You are on page 1of 18

‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‬


‫‪Algerian cultural identity in the texts of Al-Ibrahimi and the current Algerian cultural‬‬
‫‪identity‬‬
‫د‪.‬عبد املالك عيادي‬
‫جامعة الجزائر ‪2‬‬
‫‪Ayadiabdelmalek77@gmail.com‬‬
‫د‪.‬رضا شريف‬
‫‪Rida.cherif65@gmail.com‬‬
‫تاريخ القبول‪2223/21/32 :‬‬ ‫تاريخ الاستالم‪2222/20/31 :‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫يتناول هذا البحث إشكالية إلاصالح في فكر محمد البشير إلابراهيمي (‪ )3191–3111‬للراهن الثقافي الجزائري الذي حاول‬
‫املستعمر الفرنس ي تشويهه في إطار الثقافة الكولونيالية‪ ،‬في ذلكيتعرض هذا املقال بالتحليل لألشكلة التالية‪ :‬ما طبيعةالقراءة التي‬
‫ّقدمها إلابراهيمي وهو بصدد اشتغاله على موضوع الهوية الثقافية الجزائرية؟ وهل املقاربة إلابراهيمية املنجزة ضمن الخط‬
‫تكونتفيسياقوظروفوحيثيات‬ ‫إلاصالحيالذيتبناهاملفكرقادرةعلىاستيعابإشكاالتالهويةالثقافيةالجزائريةالراهنةوالتي ّ‬
‫تاريخية مختلفة عن السياق الراهني املبصوم بلغة الهويات املفتوحة باسم التثاقف والتعايش والتقارب‪..‬؟ وفي مقاربتنا لهذه‬
‫شدا وجدبافي‬‫إلاشكاالتنهدفإلىتحيين وجهةالنظرإلاصالحيةالتي ّقدمهاإلابراهيميبخاصةفيالسياقاتاملعاصرةالتيتعرف ّ‬
‫مسألةالهويةالجزائريةآملينالوصولإلىتماسكبينأفرادألامةالجزائريةوجعلعواملالتنوعفيهم(إلاسالم‪،‬العربية‪،‬وألامازيغية‬
‫)مصدرقوةووحدةالتفرقةوضعفكماأرادهااملستعمرالفرنس يوبعضأذنابه‪.‬‬
‫الكلماتاملفتاحية‪ :‬الهوية‪،‬الثقافة‪،‬إلاصالح‪،‬الجزائر‪،‬إلاسالم‪،‬العربية‪،‬ألامازيغية‪،‬محمدالبشيرإلابراهيمي‪.‬‬
‫‪Summary:‬‬
‫‪This paper examines the problem of reform in the thought of Muhammad Al-bashir Al-Ibrahimi‬‬
‫‪(1889–1965) of the Algerian cultural present that the French colonizer tried to distort within the‬‬
‫‪framework of colonial culture, in which this article analyzes the following problem: What is the‬‬
‫‪nature of the reading presented by al-Ibrahimi while he is working on the topic of the Algerian cultural‬‬
‫‪identity? In our approach to these problems, we aim to update the reformist view presented by Al-‬‬
‫‪Ibrahimi, especially in contemporary contexts that define tension and dilemma in the matter of‬‬
‫‪Algerian identity, hoping to reach cohesion among members of the Algerian nation and make the‬‬
‫‪factors of diversity in them a source of strength, unity, no division and weakness as wanted by the‬‬
‫‪French colonizer and some of his tails.‬‬
‫‪Keywords: Identity, Culture, Reform, Algeria, Islam, Arabic, Berber, Mohammed Al-bachir Al-‬‬
‫‪Ibrahimi.‬‬

‫عبد المالك عيادي ‪Ayadiabdelmalek77@gmail.com‬‬

‫‪941‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫‪- 1‬مقدمة‪:‬‬
‫إن القارئ لنصوص إلابراهيمي‪ ،‬واملتأمل في معانيها يدرك حقيقة هذا العقل الفذ‪ ،‬وتتجلى لديه‬
‫حقيقة كامنة بأن الرجل كان يفكر بعمق وبمسؤولية املثقف العضوي بلغة غرامش ي‪ ،‬فاإلبراهيمي تميز‬
‫ببيانه وببضاعته الفكرية الدقيقة واملوفية للغرض‪ ،‬وهذا ليس مدحا لشخصه أو حكما قيميا حوله‪،‬‬
‫وإنما اعترافا بمكانته في الكتابة والتفكير في مختلف املسائل التي كانت محل اهتمام لدى مفكري عصره‪،‬‬
‫والتي تشكل بالنسبة إليه هما فكريا جديرا بالطرح يحتاج إلى رجاحة عقل وروية قادرة على استيعاب‬
‫حجم القضايا والتحديات القائمة حينها في الفضاء الثقافي والاجتماعي والسياس ي والتربوي العربي‬
‫وإلاسالمي والجزائري على وجه التحديد‪.‬‬
‫ال يخامرك الشك بقدر ما يسكنك اليقين وأنت تالمس نصوص إلابراهيمي على قلتها كون الرجل‬
‫شغلته قضية تكوين الرجال عن تأليف الكتب كما يقر بذلك هو ومن كان يحمل هم إلاصالح في ظل‬
‫هم ألامة إلاسالمية ّ‬
‫وهم الوطن الذي ينتمي إليه‬ ‫جمعية العلماء املسلمين الجزائريين‪ ،‬فالرجل كان يحمل ّ‬
‫وإدراكه لحجم التحديات التي يعانيها شعب بأكمله في ظل الوجود الكولونيالي‪ ،‬فاإلبراهيمي كان يحوز على‬
‫طاقة معرفية ومنهجية عميقة قادرة على تقديم الحلول لألدواء التي تعانيها ألامة‪ .‬لقد عاد إلابراهيمي كما‬
‫هو معروف إلى الجزائر بعد رحالت طويلة في املشرق العربي بالشام والحجاز والقاهرة‪ ،‬وهو يحمل خارطة‬
‫طريق ملشروع نهضوي إصالحي شامل برؤية واقعية مقعدة بأسس عقالنية وواقعية‪ ،‬ألنه كان يدرك أن‬
‫الوضع صعب والتحديات أصعب وعليه كان البد من تحديد ألاولويات ورسم املعالم ملشروع نهضوي‬
‫متكامل ألابعاد خدمة للهوية الجزائرية بأبعادها املختلفة‪ ،‬فالهوية الثقافية الجزائرية صارت مهددة‬
‫باألفول والاضمحالل بسبب السياسة إلامبريالية التي أرادت فرنسا فرضها على املجتمع الجزائري حينها‪،‬‬
‫وألن الهوية الثقافية بما تحمله من خصوصية ورمزية في قلب ألامة الجزائرية من دين ولغة وتاريخ وقيم‬
‫وجمالية فإن البشير إلابراهيمي أخذ على عاتقه هذه املسألة بجدية بل كان يرى فيها نقطة ارتكاز املشروع‬
‫النهضوي إلاصالحي ألن الهوية الثقافية هي واجهة ألامة ورأس مالها القيمي والوجودي‪ ،‬وعليه فإنه قد‬
‫وظف إمكاناته الفكرية واملنهجية بشكل صريح دفاعا عن الهوية بحمولتها آمال من وراء ذلك إعادة الذات‬
‫الجزائرية إلى الواجهة وتصحيح الفهم لديها كون املستعمر ّغير مفاهيم وتصورات كثيرة في نفوس‬
‫الجزائريين بلغت حد التشكيك في لغتهم ودينهم وانتمائهم وحضارتهم‪...‬الخ كمحاولة لتفتيت الهوية‬

