You are on page 1of 51

‫الوحدة التعليمية‪:‬التربص في المؤسسات‬

‫والبحث الميداني األنثروبولوجي‬


‫)كتابة التقرير ومذكرة التخرج(‬
‫المستوى‪:‬طلبة ماستير‪-2‬السداسي الرابع‬
‫أستاذ المادة‪:‬ا‪.‬د‪.‬سعيدي محمد‬
‫‪msaidi45@yahoo.fr‬‬
‫التمهيد‪:‬‬
‫نس عى يف ه ذه الوح دة التعليمي ة إىل التعري ف ب البحث املي داين يف العل وم‬
‫االجتماعي ة يف مقاربته ا ملظ اهر الثقاف ة و اجملتم ع م ع الرتك يز على أهم احملط ات املعرفي ة‬
‫واملنهجي ة وال يت تش كل املع امل األساس ية للب احث املي داين مث ل املالحظ ة واملالحظ ة‬
‫باملش اركة واملقابل ة وال دليل واالس تعمال التق ين للوس ائل الس معية البص رية وك ذا األط ر‬
‫املعرفي ة والس لوكية والثقافي ة ال يت بإمكاهنا التكف ل بالبحث امليداين والض مان ل ه الس المة‬
‫العلمي ة وتص ونه من االحنراف ات واالن زالق ال يت تعص ف بالكي ان العلمي والشخص ي‬
‫للباحث و مبوضوعه وكذا باألهايل املبحوثني أي اإلطار البشري للبحث‪.‬‬
‫‪:‬الدرس األول_‪1‬‬
‫‪.‬مفهوم البحث العلمي وفق األسس البيداغوجية األكاديمية‪-‬‬
‫‪.‬كتابة تقرير التربص‪-‬‬
‫‪:‬كتابة مذكرة التخرج‪-‬‬
‫‪.‬عناصر المذكرة‪:‬المقدمة(مفهومها وعناصرها و مقاصدها)‪-‬‬
‫بناء العنوان وفق أسس موضوعاتية ومعرفية ومنهجية ولغوية سليمة‪-‬‬
‫‪.‬واضحة‬
‫‪.‬تحديد موضوع البحث والتعريف به‪-‬‬
‫‪.‬األسباب الذاتية‪ 3‬والموضوعية الختيار الموضوع‪-‬‬
‫‪.‬بناء اإلشكالية وطرح الفرضيات‪-‬‬
‫‪.‬الطرح المنهجي المعتمد في انجاز البحث‪-‬‬
‫تموقع البحث من حيث التجديد أو التحيين أو التصحيح أو التطوير‪-‬‬
‫مقارنة بالدراسات السابقة من حثي اإلطار الموضوعاتي او المعرفي أو‬
‫‪.‬المنهجي‬
‫‪.‬العرض والتحليل‪(:‬التبويب‪-‬العناوين‪-‬الباب‪-‬الفصل‪-‬المبحث)‪-‬‬
‫‪.‬الخاتمة(عرض النتائج و مناقشتها)‪-‬‬
‫‪.‬قائمة المصادر‪ 3‬والمراجع(الترتيب)‪-‬‬
‫الحضور في المؤسسة من أجل انجاز تقرير أو انجاز بحث في اطار‪-‬‬
‫‪.‬مذكرة التخرج (مستوى الماستير)‬
‫‪.‬العناية بلغة كتابة البحث وباألسلوب العلمي‪-‬‬
‫السلوك اإلداري واألخالقي والمعرفي للطالب الباحث المتربص داخل‪-‬‬
‫‪.‬المؤسسة‬
‫‪:‬الدرس الثاني_‪2‬‬
‫يعتبر التربص داخل‪ 3‬المؤسسة‪ 3‬مظهر من المظاهر المعرفية والمنهجية‬
‫‪.‬والتقنية للبحث الميداني‬
‫ما معنى البحث الميداني؟‬
‫يقوم البحث يف العلوم االجتماعية أصال على الدراسة امليدانية أو كما حيلو‬
‫للبعض تس ميتها بالدراس ة احلقلي ة (املي دان = احلق ل)‪ .‬ويقص د بالدراس ة امليداني ة‬
‫»تواجد الباحث مبيدان البحث يف اجملتمع املدروس تواجدا مستمرا‪ ،‬قد يصل إىل‬
‫ع دة أع وام‪ ...‬ويق وم الب احث خالل إقامت ه يف جمتم ع البحث مبالحظ ة س لوك‬
‫أعضاء اجملتمع واالندماج فيه اندماجا ميكن عن طريقه أن يعرف بقدر اإلمكان‬
‫‪1‬‬
‫كيف يتحدث ويفكر ويشعر ويعمل كأحد أعضاء ثقافة ذلك اجملتمع‪«.‬‬

‫إن الباحث املهتم باملادة االجتماعية مطالب بالنزول إىل امليدان والبقاء فيه‬
‫مدة من الزمن من أجل اكتشاف موضوعه ومتابعته ومعاينته عن قرب‪ ،‬وقد جيد‬
‫الب احث نفس ه مض طرا لإلقام ة واالس تقرار والس كن يف منطق ة حبث ه وبني أه ايل‬
‫موض وع دراس ته إىل درج ة االن دماج فيهم وكأن ه عض و ينتمي إليهم‪ ،‬فيتعلم‬
‫لغتهم وأسلوب حياهتم ويتبىن تصوراهتم للحياة ولألشياء‪ » .‬ويشعر بالقيم اليت‬
‫يعتنقوهنا ويعم ل معهم ويش اركهم يف طع امهم واحتف االهتم ويرت دي مالبس هم‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬د‪.‬وسام العثمان‪ :‬المخل إلى األنتروبولوجيا‪ .‬ص ‪.108‬‬
‫ويف بعض األحي ان ي دخل كعض و يف مجعي اهتم إذا مسحت النظم االجتماعي ة‬
‫‪2‬‬
‫بذلك‪«.‬‬

‫لق د تفطّن الب احثون االجتم اعيون بص فة عام ة لقيم ة البحث املي داين وم ا‬
‫يقدم ه للب احث وللبحث من طاق ات موض وعاتية ومن معلوم ات حي ة ومباش رة‬
‫ومفيدة للبحث‪ ،‬ومن مثة كان حرصهم وتشجيعهم وتدعيمهم شديدا على املادة‬
‫احلقلية اليت جيمعها الباحث ويدوهنا كمادة خام‪.‬‬

‫كما أ ّكد األنثروبولوجيون وعلماء االجتماع منذ وقت مبكر على ضرورة‬
‫البحث املي داين من أج ل مجع وت دوين أش كال الثقاف ة االجتماعي ة واالنس انية‬
‫العدي دة واملتنوع ة من مص ادرها األص لية من رواة ومب دعني وفن انني وحرف يني‬
‫وحفظة وممارسني للعادات والتقاليد والطقوس واملعتقدات الشعبية اليت أصبحت‬
‫مهددة باالنقراض والزوال إن مل يسرع الباحثون إىل مجعها وتدوينها وصيانتها‬
‫ودراستها‪.‬‬

‫وبنفس ق وة ومحاس ة وتأكي د األنثروبولوج يني وعلم اء االجتم اع على‬


‫ض رورة ال نزول إىل املي دان ومجع املادة الرتاثي ة وت دوينها‪ ،‬لق د انتق دوا أيض ا‬
‫الباحثني الذين عزفوا عن النزول إىل امليدان والسماع مباشرة للمبدعني واحلفظة‬
‫أو تسجيل ومالحظة املمارسات الثقافية أثناء قيام أصحاهبا احلقيقيني هبا‪ ...‬ظل‬
‫هؤالء الباحثون يدرسون مادة الثقافة االجتماعية واإلنسانية من مكاتبهم اعتمادا‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121‬‬
‫على وث ائق مكتوب ة س جلها ذات ي وم س ائح أو إداري ك ان يف مهم ة عم ل أو‬
‫جن دي ك ان مقيم ا م ع جيش ه يف ه ذه املنطق ة أو رج ل دين ك ان يف مهم ة‬
‫دون فيها أصحاهبا أشياء رأوها وأعجبوا هبا‪ ...‬أو‬
‫تبشريية‪ ...‬هذه األعمال اليت ّ‬
‫دون وا فيه ا معلوم ات طلبته ا منهم حكوم اهتم ألس باب سياس ية اس تعمارية‪ .‬لق د‬
‫ّ‬
‫اعتم د ع دد من ه ؤالء الدارس ني ملادة الثقاف ة على ه ذه الوث ائق وم ا حتتوي ه من‬
‫معلوم ات ق د تك ون ص حيحة وق د تك ون خاطئ ة كم ا أهنا تفتق د إىل األس س‬
‫العلمي ة واملنهجي ة‪ ،‬ألن أص حاهبا ليس وا ب احثني أوال‪ ،‬وثاني ا مل ي دنوا معلوم اهتم‬
‫صنـف ه ذه التس جيالت ملادة الثقاف ة ض من‬
‫هبدف علمي وموض وعي‪ .‬وق د تُ ّ‬
‫األعم ال األدبي ة والفكري ة املوجه ة توجيه ا اس تعماريا ال يت مت إجنازه ا بطلب من‬
‫حكومات استعمارية واليت تسعى من خالهلا إىل معرفة عقلية الشعوب موضوع‬
‫استعمارها ومعرفة ثقافتها‪ ...‬أو أن هذه التسجيالت موجهة توجيها ثقافيا نفسيا‬
‫ترفيهي ا يس عى أص حاهبا إىل إب راز العنص ر العج ائيب والغرائ يب‪ .‬وتق دمي ه ذه املادة‬
‫الرتاثية و الفكرية مادة للفرجة والتمتع السياحي واملتحفي‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬ال‬
‫ب د من ذك ر تل ك التص نيفات ال يت ق ام هبا الب احثون احملرتفون يف البحث‬
‫االجتماعي و األنثروبولوجي امليداين بصفة عامة‪.‬‬
‫‪_3‬الدرس الثالث‪:‬‬

‫لق د مت تص نيف الب احثني االجتم اعيني واالنثروبولوج يني املي دانيني إىل ن وعني‬
‫أساسيني‪:‬‬

‫الن وع األول‪ :‬وه و الن وع ال ذي حتدثنا عن ه س ابقا حيث " ق د يك ون‬ ‫‪-1‬‬
‫الب احث رجال اس تعماريا أو قانوني ا أو رج ل أعم ال‪ ،‬أو مبش را ديني ا‪...‬‬
‫وعموم ا فه ؤالء مل يكون وا م دربني يف الس لوك احلس ي أو املرئي‪ ،‬وأيض ا‬
‫غالب ا م ا ك انوا غ ري م زودين بش كل ك اف بامله ارات االجتماعي ة إلجناز‬
‫علمي حقيقي والقيام ببحث متكامل‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مذكراهتم وبياناهتم‬
‫حتف ل بن وع من احلق ائق ال يت يس تطيع ال دارس الفطن أن يس تخلص منه ا‬
‫‪3‬‬
‫معلومات كثرية "‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬وميثله الباحثون االجتماعيون احملرتفون و أصحاب مهارات‬ ‫‪-2‬‬
‫معرفية ومنهجية كبرية‪.‬‬
‫ومهم ا يكن من األم ر ه ذه املادة وال يت س جلها ه ؤالء الن اس فان ه ال ميكن‬
‫االعتماد عليها اعتمادا مطلقا وكامال وهنائيا أثناء الدراسة‪ .‬قد تشكل مادة أولية‬

‫‪3‬‬
‫ص ‪.73‬‬ ‫‪ - ‬د‪ .‬عبد اهلل عبد الغني غانم‪ 7:‬طرق البحث األنثروبولوجي‪ .‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ط‪،2004 ،1‬‬
‫أو معلما ابتدائيا و موض وعاتيا‪ ،‬ولكن تبقى ناقصة وغري مؤسسة تأسيسا علميا‬
‫أثناء اجلمع والتدوين‪.‬‬

‫وق د متيز ه ذا الص نف من الب احثني يف م ادة الثقاف ة االجتماعي ة واإلنس انية‬
‫بثالث مميزات وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬كتبوا أغلب أحباثهم بعيدا عن امليدان‪.‬‬


‫‪ -2‬اعتمدوا على وثائق غري علمية‪.‬‬
‫توه م بعضهم بالنزول إىل امليدان‪ ،‬غري أهنم " مل يكونوا يقضون يف أوساط‬‫ّ‬ ‫‪-3‬‬
‫الشعوب اليت يدرسوهنا ونادرا ما كانت هذه األيام تصل إىل أسابيع‪ ،‬إ ّن‬
‫مثل هذه اإلقامة قد تشكل عند االقتضاء بدايات أوىل مفيدة لدراسات‬
‫معمق ة ولتص نيفها نياس ية أولي ة لكنه ا ال تكفي بأي ة ح ال من األح وال‬
‫‪4‬‬
‫لتكوين فهم عميق للحياة اجملتمعية عند مجاعة من اجلماعات"‪.‬‬
‫نش ري إىل أن نس بة كب رية من أس باب جناح البحث يف موض وع الثقاف ة‬
‫ودوهنا الب احث‬
‫االجتماعي ة و اإلنس انية تع ود أص ال إىل قيم ة املادة ال يت مجعه ا ّ‬
‫مباش رة من املي دان‪ ،‬فهي م ادة خ ام وجدي دة وخص بة يس جلها الب احث من‬
‫مص ادرها األوىل والطبيعي ة وال ذين أق ام معهم ص الت وطي دة وع اش وع اين‬
‫ثق افتهم معاين ة داخلي ة أي من ال داخل حيث اطّل ع وتع رف على األط ر البش رية‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬ايفسنر برتشارد‪ :‬األناسة المجتمعية‪ -‬ديانة البدائيين في نظريات األناسيين‪ ،‬ترجمة حسن قبسي‪ ،‬دار الحداثة للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1986 ،1‬ص ‪.92‬‬
‫والثقافي ة واالجتماعي ة والعرفية واالقتص ادية والنفسية ال يت احتضنت هذه الثقافة‬
‫مبظاهرها املادية واملعنوية والسلوكية‪.‬‬

