Professional Documents
Culture Documents
ﯿﻨظر ﻋﻠﻤﺎء أﺼول اﻟﻔﻘﻪ إﻟﻰ ﺘﻌرﯿف ﻫذا اﻟﻌﻠم ﻤن زاوﯿﺘﯿن اﺜﻨﺘﯿن ﻫﻤﺎ:
أ -أﻨﻪ ﻤرﻛب إﻀﺎﻓﻲ ﯿﺘﺄﻟف ﻤن ﻛﻠﻤﺘﯿن ﻫﻤﺎ أﺼول ،وﻓﻘﻪ.
ب -أﻨﻪ ﻋﻠم ﻤﺴﺘﻘل ﻟﻪ أﺒﺤﺎث ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺒذاﺘﻬﺎ.
وﻋﻠﻰ ذﻟك ﯿﻛون ﻟﻌﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺘﻌرﯿﻔﺎن ﻟدى اﻟﻌﻠﻤﺎء ،اﻷول ﻤن ﺤﯿث أﻨﻪ ﺘرﻛﯿب إﻀﺎﻓﻲ ،واﻟﺜﺎﻨﻲ
ﻤن ﺤﯿث أﻨﻪ ﻟﻘب ﻟﻌﻠم ﻗﺎﺌم ﺒذاﺘﻪ.
وﻻ ﺒد ﻤن ﺸرح ﻫذﯿن اﻟﺘﻌرﯿﻔﯿن ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﺤﻘﯿﻘﺔ ﻫذا اﻟﻌﻠم وﻤﻌرﻓﺔ ﻛﻨﻬﻪ.
وﻨﺒدأ ﺒﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف اﻹﻀﺎﻓﻲ:
ﺘﻔﺴﯿر ﻋلم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻤرﻛﺒﺎ إﻀﺎﻓﯿﺎ:
،وﻫﻲ :ﻋﻠم، ﻟﺘﻔﺴﯿر ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻤرﻛﺒﺎ إﻀﺎﻓﯿﺎ ﻻ ﺒد ﻤن ﺸرح ﻛل ﻛﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺤدﻩ
وأﺼول ،وﻓﻘﻪ ،ﻓﺈن ﻤن ﻤﺠﻤوع ﻤﻌﺎﻨﯿﻬﺎ ﯿﺘﻀﺢ ﻤﻌﻨﻰ ﻫذا اﻟﻌﻠـم.
2
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف اﻟﻠﻘﺒﻲ ﻟﻌﻠم أﺼول اﻟﻔﻘــﻪ:
ﻋرف اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺒﺎﻟﻤﻔﻬوم اﻟﻠﻘﺒﻲ ﻟﻪ ﺒﻘوﻟﻬم) :ﻫو ﻤﻌرﻓﺔ دﻻﺌل اﻟﻔﻘﻪ إﺠﻤﺎﻻ ،وﻛﯿﻔﯿﺔ
اﻻﺴﺘﻔﺎدة ﻤﻨﻬﺎ ،وﺤﺎل اﻟﻤﺴﺘﻔﯿد(.
اﻟﻤﻌرﻓـــﺔ :ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﻠم ﺒﺎﻟﺸﻲء ﺒﻌد ﺴﺒق اﻟﺠﻬل ﺒﻪ ،وﻻ ﺘﻛون إﻻ ﻛذﻟك ،ﺒﺨﻼف اﻟﻌﻠم ،ﻓﺈﻨﻪ
ﻗد ﯿﻛون ﻛذﻟك ﻓﯿﻛون ﻤرادﻓﺎ ﻟﻬﺎ ،وﻗد ﯿﻛون ﺘﺄﻛﯿدا ﻟﻌﻠم ﺴﺎﺒق ،أي إن ﺒﯿﻨﻬﻤﺎ ﻋﻤوﻤﺎ وﺨﺼوﺼﺎ ﻤطﻠﻘﺎ ،وﻗد
ذﻛر اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ اﻟﻤﻌرﻓﺔ ﻫﻨﺎ دون اﻟﻌﻠم ﻟﻼﺤﺘراز ﻋن ﻋﻠم اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ اﻟﻘدﯿم اﻟذي ﻟم ﯿﺴﺒﻘﻪ ﺠﻬل أﺒدا.
دﻻﺌل اﻟﻔﻘـــﻪ :ﻫﻲ أدﻟﺘﻪ ،وﻓﯿﻪ اﺤﺘراز ﻋن ﻤﻌرﻓﺔ دﻻﺌل ﻏﯿر اﻟﻔﻘﻪ ،ﻛﺎﻟﻨﺤو وﻏﯿرﻩ ،وﻋن ﻤﻌرﻓﺔ ﻏﯿر
اﻷدﻟﺔ ،ﻛﻤﻌرﻓﺔ اﻟﻔﻘﻪ وﻏﯿرﻩ ،واﻟﻤراد ﺒﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ إﺠﻤﺎﻻ ﻫﻨﺎ اﻟﻌﻠم ﺒﻤﺼﺎدر اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺴﻼﻤﻲ اﻷﺼوﻟﯿﺔ ﻤﻨﻬﺎ
واﻟﺘﺒﻌﯿﺔ.
إﺠﻤــــﺎﻻ :ﻓﯿﻪ اﺤﺘراز ﻋن اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻟﯿﺴت ﻤن ﻋﻠم اﻷﺼول ،واﻟﻔرق ﺒﯿن اﻷدﻟﺔ اﻹﺠﻤﺎﻟﯿﺔ
واﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ أن اﻷوﻟﻰ ﻏﯿر ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻤﺴﺎﺌل ﻓرﻋﯿﺔ ﻤﺤددة ،ﺒﺨﻼف اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ .ﻓﻘوﻟﻨﺎ )اﻷﻤر ﻟﻠوﺠوب( دﻟﯿل
إﺠﻤﺎﻟﻲ ،ﻷﻨﻪ ﻏﯿر ﻤﺘﻌﻠق ﺒﻤﺴﺎﺌل ﻓرﻋﯿﺔ ﻤﺤددة ،ﺒﺨﻼف اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ .ﻓﻘوﻟﻨﺎ) :اﻷﻤر ﻟﻠوﺠوب( ﻏﯿر ﻤﺘﻌﻠق ﺒﻤﺴﺄﻟﺔ
ﻤﻌﯿﻨﺔ ،ﻓﻬو دﻟﯿل ﻋﻠﻰ وﺠوب اﻟﺼﻼة ﻤن ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ) :وأﻗﯿﻤوا اﻟﺼﻼة( وﻫو دﻟﯿل ﻋﻠﻰ وﺠوب اﻟزﻛﺎة ﻤن ﻗوﻟﻪ
ﺘﻌﺎﻟﻰ) :آﺘوا اﻟزﻛﺎة( ،وﻫﻛذا ،أﻤﺎ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ﻓﻬﻲ ﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺄﺤﻛﺎم ﻓرﻋﯿﺔ ﻤﺤددة ﺒذاﺘﻬﺎ ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ:
)أﻗﯿﻤوا اﻟﺼﻼة( ،ﻓﺈﻨﻪ دﻟﯿل ﻋﻠﻰ وﺠوب اﻟﺼﻼة دون ﻏﯿرﻫﺎ.
وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻻﺴﺘﻔﺎدة ﻤﻨﻬـــﺎ :أي ﻛﯿﻔﯿﺔ اﺴﺘﺨراج اﻷﺤﻛﺎم ﻤن أدﻟﺘﻬﺎ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ،ﻓﯿدﺨل ﻓﻲ ذﻟك ﻛل أﻨواع
اﻷﺼول ﺘﻘرﯿﺒﺎ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻀواﺒط ﺘﺒﯿن ﻛﯿﻔﯿﺔ اﺴﺘﺨراج اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ ﻤن دﻟﯿﻠﻪ ﺘﻔﺼﯿﻠﻲ.
وﺤﺎل اﻟﻤﺴــﺘﻔﯿد :ﯿدﺨل ﻓﻲ ﺸروط ﻤن ﯿﺼﺢ ﺘﺼدﯿﻪ ﻻﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم ،وﻫﻲ ﺸروط اﻻﺠﺘﻬﺎد ،وﯿﻔرق
ﻓﯿﻪ ﺒﯿن اﻟﻤﺠﺘﻬد واﻟﻤﻘﻠد وأﺤﻛﺎم ﻛل.
وﻋرف ﺠﻤﻬور اﻟﻔﻘﻬﺎء -وﻓﯿﻬم اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ واﻟﻤﺎﻟﻛﯿﺔ واﻟﺤﻨﺒﻠﯿﺔ -أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺒﺄﻨﻪ) :اﻟﻌﻠم ﺒﺎﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯿﺔ
اﻟﺘﻲ ﯿﺘوﺼل ﺒﻬﺎ إﻟﻰ اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﻤن أدﻟﺘﻪا اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ(.
3
.ﻤوﻀوع اﻟﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ
ﻓﻬو اﻟدﻟﯿل اﻟﺸرﻋﻲ اﻟﻛﻠﻲ ﻤن ﺤﯿث ﻤﺎ ﯿﺜﺒت ﺒﻪ ﻤن اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻛﻠﯿﺔ ،ﻓﺎﻷﺼوﻟﻲ ﯿﺒﺤث ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎس وﺤﺠﯿﺘﻪ،
واﻟﻌﺎم وﻤﺎ ﯿﻘﯿدﻩ ،واﻷﻤر وﻤﺎ ﯿدل ﻋﻠﯿﻪ وﻫﻛذا..
وﻤﺜﺎل ذﻟك:
اﻟﻘرآن ﻫو اﻟدﻟﯿل اﻟﺸرﻋﻲ اﻷول ﻋﻠﻰ اﻷﺤﻛﺎم ،وﻨﺼوﺼﻪ اﻟﺘﺸرﯿﻌﯿﺔ ﻟم ﺘرد ﻋﻠﻰ ﺤﺎل واﺤدة ،ﺒل ﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ورد
ﺒﺼﯿﻐﺔ اﻷﻤر ،وﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ورد ﺒﺼﯿﻐﺔ اﻟﻨﻬﻲ ،وﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ورد ﺒﺼﯿﻐﺔ اﻟﻌﻤوم أو ﺒﺼﯿﻐﺔ اﻹطﻼق ،ﻓﺼﯿﻐﺔ اﻷﻤر،
وﺼﯿﻐﺔ اﻟﻨﻬﻲ ،وﺼﯿﻐﺔ اﻟﻌﻤوم ،وﺼﯿﻐﺔ اﻹطﻼق ،أﻨواع ﻛﻠﯿﺔ ﻤن أﻨواع اﻟدﻟﯿل اﻟﺸرﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،وﻫو اﻟﻘرآن.
ﻓﺎﻷﺼوﻟﻲ ﯿﺒﺤث ﻓﻲ ﻛل ﻨوع ﻤن ﻫذﻩ اﻷﻨواع ﻟﯿﺘوﺼل إﻟﻰ ﻨوع اﻟﺤﻛم اﻟﻛﻠﻲ اﻟذي ﯿدل ﻋﻠﯿﻪ ﻤﺴﺘﻌﯿﻨﺎً ﻓﻲ ﺒﺤﺜﻪ
ﺒﺎﺴﺘﻘراء اﻷﺴﺎﻟﯿب اﻟﻌرﺒﯿﺔ واﻻﺴﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﺸرﻋﯿﺔ ،ﻓﺈذا وﺼل ﺒﺒﺤﺜﻪ إﻟﻰ أن ﺼﯿﻐﺔ اﻷﻤر ﺘدل ﻋﻠﻰ اﻹﯿﺠﺎب
وﺼﯿﻐﺔ اﻟﻨﻬﻲ ﺘدل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤرﯿم وﺼﯿﻐﺔ اﻟﻌﻤوم ﺘدل ﻋﻠﻰ ﺸﻤول ﺠﻤﯿﻊ أﻓراد اﻟﻌﺎم ﻗطﻌﺎً ،وﺼﯿﻐﺔ اﻹطﻼق
ﺘدل ﻋﻠﻰ ﺜﺒوت اﻟﺤﻛم ﻤطﻠﻘﺎً ،وﻀﻊ اﻟﻘواﻋد اﻵﺘﯿﺔ :اﻷﻤر ﻟﻺﯿﺠﺎب ،اﻟﻨﻬﻲ ﻟﻠﺘﺤرﯿم ،اﻟﻌﺎم ﯿﻨﺘظم ﺠﻤﯿﻊ أﻓرادﻩ
ﻗطﻌﺎً و اﻟﻤطﻠق ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد اﻟﺸﺎﺌﻊ ﺒﻐﯿر ﻗﯿد..
وﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد اﻟﻛﻠﯿﺔ وﻏﯿرﻫﺎ ﻤﻤﺎ ﯿﺘوﺼل اﻷﺼوﻟﻲ ﺒﺒﺤﺜﻪ إﻟﻰ وﻀﻌﻬﺎ ﯿﺄﺨذﻫﺎ اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻗواﻋد ُﻤ َﺴﻠﱠ َﻤﺔ
ﻟﯿﺘوﺼل ﺒﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ اﻟﻌﻤﻠﻲ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﻲ ،ﻓﯿطﺒق ﻗﺎﻋدة :اﻷﻤر ّ وﯿطﺒﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠزﯿﺌﺎت اﻟدﻟﯿل اﻟﻛﻠﻲ
ﻟﻺﯿﺠﺎب ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ { :ﯿﺎ أﯿﻬﺎ اﻟذﯿن آﻤﻨوا أوﻓوا ﺒﺎﻟﻌﻘود [ }اﻟﻤﺎﺌدة [1 :وﯿﺤﻛم ﻋﻠﻰ اﻹﯿﻔﺎء ﺒﺎﻟﻌﻘود ﺒﺄﻨﻪ
} { :ﯿﺎ أﯿﻬﺎ اﻟذﯿن آﻤﻨوا ﻻ ﯿﺴﺨر ﻗوم ﻤن ﻗوم واﺠب .وﯿطﺒق ﻗﺎﻋدة :اﻟﻨﻬﻲ ﻟﻠﺘﺤرﯿم ،ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ
[اﻟﺤﺠرات .[11 :وﯿﺤﻛم ﺒﺄن ﺴﺨرﯿﺔ ﻗوم ﻤن ﻗوم ﻤﺤرﻤﺔ .وﯿطﺒق ﻗﺎﻋدة :اﻟﻌﺎم ﯿﻨﺘظم ﺠﻤﯿﻊ أﻓرادﻩ ﻗطﻌﺎً :ﻋﻠﻰ
ﺤرﻤﺔ .وﯿطﺒق ﻗﺎﻋدة :اﻟﻤطﻠق ﯿدل
ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ { :ﺤرﻤت ﻋﻠﯿﻛم أﻤﻬﺎﺘﻛم [ }اﻟﻨﺴﺎء [23 :وﯿﺤﻛم ﺒﺄن ﻛل ّأم ُﻤ ّ
ﻋﻠﻰ أي ﻓرد ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﻔﺎرة اﻟظﻬﺎر { :ﻓﺘﺤرﯿر رﻗﺒﺔ[ }اﻟﻤﺠﺎدﻟﺔ ،[3 :وﯿﺤﻛم ﺒﺄﻨﻪ ﯿﺠزئ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻛﯿر
ﺘﺤرﯿر أﯿﺔ رﻗﺒﺔ ﻤﺴﻠﻤﺔ أو ﻏﯿر ﻤﺴﻠﻤﺔ.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺜﺎﻨﻲ
ﻓﺎﺌدة ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ وﺤﻛﻤﻪ
واﻟﻔرق ﺒﯿن اﻷﺼوﻟﻲ و اﻟﻔﻘﯿﻪ
4
اﻟﻔﺎﺌدة ﻤن دراﺴﺔ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ
إن اﻟﻔﺎﺌدة اﻷﺼﻠﯿﺔ ﻤن دراﺴﺔ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﻫﻲ ﻤﻌرﻓﺔ طرق اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ ﻤن أدﻟﺘﻬﺎ
وﻀواﺒط ﻫذا اﻻﺴﺘﻨﺒﺎط ،وﺒذﻟك ﯿﻛون ﻫذا اﻟﻌﻠم اﻷداة اﻟﺘﻲ ﯿﺴﺘﺨدﻤﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻬد ﻓﻲ اﺴﺘﺨراﺠﻪ اﻷﺤﻛﺎم ﻤن
أدﻟﺘﻬﺎ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ إن ﻫﻨﺎك ﻓواﺌد أﺨرى ﻛﺜﯿرة ﺘﺄﺘﻲ ﺘﺒﻌﺎً ﻟﺘﻠك اﻟﻔﺎﺌدة اﻟرﺌﯿﺴﺔ ،ﻨذﻛر أﻫﻤﻬﺎ:
-1اﻟﻔﺎﺌدة اﻟﺘﺎرﯿﺨﯿﺔ ،وﻫﻲ اطﻼع اﻟﻤﺘﻌﻠم ﻋﻠﻰ ﺘﻠك اﻟﻘواﻋد اﻟدﻗﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ اﺴﺘﻨﺒط اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺒواﺴطﺘﻬﺎ
اﻷﺤﻛﺎم ،ﻟﯿزداد وﺜوﻗﻪ ﺒدﻗﺔ اﻷﺤﻛﺎم وأﺼﺎﻟﺘﻬﺎ ،ﻤﻤﺎ ﯿﺜﯿر اﻟﻌزة ﻓﻲ ﻨﻔوس اﻟﻤؤﻤﻨﯿن واﻟرﻀﺎ اﻟﻛﺎﻤل ﻋﻤﺎ ﻗدﻤﻪ
اﻟﻤﺠﺘﻬدون ﻟﻬم ﻤن ﻋﻠم اﻟﻔﻘﻪ اﻟذي ﯿﺤﺘﻛﻤون إﻟﯿﻪ ﻓﻲ ﻛل ﻋﻼﻗﺎﺘﻬم وﻤﻌﺎﻤﻼﺘﻬـم.
-2اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻤﻠﻛﺔ اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻤﻛن اﻟطﺎﻟب ﻤن اﻟﻔﻬم اﻟﺼﺤﯿﺢ واﻹدراك اﻟﻛﺎﻤل ﻟﻸﺤﻛﺎم اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ،
واﻹطﻼع ﻋﻠﻰ طرق اﻻﺴﺘﻨﺒﺎط اﻟدﻗﯿق ﻟﻼﺴﺘﻔﺎدة ﻤﻨﻬﺎ واﻟﻘﯿﺎس ﻋﻠﯿﻬﺎ إذا ﻤﺎ دﻋت اﻟﺤﺎﺠﺔ ،وﻫﻲ ﻻﺒد داﻋﯿﺔ
إﻟﻰ ذﻟك ،ﻓﺈن اﻟﻨﺼوص اﻟﺘﺸرﯿﻌﯿﺔ واﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ ﻤﺤدودة وﻤﺸﺎﻛل اﻟﻨﺎس وﻤﺴﺎﺌﻠﻬم ﻻ ﺤدود ﻟﻬﺎ ،وﻤن
اﻟﻤﻨطﻘﻲ أن ﻻ ﯿﺼﻠﺢ اﻟﻤﺤدود ﺤﻼ ﻟﻐﯿر اﻟﻤﺤدود ،ﻤﻤﺎ ﯿﻀطر اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻋﻨد ﺘﻌرﻀﻪ ﻟﺒﻌض اﻟوﻗﺎﺌﻊ اﻟﺘﻲ ﻻ
ﻨص ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻟدى اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻤن إﻋﻤﺎل ﻓﻛرﻩ واﻻﺴﺘﻔﺎدة ﻤن اﻟﻤﻠﻛﺔ اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﺤﺘواﻫﺎ ﻓﻲ اﺴﺘﻨﺒﺎط أﺤﻛﺎم ﻫذﻩ
اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴق اﻟذي اﺴﺘﻨﺒط اﻟﻤﺠﺘﻬدون ﺒﻪ ﻤﺴﺎﺌﻠﻬم وأﺤﻛﺎﻤﻬم.
-3اﻟﻤوازﻨﺔ واﻟﻤﻘﺎرﻨﺔ ﺒﯿن اﻟﻤذاﻫب واﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ ﻟﺒﯿﺎن اﻷرﺠﺢ واﻷﺼﺢ واﻷوﻟﻰ ﺒﺎﻟﻘﺒول ﻤﻨﻬﺎ،
اﺴﺘﻨﺎداً إﻟﻰ اﻟدﻟﯿل اﻟذي ﺼدر ﻋن ﻗﺎﺌﻠﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻛل ﻗول ﻤن أﻗوال اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻤﻌﯿﺎ اًر أﺼوﻟﯿﺎً ﺨﺎﺼﺎً اﺴﺘﻨد إﻟﯿﻪ،
وﻻﺒد ﻓﻲ اﻟﺘرﺠﯿﺢ ﻤن ﺠﻤﻊ ﻫذﻩ اﻟﻤﻌﺎﯿﯿر واﻟﻤوازﻨﺔ ﺒﯿﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺴس ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ وﻗواﻋدﻩ ،ﻟﻠوﺼول إﻟﻰ
اﻟرأي أو اﻟﻤذﻫب اﻟذي ﯿﺸﻬد ﻟﻪ اﻟدﻟﯿل اﻷﻗوى واﻷﺼﺢ.
ﺤﻛم ﺘﻌﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ:
إن ﺤﻛم ﺘﻌﻠم ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﻫو اﻟوﺠوب اﻟﻛﻔﺎﺌﻲ ،ﺸﺄﻨﻪ ﻓﻲ ذﻟك ﺸﺄن ﺒﻘﯿﺔ اﻟﻌﻠوم اﻟﺘﻲ ﯿﺠب أن ﯿﻘوم
ﺒﻬﺎ اﻟﺒﻌض وﯿﺴﻘط اﻟﺤرج ﻋن اﻟﺒﺎﻗﯿن ،ﻷن اﻟوﺠوب اﻟﻌﯿﻨﻲ إﻨﻤﺎ ﯿﻛون ﺤﯿث ﻻ ﺤرج ﻓﻲ ﻓﻌل ﻛل
اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ،وﻤﺘﻰ ﺤﺼﻠت اﻟﺜﻤرة ﺒﺎﻟوﺠوب ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌض ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟك ﻛﻔﺎﯿﺔ ﻟﺘﻨظﯿم ﺸﺌون اﻟﺤﯿﺎة واﺴﺘﻘﺎﻤﺔ
أﻤر اﻟدﻨﯿﺎ .ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻹﻨﺴﺎن أﻫﻼً ﻟﻼﺠﺘﻬﺎد ،ﻛﺎن ﻋﻠم اﻷﺼول ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﯿﻪ واﺠﺒﺎً ﻋﯿﻨﯿﺎً ،ﻷﻨﻪ ﻤن أﻫم
اﻟﻌﻠوم اﻟﺘﻲ ﯿﺠب ﺘﺤﺼﯿﻠﻬﺎ واﻟوﻗوف ﻋﻠﯿﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﯿﻛون ﻤﺠﺘﻬداً.
اﻟﺤﺎﺠﺔ إﻟﻰ دراﺴﺔ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ
5
ﻋﻤل اﻷﺼوﻟﻲ و ﻋﻤل اﻟﻔﻘﯿﻪ
ﻋﻤل اﻷﺼوﻟﻲ
اﻷﺼوﻟﻲ ﯿﺒﺤث ﻓﻲ اﻟﻛﺘﺎب ،واﻟﺴﻨﺔ ،وﻏﯿرﻫﻤﺎ ﻤن اﻷدﻟﺔ اﻹﺠﻤﺎﻟﯿﺔ ،وذﻟك ﺒﺎﻟﻨظر ﻓﻲ أﺤواﻟﻬﺎ ،وﻛﯿﻔﯿﺎﺘﻬﺎ
اﻟﻤﺘﻨوﻋﺔ ،ﻤن ﻋﺎم ،وﺨﺎص ،وأﻤر ،وﻨﻬﻲ ،وﻤطﻠق ،وﻤﻘﯿد ،وﯿﻀﻊ اﻟﻘواﻋد اﻟﺘﻲ ﺘﺒﯿن اﻟﺤﻛم اﻟﻛﻠﻲ ﻤﻨﻬﺎ،
ﻓﯿﺒﺤث ﻤﺜﻼً ﻓﻲ اﻷواﻤر اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻛﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،ﻟﻛﻲ ﯿﺘوﺼل ﻤن ذﻟك إﻟﻰ اﻟﺤﻛم اﻟﻛﻠﻲ اﻟذي ﺘدل ﻋﻠﯿﻪ
ﺘﻠك اﻷواﻤر.
ﻋﻤل اﻟﻔﻘﯿﻪ
أﻤﺎ اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻫو ﻤن ﺼﺎر اﻟﻔﻘﻪ ﺴﺠﯿﺔ ﻟﻪ ،ﻓﻬو ﺒﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺠﺘﻬد أو ﻫو ﻤن ﻗﺎﻤت ﻓﯿﻪ ﻤﻠﻛﺔ اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم
وﺘﺤﺼﯿﻠﻬﺎ ﻤن أدﻟﺘﻬﺎ.
ﻓﺈذا أراد اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻤﻌرﻓﺔ ﺤﻛم ﻤن اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺠزﺌﯿﺔ ،أﺨذ اﻟﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔ وطﺒﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﺠزﺌﯿﺔ،
ﻟﯿﺼل ﺒذﻟك إﻟﻰ ﻤﺎ ﺘدل ﻋﻠﯿﻪ ﻤن اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ.