‫‪951‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫توجها وحضارة ودينا ولغة وثقافة بدعوى‬ ‫الثقافية الجزائرية وإعادة صياغة هوية جديدة؛ هوية تغريبية ّ‬
‫التحضر والتمدن الذي كانت تتغنى به فرنسا‪ ،‬وهذا التصور قابله إلابراهيمي بخطاب نقدي رافض لهذه‬
‫التصورات والخدع الكولونيالية‪ ،‬وباملقابل ّقدم خطابا تأسيسيا بديال يؤسس للهوية الثقافية الجزائرية‬
‫ويحاول احتوائها من جديد‪ ،‬ومن هذا املنطلق يعكف هذا البحث على الحفر في نصوص إلابراهيمي‬
‫للكشف عن مضامين الهوية الثقافية الجزائرية في ظل الراهن الجزائري املعاصر في إطار أشكلة ارتأيناها‬
‫أن تكون كالتالي‪ :‬ما طبيعة القراءة التي ّقدمها إلابراهيمي وهو بصدد اشتغاله على موضوع الهوية الثقافية‬
‫ّ‬
‫الجزائرية؟ وهل ما ّقدمه إلابراهيمي ونظر له فكريا ومنهجيا بإمكانه إلاجابة عن أسئلة الراهن الهوياني‬
‫الجزائري في أبعاده التربوية‪ ،‬واللغوية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والدينية‪ ،‬وغيرها من أشكال الحمولة الثقافية لهذه‬
‫الهوية؟ وهل املقاربة إلابراهيمية املنجزة ضمن الخط إلاصالحي الذي تبناه املفكر قادرة على استيعاب‬
‫تكونت في سياق وظروف وحيثيات تاريخية مختلفة عن‬ ‫إشكاالت الهوية الثقافية الجزائرية الراهنة والتي ّ‬
‫السياق الراهني املبصوم بلغة الهويات املفتوحة باسم التثاقف والتعايش والتقارب‪...‬؟‬
‫ّ‬
‫إن هذه التساؤالت وغيرها نراها جديرة بالطرح بالنظر إلى الطابع العالئقي الذي تحمله املفاهيم املشكلة‬
‫ملوضوع دراستنا‪ ،‬وألنالنص إلابراهيمييظل نصا مفتوحاعلىالقراءة‪،‬فإننا نسعىإلىالوقوفعلىماقاله هذا‬
‫النص ليس ألجل سرده ولكن ألجل فهمه وتأويله في إطار هذهاملسألة تحديدا‪ .‬واملدخل الذي نراه أولوية نلج من‬
‫خاللها هذه الدراسة هوالقراءة املفهمية التي تجعلنا نستوعب أوال ماهية الهوية والهوية الثقافية باعتبارهما من‬
‫املفاهيم املتحركة والتي في الغالب ما تخضع ملنطلق القناعات والاتجاهات الفكرية سواء في الحقل الثقافي‬
‫الغربي‪ ،‬أو خارج هذا الفضاء الثقافي‪ ،‬فما هو مدلول الهوية والهوية الثقافية وكيف ورد هذا املصطلح داخل‬
‫املتون املعرفيةاملختلفة؟وكيف حضر هذااملفهومفي نصوص "إلابراهيمي"؟‬
‫‪- 2‬املقاربة التحليلية‪:‬‬
‫‪ -3.2‬الهوية والهوية الثقافية قراءة مفهومية‪ :‬في الاشتقاق اللغوي للمصطلح تستعمل كلمة الهوية من‬
‫تعبر عن خاصية‬ ‫حيث الداللة اللغوية في ألادبيات املعاصرة "ألداء معنى الكلمة الفرنسية "‪ "identité‬التي ّ‬
‫املطابقة أي مطابقة الش يء لنفسه أو مطابقته ملثله" ‪ .3‬وفي املعاجم الحديثة أيضا ال تخرج عن هذا املضمون‪،‬‬
‫فالهوية هي الحقيقة املطلقة للش يء أو الشخص املشتملة على صفاته الجوهرية التي تميزه عن غيره‪ ،‬وتسمى‬
‫أيضا وحدة الذات؛ أي خلوها من التناقضات والتشتت‪ ،‬وقد ورد مفهومها في املوسوعة الفلسفية على أنها‬

‫‪959‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫تعبر عن تساوي وتماثل موضوع أو ظاهرة ما مع ذاته‪ ،‬أو تساوي موضوعات عديدة مع بعضها ‪.2‬‬ ‫"مقولة ّ‬
‫والهوية اسم في أصلهغيرعربيوإنمااضطرإليه بعضاملترجمينفاشتق من حرفالرباط أعنىالذي يدلعند‬
‫العرب على ارتباط املحمول باملوضوع في جوهره وهو حرف "هو" وتعرف في الفرنسية بـ‪ "identité" :‬وفي‬
‫إلانجليزية "‪ ،"identity‬وفي الالتينية "‪ ،"identitas‬وللهوية عند القدماء عدة معاني وهي‪ :‬التشخيص و الشخص‬
‫نفسه‪ ،‬والوجود الخارجي؛ قالوا‪" :‬ما به الش يء هو باعتبار تحققه يسمى حقيقة وذاتا وباعتبار تشخصه يسمى‬
‫هوية‪،‬وإذاأخذ أعم من هذاالاعتبار يسمىماهية"‪.1‬‬
‫من هنا يمكن القول عن املفهوم اللغوي للهوية أنه يعني املماثلة والتجانس‪ ،‬والتطابق والوحدة‪،‬‬
‫وألاصل في التعريف اللغوي للمصطلح ال يعبر سوى عن وضع نفس ي للمعرف من هنا تكون املقاربة‬
‫الاصطالحية أقرب لضبط املعنى الذي تدل عليه الهوية‪.‬‬
‫‪- 2.2‬في املفهوم الاصطالحي للهوية الثقافية‪ :‬إن الحقيقة التي نؤكدها في هذا الصدد هي أن مصطلح‬
‫الهوية لم يكن معروفا في ثقافتنا العربية إلاسالمية‪ ،‬ولم يعرف عند العرب واملسلمين إال حديثا‪ ،‬فالبحث‬
‫في متون النصوص املعجمية والقاموسية كاملصباح املنير‪ ،‬والقاموس املحيط‪ ،‬ولسان العرب تخلو من‬
‫هذه اللفظة‪ ،‬ولعل التعريف الوحيد الذي عرفته داخل الثقافة العربية إلاسالمية هو التعريف املنطقي‪.‬‬
‫"فالفارابي" أبو نصر اعتبرها "من املوجودات وليس من جملة املقوالت فهي من العوارض الالزمة وليست‬
‫من جملة اللواحق التي تكون بعد املاهية" ‪ ،0‬كما حدد هوية الش يء بأنها‪" :‬عينيته ووحدته وتشخصه‬
‫يعرفها في إلاطار نفسه؛ أعني من زاوية منطقية‬‫وخصوصيته ووجوده املنفرد له" ‪ .1‬أما "ابن رشد" نجده ّ‬
‫وهذا ما نفهمه من قوله‪" :‬الهوية تقال بالترادف على املعنى الذي يطلق عليه اسم املوجود وهي مشتقة من‬
‫الهو كما تشتق إلانسانية من إلانسان" ‪.9‬‬
‫هذاالتعريف"الرشدي"اليختلفعنالوصفاملنطقيالذيقالبه"أرسطو"قديما‪،‬وألن"ابنرشد"كان‬
‫شارحا"ألرسطو"فإنهقدحافظعلىالرسماملنطقيالصرفلهذااملفهوم‪،‬وعلىأساسهذاالرصديمكنالقول‬
‫إن مفهوم الهوية كرسم ه‪ ،‬و‪ ،‬ي‪ ،‬ة‪ .‬هو مصطلح متسرب من الحقل الثقافي واملعرفي العربي وإلاسالمي وليس‬
‫أصيال فيه‪ ،‬وزمان تسربه يعود إلى نهاية القرن التاسع العاشر تماشيا مع حزمة املصطلحات الوافدة من فضاء‬
‫لاخرالغربي‪،‬كالحريةواملواطنةوالقوميةوالايدولوجياوالثورة‪،‬ولعلأولمناستخدممصطلحالهويةفيالعصر‬
‫الحديثفيالفكرالعربيهو"سالمةموس ى"حسبمايطلعنابهإبراهيماليازجي‪،‬وهذامايدفعناإلىالقولبأنهذا‬

‫‪951‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫يعد من الوافد ضمن سلسلة املصطلحات الوافدة‪ ،‬ولكن هذا ال يمنعنا من العثور على بعض‬ ‫املصطلح ّ‬
‫التعريفات‪ ،‬أو إن شئنا قلنا مقاربات مفاهيمية لدى بعض املفكرين العرب‪ ،‬في هذا يعرفها "محمد سبيال" بأنها‪:‬‬
‫"مجموع السمات النفسية والحضارية والاجتماعية املميزة ألمة من ألامم عبر تاريخها الطويل" ‪ ،7‬ويعتبرها "محي‬
‫الدين صابر" بأنها‪" :‬الشخصية الثقافية أو الكيان الحضاري ملجموعة من الناس في مكان معين‪ ،‬وهي تمثل‬
‫الخصائصالحضاريةالتيابتدعتهااملجموعةالتيتنتميإليهامناللغةوالدينوالقيمالجماليةوألاخالقية‪،‬وأنماط‬
‫العالقات الاجتماعية واملهارات التقنية وفلسفة الحياة واملوت" ‪ ،1‬ويعرفها "رشاد عبد هللا الشامي" في مقال له‬
‫"إشكالية الهوية في إسرائيل بأنها" ‪":‬الشفرة التي يمكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه وشخصيته الثقافية التي‬
‫ينتمي إليها‪ ،‬والتي عن طريقها يتعرف عليه لاخرون باعتباره منتميا إلى تلك الجماعة" ‪ .1‬أما املفكر املغربي "محمد‬
‫عابد الجابري" فيعرف الهوية الثقافية بالقول‪" :‬كيان يصير ويتطور‪ ،‬وليست معطى جاهزا ونهائيا‪ ،‬هي تصير‬
‫وتتطور إما في اتجاه الانكماش‪ ،‬وإما في اتجاه الانتشار‪ ،‬وهي تعتني بتجارب أهلها ومعاناتهم وتطلعاتهم وأيضا‬
‫باحتكاكاتهاسلباوإيجابامعالهوياتالثقافيةألاخرىالتيتدخلمعهافيتغايرمننوعما"‪.32‬‬
‫من خالل رصدنا للمقاربات حول الهوية الثقافية يمكن القول أن هناك تنوع واختالف في الصياغة‬
‫املفهومية؛ من صياغة مفهومية إلى أخرى وهذا الاختالف ال يلغ تقاطع هذه املقاربات في نقطة مفصلية‬
‫تجعلنا نقول بأن الهوية الثقافية هي ما يميز كل قوم أو أمة أو جماعة أو شعب من الشعوب عن غيره‪،‬‬
‫وهذا التميز في العادة تبرزه قسمات الهوية ومكوناتها وهي تختلف من هوية إلى أخرى حيث تتدخل‬
‫عناصر مختلفة‪ ،‬دينية لغوية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬واجتماعية ‪ ...‬إلخ‪ .‬وبهذا يصبح الحديث عن هويات بالجمع وليس‬
‫هوية باملفرد وألن موضوع هذه الدراسة مرتبط باألساس مع فكر البشير إلابراهيمي فإن السؤال الذي‬
‫يستفزنا؛ هل عرفت الهوية الثقافية تعريفا في نصوص إلابراهيمي؟ وهل ورد هذا املصطلح في كتاباته ؟‬
‫إن القارئ لنصوص إلابراهيمي ال يعثر على مصطلح الهوية ولكنه باملقابل نجده يوظف مصطلحات‬
‫بديلة تشير إلى معنى الهوية مثل مصطلح الذات‪ ،‬الشخصية‪ ،‬الكيان‪ ،‬وهذه املصطلحات تقريبا هي‬
‫الغالبة في كتابات املصلحين واملثقفين وحتى السياسيين في تلك الفترة؛ أعني فترة النصف الثاني من القرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬والحقيقة أن الباحث في النص إلابراهيمي سواء في لاثار أو في املقاالت الواردة في الجرائد و‬
‫املجالت ال يعثر على تعريف صريح ملفهوم الهوية الثقافية بقدر ما يستنتج هذا املعنى الذي يحيل إلى‬
‫مفهوم الهوية‪ ،‬يقول إلابراهيمي في هذا الاتجاه‪" :‬وما ابتلى هللا ألامة الجزائرية به إال بعد أن ضعفت فيها‬

