة ادلراقبة وادلتابعة احلكومية ‪،‬وكذا تفعيل نظام العقوبات‬
‫للمخالفني حىت تكون رادعا فعليا ‪،‬وقبل ىذا وذاك من خالل اإلعالن واإلعالم وتنمية الوعي هبا‪.‬‬

‫امنار أمني حاجي‪،‬زلفوظ محدون الصواف ‪، )2006 (،‬أخالقيات الوظيفة العامة وأثرىا على أداء منظمات اإلعمال رللة كلية اإلدارة واإلقتصاد ‪ ،‬جامعة ادلوصل‪،‬العراق‪،‬ص‪7‬‬
‫‪1‬‬

‫‪72‬‬
‫المحور األول ‪:‬الفساد االقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-02‬املعايير الاخالقية واملهنية للوظيفة الخاصة (مدونة أخالقيات ألاعمال)‬

‫إن أخالقيات الوظيفة العامة تتشابو إىل حد كبري من ادلعايري والقيم اليت تركز عليها مع أخالقيات اإلدارة‬
‫يف شركات اإلعمال فالنزاىة واألمانة واالمتثال للقانون وغريىا ىي مبادئ أخالقية ضرورية يف ادلؤوسسات‬
‫احلكومية كما ىي ضرورية يف شركات اإلعمال‪ .‬وتعرف مدونة السلوك الوظيفي عند ىذا ادلستوى بأهنا ‪:‬‬
‫** وثيقة تصدرىا ادلنظمة ‪ -‬أو أية منظمة أخرى ‪ -‬تتضمن رلمومة القيم وادلبادئ ذات العالقة مبا ىو مرغوب‬
‫‪2‬‬
‫فيو وما ىو غري مرغوب من سلوكيات يف ادلنظمة‬
‫‪3‬‬
‫** كما تعرف أن بأهنا بيانات رمسية مكتوبة للمعايري والقيم األخالقية اليت توجو طريقة أداء العمل يف ادلنظمة‬
‫مالحظة ‪ :‬تعترب األخالقيات ادلدونة أول اخلطوات اإلرشادية اليت حتدد السلوكيات ادلتوقعة من شاغل الوظيفة‬
‫وكيفية التعامل معو يف حالة عدم االلتزام هبا ‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل أن تدوين األخالقيات غري كاف بقدر ماىو‬
‫مهم جتسيدىا ميدانيا والذي ي تطلب شروطا أساسية تشمل عدالة احلوافز‪ ،‬ودعم القيادات العليا يف ادلنظمة‬
‫وتشكيلها منوذج ا معياريا ‪ ،‬ومالئمة البيئة الداخلية‪.‬‬

‫‪-03‬أهمية مدونة أخالقيات ألاعمال ‪:‬‬


‫ترجع أمهية مدونة أخالقيات األعمال إىل كوهنا‪:4‬‬
‫** تؤدي إىل تنامي االىتمام باجلوانب وادلشكالت األخالقية لتحقيق ادلوازنة يف االىتمام بني تلك اجلوانب‬
‫واجلوانب ادلادية‪.‬‬
‫**تؤدي إىل التجانس والوحدة والتوافق األخالقي يف العمل اإلداري يف مجيع ادلستويات التنظيمية‪.‬‬
‫**تساىم يف تطوير مهنة اإلدارة‪ ،‬ألهنا ختلق قواعد العمل اإلداري اليت تساىم يف محايةمسعة ادلنظمة ومكانتها‪.‬‬
‫** حتد من الصراع التنظيمي من خالل خلق نوع من االنسجام وادلالئمة بني قيم وأىداف األفراد وقيم وأىداف‬
‫ادلنظمة‪.‬‬
‫** دتثل ادلدونة عامل وقائي ضد الفساد اإلداري يف ادلنظمات‬

‫‪ 2‬جنم عبود جنم ‪، )2005(،‬اخالقيات االدارة يف عامل متغري ‪،‬القاىرة ‪،‬ادلنظمة العربية للتنمية االدارية‪،‬ص ‪75‬‬
‫‪ 3‬حباش وفاء ‪، )2019(،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪1798‬‬
‫‪ 4‬جنم عبود جنم‪ ،‬أخالقيات اإلدارة يف عامل متغري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪77‬‬

‫‪73‬‬
‫المحور األول ‪:‬الفساد االقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-04‬الاعحبارات ألاساسية لصياغة مدونة أخالقيات ألاعمال‪:‬‬


‫حىت نتمكن من صياغة مدونة عادلة ومنصفة جلميع األطراف ال بد من االلتزام باالعتبارات التالية عند صياغتها‬
‫وحىت عند تطبيقها‪: 5‬‬
‫** الهدف ‪ :‬ما ىي األىداف اليت ستخدمها ادلدونة؟ وإىل أي مدى سوف يتم استخدامها؟ ولإلجابة عىل مثل‬
‫ىذا السؤال تقوم ادلنظمة مادة بإجراء تقييم للمخاطر األخالقية كوسيلة لتحديد كيفية االنتقال من احلالة الراىنة‬
‫للمنظمة إىل احلالة األخالقية ادلنشودة‪.‬‬
‫** الصيغة ‪ :‬ىل ستكون ادلدونة توجيهية أم طموحة‪ ،‬أم خليطا بينهما‪.‬‬
‫**الصياغة ‪ :‬مبجرد حتديد اذلدف والصيغة تكون اخلطوة احلرجة التالية ىي حتديد العملية اليت يتم مبوجبها صياغة‬
‫ادلدونة ‪ .‬حيث أن ىناك بعض النقاط جيب مراعاهتا مند صياغة مدونة األخالق ىي ‪ :‬الوضوح ‪ -‬احليادية‬
‫ادلوضومية ‪ -‬التجدد ‪ -‬مراعاة الثقافة السائدة ‪ -‬اإللزام ‪ -‬ادلظهر األنيق ‪ -‬القوانني ‪ -‬الدعم ‪ -‬الشعار ‪ -‬احلقوق‬
‫‪-‬العقوبات ‪ -‬اإلصدار ‪ -‬التذكري‪( .‬‬
‫**المحتوى ‪ :‬التعبري كتابة من القيم وادلعايري واحملظورات والعقوبات ومجيع األبعاد األخالقية األخرى اليت تشكل‬
‫الثقافة األخالقية للمنظمة‪.‬‬
‫** النبرة ‪ :‬أي األسلوب الذي يكتب بيو ادليثاق‪ ،‬وكذا طريقة توصيلو‪ ،‬حيث يلعب دورا ىاما يف مدى تأثريه‬
‫وتًتاوح النربة من حتذيرية إىل إجبارية‪.‬‬
‫**التطبيق ‪ :‬ضمان حتويل ادلدونة من وثيقة ورقية إىل وثيقة يتم ممارستها‪.‬‬

