Professional Documents
Culture Documents
941
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
- 1مقدمة:
إن القارئ لنصوص إلابراهيمي ،واملتأمل في معانيها يدرك حقيقة هذا العقل الفذ ،وتتجلى لديه
حقيقة كامنة بأن الرجل كان يفكر بعمق وبمسؤولية املثقف العضوي بلغة غرامش ي ،فاإلبراهيمي تميز
ببيانه وببضاعته الفكرية الدقيقة واملوفية للغرض ،وهذا ليس مدحا لشخصه أو حكما قيميا حوله،
وإنما اعترافا بمكانته في الكتابة والتفكير في مختلف املسائل التي كانت محل اهتمام لدى مفكري عصره،
والتي تشكل بالنسبة إليه هما فكريا جديرا بالطرح يحتاج إلى رجاحة عقل وروية قادرة على استيعاب
حجم القضايا والتحديات القائمة حينها في الفضاء الثقافي والاجتماعي والسياس ي والتربوي العربي
وإلاسالمي والجزائري على وجه التحديد.
ال يخامرك الشك بقدر ما يسكنك اليقين وأنت تالمس نصوص إلابراهيمي على قلتها كون الرجل
شغلته قضية تكوين الرجال عن تأليف الكتب كما يقر بذلك هو ومن كان يحمل هم إلاصالح في ظل
هم ألامة إلاسالمية ّ
وهم الوطن الذي ينتمي إليه جمعية العلماء املسلمين الجزائريين ،فالرجل كان يحمل ّ
وإدراكه لحجم التحديات التي يعانيها شعب بأكمله في ظل الوجود الكولونيالي ،فاإلبراهيمي كان يحوز على
طاقة معرفية ومنهجية عميقة قادرة على تقديم الحلول لألدواء التي تعانيها ألامة .لقد عاد إلابراهيمي كما
هو معروف إلى الجزائر بعد رحالت طويلة في املشرق العربي بالشام والحجاز والقاهرة ،وهو يحمل خارطة
طريق ملشروع نهضوي إصالحي شامل برؤية واقعية مقعدة بأسس عقالنية وواقعية ،ألنه كان يدرك أن
الوضع صعب والتحديات أصعب وعليه كان البد من تحديد ألاولويات ورسم املعالم ملشروع نهضوي
متكامل ألابعاد خدمة للهوية الجزائرية بأبعادها املختلفة ،فالهوية الثقافية الجزائرية صارت مهددة
باألفول والاضمحالل بسبب السياسة إلامبريالية التي أرادت فرنسا فرضها على املجتمع الجزائري حينها،
وألن الهوية الثقافية بما تحمله من خصوصية ورمزية في قلب ألامة الجزائرية من دين ولغة وتاريخ وقيم
وجمالية فإن البشير إلابراهيمي أخذ على عاتقه هذه املسألة بجدية بل كان يرى فيها نقطة ارتكاز املشروع
النهضوي إلاصالحي ألن الهوية الثقافية هي واجهة ألامة ورأس مالها القيمي والوجودي ،وعليه فإنه قد
وظف إمكاناته الفكرية واملنهجية بشكل صريح دفاعا عن الهوية بحمولتها آمال من وراء ذلك إعادة الذات
الجزائرية إلى الواجهة وتصحيح الفهم لديها كون املستعمر ّغير مفاهيم وتصورات كثيرة في نفوس
الجزائريين بلغت حد التشكيك في لغتهم ودينهم وانتمائهم وحضارتهم...الخ كمحاولة لتفتيت الهوية
951
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
توجها وحضارة ودينا ولغة وثقافة بدعوى الثقافية الجزائرية وإعادة صياغة هوية جديدة؛ هوية تغريبية ّ
التحضر والتمدن الذي كانت تتغنى به فرنسا ،وهذا التصور قابله إلابراهيمي بخطاب نقدي رافض لهذه
التصورات والخدع الكولونيالية ،وباملقابل ّقدم خطابا تأسيسيا بديال يؤسس للهوية الثقافية الجزائرية
ويحاول احتوائها من جديد ،ومن هذا املنطلق يعكف هذا البحث على الحفر في نصوص إلابراهيمي
للكشف عن مضامين الهوية الثقافية الجزائرية في ظل الراهن الجزائري املعاصر في إطار أشكلة ارتأيناها
أن تكون كالتالي :ما طبيعة القراءة التي ّقدمها إلابراهيمي وهو بصدد اشتغاله على موضوع الهوية الثقافية
ّ
الجزائرية؟ وهل ما ّقدمه إلابراهيمي ونظر له فكريا ومنهجيا بإمكانه إلاجابة عن أسئلة الراهن الهوياني
الجزائري في أبعاده التربوية ،واللغوية ،والثقافية ،والدينية ،وغيرها من أشكال الحمولة الثقافية لهذه
