You are on page 1of 7

‫الوثيقة ‪ :2122‬بيداغوجيا الخطأ ‪.

La pédagogie de l’erreur‬‬

‫ليس الخطأ ‪ L’erreur‬مجرد نتيجة للجهل أو الشك أو املصادفة‪ ،‬كما أنه ليس كارثة أو عاهة ضارة‬
‫باملتعلم أو مجرد إجابة سيئة صادرة عنه يجب التخلص منها بأقصى سرعة‪ ...‬بل هو منظومة من‬
‫التصورات والحدود والوسائل ‪ Système de concepts, de termes et des moyens‬التي يوظفها‬
‫املتعلم في حل املشكالت‪ ،‬منظومة تختفي ضمنها جملة من العوائق ‪ Des obstacles‬التي تستلزم‬
‫الكشف عنها لتحديد طبيعتها والتعامل معها بما يتناسب وتلك الطبيعة ذاتها‪...‬‬

‫ًا‬
‫وإذا كانت البيداغوجيات التقليدية تنظر نظرة سلبية إلى الخطأ فتعتبره أمرا مشِّو ش على التعلم ال‬
‫يستحق الوقوف عنده إال بالقدر الذي يسمح بإقصائه‪ ،‬وحتى بالعقاب عليه ‪ ...‬فإن البيداغوجيات‬
‫الحديثة ال تقبل بمثل هذه االعتبارات وتدعو‪ ،‬ليس فقط إلى االعتراف بحق املتعلم في الخطأ‪ ،‬وإنما‬
‫أيضا إلى اعتبار الخطأ نقطة انطالق ذات داللة جوهرية في بناء املعرفة ‪...‬‬

‫في سياق هذا التحول على مستوى تقدير قيمة الخطأ وأهميته في بناء املعرفة‪ ،‬يمكن تحديد‬
‫بيداغوجيا الخطأ باعتبارها استراتيجية للتعلم والتعليم‪ ،‬تقوم على اعتبار الخطأ أمرا طبيعيا‬
‫وإيجابيا يعكس سعي املتعلم للبحث وللوصول إلى املعرفة‪ ،‬وبالتالي على تخطيط وتدبير الوضعيات‬
‫الديداكتيكية وفق املسار الذي يقطعه املتعلم في مسعاه ذاك‪ ،‬بما في ذلك األخطاء التي قد تتخلله‪...‬‬

‫دينامية الخطأ في سيرورة التعليم واملعرفة‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫يطرح البحث في أخطاء التالميذ أسئلة متعددة‪ :‬منها ما يرتبط بالجانب اإلبستمولوجي للمادة‬
‫الدراسية‪ ،‬ومنها ما يرتبط بجانبها الديداكتيكي‪ ،‬ومنها ما يرتبط بتمثالت املجتمع وموقفه من الخطأ‬
‫بصفة عامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ فمن الناحية اإلبستمولوجية مازال السؤال مطروحا حول العالقة بين الذات واملوضوع في إنتاج‬
‫املعرفة‪ ،‬وكذلك حول املعايير التي يمكن اعتمادها في الحكم على معرفة ما بأنها مالئمة وصالحة‪ .‬هل‬
‫هذه املعايير محددة وثابتة يجب التقيد بها أكاديميا ومدرسيا‪ ،‬وكل انزياح عنها يعتبر خروجا عن‬
‫القاعدة‪ ،‬وبالتالي يكون اإلنتاج املترتب عن ذلك إنتاجا ال يستجيب ملتطلبات البحث العلمي على‬
‫الصعيد األكاديمي‪ ،‬وال يسمح بتحقيق األهداف التربوية املسطرة على الصعيد املدرسي؟ أم أنها‬
‫معايير فيها املحددة والغير املحددة‪ ،‬الثابتة واملتحولة وبالتالي يصير االنزياح ظاهرة صحية تنطوي‬
‫على معطيات إنجابية صحيحة غالبا ما تكون ثاوية خلف املعطيات السلبية الخاطئة‪ ،‬أو على األقل‬
‫تشكل جزءا من إفرازاتها الجدلية‪.‬‬