ﯿﺒﺤث ﻓﻲ اﻷواﻤر اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻛﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ ،وﺒﺎﻟﺒﺤث ﯿظﻬر ﻟﻪ أﻨﻬﺎ ﺘدل ﻋﻨد إطﻼﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ وﺠوب
اﻟﻤﺄﻤور ﺒﻪ ،ﻓﯿﻀﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻤﺔ ﺘﻘول) :اﻷﻤر اﻟﻤطﻠق ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺠوب(.
ﯿﺒﺤث ﻛذﻟك ﻓﻲ اﻟﻨواﻫﻲ اﻟواردة ﻓﯿﻬﺎ ،ﻟﯿﺘوﺼل إﻟﻰ اﻟﺤﻛم اﻟﻛﻠﻲ ،اﻟذي ﺘدل ﻋﻠﯿﻪ ﺘﻠك اﻟﻨواﻫﻲ ،وﺒﺎﻟﺒﺤث
ﯿﺘﻀﺢ ﻟﻪ أﻨﻬﺎ ﻋﻨد إطﻼﻗﻬﺎ وﺘﺠردﻫﺎ ﻤن اﻟﻘراﺌن ﺘدل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤرﯿم ،ﻓﯿﻀﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻤﺔ ﺘﻘول) :اﻟﻨﻬﻲ
اﻟﻤطﻠق ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤرﯿم(.
وﯿﺒﺤث ﻛذﻟك ﻓﻲ ﺼﯿﻎ اﻟﻌﻤوم اﻟواردة ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﺸرﻋﯿﺔ ،ﺤﺘﻰ ﯿﺘوﺼل إﻟﻰ ﻤﺎ ﺘدل ﻋﻠﯿﻪ ﺘﻠك اﻟﺼﯿﻎ،
وﺒﺎﻟﺒﺤث ﯿظﻬر ﻟﻪ أﻨﻬﺎ ﺘﺘﻨﺎول ﻋﻨد ﻋدم اﻟﺘﺨﺼﯿص -ﺠﻤﯿﻊ أﻓرادﻫﺎ ﻋﻠﻲ ﺴﺒﯿل اﻟﻘطﻊ .ﻓﯿﻀﻊ ﻗﺎﻋدة ﻋﺎﻤﺔ
ﺘﻘول) :اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻟم ﯿدﺨﻠﻪ اﻟﺘﺨﺼﯿص ﯿﺘﻨﺎول ﺠﻤﯿﻊ أﻓرادﻩ ﻗطﻌﺎً(.
أﻤﺎ اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻓﯿﺤﺎول ﻤﻌرﻓﺔ ﺤﻛم ﻤن اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺠزﺌﯿﺔ:
ﻓﻤﺜﻼً إذا أراد اﻟﻔﻘﯿﻪ ﻤﻌرﻓﺔ ﺤﻛم اﻟﺼﻼة ،ﻓﺈﻨﻪ ﯿﺒﺤث ﻓﻲ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ﻋن دﻟﯿل ﯿﺘﻌﻠق ﺒﺎﻟﺼﻼة ﻓﯿﺠد
ﯿﻤوا اﻟﺼﱠﻼةَ ،ﻓﯿﻨظر ﻓﻲ ﻫذا اﻟدﻟﯿل اﻟﺠزﺌﻲ ﻓﯿﺠد ﻓﯿﻪ اﻷﻤر ﺒﺈﻗﺎﻤﺔ اﻟﺼﻼة ،ﻓﻲ ِ
ﻗول اﷲ ﺘﺒﺎرك وﺘﻌﺎﻟﻰَ :وأَﻗ ُ
ﻫذﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯿﺴﺘﺨدم اﻟﻘﺎﻋدة اﻷﺼوﻟﯿﺔ اﻟﻤﺒﯿﻨﺔ ﻟﺤﻛم اﻷﻤر اﻟﺘﻲ ﺘﻘول) :اﻷﻤر اﻟﻤطﻠق ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺠوب(
ﻓﯿﻌﻠم ﻤﻨﻬﺎ أن "أﻗﯿﻤوا " أﻤر ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺠوب وﺤﯿﻨﺌذ ﯿﺤﻛم ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻼة ﺒﺎﻟوﺠوب ﻓﯿﻘول) :اﻟﺼﻼة
واﺠﺒﺔ(.
اﻟﻤﺒﺤث الﺜﺎﻟث
ﻨﺸﺄة ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ و ﺘدوﯿﻨﻪ
6
ﻨﺸﺄة ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ و ﺘدوﯿﻨﻪ
اﻟﻨﺸﺄة
ﯿوﺠد ﻓﻘﻪٌ دون أﺼول ﻋﻠﻤﯿﱠﺔ ﺘﻨظﱢم اﺴﺘﻨﺒﺎط ﻫذا اﻟﻔﻘﻪ
ﻗدﯿم ِﻗ َدم اﻟﻔﻘﻪ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﻼ ﯿﻌﻘل أن َ ِ
ﻋْﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ٌ
ﻟﻨﺘﻌرف ﻛﯿف ﻨﺸﺄ
ﯿﻌﺎ؛ ﱠ ﻤر ﺒﻤراﺤل ﯿﺤﺴن ﺒِﻨﺎ ْ
أن ﻨراﺠﻌﻬﺎ ﺴر ً وﻟﻛن ﺘﺎرﯿﺦ اﻟﺘﺸرﯿﻊ اﻹﺴﻼﻤﻲ ﱠ ﻤن ﻤﺼﺎدرﻩ ،ﱠ
ﻋﻠم اﻷﺼول ﻤﻨذ ﻓﺠر اﻟﺘﺸرﯿﻊ .
-1عﺼر اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم
ﺘؤﺨذ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﻬد اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻛﺎن اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻫو اﻟذي ْ
وﺤﯿﺎ ُﻤ ﱠﻨزﻻً ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -أو ﻤن ُﺴﱠﻨﺘﻪ اﻟﻘوﻟﯿﱠﺔ واﻟﻌﻤﻠﯿﱠﺔ
اﻷﺤﻛﺎم؛ ﺤﯿث ﻛﺎﻨت اﻷﺤﻛﺎم ﻓﻲ ﻋﻬدﻩ ً
ﺒوﺤﻲ ﻤن اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -أو ﺒﺎﺠﺘﻬﺎدﻩ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم
ﱟ ﻓﻲ ﻓﺘﺎواﻩ وﻗﻀﺎﯿﺎﻩ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯿﻘﻀﻲ ﻓﯿﻬﺎ
-ﻓﯿﻤﺎ ُﯿﻌرض ﻋﻠﯿﻪ ﻤن ﻗﻀﺎﯿﺎ ،وﺒﻬذا ﺘﻛوﻨت اﻟﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻤن اﻷﺤﻛﺎم اﻹﺴﻼﻤﯿﱠﺔ ﻤن أﺤﻛﺎم اﷲ -
أﻗرﻩ اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻤن أﻗﻀﯿﺔ
ﺘﻌﺎﻟﻰ -وأﺤﻛﺎم رﺴوﻟﻪ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -وﻤﺎ ﱠ
اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ .
أﻗر
أﻗر اﻻﺠﺘﻬﺎد ﻟﻠﺼﺤﺎﺒﺔ -رﻀوان اﷲ ﻋﻠﯿﻬم -ﻤﺜﻠﻤﺎ ﱠ ﻋﻠﻰ ﱠ
أن ﻋﺼر اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﱠ
اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻤﻌﺎذ ﺒن ﺠﺒل -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -ﺤﯿن ﺒﻌﺜﻪ إﻟﻰ اﻟﯿﻤن؛ ﻓﻘد ﺴﺄﻟﻪ اﻟﻨﺒﻲ
-ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم )) :-ﺒِ َم ﺘﻘﻀﻲ إذا ُﻋرض ﻟك ﻗﻀﺎء؟(( ،ﻗﺎل ﻤﻌﺎذ :أﻗﻀﻲ ﺒﻛﺘﺎب اﷲ ،ﻗﺎل:
أﺠﺘﻬد رأﯿﻲ وﻻ آﻟو ،ﻗﺎل:
ُ ﺒﺴﱠﻨﺔ رﺴول اﷲ ،ﻗﺎل)) :ﻓﺈن ﻟم ﺘﺠد؟ )) ،ﻗﺎل:
))ﻓﺈن ﻟم ﺘﺠد؟ )) ،ﻗﺎل :أﻗﻀﻲ ُ
اﻟﻌﺼر ٕوان ﻛﺎﻨت اﻷﺤﻛﺎم ﻓﯿﻪ ﻫﻲ ِ
رﺴول اﷲ ﻟﻤﺎ ﯿرﻀﻲ اﷲ ورﺴوﻟﻪ)) ،ﻓﻬذا رﺴول
َ ))اﻟﺤﻤد ﷲ اﻟذي وﻓﱠق
ُ
ﻨص
أﻗر اﻻﺠﺘﻬﺎد ﻓﯿﻤﺎ ﻟﯿس ﻓﯿﻪ ﱞأن ﻫذا اﻟﻌﺼر ﱠ أﺤﻛﺎم اﷲ وأﺤﻛﺎم رﺴوﻟﻪ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -إﻻ ﱠ
ﻤن ﻛﺘﺎب وﻻ ُﺴﱠﻨﺔ .
-2ﻋﺼر اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ
ﺜم ﺠﺎء ﻋﺼر اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻬم -وﺒﯿن أﯿدﯿﻬم ﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻤﺜَْﺒﺘﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -
وﺴﱠﻨﺔ رﺴوﻟﻪ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -وﻟﻛﱠﻨﻪ ﺤدث ﻓﻲ ﻋﺼرﻫم ﻤن اﻷﻗﻀﯿﺔ واﻟﻤﺸﻛﻼت ﻤﺎ ﻟم ﺘﻌﺎﻟﻰ ُ -
ﯿوﺠد ﻓﻲ ﻋﺼر اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻓﻛﺎن ﻻ ﺒد ﻟﻬم أن ﯿﺠﺘﻬدوا ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎﯿﺎ واﻟوﻗﺎﺌﻊ اﻟﺘﻲ
وﯿﺴوون ﺒﯿﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻷﺤﻛﺎم ،ﻓﺈن ﻟم
ﻓﺄﻋ َﻤﻠُوا اﻟرأي ،ﻓﻛﺎﻨوا ﯿﻠﺤﻘون اﻟﺸﺒﯿﻪَ ﺒﺸﺒﯿﻬﻪُ ،
ت ﻓﻲ ﻋﺼرﻫمْ ، َﺠ ﱠد ْ
اﻟﺠﻬد؛ ﻟﺘﺸرﯿﻊ اﻟﺤﻛم اﻟﻤﻨﺎﺴب ،ﻤراﻋﯿن اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟداﻋﯿﺔ إﻟﻰ ذﻟك .
ﯿﺠدوا ﺸﺒﯿﻬًﺎ ،ﻛﺎﻨوا ﯿﺒذﻟون ُ
ﻓﺈن وﺠد
ﻛم ،ﻨظر ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ ْ -
وﻛﺎن أﺒو ﺒﻛر اﻟﺼدﯿق -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -إذا ورد ﻋﻠﯿﻪ ُﺤ ٌ
ﻓﯿﻪ ﻤﺎ ﯿﻘﻀﻲ ﺒﻪ ﻗﻀﻰ ﺒﻪٕ ،وان ﻟم ﯿﺠد ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -ﻨظر ﻓﻲ ُﺴﱠﻨﺔ رﺴول اﷲ -ﺼﻠﻰ اﷲ
ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻓﺈن وﺠد ﻓﯿﻪ ﻤﺎ ﯿﻘﻀﻲ ﺒﻪ ﻗﻀﻰ ﺒﻪ ،ﻓﺈن أﻋﯿﺎﻩ ذﻟك ﺴﺄل اﻟﻨﺎس :ﻫل ﻋﻠﻤﺘم ﱠ
أن رﺴول اﷲ
ﻗﻀﻰ ﻓﯿﻪ ﺒﻘﻀﺎء؟ ﻓرﺒﱠﻤﺎ ﻗﺎم إﻟﯿﻪ اﻟﻘوم ﻓﯿﻘوﻟون ﻟﻪ :ﻗﻀﻰ ﻓﯿﻪ ﺒﻛذا وﻛذا ،ﻓﺈن ﻟم ﯿﺠد ُﺴﱠﻨﺔً َﺴﱠﻨﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ -
ﺸﻲء ،ﻗﻀﻰ ﺒﻪ ،وﻤن ﺒﻌد ٍ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﺠﻤﻊ رؤﺴﺎء اﻟﻨﺎس ﻓﺎﺴﺘﺸﺎرﻫم ،ﻓﺈذا اﺠﺘﻤﻊ رُأﯿﻬم ﻋﻠﻰ
ﯿﺠد ذﻟك ﻓﻲ اﻟﻛﺘﺎب أن َأﺒﻲ ﺒﻛر ﻛﺎن ﻋﻤر -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -ﯿﻔﻌل ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌل أﺒو ﺒﻛر ،ﻓﺈذا أﻋﯿﺎﻩ ْ
ﻗﻀﺎء ﻗﻀﻰ ﺒﻪٕ ،واﻻ ﺠﻤﻊ ﻋﻠﻤﺎء
ٌ واﻟ ﱡﺴﱠﻨﺔ ،ﺴﺄل :ﻫل ﻛﺎن أﺒو ﺒﻛر ﻗﻀﻰ ﻓﯿﻪ ﺒﻘﻀﺎء؟ ْ
ﻓﺈن ﻛﺎن ﻷﺒﻲ ﺒﻛر
ٍ
ﺸﻲء ،ﻗﻀﻰ ﺒﻪ . اﻟﻨﺎس واﺴﺘﺸﺎرﻫم ،ﻓﺈذا اﺠﺘﻤﻊ أرُْﯿﻬم ﻋﻠﻰ
أن ﯿﺠﺘﻬدوا أرْﯿﻬم ﻓﻲ ﱢ
ﻛل ﻤﺎ ﻟم ﯿﺘﺒﯿﱠن وﻛﺎن ﻋﻤر -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -ﯿوﺼﻲ ُﻋ ﱠﻤﺎﻟﻪ ﺒﻬذا اﻟﻨﻬﺞ ،وﯿﺄﻤرﻫم ْ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -أو ُﺴﱠﻨﺔ اﻟرﺴول -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -وﻫﻛذا اﺠﺘﻬد اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،ووﻀﻌوا ﻤن
اﻋد اﻷُوﻟﻰ ﻻﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم ﻤن ﻤﺼﺎدرﻫﺎ اﻟﺸرﻋﯿﱠﺔ .
ﺨﻼل اﺠﺘﻬﺎدﻫم اﻟﻘو َ
اﻟﻘواﻋد اﻟﺘﻲ ﺘﺠﻠﱠت ﻓﻲ اﺠﺘﻬﺎدات اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻬم
وﻨورد ﻫﻨﺎ ﺒﻌض اﻟﻘواﻋد اﻟﺘﻲ ﺘﺠﻠﱠت ﻓﻲ اﺠﺘﻬﺎدات اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻬم :
اﻟﻘﺎﻋدة اﻷوﻟﻰ :
ﺘﻘدﯿم اﻟﻘرآن واﻟ ﱡﺴﱠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺴواﻫﻤﺎ ﻤن اﻟرأي ﻓﻲ اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم ،وﻋدم اﻟﻤﺼﯿر إﻟﻰ اﻻﺠﺘﻬﺎد ﺒﺎﻟرأي،
اﻀﺢ ﻤن ِﻓﻌل أﺒﻲ ﺒﻛر اﻟﺼدﯿق
ﺤﻛم اﻟﻘﻀﯿﺔ أو اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،وﻫذا و ٌ ﯿﺠد ﻓﯿﻬﻤﺎ َ
أن َ اﻟﻤﺠﺘﻬد ْ
َ أن ُﯿﻌﯿﻲ
إﻻ ﺒﻌد ْ
اﻟذي ﻛﺎن ﯿﺒدأ ﺒﺒﺤث اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -ﺜم ﻓﻲ ُﺴﱠﻨﺔ اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﺜم
ﺒﺴﱠﻨﺔ ﻤﺄﺜورة ﻋن اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم -ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻤﺤل اﻟﺒﺤث ،ﺜم ِ
اﺴﺘﺸﺎرة َﻤن ﻟﻪ ﻋْﻠم ُ
اﻻﺠﺘﻬﺎد ﺒﺎﻟرأي اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻓﯿﻤﺎ ُﯿﺸﺒﻪ اﻟﻤﺠﺎﻤﻊ اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ ﻓﻲ ﻋﺼرﻨﺎ اﻟﯿوم .
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ :
اﻀﺢ ِﻤن ِﻓﻌل أﺒﻲ ﺒﻛر ﻓﻲ ﺠﻤﻊ
ظﻬور اﻹﺠﻤﺎع ﻛدﻟﯿل ﻤن اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺘُﺴﺘﻨﺒطُ ﻤﻨﻬﺎ اﻷﺤﻛﺎم ،وﻫذا و ٌ
ٍ
ﺸﻲء ﻗﻀﻰ ﺒﻪ . رؤﺴﺎء اﻟﻨﺎس -وﻛذﻟك ِﻤن ِﻓﻌل ﻋﻤر -واﺴﺘﺸﺎرﺘﻬم ،ﻓﺈذا أﺠﻤﻌوا ﻋﻠﻰ
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :
وﻋﻠِم ٍ
اﻟﻤﺘﺄﺨر ﻓﻲ اﻟﻨزول ﯿﻨﺴﺦ اﻟﻤﺘﻘ ﱢدم ﻓﻲ اﻟﻨزول ،إذا ﻛﺎن اﻟﱠﻨﺼﱠﺎن ﻓﻲ ﻤوﻀوٍع واﺤد ،وﺘﻌﺎرﻀﺎ ُ
ﱢ ﱠ
أن
اﻟﺘﺎرﯿﺦ ،ﻓﺈذا ﻟم ُﯿ ْﻌﻠَم اﻟﺘﺎرﯿﺦ ُﯿ ْﺠ َﻤﻊ ﺒﯿن اﻟﱠﻨ ﱠ
ﺼﯿن ﻓﻲ اﻟﻌﻤل ﻤﺎ أﻤﻛن ذﻟك؛ وذﻟك ﻷن أﺤدﻫﻤﺎ ﻟﯿس ﺒﺄ َْوﻟَﻰ
ﻓﻲ اﻟﻌﻤل ﻤﺎ داﻤﺎ ﻓﻲ ﻤرﺘﺒﺔ واﺤدة ،وﻨﻤﺜﱢل ﻟذﻟك ﺒﺎﺴﺘدﻻل ﻋﺒداﷲ ﺒن ﻤﺴﻌود ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ِﻋ ﱠدة اﻟﻤﺘوﻓﻰ ﻋﻨﻬﺎ
زوﺠﻬﺎ وﻫﻲ ﺤﺎﻤل.
ﻀ ْﻌ َن َﺤ ْﻤﻠَﻬُ ﱠن ﴾ [اﻟطﻼق ،:ﻓﻲ ﺴورة اﻟطﻼق -ﺴورة َن َﯿ َ َﺠﻠُﻬُ ﱠن أ ْ َﺤﻤ ِ
ﺎل أ َ ت ْاﻷ ْ َ ﻗول اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ َ ﴿ -:وأُوَﻻ ُ
اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻘﺼرى ﻛﻤﺎ ﺴ ﱠﻤﺎﻫﺎ اﺒن ﻤﺴﻌود -ﻨﺎﺴﺦ ﻟﻘوﻟﻪ -ﺘﻌﺎﻟﻰ :
ﱠﺼ َن ﺒِﺄ َْﻨﻔُ ِﺴ ِﻬ ﱠن أ َْرَﺒ َﻌﺔَ أَ ْﺸﻬُ ٍر َو َﻋ ْﺸ ًار ﴾ [اﻟﺒﻘرة :ﻓﻲ ﺴورة اﻟﺒﻘرة -
اﺠﺎ َﯿﺘََرﺒ ْ
ِ
ﯿن ُﯿﺘَ َوﻓﱠ ْو َن ﻤ ْﻨ ُﻛ ْم َوَﯿ َذ ُر َ
ون أ َْزَو ً
ﱠِ
﴿ َواﻟذ َ
أن ِﻋدة اﻟﻤﺘوﻓﻰ ﻋﻨﻬﺎ زوﺠﻬﺎ ﻫﻲ أرﺒﻌﺔ أﺸﻬر وﻋﺸرة ﻷن آﯿﺔ اﻟﺒﻘرة ﺘﻔﯿد ْ ﺴورة اﻟﻨﺴﺎء اﻟطوﻟﻰ -وذﻟك ﱠ
اﻟﺤﻤ ِل؛ ﺴواء ﻛﺎن
أن اﻟﺤﺎﻤل ﺘﻌﺘ ﱡد ﺒوﻀﻊ ْ أﯿﺎم؛ ﺴواء ﻛﺎﻨت ﺤﺎﻤﻼً أم ﻏﯿر ﺤﺎﻤل ،وﺘﻔﯿد آﯿﺔُ ﺴورة اﻟطﻼق ﱠ
ﻤﺘوﻓﻰ ﻋﻨﻬﺎ زوﺠﻬﺎ أم ﻻ .
َﺠﻠﯿن . ِ
وﻤن اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ َﻤن ﺠﻤﻊ ﺒﯿن اﻵﯿﺘﯿن ،ﻓﺠﻌل ﻋدة اﻟﻤﺘوﻓﻰ ﻋﻨﻬﺎ زوﺠﻬﺎ ﺒﺄﺒﻌد اﻷ َ
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟراﺒﻌﺔ :
اﻟﻌﻠﱠﺔ؛ ِﻤن ذﻟك ﻤﺎ ُروي ﻋن ﻋﻠﻲ -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -أﻨﻪ ﻗﺎل إﻟﺤﺎق اﻟﻨظﯿر ﺒﻨظﯿرﻩ ﻋﻨد ﺘﺴﺎوﯿﻬﻤﺎ ﻓﻲ ِ
ﻟﻌﻤر" :إن اﻟرﺠل إذا ﺸرب َﺴ ِﻛرٕ ،واذا َﺴ ِﻛر َﻫ َذىٕ ،واذا َﻫ َذى اﻓﺘرى؛ ﻓﺤ ﱡدﻩ ﺤ ﱡد اﻟﻤﻔﺘري ﺜﻤﺎﻨون ﺠﻠدة"،
ُ
ﻗﺎل ذﻟك ﻋﻨدﻤﺎ ﺸﺎورﻩ ﻋﻤر ﺒن اﻟﺨطﺎب -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -ﻓﻲ ﺤ ﱢد اﻟﺸﺎرب ،وﻛﺎن ﻋﻤر -رﻀﻲ اﷲ
اﻟﻌﻠﱠﺔ اﻟﺘﻲ ُﺒﻨِﻲ ﻋﻠﯿﻬﺎ اﻟﺤﻛم ،ﻓﻬو ﻤن اﻟﻘﯿﺎس .
ﺒت ِ ﻋﻨﻪ -ﯿرى ﱠ
أن اﻟﻨﺎس ﻗد ﺘﺤﺎﻗروا اﻟﻌﻘوﺒﺔ ،وﻫو ﻗﯿﺎس ُﯿﺜْ ُ
اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺨﺎﻤﺴﺔ :
ﻨص؛ ﻓﻘد ﻗﺎل ﻋﻠﻲ -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -ﻓﻲ ﺘﻀﻤﯿن اﻟﺼﻨﺎع؛ أيَ :د ْﻓﻌﻬم ﻗﯿﻤﺔ
اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺤﯿث ﻻ ﱠ
ﻤﺎ أﺘﻠﻔوﻩ" :ﻻ ﯿﺼﻠﺢ اﻟﻨﺎس إﻻ ذاك ".
اﻟﻨص وﻟم ﯿﻠﻐﻬﺎ.
ﱡ اﻟﻤرﺴﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟم ﯿﺜﺒﺘﻬﺎ
َ ﻓﻬذا ﺘﺼرﯿﺢ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ
-3ﻋﺼر اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن :
ﺜم ﺠﺎء ﻋﺼر اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن ﻓﻨﻬﺠوا ﻨﻬﺞ َﻤن ﺴﺒﻘوﻫم ﻤن اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،وﺼﺎر ﺒﯿن أﯿدﯿﻬم ﺜﻼث ﻤﺠﻤوﻋﺎت ﻤن
اﻷﺤﻛﺎم ،ﻫﻲ :
-أﺤﻛﺎم اﷲ -ﺘﻌﺎﻟﻰ -ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺒﻪ .
-أﺣﻜﺎم رﺳﻮل ﷲ -ﺻﻠﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ -ﻓﻲ ُ
ﺳﻨﱠﺘﮫ .
