You are on page 1of 30

‫المقدمة ‪:‬‬

‫هناك عقوبة أصلية لجريمة القتل العمد والمتمثلة بالعقوبات البدنية التي تشمل عقوبة‬
‫اإلعدام والعقوبات البدنية األخرى وكذلك العقوبات السالبة للحرية كالس جن والحبس‬
‫وباإلض افة إلى ذل ك العقوب ات المالي ة وص ورتها الرئيس ية الغرام ة ويقص د بمب دأ‬
‫العقوبة ان ال تصيب غير الجاني الذي تثبت مسؤوليته عن الجريمة ‪ ،‬دون غيره من‬
‫الناس ‪ .‬بمعنى آخر ان العقوبة ال تنال إال شخص المحكوم عليه شريكًا كان أم فاعًال‬
‫‪ .‬وتتجلى أهمية هذا المبدأ في مجال العقوبات األصلية بوجه خاص ويراد بالعقوبات‬
‫األصلية هي التي يقررها القانون للجرائم ألنه ا العقوب ات األساس ية في ه ‪ ،‬وال توق ع‬
‫على المتهم إال إذا نص عليه ا في الحكم ص راحًة ‪ ،‬وبين ق درها إذا ك انت تحتم ل ‪.‬‬
‫وألهمية هذه العقوبة فقد نصت أغلب الدساتير عليه حرص ًا على الحري ات وحص ر‬
‫آثار الجريمة في أض يق نط اق ممكن ويع د موض وع البحث على درج ة كب يرة من‬
‫األهمية كونه يدور حول عقوبة االعدام ‪ ،‬فهي تمث ل في ال وقت ذات ه ش رطًا أساس يًا‬
‫لعدالة هذه العقوب ات إذ ينبغي أن ال توق ع وال تنف ذ إال بح ق من ارتكب الجريم ة أو‬
‫ساهم في ارتكابها‬

‫وسنحاول في هذا البحث الوقوف على مدى عقوب ة االع دام من خالل تحدي د نط اق‬
‫كل عقوبة منها وسيتم تقسيم البحث على مبحثين نخصص األول لمفهوم القتل‬
‫العمد ‪ ،‬ونتطرق في الثاني لعقوبة القتل العمد‪.‬‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوم القتل العمد‬
‫بالنظر الى مصطلح القتل العمد نجد أنه مركب من لفظين ‪ :‬القتل‪ ،‬والعمد‪ ،‬وكل له‬
‫معناه الخاص ومدلوله الذي يدل عليه في حال انفراده‪ ،‬وعند إضافة أحدهما إلى‬
‫اآلخر يصبح مركبا‪ ،‬فيكون مصطلحا له معنى ومدلول عند الفقهاء وللوقوف على‬
‫موضوع القتل العمد البد لنا من أن نقسم هذا المبحث على مطلبين األول لتعريف‬
‫القتل العمد والمطلب الثاني اركان جريمة القتل العمد ‪:‬‬
‫المطلب األول‬
‫تعريف القتل العمد‬

‫للقتل معنيان‪ ،‬معنى لغوي‪ ،‬ومعنى اصطالحي‪ .‬لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين‬
‫نتطرق في األول إلى معنى القتل لغة‪ ،‬ونتناول في الثاني معنى القتل اصطالحًا‪.‬‬

‫الفرع األول‬
‫القتل لغة‬
‫القتل في اللغة‪ :‬هو إزهاق روح تقول ‪ :‬قتلته قتال وقتلة إذا أماته بضرب‪ ،‬أو بحجر‪،‬‬
‫أو بسم‪ ،‬أو بعلة‪ ،‬والمنية قاتلة‪ ،‬وهو في اصله يدل على اإلذالل واإلماتة‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫قتلته قتًال والقتلة ‪ :‬الحال يقتل بها ‪ ،‬يقال قتلة سوء والقتلة المرة الواحدة‪ ،‬ومقاتل‬
‫اإلنسان المواضع التي إذا أصيبت قتلته (‪ ،)۱‬ويطلق ‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬ينظر في ذلك معجم مقاييس اللغة البي الحسن احم د بن ف ارس بن زكري ا ‪ ،‬بتحقي ق عب د‬
‫السالم ‪ ,‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ، ۱۹۷۹ ،‬الج زء الخ امس‪ ،‬م ادة قت ل‪،‬‬
‫ص ‪.٥٦‬‬
‫(‬
‫القتل ويراد به اللعن‪ ،‬قال تعالى‪ُ ﴿ :‬قِتَل اإلنسان َم ا َأْك َفَر ُه ﴾ (‪ )۱‬ومعناه لعن اإلنسان‬
‫‪ ،)۲‬وقاتله هللا لعنه‪ ،‬فحقيقة القتل هو اإلماتة‪.‬‬
‫كما يأتي القتل بمعنى اإلعجاب أي (المدح) كما يقال (قاتله هللا ما أفصحه) (‪.)۳‬‬
‫ويأتي بمعنى المعاداة كما في قوله (ﷺ) ( قاتل هللا اليهود ) (‪ )٤‬أي عاداهم (‪.)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫العمد في اللغة ‪ :‬من عمد وهو االستقامة في الشيء منتصًبا‪ ،‬وإرادة الشيء ‪.‬‬

‫والعمد ‪ :‬ضد الخطأ‪ ،‬وتعمده‪ ،‬واعتمده ‪ :‬قصده‪ ،‬والعمد المصدر منه‪ ،‬وعمدت‬
‫فالنا ‪ :‬إذا قصدت إليه‪ ،‬والعمد ‪ :‬نقيض الخطأ في القتل وغيره‪ ،‬وإنما سمي ذلك‬
‫عمًد ا؛ إلستواء إرادتك إياه‪ .‬يقال ‪ :‬فعلت ذلك عمًد ا على عين‪ ،‬وعمد عين ‪ :‬أي بجد‬
‫ويقين‪ ،‬وهذا فيه احتزاز ممن يرى شبًح ا فيظنه صيدا فيرميه‪ ،‬فإنه ال يسمى عمد‬
‫عين؛ ألنه إنما تعمد صيدا على ظنه‪ )۷( .‬وخالصة معنى العمد ‪ :‬هو ارادة الفعل‬
‫على وجه الجد واليقين‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬سورة عبس‪ :‬اآلية (‪.)۱۷‬‬
‫(‪ )۲‬انظر شرح تاج العروس من جواهر القاموس لالمام اللغوي مجد الدين ابي الفيض السيد‬
‫محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي ‪ ،‬طبع المطبعة الخيرية بجمالية مصر‬
‫المحمية ‪١٣٠٦‬هـ ‪ ،‬نشر دار ليبيا‪ ،‬فصل السين من باب الباء‪.٧٦/٨ ،‬‬
‫(‪ )۳‬لسان العرب البن منظور جمال الدين األنصاري‪ ،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة ‪-‬‬
‫القاهرة ‪ 1956 -‬مادة القتل‪.٥٤٩/١١ ،‬‬
‫(‪ ) ٤‬رواه البخاري عن ابي هريرة في باب المساجد ولفظه قاتل هللا اليهود اتخذوا قبور‬
‫أنبيائهم مساجد) ينظر في ذلك مختصر صحيح اإلمام البخاري لمحمد ناصر الدين األلباني ‪-‬‬
‫المكتب اإلسالمي ‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ، ۱۹۴۸ ،‬الجزء األول كتاب الصالة‪ ،‬باب المساجد‪،‬‬
‫ص ‪.۱۲۳‬‬
‫(‪ )٥‬انظر لسان العرب البن منظور ‪ ،‬مادة القتل‪.٥٤٩/١١ ،‬‬
‫(‪ ) ٦‬معجم مقاييس اللغة ألبن الحسن احمد بن فارس بن زكريا ‪ -‬بتحقيق عبد السالم هارون ‪-‬‬
‫دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ‪. ٣٠٩٦ / ٤ : ١٩٧٩ -‬‬
‫(‪ )۷‬المصدر نفسه ‪. ٣٠٩٦ / ٤ :‬‬

‫الفرع الثاني‬

‫القتل اصطالحًا‬

‫أوًال ‪ :‬القتل في االصطالح الشرعي‬


‫للفقهاء عدة أقوال متقاربة في تعريف القتل‪ ،‬نسرد منها ما يكون جامعًا مانعًا‪،‬‬
‫واقرب في الداللة على ما نريد الخوض فيه‪ .‬فقد عرفه الشلبي من الحنفية (القتل‪،‬‬
‫عبارة عن إزهاق روح بفعل شخص‪ ،‬وان كان إزهاق الروح بال فعل مخلوق يسمى‬
‫ذلك موتًا) (‪.)۱‬‬

‫أما عند الحنابلة فقد عرف البهوتي هو ‪( :‬الفعل الذي يكون سببًا لزهوق النفس‪،‬‬
‫ومفارقة الروح للبدن) (‪ .)۲‬وعرفه الشربيني من الشافعية بأنه‪ :‬الفعل المزهق أي‬
‫القاتل للنفس ) (‪ .)۳‬أما عند الفقهاء المحدثين فقد عرفه بعضهم بأنه‪( :‬فعل) من العباد‬
‫تزول به الحياة) (‪ .)٤‬وعرفه آخرون بأنه‪:‬‬

