Professional Documents
Culture Documents
بحث القتل العمد
بحث القتل العمد
هناك عقوبة أصلية لجريمة القتل العمد والمتمثلة بالعقوبات البدنية التي تشمل عقوبة
اإلعدام والعقوبات البدنية األخرى وكذلك العقوبات السالبة للحرية كالس جن والحبس
وباإلض افة إلى ذل ك العقوب ات المالي ة وص ورتها الرئيس ية الغرام ة ويقص د بمب دأ
العقوبة ان ال تصيب غير الجاني الذي تثبت مسؤوليته عن الجريمة ،دون غيره من
الناس .بمعنى آخر ان العقوبة ال تنال إال شخص المحكوم عليه شريكًا كان أم فاعًال
.وتتجلى أهمية هذا المبدأ في مجال العقوبات األصلية بوجه خاص ويراد بالعقوبات
األصلية هي التي يقررها القانون للجرائم ألنه ا العقوب ات األساس ية في ه ،وال توق ع
على المتهم إال إذا نص عليه ا في الحكم ص راحًة ،وبين ق درها إذا ك انت تحتم ل .
وألهمية هذه العقوبة فقد نصت أغلب الدساتير عليه حرص ًا على الحري ات وحص ر
آثار الجريمة في أض يق نط اق ممكن ويع د موض وع البحث على درج ة كب يرة من
األهمية كونه يدور حول عقوبة االعدام ،فهي تمث ل في ال وقت ذات ه ش رطًا أساس يًا
لعدالة هذه العقوب ات إذ ينبغي أن ال توق ع وال تنف ذ إال بح ق من ارتكب الجريم ة أو
ساهم في ارتكابها
وسنحاول في هذا البحث الوقوف على مدى عقوب ة االع دام من خالل تحدي د نط اق
كل عقوبة منها وسيتم تقسيم البحث على مبحثين نخصص األول لمفهوم القتل
العمد ،ونتطرق في الثاني لعقوبة القتل العمد.
المبحث األول
مفهوم القتل العمد
بالنظر الى مصطلح القتل العمد نجد أنه مركب من لفظين :القتل ،والعمد ،وكل له
معناه الخاص ومدلوله الذي يدل عليه في حال انفراده ،وعند إضافة أحدهما إلى
اآلخر يصبح مركبا ،فيكون مصطلحا له معنى ومدلول عند الفقهاء وللوقوف على
موضوع القتل العمد البد لنا من أن نقسم هذا المبحث على مطلبين األول لتعريف
القتل العمد والمطلب الثاني اركان جريمة القتل العمد :
المطلب األول
تعريف القتل العمد
للقتل معنيان ،معنى لغوي ،ومعنى اصطالحي .لذلك سنقسم هذا المطلب إلى فرعين
نتطرق في األول إلى معنى القتل لغة ،ونتناول في الثاني معنى القتل اصطالحًا.
الفرع األول
القتل لغة
القتل في اللغة :هو إزهاق روح تقول :قتلته قتال وقتلة إذا أماته بضرب ،أو بحجر،
أو بسم ،أو بعلة ،والمنية قاتلة ،وهو في اصله يدل على اإلذالل واإلماتة ،يقول :
قتلته قتًال والقتلة :الحال يقتل بها ،يقال قتلة سوء والقتلة المرة الواحدة ،ومقاتل
اإلنسان المواضع التي إذا أصيبت قتلته ( ،)۱ويطلق .
_________________
( )۱ينظر في ذلك معجم مقاييس اللغة البي الحسن احم د بن ف ارس بن زكري ا ،بتحقي ق عب د
السالم ,دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ، ۱۹۷۹ ،الج زء الخ امس ،م ادة قت ل،
ص .٥٦
(
القتل ويراد به اللعن ،قال تعالىُ ﴿ :قِتَل اإلنسان َم ا َأْك َفَر ُه ﴾ ( )۱ومعناه لعن اإلنسان
،)۲وقاتله هللا لعنه ،فحقيقة القتل هو اإلماتة.
كما يأتي القتل بمعنى اإلعجاب أي (المدح) كما يقال (قاتله هللا ما أفصحه) (.)۳
ويأتي بمعنى المعاداة كما في قوله (ﷺ) ( قاتل هللا اليهود ) ( )٤أي عاداهم (.)5
()6
العمد في اللغة :من عمد وهو االستقامة في الشيء منتصًبا ،وإرادة الشيء .
والعمد :ضد الخطأ ،وتعمده ،واعتمده :قصده ،والعمد المصدر منه ،وعمدت
فالنا :إذا قصدت إليه ،والعمد :نقيض الخطأ في القتل وغيره ،وإنما سمي ذلك
عمًد ا؛ إلستواء إرادتك إياه .يقال :فعلت ذلك عمًد ا على عين ،وعمد عين :أي بجد
ويقين ،وهذا فيه احتزاز ممن يرى شبًح ا فيظنه صيدا فيرميه ،فإنه ال يسمى عمد
عين؛ ألنه إنما تعمد صيدا على ظنه )۷( .وخالصة معنى العمد :هو ارادة الفعل
على وجه الجد واليقين.
_________________
( )۱سورة عبس :اآلية (.)۱۷
( )۲انظر شرح تاج العروس من جواهر القاموس لالمام اللغوي مجد الدين ابي الفيض السيد
محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي الحنفي ،طبع المطبعة الخيرية بجمالية مصر
المحمية ١٣٠٦هـ ،نشر دار ليبيا ،فصل السين من باب الباء.٧٦/٨ ،
( )۳لسان العرب البن منظور جمال الدين األنصاري ،الدار المصرية للتأليف والترجمة -
القاهرة 1956 -مادة القتل.٥٤٩/١١ ،
( ) ٤رواه البخاري عن ابي هريرة في باب المساجد ولفظه قاتل هللا اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد) ينظر في ذلك مختصر صحيح اإلمام البخاري لمحمد ناصر الدين األلباني -
المكتب اإلسالمي -بيروت ،الطبعة الثالثة ، ۱۹۴۸ ،الجزء األول كتاب الصالة ،باب المساجد،
ص .۱۲۳
( )٥انظر لسان العرب البن منظور ،مادة القتل.٥٤٩/١١ ،
( ) ٦معجم مقاييس اللغة ألبن الحسن احمد بن فارس بن زكريا -بتحقيق عبد السالم هارون -
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت . ٣٠٩٦ / ٤ : ١٩٧٩ -
( )۷المصدر نفسه . ٣٠٩٦ / ٤ :
الفرع الثاني
القتل اصطالحًا
أما عند الحنابلة فقد عرف البهوتي هو ( :الفعل الذي يكون سببًا لزهوق النفس،
ومفارقة الروح للبدن) ( .)۲وعرفه الشربيني من الشافعية بأنه :الفعل المزهق أي
القاتل للنفس ) ( .)۳أما عند الفقهاء المحدثين فقد عرفه بعضهم بأنه( :فعل) من العباد
تزول به الحياة) ( .)٤وعرفه آخرون بأنه:
وبعد هذا العرض آلراء الفقهاء في تعريف القتل نالحظ ان الغاية التي يراد التوصل
إليها واحدة وهي إزهاق روح ،وان اختلفت األلفاظ ،لذا
_________________
( )۱انظ ر حاش ية العالم ة ش هاب ال دين احم د الش لبي على ك نز ال دقائق ،المطبع ة الك برى
االميرية ،ببوالق ,الطبعة األولى ۱۳۱۳ ،هـ ،الجزء السادس ،ص .۹۸
( )۲انظ ر كش اف القن اع عن متن االقن اع للش يخ منص ور بن ي ونس بن ادريس البه وتي،
المتوفي س نة ١٠٥١هـ ،مطبع ة الحكوم ة ،مك ة المكرم ة١٣٩٤ ،هـ ،الج زء الخ امس ،ص
.٥٠٤
( )۳مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج للش يخ محم د الش ربيني الخطيب ،مكتب الب ابي
الحلبي واوالده واوالده ،مصر١٩٥٨ ،م ،الجزء الرابع ،ص .3
( )٤انظ ر في ذل ك د .عب د الخ الق الن واوي ،التش ريع الجن ائي اإلس المي مقارن ًا بالق انون
الوض عي ،مطبع ة دار الثقاف ة ب يروت ،الطبع ة الثاني ة ١٩٧٤ ،م ،ص . ٤٠٦وانظ ر أيض ًا
الموسوعة الفقهية ،دار الصفوة للطباعة والنش ر ،الك ويت ،الطبع ة األولى ، 1995 ،الج زء /
، ۳۲ص .۳۲۱
( )٥د .محم د ف اروق النبه ان ،مب احث في التش ريع الجن ائي اإلس المي -دار القلم للطباع ة
والنشر بيروت -الطبعة األولى ۱۹۷۷ -م ,ص .۲۱
نرجح ما ذهب إليه الحنفية بصدد تعريف القتل -السابق ذكره لما يتصف به من
إحاطة بالمعنى المقصود بالقتل حيث يتالفى هذا التعريف الخطأ الذي يقع فيه بعض
الفقهاء.
