Professional Documents
Culture Documents
دور المعلم في التخطيط 2
دور المعلم في التخطيط 2
يش كل المعلم دوًر ا محورًي ا في البيئ ة التعليمي ة والمجتم ع المدرس ي ،وذلك ِلَم يس هم ب ه في إع داد
الطالب وتزويده بالمهارات والخبرات الاَّل زمة التي تجعل منه فرًد ا صالًح ا وقادًر ا على بناء مستقبله العلمي
والعملي.
وعلى ه ذا الس ياق ،خالل خ برتي المدرس ية األولى في األس بوع الث اني ،ت وجهت برفق ة المعلم
الموج ه لحض ور حص ة دراس ية للص ف الس ادس األساس ي ،وه و الذي ق ام بإعطاءه ا لهم ،وك ان موض وع
الحصة خاص بمهارة األساليب والتراكيب الُّلغوية بدرس جمع التكسير وإ عرابه ،حيث الحظت عند بدء
المعلم بشرح الدرس ،وكان واضًح ا عليه شعور التوتر والتردد إلعطاء الحصة ،وقام بتدوين األمثلة على
الس بورة وش رحها مباش رًة دون التمهي د لموض ع الدرس وع رض التعلم القبلي والتكام ل الرأس ي المتعل ق
بمضمون الدرس ،وكَّليف الطلبة بحل التدريبات دون التأكد من مدى تحقيق النتاج ،وكان واض ًح ا أَّن دور
المعلم قائًم ا على التلقين ،وبن اًء علي ه اقتص ر دور الطلب ة على اإلس تماع للمعلم ،وبالتاكي د لم يكن بإمك ان
أح دهم إب داء الرأي والمش اركة وظه ر عليهم الش عور بالمل ل واإلحب اط ب دا واض ًح ا على مالمحهم ألنهم لم
يستطيعوا المشاركة في سير الحصة التعليمية ،وبدوري شعرت باالستغراب والدهشة تلقاء ذلك وتسائلُت
وبعدها َّك لفني بإكمال الجزئية األخرى الخاصة بموضوع الدرس في الحصة التالية ،وهي إعراب
جمع التكسير ،في البداية هيأت للدرس بعرض معلومات سابقة تتعلق بمضمونه ،مثل :جمع المذكر السالم
والمؤنث السالم وإ عرابهما ،ثم عرضت النتاجات المراد تحقيقها وطلبت من الطلبة تأملها ،بعدها عرضت
األمثلة موض ًح ا العالمات والحاالت اإلعرابية الخاصة بجمع التكسير ،واتبعت استراتيجية التعلم التعاوني
1
خالل اإلجاب ة عن الت دريبات الواردة في الكت اب المدرس يُ ،ثَّم وظفُت اس تراتيجية (فِّك ر -زاوج -ش ارك)
كأداة غلق ،بتوزيع البطاقات الملونة على الطلبة وكتابة جمل من إنشائهم تحتوي على جمع التكسير ويقوم
الطلب ة ب إعراب هذه الجم ل .وبعد اإلنته اء من شرح الدرس عَّب َر الطلب ة عن سعادتهم وم ا شعروا ب ه من
حماس وتفاعل أثناء الحصة ،مما أثار لدي شعور الدافعية واإلرتياح بتحقيق النتاج لجميع الطلبة.
وبناًء على ما ذكرت فإَّن غياب عنصر التخطيط لقد أوقع ذلك المعلم في مأزق أمام طلبته ،وعلى
اعتب ار أَّن التخطي ط ه و اإلج راء الذي يس بق كاف ة األنش طة ،وع دم اتباع ه في ص ياغة النتاج ات الذكي ة
والتن وع باس تخدام االس تراتيجيات ،إذ ال ُب َّد من األخ ذ بعين اإلعتب ار دور التخطي ط وقي ام المعلم بتحدي د
األه داف المرج وة ووض وح الرؤي ة ،والتفك ير العمي ق؛ متفادًي ا المش كالت المتوقع ة أثن اء س ير الحص ة،
ويس توجب على المعلم تحم ل مس ؤولية التعليم وتحدي د األولوي ات بم ا يتواف ق م ع احتياج ات طلبت ه ،مراعًي ا
الفروق الفردي ة والتم ايز بين الطلب ة ،واس تخدام كاف ة اإلمكان ات والم وارد المتاح ة منتهًي ا بالتنفي ذ اإلجرائي
وبطبيع ة الح ال ك ان تص رف المعلم س لبًيا للغاي ة ،وأخف ق في إدارة العملي ة التعليمي ة؛ الذي عكس
ذلك على أداء الطلب ة ،ولم تس ر الحص ة على م ا ي رام ،وذلك لع دم اس تخدامه االس تراتيجيات التدريس ية
المتنوعة التي تثير دافعية واهتمام الطالب ،على عكس ما تم اتباعه أثناء توظيف االستراتيجيات المتنوعة
كاالستراتيجس ات التنموي ة القائم ة على تعزي ز دور الط الب وتنمي ة التفك ير اإلب داعي لدي ه ،وإ ظه ار قدرات ه
ومهاراته اإلبتكارية ،وإ شراك الطالب بإبراز دوره الفّعال داخل الحجرة الصفية.