‫إزهاق روح ادمي بفعل ادمي آخر) (‪.)٥‬‬

‫وبعد هذا العرض آلراء الفقهاء في تعريف القتل نالحظ ان الغاية التي يراد التوصل‬
‫إليها واحدة وهي إزهاق روح‪ ،‬وان اختلفت األلفاظ‪ ،‬لذا‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬انظ ر حاش ية العالم ة ش هاب ال دين احم د الش لبي على ك نز ال دقائق‪ ،‬المطبع ة الك برى‬
‫االميرية‪ ،‬ببوالق ‪ ,‬الطبعة األولى‪ ۱۳۱۳ ،‬هـ ‪ ،‬الجزء السادس‪ ،‬ص ‪.۹۸‬‬
‫(‪ )۲‬انظ ر كش اف القن اع عن متن االقن اع للش يخ منص ور بن ي ونس بن ادريس البه وتي‪،‬‬
‫المتوفي س نة ‪١٠٥١‬هـ‪ ،‬مطبع ة الحكوم ة ‪ ،‬مك ة المكرم ة‪١٣٩٤ ،‬هـ‪ ،‬الج زء الخ امس ‪ ،‬ص‬
‫‪.٥٠٤‬‬
‫(‪ )۳‬مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج للش يخ محم د الش ربيني الخطيب‪ ،‬مكتب الب ابي‬
‫الحلبي واوالده واوالده‪ ،‬مصر‪١٩٥٨ ،‬م‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )٤‬انظ ر في ذل ك د‪ .‬عب د الخ الق الن واوي‪ ،‬التش ريع الجن ائي اإلس المي مقارن ًا بالق انون‬
‫الوض عي‪ ،‬مطبع ة دار الثقاف ة ب يروت‪ ،‬الطبع ة الثاني ة ‪١٩٧٤ ،‬م‪ ،‬ص ‪ . ٤٠٦‬وانظ ر أيض ًا‬
‫الموسوعة الفقهية‪ ،‬دار الصفوة للطباعة والنش ر‪ ،‬الك ويت‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ، 1995 ،‬الج زء ‪/‬‬
‫‪ ، ۳۲‬ص ‪.۳۲۱‬‬
‫(‪ )٥‬د‪ .‬محم د ف اروق النبه ان‪ ،‬مب احث في التش ريع الجن ائي اإلس المي ‪ -‬دار القلم للطباع ة‬
‫والنشر بيروت ‪ -‬الطبعة األولى ‪۱۹۷۷ -‬م ‪ ,‬ص ‪.۲۱‬‬
‫نرجح ما ذهب إليه الحنفية بصدد تعريف القتل ‪ -‬السابق ذكره لما يتصف به من‬
‫إحاطة بالمعنى المقصود بالقتل حيث يتالفى هذا التعريف الخطأ الذي يقع فيه بعض‬
‫الفقهاء‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬القتل في االصطالح القانوني‬


‫(‪)۱‬‬
‫القتل وإنما عالجت أحكامه بصورة واضحة‪ ،‬وعليه البد‬ ‫لم تعرف أغلبية القوانين‬
‫من الرجوع إلى فقه القانون الوضعي للتعرف على معناه وعلى الشكل آالتي‪:‬‬

‫‪ ( -‬فهو إزهاق روح بسلبه حقه في الحياة ) (‪ ، )۲‬وعند البعض إزهاق روح إنسان‬
‫آخر دون وجه حق ) (‪ ، )۳‬أو ( إزهاق روح إنسان)(‪.)4‬‬
‫(‪)٥‬‬
‫‪ -‬وعرفه آخرون بأنه ( اعتداء على حياة إنسان بفعل يؤدي إلى وفاته)‬

‫وعمومًا هذه التعريفات جميعها انصبت على إزهاق روح إنسان‪ ،‬وجاءت بشكل‬
‫مطلق مما يفيد شمولها العمد والخطأ وسواء كانت بفعل انسان او حيوان او جماد ‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬قانون العقوبات الع راقي رقم ‪ ۱۱۱‬لس نة ‪ ١٩٦٩‬وق انون العقوب ات المص ري ‪ ٥٨‬لس نة‬
‫‪. ١٩٣٧‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬محم د الفاض ل الج رائم الواقع ة على األش خاص ‪ ،‬ط ‪ ۳‬مط ابع فتن الع رب دمش ق‪،‬‬
‫‪ ، ١٩٦٥‬ص ‪.٥٥‬‬
‫(‪ )۳‬انظر ‪ :‬محمد زكي ابو عامر ‪ ،‬قانون العقوب ات القس م الخ اص‪ ،‬ال دار الجامعي ة للطباع ة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت ‪ ، ١٩٨٤‬ص ‪ ٢٥٥‬ينظر أيضا د‪ .‬فوزية عبد الستار ‪ ،‬شرح ق انون العقوب ات‬
‫القسم الخاص‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ، ۱۹۸۲ ،‬ص ‪۳۳۹‬‬
‫(‪ )٤‬انظ ر د‪ .‬محم د ص بحي نجم ود‪ .‬عب د ال رحمن توفي ق الج رائم الواقع ة على األش خاص‬
‫واألموال في قانون العقوبات األردني ‪ ،‬مطبعة توفيق‪ ،‬عمان ‪ ،‬ص ‪.۱۰‬‬
‫(‪ )٥‬انظر د‪ .‬عمر السعيد رمضان‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬دار النهضة العربي ة‪،‬‬
‫القاهرة ‪ ، ١٩٨٦‬ص ‪.٢١٤‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫اركان جريمة القتل العمد‬

‫لك ل جريم ة يجرمه ا الق انون ارك ان اساس ية عام ة يتج ه الفق ه الكالس يكي إلى ان‬
‫الجريمة تتكون من ثالثة اركان اساسية ال تحق ق من دونه ا اال وهي ال ركن الم ادي‬
‫والركن المعنوي والركن الشرعي‪ ،‬او كما يسمى ايضًا الركن القانوني وهو موج ود‬
‫في كل الجرائم مهما كانت طبيعتها او جسامتها ولكن يوج د اتج اه مغ اير في تحلي ل‬
‫عناصر الجريمة واول من نادى به مسیو روبرت فوان في فرنسا الذي يقول في ه ان‬
‫الجريمة تتكون من ركنين هما الركن المادي والمعنوي وال وجود لما يسمى ب الركن‬
‫الش رعي ك ركن من ارك ان الجريم ة وق د اعت بر اص حاب ه ذا االتج اه ان الق انون‬
‫الجنائي هو الذي ينشئ الجريمة ويجعل له وج ودًا قانوني ًا دون الحاج ة إلى اعتب اره‬
‫ركنا في الجريمة وجزء منه ا وبتعب ير آخ ر يك ون النص الق انوني ه و ال ذي يس بغ‬
‫الصفة الجرمية على الفع ل فال يص ح ع ده عنص رًا من عناص ر الواقع ة فال ي دخل‬
‫االص ل في الف رع الن النص الق انوني ه و وع اء الجريم ة او ه و المحت وى ال ذي‬
‫يتضمن الجريمة فال يصح ان يك ون عنص رًا منه ا ‪ )۱( .‬تتك ون منه ا ومن دون ه ذه‬
‫االركان او ان ينتفي احد هذه االركان فال تتحقق الجريم ة وال يمكن ان يس أل عنه ا‬
‫احد جنائيًا‪.‬‬

‫وفي ضوء ذلك يلزم لتحقق جريمة القتل العمد توافر ثالثة اركان هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الركن المادي‬
‫‪ .2‬محل الجريمة‬
‫‪ .3‬القصد الجنائي‬
‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬حميد السعدي ‪ -‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬جرائم االعتداء على األشخاص‪ ،‬الجزء الثالث‪،‬‬
‫مطبعة المعارف‪ ،‬بغداد‪ ، ١٩٧٦ ،‬ص ‪ . ۱۲۳‬وقد انتهج قانون العقوبات العراقي المسلك‬
‫االخير وقرر في الفصل الثالث من الباب الثالث الخاص بالجريمة ان ركني الجريمة هما الركن‬
‫المادي وخصص له المواد (‪ )۳۲-۲۸‬والركن المعنوي وخصص له المواد (‪.)۳۸( )۳۳‬‬
‫الفرع االول‬

‫الركن المادي‬

‫ال بد لكل جريمة من ركن مادي تتجسد فيه االرادة الجرمية لمرتكبها‪ ،‬اذ ال بد من‬
‫توافره لقيامها ومن دونه ال يمكن تصور الجريمة ومن ثم يتعذر الحكم باية عقوبة‬
‫مهما كانت طبيعتها او جسامتها والركن المادي للجريمة هو الذي يخرجها إلى عالم‬
‫الواقع الملموس من مجرد فكرة تدور في خلد االنسان (‪.)۱‬‬
‫وقد عرفت المادة (‪ )۲۸‬من قانون العقوبات العراقي الركن المادي على انه ‪:‬‬
‫الركن المادي للجريمة سلوك اجرامي بارتكاب فعل حرمه القانون أو االمتناع عن‬
‫فعل امر به القانون ‪ ،‬اذا لقيام الركن المادي الية جريمة ال بد ان يصدر عن الجاني‬
‫سلوك اجرامي محدد‪ ،‬اذ ال جريمة من دون هذا السلوك وقد يكتفي القانون بهذا‬
‫السلوك لقيام الركن المادي لبعض الجرائم‪ ،‬وقد يتطلب لقيام الركن المادي لجرائم‬
‫اخرى ومنها جريمة قتل العمد ‪ -‬موضوع البحث ‪ -‬وجود نتيجة جرمية ضارة‬
‫محددة بذاتها‪ ،‬وفي هذه الحالة ال بد من توافر عالقة سببية تربط بين السلوك‬
‫والنتيجة الجرمية الضارة‪ ،‬فان تحققت هذه العناصر الثالثة اصبح الركن المادي‬
‫مكتمًال وعدت الجريمة تامة‪ ،‬بيد ان الركن المادي لجريمة قتل العمد قد يتحقق تاما‬
‫فتعد الجريمة عندئذ تامة‪ ،‬وقد يبدأ الجاني به ولكنه ال يستطيع اتمامه لسبب خارج‬
‫(‪)۲‬‬
‫عن إرادته فيقال ان الجريمة وقفت عند حد الشروع‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬علي حسين الخل ف ود‪ .‬س لطان الش اوي المب ادئ العام ة في ق انون العقوب ات مط ابع‬
‫وزارة التعليم الع الي والبحث العلمي ‪ ،‬بغ داد ‪۱۹۸۲‬م ‪ ،‬ص ‪ ، ۱۳۹ ، ۱۳۸‬ود‪ .‬س امي‬
‫النصراوي المبادئ العامة في قانون العقوبات‪ ،‬ج ‪ ،۱‬ط ‪ ۱‬مطبعة دار السالم‪ ،‬بغداد‪، ۱۹۷۷ ،‬‬
‫ص ‪ ۲۱۱‬ود‪ .‬م اهر عب د ش ويش االحك ام العام ة في ق انون العقوب ات‪ ،‬مطبع ة دار الحكم ة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬الموصل‪ ۱۹۹۰ ،‬ص ‪.۱۸۷‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬محم ود نجيب حس ني ش رح ق العقوب ات القس م الع ام‪ ،‬ط ه‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،١٩٨٢ ،‬ص ‪.٢٦٤‬‬
‫عناصر الركن المادي‬

‫ان جريمة قتل العمد ال تختلف من حيث اركانها عن اية جريمة فال بد من توافر‬
‫الركن المادي المتمثل بفعل او امتناع عن فعل يؤدي إلى االعتداء المميت (‪ )۱‬وعلى‬
‫هذا االساس فان الركن المادي لجريمة قتل العمد يتطلب توافر ثالثة عناصر هي ‪-:‬‬

