Professional Documents
Culture Documents
الوثيقة
الوثيقة
La pédagogie de l’erreur
ليس الخطأ L’erreurمجرد نتيجة للجهل أو الشك أو املصادفة ،كما أنه ليس كارثة أو عاهة ضارة
باملتعلم أو مجرد إجابة سيئة صادرة عنه يجب التخلص منها بأقصى سرعة ...بل هو منظومة من
التصورات والحدود والوسائل Système de concepts, de termes et des moyensالتي يوظفها
املتعلم في حل املشكالت ،منظومة تختفي ضمنها جملة من العوائق Des obstaclesالتي تستلزم
الكشف عنها لتحديد طبيعتها والتعامل معها بما يتناسب وتلك الطبيعة ذاتها...
ًا
وإذا كانت البيداغوجيات التقليدية تنظر نظرة سلبية إلى الخطأ فتعتبره أمرا مشِّو ش على التعلم ال
يستحق الوقوف عنده إال بالقدر الذي يسمح بإقصائه ،وحتى بالعقاب عليه ...فإن البيداغوجيات
الحديثة ال تقبل بمثل هذه االعتبارات وتدعو ،ليس فقط إلى االعتراف بحق املتعلم في الخطأ ،وإنما
أيضا إلى اعتبار الخطأ نقطة انطالق ذات داللة جوهرية في بناء املعرفة ...
في سياق هذا التحول على مستوى تقدير قيمة الخطأ وأهميته في بناء املعرفة ،يمكن تحديد
بيداغوجيا الخطأ باعتبارها استراتيجية للتعلم والتعليم ،تقوم على اعتبار الخطأ أمرا طبيعيا
وإيجابيا يعكس سعي املتعلم للبحث وللوصول إلى املعرفة ،وبالتالي على تخطيط وتدبير الوضعيات
الديداكتيكية وفق املسار الذي يقطعه املتعلم في مسعاه ذاك ،بما في ذلك األخطاء التي قد تتخلله...
مقدمة:
يطرح البحث في أخطاء التالميذ أسئلة متعددة :منها ما يرتبط بالجانب اإلبستمولوجي للمادة
الدراسية ،ومنها ما يرتبط بجانبها الديداكتيكي ،ومنها ما يرتبط بتمثالت املجتمع وموقفه من الخطأ
بصفة عامة.
1
ـ فمن الناحية اإلبستمولوجية مازال السؤال مطروحا حول العالقة بين الذات واملوضوع في إنتاج
املعرفة ،وكذلك حول املعايير التي يمكن اعتمادها في الحكم على معرفة ما بأنها مالئمة وصالحة .هل
هذه املعايير محددة وثابتة يجب التقيد بها أكاديميا ومدرسيا ،وكل انزياح عنها يعتبر خروجا عن
القاعدة ،وبالتالي يكون اإلنتاج املترتب عن ذلك إنتاجا ال يستجيب ملتطلبات البحث العلمي على
الصعيد األكاديمي ،وال يسمح بتحقيق األهداف التربوية املسطرة على الصعيد املدرسي؟ أم أنها
معايير فيها املحددة والغير املحددة ،الثابتة واملتحولة وبالتالي يصير االنزياح ظاهرة صحية تنطوي
على معطيات إنجابية صحيحة غالبا ما تكون ثاوية خلف املعطيات السلبية الخاطئة ،أو على األقل
تشكل جزءا من إفرازاتها الجدلية.
ـ من الناحية الديداكتيكية ،نجد تقريبا نفس األسئلة على اعتبار أن الديداكتيك إشكالية دينامية
وإجمالية تتضمن التفكير والتأمل في طبيعة املادة الدراسية واألهداف والغايات من تدريسها،
وكذلك الدراسة النظرية والتطبيقية للفعل البيداغوجي ثم وضع فرضيات التدريس انطالقا من
بعض املعطيات التي تقدمها مختلف العلوم .إن أخطاء التالميذ تكون مالزمة لوضعيات التعليم
املقترحة .ذلك أن الديداكتيك تبين دور املدرس كوسيط بين التلميذ واملعرفة ،وهذه الوساطة
محكومة بأحد التصورات الثالثة؛ فهناك تصور الرأس اململوءة ،وتصور الرأس الفارغة ثم تصور
املدرجات الصغرى.
ـ أما من حيث تمثالت املجتمع للخطأ ،فإنها سلبية في مجملها .لقد ظلت تمثالتنا للصواب والخطأ
مرتبطة بنسق القيم السائد ،وكذلك بالناحية القانونية للظاهرة واملجتمع ...وتتخذ املسألة ُب عدا
كبيرا عندما يتعلق األمر بالتلميذ ،فهو يتمدرس ليتثقف وفي الوقت ذاته لينجح ويشتغل .وعملية
النجاح ،في نظامنا التعليمي وأنظمة أخرى ،محكومة بعملية التقويم ،االمتحانات واملراقبة املستمرة.
الشيء الذي يجعل من الخطأ هاجسا يطارد جميع التالميذ.