‫إن تواج د الب احث يف مث ل ه ذه املواق ف واملواق ع االجتماعي ة والثقافي ة‬


‫واجلغرافي ة ال يت ش هدت ميالد مظ اهر الثـقافة االجتماعي ة موض وع البحث‬
‫والدراسة‪ ،‬فبالرغم من "أنه يبدو يف بعض األحيان شاذا وغريبا‪ ،‬إالّ أنه الوسيلة‬
‫جلمع املعلومات عن اجملتمعات اإلنسانية يف أشكاهلا املختلفة‪ ،‬فالباحث‪ ...‬يعيش‬
‫يف جمتمع البحث بني أناس غرباء عنه‪ ،‬ويف مناخ اجتماعي تسوده أمناط سلوكية‬
‫قد تبدو شاذة‪ ،‬ويقتضي من الباحث‪ ...‬أن يتقبل ذلك لكي يفهم ثقافات هذه‬
‫اجملتمع ات أو على األق ل يواج ه ط رق حي اهتم ح ىت يس تطيع أن يتع رف على‬
‫‪5‬‬
‫التفاصيل الدقيقة اليت تسود أمناط حياهتم"‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسن غامري‪ :‬طريقة الدراسة األنثروبولوجية الميدانية‪ ،‬المكتب الجامعي‪ 7‬الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص‪.30 .‬‬
‫‪_4‬الدرس الرابع‪:‬‬

‫غ ري أن ه ال ميكن االعتقاد أن النزول إىل امليدان بالنس بة للباحث عملية سهلة‬


‫وبس يطة‪ ،‬فهي عملي ة ص عبة وش اقة ومعق دة ويف كث ري من األحي ان حمفوف ة‬
‫باألخط ار‪ .‬ه ذا باإلض افة إىل أ ّن الب احث ك ذات بيولوجي ة ومعرفي ة واجتماعي ة‬
‫فقد تواجهه صعوبات كثرية نذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬صعوبات علمية‪:‬‬

‫قد جيد الباحث امليداين نفسه أحيانا عاجزا عن مواجهة موضوعه مواجهة‬
‫علمي ة وذل ك لص عوبته وص عوبة م ا يطرح ه من إش كاالت مل يكن يفك ر فيه ا‬
‫البحث قب ل نزول ه إىل املي دان‪ ،‬األم ر ال ذي يف رض علي ه التوق ف وإع ادة ت دعيم‬
‫رص يده العلمي من جدي د ح ىت يس تطيع التكف ل مبوض وعه تكفال علمي ا ناجح ا‬
‫وش امال‪ .‬ومن ه ذا املنطل ق نعتق د أن ه ال ب د وأن يس بق البحث املي داين تك وين‬
‫الرصيد النظري واملعريف الذي يعتمد عليه الباحث ويتبع خطواته‪ ،‬وقد يشكل‬
‫الرصيد النظري القوة املدعمة للباحث يف حتديد موضوعه وحتديد ميدانه وحتضري‬
‫األرضية املعرفية اليت ينطلق منها‪ ،‬وال يستطيع الباحث حتقيق أي تقدم يف جماله‬
‫البح ثي املي داين "إال عن طري ق حتقي ق رص يد من النظري ات والف روض ال يت تع اجل‬
‫كافة ج وانب الثقاف ة أو احلي اة االجتماعية وال يت يتم التحقق منها واختبارها من‬
‫خالل البحوث احلقلية املركزة "‪.6‬‬

‫يعت رب الرص يد املع ريف النظ ري عنص را أساس يا ورئيس يا يف جمال البحث‬
‫العلمي‪ ،‬فالب احث احلق واحلقيقي مط الب ب أن ميتل ك ق درة علمي ة وأن يتمت ع‬
‫مبس توى علمي جيّ د يؤهل ه خلوض مغ امرة ال نزول إىل املي دان‪ .‬ولع ل ال ذي ال‬
‫حيتم ل الش ك واملناقش ة أ ّن أي حبث ومهم ا ك انت طبيعت ه وجماالت ه‪ ،‬فال ب د وأن‬
‫يسبقه تكوين هذا الرصيد املعريف النظري والذي يشكل القوة اليت يرتكز عليها‬
‫الباحث يف حتديد موضوعه وبناء تصميمه وتبىن خطته واختبار منهج مقاربته له‪.‬‬
‫وقد ال يكون النجاح حليف الباحث إالّ إذا كان البحث منذ بدايته مؤسسا على‬
‫تصور علمي صحيح ورؤية منهجية واضحة وسليمة‪.‬‬

‫إن التك وين العلمي النظ ري املختص يف جمال البحث املي داين أم ر ض روري‬
‫للباحث األنثروبولوجي واالجتماعي والثقايف‪ ،‬حيث يستحال النزول إىل امليدان‬
‫دون معرف ة علمي ة مس بقة ح ول املوض وع ومنهجي ة معاجلت ه والتكف ل ب ه وك ذا‬
‫كيفية استثمار امليدان أو املنطقة واألهايل املبحوثني استثمارا علميا وموضوعيا‪...‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فتيحة محمد إبراهيم ومصطفى حمدي الشنواني‪ :‬مدخل إلى مناهج البحث في علم اإلنسان "أنثروبولوجيا"‪ ،‬مطبعة دار المريخ‬
‫للنشر‪ ،‬الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،1988 ،‬ص ‪.226‬‬
‫فالباحث املولع بامليدان خيتلف عن اإلنسان العادي السائح الذي قد يزور نفس‬
‫امليدان‪ -‬املنطقة‪ -‬اليت يقيم فيها هذا الباحث ويقوم فيها بأحباثه‪ ،‬قد يقف هذا‬
‫اإلنس ان عن د ح دود التس جيل أو االنبه ار أم ام ظ اهرة اجتماعي ة أو ثقافي ة أو‬
‫سلوكية‪ ،‬يف حني أن سلوك الباحث مع نفس الظاهرة قد خيتلف اختالفا كبريا‪،‬‬
‫فه و مط الب حبكم ه دف نزول ه إىل املي دان‪ ،‬وحبكم تكوين ه العلمي وختصص ه‬
‫املعريف وحبكم الوعي وااللتزام واملسؤولية العلمية أن يأخذ الظاهرة مأخذا علميا‬
‫يقوم أساسا على السؤال واملناقشة والتحليل وفق أطر علمية موضوعية تتعدى‬
‫ح دود اإلعج اب واالنبه ار الس ياحي أو االكتش اف الرومانس ي‪ ،‬فالب احث‬
‫يالحظ‪ ،‬يسجل‪ ،‬يصور‪ ،‬يصف‪ ،‬يسائل‪ ،‬حيلل‪ ،‬يصنف‪ ،‬فهو مطالب "بضرورة‬
‫اإلعداد اجليد لدراسته ووضع اعتبار مسبق لكل خطوة من خطواهتا أو احتمال‬
‫من احتماالهتا يف ضوء رؤية علمية س ليمة يقوم على فهم قواع د البحث العلمي‬
‫واإلملام بالتجارب املشاهبة اليت سبق إجراؤها يف نفس اجملال وتشبهها يف أمهية ما‬
‫ي رتتب على جناحه ا من نت ائج هام ة تس اعد على أن تق دم خط وات عدي دة يف‬
‫مس اره العلمي‪ ،‬وتفس ح اجملال للتوص ل إىل قض ايا ونظري ات جدي دة ميكن أن‬
‫‪7‬‬
‫تكون منبعا لفروض أخرى جتري بشأهنا جتارب جديدة وهكذا‪.‬‬

‫إ ّن الب احث املي داين احلقيقي خيش ى وخياف من املي دان‪ ،‬وال يفك ر في ه إالّ بع د أن‬
‫يكون قد أحس إحساسا عميقا وصادقا بأنه على أمت االستعداد لذلك‪ ،‬وأنه قد‬

‫‪7‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158 .‬‬
‫حض ر نفس ه حتض ريا علمي ا متين ا يؤهل ه ملواجه ة القض ايا والتس اؤالت ال يت ق د‬
‫ّ‬
‫يطرحها عليه املوضوع أو قد يفاجئه هبا امليدان‪ .‬فالنزول إىل امليدان يف اعتقادنا‬
‫مغ امرة وج رأة علمي تني‪ ...‬وال ب د على الب احث من اإلحس اس ب أ ّن نزول ه إىل‬
‫امليدان عمل علمي قد يندرج ضمن رؤية علمية شاملة سبقه إليها علماء آخرون‬
‫وأ ّن دراس ته ه ذه متص لة ب الرتاث العلمي املي داين ال ذي أرس ى قواع ده ع دد من‬
‫العلم اء ال ذين وهب وا حي اهتم للبحث املي داين وللتكف ل بالقض ايا االجتماعي ة‬
‫والثقافي ة واالقتص ادية والعقائدي ة والعرفي ة والسياس ية احمللي ة واخلاص ة بع دد من‬
‫الشعوب واحلضارات‬

‫والثقاف ات واجملتمع ات املغم ورة املنس ية أو يف طري ق ال زوال واالن دثار "فالرتاب ط‬
‫وال رتاكم من طبيع ة أي علم‪ ،‬وك ل ب احث يتوج ه إىل عمل ه احلقلي وه و م زود‬
‫خبلفية كافية من املعرفة ببعض جوانب هذا الرتاث‪ ،‬يشعر بأنه ال يبدأ من فراغ‬
‫وإمنا جيد دائما ما يوجه خطواته يف البحث وعليه بدوره أن ينجز دراسته حبيث‬
‫يساعد التقرير األخري عنها على إمكانية االستفادة منها يف دراسات أخرى أو يف‬
‫‪8‬‬
‫إجراء مقارنات تشبهها مع غريها من الدراسات"‪.‬‬

‫إن تسلح الباحث بالرصيد املعريف النظري قبل النزول إىل امليدان قد يصونه‬
‫ويصون له ذات ه العلمية ويصون موضوعه ودراس ته من االنزالقات واالحنرافات‬
‫اخلاطئ ة واخلط رية وال يت ق د تس يء إلي ه وإىل دراس ته وإىل موض وعه وإىل املنطق ة‬
‫‪8‬‬
‫‪ -‬نفسه‪ ،‬ص‪.103 .‬‬
‫وك ذا إىل األه ايل املبح وثني‪ ،‬ومن مث‪ ،‬ف إن الب احث املي داين مط الب بتحلي‬
‫باملوض وعية العلمي ة واالبتع اد عن ك ل م ا يتن اىف والبحث العلمي يف مقاربت ه‬
‫للقض ايا الثقافي ة واالجتماعي ة والعقائدي ة والعرفي ة واألخالقي ة ذات الص لة الوثيقة‬
‫باألهايل وهبوية انتماءاهتم املختلفة‪...‬‬

‫قد تواجه الباحث امليداين "صعوبات ترتبط باملعايري والعادات اليت تسود‬
‫جمتم ع الدراس ة عن د اس تخدامه م دخل الفهم ال ذايت لفهم ثقاف ة اجملتم ع‪ ،‬وتظه ر‬
‫ه ذه الص عوبات عن دما يق وم أح د الب احثني مثال بدراسة دور املرأة يف اجملتمعات‬
‫التقليدي ة‪ ...‬س وف جيد أن املرأة ال يس مح هلا ب االختالط أو التح دث م ع رج ل‬
‫غ ريب عنه ا‪ 9".‬ويف مث ل ه ذه الوض عية جيد الب احث نفس ه يف حال ة ج د ص عبة‬
‫ومتناقضة يف نفس الوقت‪ ،‬فهو بني وضعيتني متناقضتني‪ :‬وضعية البحث العلمي‬
‫الذي ال يعرتف مبثل هذه املمنوعات أو العراقيل ذات البعد الثقايف واالجتماعي‬
‫والعريف احمللي‪ ،‬ووضعية الثقافة احمللية بعاداهتا وتقاليدها ومنطقها اخلاص والثابت‬
‫ال ذي ال يع رتف ب العلم ال ذي ق د يس يء لألص ول الثقافي ة واألخالقي ة احمللي ة أو‬
‫الذي يتجه ويتحرك يف اجتاه معاكس للعادات والتقاليد واملعتقدات‪ ...‬فالباحث‬
‫يف مث ل ه ذه الوض عية يس عى جاه دا إىل البحث عن وس يلة توفيقي ة تض من ل ه‬
‫سالمة البحث العلمي دون املساس بعادات وتقاليد األهايل إن استطاع إىل ذلك‬
‫سبيال‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-‬‬
‫‪_5‬الدرس الخامس‪:‬‬