‫‪951‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫تلك املقومات باإلهمال والجهل‪ ،‬واستبدال الضاللة بالهدى والرق في الدين‪ ،‬ومحال أن تتسلط أمة وإن‬
‫بلغت من القوة ما بلغت على أمة محتفظة بمقوماتها املعنوية والروحية املستمدة من دينها وبمقوماتها‬
‫الذاتية املستمدة من لغتها وتاريخها وخصائصها الجنسية وأمجادها املوروثة " ‪ ،33‬وفي السياق نفسه‬
‫نجده يدافع عن هوية ألادب الجزائري باعتباره جزءا ال يتجزأ من الهوية الثقافية الجزائرية وفيه يقول‪:‬‬
‫"فإذا أفلح املستعمرون أو أذنابهم في تشكيكنا في أصالته وتحطيم خصائصه لم يعد ألدبنا هذه الذاتية‬
‫القوية العارمة وهذه الخاصية الجامعة التي تميزنا والتي يرهبها أعداؤنا ويعملون على سحقها فيجب أن‬
‫يظل أدبنا يستمد شخصيته وأهدافه من حاجاتنا الواقعية ال املفتعلة وال املزيفة ‪ ،32‬هكذا نجد النص‬
‫إلابراهيمي يحافظ على مصطلحي الذات والشخصية للتعبير عن معنى الهوية والتميز الذي تحمله هوية‬
‫إلانسان الجزائري ألامازييي العربي املسلم بعاداته‪ ،‬وتقاليده‪ ،‬وقيمته‪ ،‬وطريقة عيشه‪ ،‬وما تحمله هويته‬
‫من خصائص ومميزات‪ ،‬وهذه املصطلحات التي نجدها لدى إلابراهيمي تكاد تكون نفسها لدى رجال‬
‫إلاصالح املنتمين لجمعية العلماء املسلمين الجزائريين حيث استخدمها ابن باديس و امليلي والعقبى ‪. .‬إلخ‬
‫والسؤال ألاهم في هذا السياق هو‪ ،‬كيف قرأ النص إلابراهيمي مسألة الهوية الثقافية؟ وهل يمكن أن‬
‫نصنف القراءة إلابراهيمية ضمن تيار فكري و رؤية منهجية معينة؟‬
‫‪- 2.2‬الهوية الجزائرية عند إلابراهيمي املنطلق و املآل‪ :‬إن الوضع إلاشكالي ملضمون الهوية الثقافية الجزائرية‬
‫في إطار الفكر النخبوي الجزائري الحديث واملعاصر بمختلف مشاربه ومصباته يفرض علينا الانطالق من‬
‫هذه ألارضية املؤشكلة بغرض الوقوف وإلامساك بمفاصل القراءة التي تناولها إلابراهيمي كمفكر اصطالحي‬
‫عايش هذا الصراع الفكري املعقد جدا‪ ،‬والذي في نظره يحتاج إلى نظر عميق في مسألة الهوية‪ ،‬كون املسألة‬
‫طرحت على مستوى الفكر العربي إلاسالمي في تلك الفترة وكان مفكروه حينها تتجاذبهم الصراعات‬
‫إلايديولوجية وفق مرجعيات وقناعات مختلفة‪ ،‬حيث تعصب البعض للتراث العربي إلاسالمي كمحاولة‬
‫لالنغالق على الذات في حين أقبلت فئة أخرى على منجزات الحضارةالغربية معتبرين إياها الحل الوحيد إلعادة‬
‫بعثالذات العربيةإلاسالميةوالجزائرية نحواملدنية والحضارة‪،‬وبالتالي إعطاءالهويةجرعة أمل التي تجتثهامن‬
‫ركام التخلف وهواجس الفوات الحضاري‪ ،‬وباملقابل كانت هناك فئة ثالثة ترصد هذه القراءات وتبحث في‬
‫مضامينها بغرض فهمها وتحليل وجهات نظرها‪ ،‬وتصنيف نقاط القوة فيها من نقاط الضعف وكل هذا ألجل‬
‫تقديم البديل الحضاري الذي من شأنه أن يسهم في خدمة وبناء الهوية ويجعلها قادرة على تحديد مكانتها بين‬

‫‪954‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫الهويات ألاخرى‪ ،‬ومن هذا املنطلق حاول إلابراهيمي أن يحدد منطلقاته ويستشرف مآالته في قراءته لهذه‬
‫املسألة ألن الصراع الفكري الذي عرفه العالم العربي وإلاسالمي حينها لم يكن بمنئى عن الوضع الفكري في‬
‫الجزائر؛ فالنخب الجزائرية هي ألاخرى عرفت هذا الصراع ربما ليس بنفس املستوى والحدة في الطرح ولكن‬
‫كان هناك صراع حول مضامين الهوية الثقافية الجزائرية هل نتحدث باسم العروبة أم باسم ألامازيغية أم‬
‫باسمإلاسالم أمبكل هذهالقسماتوغيرها ؟‬
‫لقد انتبه إلابراهيمي لهذا الصراع واعتبره حقيقة وواقع مفروض يجب التعامل معه‪ ،‬وقد صرح‬
‫بذلك‪" :‬عندنا ثقافتين مختلفتين تتجاذبان ألامة وهي ألاوروبية وإلاسالمية وفي كال الفريقين عيوبا وأكبر‬
‫عيوب املثقفين بالثقافة إلاسالمية جهل مطبق بأحوال العصر ولوازمه‪ ،‬وأكبر عيوب املثقفين بالثقافة‬
‫ألاوروبية جهل فاضح بحقائق إلاسالم وأخالقه وآدابه وبتاريخ ألامة وهو مصباحها املض يء وبلسانها وهو‬
‫ترجمانها الصادق " ‪ ،31‬وهذا الكالم يفيدنا بأن إلابراهيمي لم يكن سلفيا راديكاليا في تفكيره كما لم يكن‬
‫لبراليا تغريبيا‪ ،‬وبالتالي كانت له رؤية مغايرة من خاللها حاول تقديم الوجه لاخر الذي يفترض أن تحمله‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية‪ ،‬فما هو هذا التصور لهذه املسألة؟‬
‫من املؤكد أن إلابراهيمي كما تفيدنا به الكثير من الدراسات والبحوث املهتمة بفكره أنه كان متأثرا‬
‫بالرؤية التجديدية التي باشرها مصلحون في املشرق العربي وبالخصوص الشيخ محمد عبده‪ ،‬والشيخ‬
‫محمد رشيد رضا‪ ،‬بخاصة ما تعلق بمسائل الذات العربية إلاسالمية وقضايا الهوية والانتماء وما اتصل‬
‫بهذه الذات من تصحيح للعقيدة‪ ،‬ومسألة الرجوع إلى مصادر الوحي‪ ،‬ومحاربة التقليد والجمود‪ ،‬والدعوة‬
‫إلى الاجتهاد املشروط والاستفادة من منجزات املدنية الحديثة وفق خصوصيات الذات العربية‬
‫وإلاسالمية‪ ...‬ولكن تأثر إلابراهيمي بهذه ألافكار إلاصالحية لم تجعل منه مجرد ناقل للمشروع الفكري‬
‫الذي رسمه هؤالء املصلحون بقدر ما كان مصلحا مجددا مدركا لخصوصيات الذات الجزائرية‪،‬‬
‫ومقتضيات الواقع الجزائري‪ ،‬وحتى خصوصيات الاستعمار الفرنس ي الذي تتخلف في سياسته‬
‫الامبريالية عن الاستعمار البريطاني الذي كان في املشرق العربي‪ ،‬ووفقا لهذه املعطيات الذاتية‬
‫واملوضوعية‪ .‬أسس إلابراهيمي قراءته للهوية الجزائرية‪.‬‬
‫لقد انتقد ألافكار املتزمتة التي تدعو إلى الارتكاس والدفاع باسم إلاسالم والعروبة والانتماء بعيدا عن‬
‫مقتضيات العصر وتحوالته وإفرازاته على مختلف ألاصعدة‪ ،‬واعتبر ذلك رجعية مقيتة ال تخدم الوضع‬