1ـ 2ـ املعنى االصطالحي :يظهر أن أرسطو هو أول من عرف الصواب والخطأ عندما قال(:القول
عما هو كائن بأنه كائن ،أو عما هو غير كائن بأنه غير كائن ،هو قول صائب؛ والقول عما هو غير
2
كائن بأنه كائن ،أو عما هو كائن بأنه غير كائن هو قول خاطئ) ويالحظ روني اليوردوري أن الخطأ
من الناحية اإلبستمولوجية ،مشتق من خطأ Erreurبمعنى خرج عن الطريق املستقيمS’écarter du :
.droit cheminويضيف أن القيمة األخالقية التي أضفيت على هذا اللفظ هي التي جعلت معنى الخطأ
هو الخروج عن جادة الصواب( .املرجعLaborderie Le métier d’élève p135 Hachette 1991 :
)Paris
لقد سعى غاستون باشالر من خالل أبحاثه اإلبستمولوجية ،إلى نقد املفهوم امليتافيزيقي للحقيقة،
وإلى إكساب الخطأ مكانة مهمة ،حيث منحه وضعا قانونيا ومشروعا في فلسفة العلوم ،وفي املعارف
بصفة عامة( ،إن املكان املفضل للخطأ هو العلم .إن الخطأ ليس ،في النشاط العلمي حدثا أو حادثا
يمكن إلغاؤه بشيء من االنتباه والحذر إنه سابق وأولي ،وما الحقيقة في العلم إال خطأ مصحح أو
معدل) ،وفي هذا السياق يقول جورج كانغيلم( :ال أحد أكد قبل باشالر أن الفكر هو أوال وقبل كل
شيء قدرة على الغلط ،وأن للخطأ دورا إيجابيا في نشأة املعرفة ،وأن الجهالة ليست مجرد فراغ
وخواء ،وإنما هي تتمتع ببنية الغريزة وحيويتها ...إن الخطأ داخل في صيرورة املعرفة وليس خارجا
عنها) .إن ما نعتبره خطأ ليس ناتجا عن عدم املعرفة بل العكس إن األخطاء تولد من صميم
املعرفة ،فاألخطاء كواشف تمكننا من معرفة التمثالت ،واملعرفة ولكنها تبنى انطالقا من القطائع
املتوالية...
3
3ـ املقاربة الديداكتيكية للخطأ:
أ.1.النموذج التبليغي أو تصور الرأس الفارغة :يستند هذا النموذج إلى نظرية التواصل التقليدية
التي ترى أن املتلقي ال يتوفر على أفكار فطرية سابقة عن االتصال وتداول الخطاب .وهذا يعني أن
رأس املتعلم فارغة ينبغي ملؤها .ولتحقيق الهدف يكفي أن يكون خطاب املدرس واضحا ،وأن يكون
املتعلم منتبها ،لكي يصل املعنى ويتعلم املتعلمون .وتحتل عملية اإلخبار في هذه الوضعية موقعا شبه
مطلق حيث يطغى اإللقاء على الحوار وينعدم إرجاع األثر .وهذا ما يسميه دافيد أوزيل بالتعليم
امليكانيكي App. mécaniqueخالفا للتعلم الدال .App. Signifiant
4
ال ــدرس إلى مق ــاطع ص ــغرى واملقط ــع إلى وح ــدات والوح ــدة إلى عناص ــر .وذل ــك انطالق ــا من مس ــتويات
صياغة واضحة للمدارج.
املستوى م النهائي
5
هناك ما يـدعو إلى تناسـل األسـئلة .فكل املعـايير املرتبطـة بالوضـعية التعليميـة-التعلميـة هي معـايير فيهـا
املح ــددة وغ ــير املح ــددة ،الثابت ــة واملتغ ــيرة ،وبالت ــالي يعت ــبر كل انزي ــاح عن القاع ــدة العام ــة ال ــتي يض ــعها
املدرس ظـاهرة صحية تنطــوي على معطيــات إيجابيــة تكون ثاويـة خلـف املعطيــات السـلبية الخاطئــة أو
على األقل تشكل جزءا من إفرازاتها الجدلية .إن ارتكاب األخطــاء من طـرف املتعلم دليــل على امتالكــه
قواعد بنائية.
6
يجب أن نفهم العوامل التي أدت إلى ارتكاب الخطأ ،يجب أن نفكر في أسبابها مع التالميذ ،وكذلك في
طبيعتها .فهناك أنواع عديدة بعضها يرجع إلى التالميذ أنفسهم ،وبعضها إلى املعرفة ،وبعضها إلى
التعليمات...
وفي ه ـ ــذا املنظ ـ ــور يص ـ ــبح املدرس وس ـ ــيطا وموجه ـ ــا ومشخص ـ ــا .فه ـ ــو وس ـ ــيط بين تالمي ـ ــذه والتعلم،
ومحفــز يضــمن استثمار معــارف كل تلميــذ يشــارك في الــدرس ،خاطئــة كانت أو صــائبة ،كمــا أنــه ُي غــني
ويخصـ ــب التفـ ــاعالت بينهم جميعـ ــا ...وهـ ــو مشخص ألنـ ــه يحلـ ــل أخطـ ــاءهم ليسـ ــاعدهم على تجاوزهـ ــا.
فاالهتم ــام ال ــذي يولي ــه املدرس للخط ــأ ه ــو من بين أس ــاليب محارب ــة الفش ــل كم ــا يق ــول فليب م ــيريو...
ويق ـ ـ ــول باش ـ ـ ــالر<<إنن ـ ـ ــا نتعلم على أنق ـ ـ ــاض املعرف ـ ـ ــة الس ـ ـ ــابقة ،أي به ـ ـ ــدم املع ـ ـ ــارف ال ـ ـ ــتي لم نحس ـ ـ ــن
بناءها...ولذلك يجب على املربين أن يعلموا التالميذ اعتمادا على هدم أخطائهم>>.
...........................................................
املرجع :العربي اسليماني،مقال بمجلة علوم التربية العدد 24مارس .2003
7