Professional Documents
Culture Documents
:بـــــــــــحث حــــــــــــول
2
املقـــــدمــــــــة:
لقد مثل التخلف النسيب للعلوم اإلنسانية عن مواكبة تطور العلوم الطبيعية هاجسا كبريا
ابلنسبة للباحثني يف العلوم اإلنسانية بل ،اعتربوه حتد وراهنوا عىل الوصول بعلوهمم إىل
مستوى يضايه ما وصلت إليه العلوم الطبيعية.ومن مثة وضعت العلوم اإلنسانية يف مواهجة خيار صعب
حبيث فرض علهيا المنوذج الطبيعي كطريق وحيد لتحقيق علميهتا مما ،جعلها تراهن عىل التضحية بكثري
من خصوصياهتا يف سبيل الاستجابة ملقتضيات الزنعة العلمية وفق رشوط متلهيا خصوصية العلوم
الطبيعية وتتطلهبا متطلبات املوضوعية العلمية هو ما وفق ما هو مصور
يف المنوذج الطبيعي .و من هنا طرحت مسأةل املوضوعية والقمي يف العلوم الاجامتعية ،وهل
املوضوعية موجودة يف العلوم الاجامتعية بقدر وجودها يف العلوم الطبيعية؟
و هل ميكن احلد من الاحاكم اذلاتية املسبقة دلي الباحث يف العلوم الانسانية
مثل ماهو واقع يف العلوم الطبيعية وان اكن هذا ممكنا مفايه السبل والاليات
للحد مهنا ؟.
3
مفهوم و معين املوضوعية واذلاتية
/1املوضـــوعية :
أ)-املوضوعية لغة :لكمة مصدرية ل موضوع وتعىن حمك خال من اي حتزي
وهو مسكل صويف فلسفى يرى ان املعرفة ترجع اىل حقيقة اذلات املدركة ,وعكسها اذلاتية
ب)-املوضوعية اصطالحا :يه مسكل ذهين يرى خالهل الشخص األشياء عىل ما يه عليه،
وتستند احلقائق إىل العقل وحده دون النفس ،أي النظر إىل األمور بطريقة مادية حبتة ،وهو
الاجتاه اذلي يتبنّاه عادة الباحثون يف اجملال العلمي ،يقوم خالهل الباحث ابلتجرد من ميوهل
وعواطفه .و كذاكل ابلنسبة للبحث العلمي فهو جمرد من امليول العاطفي و التحزي فهو سلسةل
من النتاجئ املنطقية والرباهني اليت تستند اىل جتارب و فرضيات مت التاكد من حصهتا خمرباي
او مكيا عيل العكس من بعض البحوث ذات املنحى الاجامتعي
فهي ابلرمغ من اعامتدها عىل مناجه علمية الا اهنا الختلوا من التحزي
اذلايت اذلي يظهر يف شلك البحث ونتاجئه
/2اذلاتيـــــــة:
4
يقال يف األدب :نق ٌد ذا ّيت :يرجع إىل آرا ِء َّ
الش ْخص وانفعاالته .وهو خالف املوضوعي
ويقال :جا َء فالن بذاته :عينه ونفسه .ويقال :عرفه من ذات نفسه :رَس يرته املضمرة.
