You are on page 1of 16

‫تحديد مفهوم بيداغوجيا الخطأ‬

‫يمكن تعريف بيداغوجيا الخطأ على أنها خطة ( تصور و منهج ) بيداغوجية تقوم على‬ ‫•‬
‫اعتبار الخطأ استراتيجية للتعليم و التعلم‪ ،‬و تفترض وجود صعوبات ديداكتيكية تواجه المتعلم أثناء القيام‬
‫بتطبيق التعليمات المعطاة له ضمن نشاط تعليمي معين ‪ .‬وهذه الصعوبات ترجع إلى كون المسار الذي‬
‫يقطعه المتعلم الكتساب المعرفة أو بنائها من خالل بحثه‪،‬يمكن أن تتخلله بعض األخطاء ‪ .‬وتركز بيداغوجيا‬
‫الخطأ على ضرورة اعتبار أن الخطأ أمر طبيعي و إيجابي‪ ،‬الشيء الذي يحتم أخذه بعين االعتبار أثناء‬
‫إعداد الدروس ‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن معظم النظريات التربوية اهتمت بهذا المفهوم و منها‬
‫النظرية الجشتالطية و النظرية البنائية و النظرية الدافعية و النظرية السلوكية ‪.‬‬
‫الخطأ‬
‫غالبا ما ينظر إلى الخطأ بشكل سلبي أو كغلط ينبغي معاقبته قصد إزالته و هو التصور الذي يتماشى مع النظرية‬
‫السلوكية التي ترفض الخطأ ‪.‬‬

‫أما معجم الالند فيذهب إلى أن الخطأ ” هو حالة ذهنية أو فعل عقلي يَ ْعتَبر الصواب خطأ‪ ،‬والخطأ صوابا “‪.‬‬

‫ومن المنظور البيداغوجي يحدد الخطأ على أنه ” قصور لدى المتعلم في فهم أو استيعاب التعليمات المعطاة له من لدن‬
‫المدرسين‪ ،‬ينتج عنه إعطاء معرفة ال تنسجم مع معايير القبول المرتقبة “‪.‬‬

‫و الخطأ بالنسبة لباشالر ليس مجرد محاولة أو تعثر‪ ،‬بل هو ظاهرة بيداغوجية تمثل نقطة انطالق المعرفة‪ ،‬ألن هذه‬
‫األخيرة ال تبدأ من الصفر بل تمر بمجموعة من المحاوالت الخاطئة ‪.‬‬
‫أهمية بيداغوجيا الخطأ ‪:‬‬

‫مرة أخرى يتكرر اسم باشالر الذي يقول ‪ ” :‬ال تحدت المعرفة إال ضد معرفة سابقة لها ” و معناه أن التعلم‬ ‫•‬
‫ال يحدث إال إذا انطلق من معارف سابقة عبر تصحيحها و بناء معرفة جديدة قد تكون بدورها أساسا‬
‫لمعرفة أخرى و هكذا دواليك‪.‬لتصبح المدرسة بهذا المعنى فضاء الرتكاب األخطاء دون عواقب ‪،‬و تساهم‬
‫بيداغوجيا الخطأ باعتبارها استراتيجية للتعلم في تشجيع المتعلم على طرح األسئلة الجريئة و التي يراها‬
‫مالئمة و على صياغة الفرضيات و التساؤالت المقلقة حتى تلك التي تظهر غبية ‪.‬و يصبح المدرس في هذه‬
‫البيداغوجيا مرافقا للمتعلم لمساعدته على تصحيح أخطائه و تمثالته ال لمراقبته و تصيد أخطائه ‪.‬‬
‫• يمكن القول أن أهم شيء اتفق عليه المنظرون في هذا الباب هو ضرورة اعتبار‬
‫الخطأ أمرا عاديا و مفيدا‪ ،‬ال أمرا مذموما و غريبا عن التعلم ‪،‬بل منهم من ركز على‬
‫اعتباره نقطة انطالق التعلم مع مراعاة عدم جعل المتعلم يشعر بأي ذنب وهو يخطئ ‪.‬‬

‫تستند معالجة الخطأ إلى مبادئ علم النفس التكويني ومباحث اإليبستمولوجيا التي‬ ‫•‬
‫أنجزها باشالر فهي تدرج تدخالت المدرس في سيرورة المحاولة والخطأ‪ ،‬حيث ال‬
‫يقصى الخطأ وإنما يعتبر فعال يترجم نقطة انطالق التجربة المعرفية‪.‬‬
‫•– االعتراف بحق التلميذ في ارتكاب الخطأ ‪.‬‬
‫الخطأ يصبح فرصة لبناء التعلم إذا ما تم‬
‫•– االنطالق منه لهدمه و تعويضه بالمعرفة العلمية الجديدة ‪.‬‬

