You are on page 1of 4

‫د‪.

‬سمير نعموني‬

‫المحاضرة األولى ‪ :‬مدخل مفاهيمي للعلوم االجتماعية‬

‫ماهية العلوم االجتماعية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫ما هو العلم االجتماعي؟‬ ‫‪1-1‬‬

‫درج الب احثون على تقس يم العل وم األكاديمي ة إلى ثالث ة أقس ام رئيس ة‪-:‬العل وم‬
‫الطبيعية‪-‬العلوم االجتماعية ( السلوكية)‪-‬العلوم اإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -‬ف العلوم الطبيعي ة تهتم بالدراس ة العلمي ة للطبيع ة مثال الرياض يات‪ ،‬البيولوجي ا‪،‬‬
‫الطب‪ ،‬الصيدلة‪ ،‬الكيمياء‪... ،‬‬

‫‪ -‬وأم ا العل وم االجتماعي ة فتهتم بالدراس ة العلمي ة للس لوك اإلنس اني مثال‪ :‬علم‬
‫النفس‪ ،‬علم االجتماع ‪.‬‬

‫‪ -‬وأما العلوم اإلنسانية فتهتم بدراسة نواتج اإلبداع اإلنساني كالتاريخ و الفنون‪....‬‬

‫ولكن مم ا يج در التنبي ه علي ه أن ه ذه األقس ام الك برى للمعرف ة اإلنس انية ليس ت‬
‫منفص لة انفص اال متباين ا‪ ،‬فمثال نج د أن جانب ا من الس لوك اإلنس اني ي دخل ض من‬
‫دائرة اهتمام الباحثين في البيولوجيا‪.‬‬

‫‪-‬كما أننا نالحظ أن الفروق المنهجية بين أقسام المعرفة الرئيسية هي فروق نسبية‬
‫إلى حد ما‪ ،‬فصحيح أن النتائج التي تتوصل إليها العلوم الطبيعية تبقى األكثر دقة‬
‫وأكثر ثباتا من النتائج التي تتوصل إليها العلوم االجتماعية‪ ،‬وهذا يرجع بالدرجة‬
‫األولى إلى خاص ية الطبيع ة اإلنس انية ال تي هي مج ال الدراس ة في العل وم‬
‫االجتماعية‪.1‬‬

‫‪- 1-2‬المشكالت الخاصة للعلوم االجتماعية‪:‬‬

‫‪ 1‬محمد الجوهري‪،‬مدخل إلى علم االجتماع‪،‬الذر الدولية لالشهارات الثقافية‪،2008.‬مصر‪،‬ص‪.11 .‬‬

‫‪1‬‬
‫د‪.‬سمير نعموني‬

‫يح اول الب احثون في العل وم االجتماعي ة تط وير المن اهج العلمي ة لمواجه ة التعق د‬
‫الش ديد ال ذي تتم يز ب ه التجرب ة اإلنس انية ‪ ،‬وهم مض طرون إلى تع ديل ك ل م ا‬
‫يستشعرونه من العلوم الطبيعية ليالئم المادة التي يدرسونها وهي السلوك اإلنساني‬
‫و العالقات اإلنسانية ومع كل هذا فإن مناهج البحث العلمي شهدت تقدما واضحا‬
‫في مجالها وفي درجة دقتها‪.‬‬

‫تعاني العلوم االجتماعية الكثير من العقبات و المشكالت التي تواجه تطبيق المناهج‬
‫العلمية في دراسة الظواهر االجتماعية‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬

‫أ‪-‬طبيعة المادة اإلنسانية‪ :‬تدرس العلوم االجتماعية موضوعات وظواهر زئبقية و‬


‫تخض ع لمتغ يرات كث يرة يص عب التحكم فيه ا عكس العل وم الطبيعي ة‪ ،‬فالم اء مثال‬
‫كموض وع للدراس ة العلمي ة‪،‬ال يتط ور ش أن الك ائن البش ري وال يفك ر وال يتفاع ل‬
‫وج دانيا و عاطفي ا‪ ،‬فيحظى الع الم الط بيعي بق در كب ير من الحري ة في التعام ل م ع‬
‫مادته عكس الباحث االجتماعي‪.1.‬‬