‫‪955‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫الهوياني الجزائري حينها‪ ،‬كما انتقد التصور الذي ظل يراهن على فكرة الانسالخ عن التراث ومقدراته‬
‫باعتباره سببا مباشرا للتخلف‪ ،‬وباملقابل الانتصار ملنجزات املدنية الغربية بمختلف فرصها التقنية‬
‫والعلمية والثقافية بل حتى الدعوة إلى الاندماج الال مشروط في فلك لاخر املتحضر واملتمدن‪.‬‬
‫هذا التصور الذي ّقدمه إلابراهيمي حول الوضع الذي آلت إليه ألافكار حول مفهوم الهوية‬
‫الجزائرية داخل الثقافة الجزائرية جعله يعلن على تصور آخر فحواه "ال إلغاء للماض ي والقطع معه وال‬
‫تمجيد له في الوقت نفسه‪ ،‬بل العمل على إحياء املاض ي الذي يمثل موروث ألامة الثقافي وفق ما يقتضيه‬
‫العصر وتتماهى معه املدنية الحديثة‪ ،‬أي بمعنى إحداث توافق عقالني وواقعي بين الخصوص الذاتي‬
‫وبين الوافد الخارجي" ‪ ،30‬وهذا ما نلمسه في النص إلابراهيمي حيث يقول في عيون البصائر ما نصه‪:‬‬
‫"اليقظة استئناف حياة والحياة املستأنفة ليست وجودا من العدم وإنما هي تجديد ملا انهدم فلها تكاليف‬
‫حدد موقفه بوضوح من التجاذبات‬ ‫ثقيلة ولها صعداء مطالبها طويلة " ‪ ،31‬من هنا يظهر أن إلابراهيمي قد ّ‬
‫الفكرية التي كانت تناقش مسائل الذات الجزائرية بمختلف أبعادها وبالخصوص البعد الثقافي فيها‪،‬‬
‫خاصة وأن الوجود الفرنس ي بمعية بعض الرجال الطرقيين قد عملوا بكل الطرق للتشكيك في هوية‬
‫إلانسان الجزائري كمحاولة لطمس معالم الهوية الجزائرية الضاربة في التاريخ بأبعادها ألامازيغية العربية‬
‫إلاسالمية‪ ،‬والحقيقة أن هذه الرؤية ارتسمت لدى إلابراهيمي منذ لقائه ألاول مع الشيخ ابن باديس‬
‫بالحجاز حيث أجمع الرجالن على أن املخاطر املحدقة بالجزائريين متأتية من شرين كما وصفهما ابن‬
‫باديس وهما الاستعمار الفرنس ي بسياساته الهمجية‪ ،‬وأفكار الطرقيين بأفكارهم الظالمية‪.‬‬
‫هذه الرؤية بالذات هي التي سمحت لإلبراهيمي بمحاربة هذاالفهم املغلوط واملشوهلحقيقةالذات الجزائرية‬
‫واعتبر بداية الحل ألزمة الهوية والتخلف هو تشخيص ألادواء ألنه البداية السليمة ألي مشروع يتوق إلى نتائج‬
‫ملموسة‪ ،‬فالبناء الهوياني الجديد للهوية الجزائرية بعد حالة التشكيك التي بلغتها كما ذكرنا سلفا يتطلب فهما‬
‫خاصا وتحليال دقيقا للوضع العام الذي يعيشه إلانسان الجزائري‪ ،‬فضال عن هذا فإن إلابراهيمي لم يتوقف‬
‫عند حدود فهم واقع الذات الجزائرية بل أكد على ضرو ة فهم لاخر الذي ّ‬
‫يعد جزءا مهما في املعادلة الحضارية‪،‬‬ ‫ر‬
‫وهنانتساءلكيففكرإلابراهيميفيلاخر؟وكيفحضرلاخرفيقراءاتهوخطاباته؟‬
‫‪ - 2.2‬الهوية الثقافية الجزائرية وآلاخر عند إلابراهيمي‪ :‬تفيدنا نصوص إلابراهيمي بأنه ال يمكن‬
‫بأي حال من ألاحوال أن نتحدث عن مسألة الهوية الثقافية الجزائرية دون أن نستحضر لاخر‪ ،‬فالغرب‬

‫‪951‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫الكولونيالي عند إلابراهيمي يجب أن يفهم ويدرج ضمن القراءة السليمة واملوضوعية ألزمة الهوية الثقافية‬
‫الجزائرية‪ ،‬ألن الحاضر في الجغرافيا والتاريخ كواقع ال يمكن إلغاءه وكل محاولة إلقصائه هي بداية‬
‫لإلخفاق وتشويه لفعل الفهم والتحليل الصحيح للقضية‪ ،‬لذلك فإن القارئ للمتن إلابراهيمي في هذه‬
‫الوجهة تحديدا‪ ،‬ال يعثر على إلاقصائية والتغييب للخر بقدر ما نجد لاخر حاضرا بصورة التثاقف‬
‫والتقارب والتواصل‪ ،‬ولكن وفق آلية معينة يراها املفكر جزءا من الحل الذي تقتضيه أدواء الهوية‪ ،‬ألن‬
‫الوجود الفرنس ي في تقديره ليس وجودا عسكريا صرفا بل هناك حالة استعمار للوعي والعقل‪ ،‬والثقافة‪،‬‬
‫وإلارادة‪ ،‬والشخصية الجزائرية وفق مشروع ثقافي وتبشيري يستهدف مكونات الهوية‪ ،‬وهذه الوضعية‬
‫ينبيي أن تدرج ضمن عملية الفهم بشكل موضوعي‪.‬‬
‫إن هذه القراءة ال تختلف عن تلك القراءات املعاصرة في ثوبها الابستيمي التي فكرت في لاخر‬
‫واعتبرت حضوره ضرورة منهجية وهذا ما يبرز الرؤية التقدمية الاستشرافية لفكر إلابراهيمي‪ ،‬فالرؤية‬
‫إلابراهيمية تجاه مسألة الهوية لم تكن متخندقة وارتكاسية مدافعة خلف جدر الثوابت الهويانية بقدر‬
‫ما كانت منفتحة على لاخر في محاولة لفهم استراتيجياته وتصوراته وفق منهج نستطيع القول أنه تركيبي‬
‫منطلقه من الذات نحو لاخر دون املساس بثوابت الذات‪ ،‬وفي الوقت ذاته عدم تضييع فرص الحداثة‬
‫الغربية التي هي تعبير عن املدنية والتحضر‪ ،‬وكأن إلابراهيمي يبحث عن أحداث تزاوج منطقي وعقالني‬
‫وواقعي بين منجزات املرجعية إلاسالمية ومنجزات املرجعية الغربية‪ ،‬بعيدا عن الانسالخ أو الذوبان‪،‬‬
‫ليس من باب التلفيق‪ ،‬ولكن من جهة أن الذات الجزائرية لها أصولها ومنطلقاتها وخصائصها التي تعبر‬
‫عن هويتها وتميزها‪ ،‬وباملقابل هناك هويات أخرى تعبر هي ألاخرى عن وجودها من خالل ما تملك من‬
‫مقدرات وإنجازات علمية وثقافية‪ ،‬وتقنية‪ ،‬ينبيي الاستفادة منها وفق مبدأ التثاقف والحوار الحضاري‬
‫الذي أصبح اليوم حتمية تاريخية وحضارية‪ ،‬وقد عبر عن هذه القناعة بقوله‪" :‬وهذه املدنية التي تردد‬
‫لفظتها ألالسن‪ ،‬ويصطلح املؤرخون على نسبتها إلى أمم مختلفة ويميزون بينها بطوابع خاصة ويشتد‬
‫املتعصبون في احتكارها ألمة دون أمة هي في الحقيقة تراث إنساني تسلمه أمة وتأخذه أمة عن أمة فتزيد‬
‫فيه أو تنقص منه بحسب ما تهيأ لها من وسائل وما يؤثر فيها من عوامل" ‪.39‬‬
‫هكذا يظهر الفكر التنويري لدى إلابراهيمي ويظهر بشكل جلي قوله بالتداول الحضاري كسنة كونية يجب‬
‫أن تؤمن بها العقول وتسير نحوها التصورات الباحثة عن القراءة الصحيحة لإلشكاالت‪ ،‬فاإلبراهيمي يدعو‬