‫اوًال ‪ :‬فعل القتل‬


‫ثانيًا ‪ - :‬النتيجة الجرمية‬
‫ثالثا ‪ :‬عالقة السببية‪.‬‬
‫لذا سوف نتناول بشيء من االيجاز كل عنصر من هذه العناصر‪ ،‬وكاالتي ‪:‬‬
‫اوًال ‪ :‬فعل القتل ‪:‬‬

‫ان القتل ال يمكن ان يحصل ‪ -‬كقاعدة عامة ‪ -‬اال بسلوك يصدر عن القاتل‪ ،‬وهذا‬
‫القتل ال يتم بمحض سلوك ايجابي يطلق عليه الفعل فقط وانما يتوسل الجاني اليه‬
‫بسلوك سلبي ايضًا يطلق عليه االمتناع؛ ذلك ان االنسان يتوسل بسلوكه‪ ،‬ايجابيًا كان‬
‫ام سلبيًا في احدث النتيجة الجرمية‪ .‬ومن اجل هذا فان السلوك يكتسب صفته غير‬
‫المشروعة من قدرته على احدث النتيجة الجرمية ايًا كان مظهره ايجابيًا أو سلبيًا‬
‫ومن هنا يتضح ان السلوك االجرامي قد يكون ايجابيا او سلبيا وقد عبرت عن هذا‬
‫المعنى المادة (‪ )٤/١٩‬من قانون العقوبات العراقي رقم (‪ )۱۱۱‬لسنة ‪ ١٩٦٩‬والتي‬
‫نصت على ان الفعل كل تصرف جرمه القانون سواء كان ايجابيا ام سلبيًا كالترك‬
‫واالمتناع ما لم ينص القانون على خالف ذلك) (‪. )۲‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬سليم ابراهيم حربه القتل العمد واوصافة المختلفة‪ ،‬ط ‪ ، 1‬مطبعة بابل بغداد‪،۱۹۸۸ ،‬‬
‫ص ‪.۳۲‬‬
‫(‪ )۲‬قانون العقوبات العراقي رقم (‪ )۱۱۱‬لسنة ‪.١٩٦٩‬‬

‫يتضح مما سبق ان الفعل في معنى الركن المادي لجريمة القتل قد يكون بفعل‬
‫ايجابي (أي من حركة او عدة حركات عضلية تدفعه إلى الوجود إرادة انسانية)‪،‬‬
‫وهي الصورة الشائعة التي يقع بها فعل القتل‪ .‬وقد يكون بفعل سلبي متخذًا شكل‬
‫الترك او االمتناع‪ ،‬وهذا االمتناع قد يكون مسبوقًا بفعل ايجابي سعى به الجاني إلى‬
‫تحقيق النتيجة االجرامية وهي الوفاة‪ ،‬كاالب الذي يقدم على وضع طفله في كيس‬
‫قمامة ثم يتركه في مكان خال من الناس بقصد قتله فيموت‪ .‬وقد يكون االمتناع‬
‫خالصًا غير مسبوق بفعل ايجابي‪ ،‬كاالب الذي يمتنع عن اطعام طفله فيموت (‪.)۱‬‬
‫اما االمتناع المسبوق بفعل ايجابي‪ ،‬فال خالف في الفقه حول مسؤولية صاحبه عن‬
‫قتل عمد اذا توفر لديه القصد الجنائي الن االمتناع ال يكون اال تمكينًا للفعل االيجابي‬
‫من انتاج اثاره (‪.)۲‬‬
‫اما االمتناع المحض غير المسبوق بفعل ايجابي فقد اخذ المشرع العراقي بشأنه‬
‫بالرأي الراجح في الفقه والذي مؤداه ان القتل باالمتناع معاقب عليه بفعل ايجابي‬
‫سواء بسواء اذا كان على الممتنع واجب قانوني او اتفاقي فامتنع عن ادائه قاصدًا‬
‫احداث الجريمة التي نشأت مباشرة عن هذا االمتناع(‪.)۳‬‬
‫ومن الجدير بالذكر انه ال يشترط في القتل العمد استخدام وسيلة معينة بل يستوي‬
‫في نظر المشرع كل وسيلة صالحة الحداث الوفاة فهناك وسائل كثيرة قاتلة بطبيعتها‬
‫كالسالح الناري ‪ -‬السكين ‪ -‬السيوف ‪ -‬الحراب ‪ -‬وكل اداة قاطعة او واخزه او‬
‫راضة وغيرها من اآلالت التي من شأنها ان تصلح لالعتداء متى انصرفت إرادة‬
‫الجاني الستخدامها في قتل المجنى عليه (‪.)4‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪ ،‬شرح قانون العقوبات المصري‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬طه‪ ،‬مطبعة‬
‫جامعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪ ، ١٩٨٤ ،‬ص ‪۲۰۳‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬محمد زكي ابو عامر‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‬
‫االسكندرية‪ ، ۱۹۷۷ ،‬ص ‪.٤٠٨‬‬
‫( ‪ )۳‬نصت المادة (‪ )٣٤‬من قانون العقوبات العراقي على انه تكون الجريمة عمدية اذ توافر‬
‫القصد الجرمي لدى فاعلها‪ ،‬وتعد الجرمية عمدية كذلك‪ :‬أ‪ ،‬اذ فرض القانون او االتفاق واجبًا‬
‫على شخص وامتنع عن ادائه قاصدًا احداث الجريمة التي نشأت مباشرة عن هذا االمتناع)‪.‬‬
‫(‪ )٤‬د‪ .‬رؤوف عبيد جرائم االعتداء على االشخاص واالموال‪ ،‬ط‪ ،٦‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ، ۱۹۷۷ ،‬ص ‪ ،١٤ ،١٣‬د‪ .‬عبد المهيمن بكر‪ ،‬القسم الخاص في قانون العقوبات‪ ،‬جرائم‬
‫االعتداء على االشخاص واالموال‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‪ ،١٩٦٨ ،‬ص ‪.١٩‬‬
‫ثانيًا ‪ -:‬النتيجة الجرمية‬
‫وتظهر اهمية النتيجة الجرمية (الوفاة) في جريمة القتل من عدة نواح (‪:)1‬‬
‫فمن ناحية تعد النتيجة هي معيار التفرقة بين جريمة القتل التامة وبين الشروع فيها‬
‫فاذا كانت سائر عناصر الجريمة متوفرة بما فيها النتيجة وهي الوفاة كنا ازاء‬
‫جريمة قتل تامة اما اذا كانت سائر عناصر الجريمة متوفرة عدا النتيجة وهي الوفاة‬
‫كنا بصدد شروع في قتل ال بصدد قتل تام‪ ،‬ولهذا فالشروع على عكس القتل التام‬
‫من جرائم الخطر ‪ .‬فالنتيجة تؤدي دورًا في تحديد قصد القتل أي في التفرقة بين‬
‫القتل العمد والقتل الخطأ فالقتل يعد عمدًا اذا كانت النتيجة وهي الوفاة تمثل الغرض‬
‫الذي سعى الفاعل بفعله إلى تحقيقه ويكون القتل الخطأ اذا كان الجاني لم يهدف إلى‬
‫احداث الوفاة وان ترتب ذلك على فعله بسبب اهماله او رعونته‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬عالقة السببية‪-:‬‬
‫لكي تتحقق المسؤولية الجنائية عن الجريمة ذات النتيجة الضارة من الناحية المادية‬
‫‪ -‬يجب ان يكون الفعل الذي ارتكبه الجاني سببًا في حدوث هذه النتيجة الضارة‪ ،‬فال‬
‫يكفي صدور فعل عن المتهم من جهة ووقوع ضرر يصيب المجنى عليه من جهة‬
‫اخرى وانما ينبغي فوق ذلك اسناد النتيجة إلى الفعل فاذا لم يكن باالمكان اثبات هذا‬
‫االسناد الذي يعبر عنه بتوافر العالقة السببية بين الفعل والنتيجة فان المتهم ال يسأل‬
‫عن جريمة تامة وانما تقتصر مسؤوليته عن الشروع في الجريمة اذا ان هذا‬
‫الموصف هو القدر الثابت بحقه (‪.)۲‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محمد زكي ابو عامر ‪ ،‬قانون العقوبات‪ ،‬القس م الخ اص‪ ،‬المص در الس ابق‪ ،‬ص ‪،٤٣٣‬‬
‫‪ ٤٣٤‬وحس ن الفكه اني‪ ،‬موس وعة القض اء والفق ه‪ ،‬ج ‪ ، ٤١‬ال دار العربي ة للموس وعات‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،١٩٨٠ ،‬ص ‪.٥٥٧‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬حميد السعدي‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجديد‪ ،‬ج ‪ ،۱‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.١٦٠‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫محل جريمة القتل العمد‬
‫بعد ان بينا الركن المادي لجريمة القتل العمد والذي يتمثل في النشاط االجرامي‬
‫الصادر عن الجاني المؤدي إلى نتيجة تتمثل في وفاة المجنى عليه‪ ،‬ينبغي علينا بيان‬
‫المحل الذي يقع عليه هذا النشاط االجرامي والمتمثل في انسان على قيد الحياة‪.‬‬
‫ويشترط في جريمة قتل العمد ان تتوافر صفة خاصة في محل الجريمة ‪ ،‬ان المجني‬
‫(‪)۱‬‬
‫عليه كان يتمتعد بحقه في الحياة‪.‬‬
‫معنى الحق في الحياة‬
‫عرف فقهاء القانون الحياة بانها وصف الجسم اذا كان يباشر مجموعة من الوظائف‬
‫العضوية وبالشكل المحدد وفق القوانين الطبيعية‪ ،‬والوظائف التي يقوم بها جسم‬
‫االنسان متعددة ومختلفة بتعدد واختالف اعضاء االنسان واذا ما توقفت هذه‬
‫االعضاء بصورة تامة عن اداء واجباتها الطبيعية تحول الجسم إلى جثة (‪.)٢‬‬
‫ان الحق في الحياة هو حق شخصي لتعلقه بفرد معين بالذات‪ ،‬اال ان ذلك ال يمنع‬
‫من ان يكون لذلك الحق صفة اجتماعية‪ ،‬سواء في ذلك اقلنا انه حق للمجتمع إلى‬
‫جانب كونه حقًا للفرد ام قلنا انه يظل حقًا فرديًا ولكن يمتد اليه في كل نطاق ارتفاق‬
‫المجتمع بحيث ال يجوز لصاحبه التصرف فيه‪ ،‬فهو بالنسبة للفرد الشرط المكان‬
‫تمتعه باي حق اخر او تحمله لمصلحة المجتمع أي التزام‪ ،‬وهو بالنسبة للمجتمع‬
‫شرط الحتفاظه بكيانه واستمراره وازدهاره واألثر القانوني المترتب على اعتبار‬
‫هذا الحق له صفة اجتماعية عدم جواز الرضا في القتل سببًا الباحة هذه‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬علي حسين الخلف‪ ،‬ود‪ .‬سلطان الشاوي‪ ،‬المبادئ العامة في قانون العقوبات ‪ -‬المصدر‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪.١٤٥‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬المصدر السابق ‪ -‬ص ‪،۹‬‬
‫د‪ .‬محمد زكي ابو عامر ‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪. ۲۲۷‬‬