‫ـ من الناحية الديداكتيكية‪ ،‬نجد تقريبا نفس األسئلة على اعتبار أن الديداكتيك إشكالية دينامية‬
‫وإجمالية تتضمن التفكير والتأمل في طبيعة املادة الدراسية واألهداف والغايات من تدريسها‪،‬‬
‫وكذلك الدراسة النظرية والتطبيقية للفعل البيداغوجي ثم وضع فرضيات التدريس انطالقا من‬
‫بعض املعطيات التي تقدمها مختلف العلوم‪ .‬إن أخطاء التالميذ تكون مالزمة لوضعيات التعليم‬
‫املقترحة‪ .‬ذلك أن الديداكتيك تبين دور املدرس كوسيط بين التلميذ واملعرفة‪ ،‬وهذه الوساطة‬
‫محكومة بأحد التصورات الثالثة؛ فهناك تصور الرأس اململوءة‪ ،‬وتصور الرأس الفارغة ثم تصور‬
‫املدرجات الصغرى‪.‬‬

‫ـ أما من حيث تمثالت املجتمع للخطأ‪ ،‬فإنها سلبية في مجملها‪ .‬لقد ظلت تمثالتنا للصواب والخطأ‬
‫مرتبطة بنسق القيم السائد‪ ،‬وكذلك بالناحية القانونية للظاهرة واملجتمع‪ ...‬وتتخذ املسألة ُب عدا‬
‫كبيرا عندما يتعلق األمر بالتلميذ‪ ،‬فهو يتمدرس ليتثقف وفي الوقت ذاته لينجح ويشتغل‪ .‬وعملية‬
‫النجاح‪ ،‬في نظامنا التعليمي وأنظمة أخرى‪ ،‬محكومة بعملية التقويم‪ ،‬االمتحانات واملراقبة املستمرة‪.‬‬
‫الشيء الذي يجعل من الخطأ هاجسا يطارد جميع التالميذ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مفهوم الخطأ‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ ‪ 1‬ـ املعنى اللغوي‪ :‬جاء في لسان العرب‪( :‬أخطأ‪ :‬الخطأ والخطاء‪ :‬ضّد الصواب‪ .‬والخطأ‪ :‬ما لم‬
‫يتعمد والخطاء‪ :‬ما تعمد)‪...‬‬

‫‪ 1‬ـ ‪ 2‬ـ املعنى االصطالحي‪ :‬يظهر أن أرسطو هو أول من عرف الصواب والخطأ عندما قال‪(:‬القول‬
‫عما هو كائن بأنه كائن‪ ،‬أو عما هو غير كائن بأنه غير كائن‪ ،‬هو قول صائب؛ والقول عما هو غير‬

‫‪2‬‬
‫كائن بأنه كائن‪ ،‬أو عما هو كائن بأنه غير كائن هو قول خاطئ) ويالحظ روني اليوردوري أن الخطأ‬
‫من الناحية اإلبستمولوجية‪ ،‬مشتق من خطأ ‪ Erreur‬بمعنى خرج عن الطريق املستقيم‪S’écarter du :‬‬
‫‪ .droit chemin‬ويضيف أن القيمة األخالقية التي أضفيت على هذا اللفظ هي التي جعلت معنى الخطأ‬
‫هو الخروج عن جادة الصواب‪( .‬املرجع‪Laborderie Le métier d’élève p135 Hachette 1991 :‬‬
‫‪)Paris‬‬

‫‪ 2‬ـ املقاربة اإلبستمولوجية للخطأ‪:‬‬


‫من الخطأ إلى املعرفة‪ :‬إن الخطأ والوهم هما نقطة ضعف املعرفة ولكنهما أيضا األم التي تلد‬
‫الحقيقة سواء كان اإلنسان كبيرا أو صغيرا‪ ،‬مثقفا أو أميا فإنه يرتكب األخطاء‪ .‬والفرق الوحيد بين‬
‫هذا وذاك هو أن البعض يحاول ضبط الخطأ وتحديد وضعه من أجل توظيفه في الوصول إلى‬
‫الصواب والحقيقة‪ ،‬بينما ال يفعل البعض اآلخر ويعتبر أن الخطأ الذي وقع فيه مجرد آفة وتعثر ال‬
‫يمكن تعويضه أو تجاوزه‪ .‬وفي هذا السياق يرى إدغارد موران أن وظيفة التربية والتعليم ليست‬
‫محاربة األخطاء ولكنها الكشف عن مصادرها‪.‬‬