‫‪951‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫إلانسان املسلم بعامةوالجزائري بخاصة إلىضرورة التخلص منعقدة لاخر‪ ،‬ومنعقدة الانتماء إلىدين معين‬
‫ولغة معينة وانتماء وثقافة معينة ألن هذا التصور ّ‬
‫يعد قتال للهوية وتقزيما لها‪ ،‬وبالتالي إزاحتها نحو الهوامش دون‬
‫املركز‪ ،‬وقد عاد إلابراهيمي إلى صورة أجدادنا الذين صنعوا حضارة وفكرا وثقافة من ذواتهم من خالل اطالعهم‬
‫على علوم وثقافات الغير كالحضارة الصينية‪ ،‬والهندية‪ ،‬واليونانية‪ ..‬الخ‪ ،‬و لكن دون الذوبان فيها أو سحبها على ما‬
‫كانت عليه‪ ،‬وهذه الصورة التي يجب أن يكون عليها إلانسان املسلم الحديث واملعاصر ألنها في النهاية استجابة‬
‫للنص القرآني في قوله تعالى‪" :‬قل سيروا في ألارض فانظروا " ‪ ،37‬وهذا الذي يفترض أن يكون في إطار ما يعرف‬
‫بالتوظيف التراثي وفق ما يخدم املرحلة واملعطيات التي يعيشها إلانسان املسلم‪ ،‬وهكذا أسس أجدادنا في‬
‫ألاندلس حضارةوفق هذا املنحنى الفهمي املوضوعي العقالني بماأتاح لهم فهم العالم بمختلف تداخالتهاللغوية‬
‫وإلاثنية والعلمية وألادبية‪ ..‬الخ‪ ،‬وألن فئة الشباب لدى إلابراهيمي تمثل الشخصية القاعدية ألي مجتمع‪ ،‬فهي‬
‫الجزء الحساس في أي بناء اجتماعي فإنه يستحضرها في نصوصه بشكل ملفت معتبرا هذه الطاقة نقطة ارتكاز‬
‫يوجه نداءا واضحا وصريحا لهذه الفئة مخاطبا إياها بالقول‪" :‬إن عصركم‬ ‫الهوية الوطنية الجزائرية‪ ،‬لذلك نجده ّ‬
‫بطلفمنالبرأنتكونواأبطاال‪،‬إنجيلكمسماويالتشوففالتخلدواإلىألارضوإنحاضركمجديدفالتكونوا‬
‫منهفيموضعالرقعةالبالية‪..‬وإندينكمينهاكمأنتأخذواألاموربالضعفوالهوانفخذوهابالقوةوالغالب"‪.31‬‬
‫هكذا نرصد مع إلابراهيمي صوت املتنور املستوعب لحقيقة العصر وتحوالت الزمن ودور الشباب‬
‫فيه كعنصر فاعل ال منفعل‪ ،‬وفي الاتجاه ذاته نجد نصا آخرا لإلبراهيمي يشعرك وأنت تقرؤه بأن الرجل‬
‫كان متحسسا لفكرة الانفتاح الثقافي والعولمي الذي عرفه العالم اليوم محذرا من التغيرات التي تحدث‬
‫دونما توقف باعتبارها سنة تطورية يقول إلابراهيمي‪" :‬فالعالم اليوم سائر لالتصال تحثه الحياة وتدفعه‬
‫املصلحة شئنا أم أبينا وتوشك أن تصبح الكرة ألارضية دارا واحدة فال تكونوا عرضة لسيره" ‪ ،31‬هذا‬
‫الخطاب الدقيق يجعلنا نستشف بل نالمس النظرة الاستشرافية الواضحة في فكره التي رسمت لنا‬
‫املعالم الحقيقية للتحوالت املستقبلية للكون وضرورة استيعاب هذه التحوالت بمنطق املشاركة ال‬
‫بمنطق املدافعة‪ ،‬ألن العالم اليوم ال مكان فيه للضعفاء‪ ،‬وبهذه الصورة فقط يمكن القول أن القراءة‬
‫إلابراهيمية ملسألة الهوية الثقافية الجزائرية كانت مؤسسة على رؤية توفيقية يكون فيها املنطلق الذات‬
‫بثوابتها اللغوية والدينية والانتمائية نحو لاخر بمنجزاته ومقدراته وفق منطق العقالنية والواقعية‪ .‬وهذا‬
‫املسلك الذي ّقدمه إلابراهيمي يعتبره مسلك تجاوزي لألطروحات املتطرفة سواء التي رسمت معالم‬

‫‪951‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫الهوية الجزائرية بشكل نهائي ومنجز‪ ،‬أو تلك التي جعلتها مستودعا الستقبال الطاقات الوافدة من خارج‬
‫الذات‪ ،‬وهذا ما يجعلنا نصنف الرؤية إلابراهيمية ضمن الخط التجديدي في ثوبه العقالني الواقعي‪،‬‬
‫فهل يمكن أن نراهن على هذه القراءة فهما وتحليال في إطار الوضع الهوياني الثقافي الجزائري الراهني ؟‬
‫‪- 2.2‬الراهن الهوياني الجزائري وخطاب إلابراهيمي‪ :‬كنا قد أشرنا سلفا بأن محددات الهوية الثقافية الجزائرية‬
‫تتألف من قسمات ثابتة وأصيلة تحيل إلى الانتماء إلى ألامة العربية وإلاسالمية من خالل اللغة والدين‪ ،‬فضال عن‬
‫تلك الخصائص ألاخرى التي هي متغيرات كالعادات والتقاليد ومختلف ألانماط التي يحوز عليها املجتمع الجزائري‪،‬‬
‫وعليه فالهوية الثقافية الجزائرية بمفهومها الحضاري هي انتماء للعالم العربي وإلاسالمي من جهة‪ ،‬وتفرد و ّتميز من‬
‫جهةثانيةعنالهوياتألاخرىحتىفيإطارالعالمالعربيوإلاسالميمنمنطلقالهويةالثقافيةالقطرية‪،‬واملتتبعلواقع‬
‫الهويةالثقافيةالجزائريةاليوماليجدهمختلفاعنالواقعالذيكتبفيهإلابراهيميإلىجانبثلةمنرجاالتجمعية‬
‫العلماء املسلمين الجزائريين‪ ،‬وفي تصورنا أن ما نعيشه اليوم من تقلبات على مستوى الهوية الثقافية شبيه بالوضع‬
‫الهوياني الذي كتب عنه إلابراهيمي‪ ،‬والاستثناء الوحيد هو غياب عنصر الاستعمار أما امللمح العام للهوية فإننا نراه‬
‫يكاديكونمتطابقا؛فعلىالصعيدالفيلولوجياليزالسؤالالهويةاللغويةمطروحابحدةبينالتيارينالفرنكوفنوني‪،‬‬
‫والتعريبي فضال عن أصحابالاتجاه ألامازيييالذييطالبدعاته بضرورة الحديثعن ألاصل ألامازييي كمنطلق‬
‫لغوي أصيل لهوية إلانسان الجزائري‪ ،‬فبالرغم من الجهود املبذولة في إطار الدولة الوطنية املستقلة نحو رسم‬
‫مشروع التعريب الذي اعتبرته السياسة الجزائرية أولية في إلاصالح اللغوي داخل املنظومة الثقافية والاجتماعية‬
‫والتربوية والتعليمية الجزائرية‪ ،‬وبالرغم من الاعتراف باللغة ألامازيغية كلغة رسمية بكفالة دستورية إال أن الوضع‬
‫اللغوي في الجزائر غير مستقر تماما ويعيش إلى اليوم أزمة وصراع مواقع مختلفة عادة ما تبرزه أصوات املثقفين‬
‫والسياسيين والفاعلين الاجتماعيين من هذا الطرف أو ذاك‪ ،‬فاملتتبع لوضع هذه القطعة الحساسة من الهوية‬
‫الجزائرية‪ ،‬يدرك حجم التجاذبات والتنافرات إلايديولوجية القائمة بين أقطاب املدرسة الفرنكوفونية واملدرسة‬
‫ألاصلية‪ ،‬فضال عن طموحات املدرسة ألامازيغية املستندة إلى ألارضية التاريخية لشعوب املنطقة‪ ،‬وهذا الوضع‬
‫الذي تعيشه اللغة العربية الذي يفترض أنها لغة رسمية هو ما حذر منه إلابراهيمي واعتبره خطرا كبير على مصير‬
‫الهوية‪ ،‬ألن املساس باللغة العربية يحيل في تقديره إلى املساس باإلسالم كدين يمثل القناعة إلايمانية ألغلب سكان‬
‫الوطنخاصة وأناللغةالعربيةتظلتواجهخطراكبيرامن طرفأعدائهامنالداخلوالخارجألنهم يدركونوظيفتها‬
‫العظيمةوموقعهاالجوهريفيقلبالهويةالثقافية‪.‬‬