‫•– تحديد الخطأ بدقة ‪.‬‬

‫•‬
‫– وضع فرضيات تفسيرية ‪.‬‬

‫•– تنويع الممارسات البيداغوجية بالفصل ‪.‬‬


‫كيف يتم رصد األخطاء في ظل بيداغوجيا الخطأ ؟‬
‫أ – تشخيص الخطأ ورصده ‪ :‬باالعتماد على عملية المالحظة و الوصف ‪.‬‬ ‫•‬
‫• ب – إشعار المتعلم بحدوث خطأ ‪ :‬وهنا ال ينبغي إغفال الخطأ و التنكر له واتخاذ موقف سلبي منه‪ ،‬بل البد من الرفق‬
‫بالمتعلم المخطئ و االلتزام بحقه في الوقوع في الخطأ ‪.‬‬
‫ج – تصنيف الخطأ ‪ :‬فمثال‪ ،‬في اللغة العربية‪ ،‬يمكن تصنيف الخطأ إلى ‪ :‬خطأ إمالئي – خطأ نحوي – خطأ تعبيري‬ ‫•‬
‫…‬
‫د – تفسير أسباب الخطأ التي دفعت المتعلم إلى ارتكابه ‪ :‬أي هل هو ناتج عن تداعيات إبستيمولوجية‪ ،‬أم تعاقدية‪ ،‬أم‬ ‫•‬
‫أنه راجع إلى المتعلم ‪.‬‬
‫• هـ – معالجة الخطأ ‪ :‬على المدرس أن يظل يقظا حتى يساعد المتعلمين على التخلص من األخطاء و األفضل أن يكون‬
‫المتعلم هو من يصحح خطأه ‪.‬‬
‫أنواع الخطأ‬
‫أ – الخطأ العائد إلى المعرفة ‪ :‬و يتعلق بالمعرفة الواجب تعلمها‪ ،‬فالمتعلم قد يجد نفسه أمام مهمة‬ ‫•‬
‫ال تتالءم مع ميوالته أو قد تتجاوز مستواه الذهني أو نتيجة سوء فهم لما هو مطلوب …‬

‫ب – الخطأ العائد إلى المدرس ‪:‬كاختيار طرق تدريس غير مالئمة أو استراتيجيات تعلم غير‬ ‫•‬
‫مجدية أو اتباع نسق سريع للتعليم أو اختيار غير مناسب لألنشطة أو عدم تنويع الطرائق و‬
‫الوسائل أو عدم القدرة على التواصل الفعال أو تبني تصور سلبي للمتعلم …‬

‫ج – الخطأ العائد إلى المتعلم ‪ :‬من قبيل نظرة المتعلم للمعرفة أو قلة االنتباه لديه أو عدم القدرة‬ ‫•‬
‫على التواصل أو المرض أو وجوده في حالة اجتماعية متوترة …‬
‫مبادئ بيداغوجيا الخطأ‬
‫• – الخطأ البيداغوجي ال يعني عدم المعرفة و لكن يعبر عن معرفة مضطربة يجب االنطالق منها لبناء معرفة‬
‫صحيحة‪.‬‬

‫• – ال يمكن تفادي الخطأ في سيرورة التعلم ‪.‬‬

‫• – الخطأ خاصية إنسانية ‪.‬‬

‫• – الخطأ شرط للتعلم ‪.‬‬

‫• – من حق المتعلم أن يخطئ ‪. . .‬‬

‫• – الخطأ ذو قيمة تشخيصية ‪.‬‬

‫• – من األفضل أن يكون المتعلم هو من يكتشف أخطاءه و يصححها ذاتيا لكي تتنمى لديه الثقة بالنفس و اتخاذ القرار ‪.‬‬
‫تتأسس بيداغوجيا الخطأ على ثالثة أبعاد أساسية‬
‫‪-‬البعد اإلبستيمولوجي ‪ :‬هو بعد يرتبط بالمعرفة بحد ذاتها بحيث يمكن للمتعلم أن يعيد ارتكاب‬ ‫•‬
‫األخطاء نفسها التي ارتكبتها البشرية في تاريخ تطورها العلمي ‪.‬‬

‫‪-‬البعد السيكولوجي ‪ :‬يتجلى في اعتبار الخطأ ترجمة للتمثالت التي راكمها المتعلم من خالل تجاربه و‬ ‫•‬
‫تكون ذات عالقة بالنمو المعرفي للمتعلم ‪.‬‬

‫‪-‬البعد البيداغوجي ‪ :‬و يرتبط باألخطاء الناجمة عن عدم مالءمة الطرائق البيداغوجية لحاجات‬ ‫•‬
‫المتعلم‪ ،‬و يمكن معالجته بإتاحة الفرصة له الكتشاف أخطائه و محاولة تصحيحها بنفسه ‪.‬‬
‫مصادر الخطأ البيداغوجي‬ ‫•‬
‫– أخطاء ناتجة عن ضعف القدرة على التجريد لدى المتعلمين و خصوصا الصغار منهم ‪.‬‬ ‫•‬
‫• – أخطاء ناتجة عن القيم التقافية السائدة في المجتمع أو األسرة ‪.‬‬
‫• – أخطاء ناتجة عن ضعف االستدالل المنطقي ‪.‬‬
‫• – أخطاء ناتجة عن إدراك الحواس التي تخدع ‪.‬‬
‫• – أخطاء ناتجة عن خطأ المدرس نفسه كتقديم معلومة غير مناسبة أو عدم التخطيط للدرس بشكل جيد ‪.‬‬
‫• – أخطاء ناتجة عن استخدام المدرس ألساليب بيداغوجية ال تتالءم مع فروقات المتعلمين ‪.‬‬
‫• – أخطاء ناتجة عن تمثالت المتعلم ‪.‬‬
‫• – أخطاء لغوية‪.‬‬
‫خالصة‬
‫•أن يخطئ المتعلم معناه أنه يبذل جهدا للتعلم معناه أنه يقوم بمحاوالت‬
‫جادة و معناه أيضا أنه بحاجة إلى تدخل المعلم ‪،‬و الدور األكبر للمدرس‬
‫في ظل بيداغوجيا الخطأ يكون هو االعتراف بحق المتعلم في الخطأ ثم‬
‫توجيهه في ظل استراتيجية مضبوطة للتعليم و التعلم‬

You might also like