‫‪ -‬صعوبات مالية‪:‬‬

‫يق وم العنص ر املايل ب دور مهم يف عملي ة جناح أو فش ل البحث املي داين‪،‬‬
‫فالباحث مطالب بأن ميتلك ماال وافرا من أجل تغطية مصاريف البحث امليداين‬
‫الذي حيتاج إىل مصادر للتمويل خاصة عندما جيري البحث يف جمتمعات أجنبية‬
‫عن منطقة الباحث األصلية وعادة ما تقوم بعض املؤسسات اليت هتتم بالبحوث‬
‫امليداني ة بتمويله ا وختص ص املؤسس ات البحثي ة أشخاص ا هلم خ ربة ودراي ة بأمهي ة‬
‫‪10‬‬
‫البحوث وتقدير مدى االستفادة منها وتوظيف نتائجها يف اجملاالت التطبيقية‪.‬‬

‫‪ -‬صعوبات أمنية‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسن الغامري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.39 – 38 .‬‬
‫قد جيد الباحث نفسه يف وضعيات أمنية جد صعبة متنعه من مواصلة حبثه‬
‫أو البقاء يف امليدان واالستقرار فيه حيث يرفضه األهايل وال يستقبلونه‪ ،‬وذلك قد‬
‫يع ود إىل ع دد من األس باب ك أن يك ون موض وع ش ك أو يعتق د في ه جاسوس ا‬
‫للس لطات أو أن ه يري د هبم ش را أو لوج ود جترب ة س ابقة هلم م ع أح د أو بعض‬
‫الب احثني يك ون ق د س ببت هلم املت اعب‪ ،‬أو لوج ود أنش طة غ ري قانوني ة جترى يف‬
‫جمتمع الدراسات كعمليات التهريب مثال‪ ،‬أو لصفات معينة ختص الباحث وقع‬
‫اع رتاض عليه ا من ناحي ة األه ايل س واء من حيث الن وع أو الل ون أو االنتم اء‬
‫ال ديين أو السياس ي أو االجتم اعي أو غ ري ذل ك‪ 11.‬ف البحث ال ميكن أن تك ون‬
‫نتائج ه إجيابي ة ومفي دة إالّ إذا تأس س ومت إجنازه يف ظ روف أمني ة آمن ة ومرحية‬
‫وحسنة تضمن للباحث السالمة اجلسدية واملعنوية وكذا لألهايل املبحوثني بعيدا‬
‫عن كل مضايقة أو خطر أو ضغط مهما كان مصدره‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر هذه الصعوبات‪ ،‬فإن الباحث مطالب بالتحضري املادي‬
‫واملعن وي اجلي د واجلاد قب ل ال نزول إىل املي دان وقب ل أن يص طدم حبق ائق األش ياء‬
‫الص عبة أو اخلط رية وال يت ق د تعرق ل الس ري احلس ن للبحث والدراس ة‪ ،‬فالب احث‬
‫املي داين مط الب "بوض ع اعتب ار مس بق لك ل خط وة من خط وات أو احتم ال من‬
‫احتماالت ه يف ض وء رؤي ة علمي ة س ليمة تق وم على فهم قواع د البحث العلمي‬
‫واإلملام بالتجارب املشاهبة اليت سبق إجراؤها يف نفس اجملال وتشبهها يف أمهية ما‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فتيحة محمد إبراهيم ومصطفى حمدي الشنواني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172.‬‬
‫ي رتتب على جناحه ا من نت ائج هام ة‪ ،‬تس اعد الب احث على أن يتق دم خط وات‬
‫عدي دة يف مس اره العلمي‪ ،‬وتفس ح اجملال للتواص ل إىل قض ايا ونظري ات جدي دة‬
‫‪12‬‬
‫ميكن أن تكون منبعا لفروض أخرى جتري بشأهنا جتارب جديدة وهكذا"‪.‬‬

‫يشكل النزول إىل امليدان قيمة علمية ال يستهان هبا يف العلوم االجتماعية‬
‫عام ة واألنثروبولوجي ة خاص ة حيث تق ّرب الب احث من موض وعه ومن األط ر‬
‫البشرية والثقافية واالجتماعية واالقتصادية والدينية والسياسية احمللي‪.‬‬

‫ومن ه ذا املنطل ق ن ّوه بص ورة كب رية األن ثروبولوجيون وعلم اء االجتم اع‬
‫بقيمة البحث امليداين وأكدوا عليه بل اعتربوه حمطة أساسية يف دراسة الثقافات‬
‫احمللي ة ال يت مل ت دون بع د وال يت الزالت ش فوية االنتق ال بني األجي ال‪ ،‬فهي يف‬
‫حاج ة ماس ة إىل مجع وت دوين وص يانة‪،‬او البحث ىف املؤسس ات احمللي ة املختلف ة‬
‫وق د ال يتحق ق ك ل ذل ك إالّ إذا س افر الب احثون حنو مواطنه ا وس جلوها من‬
‫مصادرها ودرسوها دراسة ميدانية قبل أن تضيع وتذهب بذهاب أصحاهبا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.158.‬‬
‫‪_6‬الدرس السادس‪:‬‬

‫لقد أخضع الباحثون املولعون بالبحث امليداين منهجية وقواعد وتقنيات النزول‬
‫إىل املي دان واس تثماره إىل ع دد من القواع د واألس س ال يت حيتكم إليه ا الب احث‬
‫املرشح إىل متابعة موضوعه متابعة ميدانية‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬املالحظة‪.‬‬
‫‪ -2‬املالحظة باملشاركة‪.‬‬
‫‪ -3‬املقابلة‪.‬‬
‫‪ -‬المالحظة‪:‬‬
‫يعت رب الب احثون األن ثروبولوجيون وعلم اء االجتم اع املالحظ ة من أهم‬
‫وسائل البحث ومجع املعلومات‪" ،‬فقد استخدمت يف مجع املعلومات لدى مجيع‬
‫الش عوب بدائي ة ك انت أم متحض رة‪ ،‬يف املاض ي أو يف احلاض ر‪ ،‬وذل ك من أج ل‬
‫احلصول على املعلومات عن األش ياء واملواقف احمليط ة هبم والتع رف على ظواهر‬
‫‪13‬‬
‫فينزل الباحث إىل امليدان ويالحظ الناس ويتابع أنشطتهم‬ ‫احلياة ومشكالهتم"‪.‬‬
‫املختلف ة يف ك ل مك ان ويف ك ل زم ان‪ ،‬يف القري ة‪ ،‬يف الس وق‪ ،‬يف احلق ل‪ ،‬يف‬
‫ال دار‪ ،‬يف العم ل‪ ،‬ويف أوق ات خمتلف ة‪ ،‬يف الص باح‪ ،‬يف املس اء‪ ،‬يف اللي ل‪ ،‬عن د‬
‫الغروب‪ ،‬ويف فصول السنة املختلفة‪ ،‬يف اخلريف‪ ،‬يف الشتاء‪ ،‬يف الربيع يف الصيف‬
‫ويف مناس بات خمتلف ة يف االحتف االت‪ ،‬يف األعي اد‪ ،‬يف األع راس‪ ،‬يف املآمت‪ ،‬ويف‬
‫غريه ا من املناس بات االحتفالي ة احمللي ة والعائلي ة‪ ...‬فيس جل ه ذا الب احث ك ل ما‬
‫يالحظه من سلوكات مادية ومعنوية‪ ،‬ومن أشياء وأدوات خمتلفة‪.‬‬

‫ولع ل م ا مييز املالحظ ة ك إجراء حبثي حي ومباش ر "أهنا تتص ل بس لوك‬


‫األف راد الفعلي يف بعض املواق ف الواقعي ة يف احلي اة‪ ،‬حبيث ميكن مالحظته ا دون‬
‫عن اء كب ري أو ال يت ميكن تكراره ا ب دون جه د مث أهنا تعتم د يف مجي ع البيان ات يف‬
‫األحوال اليت يبدي فيها املبحوثون نوعا من املقاومة للباحث‪ ،‬ويرفضون اإلجابة‬
‫‪14‬‬
‫عن أسئلته‪".‬‬

‫ويف ه ذا الص دد‪ ،‬ال ميكن أن ننك ر دور وقيم ة املالحظ ة عن د الب احث‬
‫األنثروبولوجي‪ ،‬واالجتماعي فبالرغم مما تثريه من قضايا وصعوبات وما تفرضه‬
‫أيض ا على الب احث من طاق ات جس دية ونفس ية واجتماعي ة وثقافي ة ومعرفي ة‬
‫وأخالقي ة‪ ،‬فإهنا تبقى مهم ة وأساس ية أثن اء ال نزول إىل املي دان ومجع م ادة البحث‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬وسام العثمان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118 .‬‬
‫‪14‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫وتس جيلها مباش رة من مص ادرها ومن أف واه أص حاهبا ومن يومي اهتم االجتماعي ة‬
‫والثقافي ة واالقتص ادية والعقائدي ة فالب احث ي نزل إىل املي دان أين يق ف موق ف‬
‫دون يف‬
‫املالح ظ واملع اين واملش اهد‪ ،‬ي رى ويس مع وحيس مث ينق ل ويس جل وي ّ‬
‫كراسته كاملالحظ بصمت دون أن يأبه به أحد أثناء متابعته للمبحوثني وأثناء‬
‫معاينت ه نش اطهم الي ومي‪ .‬غ ري أن املالحظ ة ق د تكش ف يف بعض احلاالت عن‬
‫قص ورها وحمدودي ة مردوده ا حيث ال تفي دوم ا وأب دا يف ك ل احلاالت ب الغرض‬
‫العلمي املطل وب‪ ،‬وبالت ايل ال متكن الب احث من مجع مادت ه وت دوين معلومات ه‬
‫الكافية حول موضوع الدراسة‪ ،‬ففي مثل هذه احلالة قد جيد الباحث نفسه عاجزا‬
‫وحمدود احلرك ة وبعي دا عن حتقي ق مبتغ اه‪ .‬األم ر ال ذي يف رض علي ه البحث عن‬
‫وسيلة حبثية أخرى وعن إجراء تقين أكثر فاعلية حىت يقرتب أكثر فأكثر من مادة‬
‫موضوعه فيتعدى مستوى املالحظة ليمر إىل مستوى االندماج الكلي مع األهايل‬
‫حيث يشاركهم نشاطهم اليومي كعضو ينتمي إىل مجاعتهم‪ .‬وقد تصل به درجة‬
‫االن دماج إىل حال ة يوش ك أن يك ون فيه ا باحث ا وموض وع البحث يف نفس‬
‫الوقت‪ ،‬فتتحول يف هذه احلالة املالحظة البسيطة احملدودة إىل املالحظة املشاركة‬
‫أو كما حيلو للبعض تسميتها املالحظة باملشاركة‪.‬‬

‫‪ -2‬المالحظة المشاركة‪:‬‬

‫يع رف الب احث األن ثروبولوجي د‪.‬ع اطف وص في املالحظ ة املش اركة بأهنا‬
‫"بك ل بس اطة مش اركة الب احث يف النش اط االجتم اعي والثق ايف ال ذي يق وم ب ه‬
‫أه ايل منطق ة البحث ه ذا من جه ة‪ ،‬ومن جه ة ثاني ة احلض ور الشخص ي وال دائم‬
‫‪15‬‬
‫واملستمر بينهم طيلة مدة إجناز البحث ومجع مادته"‪.‬‬

‫لق د ّأدت املالحظ ة املش اركة ك إجراء حبثي دورا مهم ا يف تط ور وتق دم‬
‫البحث األنثروبولوجي واالجتماعى امليداين‪ ،‬حيث حررت الباحث من احلواجز‬
‫ال يت حتول بين ه وبني موض وعه وأهلت ه لالتص ال والتواص ل العض وي م ع األه ايل‬
‫حيث ان دمج معهم ويف مجاعتهم ويف منطقتهم ان دماجا قوي ا وش به كلي إن مل‬
‫يكن كليا‪.‬‬

‫وقد تفطن الباحثون األنثروبولوجيون واالجتماعيون إىل اآلثار السلبية اليت‬


‫قد يرتكها هذا االندماج يف عملي ة إجناز البحث حيث يكاد يفقد الباحث على‬
‫إثره يف الكثري من األحيان صفات الباحث حتت ضغط العالقات اإلنسانية اليت‬
‫أص بحت تربط ه باأله ايل نتيج ة ق وة االن دماج ومن مثة ف إ ّن "دور الب احث أثن اء‬
‫قيام ه باملالحظ ة جيب أن يك ون ثانوي ا‪ ،‬وأ ّن مش اركته يف األنش طة ال تع ين أن ه‬
‫أص بح واح دا من أعض اء اجملتم ع‪ ،‬ب ل جيب علي ه أن يت ذكر دائم ا أن الغ رض من‬
‫‪16‬‬
‫املشاركة هو مالحظة اجملتمع من الداخل"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عاطف وصفي‪ :‬األنثروبولوجيا الثقافية مع دراسة ميدانية للجالية اللبنانية اإلسالمية بمدينة ديربون األمريكية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬بيروت‪ ،1971 ،‬ص‪.285.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسن الغامري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44 .‬‬
‫وما قد مييز املالحظة البسيطة عن املالحظة املشاركة هي تلك اجلدلية اليت‬
‫تق وم أص ال على ثنائي ة الدراس ة من اخلارج والدراس ة من ال داخل‪ ،‬لق د وص فت‬
‫املالحظ ة البس يطة بالدراس ة من اخلارج يف حني وص فت املالحظ ة املش اركة‬
‫بالدراسة من الداخل‪ " .‬فالباحث الذي يقوم بإجراء املالحظة من اخلارج ميكنه‬
‫فق ط أن يس أل أس ئلة بس يطة وس اذجة‪ ،‬ب ل ميكن ه أن يق ول أش ياء خاطئ ة تس يء‬
‫إليه‪ ،‬بينما الباحث الذي يستخدم املشاركة الواعية‪ ،‬فإنه يستطيع أن يتقابل مع‬
‫كل الناس الذين يشغلون مراكز خمتلفة داخل اجملتمع ويستطيع أن يالحظ كل‬
‫س لوك ويتع رف على مع اين الكلم ة خلف ه‪ ،‬دون أن تس تغرق املالحظ ة املش اركة‬
‫وتبع ده عن دوره كب احث‪ ،‬بينم ا ال ذين يس تخدمون املالحظ ة املش اركة‬
‫ويستغرقون كامال يف حياة اجملتمع ويتفاخرون أهنم قد تبنوا طريق حياة أعضاء‬
‫‪17‬‬
‫جمتمع البحث"‪.‬‬