-أﺤﻛﺎم اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ وﻓﺘﺎواﻫم أﻗﻀﯿﺘﻬم ،و ِﻤن ﻫؤﻻء اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن ﺒرز ﻓﻲ ﻤدﯿﻨﺔ رﺴول اﷲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ
وﺴﻠم -اﻷﺌﻤﺔ اﻟﺴﺒﻌﺔ اﻟﻤذﻛورون ﻓﻲ ﻗول اﻟﺸﺎﻋر :
ﯿل َﻤ ْن ِﻓﻲ اْﻟ ِﻌْﻠِم َﺴ ْﺒ َﻌﺔُ أ َْﺒ ُﺤ ٍر إِ َذا ِﻗ َ
ت َﻋ ِن اْﻟ ِﻌْﻠِم َﺨ ِﺎر َﺠ ْﻪ ِرَو َاﯿﺘْﻬُ ْم ﻟَ ْﯿ َﺴ ْ
اﷲ ،ﻋروةُ ،ﻗَ ِ
ﺎﺴ ٌم ﻓَ ُﻘ ْل ﻫم ﻋﺒﯿ ُد ِ
ُْ َ ُ ْ ُ َْ
ﺎنَ ،ﺨ ِﺎر َﺠ ْﻪ ﯿد ،أَُﺒو َﺒ ْﻛ ٍرُ ،ﺴﻠَ ْﯿ َﻤ ُ َﺴ ِﻌ ٌ
وﻫم :ﺴﻌﯿد ﺒن اﻟﻤﺴﯿب ،ﻋروة ﺒن اﻟزﺒﯿر ،اﻟﻘﺎﺴم ﺒن ﻤﺤﻤد ،ﺨﺎرﺠﺔ ﺒن زﯿد ،أﺒو ﺒﻛر ﺒن ﻋﺒداﻟرﺤﻤن،
ﺴﻠﯿﻤﺎن ﺒن ﯿﺴﺎر ،ﻋﺒﯿداﷲ ﺒن ﻋﺒﯿداﷲ ﺒن ﻋﺘﺒﺔ ﺒن ﻤﺴﻌود .
وﻓﻲ اﻟﻌراق ﻛﺎن إﺒراﻫﯿم اﻟﻨﺨﻌﻲ اﻟذي أﺨذ الﻋﻠم ﻋن اﺒن ﻤﺴﻌود -رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ -وﻫﻛذا ﻓﻲ ﱢ
ﻛل
ﻤﺼر ﻛﺎن رﺠﺎل ﻤن اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن ﯿﻨﻘﻠون ِﻋْﻠم اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،وﯿﺠﺘﻬدون ﻓﯿﻤﺎ ﯿﺠ ﱡد ﻤن ﻓﺘﺎوى وأ ْﻗ ِ
ﻀ َﯿﺔ وأﺤﻛﺎم. َ
ﺘﺒﻌﺎ ﻟﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ اﻹﺴﻼﻤﯿﺔ ،ودﺨل ﻓﻲ اﻹﺴﻼم وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺼر اﺘﱠ ِ
اﺘﺴﻌت ً
ْ ﺴﻌت اﻟﻔﺘوﺤﺎت اﻹﺴﻼﻤﯿﺔ ،و
ﻛﺜﯿرون ،ﻓظﻬرت اﻟﺤﺎﺠﺔ أﻛﺜر وأﻛﺜر إﻟﻰ اﻻﺠﺘﻬﺎد واﻻﺴﺘﻨﺒﺎط ﻟوﻗﺎﺌﻊ وﻤﺸﻛﻼت ﻟم ﺘﻛن ﻤوﺠودة ﻤن ﻗﺒل؛
ﻤﻤﺎ اﺴﺘدﻋﻰ ﺘﺨرﯿﺞ اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺎوى اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،ﻓﻀﻼً ﻋن اﻟﻛﺘﺎب واﻟ ﱡﺴﱠﻨﺔ ،ﻓﺎﺘﱠﺴﻊ َﻤﯿدان اﻟﺘﺸرﯿﻊ
ﻟﻸﺤﻛﺎم اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ؛ ﺤﯿث اﺠﺘﻬد اﻟﺘﺎﺒﻌون ﻓﻲ اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻷﺤﻛﺎم ،ﻓﻛﺎﻨت ﻤﺠﻤوﻋﺔ اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ ﻓﻲ طورﻫﺎ
ﻤﻛوﻨﺔ ﻤن:
اﻟﺜﺎﻟث ﱠ
-ﻤﺠﻤوﻋﺔ أﺤﻛﺎم اﻟﻘرآن .
-ﻤﺠﻤوﻋﺔ أﺤﻛﺎم اﻟ ﱡﺴﱠﻨﺔ اﻟﻨﺒوﯿﱠﺔ .
ﻀ َﯿﺘِﻬم .
-ﻤﺠﻤوﻋﺔ أﺤﻛﺎم ﻓﺘﺎوى اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ و أ ْﻗ ِ
-ﻤﺠﻤوﻋﺔ أﺤﻛﺎم اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن وﻓﺘﺎواﻫم و أﻗﻀﯿﺘﻬم.
-4ﻋﺼر اﻷﺌﻤﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬدﯿن :
وﺒﻌد ﻋﺼر اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن وﺘﺎﺒﻌﻲ اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن ﺠﺎء ﻋﺼر اﻷﺌﻤﺔ اﻟﻤﺠﺘﻬدﯿن؛ ﻤن أﻤﺜﺎل اﻹﻤﺎم ﻤﺎﻟك ،واﻹﻤﺎم
وﺼل
َ ﻤدوﻨﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ،وﻤن أول ﻤﺎ ُد ﱢون ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺼر ﻓﯿﻤﺎ
اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺼر ﺒدأ ظﻬور ﱠ
إﻟﯿﻨﺎ ﻫو " ُﻤوطﱠﺄ ﻤﺎﻟك ﺒن أﻨس "اﻟذي ﺠﻤﻊ ﻓﯿﻪ ﺒﯿن ﺘدوﯿن اﻟﺤدﯿث ،وأﻗوال اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ،وﻓﻘﻪ اﻟﺘﺎﺒﻌﯿن
ﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ طﻠب ﻤن
ﺠﺎﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﺤﻘﯿﻘﺘﻪ ﺒﯿن اﻟﻔﻘﻪ واﻟﺤدﯿث ،وﻗد ﺠﻤﻌﻪ اﻹﻤﺎم ﻤﺎﻟك؛ ً
ً ﻛﺘﺎﺒﺎ
وأﻗواﻟﻬم ،ﻓﻛﺎن ً
اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻤﻨﺼور .
أﯿﻀﺎ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺼر ُﻛﺘب ظﺎﻫر اﻟرواﯿﺔ اﻟﺴﺘﺔ وﻫﻲ: دون اﻹﻤﺎم ﻤﺤﻤد ﺒن اﻟﺤﺴن اﻟﺸﯿﺒﺎﻨﻲ ً ﺜم ﱠ
"اﻟﻤﺒﺴوط واﻟزﯿﺎدات" ،و"اﻟﺠﺎﻤﻊ اﻟﻛﺒﯿر" ،و"اﻟﺠﺎﻤﻊ اﻟﺼﻐﯿر" ،و"اﻟﺴﯿر اﻟﻛﺒﯿر" ،و"اﻟﺴﯿر اﻟﺼﻐﯿر"،
ﯿت ﺒ ُﻛﺘب ظﺎﻫر اﻟرواﯿﺔ؛ ﻷﻨﻬﺎ روﯿت ﻋن اﻟﺜﱢﻘﺎت ﻤن ﺘﻼﻤﯿذﻩ ،ﻓﻬﻲ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﻋﻨﻪ إﻤﺎ ﺒﺎﻟﺘواﺘر أو ﺒﺎﻟﺸﻬرة،
وﺴ ﱢﻤ ْ
ُ
وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺼر ﺒدأ ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺘﺘﺴﻊ رﻗﻌﺘﻪ ﻓﻲ ﺘﺨرﯿﺠﺎت اﻟﻔﻘﻬﺎء ،واﺴﺘدﻻﻻﺘﻬم واﺴﺘﻨﺒﺎطﺎﺘﻬم
وﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺘﻬم .
ﺘدوﯿن ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ
اﻋد ﻤﺘﻨﺎﺜرة ﻓﻲ ﺜﻨﺎﯿﺎ ﻛﻼم اﻟﻔﻘﻬﺎء ،وﺒﯿﺎﻨﻬم ﻟﻸﺤﻛﺎم؛ ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﻔﻘﯿﻪ
وﻟﯿدا ﻋﻠﻰ ﺸﻛل ﻗو َ
ﺒدأ ﻫذا اﻟﻌﻠم إ ًذا ً
ﻌﻀد -ﻤﺜﻠﻤﺎ أوردﻨﺎ
أن اﻟﺨﻼف اﻟﻔﻘﻬﻲ ﺒﯿن اﻟﻔﻘﻬﺎء ﻛﺎن ُﯿ ُ ﯿذﻛر اﻟﺤﻛم ودﻟﯿﻠَﻪ ووﺠﻪ اﻻﺴﺘدﻻل ﺒﻪ ،ﻛﻤﺎ ﱠ
اﻋد أُﺼوﻟﯿﱠﺔ ﯿﻌﺘﻤد ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻛ ﱡل ٍ
ﻓﻘﯿﻪ؛ ﻟﺘﻘوﯿﺔ وﺠﻬﺔ ﻨظرﻩ ،وﺘﻌزﯿز ﻤذﻫﺒﻪ ،وﺒﯿﺎن ﻓﻲ اﻟﻤطﻠب اﻟﺴﺎﺒق -ﺒﻘو َ
ﻤﺄﺨذﻩ ﻓﻲ اﻻﺠﺘﻬﺎد .
أن أول ﻤن ﺼﱠﻨف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻠم ﺘﺼﻨﯿﻔًﺎ ﻤﺴﺘﻘﻼً ،إﻨﻤﺎ ﻫو اﻹﻤﺎم ﻤﺤﻤد ﺒن واﻟﺜﺎﺒت ﻟدى أﻏﻠب اﻟﺒﺎﺤﺜﯿن ﱠ
إدرﯿس اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻟذي اﺘﱠﺠﻪ إﻟﻰ ﺘدوﯿن ﻫذا اﻟﻌﻠم اﻟﺠﻠﯿل ،ﻓرﺴم ﻤﻨﺎﻫﺞ اﻻﺴﺘﻨﺒﺎط ،ووﻀﱠﺢ ﻤﻌﺎﻟِ َم ﻫذا اﻟﻌﻠم
ﻠﻤﺎ دﻗﯿﻘًﺎ ﺒﺎﻟﻠﺴﺎن اﻟﻌرﺒﻲ؛ ِ ِ
ﯿدون ﻀواﺒط اﻻﺴﺘﻨﺒﺎط؛ ﻓﻘد أُوﺘﻲ ﻋ ًﯿﻛون ﱠأول َﻤن ﱢ
َ ﺠدﯿر ﺒﺄن
وﻟﻘد ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ًا
ﻓﺘﺨرج ﻋﻠﻰ أﻋظم رﺠﺎﻟﻪ ،وأﺤﺎط ﱢ
ﺒﻛل ﺤﺘﻰ ُﻋ ﱠد ﻓﻲ ﺼﻔوف اﻟﻛﺒﺎر ﻤن ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻠﻐﺔ ،وأُوﺘِﻲ ِﻋْﻠم اﻟﺤدﯿث ،ﱠ
أن
ﯿﺼﺎ َ
ﻋﻠﯿﻤﺎ ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻤن ﻋﺼر اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ إﻟﻰ ﻋﺼرﻩ ،وﻛﺎن ﺤر ً أﻨواع اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﻋﺼرﻩ ،وﻛﺎن ً
ﯿﻌرف أﺴﺒﺎب اﻟﺨﻼف ،واﻟوﺠﻬﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﻪ إﻟﯿﻬﺎ أﻨظﺎر اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﯿن ،وﺒﻬذا وﺒﻐﯿرﻩ ﺘوﻓﱠرت ﻟﻪ
َ
أﺴﺎﺴﺎ
ً اء اﻟﺴﺎﺒﻘﯿن ،وﺘﻛون
ﻷن ﯿﺴﺘﺨرَج ﻤن اﻟﻤﺎدة اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻠﻘﺎﻫﺎ اﻟﻤوازﯿن اﻟﺘﻲ ﺘُوزن ﺒﻬﺎ آر ُ
اﻷداة ْ
ﻻﺴﺘﻨﺒﺎط اﻟﻼﺤﻘﯿن ،ﯿراﻋوﻨﻬﺎ ﻓﯿﻘﺎرﺒون وﻻ ﯿﺒﺎﻋدون .
ﺒﺤث ﻓﻲ
ﯿﻘﺘﺼر ﻋﻠﻰ ﻤﺒﺤث دون ﻤﺒﺤث ،ﺒل َ
ْ اب ﻫذا اﻟﻌﻠم ،وﺠﻤﻊ ﻓﺼوﻟَﻪ ،وﻟم رﺘب اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أﺒو َ
اﻟﻛﺘﺎب ،وﺒﺤث ﻓﻲ اﻟﺴﱡﻨﺔ ،وطُرق إﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ،وﻤﻘﺎﻤﻬﺎ ﻤن اﻟﻘرآن .
وﺒﺤث ﻓﻲ اﻹﺠﻤﺎع اﻟﻤﺠﻤل واﻟﻤﻔﺼل، ﱠ
َ وﺒﺤث اﻟدﻻﻻت اﻟﻠﻔظﯿﺔ ﻓﺘﻛﻠم ﻓﻲ اﻟﻌﺎم واﻟﺨﺎص ،واﻟﻤﺸﺘرك و َ
أﺤدا ﺴﺒﻘﻪ ﺒﻬﺎ ،وﻀﺒط اﻟﻘﯿﺎس ،وﺘﻛﻠﱠم ﻓﻲ اﻻﺴﺘﺤﺴﺎن .
أن ًﯿﻌرف ﱠ
ْ وﺤﻘﯿﻘﺘﻪ ،وﻨﺎﻗﺸﻪ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ِﻋْﻠﻤﯿﱠﺔ ﻟم
ﺴﺒق ،أو ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻘﯿق ﻟم ﻤﺒوﺒﺔ ﻤﻔﺼﱠﻠﺔ ،وﻫو ﺒﻬذا ﻟم ُﯿ ْ اﺴﺘرﺴل اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﺒﯿﺎن ﺤﻘﺎﺌق ﻫذا اﻟﻌﻠم ﱠ
َ وﻫﻛذا
أﺤدا ﺴﺒﻘَﻪ ،وﻻ ﯿﻨﻘص ﻫذا ﻤن ﻤﻘﺎم ﻤن ﺴﺒﻘوﻩ ،ﻓﻼ يﻨﻘص ﻤن ﻤﻘﺎم ِ
ﺸﯿﺨﻪ" ﻤﺎﻟك" ،وﻻ أن ًُﯿﻌﻠم إﻟﻰ اﻵن ﱠ
َ
ﻤوﻩ .
ﺎﻤ َل ُﻨ ﱡ ِ
ﯿﻛن ﺘَ َﻛ َ
ﻤن ﻤﻘﺎم ﺸﯿﺦ ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﯿﺎس" أﺒﻲ ﺤﻨﯿﻔﺔ"؛ ﻓﺈن اﻟﺘدوﯿن ﻓﻲ ﻋﺼرﻫﻤﺎ ﻟم ْ
ﻤﺠﻬودا ﻟﻤن ﺒﻌدﻩ ،ﺒل إﱠﻨﻪ
ً ﯿﺒق إن اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗد أﺘﻰ ﺒﺎﻟﻌﻠم ﻛﺎﻤﻼً ﻋﻠﻰ ﱢ
ﻛل اﻟوﺠوﻩ؛ ﺒﺤﯿث أﻨﻪ ﻟم َ وﻻ ﻨﻘول :ﱠ
ﻤﺴﺎﺌل ﻛﺜﯿرة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﻠم
َ وﺤرر
وﻨ ﱠﻤﻰ ﱠ
ﺠﺎء ﻤن ﺒﻌدﻩ َﻤن زاد َ
اﻟﻤﺒﺤث اﻟراﺒﻊ
ﻤدارس ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ وأﻫم ﻤؤﻟﻔﺎﺘﻪ
7
ﻤدارس أﺼول اﻟﻔﻘﻪ واﻫم ﻤؤﻟﻔﺎﺘﻪ
-1ﻤدارﺴﻪ:
ﻛﺎﻨت رﺴﺎﻟﺔ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻫﻲ أول ﻛﺘﺎب ﺼﻨف ﻓﻲ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ،وﻤن ﺜم ﺘواﻟﻰ اﻷﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺸرﺤﻬﺎ،
واﻻﺴﺘﻀﺎءة ﺒﻨورﻫﺎ ،واﻻﻗﺘداء ﺒﻬدﯿﻬﺎ ،وأﺼﺒﺢ ﻋﻠم اﻷﺼول ﻋﻠﻤﺎً ﻤﺴﺘﻘﻼً ،رﺘﺒت أﺒواﺒﻪ ،وﺤررت ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ،
ودﻗﻘت ﻤﺒﺎﺤﺜﻪ ،وﺼﺎر ﺸرطﺎً ﻟﻛل ﻤﺠﺘﻬد أن ﯿﺘﺤﻘق ﺒﻪ وﯿﺘﻤرس ﺒﻘواﻋدﻩ وﻤﺴﺎﺌﻠﻪ .
ﻓﺄﻟﻔت ﻓﯿﻪ اﻟﻤؤﻟﻔﺎت ،وﺤررت اﻟﻤﺼﻨﻔﺎت ،وﺘﺸﻌﺒت طرق اﻟﺒﺎﺤﺜﯿن ﻓﯿﻪ إﻟﻰ ﺜﻼث طرق:
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻷوﻟﻰ :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺘﻌرف ﺒطرﯿﻘﺔ اﻟﻤﺘﻛﻠﻤﯿن ،وﻫم اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ واﻟﺠﻤﻬور.
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺘﻌرف ﺒطرﯿﻘﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء ،وﻫم اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ.
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺠﺎﻤﻌﺔ.
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻷوﻟﻰ :طرﯿﻘﺔ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﱠﺔ أو اﻟﻤﺘﻛﻠﻤﯿن :
وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﯿﻬﺘم أﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﺒﺘﺤرﯿر اﻟﻤﺴﺎﺌل ،وﺘﻘرﯿر اﻟﻘواﻋدٕ ،واﻗﺎﻤﺔ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﯿﻬﺎ ،وﻛﺎﻨوا ﯿﻤﯿﻠون إﻟﻰ
اﻻﺴﺘدﻻل اﻟﻌﻘﻠﻲ ﻤﺎ أﻤﻛن ،ﻤﺠردﯿن ﻟﻠﻤﺴﺎﺌل اﻷﺼوﻟﯿﺔ ﻋن اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ ،ﻏﯿر ﻤﻠﺘﻔﺘﯿن إﻟﯿﻬﺎ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻫﻲ
اﻟﺘﻲ ﯿﺠب أن ﺘﺨﻀﻊ ﻟﻠﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔ ،وﻻ ﺘﺨرج ﻋﻨﻬﺎ إﻻ ﺒدﻟﯿل ﻤﻨﻔﺼل ﺸﺄﻨﻬم ﻓﻲ ذﻟك ﺸﺄن ﻋﻠﻤﺎء
اﻟﻛﻼم ،وﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﺎﻷﺼول ﻋﻨدﻫم ﻓن ﻤﺴﺘﻘل ﯿﺒﻨﻰ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﻼ ﺤﺎﺠﺔ ﻟﻠﻤزج ﺒﯿن اﻟﻔﻨﯿن ،واﻟﺠﻤﻊ
ﺒﯿن اﻟﻌﻠﻤﯿن .
ﺨﺼﺎﺌص ﻫذا اﻻﺘﺠﺎﻩ :
-1ﻋدم اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﻤواﻓﻘﺔ ﻓروع اﻟﻤذﻫب أو ﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻬﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔٕ ،واﻨﻤﺎ اﻟﺘﻌوﯿل اﻟﻛﺎﻤل ﻋﻠﻰ
اﻷدﻟﺔ اﻟﻨﻘﻠﯿﱠﺔ واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ.
-2ﻋدم اﻻﻟﺘزام ﺒﺎﻟﻤذﻫب ﻓﯿﻤﺎ ﯿﺘوﺼﱠل إﻟﯿﻪ ﻤن ﻗواﻋد ،و اﻹﻛﺜﺎر ﻤن اﻻﺴﺘدﻻﻻت اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﺒراﻫﯿن
اﻟﻨظرﯿﱠﺔ.
ِ -3ﻗﻠﱠﺔ إﯿراد اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ ،إﻻ ﻓﻲ ﻤﻘﺎم اﻟﺘﻤﺜﯿل واﻟﺘوﻀﯿﺢ.
-4اﺸﺘﻤﺎل اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟطرﯿﻘﺔ ﻋﻠﻰ ُﺠﻤﻠﺔ ﻤن اﻟﻤﺴﺎﺌل اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻛﻼﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﯿﺴت ﻤن ﻋﻠم
ﻤﺴﺎﺌل ﺨﻼﻓﯿﱠﺔ ﻻ ﯿﺘرﺘﱠب ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻼف ﻓﯿﻬﺎ ﺜﻤرة ،وﻫو ﻤﻤﺎ
َ اﻷﺼول ،وﻛذﻟك اﺸﺘﻤﺎل ﺘﻠك اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت ﻋﻠﻰ
ُﺨ َذ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻻﺘﺠﺎﻩ . أِ
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ :طرﯿﻘﺔ اﻟﻔﻘﻬﺎء )اﻷﺤﻨﺎف( :
وﻫﻲ أﻤس ﺒﺎﻟﻔﻘﻪ ،وأﻟﯿق ﺒﺎﻟﻔروع ﺘﻘرر اﻟﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﻤﺎ ﻨﻘل ﻤن اﻟﻔروع ﻋن أﺌﻤﺘﻬم،
زاﻋﻤﺔ أﻨﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺘﻲ ﻻﺤظﻬﺎ أوﻟﺌك اﻷﺌﻤﺔ ﻋﻨدﻤﺎ ﻓرﻋوا ﺘﻠك اﻟﻔروع ،ﺤﺘﻰ إذا ﻤﺎ وﺠدوا ﻗﺎﻋدة
ﺘﺘﻌﺎرض ﻤﻊ ﺒﻌض اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ اﻟﻤﻘررة ﻓﻲ اﻟﻤذﻫب ،ﻋﻤدوا إﻟﻰ ﺘﻌدﯿﻠﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻻ ﯿﺘﻌﺎرض ﻤﻊ ﺘﻠك
اﻟﻔروع ،أو اﺴﺘﺜﻨﺎء ﻫذﻩ اﻟﻔروع ﻤن ﺘﻠك اﻟﻘﺎﻋدة.
ﺨﺼﺎﺌص ﻫذه اﻟطرﯿﻘﺔ:
-1ﻫﻲ طرﯿﻘﺔ ﻻﺴﺘﻨﺒﺎط أﺼول اﻻﺠﺘﻬﺎد اﻟذي وﻗﻊ ﺒﺎﻟﻔﻌل ،وﻫﻲ ﻗواﻋد ﻤﺴﺘﻘﻠﱢﺔ ﯿﻤﻛن اﻟﻤوازﻨﺔ ﺒﯿﻨﻬﺎ وﺒﯿن
ﻏﯿرﻫﺎ ﻤن اﻟﻘواﻋد.
ﻤﺠردة.
-2ﻫﻲ طرﯿﻘﺔ ﻤطﺒﱠﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻔروع؛ ﻓﻬﻲ ﻟﯿﺴت ﺒﺤوﺜًﺎ ﻨظرﯿﺔ ﱠ
-3اﺴﺘﻨﺒﺎط اﻟﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔ ﻤن اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ ،واﻻﻟﺘزام ﺒﺎﻟﻤذﻫب ﻓﯿﻤﺎ ﯿﺘوﺼﱠل إﻟﯿﻪ ﻤن ﻗواﻋد ،ﺤﺘﻰ
ﺼ ِ
ﯿﻐت اﻟﻘﺎﻋدة ﺒطرﯿﻘﺔ ﻤﺘﻛﻠﻔﺔ ﻟﺘﺘواﻓق ﻤﻊ اﻟﻔروع. وﻟو ِ
ِ
-4ﻛﺜرة اﻟﻔروع واﻷﻤﺜﻠﺔ واﻟﺸواﻫد ،وِﻗﻠﺔ اﻟﻤﺴﺎﺌل اﻻﻓﺘراﻀﯿﱠﺔ واﻟﻨظرﯿﺔ ،واﻟﻤﺴﺎﺌل اﻟﺘﻲ ﻻ َﯿ ْﻨ َﺒﻨﻲ ﻋﻠﯿﻬﺎ ٌ
أﺜر
ِﻓﻘﻬﻲ.
ﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻤﺴﺘﻨﺒطﺔ. ﱠ
-5ﻤﻛﻨت ﻫذﻩ اﻟطرﯿﻘﺔ ﻤن ﻛﺜرة اﻟﺘﺨرﯿﺞ ﻓﻲ اﻟﻤذاﻫب ،وﺘﻔرﯿﻊ اﻟﻔروع ً
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﯿن اﻟطرﯿﻘﺘﯿن
ﱢ أن اﺴ ِ
ﺘﻘﺎﻤت اﻟطرﯿﻘﺘﺎن ﻛ ﱞل ﻓﻲ ﻤﻨﻬﺎﺠﻬﺎ،
اﻟﻤﺘﺄﺨرﯿن ﻤن اﻷﺼوﻟﯿﯿن اﻟذﯿن ﺠﻤﻌوا ﺒﯿن ظﻬرت طرﯿﻘﺔ
ْ ﺒﻌد ِ ْ
اﻟﻤﺠرد ،وﯿﺴﺘﺸﻬدون ﻋﻠﯿﻬﺎ ﺒﺎﻟﻔروع ،ﻓﻼ ﯿﻛون
ﱠ اﻋد ﻤن ﺨﻼل اﻟﺒﺤث اﻟﻨظري ﯿﻘررون اﻟﻘو َ
اﻟطرﯿﻘﺘﯿن ،ﻓﻛﺎﻨوا ﱢ
اﻟﻤﻘررة ﻟﻤﺎ ﯿﺘ ﱡم اﺴﺘﻨﺒﺎطﻪ ﻤن اﻟﻘواﻋد ،وﻗد
ﻤﻘرًار ﻟﻠﻘواﻋد واﻷﺼول ،وﻻ ﺘﺼﺒﺢ اﻟﻔروع ﻫﻲ ﱢ
اﻟﺒﺤث اﻟﻨظري ﱢ
ُ
ظﻬرت ﻫذﻩ اﻟطرﯿﻘﺔ ﻓﻲ ﺤدود اﻟﻘرن اﻟﺴﺎﺒﻊ اﻟﻬﺠري .
ْ
وﻤن ﺨﺼﺎﺌص ﻫذا اﻟﻤﻨﻬﺞ:
-1اﻟﺠﻤﻊ ﺒﯿن اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻨﻘﻠﯿﺔ ،وﺒﯿن اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ ﻓﻲ دراﺴﺔ اﻟﻘواﻋد اﻷﺼوﻟﯿﺔ ،وﻋدم اﻻﻗﺘﺼﺎر
ﻋﻠﻰ أﺤدﻫﻤﺎ.
-2اﻟﺠﻤﻊ ﺒﯿن ﻓﺎﺌدﺘﯿن؛ ﻓﺎﺌدة ﺘﻌود ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻘﻪ ،وذﻟك ﺒذ ْﻛر اﻟﻔروع اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ ،وﻓﺎﺌدة ﺘﻌود ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد
اﻷﺼوﻟﯿﺔ ،وذﻟك ﺒﺘﻤﺤﯿص أدﻟﺘﻬﺎ وﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ.
-3اﺴﺘﯿﻌﺎب ﻤﺎ أُﻟﱢف ﻋﻠﻰ طرﯿﻘﺘﻲ اﻟﻤﺘﻛﻠﱢﻤﯿن واﻟﻔﻘﻬﺎء.
ِ -4ﺴ َﻤﺔ اﻻﺨﺘﺼﺎر ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟطرﯿﻘﺔ .
اﻟطرﯿﻘﺔ اﻟراﺒﻌﺔ:
ﱢز ﻓﻲ اﻟﺒﺤث واﻟﺘﺄﻟﯿف ﻓﻲ ﻋﻠم ﻨﻬﺠﺎ ﻤﺘﻤﯿ ًا
ﻐﺎﯿرا ،وﻨﻬﺞ ً
وﻫﻨﺎك ﻤن ﻋﻠﻤﺎء اﻷﺼول َﻤن ﺴﻠك ﻤﺴﻠ ًﻛﺎ ُﻤ ً
اﻷﺼول ،ﻫذا اﻟﻤﺴﻠك ﯿﻘوم ﻋﻠﻰ ﺘﻨﺎول ﻤﻘﺎﺼد اﻟﺸرﯿﻌﺔ اﻟﻌﺎﻤﺔ وﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟ ُﻛﻠﯿﱠﺔ ،ﻫذﻩ اﻟﻤﻘﺎﺼد وﺘﻠك
اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ إﻨﻤﺎ ﺠﺎءت اﻟﺸرﯿﻌﺔ ﻟﺤﻤﺎﯿﺘﻬﺎ وﻤراﻋﺎﺘﻬﺎ ،وﻗد ﻛﺎﻨت ﺒﺤوث أﺼول اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻻ ﺘُ ْﻌ َﻨﻰ ﺒﻬذا
780ﻫـ؛ ﻓﻘد اﺘﺠﻪ اﻟﺠﺎﻨب وﻻ ﺘﺘﻨﺎوﻟﻪ ،و ِﻤن ﻫؤﻻء اﻹﻤﺎم أﺒو إﺴﺤﺎق اﻟﺸﺎطﺒﻲ اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ اﻟﻤﺘوﻓﻰ ﺴﻨﺔ
) اﻟﻤواﻓﻘﺎت ( ﻤن وﯿﻌ ﱡد ﻛﺘﺎﺒﻪ
اﻹﻤﺎم اﻟﺸﺎطﺒﻲ إﻟﻰ اﻟﻌﻨﺎﯿﺔ ﺒﺄﺴرار اﻟﺘﺸرﯿﻊ ،وﺘوﻀﯿﺢ ﻤﻘﺎﺼد اﻟﺸﺎرعُ ،
ِ
دءا ﻟﻤﻨﻬﺞ ﺠدﯿد ﻤن اﻷﺼول ﯿﻐﺎﯿر اﻟﻤﻨﺎﻫﺞ اﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻤن ﻗﺒل .ب ﻓﻲ اﻷﺼول ،ﻛﻤﺎ ُﯿﻌ ﱡد َﺒ ً
أﻋظم ﻤﺎ ُﻛﺘ َ
-2أﻫم اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت اﻷﺼوﻟﯿﺔ :
أن ﺒﱠﯿﱠﻨﺎ ،ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺘﺠﺎﻫﺎن أﺴﺎﺴﯿﱠﺎن ﻓﻲ اﻟﺒﺤث واﻟﺘﺄﻟﯿف ﻓﻲ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ،ﻫﻤﺎ اﺘﺠﺎﻩ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﱠﺔ ﻛﻤﺎ ﺴﺒق ْ
طِﻠق ﻋﻠﯿﻪ ،واﻻﺘﺠﺎﻩ اﻟﺜﺎﻨﻲ اﻟذي ُﻋ ِرف ﺒطرﯿﻘﺔ اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ،ﺜم ﻛﺎﻨت طرﯿﻘﺔ
أو اﻟﺠﻤﻬور أو اﻟﻤﺘﻛﻠﱢﻤﯿن ﻛﻤﺎ أُ ْ
ﺠدﯿدا ﻓﻲ
ً ﻨﺤﻰ
أﺨﯿر ﺘﻨﺎوﻟﻨﺎ ﺒﺈﯿﺠﺎز طرﯿﻘﺔ" اﻟﺸﺎطﺒﻲ "اﻟذي َﻨﺤﺎ َﻤ ً ﱢ
اﻟﻤﺘﺄﺨرﯿن اﻟﺘﻲ ﺠﻤﻌت ﺒﯿن اﻟطرﯿﻘﺘﯿن ،و ًا
ﻀﻊ اﻟﺒﺎﺤﺜون ﻓﻲ ﱟ
ﻛل ﻤﻨﻬﺎ ُﻛﺘًُﺒﺎ ﻋﻠﻰ طرﯿﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺤث اﻟﺒﺤث ﻓﻲ ﻋﻠم اﻷﺼول ،وﻫذﻩ اﻻﺘﺠﺎﻫﺎت ﻗد َو َ َ
ﻌت ﻓﻲ ﱢ
ﻛل اﺘﱢﺠﺎﻩ ﻀ ْ واﻟﺘﺄﻟﯿف ﻋﺒر ﻤراﺤل ﺘﺎرﯿﺦ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ،وﻨورد ﻫﻨﺎ أﺸﻬر اﻟ ُﻛﺘب اﻟﺘﻲ و ِ
ُ
أوﻻً :ﻤؤﻟﻔﺎت طرﯿﻘﺔ اﻟﺸﺎﻓﻌﯿﺔ
"-1اﻟﻌﻬد"؛ ﻟﻠﻘﺎﻀﻲ ﻋﺒداﻟﺠﺒﺎر اﻟﻤﻌﺘزﻟﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )415ﻫـ(
"-2اﻟﻤﻌﺘﻤد"؛ ﻷﺒﻲ اﻟﺤﺴﯿن اﻟﺒﺼري اﻟﻤﻌﺘزﻟﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )463ﻫـ(
"-3اﻟﺒرﻫﺎن"؛ ﻷﺒﻲ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ اﻟﺠوﯿﻨﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )478ﻫـ(
"-4اﻟﻤﺴﺘﺼﻔﻰ"؛ ﻷﺒﻲ ﺤﺎﻤد اﻟﻐزاﻟﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )505ﻫـ(
"-5اﻟﻤﺤﺼول"؛ ﻟﻔﺨر اﻟدﯿن اﻟرازي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )606ﻫـ(
"-6اﻹﺤﻛﺎم"؛ ﻟﺴﯿف اﻟدﯿن اﻵﻤدي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )631ﻫـ(
"-7ﻤﻨﻬﺎج اﻟوﺼول"؛ ﻟﻠﺒﯿﻀﺎوي ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ ) 685ﻫـ(
"-8اﻟﺘﻨﻘﯿﺤﺎت"؛ ﻟﻠﻘراﻓﻲ اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )684ﻫـ(
"-9ﻤﻨﺘﻬﻰ اﻟﺴول"؛ ﻻﺒن اﻟﺤﺎﺠب اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )646ﻫـ(
ﺜﺎﻨﯿﺎً :ﻤؤﻟﻔﺎت طرﯿﻘﺔ اﻟﺤﻨﻔﯿﱠﺔ
"-1أﺼول اﻟﻛرﺨﻲ ":أﺒﻲ اﻟﺤﺴﯿن ﺒن ﻋﺒﯿداﷲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )340ﻫـ(
"-2أﺼول اﻟﺠﺼﺎص ":أﺒﻲ ﺒﻛر أﺤﻤد ﺒن ﻋﻠﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )378ﻫـ(
"-3ﺘﻘوﯿم اﻷدﻟﺔ"؛ ﻷﺒﻲ زﯿد اﻟدﺒوﺴﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )340ﻫـ(
"-4ﺘﻤﻬﯿد اﻟﻔﺼول"؛ ﻟﻠﺴ َﱠر ْﺨ ِﺴﻲ ﻤﺤﻤد ﺒن أﺤﻤد ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ ) 428ﻫـ(
"-5اﻷﺼول"؛ ﻟﻌﻠﻲ ﺒن أﺤﻤد اﻟﺒزدوي ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )482ﻫـ(.
"-6ﻛﺸف اﻷﺴرار"؛ ﻟﻌﺒداﻟﻌزﯿز اﻟﺒﺨﺎري ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )730ﻫـ(.
"-7ﺘﺨرﯿﺞ اﻟﻔروع ﻋﻠﻰ اﻷﺼول"؛ ﻟﻠزﻨﺠﺎﻨﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )656ﻫـ(
"-8اﻟﺘﻤﻬﯿد"؛ ﻟﺠﻤﺎل اﻟدﯿن ْ
اﻹﺴ َﻨوي اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )772ﻫـ(
"-9ﺘﻨﻘﯿﺢ اﻟﻔﺼول"؛ ﻟﻠﻘراﻓﻲ اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ ) 684ﻫـ(
"-10اﻟﻘواﻋد"؛ ﻷﺒﻲ اﻟﺤﺴن اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )830ﻫـ(
ﺜﺎﻟﺜﺎ :ﻤؤﻟﻔﺎت الطرﯿﻘﺔ اﻟﺠﺎﻤﻌﺔ
"-1ﺒدﯿﻊ اﻟﻨظﺎم"؛ ﻟﻤظﻔر اﻟدﯿن اﻟﺴﺎﻋﺎﺘﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )694ﻫـ(
"-2ﺠﻤﻊ اﻟﺠواﻤﻊ"؛ ﻟﻠﺴﺒﻛﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )771ﻫـ(
"-3ﺘﻨﻘﯿﺢ اﻷﺼول"؛ ﻟﺼدر اﻟﺸرﯿﻌﺔ اﻟﺤﻨﻔﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )654ﻫـ(
"-4اﻟﺘﺤرﯿر"؛ ﻟﻠﻛﻤﺎل ﺒن اﻟﻬﻤﺎم اﻟﺤﻨﻔﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )861ﻫـ(
"-5ﻤﺴﻠم اﻟﺜﺒوت"؛ ﻟﻤﺤب اﻟدﯿن ﻋﺒداﻟﺸﻛور ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )1119ﻫـ(
"-6إرﺸﺎد اﻟﻔﺤول"؛ ﻟﻠﺸوﻛﺎﻨﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )1250ﻫـ(
راﺒﻌﺎ :ﻤؤﻟﻔﺎت اﻫﺘ ﱠﻤت ﺒﻤﻘﺎﺼد اﻟﺸرﯿﻌﺔ وﻨظرﯿﺎت اﻷﺤﻛﺎم
"-1اﻟﻤواﻓﻘﺎت ﻓﻲ أﺼول اﻟﺸرﯿﻌﺔ"؛ ﻟﻠﺸﺎطﺒﻲ اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )790ﻫـ(
"-2اﻷﺸﺒﺎﻩ واﻟﻨظﺎﺌر"؛ ﻟﺘﺎج اﻟدﯿن اﻟﺴﺒﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )772ﻫـ(
- "-3ﻗواﻋد اﻷﺤﻛﺎم"؛ ﻟﻌز اﻟدﯿن ﺒن ﻋﺒداﻟﺴﻼم ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )660ﻫـ(
"-4اﻟﻘواﻋد اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ"؛ ﻻﺒن رﺠب اﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )795ﻫـ(
"-5ﻤﻨﺜور اﻟﻘواﻋد"؛ ﻟﺒدر اﻟدﯿن اﻟزرﻛﺸﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )794ﻫـ(
"-6اﻷﺸﺒﺎﻩ واﻟﻨظﺎﺌر"؛ ﻟﺠﻼل اﻟدﯿن اﻟﺴﯿوطﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )911ﻫـ(
"-7اﻟﻔروق"؛ ﻟﺸﻬﺎب اﻟدﯿن اﻟﻘَراﻓﻲ اﻟﻤﺎﻟﻛﻲ ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )684هـ(
ﺨﺎﻤﺴﺎ :ﻤؤﻟﻔﺎت ﺤدﯿﺜﺔ
وﻤﻊ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺤدﯿﺜﺔ اﻟﺘﻲ دﺒﱠت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻹﺴﻼﻤﻲ ﺒﻌد ﻋﺼور اﻟﺠﻤود واﻟﺘﻘﻠﯿد ،وﻤﻊ ﺒزوغ اﻟﻨﻬﻀﺔ
ﺘﻘرب ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ ،وﺘﯿﺴﱢر ﻋﻠﻰ اﻟطﻼبﻋدد ﻤن اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت اﻟﺤدﯿﺜﺔ ﻓﻲ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﱢ
اﻟﻔﻘﻬﯿﱠﺔ ﻤن ﺠدﯿد ،ظﻬر ٌ
َد ْر َﺴﻪ .
وﻤن أﺸﻬر ﻫذﻩ اﻟﻤؤﻟﱠﻔﺎت :
"-1أﺼول اﻟﻔﻘﻪ"؛ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻤﺤﻤد اﻟﺨﻀري ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )1345ﻫـ(
"-2ﻋﻠم أﺼول اﻟﻔﻘﻪ"؛ ﻟﻠﺸﯿﺦ ﻋﺒداﻟوﻫﺎب ﺨﻼف ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )1955م(
"-3أﺼول اﻟﻔﻘﻪ"؛ ﻟﻸﺴﺘﺎذ اﻟﺸﯿﺦ ﻤﺤﻤد أﺒﻲ زﻫرة ،اﻟﻤﺘوﻓﻰ )1974م(
-4أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ﺘﺎرﯿﺨﻪ ورﺠﺎﻟﻪ ،ﻤﺤﻤد ﺸﻌﺒﺎن
-5اﻟوﺠﯿز ﻓﻲ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ،ﻋﺒد اﻟﻛرﯿم زﯿدان
-6اﻟوﺠﯿز ﻓﻲ أﺼول اﻟﻔﻘﻪ ،وﻫﺒﺔ اﻟزﺤﯿﻠﻲ
اﻟﻤﺒﺤث الﺨﺎﻤس
اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ و أﻗﺴﺎﻤﻪ
8
ﺘﻌرﯿف اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ :
ﺘﻌرﯿف اﻟﺤﻛم ﻟﻐﺔ و اﺼطﻼﺤﺎ:
اﻟﺤﻛم ﻟﻐﺔ :اﻟﻤﻨﻊ وﻤﻨﻪ ﻗﯿل ﻟﻠﻘﻀﺎء ﺤﻛم ﻷﻨﻪ ﯿﻤﻨﻊ ﻤن ﻏﯿر اﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺒﻪ ،وﺴﻤﻲ اﻟﻘﺎﻀﻲ ﺤﺎﻛﻤﺎً ﻷﻨﻪ
ﯿﻤﻨﻊ ﻤن اﻟظﻠم ،وﺴﻤﻲ ﻟﺠﺎم اﻟداﺒﺔ ﺤﻛﻤﺔ ﻷﻨﻪ ﯿﻤﻨﻊ ﻤن ﺠﻤﺎﺤﻬﺎ.
ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ } :وﻟوﻻ ﻛﻠﻤﺔ ﺴﺒﻘت ﻤن رﺒك إﻟﻰ أﺠل ﻤﺴﻤﻰ ﻟﻘﻀﻲ ﺒﯿﻨﻬم ( ﺴورة اﻟﺸورى :اﻵﯿﺔ . 14أي
ﻟﻔﺼل وﺤﻛم ﺒﯿﻨﻬم .
وﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ } :وﻗﻀﻲ ﺒﯿﻨﻬم ﺒﺎﻟﺤق ( ﺴورة اﻟزﻤر :اﻵﯿﺔ 75أي ﺤﻛم .
اﻟﺤﻛم اﺼطﻼﺤﺎً:
ﻫو إﺜﺒﺎت أﻤر ﻷﻤر أو ﻨﻔﯿﻪ ﻋﻨﻪ.
أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻛم:
اﻟﺤﻛم اﻟﻌﻘﻠﻲ :ﻫو ﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻌﻘل ﻓﯿﻪ ﻤﻌرﻓﺔ ﻛﺎﻟواﺤد ﻨﺼف اﻻﺜﻨﯿن و اﻟﻛل أﻛﺒر ﻤن اﻟﺠزء.
اﻟﺤﻛم اﻟﻌﺎدي:ﻫو ﻤﺎ ﻛﺎن ﻤﺒﻨﺎﻩ اﻟﻌﺎدة )اﻟﺘﺠرﺒﺔ و اﻟﻤﺸﺎﻫدة( ،ﻤﺜل اﻟﻘواﻨﯿن اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟطب و اﻟﻔﯿزﯿﺎء و
اﻟﻛﯿﻤﯿﺎء
اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ:وﻫﻲ اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺘﻲ ﻤﺒﻨﺎﻫﺎ اﻟﺸرع و أدﻟﺘﻪ ،ﻤﺜل اﻟﺼﻼة واﺠﺒﺔ.
ﺘﻌرﯿف اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ :
ﻫو ﺨطﺎب اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ اﻟﻤﺘﻌﻠق ﺒﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ اﻟطﻠب أو اﻟﺘﺨﯿﯿر أو اﻟوﻀﻊ
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف :
اﻟﻤراد ) ﺒﺎﻟﺨطﺎب ( ﻤﺎ ﯿﺸﻤل ﺨطﺎب اﷲ وﺨطﺎب ﻏﯿرﻩ ﻤن اﻷﻨس واﻟﺠن واﻟﻤﻼﺌﻛﺔ ,وﺒﺈﻀﺎﻓﺔ ﻟﻔظ اﻟﺠﻼﻟﺔ
ﻗﯿد ﯿﺨرج ﺨطﺎب ﻏﯿر اﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ وﺘﻌﺎﻟﻰ
اﻟﻤراد )ﻤﺎ ﯿﺘﻌﻠق ﺒﺄﻓﻌﺎل اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن( اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ﺠﻤﻊ ﻤﻔردﻩ ﻤﻛﻠف ,واﻟﻤﻛﻠف ﻫو ﻛل ﺒﺎﻟﻎ ﻋﺎﻗل ﺒﻠﻐﺘﻪ اﻟدﻋوة
وﻛﺎن أﻫﻼً ﻟﻠﺨطﺎب ,وﻟم ﯿﻤﻨﻌﻪ ﻤن اﻟﺘﻛﻠﯿف ﻤﺎﻨﻊ .
اﻟشرع ﺘﺎرة ﯿﻘﺘﻀﻰ اﻟطﻠب وﺘﺎرة ﯿﻘﺘﻀﻰ
اﻟﻤراد )ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ اﻟطﻠب أو اﻟﺘﺨﯿﯿر أو اﻟوﻀﻊ( ﯿﻌﻨﻰ أن ﺨطﺎب ا
اﻟﺘﺨﯿﯿر وﺘﺎرة ﯿﻛون ﺸﯿﺌﺎً ﻤوﻀوﻋﺎً ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﺊ .
ﻓﺎﻟطﻠب ﯿدﺨل ﻓﯿﻪ اﻷﻤر واﻟﻨﻬﻰ ) اﻷﻤر طﻠب ﻓﻌل واﻟﻨﻬﻰ طﻠب ﺘرك ( وﻗد ﯿﻛون اﻟطﻠب ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻹﻟزام
وﻫو اﻟواﺠب أو ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻷﻓﻀﻠﯿﺔ وﻫو اﻟﻤﻨدوب ,وﻛذﻟك اﻟﻨﻬﻰ ﻗد ﯿﻛون ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻹﻟزام وﻫو اﻟﺤرام وﻗد
ﯿﻛون ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻷﻓﻀﻠﯿﺔ وﻫو اﻟﻤﻛروﻩ ,أﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻟﺘﺨﯿﯿر ﻓﻬو اﻟﻤﺒﺎح
اﻟشرع ﺸﯿﺌﺎً ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﺊ آﺨر ﻤﺜل اﻟﺸرط واﻟﺴﺒب واﻟماﻨﻊ واﻟﺼﺤﯿﺢ
وأﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ اﻟوﻀﻊ ﻓﻬو وﻀﻊ ا
واﻟﻔﺎﺴد .
اﻟﺸﺮﻋﻲ
اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺸﺮﻋﻲ
أﻗﺴﺎم اﻟﺤﻜﻢ
أﻗﺴﺎم
وﺿﻌﻲ ﺗﻜﻠﯿﻔﻲ
-1اﻟﺤﻛم اﻟﺘﻛﻠﯿﻔﻲ ﻤﻘﺼود ﺒﻪ ﺘﻛﻠﯿف اﻟﻤﻛﻠف أو ﺘﺨﯿﯿرﻩ ،أﻤﺎ اﻟﺤﻛم اﻟوﻀﻌﻲ ﻓﻠﯿس اﻟﻤﻘﺼود ﺒﻪ ﺘﻛﻠﯿف و
ﻻ ﺘﺨﯿﯿر ﻟﻠﻤﻛﻠف.
-2اﻟﺤﻛم اﻟﺘﻛﻠﯿﻔﻲ ﯿدﺨل ﻓﻲ ﻨطﺎق ﻗدرة اﻟﻤﻛﻠف و اﺴﺘطﺎﻋﺘﻪ ،أﻤﺎ اﻟﺤﻛم اﻟوﻀﻌﻲ ﻓﻤﻨﻪ ﻤﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗدرة
اﻟﻤﻛﻠف و اﺴﺘطﺎﻋﺘﻪ ،وﻤﻨﻪ ﻤﺎ ﻫو ﺨﺎرج ﻋن ﻨطﺎق ﻗدرة اﻟﻤﻛﻠف واﺴﺘطﺎﻋﺘﻪ.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺴﺎدس
اﻟواجـــــــب وأﻗﺴﺎم ــــــــــــــه
10
اﻟواﺠب و أﻗﺴﺎﻤﻪ
اﻟواﺠب ﻟﻐــــــــــــﺔ :اﻟﺴﺎﻗط واﻟﻼزم ﯿﻘﺎل :وﺠب اﻟﺒﯿﻊ أي ﻟزم اﻟﺒﯿﻊ ،وﯿﺄﺘﻲ ﺒﻤﻌﻨﻰ اﻟﺴﺎﻗط ﯿﻘﺎل :وﺠب اﻟﺤﺎﺌط إذا
ﺴﻘط وﻤﻨﻪ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ }:ﻓﺎذﻛروا اﺴم اﷲ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﺼواف ﻓﺈذا وﺠﺒت ﺠﻨوﺒﻬﺎ ﻓﻛﻠوا ﻤﻨﻬﺎ{ ﺴورة اﻟﺤﺞ :اﻵﯿﺔ ،36
أي إذا ﺴﻘطت ﻋﻠﻰ اﻷرض ﺒﻌد ﻨﺤرﻫﺎ.
اﺼطﻼﺤﺎً :ﻤﺎ ﯿﺜﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً وﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب ﺘﺎرﻛﻪ.
اﻟشرع ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام ﻓﯿﺜﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً وﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب ﺘﺎرﻛﻪ .