‫لقد سعى غاستون باشالر من خالل أبحاثه اإلبستمولوجية‪ ،‬إلى نقد املفهوم امليتافيزيقي للحقيقة‪،‬‬
‫وإلى إكساب الخطأ مكانة مهمة‪ ،‬حيث منحه وضعا قانونيا ومشروعا في فلسفة العلوم‪ ،‬وفي املعارف‬
‫بصفة عامة‪( ،‬إن املكان املفضل للخطأ هو العلم‪ .‬إن الخطأ ليس‪ ،‬في النشاط العلمي حدثا أو حادثا‬
‫يمكن إلغاؤه بشيء من االنتباه والحذر إنه سابق وأولي‪ ،‬وما الحقيقة في العلم إال خطأ مصحح أو‬
‫معدل)‪ ،‬وفي هذا السياق يقول جورج كانغيلم‪( :‬ال أحد أكد قبل باشالر أن الفكر هو أوال وقبل كل‬
‫شيء قدرة على الغلط‪ ،‬وأن للخطأ دورا إيجابيا في نشأة املعرفة‪ ،‬وأن الجهالة ليست مجرد فراغ‬
‫وخواء‪ ،‬وإنما هي تتمتع ببنية الغريزة وحيويتها ‪ ...‬إن الخطأ داخل في صيرورة املعرفة وليس خارجا‬
‫عنها)‪ .‬إن ما نعتبره خطأ ليس ناتجا عن عدم املعرفة بل العكس إن األخطاء تولد من صميم‬
‫املعرفة‪ ،‬فاألخطاء كواشف تمكننا من معرفة التمثالت‪ ،‬واملعرفة ولكنها تبنى انطالقا من القطائع‬
‫املتوالية‪...‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ 3‬ـ املقاربة الديداكتيكية للخطأ‪:‬‬

‫أ ـ الخطأ في بعض النظريات الديداكتيكية‪:‬‬


‫تعددت املواقف الديداكتيكية من الخطأ واختلفت؛ ذلك أن البعض يدعو إلى استئصال األخطاء‬
‫التي يقع فيها التالميذ‪ ،‬وكذلك التمثالت الخاطئة التي يحملونها معهم‪ ،‬ويرى أصحاب هذا االتجاه أن‬
‫اإلقصاء هو أنجع وسيلة ديداكتيكية‪ .‬ويدعو البعض اآلخر إلى املواجهة بين الخطأ والصواب‪ ،‬وبين‬
‫التمثالت الخاطئة والتمثالت الصحيحة لدفع التالميذ إلى القيام بتقويم ذاتي أو تبادلي تعاوني‪ .‬أما‬
‫املوقف الثالث فيرى أن أنجع وسيلة ديداكتيكية هي تلك التي تقوم على عملية التطور (‪)L’évolution‬‬
‫في بناء املعرفة‪ .‬وعموما ما يمكن أن نميز بين ثالثة نماذج‪:‬‬

‫أ‪.1.‬النموذج التبليغي أو تصور الرأس الفارغة‪ :‬يستند هذا النموذج إلى نظرية التواصل التقليدية‬
‫التي ترى أن املتلقي ال يتوفر على أفكار فطرية سابقة عن االتصال وتداول الخطاب‪ .‬وهذا يعني أن‬
‫رأس املتعلم فارغة ينبغي ملؤها‪ .‬ولتحقيق الهدف يكفي أن يكون خطاب املدرس واضحا‪ ،‬وأن يكون‬
‫املتعلم منتبها‪ ،‬لكي يصل املعنى ويتعلم املتعلمون‪ .‬وتحتل عملية اإلخبار في هذه الوضعية موقعا شبه‬
‫مطلق حيث يطغى اإللقاء على الحوار وينعدم إرجاع األثر‪ .‬وهذا ما يسميه دافيد أوزيل بالتعليم‬
‫امليكانيكي ‪ App. mécanique‬خالفا للتعلم الدال ‪.App. Signifiant‬‬