‫ال ميكن االعتق اد أن تب ين الب احث األن ثروبولوجي واالجتم اعى املي داين‬
‫املالحظة املشاركة عملية سهلة وبسيطة ميكن القيام هبا يف مدة زمنية قصرية‪...‬‬
‫إن املالحظ ة املش اركة كس لوك حبثي عملي ة ص عبة ومعق دة وش اقة‪ ،‬تف رض على‬
‫الب احث ش روطا وإج راءات مادي ة ومعنوي ة وس لوكية ق د ال يق در أحيان ا على‬
‫حتمله ا والتكف ل هبا من حيث الط رح الثق ايف واملع ريف واالجتم اعي والنفس ي‬
‫واالقتصادي والعقائدي‪ ،‬فإن الباحث "يذهب إىل اجملتمع الذي يدرسه ليعيش فيه‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫ف رتة من ال زمن الكتس اب ثق ة األف راد ومجع املعلوم ات الالزم ة وال يب دأ الزي ارة‬
‫بالدراس ة وتوجي ه األس ئلة‪ ،‬وإمنا يتعلم أس لوب احلي اة اجلدي دة‪ ،‬فعلي ه أن يتكلم‬
‫لغتهم ويس تخدم يف تفك ريه نفس التص ورات أو املف اهيم الس ائدة ويش عر ب القيم‬
‫ال يت يعتنقوهنا ويعم ل معهم ويش اركهم طع امهم واحتف االهتم وارت داء‬
‫مالبس هم"‪ 18.‬ومن ه ذا املنطل ق‪ ،‬تف رض املالحظ ة املش اركة على الب احث من‬
‫حيث الط رح التق ين واإلج رائي خط وات ص ارمة‪ ،‬حيث يب دأ‪ ،‬أول م ا يب دأ ب ه‬
‫بطبيعة احلال‪ ،‬بعد اختيار موضوعه‪ ،‬حتديد امليدان والتعرف على األهايل وأصلهم‬
‫ونسبهم وتارخيهم وعاداهتم وتقاليدهم ومعتقداهتم مث االقرتاب منهم تدرجييا حىت‬
‫ينال رضاهم وثقتهم وقدرهتم على قبول اندماجه بينهم دون عنف أو استعمال‬
‫احليلة والكذب أو التسرع‪ .‬ولقد أكد الباحثون األنثروبولوجيون واالجتماعيون‬
‫يف مادة امليدان على ضرورة احرتام هذا السلوك االندماجي اهلادئ والتدرجيي‪.‬‬

‫تعت رب املالحظ ة املش اركة أوال وقب ل ك ل ش يء وعي ا معرفي ا وثقافي ا‬


‫واجتماعي ا وأخالقي ا‪ ،‬فهي وعي متعدد األبع اد فهي وعي الب احث بذات ه ومبهمته‬
‫العلمي ة اجتاه موض وع حملي‪ ،‬مث وعي ه ذا الب احث نفس ه باأله ايل املرش حني‬
‫الس تقباله وال راغب يف االن دماج معهم‪ ،‬مث وعي باحملي ط البي ئي والثق ايف‬
‫واالجتم اعي والعقائ دي الش امل ال ذي س وف يتح رك ع رب تضاريس ه املادي ة‬
‫واملعنوي ة‪ ...‬وق د يتحلى الب احث أثن اء تواج ده باملي دان احلذر واليقظ ة ألن‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عاطف وصفي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.285‬‬
‫املالحظة باملشاركة كما أشرنا سابقا ليست عملية سهلة وبسيطة‪ ،‬وليست أيضا‬
‫جول ة س ياحية ترفيهي ة رومانس ية وليس ت أيض ا جول ة اس تطالعية واستكش افية‬
‫لعناص ر عجائبي ة أو غرائبي ة‪ .‬إ ّن املالحظ ة املش اركة هي يف حقيق ة األم ر س فرية‬
‫يق وم هبا الب احث من عائلت ه اخلاص ة واألص لية حنو عائل ة أخ رى خمتلف ة وخمالف ة‬
‫لعائلته‪ ،‬حيث قد يندمج مع أفرادها ويف حميطها فهي سفرية مدروسة ومصممة‬
‫من حيث األهداف واملقاصد واخلطوات واألسس العلمية وكل ذلك وفق منطق‬
‫علمي واع ومسؤول وخاضع لقواعد ومناهج دقيقة ومضبوطة فالباحث امليداين‬
‫مرشح ضمنيا لالندماج والعيش بني األهايل املبحوثني ملدة من الزمن‪ ،‬ليس حبا‬
‫هلم وإمنا للضرورة العلمية املرجاة‪" ،‬فإن املالحظة املشاركة تعترب أداة أساسية وال‬
‫غ ىن عنه ا للكش ف عن األفع ال ال يت تكمن وراء أمناط الس لوك الظ اهرة واملع اين‬
‫والرموز اليت تعرب عن اإلدراكات املعرفية عند أعضاء اجملتمع"‪.‬‬

‫وعلى ه ذا األس اس أ ّك د األن ثروبولوجيون واالجتم اعيون املي دانيون على‬


‫أمهية املالحظة املشاركة وذلك ألهنا " تضفي على الدراسات طابعا خاصا مييزها‬
‫عن دراسات العلوم االجتماعية األخرى‪ ،‬وتضمن هذه الطريقة اشرتاك الباحث‬
‫يف حي اة الن اس ال ذين يق وم مبالحظتهم ومس امهته معهم يف أوج ه النش اط ال يت‬
‫يقومون هبا لفرتة من الزمن‪ ...‬وقد يشرتك الباحث يف حياة الناس أثناء ممارستهم‬
‫لنش اطات احلي اة اليومي ة‪ ،‬حيث ت تيح املش اركة فرص ة االن دماج يف الواق ع‬
‫االجتم اعي وفهم وجه ات النظ ر والقيم واملع اين ال يت تنط وي عليه ا التغ ريات‬
‫اللفظية وأمناط السلوك ويعتمد جناح املالحظة باملشاركة على القدرة على تكوين‬
‫‪19‬‬
‫عالقات الصداقة أو األلفة مع أعضاء جمتمع البحث‪".‬‬

‫ومن هن ا نفهم س ر بق اء ع دد من الب احثني يف من اطق أحباثهم وبني أه ايل‬


‫موضوع حبثهم حيث حتولت العالقات العلمية إىل عالقات إنسانية اجتماعية فقد‬
‫اس تقر ع دد من ه ؤالء الب احثني يف ه ذه املن اطق البعي دة عن م واطنهم األص لية‪،‬‬
‫ف البعض منهم ت زوج من نس اء ه ؤالء األه ايل وىف ه ذه املن اطق‪ ،‬والبعض منهم‬
‫باش ر نش اطا اجتماعي ا واقتص اديا إض افة إىل نش اطه العلمي كالفالح ة والتج ارة‬
‫والص يد والطب‪ ...‬لق د ك ان البحث املي داين وم ا هنج ه الب احثون من إج راءات‬
‫حبثي ة كاملالحظة املشاركة س ببا قويا يف اس تقراء ه ؤالء الب احثني ومل يقووا على‬
‫مغادرهتم‪...‬‬

‫المقابلـ ــة‪:‬‬

‫تع د املقابل ة من اإلج راءات املهم ة ال يت ق د يعتم دها الب احث يف مجع م ادة‬
‫حبثه وبالتايل فإن شأهنا شأن املالحظة واملالحظة املشاركة حيث يتجه الباحث‬
‫حنو أناس يقابلهم ويتحدث معهم حول موضوع حبثه وكل ما يتعلق به بطريقة‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسن الغامري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.120 .‬‬
‫مباش رة أو غ ري مباش رة وذل ك حس ب الظ روف واحلاالت النفس ية والثقافي ة‬
‫واالجتماعية للمبحوثني‪.‬‬

‫إ ّن املقابل ة " بوص فها وس يلة جلم ع البيان ات واملعلوم ات يعتم د فيه ا –‬
‫الباحث‪ -‬على احملادثة املوجهة مع اآلخرين من أفراد جمتمع البحث الذي يقوم‬
‫بدراس ته‪ ،‬وتعت رب املقابل ة مص درا مهم ا من مص ادر املعلوم ات باإلض افة إىل أمهي ة‬
‫اس تخدام املقابل ة م ع اإلخب اريني هبدف جتمي ع أك رب ق در من املعلوم ات وإلق اء‬
‫توص ل إليه ا الب احث من خالل عملي ة املالحظ ة‬
‫الض وء على بعض اجلوانب ال يت ّ‬
‫‪20‬‬
‫باملشاركة‪".‬‬

‫ولق د ع رف ع دد من الب احثني األنثروبولوج يني واالجتم اعيني والنفس يني‬


‫املقابلة كإجراء حبثي مهم ومفيد يف الدراسات امليدانية‪ ،‬وتكاد تلتقي التعريفات‬
‫من حيث مفه وم املقابل ة ووظيفته ا يف عملي ة مجع املادة مباش رة وش فهية من‬
‫املبحوثني‪.‬‬

‫ومن املفكرين العرب الذين أولوا عناية كبرية يف أحباثهم للمقابلة نذكر األستاذ‬
‫مص طفى س ويف يف دراس اته النفس ية حيث يعرفه ا ق ائال‪ " :‬املقابل ة هي جمموع ة‬
‫من األس ئلة أو من وح دات احلديث يوجه ا ط رف من ط رف آخ ر‪ ،‬يف موق ف‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬هالة منصور‪ :‬محاضرات في علم األنثروبولوجيا‪ ،‬الهيئة العامة لدار الكتب‪ ،1998 ،‬ص‪112.‬‬
‫مواجهة‪ ،‬حسب خطة معينة للحصول على معلومات عن سلوك الطرف اآلخر‬
‫‪21‬‬
‫أو مسات شخصية أو للتأثري يف هذا السلوك‪".‬‬

‫كما يعرفها الباحث االجتماعي األستاذ عبد الباسط حسن حيث يقول‪" :‬‬
‫املقابلة هي تبادل لفظي يف موقف مقابلة بني الباحث واملبحوث‪ ،‬ويرتبط بذلك‬
‫اللفظي تغريات الوجه‪ ،‬والعيون واهليئة واإلمياءات والسلوك العام‪ ،‬وهي مواجهة‬
‫بني الباحث واملبحوث هتدف إىل غرض واضح وحمدد‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬فهي ختتلف عن‬
‫احلوار الع ادي‪ ،‬أو احلديث بني ط رفني أو أك ثر وال ذي ق د ال يه دف إىل حتقي ق‬
‫‪22‬‬
‫هدف معني‪".‬‬

‫متيّز هذه التعريفات املقابلة كإجراء حبثي عن احملادثة العادية وملنهجية يكون‬
‫قد حددها مسبقا الباحث من أجل إجناح حبثه وحتقيق أهدافه‪.‬‬

