You are on page 1of 3

‫التحليل المكاني و االجتماعي و االقتصادي‬

‫م‪ /‬مفهوم المسافة حسب نظرية فون ثونن ومفهوم المساحة حسب نظرية‬
‫كريستالر‬

‫الطالبة ‪ /‬رند صالح عبد هللا‬


‫دبلوم عالي دورة ‪18‬‬

‫ظهرت عدة نظريات أطرت التوسع الحضري و االنشطة الزراعية الممارسة حول المدن منذ‬
‫‪ ،‬الذي اعتمد )‪ (Von Thünen‬القرن ‪19‬م‪ ،‬من أهمها نظرية العالم االقتصادي االلماني‬
‫على أسعار المحاصيل الزراعية في عالقتها بالمسافة و البعد عن السوق‪ ،‬و هي نظرية‬
‫ساهمت في تأطير و تطوير عدة علوم‪ ،‬كالجغرافيا… حظيت هذه النظرية بإهتمام الدارسين و‬
‫الباحثين بين مؤيد و معارض لها‪ ،‬الشيء الذي دفع بالكثير من العلماء إلى محاولة تطبيقها‬
‫فرضياتها على عدة دول )‪ (CHISHOLM‬على مناطق مختلفة من العالم‪ .‬فقد طبق تشزولم‬
‫أوربية و بعض الدول النامية‪ ،‬و خلص إلى أن النظرية قابلة للتطبيق على كل المجتمعات‬
‫شريطة أن تتوافق الطبيعة الجغرافية مع بعض فرضياتها‪ ،‬و عليه يمكن تلخيص أهدافها‬
‫‪:‬األساسية في النقط التالية‬
‫توضيح أثر الموقع الزراعي بالنسبة للسوق؛ –‬
‫إدخال عوامل جديدة لتفسير التباين في االنتاج الزراعي و كثافته؛ –‬
‫‪.‬ثم إبراز كيفية االختالفات في االستخدامات الزراعية بالتباعد عن السوق –‬
‫كما أنه اهتم (فون ثونن)”بإقليم المدينة” وهو المجال الذي يحيط بالمدينة حيث يخدمها وتخدمه‪.‬‬
‫فالمدينة ال يمكن لها أن تظهر بدون ريف‪ ،‬و من الضروري تأدية أعمالها في مواقع مركزية‬
‫‪ ،‬فاألصل في المدينة هو أنها تخدم منطقة تابعة‪ ،‬و أهمية وظيفتها هو )‪(central places‬‬
‫حتى أن فهم المدينة يصبح فهما ناقصا إذا لم )‪(regional component‬العنصر اإلقليمي‬
‫يدرس على المستوى االقليمي مع الريف المجاور‪ ،‬ألن هناك تفاعل وثيق بين المدينة وريفها‪،‬‬
‫إذ يتكون من مجموعة من األفعال وردود األفعال المتبادلة‪ ،‬تنتهي في الواقع بإيجاد مركب‬
‫هو “وحدة جغرافية تتجمع فيها )‪” (McKenzie‬إقليمي متميز‪ .‬و اإلقليم في رأي “ماكينزي‬
‫أوجه النشاط االقتصادي واالجتماعي للسكان‪ ،‬حول مركز اقتصادي واداري واحد” ‪ .‬وليس‬
‫هذا التعريف إال تلخيصا ً لفكرة العالقة والتكامل بين المدن والريف‪ ،‬وهي الفكرة التي ظهرت‬
‫”لفرنسا‪ ،‬وتقسيم “فوست )‪(P.Vidal de la Blache‬في تقسيم فيدال دي ال بالش‬
‫إلنجلترا‪ ،‬وعندما انتشرت السكك الحديدية في كل منهما‪ ،‬أخذت أهمية )‪(Fawcett, C.‬‬
‫المدن اإلقليمية تزداد بوضوح‪ ،‬وكانت هذه المدن الكبرى هي األساس الذي بنى عليه هذين‬