‫‪ _II‬واقع أخالقيات األعمال‪:‬‬


‫‪-01‬ضعف ثطبيق أخالقيات العمل ‪:6‬‬
‫**تراجع تطبيق أخالقيات العمل‪ :‬لعل أكرب التحديات اليت تواجو ادلنظمات بشكل عام‪ ،‬اإلعداد األخالقي‬
‫دلوظفيها‪ ،‬و كيفية التعامل مع كثري من األخالق السلبية‪ ،‬كالفساد اإلداري‪ ،‬وعدم تكريس اجلهود للقيام مبسؤ‬
‫وليات الوظيفة‪ ،‬وسوء استخدام السلطة وغريىا من الظواىر السلبية ‪.‬وقد تتمثل العقبات اليت تواجو أخالقيات‬
‫العمل فيما يلي‪:‬‬
‫**عدم تطبيق العقوبات ‪ :‬إن التساىل يف التجاوزات األخالقية‪ ،‬وعدم تطبيق النظام ادلتبع يف تطبيق‬
‫االلتم بأخالقيات الوظيفة‪ ،‬وتكرار األخطاء واالنحرافات السلوكية‪،‬‬
‫العقوبة على ادلخالف يؤدي إىل هتاون كبري يف زا‬
‫نتيجة عدم وجود ا ردع يقوم حبمايتها واحلد من جتاوزىا ‪.‬‬

‫‪ 5‬جون سوليفيان‪ ،‬البوصلة األخالقية للشركات‪ ،‬أدوات مكافحة الفساد ‪ :‬قيم ومبادئ‪،‬آداب ادلهنة‪ ،‬حوكمة الشركات‪ ،‬ادلنتدى العادلي حلوكمة الشركات‪،‬الدليل السابع‪ ،‬ص‪30‬‬
‫‪ 6‬أحمد حسن عامر عسيري ‪،‬ياسر حسن سالم المعمري ‪(،‬مارس ‪،)2020‬واقع تطبيق أخالقيات العمل يف قطاع التعليم مبحافظة زلايل عسري‪،‬رللة البحوث‬
‫والدراسات التجارية ‪،‬اجمللد ‪، 4‬العدد ‪،1‬ص‪247-246‬‬

‫‪74‬‬
‫المحور األول ‪:‬الفساد االقتصادي‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫**غياب القدوة الحسنة ‪ :‬القدوة احلسنة ذلا أثر كبري يف تربية ر‬


‫االفاد واجلماعات ودور مهم يف بناء اجملتمعات‬
‫وغياهبا من قبل اإلدا رة يًتك اجملال مفتوحا أمام ادلوظفني الختالق الذرائع حول عدم التقيد بأخالقيات الوظيفة‬
‫لعدم وجود منوذج من االدارة العليا يلتزم بأخالقيات الوظيفة ويدعو للحفاظ عليها‪.‬‬
‫**ضعف الحس الديني والوطني ‪:‬عند غياب شعور ادلوظف بقيمة العمل الذي يقوم بو‪ ،‬ودوره الكبري يف التقرب‬
‫بااللتم بأخالقياتو‪ ،‬وما لو من أثر يف تنمية وتطور اجملتمع‪ ،‬فإن ذلك‬
‫إىل اهلل سبحانو وتعاىل بو ونيل مرضاتو زا‬
‫االلتم بأخالقيات الوظيفة‬
‫سيحول دون التطبيق و زا‬
‫**اضطراب العالقة بين اإلدارة والعاملين ‪ :‬من األمور ادلعلومة أن الثقة بني العاملني‪ ،‬واإلدارة ذلا عالقة مباشرة‬
‫بزيادة إنتاجية العامل‪ ،‬فادلوظف الذي يعلم أن إدارة ادلنظمة ستقدر رلهوداتو على ادلدى القريب والبعيد فإنو‬
‫تويف بوعودىا للعاملني فإن ىذا يكون غري حزلفز‬‫يتفاىن يف عملو‪ ،‬ولكن عندما يشعر ادلوظف بأن إدارة ادلنظمة ال يِف‬
‫لو على تطوير العمل واإلبداع وزيادة األداء‪ ،‬لذلك فإن التزام ادلديرين بالصدق واألمانة والعدل والوفاء والرمحة مع‬
‫العاملني يؤدي إىل ثقة العاملني يف اإلدارة وىو ما يؤدي إىل حتفيزه على العمل‬

‫‪-02‬وسائل جعزيز اخالقيات العمل‪:7‬‬


‫**القدوة احلسنة وخري قدوة ىو معلم البشرية زلمد صلى اهلل عليو وسلم بامتثال أوامره والتأسي بأخالقو‪.‬‬
‫** تنمية الرقابة الذاتية واالستشعار يف كل عمل يؤديو ادلوظف بأن اهلل مطلع عليو‪.‬‬
‫**تنمية الوازع الديين وأن العمل عبادة وطاعة هلل تعاىل‪.‬‬
‫**ضبط أنظمة وقوانني ادلنظمة كعمل ميثاق ألخالقيات العمل وتوزيعو للموظفني حبيث يكون دليال ومرجعا ذلم‬
‫لاللتزام بالقيم اخلاصة بوظيفتهم‪.‬‬
‫** عمل دورات تعزز قيم االخالق يف العمل ونشر الوعي األخالقي‪.‬‬
‫** ادلتابعة واستخدام نظام تقييم األداء لتعزيز السلوك اإلجيايب‪.‬‬
‫**مكافأة ادلوظف ادللتزم أخالقيا بوظيفتو‪.‬‬

‫‪ 7‬فاطمة عبد الرقيب ‪ ،)2017 (،‬أخالقيات العمل ‪،‬شبكة األلوكة ‪،‬ص ‪18‬‬

‫‪75‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫اصطالحات أساسية لتحليل الفساد وأخالقيات العمل‬

‫من خالل ىذه اجلزئية سندرج سلتلف االصطالحات األساسية لتحليل احليثيات ادلتناولة يف ادلقياس واليت‬
‫مت تداوذلا مع الطلبة يف احملاضرات حيث خصصنا ربع ساعة من كل زلاضرة ذلذه الغاية كما أسلفنا يف توصيف‬
‫ادلقياس ‪(.‬سنكتفي بإدراج ادلصطلحات األكثر تداوال دون ترتيب منذ بداية تدريس ادلقياس ‪)2010‬‬