‫ومن هذا املنطل ق‪ ،‬ال ميكن االعتق اد أن املقابلة أثن اء البحث امليداين عملية‬
‫عادية وسهلة وبسيطة قد يقوم هبا الباحث دون عناء أو جهد أو حىت صعوبات‬
‫وعراقي ل واخفاق ات‪ ،‬ولع ّل أهم الص عوبات املقابل ة ق د تتمث ل يف ع دد من‬
‫اإلجراءات واملواقف اليت تفرض على الباحث أن يأخذها بعني االعتبار وحيسب‬
‫هلا حسابات معرفية ونفسية واجتماعية وثقافية‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬مصطفى سويف‪ ،‬مقدمة لعلم النفس االجتماعي‪ ،‬مكتبة األنجلو‪ -‬القاهرة‪ ،1970 ،‬ص ‪.379‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬عبد الباسط حسن‪ :‬أصول البحث االجتماعي‪ ،‬مطبعة لجنة البيان العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1966 ،‬ص‪.449 .‬‬
‫‪ -‬ض رورة اختي ار األش خاص املمكن مق ابلتهم والتح اور معهم وحمادثتهم حمادث ة‬
‫علمية وألهداف علمية‪ ،‬أي ال بد وأن يتم اختيار املبحوثني الذين تتوفر فيهم‬
‫الثقة والصدق واملعرفة الواسعة بشؤون املنطقة واألهايل‪.‬‬
‫‪ -‬ض رورة اختي ار األس ئلة اهلادف ة واملفي دة واملثم رة والواض حة وال يت ال حترج‬
‫املبح وث‪ ،‬ه ذا من جه ة ومن جه ة أخ رى‪ ،‬ال ب د وأن تك ون األس ئلة ذات‬
‫الص لة الوطي دة مبوض وع البحث‪ ،‬وهن ا تظه ر " ق درة الب احث على أن حيدث‬
‫املبحوث ويثري اهتمامه متدرجا باألسئلة‪ ،‬من السؤال البسيط إىل املركب حىت‬
‫ي درك املبح وث بقف زات مفاجئ ة إىل موض وعات أخ رى‪ ،‬وال ش ك أ ّن ط رح‬
‫بعض األسئلة احملرجة أو احلساسة تربك املقابلة متاما وتؤثر سلبا على سريها‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫فال بد أن يكون لدى الباحث القدرة واللباقة يف طرح مثل هذه األسئلة‪".‬‬
‫‪ -‬ضرورة اختيار وقت املقابلة‪ ،‬أي الوقت الذي يناسب خاصة املبحوث ويكون‬
‫ح را‪ ،‬ومتفرغ ا للمقابل ة وللمحادث ة بعي دا عن العم ل أو عن أي انش غال آخ ر‬
‫وال ذي يتحكم يف حض وره للمقابل ة أو أ ّن زمن املقابل ة ق د يزعج ه ومينع ه من‬
‫أداء بعض الواجبات أو بعض األعمال اخلاصة به‪...‬‬
‫‪ -‬ض رورة اختي ار مك ان املقابل ة‪ ،‬بعي دا عن أنظ ار الن اس ال ذين ق د يزعج ون‬
‫بضجتهم أو أ ّن املبحوث نفسه قد يتضايق من حضورهم ويكون يف‬ ‫املبحوث ّ‬
‫وض عية حرج ة وال يفص ح عن مكبوتات ه أو يري د أن يكتم بعض أفك اره خوف ا‬
‫من احلضور أو حياء منهم‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬د‪.‬وسام العثمان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123 .‬‬
‫‪ -‬ضرورة احرتام احلالة النفسية للمبحوثني وعدم إجبارهم على املقابلة حيث "‬
‫ق د حيدث يف كث ري من األحي ان أن تقط ع املقابل ة ألس باب وظ روف طارئ ة‪...‬‬
‫كعدم رغبة املبحوث يف استكمال املقابلة بسبب نفوره من املوضوع أو ملله‬
‫‪24‬‬
‫من تعدد املقابالت أو غري ذلك من األسباب‪".‬‬
‫إضافة إىل سبق ذكره‪ ،‬فقد " تقتضي املقابلة أن يكون الباحث على درجة‬
‫عالي ة من الرباع ة يف إج راء احلوار‪ ،‬لكي يتمكن من أن يفتح مغ اليق ال راوي‪ ،‬أو‬
‫جيعله يقول كل ما لديه عن طيب خاطر إن مل يكن باستمتاع‪ ،‬فاملقابلة ليست‬
‫جمرد حمادث ة‪ ،‬ولكنه ا عب ارة عن ح وار مليء ب احلرارة والتب ادل الشخص ي بني‬
‫‪25‬‬
‫الطرفني‪".‬‬

‫ولق د اهتم الب احثون املي دانيون باملقابل ة ك إجراء حبثي وح اولوا التقعي د هلا‬
‫وحتديد األطر املعرفية والتقنية اليت قد تضمن سالمة استخدامها واستثمار نتائجها‬
‫يف تطوير البحث امليداين‪ ،‬وقد توصل الدارسون املهتمون باملقابلة إىل تصنيفها يف‬
‫ثالثة تصنيفات وهي املقابلة احلرة‪ ،‬واملقابلة املقننة واملقابلة املتمركزة‪.‬‬

‫‪ -1‬املقابلة احلرة‪ :‬هي مقابل ة ال تقيّ د املبحوث باإلجابة عن أس ئلة حمددة‪ ،‬كما‬
‫أهنا ال تقي د املبح وث باالختي ار بني إجاب ات حمددة ملا يط رح علي ه من أس ئلة أو‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.124.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬نفسه‪ ،‬ص‪.123 .‬‬
‫تس اؤالت‪ ،‬ب ل ي رتك ل ه التعب ري عن ك ل م ا خياجله من أفك ار ودواف ع واجتاه ات‬
‫‪26‬‬
‫ومشاعر ومعتقدات‪".‬‬

‫‪ -2‬املقابلة املقننة‪ :‬إ ّن األسئلة اليت تلقى على املبحوث يف املقابلة املقننة تتحدد‬
‫بعينه ا ول ذات ال رتتيب ب ل وتلقى األس ئلة على املبح وث ب ذات الطريف ة ال يت‬
‫يت درب عليه ا الب احثون‪ ،‬ورغم أن مث ل ه ذا الن وع من املقابل ة ميكن أن يتض من‬
‫ن وعي األس ئلة املفتوح ة واملقفول ة‪ ،‬إال أن املس تخدم يف البح وث السوس يولوجية‬
‫على التحديد غالبا ما يكون من نوع األس ئلة املقفولة اليت خيتار فيها املبحوث‬
‫‪1‬‬
‫إجابته من بني إجابات حمددة مدرجة أمامه‪.‬‬

‫‪ -3‬املقابلة املتمركزة‪ :‬هي املقابلة املكثفة واليت تعترب املدخل األكثر شيوعا جلمع‬
‫البيان ات‪ ،‬وأهنا املدخل ال ذي ميكنن ا بالفع ل من فهم الكيفي ة ال يت ينظ ر إليه ا‬
‫‪2‬‬
‫املبحوثون إىل واقعهم وحياهتم‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر ونوع املقابلة‪ ،‬فعلى الباحث أال يقف عند حدود مقابلة‬
‫شخص واحد أو عيّنة صغرية وحمدودة من املبحوثني‪ ،‬فال ب ّد وأن يوسع من جمال‬
‫ودائ رة مبحوثي ه وبن وع ويك ثر من املق ابالت‪ " ...‬فتع دد واختالف املبح وثني‬
‫ومق ابالهتم ح ول املوض وع الواح د ق د يكش ف عن االختالف ات أو عن األفك ار‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد اهلل عبد الغني غانم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116 .‬‬
‫‪11‬‬
‫– مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪22‬‬
‫– مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.117 -116‬‬
‫اخلاطئ ة واملزيف ة ال يت ق د تك ون من وحي وإب داع مبح وث أثن اء احملادث ة‪ ...‬فعن‬
‫طري ق املقابل ة يق وم الب احث مبراجع ة املادة املس توحاة من املالحظ ة فض ال عن‬
‫احلص ول على معلوم ات حمددة عن ج وانب معين ة من الس لوك‪ ،‬كم ا ميكن‬
‫اس تخدامها يف حث اإلخب اريني وتش جيعهم على أن يتح دثوا أو أن يتغلب وا على‬
‫أحج امهم يف مناقش ة نق اط معين ة من خالل ط رح بعض األس ئلة املفتوح ة أو‬
‫‪1‬‬
‫املقننة‪".‬‬

‫ونش ري أن الب احث بإمكان ه االس تعانة بآل ة التس جيل الص ويت أثن اء إج راء‬
‫مقابالت ه ش ريطة أن ال ت زعج ه ذه اآلل ة املبح وثني ال ذين ق د يرفض ون تس جيل‬
‫ح ديثهم وذل ك لع دة اعتب ارات عرفي ة حملي ة أو نفس ية أو اجتماعي ة‪ ،‬فالب احث‬
‫مط الب بع دم التحاي ل م ع مبحوثي ه وذل ك ح ىت ين ال رض اهم وثقتم ف إذا ك انوا‬
‫يرفضون آلة التسجيل الصويت‪ ،‬فال ب ّد وأن حيرتم موقفهم وال يسجل خلسة‪...‬‬
‫أما إذا مل يرفضوا ووافقوا ورحبوا بالتسجيل فسوف يقدمون للباحث خدمات‬
‫جليلة حيث يستثمر املقابلة استثمارا شامال‪ .‬يسمع ويعيد السماع وهو جالس‬
‫يف مكتبة هذه املادة الغزيرة اليت يصعب عليه تدوينها وكتابتها أثناء املقابلة كما‬
‫يص عب علي ه ت ذكرها بع د أن يع ود إىل مكتبت ه‪...‬فآل ة التس جيل الص ويت وح ىت‬
‫الفوت وغرايف ترتك ه يعيش املقابل ة وكأهنا حيّ ة جتري يف وقته ا‪ ،‬وال تض يع من ه أي‬
‫شاردة أو واردة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬وسام العثمان‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪_7‬الدرس السابع‪:‬‬

‫المعرفة اللغوية‪:‬‬

‫ال ميكن احلديث عن ال نزول املي داين وتب ين أس لوب املالحظ ة أو املالحظ ة‬
‫املش اركة أو املقابل ة دون اإلش ارة إىل املعرف ة اللغوي ة أي معرف ة لغ ة األه ايل‬
‫املبحوثني‪ ،‬وقد أثار هذه النقطة عدد من الباحثني األنثروبولوجيني واالجتماعيني‬
‫والذين اعتربوا املعرفة اللغوية شرطا أساسيا لكل باحث ينوي النزول إىل امليدان‪.‬‬

‫لقد تسبب جهل لغة األهايل من قبل الباحث إىل عدد من املشاكل أساءت‬
‫إىل الب احث وإىل موض وعه حيث وج د نفس ه مض طرا لطلب خدم ة ومس اعدة‬
‫م رتمجني أو دلي ل ال ذي ه و يف أغلب احلاالت من س كان املنطق ة وعض و من‬
‫األهايل املبحوثني‪ ،‬غري أن هذا اإلجراء قد ال يؤدي دائما دوره العلمي كم ا جيب‬
‫أن يكون فاملرتجم قد يعجز عن نقل كل احلقائق الثقافية واالجتماعية والنفسية‬
‫والعقائدية للمبحوثني نقال صادقا وأمينا‪ ،‬فكثريا ما يلجأ إىل احلذف أو التغيري أو‬
‫اإلض افات من إبداع ه اخلاص والشخص ي‪ ،‬فيب دع م ادة ليس ت هلا أي عالق ة‬
‫ب املبحوثني وينس بها إليهم‪ ...‬فيتبناه ا الب احث وي دوهنا ويعتم دها يف دراس ته‪...‬‬
‫وهذا أمر مرفوض‪ ،‬خاطئ وخطري‪.‬‬
‫ومن ه ذا املنطل ق أحلّ وأ ّك د األن ثروبولوجيون و االجتم اعيون املي دانيون‬
‫على ض رورة تعلم الب احث لغ ة األه ايل ألهنا هي الوحي دة ال يت تلهم ه تأش رية‬
‫االندماج الص ادق والط بيعي بني األهايل ومتكن ه من مجع مادت ه مباش رة من أف واه‬
‫ومصادر أصحاهبا دون وسيط‪.‬‬

‫إ ّن تعلم الباحث لغة األهايل يضمن له مبدأين أساسني‪:‬‬

‫‪ -1‬مب دأ ان دماج بص ورة طبيعي ة وهادئ ة ض من اجلماع ة حيث يتم االتص ال‬
‫والتواصل واحملادثة دون وسيط‪.‬‬
‫‪ -2‬مب دأ مجع املادة وتس جيلها بطريق ة آمن ة وس ليمة دون أن متر ع رب قن اة‬
‫املرتجم الذي قد يشوهها أو يسيء إليها باحلذف أو الزيادة‪.‬‬
‫وبناءا على ما سبق‪" ،‬وحىت يقوم الباحث مبهمته وفقا للشروط العلمية‪ ،‬عليه‬
‫بالض رورة أن يتعلم اللغ ة احمللي ة‪ ،‬فليس هن اك من أن اس ج دير هبذا االس م إال‬
‫ويدرس لغة القوم قبل أي شيء آخر‪ ،‬وحىت يتمكن من االستغناء عن املرتمجني‪،‬‬
‫إن بعض األف راد ال يستس هلون تعلم اللغ ات األجنبي ة ال يت ق د تك ون واحلق يقال‬
‫على ج انب كب ري من الص عوبة‪ ،‬لكن من اجلوهري التوص ل إىل ممارس ة اللغ ة م ا‬
‫أمكن وذل ك للتمكن أوال من التواص ل م ع األه ايل‪ ،‬فض ال عن أس باب عدي دة‬
‫أخ رى‪ ،‬ولفهم فك ر ش عب من الش عوب‪ ،...‬إن تعلم اللغ ة ه و تعلم للثقاف ة‬
‫‪27‬‬
‫وللسستام اجملتمعي اللذين يفهمان من خالل فهامه اللغة‪".‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬ايفنز برتشارد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.94.‬‬
‫ومل خيتل ف األن ثروبولوجيون واالجتم اعيون ح ول مس ألة تعلم الب احث‬
‫امليداين للغة األهايل وذلك لقيمة هذه اللغة‪.‬اليت قد تقرب الباحث أكثر فأكثر من‬
‫موض وعه وق د ع دى ه ؤالء الب احثون املي دانيون مس ألة تعلم لغ ة األه ايل نقط ة‬
‫أساسية بل اعتربها البعض أهنا ال بد وأن تكون أوىل اهتمامات الباحث امليداين‪،‬‬
‫فال بد وأن يفكر فيها قبل ومع اختيار املوضوع واختيار امليدان ومن مثة فال بد‬
‫على الب احث االجتم اعي أن يك ون حرص ه ش ديدا يف املس ألة للغوي ة حيث "‬
‫حيرص‪...‬قب ل دخول ه مي دان البحث أن يتعلم لغ ة جمتم ع البحث أو اللهج ة ال يت‬
‫يتح دث هبا س كان اجملتم ع‪ ...‬وغالب ا ال يس تطيع الب احث أن يتع رف على ه ذه‬
‫اللهج ات وه و خ ارج جمتم ع البحث لع دم تس جيل اللغ ات أو هلج ات ه ذه‬
‫اجملتمعات‪ ،‬أو حىت توافر تسهيالت ميكن أن تساعد الباحث على تعلم لغة جمتمع‬
‫البحث‪ ،‬ويف كل احلاالت يقوم الباحث على تعلم اللغة أو اللهجة شفاهية أثناء‬
‫معايش ته ألعض اء جمتم ع البحث وعموم ا يعت رب تعلم لغ ة جمتم ع البحث ض رورية‬
‫ألهنا تس اعد الب احث على فهم ج وانب كث رية من ثقاف ة اجملتم ع‪ ،‬باإلض افة إىل‬
‫‪28‬‬
‫تكوين عالقات شخصية مع أعضاء اجملتمع‪".‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد حسن الغامري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.40 -39 .‬‬
‫‪_8‬الدرس الثامن‪:‬‬