وﻗﯿل :ﻫو ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ ا
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف :
اﻟشرع وأﺒﺎﺤﻪ ﻓﯿﺨرج ﻤن ﻫذا اﻟﻘﯿد ﻛﻼً ﻤن اﻟﻤﺤرم واﻟﻤﻛروﻩ
اﻟشرع( ﯿﺨرج ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ ا
اﻟﻤراد )ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ ا
واﻟﻤﺒﺎح ،ﻷن اﻟﻤﺤرم واﻟﻤﻛروﻩ ﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ وﻟﯿس ﻤﺄﻤور ﺒﻪ ،واﻟﻤﺒﺎح ﻻ ﯿﺘﻌﻠق ﺒﻪ أﻤر وﻻ ﻨﻬﻲ .
اﻟشرع ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام وﻫو اﻟﻤﻨدوب .
اﻟﻤراد )ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام ( ﯿﺨرج ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ ا
اﻟﻤراد ) ﯿﺜﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً ( ﯿﺨرج ﺒﻪ ﻤن ﻓﻌﻠﻪ ﻻ اﻤﺘﺜﺎﻻً ﻟﻸﻤر ﻓﻼ ﺜواب ﻟﻪ .
اﻟﻤراد )ﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب ﺘﺎرﻛﻪ (أي إن ﺘﺎرﻛﻪ ﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب وﻟﻛن ﻗد ﯿﻌﻔو اﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘد ﯿﻌﺎﻗب وﻗد ﻻ.
أﻗﺴﺎم اﻟواﺠب :
ﯿﻤﻛن ﺘﻘﺴﯿم اﻟواﺠب ﺒﺎﻋﺘﺒﺎرات ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ :
) (1ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻤﻛﻠف )اﻟﻔﺎﻋل (:
وﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ واﺠب ﻋﯿني وواﺠب ﻛﻔﺎﺌﻲ :
اﻟواﺠب اﻟﻌﯿﻨﻲ :ـ ﻫو ﻤﺎ طﻠب ﻓﻌﻠﻪ ﻤن ﻛل واﺤد ﻤن اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ﺒﻌﯿﻨﻪ ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﯿﺎم ﻓﯿﺠب ﻋﻠﻰ ﻛل ﻓرد
ﻤﻛﻠف أن ﯿﺄﺘﻲ ﺒﻪ وﻻ ﯿﻐﻨﻲ ﻋن اﻟﻤﻛﻠف ﻗﯿﺎم ﻏﯿرﻩ ﻤن اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ﺒذﻟك اﻟواﺠب ،وﻻ ﯿﺴﻘط ﻋﻨﻪ إﻻ ﺒﺂداﺌﻪ ﻫذا
اﻟواﺠب ﺼﺤﯿﺤﺎ.
اﻟواﺠب اﻟﻛﻔﺎﺌﻲ :ﻤﺎ طﻠب ﻓﻌﻠﻪ ﻤن اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن ،ﺒﺤﻲث ﻟو ﻗﺎم ﺒﻪ ﻤن ﯿﻛﻔﻲ ﺴﻘط اﻹﺜم ﻋن اﻟﺒﺎﻗﯿن ,ﻓﺈن ﻟم ﯿﻘم
ﺒﻪ أﺤد أﺜﻤوا ﺠﻤﯿﻌﺄً ،ﻤﺜل :ﺼﻼة اﻟﺠﻨﺎزة ﻓﺈن ﻗﺎم ﺒﻪا ﺒﻌض اﻷﻤﺔ ﺴﻘط اﻹﺜم ﻋن اﻵﺨرﯿن أﻤﺎ إذا ﺘرﻛوﻩ ا
أﺜﻤوا ﺠﻤﯿﻌﺎً إذا ﻟم ﯿوﺠد إﻻ اﻟﻌدد اﻟذي ﯿﻘوم ﺒﻪا ،ﻷن ذﻟك ﯿﺘﺤول إﻟﻰ واﺠب ﻋﯿﻨﻲ .
ﻛذﻟك ﺘﻌﻠﯿم اﻟﻨﺎس أﻤور دﯿﻨﻬم ٕواﻓﺘﺎؤﻫم ﻓﯿﻤﺎ أﺸﻛل ﻋﻠﯿﻬم ،واﻟﻔﺼل ﺒﯿﻨﻬم ﻓﻲ ﺨﺼوﻤﺎﺘﻬم ،إذا ﻟم ﯿوﺠد إﻻ
ﻨﻔر ﻗﻠﯿل ﻤﻤن ﺘﺘوﻓر ﻓﯿﻬم اﻟﺸروط ،ﻓﺈﻨﻪ ﯿﺠب ﻋﻠﯿﻬم أن ﯿﻘوﻤوا ﺒﻬذﻩ اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﯿل اﻟﺘﻌﯿﯿن .
) (2ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر وﻗت أداﺌﻪ :
وﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن واﺠب ﻤطﻠق وواﺠب ﻤؤﻗت :
اﻟواﺠب اﻟﻤطﻠق :وﻫو ﻤﺎ طﻠب ا
اﻟشرع ﻓﻌﻠﻪ و ﻟم ﯿﻌﯿن ﻟﻪ زﻤﻨﺎ وﻻ وﻗﺘﺎ ﻤﻌﯿﻨﺎ ﻵداﺌﻪ ،ﻤﺜل اﻟﻛﻔﺎرات ﻓﺈن وﺠﺒت
ﻛﻔﺎرة اﻟﯿﻤﯿن ﻋﻠﻰ ﺸﺨص ﻓﺈن ﻟﻪ أن ﯿؤدﯿﻬﺎ ﻤﺘﻰ ﺸﺎء .
اﻟواﺠب اﻟﻤؤﻗت :ﻤﺎ طﻠب اﻟﺸﺎرع أداﺌﻪ وﻋﯿن ﻟﻬذا اﻷداء وﻗﺘﺎً ﻤﺤدداً ﻛﺎﻟﺼﻠوات اﻟﺨﻤس وﺼﯿﺎم رﻤﻀﺎن
اﻟذي أوﺠﺒﻪ اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﻘوﻟﻪ } :ﯿﺄﯿﻬﺎ اﻟذﯿن ءاﻤﻨوا ﻛﺘب ﻋﻠﯿﻛم اﻟﺼﯿﺎم ﻛﻤﺎ ﻛﺘب ﻋﻠﻰ اﻟذﯿن ﻤن ﻗﺒﻠﻛم ﻟﻌﻠﻛم
ﺘﺘﻘون { ﺴورة اﻟﺒﻘرة :اﻵﯿﺔ .183ﻓﺈن ﺸﻬر رﻤﻀﺎن ﻻ ﯿﺘﺴﻊ ﻟﻐﯿر ﺼﯿﺎﻤﻪ ،ﻷن اﻟﺸﻬر ﻻ ﯿﻤﻛن أن ﯿﺼﺎم
31
ﻤرﺘﯿن ،وﻟذﻟك ﺴﻤﻲ ﻤﻀﯿﻘﺎً وﻟذا ﯿﺠب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻛﻠف أن ﯿﺼوم ﻫذا اﻟﺸﻬر ،وﻻ ﯿﺠوز ﻟﻪ اﻟﺘﺄﺨﯿر إﻻ ﻟﻌذر
ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ } :ﻓﻤن ﺸﻬد ﻤﻨﻛم اﻟﺸﻬر ﻓﻠﯿﺼﻤﻪ وﻤن ﻛﺎن ﻤرﯿﻀﺎً أو ﻋﻠﻰ ﺴﻔر ﻓﻌدة ﻤن أﯿﺎم أﺨر {
ﺴورة اﻟﺒﻘرة :اﻵﯿﺔ .185
واﻟواﺠب اﻟﻤؤﻗت إذا ﻛﺎن وﻗﺘﻪ ﯿﺴﻌﻪ و ﯿزﯿد ﻋﻠﯿﻪ ﻛﺄوﻗﺎت اﻟﺼﻠوات اﻟﺨﻤس ﺴﻤﻲ ﻤوﺴﻌﺎ .
وان ﻛﺎن وﻗﺘﻪ ﻻ ﯿﺴﻊ إﻻ أداء اﻟواﺠب ﺴﻤﻲ ﻤﻀﯿﻘﺎ ،ﻤﺜل اﻟﺼوم اﻟذي ﻫو ﻤن طﻠوع اﻟﻔﺠر إﻟﻰ اﻟﻐروب
وﻤن أول اﻟﺸﻬر إﻟﻰ آﺨرﻩ
(3ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻔﻌل ﻨﻔﺴﻪ )اﻟﻤﻛﻠف ﺒﻪ ( :
وﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن واﺠب ﻤﻌﯿن وواﺠب ﻤﺨﯿر :
اﻟواﺠب اﻟﻤﻌﯿن :ﻤﺎ طﻠب اﻟﺸﺎرع ﻤن اﻟﻤﻛﻠف ﻓﻌﻠﻪ ﺒﻌﯿﻨﻪ .ﻤﺜل :اﻟﺼﻼة ،واﻟزﻛﺎة ،واﻟﺼوم ،ﻓﺈن اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ
ﻗد طﻠب ﻤن اﻟﻤﻛﻠف أن ﯿﺄﺘﻲ ﺒﻬذﻩ اﻟﻌﺒﺎدات ﺒﻌﯿﻨﻬﺎ ،وﻻ ﯿﺠوز أن ﯿﺄﺘﻲ ﺒﺒدل ﻋﻨﻬﺎ.
اﻟواﺠب اﻟﻤﺨﯿر :ﻫو ﻤﺎ طﻠب اﻟﺸﺎرع ﻤن اﻟﻤﻛﻠف أن ﯿﺄﺘﻲ ﺒﺄﻤر ﻤن أﻤور ﻤﻌﯿﻨﺔ ﻤﺜل :ﺨﺼﺎل ﻛﻔﺎرة اﻟﯿﻤﯿن
ﻓﻘد أوﺠب اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻤن ﺤﻨث ﻓﻲ ﯿﻤﯿﻨﻪ أن ﯿﻛﻔر ﺒﺨﺼﻠﺔ ﻤن ﺨﺼﺎل ﺜﻼث ،ﻫﻲ اﻟﻤذﻛورة ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ
ﻤسﻛﯿن ﻤن
ﻓﻛفرﺘﻪ إطﻌﺎم ﻋﺸرة ا
ﺘﻌﺎﻟﻰ} ﻻ ﯿؤاﺨذﻛم اﷲ ﺒﺎﻟﻠﻐو ﻓﻲ أﯿﻤﻨﻛم وﻟﻛن ﯿؤاﺨذﻛم ﺒﻤﺎ ﻋﻘدﺘم اﻷﯿﻤن ا
أوﺴط ﻤﺎ ﺘطﻌﻤون أﻫﻠﯿﻛم أو ﻛﺴوﺘﻬم أو ﺘﺤرﯿر رﻗﺒﺔ{ ﺴورة اﻟﻤﺎﺌدة :اﻵﯿﺔ . 89
ﻓﻘد ذﻛر اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻵﯿﺔ أي اﻟواﺠب واﺤد ﻤن أﻤور ﺜﻼﺜﺔ :اﻹطﻌﺎم ،أو اﻟﻛﺴوة ,أو اﻟﻌﺘق ،ﻓﺈذا أﺘﻰ
اﻟﻤﻛﻠف ﺒواﺤد ﻤن ﻫذﻩ اﻟﺜﻼﺜﺔ ﻓﻘد ﺨرج ﻤن ﻋﻬدة اﻟﺘﻛﻠﯿف وﺒرﺌت ذﻤﺘﻪ.
) (2ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر ﺘﺤدﯿدﻩ و ﻋدم ﺘﺤدﯿدﻩ
ﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻤﺤدد و ﻏﯿر ﻤﺤدد
اﻟواﺠب اﻟﻤﺤدد :ﻫو ﻤﺎ ﻋﯿن ﻟﻪ اﻟﺸﺎرع ﻤﻘدا ار ﻤﻌﻠوﻤﺎ ﺒﺤﯿث ﻻ ﺘﺒ أر ذﻤﺔ اﻟﻤﻛﻠف إﻻ ﺒﺂداء ذﻟك اﻟﻘدر اﻟذي
ﻋﯿﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ،ﻤﺜل ﻤﻘﺎدﯿر اﻟزﻛﺎة وﻋدد رﻛﻌﺎت ﻛل ﺼﻼة ،وأﯿﺎم ﺼوم رﻤﻀﺎن و اﻟﻛﻔﺎرات.
اﻟواﺠب ﻏﯿر اﻟﻤﺤدد :ﻫو ﻤﺎ ﻟم ﯿﻌﯿن ﻟﻪ اﻟﺸﺎرع ﻤﻘدا ار ،ﺒل طﻠﺒﻪ ﻤطﻠﻘﺎ ،ﻛﺎﻹﻨﻔﺎق ﻓﻲ ﺴﺒﯿل اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ،و
اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ اﻟﺒر و اﻟﺘﻘوى وﻏﯿرﻫﺎ..
اﻟﻔرق ﺒﯿن اﻟواﺠب واﻟﻔرض :
ذﻫب ﺠﻤﻬور اﻟﻔﻘﻬﺎء إﻟﻰ أن ﻻ ﻓرق ﺒﯿن اﻟﻔرض واﻟواﺠب وﻗﺎﻟوا إن ﻫذﯿن اﻟﻠﻔظﯿن ﻤﺘرادﻓﯿن ,وذﻫب ﻓرﯿق
آﺨر ﻤن اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ أن اﻟﻔرض ﻏﯿر اﻟواﺠب افﻟﻔرض ﻤﺎ ﺜﺒت ﺒدﻟﯿل ﻗطﻌﻲ ,واﻟواﺠب ﻤﺎ ﺜﺒت ﺒدﻟﯿل ظﻨﻲ .
وﻋﻠﻰ ﻫذا ﯿﻛون ﻤن ﺘرك ﻗراءة ﺸﺊ ﻤن اﻟﻘرآن ﻓﻲ اﻟﺼﻼة ﺘﻛون ﺼﻼﺘﻪ ﺒﺎطﻠﺔ ,ﻷن اﻟﻘراءة ﻓرض ﻟﺜﺒوﺘﻬﺎ
ﺒدﻟﯿل ﻗطﻌﻲ وﻫو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ}ﻓﺎﻗرءوا ﻤﺎ ﺘﯿﺴر ﻤن اﻟﻘرآن {ﺴورة اﻟﻤزﻤل :اﻵﯿﺔ . 20
وأﻤﺎ ﻤن ﺘرك ﻗراءة اﻟﻔﺎﺘﺤﺔ ﻓﻘط ﻓﺈن ﺼﻼﺘﻪ ﺘﻛون ﺼﺤﯿﺤﺔ ﻷن ﻗراءﺘﻬﺎ ﻟﯿﺴت ﻓرﻀﺎً ٕواﻨﻤﺎ ﻫﻲ واﺠﺒﺔ ﻓﻘط ,
ﻷﻨﻬﺎ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﺒدﻟﯿل ظﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺤدﯿث ﻋﺒﺎدة ﺒن اﻟﺼﺎﻤت ﻗﺎل ﻗﺎل رﺴول ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ وﺴﻠم } ﻻ ﺼﻼة
ﻟﻤن ﻟم ﯿﻘ أر ﺒﻔﺎﺘﺤﺔ اﻟﻛﺘﺎب {رواﻩ اﻟﺒﺨﺎري وﻤﺴﻠم.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺴﺎﺒﻊ
اﻟﻤﻨدوب واﻟﺤرام
11
أوﻻ :اﻟﻤﻨدوب
اﻟﻤﻨدوب ﻟﻐﺔ :ﻤن اﻟﻨدب إﻟﻲ اﻟﺸﻲء أي اﻟدﻋﺎء إﻟﯿﻪ .
اﺼطﻼﺤﺎ :ﻫو ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ اﻟﺸﺎرع ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام ﻓﯿﺜﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً وﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﺘﺎرﻛﻪ
ً
ﻛﺴﻨن اﻟرواﺘب.
أو ﻫو ﻤﺎ طﻠب اﻟﺸﺎرع ﻓﻌﻠﻪ ﻤن ﻏﯿر إﻟزام ،ﺒﺤﯿث ﯿﺜﺎب ﻓﺄﻋﻠﻪ وﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﺘﺎرﻛﻪ .أو ﻫو
اﻟﺨطﺎب اﻟذي ﯿﻘﺘﻀﻲ طﻠب ﻓﻌل ﻤن ﻏﯿر إﻟزام.
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف:
اﻟﻤراد )ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ اﻟﺸرع ( ﯿﺨرج ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸرع وأﺒﺎﺤﻪ ﻓﯿﺨرج ﻤن ﻫذا اﻟﻘﯿد ﻛﻼً ﻤن
اﻟﻤﺤرم واﻟﻤﻛروﻩ واﻟﻤﺒﺎح ،ﻷن اﻟﻤﺤرم واﻟﻤﻛروﻩ ﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ وﻟﯿس ﻤﺄﻤور ﺒﻪ ،واﻟﻤﺒﺎح ﻻ
ﯿﺘﻌﻠق ﺒﻪ أﻤر وﻻ ﻨﻬﻲ .
اﻟﻤراد )ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام( ﯿﺨرج ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ اﻟﺸﺎرع ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام وﻫو اﻟواﺠب.
اﻟﻤراد )ﻓﯿﺜﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً( ﯿﺨرج ﺒﻪ ﻤن ﻓﻌﻠﻪ ﻻ اﻤﺘﺜﺎﻻً ﻟﻸﻤر ﻓﻼ ﺜواب ﻟﻪ.
اﻟﻤراد )وﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﺘﺎرﻛﻪ ( أي إن ﺘﺎرك اﻟﻤﻨدوب ﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﻋﻠﻰ ﺘرﻛﻪ ﻟﻪ.
أﻗﺴﺎﻤﻪ:
ﯿﻨﻘﺴم اﻟﻤﻨدوب إﻟﻰ ﺜﻼﺜﺔ أﻗﺴﺎم :
-1اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤؤﻛدة :وﻫﻲ اﻟﻤﻨدوﺒﺎت اﻟﻤﻛﻤﻠﺔ ﻟﻠواﺠﺒﺎت ،وورد اﻟﺘﺄﻛﯿد ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ ،و اﺴﺘﺤق
ﺘﺎرﻛﻬﺎ ﻟوﻤﺎ و ﻋﺘﺎﺒﺎ ﺸرﻋﯿﺎ دون ﻋﻘﺎب ،ﻤﻤﺎ واﻀب ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻨﺒﻲ –ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم –و ﻟم
ﯿﺘرﻛﻪ إﻻ ﻨﺎد ار ﻟﯿدل ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺠوﺒﻪ ،وﯿﺴﻤﯿﻬﺎ اﻟﻤﺎﻟﻛﯿﺔ ﺴﻨﺔ ﻤؤﻛدة ،ﻛﺎﻵذان و ﺼﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ
و اﻟﻌﯿدﯿن و اﻟوﺘر وﻗراءة اﻟﻘرآن ﺒﻌد اﻟﻔﺎﺘﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة وﻏﯿرﻫﺎ.
-2اﻟرﻏﯿﺒﺔ )اﻟﻔﻀﯿﻠﺔ( :ﻗﺎل اﺒن رﺸد ) :ﻤﺎ داوم اﻟﻨﺒﻲ -ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم -ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻪ
ﺒﺼﻔﺔ اﻟﻨواﻓل ،أو رﻏب ﻓﯿﻪ ﺒﻘوﻟﻪ :ﻤن ﻓﻌل ﻛذا ﻓﻠﻪ ﻛذا ( ،ﻤﺜل رﻛﻌﺘﻲ اﻟﻔﺠر.
-3اﻟﻨواﻓل :و ﻫﻲ اﻟﺘطوﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﯿﻔﻌﻠﻬﺎ اﻟﻤﻛﻠف زاﺌدة ﻋﻠﻰ اﻟﻔراﺌض اﻟﻤﻛﺘوﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻼة و
اﻟﺼوم و اﻟزﻛﺎة و اﻟﺤﺞ ،ﻤﺜل ﻗﯿﺎم اﻟﻠﯿل و ﺼﻼة اﻟﻀﺤﻰ و ﺼﯿﺎم اﻻﺜﻨﯿن و اﻟﺨﻤﯿس و ﺜﻼﺜﺔ
أﯿﺎم ﻤن ﻛل ﺸﻬر و اﻟﺼدﻗﺔ و اﻟﻌﻤرة و اﻟﺤﺞ اﻟزاﺌد ﻋن اﻟﻔرض .
ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ :
إذا ﻛﺎن اﻟﻔﻌل ﻤﻨدوﺒﺎ ﺒﺎﻟﺠزء ﻛﺎن واﺠﺒﺎ ﺒﺎﻟﻛل ،
- 1
أي ﻋﻠﻰ ﻋﻤوم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻛﺎﻵذا ن ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺠد و ﺼﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ و ﺼﻼة اﻟﻌﯿدﯿن و ﺼدﻗﺔ
اﻟﺘطوع و اﻟوﺘر و اﻟﻔﺠر و اﻟﻌﻤرة و ﺴﺎﺌر اﻟﻨواﻓل ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻤﻨدوب إﻟﯿﻬﺎ ﺒﺎﻟﺠزء و ﻟو ﻓرض
ﺘرﻛﻬﺎ ﺠﻤﻠﺔ ﻟﺠرح اﻟﺘﺎرك ﻟﻬﺎ ،ﻛﻤن داوم ﻋﻠﻰ ﺘرك ﺼﻼة اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻼ ﺘﻘﺒل ﺸﻬﺎدﺘﻪ.
ﻫل ﯿﻠزم اﻟﻨﻔل ﺒﺎﻟﺸروع ﻓﯿﻪ أم ﻻ
- 2
ذﻫب ﺠﻤﻬور اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ أن اﻟﻨﻔل ﻻ ﯿﺼﯿر واﺠﺒﺎ ﺒﻤﺠرد اﻟﺸروع ﻓﯿﻪ ﺨﻼﻓﺎ ﻟﻠﺤﻨﻔﯿﺔ ،ﻓﻘد ورد
ﻓﻲ رواﯿﺔ اﻟﺒﺨﺎري ﻤن ﺤدﯿث ﺴﻠﻤﺎن رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻗوﻟﻪ ﻷﺒﻲ اﻟدرداء ﻟﻤﺎ ﻋرض ﻋﻠﯿﻪ
طﻌﺎﻤﺎ واﻋﺘذر ﻋن ﻋدم اﻷﻛل ﻤﻌﻪ ﺒﻛوﻨﻪ ﺼﺎﺌﻤﺎ ):ﻤﺎ أﻨﺎ ﺒﺂﻛل ﺤﺘﻰ ﺘﺄﻛل( ،ﻓﺄﻛل ﻤﻌﻪ أﺒو
اﻟدرداء و أﻗرﻩ اﻟﻨﺒﻲ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﻓﻲ ﺤدﯿث أم ﻫﺎﻨﺊ ﻷﺤﻤد و
اﻟﺘرﻤذي ﻗوﻟﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم )اﻟﺼﺎﺌم اﻟﻤﺘطوع أﻤﯿر ﻨﻔﺴﻪ ،إن ﺸﺎء ﺼﺎم و إن ﺸﺎء
أﻓطر (
وروت ﻋﺎﺌﺸﺔ رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﺎ أﻨﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم )ﻛﺎن ﺼﺎﺌﻤﺎ ﻓوﺠد ﻓﻲ ﺒﯿﺘﻪ طﻌﺎﻤﺎ
ﻗد أﻫدي إﻟﯿﻬم ﻓﺎﺸﺘﻬﺎﻩ ﻓﺄﻓطر(
ﺼﯿﻐﻪ :
- 1اﻟﺘرﻏﯿب ﻓﻲ اﻟﻔﻌل ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم":ﺨﯿرﻛم ﻤن ﺘﻌﻠم اﻟﻘرآن و ﻋﻠﻤﻪ".
- 2ذﻛر اﻟﺜواب ﻓﻲ اﻟﻔﻌل ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم" :ﻤن ﺒﻨﻰ ﻤﺴﺠدا ﺒﻨﻰ اﷲ ﻟﻪ ﺒﯿﺘﺎ ﻓﻲ
اﻟﺠﻨﺔ".
- 3اﻷﻤر ﻤﻊ اﻟﻘرﯿﻨﺔ اﻟﺼﺎرﻓﺔ ﻋن اﻟوﺠوب ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم":ﺼﻠوا ﻗﺒل
اﻟﻤﻐرب،ﺼﻠوا ﻗﺒل اﻟﻤﻐرب ،ﺜم ﻗﺎل ﻟﻤن ﺸﺎء".
-4ﻓﻌل اﻟﻨﺒﻲ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ﻟﻤﺎ ﯿﺘﻘرب ﺒﻪ دون دﻟﯿل ﯿدل ﻋﻠﻰ اﻟوﺠوب ،ﻛﺼﯿﺎﻤﻪ
ﯿوم اﻻﺜﻨﯿن و اﻟﺨﻤﯿس ،وﺜﻼﺜﺔ أﯿﺎم ﻤن ﻛل ﺸﻬر و ﻏﯿرﻫﺎ.