( -فهو إزهاق روح بسلبه حقه في الحياة ) ( ، )۲وعند البعض إزهاق روح إنسان
آخر دون وجه حق ) ( ، )۳أو ( إزهاق روح إنسان)(.)4
()٥
-وعرفه آخرون بأنه ( اعتداء على حياة إنسان بفعل يؤدي إلى وفاته)
وعمومًا هذه التعريفات جميعها انصبت على إزهاق روح إنسان ،وجاءت بشكل
مطلق مما يفيد شمولها العمد والخطأ وسواء كانت بفعل انسان او حيوان او جماد .
_________________
( )۱قانون العقوبات الع راقي رقم ۱۱۱لس نة ١٩٦٩وق انون العقوب ات المص ري ٥٨لس نة
. ١٩٣٧
( )۲د .محم د الفاض ل الج رائم الواقع ة على األش خاص ،ط ۳مط ابع فتن الع رب دمش ق،
، ١٩٦٥ص .٥٥
( )۳انظر :محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوب ات القس م الخ اص ،ال دار الجامعي ة للطباع ة
والنشر ،بيروت ، ١٩٨٤ص ٢٥٥ينظر أيضا د .فوزية عبد الستار ،شرح ق انون العقوب ات
القسم الخاص ،دار النهضة العربية ، ۱۹۸۲ ،ص ۳۳۹
( )٤انظ ر د .محم د ص بحي نجم ود .عب د ال رحمن توفي ق الج رائم الواقع ة على األش خاص
واألموال في قانون العقوبات األردني ،مطبعة توفيق ،عمان ،ص .۱۰
( )٥انظر د .عمر السعيد رمضان ،شرح قانون العقوبات القسم الخاص ،دار النهضة العربي ة،
القاهرة ، ١٩٨٦ص .٢١٤
المطلب الثاني
لك ل جريم ة يجرمه ا الق انون ارك ان اساس ية عام ة يتج ه الفق ه الكالس يكي إلى ان
الجريمة تتكون من ثالثة اركان اساسية ال تحق ق من دونه ا اال وهي ال ركن الم ادي
والركن المعنوي والركن الشرعي ،او كما يسمى ايضًا الركن القانوني وهو موج ود
في كل الجرائم مهما كانت طبيعتها او جسامتها ولكن يوج د اتج اه مغ اير في تحلي ل
عناصر الجريمة واول من نادى به مسیو روبرت فوان في فرنسا الذي يقول في ه ان
الجريمة تتكون من ركنين هما الركن المادي والمعنوي وال وجود لما يسمى ب الركن
الش رعي ك ركن من ارك ان الجريم ة وق د اعت بر اص حاب ه ذا االتج اه ان الق انون
الجنائي هو الذي ينشئ الجريمة ويجعل له وج ودًا قانوني ًا دون الحاج ة إلى اعتب اره
ركنا في الجريمة وجزء منه ا وبتعب ير آخ ر يك ون النص الق انوني ه و ال ذي يس بغ
الصفة الجرمية على الفع ل فال يص ح ع ده عنص رًا من عناص ر الواقع ة فال ي دخل
االص ل في الف رع الن النص الق انوني ه و وع اء الجريم ة او ه و المحت وى ال ذي
يتضمن الجريمة فال يصح ان يك ون عنص رًا منه ا )۱( .تتك ون منه ا ومن دون ه ذه
االركان او ان ينتفي احد هذه االركان فال تتحقق الجريم ة وال يمكن ان يس أل عنه ا
احد جنائيًا.
وفي ضوء ذلك يلزم لتحقق جريمة القتل العمد توافر ثالثة اركان هي:
.1الركن المادي
.2محل الجريمة
.3القصد الجنائي
_________________
( )۱د .حميد السعدي -شرح قانون العقوبات ،جرائم االعتداء على األشخاص ،الجزء الثالث،
مطبعة المعارف ،بغداد ، ١٩٧٦ ،ص . ۱۲۳وقد انتهج قانون العقوبات العراقي المسلك
االخير وقرر في الفصل الثالث من الباب الثالث الخاص بالجريمة ان ركني الجريمة هما الركن
المادي وخصص له المواد ( )۳۲-۲۸والركن المعنوي وخصص له المواد (.)۳۸( )۳۳
الفرع االول
الركن المادي
ال بد لكل جريمة من ركن مادي تتجسد فيه االرادة الجرمية لمرتكبها ،اذ ال بد من
توافره لقيامها ومن دونه ال يمكن تصور الجريمة ومن ثم يتعذر الحكم باية عقوبة
مهما كانت طبيعتها او جسامتها والركن المادي للجريمة هو الذي يخرجها إلى عالم
الواقع الملموس من مجرد فكرة تدور في خلد االنسان (.)۱
وقد عرفت المادة ( )۲۸من قانون العقوبات العراقي الركن المادي على انه :
الركن المادي للجريمة سلوك اجرامي بارتكاب فعل حرمه القانون أو االمتناع عن
فعل امر به القانون ،اذا لقيام الركن المادي الية جريمة ال بد ان يصدر عن الجاني
سلوك اجرامي محدد ،اذ ال جريمة من دون هذا السلوك وقد يكتفي القانون بهذا
السلوك لقيام الركن المادي لبعض الجرائم ،وقد يتطلب لقيام الركن المادي لجرائم
اخرى ومنها جريمة قتل العمد -موضوع البحث -وجود نتيجة جرمية ضارة
محددة بذاتها ،وفي هذه الحالة ال بد من توافر عالقة سببية تربط بين السلوك
والنتيجة الجرمية الضارة ،فان تحققت هذه العناصر الثالثة اصبح الركن المادي
مكتمًال وعدت الجريمة تامة ،بيد ان الركن المادي لجريمة قتل العمد قد يتحقق تاما
فتعد الجريمة عندئذ تامة ،وقد يبدأ الجاني به ولكنه ال يستطيع اتمامه لسبب خارج
()۲
عن إرادته فيقال ان الجريمة وقفت عند حد الشروع.