‫الدليل اإلخباري‪:‬‬

‫ق د جيد الباحث املي داين نفس ه مض طرا لطلب املساعدة من ش خص يكون‬


‫على دراي ة باملنطق ة وعلى معرف ة باأله ايل املبح وثني‪ ،‬غ ري أن العث ور على ه ذا‬
‫الشخص والذي اصطلح على تسميته بالدليل أو اإلخباري ليست عملية سهلة‬
‫وبس يطة ومن مث فعلى الب احث االجته اد يف اختي ار ه ذا الش خص وال ذي ال ب د‬
‫وأن تتوفر فيه جمموعة من الشروط‪:‬‬

‫‪ -‬املعرفة العامة مبوضوع البحث‪.‬‬


‫‪ -‬الصدق واألمانة يف نقل األخبار واملعلومات للباحث‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون حمبوبا وحمرتما من قبل األهايل‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون دائما حتت تصرف وسلطة الباحث‪.‬‬
‫وقد أ ّكد االجتماعيون امليدانيون على الدقة والوعي يف اختيار الدليل وذلك وفق‬
‫شروط علمية وثقافية وأخالقية‪.‬‬

‫وق د ال حيس الب احث بقيم ة وب دور ال دليل اإلخب اري إال عن د ح دوث بعض‬
‫الصدمات أو ردود أفعال سلبية من قبل األهايل وبالتايل يبقى هذا الباحث عاجزا‬
‫ويتمىن أن يكون له ومعه وسيط يساعده على تعدي هذه العراقيل‪ ،‬أو حيصل له‬
‫أن جيد نفس ه ع اجزا عن فهم بعض القض ايا الغامض ة ال يت حتت دلي ل أن ميت از‬
‫مبعرفة حملية قوية وصحيحة‪ ،‬كما أ ّن أحيانا " قد ال يظهر أعضاء جمتمع البحث‬
‫تعاون ا مع ه (أي م ع الب احث) ب ل أحيان ا يرفض ون لالس تجابة ل ه‪ ،‬وعندئ ذ يق وم‬
‫ويكون معهم عالقات صداقة‪ ...‬وعن طريقهم‬
‫الباحث باختيار بعض األشخاص ّ‬
‫يستطيع أن يقنع الناس بالتعامل معه‪ 29".‬وال ميكن اعتبار أن عملية اختيار الدليل‬
‫أو اإلخب اري أو املرش د عملي ة س هلة ق د حيص ل عليه ا الب احث من ذ أول خط وة‬
‫خيطوها يف منطقة البحث‪ ،‬قد خيتار الباحث الدليل األول والثاين والثالث‪ ،‬وقد‬
‫يفش ل يف االختي ار حيث يكش ف خالل عملي ة البحث أن دليل ه غ ري كفء أو‬
‫كاذب أو ال يتمتع مبكانة حمرتمة بني األهايل أو أنه انتهازي ال هم له إال احلصول‬
‫على األموال واملكافآت من الباحث مقابل ما يقدمه له من خدمات وما ميده من‬
‫معلومات‪.‬‬

‫إن ع دم حس ن اختي ار ال دليل الص احل واملفي د ق د يس يء إىل الب احث وإىل‬
‫البحث وح ىت إىل األه ايل املبح وثني‪ ،‬ومن ه ذا املنطل ق‪ ،‬إ ّن " عملي ة اختي ار‬
‫املرش دين تعت رب من املش كالت اهلام ة ال يت ق د يص ادفها الب احث يف األي ام األوىل‬
‫للدراس ة‪ ،‬فعلى الب احث أن ي درك أن ليس كل فرد من أف راد اجملتمع يص لح بأن‬

‫‪29‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫يك ون مرش دا أو إخباري ا للبحث‪ ،‬كم ا أن ليس باس تطاعة ك ل ف رد من أف راد‬
‫‪30‬‬
‫اجملتمع أن حيمل يف ذهنه كل تراث القرية وعناصر ثقافتها كاملة‪".‬‬

‫‪_9‬الدرس التاسع‪:‬‬

‫استعمال وسائل التسجيل والتصوير‪:‬‬

‫لقد عرف يف السنوات األخرية البحث امليداين تطورا كبريا وذلك الستعانة‬
‫الباحث االجتماعى أثناء تواجده يف امليدان بالوسائل السمعية البصرية املتطورة‬
‫اليت مسحت له تسجيل كل شاردة وواردة وكل ما عجز أو غاب عن تسجيله‬
‫الكت ايب أو عج زت ذاكرت ه اس تيعابه وت ذكره‪ .‬لق د ب دأ يس تعمل وس ائل متع ددة‬
‫وجد متطورة يف التسجيل الصويت إذا كان املوضوع أساسا صوتيا أو التسجيل‬
‫الفوتوغرايف إذا اقتضى األمر الستعمال الصور وتصوير بعض األحداث أو بعض‬
‫السلوكات سواء صورة جامدة أو تسجيل األحداث واملمارسات يف وقتها اآلين‬
‫يف صورة فيلم يعود إىل مشاهدته ورؤية األحداث من جديد وهي تتحرك وقتما‬
‫شاء وأينما شاء‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬وسام العثمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.115 .‬‬
‫لقد قدمت هذه الوسائل السمعية البصرية خدمات جليلة للباحث امليداين‬
‫وأمدته بطاقات موضوعاتية غزيرة كما ساعدته يف تسيري وقت البحث واقتصاد‬
‫طاقاته اليت مل يعد يستثمرها يف العودة إىل امليدان يف مناسبات خمتلفة لرؤية نفس‬
‫احلدث أو املش هد‪ ،‬فيكفي ه إع ادة مساع التس جيل الص ويت أو إع ادة مش اهدة‬
‫التسجيل الفوتوغرايف أو الفيلم ليعيش ميدانه دوما وأبدا قريبا منه وحيا يتحرك‬
‫أمامه‪.‬‬

‫" لقد مكنت وسائل التسجيل والتصوير الباحث من أن يسجل بدقة كل‬
‫الكلم ات‪ ،‬ون ربات الص وت بنفس الطريق ة ال يت يتلفظه ا ويتكلم هبا الش خص‬
‫املبح وث‪ ،‬كم ا أن ه ميكن االحتف اظ هبا أط ول م دة ممكن ة‪ ،‬الس رتجاعها وحتليله ا‬
‫وقتما يشاء الباحث‪ ،‬ومن املالحظ أن تسجيل يف املواقف االجتماعية اليت حتدث‬
‫وتنشأ بني أفراد اجلماعة أمر يف غاية األمهية‪ ،‬وذلك لصعوبة التدوين واالحتفاظ‬
‫بكل ما ذكره كل فرد يف هذا املوقف‪ 31".‬غري أن استعمال آلة التسجيل الصويت‬
‫أو الفوت وغرايف ليس ت عملي ة س هلة تقني ا وثقافي ا وعرفي ا اجتماعي ا‪ ،‬فال ب د أوال‬
‫وقبل كل شيء أن يكون الباحث نفسه على دراية وعلى معرفة تقنية الستعمال‬
‫ه ذه اآلالت اس تعماال حس نا وق ادرا على التحكم فيه ا وإص الحها إذا أص اهبا‬
‫عطب أو خلل والذي قد يفوت عليه فرصة تسجيل أو تصوير حدث أو سلوك‬
‫مهم‪ ،‬ه ذا من جه ة‪ ،‬ومن جه ة أخ رى‪ ،‬ال ب د وأن ميت از الب احث حبدس وحس‬

‫‪31‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.126 .‬‬
‫مع رفني يؤهالن ه إىل اس تعمال ه ذه الوس ائل يف ال وقت املناس ب ويف املك ان‬
‫املناسب دون اإلساءة إىل املبحوثني ودون إحراجهم بتسجيل أصوات وصور يف‬
‫مواقف ال يرغبون يف تسجيلها أو تصويرها‪ ...‬فال بد وأن يأخذ الباحث يف مثل‬
‫هذه احلاالت ويف مثل هذه املواقف‪ ،‬بعني االعتبار اجلانب األخالقي والعرىف‬

‫ويف خامتة ح ديثنا عن قيم ة ودور الوس ائل الس معية والبص رية يف البحث‬
‫األن ثروبولوجي املي داين‪ ،‬ن ذكر قص ة الب احث األن ثروبولوجي الش هري الس يد "‬
‫مالينوفسكي" الذي يروي لنا قصة آلة تصوير أهداها له أستاذه سجلمان ملا كان‬
‫حيض ر أمتعت ه وأدوات ه للقي ام برحلت ه العلمي ة الش هرية ملنطق ة الرتوبريان د‪ ،‬أين أجنز‬
‫ّ‬
‫حبث ا قيم ا ع ّده األن ثروبولوجيون من أهم مص ادر البحث األن ثروبولوجي‪ ،‬لق د‬
‫جاءت هذه الدراسة غنية باملعلومات النظرية والتطبيقية ومدعمة بعدد كبري من‬
‫الص ور الفوتوغرافي ة ح ول املنطق ة واأله ايل واألش ياء والس لوكات ال يت ص ادفها‬
‫أثناء تواجده مبيدان البحث‪.‬‬

‫ومن األشياء الطريفة اليت يذكرها يف مقدمة دراسته حول آلة التصوير اليت‬
‫تأس ف كث ريا لع دم قدرت ه على اس تخدامها اس تخداما حس نا وع دم متكن ه من‬
‫إصالح ما أصاهبا من خلل‪ ،‬األمر الذي فوت عليه فرصا كثرية تستحق التصوير‬
‫والتخليد ومل يستطع إىل ذلك سبيال‪.‬‬
‫لق د ك انت آلل ة التص وير أمهي ة كب رية يف تط وير وحتديث وحتس ني البحث‬
‫امليداين حيث م ّكنت الباحث من تدعيم مالحظاته وأفكاره بالصور‪ ،‬كما م ّكنت‬
‫الباحث أيضا من نقل جزء من ميدانه ومبحوثيه إىل املكتب ليتمتع ويتأمل وقد‬
‫يكتش ف أش ياء مل ينتب ه إليه ا أثن اء املقابل ة واحملادث ة يف املي دان م ع مبحوثي ه‪...‬‬
‫فالص ورة تلهم ه م ادة إض افية مهم ة أو خمتفي ة مل ي دركها وقت وج وده يف‬
‫امليدان‪...‬‬

‫الفع ال ال ذي تق وم ب ه آل ة‬
‫ونظ را لقيم ة الص ورة يف البحث املي داين ولل دور ّ‬
‫التص وير يف مجع املادة‪ ،‬ح اول األن ثروبولوجيون التق نني والتقعي د الس تعمال آل ة‬
‫التص وير اس تعماال حس نا من حيث الط رح التق ين واملع ريف واألخالقي‪ ،‬وج اء‬
‫تقعيدهم هذا عبارة عن نصائح وتوجيهات تفيد الباحثني األنثروبولوجيني الذين‬
‫اختاروا امليدان حقال الستثماراهتم البحثية‪ ،‬ومما ذكره األنثروبولوجيون يف مادة‬
‫استعمال آلة التصوير ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تأكيد من سالمة آلة التصوير وتوفري كل اللوازم والقطع التقنية الضرورية‪.‬‬


‫‪ -‬قدرة الباحث ومعرفته الستعمال آلة التصوير استعماال حسنا‪.‬‬
‫‪ -‬تأكد من عدم إحراج األهايل موضوع الصورة والتصوير‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة استثمار الصورة والتصوير استثمارا علميا وأخالقيا‪.‬‬
‫‪ -‬االبتع اد عن تص وير املن اظر واملواق ف ال يت ق د تس يء إىل أخالق وع رف‬
‫األهايل‪.‬‬
‫‪ -‬عدم استعمال الصورة ألغراض غري علمية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم املتاجرة بصورة األهايل‪.‬‬
‫لق د أدرك ع دد من األنثروبولوج يني قيم ة الص ورة يف ت دعيم البحث‬
‫األنثروبولوجي امليداين‪ ،‬فاستفادوا كثريا من آلة التصوير ومن الصورة اليت زادت‬
‫يف قيم ة أحباثهم ودراس اهتم وال يت أص بحت مص ادر أساس ية يف البحث‬
‫األن ثروبولوجي املدعم بالص ورة‪ ،‬ون ذكر يف ه ذا الص دد بعض من ه ذه‬
‫الدراسات‪:‬‬