‫*** اقتصاد الجريمة ‪ :1‬يعرب عن االقتصاد األسود‪ ،‬االقتصاد السفلي‪ ،‬االقتصاد غري الرمسي‪ ،‬االقتصاد ادلوازي‬
‫واالقتصاد اخلفي و ىو اقتصاد ذو طبيعة خاصة يستمد خصوصيتو ليس من كونو اقتصاد مستقل كما يظن‬
‫البعض‪ ،‬ولكن لكونو اقتصاد متداخل ومتشابك يف عالقاتو مع باقي االقتصاديات األخرى‪ ،‬كما يوجد بينو وبني‬
‫االقتصاد األبيض الرمسي والشرعي منطقة االقتصاد الرمادي اليت جتمع وتضم أنشطة زلرمة قانونا‪ ،‬لكنها دتارس‬
‫بشكل شرعي وعلين ‪.‬ومنو‪ ،‬فاقتصاد اجلرمية ىي جرمية فرضت نفسها كواقع أليم‪ ،‬فاجملرمني ال يدفعون أي ضرائب‬
‫سواء يف االقتصاد األسود أو الرمادي‪ .‬ومن مث فإن الفساد االقتصادي واقتصاد اجلرمية‪ ،‬كالمها حيصل على‬
‫تدفقات نقدية تدخل إليو من اخلارج إال أن اجلزء األكرب منها حيتفظ بو داخلو ويتم حجبو عن التعامل ويتم‬
‫‪.‬‬ ‫جتميده عن التداول واكتنازه‪ ،‬ويزداد ىذا االكتناز بًتاكم عائد شلارسة النشاط اإلجرامي‬
‫واقتصاد اجلرمية ىو اقتصاد استثنائي وإن كان يشكل جانبا من االقتصاد الكلي وىو اقتصاد يتكون من قطاعات‬
‫جزئية سلتلفة متداخلة ولكل قطاع منها خصائصو‪ ،‬فهو اقتصاد قائم على ما تدره اجلرمية من عوائد ومداخيل‬
‫بكافة أشكاذلا وأنواعها وما يتولد عنها من تأثريات على اذليكل االقتصادي وعلى األنشطة االقتصادية نتيجة‬
‫ادلمارسات اإلجرامية معو بصفة عامة واجلرمية دلنظمة بصفة خاصة‪.‬‬
‫***البيروقراطية‪ :‬مبعناىا اإلداري والتأسيسي تشكل نوعا من التنظيم الذي دتارس هبا اإلدارة العامة نشاطها‬
‫‪2‬‬
‫‪،‬أما مبعناىا ادلستهجن الشائع فهي أحد أمراض التنظيم الذي يعرقل اإلدارة السليمة و جيمد نشاطها‬

‫***الوظيفة العامة ىي رلموعة الواجبات وادلسؤوليات والتخصصات اليت تناط بادلوظف كما حيددىا القانون‬
‫‪،‬وعليو أن يلتزم بتنفيذىا وحيًتمها ويستوعبها ويتدرب على مزاولتها ويطبقها على أفضل وجو شلكن نومقابل ذلك‬

‫‪1‬‬
‫دلزيد من التفاصيل أنظر يف ‪ :‬رضا عبد السالم ‪ ، )2004(،‬اقتصاديات اجلرمية ‪،‬مجهورية مصر العربية ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Sauvy Alfred,(1967), Bureau et bureaucratie ,éditions PUF, Paris ,P06‬‬

‫‪76‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫يتقاضى أجرا من خزينة الدولة‪،‬كما يتمتع حبقوق وامتيازات الوظيفة اليت يشغلها باإلضافة للفوائد األخرى‬
‫ادلنصوص عليها يف نظام اخلدمة ادلدنية والتشريعات ادلنبثقة منو ‪. 1‬‬
‫‪2‬‬
‫*** الحكم الراشد‪ :‬ونقًتح مجلة التعاريف التالية‬

‫‪ ‬تعريف باكناسكو و لوكاليس ‪ Bagnasco et le Galles‬الذي يرى أن احلكم الراشد ىو ذاك‬


‫النمط من احلكم الذي يسعى إىل تنسيق األعوان و اجلماعات االجتماعية للوصول إىل األىداف اخلاصة‬
‫ادلناقشة و ادلعرفة بصفة مجاعية يف زليط و فضاءات غري مؤكدة و رلزأة‪..‬‬
‫تعريف ماركو راصليو و تيبولت ‪ Marcou, Rangeon et Thibault‬يرى أن احلكم الراشد‬ ‫‪‬‬
‫ىو تلك األشكال اجلديدة و الفعالة بني القطاعات احلكومية و اليت من خالذلا يكون األعوان اخلواص و كذا‬
‫ادلنضمات العمومية و اجلماعات أو التجمعات اخلاصة بادلواطنني أو أشكال أخرى من األعوان يأخذون بعني‬
‫االعتبار ادلسامهة يف تشكيل السياسة‪.‬‬
‫تعريف فرونسوا أكسافييو موريان ‪ Francois Xavier Merrien‬الذي يرى أن احلكم الراشد‬ ‫‪‬‬
‫ىو ذاك النمط الذي يتعلق بشكل جديد من التسيري الفعال ‪.‬‬
‫أما تعريف و‪ .‬براند ‪ W. Brand‬فريى أنو رلموع سلتلف الطرق أو األساليب اليت يقوم هبا األفراد‬ ‫‪‬‬
‫و ادلؤسسات العمومية بتسيري أعماذلم بطريقة مستمرة يطبعها التعاون و التوفيق بني ادلصاحل ادلختلفة ‪ ..‬كما و‬
‫يندرج ىذا احلكم يف ادلؤسسات الرمسية و األنظمة ادلزودة بالصالحيات التنفيذية و الًتتيبات و التعديالت الرمسية‬
‫اليت على أساسها يكون الشعب و ىذه ادلؤسسات قد وقعت بصفة وفاقية خلدمة مصاحلها العمة خدمة‬
‫للمجتمع ‪.‬‬
‫احلكم الراشد من منظور التنمية اإلنسانية ىو احلكم الذي يعزز و يدعم و تصون رفاه اإلنسان ‪ ,‬و‬ ‫‪‬‬
‫يقوم على توسيع قدرات البشر و خياراهتم و فرصهم و حرياهتم االقتصادية و االجتماعية و السياسية ‪ ,‬السيما‬
‫بالنسبة ألكثر األفراد اجملتمع فقرا و هتميشا‪.‬‬
‫***حوكمة الشركات‪ :‬بصورة بسيطة‪ ،‬حوكمة الشركات ىي تعميق دور الرقابة ومتابعة األداء يف الشركات‬
‫وللتوضيح نقًتح التعاريف التالية ‪.3‬‬

‫‪ 1‬زكي راتب عوشة ‪ ، )1983( ،‬أخالقيات الوظيفة يف اإلدارة العامة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬عمان األردن ‪،‬مطبعة التوفيق‪ ،‬ص ‪44-25‬‬
‫‪ - 2‬األخضر عزي ‪ ,‬غايل جلطي ‪ ,‬قياس قوة الدولة من خالل احلكم الراشد ‪,‬يف موقع ‪http// : www.ululimsania.net/a34.htm:‬‬
‫‪3‬‬
‫يوسف زلمد طارق‪ ،‬حوكمة الشركات والتشريعات الالزمة لسالمة التطبيق‪ :‬مبادئ وشلارسات حوكمة الشركات‪ ،‬منشورات ادلنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص‪.4.‬‬

‫محاد طارق عبد العال‪ ،‬حوكمة الشركات‪ ،‬شركات قطاع عام وخاص ومصارف‪ ،‬ادلفاىيم‪ -‬ادلبادئ‪ -‬التجارب‪ -‬ادلتطلبات‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ‪.22.‬‬

‫‪77‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪-‬عرفت مؤسسة التمويل الدولية " ‪ "IFC‬حوكمة الشركات بأهنا‪" :‬النظام الذي يتم من خاللو إدارة الشركات‬
‫والتحكم يف أعماذلا"‪.‬‬

