You are on page 1of 80

‫اجلزء الثاين‬

‫إذا ما توفرت مجيع شروط إكتساب احلق املبينة بالفصل األّو ل من قانون ‪ 25‬ماي‬
‫‪ 1977‬فإن ّه ينش أ عن ممارس ته آث ار ختتل ف ب إختالف الوض ّعية القانونيّة و الواقعيّة للعالق ة‬
‫احلق ّالتجاري ‪.‬‬
‫العقار و مالك ّ‬ ‫الكرائية بني مالك ّ‬
‫ّ‬
‫يهم ّالنظ ام الع ّام و ال ميكن‬
‫نظمه ا ق انون ‪ 1977‬و ه و ق انون ّ‬
‫احلق ّ‬
‫كيفيّة ممارس ة ّ‬
‫خمالفته ‪ .‬مبدئّيا ال ميكن للقضاء ّالتونسي سوى تطبيق هذا القانون اإلستثنائي دون الّتوّس ع‬
‫فيه ‪ .‬إّال أّنه و رغم هذا العمل املنحصر أساسا يف تطبيق القانون فإّن فقه القضاء الّتونسي له‬
‫احلق ومراقبة مدى إحرتام األطراف لإلجراءات املنصوص‬ ‫هام يف حتديد آثار إكتساب ّ‬ ‫دور ّ‬
‫عليها صلبه ‪.‬‬
‫فيمكن أن نلمس هذا الدور اهلاّم مبناسبة إثارة الّن زاع أمام قضاة األصل ‪ ،‬أو مبناسبة‬
‫ممارسة حّق الّطعن بالّتعقيب ‪ .‬فتحّد د حمكمة الّتعقيب رأيها القانوين عن طريق القرار الصادر‬
‫عنه ا ‪ .‬أّم ا يف ص ورة إختالف مواقفه ا ف إّن ال ّد وائر اجملتمع ة ميكن أن تت دّخ ل لتوحي د اآلراء‬
‫و كّل ذلك هبدف تطبيق القانون التطبيق احلسن ‪.‬‬

‫وجتدر اإلش ارة إىل أّن دراس ة دور فق ه القض اء على مس توى آث ار إكتس اب احلّق‬
‫س تكون منحصرة أساسا يف دراسة مرحلة ما بعد صدور قانون‪ , 1977‬اليت متكّننا من‬
‫كلم ا ل زم األم ر إىل‬
‫دراس ة الّتوّج ه ات الفق ه قض ائّية احلديث ة نس بّيا و اإلكتف اء ب التعرّض ّ‬
‫توّج هات فقه القضاء ّالتونسي قبل صدور هذا القانون أي يف ضّل أمر ‪. 1954‬‬
‫توجه ات و مواق ف فق ه القض اء‬ ‫الزم ين ل ه أمهي ّة على مس توى ّ‬ ‫إذن الت ّرتيب ّ‬
‫الّتونسي ‪ .‬و جتدر املالحظة أّن حمتوى هذه اآلثار ختتلف و تتغيّر على أساس قبول ّالتجديد‬
‫ال ذي ه و ح ّق يكتس به املتس ّو غ مبفع ول الق انون من عدم ه ‪ .‬ه ذه اآلث ار ح دّدها الق انون و‬
‫حص رها يف ع دة ص ور ‪ .‬لكنّ فق ه القض اء ّالتونس ي مبناس بة تط بيق الق انون على وض عّيات‬
‫متن ازع فيه ا وهبدف احلف اظ على حق وق املال ك من جه ة و املتس ّو غ من جه ة‬
‫أخرى ‪ ,‬و مراقبة إجراءات ألزمها القانون كانت له اجلرأة يف الّتوّس ع يف تكييف هذه اآلثار ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫احلق فإّن ه جيب‬


‫و لدراس ة دور فق ه القض اء على مس توى آث ار اكتس اب ّ‬
‫عرض إىل ‪:‬‬
‫ّالت ّ‬
‫التجديد ‪.‬‬
‫الفصل األّو ل ‪ :‬اآلثار في صورة وجود ّ‬
‫التجديد ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬اآلثار في صورة رفض ّ‬
‫الفصل ّ‬

‫الفصل األّو ل‬
‫‪88‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫التجديد‬
‫اآلثار في صورة وجود ّ‬

‫بتعدد ص ور ّالتجديد ‪ .‬فيمكن أن يك ون‬


‫إنطالق ا من ق انون ‪ , 1977‬ميكن أن نق ّر ّ‬
‫الّتجدي د ض منيّا و ه و ال ذي يتّم ب دون ش كلّيات أي يف غي اب أّي إج راء ‪ :‬من ذل ك غي اب‬
‫ّالتنبي ه الصّادر عن املال ك و املعبّر عن رغبت ه يف إهناء العالق ة الكرائيّة ‪ ,‬أو يف غي اب مطلب‬
‫ّالتجديد املوجّه من قبل املتس ّو غ ملالك العّق ار ‪ .‬فعدم إحرتام الشكلّيات املنصوص عليها يف‬
‫قانون ‪ 1977‬يؤدّي حتما إىل استمرار عقد الكراء ّالتجاري إىل أجل غري معنّي و السّكوت‬
‫الكرائية ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هو عبارة عن قبول ضمين من املالك يف جتديد هذه العالقة‬
‫قضاة األصل يف حالة وجود رغبة من املالك يف إهناء العالقة الكرائيّة يراقبون بصفة‬
‫مباش رة و يتأك ّدون من م دى وج ود ّالتنبي ه وإح رتام ش كلّياته املنص وص عليه ا ص لب‬
‫الق انون ‪ .‬و يف ذل ك تأكي د على أمهّي ة اإلج راء أّم ا يف غياب ه يعت رب حتم ا ّالتجدي د ض منيّا‬
‫توفر شروط صّح ته فإّنه حيكم ببطالنه ‪.‬‬ ‫و كذلك يف حالة عدم ّ‬
‫و إّننا مبراجعتنا لقرار صادر عن حمكمة ّالتعقيب و الذي جاء فيه ‪ " :‬و حيث أّنه من‬
‫املق رّر فقه ا و قانون ا إّن الك راء إذا جتّد د ض منيّا يعت رب ق د جتّد د بنفس الشّروط األوىل و لكن‬
‫ملّد ة غري معّينة ‪ ، 1" ...‬نتبنّي جلّيا إمكانّية ّالتجديد الضّمين املنتج لآثار متمّثلة أساسا يف تغي ري‬
‫مّد ة العقد من مّد ة معّينة إىل مّد ة غري معّينة ‪.‬‬
‫كل اإلختالف عن وجود تنبيه أو مطلب يف الّتجديد‬
‫و األمر يف هذه الصّورة خيتلف ّ‬
‫املوّجه من قبل املتسّو غ ‪.‬‬
‫و يف ه ذا اإلط ار أكّدت حمكم ة ّالتعقيب أّن وج ود ّالتنبي ه ال يع ين بالض رورة رغب ة‬
‫املتسوغ من املكرى و لكن ميكن أن يكون تنبيه ا مع إمكانيّة جتديده لنفس‬ ‫ّ‬ ‫املالك يف إخراج‬
‫الشّخص بشروط جديدة من ذلك ترفيع معني الكراء ‪ .‬و لقد جاء بقرار صادر عن حمكمة‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 42064‬مؤّر خ يف ‪ 4‬أفريل ‪ . 1994‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ 1994‬ص ‪. 353‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪89‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ّالتعقيب مبدأه " إّن ّالتنبي ه يف املكرى ّالتجاري بتنهية املّد ة مع إمكانيّة ّالتجديد بش روط ال‬
‫تضارب فيه و عدم معارضة املكرتي يعترب معها قابال هلذا و ذاك و عدم دفعه للكراء اجلديد‬
‫يعترب معه أّنه إختار اخلروج "‪. 1‬‬
‫تعرض إىل ‪:‬‬
‫و يف إطار هذا الفصل األّو ل سن ّ‬
‫مبحث أّو ل ‪ :‬الّتجديد في صورة إنعدام الّتنبيه الّتجاري ‪.‬‬
‫مبحث ثاني ‪ :‬الّتجديد في صورة وجود مطلب تجديد ‪.‬‬

‫األول‬
‫المبحث ّ‬
‫الّتجديد في صورة انعدام التّنبيه التّجاري‬

‫عرض إليها وهي‬ ‫إنعدام ّالتنبيه ميكن أن يكون يف صورتني ‪ :‬األوىل وهي اليت وقع ّالت ّ‬
‫وبالتايل هناك جتديد ضمين أمّا ّالثانية فهي‬
‫عدم صدوره عن املالك وعدم توجيهه للمتسوّغ ‪ّ ,‬‬
‫كليات اليت حدّدها القانون ‪ .‬فيكون هذا اإلجراء غري حمرتم‬ ‫يف صورة توجيهه دون إحرتام الشّ ّ‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4282‬مؤّر خ يف ‪ 14‬ديسمرب ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 234‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪90‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫لقواعد اإلجراءات املنصوص عليها بقانون ‪ 1977‬بقطع ّالنظر عن احلاالت اليت يصدر فيها‬
‫لكرائية ‪.‬‬
‫ّالتنبيه وبقطع النظر كذلك عن الأسباب اليت دفعت املالك إىل إهناء هذه العالقة ا ّ‬
‫كليات احملدّدة‬
‫أن فقه القضاء ّالتونسي جريئ يف مراقبة مدى إحرتام ّالتنبيه للشّ ّ‬
‫ويبدو ّ‬
‫قانونا ‪.‬‬
‫الرابع من قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬الذي جاء صرحيا‬ ‫و كّل هذا على أساس الفصل ّ‬
‫احملالت‬
‫ينص " خالف ا ملقتض يات الفص لني ‪ 791‬و ‪ 792‬من م ‪ .‬إ ‪ .‬ع ال تنتهي أكري ة ّ‬ ‫إذ ّ‬
‫اخلاضعة هلذا القانون إالّ بالّتنبيه باخلروج ويقدّم يف أجل معيّن ‪. " ...‬‬
‫وميكن تعري ف ّالتنبي ه بأنّه " تص ّرف وحي د اجلانب يعبّر مبقتض اه أح د ط ريف العق د‬
‫املؤجر يف هذه الصورة) عن رغبته يف إهناء الكراء إثر إنقضاء أجل معلوم "‪. 1‬‬
‫(يكون ّ‬
‫الطريق ة الوحي دة والضّرورية لإلعالن عن رغب ة املال ك يف إهناء العالق ة الكرائيّة‬
‫إنّه ا ّ‬
‫ال يت ميكن أن تك ون مش فوعة بإمكانيّة ّالتجدي د بش روط جدي دة هي ع ادة ّالترفي ع يف معني‬
‫حبق ّالتجديد ونظرا للحماية القانونيّة اليت‬
‫ميس أساسا ّ‬
‫وإن عدم احرتام هذه اإلجراءات ّ‬ ‫الكراء ّ‬
‫جاء من أجله ا القانون حلقّ ّالتجديد ستكون مسؤوليّة قضاة األصل هامّة يف مراقبة شروط‬
‫ّالتنبي ه وبالتّايل احلكم بإبطال ه كج زاء يف حال ة اإلخالل بش روطه وش كليّاته اجلوهريّة ال يت‬
‫املشرع ّالتونسي ‪.‬‬
‫حدّدها ّ‬
‫تعددت صوره يف قانون ‪ 25‬ماي‬ ‫تصرف إنفرادي ّ‬ ‫أن " ّالتنبيه " ّ‬
‫وجتدر اإلشارة إىل ّ‬
‫‪ 1977‬وميكن متييز هذه الصّور عن بعضها البعض على أساس مضمون الفصول ‪ .‬فيوجد‬
‫والتنبي ه على مع ىن الفص ل‬
‫والتنبي ه على مع ىن الفص ل اخلامس ّ‬
‫الراب ع ّ‬
‫ّالتنبي ه على مع ىن الفص ل ّ‬
‫احلل تبنّاه فقه القضاء ّالتونسي وعمل به منذ أمر ‪ 1954‬إىل يومنا‬
‫ّالتاسع إىل آخره ‪ .‬وهذا ّ‬
‫احلاضر ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حّق جتديد األكرية الّتجارّية " القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬املؤّر خ يف ‪ 25‬ماي ‪ . 1977‬رسالة يف ختم الّد روس ‪ ،‬املعهد األعلى للقضاء ‪ 90-89‬ص ‪: " 1. 39‬‬

‫‪91‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫للتنبيه فإنّنا سنعمل على حتليل هذا األخري وسيكون " ّالتنبيه على‬
‫ويف إطار دراستنا ّ‬
‫رئيسية ‪.‬‬
‫الرابع " هو موضوع البحث بصفة ّ‬ ‫معىن الفصل ّ‬
‫األول) و إىل آثاره (الفرع الثّاين)‬
‫للتنبيه (الفرع ّ‬
‫لذا سنتعرّض إىل الشّروط القانونيّة ّ‬
‫مث إىل دعوى إبطال ّالتنبيه (الفرع ّالثالث) ‪.‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫للتنبيه‬
‫القانونية ّ‬
‫ّ‬ ‫الشروط‬
‫ّ‬

‫للتنبي ه يف نظ ام األكري ة ّالتجاريّة هي ش روط هتمّ ّالنظ ام الع ام‬


‫إن الشّروط القانونيّة ّ‬
‫ّ‬
‫حيث إعتربت حمكمة ّالتعقيب ّأنه ‪ " :‬يكون باطلا ّالتنبيه باخلروج من املكرى ّالتجاري الذي‬
‫العام "‪. 1‬‬
‫يهم ّالنظام ّ‬
‫يتضمن اإلشارة إىل الفصل ‪ 27‬من هذا القانون إذ هو إجراء ّ‬ ‫مل ّ‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 8524‬مؤّر خ يف ‪ 17‬فيفري ‪ . 1983‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1983‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪92‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الراب ع من ق انون ‪ 1977‬يف فقرت ه األوىل و األخ رية على ‪" :‬‬ ‫ولق د نّص الفص ل ّ‬
‫احملالت اخلاضعة‬‫خالفا ملقتضيات الفصلني ‪ 791‬و ‪ 792‬من م ‪ .‬إ ‪ .‬ع ‪ ،‬ال تنتهي أكرية ّ‬
‫ستة أشهر من قبل ‪ ...‬و ينبغي أن‬ ‫يقدم يف أجل معيّن و هو ّ‬ ‫هلذا القانون إّال بتنبيه باخلروج ّ‬
‫يق ع ذل ك اإلعالم بواس طة ع دل منفّذ و جيب أن ي ّبين األس باب ال يت من أجله ا وق ع ّالتنبي ه‬
‫باخلروج و بذكر عبارات الفصل ‪ 27‬و إّال يقع إلغاؤه " ‪.‬‬
‫و بالتّايل ميكن إعتب ار ك ّل الشّروط املنص وص عليه ا هبذا الفص ل هي ش روط هتمّ‬
‫ّالنظ ام الع امّ فيمكن للمحكم ة أن تثريه ا من تلق اء نفس ها و يف ص ورة غي اب أح د ه ذه‬
‫الشّروط ميكن هلا أن تبطل الّتنبيه ‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل ّالتبسيط اإلجرائي الذي عمل من أجل ه‬
‫املش رّع باملقارن ة م ع أم ر ‪ 27‬ديس مرب ‪ 1954‬حيث ج اء يف م ذكّرة ش رح األس باب ال يت‬
‫أص درهتا وزارة الع دل يف الكالم على " تنقيحه ا " املتعلّق ة قوهلا ‪ " :‬كم ا وق ع تبس يط‬
‫الرس م غ ري الع ديل ‪ ،‬أو املكت وب املض مون الوص ول م ع اإلعالم ببلوغ ه‬
‫اإلج راءات فع وّض ّ‬
‫املنفذ "‪. 2‬‬
‫مبحضر حيرّره العدل ّ‬
‫و ب ذلك ف إنّ ّالتنابي ه الص ّادرة من أج ل إهناء اإلجيار أو تعديل ه أص بحت ختض ع‬
‫إلج راءات دقيق ة و واض حة و يف غياهبا يبط ل العم ل بالتّنبي ه ال ذي ك ان قب ل تنقيح ‪ 25‬م اي‬
‫جمرد رسالة مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ ‪.‬‬ ‫‪ّ 1977‬‬
‫وهبذا سهل العمل القضائي ‪ .‬فاحنصر دور احملكمة يف مراقبة شكلّياته دون البحث يف‬
‫تتسبب يف نقض حمكمة ّالتعقيب لألحكام‬ ‫تأويل رسائل ميكن أن تكون غامضة ‪ ,‬وميكن أن ّ‬
‫املوجهة من الطّاعن‬
‫الرسالة ّ‬‫أن ّ‬‫الصّادرة عن حماكم األصل ‪ .‬ولقد اعتربت حمكمة ّالتعقيب " ّ‬
‫حمل النّزاع بع د س تّة أش هر من تارخيه ا م ع ع رض‬
‫إىل خص مه ص رحية يف اعتم اد عق د ك راء ّ‬
‫من أمر ‪ 27‬ديسمرب ‪1954‬‬ ‫ّالتجديد ملدّة عام مبعني شهري آخر وقد ذكر الفصل ‪29‬‬
‫الرسالة ا إعتربهتا يف طلب تعديل الكراء "‪. 1‬‬
‫فإنّ احملكمة قد أساءت تأويل تلك ّ‬
‫ّمل‬
‫‪ :‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع الّس ابق ص ‪. 116‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 3607‬مؤّر خ يف ‪ 27‬أكتوبر ‪ . 1981‬م ق تش ‪ ،‬عدد ‪ ، 3‬لعام ‪ 1982‬ص ‪. 72‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪93‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫نص على شكليات حتتل حيزّا كبريا يف التنبيه الذي له‬‫إذن ‪ ,‬قانون ‪ 25‬ماي ‪ّ 1977‬‬
‫أث ر على العالق ة الكرائي ة فه و الوس يلة املعتم دة يف إهناء عق د الك راء يف م ادة األكري ة‬
‫التجاري ة ‪ .‬فه ذا العق د ه و رض ائي باألس اس وذل ك باالعتم اد على الفص ل ‪ 728‬من‬
‫م ‪ .‬إ ‪.‬ع ‪ ,‬ولكن ق انون املل ك التج اري أخض عه لنظام ش كلي محاي ة لطريف العقد وخالص ة‬
‫األمر جيب أن تتوفر يف التنبيه أربعة شروط لكي ال يكون باطال وهي كاآليت ‪:‬‬
‫ستة أشهر من قبل عند تقدمي ّالتنبيه ‪.‬‬
‫‪ 1-‬وجوب احرتام أجل ّ‬
‫‪2 -‬بواسطة عدل منفّذ ‪.‬‬
‫مسببا ‪.‬‬
‫‪ 3 -‬جيب أن يكون معّلال أو ّ‬
‫‪ 4 -‬ذكر نّص الفصل ‪ 27‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪. 1977‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬آجال التنبيه‬


‫ستة أشهر لتقدمي ّالتنبيه وهذا خالفا للفصل ‪793‬‬
‫املشرع ّالتونسي أجل ّ‬
‫لقد أوجب ّ‬
‫من م ‪ .‬إ ‪.‬ع إذمل حيدّد أجال معيّنا بل أحال مشكل حتديد األجل إىل العرف الذي ميكن أن‬
‫املشرع هلذه املدّة ؟‬
‫ستة أشهر أو أقل ‪ .‬ولسائل أن يتساءل حول اهلدف من إختيار ّ‬
‫يكون ّ‬
‫إّن هذه المدّة معقولة و هامّة بإعتبارها تساوي نصف سنة و بالتايل أثناء هذه املدّة‬
‫حمل آخر ملمارسة نشاطه ‪.‬‬
‫ميكن للمتسوّغ أن يبحث عن ّ‬
‫الزم ين ك اف لإلنتق ال و ك ذلك للقي ام ببعض اإلش هارات ال يت يعلم من‬
‫فه ذا اجملال ّ‬
‫حقه يف طلب غرامة احلرمان ‪.‬‬
‫خالهلا احلرفاء هبذا اإلنتقال وكذلك ليمارس ّ‬
‫املشرع حدّد األجل األدىن لتوجيه التنبيه إالّ أنّه مل حيدّد أجل أقصى للقيام ‪.‬‬
‫رغم أن ّ‬
‫إّال أّن حمكمة الّتعقيب إعتمدت املوقف املتمثل يف ال وجود ملانع يف توجيه التنبيه ألجل أكثر‬

‫‪94‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫من ستة أشهر من قبل حيث إعتربت " التنبيه التجاري األكثر من ستة أشهر قبل انتهاء املدة‬
‫ال يعيبه "‪. 1‬‬
‫ويبقى األم ر خمالف ا يف حال ة توجي ه التنبي ه ملدة أق ل من الس تة أش هر فيك ون س ببا يف‬
‫إبطال ه ح ىت وإن رأت حمكم ة التعقيب خالف ذل ك يف أح د قراراهتا واعت ربت أن التنبي ه‬
‫املوج ه إىل املتس وغ بص فة مت أخرة ال يعت رب باط ل ولكن ه ت ؤخر آث اره يف ال زمن حبيث يت وفر‬
‫األجل املطلوب قانونا‪. 2‬‬
‫الستة أشهر ؟‬
‫لكن ما هو التاريخ الذي جيب إعتماده إلحتساب ّ‬

‫هنا ختتلف اإلجابة بإختالف سبب إنتهاء العالقة الكرائّية ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬رفض التجديد دون دفع غرامة احلرمان ‪ :‬حسب الفصل الثامن وما بعده ميكن‬
‫إبالغه إىل املتسوغ يف أي مدة من اإلجيار اجلاري على شرط أن يتم التبليغ قبل حلول األجل‬
‫احملدد للخروج من املكرى ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬رفض التجدي د م ع وج وب دف ع غرام ة احلرم ان ‪ :‬حس ب مقتض يات الفص ل‬
‫السّابع يف هذا اجملال جيب التعرض إىل ثالث حاالت وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عق د إجيار حمدّد املدّة ‪ :‬جيب تق دمي التنبي ه قب ل س تة أش هر من ت اريخ إنته اء‬
‫العالق ة املنص وص عليه ا بالعق د ‪ .‬وإذا م ا م دد اإليج ار ملدة غ ري معين ة وللمتس وغ أن يق دم‬
‫التنبيه يف أي فرتة من العقد اجلاري ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الكراء الذي حيتوي على مدد عديدة ‪ :‬لقد طبقت حمكمة التعقيب مقتضيات‬
‫الفق رة الرابع ة من الفص ل الراب ع من ق انون ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬وذل ك ويف ص ورة م ا إذا ك ان‬
‫املكرى حيتوي على مدد عديدة‪ ,‬وأعلم املتسوغ بإهناء الكراء يف موىف مدة من هذه املدد فإن‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 1189‬مؤّر خ يف ‪ 25‬ماي ‪ . 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1978‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 279‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬أنظر ‪Cass .com : 12 janvier 1961 . Gaz-Pal . n° 961 -I-P 233 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪95‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫التنبيه باخلروج يقع وجوبا قبل ستة أشهر ‪ .‬وهو األجل القانوين املش روط ولقد كرست‬
‫حمكمة التعقيب هذا احلل التشريعي لوضوح نصه وحتديده حلل صريح‪. 1‬‬
‫‪ - 3‬إرتباط عقد الكراء حبصول حادثة معيّنة ‪ :‬يف هذه الصورة ميكن للمالك فسخ‬
‫العقد وذلك مبقتضى تنبيه جيب أن يقع ستة أشهر من قبل ‪ .‬ولقد تعرض الفصل اخلامس أمر‬
‫‪ 1954‬إىل إجراءات طلب الفسخ بسبب حصول حادثة فأوجب املشرع كذلك إحرتام مدة‬
‫الستة أشهر ‪ .‬ولقد ميزت حمكمة التعقيب بني الشرط الفسخي املضمن بالعقد والذي يرتتب‬
‫عنه الفسخ واحلادثة اليت ختول للمالك طلب الفسخ واحلادث ة فاحلادثة ويف هناية األمر ليس‬
‫تبنت ه حمكم ة ّالتعقيب يف ظ ّل‬
‫ش رط فس خي والعكس خمالف للصّواب ك ذلك ‪ .‬ه ذا املوق ف ّ‬
‫القانون القدمي‪. 2‬‬
‫للنقص الكمّي للقض ايا املرفوع ة يف ه ذا اجملال فإن ه ال جند فق ه قض اء متط ور‬‫ونظ را ّ‬
‫وحمني مييز هذه احلادثة عن احلاالت املشاهبة واملماثلة لذا ميكن أن يقع اخللط بينهما ‪ .‬ولكن‬
‫هن اك تط بيق ص ارم لإلج راء املنص وص علي ه ص لب الفص ل‪4‬من ق انون ‪ 1977‬من ط رف‬
‫حماكم األص ل والبحث يف م دى ت وفر أج ل الس تة أش هر من عدم ه مبناس بة رف ع دع وى يف‬
‫إبطال تنبيه على أساس عدم احرتام تلك املدة ‪ .‬وجتدر اإلشارة ‪ ,‬إىل أن احتساب املدة يك ون‬
‫انطالقا من تاريخ وقوع احلادثة إىل تاريخ اخلروج ‪ .‬وجيب أن ينص التنبيه على وقوع هذه‬
‫احلادثة املنصوص عليها بالعقد ‪.‬‬
‫وعدم ّالتنصيص على التاريخ يف مضمون التنبيه يعرضه بصفة مبدئية إىل البطالن ‪ .‬إال‬
‫أن حمكمة ّالتعقيب أكّدت على أن البطالن هو نسيب فال تثيره احملكمة من تلقاء نفسها بل ال‬ ‫ّ‬
‫إن ع دم ذك ر الت اريخ‬‫ب د أن يث ريه املتض رر بش رط إثارت ه قب ل اخلوض يف األص ل ف أقرّت " ّ‬
‫مبحضر التنبيه باخلروج يبطله إذا حصلت منه مضرة للمتمسك بالبطالن بشرط أن يثري ذلك‬
‫قب ل اخلوض يف األص ل "‪ . 1‬ففي حال ة متدي د عق د اإلجيار ملدة غ ري معين ة فللمس وغ أن يق دم‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 15664‬مؤّر خ يف ‪ 27‬نوفمرب ‪ . 1986‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1986‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 170‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 544‬مؤّر خ يف ‪ 4‬مارس ‪ . 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1978‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 68‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 1180‬مؤّر خ يف ‪ 14‬جويلية ‪ . 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1977‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪96‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫التنبيه يف أي فرتة من العقد اجلاري وهذا ما أكده فقه القضاء التونسي يف عديد القرارات‪. 2‬‬
‫واستقر عليه فقه القضاء التونسي حىت ّأنه اعترب " الرجوع يف التنفيذ القاضي بتنهية مدة كراء‬
‫احملل التجاري ال يرتتب عليه جتديد ضمين وهذه املدة ميكن تنهيتها يف كل حني شرط احرتام‬
‫أجل الستة أشهر املنصوص عليه يف الفصل الرابع من القانون عدد ‪ 37‬املؤرخ يف ‪ 25‬ماي‬
‫‪ 1977‬عند وقوع التنبيه الثاين "‪. 3‬‬
‫ويبدو أن هذا املوقف سليم ألن الرجوع يف التنفيذ إمنا هو عدول عن إهناء العالقة‬
‫الكرائية وبالتايل يستمر العم ل مبقتض ى العقد الس ابق وال ميكن اعتباره بالتايل جتديد ضمين‬
‫لعقد الكراء ‪ .‬واحرتام أجل الستة أشهر يكون ملزم ا يف حالة توجيه املالك تنبيه ثاين قصد‬
‫املتسوغ ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫إهناء العالقة الكرائية مع‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬اإلعالم بالّتنبيه بواسطة عدل منّف ذ‬


