Professional Documents
Culture Documents
نص العيش المشترك
نص العيش المشترك
إن ما يعيشه العالم اليوم ،يدفع الى طرح جمله من األسئلة حول أهم التحديات التي
تواجه االنسان ،لكي يواصل حياته على كوكب االرض في سعادة واطمئنان،
ورفاهه وأمان .ومن أبرز هذه األسئلة التي تؤرقنا فعال ،وأكثر من أي زمان
مضى ،هل يمكن ان نعيش حياة مشتركة وسليمة مع اآلخرين ،بغض النظر عن
جنسياتهم وألوانهم وألسنتهم ومعتقداتهم ،ونحن محافظون على هويتنا وقيمنا؟
من المسلم به أن هويات البشر ليست واحدة ،وأن رؤاهم الى األمور والقضايا
غير متشابهة ،فاالختالف في الهوية أو الرؤية أو النظرة إلى االشياء من طبيعة
الحياة .وال يمكن بأي حال من األحوال أن نتصور الحياه دون هذا االختالف
والتنوع في كل شيء .ولكن في الوقت نفسه ال يمكن لإلنسان أن يعيش وحده
منعزال عن اآلخرين ،فالتعايش مع اآلخرين أضحى اليوم ضرورة ملحة.
غير أن االكثر إلحاحا ،هو كيف يمكن صياغه حياة مشتركة نوفق فيها بين هاتين
الحاجتين :حاجة الختالف والتمايز على صعيد الهوية ،وحاجة العيش المشترك مع
اآلخر الذي يختلف عنا في كثير من األمور؟
من هنا ال بد من مجموعه من المرتكزات على أساسها تنضبط لنا هذه العالقة.
فأما المرتكز االول من مرتكزات صياغه العالقة بين حق االختالف وضرورات
العيش المشترك ،فهو الخروج من دائرة االختالف حول الهويات الضيقة ،إلى
رحاب المواطنة بكل ما تعنيه من مشاركه ومسؤوليه ،أي نجتمع على وحدة
الوطن والمواطنة ،بعيدين عن كل من شانه أن يؤجل نار االختالف.
ويتمثل المرتكز الثاني في صياغة العالقة على نحو ايجابي بين حق االختالف
وضرورات العيش المشترك ،ومن ذلك أن يكون مدعاة لترسيخ حقوق اإلنسان
والعمل على صياغة هذه الحقوق .ذلك بأن العالقة وطيدة جدا بين مبدإ العيش
المشترك ومفهوم حقوق االنسان فحقوق االنسان هي الحاضن االكبر للمشروع
المشترك بين جميع الناس.
محمد محفوظ الت التسامح وقضايا العيش المشترك المركز االسالمي الثقافي بيروت لبنان الطبعة الثانية
2012صفحه 67بتصرف