‫‪-‬كما عرفها محاد عبد العال بأهنا "النظام الذي بتم من خاللو توجيو أعمال ادلنظمة ومراقبتها على أعلى مستوى‬
‫من أجل حتقيق أىدافها والوفاء بادلعايري الالزمة للمسؤولية والنزاىة والصراحة"‪.‬‬

‫***الشفافية ‪ :1‬أي تقدمي صورة واضحة وحقيقية عن كل ماحيدث‪ ،‬مبا يضمن حتقيق الثقة والنزاىة وادلوضوعية‬
‫يف إجراءات إدارة الشركة‪ ،‬كما تضمن اإلفصاح السليم ويف الوقت ادلناسب عن ادلوضوعات ادلهمة‪ .‬وتؤمن ىذه‬
‫اخلاصية توصيل معلومات زلاسبية وإفصاحا ماليا وغري مايل‪ ،‬وأن تكون ادلعلومات صحيحة وواضحة وكاملة إىل‬
‫كل األطراف ذات ادلصلحة‪.‬‬

‫الشفافية تعد أحد أىم مبادئ احلوكمة وتعود ىذه األمهية إىل أهنا السالح األول حملاربة الفساد واالختالسات‬
‫والًتبيطات الىت كثرياً ما نسمع عنها‪ .‬فغياب الشفافية ىو الذي يفتح الباب على مصراعية لعقد صفقات الفساد‬
‫من حتت الًتابيزة (يعين يف اخلفاء) أما مع وجود الشفافية فإنو يصعب حينها إساءة استخدام السلطة لصاحل فئة‬
‫تعمل يف اخلفاء‪.‬‬

‫***إلافصاح‪: 2‬تعددت التعاريف اليت تناولت اإلفصاح‪ ،‬حيث أشارت بعضها إىل أن اإلفصاح ىو‪" :‬اتباع‬
‫(‪)16‬‬
‫سياسة الوضوح الكامل وإظهار مجيع احلقائق ادلالية اليت تعتمد عليها األطراف ادلهتمة بادلشروع‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫مها زلمود رمزي رحياوي‪ ،)2008( ،‬الشركات ادلسامهة مابني احلوكمة والقوانني والتعليمات‪ :‬حالة دراسية للشركات ادلسامهة العامة العمانية‪ ،‬رللة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية‬
‫والقانونية‪ ،‬العدد (‪ ،)1‬اجمللد ‪ ،24‬دمشق‪ ،‬ص‪.97 .‬‬

‫‪2‬‬
‫طارق عبد العال‪ ،)2002(،‬التحليل الفين واألساسي لألوراق ادلالية‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.80‬‬

‫علي العبد خليل سعادة‪ ،)2008(،‬رللة ادلدقق األردنية‪ ،‬العدد ‪ ،76/75‬األردن‪ ،‬مارس ‪ ،2008‬ص‪.23 -20 .‬‬

‫حنان رضوان حلوة وأسامة أبو جاموس فوز الدين‪،)2004 ( ،‬أسس احملاسبة ادلالية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار احلامد‪ ،‬األردن‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫فريوز رجال‪ ،)2004(،‬أثر اإلفصاح ادلايل على كفاءة األسواق ادلالية‪ :‬دراسة حالة بورصة اجلزائر للفًتة ( ‪ ،)2003 -1999‬رسالة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيري‪،‬‬
‫جامعة ‪ 8‬ماي ‪ ،1945‬قادلة ‪ -‬اجلزائر‪ ،‬ص‪.16 .‬‬

‫‪78‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫كما عرف بأنو "نشر ادلعلومات الضرورية للفئات اليت حتتاجها‪ ،‬وذلك لزيادة فاعلية العمليات اليت يقوم هبا‬
‫السوق ادلايل‪ ،‬حيث أن الفئات ادلختلفة حتتاج للمعلومات لتقييم درجة ادلخاطرة اليت تتعرض ذلا الشركات‪،‬‬
‫(‪)17‬‬
‫للوصول إىل القرار الذي تستطيع من خاللو حتقيق أىدافها واليت تتناسب مع درجة ادلخاطرة اليت ترغب هبا‪".‬‬

‫ويرى فريق آخر من الباحثني أن اإلفصاح ىو أحد األركان الرئيسية لإلعالم احملاسيب‪ ،‬ويعين تزويد ادلستخدمني‬
‫(‪)18‬‬
‫اخلارجيني بادلعلومات لغرض اختاذ القرارات االقتصادية‪.‬‬

‫من خالل استعراض التعاريف السابقة فإهنا تلتقي مجيعا يف أن اإلفصاح ىو االلتزام بسياسة الوضوح‬
‫والشفافية يف إظهار مجيع ادلعلومات احملاسبية واحلقائق ادلالية اذلامة عن الشركات ادلقيدة يف السوق ادلالية‪ ،‬اليت من‬
‫شأهنا أن تؤثر على سعر الورقة ادلالية‪ ،‬واليت هتم الفئات اخلارجية‪ ،‬على وجو اخلصوص‪ ،‬حبيث تعينها على اختاذ‬
‫(‪)19‬‬
‫قرارات استثمارية وإقراضية رشيدة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫رالمراجع‪:‬ع‬

‫‪-01‬املراجع باللغة العربية ‪:‬‬

‫ابتهال زلمد رضا داود‪ ،)2016(،‬الفساد اإلداري وآثاره السياسية واإلقتصادية مع إشارة خاصة اىل جتربة العراق يف الفساد‪ ،‬رللة دراسات دولية‪ ،‬العدد ‪، 48‬‬
‫بغداد ‪.‬‬
‫إبراىيم غرايبة ‪،)2010(،‬اجملتمعات يف مواجهة الفساد "فيالدلفيا الثقافية‪ ،‬العدد‪7‬‬
‫أحسن بوسقيعة‪ )2006(،‬الوجيز يف القانون اجلزائي اخلاص‪ ،‬ط‪ ،3‬اجلزء الثاين‪ ،‬دار ىومة ‪ ،‬اجلزائر ‪.‬‬

‫أمحد أبو دية‪ ،)2004(،‬الفساد‪ :‬أسبابو وطرق مكافحتو‪ ،‬منشورات االئتالف من أجل النزاىة وادلساءلة ‪،‬نشر أمان ‪.‬‬

‫أمحد توفيق ادلدين ‪ ، 1956 ،‬ىذه ىي اجلزائر ‪ ،‬مكتبة النهضة ادلصرية ‪،‬القاىرة‬
‫أمحد حسن زغب ‪(،‬جوان ‪،)2015‬القيم واألخالقيات ادلعاصرة ودورىا يف تقليل الفساد يف إدارة ادلنظمات ادلعاصرة‪ ،‬رللة جامعة القدس ادلفتوحة لألحباث‬
‫والدراسات اإلدارية واالقتصادية ‪ -‬اجمللد األول ‪،‬العدد الثالث‬
‫أمحد حسن عامر عسريي ‪،‬ياسر حسن سامل ادلعمري ‪(،‬مارس ‪،)2020‬واقع تطبيق أخالقيات العمل يف قطاع التعليم مبحافظة زلايل عسري‪،‬رللة البحوث‬
‫والدراسات التجارية ‪،‬اجمللد ‪، 4‬العدد ‪1‬‬
‫امنار أمني حاجي‪،‬زلفوظ محدون الصواف ‪، )2006(،‬أخالقيات الوظيفة العامة وأثرىا على أداء منظمات اإلعمال رللة كلية اإلدارة واإلقتصاد‪ ،‬جامعة‬
‫ادلوصل‪،‬العراق‬