‫لق د تب ىن املش رع التونس ي موق ف األس تاذ الط بيب العن ايب‪ 1‬ال ذي اق رتح تنقيح أم ر‬
‫‪ 54‬وإلغاء استعمال الرسائل املضمونة الوصول ‪ ,‬وحتميل عدل التنفيذ مسؤولية تبليغ التنابيه‬
‫التجاري ة ‪ .‬ويك ون ب ذلك التنبي ه حماط ب أكثر ض مانات حتمي حق وق املتس وغ املال ك للح ق‬
‫التجاري ‪ .‬نستنتج إذن وجوب خضوع التنبيه إىل القواعد املنصوص عليها بالفصل السادس‬
‫وم ا بع ده من جمل ة مرافع ات مدني ة والتجاري ة مما جيعل ه متمت ع بق وة ثبوتي ة وحجي ة‬
‫مطلقة ‪ ,‬وبالتايل ضمانا خاصّا للمتسوّغني ‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن فق ه القضاء التونسي تعرض إىل صورة تعدد املالكني فكانت‬
‫احللول يف ظاهرها متض اربة ولكن يف حقيق ة األم ر هذه احللول اختلفت ب اختالف الوض عية‬
‫أن التنبيه‬
‫اإلبتدائية بتونس ّ‬
‫ّ‬ ‫الواقعية للنزاع املطروح واملرفوع أمام القضاء ‪ .‬فاعتربت المحكمة‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 710‬مؤّر خ يف ‪ 19‬ماي ‪ . 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1977‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 235‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرار تعقييب عدد ‪ 1101‬مؤّر خ يف ‪ 25‬ماي ‪ . 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1978‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 277‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6957‬مؤّر خ يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 199‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬الّطّيب العّنايب ‪ :‬إقرتاح تنقيح امللك الّتجاري ‪ .‬م‪.‬ق‪.‬تش فيفري ‪ ، 1970‬ص ‪. 165‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪97‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ال ميكن أن يص در عن أح د املالكني يف ص ورة تع ددهم إال إذا ك ان م وكال يف الغ رض من‬
‫ط رف البقي ة‪ . 2‬إال أن حمكم ة التعقيب إختذت موقف ا مغ ايرا هلذا اإلجتاه ف اعتربت ّ‬
‫أن " التنبي ه‬
‫بتنهي ة ك راء حمل جتاري من ط رف بعض املالكني ميض ي على مجيعهم ض رورة أهنم يعت ربون‬
‫يتجزأ "‪. 3‬‬
‫متضامنني مبقتضى العقد الذي ال ّ‬
‫كما " ال ميكن توجيه التنبيه من بعض املالكني إال إذا كان صادرا عن أغلبية الثالثة‬
‫أرباع يف اإلستحقاق تطبيقا للفصل ‪ 68‬من جملة الحقوق العينية "‪. 4‬‬
‫ولق د إختذت حمكم ة التعقيب موقف ا غريب ا يف ص ورة تع دد املالكني فيج دد البعض‬
‫منهم الكراء ويطلب البعض اآلخر اخلروج من املكرى ف إعتربت أن " إذا تعدد املالكون حملل‬
‫جتاري وجدد بعضهم التسويغ وامتنع اآلخر من ذلك وطلبوا احلكم باخلروج من املكري فال‬
‫يك ون جتدي د البعض مانع ا من احلكم طب ق الطلب ات إال أن التنفي ذ يف ص ورة احلال يك ون‬
‫قانونيا ال فعليا "‪. 1‬‬
‫وما جتدر اإلشارة إليه ‪ ,‬هو أن هذا اإلشكال الواقعي هو إشكال هام ورغم ذلك‬
‫فاحملكمة إختذت جمرد حل نظري غري واضح مل حتدد كيفية حل هذا التضارب ‪.‬‬
‫و المش كل يبقى مطروح ا يف ص ورة تع دد املتس وغني فه ل ميكن تبلي غ التنبي ه للبعض‬
‫دون اآلخ ر ؟ ه ذا اإلش كال ح دّدت ل ه حمكم ة التعقيب ح ل واض ح ودقي ق ‪ .‬وه و متناس ق‬
‫ومتماش ي مع روح تشريع قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬ف إعتربت " أن التنبيه لتنهية الكراء جيب‬
‫إبالغه لكل املكرتين املشمولني يف العقد وإال يكون باطال "‪. 2‬‬
‫فال يكفي إذن أن يوج ه املال ك تنبيه ا ألح د املتس وغني دون البقي ة محاي ة للمص احل‬
‫القانونية والتعاقدية لكل املكرتين دون إستثناء ‪.‬‬

‫‪ :‬حكم إبتدائي " إبتدائّية تونس " عدد ‪ 11828‬مؤّر خ يف ‪ 8‬جوان ‪ ، 1970‬م‪.‬ق‪.‬تش ‪ ، 197‬ص ‪. 495‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4480‬مؤّر خ يف ‪ 19‬جوان ‪ . 1980‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1980‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 165‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 2773‬مؤّر خ يف ‪ 12‬جوان ‪ . 1980‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1980‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 160‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 287‬مؤّر خ يف ‪ 10‬مارس ‪ . 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1977‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 165‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 1969‬مؤّر خ يف ‪ 10‬ماي ‪ . 1979‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1979‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 225‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪98‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ورغم ه ذا التوج ه القض ائي وعلى خالف ذل ك ف إن حمكم ة التعقيب إعت ربت أن‬
‫" املتسوغ الذي تعاقد مع أحد الشركاء ال يلزم معه إدخال بقية الشركاء يف القضية واملهم‬
‫هو أن يكون التنبيه قانوين "‪. 3‬‬

‫الفقرة الّثالثة ‪ :‬يجب أن يكون الّتنبيه مسّببا‬


‫الراب ع من ق انون ‪ 1977‬يف فقرت ه األخ رية أن ّه " ‪ ...‬جيب أن ت بيّن‬ ‫ينص الفص ل ّ‬
‫ّ‬
‫األسباب اليت من أجلها وقع ّالتنبيه باخلروج ‪. " ...‬‬
‫هلذا الشّرط و أوجب كذلك ذكر سبب إهناء‬ ‫تعرض أمر ‪1954‬‬
‫و للتذكري ‪ ،‬لقد ّ‬
‫العالق ة الكرائي ة يف رس الة مض مونة الوص ول م ع اإلعالم ب البلوغ ‪ .‬ولق د إس تقر فق ه القض اء‬
‫على مراقب ة ه ذه الش كلية س وى يف ظ ل األم ر الق دمي أو التش ريع اجلدي د ف إعتربت حمكم ة‬
‫أن ّالتنبيه على معىن الفصل اخلامس من قانون األكرية التجارية يكون صحيحا إذا‬ ‫التعقيب " ّ‬
‫توفر فيه ذكر السبب ومضمون الفصل ‪. 1" 29‬‬
‫ما ّ‬
‫إذن جيب أن ي ذكر املال ك س بب االمتن اع من التجدي د ويك ون للمتس وغ احلق يف‬
‫املنازعة يف سبب التنبيه باخلروج واملطالبة بغرامة احلرمان ‪ .‬فاملشرع محل صاحب امللك على‬
‫التص ريح بالس بب ال ذي رغب من أجل ه يف إهناء الك راء أو يف إهنائ ه م ع إمكاني ة جتدي ده‬
‫بشروط جديدة ‪ .‬فتعليل التنبيه يعترب إجراء جوهري يف مضمون حمضر التنبيه أو يف الرسالة‬
‫‪.‬‬ ‫املضمونة الوصول املنصوص عليها يف أمر ‪1954‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 7072‬مؤّر خ يف ‪ 25‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬القسم املدين ج ‪ ، 2‬ص ‪. 200‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 3911‬مؤّر خ يف ‪ 7‬أكتوبر ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬القسم املدين ج ‪ ، 4‬ص ‪. 170‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪99‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ويثار إشكال يف هذا اجملال حول مدى إمكانية إعتبار الرغبة يف عدم التجديد سببا‬
‫لطلب اخلروج دون تدقيق أو توضيح ؟‬
‫لق د أج ابت حمكم ة التعقيب على ه ذا اإلش كال وإعت ربت أّن " ّالتنبي ه ب اخلروج‬
‫املتض من لع دم الرغب ة يف التجدي د واإلس تعداد ألداء غرام ة احلرم ان تعت رب مس ببا قانون ا "‬
‫وأك دت ذل ك ب أن أق رت أن " التنبي ه املتض من لع دم الرغب ة يف التجدي د مس ببا ألن النص مل‬
‫يأتي بأسباب معينة بالذات بل إنه جاء بإشرتاط ذكر األسباب بصفة مطلقة مما يبدو معه‬
‫إعتبار الرغبة يف عدم التجديد ‪ ,‬سببا لطلب اخلروج إال إذا كانت معفية من غرامة احلرمان‬
‫"‪. 2‬‬
‫إذن موق ف فق ه القض اء واض ح فالتنبي ه ب اخلروج املتض من بمج رد رغب ة املال ك يف‬
‫إخ راج املتس وغ م ع اس تعداده ل دفع غرام ة احلرم ان ه و تنبي ه معل ل ومس بب ‪ ,‬وال حيكم‬
‫بإبطاله ‪.‬‬
‫أمّا إذا كانت أسباب تعفي املالك من دفع غرامة احلرمان ففي هذه الصورة ومحاية‬
‫حلق املتس وغ ‪ ,‬فإن ه جيب ذك ر األس باب لكي يتمكن مال ك احلق التج اري من املنازع ة يف‬
‫األسباب وكذلك له احلق يف طلب إبطال التنبيه ‪.‬‬
‫بأن " اإلقتناع بصحة سبب‬ ‫ولقد إعتربت حمكمة التعقيب مبناسبة تطبيق أمر ‪ّ 1954‬‬
‫التنبيه املوجه للمكرتي شأن بشأن اإلفصاح عن نية عدم التجديد حسب الفصل ‪ 10‬من أمر‬
‫‪ 27‬ديسمرب ‪ 1954‬ال خيضع إلجتهاد احملكمة املطلق "‪. 1‬‬
‫وميكن أن نس تنتج أن املال ك غ ري مطل وب بتوض يح األس باب الشخص ية ال يت جعلت ه‬
‫ي رفض التجدي د وإمنا يكتفي بتوجي ه التنبي ه يص رح في ه عن رغبت ه يف إهناء الك راء ‪ .‬ويك ون‬
‫التعليل له أمهية أساسية وله تأثري على صحة التنبيه يف حالة اإلضرار مبصاحل املتسوغ الذي له‬
‫احلق معارضتها واملنازعة فيها أو املطالبة بالتعويض عن حرمانه حلق التجديد ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 1181‬مؤّر خ يف ‪ 6‬سبتمرب ‪ . 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1978‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 63‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 1517‬مؤّر خ يف ‪ 2‬مارس ‪ . 1978‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1978‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 62‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪100‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وجتدر املالحظة أن يف صور الفصل الثامن وما بعده من قانون ‪ 1977‬توجب على‬
‫املؤجر أن يعني القاعدة القانونية وسبب رفض التجديد ‪.‬‬
‫ويف رأينا ‪ ,‬إذا كان املالك هيئة عمومية فلها احلق يف رفض التجديد لسبب مستمد‬
‫من املص لحة العام ة وبالت ايل جيب عليه ا اإلش ارة مبحض ر التنبي ه لس بب إهناء العالق ة الكرائي ة‬
‫املتمثل يف املصلحة العامة أما يف حالة عدم ذكر هذا السبب يكون التنبيه غري مسبب وبالتايل‬
‫إستوجب إلغاؤه ‪.‬‬

‫نص الفص‪AA A‬ل ‪ 27‬من ق‪AA A‬انون ‪ 25‬م‪AA A‬اي‬


‫الفق‪AA A‬رة الرابع‪AA A‬ة ‪ :‬ذك‪AA A‬ر ّ‬

‫‪1977‬‬
‫أوجب فق ه القض اء التونس ي ه ذا الش رط وال ذي ك ان قب ل ص دور ق انون ‪1977‬‬
‫متمثل يف وجوب ذكر نص الفصل ‪ 29‬من أمر ‪ . 1954‬من ذلك إعتربت حمكمة التعقيب‬
‫" أن التنبيه بتنهية املدة يف املكرى التجاري ‪ ...‬يكون صحيحا إذا ما توفر فيه ذكر السبب‬
‫ومض مون الفص ل ‪ . 29‬وال ينقض ي احلكم الص ادر ب اخلروج "‪ . 1‬ففي حال ة ع دم ذك ر‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 3911‬مؤّر خ يف ‪ 7‬أكتوبر ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬القسم املدين ج ‪ ، 4‬ص ‪. 170‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪101‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫مض مون الفص ل ‪ 29‬يك ون التنبي ه ب اطال ‪ .‬و لق د إس تقرت حمكم ة التعقيب على هذا ال رأي‬
‫فجاء قرارا صادرا عنها " مل يوجب القانون على املالك التنصيص ضمن التنبيه باخلروج على‬
‫النص احلريف للفص ل ‪ . 29‬وإمنا أوجب علي ه ذك ر مض مونه فق ط‪ . 2‬وبالت ايل ليس هن اك‬
‫خمالف ة للفص ل اخلامس من أم ر ‪ 27‬ديس مرب ‪ . " 1954‬ولق د اس تقرت حمكم ة التعقيب‬
‫ك ذلك على اعتب ار أن التنبي ه باط ل يف حال ة ع دم اإلش ارة للفص ل ‪ 27‬من ق انون ‪ 25‬م اي‬
‫‪ 1977‬حىت أهنا أقّر ت بأّنه إجراء يهم النظام العام فجاء يف قرار صادر عنها مبدؤه هو أّن "‬
‫التنبيه باخلروج من املكرى التجاري الذي مل يتضمن اإلشارة للفصل ‪ 27‬من قانون امللك‬
‫التج اري يك ون ب اطال وجوب ا إذ ه و يهم النظ ام الع ام و احلكم ال ذي إعتم ده يك ون خارق ا‬
‫للقانون و يستوجب النقض بدون إحالة "‪. 3‬‬
‫فعدم اإلشارة ملضمون الفصل ‪( 27‬الفصل ‪ 29‬يف أمر ‪ ) 1954‬ميس من حقوق‬
‫املتسوغ ‪.‬‬
‫و ذلك إستنادا على تربير وجوب ذكر نص الفصل ‪ 27‬املتمثل يف تنبيه املتسوغ من‬
‫خط ورة اآلث ار الناجتة قانون ا ‪ ,‬عن ع دم إح رتام آج ال القي ام بال دعاوى اجلائزة قانون ا ‪ .‬و إال‬
‫س يرتب عن ذل ك قرين ة قاطع ة على قبول ه للتن ازل عن التجدي د أو عن غرام ة احلرم ان ‪.‬‬
‫و كذلك قبول الشروط اجلديدة للكراء يف صورة عرض املالك لشروط جديدة ‪.‬‬
‫ف واجب ذك ر مض مون الفص ل ‪ 27‬ج اء واض حا وإس تثناء لقاع دة كرس تها جمل ة‬
‫اإللتزامات والعقود املضمنة بالفصل ‪ 545‬الذي ينص ‪ " :‬جهل القانون ال يكون عذرا يف‬
‫إرتك اب ممن وع أو فيم ا ال خيفى على الع وام وذل ك ‪ ,‬بع د نش ره ومض ي املدة املعين ة إلج راء‬
‫العمل به " ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6590‬مؤّر خ يف ‪ 28‬أكتوبر ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 24‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 8524‬مؤّر خ يف ‪ 17‬فيفري ‪ . 1983‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1983‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 144‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪102‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫جممال لقد عمل املشرع على إحاطة املتسوغ مبزيد من ضمانات حتمي حقه ‪ .‬خاصة‬
‫أن الفص ل ‪ 27‬ينص على األج ل ال ذي يف حال ة ع دم إحرتام ه يس قط حق ه يف القي ام ل دى‬
‫القض اء ه ذا األج ل حمدد بثالث ة أش هر املوالي ة لت اريخ إبالغ اإلعالم ب اخلروج ‪ ,‬أو جبواب‬
‫صاحب امللك املنبه عليه مبقتضى الفصل اخلامس من هذا القانون ‪.‬‬
‫ولق د أك دت حمكمت التعقيب على " أن ع دم قي ام املك رتي للمعارض ة على التنبي ه‬
‫وفوات األجل تصبح العالقة يف أداء الكراء خاضعة للقانون العام " ‪.1‬‬
‫ح ىت أهنا إعت ربت " أن اخلط أ املادي يف رقم الفص ل املنطي ق على تنهي ة األكري ة‬
‫التجارية يف نطاق القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬ال يؤثر على صحة التنبيه وإن قدرة املالك‬
‫على مباشرة التجارة من عدمها ال يؤثر على حقه يف اسرتجاع املكري على أساس استعداده‬
‫لدفع غرامة احلرمان " ‪.2‬‬
‫ف املهم حس ب توج ه حمكم ة التعقيب ه و مض مون الفص ل واخلط أ املادي يف ذك ر‬
‫الفصل ال تأثري له ألن العربة باملضمونه ال برقمه ‪.‬‬

‫الفرع الّثاني‬
‫اآلثار الناتجة عن التّنبيه‬

‫ختتل ف آث ار التنبي ه ب إختالف مض مونه و األس اس الق انوين ال ذي إعتم ده املال ك يف‬
‫توجيهه ‪ .‬وختتلف آثاره كذلك بإختالف موقف املتسوغ منه ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقيبي مدين عدد ‪ 5364‬مؤّر خ يف ‪ 04‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 158‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 11702‬مؤّر خ يف ‪ 09‬نوفمرب ‪ . 1988‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1988‬ص ‪. 50‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪103‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فيمكن أن يكون سبب توجيه التنبيه مربر يعفيه بالتايل من دفع غرامة احلرمان فيكون‬
‫احلق يف املنازعة يف سبب التنبيه ورفع األمر للقضاء ليصدر حكما يف شأنه حيسم‬
‫للمتسوّغ ّ‬
‫األمر بني الطرفني ‪.‬‬
‫وق د يك ون الس بب يف توجي ه التنبي ه متمث ل أساس ا يف رغب ة املال ك الص رحية يف إهناء‬
‫العالقة الكرائية مع إستعداده لدفع غرامة احلرمان ‪ .‬ولقد سبق أن ذكرنا موقف فقه القضاء‬
‫التونس ي يف ه ذا اإلط ار وال ذي أك دت في ه حمكم ة التعقيب ه ذا ال رأي ‪ .‬ويك ون للمتس وغ‬
‫احلق يف احلصول على هبذه الغرامة بصفة فعلية ‪.‬‬
‫فالتنبي ه إذن ينهي الك راء اجلاري ولكن ميكن أن يك ون يف ح د ذات ه جتدي دا‬
‫احلق يف قبول مقتضيات هذا التنبيه فيعترب التجديد قد مت بصفة هنائية ‪ .‬وإال‬
‫له ‪ .‬و للمستأجر ّ‬
‫له احلق يف رفض التجديد وااللتجاء إىل القضاء حلسم النزاع ‪.‬‬
‫وجتدر اإلش ارة أن معي ار األج ل ل ه أمهي ة يف س قوط ح ق املس تأجر يف معارض ة أو‬
‫مناقش ة أس باب رفض التجدي د على أس اس الفص ل الث امن وم ا بع ده من ق انون ‪ 1977‬أو‬
‫املطالب ة بغرام ة احلرم ان أم ام القض اء واملتمث ل يف ثالث ة أش هر من ت اريخ اإلعالم بالتنبي ه يف‬
‫القانون التونسي أو عامني يف القانون الفرنسي ‪.‬‬
‫فم ا هي الطبيع ة القانونّي ة هلذا األج ل (أ) ؟ و م ا هي الآث ار الناجتة عن التنبي ه‬
‫املتضّم ن (ب) ؟ ‪.‬‬

‫أ ‪ :‬الطبيعة القانونّية ألجل الثالثة أشهر‬


‫لقد أجاب فقه القضاء التونسي على هذا اإلشكال وإعتربه أجل مسقط حلق القيام‬
‫باملنازع ة يف أس باب االمتن اع عن التجدي د أو املطالب ة بغرام ة احلرم ان أو اإلع رتاض على‬
‫شروط التجديد ولقد إختذ فقه القضاء التونسي هذا احلل قبل صدور قانون ‪ 1977‬وإستقر‬
‫عليه إىل يومنا احلاضر ‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ب دليل أن قض اة الدرج ة الثاني ة إعت ربو أن ه " يس قط ح ق املس تأجر يف القي ام ب دعوى‬
‫ال نزاع يف أس باب اإلمتن اع من جتدي د اإلجيار أو ب دعوى املطالب ة بغرام ة احلرم ان أو ب دعوى‬
‫اإلعرتاض على الشروط اجلديدة مبضي أجل مسقط مدته ثالثة أشهر بداية من تاريخ إتصاله‬
‫بالتنبيه " ‪. 1‬‬
‫و لقد أكدت حمكمة التعقيب هذا املوقف و استقرت عليه حىت بعد صدور قانون‬
‫‪ 1977‬ف إعتربت أّن ه " جيب على املتس وغ ال ذي يري د إّم ا ال نزاع يف أس باب اإلمتن اع م ع‬
‫التجديد و إّما املطالبة بغرامة احلرمان أو الذي يرفض الشروط املعروضة يف شأن العقد اجلديد‬
‫أن يرفع األمر إىل احملكمة ذات النظر يف الثالثة أشهر املوالية لتاريخ إبالغ اإلعالم أو جبواب‬
‫صاحب امللك املنبه عليه ‪. 2 " ...‬‬
‫ح ىت أهّن ا حبثت أخ ريا يف الطبيع ة القانونّي ة لألج ل املنص وص علي ه ص لب ق انون‬
‫‪ 1977‬فإعتربت ه أج ل مس قط و ميزت ه عن بقي ة اآلج ال فج اء يف ق رار له ا ‪ " :‬و حيث أّن‬
‫التقادم نوعان ‪ :‬مكسب و مسقط ‪ .‬فاملكسب هو سبب من أسباب كسب احلقوق العينّي ة‬
‫و املسقط هو سبب تسقط به دعوى املطالبة باحلق الناشئ عن اإللتزام أو سقوط ح ّق املطالبة‬
‫باحلقوق الشخص ّية و ا كانت حقوق املستأجر جتاه املؤّج ر أو العكس هي حقوق شخص ّية‬
‫ّمل‬
‫تقابل اإللتزامات اليت بذّم ة الطرف اآلخر‪ ,‬فإّن التقادم الذي يتعّل ق بالدعوى الناشئة منها هو‬
‫التقادم املسقط " ‪. 1‬‬
‫إذن باإلعتماد على هذه احليثية نستنتج أّن حمكمة التعقيب حددت املعيار الذي ميّي ز‬
‫آجال القيام يف قانون ‪ 1977‬و الذي يعترب معيار فقه قضائي ‪ .‬فلكي نقّر بأّن هذا األجل هو‬
‫أجل مسقط للح ّق جيب البحث أّو ال يف مدى إرتباط احلّق بدعوى املطالبة باحلّق الناشئ عن‬

‫‪ :‬قرار إستئنايف مدين عدد ‪ 55665‬مؤّر خ يف ‪ 21‬ديسمرب ‪ 1962‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ 8‬لسنة ‪ ، 1963‬ص ‪. 32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار مدين تعقييب عدد ‪ 11201‬مؤّر خ يف ‪ 18‬أفريل ‪ . 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬القسم املدين ج ‪ ، 1‬ص ‪. 97‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 10907‬مؤّر خ يف ‪ 23‬جانفي ‪ 2002‬قرار غري منشور ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪105‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫إل تزام أو عن ح ّق شخص ي أم ا يف حال ة التأّك د من وج ود ه ذه الرابط ة فاألج ل ه و مس قط‬


‫للحّق و ليس مكسب له ‪.‬‬
‫و يف ص ورة إح رتام املتس ّو غ له ذا األج ل و رف ع دع وى أم ام القض اء ف إّن ثالث ة‬
‫إفرتاضات و حلول ميكن إستنتاجها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ففي حالة تقدير احملكمة هلذه األسباب و إعتربهتا مؤسسة فإهّن ا تضع ح ّد ا لعقد‬
‫الكراء و تلزم املالك ببذل الغرامات املستحّق ة حسب كّل حالة من حاالت الرفض ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أّم ا يف حال ة تق دير احملكم ة هلذه األس باب فوج دهتا غ ري مؤسس ة فإهّن ا حتكم‬
‫بتجديد الكراء فينطلق أجل الكراء اجلديد من موىف العقد األصلي أو من تاريخ جتديده ‪.‬‬
‫‪ - 3‬إذا احتوى التنبيه على رفض جمرد دون أسباب و مّربرات فعلى احملكمة يف هذه‬
‫احلالة أن تقّد ر غرامة احلرمان الواجبة ‪.‬‬

‫ب ‪ :‬اآلثار الّناتجة عن الّتنبيه المتضّم ن لعرض الّتجديد‬


‫يبقى اإلش كال مطروح ا يف ص ورة توجي ه تنبي ه متض ّم نا لع رض التجدي د بش روط‬
‫جديدة و لكن يبقي كّل من الطرفني ملتزمني بالصمت حول مصري التنبيه ؟‬
‫لق د أج اب فق ه القض اء التونس ي عن ه ذا اإلش كال ف ذهب إىل إعتب ار أّن ع دم قي ام‬
‫املستأجر يف األجل القانوين ملناقشة الثمن اجلديد املعروض من املالك يعترب قبوال ضمنّيا هلذا‬
‫الثمن و لكّل الشروط اجلديدة اليت عرضها املالك‪ . 1‬و تأكيدا هلذا املوقف جاء بقرار صادر‬
‫عن الدوائر اجملتمعة ‪ " :‬اقتضى الفصالن ‪ 27‬و ‪ 28‬من القانون عدد ‪ 37‬لعام ‪1977‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4282‬مؤّر خ يف ‪ 14‬ديسمرب ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 234‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرار تعقييب عدد ‪ 4340‬مؤّر خ يف ‪ 07‬فيفري ‪ . 1983‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1983‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 141‬‬

‫‪106‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫املؤرخ يف ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬املتعّل ق باملل ك التج اري إّن املك رتي ال ذي ال يع ارض ل دى‬
‫قاض ي امللك التجاري الفردي يف معني الكراء اجلديد املعروض علي ه بالتنبي ه املوجه إلي ه من‬
‫املالك طبق الفصل الرابع من نفس القانون و ذلك خالل ثالثة أشهر من تاريخ اإلعالم إليه‬
‫يعترب قبل معني الكراء اجلديد ‪" .‬وبالتايل عدم دفع املتس ّو غ ملعني الكراء إثر ذلك ينتج عنه‬
‫فسخ الكراء بسبب ذلك " ‪.‬‬