‫‪ 2‬الوضعية املرجوة‬ ‫‪ 1‬وضعية االنطالق‬


‫الرأس فارغة‬
‫الرأس مملوءة‬

‫تصور الرأس الفارغة‪:‬‬


‫ُش‬
‫إن األخط ــاء في ه ــذا التص ــور مرتبط ــة بع ــدم ق ــدرة التلمي ــذ على اس ــترجاع املعلوم ــات ال ــتي حنت به ــا‬
‫رأسه سابقا‪ ،‬أو بعدم توفره على املؤهالت الضـرورية واالسـتعدادات النفسـية والبنيـات الذهنيـة الـتي‬
‫تسمح بتحصيالت آنية وإنجازات متزامنة‪...‬‬
‫أ‪.2.‬النموذج السلوكي‪ ،‬أو تصور المدرجات الصغرى‪:‬‬
‫ينطلق هذا التصور من فرضيتين اثنتين هما‪ :‬أوال‪ :‬املعرفـة الكليـة قابلـة للتجـزيء إلى معـارف جزئيـة‪.‬‬
‫ثاني ــا‪ :‬التعلم يحص ــل من خالل ت ــراكم املع ــارف؛ ولتف ــادي الوق ــوع في الخط ــأ يلج ــأ املدرس إلى تقطي ــع‬

‫‪4‬‬
‫ال ــدرس إلى مق ــاطع ص ــغرى واملقط ــع إلى وح ــدات والوح ــدة إلى عناص ــر‪ .‬وذل ــك انطالق ــا من مس ــتويات‬
‫صياغة واضحة للمدارج‪.‬‬

‫املستوى م النهائي‬

‫املستوى املعرفي األول‬

‫تصور المدرجات الصغرى‪:‬‬


‫ُت‬
‫وعن ـ ــد وق ـ ــوع األخط ـ ــاء أثن ـ ــاء اإلنج ـ ــاز‪ ،‬فإنه ـ ــا ال رّد إلى التلمي ـ ــذ الخ ـ ــاطئ بق ـ ــدر م ـ ــا ت ـ ــرد إلى املدرس‬
‫واملق ــررات وط ــرق الت ــدريس املتبع ــة‪ .‬الشيء ال ــذي يس ــتوجب العالج ب ــدل العق ــاب‪ ،‬وإع ــادة النظ ــر في‬
‫التسلســل املتبــع‪ ،‬بمعــنى أن أحــد املدرجات عــال جــدا وال يتناســب مــع النضج العقلي للتلميــذ‪ .‬ورغم أن‬
‫ه ــذه البيداغوجي ــة الس ــلوكية تنط ــوي على إيجابي ــات تربوي ــة كالت ــدرج وت ــرتيب ال ــدرس وإنج ــازه ع ــبر‬
‫مسـتويات متكاملـة بدئيـة ثم وسـيطة ثم نهائيـة‪ ،‬فإنهـا ال تهتم ببنـاء املعـارف من طـرف التلميـذ‪ .‬كمـا أنهـا‬
‫تغفل تمثالت املتعلم واملعاني التي يسقطها على ظاهرة ما أو مفهوم ما‪... .‬‬
‫أ‪.3.‬النموذج التكويني‪ ،‬أو تصور الرأس المملوءة‪:‬‬
‫يستند هذا النموذج إلى النظرية البنائية وعلم النفس التكويني‪ .‬فقد انكب العديد من املربين أمثال‬
‫جان بياجي وجيروم برونير‪ ،‬وغاسطون باشالر‪ ،‬وجورج كانغيلم وجرار فيرنيو وكي بروسو على‬
‫دراسة العالقة بين الذات واملوضوع في إنتاج املعرفة‪ .‬كما درسوا مختلف امليكانيزمات واملتغيرات‬
‫والثوابت التي تحكم سيرورة التعلم‪ .‬إن اإلنسان في تصور أفالطون ال يكتسب معارف جديدة وإنما‬
‫ُي عيد اكتشاف معارف معطاة من قبل إذ أن طبيعة املعرفة قبلية كما أن إدغار موران يتصور التعلم‬
‫انطالقا من حوارية‪ :‬فطري‪-‬مكتسب‪-‬مشيد‪ ،‬ويعتبر التمثل محور التقاء املاضي والحاضر‪ .‬لقد الحظ‬
‫ديكارت وبعده كانط أن العقل البشري يحتوي على أفكار فطرية وقبلية سابقة على اإلحساس‬
‫والتجربة‪... .‬‬