‫حباش وفاء‪ ،)2019(،‬ثقافة ادلنظمة كمحدد لرتسيخ وتعزيز أخالقيات العمل على مستوى ادلنظمة ‪،‬رللة االستاذ الباحث للدرسات القانونية والسياسية ‪ -‬اجمللد‬
‫‪04‬العدد ‪02‬‬
‫بشري مصيطفى ‪(،‬جويلية ‪، )2005‬الفساد االقتصادي مدخل إىل ادلفهوم والتجليات ‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية‪ ،‬العدد‪06‬مركز البصرية للبحوث والدراسات‬
‫االنسانية‪ ،‬الدار اخللدونية للنشر والتوزيع‬
‫بالل خلف السكارنة‪" ،( 2009 )،‬أخالقيات العمل"‪ ،‬األردن‪ :‬دار ادلسرية‬
‫بالل خلف السكارنو ‪، )2012(،‬اخالقيات العمل واثرىا يف ادارة الصورة الذىنية يف منظمات االعمالدراسة ميدانية على شركات االتصاالت االردنية ‪ ،‬رللة‬
‫كلية بغداد للعلوم االقتصادية اجلامعة العدد ‪، 33‬جامعة االسراء‬
‫بن عزوز زلمد‪ ،)2016(،‬الفساد اإلداري واالقتصادي‪ ،‬آثاره وآليات مكافحتو ‪ -‬حالة اجلزائر ‪ ،‬اجمللة اجلزائرية للعودلة والسياسات االقتصادية العدد‪07‬‬
‫بن خيلف زىرة ‪(،‬أكتوبر ‪،)2010‬حتليل موقف الفرد اجلزائري من ظاىرة الرشوة ‪،‬رللة االقتصاد ادلعاصر ‪،‬العدد‪، 08‬ص‪220-197‬‬
‫بيري ال كوم ‪،‬ترمجة سوزان خليل ‪ ،)2003( ،‬الفساد ‪ ،‬عني للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ‪،‬الطبعة األوىل‬
‫حتسني الطراونة‪ ،)1990(،‬أخالقيات القرارات اإلدارية ‪ ،‬مؤتة للبحوث والدراسات‪ ،‬رللد ‪ ، 15‬عدد ‪12‬‬
‫جون سوليفيان‪ ،‬البوصلة األخالقية للشركات‪ ،‬أدوات مكافحة الفساد ‪ :‬قيم ومبادئ‪،‬آداب ادلهنة‪ ،‬حوكمة الشركات‪ ،‬ادلنتدى العادلي حلوكمة الشركات‪،‬الدليل‬
‫السابع‬
‫حسن شحاتو‪ ،)1999(،‬حرمة ادلال العام يف الشريعة السلمية‪ ،‬دار النشر للجامعات‪ ،‬القاىرة‬
‫محاد طارق عبد العال‪ ،‬حوكمة الشركات‪ ،‬شركات قطاع عام وخاص ومصارف‪ ،‬ادلفاىيم‪ -‬ادلبادئ‪ -‬التجارب‪ -‬ادلتطلبات‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬مصر‪2007 ،‬‬

‫محدي عبد العظيم ‪، ) 2008( ،‬عودلة الفساد وفساد العودلة‪ ،‬الدار اجلامعية اإلسكندرية ‪ ،‬ط‪1‬‬

‫حنان رضوان حلوة وأسامة أبو جاموس فوز الدين‪،)2004( ،‬أسس احملاسبة ادلالية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار احلامد‪ ،‬األردن‪.‬‬

‫حنان سامل‪ ،)2003(،‬ثقافة الفساد يف مصر‪ ،‬دار احملروسة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫مخيس السيد امساعيل ‪ ،)1975(،‬القيادة اإلدارية والتنظيم اإلداري يف اجلمهورية اجلزائرية ‪،‬اجلزائر‬
‫راوية حسن ‪ ، )2001(،‬السلوك يف ادلنظمات ‪ ،‬رلموعة النيل للطباعة والنشر‬
‫رضا عبد السالم ‪ ، )2004(،‬اقتصاديات اجلردية ‪،‬مجهورية مصر العربية ‪.‬‬

‫رضا مهيسي‪(،‬جانفي ‪، )2009‬دور اجملتمع ادلدين يف الوقاية من جرائم الفساد ومكافحتها ‪،‬رللة دفاتر السياسة والقانون‪،‬العدد األول‬
‫روابح عبد الباقي و علي مهال‪، (1999)،‬التقييم األويل دلضمون و نتائج برنامج التصحيح اذليكلي يف اجلزائر‪ ،‬ادللتقى الدويل حول العودلة و برامج التصحيح اذليكلي‬
‫و التنمية – جامعة فرحات عباس سطيف ‪ 16/15‬ماي‬

‫زرفة بولقواس يعقوب سامل ‪، )2017(،‬أخالقيات العمل واشكالية ادلمارسة يف ادلؤسسة اجلزائرية‪ ،‬رللة الدراسات والبحوث االجتماعية‪ -‬جامعة الشهيد محة‬
‫خلضر‪-‬الوادي العدد ‪23‬‬
‫سعاد بعجي(‪، )2017‬دور القيم يف بناء القيادة الناجحة والفعالة بني الفكر الوضعي و اإلسالمي ‪ ،‬دكتوراه يف العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة ادلسيلة‬
‫سليم بطرس جلدة‪،)2010(،‬أخالقيات اإلدارة يف عامل األعمال‪ ،‬دار اإلعالم للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‬
‫سليمان بن زلمد اجلريش ‪، )2003(،‬الفساد اإلداري وجرائم استعمال السلطة الوظيفية ‪،‬الرياض‬
‫سليمان بن زلمد اجلريش ‪، )2003(،‬الفساد اإلداري وجرائم استعمال السلطة الوظيفية ‪،‬الرياض‬
‫سوزان روز أكرمان‪ ،)2003(،‬الفساد واحلكم ’ األىلية للنشر ‪ ،‬عمان األردن ‪،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫سوزان روز أكرمان‪(،‬جويلية ‪ )1997‬الفساد واحلكم الرشيد‪،‬برنامج األمم ادلتحدة اإلمنائي ‪ ،‬ورقة مناقشة رقم ‪3‬‬
‫الشيخ داود ‪ .‬عماد صالح عبد الرزاق ‪ ، )2003( ،‬الفساد واإلصالح ‪ ،‬دراسة ‪ ،‬احتاد الكتاب العرب ‪،‬دمشق‬
‫صراع كردية‪ ،‬بدرانية حورية ‪،‬اإللتزام بأخالقيات العمل داخل ادلنظمة كأداة للحد من الفساد اإلداري‪ ،‬رللة التنمية واالقتصاد التطبيقي‪ ،‬ادلسيلة‪ ،‬عدد ‪04‬‬
‫صويف إديان‪ ،‬قوراري مرمي ‪:‬أخالقيات العمل كأداة للحد من ظاىرة الفساد اإلداري يف الدول النامية‪ ،‬ادللتقى الوطين حول ‪ - :‬حوكمة الشركات كآلية للحد من‬
‫الفساد اإلداري وادلايل‪7 ،‬ماي ‪ ، 2012‬جامعة زلمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.‬‬
‫طارق عبد العال محاد‪،)2005( ،‬حوكمة الشركات (ادلفاىيم ‪،‬ادلبادئ التجارب)‪،‬الدار اجلامعية اإلسكندرية‪،‬مصر‬
‫طارق عبد العال‪ ،)2002(،‬التحليل الفين واألساسي لألوراق ادلالية‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫طاىر الغاليب وصاحل العامري‪ ،)2010(،‬ادلسؤولية االجتماعية وأخالقيات األعمال‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‬
‫طاىر زلسن الغاليب ‪ ،‬صاحل مهدي زلسن العامري‪ ،‬ادلسؤولية االجتماعية وأخالقيات األعمال واجملتمع‪ ،‬دار وائل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬الطبعة األوىل‪.2008 ،‬‬
‫عبد احلميد اإلبراىيمي‪ ، (2004)،‬دراسة حالة اجلزائر‪ :‬حبث مقدم يف إطار الندوة الفكرية دلركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع ادلركز السويدي‬
‫باإلسكندرية بعنوان "الفساد واحلكم يف البالد العربية" ‪،‬بريوت‪.‬‬