‫و جتدر اإلش ارة إىل أّن حمكم ة التعقيب الفرنس ّية إعت ربت أّن س قوط ك ّل ح ّق‬
‫للمكرتي يف احملّل ال يسري على التنابيه املتض ّم نة عرضا جديدا للتجديد ‪ّ ,‬مث إعتمدت رأيا‬
‫آخر فاعتربت أّن هذا التنبيه يعّد الغيا و يستمّر التسويغ ضمنّيا ‪ ,‬و جاء رأي ثالث أّك د فيه‬
‫فق ه القض اء الفرنس ي على وج وب التفرق ة بني مب دأ التجدي د ذات ه و بني تحدي د الثمن و ال‬
‫يعق ل أّن ع دم قي ام أح د األط راف أم ام القض اء ي ؤّدي إىل إلغ اء التنبي ه وع دم التجدي د ‪ .‬و‬
‫إتبعت ه ذا املوق ف عن دما ال يقب ل املتس ّو غ معني الك راء اجلدي د و م ع ذل ك ال يث ري ه و أو‬
‫املالك دعوى يف الغرض‪. 2‬‬

‫الفرع الّثالث‬
‫دعوى إبطال التّنبيه‬

‫هتدف هذه الدعوى إىل إبطال التنبيه و بالتايل إلغائه و ذلك على أساس عدم إحرتام‬
‫التنبيه للشروط املنصوص عليها يف قانون ‪ . 1977‬و رغم ذكر الفصل الرابع هلذه الشروط‬
‫فإّننا ال جند صلب هذا القانون ما ينظم إجراءات رفع الدعوى من حيث اإلختصاص الرتايب‬
‫أو احلكمي ال واجب إحرتامهم ا من ط رف مال ك املل ك التج اري أي املتس ّو غ ‪ .‬الفص ل ‪31‬‬
‫ال ذي ينص على " أن مجي ع ال دعاوي املقام ة بن اء على تط بيق ه ذا الق انون غ ري االقض ايا‬

‫‪Cass , 3e , CIV, 9 Juin 1985 ,Loyers et Logs , 1985, n°= 207 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪107‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫املنصوص عليها بالفصول ‪ 27‬إىل ‪ 30‬من هذا القانون يقع النظر والبت فيها طبق أحكام‬
‫القانون العام " مل حيل اإلشكال املطروح خاصة أنه جاء فضفاضا وغري دقيق ‪ .‬وما ميكن‬
‫احلسم فيه هو دخول دعوى إبطال تنبيه حتت طائلة هذا الفصل فقط ‪ .‬فقه القضاء التونسي‬
‫ط رح علي ه عدي د اإلش كاليات التطبيقي ة ومبناس بتها أخ ذ ي ؤول الفص ل ب الرجوع إىل قواع د‬
‫القانون العام ‪ .‬ولقد أقرت حمكمة التعقيب‪ 1‬بأن يف حالة موضوع الدعوى مل يكن يرمي إىل‬
‫غاية من غايات احملصورة عدا بالقانون فإهنا ختضع ملقتضيات القانون العام ‪ .‬وأكدت ذلك يف‬
‫قرار صادر عنها جاء مببدئه " التنبه بتنهية املدة يف املكرى التجاري يقام فيه بدعوى اإلبطال‬
‫على معىن الفصل ‪ 31‬من قانون األكرية التجارية دون الفصل ‪ 27‬منه "‪. 2‬‬
‫وإس تقرت حمكم ة التعقيب على ه ذا املوق ف لكن ب أكثر تعم ق ف إعتربت " إن مجي ع‬
‫النزاعات املتعلقة مبادة أكرية احملالت التجارية غري املنصوص عليها بالفصول ‪ 27‬إىل ‪ 30‬من‬
‫ق انون األكري ة التجاري ة ومن ض منها دع وى اإلبط ال ختض ع من الناحي ة اإلجرائي ة من حيث‬
‫مرجع النظر ودرجة احلكم ألحكام القانون العام " ‪. 1‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أن الرجوع إىل أحكام القانون العام ليس بالعمل السهل لتطبيق‬
‫قواعده على دعوى إبطال التنبيه خاصة بعد عدول املشرع عن قاعدة الفصل ‪ 33‬من األمر‬
‫الق دمي ال ذي ك ان يف رد احملكم ة اإلبتدائي ة باإلختص اص احلكمي يف مجي ع دع اوي املل ك‬
‫التج اري فإس تبدل ه ذه القاع دة وأوجب الرج وع إىل أحك ام الق انون الع ام ‪ .‬فم ا ه و‬
‫االختصاص احلكمي والرتايب هلذه الدعوى ؟‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4147‬مؤّر خ يف ‪ 03‬جويلية ‪ 1981‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ 9‬لعام ‪ ، 1981‬ص ‪. 81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6346‬مؤّر خ يف ‪ 18‬نوفمرب ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 178‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 13235‬مؤّر خ يف ‪ 22‬جوان ‪ . 1986‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1986‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 180‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرار تعقييب مدين عدد ‪ 39152‬مؤّر خ يف ‪ 21‬جوان ‪ . 1995‬ن‪.‬م‪.‬ت القسم املدين لعام ‪ ، 1995‬ص ‪. 375‬‬

‫‪108‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الفق‪AA‬رة األولى ‪ :‬اإلختص‪AA‬اص الحكمي و الّت رابي ل‪AA‬دعوى إبط‪AA‬ال‬


‫الّتنبيه‬
‫ملعرف ة اإلختص اص احلكمي جيب أن نبحث يف أحك ام جمّل ة املرافع ات املدنّي ة و‬
‫التجارّية اليت إقتضت توزيع اإلختصاص احلكمي يف الدعاوى الشخصية بني حمكمة الناحية و‬
‫احملكمة اإلبتدائية ‪ .‬و لضبط مرجع النظر احلكمي بينهما سنعتمد حسب فقه القضاء التونسي‬
‫على قاعدة " مقدار معني الكراء السنوي "‪ . 2‬و بالتايل فإن كان مقدار معني الكراء السنوي‬
‫يف حدود السبعة آالف دينار فهي من إختصاص حمكمة الناحية ‪ .‬أّم ا إذا جتاوز املقدار هذا‬
‫احلّد ف إّن اإلختص اص س يكون للمحكم ة اإلبتدائّي ة دون س واها و ذل ك تطبيق ا للفص ل ‪38‬‬
‫مكّر ر من م ‪ .‬م ‪ .‬م ‪ .‬ت ‪.‬‬
‫لقد أثري إشكال حول اإلختصاص احلكمي يف حالة إشتمال الدعوى لفرعني أحدمها‬
‫يهّم طلب غرامة احلرمان و اآلخر يهّم طلب إبطال التنبيه ‪.‬‬
‫" و قد صدرت أحكام مستندة إىل أّن الّد عوى املشتملة على فرعني ‪ :‬أحدمها بطالن‬
‫الّتنبي ه ‪ ،‬و اآلخ ر أداء غرام ة احلرم ان تص اغ ع ادة على أس اس أّن الف رع األّو ل ه و الّطلب‬
‫األص لي و الف رع الّث اين ه و الطلب اإلحتي اطي ‪ ،‬ألّن غرام ة احلرم ان ال تس تحّق إّال إذا ك ان‬
‫الّتنبيه صحيحا ‪ .‬و إذا أخذت احملكمة بالّطلب األصلي ‪ ،‬بأن ثبت لديها بطالن التنبيه ‪ ،‬فإهّن ا‬
‫تقتص ر على احلكم ب ه و ال تتج اوزه إىل الّطلب اإلحتي اطي ‪ ،‬و ه و غرام ة احلرم ان ‪ ،‬و إذا‬
‫ك ان الك راء الّس نوي ال ذي تق در ب ه دع وى بطالن الّتنبي ه دون أل ف دين ار ‪ ،‬فإهّن ا تك ون ق د‬
‫حكمت يف دع وى من إختص اص حمكم ة الناحي ة ‪ ،‬ألهّن ا س وف ال تأخ ذ بعني اإلعتب ار قيم ة‬
‫الّطلب اإلحتياطي املتماشي مع إختصاصاهتا ‪ ،‬ألهّن ا مل تنظر فيه ‪ .‬و على هذا األساس تكون‬

‫‪ : 2‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 13235‬مؤّر خ يف ‪ 22‬جوان ‪ . 1986‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1986‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 180‬‬
‫" مادام النزاع يتّعلق بتنبيه اخلروج من املكرى التجاري ال نزاع يف كرائه و ال يف مقدار معينه السنوي فإّن ضبط مرجع النظر احلكمي وفقا ألحكام الفقرة األخرية من الفصل ‪23‬‬
‫مرافعات " ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ال ّد ائرة اجمللس ّية باحملكم ة اإلبتدائّي ة ملزم ة ب الّتخّلي عن القض ّية كّلم ا إقتص رت على احلكم‬
‫لصاحل الطلب األصلي و كانت قيمته دون إختصاصها "‪. 1‬‬
‫‪2‬‬
‫ه ذا اإلجّت اه القى نق دا ش ديدا من بعض الفقه اء من بينهم ال رئيس رش يد الص ّباغ‬
‫الذي أّك د على تعارض هذا اإلجّت اه مع مقتضيات الفصل ‪ 26‬من م ‪ .‬م ‪ .‬م ‪ .‬ت ‪ .‬الذي مل‬
‫يفّر ق بني الفروع األصلّية و الفروع اإلحتياطّية و حىت من الناحية العملّي ة فإّن احلكم ال يتهيأ‬
‫عادة إاّل بعد مرافعات طويلة و احلكم بالتخّلي بعد ذلك يكون عمال سلبّيا ومضر مبصلحة‬
‫املتقاضني ‪.‬‬
‫و لكن إجّت هت حمكمة التعقيب عن هذا املسار و إعتربت ‪ " :‬إّن فرع الدعوى املتعّل ق‬
‫بطلب غرام ة احلرم ان ه و من أنظ ار احملكم ة اإلبتدائّي ة ‪ ,‬ألّن ه من قبي ل ال دعاوى املس تثناة‬
‫املنص وص عليه ا بالفص ول ‪ 27‬إىل ‪ 30‬املذكورة و تناس با على م ا تق ّد م ف إّن حمكم ة احلكم‬
‫املنتقد ا قضت بالصورة السابق بياهنا يكون قضاؤها خارقا ألحكام الفقرة األوىل من الفصل‬
‫ّمل‬
‫‪ 26‬من م ‪ .‬م ‪ .‬م ت و الفصل ‪ 31‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪. 1" 1977‬‬
‫و لق د إس تقّر ت على ه ذا املوق ف و أّك دت ه يف ق رار ص ادر عن ال دوائر اجملتمع ة هبا‬
‫حيث إعتربت ‪ " :‬إذا إشتملت عريضة الدعوى على فرعني أّو هلما يتعّل ق بطلب إبطال تنبيه‬
‫جتاري و ثانيهم ا يتعّل ق بطلب تق دير غرام ة احلرم ان ال يت يس تحّق ها املتس ّو غ من ج ّر اء ع دم‬
‫جتدي د الك راء ف إّن الف رعني يكون ان ناش ئني عن س بب واح د و ه و عق د الك راء و ك ذلك‬
‫يضاف الفرعان لبعضهما بعضا لتحديد مرجع النظر و درجة احلكم "‪. 2‬‬
‫على خالف مرج ع النظ ر احلكمي ال ذي ط رح عدي د اإلش كاليات فق ه قض ائّية ف إّن‬
‫مرجع النظر الرتايب يكاد يكون واضحا و ذلك بالرجوع إىل الفصل ‪ 31‬من قانون ‪1977‬‬
‫‪ : 1‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪103 -102‬‬
‫‪ : 2‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪103‬‬
‫‪ : 1‬قرار تعقييب عدد ‪ 6194‬مؤّر خ يف ‪ 5‬نوفمرب ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 72‬‬
‫‪ : 2‬قرار تعقييب صادر عن الدوائر اجملتمعة عدد ‪ 17278‬مؤّر خ يف ‪ 27‬نوفمرب ‪ . 1987‬مركز الدراسات القانونية و القضائية بوزارة العدل قرارات الدوائر اجملتمعة حملكمة‬
‫التعقيب ‪ 1901‬إىل ‪ ، 1992‬ص ‪. 488‬‬

‫‪110‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الذي أحاىل إىل أحكام القانون العام ‪ .‬فإّن دعوى إبطال التنبيه ترفع للمحكمة اليت بدائرهتا‬
‫مق ر املدعى علي ه تطبيق ا للفص ل ‪ 30‬الفق رة األوىل من م ‪ .‬م ‪ .‬م ‪ .‬ت ‪ .‬و يبقى الس ؤال‬
‫مطروحا حول أجل القيام يف دعوى إبطال التنبيه ؟‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬أجل القيام في دعوى إبطال الّتنبيه‬


‫هذا األجل مل حيدده قانون ‪ 1977‬و كان عبء اإلجابة عن هذا السؤال حمموال‬
‫على فقه القضاء التونسي الذي أنشأ قاعدة و حل فقه قضائي باالعتماد على تسلسل منطقي‬
‫و ق انوين ف إعترب أّن ‪ " :‬نس تخلص من األحك ام ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬أّن القي ام بال دعاوى‬
‫الناش ئة عن تط بيق ه ذا الق انون ال يت منه ا ال دعوى إلزامّي ة إىل إبط ال تنبي ه و غ ري ذل ك من‬
‫القضايا املتعلق ة ب النزاع يف أسباب اإلمتناع من التجديد أو املطالبة بغرام ة احلرمان أو رفض‬
‫الشروط املعروضة يف شأن العقد اجلديد الذي حدد أجل القيام يف شأهنا بثالثة أشهر ميكن‬
‫القيام هبا يف غضون اخلمسة عشر عاما مثل اليت يقام هبا و يبث يف شأهنا طبق أحكام القانون‬
‫العام و معىن ذلك أّن القيام مل يكن جمددا بأجل ثالثة أشهر و إمّن ا ميت ّد إىل مخسة عشر عاما‬
‫مثلما األمر يف سائر الدعاوى " ‪.‬‬
‫هكذا إذن فقه القضاء التونسي مل يغلق باب اإلجتهاد يف عديد املرات بسبب الفراغ‬
‫أو النقص الذي يشكو منه هذا القانون و خاصة يف إطار اإلجراءات اليت هلا أمهّي ة بالغة يف‬
‫احملافظة على حّق املتسوغ و محايته‪. 1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 26417‬مؤّر خ يف ‪ 25‬أفريل ‪ . 1990‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ 1990‬ص ‪. 251‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪111‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫المبحث الّثاني‬
‫الّتجديد في صورة وجود مطلب الّتجديد‬

‫قبل التطرّق هلذا املوضوع جيب اإلشارة إىل أّن هذه الطريقة من طرق التجديد نادرة‬
‫ج ّد ا على املس توى العملي ‪ .‬و ه و م ا يفس ر غي اب األحك ام و الق رارات القض ائية املنش ورة‬
‫منه ا على األق ل يف ه ذه املادة و على ه ذا األس اس س نتناول بال درس ه ذا املبحث معتم دين‬
‫التحليل النظري دون العملي لبسط خمتلف اإلشكاليات اليت حتيط مبطلب التجديد يف قانون‬
‫‪. 1977‬‬
‫يعت رب مطلب التجدي د من ش كليات جتدي د عق د الك راء التج اري و لق د نّص علي ه‬
‫الفص ل اخلامس من ق انون ‪ " : 1977‬عن د ع دم التنبي ه ب اخلروج جيب على املتس وغ ال ذي‬
‫يريد أن حيصل على جتديد الكراء أن يقدم مطلبا إّم ا يف الستة أشهر السالفة النتهاء الكراء أو‬
‫يف كّل وقت طيلة التجديد و ذلك عند اإلقتضاء " ‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫و تقدمي هذا املطلب مرتبط يف حد ذاته بانعدام التنبيه الصادر عن املالك الذي له حق‬
‫محاية حق ملكية العقار و اسرتجاعه و إخراج املتسوغ حينما يرغب يف ذلك بشرط إحرتام‬
‫مقتضيات قانون ‪ 1977‬الذي جاء حلماية احلق العقاري من جهة و احلق التجاري من جهة‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫هذه اإلمكانية اليت وضعها املشرع هلا فائدة كبرية ‪ ,‬إذ ال يكون جتديد الكراء رهني‬
‫موقف املالك فحسب بل كذلك هو مرتبط بإرادة املتسوغ الذي يقدم مطلب التجديد ليعلن‬
‫عن رغبت ه يف التجدي د ‪ ,‬و لتوض يح وض عه الق انوين يف إط ار ه ذه العالق ة الثنائي ة املتمثل ة يف‬
‫العالقة الكرائية ‪.‬‬
‫و من املالح ظ أّن ج انب من الفق ه اعت رب أّن ‪ " :‬كلم ة التجدي د ال وارد ب النص يف‬
‫جملة أو يف كل وقت طيلة التجديد‪ ,‬مستعملة يف غري حملها ألّن األمر ال يتعلق بالتجديد و‬
‫إمّن ا يتعل ق بالتمدي د ألج ل غ ري معني طب ق م ا نّص ت علي ه الفق رة الثاني ة من الفص ل الراب ع يف‬
‫قوهلا و عند عدم التنبيه باخلروج يستمر التسويغ الذي حددت مدته بالتجديد الضمين …‬
‫من غري مدة معين ة ‪ .‬فهذا التجديد الذي يتح دث عن ه املش رع ليس هو التجديد املنص وص‬
‫عليه بأّو ل الفصل اخلامس و إمّن ا هو استمرار قانوين للعقد بنفس الشروط السابقة لألجل غري‬
‫معني حىت يتبني مآل العقد "‪. 1‬‬
‫فاملتس وغ غ ري مض طر لتق دمي مطلب التجدي د و ليس من واجب ه القي ام ب ذلك فل ه أن‬
‫يستمر يف احملل مبوجب القانون إىل أن يتخذ املالك موقفا من بقائه أو عدم بقائه و هذا على‬
‫عكس املالك الذي جيب عليه التنبيه على املتسوغ يف حالة إهناء العالقة التعاقدية ‪ .‬ويبدو ه ذا‬
‫منطقي نظرا للفرق الواضح بني إستمرار العالقة الكرائية احملتمة يف غياب مطلب التجديد من‬
‫جه ة ‪ ,‬و الرغب ة يف إهنائه ا من جه ة أخ رى ‪ .‬فحماي ة حلق وق املتس وغ املكتس ب للح ق‬
‫التجاري فرض املشرع هذه التقنية املتمثلة يف وجوب التنبيه ‪.‬‬

‫‪ :‬بقاسم القروي الّش ايب ‪ " :‬امللكّية الّتجارّية " ص ‪. 139‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪113‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫سنتعرض إىل إجراءات هذا املطلب ( ف رع أوّل ) ‪ّ ،‬مث إىل‬


‫ّ‬ ‫و لدراسة مطلب التجديد‬
‫ّممن و ملن يوّج ه مطلب ّالتجديد ( فرع ثاين ) ‪ ،‬و أخريا إىل آثاره ( فرع ثالث ) ‪.‬‬

‫األول‬
‫الفرع ّ‬
‫إجراءات مطلب الّتجديد‬

‫س نتعرّض إىل إج راءات مطلب التجدي د و إىل إمكاني ة إبطال ه يف ص ورة ع دم إح رتام‬
‫هذه اإلجراءات ‪.‬‬
‫و جممال إج راءات مطلب التجدي د تنحص ر أساس ا يف طريق ة تق دمي‬
‫املطلب (فقرة أوىل) ‪ ،‬و يف مضمونه (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬طريقة تقديم مطلب الّتجديد‬


‫جيب أن يقدم مطلب التجديد للمسوغ عن طريق عدل منفذ‪ ". 1‬لقد أوجبت الفقرة‬
‫الثانية من الفصل اخلامس تقدمي املطلب عن طريق عدل منفذ ‪ .‬هذا اإلجراء يذكرنا مبا أوجبه‬
‫املشرع حني ألزم املتسوغ أن يوجه التنبيه عن طريق عدل منفذ ليكون صحيحا و حجة على‬
‫متقبله ‪.‬‬
‫‪ :‬أنظر الفقرة الثانية من الفصل ‪ 5‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪. 1977‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪114‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وجتدر اإلش ارة إىل أن ه ذا اإلج راء خيالف التش ريع الق دمي ( أم ر‬
‫ديسمرب ‪ ) 1954‬الذي كان يبيح تقدمي مطلب التجديد بطريقتين ‪ :‬أّو هلما عن طريق‬
‫ع دل تنفي ذ و ثانيهم ا بواس طة مكت وب مض مون الوص ول إن يف ع دول املش رع عن ه ذه‬
‫الطريقة و حصرها يف طريقة وحيدة ‪ ,‬املتمثلة يف توجيه املطلب بواسطة عدل منفذ ‪ ,‬فائدة‬
‫عملية على مستوى تبسيط اإلجراءات و كذلك حفظ حقوق املتسّو غ بصفة عامة ‪.‬‬
‫و من املالحظ رغم ذكر املشرع للفظة " جيب " اليت تفيد اإللزام ‪ ,‬إال أّنه مل يرتب‬
‫على عدم إحرتام هذا اإلجراء املتمثل يف تبليغ مطلب التجديد عن طريق عدل منفذ أّي جزاء‬
‫‪ ,‬الذي ينحصر عادة يف إبطال مطلب التجديد أو إلغاؤه ‪.‬‬
‫إض افة إىل ذل ك ط رح على مس توى عملي إش كال فقهي متث ل يف ‪ :‬م دى اعتب ار‬
‫إجراءات مطلب التجديد من قواعد النظام العام ؟‬
‫" إّن صبغة النظام العام هلذا القانون خمتلف فيها عندنا و عند غرينا من الفرنسيني و‬
‫ق د ذهب من س بقنا كاألس تاذ مخيس إّن التش ريع املذكور يتعل ق بالنظ ام الع ام و ذهب‬
‫أرش وفيك و أص حابه أّن ه ال يتعل ق بالنظام الع ام و إعتربت حمكم ة التعقيب الفرنس ية أّن هذا‬
‫اإلجراء موضوع و ميكن إثارته و لو بعد اجلواب يف األصل من طرف من له مصلحة فيه و‬
‫قالت حمكمة التعقيب التونسية يف أحدث قراراهتا أّن هذا التشريع إستثنائي و يتعلق بالنظام‬
‫العام … "‪. 1‬‬
‫" فأحكام قانون امللك التجاري هتّم النظام العام "‪ . 2‬هذا الرأي الفقه قضائي القى‬
‫معارضة من بعض الفقهاء‪ , 3‬الذين أّك دوا على عدم إنتماء هذا القانون لقواعد النظام العام و‬
‫إعت ربوا أّن المس ألة أي توجي ه مطلب التجدي د عن طري ق ع دل منف ذ ت دور ح ول املص لحة‬

‫‪ :‬بلقاسم القروي الشايب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 141‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقيبي مدين عدد ‪ 751‬مؤّر خ يف ‪ 03‬مارس ‪ . 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1977‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 154‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬بلقامسالقروي الشايب ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 141‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪115‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫اخلاصة فصاحبها هو الذي أوىل بإثارهتا و محايتها من احملكمة و لاتقاء ما ال يستحسنه الدفاع‬
‫و اخلصوم ‪ ,‬فعلى املتسوغ إحرتام هذا اإلجراء ‪.‬‬
‫و من املالحظ أّن النقد املوجه حملكمة التعقيب يبدو أّنه غري سليم ألّن موقفها يبقى‬
‫هو األكثر إنسجاما مع روح التشريع الذي يهدف أساسا إىل حفظ و محاية حقوق األطراف‬
‫يف العالقة الكرائية ‪.‬‬
‫إض افة للش رط و اإلجراء الس ابق الذكر جيب على املتسوغ إحرتام أجل ستة أشهر‬
‫لتقدمي املطلب فكيف يتم إحتساب أجل الستة أشهر ؟ هنا ميكن التمييز بني صورتني و مها ‪:‬‬
‫صورة العقد احملدد للمدّة حتتسب ستة أشهر تسبق أجل إنتهائه و صورة اإلستمرار‬
‫الض مين هلذا العق د ف إّن املطلب يق ّد م يف أّي وقت خالل تنفي ذه ف إن ق ّد م قب ل ذل ك يك ون‬
‫سابقا ألوانه وال ينتج أّي أثر ‪.‬‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬مضمون مطلب الّتجديد‬


‫" ينص الفص ل اخلامس من ق انون ‪ 1977‬أّن ‪ " :‬وجب أن ينّص املطلب على‬
‫مض مون الفق رة أس فله و إال يق ع إلغ اؤه و ه ذه الفق رة تنص على أن ه ينبغي على املس وغ أن‬
‫يعلم الط الب حس ب نفس الص يغ بامتناع ه أو بقبول ه للتجدي د أو بقبول ه ل ه حس ب ش روط‬
‫جديدة ‪ .‬مع بيان أسباب الرفض أو الشروط املطلوبة و ذلك يف حبر ثالثة أشهر من اإلعالم‬
‫بالتجديد و إن مل يعلم بنواياه يف هذا األجل يعّد املسّو غ قابال لتجديد الكراء بنفس الشروط‬
‫و لنفس املّد ة " ‪.‬‬
‫ه ذا التنص يص يه دف إىل ت ذكري املال ك بالواجب ات احملمول ة على عاتق ه من ج ّر اء‬
‫مطلب التجديد ‪ .‬و التنبيه عليه بأنه يتمتع بأجل حمدود للدفاع عن حقوقه حىت ال يفقد كل‬

‫‪116‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫إمكانية و كل حق يف مواجهة مطلب التجديد و مناقشته و إال‪ ,‬يعّد راضيا مبا جاء به ‪ .‬فإذا‬
‫خال املطلب من هذا التنصيص يكون معرضا للبطالن ‪.‬‬
‫فما هي طبيعة القانونية هلذا البطالن ؟‬
‫نظ را لتعرض نا هلذا اإلش كال س ابقا فإنن ا س نكتفي مبج رد الت ذكري مبوق ف القض اء‬
‫الفرنس ي ‪ ,‬ال ذي اعت رب ج زاء ع دم التنص يص على ه ذا الش رط اإلج رائي ه و جمرد البطالن‬
‫النس يب ‪ .‬بالت ايل جيب على املال ك املتض رر من ذل ك أن يث ريه أم ام القض اء كم ا أّن إّتف اق‬
‫الطرفني ميكن أن يغطي هذا النقص و هذا اخللل‪. 1‬‬
‫إض افة ل ذلك ال خالف يف أّن مطلب التجدي د ه و وثيق ة كتابي ة يوجهه ا املتس وغ‬
‫للمس وغ إال أن املش رع مل ي بني ش كلية الوثيق ة بك ل دق ة و مل يوض ح فحواه ا و أم ام ه ذا‬
‫النقص التشريعي ذهب الفقه يف اجتاه ميكن اعتباره منطقيا و هو وجوب إحتواء املطلب على‬
‫إسم الطالب و لقبه و عنوانه و نوع التجارة ّمث يذكر ما تبقى من املدة ‪.‬‬
‫إض افة هلذه البيان ات ال يت وق ع س ردها ميكن للمتس وغ أن ي ذكر ك ل م ا ي راه من‬
‫إيضاحات أخرى مستحسنة أو ضرورية من ذلك مدة التجديد اليت يرغب يف احلصول عليها‬
‫أو أن يقرتح معني كراء حمدد ‪.‬‬
‫ويف ه ذا اإلط ار لق د م يزت حمكم ة التعقيب بني طلب التجدي د على مع ىن الفص ل‬
‫اخلامس و طلب التعديل على معىن الفصل الرابع و العشرون من قانون ‪ 1977‬ف أعتربت أن‬
‫األّو ل من حق املكرتي دون املالك و الثاين من حق الطرفني‪. 2‬‬