‫تصدع‬ ‫توازن جديد‬


‫مرحلة التوازن‬
‫تصور الرأس المملوءة‪:‬‬
‫إن مـا يمــيز هــذا التصــور هــو أنـه أعطى الخطــأ وضـعا اسـتراتيجيا‪ .‬فالخطــأ ليس هنــا نقصــا عقليــا لـدى‬
‫التلميذ‪ ،‬وليس نقصا في املقرر‪ .‬إنه ضروري لسيرورة التعليم‪ .‬فهو ظاهرة صحية مادام يؤشر على أن‬

‫‪5‬‬
‫هناك ما يـدعو إلى تناسـل األسـئلة‪ .‬فكل املعـايير املرتبطـة بالوضـعية التعليميـة‪-‬التعلميـة هي معـايير فيهـا‬
‫املح ــددة وغ ــير املح ــددة‪ ،‬الثابت ــة واملتغ ــيرة‪ ،‬وبالت ــالي يعت ــبر كل انزي ــاح عن القاع ــدة العام ــة ال ــتي يض ــعها‬
‫املدرس ظـاهرة صحية تنطــوي على معطيــات إيجابيــة تكون ثاويـة خلـف املعطيــات السـلبية الخاطئــة أو‬
‫على األقل تشكل جزءا من إفرازاتها الجدلية‪ .‬إن ارتكاب األخطــاء من طـرف املتعلم دليــل على امتالكــه‬
‫قواعد بنائية‪.‬‬

‫ب ـ الخطأ من خالل املمارسة الصفية‪:‬‬


‫من س ــلبيات نظامن ــا التعليمي‪ ،‬وطرائقن ــا البيداغوجي ــة‪ ،‬أن ــه يقت ــل في التلمي ــذ روح الح ــوار ال ــتي نش ــأت‬
‫لديه منذ السـنوات األولى في حياتـه‪ .‬لقـد الحـظ طـارد (‪ )Tarde‬أن األطفـال يبـدأون بطـرح األسـئلة على‬
‫آب ــائهم وعلى األشخاص ال ــذين يك ــبرونهم س ــنا؛ وهـ ــذا حـ ــوار نحن مطـ ــالبون بتنميتـ ــه من خالل منحهم‬
‫الحق في الخطأ والصواب‪... ،‬‬
‫إن الخطــأ منبــوذ داخــل الفصــول الدراســية ســواء من طــرف املدرس أو من طــرف الــزمالء‪ .‬وموقــف‬
‫األسـ ــتاذ منـ ــه سـ ــلبي يتبـ ــدى من تعاملـ ــه مـ ــع األجوبـ ــة الخاطئـ ــة والتالميـ ــذ الـ ــذين يخطئـ ــون‪ ،‬فاألجوبـ ــة‬
‫الخاطئ ــة ال تؤخ ــذ بعين االعتب ــار وق ــد تواج ــه بق ــرف األس ــتاذ والتالمي ــذ‪ .‬والتالمي ــذ ال ــذين "يخطئ ــون"‬
‫فإنهم ال يسألون ويصنفون في خانة معينة‪ .‬وقد تولدت عن هذه النظرة ثنائية مجتهد‪/‬كسول‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ هل يمكن لنا أن نتعلم وننجح بدون أخطاء؟‬