‫الجريمة اذ يعد هذا الرضا مساسًا بحق االرتفاق الفراد المجتمع (‪ )۱‬والقانون عندما‬
‫يحمي حياة االنسان فهو يحمي االنسانية جمعاء بطريقة مجردة ال اعتداد فيها بغير‬
‫صفة االنسان الحي‪ ،‬فال عبرة لكونه وطنيًا ام اجنبيًا‪ ،‬كما ال عبرة بكونه ذكرًا ام‬
‫انثى‪ ،‬كهًال ام معتوهًا ‪ ،‬خطير الشأن في قومه ام غير خطير ‪ ،‬بريئًا ام محكوم عليه‬
‫باالعدام (‪.)۲‬‬

‫ومما يجدر االشارة اليه ان حياة االنسان تتمتع بحماية مطلقة (‪ ،)۳‬بصرف النظر عن‬
‫القدرة على استمرار في الحياة او قابليته على الحياة لكي يكون محًال للحماية‬
‫الجنائية (‪.)٤‬‬

‫اذن فالمشرع يحمي الحق الحياة مجرد من كل اعتبار ‪ ،‬فكل انسان حي يوفر له‬
‫القانون الحماية الالزمة بغض النظر عن الجنس او الدين او المركز االجتماعي‬
‫فالناس متساوون في هذا الشأن امام القانون (‪ .)٥‬وعليه فان المهم في هذا الصدد ان‬
‫نحدد اللحظة التي تبدأ فيها الحياة االنسانية واللحظة التي تنتهي فيها‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية‪ ،‬دار غ ريب‬
‫للطباعة بال‪ ،‬ص ‪.١٤‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬كامل السعيد‪ ،‬األحكام العام ة للجريم ة في ق انون العقوب ات األردني ‪ -‬الطبع ة األولى ‪-‬‬
‫‪ ،۱۹۸۱‬ص ‪.۱۳‬‬
‫(‪ )۳‬تتمث ل ه ذه الحماي ة المطلق ة في التش ريع الع راقي في الم واد (‪ )٤١١،٤٠٥‬من ق انون‬
‫العقوبات العراقي رقم (‪ )۱۱۱‬لسنة ‪ ١٩٦٩‬والتي تتعلق بالجرائم الماسة بحياة االنسان‪.‬‬
‫(‪ ) ٤‬د‪ .‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ .‬والقاض ي‬
‫فريد الزغبي الموسوعة الجنائية‪ ،‬مجلد ‪ ، ١٦‬دار صادر‪ ،‬بیروت ‪ ،۱۹۹۰‬ص ‪.۱۹۷‬‬
‫(‪ )٥‬د‪ .‬حس ن ص ادق المرص فاوي‪ ،‬ق انون العقوب ات‪ ،‬القس م الخ اص‪ ،‬منش أة المع ارف‬
‫االسكندرية‪ ، ۱۹۷۸ ،‬ص ‪ , ۱۵۰‬ود‪ .‬س لیم اب راهيم حرب ة القت ل العم د واوص افه المختلف ة‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.۳۱‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫القصد الجنائي‬
‫الركن المعنوي ضروري لقيام الجريمة قانونا‪ ،‬ان الجريمة ليست كيانًا ماديًا خالصًا‬
‫قوامه الفعل واثاره‪ ،‬وانما هي كيان معنوي قوامه العناصر النفسية المكونه لها‪ ،‬وهو‬
‫ما اصطلح على تسميته بالركن المعنوي‪ ،‬ويراد به االصول النفسية لماديات‬
‫الجريمة (‪.)١‬‬
‫وقد عبر المشرع العراقي في قانون العقوبات عن هذا المعنى بقوله‪( :‬القصد‬
‫الجرمي هو توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفًا إلى نتيجة‬
‫(‪)٢‬‬
‫الجريمة التي وقعت او اية نتيجة جرمية اخرى)‬
‫فالقصد هو تعمد اقتراف الفعل المحظور قانونًا‪ ،‬ولما كان الفعل المحظور قانونًا هو‬
‫الجريمة‪ ،‬فان القصد الجنائي هو انصراف ارادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التي‬
‫يحددها القانون‪ ،‬ومعنى ذلك لكي يتحقق القصد الجنائي يجب ان تتجه االرادة إلى‬
‫عناصر الجريمة المحددة في القانون‪ ،‬فاذا كان البد من انصراف االرادة إلى شيء‬
‫فهذا يعني انها احاطت العلم به‪ ،‬ولذلك فان احاطة العلم بموضوع الحق المعتدى‬
‫عليه انما هو عنصر اساسي في القصد الجنائي (‪.)۳‬‬
‫وتجدر االشارة إلى ان العلم بتجريم القانون للجريمة مفترض ال سبيل إلى نفيه اال‬
‫في االحوال التي ينص عليها القانون (‪ ، )٤‬اما العلم بالوقائع فهو غير مفترض‪،‬‬
‫وينبغي اقامة الدليل الكافي عليه‪ ،‬ويقع على عاتق سلطة االتهام عبء اثبات ذلك‪،‬‬
‫وعلى قاضي الموضوع ان يتثبت من توافر علم الجاني بها ‪ ،‬وان يبين اقتناعه بذلك‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محم ود نجيب حس ني‪ ،‬النظري ة العام ة للقص د الجن ائي‪ ،‬ط ‪ ،‬دار النهض ة العربي ة‪،‬‬
‫الق اهرة‪ ،١٩٨٨ ،‬ص ‪ ،٢٤٣‬د‪ .‬فخ ري الح ديثي‪ ،‬ق انون العقوب ات ‪ -‬القس م الع ام – مطبع ة‬
‫جامع ة بغ داد ‪ -‬الطبع ة الثاني ة ‪ ، ١٩٩٢ -‬ص ‪ ،٢٧٥‬د‪ .‬م اهر عب د ش ويش االحك ام العام ة‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.۳۰۰‬‬
‫(‪ )۲‬المادة (‪ )۱/۳۳‬قانون العقوبات العراقي رقم ‪ ١١١‬لسنة ‪.١٩٦٩‬‬
‫(‪ )۳‬د‪ .‬حميد السعدي ش رح ق انون العقوب ات الجدي د‪ ،‬االحك ام العام ة‪ ،‬المص در الس ابق‪ ،‬ص‬
‫‪.٢٣٦‬‬
‫(‪ )٤‬نص المادة (‪ )۳۷‬من ق انون العقوب ات الع راقي (ليس الح د ان يحتج بجهل ه باحك ام ه ذا‬
‫القانون أو أي قانون اخر مالم يكن قد تعذر علمه بالق انون ال ذي يع اقب على الجريم ة بس بب‬
‫قوة قاهرة ‪ ،‬للمحكمة ان تعفو من العقاب االجنبي ال ذي ي رتكب جريم ة خالل س بعة اي ام على‬
‫األكثر تمضي من تاريخ قدومه إلى العراق اذا ثبت جهله بالقانون وكان ق انون مح ل اقامت ه ال‬
‫يعاقب عليها)‪.‬‬
‫باسباب سائغة مستمدة من اوراق الدعوى وظروفها الثابته حيث يجب ان يعلم‬
‫الجاني بالحق المعتدى عليه أي ان اعتداءه منصب على انسان حي لذا البد ان يتوقع‬
‫الفاعل ان من شأن سلوكه ان يحدث االعتداء على حياة انسان‪ ،‬اما اذا اعتقد ان فعله‬
‫ينصب على جثة انسان فارق الحياة فال يتوافر القصد لديه عند ذلك‪ ،‬ومن كل هذا‬
‫يجب ان يعلم بخطورة سلوكه على حياة المجنى عليه والذي يشكل اعتداء صريحا‬
‫على حياة هذا االنسان‪ ،‬لذا اذا كان القصد الجنائي هو ارادة االعتداء على الحق‪ ،‬فان‬
‫هذه االرادة تتطلب العلم بان من شان الفعل احداث هذا االعتداء ويتطلب ذلك علمًا‬
‫بالوقائع التي تقترن بالفعل وتحدد خطورته‪ ،‬فان جهل المتهم بعض هذه الوقائع فأتى‬
‫الفعل معتقدًا اال خطر منه على الحق فال ينسب اليه القصد (‪.)۱‬‬
‫اما عنصر االرادة فانها تعد العنصر الثاني للقصد الجنائي‪ ،‬وهي عبارة عن قوة‬
‫نفسية او نشاط نفسي يوجه كل اعضاء الجسم او بعضها نحو تحقيق غرض غير‬
‫مشروع‪ ،‬أي نحو المساس بحق أو مصلحة يحميها القانون الجنائي‪ .‬وبعبارة اخرى‬
‫فان االرادة هي المحرك نحو اتخاذ السلوك االجرامي سلبيًا كان هذا السلوك ام‬
‫ايجابيًا بالنسبة إلى الجرائم ذات السلوك المجرد او المحض‪ ،‬وهي المحرك نحو‬
‫تحقيق النتيجة االجرامية فضًال عن السلوك االجرامي ‪ -‬بالنسبة إلى جرائم ذات‬
‫النتيجة‪ .‬فاإلرادة كأحد عنصري القصد الجنائي ‪ -‬يجب اذن ان تنصرف إلى كل من‬
‫السلوك االجرامي والنتيجة االجرامية (‪.)٢‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬حميد السعدي شرح قانون العقوبات الجديد‪ ،‬االحكام العامة‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.٢٣٦‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬علي عبد القادر القهوجي ‪ -‬قانون العقوبات اللبناني القسم الخاص ‪ -‬جرائم االعتداء‬
‫على اإلنسان والمال والمصلحة العامة ‪ -‬الدار الجامعة بيروت ‪ ،‬ب ت ‪ ،‬ص ‪.٤٠٨‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫عقوبة القتل العمد‬