‫عبد العزيز النويضي ‪ ،)2008(،‬الرشوة و الزبونية السياسية –منوذج ادلغرب‪، -‬رللة نقد للدراسات والنقد االجتماعي ‪ ،‬العدد‪ 25‬ادلعنون بالنهب والفساد‬
‫‪،‬خريف –شتاء ‪.‬‬
‫عبد اهلل بن حاسن اجلابري‪ ،)2006(،‬الفساد االقتصادي ‪:‬أنواعو‪ ،‬أسبابو‪ ،‬أثاره‪ ،‬عالجو‪ ،‬ادلؤدتر اإلسالمي الثالث‪ ،‬ادلملكة العربية السعودية‪ ،‬جامعة أم القرى‬
‫عبد اجمليد حرارشة ‪ ،) 2003( ،‬الفساد اإلداري ‪ ،‬رسالة ماجستري يف العلوم االقتصادية واإلدارية ‪،‬إشراف ‪:‬أ‪.‬د نعيم نصري جامعة الريموك ‪،‬األردن‬
‫عبدول مصطفى حتت إشراف غضبان مربوك‪ ،) 2008/2007( ،‬تأثري الفساد السياسي يف التنمية ادلستددية (حالة اجلزائر ‪ ، )2006-1995‬مذكرة‬
‫ماجستري ‪،‬ختصص تنظيمات سياسية وإدارية ‪،‬جامعة باتنة‬
‫عجة اجلياليل ‪ )2007( ،‬التجربة اجلزائرية يف تنظيم التجارة اخلارجية من احتكار الدولة إىل احتكار اخلواص‪ ،‬دار اخللدونية ‪.،‬‬
‫علي العبد خليل سعادة‪ ،)2008(،‬رللة ادلدقق األردنية‪ ،‬العدد ‪ ،76/75‬األردن‪.‬‬

‫علي سعيدان‪ ،( 1981) ،‬بريوقراطية اإلدارة اجلزائرية ‪،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬اجلزائر ‪.‬‬
‫غزوان رفيق عويد ‪ ، )2014( ،‬دراسة إحصائية حتليلية دلؤشر مدركات الفساد مع اإلشارة اىل حالة العراق‪ ،‬حبث منشور يف ادلؤدتر العلمي السنوي السابع ذليأة‬
‫النزاىة‬
‫‪81‬‬
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫فاطمة عبد الرقيب ‪ ،)2017(،‬أخالقيات العمل ‪،‬شبكة األلوكة‬


‫فراس مسلم أبو قاعود‪ ،)2013(،‬الوقاية من الفساد اإلداري ومكافحتو من منظور الفكر اإلسالمي‪ ،‬رللة كلية بغداد للعلوم االقتصادية اجلامعة‪ ،‬العدد ‪36‬‬
‫فريوز رجال‪ ،)2004(،‬أثر اإلفصاح ادلايل على كفاءة األسواق ادلالية‪ :‬دراسة حالة بورصة اجلزائر للفرتة (‪ ،)2003 -1999‬رسالة ماجستري‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية وعلوم التسيري‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي ‪ ،1945‬قادلة – اجلزائر‬

‫فيتو تانزي ‪(،‬ديسمرب ‪،)1995‬الفساد يف األنشطة احلكومية واألسواق ‪،‬رللة التمويل و التنمية ‪،‬العدد‪.24‬‬

‫جلنة الشفافية والنزاىة ‪،)2008(،‬التقرير الثاين ‪:‬أولويات العمل وآلياتو ‪،‬مجهورية مصر العربية‬
‫زلسن منصور الغاليب طاىر ‪ ،‬مهدي زلسن العامري صاحل ‪،)2015(،‬ادلسؤولية اإلجتماعية وأخالقيات األعمال ‪،‬دار وائل ‪،‬األردن‪.‬‬
‫زلمد مجال مظلوم‪ ،‬نشوة عبد العظيم‪ ،)2000(،‬الفساد‪ :‬األسباب والتداعيات و طرق ادلعاجلة‪ ،‬كراسات إسرتاتيجية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مركز اخلليج للدراسات‬

‫اإلسرتاتيجية‪ ،‬لندن‬

‫زلمد مجال مظلوم‪ ،‬نشوة عبد العظيم‪ ،)2000(،‬الفساد‪ :‬األسباب والتداعيات و طرق ادلعاجلة‪ ،‬كراسات إسرتاتيجية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مركز اخلليج للدراسات‬

‫اإلسرتاتيجية‪ ،‬لندن‬

‫مها زلمود رمزي رحياوي‪ ،)2008(،‬الشركات ادلسامهة مابني احلوكمة والقوانني والتعليمات‪ :‬حالة دراسية للشركات ادلسامهة العامة العمانية‪ ،‬رللة جامعة دمشق‬
‫للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬العدد (‪ ،)1‬اجمللد ‪ ،24‬دمشق‬

‫مورو‪،‬باولو ‪ ،)1998(،‬الفساد ‪ ،‬األسباب والنتائج ‪ .‬رللة التمويل والتنمية‪.‬‬

‫ادلؤسسة العربية لضمان االستثمار ‪ ، )1999(،‬الفساد ‪ :‬آثاره االجتماعية واالقتصادية وسبل مكافحتو ‪ ،‬سلسلة اخلالصات ادلركزة ‪ ،‬الكويت‬