‫‪ : 1‬أنظر‪Cass , 3e , CIV, 6 Octobre 1983 , Loyers et logs , 1984 n°=24 – :‬‬


‫‪Cass ,3e , CIV 18 Mai 1994 n°= 92-17-028 Bull , CIV III n°= 103 p : 66 -‬‬
‫‪ : 2‬قرار تعقييب عدد ‪ 3502‬مؤّر خ يف ‪ 07‬أكتوبر ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬القسم املدين ‪ ,‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 168‬‬

‫‪117‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الفرع الّثاني‬
‫مّم ن و لمن يوّج ه مطلب التّجديد‬

‫سنتطرق يف إطار هذه الفقرة إىل أطراف مطلب التجديد نظرا للخصوصية اليت يتميز‬
‫هبا هذا املطلب عن غريه من املطالب املقررة صلب هذا القانون و عن التنبيه الذي يصدره‬
‫املال ك ‪ .‬فمن ال ذي يوّج ه مطلب التجدي د ؟ (فق رة أوىل) وملن يوّج ه ه ذا‬
‫املطلب ؟ (فقرة ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬موّج ه مطلب الّتجديد‬


‫مطلب التجدي د حيمي مص لحة الت اجر و خلفائ ه ‪ .‬فالت اجر ه و املتس وغ أم ا اخللف اء‬
‫فهم ‪ :‬أّو ال املك رتي الث اين يف ح دود م ا ميلك ه من ب اقي م دة العق د املش رف على هنايت ه ‪ .‬أو‬
‫احملال ل ه إن وقعت اإلحال ة قب ل هناي ة العق د و ل و ملدة قليل ة ‪( :‬و للمح ال ل ه احلق يف إض افة‬
‫املدة القليل ة إىل املدة ال يت تص رف فيه ا احملي ل ‪ .‬و األم ر باملث ل بالنس بة للمك رتي الث اين ال ذي‬
‫خصص املشرع له الفصل ‪ 21‬من قانون ‪ . ) 1977‬و أمني الفلسة هو كذلك مؤهل‬
‫لطلب التجدي د إن رأى مص لحة يف ذل ك للم دين و خاص ة جلماع ة ال دائنني بع د إستش ارة‬
‫قاض ي اجللس ة ‪ّ .‬مث ثاني ا ورث ة املك رتي حيث جيوز هلم املطالب ة بتجدي د العق د ‪ .‬بش رط أن‬
‫يتحملوا مجيعا الواجبات اليت إلتزم هبا املكرتي و الذي إنتقل منه إليهم احلق يف طلب التجديد‬
‫‪ .‬و جيب على املقدم أن يستأذن قاضي التقادمي قبل تقدمي هذا املطلب للمالك ‪ .‬و املقدم هو‬
‫ويل الورث ة ع دميي األهلي ة و استش ارة ح اكم التق ادمي ملزم ة ‪ .‬ألّن طلب التجدي د ميكن أن‬

‫‪118‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫يكون رّد املالك بالرفض و بالتايل إهناء العالقة الكرائية و ستطرح حتما مسألة غرامة احلرمان‬
‫أو الغرامات املستحقة يف اإلّبان ‪.‬‬
‫ويف اخلت ام ميكن أن نس تنتج أّن مطلب التجدي د ال يك ون ص حيحا إال إذا ص در من‬
‫من يتمّتع باألهلية الطبيعية أو املسندة له عن طريق القضاء ‪.‬‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬لمن يوّج ه مطلب الّتجديد‬


‫يف حني ال ميكن توجيه التنبيه إال للمتسوغ نفسه أما يف حالة تعدد املتسوغني فيجب‬
‫توجيه التنبيه لكل واحد منهم ‪ .‬فإّن الفصل اخلامس من قانون ‪ 1977‬يف فقرته الثالثة الذي‬
‫ينّص على أّنه ‪ " :‬و ميكن أن يوّج ه مطلب التجديد للوكيل أو ألحد املالكني عند تعددهم ‪,‬‬
‫املسوغ " ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ما مل توجد شروط أو إعالمات معاكسة من طرف‬
‫فالوكي ل ل ه ص فة لتقب ل مطلب التجدي د و يك ون حج ة على األص يل أّم ا يف ص ورة‬
‫تع ّد د املالكني فإّن توجيه مطلب التجديد ألحدهم فقط يكون حجة على الباقني ‪ .‬ولعل يف‬
‫إجازة الفصل اخلامس هلذه الصورة من طرف املشرع دليل على إفرتاضه ملبدإ التضامن ذلك‬
‫قياس ا على ص ورة توجي ه ص دور تنبي ه بإهناء الك راء من بعض املالكني دون البقي ة ‪ .‬ه ذه‬
‫الص ورة و اإلمكاني ة يف توجي ه مطلب التجدي د ألح د املالكني ليس ت مطلق ة و إمّن ا ميكن‬
‫تقييّدها " بشروط العقد أو اإلعالمات املعاكسة " هلذا اإلفرتاض ‪.‬‬
‫فيمكن خمالف ة ه ذه اإلج راءات مبقتض ى ش رط تعاق دي أو إعالم الح ق يف رض على‬
‫املتسوغ توجيه مطلب التجديد للمالك نفسه أو يف صورة تع ّد د املالكني إىل كل واحد منهم‬
‫على حدة ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ف افرتاض تض امن املالكني يس هل علىاملتس وغ التحص يل على جتدي د كرائ ه بأبس ط‬


‫الط رق وميكن أن يفق د ه ذه امليزة مبج رد إدراج ش رط ض ّد ه ذا اإلف رتاض ‪ .‬و جيب يف ك ل‬
‫حال توجيه مطلب التجديد إىل مقر املسوغ ما مل يقع اإلتفاق على خالف ذلك ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الفرع الّثالث‬
‫آثار مطلب الّتجديد‬

‫ال يسقط حق املتسوغ يف صورة توجيه مطلب باطل ‪ .‬باعتبار أّن هذا األخري غري‬
‫ملزم بتوجيهه و ال يؤثر بالتايل على حق املالك الذي له حّق توجيه تنبيه الحق ‪ .‬فيكون رغم‬
‫ذلك نافذا ‪.‬‬
‫و يعت رب مطلب التجدي د ال ذي اس تنفذ ك ل ش روطه من حيث اآلج ال و الش كليات‬
‫صحيحا ‪ .‬و بذلك يفتح للمالك أجل ثالثة أشهر للرّد خالهلا على مطلب املتسوغ ‪ ،‬و إال‬
‫يسقط حقه يف ذلك ‪ .‬و يعّد موافقا على ما جاء مبطلب التجديد ‪ .‬فما هي اآلثار يف صورة‬
‫صمت املالك عن مطلب الّتجديد ؟ (فقرة أوىل) و ما هو آثار الرّد على هذا املطلب ؟ (فقرة‬
‫ثانية) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اآلثار في صورة صمت المالك‬


‫فص مت املال ك خالل أج ل ثالث ة أش هر قرين ة على قب ول م ا وق ع عرض ه من ط رف‬
‫املتسوغ ‪ .‬فإذا ما طلب املتسوغ جتديد الكراء بشروط و بنود عقد الكراء املنتهي فإّن املالك‬
‫يعّد قد قبل التجديد بنفس تلك الشروط ‪.‬‬
‫أّم ا إذا تض ّم ن املطلب جتدي د الك راء بش روط و بن ود خمتلف ة يعت رب ص مت املال ك‬
‫املتسوغ ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مصادقة على مبدأ التجديد و على الشروط اجلديدة املقرتحة من قبل‬
‫و أّم ا يف حال ة ع دم إجاب ة املال ك فإّن ه ميكن أن يطعن ببطالن املطلب ‪ ،‬و يتمّس ك‬
‫ب ذلك ‪ ،‬و يتفّص ى ب ذلك من عبء ال رّد على مطلب التجدي د ‪ .‬و ميكن ل ه ك ذلك اإلجاب ة‬
‫على مطلب التجديد رغم بطالنه ‪ .‬و بالتايل جيب عليه الرّد يف غري هذه الصورة و اليت يكون‬

‫‪121‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فيها مطلب التجديد صحيحا ‪ .‬يف هذا اإلطار اإلجابة ال تكون إعتباطية بل أوجب القانون‬
‫أن حيتوي اإلعالم مضمون الفصل ‪ 27‬من قانون ‪ . 1977‬و عدم إحرتام هذه الشكلية‬
‫يؤدي إىل بطالن رّد املالك ‪.‬‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬اآلثار في صورة رّد المالك‬


‫رده على املطلب إن ك ان يقب ل أو ي رفض التجدي د ‪.‬‬ ‫و جيب على املال ك أن ي بني ب ّ‬
‫ففي حالة القبول جيب أن يوضح بأّي شروط يرتضي هبا التجديد ‪ .‬أّم ا إذا مل يوافق املكرتي‬
‫على هذه الشروط فعليه التوجه إىل احملكمة املختصة و املتمثلة يف رئيس احملكمة اإلبتدائية أو‬
‫من ينوبه من القضاة اليت أشار إليها الفصل ‪ 30‬من األمر القدمي و الفصل ‪ 28‬من القانون‬
‫اجلديد ‪ .‬هذا بالنسبة إىل لالختصاص احلكمي أمّا بالنسبة لالختصاص التّرايب فاحملكمة اليت‬
‫ب دائرهتا مق ر العق ار أو احملل التج اري هي املختّص ة ‪ .‬و جيب أن حيرتم املتس ّو غ أج ل ثالث ة‬
‫أش هر إبت داءا من بل وغ رّد املال ك ‪ ،‬و إال اعت رب ق د رض ي بالش روط اجلدي دة ال يت إقرتحه ا‬
‫املسوغ ‪.‬‬
‫ّ‬
‫و تكون اإلجراءات هي نفس اإلجراءات املقررة للقضاء اإلستعجايل باستثناء أجل‬
‫اإلستدعاء للحضور باجللسة الذي " ال ميكن أن يكون أقل من مثانية ّأيام "‪. 1‬‬
‫أما يف حالة رفض املالك ملطلب التجديد فيجب عليه أن يتض ّم ن رّده لذلك و جيب‬
‫عليه توضيح أسباب رفض التجديد ‪ .‬و للمتسوغ ح ّق مواجهته لدى القضاء و مناقشة هذه‬
‫األسباب أو املطالبة بغرامة احلرمان ففي صورة عدم القيام باملعارضة لدى القضاء فإّنه يعترب‬
‫متنازال عن التجديد و عن غرامة احلرمان و قبل اخلروج من املكرى ‪.‬‬
‫و من املالح ظ ه و أّن موافق ة املال ك على مطلب التجدي د س واء بص فة ص رحية أو‬
‫ضمنّية تعين تنازله عن حّق االسرتجاع خالل املدة اليت جّد د فيها الكراء ‪.‬‬
‫‪ :‬أنظر الفصل ‪ 28‬من قانون عدد ‪ 37‬مؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪. 1977‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪122‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫هك ذا نس تنتج أّن إختالف إج راءات احلص ول على جتدي د الك راء التج اري ه و يف‬
‫حقيق ة األم ر حماول ة من ق انون األكري ة التجاري ة يف حتقي ق اإلس تقرار اإلقتص ادي من جه ة و‬
‫التوازن بني امللكية التجارية و امللكية العقارية من جهة أخرى ‪ .‬إضافة لذلك لقد أقرّ القانون‬
‫حقا ثانيا و هو حق املالك يف رفض التجديد لسبب مربر أو غري مربر وكل ذلك يف كنف‬
‫القواعد املنظمة هلذا القانون ‪.‬‬

‫الفصل الّثاني‬
‫التجديد‬
‫اآلثار في صورة رفض ّ‬

‫يتمتع املالك حبق مطلق يف رفض التجديد ‪ .‬و يف مقابل ذلك جيب عليه أن يتحمل‬
‫مس ؤولية ه ذا ال رفض نتيج ة م ا س يلحق املتس وغ من ض رر ‪ .‬ه ذا ال رفض ميكن أن يظه ر يف‬

‫‪123‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫التنبي ه املوج ه من ط رف املؤجر إلهناء العالق ة الكرائي ة أو يف ردّ املال ك عن مطلب التجدي د‬
‫املق دم من ط رف املتس وغ ‪ .‬ويف كلت ا احلالتني جيب على املال ك أن ي ذكر أس باب ال رّفض يف‬
‫رد لكي يك ون املتس وغ على بين ة من ذل ك وليتمكن من محاي ة حقوق ه‬ ‫حمض ر التنبي ه أو ال ّ‬
‫واحلفاظ عليها ‪ .‬وله حق املنازعة يف أسباب اإلمتناع من التجديد وكذلك له حق املطالبة‬
‫بغرامة احلرمان ‪.‬‬
‫لذا ميكن أن نالحظ أن املشرع التونسي أبقى األولوية للحق العيين رغم ما عرفه من‬
‫امللكية التجارّية ‪.‬‬
‫حق ّ‬ ‫تقلص من جرّاء اكتساب ّ‬
‫وختتل ف آث ار رفض التجدي د حبس ب أس بابه ‪ .‬ولق د ح دد ق انون ‪ 25‬م اي ‪1977‬‬
‫ص ور رفض التجدي د ض من العن وان الث الث من الق انون املذكور وميكن إعتب ار ه ذه الص ور‬
‫صورا قانونية ميارس من خالهلا املالك حقه يف إسرتجاع املكرى وفق القانون ‪ .‬ولكن إذا ما‬
‫تعس ف املال ك يف رفض ه للتجديد دون اإلستناد إىل سبب قانوين مربّر ‪ .‬يكون هذا ال رّفض‬
‫غ ري مس بب أو معل ل ‪ .‬بالت ايل وجب علي ه دف ع غرام ة احلرم ان ‪ .‬وال يهم أن يك ون املال ك‬
‫شخص طبيعي أو شخص معنوي عمومي و ذلك تطبيقا ملقتضيات القانون املشار إليه آنفا ‪.‬‬
‫ويف هذا اإلطار يبقى لقضاة األصل سلطة تقديرية لتحديد غرامة احلرمان ‪ .‬و ذلك‬
‫لتثبت من مدى وجود سبب ّمبرر من عدمه ‪.‬‬ ‫بشرط القيام بدعوى للمطالبة هبا أو ل ّ‬
‫رغم إقرار املشرع لصور رفض قانونية إال أنه أحاط املتسوغ بضمانات تضمن حقه‬
‫وختف ف علي ه ض رره من ذل ك مّك ن ه يف بعض الص وّر من غرام ة خمفف ة ‪ .‬ولدراس ة اآلث ار يف‬
‫صورة رفض التجديد ‪ ،‬جيب التعّر ض إىل ‪:‬‬
‫التجديد المسّبب ‪.‬‬
‫المبحث األّو ل ‪ :‬آثار رفض ّ‬
‫التجديد غير المسّبب ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬آثار رفض ّ‬
‫المبحث ّ‬

‫‪124‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫األول‬
‫المبحث ّ‬
‫آثار رفض الّتجديد المسّبب‬

‫املخول ة للمال ك كي يس رتد عق اره‬


‫رفض التجدي د املس بّب أو املبّرر ه و اإلمكاني ة ّ‬
‫بدون أن يضطر إىل دفع غرامة احلرمان ‪ .‬ولكن هذا ال يعفيه من التعويض الرمزي لسبب من‬
‫أسباب اإلسرتجاع إنقاذا ملصلحة املتسوغ الذي إكتسب احلق التجاري ومحاية له ‪.‬‬
‫يف إط ار دراس ة ق انون ‪ 1977‬ميكن أن نس تنتج أوال تع دد ص ور رفض التجدي د‬
‫املبّرر ‪ .‬فيك ون معي ار اإلختالف بني ه ذه األس باب ه و األث ر الن اتج عن رفض التجدي د ‪ .‬و‬
‫بالتايل يرتبط هذا املعيار بمدى وجوب دفع الغرامة الرمزية اليت حدّدها القانون أو عدم دفع‬
‫هذه الغرامة ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫املؤجر فإمّا التجديد أو التعويض‬


‫قانون ‪ 1977‬جاد مببدأ مزدوج وهو حممول على ّ‬
‫ك ل ذل ك من أج ل محاي ة املال ك وإح رتام حريت ه يف التعاق د أو يف إهناء ه ذه العالق ة ‪ .‬فه ذا‬
‫المبدأ قائم يف حقيقة األمر على أساس حتقيق التوازن بني امللكية التجارية وامللكية العقارية ‪.‬‬
‫إذن األصل هو وجوب دفع املالك لتعويض كامل املعرّب عنه " بغرامة احلرمان " يف‬
‫الرفض بدون دفع غرامة احلرمان ‪.‬‬ ‫حالة رفض التجديد ‪ .‬لكن هلذا املبدأ إستثناءات متمّثلة يف ّ‬
‫خمففة ‪ .‬و لدراسة هذا املبحث وجب التع ّر ض إىل ‪ :‬رفض‬ ‫أو الرفض مقابل دفع جمرّد غرامة ّ‬
‫التجدي د املوجب لغرام ة حرم ان ( ف رع أوّل ) مث رفض التجدي د املوجب لغرام ة‬
‫رمزية ( فرع ثاين ) ‪.‬‬

‫الفرع األّو ل‬
‫رفض الّتجديد غير الموجب لغرامة الحرمان‬

‫نص الفص ل الث امن من ق انون ‪ " : 1977‬ميكن للمس وّغ أن ي رفض جتدي د‬
‫لق د ّ‬
‫التسويغ بدون أن يكون مطالبا بدفع أي منحة وذلك ‪:‬‬
‫املتسوغ اخلارج ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 1‬إن أثبت وجود سبب خطري وشرعي ضدّ‬
‫‪ - 2‬إن إتض ح أن العق ار جيب هدم ه كلي ا أو جزئي ا حيث ص ار مض را بالص حة‬
‫إضرارا أثبتته السلطة اإلدارية أو إذا إتضح أنه صار ال ميكن شغله بدون خطر بسبب احلالة‬
‫اليت هو عليها ويف صورة جتديد الكراء بالعقار اجملدّد بناؤه حسب الشروط املنصوص عليها‬
‫الفصلني ‪ 10‬و‪ 11‬من هذا القانون … " ‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫أن ‪ " :‬للمالك إهناء عقد‬


‫ولقد إتجهت حمكمة التعقيب يف هذا املسار حيث إعتربت ّ‬
‫التسويغ بدون أن يكون مطالب ال بدفع أي منحة إذا أثبت وجود سبب خطري وشرعي ضد‬
‫كليا أو جزئيّا "‪. 1‬‬
‫العقار جيب هدمه ّ‬
‫أن ّ‬‫املتسوغ ‪ ،‬أو ّ‬
‫ّ‬
‫باإلعتماد على الفصل املذكور ‪ ،‬ميكن أن نصنّف األسباب غري الموجبة لدفع الغرام ة‬
‫إىل صنفني ‪ :‬أوال رفض التجديد لسبب خطري وشرعي ( فقرة أوىل ) وثانيا رفض التجديد‬
‫بناء على حالة العقار املضرة بالصحة واملنذرة باخلطر ( فقرة ثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬رفض الّتجديد لسبب خطير و شرعي‬


‫مل يوض ح املش رع م ا املقص ود من عب ارة " س بب خط ري وش رعي " ‪ .‬و إكتفى‬
‫بإس تعمال ألف اظ فضفاض ة وموس عة لتش مل رمبا أك ثر م ا ميكن من احلاالت ال يت يس تطيع‬
‫املس وغ إثباهتا ض د املس تأجر ‪ .‬و ميكن أن يكّيفه ا القاض ي كس بب خط ري وش رعي إلهناء‬
‫العالق ة التعاقدي ة بني ط ريف العق د كنتيج ة خلط أ املتس وّغ ‪ .‬ف الرّفض يف ه ذه الص ورة ط بيعي‬
‫ومبّرر للفسخ ‪.‬‬
‫و يعت رب س قوط ح ق املتس وّغ يف التجدي د ه و ج زاء م ا إقرتف ه من تص رف خمطئ و‬
‫خمالف ملقتضيات العقد ‪.‬‬
‫ومن املالحظ ‪ ،‬مبدئيا ال ميكن تغيري أسباب الرفض املثارة سواء بالتنبيه الصادر عن‬
‫رده عن مطلب التجدي د أثن اء س ري القض ية ‪ .‬ولكنّه يس تطيع إث ارة الأس باب‬
‫املال ك أو ب ّ‬
‫مؤسسة على وقائع الحقة أو وقائع مل يتمكن من معرفتها عند رفضه للتجديد ‪ .‬كما جيوز‬ ‫ال ّ‬
‫له التمسك بإندثار وغياب شروط إكتساب امللكية التجارية الذي إكتشفه بعد توجيه التنبيه‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 12788‬مؤّر خ يف ‪ 12‬ديسمرب ‪ . 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 261‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪127‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫للمتسوّغ ‪ .‬و إّن رفض التجديد لسبب خطري وشرعي يطرح عدة إشكاليات من حيث ما‬
‫هية السبب اخلطري والشرعي ( أ ) ومن حيث صور األسباب الشرعية واخلطرية ( ب ) ‪.‬‬

‫ماهية السبب الخطير والشرعي ‪:‬‬


‫أ‪ّ -‬‬
‫مل حيدد املشرع مفهوما أو تعريفا للسبب اخلطري و الشرعي الذي له أثر سليب على‬
‫مص لحة املتس وّغ و يب دو أّن املش ّر ع تعمّد إس تعمال ه ذه العب ارات الغامض ة والش املة قص د‬
‫إستعاب هذا السبب لعديد احلاالت ‪ .‬و اليت تبقى خاضعة لإلجتهاد املطلق لقضاء األصل ‪.‬‬
‫كل سبب نشأ عن‬ ‫لقد إستقر فقه القضاء على إعتبار السبب الخطري و الشرعي هو ّ‬
‫إختالل املتسوغ بإلتزاماته التعاقدية أو القانونية مثل تغيري اإلستعمال املعد للمكرى الذي منعه‬
‫املس وغ مبقتض ى العق د أو ال ذي يتع ارض م ع طبيع ة العق ار‪ . 1‬فيمكن أن ينتج عن إخالل‬
‫املتسوغ بدفع معاليم الكراء‪ . 2‬أو عن توقيف النشاط التجاري وغلق احملّل ‪ .3‬و بذلك ميكن‬
‫أن نع رف الس بب اخلط ري والش رعي ه و ك ل خط أ يق وم ب ه املتس وّغ من ش أنه أن ي ؤثّر على‬
‫العالقات التعاقدية الرابطة بني املتسوغ واملستأجر حىت وإن كان ذلك اخلطأ ال يشكل خرقا‬
‫واضحا لبنود العقد‪. 4‬‬
‫ولتحدي د مفه وم الس بب اخلط ري والش رعي جيب متي يزه عن احلاالت املماثل ة‬
‫به ‪ ،‬وخاصة الشرط الفسخي الذي بتحققه ينفسخ عقد اإلجار بقوة القانون ويقتصر دور‬
‫احملكم ة هن ا على جمرد إق راره ‪ .‬و هبدف التمي يز بني الس بب اخلط ري والش رعي من جه ة‬
‫والش رط الفس خي من جه ة أخ رى ميكن أن نعتم د معي ارين أو هلم ا معي ار زم ين ‪ ،‬وثانيهم ا‬
‫معيار درجة خطورة ذلك السلوك ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4107‬مؤّر خ يف ‪ 22‬مارس ‪ . 1966‬م‪.‬ق‪.‬تش لسنة ‪ ، 1967‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 622‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6869‬مؤّر خ يف ‪ 30‬ماي ‪ . 1974‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1974‬ص ‪. 179‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬إستئناف تونس عدد ‪ 24118‬مؤّر خ يف ‪ 24‬نوفمرب ‪ , 1964‬م‪.‬ق‪.‬تش لسنة ‪ 1965‬ص ‪. 527‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪Samir Kolsi ouvrage précité P 110 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪128‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فالسبب اخلطري والشرعي يكون زمن التمسك به هو تاريخ هناية عقد الكراء ‪ .‬بينما‬
‫يكون فسخ العقد يف أي وقت أثناء تنفيذه ‪.‬‬
‫أّم ا على مستوى درجة خطورة السلوك اخلاطئ فإّن بتحقيق إستحالة إستمرار عقد‬
‫التسويغ يكون السبب خطري وشرعي ‪ّ ،‬أما إذا كان شرط فسخي فللمالك احلق يف التمسك‬
‫أن مفهوم السبب اخلطير والشرعي‬ ‫به أو عدم التمّس ك به لفسخ العقد ‪ .‬وجتدر اإلشارة هنا ّ‬
‫ميكن أن يت داخل م ع مفه وم الش رط الفس خي ألّن خط أ املتس وّغ هو حمور الس بب اخلطري و‬
‫الش رعي و يف نفس الوقت حمور ك ذلك الش رط الفسخي و يف كلتا احلالتني ميكن أن يؤّدي‬
‫ذلك إىل فسخ قضائي لعقد التسويغ ‪ .‬ولكن يبقى الشرط الفسخي له أثر آيل يف فسخ العقد‬
‫يعد بالضرورة كافيا ليكون سببا خطريا وشرعيا لرفض التجديد ‪.‬‬
‫وال ّ‬
‫هذه الثنائية متنح القاضي سلطة تقديرية واسعة يف تكييف السبب اخلطري والشرعي‬
‫من عدمه ‪.‬‬
‫و جممال ‪ ،‬يعت رب فق ه القض اء أن الأس باب اخلط رية والش رعية جيب أن ترتك ز على‬
‫طبق فيها القانون العام لقضي‬
‫إخالالت أو خمالفات لعقد اإلجيار من طرف املتسوغ حبيث لو ّ‬
‫فيها بفسخ العقد ‪.1‬‬
‫ونظرا خلطورة النتائج اليت قد ترتتب عن هذه األسباب فإن حمكمة املوضوع حتّد د‬
‫درجة خطورهتا ‪ .‬فإن رأت بأهنا أسباب خطرية وشرعية تربر الرفض فتحكم بذلك ‪ .‬أمّا إذا‬
‫رأت خالف ذل ك فإهنا حتكم بتجدي د الك راء ‪ .‬و إن متسّك املال ك برفض ه للتجدي د فإهنا‬
‫حتكم بغرام ة احلرم ان املنص وص عليه ا ص لب الفص ل الس ابع من ق انون ‪ . 1977‬وتق دير‬
‫وجود أو عدم وجود سبب خطري وشرعي يعود بالنظر إىل حماكم األصل وخيرج عن رقابة‬
‫حمكمة التعقيب اليت إعتربت أن املسألة ترجع إىل حرية مطلقة حملاكم األصل‪. 2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مؤّر خ يف ‪ 01‬فيفري ‪ . 1974‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1974‬ص ‪. 42‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4107‬مؤّر خ يف ‪ 22‬مارس ‪ 1966‬م‪.‬ق‪.‬تش لعام ‪ ، 1967‬ص ‪. 622‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪129‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ب ‪ -‬أنواع األسباب الخطيرة والشرعية ‪:‬‬