_________________
( )۱د .علي حسين الخل ف ود .س لطان الش اوي المب ادئ العام ة في ق انون العقوب ات مط ابع
وزارة التعليم الع الي والبحث العلمي ،بغ داد ۱۹۸۲م ،ص ، ۱۳۹ ، ۱۳۸ود .س امي
النصراوي المبادئ العامة في قانون العقوبات ،ج ،۱ط ۱مطبعة دار السالم ،بغداد، ۱۹۷۷ ،
ص ۲۱۱ود .م اهر عب د ش ويش االحك ام العام ة في ق انون العقوب ات ،مطبع ة دار الحكم ة
للطباعة والنشر ،الموصل ۱۹۹۰ ،ص .۱۸۷
( )۲د .محم ود نجيب حس ني ش رح ق العقوب ات القس م الع ام ،ط ه ،دار النهض ة العربي ة،
القاهرة ،١٩٨٢ ،ص .٢٦٤
عناصر الركن المادي
ان جريمة قتل العمد ال تختلف من حيث اركانها عن اية جريمة فال بد من توافر
الركن المادي المتمثل بفعل او امتناع عن فعل يؤدي إلى االعتداء المميت ( )۱وعلى
هذا االساس فان الركن المادي لجريمة قتل العمد يتطلب توافر ثالثة عناصر هي -:
ان القتل ال يمكن ان يحصل -كقاعدة عامة -اال بسلوك يصدر عن القاتل ،وهذا
القتل ال يتم بمحض سلوك ايجابي يطلق عليه الفعل فقط وانما يتوسل الجاني اليه
بسلوك سلبي ايضًا يطلق عليه االمتناع؛ ذلك ان االنسان يتوسل بسلوكه ،ايجابيًا كان
ام سلبيًا في احدث النتيجة الجرمية .ومن اجل هذا فان السلوك يكتسب صفته غير
المشروعة من قدرته على احدث النتيجة الجرمية ايًا كان مظهره ايجابيًا أو سلبيًا
ومن هنا يتضح ان السلوك االجرامي قد يكون ايجابيا او سلبيا وقد عبرت عن هذا
المعنى المادة ( )٤/١٩من قانون العقوبات العراقي رقم ( )۱۱۱لسنة ١٩٦٩والتي
نصت على ان الفعل كل تصرف جرمه القانون سواء كان ايجابيا ام سلبيًا كالترك
واالمتناع ما لم ينص القانون على خالف ذلك) (. )۲
_________________
( )۱د .سليم ابراهيم حربه القتل العمد واوصافة المختلفة ،ط ، 1مطبعة بابل بغداد،۱۹۸۸ ،
ص .۳۲
( )۲قانون العقوبات العراقي رقم ( )۱۱۱لسنة .١٩٦٩
يتضح مما سبق ان الفعل في معنى الركن المادي لجريمة القتل قد يكون بفعل
ايجابي (أي من حركة او عدة حركات عضلية تدفعه إلى الوجود إرادة انسانية)،
وهي الصورة الشائعة التي يقع بها فعل القتل .وقد يكون بفعل سلبي متخذًا شكل
الترك او االمتناع ،وهذا االمتناع قد يكون مسبوقًا بفعل ايجابي سعى به الجاني إلى
تحقيق النتيجة االجرامية وهي الوفاة ،كاالب الذي يقدم على وضع طفله في كيس
قمامة ثم يتركه في مكان خال من الناس بقصد قتله فيموت .وقد يكون االمتناع
خالصًا غير مسبوق بفعل ايجابي ،كاالب الذي يمتنع عن اطعام طفله فيموت (.)۱
اما االمتناع المسبوق بفعل ايجابي ،فال خالف في الفقه حول مسؤولية صاحبه عن
قتل عمد اذا توفر لديه القصد الجنائي الن االمتناع ال يكون اال تمكينًا للفعل االيجابي
من انتاج اثاره (.)۲
اما االمتناع المحض غير المسبوق بفعل ايجابي فقد اخذ المشرع العراقي بشأنه
بالرأي الراجح في الفقه والذي مؤداه ان القتل باالمتناع معاقب عليه بفعل ايجابي
سواء بسواء اذا كان على الممتنع واجب قانوني او اتفاقي فامتنع عن ادائه قاصدًا
احداث الجريمة التي نشأت مباشرة عن هذا االمتناع(.)۳
ومن الجدير بالذكر انه ال يشترط في القتل العمد استخدام وسيلة معينة بل يستوي
في نظر المشرع كل وسيلة صالحة الحداث الوفاة فهناك وسائل كثيرة قاتلة بطبيعتها
كالسالح الناري -السكين -السيوف -الحراب -وكل اداة قاطعة او واخزه او
راضة وغيرها من اآلالت التي من شأنها ان تصلح لالعتداء متى انصرفت إرادة
الجاني الستخدامها في قتل المجنى عليه (.)4
_________________
( )۱د .محمود محمود مصطفى ،شرح قانون العقوبات المصري ،القسم الخاص ،طه ،مطبعة
جامعة القاهرة والكتاب الجامعي ،القاهرة ، ١٩٨٤ ،ص ۲۰۳
( )۲د .محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات القسم الخاص ،دار المطبوعات الجامعية
االسكندرية ، ۱۹۷۷ ،ص .٤٠٨
( )۳نصت المادة ( )٣٤من قانون العقوبات العراقي على انه تكون الجريمة عمدية اذ توافر
القصد الجرمي لدى فاعلها ،وتعد الجرمية عمدية كذلك :أ ،اذ فرض القانون او االتفاق واجبًا
على شخص وامتنع عن ادائه قاصدًا احداث الجريمة التي نشأت مباشرة عن هذا االمتناع).
( )٤د .رؤوف عبيد جرائم االعتداء على االشخاص واالموال ،ط ،٦دار الفكر العربي ،القاهرة
، ۱۹۷۷ ،ص ،١٤ ،١٣د .عبد المهيمن بكر ،القسم الخاص في قانون العقوبات ،جرائم
االعتداء على االشخاص واالموال ،دار النهضة العربية القاهرة ،١٩٦٨ ،ص .١٩
ثانيًا -:النتيجة الجرمية
وتظهر اهمية النتيجة الجرمية (الوفاة) في جريمة القتل من عدة نواح (:)1
فمن ناحية تعد النتيجة هي معيار التفرقة بين جريمة القتل التامة وبين الشروع فيها
فاذا كانت سائر عناصر الجريمة متوفرة بما فيها النتيجة وهي الوفاة كنا ازاء
جريمة قتل تامة اما اذا كانت سائر عناصر الجريمة متوفرة عدا النتيجة وهي الوفاة
كنا بصدد شروع في قتل ال بصدد قتل تام ،ولهذا فالشروع على عكس القتل التام
من جرائم الخطر .فالنتيجة تؤدي دورًا في تحديد قصد القتل أي في التفرقة بين
القتل العمد والقتل الخطأ فالقتل يعد عمدًا اذا كانت النتيجة وهي الوفاة تمثل الغرض
الذي سعى الفاعل بفعله إلى تحقيقه ويكون القتل الخطأ اذا كان الجاني لم يهدف إلى
احداث الوفاة وان ترتب ذلك على فعله بسبب اهماله او رعونته.
ثالثًا :عالقة السببية-:
لكي تتحقق المسؤولية الجنائية عن الجريمة ذات النتيجة الضارة من الناحية المادية
-يجب ان يكون الفعل الذي ارتكبه الجاني سببًا في حدوث هذه النتيجة الضارة ،فال
يكفي صدور فعل عن المتهم من جهة ووقوع ضرر يصيب المجنى عليه من جهة
اخرى وانما ينبغي فوق ذلك اسناد النتيجة إلى الفعل فاذا لم يكن باالمكان اثبات هذا
االسناد الذي يعبر عنه بتوافر العالقة السببية بين الفعل والنتيجة فان المتهم ال يسأل
عن جريمة تامة وانما تقتصر مسؤوليته عن الشروع في الجريمة اذا ان هذا
الموصف هو القدر الثابت بحقه (.)۲
_________________
( )۱د .محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات ،القس م الخ اص ،المص در الس ابق ،ص ،٤٣٣
٤٣٤وحس ن الفكه اني ،موس وعة القض اء والفق ه ،ج ، ٤١ال دار العربي ة للموس وعات،
القاهرة ،١٩٨٠ ،ص .٥٥٧
( )2د .حميد السعدي ،شرح قانون العقوبات الجديد ،ج ،۱المصدر السابق ،ص .١٦٠
الفرع الثاني
محل جريمة القتل العمد
بعد ان بينا الركن المادي لجريمة القتل العمد والذي يتمثل في النشاط االجرامي
الصادر عن الجاني المؤدي إلى نتيجة تتمثل في وفاة المجنى عليه ،ينبغي علينا بيان
المحل الذي يقع عليه هذا النشاط االجرامي والمتمثل في انسان على قيد الحياة.
ويشترط في جريمة قتل العمد ان تتوافر صفة خاصة في محل الجريمة ،ان المجني
()۱
عليه كان يتمتعد بحقه في الحياة.