اما من حيث عالقهتا ابلبحث العلمي فذاتية يه التجرد من املصداقية العلمية الرصفة
و احلمك عىل الظواهر الاجامتعية والانسانية من منطلق نفيس او خشيص او اترخيي
بدل احلمك علهيا من منطلق علمي جمرد من الاهواء و امليوالت و الافاكر الضيقة
او التصنعات الانسانية اكالزدراء او النقد غري الهادف او السخرية العلمية
املوضـــوعيــــة ودرجاهتا
5
يسهتدف املثل الاعىل للك خطاب علمي انتاج معرفة موضوعية عن الواقع فالعمل يقف
ضد الافاكر اجلاهزة و الضغوط و التصورات و الاراء والاحاكم القميية وهيدف اىل
انتاج معارف مصاغة بلغة دقيقة جدا جيعلها خاضعة للنقد واختبارات الرفض او القبول او
التحقق و ترتكز هذه املوضوعية يف التقليد الوضعى عىل رضورة التخىل عن الافاكر القبلية
واخلضوع لقرار الظواهر همام اكن ,زعزع النقد املوجه لالمربيقية و الاستقرائية ,بقوة هذا
البناء اخلاص مبفهوم املوضوعية و يف هذا الاطار تعرضت موضوعانية اميل دوراكمي
E.Durkheimو اتباعه للنقد الالذع وتبىن بعض العلامء الاجامتع وقوفا ضد هذه
املوضوعانية املفرطة وهجة نظر ذاتية و نسبية مؤكدين عىل ان عامل الاجامتع كونه يعيش بني
املوضوع اذلي يعاجله ال ميكنه دراسة الظواهر الاجامتعية أكشياء .
و اما تعرض الباحث الاجامتعي يف دراسته الراء خمتلفة يصبح اجلزم بيهنا او ترجيح
الواحد عىل الاخر غري ممكن
و تبقى للك اخلطاابت يف هذه النطاق بقميهتا العلمية مادامت تدعي اهنا تبين ظواهر لكن
وفقا لوهجة النظر اليت تناسهبا
هكذا تــضع التصــورات النسبية مفهوم املوضوعات يف حرج و جترب احصاهبا عىل الاعرتاف
بنسبيهتا يه الاخري فالواقع حقيقة غري شفافة لهذا جيب عىل الظواهر ان تكون مبنية وال
جيب ان تكون مبنية بشلك تعسفى فهي مبنية انطالقا
من اشــاكلية ميكهنا بل جيب ان تكون توضيحية ملوضوعها و عىل عامل الاجامتع حتديد
مصطلحاته و توضيح تقنيات حبثه كام ان عليه اثناء هذا العمل العلمي التحىل ابليقظة
الابسمتولوجية فأسئةل الاسامترة مثال حتمل صيغة تأثريية عىل الاجاابت
واستخدام املعطيات الاحصائية دون اخضاعها للحس النقدي قد يوصل اىل نتاجئ ومهية
لهذا عىل الباحث تدريب نفسه ابسمترار عىل اليقظة
6
يعد دور الباحث يف التحرر من التحزيات الشخصية أساسيا لضامن املوضوعية وعليه فان
الباحث جيب ان يتحىل ابلروح النقدية األزمة لتقيمي اآلراء العلمية وغري العلمية و تنطوي
هذه العقلية النقدية عىل عدم التسلمي ابملسلامت الشائعة يف األوساط الاجامتعية و العلمية
أي انه جيب عليه الاختبار مجيع اآلراء و املعلومات عىل املستويني الشعيب
و العلمي بذهنية انقدة و عدم قبول ما مل يبىن عىل أسس علمية و عقالنية حصيحة
عندما خيترب الباحث مجموعة من اآلراء والافرتاضات و يتبني هل عدم حصهتا ابالعامتد عىل
املهنجية العلمية ومهنجية عقلية سلمية جيب عليه تبين موقف رافض لهذا الرأي همام اكنت
العواقب بل وجيب عليه أن خيضع نفسه وأفاكره و أعامهل ملهنجية الاختبار هذه مع انه من ابلغ
الصعوبة عىل املرء أن ينتقد نفسه و األشد صعوبة هو اكتشاف اخلطأ يف أعامهل والاعرتاف هبذا
الاخطا فاألمر ليس صعبا من الناحية النفسية فقط ,بل من خمتلف الزوااي املمكنة اومايعتقد أهنا
ممكنة والن تكوينه وطريقة تفكريه قد تفيض ىف الهناية اىل نتيجة ذاهتا الىت توصل الهيا مسبقا
ومييل العديد للمتسك بوهجات النظر السابقة اىل ان ينقد ويشار اليه بزوااي مل يكن قد تفطن لها
من قبل وهنا تمكن امهية تقبل النقج من اآلخرين فلك ابحث حيتاج اىل عيون جديدة تري
معهل من هجات خمتلفة وقد تستطيع رؤية جوانب نقص او ضعف جعز عن اجيادها بنفسه لك
هذا يصب يف احملصةل اىل بلوغ احلقيقة .