‫مرج ريت مي دوج باتس يون‪ :‬الشخص ية الباليزي ة – حتلي ل فوت وجرايف‪-‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.1942‬‬
‫مرج ريت مي دوماك جرجيور‪ :‬النم و الثقاف ة – دراس ة فوتوغرافي ة للطفول ة‬ ‫‪-2‬‬
‫الباليزية‪.1951 -‬‬
‫ج ون كوليي ه‪ :‬األنثروبولوجي ة البص رية – الفوتوغرافي ا كطريق ة حبث‪-‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪.1967‬‬
‫ب ول ب ايرز‪ :‬التص ور الفوت وغرايف ودوره يف تس جيل وحتلي ل البيان ات‬ ‫‪-4‬‬
‫السلوكية‪.1964-‬‬
‫د أم دت التط ورات التكنولوجي ة احلديث ة الب احثني األنثروبولوج يني‬ ‫لق‬
‫واالجتماعيني امليدانيني بوسائل ساعدهتم على استكمال وتدعيم وإثراء دراستهم‬
‫بالعديد من الصور واألفالم واألشرطة املسجلة وغري ذلك من الوسائل السمعية‬
‫والبص رية مما يعطيهم الفرص ة إلظه ار م دى ث راء املادة احلقلي ة‪ ،‬وال ش ك أن‬
‫الص ورة الفوتوغرافي ة تس اعد على توض يح احلرك ات واإلمياءات والتغي ريات‬
‫الوجيه ة كم ا ميكن مقارنته ا بص ور أخ رى يف أم اكن خمتلف ة أو يف نفس املك ان‬
‫‪32‬‬
‫بعد فرتة طويلة من الزمن‪.‬‬

‫‪_10‬الدرس العاشر‪:‬‬

‫أخالقيات البحث الميداني‪:‬‬

‫ال جيب االعتق اد أن ال نزول إىل املي دان هي قض ية علمي ة فق ط‪ ،‬وال جيب‬
‫االعتق اد أيض ا أن الرص يد النظ ري العلمي يكفي الب احث املرش ح لل نزول إىل‬
‫املي دان ويض من ل ه النج اح والع ودة باملادة وبالنتيج ة الس عيدة‪ .‬إ ّن ال نزول إىل‬
‫امليدان مرهون بشروط أخرى باإلضافة إىل الشروط العلمية واإلجراءات التقنية‪،‬‬
‫وأوىل ه ذه الش روط وأمهه ا يبقى ب دون من ازح الش رط الث ابت وه و الش رط‬
‫األخالقي‪ ...‬وق د أ ّك د األن ثروبولوجيون و االجتم اعيون احملرتفون ذوو التجرب ة‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬فتيحة محمد إبراهيم ومصطفى حمدي الشنواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181 .‬‬
‫امليداني ة الطويل ة على ض رورة حتلي الب احث ب األخالق وبالس لوك احلمي دة أثن اء‬
‫تواج ده يف املي دان وبع د إهناء البحث واس تثمار النت ائج‪ ،‬ال ب د وأن خيض ع ه ذا‬
‫االستشمار إىل مبادئ أخالقية أوال وقبل كل شيء‪.‬‬

‫ونظ را لقيم ة األخالق يف املمارس ات البحثي ة األنثروبولوجي ة‪ ،‬ف ّك رت‬


‫اجلمعي ة األنثروبولوجي ة األمريكي ة إىل س ن ميث اق أخالقي للبحث املي داين س نة‬
‫‪ ،1971‬ومت تنقيح ه س نة ‪ ،1998‬نظ را للمس تجدات العلمي ة والثقافي ة‬
‫واالجتماعية والسياسية واجلغرافية اليت عرفها العامل‪.‬‬

‫وقد تسابق األنثروبولوجيون على نشر وإشاعة مواد هذا امليثاق األخالقي‬
‫ع رب ع دد من ص فحات اجملالت املختص ة ويف مق دمات كتب من اهج البحث‬
‫األن ثروبولوجي كم ا دع وا إىل تدريس ها لك ل طلب ة العل وم االجتماعي ة عام ة‬
‫واألنثروبولوجية على وجه اخلصوص‪.‬‬

‫وج اء تأكي د األنثروبولوج يني على ض رورة تب ين ه ذا امليث اق األخالقي‬


‫وذل ك ص يانة للبحث األن ثروبولوجي‪ ،‬وللب احث األن ثروبولوجي‪ ،‬وأله ايل‬
‫املوض وع األن ثروبولوجي‪ ،‬ه ذا من جه ة ومن جه ة أخ رى أراد ه ؤالء‬
‫األن ثروبولوجيون بك ل وعي ومس ؤولية ص يانة األنثروبولوجي ا وتص حيح م ا أحلق‬
‫هبا من نع وت يف ال زمن املاض ي‪ ،‬زمن املرحل ة االس تعمارية ال يت اس تغلت‬
‫األنثروبولوجي ا واألن ثروبولوجي نت ائج أحباث ه اس تغالال اس تعماريا مض را باأله ايل‬
‫وبثق افتهم ومبن اطقهم‪" .‬وق د ح دث ذل ك بالتأكي د يف تل ك الف رتة االس تعمارية‬
‫عن دما ك انت املعلوم ات االثنوجغرافي ة تس تعمل من ج انب املس تعمر إلحك ام‬
‫‪33‬‬
‫سيطرته على اجملتمعات اخلاضعة لالستعمار‪"...‬‬

‫ولعل ما مييز هذا امليثاق الذي أسسه عدد من األنثروبولوجيني املنضويني‬


‫حتت لواء اجلمعية األنثروبولوجية األمريكية أن مواده جاءت يف قالب نصائحي‬
‫أخالقي تؤكد على جمموعة من القيم والسلوكات وأمهها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬عدم إجراء حبث إذا أحس الباحث أو نبهه األهايل بأن هذا البحث سوف‬
‫يكون سببا يف اإلضرار هبم‪ ،‬أو اإلساءة إىل كرامتهم‪.‬‬
‫‪ -‬ال تزام الس رية املطلق ة إزاء بعض الس لوكات ال يت تب دو غ ري عادي ة عن د‬
‫األه ايل‪ ،‬وع دم الب وح هبا وإش اعتها م ع ض رورة اح رتام رغب ات املبح وثني‬
‫وكذا احرتام حرياهتم‪.‬‬
‫‪ -‬ع دم تزيي ف نت ائج البحث‪ ،‬ونق ل املادة نقال أمين ا وص ادقا دون إب داع‬
‫سلوكات وأشياء ونسبتها إىل األهايل‪.‬‬
‫‪ -‬ع دم املت اجرة مبظ اهر ثقاف ة األه ايل أو اس تثمار تس جيالهتم وص ورهم‬
‫استثمارا ال علميا‪.‬‬
‫‪ -‬حتلي الباحث باحلكمة وبروح املسؤولية كباحث وكإنسان مع األهايل‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تردد الباحث يف مساعدة األهايل‪ ،‬ويف جعل من حبثه يف حالته النهائية‬
‫كوسيلة لبعث تنمية حملية مفيدة للمنطقة ولألهايل‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬عبد اهلل عبد الغني غانم‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20 .‬‬
‫‪ " -‬على الب احث احلقلي األن ثروبولوجي أن حيمي مص احل اجملتم ع املض يف‬
‫وأعض اء ه ذا اجملتم ع‪ ،‬وعلي ه أن خيربهم مبا يق وم ب ه‪ ،‬وأن حيمي‬
‫خصوص ياهتم‪ ،‬وأالّ يستغل م ا يتوص ل إليه من نت ائج وأال يس يء اس تخدام‬
‫‪34‬‬
‫نتائج حبثه‪".‬‬

‫مالحظة‪:‬‬
‫ش كلت ه ذه ال دروس م ادة خص بة لكت اب كن ا ق د نش رناه في س نة‪ 2010‬ثم أض يفت إلي ه‬
‫معلومات وتصحيحات جديدة ‪،‬وتم طبعه و نشره في طبعة ثانية سنة ‪ 2012‬بعنوان‪:‬البحث‬
‫المي داني في العل وم االجتماعي ة ‪،‬مفهوم ه وأسس ه المعرفي ة والثقافي ة والتقني ة‪.‬مطبع ة‬
‫كنوز‪،‬تلمسان‪.2012،‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫قد تفيد الطلبة في تحضير مذكراتهم‪:‬‬


‫أبو زيد أمحد ‪ :‬حماضرات يف األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية – بريوت‪.1978 .‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91 .‬‬
‫أبو زيد أمحد‪ :‬البناء االجتماعي‪ ،‬الدار القومية للطباعة والنشر ‪-‬اإلسكندرية‪1965 ،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أبو ذيب كمال ‪ :‬جدلية اخلفاء التجلي – دراسات بنيوية يف الشعر – دار العلم للماليني – بريوت‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪.1978‬‬
‫أمحد بيومي حممد ‪ :‬األنثروبولوجيا الثقافية‪ ،‬الدار اجلامعية – بريوت ‪.1983‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أمني أمحد ‪ :‬قاموس العادات و التقاليد املصرية – جلنة التأليف والرتمجة والنشر – القاهرة ‪.1954‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أي مستقبل لألنثروبولوجيا‪ ،‬جمموعة من الباحثني مطبعة مركز البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية‬ ‫‪-6‬‬
‫والثقافية – وهران – اجلزائر ‪.2002‬‬
‫األس ود حاف ظ ‪ :‬األنثروبولوجي ا الرمزي ة – دراس ة نقدي ة مقارن ة االجتاه ات احلديث ة يف فهم الثقاف ة‬ ‫‪-7‬‬
‫وتأويلها –منشأة املعارف – اإلسكندرية‪.2002 .‬‬
‫إمساعيل فاروق ‪ :‬املدخل إىل األنثروبولوجيا‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية – اإلسكندرية ‪.1987‬‬ ‫‪-8‬‬
‫إلي اد مرس يا ‪ :‬املق دس وال دنيوي ‪ -‬رمزي ة الطقس واألس طورة‪ ،‬ترمجة هناد خياط ة‪ -‬الع ريب للطباع ة‬ ‫‪-9‬‬
‫والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫إسحاق أخلوري فؤاد ‪:‬مذاهب األنثروبولوجيا وعبقرية ابن خلدون‪ ،‬دار الساقي‪ -‬بريوت ‪.1992‬‬ ‫‪-10‬‬