‫‪.‬الجغرافيين تقسيماتهما اإلقليمية‬
‫أساس فكرة إقليمه في كتابه عـن )‪ (Von Thünen‬إقليم فون ثونن‪ :‬وضع فون ثونن‪-1‬‬
‫“الدولة المنعزلة” الصادر عام ‪ ،1826‬كان هذا الكتاب خالصة لتجربته في إدارة مزرعته‪.‬‬
‫ويتمثل إقليم “ثونن”‪ ،‬في أن دولته المنعزلة تتألف من مدينة واحدة محاطة بظهير زراعي‪،‬‬
‫بينهما عالقة وثيقة تتمثل في اعتماد المدينة اعتمادا ً تاما ً على ظهيرها في الحصول على‬
‫حاجياتها من المنتجات الزراعية‪ ،‬مقابل اعتماد الظهير على المدينة في تصريف فائض إنتاج‬
‫‪.‬كما تستغل كل أجزاء الظهير في إنتاج المحاصيل الفالحية (الزراعة و تربية الماشية)‪ .‬أما‬
‫سكان اإلقليم فيتميزون بالنشاط والرغبة في مضاعفة مداخيلهم النقدية‪ ،‬ومن ثمة يحاولون خلق‬
‫التوازن بين منتجات حقولهم من ناحية‪ ،‬وحاجة سوق المدينة من ناحية أخرى‪ .‬ولإلشارة فإنهم‬
‫ينقلون منتجاتهم هاته إلى السوق بإستخدام العربة والحصان (وسيلة النقل المتاحة في عصر‬
‫“ثونن”)‪ .‬وقد توصل هذا االخير في ضوء الخصائص السابقة‪ ،‬إلى أن نمط الزراعة حول‬
‫المدينة يتطور في نطاقات تأخذ شكل حلقات أو دوائر تتخذ من المدينة مركزا لها‪ .‬بحيث تلعب‬
‫تكلفة النقل الدور الحاسم في تقرير امتداد الحلقات بعيدا عن مركزها و هو المدينة‪ ،‬حيث تمثل‬
‫هذه التكلفة ُمتغيرا متحركاّ‪ ،‬في حين تتشابه بقية عناصر اإلنتاج في كل أجزاء اإلقليم‪ ،‬و قد بلغ‬
‫‪:‬عدد “حلقات ثونن” ستة حلقات و هي على الشكل التالي‬
‫الحلقة االولى‪ :‬هي أقرب حلقة إلى المدينة‪ ،‬تتخصص في إنتاج السلع سريعة التلف‪ ،‬كاللبن‬
‫والخضروات‪ ..،‬تتميز بإستمرار الطلب على منتجاتها‪ ،‬ومن تم يدفع سكان المدينة لمزارعي‬
‫هذه الحلقة أسعارا تشجعهم على إنتاج هذه المنتجات في هذه الحلقة بدال من الحبوب وغيرها‪،‬‬
‫‪.‬ألن وسائل التعليب أو التبريد لم تكن معروفة أنذاك‬
‫الحلقة الثانية‪ :‬و تهتم بإنتاج أخشاب التدفئة أو الوقود‪ ،‬ويعتمد على مدى الطلب على األخشاب‬
‫‪.‬وعلى تكلفة النقل‬
‫الحلقات الثالثة و الرابعة و الخامسة‪ :‬تتخصص في إنتاج الحبوب وغيرها من المحاصيل‪.‬‬
‫وتتميز باعتماد “الدورة الزراعية” حيث تترك أجزاء منها بدون زراعة خاصة في الحلقتين‪:‬‬
‫‪.‬الرابعة والخامسة‪ ،‬أي كلما بعدت المنطقة عن المدينة‬
‫الحلقة السادسة‪ :‬و تتخصص في إنتاج المراعي وتربية الحيوان‪ ،‬وتصدر منتجات األلبان‪ ،‬التي‬
‫ال تتلف بسرعة كاألجبان إلى سوق المدينة‪ .‬كما تصدر الحيوانات التى تساق إلى هذا السوق‬
