Professional Documents
Culture Documents
م9ف1 الضبط الإداري
م9ف1 الضبط الإداري
ومن ذلك يتضح ان الضبط القضائي هو اجراء عالجي ،في حين ان الضبط اإلداري هو اجراء
وقائي غايته حماية النظام العام قبل وقوع االخالل به وانتهاكه ،واتخاذ التدابير الكفيلة لمنع مثل هذا
االنتهاك واالخالل بالنظام العام.
هذا وال تتعارض وظيفة اإلدارة في هذا الجانب مع الضمانات الدستورية والقانونية للحريات الفردية،
ألن هذه الحريات يجب أن تُمارس في حدود القانون.
وبما يُمكن المجتمع من ممارسة حرياتهم بانتظام ،فتنظيم المرور يمكن األفراد من ممارسة حرياتهم
في استعمال الطريق ،وتنظيم طرائق الوقاية الصحية من االمراض واألوبئة يحمي المجتمع من
تفشي تلك األمراض وسريانها.
وهكذا الحال بالنسبة لجميع إجراءات الضبط اإلداري التي تهدف دائما ً لحماية النظام العام ،ولو تُرك
حيث يُريد ألنقلب األمر الى فوضى عارمة، ُ األمر لكل فرد يُفسر الحرية على هواه ويضع حدودها
ولما تمكن أحد من ممارسة حرية أو نشاطاً.
وقد عرف الفقيه (هوريو) النظام العام بأنه :انعدام الفوضى والقالقل ،والنظام العام هو مجموعة
عليا مشتركة لمجتمع ما في زمن ُمعين يتفق الجميع على ضرورة سالمتها ،ويتكون النظام مصالح ُ
العام من ثالثة عناصر هي (األمن العام ،والسكينة العامة ،والصحة العامة).
وعلى ضوء التطورات التي شهدها العالم بعد أحداث (11أيلول )2001فقد دخل موضوع محاربة
اإلرهاب ضمن األهداف التي تسعى لتحقيقها الدول ،وان كان هذا المصطلح لم يُحدد قانونا ً ال في
قرارات االُمم المتحدة ،وال في التشريعات الداخلية ،هذا وقد فرض الدستور على الدولة محاربة
اإلرهاب بجميع أشكاله ،فقد نص الدستور في المادة ( )7فقرة (ثانيا ً) على( :تلتزم الدولة بمحاربة
اإلرهاب بجميع أشكاله ،وتعمل على حماية أراضيها من أن تكون مقرا ً أو ممرا ً أو ساحة لنشاطه).
عناصر الضبط اإلداري:
يسعى الضبط اإلداري الى المحافظة على النظام العام في المجتمع واعادته الى نصابه إذا ما انحرف
عن اتجاهه ،وعناصر الضبط اإلداري هي:
-1األمن العام
يقصد به اطمئنان الفرد على نفسه وماله من خطر االعتداء سواء كان مصدره الطبيعة كالفيضانات
والبراكين والحرائق التي يمكن ان تهلك النفس والحرث ،أو كان مصدره االنسان كما في حالة
االشعاعات النووية القاتلة التي تنتج عن القنابل الذرية أو أي مصدر آخر ،ويهدف الضبط اإلداري
لتوفير األمن للمواطنين وجعلهم يشعرون بأن أنفسهم وأموالهم وأعراضهم في مأمن من االعتداء
واالنتهاك ،وتتخذ سلطات الضبط اإلجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك ،مثل منع ارتكاب الجرائم ،ومالحقة
مدرس المادة :م.م حسين حامد حسن
جامعة البيان – كلية القانون
األشخاص الذين يُمثلون خطرا ً على جمهور المواطنين مثل المجرمين والمجانين والمخمورين،
ومكافحة الحيوانات السائبة الخطرة على اإلنسان.
وقد أناط ال ُمشرع العراقي هذه المهمة في أهم جوانبها في وزارة الداخلية التي حدد قانونها رقم
( )183لسنة 1980أهم أهداف مهامها وهي:
-تنفيذ السياسة العامة للدولة في شأن صيانة األمن الداخلي لجمهورية العراق وتوطيد النظام
العام فيها ،وتنفيذ القوانين واألنظمة المتصلة به وبالتنسيق مع الوزارات والدوائر المختصة في
المهام المشتركة.