ومن ه ذا المنطل ق ،ب دًء ا بمه ارة التخطي ط التي تعت بر هي األس اس في نج اح العملي ة التعليمي ة أو
فشلها ،فالمحتوى ليس هو الغاية ،إنما الغاية هي تحقيق األهداف المخطط لها ،بينما المحتوى هو مجرد
2
وسيلة للوصول إلى تحقيق هذه األهداف ،سواء أكانت بطويلة المدى أو قصيرة المدى ،فقد عرفت قرني (
)2016التخطيط على أنه "عملية منتظمة تتضمن اتخاذ مجموعة من اإلجراءات والقرارات للوصول إلى
أه داف مح ددة على مراح ل معين ة خالل ف ترة زمني ة مح ددة مس تخدًم ا كاف ة اإلمكاني ات المادي ة والبش رية
وبن اًء على الجلس ات التعليمي ة الخاص ة بالتخطي ط التي تم مناقش تها داخ ل الح رم الج امعي ،ف إن
للتخطيط البيداغوجي أهمية جوهرية تنعكس إيجاًب ا على نجاح العملية التعليمية وتحقيق األهداف المخطط
له ا ،بالمتابع ة والتق ويم والتغذي ة الراجع ة والتط وير المس تمر " ،فاالس تخدام الفّع ال للمبحث والمعرف ة
بالمحتوى التربوي عند القيام بالتخطيط والتدريس وتقييم التعلم وتقويمه" (معايير المعلمين.)2021 ،
ومن البديهي أن يثير لدي ما حدث بعض التساؤالت ،هل تحققت األهداف التي من المفترض أن
يسعى إليها كل معلم؟ وهل تم اتباع األساليب الفّعالة الخاصة بالتدريس؟ فقد أشرت سابًقا أن التفكير العميق
يس اعد تماًم ا في تحقي ق األه داف المرج وة وتف ادي الوق وع بالمش كالت ،وذلك بتحدي د الم دخالت الهام ة،
واس تخدام االس تراتيجيات الهادف ة ،واس تخدام المناقش ات والتنب ؤات؛ لتعزي ز فهم الط الب لموق ف المعلوم ات
الجديدة ،وطرح األسئلة المتوقعة التي تتطلب من المعلم توضيحها للطالب ،وجعل الطالب يمثلون دورهم
بطريقة فّعالة التي تتطلب منهم التفكير بتعلمهم (.)Marzano & Brown, 2009
ف إن عملي ة تحدي د األه داف مرتبط ة باأله داف والرؤي ة العام ة للمؤسس ة التعليمي ة ،لذلك يجب أن
تش مل المج االت الرئيس ة لأله داف الس لوكية (معرفي ة ،مهاري ة ،وجداني ة) ،أواًل المعرفي ة التي تؤك د على
الناتج التعلمي الفكري المبني على المعارف والمعلومات ومهارات التفكير لدى الطالب ،ضمن المستويات
اآلتية :المعرفة ،والفهم ،والتطبيق ،والتحليل ،والتركيب ،والتقويم .والمجال المهاري أو ما يطلقون عليه
3
النفس ح ركي ،الذي يؤك د ب دوره على المه ارة الحركي ة للط الب ،التي تظه ر لك ل فئ ة عمري ة على ح ده،
ويتضمن المستويات اآلتية :االستقبال ،والتهيئة ،واالستجابة الموجهه ،واالستجابة الميكانيكية ،و االستجابة
الظاهري ة المعق دة ،والتكي ف ،والتنظيم ،واالبتك ار ،واالب داع .والمج ال الوج داني أو االنفع الي ،الذي يؤك د
على انفع االت الط الب ومش اعره واتجاهات ه وميوله ،وتم تص نيف مس توياته ب دًءا بالتقب لُ ،ثَّم االس تجابة،
وال ُب د من إب راز دور المعلم بع د تحدي د األه داف ،بالعم ل على تحدي د اإلج راءات الالزم ة تبًع ا