معنى الحق في الحياة
عرف فقهاء القانون الحياة بانها وصف الجسم اذا كان يباشر مجموعة من الوظائف
العضوية وبالشكل المحدد وفق القوانين الطبيعية ،والوظائف التي يقوم بها جسم
االنسان متعددة ومختلفة بتعدد واختالف اعضاء االنسان واذا ما توقفت هذه
االعضاء بصورة تامة عن اداء واجباتها الطبيعية تحول الجسم إلى جثة (.)٢
ان الحق في الحياة هو حق شخصي لتعلقه بفرد معين بالذات ،اال ان ذلك ال يمنع
من ان يكون لذلك الحق صفة اجتماعية ،سواء في ذلك اقلنا انه حق للمجتمع إلى
جانب كونه حقًا للفرد ام قلنا انه يظل حقًا فرديًا ولكن يمتد اليه في كل نطاق ارتفاق
المجتمع بحيث ال يجوز لصاحبه التصرف فيه ،فهو بالنسبة للفرد الشرط المكان
تمتعه باي حق اخر او تحمله لمصلحة المجتمع أي التزام ،وهو بالنسبة للمجتمع
شرط الحتفاظه بكيانه واستمراره وازدهاره واألثر القانوني المترتب على اعتبار
هذا الحق له صفة اجتماعية عدم جواز الرضا في القتل سببًا الباحة هذه
_________________
( )۱د .علي حسين الخلف ،ود .سلطان الشاوي ،المبادئ العامة في قانون العقوبات -المصدر
السابق ،ص .١٤٥
( )۲د .محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم الخاص ،المصدر السابق -ص ،۹
د .محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات القسم الخاص ،المصدر السابق ،ص . ۲۲۷
الجريمة اذ يعد هذا الرضا مساسًا بحق االرتفاق الفراد المجتمع ( )۱والقانون عندما
يحمي حياة االنسان فهو يحمي االنسانية جمعاء بطريقة مجردة ال اعتداد فيها بغير
صفة االنسان الحي ،فال عبرة لكونه وطنيًا ام اجنبيًا ،كما ال عبرة بكونه ذكرًا ام
انثى ،كهًال ام معتوهًا ،خطير الشأن في قومه ام غير خطير ،بريئًا ام محكوم عليه
باالعدام (.)۲
ومما يجدر االشارة اليه ان حياة االنسان تتمتع بحماية مطلقة ( ،)۳بصرف النظر عن
القدرة على استمرار في الحياة او قابليته على الحياة لكي يكون محًال للحماية
الجنائية (.)٤
اذن فالمشرع يحمي الحق الحياة مجرد من كل اعتبار ،فكل انسان حي يوفر له
القانون الحماية الالزمة بغض النظر عن الجنس او الدين او المركز االجتماعي
فالناس متساوون في هذا الشأن امام القانون ( .)٥وعليه فان المهم في هذا الصدد ان
نحدد اللحظة التي تبدأ فيها الحياة االنسانية واللحظة التي تنتهي فيها.
_________________
( )۱د .محمود نجيب حسني ،االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ،دار غ ريب
للطباعة بال ،ص .١٤
( )۲د .كامل السعيد ،األحكام العام ة للجريم ة في ق انون العقوب ات األردني -الطبع ة األولى -
،۱۹۸۱ص .۱۳
( )۳تتمث ل ه ذه الحماي ة المطلق ة في التش ريع الع راقي في الم واد ( )٤١١،٤٠٥من ق انون
العقوبات العراقي رقم ( )۱۱۱لسنة ١٩٦٩والتي تتعلق بالجرائم الماسة بحياة االنسان.
( ) ٤د .مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات القسم الخاص ،المصدر السابق ،ص .والقاض ي
فريد الزغبي الموسوعة الجنائية ،مجلد ، ١٦دار صادر ،بیروت ،۱۹۹۰ص .۱۹۷
( )٥د .حس ن ص ادق المرص فاوي ،ق انون العقوب ات ،القس م الخ اص ،منش أة المع ارف
االسكندرية ، ۱۹۷۸ ،ص , ۱۵۰ود .س لیم اب راهيم حرب ة القت ل العم د واوص افه المختلف ة،
المصدر السابق ،ص .۳۱
الفرع الثاني
القصد الجنائي
الركن المعنوي ضروري لقيام الجريمة قانونا ،ان الجريمة ليست كيانًا ماديًا خالصًا
قوامه الفعل واثاره ،وانما هي كيان معنوي قوامه العناصر النفسية المكونه لها ،وهو
ما اصطلح على تسميته بالركن المعنوي ،ويراد به االصول النفسية لماديات
الجريمة (.)١
وقد عبر المشرع العراقي في قانون العقوبات عن هذا المعنى بقوله( :القصد
الجرمي هو توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفًا إلى نتيجة
()٢
الجريمة التي وقعت او اية نتيجة جرمية اخرى)
فالقصد هو تعمد اقتراف الفعل المحظور قانونًا ،ولما كان الفعل المحظور قانونًا هو
الجريمة ،فان القصد الجنائي هو انصراف ارادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التي
يحددها القانون ،ومعنى ذلك لكي يتحقق القصد الجنائي يجب ان تتجه االرادة إلى
عناصر الجريمة المحددة في القانون ،فاذا كان البد من انصراف االرادة إلى شيء
فهذا يعني انها احاطت العلم به ،ولذلك فان احاطة العلم بموضوع الحق المعتدى
عليه انما هو عنصر اساسي في القصد الجنائي (.)۳
وتجدر االشارة إلى ان العلم بتجريم القانون للجريمة مفترض ال سبيل إلى نفيه اال
في االحوال التي ينص عليها القانون ( ، )٤اما العلم بالوقائع فهو غير مفترض،
وينبغي اقامة الدليل الكافي عليه ،ويقع على عاتق سلطة االتهام عبء اثبات ذلك،
وعلى قاضي الموضوع ان يتثبت من توافر علم الجاني بها ،وان يبين اقتناعه بذلك
_________________
( )۱د .محم ود نجيب حس ني ،النظري ة العام ة للقص د الجن ائي ،ط ،دار النهض ة العربي ة،
الق اهرة ،١٩٨٨ ،ص ،٢٤٣د .فخ ري الح ديثي ،ق انون العقوب ات -القس م الع ام – مطبع ة
جامع ة بغ داد -الطبع ة الثاني ة ، ١٩٩٢ -ص ،٢٧٥د .م اهر عب د ش ويش االحك ام العام ة،
المصدر السابق ،ص .۳۰۰
( )۲المادة ( )۱/۳۳قانون العقوبات العراقي رقم ١١١لسنة .١٩٦٩
( )۳د .حميد السعدي ش رح ق انون العقوب ات الجدي د ،االحك ام العام ة ،المص در الس ابق ،ص
.٢٣٦
( )٤نص المادة ( )۳۷من ق انون العقوب ات الع راقي (ليس الح د ان يحتج بجهل ه باحك ام ه ذا
القانون أو أي قانون اخر مالم يكن قد تعذر علمه بالق انون ال ذي يع اقب على الجريم ة بس بب
قوة قاهرة ،للمحكمة ان تعفو من العقاب االجنبي ال ذي ي رتكب جريم ة خالل س بعة اي ام على
األكثر تمضي من تاريخ قدومه إلى العراق اذا ثبت جهله بالقانون وكان ق انون مح ل اقامت ه ال
يعاقب عليها).
باسباب سائغة مستمدة من اوراق الدعوى وظروفها الثابته حيث يجب ان يعلم
الجاني بالحق المعتدى عليه أي ان اعتداءه منصب على انسان حي لذا البد ان يتوقع
الفاعل ان من شأن سلوكه ان يحدث االعتداء على حياة انسان ،اما اذا اعتقد ان فعله
ينصب على جثة انسان فارق الحياة فال يتوافر القصد لديه عند ذلك ،ومن كل هذا
يجب ان يعلم بخطورة سلوكه على حياة المجنى عليه والذي يشكل اعتداء صريحا
على حياة هذا االنسان ،لذا اذا كان القصد الجنائي هو ارادة االعتداء على الحق ،فان
هذه االرادة تتطلب العلم بان من شان الفعل احداث هذا االعتداء ويتطلب ذلك علمًا
بالوقائع التي تقترن بالفعل وتحدد خطورته ،فان جهل المتهم بعض هذه الوقائع فأتى
الفعل معتقدًا اال خطر منه على الحق فال ينسب اليه القصد (.)۱
اما عنصر االرادة فانها تعد العنصر الثاني للقصد الجنائي ،وهي عبارة عن قوة
نفسية او نشاط نفسي يوجه كل اعضاء الجسم او بعضها نحو تحقيق غرض غير
مشروع ،أي نحو المساس بحق أو مصلحة يحميها القانون الجنائي .وبعبارة اخرى
فان االرادة هي المحرك نحو اتخاذ السلوك االجرامي سلبيًا كان هذا السلوك ام
ايجابيًا بالنسبة إلى الجرائم ذات السلوك المجرد او المحض ،وهي المحرك نحو
تحقيق النتيجة االجرامية فضًال عن السلوك االجرامي -بالنسبة إلى جرائم ذات
النتيجة .فاإلرادة كأحد عنصري القصد الجنائي -يجب اذن ان تنصرف إلى كل من
السلوك االجرامي والنتيجة االجرامية (.)٢
_________________
( )1د .حميد السعدي شرح قانون العقوبات الجديد ،االحكام العامة ،المصدر السابق ،ص
.٢٣٦
( )2د .علي عبد القادر القهوجي -قانون العقوبات اللبناني القسم الخاص -جرائم االعتداء
على اإلنسان والمال والمصلحة العامة -الدار الجامعة بيروت ،ب ت ،ص .٤٠٨
المبحث الثاني
عقوبة القتل العمد
عرف قانون العقوبات العراقي في المادة ( )۳۰انه الشروع في الجريمة بأنه البدء
في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب اثره السباب ال دخل
االرادة الفاعل فيها ،هناك عقوبة أصلية لجريمة القتل العمد والمتمثلة بالعقوبات
البدنية التي تشمل عقوبة اإلعدام وكذلك العقوبات السالبة للحرية كالسجن والحبس
وباإلضافة إلى ذلك العقوبات المالية وصورتها الرئيسية الغرامة إذ حاولنا التعرض
المضامين هذه العقوبات وتحديد آثارها للوقوف على مدى امتدادها لغير المحكوم
عليه وهو الجاني أو كل من ثبتت عالقته بالجريمة المرتكبة واتضح ان العقوبات
البدنية والعقوبات السالبة للحرية منسجمة إلى حٍد بعيد مع مبدأ نوع العقوبة إذا ما
روعيت الضمانات القانونية والحدود التشريعية والقيود القضائية في تقرير هذه
العقوبات وفي إيقاعها وتنفيذها.