‫عرف قانون العقوبات العراقي في المادة (‪ )۳۰‬انه الشروع في الجريمة بأنه البدء‬
‫في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب اثره السباب ال دخل‬
‫االرادة الفاعل فيها ‪ ،‬هناك عقوبة أصلية لجريمة القتل العمد والمتمثلة بالعقوبات‬
‫البدنية التي تشمل عقوبة اإلعدام وكذلك العقوبات السالبة للحرية كالسجن والحبس‬
‫وباإلضافة إلى ذلك العقوبات المالية وصورتها الرئيسية الغرامة إذ حاولنا التعرض‬
‫المضامين هذه العقوبات وتحديد آثارها للوقوف على مدى امتدادها لغير المحكوم‬
‫عليه وهو الجاني أو كل من ثبتت عالقته بالجريمة المرتكبة واتضح ان العقوبات‬
‫البدنية والعقوبات السالبة للحرية منسجمة إلى حٍد بعيد مع مبدأ نوع العقوبة إذا ما‬
‫روعيت الضمانات القانونية والحدود التشريعية والقيود القضائية في تقرير هذه‬
‫العقوبات وفي إيقاعها وتنفيذها‪.‬‬

‫وسنبحث عقوبة القتل العمد في مطلبين اآلتيين‪.‬‬


‫المطلب االول‬
‫عقوبة القتل العمد البسيط المادة (‪ )٤٠٥‬من قانون العقوبات العراقي‬

‫قسم قانون العقوبات العراقي في المادة (‪ )۲۳‬منه الجرائم من حيث جسامتها إلى‬
‫ثالثة أنواع هي الجنايات والجنح والمخالفات‪ ،‬وقد بينت المادة المذكورة بأن نوع‬
‫الجريمة يحدد بنوع العقوبة االشد المقررة لها في القانون‪ .‬وهو اتجاه القضاء‬
‫العراقي ايضًا ‪ ،‬قضت محكمة التمييز في العراق بأنه يحدد نوع الجريمة بنوع‬
‫العقوبة األشد المقررة لها قانونًا طبقا لما ورد في المادة (‪ )۲۳‬عقوبات) القرار رقم‬
‫‪ / ٤٧‬موسعة ثانية ‪ ٩١ /‬في ‪.)۱( ۱۹۹۱/۷/۳۰‬‬

‫فالعبرة في معيار تحديد نوع الجريمة هو بالعقوبة التي يقررها القانون ال بالعقوبة‬
‫التي تنطق بها المحكمة (‪ .)۲‬وقد بينت المادة (‪ )٢٤‬عقوبات عراقي بأن نوع الجريمة‬
‫ال يتغير إذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء كان‬
‫(‬ ‫التخفيف لعذر مخفف أم لظرف قضائي مخفف‪ ،‬وهو اتجاه القضاء العراقي ايضًا‬
‫‪.)3‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬اب راهيم المش اهدي‪ ،‬المب ادئ القانوني ة في قض اء محكم ة التمي يز ‪ ،‬مطبع ة الجاح ظ ‪،‬‬
‫بغداد‪ ، ،‬ج‪ ،۱۹۹۸ ،2‬ص ‪.٦٧‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬فخري عبد الرزاق الحديثي‪ ،‬شرح قانون العقوبات ‪ -‬القس م الع ام‪ ،‬مص در س ابق‪ ،‬ص‬
‫‪. ۲۹‬‬
‫(‪ )3‬قضت محكمة التمييز في العراق بأنه ال تتغير جسامة الجريمة عند تخفيف المحكمة‬
‫للعقوبة سواء لعذر قانوني او لظرف قضائي المادتان (‪ )۲۳‬و ‪ ) ٢٤‬عقوبات)‪ .‬القرار رقم‬
‫‪ / ٧٦٢‬جزاء ثانية واحداث ‪ ٨٢ /‬في ‪ .١٩٨٢/٤/٦‬مجموعة األحكام العدلية ‪ ،‬ع‪ ،۲‬س ‪،۱۳‬‬
‫‪ ،۱۹۸۲‬ص ‪.۹۸‬‬
‫ولكن يالحظ إن القانون في حالة توفر عذر مخفف عام كعذر الباعث الشريف يلزم‬
‫المحكمة بتخفيف العقوبة ويحدد للجريمة عقوبة أخرى غير العقوبة المقررة لها في‬
‫األصل‪ ،‬وتطبيقًا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق بأنه إذا ثبت سوء سلوك‬
‫القتيلة وكان هذا هو الباعث على القتل فيعد القتل واقعًا بباعث شريف ويستدل‬
‫بالمادة (‪ )۱۳۰‬عند فرض العقوبة) (‪.)1‬‬

‫أما بخصوص ارتكاب جريمة القتل او االعتداء حال المفاجأة بالزنا ‪ -‬وهو من‬
‫االعذار القانونية الخاصة ‪ -‬نجد ان القانون قد نص على عقوبة الحبس وجوبًا‬
‫كعقوبة أصلية في المادة (‪ )٤٠٩‬عقوبات عراقي‪ ،‬وال يستدل عند الحكم بها في حالة‬
‫توفر شروطها بمادة اخرى كما هو الحال عند توفر االعذار القانونية المخففة العامة‬
‫وهذا ما يدفعنا الى التساؤل عن إمكانية القول بأن الجريمة المرتكبة حال المفاجأة‬
‫بالزنا تعتبر جنحة باعتبار ان العقوبة المقررة لها في النص هي الحبس وجوبًا؟‬
‫تتمثل االجابة عن ذلك في أن عد القتل او االعتداء حال التلبس بالزني كونه جناية‬
‫او جنحة هو مدار خالف في الفقه يذهب اتجاه (‪ ،)2‬إلى أنها جناية‪ ،‬ذلك أن من‬
‫الظروف الشخصية الخاصة بالفاعل ما ال تأثير لها في وصف الجريمة وإن كان من‬
‫شأنها تغيير العقوبة بالنسبة اليه سواء في معنى التشديد او في معنى التخفيف‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ ) 1‬القرار رقم ‪ / ٦٦٠‬تمييزية ‪ ٧٩ /‬في ‪ . ۱۹۷۹/٤/٢٢‬مجموعة األحكام العدلية ‪ ،‬ع ‪، ۲‬‬
‫س ‪ ، ۱۹۷۹ ،۱۰‬ص ‪.۱۸۳‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬علي احمد راشد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.٣٨٦‬‬
‫(‪)۱‬‬
‫إلى أن الواقعة تعد جنحة وليست جناية ألن النزول بالعقوبة‬ ‫ويذهب اتجاه آخر‬
‫إلى الحبس ال يرجع إلى محض تقدير القاضي وأنما هو حكم المشرع نفسه‪ ،‬الذي‬
‫قرر لها عقوبة الحبس وجوبًا فيكون المرجع إلى هذه العقوبة وحدها في تحديد‬
‫عقوبة الجريمة‪ ،‬والحبس هو من العقوبات المقررة للجنح األمر الذي يترتب عليه‬
‫تغيير وصفها إلى جنحة تسمى جنحة القتل العمد‪ ،‬وأن اإلتجاه الثاني تؤيده أحكام‬
‫القضاء ايضًا‪ ،‬فقد قضت محكمة التمييز في العراق في قضية ادين فيها متهم وفق‬
‫المادة (‪ )٤٠٩‬عقوبات وعرضت عليها لبيان مدى شموله بقانون العفو العام‪ ،‬ومما‬
‫جاء في القرار(‪ ( )۲‬القول بأن المادة (‪ )٤٠٩‬عقوبات من جرائم القتل العمد وغير‬
‫مشمولة بقانون العفو فهو اآلخر قول غير مقبول قانونًا‪ ،‬فالعذر القانوني وهو‬
‫االستفزاز الخطير مندمج بالمادة وقد غير من نوعها من الجنايات إلى الجنحة إذ‬
‫عاقب مرتكب القتل بالحبس‪ ،‬وانما القول بأن نوع الجريمة ال يتغير إذا استبدلت‬
‫المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء كان ذلك لعذر تخفيف او‬
‫لظرف قضائي مخفف طبقًا للمادة (‪ )٢٤‬عقوبات فهذا يكون في حالة العذر القانوني‬
‫غير المندمج بالمادة العقابية‪ .‬فالمادة (‪ )٤٠٥‬عقوبات تبقى جناية عند الحكم بعقوبة‬
‫الحبس لباعث شريف استدالًال بالمادة (‪ )۱۳۰‬عقوبات‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات ‪ -‬القسم الخاص‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‬
‫‪ .۱۳۲‬د‪ .‬رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي‪ ،‬ط‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،١٩٩٧‬ص ‪.٦٣٤‬‬
‫(‪ )۲‬القرار رقم ‪ / ١٥٩‬موسعة ثانية ‪ ۹۰ /‬في ‪19/12/1990‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫عقوبة القتل العمد المشدد‬
‫المصادقة على األحكام الجزائية نوعان ‪ ،‬مصادقة مطلقة وذلك عندما تصادق‬
‫محكمة التمييز على الحكم الجزائي برمته ودون إجراء أي تعديل على فقراته‬
‫الحكمية ‪ ،‬ومصادقة موجهة عندما تقوم محكمة التمييز بتصديق بعض فقرات الحكم‬
‫وتبدي عدم اقتناعها بشأن الفقرات األخرى التي تقوم أما بتعديلها بنفسها أو تعيدها‬
‫إلى محكمتها إلعادة النظر فيها (‪.)۱‬‬

‫ويقصد بالتعذيب كوسيلة من وسائل ارتكاب جريمة القتل بانه كل فعل ينزل ايالمًا‬
‫بالمجني عليه يزيد على القدر األدنى الالزم أو الكافي ألحداث الوفاة (‪ )٢‬او هو‬
‫استخدام الجاني األساليب واالعمال البربرية والوحشية الصالحة النزال اكبر قدر‬
‫من االيالم واالذالل والهوان بالمجني عليه ‪ ،‬سواء أتسببت هذه االعمال ذاتها في‬
‫حدوث الوفاة او ان يتوسل اليها الجاني بوسيلة عادية أخرى ‪ ،‬ان كل الوسائل‬
‫الصالحة ألحداث الوفاة تسبب المًا كأطالق الرصاص وطعنة السكين أو قذفة من‬
‫شاهق ولكن األلم هذا ال يعد تعذيبًا ألنه لم يكن من الجاني مقصودًا لذاته وال ينقلب‬
‫هذا األلم الى تعذيب اال اذا كان مقصودًا لذاته عند صدوره من الجاني فيتضاعف‬
‫األلم الذي يتعرض له المجني عليه فيكون الم التنفيذ والم الموت نفسه (‪.)۳‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬علي جبار صالح ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪. ٩٥‬‬
‫(‪ ) ۲‬د ‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ‪ ،‬دار‬
‫غريب ‪ ،‬القاهرة‪ ، ۱۹۷۹ ،‬ص ‪.۱۱۹‬‬
‫(‪ )۳‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر ‪ ،‬قانون العقوبات اللبناني ‪ ،‬القسم الخاص ‪ ،‬الدار الجامعية‬
‫للطباعة والنشر ‪ ، ۱۹۸۱ ،‬ص ‪. ٣٦٧‬‬