12
ﺜﺎﻨﯿﺎ :اﻟﺤرام
اﻟﺤرام ﻟﻐﺔ:
اﻟﻤﻤﻨوع ،أو اﻟﻤﺤرم ﻓﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌرب اﻟﻤﻤﻨوع ،ﻓﺈن اﻟﻌرب ﺘﻘول ﺤرﻤت ﻛذا أي ﻤﻨﻌﺘﻪ ،وﻤﻨﻪ ﺤرﯿم
اﻟﺒﺌر أي اﻟﺠزء اﻟذي ﯿﻛون ﻓﻲ ﺤدود اﻟﺒﺌر.
وﻤﻨﻪ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) :وﺤرﻤﻨﺎ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻤراﻀﻊ ﻤن ﻗﺒل ( اﻟﻘﺼص ،12وﻗوﻟﻪ ' :ﻗﺎل ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻤﺤرﻤﺔ
ﻋﻠﯿﻬم أرﺒﻌﯿن ﺴﻨﺔ( اﻟﻤﺎﺌدة.26
اﺼطﻼﺤﺎ :ﻫو ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام )ﯿﺜﺎب ﺘﺎرﻛﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً وﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب ً
ش ِﻓﻲ اﻷ َْر ِ
ض َﻤ َرﺤﺎً﴾اﻹﺴراء ( 37 ﻓﺎﻋﻠﻪ( .ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ):وﻻَ ﺘَ ْﻤ ِ
ْ َ
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف:
اﻟﻤ ارد)ﺒﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ( ﯿﺨرج ﻤﺎ أﻤر ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع وأﺒﺎﺤﻪ وﻫو اﻟواﺠب واﻟﻤﻨدوب واﻟﻤﺒﺎح.
اﻟﻤراد )ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام( ﯿﺨرج ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام وﻫو اﻟﻤﻛروﻩ.
اﻟﻤراد )ﯿﺜﺎب ﺘﺎرﻛﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً ( ﯿﺨرج ﺒﻪ ﻤن ﺘرﻛﻪ ﻻ اﻤﺘﺜﺎﻻً ﻟﻸﻤر ﻓﻼ ﺜواب ﻟﻪ.
اﻟﻤراد )ﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب ﻓﺎﻋﻠﻪ( أي أن ﻓﺎﻋﻠﻪ ﯿﺴﺘﺤق اﻟﻌﻘﺎب وﻟﻛن ﻗد ﯿﻌﻔو اﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘد ﯿﻌﺎﻗب
وﻗد ﻻ.
ﺼﯿﻐﺔ:
ﻟﻘد اﺨﺘﻠﻔت اﻷﺴﺎﻟﯿب واﻟﻌﺒﺎرات اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤرﯿم ﻓﻤن ذﻟك :
-1ﻤﺎدة اﻟﺘﺤرﯿم وﻤﺸﺘﻘﺎﺘﻬﺎ ،ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) ﺤرﻤت ﻋﻠﯿﻛم اﻟﻤﯿﺘﺔ ( اﻟﻤﺎﺌدة.3
-2ﺼﯿﻐﺔ اﻟﻨﻬﻲ إذا ﻟم ﯿﻘﺘرن ﺒﻘرﯿﻨﺔ ﺼﺎرﻓﺔ ﻋن ﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻨﻬﻲ ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) وﻻ ﺘﻘرﺒوا
اﻟزﻨﻰ ( اﻻﺴراء.32
-3ﺼﯿﻐﺔ اﻷﻤر اﻟﺘﻲ ﺘﻔﯿد اﻟﺘرك واﻟﻤﻨﻊ ﻤن ﻏﯿر أن ﺘﺼرﻓﻬﺎ ﻗرﯿﻨﺔ ﻋن اﻟﺘﺤرﯿم .ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ
ﺘﻌﺎﻟﻰ ) واﺠﺘﻨﺒوا ﻗول اﻟزور ( اﻟﺤﺞ30
-4اﺴﺘﻌﻤﺎل ﻟﻔظ ﻻ ﯿﺤل ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) ﻻ ﯿﺤل ﻟﻛم أن ﺘرﺜوا اﻟﻨﺴﺎء ﻛرﻫﺎ ( اﻟﻨﺴﺎء.19
-5أن ﯿرﺘب اﻟﺸﺎرع ﻋﻘوﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) إن اﻟذﯿن ﯿرﻤون اﻟﻤﺤﺼﻨﺎت
اﻟﻐﺎﻓﻼت اﻟﻤؤﻤﻨﺎت ﻟﻌﻨوا ﻓﻲ اﻟدﻨﯿﺎ واﻵﺨرة وﻟﻬم ﻋذاب ﻋظﯿم (اﻟﻨور. 23
أﻗﺴﺎﻤﻪ :ﯿﻨﻘﺴم اﻟﺤرام إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن:
ﺤرام ﻟذاﺘﻪ :ﻫو ﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﺤرﯿم ﻓﯿﻪ ﻟﺴﺒب ذاﺘﻲ ﻻ ﻟﺸﺊ آﺨر ﺨﺎرﺠﺎ ﻋﻨﻪ ،ﻤﺜل ﺘﺤرﯿم اﻟزﻨﻰ
و اﻟﺴرﻗﺔ و اﻟﻘﺘل و أﻛل اﻟﻤﯿﺘﺔ و ﺸرب اﻟﺨﻤر ،و اﻟﻤﺤرم ﻟذاﺘﻪ ﻻ ﯿﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﯿﻪ آﺜﺎر ﺸرﻋﯿﺔ
ﻛﺎﻟزﻨﻰ ﻻ ﯿﺜﺒت ﺒﻪ اﻟﻨﺴب و اﻹرث و اﻟﺴرﻗﺔ ﻻ ﺘﻛون ﺴﺒﺒﺎ ﻟﻠﻤﻠك وﻏﯿرﻫﺎ.
ﺤرام ﻟﻐﯿرﻩ :ﻫو ﻤﺎ ﻛﺎن ﻤﺸروﻋﺎ ﻓﻲ اﻷﺼل إﻻ أﻨﻪ اﻗﺘرن ﺒﻪ ﻋﺎرض اﻗﺘﻀﻰ ﺘﺤرﯿﻤﻪ،
ﻛﺼوم ﯿوم اﻟﻌﯿد ﻓﺎن اﻟﺼوم ﻤﺸروع ﺒﺎﻟوﺠوب أو اﻟﻨدب ،إﻻ أن اﻟﺘﺤرﯿم ﻋﺎرض ﻟﺴﺒب اﻟﻌﯿد
ﻷﻨﻪ ﯿم ﻓرح و ﺘوﺴﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔس ﻓﻲ اﻟﻤﺄﻛل و اﻟﻤﺸرب ،و اﻟﺤرام ﻟﻐﯿرﻩ ﺘﺘرﺘب ﻋﻠﯿﻪ آﺜﺎر
ﻋﻲ ،ﻛﺎﻟﺼﻼة ﻓﻲ اﻟدار اﻟﻤﻐﺼوﺒﺔ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﺒ أر ﺒﻬﺎ ذﻤﺔ اﻟﻤﺼﻠﻲ ﻤﻊ ﺘﺄﺜﯿﻤﻪ.
ﺸر ة
ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ:
ﻫل ﯿﻛون اﻟﺸﻲء اﻟواﺤد ﻤﺸروﻋﺎ و ﻏﯿر ﻤﺸروع ﻓﻲ آن واﺤد
اﻟوﺤدة ﺜﻼﺜﺔ أﻨواع:
وﺤدة اﻟﺠﻨس :ﻛﺎﻟﺤﯿوان ﺠﻨس واﺤد ،إﻻ أن ﻓﯿﻪ اﻟﺒﻌﯿر واﻟﻐﻨم و اﻟﺨﻨزﯿر ،ﻓﻬذﻩ اﻟﺤﯿواﻨﺎت
اﺘﺤدت ﺠﻨﺴﺎ واﺨﺘﻠﻔت ﻨوﻋﺎ ،ﻓﻼ ﻤﺎﻨﻊ ﻤن إﺒﺎﺤﺔ اﻟﻐﻨم واﻟﺒﻌﯿر وﺘﺤرﯿم اﻟﺨﻨزﯿر.
وﺤدة اﻟﻨوع :اﻟﺴﺠود ﻨوع واﺤد ﺴواء ﻛﺎن ﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ أو ﻛﺎن ﻟﺼﻨم ،ﻓﺎﻟﺴﺠود ﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ طﺎﻋﺔ
و ﻗرﺒﺔ واﺠﺒﺔ و اﻟﺴﺠود ﻟﻠﺼﻨم ﻛﻔر و ﻤﻌﺼﯿﺔ ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ " :ﻻ ﺘﺴﺠدوا ﻟﻠﺸﻤس و ﻻ
ﻟﻠﻘﻤر و اﺴﺠدوا ﷲ اﻟذي ﺨﻠﻘﻬن إن ﻛﻨﺘم إﯿﺎﻩ ﺘﻌﺒدون" ،ﻓﺼﻠت 37
وﺤدة اﻟﻌﯿن :ﻫو اﺠﺘﻤﺎع وﺼﻔﯿن أو ﺤﻛﻤﯿن ﻋﻠﻰ ﺸﻲء واﺤد ﻓﻲ ﻨﻔس اﻟوﻗت ،ﻛﺎﻟﺼﻼة ﻓﻲ
اﻷرض اﻟﻤﻐﺼوﺒﺔ ﻓﺎﺠﺘﻤﺎع وﺠوب اﻟﺼﻼة و ﺘﺤرﯿم اﻷرض اﻟﻤﻐﺼوﺒﺔ اﺠﺘﻤﺎع ﻤﺠﺎورة
ﺒﺤﯿث ﯿﻨﻔك أﺤدﻫﻤﺎ ﻋن اﻵﺨر ،ﻓﺘﻛون اﻟﺼﻼة ﺼﺤﯿﺤﺔ إذا اﺴﺘوﻓﻰ ﺸروطﻬﺎ و أرﻛﺎﻨﻬﺎ و
ﯿؤﺠر ﻋﻠﯿﻬﺎ ،وﯿﻛون ﻏﺼب اﻷرض ﻤﻌﺼﯿﺔ ﯿﻌﺎﻗب ﻋﻠﯿﻬﺎ.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺜﺎﻤن
اﻟﻤﻛروﻩ و اﻟﻤﺒﺎح
13
أوﻻ :اﻟﻤﻛروﻩ
اﻟﻤﻛروﻩ ﻟﻐﺔ:
اﺴم ﻤﻔﻌول ﻛرﻩ إذا أﺒﻐض اﻟﺸﻲء و ﻟم ﯿﺤﺒﻪ ،ﻓﻛل ﺒﻐﯿض إﻟﻰ اﻟﻨﻔس ﻓﻬو ﻤﻛروﻩ .
وﻤﻨﻪ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ” :ﻛل ذﻟك ﻛﺎن ﺴﯿﺌﻪ ﻋﻨد رﺒك ﻤﻛروﻫﺎ “ اﻹﺴراء ،38
اﺼطﻼﺤﺎ :ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام ﻓﯿﺜﺎب ﺘﺎرﻛﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً وﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﻓﺎﻋﻠﻪ.
ً
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف:
اﻟﻤراد )ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع( ﯿﺨرج ﻤﺎ أﻤر ﺒﻪ اﻟﺸﺎرع وأﺒﺎﺤﻪ وﻫو اﻟواﺠب واﻟﻤﻨدوب واﻟﻤﺒﺎح.
اﻟﻤراد )ﻻ ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام( ﯿﺨرج ﻤﺎ ﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﺎرع ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻹﻟزام وﻫو اﻟﻤﺤرم .
اﻟﻤراد )ﯿﺜﺎب ﺘﺎرﻛﻪ اﻤﺘﺜﺎﻻً( ﯿﺨرج ﺒﻪ ﻤن ﺘرﻛﻪ ﻻ اﻤﺘﺜﺎﻻً ﻟﻸﻤر ﻓﻼ ﺜواب ﻟﻪ .
اﻟﻤراد ) وﻻ ﯿﻌﺎﻗب ﻓﺎﻋﻠﻪ ( أي إن ﻓﺎﻋل اﻟﻤﻛروﻩ ﻻ ﯿﻌﺎﻗب وﻟﻛن ﻫذا ﻻ ﯿﻌﻨﻲ أن ﻨﺘﻬﺎون ﺒﺎﻟﻤﻛروﻩ .
ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ:
إذا ﻛﺎن اﻟﻔﻌل ﻤﻛروﻫﺎ ﺒﺎﻟﺠزء ،ﻛﺎن ﻤﻤﻨوﻋﺎ ﺒﺎﻟﻛل ،ﻛﺎﻟﻠﻌب ﺒﺎﻟﺸطرﻨﺞ و اﻟﻨرد ﺒﻐﯿر ﻤﻘﺎﻤرة ،
ﻓﺎن ﻤﺜل ﻫذﻩ اﻷﺸﯿﺎء إذا وﻗﻌت ﻋﻠﻰ ﻏﯿر ﻤداوﻤﺔ ﻟم ﺘﻘدح ﻓﻲ اﻟﻌداﻟﺔ ،ﻓﺎن داوم ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻗدﺤت
ﻓﻲ ﻋداﻟﺘﻪ وﻫذا دﻟﯿل اﻟﻤﻨﻊ.
14
ﺜﺎﻨﯿﺎ :اﻟﻤﺒﺎح
اﻟﻤﺒﺎح ﻟﻐﺔ:
اﻟﻤﻌﻠن واﻟﻤﺄذون ﻓﯿﻪ .
اﺼطﻼﺤﺎً:
ﻤﺎ ﺨﯿر اﻟﻤﻛﻠف ﺒﯿن ﻓﻌﻠﻪ وﺘرﻛﻪ.
وﻗﯿل ﻫو :ﻤﺎ ﻻ ﯿﺘﻌﻠق ﺒﻪ أﻤر وﻻ ﻨﻪى ﻟذاﺘﻪ ،أي ﻻ ﯿﺘرﺘب ﻋﻠﯿﻪ ﺜواب وﻻ ﻋﻘﺎب.
ﺸرح اﻟﺘﻌرﯿف:
اﻟﻤراد )ﻤﺎ ﻻ ﯿﺘﻌﻠق ﺒﻪ أﻤر ( ﺨرج ﺒﻪ اﻟواﺠب واﻟﻤﻨدوب.
اﻟﻤراد )وﻻ ﻨﻬﻰ ( ﺨرج ﺒﻪ اﻟﻤﺤرم واﻟﻤﻛروﻩ .
اﻟﻤراد ) ﻟذاﺘﻪ ( ﯿﺨرج ﻤﺎ ﻟو ﺘﻌﻠق ﺒﻪ أﻤر ﻟﻛوﻨﻪ وﺴﯿﻠﺔ ﻟﻤﺄﻤور ﺒﻪ أو ﻨﻬﻰ ﻟﻛوﻨﻪ وﺴﯿﻠﺔ ﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ
ﻓﺈن ﻟﻪ ﺤﻛم ﻤﺎ ﻛﺎن وﺴﯿﻠﺔ ﻟﻪ ﻤن ﻤﺄﻤور أو ﻤﻨﻬﻲ وﻫذا ﻻ ﯿﺨرج ﻋن ﻛوﻨﻪ ﻤﺒﺎح ﻓﻲ اﻷﺼل )ﻤﺜل
ﺸراء اﻟﻤﺎء اﻷﺼل ﻓﯿﻪ اﻹﺒﺎﺤﺔ ﻟﻛن إذا ﻛﺎن ﯿﺘوﻗف ﻋﻠﻰ اﻟوﻀوء ﻟﻠﺼﻼة ﺼﺎر ﺸراؤﻩ واﺠﺒﺎً ﻓﺈذا
أﻤر اﻟﺸرع ﺒﺸﻲء ﻓﻬو أﻤر ﺒﻪ و أﻤر ﺒﻤﺎ ﻻ ﯿﺘم إﻻ ﺒﻪ(
اﻟﻤراد )ﻻ ﯿﺘرﺘب ﻋﻠﯿﻪ ﺜواب وﻻ ﻋﻘﺎب( أي إن ﻓﻌﻠﻪ وﺘرﻛﻪ ﻻ ﯿﺘرﺘب ﻋﻠﯿﻪ ﻋﻘوﺒﺔ وﻻ ﺜواب
ﺼﯿﻎ اﻹﺒﺎﺤﺔ :
-1اﻟﻨص ﻋﻠﻰ ﻨﻔﻲ اﻟﺤرج ،ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) ﻟﯿس ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﻰ ﺤرج وﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻤرﯿض
ﺤرج(اﻟﻨور. 61
-2ﻨﻔﻲ اﻟﺠﻨﺎح ،ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ) وﻻ ﺠﻨﺎح ﻋﻠﯿﻛم ﻓﯿﻤﺎ ﻋرﻀﺘم ﺒﻪ ﻤن ﺨطﺒﺔ اﻟﻨﺴﺎء (اﻟﺒﻘرة. 235
3ﻨﻔﻲ اﻹﺜم واﻟﻤؤاﺨذة ،ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) واذﻛروا اﷲ ﻓﻲ ٍ
أﯿﺎم ﻤﻌدودات ﻓﻤن ﺘﻌﺠل ﻓﻲ ﯿوﻤﯿن
ﻓﻼ إﺜم ﻋﻠﯿﻪ( اﻟﺒﻘرة.203
-4اﻟﺘﺼرﯿﺢ ﺒﺎﻟﺤل ،ﻛﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) اﻟﯿوم أﺤل ﻟﻛم اﻟطﯿﺒﺎت ( اﻟﻤﺎﺌدة.5
-5أن ﺘرد ﺼﯿﻐﺔ اﻷﻤر ﻤﻊ اﻟﻘرﯿﻨﺔ اﻟﺼﺎرﻓﺔ ﻋن اﻟوﺠوب ،ﻨﺤو ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ) ﻛﻠوا واﺸرﺒوا ﻤن
رزق اﷲ (اﻟﺒﻘرة.60
أﻗﺴﺎﻤﻪ:
اﻟﻤﺒﺎح ﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن:
ﻤﺒﺎح إﺒﺎﺤﺔ ﺸرﻋﯿﺔ :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻋرﻓت ﻤن ﻗﺒل اﻟﺸرع ،ﻛﺈﺒﺎﺤﺔ ﺼﯿد اﻟﺒﺤر ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ:
"أﺤل ﻟﻛم ﺼﯿد اﻟﺒﺤر و طﻌﺎﻤﻪ"
ﻤﺒﺎح إﺒﺎﺤﺔ ﻋﻘﻠﯿﺔ :وﺘﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح اﻟﺒراءة اﻷﺼﻠﯿﺔ ،أي ﺒﻘﺎء اﻟﺸﻲء ﻤﺒﺎﺤﺎ و ﻻ ﻤؤاﺨذة
ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻪ ﺤﺘﻰ ﯿدل اﻟدﻟﯿل اﻟﺸرﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﺤرﯿﻤﻪ ،ﻛﺄﻛل اﻟرﺒﺎ ﻓﻬو ﻋﻠﻰ اﻟﺒراءة اﻷﺼﻠﯿﺔ ﺤﺘﻰ دل
دﻟﯿل ﺘﺤرﯿﻤﻪ ،ﯿﻘول ﺘﻌﺎﻟﻰ ":ﻓﻤن ﺠﺎءﻩ ﻤوﻋظﺔ ﻤن رﺒﻪ ﻓﺎﻨﺘﻬﻰ ﻓﻠﻪ ﻤﺎ ﺴﻠف و أﻤرﻩ إﻟﻰ اﷲ"
اﻟﺒﻘرة .275
ﻤﺴﺎﺌﻠﻪ:
اﻟﻤﺒﺎح ﺘﻌﺘرﻀﻪ ﻋوارض ﻫل ﺘﺨرﺠﻪ ﻋن أﺼل اﻹﺒﺎﺤﺔ؟��
اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﯿﻬﺎ ﺜﻼث ﺤﺎﻻت:
اﻷوﻟﻰ :أن ﯿﻀطر اﻟﻤﻛﻠف إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺎح ﻤﻊ وﺠود ﻋﺎرض ﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ،ﻛﺄن ﯿﻀطر ﻟﻠﻤﺄﻛل و ﻻ
ﺴﺒﯿل إﻟﯿﻪ إﻻ اﻟﻤﯿﺘﺔ أو ﻟﺤم اﻟﺨﻨزﯿر أو اﻟﻨطق ﺒﻛﻠﻤﺔ اﻟﻛﻔر إﺤﯿﺎء ﻟﻠﻨﻔس ،ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯿرﺠﻊ
إﻟﻰ أﺼل اﻹﺒﺎﺤﺔ ،و ﻋدم اﻋﺘﺒﺎر اﻟﻌﺎرض ،ﻷن اﻟﻤﺒﺎح ﺼﺎر واﺠﺒﺎ ﺒﺎﻻﻀطرار ،وﺘﺼﺒﺢ ﻤواﻗﻊ
اﻟﻀرورة ﻤﻐﺘﻔرة ﺸرﻋﺎ ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":ﻓﻤن اﻀطر ﻏﯿر ﺒﺎغ و ﻻ ﻋﺎد ﻓﻼ إﺜم ﻋﻠﯿﻪ إن اﷲ ﻏﻔور
رﺤﯿم" اﻟﺒﻘرة.173
اﻟﺜﺎﻨﯿﺔ :أﻻ ﯿﻀطر إﻟﯿﻪ و ﻟﻛن ﯿﻠﺤﻘﻪ ﺒﺎﻟﺘرك ﺤرج ،ﻓﺎﻟﻨظر اﻟﺼﺤﯿﺢ ﯿﻘﺘﻀﻲ اﻟرﺠوع إﻟﻰ أﺼل
اﻹﺒﺎﺤﺔ ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":وﻤﺎ ﺠﻊل ﻋﻠﯿﻛم ﻓﻲ اﻟدﯿن ﻤن ﺤرج" اﻟﺤﺞ .78
اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :أن ﻻ ﯿﻀطر إﻟﻰ أﺼل اﻟﻤﺒﺎح وﻻ ﯿﻠﺤق ﺒﺘرﻛﻪ ﺤرج ،ﻓﻬو ﻤﺤل اﺠﺘﻬﺎد وﻓﯿﻪ ﺘدﺨل
ﻗﺎﻋدة اﻟذراﺌﻊ ﺒﻨﺎء ﻋﻠﻰ أﺼل اﻟﺘﻌﺎون ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﻋﺔ أو اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺘﺎﺴﻊ
اﻟﺤﻛم اﻟوﻀﻌﻲ وأﻗﺴﺎﻤﻪ
15
اﻟﺤﻛم اﻟوﻀﻌﻲ و أﻗﺴﺎﻤﻪ
أوﻻ :ﺘﻌرﯿﻔﻪ
ﻤن ﺨﻼل ﺘﻌرﯿف اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ ﯿﻤﻛن أن ﻨﺴﺘﺨﻠص ﺘﻌرﯿف اﻟﺤﻛم اﻟوﻀﻌﻲ ،إذ ﻫو :
ﺨطﺎب اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﺠﻌل اﻟﺸﻲء ﺴﺒﺒﺎ ﻟﺸﻲء آﺨر أو ﺸرطﺎ أو ﻤﺎﻨﻌﺎ.
ﺜﺎﻨﯿﺎ :أﻗﺴﺎﻤﻪ
ﯿﻨﻘﺴم اﻟﺤﻛم اﻟﺸرﻋﻲ اﻟوﻀﻌﻲ إﻟﻰ ﺨﻤﺴﺔ أﻗﺴﺎم وﻫﻲ اﻟﺴﺒب ،اﻟﺸرط ،اﻟﻤﺎﻨﻊ ،اﻟﻌزﯿﻤﺔ
اﻟرﺨﺼﺔ ،واﻟﺼﺤﺔ و اﻟﺒطﻼن.
-1اﻟﺴﺒب :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :ﻤﺎ ﯿﺘوﺼل ﺒﻪ إﻟﻰ ﻏﯿرﻩ .
اﺼطﻼﺤﺎ :ﻫو اﻟوﺼف اﻟظﺎﻫر اﻟﻤﻨﻀﺒط ﺠﻌﻠﻪ اﻟﺸﺎرع ﻤﻌرﻓﺎ ﻟﺤﻛم ﺸرﻋﻲ ،ﺒﺤﯿث ﯿﻠزم ﻤن
وﺠودﻩ وﺠود اﻟﺤﻛم وﻤن ﻋدﻤﻪ ﻋدم اﻟﺤﻛم.
ﯿراد ﺒ ــ :اﻟوﺼف :اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟذي ﯿﻘﺎﺒل اﻟذات.
اﻟظﺎﻫر :اﻟﺸﻲء اﻟﻤﻌﻠوم ﻏﯿر اﻟﺨﻔﻲ.
اﻟﻤﻨﻀﺒط :اﻟﻤﺤدد اﻟذي ﻻ ﯿﺨﺘﻠف ﺒﺎﺨﺘﻼف اﻷﺸﺨﺎص و اﻷﺤوال.
ﻤﺜﺎﻟﻪ :اﻟﻘراﺒﺔ ﺴﺒب ﻟﺜﺒوت اﻟﻤﯿراث ،ﯿﻠزم ﻤن وﺠود اﻟﻘراﺒﺔ وﺠود اﻟﻤﯿراث و ﯿﻠزم ﻤن اﻨﻌدام اﻟﻘراﺒﺔ
اﻨﻌدام اﻟﻤﯿراث ،ﻤﺎ ﻟم ﯿوﺠد ﺴﺒب آﺨر ﻛﺎﻟزوﺠﯿﺔ.