‫إن األخطاء وسيلة لفهم أسباب اإلخفاق وتجنب ظهور أخطاء جديدة بعد أن يتم التعلم‪ ...‬إنه ال‬
‫يمكن أن نعيش بدون أخطاء‪ .‬ويكفي أن نذكر طريقة التعلم باملحاولة والخطأ‪ ،‬إن مفهوم املحاولة‬
‫والخطأ هو إسقاط االستجابات الفاشلة واإلبقاء على االستجابات املفيدة الناجحة‪ .‬كما أن حسن‬
‫ًا‬
‫استعمال هذه الطريقة يتطلب األخذ بعين االعتبار كون اإلنسان خالفا للحيوان‪ ،‬قادر على إجراء‬
‫عملية التكرار واملحاولة وتصحيح الخطأ من خالل القيام بعمليات عقلية إلى جانب العمليات‬
‫التجريبية‪ .‬فنحن ال نستطيع أن نجعل تالميذنا قادرين على بناء معرفة وظيفية تدفعهم إلى تغيير‬
‫رؤيتهم للعالم واملحيط الذي يعيشون في زخمه إال إذا أخذنا بعين االعتبار أخطاءهم وكيفيات‬
‫تجاوزها‪ .‬إذ ال أحد منا في مأمن من الخطأ‪ ،‬فاألخطاء ليست ظاهرة عرضية ولكنها تشكل أنساقا‬
‫مبنية ال يمثل منها الجواب الخاطئ الذي يقدمه التلميذ عن سؤال األستاذ سوى الجزء املرئي من‬
‫قطعة الجليد الكبرى (األيسبورغ ‪ )Iceberg‬الذي يتكون من تمثالت الفرد التي هي في حالة ثبات‬
‫وسيرورة‪ ،‬في حالة انسجام وال انسجام‪ ..‬لقد الحظ ميشيل زكاتشكوك أن أكبر عملية في الدعم‬
‫البيداغوجي هي عملية تحليل األخطاء‪ ،‬ألن التالميذ يجدون حرجا في القيام بهذا العمل‪ ،‬فبمجرد‬
‫االنتهاء من الواجب نجدهم يجمعون أوراقهم‪ ،‬بيد أن العمل في الحقيقة يبدأ في هذه اللحظة (‪)...‬‬

‫‪6‬‬
‫يجب أن نفهم العوامل التي أدت إلى ارتكاب الخطأ‪ ،‬يجب أن نفكر في أسبابها مع التالميذ‪ ،‬وكذلك في‬
‫طبيعتها‪ .‬فهناك أنواع عديدة بعضها يرجع إلى التالميذ أنفسهم‪ ،‬وبعضها إلى املعرفة‪ ،‬وبعضها إلى‬
‫التعليمات‪...‬‬

‫وفي ه ـ ــذا املنظ ـ ــور يص ـ ــبح املدرس وس ـ ــيطا وموجه ـ ــا ومشخص ـ ــا‪ .‬فه ـ ــو وس ـ ــيط بين تالمي ـ ــذه والتعلم‪،‬‬
‫ومحفــز يضــمن استثمار معــارف كل تلميــذ يشــارك في الــدرس‪ ،‬خاطئــة كانت أو صــائبة‪ ،‬كمــا أنــه ُي غــني‬
‫ويخصـ ــب التفـ ــاعالت بينهم جميعـ ــا‪ ...‬وهـ ــو مشخص ألنـ ــه يحلـ ــل أخطـ ــاءهم ليسـ ــاعدهم على تجاوزهـ ــا‪.‬‬
‫فاالهتم ــام ال ــذي يولي ــه املدرس للخط ــأ ه ــو من بين أس ــاليب محارب ــة الفش ــل كم ــا يق ــول فليب م ــيريو‪...‬‬
‫ويق ـ ـ ــول باش ـ ـ ــالر<<إنن ـ ـ ــا نتعلم على أنق ـ ـ ــاض املعرف ـ ـ ــة الس ـ ـ ــابقة‪ ،‬أي به ـ ـ ــدم املع ـ ـ ــارف ال ـ ـ ــتي لم نحس ـ ـ ــن‬
‫بناءها‪...‬ولذلك يجب على املربين أن يعلموا التالميذ اعتمادا على هدم أخطائهم>>‪.‬‬
‫‪...........................................................‬‬
‫املرجع‪ :‬العربي اسليماني‪،‬مقال بمجلة علوم التربية العدد ‪ 24‬مارس ‪.2003‬‬

‫‪7‬‬

You might also like