‫فهم بذلك ال يشترطون ان يكون فعل التعذيب هو السبب في حدوث الوفاة ويعتبرون‬
‫التعذيب في هذه الحالة عمًال مستقًال عن القتل وان يكون مقصودًا لذاته ال بقصد‬
‫القتل ‪ ،‬ويذهب هذا االتجاه الى انه كي يتم مساءلة الشخص عن هذا الظرف يجب‬
‫ان يكون قصد الجاني قد اتجه الى ارتكاب الجريمة وهو عالم بان وسيلة االعتداء‬
‫تنطوي على تعذيب وايالم المجني عليه وان ارادته اتجهت اليها ‪ .‬وان تخاف العلم‬
‫واإلرادة لديه بهذه الوسيلة يجعله غير مسؤول عنها وعليه تكون مسؤوليته هنا عن‬
‫جريمة قتل عمدي بسيط (‪.)۱‬‬

‫ان القصد الجنائي المتطلب هنا هو نفسه القصد الجنائي المتطلب في جريمة القتل‬
‫العمد البسيط ‪ ،‬والقول انه سواء اعلم الجاني او لم يعلم بوحشية طريقته فان ذلك ال‬
‫يغير من طبيعة األمر شيئًا‪ ،‬فتحديد كون الطريقة وحشية من عدمه ال يرجع الى‬
‫الجاني نفسه وانما الى تقدير قاضي الموضوع (‪ .)۲‬فال يكون للجاني الدفع بعدم علمه‬
‫بوحشية أسلوبه الذي نفذ به جريمته ‪ .‬وبالتالي التخلص من مسؤوليته عن هذا‬
‫الظرف استنادًا للمادة ‪ ٣٦‬من قانون العقوبات التي نصت " اذا جهل الفاعل وجود‬
‫ظرف مشدد يغير من وصف الجريمة فال يسأل عنه ولكنه يستفيد من العذر ولو‬
‫كان يجهل وجوده " اذ ان هذه الطريقة هي التي مكنته من ارتكاب الجريمة فمن‬
‫غير المقبول أن يحتج بعد ذلك بجهله بعد ‪ ،‬وال يشترط ان يقوم الجاني بأفعال‬
‫متعددة ‪ ،‬ليستدل على استعماله لهذه الطريقة ‪ ،‬وانما قد يكفي الفعل الواحد ليتحقق‬
‫هذا الظرف (‪.)۳‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬علي جبار شالل ‪ ،‬الظروف العامة المشددة ‪ ،‬رس الة دكت وراه ‪ ،‬جامع ة بغ داد ‪، ۱۹۸۵ ،‬‬
‫ص ‪۱۸۳‬‬
‫(‪ )۲‬د‪ .‬عبد الستار الجميلي ‪ ،‬جرائم الدم الجرائم الواقعة على االش خاص في ق انون العقوب ات‬
‫رقم ‪ ١١١‬لسنة ‪ ، ١٩٦٩‬بغداد ‪ ، 1973 ،‬ص ‪ 2 .٢٦٣‬ط‬
‫(‪ ) ۳‬حميد السعدي ‪ ،‬جرائم االعتداء على األشخاص ‪ ،‬مطبعة المعارف ‪ ،‬بغداد ‪ ، ۱۹۸۸ ،‬ص‬
‫‪. ۱۹۸‬‬
‫لذلك يعد من قبيل استخدام الطرق الوحشية في القتل بتر أعضاء المجني عليه او‬
‫اعدام بعض حواسه ‪ ،‬ذبحه بسكين غير حاد بحيث يستغرق تنفيذ الجريمة زمنًا‬
‫طويًال نسبيًا ‪ ،‬سكب مادة كيمياوية حارقة عليه ‪ ،‬اضرام النار فيه ‪ ،‬دفنه حيًا ‪،‬‬
‫حرمانه من الطعام والشراب والدواء ‪ ،‬وضعه في مكان مقفل مع حشرات سامة او‬
‫(‪)1‬‬
‫حيوانات مفترسة‬

‫وهناك من االتجاهات الفقهية من اشترط ان تتسبب هذه الطرق بحدوث الم بدني‬
‫للمجني عليه فهم ال يكتفون باأللم النفسي (‪ . )٢‬وهذا عكس ما اخذ به الكتاب لدينا‬
‫والذي تايد بقرارات قضاءنا التي لم تشترط في األلم ان يكون بدنيًا وانما اعتدت‬
‫بالطرق التي تسبب المعاناة للمجني عليه ‪ ،‬وان تحديد المحكمة للجريمة كونها قد‬
‫ارتكبت باستعمال طرق وحشية او بالتعذيب ال يقتصر بالنظر الى الفعل ذاته وانما‬
‫يتعين ان تأخذ بنظر االعتبار الظروف التي عاصرت ارتكابه كحساسية المجني‬
‫عليه لأللم وسنه وجنسه وحالته الصحية وغيرها من الظروف ‪ ،‬وقاضي الموضوع‬
‫هو المرجع بتحديد مدى انطواء الجريمة على هذه األفعال من عدمه وهو يقرر ذلك‬
‫في ضوء جميع الظروف السابقة التي اقترن بها الفعل وال يخضع ذلك الرقابة‬
‫المحكمة العليا (‪.)۳‬‬

‫_________________‬
‫(‪ ) ۱‬ومما يؤخذ على القضاء العراقي انه وفي قرارات حديثة لم يعتبر األفعال التالية من قبيل‬
‫الطرق الوحشية مع ما تنطويه هذه األفعال من وحشية وتعذيب للمجني عليه والتي منها ربطه‬
‫وصعقه بالكهرباء ‪ ،‬الذبح بالحرية ‪ ،‬القتل بالطير أو الفأس ‪ ،‬انظر القرارات الصادرة من‬
‫محكمة التميز باألرقام التالية ‪ ، ۸۸‬هيئة ج ‪ ، ٥٩٢ ، ۱۹۹۹ ، ۲‬هيئة ج ‪، ۱۹۹۹ ، ۲‬‬
‫‪ ، ٢٦‬هيئة ج ‪ ، ۵۰۴ ، ۱۹۹۹ ، ۲‬هيئة ج ‪ ، ٥٤٢ ، ۱۹۹۹ ، ۲‬هيئة ج ‪. ۱۹۹۹ ، ٢‬‬
‫(‪ )۲‬د ‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬االعتداء على الحياة ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. ۱۲۱‬‬
‫(‪ )۳‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪۱۲۰‬‬
‫واخيرًا مما تجدر اإلشارة اليه هو ان هذه األفعال يجب ان تقع على المجني عليه‬
‫وهو حي ‪ ،‬اما األفعال التي تقع على المجني عليه بعد وفاته فتعد من قبيل التمثيل‬
‫بالجثة التي تحكمها المادة ‪ / ٤٠٦‬ف ‪ . ۲‬ب ‪ ،‬ويقصد بالتمثيل كل فعل من شانه‬
‫النيل من جسد المجني عليه بعد وفاته مهما كان القصد من ذلك سواء اكان إلخفاء‬
‫معالم الجثة او من قبيل التنكيل بالمجني عليه او إخفاء األمر عن السلطات التحقيقية‬
‫أو ألي سبب آخر (‪.)۱‬‬

‫نصت على ذلك المادة (‪ )٤-١ / ٢٥٩‬األصولية ‪ ،‬وتقرر محكمة التمييز ذلك إذا ما‬
‫رأت أن إجراءات المحاكمة كانت صحيحة واألدلة كافية للحكم واإلدانة ‪ ،‬إال أن‬
‫العقوبة المقضي بها كانت خفيفة ال تتفق وجسامة الجريمة المرتكبة مما يقتضي‬
‫تشديدها ‪ ،‬تطبيقًا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق وجد أن كافة القرارات التي‬
‫أصدرتها محكمة الجنايات ‪ -‬باستثناء قرار فرض عقوبة السجن لمدة خمسة عشرة‬
‫سنة بحق المجرم كانت المحكمة المذكورة قد راعت عند إصدارها تطبيق أحكام‬
‫القانون تطبيقًا صحيحًا ولموافقة هذه القرارات للقانون قرر تصديقها ‪ ،‬أما بشأن‬
‫العقوبة المقضي بها على المدان وفق المادة (‪ / ٤٠٦‬أ ‪ -‬ز) ق ‪.‬ع بداللة مواد‬
‫االشتراك فقد وجد أنها خفيفة وال تتناسب مع وقائع الجريمة وظروف ارتكابها لذا‬
‫قرر إعادة األوراق إلى محكمتها إلعادة النظر في العقوبة بغية تشديدها وإبالغها‬
‫إلى الحد المناسب ) (‪.)٢‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )۱‬د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪۱۲۲‬‬
‫(‪ )۲‬قرار محكمة التمييز المرقم (‪ / ۳۷۹‬جزاء ثانية ‪ ۲۰۰۲ /‬في ‪( ٢٠٠٢/٦/١‬غير منشور)‬
‫والعلة في إعادة األوراق إلى محكمتها هي أنه ال يجوز لمحكمة التمييز تغيير‬
‫العقوبة بتشديدها ‪ ،‬إذ أن ذلك من اختصاص محكمة الموضوع ‪ ،‬ومحكمة التمييز‬
‫ليست بمحكمة موضوع إبتداًء (‪ ، )1‬ولكن المشرع أعطى لمحكمة التمييز الحق في‬
‫تشديد العقوبة في حال إصرار محكمة الموضوع على عدم تشديدها ‪ ،‬وعهد بهذا‬
‫الحق إلى الهيئة العامة (‪ ، )2‬بموجب الفقرة (ب) من المادة (‪ )٢٦٣‬األصولية ‪،‬‬
‫نوهت محكمة التمييز في العراق إلى ذلك بقولها بما أن محكمة الجنايات لم تتبع ما‬
‫جاء بالقرار التمييزي وأصرت على قرارها السابق بفرض عقوبة السجن المؤبد‬
‫على المدان ‪ ،‬وحيث أن ما ذهبت إليه المحكمة بالنسبة للعقوبة المقررة غير صواب‬
‫وبعد المداولة ودراسة ظروف الجريمة المرتكبة المحملة بظرف مشدد واستنادًا‬
‫للمادة (‪/ ٢٦٣‬ب) من األصول الجزائية قررت هذه الهيئة تشديد العقوبة بحقه وذلك‬
‫بفرض عقوبة اإلعدام شنقًا حتى الموت بدًال من السجن المؤبد التي أصرت عليها‬
‫محكمة الموضوع ) (‪.)3‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )1‬االستاذ عبد االمير العكيلي و د‪ .‬سليم حربه شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية‪ ،‬ج‬
‫‪ ،۱‬الدار الجامعية‬
‫للطباعة والنشر والترجمة‪ ، ۱۹۸۸ ،‬ص ‪. ۲۰۹‬‬
‫( ‪ ) 2‬د‪ .‬سعد إبراهيم األعظمي‪ ،‬موسوعة مصطلحات القانون الجنائي ‪ ،‬ج ‪ ،۲‬دار الشؤون‬
‫الثقافية العامة ‪ -‬بغداد ‪،‬‬
‫‪ ، ۲۰۰۲‬ص ‪. ۲۷۷‬‬
‫(‪ )3‬ق رار محكم ة التمي يز الم رقم ‪ / ۱۱۱/۱۱۰‬هي أة عام ة ‪ ۹۲ /‬في ‪ ۱۹۹۲/۱۱/۳۰‬أورده‬
‫إب راهيم المش اهدي‪ ،‬ج ‪ ، 1‬المص در الس ابق‪ ،‬ص ‪ .۹۸‬وفي نفس المع نى ‪ :‬قراره ا الم رقم‬
‫‪ / ۱۲۰‬موس عة ثاني ة ‪ ۹۰ /‬في ‪ ١٩٩١/٩/١٦‬أورده إب راهيم المش اهدي‪ ،‬ج ‪ ،۳‬المص در‬
‫السابق ‪ ،‬ص ‪. ٥٤‬‬