-حماية أرواح الناس واألموال العامة والخاصة وضمان سالمتها من أي خطر يُهددها.
-منع ارتكاب الجرائم واتخاذ اإلجراءات القانونية للبحث عن مرتكبيها ،ويدخل ضمن هذا الهدف
مكافحة اإلرهاب لحماية أرواح الناس وأموالهم.
-2الصحة العامة
ويعني هذا العنصر من عناصر النظام العام اتخاذ اإلجراءات الالزمة للمحافظة على الصحة العامة،
ومنع كل أسباب المرض واألوبئة ،فتقوم الجهات المختصة بمنع تجمع المياه أو األوساخ مما يجعلها
بؤرة النتشار األمراض أو األوبئة أو مضايقة المواطنين ،وكذلك تُراقب مياه الشرب للتأكد من
صالحيتها ،كذلك تتخذ اإلجراءات لتلقيح المواطنين ضد األمراض أو األوبئة ،ومراقبة المحالت
العامة وأماكن سير الغذاء للتأكد من مراعاتها للشروط الصحية المطلوبة ،ومنها أيضا ً إجراءات
الحجر الصحي لمنع انتشار األوبئة مثل الكوليرا أو انفلونزا الطيور واإليدز.
وقد أعطى قانون الصحة العامة رقم ( )89لسنة 1981الجانب األساسي من هذه المهام لدوائر
وزارة الصحة ،ونصت المادة ( )32منه على ما يأتي( :إن ضمان توافر الشروط والقواعد الصحية
في المحالت العامة هو حماية لصحة وسالمة المواطنين والبيئة).
إن توفير هذه الشروط والقواعد الصحية واجب على أصحاب المحالت العامة والمسؤولين عنها،
وعليه تُمارس الرقابة الصحية من قبل أجهزة وزارة الصحة لجميع أنحاء البالد بصورة مستمرة ليالً
ونهارا ً على تلك المحالت ،ضمانا ً لتطبيق أحكام هذا القانون ،وقد نصت مواد أُخرى في القانون
المذكور على مكافحة األمراض ،ومراقبة مياه الشرب ،ومنع إيواء وتربية الحيوانات في األحياء
السكنية.....الخ.
-3السكينة العامة
مدرس المادة :م.م حسين حامد حسن
جامعة البيان – كلية القانون
تتوفر السكينة العامة باتخاذ سلطات الضبط اإلداري اإلجراءات الالزمة لمنع الضوضاء والجلبة،
طرق واألماكن العامة واألحياء السكنية ،فتمنع كل عوامل والمحافظة على الهدوء والسكون في ال ُ
الضوضاء والجلبة على مدار اليوم ،أو في أوقات الليل التي يحتاج اإلنسان فيها للهدوء والراحة
السكنية ،ومن إجراءات الضبط الهادفة لتوفير السكينة العامة هي :منع ُمكبرات الصوت في الطرق
العامة واألحياء السكنية في أوقات معينة ،ومنع استخدام ُمنبه السيارة اال في حاالت الضرورة
القصوى ،ومنع استخدام اآلالت المزعجة ،أو إنشاء المصانع في المناطق السكنية ومنع انبعاث
الغازات المضرة ..الخ ،ومن التشريعات المتعلقة بحماية السكينة العامة قانون منع الضوضاء رقم
( )21لسنة .1966
ولم يقصر القضاء اإلداري مهام البوليس اإلداري على األغراض المذكورة ،وإنما أخذ يوسعها
لتشمل اآلداب العامة واألخالق العامة ،فبعد أن كان مجلس الدولة الفرنسي ال يُعد المحافظة على
األخالق العامة من واجبات الضبط اإلداري ،أخذ يُقر بحق السلطات اإلدارية في اتخاذ إجراءات
الضبط للمحافظة على اآلداب العامة ،ومنها منع عرض األفالم المنافية لآلداب واألخالق العامة.
وقد يتعلق الضبط اإلداري الخاص بتنظيم ممارسة مهنة أو نشاط معين ،مثل تنظيم الصيد أو المهن
مثل (الطب والمحاماة والصيدلة) ،وقد يستهدف الضبط اإلداري الخاص الى المحافظة على نظافة
وجمالية المدينة والطرق والميادين العامة ،مثل منع وضع اإلعالنات واللوحات في الشوارع إال في
األماكن الخاصة بذلك ووفق اإلجراءات المطلوبة لهذا الغرض ،أو حماية اآلثار ،....والضبط
اإلداري الخاص قد يكون تنفيذا ً لتشريع أو قرار اداري يتضمن إجراءات ضبط عامة ،مثل سحب
إجازة قيادة مركبة من شخص ما تنفيذا ً لحكم القانون ،أو منح االجازة لفتح محل عام ،او األمر بهدم
بناء آيل للسقوط......الخ.