و اﻟﺴﺒب ﻨوﻋﺎن - :ﻤﺎﻫو داﺨل ﻓﻲ ﻤﻘدور اﻟﻤﻛﻠف و ﻓﻌﻠﻪ :ﻛﺎﻟﻘﺘل اﻟﻌﻤد ﺴﺒب ﻟﻠﻘﺼﺎص.
-ﻤﺎ ﻟﯿس داﺨﻼ ﻓﻲ ﻤﻘدور اﻟﻤﻛﻠف وﻓﻌﻠﻪ:ﻛﺎﻟزوال أو اﻟﻐروب ﻓﻲ اﻟﺼﻼة.
-2اﻟﺸرط :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﻌﻼﻤﺔ
اﺼطﻼﺤﺎ :ﻫو اﻟوﺼف اﻟظﺎﻫر اﻟﻤﻨﻀﺒط اﻟذي ﯿﺘوﻗف ﻋﻠﯿﻪ وﺠود اﻟﺤﻛم ،ﻻ ﯿﻠزم ﻤن وﺠودﻩ
وﺠود اﻟﻤﺸروط وﻻ ﻋدﻤﻪ ،وﯿﻠزم ﻤن ﻋدﻤﻪ اﻨﻌدام اﻟﻤﺸروط.
ﻤﺜﺎﻟﻪ :اﻟطﻬﺎرة ﺸرط ﻟﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة ،إذ ﺘﺼﺢ اﻟﺼﻼة ﺒوﺠود اﻟطﻬﺎرة ،وﻻ ﯿﻠزم ﻤن وﺠود اﻟطﻬﺎرة
ﺼﺤﺔ اﻟﺼﻼة ،ﺤﯿث ﻗد ﻻ ﺘﺼﺢ ﻟﻌدم ﺘوﻓر ﺸرط آﺨر.
أﻨواﻋﻪ :اﻟﺸرط ﻨوﻋﺎن:
-ﺸرط ﺸرﻋﻲ :ﻤﺎ ﻛﺎن اﺸﺘراطﻪ ﺒﺤﻛم ﺸرﻋﻲ ،ﻛﺸروط اﻟﻌﺒﺎدات و اﻟﻌﻘود ٕواﻗﺎﻤﺔ اﻟﺤدود،
وﯿﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن:
ﺸرط إﺠزاء :وﻫو اﻟذي ﻻ ﯿﺼﺢ اﻟﻌﻤل إﻻ ﺒوﺠودﻩ ،ﻛﺎﻟوﻀوء ﺸرط ﻟﺼﺔ اﻟﺼﻼة.
ﺸرط ﻛﻤﺎل:وﻫو اﻟذي ﯿﺼﺢ اﻟﻌﻤل ﺒدون وﺠودﻩ ،ﻟﻛن ﻤطﻠوب ﻋﻠﻰ وﺠﻪ اﻟﺘﻤﺎم و
اﻟﻛﻤﺎل،ﻤﺜل ﻤﺤﺒﺔ اﻟﻤؤﻤﻨﯿن ﺸرط ﻟﻛﻤﺎل اﻹﯿﻤﺎن.
-ﺸرط ﺠﻌﻠﻲ:ﻫو اﻟذي ﯿﺠﻌﻠﻪ اﻟﻤﻛﻠف و ﯿﺼدر ﻋن إرادﺘﻪ ،ﻛﺎﻟﺸروط اﻟﺘﻲ ﯿﺸﺘرطﻬﺎ
اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﻘودﻫم واﻟﺘﻲ ﻓﯿﻬﺎ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﻟﻬم ﺒﺸرط أن ﻻ ﺘﺨﺎﻟف ﻤﻘﺘﻀﻰ اﻟﻌﻘد.
-3اﻟﻤﺎﻨﻊ:
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﺴم ﻓﺎﻋل ﻤن اﻟﻔﻌل ﻤﻨﻊ أي ﺤﺎل.
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﻫو اﻟوﺼف اﻟظﺎﻫر اﻟﻤﻨﻀﺒط ﺒﺤﯿث دل اﻟدﻟﯿل اﻟﺸرﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻛوﻨﻪ ﻤﺎﻨﻌﺎ ﻤن
ﺤﻛم ﺸرﻋﻲ.
ﻤﺜﺎﻟﻪ :اﺨﺘﻼف اﻟدﯿن ﺒﯿن اﻟزوج اﻟﻤﺘوﻓﻰ و زوﺠﺘﻪ اﻟﻨﺼراﻨﯿﺔ ﻫو ﻤﺎﻨﻊ ﻤن اﺴﺘﺤﻘﺎﻗﻬﺎ ﻓرض
اﻟزوﺠﺔ ﻤن اﻟﻤﯿراث رﻏم وﺠود اﻟﺴﺒب اﻟﻤورث و ﻫو اﻟزوﺠﯿﺔ و اﻟﺸرط ﻫو ﺤﯿﺎﺘﻬﺎ ﺒﻌد وﻓﺎة
اﻟزوج.
أﻨواﻋﻪ :اﻟﻤﺎﻨﻊ ﻨوﻋﺎن:
-ﻤﺎﻨﻊ وﺠوب :وﻫو ﻤﺎ ﯿﻤﻨﻊ ﻤن وﺠوب اﻟﺘﻛﻠﯿف ،ﻛوﺠود اﻟدﯿن ﻋﻠﻰ ﻤﺎﻟك اﻟﻨﺼﺎب ،ﻓﯿﻤﻨﻊ ﻤن
وﺠوب اﻟزﻛﺎة ﻋﻠﯿﻪ.
-ﻤﺎﻨﻊ ﺼﺤﺔ:ﻫو ﻤﺎ ﯿﻤﻨﻊ ﺼﺤﺔ اﻟﺘﺼرف ﺸرﻋﺎ ،ﻛوﺠود اﻟﻤرأة ﻓﻲ اﻟﻌدة ﯿﻤﻨﻊ ﻤن ﺼﺤﺔ ﻋﻘد
اﻟزواج ﻋﻠﯿﻬﺎ.
-4اﻟﺼﺤﺔ و اﻟﺒطﻼن:
اﻟﺼﺤﺔ :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﺴﻼﻤﺔ و ﻋدم اﻻﺨﺘﻼل .
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﻫﻲ آداء اﻟﻌﺒﺎدات أو اﻟﻤﻌﺎﻤﻼت ﻤﺴﺘوﻓﯿﺔ اﻷرﻛﺎن ﺘﺎﻤﺔ اﻟﺸروط اﻟﻤطﻠوﺒﺔ
ﺸرﻋﺎ.
وﺼﺤﺔ اﻟﻌﺒﺎدة ﻫو ﺴﻘوط وﺠوﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻛﻠف ،و ﺒراءة ذﻤﺘﻪ.
وﺼﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻤﻼت ﻫو ﺘرﺘب آﺜﺎرﻫﺎ اﻟﺸرﻋﯿﺔ ﻋﻠﯿﻬﺎ ،ﻛﺎﻨﺘﻘﺎل اﻟﻤﻠﻛﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻊ.
اﻟﺒطﻼن :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﻀﯿﺎع و اﻟﺨﺴران
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﻫو وﻗوع اﻟﻌﺒﺎدة أو اﻟﻤﻌﺎﻤﻠﺔ ﻤﺨﺘﻠﺔ ،ﻟﻌدم اﺴﺘﯿﻔﺎء أرﻛﺎﻨﻬﺎ أو ﺸروط ﺼﺤﺘﻬﺎ.
وﺒطﻼن اﻟﻌﺒﺎدة ﻫو ﻋدم اﺠزاﺌﻬﺎ ،وﻋدم ﺒراءة ذﻤﺔ اﻟﻤﻛﻠف.
وﺒطﻼن اﻟﻤﻌﺎﻤﻼت ﻫو ﻋدم ﺘرﺘب اﻵﺜﺎر اﻟﺸرﻋﯿﺔ ﻋﻠﯿﻪ.
اﻟﺼﺤﯿﺢ و اﻟﻔﺎﺴد و اﻟﺒﺎطل :
اﻟﺒطﻼن و اﻟﻔﺴﺎد ﻤﺘرادﻓﺎن ﻋﻨد اﻟﺠﻤﻬور ،إﻻ ﻓﻲ اﻟﻨﻛﺎح ،ﻓﯿﻘوﻟون ﻨﻛﺎح ﺒﺎطل وﻫو م أﺠﻤﻌت اﻷﻤﺔ
ﻋﻠﻰ ﺒطﻼﻨﻪ ﻛزواج اﻟرﺠل أﻤﻪ أو أﺨﺘﻪ ﻤن اﻟرﻀﺎع ،و اﻟﻔﺎﺴد ﻤن اﻟﻨﻛﺎح ﻤﺎ اﺨﺘﻠﻔوا ﻓﻲ ﻓﺴﺎدﻩ
ﻛﺎﻟﻨﻛﺎح ﺒﻐﯿر وﻟﻲ وﻤﺎ ﺴواﻩ ﻤن اﻟﻌﻘود ﻓﺎﻟﻔﺎﺴد ﻫو اﻟﺒﺎطل ﻟم ﯿﻨﻌﻘد أﺼﻼ.
وﻗد ﺨﺎﻟف اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﻓﻲ ذﻟك ،ﻓﺎﻟﺒﺎطل ﻫو ﻤﺎ ﻛﺎن أﺼﻠﻪ ﻤﺨﺘﻼ ﻟوﺠود ﺨﻠل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻗد أو اﻟﻤﻌﻘود ﻋﻠﯿﻪ
أو اﻟﺼﯿﻐﺔ ،و اﻟﻔﺎﺴد ﻫو ﻤﺎ اﺨﺘل وﺼﻔﻪ ﺒﻔﻘد ﺸرط ﻤن ﺸروطﻪ ،واﻟﻌﻘد اﻟﻔﺎﺴد ﻓﻲ ﻤرﺘﺒﺔ ﺒﯿن
اﻟﺼﺤﯿﺢ و اﻟﺒﺎطل.
وﻫذا اﻟﺘﻔرﯿق ﻋﻨد اﻟﺤﻨﻔﯿﺔ ﻤﺠﺎﻟﻪ اﻟﻌﻘود دون اﻟﻌﺒﺎدات ،ﻓﻬم ﯿﺘﻔﻘون ﻤﻊ اﻟﺠﻤﻬور ﻓﻲ أﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻛون إﻻ
ﺼﺤﯿﺤﺔ أو ﺒﺎطﻠﺔ.
-5اﻟﻌزﯿﻤﺔ و اﻟرﺨﺼﺔ:
اﻟﻌزﯿﻤﺔ :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﻘﺼد اﻟﻤؤﻛد
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﻫﻲ اﻟﺤﻛم اﻟوارد ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻏﯿر ﻤﻨظور ﻓﯿﻪ ﻟﻠﻌذر ،ﻛوﺠوب اﻟﺼﻼة ﺘﺎﻤﺔ ﻓﻲ
اﻷﺤوال اﻟﻌﺎدﯿﺔ ،ووﺠوب ﺼﯿﺎم رﻤﻀﺎن ،و ﺘﺤرﯿم أﻛل اﻟﻤﯿﺘﺔ.
اﻟرﺨﺼﺔ :ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﯿﺴﯿر و اﻟﺘﺴﻬﯿل
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﻫﻲ اﻟﺤﻛم اﻟوارد ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻷﺠل اﻟﻌذر،اﺴﺘﺜﻨﺎء ﻤن اﻟﻌزﯿﻤﺔ ،ﻛﺎﻟﻘﺼر ﻟﻠﻤﺴﺎﻓر ﻓﻲ
اﻟﺼﻼة ،و إﻓطﺎرﻩ ﻓﻲ رﻤﻀﺎن و أﻛل اﻟﻤﯿﺘﺔ ﻟﻠﻤﻀطر.
أﻗﺴﺎﻤﻬﺎ:
* ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر اﻟﻔﻌل و اﻟﺘرك :ﺘﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن:
-رﺨﺼﺔ ﻓﻌل :وﻫﻲ ﻤﺎ اﻗﺘﻀت إﺒﺎﺤﺔ ﻓﻌل ﻋﻠﻰ ﺨﻼف أﺼل ﻛﻠﻲ ﯿﻘﺘﻀﻲ اﻟﻤﻨﻊ ﻤﻨﻪ ،ﻛﺄﻛل
اﻟﻤﯿﺘﺔ و ﻟﺤم اﻟﺨﻨزﯿر ﺤﺎﻟﺔ اﻟﻀرورة.
-رﺨﺼﺔ ﺘرك :وﻫﻲ ﻤﺎ اﻗﺘﻀت إﺒﺎﺤﺔ ﺘرك ﻓﻌل ﻋﻠﻰ ﺨﻼف أﺼل ﻛﻠﻲ ﯿﻘﺘﻀﻲ طﻠب ﻓﻌﻠﻪ،
ﻛﺈﺒﺎﺤﺔ اﻟﻔطر و اﻟﻘﺼر ﻓﻲ اﻟﺴﻔر.
*ﺒﺎﻋﺘﺒﺎر أﺴﺒﺎﺒﻪ ا :ﺘﻨﻘﺴم إﻟﻰ ﻗﺴﻤﯿن:
-رﺨﺼﺔ ﺴﺒﺒﻬﺎ اﻟﻀرورة :وﻫﻲ ﻤﺎ ﺸرﻋت ﻟدﻓﻊ ﻀرورة ﻤن اﻟﻀرورات ،ﻋﻤﻼ ﺒﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ "
اﻟﻀرورات ﺘﺒﯿﺢ اﻟﻤﺤظورات" ،ﻛﺈﺒﺎﺤﺔ أﻛل اﻟﻤﯿﺘﺔ.
-رﺨﺼﺔ ﺴﺒﺒﻬﺎ اﻟﺤﺎﺠﺔ :ﻋﻤﻼ ﺒﺎﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻔﻘﻬﯿﺔ "اﻟﺤﺎﺠﺎت ﺘﻨزل ﻤﻨزﻟﺔ اﻟﻀرورات ﻓﻲ إﺒﺎﺤﺔ
اﻟﻤﺤظورات" ،ﺴواء ﻛﺎﻨت اﻟﺤﺎﺠﺔ ﻋﺎﻤﺔ أم ﺨﺎﺼﺔ ،ﻛﻌﻘود اﻟﺴﻠم و اﻹﺠﺎرة و اﻟﻤزارﻋﺔ و ﻏﯿرﻫﺎ.
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﻌﺎﺸر
اﻟﺤﺎﻛم و اﻟﻤﺤﻛوم ﻓﯿﻪ و اﻟﻤﺤﻛوم ﻋﻠﯿﻪ
16
أوﻻ :اﻟﺤﺎﻛم
*ﻤن ﻫو اﻟﺤﺎﻛم؟
أﺠﻤﻌت اﻷﻤﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺤﺎﻛم ﻫو اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ،و اﻷﺼل ﻓﻲ ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ " :إن اﻟﺤﻛم إﻻ ﷲ
" ﯿوﺴف ، 40وﻗوﻟﻪ" :و اﷲ ﯿﺤﻛم ﻻ ﻤﻌﻘب ﻟﺤﻛﻤﻪ" اﻟرﻋد ، 41وﺤق اﻟﺤﻛم ﷲ ﻨﺎﺸﺊ ﻤن
ﻛوﻨﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻫو اﻟﺨﺎﻟق ﻟﻬذا اﻟﻛون ﯿﺘﺼرف ﻓﯿﻪ ﻛﯿﻔﻤﺎ ﺸﺎء و ﺒﻤﺎ ﺸﺎء ،وﻫو ﯿﺠزي ﻋﻠﻰ اﻟطﺎﻋﺔ
إﺤﺴﺎﻨﺎ و ﻤﺜوﺒﺔ ،و ﻋﻠﻰ اﻹﺴﺎءة اﻟﻌﻘوﺒﺔ ﻓﻲ اﻟدﻨﯿﺎ أو اﻵﺨرة .
*اﻟﻌﻘل ﻟﯿس ﺒﺤﺎﻛم :
اﻟﻌﻘل ﻟﯿس ﺤﺎﻛﻤﺎ و اﻟﺜواب و اﻟﻌﻘﺎب اﻷﺨروﯿﺎن إﻨﻤﺎ ﯿﻌﻠﻤﺎن ﺒﺎﻟوﺤﻲ ،ﻓﻬﻤﺎ ﯿﺘﻌﻠﻘﺎن ﺒﺎﻟﺤﻛم
اﻟﺸرﻋﻲ اﻟوارد ﻤن اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻋن طرﯿق اﻟرﺴل ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":وﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻤﻌذﺒﯿن ﺤﺘﻰ ﻨﺒﻌث
رﺴوﻻ" اﻻﺴراء،15ودﻟﯿل ذﻟك أن اﻟﺨﻤر ﻓﻲ اﻷﺼل ﻛﺎﻨت ﻏﯿر ﻤﺤرﻤﺔ وﻋرف ﻀررﻫﺎ ﻛﺜﯿر ﻤن
اﻟﻌﻘﻼء ﻤن اﻟﺼﺤﺎﺒﺔ رﻀﻲ اﷲ ﻋﻨﻬم ﻓﺎﻤﺘﻨﻌوا ﻋن ﺸرﺒﻬﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﯿﻬﺎ ﻤن اﻟﻀرر ،ﻟﻛن ﻟم ﺘﺤرم إﻻ
ﺒﻌد ﻨزول ﻨص ﺸرﻋﻲ ﺒﺘﺤرﯿﻤﻬﺎ.
*اﻟرﺴول ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ﻟﯿس ﺒﺤﺎﻛم:
اﻟرﺴول ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ﻤﺒﻠﻎ ﻋن اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ أﺤﻛﺎﻤﻪ ،ﻓﻬو ﻟﯿس ﻤﺸرﻋﺎٕ ،واﻨﻤﺎ ﻫو ﻤﺒﻠﻎ
وﻨﺎﻗل و ﻤﺒﯿن ﻟﻠﺘﺸرﯿﻊ ،وأﺼل ذﻟك ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ":ﻓذﻛر إﻨﻤﺎ أﻨت ﻤذﻛر ﻟﺴت ﻋﻠﯿﻬم
ﺒﻤﺴﯿطر"اﻟﻐﺎﺸﯿﺔ ،22-21وﻗوﻟﻪ " :وأﻨزﻟﻨﺎ إﻟﯿك اﻟذﻛر ﻟﺘﺒﯿن ﻟﻠﻨﺎس ﻤﺎ ﻨزل إﻟﯿﻬم"اﻟﻨﺤل .44
*اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠف ﻓﯿﻬﺎ ﻻ ﺘﻌﻨﻲ أن ﺜﻤﺔ ﺤﻛﻤﺎ ﻏﯿر اﷲ:
إذا أﺠﻤﻌت اﻷﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﻤر ﻓﻠﯿس ﻤﻌﻨﺎﻩ أﻨﻬﺎ ﻗد ﺠﻌﻠﺘﻪ ﺸرﻋﺎ ،ﺒل ذﻟك ﯿﻌﻨﻲ أن ﺤﻛم اﷲ ﻓﻲ ﻫذﻩ
اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻫو ﻤﺎ أﺠﻤﻌوا ﻋﻠﯿﻪ ،وﻨﻔس اﻟﺸﻲء ﯿطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎس و ﻗول اﻟﺼﺤﺎﺒﻲ و اﻻﺴﺘﺤﺴﺎن
و ﻏﯿرﻫﺎ ﻤن اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠف ﻓﯿﻬﺎ ﻓﻬﻲ دﻻﺌل ﻋﻠﻰ ﺤﻛم اﷲ وﻟﯿست ﻤوﺠﺒﺔ ﻟﻸﺤﻛﺎم ﻟذاﺘﻬﺎ.
*اﻟﻤﺠﺘﻬدون ﻟﯿﺴوا ﺤﺎﻛﻤﯿن:
اﻟﻤﺠﺘﻬد إذا اﺴﺘﻨﺒط ﺤﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ اﺠﺘﻬﺎدﯿﺔ ،ﻓﻬو ﻟﯿس ﺤﺎﻛﻤﺎ ٕواﻨﻤﺎ ﻫو ﻤﺨﺒر ﻋن ﺤﻛم اﷲ
ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،وﻋﻠﻲه أن ﯿﻔﺘﻲ ﺒﻤﺎ ﻏﻠب ﻋﻠﻰ ظﻨﻪ أﻨﻪ اﻟﺤق وﯿﺒﯿﻨﻪ ﻟﻠﻨﺎس ﻗدر اﻟﺤﺎﺠﺔ،
وﻋﻠﯿﻪ أن ﯿﻛون ﻤﺘﺜﺒﺘﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯿﻘول ﻷﻨﻪ ﯿﺨﺒر ﻋن اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ أﻨﻪ أﺤل أو ﺤرم ،ﻓﯿﺤﻤﻠﻪ ﻫذا ﻋﻠﻰ
طﻠب اﻟدﻟﯿل ،ﻓﺎن ﻟم ﯿﺠد دﻟﯿﻼ ﺼﺤﯿﺤﺎ ﻛف ﻋن اﻟﻘول إﻻ ﻋﻨد اﻟﻀرورة وﯿﻘول ﻫذا رأﯿﻲ أو
أﺤب ﻛذاو أﻛرﻩ ﻛذا وﻻ ﯿﻨﺴﺒﻪ إﻟﻰ اﻟﺸرع.
17
ﺜﺎﻨﯿﺎ :اﻟﻤﺤﻛوم ﻓﯿﻪ
ﺘﻌرﯿﻔﻪ :ﻫو ﻓﻌل اﻟﻤﻛﻠف اﻟذي ﺘﻌﻠق ﺒﻪ ﺤﻛم اﻟﺸﺎرع طﻠﺒﺎ أو ﺘﺨﯿﯿ ار أو وﻀﻌﺎ.
ﻤﺜﺎﻟﻪ :ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":ﯿﺄﯿﻬﺎ اﻟذﯿن آﻤﻨوا أوﻓوا ﺒﺎﻟﻌﻘود" اﻟﻤﺎﺌدة ،1اﻹﯿﺠﺎب اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻤن ﻫذا
اﻟﺨطﺎب ﺘﻌﻠق ﺒﻔﻌل ﻤن أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻛﻠﻔﯿن وﻫو اﻹﯿﻔﺎء ﺒﺎﻟﻌﻘود.
و ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":واﻟﺴﺎرق و اﻟﺴﺎرﻗﺔ ﻓﺎﻗطﻌوا أﯿدﯿﻬﻤﺎ" اﻟﻤﺎﺌدة ،38اﻟﺴﺒب اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻤن ﻫذا
اﻟﺨطﺎب ﺘﻌﻠق ﺒﻔﻌل ﻤن أﻓﻌﺎل اﻟﻤﻛﻠف وﻫو اﻟﺴرﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠت ﺴﺒﺒﺎ ﻟﻘطﻊ اﻟﯿد.
ﺸروطﻪ:
*أن ﯿﻛون اﻟﻔﻌل ﻤﻌﻠوﻤﺎ ﻟﻠﻤﻛﻠف :ﻋﻠﻤﺎ ﺘﺎﻤﺎ ﺤﺘﻰ ﯿﺘﺼور ﻗﺼدﻩ إﻟﯿﻪ و ﯿﺴﺘطﯿﻊ أداءﻩ ﻋﻠﻰ
اﻟوﺠﻪ اﻟﻤطﻠوب ،وﻟذﻟك ﺒﯿن اﻟرﺴول ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم اﻟﻨﺼوص اﻟﻤﺠﻤﻠﺔ ﻤن اﻟﻘرآن ،ﻛﻘوﻟﻪ
ﺘﻌﺎﻟﻰ ":وأﻗﯿﻤوا اﻟﺼﻼة" اﻟﺒﻘرة ، 43ﻓﺒﯿن أرﻛﺎن اﻟﺼﻼة وﺸروطﻬﺎ وطرﯿﻘﺔ آداﺌﻬﺎ وﻗﺎل " :ﺼﻠوا
ﻛم رأﯿﺘﻤوﻨﻲ أﺼﻠﻲ" ،وﻫﻛذا اﻟﺤﺞ و اﻟﺼوم و اﻟزﻛﺎة ﻓﺒﯿن ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ﺒﺴﻨﺘﻪ اﻟﻘوﻟﯿﺔ و
اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ ﻤﺎ أﺠﻤل ﻤن ﻨﺼوص اﻟﻘرآن.
*أن ﯿﻌﻠم اﻟﻤﻛﻠف أن اﻟﺘﻛﻠﯿف ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺼﺎدر ﻤﻤن ﻟﻪ ﺴﻠطﺎن اﻟﺘﻛﻠﯿف :
وﻤﻤن ﯿﺠب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻛﻠف طﺎﻋﺘﻪ و إﺘﺒﺎﻋﻪ ،و اﻟﻤراد ﺒﻌﻠم اﻟﻤﻛﻠف ﻫو إﻤﻛﺎن ﻋﻠﻤﻪ ﺒﻪ وذﻟك
ﺒﺒﻠوغ اﻟﻤﻛﻠف ﻋﺎﻗﻼ ﻗﺎد ار ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻠم اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ ﺒﻨﻔﺴﻪ أو ﺴؤال اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ﺒﻠﻐﻪ اﻟﺨطﺎب
اﻟﺸرﻋﻲ و ﻓﻬﻤﻪ.