قسم قانون العقوبات العراقي في المادة ( )۲۳منه الجرائم من حيث جسامتها إلى
ثالثة أنواع هي الجنايات والجنح والمخالفات ،وقد بينت المادة المذكورة بأن نوع
الجريمة يحدد بنوع العقوبة االشد المقررة لها في القانون .وهو اتجاه القضاء
العراقي ايضًا ،قضت محكمة التمييز في العراق بأنه يحدد نوع الجريمة بنوع
العقوبة األشد المقررة لها قانونًا طبقا لما ورد في المادة ( )۲۳عقوبات) القرار رقم
/ ٤٧موسعة ثانية ٩١ /في .)۱( ۱۹۹۱/۷/۳۰
فالعبرة في معيار تحديد نوع الجريمة هو بالعقوبة التي يقررها القانون ال بالعقوبة
التي تنطق بها المحكمة ( .)۲وقد بينت المادة ( )٢٤عقوبات عراقي بأن نوع الجريمة
ال يتغير إذا استبدلت المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء كان
( التخفيف لعذر مخفف أم لظرف قضائي مخفف ،وهو اتجاه القضاء العراقي ايضًا
.)3
_________________
( )۱اب راهيم المش اهدي ،المب ادئ القانوني ة في قض اء محكم ة التمي يز ،مطبع ة الجاح ظ ،
بغداد ، ،ج ،۱۹۹۸ ،2ص .٦٧
( )۲د .فخري عبد الرزاق الحديثي ،شرح قانون العقوبات -القس م الع ام ،مص در س ابق ،ص
. ۲۹
( )3قضت محكمة التمييز في العراق بأنه ال تتغير جسامة الجريمة عند تخفيف المحكمة
للعقوبة سواء لعذر قانوني او لظرف قضائي المادتان ( )۲۳و ) ٢٤عقوبات) .القرار رقم
/ ٧٦٢جزاء ثانية واحداث ٨٢ /في .١٩٨٢/٤/٦مجموعة األحكام العدلية ،ع ،۲س ،۱۳
،۱۹۸۲ص .۹۸
ولكن يالحظ إن القانون في حالة توفر عذر مخفف عام كعذر الباعث الشريف يلزم
المحكمة بتخفيف العقوبة ويحدد للجريمة عقوبة أخرى غير العقوبة المقررة لها في
األصل ،وتطبيقًا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق بأنه إذا ثبت سوء سلوك
القتيلة وكان هذا هو الباعث على القتل فيعد القتل واقعًا بباعث شريف ويستدل
بالمادة ( )۱۳۰عند فرض العقوبة) (.)1
أما بخصوص ارتكاب جريمة القتل او االعتداء حال المفاجأة بالزنا -وهو من
االعذار القانونية الخاصة -نجد ان القانون قد نص على عقوبة الحبس وجوبًا
كعقوبة أصلية في المادة ( )٤٠٩عقوبات عراقي ،وال يستدل عند الحكم بها في حالة
توفر شروطها بمادة اخرى كما هو الحال عند توفر االعذار القانونية المخففة العامة
وهذا ما يدفعنا الى التساؤل عن إمكانية القول بأن الجريمة المرتكبة حال المفاجأة
بالزنا تعتبر جنحة باعتبار ان العقوبة المقررة لها في النص هي الحبس وجوبًا؟
تتمثل االجابة عن ذلك في أن عد القتل او االعتداء حال التلبس بالزني كونه جناية
او جنحة هو مدار خالف في الفقه يذهب اتجاه ( ،)2إلى أنها جناية ،ذلك أن من
الظروف الشخصية الخاصة بالفاعل ما ال تأثير لها في وصف الجريمة وإن كان من
شأنها تغيير العقوبة بالنسبة اليه سواء في معنى التشديد او في معنى التخفيف.
_________________
( ) 1القرار رقم / ٦٦٠تمييزية ٧٩ /في . ۱۹۷۹/٤/٢٢مجموعة األحكام العدلية ،ع ، ۲
س ، ۱۹۷۹ ،۱۰ص .۱۸۳
( )2د .علي احمد راشد ،مصدر سابق ،ص .٣٨٦
()۱
إلى أن الواقعة تعد جنحة وليست جناية ألن النزول بالعقوبة ويذهب اتجاه آخر
إلى الحبس ال يرجع إلى محض تقدير القاضي وأنما هو حكم المشرع نفسه ،الذي
قرر لها عقوبة الحبس وجوبًا فيكون المرجع إلى هذه العقوبة وحدها في تحديد
عقوبة الجريمة ،والحبس هو من العقوبات المقررة للجنح األمر الذي يترتب عليه
تغيير وصفها إلى جنحة تسمى جنحة القتل العمد ،وأن اإلتجاه الثاني تؤيده أحكام
القضاء ايضًا ،فقد قضت محكمة التمييز في العراق في قضية ادين فيها متهم وفق
المادة ( )٤٠٩عقوبات وعرضت عليها لبيان مدى شموله بقانون العفو العام ،ومما
جاء في القرار( ( )۲القول بأن المادة ( )٤٠٩عقوبات من جرائم القتل العمد وغير
مشمولة بقانون العفو فهو اآلخر قول غير مقبول قانونًا ،فالعذر القانوني وهو
االستفزاز الخطير مندمج بالمادة وقد غير من نوعها من الجنايات إلى الجنحة إذ
عاقب مرتكب القتل بالحبس ،وانما القول بأن نوع الجريمة ال يتغير إذا استبدلت
المحكمة بالعقوبة المقررة لها عقوبة من نوع أخف سواء كان ذلك لعذر تخفيف او
لظرف قضائي مخفف طبقًا للمادة ( )٢٤عقوبات فهذا يكون في حالة العذر القانوني
غير المندمج بالمادة العقابية .فالمادة ( )٤٠٥عقوبات تبقى جناية عند الحكم بعقوبة
الحبس لباعث شريف استدالًال بالمادة ( )۱۳۰عقوبات.