‫وقبل اخلوض يف هذه املسائل جيب اإلشارة إىل صورة الفصل اخلامس عشر من قانون‬
‫‪ 1977‬الذي جاء بصورة خاصة واملوجبة مبدئيا لدفع غرامة احلرمان ‪ .‬ولكن ميكن التفصّي‬
‫من ذلك يف ص ورة إثبات السبب اخلطري والشرعي ‪ .‬وإذا ما اعتربنا صورة الفصل اخلامس‬
‫عش ر هي ص ورة خاص ة فهي قائم ة بني املال ك أو املتس وغ األص لي ال ذي ه و يف آن واح د‬
‫مسوغ حملالت وبائع للملك التجاري املتصرف فيه باحملالت املذكورة والذي قبل كامل مثنه‬
‫من جهة ومشرتي األصل التجاري من جهة أخرى ‪.‬‬
‫مب دئيا خيض ع حتدي د ه ذه األن واع إلجته اد قض اة األص ل ‪ .‬ولكن يبقى عبء إثب ات‬
‫املتسوغ مستهدفا لقطع العالقة‬
‫ّ‬ ‫إنتساب هذه األخطاء على املالك فإذا ما أثبت ذلك يكون‬
‫التعاقدي ة كنتيج ة ملا إقرتف ه من أخط اء ‪ .‬وه ذه األخط اء ميكن أن تنتج عن اإلخالل‬
‫باإللتزامات التعاقدية (‪ )1‬أو غري التعاقدية (‪.1 )2‬‬

‫‪ - 1‬اإلخالل باإللتزامات التعاقدية ‪:‬‬


‫إن اإلخالل باإللتزام ات التعاقدي ة من ط رف املتس وغ ه و خط أ ميكن إعتب اره س ببا‬‫ّ‬
‫لعدم التجديد ‪ .‬فالقانون أوجب الوفاء باإللتزامات مع متام األمانة ‪.2‬‬
‫كل هذه األسباب ولكن ميكننا من خالل مسار‬ ‫على مستوى عملي الميكن إحصاء ّ‬
‫فقه قضائي التعرض ألهم األخطاء التعاقدية اليت تنتمي إىل األسباب املربّرة و اليت تعفي املالك‬
‫من أداء غرامة احلرمان ‪.‬‬
‫ومن بني األخط اء التعاقدي ة وال ذي إعتربهتا حمكم ة التعقيب ّالتونس ية م ربرة ل رفض‬
‫التجديد ‪ :‬مماطلة املتسوغ اخلارج يف دفع معلوم الكراء فأقرت " على املتسوغ أن يدفع معلوم‬

‫‪ :‬أنظر ‪Derrupe (J) ; Maus (R) ; Briere de l’isle ( G ) , lafarge (P) : ouvrage précité p 262 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬الفصل ‪ 274‬م إ ع ‪ " :‬جيب الوفاء ياإللتزامات مع متام األمانة ‪. ".....‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪130‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الكراء يف ّإبانه وباحملل الشاغل له بدون تنبيه عليه من املسوغ منه وميكن للمسوغ منه حسب‬
‫الفصل ‪ 9‬من أمر ‪ 27‬ديسمرب ‪ ( 1954‬الفصل الثامن من قانون ‪ 25‬ماي ‪) 1977‬‬
‫رفض جتديد التسويغ بشرط أن يثبت سببا خطريا ومشروعا ضدّ املتسوغ اخلارج وهو أمر‬
‫موك ول إلجته اد حماكم األص ل ‪ .‬وتفريع ا عن ذل ك يك ون قائم ا على أس اس من الق انون‬
‫احلكم الصادر بأحّق ية رفض جتديد التسويغ بناءا على مماطلة املتسوغ اخلارج يف دفع معلوم‬
‫الكراء "‪. 3‬‬
‫فإمتناع املتسّو غ من دفع معّينات الكراء ‪ .1‬هو أمر موكول لقضاة األصل يف إعتباره‬
‫سببا خطريا وشرعي من عدمه ‪.‬‬
‫وجتدر املالحظة يف هذا السياق إىل الصعوبة العملية يف التمييز بني مماطلة املتسوغ يف‬
‫دفع معينات الكراء كسبب لفس خ عقد الكراء والذي خيضع إىل إجراءات خاص ة أوجبها‬
‫ق انون ‪ 1977‬وبني املماطل ة ال يت تعت رب س ببا خط ريا وش رعي يفس ح اجملال للمال ك ل رفض‬
‫التجدي د دون دف ع غرام ة حرم ان ‪ .‬وتبقى املس ألة خاض عة بص فة مطلق ة لقض اة املوض وع‬
‫لتكييف مماطلة املتسوغ يف دفع معينات الكراء أو اإلمتناع عن ذلك كسبب مؤّس س لفسخ‬
‫العق د ‪ .‬وبالت ايل مراقب ة اإلج راءات ال يت أوجبه ا ق انون ‪ 1977‬يف فص له ‪ 23‬أو كس بب‬
‫ميكن إعتم اده ل رفض التجدي د دون أداء لغرام ة احلرم ان على أس اس ت وّفر الس بب اخلط ري و‬
‫الشرعي ‪.‬‬
‫ولقد إعترب فقه القضاء ّالتونسي من بني األسباب اخلطرية والشرعية ‪ ،‬توقيف النشاط‬
‫احملل مرتبط بإستغالل األصل التجاري ففي غياب‬‫التجاري وغلق احملل‪ . 2‬فتوقيف إستغالل ّ‬
‫الإس تغالل الفعلي و المتواص ل ي ؤّدي إىل إس تبعاد نظ ام األكري ة التجاري ة كك ل وليس جمرد‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4107‬مؤّر خ يف ‪ 22‬مارس ‪ . 1966‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1966‬ص ‪. 17‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ : 1 1‬قرار تعقييب عدد ‪ 9869‬مؤّر خ يف ‪ 30‬ماي ‪ . 1974‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1974‬ص ‪. 174‬‬


‫‪ : 2‬إستئناف تونس عدد ‪ 24118‬مؤّر خ يف ‪ 24‬نوفمرب ‪ 1964‬م‪.‬ق‪.‬تش لسنة ‪ 1965‬ص ‪. 527‬‬

‫‪131‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ص ورة من ص ور رفض التجدي د ‪ .‬و يف كلت ا احلالتني ي ؤدي ع دم اإلس تغالل إىل حرم ان‬
‫املتسوغ من إمتيازات ذلك النظام ‪.‬‬
‫لكن ‪ ،‬جيب التمييز يف هذا اإلطار بني اإليقاف املؤقت لإلستغالل وبني إمهاله كليا‬
‫وغلق احملل ‪.‬‬
‫و لق د إس تقّر فق ه القض اء التونس ي على إعتب ار أن ع دم اإلس تغالل من األس باب‬
‫اخلطرية اليت حترم املتسوغ من حق التجديد ويربر للمتسوغ عدم دفع غرامة احلرمان‪. 3‬‬
‫وتعترب كذلك من بني األخطاء التعاقدية املعتربة سببا خطريا وشرعي ‪ .‬و الذي على‬
‫أساسه ميكن للمالك رفض جتديد الكراء دون دفع غرامة احلرمان " تغيري اإلستعمال املعد له‬
‫املكرى الذي منعه املتسوغ مبقتضى عقد أو الذي يتعارض مع طبيعة العقار "‪. 1‬‬
‫وعلين ا أن نالح ظ بأن ه ملش رتي احملل التج اري احلق يف إخ راج املتس وغ بن اء على‬
‫األس باب ال يت ك ان من املمكن أن ي دفع هبا ب ائع احملل إذ أن ه حس ب ص ريح‬
‫حمل القدمي فيما له وعليه من احلقوق‬
‫حيل املالك اجلديد ّ‬
‫الفصل ‪ 798‬من م ‪ .‬إ ‪ .‬ع " ‪ّ ...‬‬
‫يف الكراء املذكور …" ‪.‬‬
‫للبت يف دع وى اخلروج بن اءا على س بب‬
‫ويبقى ب اب االجته اد مفتوح ا للمح اكم ّ‬
‫خطري و شرعي ‪.‬‬

‫تعاقدية ‪:‬‬
‫‪ - 2‬اإلخالل بالتزامات غير ال ّ‬
‫هي أخطاء غري تعاقدية ولكن فقه القضاء إعتربها أسباب خطرية وشرعية ‪ .‬و ميكن‬
‫إعتمادها لرفض جتديد الكراء دون أداء غرامة احلرمان ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 9418‬مؤّر خ يف ‪ 09‬جانفي ‪ . 1975‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1975‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 25‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرار تعقييب عدد ‪ 1841‬مؤّر خ يف ‪ 06‬ديسمرب ‪ . 1979‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1979‬ج ‪ ، 2‬ص ‪114‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4107‬مؤّر خ يف ‪ 22‬مارس ‪ . 1966‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1967‬ص ‪. 622‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪132‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫لقد إعترب فقه القضاء التونسي أن األفعال املنافية لألخالق والنظام العام‪ 2‬الصادرة عن‬
‫املتس وغ هي أخط اء ميكن إعتماده ا من ط رف املال ك ل رفض التجدي د على أس اس الس بب‬
‫املتسوغ من غرامة احلرمان ‪.‬‬
‫الخطري و الشرعي ‪ .‬والذي يؤّدي إىل حرمان ّ‬
‫ولق د ذهب فق ه القض اء الفرنس ي إىل إعتب ار أن العالق ة الخنائي ة بني املتس وّغ وإبن ة‬
‫املالك من األسباب اخلطرية والشرعية‪ . 3‬وكذلك جرمية السرقة الواقعة على أمالك املالك من‬
‫املتسوغ ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫طرف‬
‫إمجالا ‪ ،‬ميكن إعتبار اجلرائم املرتكبة من طرف املتسوغ ضد املالك أو أقاربه أخطاء‬
‫م ربرة ل رفض التجدي د على أس اس س بب خط ري وش رعي ‪ .‬ويف تك ييف ه ذه األفع ال وه ذه‬
‫األخطاء تتناقض إجتاهات حماكم األص ل ‪ .‬و على حمكم ة التعقيب وحدها بإعتبارها حمكم ة‬
‫قانون ‪ ،‬أن توحد اإلجتاهات ‪ .‬ويبدو أنه من واجبها أن حتّد د مفهوم ا موحدا لألخطاء غري‬
‫التعاقدية اليت ميكن إعتبارها أسباب شرعية وخطرية لرفض التجديد ‪ ،‬ملا هلذا اإلجراء من آثار‬
‫املتسوغ من جهة أخرى ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫سلبية على الوضعّيات الإقتصادية من جهة وعلى نشاط‬
‫ولعل النقص الكمّي يف القضايا املرفوعة على هذا األساس هو الذي أدى إىل غياب‬
‫فقه قضاء كامل و متكامل يف هذا اجملال ‪ .‬و إقتصار املالك بصفة عامة على إثارة األخطاء‬
‫التعاقدية دون غريها كسند لرفع دعواه ‪.‬‬

‫الفق‪AA‬رة الّثاني‪AA‬ة ‪ :‬رفض الّتجدي‪AA‬د بن‪AA‬اءا على حال‪AA‬ة العّق ار المض ‪ّA‬ر ة‬
‫بالصّح ة أو المنذرة بالخطر‬
‫املتسوغ ‪ ،‬أو حرفاء احملل ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أقر املشرع هذه الصورة هبدف احلفاظ على صحة وحياة‬
‫ّ‬
‫هذه الصورة نص عليها الفصل الثامن من قانون ‪. 1977‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 3243‬مؤّر خ يف ‪ 14‬ماي ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ص ‪. 11‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬أنظر ‪Yves Guyon : (Droit des affaires) T 1 P 698 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪133‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فإن اتضح أن العقار جيب هدمه كليا أو جزئيا بسبب ما صار عليه من حالة مضرة‬
‫بالصحة ‪ ،‬أو ال ميكن شغله بدون خطر بسبب احلالة اليت هو عليها ميكن حينئذ للمالك أن‬
‫يرفض التجديد بدون دفع غرامة احلرمان ‪.‬‬
‫ولق د أوجب املش رع أن يك ون الض رر مثبت من قب ل الس لط اإلداري ة ‪ .‬إذ جيب على‬
‫املسوّغ أن يتحصل على قرار من السلط اإلداريّة يثبت تعفن العقار املكدر بالصحة ‪ .‬وخيتص‬
‫بإختاذ هذا القرار اإلداري مصاحل البلديات املوجودة بدائرهتا العقار اليت هلا وحدها صلوحية‬
‫تقدير وجود تلك احلالة من عدمها ‪ .‬وتكتفي احملكمة يف هذه احلالة بإستخالص نتائجها اليت‬
‫أكدها الق رار اإلداري دون أن متارس أي رقابة على ش رعيته ‪ .‬وجيب أن ينص الق رار اإلداري‬
‫على ض رورة اهلدم أو على من ع البق اء بالعق ار‪ .‬و بالت ايل ال يك ون جمرد اإلذن بإجناز بعض‬
‫األشغال ‪.‬‬
‫وتأكي دا هلذا‪ ،‬فق ه القض اء التونس ي إعت رب " أن حال ة تعّف ن العق ار ال تكفي لت ربير‬
‫رفض التجدي د إذا ك ان بإمك ان املتس وغ إزال ة اخلط ر دون اللج وء إىل إبع اد املتس وغ من‬
‫احملل"‪. 1‬‬
‫أن يف حالة إمتناع أو تقاعس اإلدارة يف إختاذ قرار يتعلق حبالة‬ ‫وجتدر اإلشارة ‪ ،‬إىل ّ‬
‫العقار املضرة بالصحة ‪ ،‬رغم حرص صاحب العقار على طلب ذلك‪ .‬مما اليكون سببا ميكن‬
‫أن يقضي على أساسه القاضي بتكليف خبري للغرض ليتجاوز هذا التقاعس أو اإلمتناع ‪ .‬وما‬
‫اللج وء إىل احملكم ة اإلداري ة للطعن يف الق رار اإلداري ال ذي‬
‫على املال ك يف ه ذه الص ورة إال ّ‬
‫ميكن أن يكون صرحيا أو ضمنيا والرافض ملطلبه ‪.‬‬
‫أمّا يف الصّورة اليت يكون عليها العقار خطري وغري آمن فللمالك إثبات ذلك جبميع‬
‫الوسائل سواء حبكم قضائي أو بقرار إداري ‪.‬‬

‫‪ :‬أنظر القرار التعقييب عدد ‪ 4107‬املذكور آنفا ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪134‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫كما أنه غري ملزم باإلدالء بالرخصة اإلدارية اليت ترخص اهلدم وإعادة البناء وذلك‬
‫باالستناد ملا جاء يف قرار صادر عن حمكمة التعقيب اليت أقرت فيه " مكرى التجارة املتداعي‬
‫للس قوط وإس توجب اهلدم ال ل زوم في ه للتحص ل على رخص ة من وزارة التجه يز‪ 2"...‬ورغم‬
‫أن ه ذا ال رفض ال يس توجب مع ه أداء غرام ة حرم ان للمتس وغ ‪ .‬ال ذي أقره ا ق انون امللكي ة‬
‫التجارية إلّا أنه وضع ضمانات من خالهلا ميكن للمتسوغ أن حيفظ حقه يف اخلروج ‪ .‬بشرط‬
‫إعادة بناء ما وقع هدم ه من طرف املالك ‪ .‬الذي يبقى ل ه حرية اإلختيار يف بناءه أو عدم‬
‫بنائه ‪ .‬ففي حالة توفر شرط بناء العقار وإحتواء هذا األخري على حمالت جتارية فللمتسوغ‬
‫حق األولوية‪ 1‬يف الكراء حسب الشروط املنصوص عليها بالفصول ‪ 10‬و ‪ 11‬من قانون‪1‬‬
‫‪. 977‬‬
‫أن املتسوغ اخلارج الذي يرغب يف التمتع‬ ‫وبالرجوع للفصلني املذكورين ‪ ،‬نستنتج ّ‬
‫حبق األولوية يف البناء اجملدد عليه عند مبارحته للمحل أو يف الثالثة األشهر املوالية لذلك على‬
‫أكثر تقدير ‪ ،‬أن يعلم املالك بتلك الرغبة عن طريق عدل منفذ ‪ .‬وأن يبني له مقره اجلديد‬
‫وجيب عليه أن يعلمه بنفس الطريقة بكل تغيري للمقر ‪ .‬وإلّا سقط حقه يف األولوية ‪ .‬وعلى‬
‫املال ك يف ه ذه احلال ة أن يعلم املتس وغ بنفس الطريق ة وقب ل تس ويغ احملل اجلدي د بأن ه مس تعد‬
‫فإن هذه‬
‫للتسويغ له من جديد ‪ .‬وإن مل يقع اإلتفاق بني الطرفني على شروط عقد التسويغ ّ‬
‫الش روط تق ع تعيينه ا طب ق أحك ام الفص ل الث امن والعش رون أي عن طريق ة رئيس احملكم ة‬
‫اإلبتدائية اليت هبا العقار أو من ينوبه ‪ ،‬وللمتسوّغ أجل ثالثة أشهر ليقرر ما يراه ‪ .‬أو القيام‬
‫لدى احملكمة املختصة ‪ .‬وجيب بيان األجل يف اإلعالم املذكور وإلّا فإنه يع ّد باطال و ال عمل‬
‫به ‪ .‬وعند إنتهائه‪ ،‬ميكن للمالك أن يتصرف يف حمله بالبيع أو ب الكراء أو بأي وجه شاء ‪.‬‬

‫‪ : 2‬قرار تعقييب عدد ‪ 9545‬مؤّر خ يف ‪ 08‬مارس‪ . 1984‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1984‬ج ‪ , 2‬ص ‪. 175‬‬
‫قرار تعقييب عدد ‪ 5597‬مؤّر خ يف ‪ 25‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 183‬‬
‫‪ : 1‬حكم إستئنايف عدد ‪ 22817‬مؤّر خ يف ‪ 4‬أكتوبر ‪ 1995‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ , 10‬ديسمرب ‪ 1995‬ص ‪ .... " : 83‬مينع الفصل الثامن من القانون املذكور أعاله (‪)1977‬‬
‫و املعتمد يف التنبيه عند القيام على املتسّو غ املطالب باخلروج من املكرى املطالبة بغرامة احلرمان و لكن مّكنه يف أولّو ية الّر جوع للمحل بعد إعادة بنائه ‪".‬‬

‫‪135‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫واملالك الذي ال ميتثل للواجبات احملمولة عليه يكون ملزما إذا طلب املتسوغ ذلك بدفع غرم‬
‫الضرر ‪.‬‬
‫ومل يكت ف املش رع ب ذكر ه ذه اإلج راءات املتض منة لعدي د الش روط ب ل جتاوز ذل ك‬
‫ل ذكر ش روط خاص ة بوض عية العق ار اجلدي د ‪ .‬ال ذي تف وق مس احته العق ار الق دمي ف إن ح ق‬
‫األولوية مقصور على احملالت اليت هلا مساحة تساوي مساحة احملالت املشغولة سابقا أو اليت‬
‫من ش أهنا تس ديد نفس احلاجي ات ال يت س ددهتا ه ذه األخ رية ‪ .‬أم ا إذا ك ان ه ذا العق ار ال‬
‫يس مح بإرج اع مجي ع املتس وغني الس ابقني ‪ .‬ف إن الفص ل احلدي عش ر أعطى األولوي ة‬
‫للمتسوغني أصحاب أقدّم عقد تسويغ‪ ،‬إذا أعربوا عن رغبتهم يف شغل احملالت ‪.‬‬
‫وهك ذا أح اط املش رع باملتس وغ مجل ة من الض مانات ال يت حتمي حقّه يف األولويّة‬
‫ولكنه ا تك اد تك ون ض مانات ومهيّة خاص ة إذا ما إستقر املتس وغ يف مق ر آخر‪ .‬وإستقر يف‬
‫نشاطه التجاري وذلك بتكوين حرفاء ومسعة جتارية هي من املؤكد ال تكون وليدة اللحظة‪.‬‬
‫ب ل نتيج ة جمله ود وعم ل مض ين لتحقي ق ه ذا اإلس تقرار اإلقتص ادي ‪ .‬وإن ين ألدع و املش رع‬
‫للت دخل لتنقيح ه ذه الفص ول قص د التخفي ف من ش روط ح ق األولوي ة يف الك راء وك ذلك‬
‫إلعطاء دور هام للخرباء لتحديد الضرر الصحّي الذي ميكن أن ينتج عن هدم أو قدم العقار‬
‫وبالتايل التخفيف من سيطرة اإلدارة يف هذا اجملال ‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الفرع الّثاني‬
‫رفض الّتجديد الموجب لغرامة حرمان رمزّية (مخّف فة)‬

‫مكن املشرع الّتونسي املالك من رفض جتديد‬ ‫فضال عن الصور املذكورة آنفا فقد ّ‬
‫اإلجيار إلس رتجاع املك رى مقاب ل دف ع غرام ة ال ميكن أن تتج اوز احلد األقص ى ال ذي ض بطه‬
‫القانون ‪ .‬فال يتجاوز قيمتها سقف معني حمدّد ببعض كراءات سنوية ‪ .‬وختتلف طبيعة هذه‬
‫الغرام ة وأساس ها الق انوين عن أس اس وطبيع ة غرام ة احلرم ان املنص وص عليه ا ض من الفص ل‬
‫السّابع من قانون ‪. 1977‬‬
‫هذه الّص ور نص عليها املشرع على سبيل احلصر ال الذكر‪ .‬و لدراسة هذه الّص ور‬
‫ميكن الّتع ّر ض إلس رتجاع العق ار لبنائ ه أو إع ادة بنائ ه أو تعليت ه ( فق رة أوىل ) ‪ .‬وك ذلك‬
‫لصورة إسرتجاع العّقار للسّكىن ( فقرة ثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬إسترجاع العّق ار لبنائه أو إعادة بنائه أو تعليته‬


‫لقد نصّت الفصول ‪9‬و ‪ 12‬و ‪ 14‬من قانون ‪ 1977‬على هذه احلاالت ‪ .‬و‬
‫لعل من أهم احلاالت اليت نظر فيها فقه القضاء هي املتعلقة باهلدم وإعادة البناء سواء لكامل‬
‫العق ار أو جلزء من ه ‪ .‬هلذه األس باب س نتعرض يف مرحل ة أوىل إىل ص ورة اإلس رتجاع إلع ادة‬

‫‪137‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ألمهية هذا األخري على مستوى فقه القضاء التونسي (أ) ‪ .‬مث يف مرحلة ثانية سنتعرض‬
‫البناء ّ‬
‫املؤسس على بناء العقار أو تعليته (ب) ‪.‬‬
‫لإلسرتجاع ّ‬

‫العقار إلعادة البناء ‪:‬‬


‫أ ‪ -‬إسترجاع ّ‬
‫عمال بأحك ام الفص ل التاس ع من ق انون ‪ ( 1977‬فص ل ‪ 10‬من األم ر الق دمي )‬
‫احلق أيض ا يف رفض جتدي د التس ويغ لتجدي د بن اء العق ار بش رط أن‬
‫ال ذي ينّص أّن " للمال ك ّ‬
‫ي دفع للمتس وغ احملروم قب ل خروج ه منح ة تس اوي ك راء أربع ة أع وام ‪ .‬وللمتس وغ احلق يف‬
‫مدته إىل إبتداء األشغال‬
‫البقاء باحملل حسب القيود والشروط املنصوص عليها بالعقد املنتهية ّ‬
‫بصفة فعلية " ‪.‬‬
‫وجتدر اإلش ارة يف ب ادئ األم ر أن الفص ل التاس ع من ق انون‪ 1977‬حاف ظ على‬
‫األحك ام ال يت نّص عليه ا الفص ل العاش ر من أم ر‪ . 1954‬فلم يغرّي إاّل يف قيم ة التع ويض‬
‫األولوية يف التسويغ ‪ .‬فما هي شروط‬‫ّ‬ ‫اجلملي املخّف ف وكذلك مت حذف الفقرة اليت تقّر حّق‬
‫و آثار اإلسرتجاع إلعادة البناء ؟‬

‫‪ - 1‬شروط استرجاع العقار إلعادة البناء ‪:‬‬


‫ميكن للمالك أن يسرتجع العقار إلعادة بناءه وال يفرتض هذا التجديد هدم العقار‬
‫ال ذي ليس من الض روري أن يك ون نتيج ة للحال ة الس يئة ال يت يوج د عليه ا ه ذا األخ ري‪. 1‬‬
‫فإع ادة البن اء حس ب فق ه القض اء ّالتونس ي يف رتض اهلدم لكن ليس اهلدم املنص وص علي ه يف‬
‫السيئة ‪.‬‬
‫الفصل الثامن من قانون ‪ 1977‬الناتج عن حالة العقار ّ‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 803‬مؤّر خ يف ‪ 17‬مارس ‪ 1977‬م‪.‬ق‪.‬تش لسنة ‪ ، 1978‬عدد ‪ ، 4‬ص ‪. 51‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪138‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫إذن ميكن للمال ك أن يق رر إع ادة البن اء دون قي د أو ش رط ‪ .‬ولق د ط رح اإلش كال‬