*أن ﯿﻛون اﻟﻔﻌل اﻟﻤﺤﻛوم ﻓﯿﻪ ﻤﻤﻛﻨﺎ:
أن ﯿﻛون ﻓﻲ ﻗدرة اﻟﻤﻛﻠف و ﯿﻤﺘﺜل ﻟﻪ ﺴواء ﻓﯿﻪ طﻠب اﻟﻔﻌل أو طﻠب اﻟﺘرك ،ﻓﻼ ﯿﺼﺢ اﻟﺘﻛﻠﯿف
ﺒﺎﻟﻤﺴﺘﺤﯿل ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﯿﺼﺢ ﺘﻛﻠﯿف اﻹﻨﺴﺎن ﺒﻔﻌل ﻏﯿرﻩ ،وﻻ ﯿﺼﺢ اﻟﺘﻛﻠﯿف ﺒﺎﻷﻤور اﻟﺠﺒﻠﯿﺔ
ﻛﺎﻻﻨﻔﻌﺎﻻت و اﻟﻤﺸﺎﻋر ﻤن ﻓرح و ﺤزن و ﺨوف وﻏﯿرﻫﺎ.
*اﻟﺘﻛﻠﯿف ﺒﺎﻟﺸﺎق ﻤن اﻷﻋﻤﺎل:
ﻛل ﻤﺎ ﯿﻛﻠف ﺒﻪ اﻹﻨﺴﺎن ﻻ ﯿﺨﻠو ﻤن اﻟﻤﺸﻘﺔ وﻫﻲ ﻨوﻋﺎن:
ﻤﺸﻘﺔ ﻤﻌﺘﺎدة :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺤدود اﻟﻘدرة و اﻟطﺎﻗﺔ وﻤداوﻤﺔ اﺤﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻻ ﯿﻠﺤق اﻷذى ﻛﻤﺸﻘﺔ
اﻟﺼﻼة و اﻟﺼوم وﻏﯿرﻫﺎ.
ﻤﺸﻘﺔ ﻏﯿر ﻤﻌﺘﺎدة :وﻫﻲ اﻟﺨﺎرﺠﺔ ﻋن اﻟﻤﻌﺘﺎد وﻻ ﯿﻤﻛن اﻟﻤداوﻤﺔ ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻟﺤدوث اﻷذى ﺒﻬﺎ،
ﻛﻤﺸﻘﺔ ﺼوم اﻟوﺼﺎل و اﻟﻤداوﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم و ﻏﯿرﻫﺎ.
18
ﺜﺎﻟﺜﺎ :اﻟﻤﺤﻛوم ﻋﻠﯿﻪ
ﺘﻌرﯿﻔﻪ :ﻫو اﻟﺸﺨص اﻟذي ﺘﻌﻠق ﺨطﺎب اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﻔﻌله ،وﯿﺴﻤﻰ "اﻟﻤﻛﻠف"
ﺸروطﻪ :ﯿﺸﺘرط ﻓﻲ اﻟﻤﻛﻠف ﺤﺘﻰ ﯿﻛون أﻫﻼ ﻟﻠﺘﻛﻠﯿف ﻤﺎ ﯿﻠﻲ:
*اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻤل اﻟﺘﻛﻠﯿف :وذﻟك ﺒﺘوﻓر أﻤرﯿن:
-اﻟﺒﻠوغ :و ﻫو اﻟﺴن اﻟﺘﻲ ﯿﺨرج ﺒﻬﺎ اﻹﻨﺴﺎن ﻤن ﻤرﺤﻠﺔ اﻟطﻔوﻟﺔ إﻟﻰ ﻤرﺤﻠﺔ اﻻﺴﺘواء و اﻟﻘدرة
ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻤل اﻟﺘﻛﺎﻟﯿف و اﻟﻤﺴؤوﻟﯿﺎ ت ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ،و ﻫﻲ ﺒداﯿﺔ ﻤرﺤﻠﺔ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺘﻠﻲ ﻀﻌف
اﻟطﻔوﻟﺔ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ":اﷲ اﻟذي ﺨﻠﻘﻛم ﻤن ﻀﻌف ﺜم ﺠﻌل ﻤن ﺒﻌد ﻗوة ﻀﻌﻔﺎ" اﻟروم .54
-ﻓﻘدان اﻟﻌﺠز اﻟﺒدﻨﻲ :أﻻ ﯿﻛون اﻟﻤﻛﻠف ﻋﺎﺠ از ﺒدﻨﯿﺎ ﻋن ﺘﺤﻤل اﻟﺘﻛﺎﻟﯿف اﻟﺸرﻋﯿﺔ ،ﻓﺎن ﻛﺎن ﺒﻪ
ﻋﺠز ﻛﺎﻹﻋﺎﻗﺎت أو اﻷﻤراض ،ﻓﺈن اﻟﺸرع إﻤﺎ ﯿﻠﻐﻲ اﻟﺘﻛﻠﯿف أو ﯿؤﺠﻠﻪ أو ﯿﺨﻔف ﻤﻨﻪ ،ﻛرﺨص
اﻟﺼوم و اﻟﺘﯿﻤم و اﻟﺼﻼة ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ":ﻟﯿس ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﻰ ﺤرج وﻻ ﻋﻠﻰ اﻷﻋرج ﺤرج وﻻ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤرﯿض ﺤرج" اﻟﻔﺘﺢ ،17وﻗوﻟﻪ" :وﻤن ﻛﺎن ﻤرﯿﻀﺎ أو ﻋﻠﻰ ﺴﻔر ﻓﻌدة ﻤن أﯿﺎم أﺨر"
اﻟﺒﻘرة.185
*اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﻓﻬم دﻟﯿل اﻟﺨطﺎب:
ﻟﻔﻬم دﻟﯿل اﻟﺨطﺎب ﻻ ﺒد أن ﯿﻛون اﻟﻤﻛﻠف ﻋﺎﻗﻼ ﻷن اﻟﻌﻘل ﻫو ﻤﻨﺎط اﻟﻔﻬم ،وﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﻫﻠﯿﺘﻪ
ﻟﻠﺘﻛﻠﯿف ﺒﺎﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻋدم وﺠود ﻤﺎ ﯿﺤول ﺒﯿﻨﻪ وﺒﯿن ﻓﻬم اﻟﺨطﺎب ﻛﺠﻬﻠﻪ
ﺒﻠﻐﺔ اﻟﻘرآن و اﻟﺴﻨﺔ.
*ﺒﻠوغ اﻟﺨطﺎب اﻟﺸرﻋﻲ:
وذﻟك ﺒﺒﻠوغ دﻋوة اﻹﺴﻼم ٕواﻗﺎﻤﺔ اﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﯿﻪ ،وﺘﺒﯿﯿن ﻟﻪ اﻟﺤق ﺒﯿﺎﻨﺎ ﺼﺤﯿﺤﺎ واﻀﺤﺎ،ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﻗوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ":ﻗﺎﻟوا رﺒﻨﺎ ﯿﻌﻠم إﻨﺎ إﻟﯿﻛم ﻟﻤرﺴﻠون وﻤﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ إﻻ اﻟﺒﻼغ اﻟﻤﺒﯿن" ﯿس ،17-16واﻟذﯿن ﻟم
ﺘﺼﻠﻬم دﻋوة اﻹﺴﻼم و ﻟم ﺘﺒﻠﻐﻬم رﺴﺎﻟﺔ اﷲ ﻓﻼ ﺤرج ﻋﻠﯿﻬم ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ ":وﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻤﻌذﺒﯿن
ﺤﺘﻰ ﻨﺒﻌث رﺴوﻻ" اﻻﺴراء.15
اﻟﻤﺒﺤث اﻟﺤﺎدي ﻋﺸر
اﻷﻫﻠﯿﺔ وﻋوارﻀﻬﺎ
19
أوﻻ :ﺘﻌرﯿف اﻷﻫﻠﯿﺔ
ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :اﻟﺼﻼﺤﯿﺔ ،ﯿﻘول ﺘﻌﺎﻟﻰ" :وﻛﺎﻨوا أﺤق ﺒﻬﺎ وأﻫﻠﻬﺎ" اﻟﻔﺘﺢ .26
ﻓﻲ اﻻﺼطﻼح :ﺼﻼﺤﯿﺔ اﻹﻨﺴﺎن ﻟوﺠوب اﻟﺤﻘوق اﻟﻤﺸروﻋﺔ ﻟﻪ أو ﻋﻠﯿﻪ.
ﺜﺎﻨﯿﺎ :أﻨواﻋﻬﺎ
*أﻫﻠﯿﺔ وﺠوب :وﻫﻲ ﺼﻼﺤﯿﺔ اﻹﻨﺴﺎن ﻷن ﺘﺜﺒت ﻟﻪ اﻟﺤﻘوق وﺘﺠب ﻋﻠﯿﻪ اﻟواﺠﺒﺎت وﺘﺴﻤﻰ
ﻋﻨد اﻟﻔﻘﻬﺎء "اﻟذﻤﺔ" وﻫﻲ وﺼف ﺸرﻋﻲ ﯿﺼﯿر ﺒﻪ اﻹﻨﺴﺎن أﻫﻼ ﻟﻤﺎ ﯿﺠب ﻋﻠﯿﻪ أو ﻟﻪ ،ﻛﺤق
اﻟﻤﯿراث واﻟوﻗف ﻟﻪ ،و اﻟزﻛﺎة ﻓﻲ ﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﻲ ﯿﻨوﯿﻬﺎ ﻋﻨﻪ وﻟﯿﻪ أو وﺼﯿﻪ.
*أﻫﻠﯿﺔ آداء :وﻫﻲ ﺼﻼﺤﯿﺔ اﻹﻨﺴﺎن ﻟﺼدور اﻷﻓﻌﺎل و اﻷﻗوال ﻤنه ﻋﻠﻰ وﺠﻪ ﯿﻌﺘد ﺒﻪ ﺸرﻋﺎ،
وأﺴﺎس ﺜﺒوﺘﻬﺎ اﻟﺘﻤﯿﯿز اﻟﻌﻘﻠﻲ ،وﻫﻲ ﺘرادف "اﻟﻤﺴؤوﻟﯿﺔ".
20
ﺜﺎﻟﺜﺎ :ﻋوارض اﻷﻫﻠﯿﺔ
اﻟﻌوارض ﻨوﻋﺎن :ﻋوارض ﺴﻤﺎوﯿﺔ و ﻋوارض ﻤﻛﺘﺴﺒﺔ
اﻟﻌوارض اﻟﺴﻤﺎوﯿﺔ) ﻏﯿر اﻟﻤﻛﺘﺴﺒﺔ( :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﯿس ﻟﻠﺸﺦص ﻓﯿﻬﺎ أي اﺨﺘﯿﺎر واﻛﺘﺴﺎب وﻫﻲ
ﻤن ﻗدر اﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ وﻫﻲ:
-اﻟﺠﻨون:ﻫو ﻓﻘدان ﺘﺎم ﻟﻠﻌﻘل وﻤن ﺜم ﻓﻘدان اﻟﻔﻬم اﻟذي ﻫو ﺸرط ﻓﻲ ﺼﺤﺔ اﻟﺘﻛﻠﯿف ،واﻟﺠﻨون
ﻤﺴﻘط ﻟﻛل اﻟﻌﺒﺎدات واﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﻘوﻟﯿﺔ ﻛﺎﻟﻌﻘود،أﻤﺎ اﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﯿﻬﺎ ﻀرر ﻋﻠﻰ
اﻵﺨرﯿن ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻀﻤﺎن ﯿؤدﯿﻪ اﻟوﺼﻲ ﻋﻠﯿﻪ.
-اﻟﻌﺘﻪ :ﻫو ﺨﻠل ﺒﺎﻟﻌﻘل ﯿﻨﻘص ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻋن درﺠﺔ اﻟﻌﻘﻼء ،ﻓﻬو ﯿﺸﺒﻪ ﻤرة اﻟﻌﻘﻼء و ﻤرة
اﻟﻤﺠﺎﻨﯿن ،ﺤﻛﻤﻪ ﺤﻛم اﻟﺼﺒﻲ اﻟﻤﻤﯿز.
-اﻟﺼﻐر:ﻫو ﺴن ﻤﺎ ﻗﺒل اﻟﺒﻠوغ ،وﻓﯿﻪ ﻤرﺤﻠﺘﺎن:
ﻤرﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل اﻟﺘﻤﯿﯿز وﻫﻲ ﻤن اﻟوﻻدة إﻟﻰ ﺴن اﻟﺴﺎﺒﻌﺔ.
ﻤرﺤﻠﺔ اﻟﺘﻤﯿﯿز وﻫﻲ ﻤن اﻟﺴﺎﺒﻌﺔ إﻟﻰ ﻤﺎ ﻗﺒل اﻟﺒﻠوغ.
اﻟﺼﻐﯿر ﻗﺒل اﻟﺒﻠوغ ﺤﻛﻤﻪ ﺤﻛم اﻟﻤﺠﻨون ،أﻤﺎ إذا ﺒﻠﻎ اﻟﺘﻤﯿﯿز ﻓﻠﻪ أﻫﻠﯿﺔ آداء ﻨﺎﻗﺼﺔ ﺒﺤﯿث ﯿؤﻤر
ﺒﺎﻟﻌﺒﺎدات ﻛﺎﻟﺼﻼة ،وﺘﺼﺢ ﻤﻨﻪ اﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻀرر ﻓﯿﻬﺎ ﻋﻠﯿﻪ ﻛﻘﺒول اﻟﻬﺒﺔ ،أﻤﺎ ﻤﺎ
ﯿﺤﺘﻤل اﻟﻀرر ﻓﻬﻲ ﻤوﻗوﻓﺔ ﻋﻠﻰ إﺠﺎزة وﻟﯿﻪ ﻛﺎﻟﺒﯿﻊ و اﻟﺸراء.
-اﻟﻨوم:ﻤﺎ ﯿﺼدر ﻋن اﻟﻤﻛﻠف ﺤﺎل ﻨوﻤﻪ ﻤن ﻋﺒﺎرات ﻛﺎﻟطﻼق و اﻟﻌﺘق ﻻ ﺘﺼﺢ ﻤﻨﻪ ،أﻤﺎ
اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﺘﺠب ﻋﻠﯿﻪ ﻓﺎﻨﻪ ﻻ ﯿؤاﺨذ ﺒﺎﻟﺘﺄﺨﯿر ٕواﻨﻤﺎ ﯿؤدﯿﻬﺎ ﺒﻌد ﯿﻘظﺘﻪ.
و دﻟﯿل ذﻟك ﺤدﯿﺜﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ":رﻓﻊ اﻟﻘﻠم ﻋن ﺜﻼﺜﺔ :ﻋن اﻟﻨﺎﺌم ﺤﺘﻰ ﯿﺴﺘﯿﻘظ ،وﻋن
اﻟﻤﺠﻨون ﺤﺘﻰ ﯿﻌﻘل ،وﻋن اﻟﺼﺒﻲ ﺤﺘﻰ ﯿﺤﺘﻠم".
اﻟﻨﺴﯿﺎن :ﻫو ﻋدم اﺴﺘﺤﻀﺎر اﻟﺸﻲء اﻟذي ﻛﺎن ﯿﻌﻠﻤﻪ وﻗت اﻟﺤﺎﺠﺔ إﻟﯿﻪ.
وﺤﻛﻤﻪ أﻨﻪ ﻋذر ﻓﻲ ﺘﺄﺨﯿر اﻟﻌﺒﺎدات ﻟﺤدﯿﺜﻪ ﺼﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﻪ و ﺴﻠم ":رﻓﻊ ﻋن أﻤﺘﻲ اﻟﺨطﺄ و
اﻟﻨﺴﯿﺎن" ،أﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﻘوق اﻟﻌﺒﺎد ﻓﻼ ﯿﻌﺘﺒر اﻟﻨﺴﯿﺎن ﻋذ ار ﻓﺈذا ﻟﺤﻘﻬم ﻀرر ﯿﻠزﻤﻪ اﻟﺘﻌوﯿض.
اﻹﻏﻤﺎء :ﻫو ﺘﻌطل اﻟﻘوى اﻹدراﻛﯿﺔ ﺒﺼﻔﺔ ﻤؤﻗﺘﺔ.
وﺤﻛﻤﻪ إن ﻛﺎﻨت ﻤدﺘﻪ ﻗﺼﯿرة ﻓﺤﻛﻤﻪ ﺤﻛم اﻟﻨوم ،أﻤﺎ إذا طﺎﻟت ﻤدﺘﻪ ﻓﻠﻪ ﺤﻛم اﻟﺠﻨون.
اﻟﻤرض :ﻋﺎرض ﻤؤﻗت ﯿوﻗﻊ ﺒﺎﻟﻤﻛﻠف ﻋﺠ از ﺒﻘدر ﺘﺄﺜﯿر اﻟﻤرض ﻋﻠﻰ اﻟﺒدن ،وﺤﻛﻤﻪ ﻓﻲ
اﻟﻌﺒﺎدات ﺘﺠب ﻋﻠﯿﻪ ﺒﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯿﺴﺘطﯿﻌﻪ ،و إذا ﻛﺎن اﻟﻤرض ﺴﺒﺒﺎ ﻟﻠﻤوت ﻓﯿﻛون ﺴﺒﺒﺎ ﻓﻲ
اﻟﺤﺠز ﻋﻠﻰ ﺘﺼرﻓﺎﺘﻪ اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ.
اﻟﺤﯿض و اﻟﻨﻔﺎس :ﻻ ﯿﺴﻘطﺎن أي ﺘﻛﻠﯿف إﻻ ﻓﯿﻤﺎ ﯿﺨص اﻟﻌﺒﺎدات اﻟﺘﻲ ﻤن ﺸرطﻬﺎ اﻟطﻬﺎرة ،
ﻛﺎﻟﺼﻼة ﺘﺴﻘط و اﻟﺼوم ﯿﻘﻀﻰ ﺒﻌد زواﻟﻬﻤﺎ.
اﻟﻤوت :ﺘﺴﻘط ﺒﺎﻟﻤوت ﻛل اﻟﺘﻛﺎﻟﯿف اﻟﻌﺒﺎدﯿﺔ ،و ﺘﺜﺒت ﻟﻠﻤﯿت أو ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺤﻘوق اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﻛﺎﻟدﯿون.
اﻟﻌوارض اﻟﻤﻛﺘﺴﺒﺔ :وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﯿﻛون ﻓﯿﻬﺎ ﻟﻺﻨﺴﺎن ﻛﺴب واﺨﺘﯿﺎر ﻓﻲ ﺤﺼوﻟﻬﺎ ،وﻫﻲ:
-اﻟﺠﻬل :ﻫو ﺼﻔﺔ ﻀد اﻟﻌﻠم ﻤﻊ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠم ،ﺤﻛﻤﻪ :اﻟﻤﺴﻠم اﻟﺠﺎﻫل ﻓﻲ دار ﻏﯿر
اﻹﺴﻼم اﻟذي ﻟم ﯿﺘﻤﻛن ﻤن ﺘﻌﻠم اﻷﺤﻛﺎم اﻟﻌذر ،أﻤﺎ ﻤﺎ ﻋدا ذاﻟك ﻓﻼ ﯿﻌﺘب ر ﻋذ ار ﻤﺘﻰ ﺘﻛﻤن
اﻟﺸﺨص ﻤن اﻟﺘﻌﻠم ﺒﻨﻔﺴﻪ أو ﺴؤال أﻫل اﻟﻌﻠم.
-اﻟﺴﻛر :ﻫو ﺘﻌطل اﻟﻌﻘل ﻤؤﻗﺘﺎ ﺒﺴﺒب ﺸرب ﻤﺴﻛر ،وﺤﻛﻤﻪ :ﺘﺒطل ﺼﻼﺘﻪ إن دﺨﻠﻬﺎ وﻫو
ﺴﻛران وﯿؤﺜم ﺒﺘﺄﺨﯿرﻫﺎ ﻋن وﻗﺘﻬﺎ إﻻ إذا ﻛﺎن ﻤﻀط ار ﻟﻠﺴﻛر أو ﺒﺤﻼل ﻻ ﯿﻌﻠم ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺴﻛر،أﻤﺎ
ﺘﺼرﻓﺎﺘﻪ اﻟﻘوﻟﯿﺔ ﻛﺎﻟﺒﯿﻊ واﻟزواج ﻻ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ اﻟراﺠﺢ ﻋﻠﻰ اﺨﺘﻼف ﻓﻲ اﻟطﻼق واﻟﻤﺎﻟﻛﯿﺔ ﯿرون
وﻗوﻋﻪ .أﻤﺎ اﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺘﻠﺤق ﻀر ار ﺒﺎﻟﻐﯿر ﻓﺈﻨﻪ ﯿؤاﺨذ ﺒﻬﺎ وﻋﻠﯿﻪ اﻟﻀﻤﺎن.
-اﻟﺴﻔﻪ :ﻫو ﺴوء اﻟﺘﺼرف ﺒﺎﻟﻤﺎل ﺒﺤﯿث ﯿﻨﻔﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺨﻼف اﻟﻨظر اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﺸرﻋﻲ ﻤﻊ وﺠدود
اﻟﻌﻘل ،ﺤﻛﻤﻪ :اﻟﺤﺠر ﻋﻠﻰ ﺘﺼرﻓﺎﺘﻪ اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ،أﻤﺎ ﺒﺎﻗﻲ اﻟﺘﻛﺎﻟﯿف اﻟﺸرﻋﯿﺔ ﻓﻬو ﻤﻠزم ﺒﻬﺎ ﻟﻌدم
ﻓﻘدان اﻟﻌﻘل.
-اﻟﺴﻔر :ﻫو ﺴﺒب ﻟﺘﺨﻔﯿف ﺒﻌض اﻷﺤﻛﺎم اﻟﺸرﻋﯿﺔ وﻫﻲ :ﻗﺼر اﻟﺼﻼة اﻟرﺒﺎﻋﯿﺔ ،اﻟﺠﻤﻊ
ﺒﯿن اﻟﺼﻼﺘﯿن اﻟﻤﺸﺘرﻛﺘﯿن ﻓﻲ اﻟوﻗت ،اﻹﻓطﺎر أﯿﺎم اﻟﺴﻔر.
-اﻟﺨطﺄ :ﻫو ﻗول أو ﻓﻌل ﯿﺼدر ﻤن اﻟﻤﻛﻠف دون أن ﯿﻘﺼد ﻨﺘﺎﺌﺠﻪ وأﺜﺎرﻩ اﻟﻤﺘرﺘﺒﺔ ﻋﻠﯿﻪ،
وﺤﻛﻤﻪ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺤﻘوق اﷲ ﻛﺎﻟﺼﻼة واﻟﺼﯿﺎم ﻓﺈﻨﻪ ﯿﻌﺘﺒر ﻋذ ار ،أﻤﺎ ﺤﻘوق اﻟﻌﺒﺎد ﻓﻼ ﯿﻌﺘﺒر ﻋذ ار
وﯿطﺎﻟب ﺒﺎﻟﻀﻤﺎن ،أﻤﺎ اﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﻘوﻟﯿﺔ ﻛﺎﻟطﻼق واﻟﻌﺘق واﻟﻬﺒﺔ ﻓﻼ ﯿؤاﺨذ ﺒﻬﺎ ﻤﺘﻰ ﺼرح
ﺒﺨطﺌﻪ .
-اﻹﻛراﻩ :ﻫو ﺤﻤل إﻨﺴﺎن ﻏﯿرﻩ ﻋﻠﻰ ﻓﻌل أو ﻗول ﻻ ﯿرﻀﺎﻩ وﻻ ﯿرﯿدﻩ وﻫو ﻨوﻋﺎن :
إﻛراﻩ ﻤﻠﺠﺊ :ﻫو اﻟذي ﻻ ﯿﺒﻘﻰ ﻟﻠﻤﻛرﻩ أي ﻗدرة ﻋﻠﻰ اﻻﺨﺘﯿﺎر ﻟﻤﺎ ﯿﻛون اﻟﺘﻬدﯿد ﺸدﯿدا ﻛﺎﻟﺘﻬدﯿد
ﺒﻘﺘل اﻟﻨﻔس أو إﺘﻼف ﻋﻀو أو اﻻﻋﺘداء ﻋﻠﻰ ﻋرض ،ﻓﻬذا اﻹﻛراﻩ ﯿﻌﺘﺒر ﻋذ ار إﻻ ﻓﻲ اﻟﻘﺘل أو
اﻟزﻨﻰ.
إﻛراﻩ ﻏﯿر ﻤﻠﺠﺊ :ﻫو اﻟﺘﻬدﯿد ﺒﻤﺎ دون ذاﻟك ﻛﺎﻟﺤﺒس أو اﻟﻀرب اﻟذي ﻻ ﯿﻬﻠك اﻟﻨﻔس وﺤﻛﻤﻪ:
اﻟﺘﺼرﻓﺎت اﻟﻘوﻟﯿﺔ ﻻ أﺜر ﻟﻬﺎ ﻛﺎﻟطﻼق واﻟﻬﺒﺔ ،أﻤﺎ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﻓﯿﻬﺎ ﻀرر ﻟﻠﻐﯿر ﻓﯿﻠزﻤﻪ
اﻟﻀﻤﺎن.