_________________
( )۱د .محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات -القسم الخاص ،مصدر سابق ،ص
.۱۳۲د .رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي ،ط ،منشأة المعارف باالسكندرية،
،١٩٩٧ص .٦٣٤
( )۲القرار رقم / ١٥٩موسعة ثانية ۹۰ /في 19/12/1990
المطلب الثاني
عقوبة القتل العمد المشدد
المصادقة على األحكام الجزائية نوعان ،مصادقة مطلقة وذلك عندما تصادق
محكمة التمييز على الحكم الجزائي برمته ودون إجراء أي تعديل على فقراته
الحكمية ،ومصادقة موجهة عندما تقوم محكمة التمييز بتصديق بعض فقرات الحكم
وتبدي عدم اقتناعها بشأن الفقرات األخرى التي تقوم أما بتعديلها بنفسها أو تعيدها
إلى محكمتها إلعادة النظر فيها (.)۱
ويقصد بالتعذيب كوسيلة من وسائل ارتكاب جريمة القتل بانه كل فعل ينزل ايالمًا
بالمجني عليه يزيد على القدر األدنى الالزم أو الكافي ألحداث الوفاة ( )٢او هو
استخدام الجاني األساليب واالعمال البربرية والوحشية الصالحة النزال اكبر قدر
من االيالم واالذالل والهوان بالمجني عليه ،سواء أتسببت هذه االعمال ذاتها في
حدوث الوفاة او ان يتوسل اليها الجاني بوسيلة عادية أخرى ،ان كل الوسائل
الصالحة ألحداث الوفاة تسبب المًا كأطالق الرصاص وطعنة السكين أو قذفة من
شاهق ولكن األلم هذا ال يعد تعذيبًا ألنه لم يكن من الجاني مقصودًا لذاته وال ينقلب
هذا األلم الى تعذيب اال اذا كان مقصودًا لذاته عند صدوره من الجاني فيتضاعف
األلم الذي يتعرض له المجني عليه فيكون الم التنفيذ والم الموت نفسه (.)۳
_________________
( )۱علي جبار صالح ،المصدر السابق ،ص . ٩٥
( ) ۲د .محمود نجيب حسني ،االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ،دار
غريب ،القاهرة ، ۱۹۷۹ ،ص .۱۱۹
( )۳د .محمد زكي أبو عامر ،قانون العقوبات اللبناني ،القسم الخاص ،الدار الجامعية
للطباعة والنشر ، ۱۹۸۱ ،ص . ٣٦٧
فهم بذلك ال يشترطون ان يكون فعل التعذيب هو السبب في حدوث الوفاة ويعتبرون
التعذيب في هذه الحالة عمًال مستقًال عن القتل وان يكون مقصودًا لذاته ال بقصد
القتل ،ويذهب هذا االتجاه الى انه كي يتم مساءلة الشخص عن هذا الظرف يجب
ان يكون قصد الجاني قد اتجه الى ارتكاب الجريمة وهو عالم بان وسيلة االعتداء
تنطوي على تعذيب وايالم المجني عليه وان ارادته اتجهت اليها .وان تخاف العلم
واإلرادة لديه بهذه الوسيلة يجعله غير مسؤول عنها وعليه تكون مسؤوليته هنا عن
جريمة قتل عمدي بسيط (.)۱
ان القصد الجنائي المتطلب هنا هو نفسه القصد الجنائي المتطلب في جريمة القتل
العمد البسيط ،والقول انه سواء اعلم الجاني او لم يعلم بوحشية طريقته فان ذلك ال
يغير من طبيعة األمر شيئًا ،فتحديد كون الطريقة وحشية من عدمه ال يرجع الى
الجاني نفسه وانما الى تقدير قاضي الموضوع ( .)۲فال يكون للجاني الدفع بعدم علمه
بوحشية أسلوبه الذي نفذ به جريمته .وبالتالي التخلص من مسؤوليته عن هذا
الظرف استنادًا للمادة ٣٦من قانون العقوبات التي نصت " اذا جهل الفاعل وجود
ظرف مشدد يغير من وصف الجريمة فال يسأل عنه ولكنه يستفيد من العذر ولو
كان يجهل وجوده " اذ ان هذه الطريقة هي التي مكنته من ارتكاب الجريمة فمن
غير المقبول أن يحتج بعد ذلك بجهله بعد ،وال يشترط ان يقوم الجاني بأفعال
متعددة ،ليستدل على استعماله لهذه الطريقة ،وانما قد يكفي الفعل الواحد ليتحقق
هذا الظرف (.)۳
_________________
( )۱علي جبار شالل ،الظروف العامة المشددة ،رس الة دكت وراه ،جامع ة بغ داد ، ۱۹۸۵ ،
ص ۱۸۳
( )۲د .عبد الستار الجميلي ،جرائم الدم الجرائم الواقعة على االش خاص في ق انون العقوب ات
رقم ١١١لسنة ، ١٩٦٩بغداد ، 1973 ،ص 2 .٢٦٣ط
( ) ۳حميد السعدي ،جرائم االعتداء على األشخاص ،مطبعة المعارف ،بغداد ، ۱۹۸۸ ،ص
. ۱۹۸
لذلك يعد من قبيل استخدام الطرق الوحشية في القتل بتر أعضاء المجني عليه او
اعدام بعض حواسه ،ذبحه بسكين غير حاد بحيث يستغرق تنفيذ الجريمة زمنًا
طويًال نسبيًا ،سكب مادة كيمياوية حارقة عليه ،اضرام النار فيه ،دفنه حيًا ،
حرمانه من الطعام والشراب والدواء ،وضعه في مكان مقفل مع حشرات سامة او
()1
حيوانات مفترسة
وهناك من االتجاهات الفقهية من اشترط ان تتسبب هذه الطرق بحدوث الم بدني
للمجني عليه فهم ال يكتفون باأللم النفسي ( . )٢وهذا عكس ما اخذ به الكتاب لدينا
والذي تايد بقرارات قضاءنا التي لم تشترط في األلم ان يكون بدنيًا وانما اعتدت
بالطرق التي تسبب المعاناة للمجني عليه ،وان تحديد المحكمة للجريمة كونها قد
ارتكبت باستعمال طرق وحشية او بالتعذيب ال يقتصر بالنظر الى الفعل ذاته وانما
يتعين ان تأخذ بنظر االعتبار الظروف التي عاصرت ارتكابه كحساسية المجني
عليه لأللم وسنه وجنسه وحالته الصحية وغيرها من الظروف ،وقاضي الموضوع
هو المرجع بتحديد مدى انطواء الجريمة على هذه األفعال من عدمه وهو يقرر ذلك
في ضوء جميع الظروف السابقة التي اقترن بها الفعل وال يخضع ذلك الرقابة
المحكمة العليا (.)۳
_________________
( ) ۱ومما يؤخذ على القضاء العراقي انه وفي قرارات حديثة لم يعتبر األفعال التالية من قبيل
الطرق الوحشية مع ما تنطويه هذه األفعال من وحشية وتعذيب للمجني عليه والتي منها ربطه
وصعقه بالكهرباء ،الذبح بالحرية ،القتل بالطير أو الفأس ،انظر القرارات الصادرة من
محكمة التميز باألرقام التالية ، ۸۸هيئة ج ، ٥٩٢ ، ۱۹۹۹ ، ۲هيئة ج ، ۱۹۹۹ ، ۲
، ٢٦هيئة ج ، ۵۰۴ ، ۱۹۹۹ ، ۲هيئة ج ، ٥٤٢ ، ۱۹۹۹ ، ۲هيئة ج . ۱۹۹۹ ، ٢
( )۲د .محمود نجيب حسني ،االعتداء على الحياة ،مصدر سابق ،ص . ۱۲۱
( )۳المصدر نفسه ،ص ۱۲۰
واخيرًا مما تجدر اإلشارة اليه هو ان هذه األفعال يجب ان تقع على المجني عليه
وهو حي ،اما األفعال التي تقع على المجني عليه بعد وفاته فتعد من قبيل التمثيل
بالجثة التي تحكمها المادة / ٤٠٦ف . ۲ب ،ويقصد بالتمثيل كل فعل من شانه
النيل من جسد المجني عليه بعد وفاته مهما كان القصد من ذلك سواء اكان إلخفاء
معالم الجثة او من قبيل التنكيل بالمجني عليه او إخفاء األمر عن السلطات التحقيقية
أو ألي سبب آخر (.)۱
نصت على ذلك المادة ( )٤-١ / ٢٥٩األصولية ،وتقرر محكمة التمييز ذلك إذا ما
رأت أن إجراءات المحاكمة كانت صحيحة واألدلة كافية للحكم واإلدانة ،إال أن
العقوبة المقضي بها كانت خفيفة ال تتفق وجسامة الجريمة المرتكبة مما يقتضي