‫‪.‬دون أن تنقل لتقليل نفقات النقل‬
‫عن المكان المركزي‪” (Walter Christaller) ،‬إقليم كريستالر‪ :‬تعبر نظرية “كريستالر ‪-2‬‬
‫التي )‪ (Jefferson,M. 1931‬وضعها سنة ‪،1933‬إستنادا ً إلى أفكار “مارك جيفرسون‬
‫اقترنت بالنظريات الخاصة باألقاليم الوظيفية‪ ،‬ألن المركزية في نظر “كريستالر” تعني‪ ،‬أساسا ً‬
‫درجة وظيفية يقصد بها تلك المراتب المختلفة للمحالت المركزية‪ ،‬وهي المحالت التى تتباين‬
‫أقاليمها تبعا لمراتبها المختلفة ‪.‬وهكذا فقد تكون المدينة‪ :‬المكان المركزي قليلة السكان‪ ،‬ولكنها‬
‫في الوقت ذاته تكون ذات أهمية كبيرة كمحطة مركزيّة تبعا ً المتداد اإلقليم الذي تخدمه‪ ،‬أي‬
‫التي تتميز بها‪ .‬والمركزية التى يعنيها )‪ (centrality of place‬بمركزية المكان‬
‫“كريستالر” هي التي تعطي للمكان صفة الدائرة المركزيـّة‪ ،‬وهي تتعلق بالوظائف‬
‫‪ ،‬وكذلك بالسلع والخدمات المركزية‪ .‬و يمكن تصنيف هذه )‪(central functions‬المركزية‬
‫الوظائف و السلع و الخدمات إلى درجات عليا ودنيا‪ ،‬حسب مراتب المحالت العمرانية‪ .‬كان‬
‫‪ ،‬نظرا )‪“ (complementary‬كريستالر” يرى أن إقليم المكان المركزي هو إقليم متكامل‬
‫مع نواته أو مركزه‪ ،‬والذي تتضح فيه العالقات المتبادلة )‪ (prepheries‬لتكامل هوامشه‬
‫بين المدينة وظهيرها‪ ،‬و هي عالقات ايجابية بين الطرفين‪ ،‬وتعمل على ربط المدن بأقاليمها‪.‬‬
‫كذلك كان يرى‪ ،‬أن ثمة نطاقات ذات أشكال منتظمة أقرب ما تكون إلى الشكل الدائري نظاما‬
‫تتوزع بمقتضاه المجاالت المركزية‪ ،‬بحيث يقل انتشارها كلما ارتفعت مرتبتها‪ .‬تستند هذه‬
‫النظرية على توزيع العمران وتحديد العالقة بين أحجامها‪ .‬تمثل المدن فيها مركزا لتقديم‬
‫الخدمات إلقليم محدد ضمن مسافة و زمن مناسبين‪ ،‬و يحد فيها منطقة نفوذ المدينة بما يالئم‬
‫حاجات سكانها من الخدمات و السلع‪ ،‬و لكل سلعة نفوذ خاص بها‪ ،‬آخذا بعين االعتبار أن‬
‫الشكل الهندسي السداسي شكال “مثاليا” إلقليم المدينة و مناسب لتقديم الخدمات المركزية في‬
‫‪.‬المدينة‪ ،‬و أوضح أن الشكل السداسي ال يترك فراغات بدون خدمة‬
‫‪ :‬مراجع‬
‫أسامة إسماعيل عثمـان‪ ،‬االمكانات التخطيطية المتاحة لتطبيق نظرية الموقع الزراعي على‬
‫محافظة البصرة و دراسة في التخطيط االقليمي‪ ،‬جامعة البصرة‪ ،‬العراق‪ ،‬كلية االداب‪2011 ،‬‬
‫‪،‬العدد‪55 .‬‬
‫ي‪ ،‬جامعة القاهرة‪2006. ،‬‬
‫أحمد محمد عبد العال‪ ،‬دراسات في الفكر الجغراف ّ‬

You might also like