‫‪951‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫إن يبرر هذا هو أن الاستعمار ّكرس مختلف جهوده ألجل قتل اللغة العربية‪ ،‬وهو الدور الذي يقوم به‬
‫دعاة الغزو الثقافي باسم الانفتاح والعوملة وهناك ندرك حقيقة الصراع حول البعد اللغوي للهوية؛ يقول‬
‫إلابراهيمي في هذا الصدد‪" :‬وإنما يتعمد العربية بالحرب ألنها عماد العروبة‪ ،‬وممسكة بالدين أن يزول‪ ،‬وألن لها‬
‫كتابة ومع الكتابة العلم وألادب ومع ألادب التاريخ ومع كل ذلك البقاء والخلود " ‪ ،22‬بهذا يجزم إلابراهيمي بأن‬
‫ّ‬
‫نواة الهوية الثقافية الجزائرية هي اللغة العربية واملساس باللسان العربي يحيل حتما إلى املساس باإلسالم كونها‬
‫الوعاء الذي يحمل الدين ومختلف قسمات الهوية وواقع العربية راهنيا يشهد تراجعا رهيبا في بالدنا سواء أمام‬
‫اللغات ألاخرى وبالخصوص اللغة الفرنسية وهذا راجع العتبارات تاريخية معروفة التي ال تزال تفرض وجودها‬
‫إلى اليوم‪ ،‬أو من خالل طريقة توظيفها في املدارس والجامعات وإلادارات ووسائل إلاعالم حيث يتم توظيفها‬
‫بشكلمشوه وغيرمؤسسعلىقواعد لغوية نطقاوكتابة‪.‬‬
‫هذا املستوى املتدني الذي بلغته اللغة العربية يطرح جملة من الاستفهامات والتساؤالت املقلقة ألن‬
‫مصير الهوية متعلق بقوة اللغة‪ ،‬وفاعليتها‪ ،‬وقوة حضورها‪ ،‬فعلى سبيل املثال لو أخذنا فضاء التربية‬
‫والتعليم في بالدنا نجده اليوم يعاني أزمة فعلية غير مصطنعة فيما تعلق باملستوى اللغوي للتلميذ واملكون‬
‫على حد سواء‪ ،‬فالتلميذ في املدرسة و الطالب بالجامعة يعانون عجزا لغويا مخيفا يظهر بوضوح من‬
‫خالل الحوار أو من خالل الكتابة التي في الغالب يشترك فيها اللسان العربي باللسان غير العربي مع‬
‫مختلف التعبيرات التي تفرضها اللهجات العامية التي تشعرك بأن اللغة العربية تعيش ارتيابية حقيقة في‬
‫نفوس الجزائريين وفي مواقع يفترض أن تكون اللغة العربية الفصحى هي الوسيلة املثلى ألداء الوظيفة‬
‫التعليمية والتعلمية‪ ،‬وألامر ال يختلف مع املكون فحاله ال يختلف عن الوضع الذي يعانيه املتعلم‪ ،‬بل‬
‫ضعف املتعلم لغويا ناجم في تقديرنا عن ضعف املستوى اللغوي للمعلم وهنا تعظم البلية‪ ،‬وألن املناهج‬
‫واملحتويات الدراسية في املدرسة الجزائرية وفي جامعاتنا أغلبها مستورد إن لم نقل كله فإنها حتما تخضع‬
‫ملنطق اللغات التي صنعتها‪ ،‬فالذي يستورد املناهج واملقررات الدراسية يستحيل عليه أن يفرض منطق‬
‫لغته‪ ،‬وقد حذرنا إلابراهيمي من هذا الضياع الهوياني في التربية والتعليم فكرا ومنهجا ولغة‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫"فالعلم هو الجزء الضروري في الحياة الذي إما أن تنقله إليك فيكون قوة فيك أو أن تنتقل إليه في لغة‬
‫غيرك فتكون قوة لغيرك " ‪ ،23‬فإدراك إلابراهيمي ألسرار العربية وقوتها الذاتية الكامنة فيها جعله يراهن‬
‫عليها كحامل للهوية الثقافية‪ ،‬كما راهن عليها كآلية لبناء الهوية الثقافية الحضارية القوية القادرة على‬

‫‪911‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫فرض نفسها أمام الهويات ألاخرى‪ ،‬فالدور التاريخي الذي قدمته العربية في خضم الحضارة العربية‬
‫إلاسالمية باإلمكان تكراره واستثماره لصالح الهوية في كنف الدورة الحضارية‪ ،‬ألن العربية تملك‬
‫مواصفات اللغات الحية القادرة على فرض نفسها في سلم اللغات الرائدة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقددلتالدراساتالتربويةاملعاصرة"علىأنأصلحلغةللتعليمهياللغةالتييفكربهاالطالبوالتلميذكي ال‬
‫يفكر بلغة أخرى" ‪ ،22‬وهذا الذي نعيشه لألسف اليوم حيث نشعر في كل مرة بأننا غير قادرين على فرض منطق‬
‫لغتنا باعتبارها املمثل الشرعي لهويتنا‪ ،‬وهذا ما يعكس الواقع اللغوي املر الذي ضاعفت من مراراته التجاذبات‬
‫إلايديولوجية بين مختلفالتيارات املتخندقة سواءا باسمالتاريخ أو باسمإلانتفاحية‪..‬الخ‪ ،‬وال أدلعلىذلك من‬
‫تضارب الخطاب الرسمي الجزائري حول ضرورة توظيف العربية كلغة رسمية‪ ،‬وبين العراقيل والحواجز‬
‫املوضوعية التي تقف ضد هذه الرغبة‪ ،‬بل إلارادة السياسية املنبثقة من بنود الدستور الجزائري وهذا ما جعل‬
‫العربية لغة مهمشة إن لم نقل منبوذة لدى شريحة واسعة من املجتمع الجزائري بمختلف اختصاصاته وهو ما‬
‫جعل املسألة اللغوية في بالدنا تضفي حالة من القلق على الهوية الثقافية الجزائرية وتجعلها تبحث عن نفسها في‬
‫فضاء الهويات التي تناضل من أجل فرض منطقها‪ ،‬لغة‪ ،‬وعلما‪ ،‬وتربية‪ ،‬ومناهجا‪ ،‬وعادات‪ ،‬وإذا نحن انتقلنا إلى‬
‫ثابت من ثوابت ألامة الجزائرية نقصد بذلك إلاسالم الذي يعتبر دين الغالبية العظمى من املجتمع الجزائري فإننا‬
‫نجده هو لاخر يعيش حالة الالتوافق بين مختلف التيارات الفكرية املشكلة للمشهد الثقافي الجزائري وحتى على‬
‫الصعيد السياس ي‪ ،‬وإذا كان إلاسالم في نظر إلابراهيمي كما أسلفنا ثابتا من الثوابت سواء إلاسالم العقدي أو‬
‫إلاسالم الحضاري فإن هذا لم يكن محل اتفاق لدى بعض النخب املحسوبة على التيار املاركس ي أو الليبرالي‬
‫الالئكي‪ ،‬أو إن شئنا املثقفون املتأثرون بالفكر التنويري املقتنع باإلصالح الديني الكالفيني واللوثري الذي باشره‬
‫الفكر الغربي مع املسيحية‪ ،‬مؤكدين على ضرورة التعامل مع إلاسالم كعنصر ثقافي بعيدا على صفة التقديس‬
‫القائمة في نفوسوعقولوهوية الجزائريينمنذ الفتح إلاسالميالذي شهدتهاملنطقة منذ قرون‪،‬وفي هذا الصدد‬
‫يحضرني ذلك الخطاب السياس ي الذي ألقاه رئيس حزب سياس ي معروف بالجزائر اقصد "حزب التجمع من‬
‫أجلالثقافةوالديمقراطية"السيد"محسنبلعباس"بمناسبةافتتاحمخيمالشبابالتقدمي بوالية بجايةحيث‬
‫يقول‪":‬إنإقرارإلاسالمديناللدولةومنعتدريستاريخألاديانفيالبرامجاملدرسيةغداةالاستقاللأدىإلىتوظيفه‬
‫ألغراضالسلطة"‪،21‬واستطردفيكالمهمؤكداخطورةاعتبارإلاسالمرمزامنرموزالهويةبهذاالشكلالتعميمي‬
‫فيحين أن هذا الدينعامل معرقل للحداثة التي ينشدهاالجيل الحالي‪ ،‬أو كما يقول‪" :‬هناكمواضيع هامة تعرقل‬

‫‪919‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫تطورنا والوصول إلى الحداثة التي تفرض وجود قدرة جماعية على استيعاب هذه العقبات بالعقالنية املطلوبة‬
‫ويعتبرإلاسالمواحدمنهذهالعقبات"‪.20‬‬
‫يعبر عن رؤية اديولوجية لها جذورها التاريخية في‬ ‫إن هذا التصور الذي يسوقه لنا هذا السياس ي ّ‬
‫املسار الثقافي والهوياني الجزائري‪ ،‬فهو ال يختلف عن تلك القراءة التي كانت سائدة إبان الحقبة‬
‫الاستعمارية مع جيل املثقفين الجزائريين املتأثرين باملشروع املاركس ي والعلماني الليبرالي على شاكلة‬
‫صاحب مجلة "صوت املستضعفين" "‪ "la voix des humbles‬املعروف بالسيد "رابح زناتي"‪ ،‬عندما كان‬
‫يكتب فيها مقاالت يرفض من خاللها تدخل إلاسالم في الحياة السياسية والاجتماعية للجزائريين بل‬
‫يذهب إلى ضرورة محاربة هذا الدين املعيق للتطلع نحو الحضارة واملدنية‪ ،‬وهذا ما يستدعي مقاومته‬
‫بشتى الطرق حتى يفتح املجال للحرية والعقالنية كأسس لبناء مجتمع جزائري متحضر‪ ،‬وقد طالب‬
‫بسياسة الاندماج مع املجتمع الفرنس ي وبدون أية شروط‪ ،‬وفي السياق نفسه‪" :‬أنشأ هذا املثقف في العام‬
‫‪ 3121‬مجلة أخرى بعنوان صوت ألاهالي "‪ "la voix des indigènes‬والتي لم تكن مختلفة عن سابقتها في‬
‫املضمون فكالهما كان يحمل نظرة عدائية لإلسالم باعتباره عائقا من عوائق الحداثة املأمولة " ‪.21‬‬
‫وغيربعيد عن طموحات هذااملثقفالتغريبي نجدالسيد"سعيدفاس ي"ينشركتابابعنوان –الجزائر تحت‬
‫الرعايةالفرنسيةوضدإلاقطاعيةالجزائرية –يدعوفيهصراحةإلىالاندماجالكليمعفرنسا‪،‬معضرورةتوعية‬
‫ألاهاليبمشروعالثورةالفرنسيةوتحريرهم منقيودالالهوتالتيفرضهاالدجالوناملسلمونباسمإلاسالمكما‬
‫ينعتهم هو؛ "لقد تهجم على علماء الدين الذين يسعون لتقوية الدين في النفوس ويشبههم برجال الكنيسة التي‬
‫قاومتهمالثورةالفرنسية"‪.29‬‬
‫وقد رد ابن باديس عن هذا الطرح املتشبع بالثقافة الفرنسية في أحد مقاالته بجريدة الشهاب جاء‬
‫فيها‪" :‬إن هؤالء لم يقدموا على ما أقدموا عليه من رفض إلاسالم كثابت من الثوابت التي تحوز عليها ألامة‬
‫الجزائرية إال ببواعث الرغبة في عرض الدنيا ولكن هذه الرغبة لم تتم وبقي القوم ويا لألسف معلقين ال‬
‫هم من ملة آبائهم وال من امللة ألاخرى" ‪ ،27‬والحقيقة أن الغرض من هذه العودة ملثل هذه الحقائق‬
‫التاريخية هو التنبيه ملسألة مهمة في إطار الهوية الجزائرية وهي مسألة الصراع إلايديولوجي الذي كان بين‬
‫النخب الجزائرية وال يزال قائما إلى اليوم أحيانا باسم إلاسالم‪ ،‬وأحيانا باسم العروبة والقومية‪ ،‬وأحيانا‬
‫باسم التاريخ وغيرها من التصورات التي غالبا ما تطفوا إلى السطح عندما يثار النقاش حول الهوية ليبقى‬