‫في حالة تنفيذ عقوبة اإلعدام يستحيل تنفيذ العقوبة األخرى لدى التدقيق والمداولة‬
‫وجدان كافة القرارات الصادرة في الدعوى وجد انها صحيحة وموافقة للقانون‬
‫بالنظر لما استندت اليه من أسباب وتصريفها مع التنويه بانه في حالة تنفيذ عقوبة‬
‫اإلعدام يستحيل تنفيذ العقوبة األخرى وصدر القرار باالتفاق استنادًا ألحكام المادة‬
‫‪ - ١/٢٥٩‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية في ‪ /‬صفر ‪١٤٢٨ /‬هـ الموافق‬
‫‪٢٠٠٧/٢/٢٦‬م وتشكلت الهيئة العامة في محكمة التمييز االتحادية بتاريخ ‪/٨‬‬
‫صفر ‪١٤٢٨ /‬هـ الموافق ‪ ۲۰۰۷/۲/۲٦‬برئاسة نائب الرئيس السيد (‪ )....‬وعضوية‬
‫نائب الرئيس (‪ )..‬والقضاة السادة (‪ )...‬وأصدرت القرار األتي (‪: )1‬‬

‫المتهم ‪ ( /‬ظ ‪ .‬م ‪.‬ش ) واحال السيد قاضي تحقيق المهناوية بموجب قرار اإلحالة‬
‫المرقم ‪ / ۱۰۸‬إحالة ‪ ۲۰۰٦ /‬في ‪ ۲۰۰٦/٧/٣‬المتهم ) ظ ‪ .‬م ‪.‬ش ) موقوفا على‬
‫محكمة جنايات الديوانية ألجراء محاكته بدعوى غير موجزة وفق احكام المادة‬
‫‪ / ۱ / ٤٠٦‬د عقوبات ‪ ،‬قررت محكمة جنايات الديوانية بتاريخ ‪، ٢٠٠٦ / ٧ / ٢٥‬‬
‫ادانة المتهم ( ظ ‪ .‬م ‪.‬ش ) عن جريمتين األولى وفق احكام المادة ‪ / ١ / ٤٠٦‬د‬
‫عقوباتوذلك عن قتل والده المجني وحكمت عليه باإلعدام شنقًا حتى الموت والثانية‬
‫وفق احكام المادة ( ‪ ) ٤٠٥‬عن قتل زوجة ابيه المجني عليها ) ن ‪ .‬ع ‪.‬ك) وحكمت‬
‫عليه بالسجن المؤيد وتنفيذ العقوبة الثانية بالتعاقب مع محكوميته في العقوبة األولى‬
‫بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية وعند استحالة تنفيذ العقوبة األولى أعاله وايداع‬
‫السكين ورأس الجاكوج والكرك الى المعاون القضائي للتصرف بها وذلك باتالفها‬
‫وإعطاء الحق للمدعية بالحق الشخصي ( ح ‪ .‬م ‪ .‬م ) بالمطالبة بالتعويض بعد‬
‫اكتساب القرار الدرجة القطعية ‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )1‬س لمان عبي د عب د هللا ‪ ،‬المخت ار في قض اء محكم ة التمي يز االتحادي ة ج ‪ ، ۳‬ط ‪، 1‬‬
‫موسوعة القوانين العراقية ‪ ،‬بغداد ‪ ، ۲۰۱۰ ،‬ص ‪.۳۰‬‬

‫والحكم باتعاب محاماة لوكيل المدان المحامي وافهم المدان بان أوراقه سوف ترسل‬
‫تلقائيًا الى محكمة التمييز االتحادية وله حق الطعن بقرار المحكمة خالل ثالثين يومًا‬
‫تبدأ من تاريخ اليوم التالي لصدور هذا القرار امام محكمة التمييز االتحادية ولعدم‬
‫قناعة المحكوم بالقرار فقد قدم الئحة تمييزية المؤرخة في ‪ ٢٠٠٦ / ٨ / ٢٠‬يطلب‬
‫فيها احالته على اللجان الطبية المختصة ألجراء الفحص والتثبيت من قواه الفعلية ‪،‬‬
‫طلبت رئاسة االدعاء العام بمطالعتها المرقمة ‪ / ١٢٢‬هـ ‪ .‬ع ‪ ۲۰۰٦ /‬والمؤرخة‬
‫في ‪ ۲۰۰٦ / ١٠ / ٢٢‬تصديق كافة القرارات ‪.‬‬
‫لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز االتحادية فقد وجد ان‬
‫وقائع القضية تتلخص انه بتاريخ الحادث المصادف ‪ ٢٠٠٦ / ٥ / ١٤‬كان المدان‬
‫( ظ ‪ .‬م ) يقوم بإصالح سياج الصف وحضر المجني عليه ( م ‪ .‬ش ) وكان بيده‬
‫سكين محاوًال االعتداء عليه وان المدان انتزع من والده السكين وطعنه عدة طعنات‬
‫وضربه بواسطة الكرك الذي كان يعمل به حتى الموت وحضرت زوجة ابيه‬
‫المجني عليها ( ن ‪ .‬ع ) لغرض انقاذ زوجها اال ان المدان قام بضربها بالكرك‬
‫وطعنها عدة طعنات بالسكين وادى الى وفاتها أيضًا وقد اعترف المدان في دوري‬
‫التحقيق والمحاكمة بقتل المجني عليهما والكشف على محل الحادث ومخططه‬
‫ومحضر ضبط األدوات الجريمة المستعملة في الحادث وبأقوال المدعين بالحق‬
‫الشخصي والشاهد ( ع ‪ .‬ع ) لهذا فان األدلة بهذه الكيفية كافية لإلدانة والحكم عن‬
‫جريمتين األولى عن قتل والده وفق المادة ( ‪ / ٤٠٦‬أ ‪ -‬د ) من قانون العقوبات‬
‫والثانية وفق المادة ( ‪ ) ٤٠٥‬عقوبات عن قتل زوجة والده ( ن‪ .‬ع ) وحيث ان‬
‫محكمة جنايات الديوانية ادانته وقد حكمت عليه عن األولى باإلعدام شنقًا حتى‬
‫الموت واحتسبت مدة موقوفيته وعن الثانية بالسجن المؤبد وتنفيذ العقوبة في الفترة (‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ )۲‬بالتعاقب مع محكوميته في الفترة (‪ )۱‬بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية ‪.‬‬

‫_________________‬
‫(‪ )1‬سلمان عبيد عبد هللا ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ,‬ص‪. 30‬‬

‫الخاتمة‬

‫ان هدف القانون هو الحد من انتشار الجرائم التي تمس بمهنة وتعكر صفوا الحياة‬
‫فيه وتشريعنا الجنائي انما وضع لتحقيق هذه الغاية غير ان هذا الهدف يجب ان ال‬
‫يؤدي الى التعسف والقسوة فيخرج عما اريد له أن يكون‪.‬‬

‫ومما تقدم استنتجت الباحثة بعض االستنتاجات وكذلك توصي ببعض التوصيات‪:‬‬

‫أوًال ‪ :‬االستنتاجات‬
‫‪ -١‬ان عقوبة االعدام موضوع بحثنا هذا من اشد واقسى العقوبات المنصوص عليها‬
‫قانونا لذلك نعتقد ان من االسلم تطبيقها في موضعها المناسب لتكون مع شدتها عادلة‬
‫‪.‬‬

‫‪ - ٢‬توظف عقوبة االعدام بما يخدم المجتمع وامنه فهناك من الجرائم ما تفوق‬
‫قسوتها شدة هذه العقوبة ‪ ،‬كجريمة القتل العمد فلمجرم في اغتال انسان بريئ وليس‬
‫من العدل في الجريمة ان نمنح المجرم من الحياة أكثر مما منحه لضحيته‪.‬‬

‫‪ -3‬عقوبة االعدام هي الضابط الذي يمنع لتفكك النظام االجتماعي والسالح الذي‬
‫البد منه الكبح جماح المنحرفين وال باس بقسوتها ما دامت تحقق صيانة االمة‪.‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬التوصيات‬

‫توصي الباحثة ببعض ما تراه مناسب لالخذ به ‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم تقرير عقوبة االعدام اال في حالة الجرائم العمدية التي ترتب خطرًا جسيمًا‬
‫او تسفر عن ازهاق روح‪.‬‬

‫‪ -2‬ال تقرر عقوبة االعدام االبنص القانون‪.‬‬

‫‪ -3‬لكل من يحكم باالعدام حق الطعن بالحكم لدى محكمة اعلى و يستدعي ذلك‬
‫الغاء كافة اشكال المحاكم الخاصة التي تمنع الطعن في احكامها‪.‬‬