‫جنم عبود جنم ‪، )2005(،‬اخالقيات االدارة يف عامل متغري ‪،‬القاىرة ‪،‬ادلنظمة العربية للتنمية االدارية‬
‫نزيو عبد ادلقصود زلمد مربوك (‪ ،)2013‬الفساد االقتصادي أساليبو أشكالو وأثاره أليات مكافحتو‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ -‬اإلسكندرية‬
‫ىايدهنادير أرنولد ج‪ ، )1996 (،‬معامل الفساد ‪:‬دراسة من منظور مقارن ‪،‬اجمللة الدولية للعلوم االجتماعية اليونسكو ‪،‬القاىرة العدد ‪149‬‬

‫ىدى متكيس ‪ ، )1999( ،‬الشروط السياسية للتنمية – خربة دول اجلنوب ‪ ،‬ورقة قدمت إىل ندوة الفساد والتنمية ‪ ،‬مركز دراسات الدول النامية ‪ ،‬القاىرة‬

‫واقع ادليثاق حول مكافحة رشوة ادلسؤولني األجانب يف ادلعامالت التجارية الدولية يف ديسمرب‪،1997‬حيث وافقت ‪34‬دولة على سن تشريعات جنائية دتاثل‬
‫األحكام اليت يتضمنها القانون اخلاص مبمارسات الفساديف اخلارج‪.‬‬
‫يوسف بومدين‪ ،)2015(،‬أخالقيات األعمال وارتباطها بادلمارسات السلمية للحوكمة يف منظمات األعمال‪ ،‬من منظور إداري إسالمي‪ ،‬رللة‪ -‬االقتصاد وادلالية‬
‫يوسف زلمد طارق‪ ،‬حوكمة الشركات والتشريعات الالزمة لسالمة التطبيق‪ :‬مبادئ وممارسات حوكمة الشركات‪ ،‬منشورات ادلنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪2009‬‬

‫‪82‬‬
‫بن يخلف زهرة‬: ‫ألاستاذة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

: ‫املراجع باللغة ألاجنبية‬-02

-Johnston, M. , )1997(, What can be done about Entrenched Corruption?, Paper presented to the Ninth Annual Banl
Conference on Development Economics, The World Bank, Washington DC., 30 April – 1 May.

-Becker, G.S. and G.J. Stigler ,(1974), Law enforcement, malfeasance, and the compensation of Enforcers , Journal of
Legal Studies
-Daniel Dommel, (2004)face à la corruption ,edition originale KARTHALA ,2004
-Djillali Hadjadj,(2001), Corruption et démocratie en Algérie, Paris, La Dispute
- Doig Alan and Mclvor Stephanie , )1999( , corruption and its control in the developmental context,Third World
Quarterly, vol20.Issue3
- Ehrlich I ,) 1973(, Participation in Illegitimate Activities : A Theorical and Empirical Investigation , Journal of
politicalEconomy, mai-juin
-Ernest Gellner,)1981(,Muslim Sociéty, Cambridge University Press,New York
- Essaid Tayeb,(2005),Gouvernance et société civil cas de l’Algerie,revue Idara,n°30 ,2005,P280
- F. Bayard, )1992(, Malversations et corruption dans les finances françaises , Paris .
- Huntington, S.P ,) 1968 (, Modernization and corruption , in Political order in Changing Societies

- IMF )1999(. Corruption Around the world .IMF Working paper Washington.1999
- Isabelle Delattretraductrce(2003), La corruption a foison regard sur un phénomène tentaculaire ,La harmattan
-Jean Cartier-Bresson ,)1997(, Pratiques et contrôle de la corruption , association d’économie financière,
Montchrestien
-Jean Cartier-Bresson, (1992) , elements d’analyse pour une économiede la corruption, Revue Tière
Monde,n°131,juillet-septembre
-Jens Chr. Andvig and Odd-Helge Fjeldstad, Inge Amundsen, Tone Sissener, Tina Søreide , )2000( ,Research on
Corruption ; A policy oriented survey , Commissioned by NORAD, Final report, December 2000, Chr. Michelsen
Institute (CMI) & Norwegian Institute of International Affairs (NUPI)

-Johnson M., (1996), The Search for Definitions : The Vitality of Politics and the Issue of Corruption, Revue
International des Sciences Socials n°149
- Mauro Paolo, )1998( ,Corruption :causes,consequences,and agenda for further research, Finance and development
- Mauro, Paolo, )1995( ,Corruption and Growth . Quarterly Journal of Economics 110(3(

-Médard, Jean-François , Public corruption in Africa: A comparative perspective , in Corruption and Reform, n°1,1986.

-MENY Y,(1992), La corruption de la République, Paris, éditeur Fayard,


Mohamed Harbi , 1980 , F.L.N mirage et réalité : des origines à la prise du pouvoir(1945-1962) ,éd Jeune-Afrique
,Paris.
-Mohamed Harbi ,(1980), F.L.N mirage et réalité : des origines à la prise du pouvoir(1945-1962) ,éd Jeune-Afrique
,Paris.
- Nicolas Hayoz ,) 1993( , Corruption et politique dans la société moderne , Cahiers du Centre Interdisciplinaire
d’Etique et des Droits de l’Homme.
-Osborne, Denis ,)1998 ( , Learning Module on Corruption , UNDP Publication
-Parwezfarsan ,(2007),administrative corruption in india university of heidelberg
- Philippe Montigny ,(2006),L’entreprise face à la corruption internationale, Preface de François Périgot , Ellepses
edition marketing
-R.D.Tollisson ,(1982), rent-seeking : a survey , kyklos 35(4)
-S.Knack,S et O.Azfar ,)2003( , TradeIntensity,Country Size and Corruption , Economics of Governance ,04/2003
-Sauvy Alfred,(1967), Bureau et bureaucratie ,éditions PUF, Paris ,P06
- Scott, James C, )1969 (,The Analysis of Corruption in Developing Nations , Comparative Studies and History.

- Talahit Fatiha,)2000( corruption et engrenage de la violence en Algérie Revue Tiers Monde


-Talahit Fatiha,) 1998( ,LA CORRUPTION: LE PRIX DE LA CONTRE-REFORME , Libre Algérie n°5, Alger, 9-22
novembre .
-Talahit Fatiha,LA CORRUPTION: LE PRIX DE LA CONTRE-REFORME , Libre Algérie n°5, Alger, 9-22
novembre ,1998
-Treisman, Daniel ,( 2000) ,The causes of corruption: a cross national study , Journal of Public Economics, vol. 76,

- Vito Tanzi , Hamid Davoodi, )1997(, Corruption ,Public Investment and Growth ,IFM Working Paper
83
‫ألاستاذة ‪:‬بن يخلف زهرة‬ ‫محاضرات الفساد وأخالقيات العمل‬

‫‪World Bank ,)1992( ,Governance and Development , Washington‬‬


‫‪-03‬املراجع املأخوذة من شبكة ألانترنيت ‪:‬‬

‫‪-‬عمر القاضي‪ ،‬الفساد اإلداري و إمكانيات اإلصالح االقتصادي‪ ،‬ص‪، 6- 5‬تاريخ التصفح ‪www.transparency-2012/5/2‬‬
‫‪kwait.org/index.php‬‬
‫‪-‬حسني خلف موسى ‪ )2014(،‬الفساد االدارى ىف اجملتمعات النامية “االسباب – ادلظاىر – العالج ” مصر منوذجا‪،‬ادلركز الدديقراطي العريب ‪،‬مت التصفح‬