‫‪911‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫العامل الاستعماري له دور حقيقي في مثل هذه القضايا‪ ،‬فاالستعمار الذي رحل عنا جغرافيا ال يزال‬
‫يسكن تاريخنا وهويتنا ولغتنا وعاداتنا وتقاليدنا‪ ،‬وال أدل على ذلك من واقع الهوية الثقافية على مستوى‬
‫العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية في اللباس وطريقة العيش والنمط ألاسري‪ ،‬والعالقات العامة‪،‬‬
‫وبهذا "أضحى إلاسالم والعروبة في فكر إلابراهيمي زوجان يستحيل الفصل بينهما في مشروع إلاصالح‬
‫والتجديد‪ ،‬وهذا ما جعل املستعمر يوجه سهام الحقد نحوهما" ‪.21‬‬
‫لقد ظهرت مفاهيم جديدة وقيم مستوردة لم تكن تعرفها الهوية الثقافية الجزائرية حتى في ظل الوجود‬
‫الاستعماري‪ ،‬وهذا ما يؤكد بأننا نتغير من الخارج دون رغبة منا وعن غير فهم ملا يحدث لهويتنا‪ ،‬على هذا‬
‫ألاساس كان "الخط إلاصالحي التجديدي الذي رسمه إلابراهيمي يهدف إلى بناء الذات الجزائرية بعيدا عن‬
‫الخرافات والبدع‪ ،‬وهذا ديدن جمعية العلماء املسلمين منذ نشأتها" ‪ ،21‬لقد أصبح واقع الهوية الثقافية‬
‫الجزائرية اليوم على املحك في ظل الانفتاح الالمشروط لوسائل الاتصال وسهولة الحصول عليها في عالم‬
‫الرقمنة الذي تنبأ له إلابراهيمي وحذرنا من خطورة ما سيحدث من تغيرات تصبح فيها الهوية أمام تحديات‬
‫صعبة ليس من السهل التوافق معها‪ ،‬وعلى هذا ألاساس نرى بأن الهوية الثقافية الجزائرية ليست هوية‬
‫مكتملة ومنجزة كما يدعي البعض‪ ،‬وهي ليست بمنأى عن التحوالت الجذرية التي لفظتها موجة العوملة ونهاية‬
‫التاريخ وصراع الحضارات وتباشير الليبرالية وغيرها من املفاهيم الرائجة في هذا العصر‪ ،‬ومنه يظل النص‬
‫إلابراهيمي في هذا السياق نصا لالستئناس حيث أتاح لنا ألاخذ منه والاستفادة من الوجه املشرق فيه خدمة‬
‫للهوية الثقافية الجزائرية التي تحتاج إلى مختلف النصوص الجزائرية التراثية منها أو الحديثة واملعاصرة في زمن‬
‫عرف بعصر الهوياتاملنفتحةواملتحركةوفقمنطقالزمنالذيالمكانفيهللضعفاء‪.‬‬
‫‪.2‬خاتمة‪ :‬إنالعودةإلىإلابراهيميمنخاللنصوصهونحنبصددالاشتغالعلىمسألةالهويةالثقافيةالجزائرية‬
‫يجعلنا حتماوبالضرورة نلمس تلكالرؤية املستبقةوالقراءةاملستقبلية لهذا املفكرسواء علىمستوىالرؤيةأوعلى‬
‫مستوى املنهج‪ ،‬فاالطالع على الخطاب الذي أفادنا به إلابراهيمي كما ّمر بنا ضمن حيثيات هذا البحث‪ ،‬جعلنا‬
‫نستلهمتلكالجرأةاملنهجيةفيحلحلةمختلفأشكالالفهمالتيعاصرتهوهيتقدمتصوراتهاحولالشكلأوالقالب‬
‫الهويانيالذيينبييأنيتشكلفيإطارهمفهومالشخصيةالجزائريةثقافيا‪.‬‬
‫لقداستوعبإلابراهيميبحسبقراءتنالهمقاصدالصراعإلايديولوجيوأمسكبخلفياتهودوافعه‪،‬وحاولأن‬
‫يستثمر هذا الصراع ألجل تقديم الحلول املمكنة التي تخدم الهوية الجزائرية التي عرفت أزمة حقيقية والتي عززها‬

‫‪911‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫جيل مفتون بلغة املستعمر وثقافته‪ ،‬وهذه الوضعية املحرجة املقلقة وجدنا فيها الطرح إلابراهيمي متجاوزا للصفة‬
‫إلايديولوجيةسواءفيبعدهاالفيلولوجيأوفيبعدهاالدينيمنمنطلقأنأكبروأعمقإشكالطرحتهالهويةالثقافية‬
‫الجزائريةكانمنجهةاللسانومنجهةالدين‪،‬وهذاهواملدخلالذيوجدناالاستعماريراهنعليهويعتبرهاملسلك‬
‫الصحيحإلعادةصياغةمفاهيمجديدةلإلنسانالجزائرياملسلمألامازيييباألصلواملعربباإلسالم‪.‬‬
‫إن العودة إلى إلابراهيمي في اعتقادنا فرصة ممكنة ألجل إعادة النظر في جملة املسائل املؤشكلة التي تطرحها‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية‪ ،‬ال أقول إن الخطاب الذي حمله املشروع إلاصالحي لإلبراهيمي حول مضامين الهوية‬
‫الثقافية يتلخص في اللغة والدين بل هناك مقومات أخرى تتعلق بالعادات والقيم والتقاليد والطبوع الثقافية‬
‫املختلفة‪،‬وألن هذهألاخيرةتتميزبالتغير والتحولوفقمقتضياتاملرحلةوعاملالزمنوإفرازاتالتحوالتالعاملية‬
‫التيبشرتبهاالعوملةوالانفتاحالثقافيمنخاللوسائلإلاعالموالاتصالالتيالتؤمنبالخصوص يواملحليفإننا‬
‫حاولنامنخاللهذهالورقةأننركزبالتحليلعلىالثوابتفيالهويةالجزائريةوماتخللهذهالثوابتمنإشكاالت‬
‫وسجاالت بين مختلف النخب الفكرية داخل الفضاء الفكري الجزائري‪ ،‬وبالعودة إلى التحوالت التي تشهدها‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية الراهنة ندرك حجم التحديات التي تعانيها هذه الهوية في مقابل الزخم الهوياني الذي ال‬
‫مكان فيه لصوت الضعفاء‪ ،‬فالوجود الهوياني اليوم لم يعد يؤمن بالثوابت والتخندق وراءها‪ ،‬بل يؤمن بالتغيير‬
‫واملشاركة واملثاقفة وصناعة ألافكار وتبني الحلول‪ ،‬واملساهمة في إغناء الهوية وفق ما تقتضيه املرحلة‪ ،‬وهذا في‬
‫تقديرنا ما حملته نصوص الشيخ إلابراهيمي في بعض جوانبها‪ ،‬فهو يدعونا إلى بناء هوية منطلقاتها ثوابت ألامة‬
‫ومآالتها الانفتاح على منجزات العصر دونما انسالخ وتميع‪ ،‬أي بمعنى ال وجود لهوية جاهزة مكتملة كما يدعي‬
‫البعضبقدرماتوجدهويةمنفتحةتقبلإلاضافةوالتعديلفيكلمرةحسبمعطياتومقتضياتاملرحلة‪.‬‬
‫إنالنصالذيقدمهإلابراهيميفيهذاإلاطاراليمكناعتبارهحالجذرياملسألةنراها منأعقداملسائلالتي‬
‫يعد من القضايا املؤشكلة التي عادة ما‬ ‫طرحها الفكر إلانساني برمته وبمختلف مشا به ومصباته‪ ،‬فسؤال الهوية ّ‬
‫ر‬
‫تطرح في فضاء إشكالي مفتوح على قراءات وتصورات ال يمكن اختزالها في تصور معين‪ ،‬ألن القراءة الصحيحة‬
‫ملوضوع الهوية الثقافية الجزائرية في نظرنا يتطلب استحضار مختلف النصوص والخطابات مهما كان لونها وهذا‬
‫ما يسمح بتقديم قراءة متكاملة الجوانب ملثل هذه املواضيع املعقدة بعيدا عن الانتقائية والاختزالية التي ال يمكنها‬
‫أنتستوعبحجمالقضاياالتيتطرحهاالهوية‪.‬‬