‫حول مدى وجوب اإلدالء برخصة البناء من طرف املالك الذي رفض التجديد على أساس‬
‫اإلسرتجاع لتجديد البناء ؟‬
‫حمكمة التعقيب التّونسيةأجابت على هذا اإلشكال يف قرار جاء فيه أن القانون " مل‬
‫يوجب على املالك اإلدالء برخصة البناء بل يكفي أن يعرب عن نيتة يف جتديد البناء مادامت‬
‫حقوق املكرتي مضمونة …"‪. 1‬‬
‫وجاء يف حيثية من حيثيات قرار آخر صادر عنها " وحيث خالفا ملا جاء هبذا الطعن‬
‫بفرعي ه ف إن الفص ل العاش ر من أم ر ‪ 27‬ديس مرب ‪ 1954‬املس تند إلي ه واملنطب ق يف ج ل‬
‫أحكامه على موضوع الدعوى وكذلك القانون املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬املشار إليه‬
‫فإن ه مل يش رتط فيه ا إطالق ا وج وب وج ود رخص يت اهلدم والبن اء مس بقا …"‪ .2‬واس تقرت‬
‫حمكم ة التعقيب على هذا املوق ف مؤك دة أن " تنهي ة املدة يف املك رى التج اري وع دم جتدي د‬
‫الرخصة البلدية مسبقا وتضمينها يف حمضر‬
‫ّ‬ ‫الكراء فيه قصد اهلدم وجتديد بنائه ال لزوم لوجود‬
‫فالرخصة حينئذ‬
‫التنبيه مادام خروج املكرتي منه يتوقف على دفع الغرامة والشروع يف اهلدم ّ‬
‫والرجوع فيها ال يبطل هبا التنبيه‪. 3‬‬
‫وبالت ايل " طاملا مل يش رتط الفص ل التاس ع من ق انون األكري ة إّال بي ان س بب اخلروج‬
‫و الغرض من التنبيه فال لزوم لتقدمي قرار اهلدم و املثال املبني لنوعية التجديد "‪. 4‬‬
‫فيجب إذن على المالك تقديم تنبيه على معنى الفصل ‪ 9‬ويحترم فيه‬
‫شكليات هذا التنبيه شروطه ودون إلزامه بتقديم رخصة إدارية صادرة عن‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 2872‬مؤّر خ يف ‪ 4‬جوان ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 103‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4573‬مؤّر خ يف ‪ 26‬نوفمرب ‪ " . 1981‬حّق الّتجديد و حّق الّتعديل يف مكرى الّتجارة " ‪ .‬جويدة قيقة ‪ ،‬ص ‪. 70‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6470‬مؤّر خ يف ‪ 10‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪163‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرار تعقييب عدد ‪ 5627‬مؤّر خ يف ‪ 04‬نوفمرب ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 174‬‬
‫قرار تعقييب عدد ‪ 5597‬مؤّر خ يف ‪ 25‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 170‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 39716‬مؤّر خ يف ‪ 13‬مارس ‪ 1996‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ 4‬أفريل ‪ ، 1996‬ص ‪. 75‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪139‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫البلدية التي بدائرتها العقار ‪ ،‬أو مثال هندسي أو غير ذلك من وثائق التي تدل‬
‫على الشروع في الهدم وإعادة البناء ‪.‬‬
‫رغم أن المشّر ع راعى مصلحة المالك و الملكية العقارية بصفة عامة ‪.‬‬
‫إاّل أّنه لم يغفل عن حقوق المتسّو غ من خالل المحافظة على ملكه التجاري ‪.‬‬
‫فأقر له بعض الحقوق التي سنتعرض لها بمناسبة دراسة أثار اإلسترجاع هذا ‪.‬‬

‫‪ – 2‬آثار إسترجاع العّق ار لتجديد بنائه ‪:‬‬


‫آثار اإلسترجاع هذه تنحصر أساسا في الحقوق التي يكتسبها المتسوغ ‪.‬‬
‫فالمشرع أقر له جملة من الحقوق متمثلة في الغرامات التعويضية وحق البقاء‬
‫إلى بداية األشغال وحّق األولوّية ‪.‬‬
‫‪ -‬الغرامات التعويضية ‪ :‬يجب على المسوغ أن يدفع إلى المتسوغ قبل‬
‫خروجه غرامة مخففة تساوي كراء مدة أربعة سنوات ‪ .‬و من المالحظ أّن‬
‫المشّرع رّفع من قيمة هذه الغرامة مقارنة بأحكام األمر ‪ 1954‬الذي حدّدها‬
‫بأجرة ثالث سنوات فقط ‪ .‬و تعتبر هذه الغرامة مخففة بالمقارنة مع غرامة‬
‫الحرمان المنصوص عليها صلب الفصل ‪ 7‬من قانون ‪ . 19771‬إضافة لذلك‬
‫يجب علىالمسّو غ أن يدفعها قبل خروج المتسوغ من المحل فمن حق المتسوغ‬
‫أن يقبض الغرامة المقدرة من طرف المشرع قبل إخالء المحل و هذا ما أكدته‬
‫محكمة التعقيب معتبرة أّن " إسترجاع مكرى التجارة قصد الهدم و إعادة‬
‫البناء ضمن للمكتري غرامة قانونية تساوي كراء أربعة أعوام ال يخرج من‬
‫المحل إال بعد قبضها "‪ . 2‬و لقد إستقّر فقه القضاء الّتونسي على هذا الموقف‬
‫في عديد القرارات ‪.3‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 37089‬مؤّر خ يف ‪ 14‬جوان ‪ . 1995‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 378‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 4114‬مؤّر خ يف ‪ 21‬جانفي ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 176‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 12078‬مؤّر خ يف ‪ 14‬نوفمرب ‪ . 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 281‬‬ ‫‪3‬‬

‫قرار تعقييب عدد ‪ 12607‬مؤّر خ يف ‪ 21‬نوفمرب ‪ . 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 156‬‬
‫أنظر القرار الّتعقييب عدد ‪ 37089‬املشار إليه آنفا ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫‪ -‬ح‪ّA A A A‬ق البق ‪AA A A‬اء ‪ :‬لق د نص ّت على ذل ك ص راحة الفق رة الثاني ة من‬
‫الفصل ‪ ... " 9‬و للمتسوغ احلق يف البقاء باحملل حسب القيود و الشروط املنصوص عليها‬
‫بالعق د املنتهي ة مّد ت ه إىل إبت داء األش غال بص فة فعلي ة ‪ "...‬مل تط رح م دة بق اء املتس وغ باحملل‬
‫إشكاال بل أثري اإلشكال حول تاريخ إنتهاء حق البقاء باملكرى التجاري الذي ولئن ‪ ،‬وضع‬
‫املشرع حّل تشريعي كّر س فيه حّق البقاء إاّل أنه يبقى هذا احلّل غامضا و منقوصا فال ميكن‬
‫تطبيق ه على مس توى الواق ع ‪ .‬و يف ه ذا اإلط ار حمكم ة التعقيب أق ّر ت ح ق قبض غرام ة قب ل‬
‫مغادرة احملل و حق بقاء املتسوغ إىل إبتداء األشغال بصفة فعلية ‪ 1‬وإعتربت بأن " إسرتجاع‬
‫مكرى التجارة قصد اهلدم و البناء ال خيرج منه مكرتيه إال عند الشروع يف األشغال فاحلكم‬
‫عليه إستعجاليا باخلروج منه قبل التحق ق من الش روع يف بداية األشغال جيعل احلكم سابقا‬
‫ألوانه ويوجب النقض‪ . 2‬فتوجيه تنبيه برفض التجديد إلعادة بناء العقار املكرى ال تنتهي به‬
‫العالق ة التعاقدي ة الكرائي ة ‪ .‬و إمنا تس تمر ح ىت قبض التع ويض و بداي ة األش غال و على‬
‫املتس وغ أن ي دفع معل وم الك راء ‪ .‬و لكن يبقى التس اؤل مطروح ا ح ول مع ىن عب ارة " بداي ة‬
‫األشغال بصفة فعلية " فماذا قصد املش رع من إستعمال هذه العبارة ؟ لقد أجابت حمكم ة‬
‫التعقيب عن هذا التساؤل وحّد دت مفهوما للشروع الفعلي لألشغال بصفة فعلية فإعتربت "‬
‫و لئن مل حيدد املش رع ص لب الفص ل التاس ع من الق انون رقم ‪ 37‬لس نة ‪ 1977‬املؤرخ يف‬
‫‪ 25‬ماي ‪ 1977‬نوع األشغال اليت ختّو ل للمكرتى البقاء باملكرى إىل الشروع فيها إال أن‬
‫املقص ود منه ا ال ميكن أن ينص رف إىل الش روع فيه ا ألن املقص ود منه ا ال ميكن أن ينص رف‬
‫إىل الش روع الفعلي يف عملي ة اهلدم إلس تحالة ذل ك قب ل إخالء العق ار ول ذا تعنّي أن يك ون‬
‫غ رض املش رع ه و اإلس تعداد الفعلي لتل ك األش غال وإحض ارما يل زم ألعم ال اهلدم و إع ادة‬
‫البناء" ‪ .3‬و من املنطقي أن يكون ما إجتهت إليه حمكمة التعقيب هو الصواب باإلستناد إىل‬
‫ما يهدف إليه املشرع من وراء وضع هذه الضمانات وهو أساسا محاية امللك التجاري ‪.‬‬

‫‪ :‬أنظر القرار التعقييب عدد ‪ 4114‬املذكور آنفا ‪ +‬قرار تعقييب عدد ‪ + 12607‬قرار تعقييب عدد ‪ 12078‬املذكورين آنفا ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6473‬مؤّر خ يف ‪ 5‬أكتوبر ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. 108‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 24754‬مؤّر خ يف ‪ 02‬نوفمرب ‪ . 1989‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1989‬ص ‪. 437‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪141‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫‪ -‬ح ‪ّA‬ق األولوّي ة ‪ :‬لئن س قطت الفق رة املتعلق ة حبق األولوي ة من الفص ل التاس ع من‬
‫قانون ‪ 1977‬مقارنة بالفصل ‪ 10‬من أمر ‪ 1954‬و اليت نفهم منها للوهلة األوىل أن املشرع "‬
‫أبطل حق املستأجر يف األولوية يف اإلجيار بالعقار اجلديد‪ . " 1‬إال أنه بالرجوع للفصل ‪ 10‬و‬
‫‪ 11‬من قانون ‪ 1977‬نتبني أن املشرع مل يقص هذا احلق " فرتجع إستمرار متتعه هبذا احلق و‬
‫ت بني أن األم ر ال يعدو أن يك ون إاّل جمّر د سهو كم ا وق ع يف فص ول أخ رى ‪ . 2" ...‬و لقد‬
‫إختذ فقه القضاء الّتونسي موقفا صرحيا حيث تبىّن صراحة ما وقع التنصيص عليه بالفصلني‬
‫‪ 10‬و ‪ 11‬املذكورين ‪ .‬ووّح د بني الفص لني ‪ 8‬و ‪ 9‬يف اإلج راءات ال واجب على املس تأجر‬
‫إتباعها للتمتع حبق األولوية ‪ .‬و يف ترتيب أصحاب األولوية عند تعددهم ‪ " .‬وينظر يف هذا‬
‫حكم حمكمة الناحية تونس عدد ‪ 84627‬الصادر يف ‪ 18‬ديسمرب ‪( . 1984‬وهو غري‬
‫منشور( "‪ . 3‬و هبذا جتاوز فقه القضاء هلذا الّس هو وأبقى للمتسوغ حق األولوية يف التسويغ‬
‫‪.‬‬

‫العقار لبنائه أو تعليته ‪:‬‬


‫ب ‪ -‬إسترجاع ّ‬
‫سنتعرض يف هذا اإلطار إىل إسرتجاع العّق ار املؤّقت لتعليته مث إىل إسرتجاع العّق ار‬
‫لبنائه ‪.‬‬
‫‪ – 1‬إسترجاع العّق ار لتعليته ‪:‬‬
‫يعترب هذا اإلسرتجاع مؤقتا للعقار ‪ .‬فهو جمرد تأجيل للتجديد وليس حرمان هنائي‬
‫من ه ‪ .‬حيث نص الفص ل ‪ 12‬من ق انون ‪ " 1977‬ميكن أيض ا للمال ك أن ي رجئ جتدي د‬
‫التسويغ ملدة أقصاها ثالثة أعوام إن كان يعتزم تعلية العّق ار وإن كانت هذه التعلية توجب‬
‫‪ :‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 79‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪. 80‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪142‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫حرمان املتسوغ مؤقتا ويف هذه الصورة للمتس ّو غ احلق يف غرامة تساوي الضرر الذي حلقه‬
‫بدون أن تتجاوز مقدار كراء ثالثة أعوام ‪.‬‬
‫ولقد طّبقت حمكمة التعقيب مقتضيات هذا الفصل فإعتربت أّن ‪ " :‬تعلية العقار ال‬
‫خيول للمال ك رفض جتدي د التس ويغ وإمّن ا جييز ل ه إرج اء التجدي د ملدة أقص اها ثالث ة أع وام‬
‫للمتس وغ احلق يف غرام ة تس اوي الض رر ال ذي حلق ه ب دون أن يتج اوز مق دار ك راء ثالث ة‬
‫‪1‬‬
‫أعوام ‪".‬‬
‫فال تط رح ه ذه الص ورة إش كاليات متم يزة وتعت رب جمرد إنقط اع م ؤقت عن النش اط‬
‫املس تغل باحملل املك رى ف أقّر املش ّر ع بعض الض مانات حتف ظ حق وق املتس ّو غ ‪ .‬فحّق ق ب ذلك‬
‫التوازن بني حقوق املتسّو غ ويف املقابل مل مينع املالك من تطوير بناءاته وأمالكه ‪.‬‬
‫وجتدر املالحظة أن عبارة " رفض التجديد املؤقت " إستعملها فقه القضاء التونسي‬
‫للتعبري عن هذه الصورة ‪ .‬لكن حمكمة التعقيب إستعملت هذه العبارة يف صورة أخرى خمتلفة‬
‫كل اإلختالف عن تعلية العقار من ذلك صورة رفض التجديد على معىن الفصل التاسع من‬
‫ق انون ‪ . 21977‬وهذا خمالف للفص ل التاس ع ال ذي يعت رب ص ورة من ص ور اإلس رتجاع غ ري‬
‫املؤّقت ‪ .‬وح ّق األولوي ة يبقى ح ّق مف رتض لكن غ ري أكي د وه ذا على عكس ص ورة الفص ل‬
‫‪ 12‬من قانون ‪ 1977‬الذي ال يتعّلق إال مبجّر د تأخري التجديد مقابل غرامة تساوي الضرر‬
‫دون أن يتجاوز مقدار ثالثة أعوام ‪.‬‬

‫‪ – 2‬إسترجاع العّق ار لبنائه ‪:‬‬


‫ينّص الفص ل ‪ 14‬من ق انون ‪ " 1977‬ح ق التجدي د ال يع رض ب ه املال ك ال ذي‬
‫حص ل على رخص ة بن اء حمل س كىن بكام ل أو بعض إح دى األراض ي املش ار إليه ا ب الفقرة‬
‫الثانية من الفصل الثاين من هذا القانون ‪.‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 11163‬مؤّر خ يف ‪ 11‬أفريل ‪ . 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1985‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 96‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 37091‬مؤّر خ يف ‪ 5‬أفريل ‪ 1995‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ ، 9‬ص ‪. 67‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪143‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وحّق اإلسرتجاع هذا ال ميكن القيام به مهما كان األمر إال فيما خيّص األجزاء غري‬
‫املبني ة من األراض ي املس ّو غة وإذا ك ان ي رتتب عن ه وج وب إنقط اع اإلس تغالل التج اري‬
‫والص ناعي أو مباش رة احلرف ة فإن ه حيتم دف ع الغرام ة املنص وص عليه ا بالفص ل التاسع من هذا‬
‫القانون " ‪.‬‬
‫إذن ميكن يف ص ورة الفص ل ‪ 14‬إس رتجاع العق ار إلقام ة بن اءات ب ه وينحص ر يف‬
‫أجزاء األرض البيضاء اليت مل تقع إقامة بناءات عليها ‪ .‬جيب احلصول على رخصة بناء فال‬
‫يكفي أن يع رب املال ك عن ني ة البن اء فق ط ‪ .‬وميكن أن يتحص ل املتس وغ على التع ويض‬
‫املنصوص عليه بالفصل التاسع يف حالة إنقطاع النشاط وتعطيل املتسوغ عن شؤونه التجارّية‬
‫أو الصناعّية أو احلرفّية ‪.‬‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬إسترجاع العّق ار لإلحتياج للّس كنى‬


‫" تقتض ي مب ادئ الع دل أن يق دم إحتي اج املال ك للس كىن مبلك ه على إحتي اج الغ ري‬
‫إلس تعمال ه ذا املل ك ‪ ,‬وهلذا خ ّو ل ق انون املل ك التج اري للمال ك ح ق رفض التجدي د إذا‬
‫إحت اج للس كىن بالعق ار‪ ,‬وجع ل الق انون إحتي اج بعض أق ارب املال ك يف مرتب ة واح دة م ع‬
‫إحتي اج املال ك نفس ه ‪ .‬وقّي د األم ر الق دمي ش روط اإلس رتجاع يف ه ذه الص ورة بقي ود‬
‫ثقيلة ‪ ,‬وجاء القانون اجلديد فضيق يف عدد أقارب املالك الذين ميكن اإلسرتجاع لفائدهتم‬
‫ولكنه خّف ف على املالك يف شروط اإلسرتجاع ‪. 1" ...‬‬
‫لق د نّص الفص ل ‪ 13‬من ق انون ‪ 1977‬على ه ذه الص ورة ‪ " :‬ميكن للمال ك‬
‫اإلمتناع من جتديد التسويغ إن اسرتجع احملل ليسكنه بنفسه أو ليسكن به أصوله أو فروعه‬
‫ش رط أن ال يك ون للمتمت ع باإلس رتجاع مس كن يواف ق حاجيات ه العادي ة أو حاجي ات أف راد‬
‫عائلت ه العائش ني ع ادة مع ه وبش رط أن تّتف ق هات ه احلاجي ات م ع إس تعمال ع ادي للمح ل‬

‫‪ :‬رشيد الصّباغ ‪ :‬املرجع السابق ص ‪81‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪144‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وبش رط ص لوحية احملل للس كىن بع د جمرد إج راء أش غال هتيئ ة للس كىن وال جيوز اإلس رتجاع‬
‫اجلزئي إال بشرط أن ال يضر بإستغالل املتسوغ وسكناه ‪. " ...‬‬
‫وبالتايل لكي يتمكن املتسوغ من إستعمال حق اإلسرتجاع لإلحتياج للسكىن وجب‬
‫علي ه إح رتام مجل ة من الش روط املنص وص عليه ا بالفص ل الث الث عش ر من ق انون‪ 25‬م اي‬
‫‪( 1977‬أ) ّمما يرتّتب عن اإلخالل بأحدمها وجوب دفع غرامة احلرمان (ب) ‪.‬‬

‫أ – شروط اإلسترجاع ‪:‬‬


‫وهي صارمة ومتعّد دة وهي تتعّلق باخلصوص بوجوب ‪:‬‬
‫أّو ال جيب أن يثبت اإلحتي اج للس كىن و ه ذا م ا أقرت ه حمكم ة التعقيب‬
‫بقوهلا ‪ " :‬مكرى التجارة ميكن إسرتجاعه من املالك مبوجب اإلحتياج للسكىن له بعد حتويره‬
‫إىل مسكن مستقل أو جزء من مسكنه األصلي املالصق له قصد التوسع فيه وذلك مقابل دفع‬
‫غرامة تساوي كراء مخسة سنني وبذلك تكون دعوى إسرتجاعه تتوّقف على ثبوت اإلحتياج‬
‫ل ه واحلكم ال ذي قض ى ب اخلروج وه و خ ال من بي ان إحتي اج املال ك وأساس ه يك ون قاص ر‬
‫التسّبب ومستوجبا للنقص "‪. 1‬‬
‫ثاني ا جيب أن يك ون املتمت ع حبق اإلس رتجاع إم ا املؤجر نفس ه أو أص وله أو فروع ه‬
‫وهي قائمة ال ميكن جتاوزها إىل مستفيدين آخرين بإعتبارها دكرت على سبيل احلصر ‪.‬‬
‫ثالث ا جيب أن تّتف ق هات ه احلاجي ات م ع اإلس تعمال الع ادي للمح ل ال ذي جيب أن‬
‫يك ون ص احلا للس كن بع د جمرد إج راء أش غال هتيئ ة ب ه وه ذا الش رط يس تبعد احملالت املع دة‬
‫بطبيعته ا للتج ارة ( مقهى ‪ ,‬مطعم ‪ ) ...‬وال يت الميكن تغيريه ا للس كىن إال بع د القي ام‬
‫بأعمال جذرية يف إعادة البناء والرتميم ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب مدين عدد ‪ 6759‬مؤّر خ يف ‪ 7‬جانفي ‪ 1982‬غري منشور ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪145‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫رابعا ال ينسحب حق اإلسرتجاع هذا على احملالت املع ّد ة لتستعمل نزال أو للتس ّو غ‬
‫ويف ذلك محاية للمتسّو غني ‪.‬‬
‫خامسا ال ميكن للمتسّو غ الذي إقتىن احملل بثمن أن يتمتع هبذا احلق إال إذا كان رسم‬
‫إقتنائه له تاريخ عقد يزيد عن الستة أعوام قبل القيام هبذا احلق ‪.‬‬
‫كما أّنه ال جيوز اإلسرتجاع اجلزئي إال بشرط أن ال يضّر بإستغالل املتسّو غ ‪.‬‬

‫ب – آثار اإلسترجاع للسكنى ‪:‬‬


‫اإلسرتجاع املبين على اإلحتياج للسكىن له آثار تكسب حقوق للمتس ّو غ من جهة‬
‫وتقيد املتسّو غ من جهة أخرى وتنحصر هذه اآلثار فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حيّق للمتس ّو غ الذي وقع إخراجه من حمل جتارته بسبب اإلسرتجاع املبين على‬
‫اإلحتي اج للس كىن ب أن يطلب من املس وغ غرام ة تتمث ل يف دف ع معل وم الك راء املدفوع فيم ا‬
‫خيص احملالت املس رتجعة عن اخلمس ة أع وام األخ رية وإذا ك انت م دة التس ويغ أق ل من ذل ك‬
‫فالغرامة تساوي معلوم كراء السنة األخرية مضّعفا مخسة مرات ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ألزم املشرع املستفيد بأن يبقى شاغال للمحل طيلة مدة أدناها ستة أعوام تبتدئ‬
‫ال من ت اريخ إنقض اء أج ل الس تة أش هر من ذ خ روج املتس وغ ب ل من ت اريخ دخول ه إىل احملل‬
‫الذي ال ميكن إستعماله طيلة هذه املدة يف أي نشاط جتاري كان أو صناعي أو حريف ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ويف ص ورة خمالف ة ه ذه األحك ام فاملتس وغ ل ه احلق املطالب ة بغرام ة احلرم ان‬
‫املنص وص عليه ا بالفص ل الس ابع ‪ .‬إض افة إىل املس ؤولية اجلزائي ة ال يت ميكن أن يتحمله ا‬
‫املسّو غ ‪.‬‬
‫هك ذا أح اط املش رع ه ذا احلق بع دة قي ود ومن املف رتض أّن ه ال ميارس إال يف حال ة‬
‫إسرتجاع حمال قابال للسكن من حيث مساحته أو املرافق املوّفرة به ‪ .‬فيبدو أّن هذه الصور‬

‫‪146‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫تتعل ق ب الكراء التج اري املختل ط وه ذا م ا يفس ر النقص الع ددي للقض ايا املرفوع ة يف ه ذا‬
‫اجملال ‪ .‬إضافة إىل ما ألزمه املشرع من دفع غرامة للمتسوغ جتعل هذا احلق الذي يتمتع به‬
‫املالك سبب من أسباب إرهاقه ‪.‬‬

‫المبحث الّثاني‬
‫رفض الّتجديد غير المسّبب (غير المبّر ر)‬

‫‪147‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ميكن للمال ك أن ي رفض التجدي د ب دون م ّربر ‪ .‬لكن رغم متتع ه هبذا احلق فه و مل زم‬
‫قانونا بالتعويض عن الضرر احلاصل للمتسوغ ‪.‬‬
‫املشّر ع الّتونسي عمل على محاية حقوق املتسوغ وعدم إهدار جهوده وذلك بإقرار‬
‫املبدأ التعويضي يف قانون‪ . 1977‬فأوجب على المالك دفع تعويض كامل و يتمّثل‬
‫هذا التعويض في غرامة حرمان التي نّص عليه ا الفص ل الس ابع من ق انون‬
‫" يمكن للمتسوغ أن يرفض تجديد التسويغ‬ ‫‪ 1977‬الذي إقتضى أّن ه ‪:‬‬
‫وم ع ذل ك ف إن المس وغ يجب علي ه فيم ا ع دا اإلس تثناء المنص وص عليه ا‬
‫بالفصل الثامن والفصول التابع ة ل ه أن ي دفع للمتس وغ المح روم من التجدي د‬
‫منحة تعرف بمنحة الحرمان تساوي الضرر الحاصل بسبب ع دم التجدي د ‪...‬‬
‫"‪.‬‬
‫ولقد إعتبرت محكم ة إس تئناف ص فاقس‪ ، 1‬أّن غرام ة الحرم ان ال تي‬
‫أسسها قانون األكرية التجارية‪ :‬تعتبر المقابل الذي يفتدي به مالك العقار ح ّق‬
‫اإليجار ‪ ،‬الذي يمثل عنصر من عناصر األصل التج اري ‪ .‬كم ا إعت برت أّن‬
‫هذه الغرامة تمثل إلى ح ّد م ا غرم ا للض رر الحاص ل للتج ار المس تأجر من‬
‫جراء رفع حيازة المكرى منه ‪.‬‬
‫ويعتبر ه ذا الق رار رغم ص دوره تحت طائل ة أم ر ‪ 1954‬من أهم‬
‫القرارات التي بينت بصورة واضحة الخاص يات واألس اس الق انوني لغرام ة‬
‫الحرمان ‪.‬‬
‫ه ذه الغرام ة هي إذن أهم أثر ينجم عن رفض التجدي د الغ ير م برر‬
‫الص ادر عن مال ك العق ار وهي التع ويض ال ذي يجب أن ي دفعها إلس ترجاع‬
‫محله ولكي يسترد حريته في اإلنتفاع به ‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نظام األكري ة التجاري ة كنظ ام خ اص وإس تثنائي نج د‬
‫تبريرات هذه الغرامة وأسس إستحقاقها ‪.‬‬
‫عموم ا تتمّث ل ه ذه الم بّر رات أساس ا في تش جيع التج ار على تط وير‬
‫الحرك ة اإلقتص ادية ‪ .‬وينبغي الت ذكير ب أن حال ة الفص ل الس ابع والموجب ة‬
‫لغرامة الحرمان ليست الحالة الوحيدة التي تل زم مال ك العق ار ب أداء تع ويض‬
‫‪ :‬قرار إستئنايف مؤّر خ يف ‪ 20‬جويلية ‪ 1955‬م‪.‬ت‪.‬ق رقم ‪ 1‬ص ‪. 80‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪148‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫كام ل ب ل هن اك ص ور خاص ة والمتعّلق ة أساس ا بالفص ول ‪ 15‬و‬


‫‪16‬و‪ 17‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪. 1977‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أّن نا س بق أن تعّر ض نا إلى الفص ل الخ امس عش ر‬
‫مّما يفرض علينا التمي يز بين مختل ف الص ور المتبّقي ة و المنص وص عليه ا‬
‫صلب الفصلين السادس عشر والسابع عشر من جهة ‪ ،‬وصور الفصل السابع‬
‫من قانون ‪ 1977‬من جهة أخ رى ‪ .‬فكي ف ي دخل فق ه القض اء في تق دير‬
‫الغرام ة ؟‬ ‫غرامة الحرمان ؟ (فرع أّو ل) ‪ ،‬و ما هي طرق تسوية هذه‬
‫(فرع ثاني) ‪.‬‬