‫ابن النعم ان أمحد ‪ :‬اهلوي ة الوطني ة احلق ائق واملغالط ات‪ ،‬ش ركة دار األم ة للطباع ة والرتمجة والنش ر‬ ‫‪-11‬‬
‫والتوزيع – اجلزائر ‪.1996‬‬
‫ابن سامل العنسي سعود ‪ :‬العادات العمانية‪ ،‬ط ‪-‬الرتاث القومي والثقافة‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫برتشاد ايفنر ‪ :‬األناسة اجملتمعية – ديانة البدائيني يف نظريات األناسييني – ترمجة حسن قبيسي – دار‬ ‫‪-13‬‬
‫احلداثة – بريوت – ط‪.1986 – 1‬‬
‫بوتفنوش ت مص طفى ‪ :‬العائل ة اجلزائري ة – التط ور واخلص ائص احلديث ة – ترمجة دم ري أمحد‪ ،‬دي وان‬ ‫‪-14‬‬
‫املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر ‪.1984‬‬
‫بودون‪.‬ر – ق‪.‬بوريكو ‪ :‬املعجم النقدي لعلم االجتم اع – ترمجة د‪ .‬سليم حددا‪ ،‬ديوان املطبوعات‬ ‫‪-15‬‬
‫اجلامعية – اجلزائر ‪.1981‬‬
‫ب وبر ك ارل ‪ :‬عقم املذهب الت ارخيي – ترمجة د‪ .‬عب د احلميد صربة منش أة املعارف – اإلسكندرية –‬ ‫‪-16‬‬
‫‪.1959‬‬
‫ب دران إب راهيم و د‪ .‬س لوى اخلم اش ‪ :‬دراس ات يف العقلي ة العربي ة اخلراف ة‪ ،‬دار احلقيق ة – ب ريوت‬ ‫‪-17‬‬
‫‪.1988‬‬
‫بركات حليم ‪ :‬علم االجتماع العريب – مركز دراسات الوحدة العربية – ط ‪.1985 .2‬‬ ‫‪-18‬‬
‫اجلوهري حممد ‪ :‬علم الفولكلور – دار املعارف –القاهرة ‪.1978‬‬ ‫‪-19‬‬
‫حسن غامري حممد ‪ :‬طريقة الدراسات األنثروبولوجيا امليدانية‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث اإلسكندرية‬ ‫‪-20‬‬
‫– ‪.1979‬‬
‫احلوت حممود سليم ‪ :‬يف طريق امليثولوجيا عند العرب‪ ،‬دار النهار للنشر – ط‪ 3‬بريوت ‪.1983‬‬ ‫‪-21‬‬
‫حسن الساعايت سامية ‪ :‬الثقافة والشخصية – حبث يف علم االجتماع الثقايف – دار النهضة العربية –‬ ‫‪-22‬‬
‫بريوت ‪ -‬ط‪.1983 - 2‬‬
‫حسن الساعايت سامية ‪ :‬السحر واجملتمع – دراسة نظرية وحبث ميداين‪ ،‬دار النهضة العربية – بريوت‬ ‫‪-23‬‬
‫– ط ‪.1983 – 2‬‬
‫حسن عبد البسط ‪ :‬أصول البحث االجتماعي‪ ،‬مطبعة جلنة البيان العريب – القاهرة ‪.1966‬‬ ‫‪-24‬‬
‫اخلشاب أمحد ‪ :‬دراسات أنثروبولوجية‪ ،‬دار املعارف القاهرة – ‪.1970‬‬ ‫‪-25‬‬
‫اخلطيب حممد ‪ :‬اإلثنولوجيا – دراسة عن اجملتمعات البدائية‪ ،‬منشورات عالء الدين – دمشق‪.‬‬ ‫‪-26‬‬
‫دراسات يف علم االجتماع واألنثروبولوجيا – جمموعة من املؤلفني‪ ،‬دار املعارف مبصر – ‪.1975‬‬ ‫‪-27‬‬
‫دكروب حممد حسني ‪ :‬األنثروبولوجيا – الذاكرة واملعاش‪ ،‬دار احلقيقة – بريوت ط‪.1991 2‬‬ ‫‪-28‬‬
‫دياب فوزية ‪ :‬القيم والعادات االجتماعية‪ ،‬دار الفكر العريب – القاهرة‪.1988 ،‬‬ ‫‪-29‬‬
‫سعيدي حممد ‪ :‬األدب الشعيب بني النظرية والتطبيق‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية – اجلزائر ‪.1998‬‬ ‫‪-30‬‬
‫س امل يف وت ‪ :‬مفه وم الواق ع يف التفك ري العلمي املعاص ر – مظ اهر النزع ة االختباري ة ل دى الوض عيني‬ ‫‪-31‬‬
‫اجلدد سرتاوس‪ ،‬منشورات كلية األدب – الرابط – املغرب – ت‪.‬د‪.‬‬
‫سويف مصطفى ‪ :‬مقدمة لعلم النفس االجتماعي‪ ،‬مكتبة األجنلو‪ -‬القاهرة ‪.1970‬‬ ‫‪-32‬‬
‫سعد اهلل أبو القاسم ‪ :‬تاريخ اجلزائر الثقايف – اجلزء ‪.08‬‬ ‫‪-33‬‬
‫شحاتة سعفان حسن ‪ :‬علم اإلنسان‪ ،‬دار النهضة العربية – القاهرة ‪.1973‬‬ ‫‪-34‬‬
‫شحاتة سعفان حسن ‪ :‬علم اإلنسان ( األنثروبولوجيا ) منشورات مكتبة العرفان – بريوت ‪.1966‬‬ ‫‪-35‬‬
‫شكري علياء ‪ :‬االجتاهات املعاصرة يف دراسة األسرة‪ ،‬دار املعارف‪ -‬القاهرة‪.1981 .‬‬ ‫‪-36‬‬
‫شرايب هشام ‪ :‬مقدمات لدراسة اجملتمع العريب‪ ،‬األهلية للنشر والتوزيع – ‪198‬‬ ‫‪-37‬‬
‫فكار رشدي ‪ :‬عن احلوار احلضاري يف بعد واحد‪ ،‬منشورات دار اآلفاق اجلديدة – بريوت ‪.1988‬‬ ‫‪-38‬‬
‫فرحية أنيس ‪ :‬حضارة يف طريق الزوال – القرية اللبنانية‪ ،‬مطبعة اجلامعة األمريكية – بريوت ‪.1957‬‬ ‫‪-39‬‬
‫قباين عبد العزيز ‪ :‬العصبية بنية اجملتمع العريب‪ ،‬دار اآلفاق اجلديدة – بريوت ط‪.1997 1‬‬ ‫‪-40‬‬
‫كمال صفوت ‪ :‬مدخل لدراسة الفولكلور الكوييت‪ ،‬ط‪ 1‬الكويت ‪.1973‬‬ ‫‪-41‬‬
‫ليله علي ‪ :‬البنائية الوظيفية‪ ،‬دار املعارف – مصر ‪.1982‬‬ ‫‪-42‬‬
‫لويس عوض ‪:‬ثقافتنا يف مفرتق الطريق‪ ،‬دار األدب – بريوت – ‪.1987‬‬ ‫‪-43‬‬
‫لكلرك جريار ‪ :‬األنثروبولوجيا واالستعمار – ترمجة د‪ .‬جورج كتورة‪ ،‬معهد اإلمناء العريب – بريوت‬ ‫‪-44‬‬
‫– ط‪.1982 1‬‬
‫لومبار جاك ‪ :‬مدخل إىل اإلثنولوجيا – ترمجة حسن قبيسي املركز الثقايف العريب – ط ‪.1997 - 1‬‬ ‫‪-45‬‬
‫حممد إمساعيل زكي ‪ :‬األنثروبولوجيا والفكر اإلسالمي‪ .‬عكاظ – جدة – ‪.1982‬‬ ‫‪-46‬‬
‫حمم د إب راهيم فتيح ة – مص طفى محدي الس نواين ‪ :‬األنثروبولوجي ا املعرفي ة‪ ،‬دار املريخ – الري اض –‬ ‫‪-47‬‬
‫السعودية ‪.1992‬‬
‫املزوغي عمر ‪ :‬قراءات وتأمالت يف الثقافة الشعبية‪ ،‬منشورات الكتاب والتوزيع واإلعالن واملطابع –‬ ‫‪-48‬‬
‫ط‪– 3‬ليبيا – ‪.1981‬‬
‫املقدس واإلنسان ‪:‬جمموعة من الباحثني‪ ،‬دار حممد علي احلامي – تونس‪.‬‬ ‫‪-49‬‬
‫املنصف وناس ‪ :‬اخلطاب العريب‪ ،‬احلدود والتناقضات – الدار التونسية – للنشر – ‪.1992‬‬ ‫‪-50‬‬
‫امللقي هيام ‪ :‬ثقافتنا يف مواجهة االنفتاح احلضاري‪ ،‬دار الشواف – الرياض – ‪.1995‬‬ ‫‪-51‬‬
‫حمجوب حممد عبده ‪ :‬مقدمة لدراسة اجملتمعات البدوية ( منهج وتطبيق ) الناشر وكالة املطبوعات –‬ ‫‪-52‬‬
‫الكويت ‪.1974‬‬
‫حمجوب حممد عبده ‪ :‬مقدمة يف األنثروبولوجيا – دار املعرفة اجلامعية – اإلسكندرية ‪.1987‬‬ ‫‪-53‬‬
‫حمجوب حممد عبده‪:‬االنثروبولوجيا ومشكالت التحضر ‪ -‬دراسة حقلية يف منطقة اخلليج العريب‪ ،‬اهليئة‬ ‫‪-54‬‬
‫املصرية العامة للكتاب – اإلسكندرية ‪.1980‬‬
‫حمم د إب راهيم فتيح ة ومص طفى محدي الس نواين ‪ :‬م دخل إىل من اهج البحث يف علم اإلنس ان‬ ‫‪-55‬‬
‫( األنثروبولوجيا )‪ ،‬مطبعة دار املريخ للنشر – الرياض – السعودية ‪.1988‬‬
‫منصور هالة ‪:‬حماضرات يف علم األنثروبولوجيا‪ ،‬اهليئة العامة لدار الكتاب‪199 .‬‬ ‫‪-56‬‬
‫العثمان وسام ‪ :‬املدخل إىل األنثروبولوجيا‪ ،‬مطبعة األهايل للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬ط‪ – 1‬دمشق‬ ‫‪-57‬‬
‫‪.2002‬‬
‫عبد الغين غامن عبد اهلل وآخرون ‪ :‬مدخل إىل علم اإلنس ان‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث – اإلسكندرية‬ ‫‪-58‬‬
‫‪.1998‬‬
‫عبد اجمليد عبد احلميد ‪ :‬األنثروبولوجيا – علم اإلنسان‪ ،‬مكتبة الغريب – القاهرة ‪.1979‬‬ ‫‪-59‬‬
‫العنيل فوزي ‪ :‬بني الفولكلور والثقافة الشعبية‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب القاهرة ‪.1978‬‬ ‫‪-60‬‬
‫عبد اهلل غدامي ‪ :‬اخلطيئة والتكفري‪ ،‬من البنيوية إىل التشرحيية النادي األديب الثقايف – جدة ‪.1985‬‬ ‫‪-61‬‬
‫عبد الرحيم عبد اجمليد ‪ :‬األنثروبولوجيا –علم اإلنسان‪،‬الناشر مكتبة غريب –د‪.‬ت‬ ‫‪-62‬‬
‫عب د احلمي د حس ني أمحد رش وان ‪ :‬األنثروبولوجي ا يف اجملال التط بيقي‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‬ ‫‪-63‬‬
‫اإلسكندرية – ‪.1989‬‬
‫عبد الغين عبد اهلل ‪ :‬طرق البحث األنثروبولوجي‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث – اإلسكندرية – ط‪– 1‬‬ ‫‪-64‬‬
‫‪.2004‬‬
‫عيسوي عبد الرمحن ‪ :‬سيكولوجية اخلرافة والتفكري العلمي‪ ،‬منشأة املعارف – اإلسكندرية ‪.1982‬‬ ‫‪-65‬‬
‫غليون برهان ‪ :‬جمتمع النخبة‪ ،‬دار الرباق للنشر – تونس ‪.1989‬‬ ‫‪-66‬‬
‫غورفيتش جورج ‪ :‬األطر االجتماعية ملعرفة‪ ،‬ترمجة د‪.‬خليل أمحد خليل‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية –‬ ‫‪-67‬‬
‫اجلزائر ‪.1983‬‬
‫طواليب نور الدين ‪ :‬يف إشكالية املقدس – ترمجة وجيه البعيين – عويدات بريوت –باريس – ديوان‬ ‫‪-68‬‬
‫املطبوعات اجلامعية – اجلزائر ‪.1988‬‬
‫طاهر عبد اجلليل‪:‬اجملتمع اللييب‪ -‬دراسات اجتماعية أنثروبولوجية‪ ،‬منشورات املكتبة العصرية – صيدا‬ ‫‪-69‬‬
‫– بريوت ‪.1969‬‬
‫وصفي عاطف ‪ :‬األنثروبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار املعارف – القاهرة ‪.1975‬‬ ‫‪-70‬‬
‫وص في ع اطف ‪ :‬األنثروبولوجي ا الثقافي ة م ع دراس ة ميداني ة للجالي ة اللبناني ة اإلس المية مبدين ة ديرب ون‬ ‫‪-71‬‬
‫األمريكية‪ ،‬دار النهضة العربية – بريوت ‪.1971‬‬
‫يس ري إب راهيم دعليس حمم د ‪ :‬احلي اة االجتماعي ة للم دمن يف الثقاف ات املختلف ة – دراس ة يف‬ ‫‪-72‬‬
‫أنثروبولوجيا اجلرمية‪ ،‬دار املعارف – مصر ‪.1994‬‬
‫– ‪73- Abeles ، Marc : Anthropologie et marxisme . Ed. complexe‬‬
‫‪Bruxelles 1979.‬‬
‫‪74- Bouzar Wadi : La culture en question‬‬
‫‪E. N. A. L – Alger 1984.‬‬

‫‪75- Burnel René : Essai sur la confrérie religieuse des Aissaouas au‬‬
‫‪Maroc .Ed. Afrique – Orient 1988.‬‬
‫‪76- Colonna Fanny : Savants paysans. Eléments d’histoire sociale‬‬
‫‪sur l’Algérie O. P∙U∙ Alger.‬‬
‫‪77- Chebel Malek : L’imaginaire arabo – Musulman .P.U∙F paris‬‬
‫‪1993‬‬
‫‪78- Dumont Fernand : L’Anthropologie en l’absence de l’homme.‬‬
‫‪P.U.F paris 1981‬‬

‫‪79- Gehlen Arnold : Anthropologie et psychologie sociale . P. U. F.‬‬


‫‪Paris 1980.‬‬
80- Hagège Claude : L’homme de paroles. Ed. Fayard – Paris 1985.

81- Helène Claudot : La sémantique au service de L’anthropologie.


Ed. C. N. R. S. 1982.

82- Huxley Francis : aimable sauvage .Ed. plon. Coll. lerre humaine
1970.

83- La burthe – tolra Philippe et Jean Pierre Warnier : Ethnologie ،


Anthropologie . P. U. F – Paris. 1993.

84- Laplatine Francois : Clefs pour l’Anthropologie .Ed. Seghers –


Paris 1987.

85- Louis Robert : traité de sociologie primitive .Ed. Payot 1969.

86- Levi – Strauss. Claude : les structures élémentaires de la parente.

87- Malinosvki Bronislaw : trois essais sur la vie sociale .Ed. Payot
1968.

88-Nassib Youcef : Elément sur la tradition orale Ed.SNED 2em


édition Alger 1982

89- Panoff Michel et Michel Perrin : Dictionnaire de l’éthnologie. Ed.


Petite bibliothèque – Payot - Paris 1973.

90- Rodis – Leurs Geneviève : L’anthropologie cartésienne . P. U. f .


Paris 1990.

91 – Rivière Claude : Introduction à l’anthropologie Ed. Hachette.

: ‫المجالت‬

.‫جملة إنسانيات صادرة عن مركز البحث يف األنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية – وهران‬ -1


.‫جملة املأثورات الشعبية صادرة عن مركز الرتاث الشعيب لدول اخلليج العريب‬ -2
-‫جملة الفكر املتوسطي الصادرة عن خمرب حوار الديانات واحلضارات يف حوض البحر األبيض املتوسط‬ -3
.‫اجلزائر‬-‫جامعة تلمسان‬

Revues :
1- Ethnologie Française de la société d’ethnologie française Paris
2- L’homme : revue d’anthropologie française – Paris
3- Edme : Encyclopédie du monde actuel d’Anthropologie – Paris.

You might also like