تشديدها ،تطبيقًا لذلك قضت محكمة التمييز في العراق وجد أن كافة القرارات التي
أصدرتها محكمة الجنايات -باستثناء قرار فرض عقوبة السجن لمدة خمسة عشرة
سنة بحق المجرم كانت المحكمة المذكورة قد راعت عند إصدارها تطبيق أحكام
القانون تطبيقًا صحيحًا ولموافقة هذه القرارات للقانون قرر تصديقها ،أما بشأن
العقوبة المقضي بها على المدان وفق المادة ( / ٤٠٦أ -ز) ق .ع بداللة مواد
االشتراك فقد وجد أنها خفيفة وال تتناسب مع وقائع الجريمة وظروف ارتكابها لذا
قرر إعادة األوراق إلى محكمتها إلعادة النظر في العقوبة بغية تشديدها وإبالغها
إلى الحد المناسب ) (.)٢
_________________
( )۱د .محمود نجيب حسني ،المصدر السابق ،ص ۱۲۲
( )۲قرار محكمة التمييز المرقم ( / ۳۷۹جزاء ثانية ۲۰۰۲ /في ( ٢٠٠٢/٦/١غير منشور)
والعلة في إعادة األوراق إلى محكمتها هي أنه ال يجوز لمحكمة التمييز تغيير
العقوبة بتشديدها ،إذ أن ذلك من اختصاص محكمة الموضوع ،ومحكمة التمييز
ليست بمحكمة موضوع إبتداًء ( ، )1ولكن المشرع أعطى لمحكمة التمييز الحق في
تشديد العقوبة في حال إصرار محكمة الموضوع على عدم تشديدها ،وعهد بهذا
الحق إلى الهيئة العامة ( ، )2بموجب الفقرة (ب) من المادة ( )٢٦٣األصولية ،
نوهت محكمة التمييز في العراق إلى ذلك بقولها بما أن محكمة الجنايات لم تتبع ما
جاء بالقرار التمييزي وأصرت على قرارها السابق بفرض عقوبة السجن المؤبد
على المدان ،وحيث أن ما ذهبت إليه المحكمة بالنسبة للعقوبة المقررة غير صواب
وبعد المداولة ودراسة ظروف الجريمة المرتكبة المحملة بظرف مشدد واستنادًا
للمادة (/ ٢٦٣ب) من األصول الجزائية قررت هذه الهيئة تشديد العقوبة بحقه وذلك
بفرض عقوبة اإلعدام شنقًا حتى الموت بدًال من السجن المؤبد التي أصرت عليها
محكمة الموضوع ) (.)3
_________________
( )1االستاذ عبد االمير العكيلي و د .سليم حربه شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ،ج
،۱الدار الجامعية
للطباعة والنشر والترجمة ، ۱۹۸۸ ،ص . ۲۰۹
( ) 2د .سعد إبراهيم األعظمي ،موسوعة مصطلحات القانون الجنائي ،ج ،۲دار الشؤون
الثقافية العامة -بغداد ،
، ۲۰۰۲ص . ۲۷۷
( )3ق رار محكم ة التمي يز الم رقم / ۱۱۱/۱۱۰هي أة عام ة ۹۲ /في ۱۹۹۲/۱۱/۳۰أورده
إب راهيم المش اهدي ،ج ، 1المص در الس ابق ،ص .۹۸وفي نفس المع نى :قراره ا الم رقم
/ ۱۲۰موس عة ثاني ة ۹۰ /في ١٩٩١/٩/١٦أورده إب راهيم المش اهدي ،ج ،۳المص در
السابق ،ص . ٥٤
في حالة تنفيذ عقوبة اإلعدام يستحيل تنفيذ العقوبة األخرى لدى التدقيق والمداولة
وجدان كافة القرارات الصادرة في الدعوى وجد انها صحيحة وموافقة للقانون
بالنظر لما استندت اليه من أسباب وتصريفها مع التنويه بانه في حالة تنفيذ عقوبة
اإلعدام يستحيل تنفيذ العقوبة األخرى وصدر القرار باالتفاق استنادًا ألحكام المادة
- ١/٢٥٩من قانون أصول المحاكمات الجزائية في /صفر ١٤٢٨ /هـ الموافق
٢٠٠٧/٢/٢٦م وتشكلت الهيئة العامة في محكمة التمييز االتحادية بتاريخ /٨
صفر ١٤٢٨ /هـ الموافق ۲۰۰۷/۲/۲٦برئاسة نائب الرئيس السيد ( )....وعضوية
نائب الرئيس ( )..والقضاة السادة ( )...وأصدرت القرار األتي (: )1
المتهم ( /ظ .م .ش ) واحال السيد قاضي تحقيق المهناوية بموجب قرار اإلحالة
المرقم / ۱۰۸إحالة ۲۰۰٦ /في ۲۰۰٦/٧/٣المتهم ) ظ .م .ش ) موقوفا على
محكمة جنايات الديوانية ألجراء محاكته بدعوى غير موجزة وفق احكام المادة
/ ۱ / ٤٠٦د عقوبات ،قررت محكمة جنايات الديوانية بتاريخ ، ٢٠٠٦ / ٧ / ٢٥
ادانة المتهم ( ظ .م .ش ) عن جريمتين األولى وفق احكام المادة / ١ / ٤٠٦د
عقوباتوذلك عن قتل والده المجني وحكمت عليه باإلعدام شنقًا حتى الموت والثانية
وفق احكام المادة ( ) ٤٠٥عن قتل زوجة ابيه المجني عليها ) ن .ع .ك) وحكمت
عليه بالسجن المؤيد وتنفيذ العقوبة الثانية بالتعاقب مع محكوميته في العقوبة األولى
بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية وعند استحالة تنفيذ العقوبة األولى أعاله وايداع
السكين ورأس الجاكوج والكرك الى المعاون القضائي للتصرف بها وذلك باتالفها
وإعطاء الحق للمدعية بالحق الشخصي ( ح .م .م ) بالمطالبة بالتعويض بعد
اكتساب القرار الدرجة القطعية .
_________________
( )1س لمان عبي د عب د هللا ،المخت ار في قض اء محكم ة التمي يز االتحادي ة ج ، ۳ط ، 1
موسوعة القوانين العراقية ،بغداد ، ۲۰۱۰ ،ص .۳۰
والحكم باتعاب محاماة لوكيل المدان المحامي وافهم المدان بان أوراقه سوف ترسل
تلقائيًا الى محكمة التمييز االتحادية وله حق الطعن بقرار المحكمة خالل ثالثين يومًا
تبدأ من تاريخ اليوم التالي لصدور هذا القرار امام محكمة التمييز االتحادية ولعدم
قناعة المحكوم بالقرار فقد قدم الئحة تمييزية المؤرخة في ٢٠٠٦ / ٨ / ٢٠يطلب
فيها احالته على اللجان الطبية المختصة ألجراء الفحص والتثبيت من قواه الفعلية ،
طلبت رئاسة االدعاء العام بمطالعتها المرقمة / ١٢٢هـ .ع ۲۰۰٦ /والمؤرخة
في ۲۰۰٦ / ١٠ / ٢٢تصديق كافة القرارات .
لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز االتحادية فقد وجد ان
وقائع القضية تتلخص انه بتاريخ الحادث المصادف ٢٠٠٦ / ٥ / ١٤كان المدان
( ظ .م ) يقوم بإصالح سياج الصف وحضر المجني عليه ( م .ش ) وكان بيده
سكين محاوًال االعتداء عليه وان المدان انتزع من والده السكين وطعنه عدة طعنات
وضربه بواسطة الكرك الذي كان يعمل به حتى الموت وحضرت زوجة ابيه
المجني عليها ( ن .ع ) لغرض انقاذ زوجها اال ان المدان قام بضربها بالكرك
وطعنها عدة طعنات بالسكين وادى الى وفاتها أيضًا وقد اعترف المدان في دوري
التحقيق والمحاكمة بقتل المجني عليهما والكشف على محل الحادث ومخططه
ومحضر ضبط األدوات الجريمة المستعملة في الحادث وبأقوال المدعين بالحق
الشخصي والشاهد ( ع .ع ) لهذا فان األدلة بهذه الكيفية كافية لإلدانة والحكم عن
جريمتين األولى عن قتل والده وفق المادة ( / ٤٠٦أ -د ) من قانون العقوبات
والثانية وفق المادة ( ) ٤٠٥عقوبات عن قتل زوجة والده ( ن .ع ) وحيث ان
محكمة جنايات الديوانية ادانته وقد حكمت عليه عن األولى باإلعدام شنقًا حتى
الموت واحتسبت مدة موقوفيته وعن الثانية بالسجن المؤبد وتنفيذ العقوبة في الفترة (
()1
)۲بالتعاقب مع محكوميته في الفترة ( )۱بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية .
_________________
( )1سلمان عبيد عبد هللا ،مصدر سابق ,ص. 30
الخاتمة
ان هدف القانون هو الحد من انتشار الجرائم التي تمس بمهنة وتعكر صفوا الحياة
فيه وتشريعنا الجنائي انما وضع لتحقيق هذه الغاية غير ان هذا الهدف يجب ان ال
يؤدي الى التعسف والقسوة فيخرج عما اريد له أن يكون.
ومما تقدم استنتجت الباحثة بعض االستنتاجات وكذلك توصي ببعض التوصيات:
أوًال :االستنتاجات
-١ان عقوبة االعدام موضوع بحثنا هذا من اشد واقسى العقوبات المنصوص عليها
قانونا لذلك نعتقد ان من االسلم تطبيقها في موضعها المناسب لتكون مع شدتها عادلة
.
- ٢توظف عقوبة االعدام بما يخدم المجتمع وامنه فهناك من الجرائم ما تفوق
قسوتها شدة هذه العقوبة ،كجريمة القتل العمد فلمجرم في اغتال انسان بريئ وليس
من العدل في الجريمة ان نمنح المجرم من الحياة أكثر مما منحه لضحيته.
-3عقوبة االعدام هي الضابط الذي يمنع لتفكك النظام االجتماعي والسالح الذي
البد منه الكبح جماح المنحرفين وال باس بقسوتها ما دامت تحقق صيانة االمة.
ثانيًا :التوصيات
-1عدم تقرير عقوبة االعدام اال في حالة الجرائم العمدية التي ترتب خطرًا جسيمًا
او تسفر عن ازهاق روح.
-3لكل من يحكم باالعدام حق الطعن بالحكم لدى محكمة اعلى و يستدعي ذلك
الغاء كافة اشكال المحاكم الخاصة التي تمنع الطعن في احكامها.
- ٤ال تنفذ عقوبة االعدام االبعد استنفاذ حق الطعن فيها و يجب التقيد في ازهاق
روح المحكوم دون ان يقترن ذلك في تعذيبة او التمثيل به.
المصادر
القرآن الكريم
-2ابن الحسن احمد بن فارس بن زكريا ،معجم مقاييس اللغة بتحقيق عبد السالم
هارون -دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت .۱۹۷۹ -
-3ابن منظور جمال الدين األنصاري ،لسان العرب ،الدار المصرية للتأليف
والترجمة ،القاهرة.١٩٥٦ ،
-٤االستاذ عبد االمير العكيلي و د .سليم حربه شرح قانون اصول المحاكمات
الجزائية ،ج ،1الدار الجامعية للطباعة والنشر والترجمة۱۹۸۸ ،
-٥اإلمام البخاري لمحمد ناصر الدين األلباني ،مختصر صحيح المكتب اإلسالمي
بيروت ,الطبعة الثالثة.١٩٤٨ ،
-6االمام اللغوي مجد الدين ابي الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي
الزبيدي الحنفي ،تاج العروس من جواهر القاموس المطبعة الخيرية بجمالية مصر
المحمية ١٣٠٦هـ.
-8د .محمود نجيب حسني ،االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية ،
دار غريب ،القاهرة. ۱۹۷۹ ،
-١٠د .حميد السعدي -شرح قانون العقوبات جرائم االعتداء على األشخاص،
الجزء الثالث ,مطبعة المعارف ،بغداد .١٩٧٦ ،
- ۱۱د .حميد السعدي ،جرائم االعتداء على األشخاص ،مطبعة المعارف ،
بغداد . ۱۹۸۸ ،
-۱۲د .رؤوف عبيد جرائم االعتداء على االشخاص واالموال ،ط ،1دار الفكر
العربي ,القاهرة.۱۹۷۷ ،
- ۱۳د .سامي النصراوي المبادئ العامة في قانون العقوبات ،ج ،۱مطبعة دار
السالم ،بغداد.۱۹۷۷ ،
-١٤د .سعد إبراهيم األعظمي ،موسوعة مصطلحات القانون الجنائي ،ج ،۲دار
الشؤون الثقافية العامة -بغداد . ۲۰۰۲ ،
-15د .سليم ابراهيم حربه القتل العمد واوصافة المختلفة ،ط ، 1مطبعة بابل،
بغداد. ۱۹۸۸ ،
-١٦د .عبد الخالق النواوي ،التشريع الجنائي اإلسالمي مقارنًا بالقانون الوضعي،
مطبعة دار الثقافة بيروت ،الطبعة الثانية١٩٧٤ ،م.
-۱۷د .عبد الستار الجميلي ،جرائم الدم الجرائم الواقعة على االشخاص في قانون
العقوبات رقم ١١١لسنة ، ١٩٦٩ط ، 2بغداد 1973
-۱۸د .عبد المهيمن بكر ،القسم الخاص في قانون العقوبات ،جرائم االعتداء على
االشخاص واالموال ،دار النهضة العربية ،القاهرة.١٩٦٨ ،
-۱۹د .علي حسين الخلف ود .سلطان الشاوي المبادئ العامة في قانون العقوبات
مطابع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،بغداد ۱۹۸۲م .
- ۲۰د .عمر السعيد رمضان ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،دار النهضة
العربية ،القاهرة .١٩٨٦ ،
-۲۱د .فوزية عبد الستار شرح قانون العقوبات القسم الخاص ،دار النهضة
العربية۱۹۸۲ ،
۲۲د .مأمون محمد سالمة ،قانون العقوبات القسم الخاص ،المصدر السابق ،ص .
والقاضي فريد الزغبي الموسوعة الجنائية ،مجلد ، ١٦دار صادر ،بیروت۱۹۹۰ ،
-۲۳د .ماهر عبد شويش االحكام العامة في قانون العقوبات ،مطبعة دار الحكمة
للطباعة والنشر الموصل. ۱۹۹۰ ،
-٢٤د .محمد الفاضل الجرائم الواقعة على األشخاص ،ط مطابع فتن العرب
دمشق. ١٩٦٥ ،
-٢٥د .محمد زكي ابو عامر قانون العقوبات القسم الخاص ،دار المطبوعات
الجامعية االسكندرية.۱۹۷۷ ،
-٢٦د .محمد زكي أبو عامر ،قانون العقوبات اللبناني ،القسم الخاص ،الدار
الجامعية للطباعة والنشر . ۱۹۸۱ ،
-۲۷د .محمد صبحي نجم ود .عبد الرحمن توفيق الجرائم الواقعة على األشخاص
واألموال في قانون العقوبات األردني ،مطبعة توفيق ،عمان ،ب ت .
-28د .محمد فاروق النبهان مباحث في التشريع الجنائي اإلسالمي -دار القلم
للطباعة والنشر بيروت -الطبعة األولى ۱۹۷۷ -م.
- ۲۹د .محمود محمود مصطفى شرح قانون العقوبات المصري ،القسم الخاص،
طه ،مطبعة ,جامعة القاهرة ،والكتاب الجامعي ،القاهرة. ١٩٨٤ ،
-۳۰د .محمود نجيب حسني االعتداء على الحياة في التشريعات الجنائية العربية،
دار غريب للطباعة ،ب ت .
-۳۱د .محمود نجيب حسني شرح ق العقوبات القسم العام ،دار النهضة العربية،
القاهرة.۱۹۸۲ ،
-۳۲د .محمود نجيب حسني النظرية العامة للقصد الجنائي ،ط دار النهضة العربية
القاهرة .۱۹۸۸ ،
- ۳۳شهاب الدين احمد الشلبي على كنز الدقائق ،حاشية العالمة ،المطبعة الكبرى
االميرية ببوالق ،الطبعة األولى۱۳۱۳ ،هـ.
-٣٤علي جبار شالل ،الظروف العامة المشددة ،رسالة دكتوراه ،جامعة بغداد ،
. ١٩٨٥
- ٣٥محمد الشربيني الخطيب ،مغني المحتاج إلى معرفة الفاظ المنهاج مكتب
البابي الحلبي واوالده ،مصر١٩٥٨ ،م
- ٣٦محمد زكي ابو عامر ،قانون العقوبات القسم الخاص ،الدار الجامعية للطباعة
والنشر ،بيروت .١٩٨٤
ثانيا :القوانين
ثالثًا :القرارات