‫الفرع األّو ل‬
‫تدّخ ل فقه القضاء في تقرير غرامة الحرمان‬

‫رفض التجدي د يمكن أن يص در عن المال ك ‪ .‬ال ذي يمكن أن يك ون‬


‫شخص طبيعي أو شخص معنوي عمومي ‪ .‬ومهما كان مصدر هذا ال رفض‪،‬‬
‫‪149‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فإن القانون أوجب دفع غرامة الحرمان ‪ .‬التي هي عبارة عن تع ويض كام ل‬
‫يتحصل عليه المتسوغ الخارج ‪.‬‬
‫ويجب الّت ذكير ‪ ،‬أّن من واجب المتسّو غ أن يطالب به ذه الغرام ة ل دى‬
‫المحكم ة ذات النظ ر في الثالث األش هر الموالي ة لت اريخ إبالغ اإلعالم‬
‫بالخروج ‪ .‬فبعد مضي هذا األجل يفقد المتسوغ حق اإللتج اء إلى المحكم ة و‬
‫يعتبر قد عدل عن التجديد أو عن التحصيل عن غرام ة الحرم ان ‪ .‬وفي ه ذا‬
‫اإلطار إعت برت محكم ة التعقيب أن " من إكتس ب ح ق تج اري بتص رفه في‬
‫المحل مدة تفوق العامين ‪ .‬و تولى تسليمه إختياريا منه للمالك ‪ ،‬الذي تصرف‬
‫فيه بالتسويغ مرتين للغ ير ‪ ,‬ليس ل ه الح ق في الرج وع على المال ك وإدع اء‬
‫الحق التجاري "‪ . 1‬و بالتالي ال يمكن للمتس ّو غ أن يط الب بغرام ة الحرم ان‬
‫نظرا لعدم مطالبته لها قبل تسليم المحل ‪.‬‬
‫ومن المالح ظ ‪ ،‬أّن تق دير غرام ة الحرم ان تش كل ص عوبة عملي ة ‪،‬‬
‫تعترض قضاة الموضوع عن د النظ ر في القض ايا المرفوع ة من المتس وغين‬
‫التج ار المح رومين من تجدي د إيج اراتهم ‪ .‬و تتمظه ر ه ذه الص عوبة على‬
‫مس توى تحدي د عناص ر التق دير من جه ة ( فق رة أولى ) ‪ ،‬و على مس توى‬
‫إعتماد تاريخ تقدير غرامة الحرمان من جهة أخرى ( فقرة ثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عناصر التقدير‬


‫تبدو غرامة الحرمان كمقابل ثمن لشراء المال ك للح ق التج اري ال ذي‬
‫يمثل عنص را من عناص ر األص ل التج اري ومن المنطقي أن تخض ع ه ذه‬
‫الغرامة إلجتهاد قضاة األصل إال أنه وخالفا للفصل ‪ 278‬م ‪ .‬إ ‪ .‬ع ‪.‬‬
‫الذي أوكل مسألة تقدير قيمة الضرر لإلجتهاد الخالص لقض اة األص ل‬
‫بحسب كل نازلة ‪ .‬فإن الفصل السابع من قانون ‪ 1977‬أورد إستثناء يخالف‬
‫النّص الع اّم ‪ .‬فقّي د القاض ي بجمل ة من المع ايير وعناص ر الّت ق دير ال تي من‬
‫‪ : 1‬قرار تعقييب عدد ‪ 10907‬مؤّر خ يف ‪ 23‬جانفي ‪ 2002‬غري منشور ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫خاللها يقيم المض رة ال تي لحقت المتس وغ الخ ارج ‪ .‬ولق د وردت قائم ة ه ذه‬
‫العناصر على سبيل الذكر ال الحصر مما يجعلن ا نالح ظ أن إجته اد القاض ي‬
‫غير منعدم ‪ ،‬فالفصل السابع يقّيده بمجموعة من العناصر لكن ترك ل ه مج ال‬
‫يمّك نه من التوسع في تقدير هذه العناصر ‪.‬‬
‫وباإلعتماد على الفصل الس ابع من ق انون ‪ 1977‬يمكن أن نستش ّف‬
‫من خالل ه عناص ر تق دير الض رر الرئيس ي (أ ) و ك ذلك عناص ر تق دير‬
‫الضرر التبعي (ب ) ‪.‬‬

‫أ – عناصر تقدير الّض رر الّر ئيسي ‪:‬‬


‫ترمي الغرامة إلى جبر الضرر الذي يلحق صاحب األصل التجاري ‪،‬‬
‫والن اجم عن حرمان ه من المحالت المك راة ‪ .1‬بالت الي غرام ة الحرم ان‬
‫المنص وص عليه ا ص لب الفص ل الس ابع من ق انون ‪ 1977‬له ا ص بغة‬
‫تعويضية بما أنها تساوي الضرر الن اتج عن ع دم التجدي د ‪ .‬ف رفض التجدي د‬
‫هذا له أثر سلبي على عناصر األصل التجاري ‪ .‬و يتمّث ل ه ذا األثر خاّص ة‬
‫في تالشي األصل الّت جاري ‪ .‬وتكون قيمته عند التعامل هي العنصر األساسي‬
‫الغرام ة ‪ .‬و لتحدي د ه ذه القيم ة دع ا المش رع إلى إتب اع‬ ‫في تقدير قيمة‬
‫تقالي د المهن ة حس ب منط وق الفص ل الّس ابع من ق انون ‪ . 1977‬و قب ل‬
‫الخوض في هذه المس ألة ‪ ،‬يجب اإلش ارة إلى م ا ذهبت إلي ه محكم ة الّت عقيب‬
‫بدوائرها المجتمعة حيث مّيزت بين الغرامة المنصوص عنه ا ص لب الفص ل‬
‫‪ 7‬من ق انون ‪ 1977‬و الغرام ة المنص وص عنه ا ص لب الفص ل ‪10‬‬
‫فإعتبرت " إّن تعويض المستأجر بغرامة حرمان على الّن ح و الم بّين بالفص ل‬
‫الّسابع من ق انون المل ك الّت ج اري يس تمّد ش رعّيته من الّر ابط ة الّت عاقدّي ة بين‬
‫الّط رفين في حين أّن غرم الّضرر الوارد به الفصل العاش ر من نفس الق انون‬
‫مناطه الّت عويض للمتسّو غ بسبب مخالفة المالك الذي يرفض إرج اع المتس ّو غ‬
‫للمكرى بعد إعادة بنائه لواجبات قانونّية ألزمه المشّر ع بها بع د إنحالل العق د‬
‫و بذلك يكون تقدير الّت عويض في الحالة األخيرة وفقا للقواع د العاّم ة ال واردة‬
‫بأحكام القانون العاّم "‪. 1‬‬
‫‪ :‬أنظر احلكم اإلبتدائي الصادر يف احملكمة اإلبتدائية بصفاقس مؤرخ يف ‪ 20‬جويلية ‪ 1955‬م‪.‬ت‪.‬ق ‪ 1956‬عدد ‪ 1‬ص ‪. 80‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 57556‬مؤّر خ يف ‪ 8‬جويلية ‪ . 1999‬قرارات الّد وائر اجملتمعة حملكمة الّتعقيب ‪ 1999-1998‬ص ‪. 77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪151‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫و ب ذلك يك ون أس اس غرام ة الحرم ان حس ب الفص ل الّس ابع ه و‬


‫المسؤولّية الّت عاقدّية و هذا خالف ا ألس اس الغ رم المنص وص علي ه بالفص ل‬
‫العاشر ‪ ،‬فأّك دت محكم ة الّت قيب " أّن مس ؤولّية المال ك ال ذي ي رفض إرج اع‬
‫المتسّو غ الواقع إخراجه للهدم و إعادة البناء للمكرى الّت جاري بعد إعادة بنائ ه‬
‫مسؤولّية تقصيرّية "‪. 2‬‬
‫مجمال ‪ ،‬قيمة األصل التجاري الذي أوجب المش رع إعتم اده كعنص ر‬
‫أساسي في تقدير غرامة الحرمان تتأثر بالعناصر التي يتركب منها و المكّو نة‬
‫له ‪.‬‬
‫لمعرف ة مكّو ن ات األص ل التج اري يجب الّر ج وع إلى أحك ام الفص ل‬
‫م ‪ .‬ت الذي يحّد د هذه العناصر ‪ .‬و تعتبر السمعة الّت جارّية‬ ‫‪ 189‬من‬
‫و الحرف اء من أهّم ه ذه العناص ر ‪ .‬وال ذي على أساس هما يمكن لقض اة‬
‫الموضوع اإلجتهاد في تحديد قيمة األصل التج اري ‪ ،‬لم ا له ذين العنص رين‬
‫من أهمية في تحديد قيمة المع امالت و تحدي د أهمي ة النش اط التج اري ال ذي‬
‫يمارسه المتسّو غ ‪.‬‬
‫على مستوى عملي إّن المحكمة عن د تعّه دها بتق دير غرام ة الحرم ان‬
‫تحدد العناصر المعتمدة لتقدير قيمة األص ل التج اري ‪ .‬ويبقى األم ر موك وال‬
‫لها في تحديد الطريقة المعتمدة في تقدير تلك العناصر ‪ .‬في هذا المجال ع ادة‬
‫ما تعين المحكمة خبيرا تأذن له بإتمام األعمال ‪ ،‬التي من شأنها أن تحدد قيمة‬
‫األصل التجاري ‪ .‬الخبير يمكن أن يعتمد طرق مختلفة لتقدير عناصر األصل‬
‫التجاري ‪ .‬و بهدف تحديد قيمته لتحديد التعويضات المتماشية وطبيعة النش اط‬
‫المتالشي ‪ .‬تقرير اإلختبار يمكن أن يعتمد طريقة التنظ ير ‪ ،‬وذل ك باإلعتم اد‬
‫على محالت مماثل ة للمك رى ال ذي س يغادره المتس وغ المح روم من التجدي د‬
‫فيشمل تقرير اإلختبار على القيم ة الكرائي ة للمح ل ‪ ,‬والمس احة المس تعملة ‪،‬‬
‫والموقع التجاري إْذ يفترض محل التنظ ير أن يك ون مج اورا للمك رى مح ّل‬
‫النزاع ‪.‬‬
‫إّن إعتماد هذه الطريقة ال تخل و من س لبيات و هي المتمّثل ة أساس ا في‬
‫عدم توفر محالت المنّظ ر بها فعناصر التنظير تنع دم في كثير من األحي ان ‪.‬‬
‫وتبقى هذه الطريقة عاجزة عن تحديد قيمة األصل التجاري الحقيقية ‪.‬‬
‫‪ :‬القرار التعقييب عدد ‪ 57556‬املذكور آنفا ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪152‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ويمكن أن يعتمد تقرير اإلختب ار على معين ات الك راء المعم ول به ا ‪.‬‬
‫غير أّن هذه الطريقة ال يمكن إعتمادها في القانون التونسي لمخالفتها للنّص ‪،‬‬
‫ولعدم تبني المش رع له ذه الطريق ة ص راحة خاص ة أن ه إعتم دها في ص ور‬
‫الرفض المؤّسس على صور إسترجاع المكرى ‪.‬‬
‫كما أن طبيعة النشاط المس تعمل ب المكرى له ا أهمي ة بالغ ة في تق دير‬
‫الغرامة ‪ .‬من ذل ك اإلعتم اد على ع دد الم تردّد ين على قاع ات الس نما قص د‬
‫تحدي د قيم ة األص ل التج اري بالنس بة له ذه القاع ات وك ذلك على الم داخيل‬
‫المتحّصل عليها ‪.‬‬
‫وقد يعتمد تقرير اإلختبار لتقدير غرامة الحرمان رقم المع امالت ال تي‬
‫تم تحقيقه في السنة األخيرة التابعة للمطالبة بتلك الغرامة ‪.‬‬
‫وال تخلو هذه الطريقة من نقائص والمتمثلة عموما في إنعدام العالقات‬
‫بين رقم المعامالت وقيمة األصل التجاري ‪.‬‬
‫" تقرير اإلختبار ال يقيد المحكمة وله ا أن تحكم بم ا ت راه مناس با على‬
‫أساس ما تستخلصه من الظروف والمالبسات الحافة بالموضوع "‪. 1‬‬
‫ولكن رغم م ا أقرت ه محكم ة التعقيب من ع دم تقي د المحكم ة بتقري ر‬
‫اإلختبار فإن المحكمة واقعي ا وفي أك ثر النزاع ات المعروض ة أمامه ا تعتم د‬
‫تقارير الخبراء وتحكم بما وقع إقتراحه من طرف الخبير‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى صعوبة التي أثيرت أمام المحاكم بمناس بة تق ديرها‬
‫لغرامة الحرمان ‪ ،‬والمتعّلقة بم دى إمكاني ة إحتس اب قيم ة الح ق في اإليج ار‬
‫أم ال ؟‬ ‫ضمن عناصر تقدير هذه الغرامة‬
‫فقه القضاء التونسي وكذلك الفرنسي إعتبرا أن غرامة الحرمان وقيم ة‬
‫األصل التجاري تشمل الحق في اإليجار‪. 2‬‬
‫ويعت بر ه ذا الموق ف منطقي ا ومتماش يا م ع ه دف إق رار غرام ة‬
‫الحرمان ‪ .‬فتكريس ح ّق اإليج ار أي ح ّق بق اء المس ّو غ ب المحالت المك تراة‬
‫حتى يضمن إستمرارية إستغالل النش اط التج اري ل ذلك يك ون ح ق اإليج ار‬

‫‪ : 1‬قرار تعقييب عدد ‪ 6794‬مؤّر خ يف ‪ 9‬ديسمرب ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 4‬ص ‪. 147‬‬
‫‪ : 2‬قرار تعقييب عدد ‪ 1444‬مؤّر خ يف ‪ 16‬جوان ‪ . 1977‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1977‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 39‬‬
‫‪CIV , 3e , 22 février 1968 Gaz . Pal. 1968-1-973‬‬

‫‪153‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫العنصر الثاني للضرر الذي يلحق المتسوغ المح روم من تجدي د التس ويغ إلى‬
‫جانب الحرفاء العنصر األساسي واألولى لذلك الضرر ‪.‬‬
‫ومس ألة تق دير ح ق اإليج ار ض من غرام ة الحرم ان ت ؤدي بن ا إلى‬
‫التساؤل حول مدى إقحام ثمن العتبة ضمن مبلغ التعويض ؟‬
‫ونع ني بالعتب ة أو الخل و ‪ :‬المبل غ الم الي ال ذي س ّلمه المتس ّو غ لمال ك‬
‫العقار مقابل تمكينه من المكرى ‪.‬‬
‫و يعتبر ثمن العتبة مخالفا لقانون ‪ 1977‬بإعتبار ح ّق تجدي د الك راء‬
‫القانون ‪ ،‬وليس عقد التسويغ‪ ،‬وإّن اإلّت فاقات ال تي من ش أنها‬ ‫هو أساسه‬
‫النيل من حّق التجديد المحدث بهذا القانون تكون الغية و ال عمل بها ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ولكن ‪ ،‬على مس توى واقعي يمكن للقاض ي أن ي دخل ثمن العتب ة في‬
‫غرامة الحرمان عن طري ق التع ويض الجملي ‪ .‬أي دون أن يخص ص مبلغ ا‬
‫معينا من التعويض للخل و مثلم ا ه و الش أن للحرف اء وبقي ة عناص ر األص ل‬
‫التج اري ‪ .‬و يعتم د القاض ي في تق دير األص ل التج اري على تقالي د المهن ة‬
‫حسب منطوق الفصل السابع من قانون ‪ . 1977‬هذا األساس يفتح ل ه ب اب‬
‫اإلجتهاد ال ذي يظه ر مقّي دا ولكن ه في حقيق ة األم ر إجته اد واس ع وال يمكن‬
‫بالّت الي الحّد منه ‪.‬‬
‫رغم أّن فقه القضاء التونسي مس تقّر على الّت ذكير بمقتض يات الفص ل‬
‫السابع والعناصر الواردة به و الواجب إعتمادها‪ 2‬إال أنه في كثير من األحيان‬
‫يبحث عن حلول لنزاعات مرفوعة أمامه قصد تحدي د ه ذه العناص ر ‪ .‬وذل ك‬
‫بإقصاء بعض العناصر ال تي ال تك ون األص ل التج اري ‪ .‬في ه ذا اإلط ار‬
‫إعتبرت محكمة التعقيب ‪ " :‬أّن نّص الفصل السابع من قانون عدد ‪ 37‬لسنة‬
‫‪ 1977‬على أن المتسّو غ المح روم من التحدي د يس تحق ح ق منح ة تع رف‬
‫بمنحة الحرمان ‪ ...‬وال تدخل األرباح في العناصر المكّو نة لألص ل الّت ج اري‬
‫"‪.‬‬

‫‪ : 1‬قرار تعقييب عدد ‪ 18055‬مؤرخ يف ‪ 20‬ديسمرب ‪ 1989‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ 1989‬ص ‪ " 496‬عرفت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 7‬من قانون امللك التجاري منحة احلرمان بأهنا تشمل‬
‫باخلوص قيمة األصل التجاري عند التعامل و تضبط القيمة املذكورة حسب تقاليد املهنة و تضاف إليها املصاريف العادّية للنقل و اإلنتصاب من جديد و كذلك املصاريف و معاليم‬
‫التسجيل الواجب دفعها يف صورة شراء أصل جتاري له نفس القيمة "‪.‬‬
‫‪ : 2‬قرار تعقييب عدد ‪ 21609‬مؤّر خ يف ‪ 22‬مارس ‪ . 1984‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1991‬ص ‪. 128‬‬

‫‪154‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فأقصت محكمة التعقيب األرباح من عناصر المكونة لألصل التجاري‬


‫ويبدو أن هذا اإلتج اه ل ه أس اس ق انوني في المجل ة التجاري ة تحدي دا الفص ل‬
‫‪ 189‬الذي تعرض لذكر هذه المكونات دون التعرض إلى األرباح كعنص ر‬
‫من عناصر األصل التجاري وكذلك باإلستناد إلى ما إتجهت إليه من إعتبار ‪:‬‬
‫" غرام ة الحرم ان ورد به ا نص خ اص يجب التقي د بمقتض ياته وال يج وز‬
‫توسيع داللتها بأحكام القانون العام "‪. 3‬‬
‫ولق د ض ّيقت محكم ة التعقيب ووض عت ح د أدنى إلحتس اب وتق دير‬
‫غرامة الحرمان فأقّر ت بأّن غرامة الحرمان ال تقّل عن قيمة األصل التجاري‬
‫عنها ‪ " :‬غرامة الحرمان من المكرى التجاري‬ ‫فجاء بمبدأ قرار صادر‬
‫ال تكون بحال أقل من قيمة األصل التج اري ول و ك ان المك تري يمل ك محال‬
‫تجاريا آخر "‪. 1‬‬
‫إذن تقدير غرامة الحرمان ال تك ون أق ل من قيم ة األص ل التج اري ‪.‬‬
‫حتى و إن كان المتسّو غ يملك محال تجاريا آخر ‪ .‬هذا التوّج ه الفقه قض ائي لم‬
‫يشهد إستقرارا بدليل ما أقرته محكمة التعقيب قب ل ص دور ه ذا الق رار حيث‬
‫إعت برت ‪ " :‬أّن غرام ة الحرم ان يجب أن تك ون مس اوية على األق ّل لقيم ة‬
‫المل ك التج اري إال إذا أثبت المال ك أن المتس وغ المح روم من التجدي د يمل ك‬
‫أمالكا تجارّية أخرى "‪. 2‬‬
‫ويبدو أن هذا اإلختالف الفقه قضائي أساسه هو عدم إيجاد ح ل موح د‬
‫لتقدير عناصر األصل التجاري من جهة ‪ ،‬والتوّسع الالمنطقي في البحث عن‬
‫إمتالك المتس وغ لمحالت تجاري ة أخ رى ‪ .‬فغرام ة الحرم ان يبقى تق ديرها‬
‫مرتبط بقيمة األصل التجاري الذي على ملك المتسّو غ الخارج من ذلك المحل‬
‫دون غ يره ‪ .‬وليس من الع دل أن يبحث اإلختي ار في م دى إمتالك المتس وغ‬
‫لغ يره من األص ول التجاري ة المتواج دة في أم اكن مختلف ة ‪ .‬يب دو أّن ال رأي‬
‫األّو ل لمحكمة التعقيب األقرب للصواب ولقواعد العدل واإلنص اف أك ثر من‬
‫الرأي الثاني ‪.‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 19554‬مؤّر خ يف ‪ 09‬فيفري ‪ . 1989‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1989‬ص ‪. 99‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 9785‬مؤّر خ يف ‪ 16‬جوان ‪ . 1977‬م‪.‬ق‪.‬تش عدد ‪ 2‬لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 156‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6175‬مؤّر خ يف ‪ 02‬جويلية ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. 23‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪155‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ويمكن أن نتس اءل عن م دى إمكاني ة تق دير غرام ة الحرم ان ص برة‬


‫واحدة ؟‬
‫محكمة التعقيب أجابت بالنفي عن ه ذا التس اءل ف إعتبرت أّن ‪ " :‬عن د‬
‫تنهية المدة في المك رى التج اري ف إن غرام ة الحرم ان من ه ال تق در ص برة‬
‫واحدة بل ال بد فيها من بيان األصل التجاري وقيمت ه ال تي ال تق ل عنه ا تل ك‬
‫الغرامة حسب القانون فعدم بيان قيمة األصل التج اري على ح دة يك ون مع ه‬
‫الحكم خارقا للقانون وهدفا للنقص " ‪.3‬‬
‫هذا الحّل له أهمية عملية متمثلة أساسا في تقدير قيمة األصل التج اري‬
‫بص فة واض حة ح تى يتس نى لقض اة األص ل التثبت من ع دم تق دير غرام ة‬
‫حرمان أقل من قيمة األصل التجاري في حد ذاته ‪ .‬ونشير في الختام أن قيمة‬
‫األصل التجاري عند التعامل تشمل الثمن العادي الذي يمكن أن يتحصل عليه‬
‫المتس ّو غ مقاب ل التف ويت في حقوق ه )األص ل التج اري) في نفس الظ روف‬
‫المكانية والزمنية لتلك العملية ‪.‬‬
‫ولسائل أن يتس اءل ح ول التغي يرات والتجه يزات ال تي يح دثها مال ك‬
‫الحّق التجاري ‪ .‬هل له حّق المطالب ة بقيمته ا عن د إخراج ه من ط رف مال ك‬
‫العقار ؟‬
‫محكم ة التعقيب أج ابت ب النفي معت برة أن ه ال وج ه للمطالب ة بقيم ة‬
‫التجه يزات أو التغي يرات ب المكرى الالزمين لنش اط المتس ّو غ التج اري‪. 1‬‬
‫ويّت ضح مما سلف بسطه أن تقدير العناصر األساسّية لغرامة الحرم ان ترتب ط‬
‫بالطريق ة المّت بع ة من ط رف قض اة األص ل ‪ ،‬باإلعتم اد ع ادة على تقري ر‬
‫لتحدي د‬ ‫الخبراء الذي ال يقّيدهم ولكّن ه واقعّيا يعتبر السبيل األك ثر إعتم ادا‬
‫" تقاليد المهنة وطبيعة النشاط التجاري المشغل " ‪.‬‬

‫ب – عناصر تقدير الّض رر الّتبعي ‪:‬‬


‫إض افة إلى الّض رر الّر ئيس ي ال ذي يلح ق المتس ّو غ من ج ّر اء رفض‬
‫التجدي د تش مل غرام ة الحرم ان الض رر التبعي ال ذي يتس بب في ه المال ك ‪،‬‬
‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6787‬مؤّر خ يف ‪ 18‬مارس ‪ . 1982‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1982‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 156‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6096‬مؤّر خ يف ‪ 29‬جوان ‪ . 1981‬ن‪.‬م‪.‬ت لعام ‪ ، 1981‬ج ‪ ، 2‬ص ‪. 288‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪156‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫بحرم ان المتس وغ من مواص لة إس تغالل نش اطه التج اري فاقتض ى الفص ل‬


‫الس ابع من ق انون ‪ ..." 1977‬وتض اف إليه ا المص اريف العادي ة للنق ل‬
‫واإلنتصاب من جديد " ‪.‬‬
‫فالخسارة يمكن أن تكون جزئية و ذلك في حالة نق ل األص ل التج اري‬
‫بكامل عناصره المادية والمعنوية بدون إتالفه ‪ ،‬أو إعدام ه ‪ .‬فالغرام ة تش مل‬
‫مص اريف النقل ة وال تي تحت وي على الخس ائر المؤقت ة الناجم ة عن التوق ف‬
‫الوق تي عن النش اط ‪ ,‬والخس ارة تنحص ر في ه ذه الص ورة في فق دان ح ق‬
‫التجديد فقط ‪.‬‬
‫أما إن كانت الخسارة كلية وذلك بسبب إستحالة نقلة األصل التجاري ‪.‬‬
‫فاإلمكاني ة تبقى قائم ة في اإلنتص اب م رة أخ رى و تض اف في ه ذه الحال ة‬
‫مصاريف ومعاليم التسجيل عند شراء أصل تجاري له نفس القيمة ‪.‬‬
‫في صورة إعادة اإلنتصاب ‪ ،‬يمكن أن يكون معلوم العتب ة عنص ر من‬
‫عناصر الضرر ‪ ،‬ويشكل بالتالي جزء من ثمن إعادة اإلنتصاب بمحّل آخ ر ‪.‬‬
‫فيك ون ج زء من غرام ة الحرم ان بش رط أن يثبت المتس ّو غ إمكانّي ة إع ادة‬
‫اإلنتص اب ‪ .‬وعموم ا المص اريف ال تي ينبغي أن ت دخل في تق دير غرام ة‬
‫الحرمان هي ‪ :‬تلك التي يبذلها المتسوغ الخارج ليوفر ألصله الجديد المعدات‬
‫والتراتيب المماثل ة لتل ك ال تي فق دها ‪ .‬ويبقى لقض اة األص ل س لطة تقديرّي ة‬
‫واسعة لتقدير هذه المصاريف ‪ .‬وهذا خالفا لتقدير مصاريف ومعاليم التسجيل‬
‫الواجب دفعها في صورة شراء أصل تجاري له نفس القيمة ‪ .‬وذلك باإلعتماد‬
‫على التعريفات الرسمية المنطبقة في هذا المجال ‪.‬‬
‫ويمكن للمتسوغ أن يطالب بالتعويض عن فقدان عناصر أخرى ش ملها‬
‫الضرر ‪ .‬من ذلك غرامة طرد العّمال‪ 1‬التي يتحملها المؤّج ر ‪ .‬وكذلك غرام ة‬
‫التوّقف عن اإلستغالل ‪ .‬وتعويض الخسارة الناجمة عن ذلك ‪.‬‬
‫وعلي ه ‪ ،‬فغرام ة الحرم ان يجب أن تع وض ك ل ه ذه العناص ر ح تى‬
‫يتسنى للتاجر المحروم من إكتساب أصل جديد له نفس األهمية ونفس القيمة ‪.‬‬

‫‪ :‬حكم إبتدائي صادر عن احملكمة اإلبتدائية بتونس عدد ‪ 23905‬مؤرخ يف ‪ 20‬جانفي ‪ ( 1976‬غري منشور ) ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪157‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫الفقرة الّثانية ‪ :‬تاريخ تقدير غرامة الحرمان‬