7
العوامل املساعدة عىل املوضوعية يف حبث العلمي
معتقدات وقيم الباحث العلمي :والمقصود من ذلك االعتقاد بـأحد األمور دون أن ُيقرن الباحث
ذلك باستشهادـ منطقي.
أخـــــــــالقيات الباحث العلمي :ترتبطـ الموضوعية البحثية بأخالقيات الباحث؛ فبعض الباحثين قد
موجها لتحقيق منافع
مول البحث العلمي ،وبالتالي ُيصبح البحث ً
يقع في براثن إحدى الجهات التي تُ ِّ
خاصةَ ،و ِم ْن ثََّم ُخلوه من الموضوعية.
طبــــــــــيعة البحث العلمي :طبيعة البحث العلمي ذاته قد تتحكم في الموضوعية؛ حيث إن
تحري الموضوعية بصورة
البحوث التي تتصل بالموضوعات االجتماعية واإلنسانية يصعب فيها ِّ
متكاملة ،وليس بالضرورة أن يكون السبب هو معتقدات وقيمـ الباحث العلمي ،فقد يحدث ذلك دون
قصد ،وذلك على عكس البحوث التي ترتبطـ بالموضوعات الطبيعية ،مثل :األحياء ،والكيمياء،
والرياضيات؛ حيث يسهل انتهاج الباحث للموضوعية؛ من خالل البرهنة الرقمية مع سهولة القياس.
8
يتحدَّث عن تأثري الفقر يف حدوث اجلرامئ ،فهنا ينبغي عىل الباحث أن يضع التعريفات اإلجرائية
اليت يقصدها من تكل املفاهمي ،مثل :الفقر ،واجلرميةَ ،و ِم ْن مَث َّ هُي ئِّي ال ُق َّراء لتعقُّل إشاكلية البحث.
استخدام أدوات ّ ِادلراسة:
حتري املوضوعية يف البحث العلمي ،ومن أمه هذه اختيار الباحث أداة حبثية أو أكرث ي ُساعد عىل ّ ِ
األدوات:
الاستبانة :تُعرف الاستبانة عىل أهنا اسامترة حتتوي عىل مجموعة من األسئةل اليت ترتبط
مبوضوع البحث العلمي ،ويعرضها الباحث عىل املفحوصني لإل جابة عهنا ،وتُوجد أنواع ُمختلفة
من الاستباانت ،ومهنا الاستبانة املغلقة (احملددة) ،وتتض َّمن أسئةل حبث حيدد لها الباحث إجاابت
ُمرت َّبة ،وهناك الاستبانة املفتوحة (غري احملددة) ،وتتض َّمن أسئةل يُمكن أن جييب عهنا املفحوصون
دون التقيُّد خبيارات لإل جابة ،وهناك كذكل الاستبانة املغلقة املفتوحة ،واألخرية يه األكرث
استخدا ًما من المنطني اآلخرين ،وحتتوي عىل أسئةل مغلقة ومفتوحة ،وذكل التنويع يُتيح للباحث
احلصول عىل معلومات ثرية ابلنسبة لأل سئةل اليت تتطلَّب ذكل ،وكذكل معلومات ُمخترصة
ابلنسبة للجوانب اليت ال حيتاج فهيا الباحث إلجاابت ُم َّ
طوةل.