‫‪914‬‬
‫املجلد‪ / 31‬الع ــدد‪( 3 :‬جوان‪ ،)2222‬ص ‪166 -149‬‬ ‫مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪1 - Jeruwan . sabek. Dictionnaire Anglaise Francais.Arabe.Maisom sabek.Paris. p556.‬‬
‫‪-2‬روزونتال‪،‬بيوديناملوسوعةالفلسفية‪،‬ترجمةيوسفكرم‪،‬دارالطباعة‪،‬بيروت‪،‬ط‪،0‬ص‪،‬ص‪.919،190‬‬
‫‪- 1‬جميلصليبيا‪,‬املعجمالفلسفي‪,‬ج‪2‬دارالكتاباللبناني‪,‬بيروت‪,3112,‬ص‪.121‬‬
‫‪- 0‬عبدهللاالحافظمجدي‪،‬مجلةالحوارالفكري‪،‬العددألاول‪،‬جويلية‪،2223‬ص‪.92‬‬
‫‪- 1‬املرجعنفسه‪،‬ص‪.93‬‬
‫‪- 9‬املرجعنفسه‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪- 7‬املرجعنفسه‪،‬ص‪.92‬‬
‫‪- 1‬املرجعالسابق‪،‬ص‪.93‬‬
‫‪- 1‬رشادعبدهللاالشامي‪،‬إشكاليةالهويةفيإسرائيل‪،‬سلسلةعالماملعرفة‪،‬رقم‪،220‬سنة‪،3117‬ص‪7.‬‬
‫‪- 32‬محمدعابدالجابري‪،‬العربوالعوملة‪،‬بحوثومناقشاتالندوةالفكريةالتينظمهامركزدراساتالوحدةالعربية‪،‬بيروت‪،‬ط‪،2‬‬
‫‪،3111‬ص‪.211‬‬
‫‪- 33‬محمدالبشيرإلابراهيمي‪،‬عيونالبصائر‪،‬العدد‪،10‬السنةالثالثة‪7،‬نوفمبر‪،3101‬ج‪،0‬ص‪.231‬‬
‫‪- 32‬املصدرالسابق‪،‬ص‪.227‬‬
‫‪- 31‬إلابراهيميمحمدالبشير‪،‬آثارإلابراهيمي‪،‬ج‪،3‬املؤسسةالوطنيةللكتاب‪،‬الجزائر‪،3111،‬ص‪.111‬‬
‫‪– 30‬إلابراهيمي‪،‬عيونالبصائر‪،‬ص‪.210‬‬
‫‪– 31‬املصدرنفسه‪،‬ص‪.211‬‬
‫‪- 39‬إلابراهيمي‪،‬آثارالشيخمحمدالبشيرإلابراهيمي‪،‬ج‪،3‬ص‪.211‬‬
‫‪- 37‬القرآنالكريم‪،‬سورةالروم‪،‬لاية‪.02‬‬
‫‪- 31‬إلابراهيمي‪،‬لاثار‪،‬الجزءالثالث‪.‬ص‪.101‬‬
‫‪- 31‬إلابراهيمي‪،‬عيونالبصائر‪،‬ص‪.012‬‬
‫‪- 22‬إلابراهيمي‪،‬آثارالشيخإلابراهيمي‪،‬ج‪،3‬ص‪.391‬‬
‫‪- 23‬املصدرنفسه‪،‬ص‪.293‬‬
‫‪- 22‬صالحبلعيد‪،‬اللغةالجامعة‪،‬مخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر‪،‬منشوراتمخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر‪،2231،‬ص‪.72‬‬
‫‪23 - /https:/www.echorookonline.com.‬‬
‫‪- 20‬رابح لونيس ي‪ ،‬التيارات الفكرية في الجزائر املعاصرة بين الاتفاق والاختالف (‪ ،)3110/3122‬دار كوكب العلوم ‪ ,‬الجزائر‪ ،‬ط ‪,2‬‬
‫‪،2232‬ص‪.01‬‬
‫‪-21‬املرجعنفسه‪،‬ص‪.373‬‬

‫‪915‬‬
‫الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري‪.............‬عبد املالك عيادي ‪،‬رضا شريف‬

‫‪- 29‬املرجعالسابق‪،‬ص‪01‬‬
‫‪- 27‬ابنباديس‪،‬الشهاب‪،‬عددأكتوبر‪،3113‬ص‪.27‬‬
‫‪– 21‬بشيرفايد‪،‬قضاياالعربواملسلمينفيآثارالشيخالبشيرإلابراهيميوألاميرشكيبأرسالن‪،‬رسالةدكتوراهعلومفيالتاريخالحديث‬
‫واملعاصر‪،‬إشرافألاستاذالدكتورعبدالكريمبوصفصاف‪،‬جامعةمنتوري‪،‬قسنطينة‪،2232،2221،‬ص‪.133‬‬
‫‪– 21‬عبدالرحمانشيبان‪،‬الغزوالثقافيبينالحصانةالذاتيةوالبناءالحضاري‪،‬مجلةالثقافة‪،‬العدد‪،11‬سبتمبر‪،‬أكتوبر‪،3111‬ص‪.31‬‬
‫قائمةاملراجع‪:‬‬
‫‪-3‬القرآنالكريم‪،‬سورةالروم‪،‬لاية‪02.‬‬
‫‪-2‬إلابراهيميمحمدالبشير‪،‬آثارإلابراهيمي‪،‬ج‪،3‬املؤسسةالوطنيةللكتاب‪،‬الجزائر‪.3111،‬‬
‫‪-1‬محمدالبشيرإلابراهيمي‪،‬عيونالبصائر‪،‬العدد‪،10‬السنةالثالثة‪7،‬نوفمبر‪،3101،‬ج‪0.‬‬
‫‪-0‬إلابراهيمي‪،‬لاثار‪،‬الجزءالثالث‪.‬‬
‫‪-1‬رشادعبدهللاالشامي‪،‬إشكاليةالهويةفيإسرائيل‪،‬سلسلةعالماملعرفة‪،‬رقم‪،220‬سنة‪3117.‬‬
‫‪- 9‬محمدعابدالجابري‪،‬العربوالعوملة‪،‬بحوثومناقشاتالندوةالفكريةالتينظمهامركزدراساتالوحدةالعربية‪،‬بيروت‪،‬ط‪3111.،2‬‬
‫‪- 7‬عبدهللاالحافظمجدي‪،‬مجلةالحوارالفكري‪،‬العددألاول‪،‬جويلية‪2223.،‬‬
‫‪- 1‬صالحبلعيد‪،‬ألاممالحيةأممقويةبلغتها(مقال)‪،‬منشوراتمخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر‪،‬دط‪،‬الجزائر‪.2232،‬‬
‫‪-1‬رابحلونيس ي‪،‬التياراتالفكريةفيالجزائراملعاصرةبينالاتفاقوالاختالف(‪)3110/3122‬داركوكبالعلوم‪،‬لجزائر‪،‬ط‪.2232،2‬‬
‫‪-32‬ابنباديس‪،‬الشهاب‪،‬عددأكتوبر‪.3113،‬‬
‫‪-33‬روزونتال‪،‬بيوديناملوسوعةالفلسفية‪،‬تريوسفكرم‪،‬دارالطباعة‪،‬بيروت‪،‬ط‪0.‬‬
‫‪-12‬جميلصليبيا‪،‬املعجمالفلسفي‪،‬ج‪،2‬دارالكتاباللبناني‪،‬بيروت‪3112.،‬‬
‫‪– 21‬بشيرفايد‪،‬قضاياالعربواملسلمينفيآثارالشيخالبشيرإلابراهيميوألاميرشكيبأرسالن‪،‬رسالةدكتوراهعلومفيالتاريخالحديث‬
‫واملعاصر‪،‬إشرافألاستاذالدكتورعبدالكريمبوصفصاف‪،‬جامعةمنتوري‪،‬قسنطينة‪.2232،2221،‬‬
‫‪– 21‬عبدالرحمانشيبان‪،‬الغزوالثقافيبينالحصانةالذاتيةوالبناءالحضاري‪،‬مجلةالثقافة‪،‬العدد‪،11‬سبتمبر‪،‬أكتوبر‪.3111‬‬
‫‪13-Jeruwan.sabek.Dictionnaireanglisefrancais.arabe.Maisomsabek.paris.‬‬
‫‪14-/https:/www.echorookonline.com.‬‬

‫‪911‬‬

You might also like