وقد يتعلق الضبط اإلداري الخاص ببعض الفئات من األشخاص مثل تنظيم إقامة األجانب.
قد ال تكفي اإلجراءات التي تتخذها اإلدارة في الظروف االعتيادية لحماية النظام العام وعند وقوع
ظروف استثنائية مثل الحروب والكوارث الطبيعية ،لذلك أجاز القضاء اإلداري لإلدارة ان تتحلل
مؤقتا ً من قيود المشروعية التي تحكم أعمالها في الظروف االعتيادية لتوسع سلطاتها ،لكي تتمكن من
مواجهة الظروف االستثنائية وحماية النظام العام في ظلها ،وهكذا تتعطل المشروعية االعتيادية لتحل
محلها في الظروف االستثنائية مشروعية جديدة تُسمى (مشروعية االزمات) أو (المشروعية
االستثنائية) ،وتُبرير التوسع في حرية اإلدارة في التصرف لمواجهة الظروف االستثنائية كما
أوضحه مجلس الدولة الفرنسي هو (واجبات اإلدارة).
فاإلدارة ُمكلفة بحماية النظام العام وضمان سير المرفق العام بانتظام إلشباع الحاجات العامة
للجمهور ،فإذا لم تتمكن من القيام بهذا الواجب بسبب وقوع ظروف استثنائية ،فلها أن تترك مؤقتا ً
التقيد بالمشروعية االستثنائية االعتيادية ،وتوسع سلطاتها لتتمكن من القيام بواجباتها في ظل
الظروف االستثنائية المستجدة ،لذلك فإن مجلس الدولة أقر الكثير من إجراءات وقرارات اإلدارة في
ظل الظروف االستثنائية ،في حين كانت مثل هذه القرارات تُعد غير مشروعة في ظل الظروف
العادية ،ولكن هذا ال يعني أن قرارات الدارة تُعد غير مشروعة في ظل الظروف العادية ،ولكن هذا
ال يعني أن قرارات اإلدارة في الظروف االستثنائية ال تخضع لرقابة القضاء ،فهي تبقى خاضعة
لرقابة القضاء ،ولكنه يُطبق عليها مشروعية تختلف عن المشروعية االعتيادية.
وقد أعطت الفقرة (ز) من المادة ( )62من دستور 1970السابق ،لمجلس الوزراء وصالحية اعالن
الطوارئ الكلية أو الجزئية وانهائها وفقا ً للقانون.
أما الدستور الحالي لعام ،2005فقد أعطى لمجلس النواب صالحية اعالن حالة الطوارئ بموجب
المادة ( )61تاسعاً(ب) التي تنص على ما يأتي( :تُعلن حالة الطوارئ لمدة 30يوما ً قابلة للتمديد،
وبموافقة عليها في كل مرة).
وقد خول الدستور رئيس مجلس الوزراء الصالحيات الالزمة التي تُمكنه من إدارة شؤون البالد
خالل مدة اعالن الحرب وحالة الطوارئ ،على أن يُعرض على مجلس النواب اإلجراءات التي
اتخذت والنتائج في أثناء مدة اعالن الحرب وحالة الطوارئ خالل مدة ( )15يوما ً من تاريخ انتهائها
(م -61تاسعا ً ج و ء).
هذا وكان مجلس الحكم قد أصدر بتاريخ 2004قانون الدفاع عن السالمة الوطنية تضمن صالحيات
واسعة للسلطة التنفيذية لمواجهة الظروف الطارئة.
أما على مستوى التشريعات العادية ،فقد أصدر ال ُمشرع مسبقا ً عددا ً من القوانين لتنظيم سلطات
واختصاصات الجهات اإلدارية المختصة بحماية النظام العام في الظروف االستثنائية ،منها قانون
السالمة الوطنية رقم ( )12لسنة ،1971وقانون الدفاع المدني رقم 64لسنة .1978
مدرس المادة :م.م حسين حامد حسن
جامعة البيان – كلية القانون