املالحظة :ت ُساعد املالحظة عىل مجع املعلومات من ع ّيِنة ّ ِادلراسة (املبحوثني) عن قُرب،
ومبا يُدمع املوضوعية يف البحث العلمي ،وتمتث َّل املالحظة العلمية يف استخدام الباحثني حلواسهم
اذلاتية؛ مثل :البرص ،والسمع ،واللمس ،وتُفيد امل ُالحظ يف البحوث ذات الصةل ابلسلوكيات
والتوهجات البرشية ،وكذكل البحوث ذات العالقة ابلعلوم الطبيعية ،وتُوجد أنواع وتصنيفات
متعددة للمالحظة ،ومن أبرزها املالحظة البسيطة ،واملالحظة املنظمة.
املقابةل :ت ُشبه املقابةل العلمية أداة الاستبانة ،ولكن تتطلَّب ً
لقاء مع املفحوصني وهجًا لوجه،
َو ِم ْن مَث َّ يُلقي الباحث أسئةل ،ويسجل اإلجاابت من املفحوصني ،وقد تكون هذه األسئةل مفتوحة
أو مغلقة أو خمتلطة ،واملقابةل يلزهما ختطيط ُمسبق ،وحتديد الهدف مهنا ،وكذكل اختيار التوقيت
والزمان املناسبني إلجراهئا؛ ابإلضافة خلربات وتدريب مكثف؛ يك يستطيع أن حيصل الباحث
ُعضد من املوضوعية يف البحث العلمية. عىل املعلومات الصحيحة ،واليت ت ِّ
الاختبارات :وتصدر تكل الاختبارات من املراكز البحثية امل ُتخصصة؛ هبدف التَّ ُّعرف
عىل توهُّج ات وسلوكيات امجلاهري ،أو لتحديد مدى مناسبة األشخاص يف شغل وظائف ُمعينة.
9
مقياس الاسقاطات :يناسب مقياس اإلسقاطات املوضوعات اليت لها صةل بعمل النفس،
تصورات ملا يدور بأذهان املفحوصني ،ويرغب الباحث يف التَّ ُّعرف علهيا ،مثل: ويه عبارة عن ُّ
دلي األموال فسأشرتيَ ،......و ِم ْن مَث َّ يعرف الباحث سلوكيات وسامت ع ّيِنة البحث.
إذا توافر َّ
اختيار املصادر التارخيية أو الواثئقية املناسبة والتأكد من مصداقيهتا:
جيب عىل الباحثني اختيار املصادر التارخيية اليت تناسب طبيعة إشاكلية البحث العلمي ،ويف
الوقت ذاته عدم الاكتفاء مبا تتض َّمنه تكل املصادر ،بل جيب ا ِت ّباع النسق املهنجي من حيث النقد
اخلاريج؛ مبعىن التأكد من صدق صاحب املصدر؛ من خالل معرفة وهجات نظر املعارصين فيه،
وكذكل النقد ادلاخيل؛ مبعىن تقومي احملتوايت ادلاخلية للمصدر ،وبعد ذكل يستنبط الباحث النتاجئ
اليت تفرس موضوع ّ ِادلراسة ،وكذكل ابلنسبة للمصادر الواثئقية اليت جيب أن تكون صادرة من
هجات رمسية ومعمتدة.
10
اخلــــامتــــــــــــة
ويف سعى الباحث احلقيقى النتاج معرفة اصيةل فانه يف حبث دامئ
عن نظرة حمايدة لاكفة الظواهر اإلنسانية همام بلغت من التعقيد
و لهذا كرست النظرايت الاجامتعية و الانسانية اجلديدة مواضيعها
لتخدم قضية العمل واملعرفة ويه الرتامك املعريف الاصيل النابع
من هجد الباحث املوضوعي دون تدخل اي عامل اخر
و لهذا تطورت املناجه والبحوث الانسانية واصبح لها خمتربات خاصة وادوات قياس مكية و
كيفية هتدف إلبراز ادلقة ما امكن يف اظهار
نتاجئ البحث .
11