‫لم يحّد د المشّر ع الّت ونسي تاريخ تقدير غرامة الحرمان ‪ .‬ومن المالحظ‬
‫أن غياب تحديد ه ذا الت اريخ يط رح عدي د اإلش كالّيات ‪ .‬حيث يمكن أن تم ر‬
‫ف ترة زمني ة طويل ة بين ت اريخ اإلعالم ب الخروج والت اريخ ال ذي يتمّك ن في ه‬
‫المتسّو غ من اإلنتص اب من جدي د بمح ل آخ ر ‪ .‬ك ذلك يمكن أن يط ول نش ر‬
‫دعوى تقدير غرامة الحرمان ‪ ,‬بينما قيم ة العناص ر المعتم دة لتحدي د غرام ة‬
‫الحرمان تتغير من حين آلخر وتخضع للتقلبات اإلقتصادية التي يمكن أن تفقد‬
‫قيمتها ‪ .‬يجب مبدئيا أن ينتظر القاضي خروج المتسوغ من المح ل وإنتص ابه‬
‫بآخر ليضبط قيمة الض رر ال ذي لحق ه ‪ ,‬وأم ام ه ذا الف راغ التش ريعي يمكن‬
‫للمحاكم أن تعتمد تاريخين إّما تاريخ الحرمان القانوني (أ) أو تاريخ الحرم ان‬
‫الفعلي (ب) ‪.‬‬

‫أ – تاريخ الحرمان القانوني ‪:‬‬


‫إّن ه التاريخ الذي يتوقف فيه المتسوغ عن شغل المحل بص فة قانوني ة ‪.‬‬
‫فعقد التسويغ في القانون العام ينتهي بانتهاء المدة المحددة بالعقد ‪ .‬أّما بالنس بة‬
‫لألكرية التجارية فقد خّصها المشرع بقواعد محّد دة و إستثنائية ‪.‬‬
‫ويبدو أّن تاريخ التوّق ف القانوني لشغل المكرى لتقدير غرامة الحرمان‬
‫‪ ،‬هو التاريخ الذي ينتهي فيه عقد اإليجار بصفة قانوني ة ‪ .‬أي باإلعتم اد على‬
‫الح االت ال تي تع رض له ا ق انون األكري ة التجاري ة ‪ .‬ولق د إس تند القض اء‬
‫التونسي بصفة ضمنية إلى هذا الت اريخ‪ . 1‬ه ذه الطريق ة تج بر القاض ي على‬
‫تق دير الخس ارة في ت اريخ ه و في أغلب الح االت ال يح دد ت اريخ حص ول‬
‫الضرر الفعلي خاّصة أّن المتسّو غ يواصل إستغالل نشاطه التجاري إلى حين‬
‫مغادرة المكرى وإتمام عمليات النقل واإلنتصاب ‪ .‬فيكون بذلك تقدير الضرر‬
‫في تاريخ التوّقف القانوني أقّل من قيمته الحقيقية ‪.‬‬

‫‪ :‬األحكام اإلبتدائية غري منشورة ‪ ,‬ملحقة برسالة األستاذ حممد صبحي بودربالة " غرامة احلرمان " ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪158‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن إعتماد هذا التاريخ من طرف قضاة الموض وع‬
‫ال يخلو من سلبيات ‪ ،‬خاّص ة في تقدير الضرر التبعي ‪ ،‬الذي ال يمكن تحدي ده‬
‫بصفة نهائية إال بعد عملية اإلنتصاب أو بعد شراء أصل تجاري ألن ه ض رر‬
‫ال حق لتاريخ التوّقف القانوني ‪.‬‬
‫فضال عن ذل ك لق د مكن المش رع من البق اء ب المكرى إلى حين ال دفع‬
‫الفعلي لغرامة الحرمان ‪ ،‬وحّق البقاء هذا يتعارض مع إعتماد تاريخ الحرمان‬
‫القانوني ‪.‬‬
‫ح ّق البق اء ال ذي منح ه المش ّر ع للمتس ّو غ ليس مطلق ا إذ مّك ن المال ك‬
‫بمقتضى الفص ل الس ابع عش ر من ق انون ‪ 1977‬من إخ راج المتس ّو غ من‬
‫المحّل التجاري مقابل دفع غرامة وقتية ‪.‬‬
‫و للحّد من نقائص تاريخ الحرمان القانوني يمكن أن نلتج أ إلى مب ادئ‬
‫تقدير الخسارة في الماّد ة المدنّية و الحلول المكّر سة لتاريخ الحرمان الفعلي ‪.‬‬

‫ب – تاريخ الحرمان الفعلي ‪:‬‬


‫هو تاريخ مغادرة المتسوغ للمكرى بصفة فعلية ‪ .‬فإعتماد القاضي لهذا‬
‫التاريخ له أثار إيجابية وذلك باإلعتماد على تاريخ البت في النزاع ‪ .‬من ذلك‬
‫مراع اة مص لحة المتس وغ الواقعي ة ال القانوني ة فحس ب ‪ .‬فالقاض ي في ه ذه‬
‫الحالة يتحقق من الضرر الفعلي والحقيقي ال ذي لح ق المتس وغ ليتوص ل إلى‬
‫ذل ك التق دير ‪ .‬ويمكن أن نستش ف ه ذا الح ل باإلعتم اد على م ا نّص علي ه‬
‫الفصل السابع من قانون ‪ " 1977‬قيمة األص ل التج اري عن د التعام ل " ‪.‬‬
‫هذه الفرضية تؤدي إلى وجوب إعتماد التاريخ الذي يكون فيه القاض ي ق ادرا‬
‫على تقدير األصل التجاري بدقة ‪.‬‬
‫و تج در اإلش ارة إلى أّن ه ذه الطريق ة ال يمكن تعميمه ا ‪ .‬إذ يجب أن‬
‫نفّر ق بين ح التين ‪ :‬الحال ة األولى هي ال تي يك ون فيه ا المتس وغ ق د غ ادر‬
‫المكرى في ت اريخ ص دور الحكم ‪ .‬أّم ا الحال ة الثاني ة هي ال تي يبقى فيه ا‬
‫المتسوغ بالمحل بعد صدور الحكم ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫وعلى القاضي أن يتثبت إن غادر المتسوغ المح ل أو أن ه إس تغل ح ق‬


‫البقاء الذي أقره الفصل التاسع عش ر من ق انون ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬لتحدي د‬
‫تاريخ الذي يجب إعتماده لتقدير غرامة الحرمان ‪.‬‬
‫إذن هذه الطريقة تبعد القاضي عن إسناد المتسوغ تعويضات أكثر مم ا‬
‫يستحق وهو ما ال يبيحه القانون وال قواعد العدل واإلنصاف ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفرضية التي يمارس خاللها المتسوغ حق ه في‬
‫البق اء إلى أن يقبض غرام ة الحرم ان ‪ .‬يص عب معه ا تحدي د ت اريخ تق دير‬
‫الغرام ة وعلى قض اة الموض وع أن يجته دوا لتحدي د ه ذا الت اريخ وذل ك‬
‫باإلعتماد عادة على إختبار ثاني‪ ،‬يأخ ذ بعين اإلعتب ار التغي يرات ال تي تط رأ‬
‫على قيمة األصول التجارية في النشاط موضوع النزاع ‪.‬‬
‫وفي الختام نشير إلى أن فق ه القض اء التونس ي لم يح دد ت اريخ لتق دير‬
‫الغرامة وال المعايير التي يمكن إعتمادها لتحديد هذا التاريخ ‪.‬‬
‫وعلى المش رع أن يت دخل لتنقيح الفص ل الس ابع وذل ك بتحدي د ت اريخ‬
‫تقدير غرامة الحرمان ‪.‬‬

‫الفرع الّثاني‬
‫تسوية غرامة الحرمان‬

‫عند رفض التجديد الغير مبرر يتحول الحق التجاري كحق معنوي إلى‬
‫ح ق م الي تتحمل ه ذم ة ال دائن لص الح الم دين ‪ .‬فبتس وية وخالص غرام ة‬
‫الحرمان تنتهي العالقة الكرائية بصفة فعلية بين المالك و المتسوغ ‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ولق د أق ّر المش رع عدي د الض مانات لخالص غرام ة الحرم ان وال تي‬
‫إقتضاها الفص ل التاس ع عش ر من ق انون ‪ . 1977‬ه ذه الض مانات ته دف‬
‫أساس ا إلى حص ول المتس وغ على الغرام ة المح ددة قانون ا إّم ا بمقتض ى‬
‫خالصها الجزئي أو الكّلي ‪ .‬وال يمكن أن نهمل في هذا اإلطار اإلمكانية ال تي‬
‫وضعها المشرع للعدول عن رفض التجديد ‪ .‬و ذلك عن طريق ممارسة ح ق‬
‫الندم من طرف المالك ‪ .‬فحّق الندم يعفي المالك من دفع غرام ة الحرم ان من‬
‫جهة‪ ،‬و يحمي إستقرار الحّق التجاري من جهة أخرى ‪.‬‬
‫إذن تسوية غرامة الحرمان ‪ ,‬يمكن أن تكون بمقتضى خالصها ( فقرة‬
‫أولى ) أو بمقتضى إستعمال حّق الندم ( فقرة ثانية ) ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تسوية غرامة الحرمان بمقتضى الخالص‬


‫إنطالقا من الفصل التاس ع عش ر من ق انون ‪ 1977‬ال ذي ينص " ال‬
‫يجوز إجبار أي متسوغ يمكن إدعاء إستحقاقه لغرام ة الحرم ان ‪ ،‬أو إلح دى‬
‫الغرامات المنصوص عليها بالفصلين التاسع والسادس عشر من ه ذا الق انون‬
‫على الخروج من المحالت قبل إتصاله بالغرامة إال إذا دفع له المال ك غرام ة‬
‫على الحساب يقدرها رئيس المحكمة اإلبتدائية الذي يرفع إلي ه األم ر‪ ،‬ويحكم‬
‫في ه طب ق الش روط المنص وص عليه ا بالفص ل الثامن والعش رون من ه ذا‬
‫القانون ‪ .‬و هذه الغرامة تخصم من مقدار الغرامة التي تقدر بصفة نهائية أم ا‬
‫بالتراضي أو بواسطة المحكمة إن كانت هذه الغرامة تفوق األخرى وإال فإن ه‬
‫يجب على المتسوغ إرجاع الفرق للمالك " ‪ .‬نستنتج أن المش رع ك رس ح ق‬
‫البقاء إلى أن يتّم دفع غرامة الحرمان الذي يعتبر أهم ضمان لخالص غرام ة‬
‫الحرمان المتفق عليها أو المحكوم بها ‪.‬‬
‫ويسمح حق البقاء للتاجر المتسوغ بأن يواصل إنتفاعه بالمحل المكرى‬
‫طيلة أطوار القضية التي يطالب بمقتضاها بغرامة الحرمان ‪.‬‬
‫ومن المنطق أن يستمر عق د اإليج ار بش روطه وبن وده ‪ .‬ولق د إتجهت‬
‫محكمة التعقيب الفرنسية إلى إعتبار أن المالك بإمكان ه أن يرج ع في عرض ه‬

‫‪161‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫لغرامة الحرمان بإثارة والتمسك بتصرفات المتسوغ التي تشّك ل س ببا خط يرا‬
‫وشرعّيا لرفض التجديد بدون غرامة‪. 1‬‬
‫وينتهي حق البقاء بع د أن تنتهي إج راءات تس وية غرام ة الحرم ان ‪،‬‬
‫وعندما يقع خالصها أو تأمينها بإس م المتس وغ ‪ .‬ويمكن أن ينتهي ح ق البق اء‬
‫بمجرد دفع الغرامة على الحساب المنصوص عليها بالفصل التاسع عشر من‬
‫قانون ‪ 1977‬وتعتبر هذه الغرامة طريقة يج بر به ا مال ك العق ار المتس وغ‬
‫على الخروج من المحل ‪ .‬و لقد إعتبرت ال ّد وائر المجتمع ة بمحكم ة الّت عقيب‬
‫الّتونسّية أّن " للمالك ح ّق إخ راج المتس ّو غ قب ل إّتص اله بالغرام ة المس تحّقة‬
‫ش رط أن ي دفع ل ه غرام ة على الحس اب يح ّد دها رئيس المحكم ة اإلبتدائّي ة‬
‫بالجهة الكائن بها العّق ار ‪ ،‬و يحكم فيه ا طبق ا للّش روط ال واردة بالفص ل ‪28‬‬
‫من القانون المذكور عدد ‪ 37‬المؤّر خ في ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬فتكون بذلك‬
‫محكمة مكان العّقار بمقتض ى تل ك اإلحال ة القانونّي ة بالفص ل الم ذكور هي‬
‫غرام ة الحرم ان الّن هائّي ة و في‬ ‫المختّص ة ب الّنظر في طلب‬
‫تقدير الجزء الذي يقض ى ب ه منه ا على الحس اب و ذل ك تحقيق ا لحس ن س ير‬
‫القض اء و تكريس ا للّتناس ق بين الفص ول المتعّلق ة بنفس الموض وع ص لب‬
‫الواحد "‪. 1‬‬ ‫القانون‬
‫هذه الغرامة ليس ت مقص ورة على ص ورة رفض التجدي د على مع نى‬
‫الفصل السابع من قانون ‪ 1977‬بل كذلك تشمل ك ّل الغرام ات المنص وص‬
‫عليها صلب الفصل التاسع والفصل السادس عشر من القانون المذكور ‪.‬‬
‫و تعتبر الغرامة على الحساب لها أثر إيج ابي على مص لحة المتس وغ‬
‫فهي تراعي وضعيته إلعادة اإلنتصاب وتمويل تنقله إلى محل آخر ‪.‬‬
‫ففي صورة اإلتفاق حول قيمة هذه الغرامة وبمجّر د قبضها يجب تسليم‬
‫المحل شاغرا ‪ .‬و عليه ‪ ،‬ففي حالة إمتناع المتس وغ من الخ روج فللمال ك‬
‫الحق في طلب الحكم إستعجالّيا بإخراج المتسّو غ لعدم الّصفة ‪.‬‬
‫أّما في صورة عدم إتفاق المالك والمتس وغ ح ول ه ذه الغرام ة فيمكن‬
‫أن يرفع األحرص منهم ا دع وى إلى رئيس المحكم ة اإلبتدائي ة‪ ،‬ال تي يوج د‬
‫بدائرتها العقار‪ ،‬أو المح ل المك رى ليت ولى تحدي د قيم ة تل ك الغرام ة حس ب‬
‫‪ :‬أنظر ‪Cass .3e CIV . Janvier 1985 , n°83-13-442 Bull.CIV III , n°4 , P 3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب صادر عن الّد وائر اجملتمعة عدد ‪ 60951.97‬مؤّر خ يف ‪ 4‬ماي ‪ . 2000‬قرارات الّد وائر اجملتمعة حملكمة الّتعقيب ‪ 2000-99‬ص ‪. 295‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪162‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫اإلج راءات المق ررة بالنس بة للقض ايا اإلس تعجالية‪ . 2‬و ذل ك بإس تثناء أج ل‬
‫الحضور الذي حدده قانون ‪ 1977‬بثمانية أيام على أق ل تق دير‪ ،‬إض افة إلى‬
‫أّن إس تئناف الق رار المح دد للغرام ة الوقتي ة موقف ا للتنفي ذ خالف ا للقاع دة‬
‫العاّمة‪ . 3‬و بالتالي يبقى للمتسّو غ حق البقاء حتى ص دور حكم نه ائي بتحدي د‬
‫الغرامة على الحساب ‪ .‬ولهذه القاعدة مبرراتها المتمثلة أساسا في ترك الوقت‬
‫الك افي للمتس ّو غ للبحث عن مح ل آخ ر ينتص ب ب ه ‪ .‬ولع ّل ه ذا م ا جع ل‬
‫المشرع الفرنسي يعدل الفصل ‪ 20‬من أمر ‪ 30‬س بتمبر ‪ 1953‬بمقتض ى‬
‫القانون عدد ‪ 6 - 57‬المؤرخ في ‪ 5‬جانفي ‪ . 1953‬وألغى حق مالك‬
‫العقار في إخراج المتسوغ من المكرى مقابل دفع غرامة وقتية ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع التونس ي لم ينص على طريق ة مح ددة‬
‫في خالص غرامة الحرمان ‪ .‬وهذا على خالف الق انون الفرنس ي‪ 1‬ال ذي أّك د‬
‫على إمكانية دف ع الغرام ة للمتس وغ مباش رة أو عن طري ق تأمينه ا بين ي دي‬
‫حارس قضائي ‪ .‬ويكون المتسوغ بالتالي مجبرا على إخالء المحل في أق رب‬
‫وقت ‪ .‬و بسبب وجود هذا الف راغ التش ريعي في ق انون ‪ . 1977‬المتس ّو غ‬
‫يمكن أن يعتمد الطرق واإلج راءات العام ة المّت بع ة في إس تخالص ال ديون ‪.‬‬
‫وذلك بإستعمال طرق التنفيذ الجبري كالعقل التحفظية والتنفيذية ‪...‬‬

‫الفق‪AA‬رة الّثاني‪AA‬ة ‪ :‬تس‪AA‬وية غرام‪AA‬ة الحرم‪AA‬ان بمقتض‪AA‬ى إس‪AA‬تعمال ح‪ّA‬ق‬


‫‪Droit de répentir‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الندم‬
‫هذا الحّق كّر سه الفصل ‪ 30‬من قانون ‪ 1977‬في فقرت ه الثاني ة ال ذي‬
‫ينص على أنه " يمكن للمالك الذي صدر عليه الحكم وفي ظرف خمسة عشر‬
‫يوما إبتداء من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا إذا ك ان األم ر يتعل ق بحكم‬
‫إبتدائي أو من يوم صدور الحكم إذا ك ان ذل ك الحكم إس تئنافّيا أن يتخلص من‬
‫دفع الغرامة على أن يتحم ل مص اريف القض ية ويقب ل تجدي د التس ويغ ال ذي‬
‫تعين شروطه في صورة عدم اإلتفاق طب ق الفص ل ‪ 28‬وال يمكن إس تعمال‬
‫‪ :‬فصل ‪ 28‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪. 1977‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ :‬نص الفصل ‪ 209‬م م م ت ‪ " :‬إستئناف األحكام اإلستعجالّية ال يوقف تنفيذها غري أّنه ‪. " ......‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬الفصل ‪ 20‬من أمر ‪. 1953‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪163‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫هذا الحق إال إذا كان المكتري مستمرا على البقاء بالمحل ولم يسبق ل ه ك راء‬
‫أو شراء عقار آخر " ‪.‬‬
‫ونستنتج من الفصل ‪ 30‬المذكور ومن التعريف المقدم أن ح ق الن دم‬
‫هو حق محدد إذ يرتبط بعدة ش روط (أ) تح د من إمكاني ة تطبيق ه وممارس ته‬
‫إضافة إلى خصوصية اآلثار المترتبة عنه (ب) ‪.‬‬

‫أ – شروط ممارسة حّق الّندم ‪:‬‬


‫نس تخلص من ق راءة الفص ل ‪ 30‬أن ح ق الن دم مرتب ط بض رورة‬
‫ممارسته في ظ رف ‪ 15‬يوم ا من ص دور حكم قض ائي يل زم المال ك بب ذل‬
‫غرام ة الحرم ان دون غ يره من األحك ام القض ائية ‪ ...‬ويجب أن يك ون ه ذا‬
‫الحكم نهائيا أي لم يعد قابال للطعن ب الطرق الطعن العادي ة س واء ك ان حكم ا‬
‫إستئنافيا أو حكما إبتدائيا أصبح نهائيا بمرور أجل الطعن فيه باإلستئناف حتى‬
‫وإن كان مازال قابال للطعن بالتعقيب ‪.‬‬
‫ولقد طّبقت محكمة الّت عقيب الّت ونسية هذا الحّل في ظّل أم ر ‪.1 1954‬‬
‫إضافة إلى ذلك يجب أن تتدخل إرادة المالك بالرجوع في رفضه األصلي قبل‬
‫بذل هذه الغرامة وإال أصبح األمر منتهي ا ‪ .‬إّن ه ذا التجدي د يس مح باس تقرار‬
‫األوضاع بصفة نهائي ة إذ ال يبقى المج ال للرج وع مفتوح ا بإس تمرار و ه و‬
‫أنفع و أجدى للمتسّو غ من قبض غرامة الحرمان ‪.‬‬
‫ويضاف إلى ما سبق ذكره شرط هام جدا وحاسم يتعلق ببقاء المتس وغ‬
‫بالمحل المكرى عند صدور قرار المالك بالرجوع في رفضه للتجدي د ‪ .‬وه ذا‬
‫الشرط له أهمية عملية إذ ال يعقل أن يمارس هذا الحق بعد إنتهاء العالق ة بين‬
‫المالك والمتسوغ ‪ .‬أي بع د إخالء المح ل واإلنتق ال إلى مك ان آخ ر لمباش رة‬
‫نش اطه التج اري ‪ .‬وم ا يؤّك د ه ذا ال رأي م ا إّت جهت إلي ه محكم ة التعقيب‬
‫التونس ية من ‪ " :‬أّن الّر ج وع في التنفي ذ القاض ي بتنهي ة م دة الك راء المح ل‬
‫التجاري ال يترتب عليه تجديد ضمني لعقد الكراء سابق وإنما يستمر التسويغ‬
‫لمدة غير معّينة ‪. 2" ...‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 4551‬مؤّر خ يف ‪ 16‬نوفمرب ‪ " 1981‬حق التجديد و حق التعديل يف مكرى التجارة " جويدة قيقة ‪ ،‬ص ‪. 77‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 6957‬مؤّر خ يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ . 1982‬غري منشور ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪164‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫ومن المالحظ أّن خروج المكتري و مغادرته للمحّل أثناء سير القض ية‬
‫المرفوعة بغرض طلب غرامة الحرمان ال يحرمه من قبض تل ك الغرام ة إذ‬
‫ال يتوق ف إس تحقاقه له ا م ا دام منتفع ا بالمح ل ‪ .‬وه و يعلم بأن ه بمغادرت ه‬
‫للمكرى يحرم المالك من مارسة حق خّو له له القانون وم ع ذل ك ال ش يء في‬
‫القانون يجبر المكتري على إعالم المالك بنيت ه في الخ روج ‪ .‬ألّن المال ك في‬
‫مقابل ذلك يعلم أنه ولو توفرت بقي ة الش روط ف إن بق اء المتس وغ بمحل ه ه و‬
‫العنص ر الحاس م ال ذي يمكن ه من ممارس ة ح ّق الن دم ‪ .‬ل ذلك يجب علي ه أن‬
‫يسعى في ممارسة هذا الحق في أقرب اآلجال‪ ,‬إن كان متفقا مع مصالحه ‪.‬‬
‫وال يكفى أال يغادر المتسّو غ المحل بل يجب إلى جانب ذل ك أال يك ون‬
‫قد تسوغ أو إشترى محال آخر يمارس فيه نشاطه الذي ك ان يمارس ه بالمح ل‬
‫األول ‪.1‬‬
‫ولكن يجب أن يكون كراء أو شراء محل جديد نتيجة مباشرة لحرم ان‬
‫المكتري من حق التجديد وليس لرغبة خاصة منه ‪.‬‬
‫أما فيما يخص شكليات ممارسة هذا الحق فلم ينّص الفص ل ‪ 30‬من‬
‫قانون ‪ 1977‬على شكلية معينة يعبر بها المالك عن رغبته في الرجوع عن‬
‫رفضه للتجديد ولذلك يمكن له إستعمال أي ة طريق ة تمكن من إعالم المتس وغ‬
‫بهذه الرغبة س واء عن طري ق ع دل منف ذ أو رس الة مض مونة الوص ول م ع‬
‫القضية ‪...‬‬ ‫إعالم بالبلوغ أو بواسطة ملحوظات أو تقرير أثناء سير‬
‫"‪. 2‬‬

‫ب – آثار ممارسة حّق الّندم ‪:‬‬


‫لس ائل أن يتس اءل ‪ :‬ه ل يمكن لص احب ه ذا الح ق الرج وع في ه بع د‬
‫ممارسته ؟‬
‫لم يتضمن الفصل ‪ 30‬من قانون ‪ 1977‬شيئا عن هذا الموضوع في‬
‫حين إقتض ى المش رع الفرنس ي أن ممارس ة ح ق الن دم غ ير قابل ة للرج وع‬

‫‪ :‬أنظر ‪Cass.3e CIV . 24 Mars 1981 , Rev, Loyers 1981 P 485‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪Derrup (J) ; Maus (R) ; Briere de l’isle (G) ; Lafarge (P) : ouvrage précité P 208 . Cass CIV , 9 avril 1970 , Gaz.Pal :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪. 1970 2 Som P 27‬‬

‫‪165‬‬
‫اجلزء الثاين‬

‫فيها‪ . 3‬ويجب إعتماد هذه الطبيع ة أيض ا في الق انون التونس ي ح تى ال تمكن‬
‫المالك من حق يتصرف فيه كما يشاء ويترك المس تأجر لم دة ق د تط ول وق د‬
‫تقصر في شك من أمره ومن وضعه ‪.‬‬
‫ومن ناحي ة أخ رى ف إن اإلعالم ب الرجوع في رفض التجدي د يع د من‬
‫ت اريخ ه ذا اإلعالم تجدي دا للك راء وليس مج رد ع رض للتجدي د ‪ .‬وليس‬
‫للمتسوغ أن يجيب عن هذا العرض أو يثير دعوى اإلنتفاع بح ق التجدي د وال‬
‫يمكن في مقابل ذلك للمالك أن يواجهه بسقوط حقه في القي ام ‪ ...‬ف إن لم يق دم‬
‫دعوى في تحديد معين الكراء فإن ذلك ال يكون له أي أثر على مب دإ التجدي د‬
‫الذي أصبح مكتسبا بمقتضى رج وع المال ك في ق رار رفض ه األص لي ومن ذ‬
‫تاريخ علم المتسّو غ به ‪.‬‬
‫و رغم ذلك فإّن المتسّو غ يتحّم ل آثار س لبّية من ج ّر اء ممارس ة ح ّق‬
‫الّن دم من طرف المالك و المتمّثلة خاّصة في عدم إس تحقاقه لغرام ة الحرم ان‬
‫رغم الحكم له بذلك إبتدائّيا و ه ذا م ا أقّر ت ه محكم ة الّت عقيب الّتونس ّية بق رار‬
‫ص ادر عنه ا ج اء مب دأه كم ا يلي ‪ " :‬أج از الفص ل ‪ 30‬من ق انون المل ك‬
‫الّت جاري الم ؤّر خ في ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬للمال ك الّر ج وع في طلب إخ راج‬
‫المتسّو غ من المكرى دون دفع غرامة الحرمان و ال يمكن القول بأّن المكتري‬
‫قد إكتسب حّقا لما حكم له إبتدائّيا بتلك الغرامة "‪. 1‬‬

‫‪ :‬الفصل ‪ 32-1‬من أمر ‪ 30‬سبتمرب ‪. 1953‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ :‬قرار تعقييب عدد ‪ 76110.99‬مؤّر خ يف ‪ 19‬ماي ‪ ، 2000‬م‪.‬ق‪.‬تش لعام ‪ 2000‬ص ‪. 176‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪166‬‬

You might also like