‫بتاريخ ‪ 2020/05/2‬من ادلوقع‪https://democraticac.de/?p=591‬‬

‫‪-‬حيىي غين النجار ‪ ،‬اآلثار االقتصادية للفساد االقتصادي ‪،‬تاريخ التصفح ‪، 2009/05/03‬‬
‫‪www.nazaha.iq/search_web/eqtsade/4.doc‬‬
‫‪-‬ديفيد لونا ‪ 4(،‬أكتوبر ‪ ،)2002‬مكافحة الفساد وتعزيز النزاىة ‪ ،‬مداخلة يف مؤدتر ادلعهد الدوىل لألخالقيات العامة )‪ ، (IIPE‬مدينة بريسبني االسرتالية ‪،‬‬
‫تاريخ اإلطالع ‪. 2008/02/15 :‬‬ ‫‪http://www.cipe-arabia.org/files/html/art0901.htm‬‬

‫‪-‬الدليل الربدلاين ‪ ،‬دور الربدلان يف تنفيذ أىداف التنمية ادلستدامة ‪،‬ص ‪، 5‬تاريخ التصفح ‪ 2‬ماي ‪www.gopacnetwork.org،2019‬‬
‫‪-‬حلني فريد ‪،‬الفساد االقتصادي أسبابو وتداعيتو ‪،‬ملف ‪ ، PDF‬ص ‪ ، 205‬تاريخ التصفح ‪ 15‬ماي ‪2020‬‬
‫‪https://cse.google.com/cse?q=%‬‬
‫‪-‬مؤسسة أمان ‪،‬الشفافية (‪، )2019‬مواجهة الفساد عناصر نظام النزاىة الوطين ‪،‬كتاب ادلرجعية الشفافية الدولية‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪،‬فلسطني‬
‫‪www.aman-palestine.org‬‬ ‫تاريخ االطالع ‪2020/01/02‬‬
‫‪-‬صباح علو ‪ ،)2019(،‬اخلطوات االسرتاتيجية دلكافحة الفساد وجتارب شعوب العامل ‪،‬احلوار ادلتمدن ‪،‬العدد‪، 6351‬تاريخ التصفح ‪2020/05/15‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=649342&r=0‬‬

‫‪-‬زكي راتب عوشة ‪ ، )1983( ،‬أخالقيات الوظيفة يف اإلدارة العامة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬عمان األردن ‪،‬مطبعة التوفيق‪ ،‬ص‪44-25‬‬
‫األخضر عزي ‪ ،‬غايل جلطي قياس قوة الدولة من خالل احلكم الراشد يف موقع ‪http// : www.ululimsania.net/a34.htm:‬‬
‫‪Djillali Hadjadj,L’Algérie le piège des généraux, www.lesoirdalgerie.com/pdf/2010/09/07...-‬‬

‫‪84‬‬
‫قائمة المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫العنوان‬


‫( أ – ج)‬ ‫ووصي اللمصيا‬

‫(‪)12-1‬‬ ‫اللحياض صي ‪ 01‬و‪ :02‬اللتوصي الننضر للففوو الففيا ااقلصيار‬


‫‪01‬‬ ‫‪-I‬مقاربات الفساد يف الفكر العاملي‬
‫‪06‬‬ ‫‪-II‬تطور تداول مفهوم الفساد يف الفكر العاملي‬
‫‪09‬‬ ‫‪-III‬املفهوم املعاصر للفساد يف الفكر العاملي‬

‫(‪)22-13‬‬ ‫اللحياض صي ‪03‬و ‪ :04‬نيا الففيا‬


‫‪13‬‬ ‫‪-I‬أنواع الفساد االقتصادي‬
‫‪15‬‬ ‫‪-II‬الفساد اإلداري واملايل أبرز أوجه الفساد االقتصادي‬
‫‪16‬‬ ‫‪-III‬أبرز مظاهر الفساد اإلداري واملايل‬
‫‪22‬‬ ‫‪-VI‬أبرز الصفات املشرتكة الفساد اإلداري واملايل‬

‫(‪)33-23‬‬ ‫اللحياض صي‪05‬و ‪ :06‬مدخالت ومخضجيت الففيا ااقلصيار‬


‫‪23‬‬ ‫‪-I‬أسباب الفساد اإلداري واملايل‬
‫‪25‬‬ ‫‪-II‬نتائج الفساد اإلداري واملايل‬

‫(‪)44-34‬‬ ‫اللحياضر ‪ :07‬مكيفحة الففيا ااقلصيار‬


‫‪34‬‬ ‫‪-I‬اهليئات العاملية واإلقليمية املهتمة مبكافحة الفساد‬
‫‪39‬‬ ‫‪-II‬وسائل مواجهة الفساد وعالجه‬
‫‪41‬‬ ‫‪-III‬اجملتمع املدين ومكافحة الفساد‬
‫‪43‬‬ ‫‪-VI‬جتربة سنغافورة كنموذج عاملي رائد عن مكافحة الفساد‬

‫(‪)58-45‬‬ ‫اللحياض صي ‪ 08‬و ‪ :09‬نور الففيا اإلاارر بيلجزائض‬


‫‪45‬‬ ‫‪-I‬تطور ظاهرة الفساد باإلدارة العمومية اجلزائرية‬
‫‪52‬‬ ‫‪-II‬خصائص تستثري الفساد باجلزائر‬
‫‪54‬‬ ‫‪-III‬الرؤية العاملية لتطور الفساد باجلزائر‬
‫‪55‬‬ ‫‪ -VI‬اجملتمع املدين و الفساد باجلزائر‬
‫قائمة المحتويات‬

‫(‪)66-59‬‬ ‫اللحياضر ‪ :10‬مففوو أخالقصيت العلي‬


‫‪59‬‬ ‫‪-I‬التطور التارخيي ملفهوم أخالقيات العمل‬
‫‪62‬‬ ‫‪-II‬تعريف أخالقيات العمل‬
‫‪64‬‬ ‫‪-III‬أمهية أخالقيات العمل‬

‫(‪)71-67‬‬ ‫اللحياضر ‪ :11‬نيا أخالقصيت العلي‬


‫‪67‬‬ ‫‪ -I‬مصادر وعناصر أخالقيات العمل‬
‫‪70‬‬ ‫‪-II‬أهداف وأساسيات أخالقيات العمل‬

‫(‪)75-72‬‬ ‫اللحياضر ‪ :12‬مض كزات أخالقصيت العلي‬


‫‪72‬‬ ‫‪ -I‬املعايري األخالقية واملهنية للوظيفة العامة واخلاصة‬
‫‪74‬‬ ‫‪-II‬واقع أخالقيات العمل‬

‫(‪)79-76‬‬ ‫اونالاليت أأيأصة للححصي الففيا وأخالقصيت العلي‬


‫ققيئلة اللضاجج‬
‫ققيئلة اللحلوييت‬

You might also like