‫يمث ل المنهج التجري بي أق وى أدوات المنهج العلمي في حين أن التج ريب داخ ل‬
‫المعم ل ال يغطي س وى ج انب مح دد من الس لوك البش ري (إذ ال يمكن إدخ ال‬
‫اإلنس ان إلى المخ بر إلج راء التج ارب علي ه ) فمثال العالق ات األس رية ال يمكن‬
‫وضعها بين جدران المعمل‪.‬‬
‫كم ا أن هن اك بعض الس لوكيات ال يري د أص حابها اإلعالن عنه ا ك اإلجرام‪ ،‬تع اطي‬
‫المخ درات‪ ،‬الش ذوذ الجنس ي‪ ...‬ويتحتم على الب احث في أغلب األح وال الحص ول‬
‫على موافقة عينة البحث على إعطاء المعلومات و البيانات من أجل الدراسة و ال‬
‫ش ك أن ه ذا من الص عوبة بمك ان وح تى عن د حص ول الموافق ة من األف راد أو‬
‫الجماع ات فكث يرا م ا تك ون غ ير مطلق ة‪ ،‬فلك ل واح د أس باب عدي دة إلخف اء أفعال ه‬
‫ودوافعه عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الكريم غريب‪،‬منهج البحث العلمي في علوم التربية و العلوم االنسانية‪،‬منشورات عالم التربية‪،‬ط ‪، 2012 .1‬المغرب ‪،‬ص ‪49-48‬‬

‫‪2‬‬
‫د‪.‬سمير نعموني‬

‫ب‪-‬تشوه البيانات‪ :‬أي حدث اجتم اعي يكاد يت أثر ويتغير نتيجة مالحظت ه‪ ،‬ومن‬
‫ثم تتشوه بياناته ‪ ،‬ويكون هذا التشوه ناتج عن‪:‬‬

‫‪ -‬أن األف راد موض وع البحث يع دلون س لوكهم س واء عم دا أو غ ير عم د لوج ودهم‬
‫تحت المالحظة‪.‬‬
‫‪ -‬يتبنى األفراد موضوع البحث مفاهيم وتصورات القائم بالمالحظ ة فمثال‪ :‬ب احث من‬
‫المدين ة ل و س أل بعض الفالحين عن رأيهم في معامل ة الزوج ة وحقوقه ا يلقى منهم‬
‫اس تجابة إيجابي ة فيحك ون ل ه م ا يس معون ويش اهدون في وس ائل اإلعالم ويخف ون‬
‫معاملتهم الحقيقية وممارستهم خلف جدران بيوتهم‪.1‬‬

‫ج‪-‬مش‪..‬كلة الذاتي‪..‬ة‪ :‬من أهم المش اكل ال تي تعي ق تط بيق المنهج العلمي في دراس ة‬
‫العل وم االجتماعي ة هي انقس ام الس لوك اإلنس اني إلى ظ اهر وغ ير ظ اهر( محج وب‬
‫عن المالحظ ة المباش رة)‪ ،‬وال س بيل للب احث في دراس ة ه ذه الس لوكيات إال‬
‫المعلوم ات والبيان ات التي يق دمها األفراد موض وع البحث‪ ،‬وكثير من هذه البيان ات‬
‫التي يدلون بها غير قابلة للتحقق من صدقها‪.‬‬

‫‪ -‬ومن جهة أخرى أن العالم أو الباحث في العلوم االجتماعية شأنه شأن مفردات‬
‫بحثه يتدخل باستمرار في النتائج التي يتوصل إليها و قد يتعمد أحيانا لعقيدة يؤمن‬
‫به ا أو مي ول معين‪ ،‬وق د يك ون اإلنحي از من غ ير قص د وه ذا ه و الغ الب‪ ،‬وه ذه‬
‫المشكلة ناشئة عن اعتبار أن الباحث إنما هو إنسان وعضو في مجتمعه مما يكون‬
‫لديه بعض الدوافع التي تقلل من موضوعيته لبحثه و دراسته‪.‬‬

‫د‪-‬األفكار غير العلمية عن العلوم االجتماعية‪:‬‬

‫من أهم أهداف البحث العلمي دحض المعتقدات الخرافية و األوهام و جميع مظاهر‬
‫سوء التفاهم و األحكام الفاسدة و التي في مجموعها معرفة سابقة شائعة غير علمية‬
‫عن موضوع ما‪ ،‬سواء تعلق بعلم النفس أو بعلم االجتماع‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫محمد الجوهري ‪ ،‬المدخل الى علم االجتماع ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪18‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد الجوهري ‪ ،‬المدخل الى علم االجتماع ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪21‬‬

‫‪3‬‬
‫د‪.‬سمير نعموني‬

‫‪4‬‬

You might also like