للخطوات اآلتية ،بالتمهيد للدرس وتهيئة الغرفة الصفية ،والربط بين موضوع الدرس وما تم دراسته في
السابق ،وعرض المحتوى المراد تدريسه بصورة متوازنة ومالئمة مع وقت الحصة وزمنها ،شاماًل هذا
الع رض ترتيًب ا منطقًي ا ،وتوظي ف األس اليب واالس تراتيجيات واألنش طة التعليمي ة المع ززة ،بم ا يتالئم م ع
قدرات الطالب ومهاراته ،بأن تتسم هذه األنشطة باالستقصاء وحل المشكالت ،ومرتبطة بما يدور حول
موض وع الدرس وأهداف ه ،واس تخدام الم وارد المتاح ة التي تس هم في توض يح المحت وى وعرض ه بفاعلي ة
وتنمي لدى الط الب اإلب داع واإلبتك ار ،وتش جيعه على اس تخدامها بإرش اد وتوجي ه من المعلم ،وال ُب د من
الخط وة األهم التي تس هم باس تمرارية التط وير ،س واء للمعلم أو للط الب ،أال وهي التق ويم على اختالف
وسائله واستراتيجياته ،لقياس مستوى الطالب ودافعيتيه للتعلم ومدى تحقيقه للنتاج.
ولو كنت مكان المعلم ،لقمت باإلعداد والتخطيط الجيد للدرس ،ضمن التوقعات والتأمالت المسبقة،
وإ براز اإلجراءات الهامة التي تعمل على تقديم المعرفة الالزمة للطالب ،والتمهيد للدرس بطرق وأساليب
تج ذب انتب اه الط الب وتنمي لدي ه مه ارة الت ذكر ،وك ذلك توظي ف اس ترايتجات الت دريس المناس بة لمض مون
الدرس ،والتي تنّم ي دافعية الطالب للتعلم ،كأستراتيجية العمل التعاوني ،والتعلم باللعب ،وفًق ا إلى مراعاة
4
الفروق الفردية ،وكذلك االستراتيجيات التي تسهم بإدراك الطالب لمسؤولية تعلمه ،كإستراتيجية العصف
الذهني ،والط الب المعلم ،وح ل المش كالت ،التي تحق ق ه دف إش راك الط الب في العملي ة التعليمي ة داخ ل
الغرفة الصفية .والتأكد من مدى تحقيق الطالب للنتاجات المراد تحقيقها ،من خالل أداة غلق الدرس ،التي
ي برز به ا دور الط الب المب دع والمبتك ر ،ومن خالل التق ويم المعتم د على أداءه خالل الحص ة الدراس ية أو
وسائل التقويم المختلفة .وذلك جميعه مبني على التخطيط الجيد وتوفير بيئة تعليمية آمنة معززة للطالب
وعلى المس توى التنفي ذي للمخط ط له ،ال ُب َّد من مواجه ة تح ديات تعي ق س ير العملي ة التعليمي ة ،ال
سيما قلة الموارد وعدم جاهزية المدرسة ،ولكن يتوقع من المعلم المدرك لمسؤولياته ومهامه كافة ،أن ال
يجعل ذلك عائًقا أمام تحقيق األهداف الاَّل زمة ،باستخدام اإلمكانات المتاحة بالقدر الذي يستوجبه اإلجراء.
وإ ن واجهتني مثل هذه التحديات ،سأعمل جاهًد ا بالتخطيط الالزم ،والوعي الشامل بالمجاالت المرتبطة به،
والتخطيط للتعامل مع المواقف التعليمية المختلفة ،وترجمة ذلك إلى التنفيذ اإلجرائي الفّعال.
5
المراجع العربية:
الذويخ ،نورة .)2016( .األهداف السلوكية :أهميتها ،وأنواعها ،وصياغتها (ط .)1 .دار الشروق.
ق رني ،زبي دة .)2016( .تخطي ط المن اهج الدراس ية وتطويره ا (ط .)1.المكتب ة العص رية للنش ر
والتوزيع.
المراجع األجنبية:
Marzano, J. Robert & Brown, L. John. (2009). A handbook for the Art and
6