‫‪ - ٤‬ال تنفذ عقوبة االعدام االبعد استنفاذ حق الطعن فيها و يجب التقيد في ازهاق‬
‫روح المحكوم دون ان يقترن ذلك في تعذيبة او التمثيل به‪.‬‬
‫المصادر‬

‫القرآن الكريم‬

‫‪ -1‬ابراهيم المشاهدي‪ ،‬المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز ‪ ،‬ج ‪ ،٤‬مطبعة‬


‫الجاحظ ‪ ،‬بغداد‪۱۹۹۸ ، ،‬‬

‫‪ -2‬ابن الحسن احمد بن فارس بن زكريا ‪ ،‬معجم مقاييس اللغة بتحقيق عبد السالم‬
‫هارون ‪ -‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ‪.۱۹۷۹ -‬‬

‫‪ -3‬ابن منظور جمال الدين األنصاري‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬الدار المصرية للتأليف‬
‫والترجمة‪ ،‬القاهرة‪.١٩٥٦ ،‬‬

‫‪ -٤‬االستاذ عبد االمير العكيلي و د‪ .‬سليم حربه شرح قانون اصول المحاكمات‬
‫الجزائية‪ ،‬ج ‪ ،1‬الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة‪۱۹۸۸ ،‬‬
‫‪ -٥‬اإلمام البخاري لمحمد ناصر الدين األلباني ‪ ،‬مختصر صحيح المكتب اإلسالمي‬
‫بيروت ‪ ,‬الطبعة الثالثة‪.١٩٤٨ ،‬‬

‫‪ -6‬االمام اللغوي مجد الدين ابي الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي‬
‫الزبيدي الحنفي‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس المطبعة الخيرية بجمالية مصر‬
‫المحمية ‪١٣٠٦‬هـ‪.‬‬

‫‪ -7‬حسن الفكهاني‪ ،‬موسوعة القضاء والفقه‪ ،‬ج ‪ ، ٤١‬الدار العربية للموسوعات‪،‬‬


‫القاهرة‪.۱۹۸۰ ،‬‬

‫‪ -8‬د‪ .‬محمود نجيب حسني ‪ ،‬االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ‪،‬‬
‫دار غريب ‪ ،‬القاهرة‪. ۱۹۷۹ ،‬‬

‫‪ -۹‬د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬قانون العقوبات ‪ ،‬القسم الخاص ‪ ،‬منشأة‬


‫المعارف‪ ،‬االسكندرية‪.۱۹۷۸ ،‬‬

‫‪ -١٠‬د‪ .‬حميد السعدي ‪ -‬شرح قانون العقوبات جرائم االعتداء على األشخاص‪،‬‬
‫الجزء الثالث ‪ ,‬مطبعة المعارف‪ ،‬بغداد ‪.١٩٧٦ ،‬‬

‫‪ - ۱۱‬د‪ .‬حميد السعدي ‪ ،‬جرائم االعتداء على األشخاص ‪ ،‬مطبعة المعارف ‪،‬‬
‫بغداد ‪. ۱۹۸۸ ،‬‬

‫‪ -۱۲‬د‪ .‬رؤوف عبيد جرائم االعتداء على االشخاص واالموال‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر‬
‫العربي ‪ ,‬القاهرة‪.۱۹۷۷ ،‬‬

‫‪ - ۱۳‬د‪ .‬سامي النصراوي المبادئ العامة في قانون العقوبات ‪ ،‬ج ‪ ،۱‬مطبعة دار‬
‫السالم‪ ،‬بغداد‪.۱۹۷۷ ،‬‬

‫‪ -١٤‬د‪ .‬سعد إبراهيم األعظمي‪ ،‬موسوعة مصطلحات القانون الجنائي ‪ ،‬ج ‪ ،۲‬دار‬
‫الشؤون الثقافية العامة ‪ -‬بغداد ‪. ۲۰۰۲ ،‬‬
‫‪ -15‬د‪ .‬سليم ابراهيم حربه القتل العمد واوصافة المختلفة‪ ،‬ط ‪ ، 1‬مطبعة بابل‪،‬‬
‫بغداد‪. ۱۹۸۸ ،‬‬

‫‪ -١٦‬د‪ .‬عبد الخالق النواوي‪ ،‬التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنًا بالقانون الوضعي‪،‬‬
‫مطبعة دار الثقافة بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪١٩٧٤ ،‬م‪.‬‬

‫‪ -۱۷‬د‪ .‬عبد الستار الجميلي ‪ ،‬جرائم الدم الجرائم الواقعة على االشخاص في قانون‬
‫العقوبات رقم‪ ١١١‬لسنة ‪ ، ١٩٦٩‬ط ‪ ، 2‬بغداد ‪1973‬‬

‫‪ -۱۸‬د‪ .‬عبد المهيمن بكر‪ ،‬القسم الخاص في قانون العقوبات‪ ،‬جرائم االعتداء على‬
‫االشخاص واالموال‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.١٩٦٨ ،‬‬

‫‪ -۱۹‬د‪ .‬علي حسين الخلف ود‪ .‬سلطان الشاوي المبادئ العامة في قانون العقوبات‬
‫مطابع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ‪ ،‬بغداد ‪۱۹۸۲‬م ‪.‬‬

‫‪ - ۲۰‬د‪ .‬عمر السعيد رمضان‪ ،‬شرح قانون العقوبات ‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪.١٩٨٦ ،‬‬

‫‪ -۲۱‬د‪ .‬فوزية عبد الستار شرح قانون العقوبات القسم الخاص ‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪۱۹۸۲ ،‬‬

‫‪ ۲۲‬د‪ .‬مأمون محمد سالمة‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫والقاضي فريد الزغبي الموسوعة الجنائية‪ ،‬مجلد ‪ ، ١٦‬دار صادر‪ ،‬بیروت‪۱۹۹۰ ،‬‬

‫‪ -۲۳‬د‪ .‬ماهر عبد شويش االحكام العامة في قانون العقوبات‪ ،‬مطبعة دار الحكمة‬
‫للطباعة والنشر الموصل‪. ۱۹۹۰ ،‬‬

‫‪ -٢٤‬د‪ .‬محمد الفاضل الجرائم الواقعة على األشخاص ‪ ،‬ط مطابع فتن العرب‬
‫دمشق‪. ١٩٦٥ ،‬‬
‫‪ -٢٥‬د‪ .‬محمد زكي ابو عامر قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬دار المطبوعات‬
‫الجامعية االسكندرية‪.۱۹۷۷ ،‬‬

‫‪ -٢٦‬د‪ .‬محمد زكي أبو عامر ‪ ،‬قانون العقوبات اللبناني ‪ ،‬القسم الخاص ‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية للطباعة والنشر ‪. ۱۹۸۱ ،‬‬

‫‪ -۲۷‬د‪ .‬محمد صبحي نجم ود‪ .‬عبد الرحمن توفيق الجرائم الواقعة على األشخاص‬
‫واألموال في قانون العقوبات األردني ‪ ،‬مطبعة توفيق ‪ ،‬عمان ‪ ،‬ب ت ‪.‬‬

‫‪ -28‬د‪ .‬محمد فاروق النبهان مباحث في التشريع الجنائي اإلسالمي ‪ -‬دار القلم‬
‫للطباعة والنشر بيروت ‪ -‬الطبعة األولى ‪۱۹۷۷ -‬م‪.‬‬

‫‪ - ۲۹‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى شرح قانون العقوبات المصري‪ ،‬القسم الخاص‪،‬‬
‫طه‪ ،‬مطبعة ‪ ,‬جامعة القاهرة‪ ،‬والكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪. ١٩٨٤ ،‬‬

‫‪ -۳۰‬د‪ .‬محمود نجيب حسني االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية‪،‬‬
‫دار غريب للطباعة ‪ ،‬ب ت ‪.‬‬

‫‪ -۳۱‬د‪ .‬محمود نجيب حسني شرح ق العقوبات القسم العام ‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.۱۹۸۲ ،‬‬

‫‪ -۳۲‬د‪ .‬محمود نجيب حسني النظرية العامة للقصد الجنائي‪ ،‬ط دار النهضة العربية‬
‫القاهرة ‪.۱۹۸۸ ،‬‬

‫‪ - ۳۳‬شهاب الدين احمد الشلبي على كنز الدقائق‪ ،‬حاشية العالمة ‪ ،‬المطبعة الكبرى‬
‫االميرية ببوالق‪ ،‬الطبعة األولى‪۱۳۱۳ ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ -٣٤‬علي جبار شالل ‪ ،‬الظروف العامة المشددة ‪ ،‬رسالة دكتوراه ‪ ،‬جامعة بغداد ‪،‬‬
‫‪. ١٩٨٥‬‬
‫‪ - ٣٥‬محمد الشربيني الخطيب‪ ،‬مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج مكتب‬
‫البابي الحلبي واوالده‪ ،‬مصر‪١٩٥٨ ،‬م‬

‫‪ - ٣٦‬محمد زكي ابو عامر‪ ،‬قانون العقوبات القسم الخاص‪ ،‬الدار الجامعية للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت ‪.١٩٨٤‬‬

‫‪ ۳۷‬منصور بن يونس بن ادريس البهوتي‪ ،‬المتوفي سنة ‪١٠٥١‬هـ ‪ ،‬كشاف القناع‬


‫عن متن االقناع مطبعة الحكومة ‪ ،‬مكة المكرمة‪١٣٩٤ ،‬هـ‪.‬‬

‫‪ - ۳۸‬الموسوعة الفقهية‪ ،‬دار الصفوة للطباعة والنشر‪ ،‬الكويت ‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬


‫‪. ١٩٩٥‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القوانين‬

‫‪ -1‬قانون العقوبات العراقي رقم (‪ )۱۱۱‬لسنة ‪.١٩٦٩‬‬

‫‪ -2‬قانون العقوبات المصري ‪ ٥٨‬لسنة ‪١٩٣٧‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬القرارات‬

‫‪ -1‬قرار محكمة التمييز المرقم ‪ / ۱۱۱/۱۱۰‬هيأة عامة ‪ ۹۲ /‬في ‪. 30/11/1992‬‬

‫‪ -2‬قرار محكمة التمييز المرقم (‪ / ۳۷۹‬جزاء ثانية ‪ ۲۰۰۲ /‬في ‪. 1/6/2002‬‬

‫‪ -3‬قرار محكمة التمييز المرقم ‪ /120‬موسعة ثانية ‪ 90 /‬في ‪16/9/1991‬‬

You might also like