الهوية؟ وهل املقاربة إلابراهيمية املنجزة ضمن الخط إلاصالحي الذي تبناه املفكر قادرة على استيعاب
تكونت في سياق وظروف وحيثيات تاريخية مختلفة عن إشكاالت الهوية الثقافية الجزائرية الراهنة والتي ّ
السياق الراهني املبصوم بلغة الهويات املفتوحة باسم التثاقف والتعايش والتقارب...؟
ّ
إن هذه التساؤالت وغيرها نراها جديرة بالطرح بالنظر إلى الطابع العالئقي الذي تحمله املفاهيم املشكلة
ملوضوع دراستنا ،وألنالنص إلابراهيمييظل نصا مفتوحاعلىالقراءة،فإننا نسعىإلىالوقوفعلىماقاله هذا
النص ليس ألجل سرده ولكن ألجل فهمه وتأويله في إطار هذهاملسألة تحديدا .واملدخل الذي نراه أولوية نلج من
خاللها هذه الدراسة هوالقراءة املفهمية التي تجعلنا نستوعب أوال ماهية الهوية والهوية الثقافية باعتبارهما من
املفاهيم املتحركة والتي في الغالب ما تخضع ملنطلق القناعات والاتجاهات الفكرية سواء في الحقل الثقافي
الغربي ،أو خارج هذا الفضاء الثقافي ،فما هو مدلول الهوية والهوية الثقافية وكيف ورد هذا املصطلح داخل
املتون املعرفيةاملختلفة؟وكيف حضر هذااملفهومفي نصوص "إلابراهيمي"؟
- 2املقاربة التحليلية:
-3.2الهوية والهوية الثقافية قراءة مفهومية :في الاشتقاق اللغوي للمصطلح تستعمل كلمة الهوية من
تعبر عن خاصية حيث الداللة اللغوية في ألادبيات املعاصرة "ألداء معنى الكلمة الفرنسية " "identitéالتي ّ
املطابقة أي مطابقة الش يء لنفسه أو مطابقته ملثله" .3وفي املعاجم الحديثة أيضا ال تخرج عن هذا املضمون،
فالهوية هي الحقيقة املطلقة للش يء أو الشخص املشتملة على صفاته الجوهرية التي تميزه عن غيره ،وتسمى
أيضا وحدة الذات؛ أي خلوها من التناقضات والتشتت ،وقد ورد مفهومها في املوسوعة الفلسفية على أنها
959
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
تعبر عن تساوي وتماثل موضوع أو ظاهرة ما مع ذاته ،أو تساوي موضوعات عديدة مع بعضها .2 "مقولة ّ
والهوية اسم في أصلهغيرعربيوإنمااضطرإليه بعضاملترجمينفاشتق من حرفالرباط أعنىالذي يدلعند
العرب على ارتباط املحمول باملوضوع في جوهره وهو حرف "هو" وتعرف في الفرنسية بـ "identité" :وفي
إلانجليزية " ،"identityوفي الالتينية " ،"identitasوللهوية عند القدماء عدة معاني وهي :التشخيص و الشخص
نفسه ،والوجود الخارجي؛ قالوا" :ما به الش يء هو باعتبار تحققه يسمى حقيقة وذاتا وباعتبار تشخصه يسمى
هوية،وإذاأخذ أعم من هذاالاعتبار يسمىماهية".1
من هنا يمكن القول عن املفهوم اللغوي للهوية أنه يعني املماثلة والتجانس ،والتطابق والوحدة،
وألاصل في التعريف اللغوي للمصطلح ال يعبر سوى عن وضع نفس ي للمعرف من هنا تكون املقاربة
الاصطالحية أقرب لضبط املعنى الذي تدل عليه الهوية.
- 2.2في املفهوم الاصطالحي للهوية الثقافية :إن الحقيقة التي نؤكدها في هذا الصدد هي أن مصطلح
الهوية لم يكن معروفا في ثقافتنا العربية إلاسالمية ،ولم يعرف عند العرب واملسلمين إال حديثا ،فالبحث
في متون النصوص املعجمية والقاموسية كاملصباح املنير ،والقاموس املحيط ،ولسان العرب تخلو من
هذه اللفظة ،ولعل التعريف الوحيد الذي عرفته داخل الثقافة العربية إلاسالمية هو التعريف املنطقي.
"فالفارابي" أبو نصر اعتبرها "من املوجودات وليس من جملة املقوالت فهي من العوارض الالزمة وليست
من جملة اللواحق التي تكون بعد املاهية" ،0كما حدد هوية الش يء بأنها" :عينيته ووحدته وتشخصه
يعرفها في إلاطار نفسه؛ أعني من زاوية منطقيةوخصوصيته ووجوده املنفرد له" .1أما "ابن رشد" نجده ّ
وهذا ما نفهمه من قوله" :الهوية تقال بالترادف على املعنى الذي يطلق عليه اسم املوجود وهي مشتقة من
الهو كما تشتق إلانسانية من إلانسان" .9
هذاالتعريف"الرشدي"اليختلفعنالوصفاملنطقيالذيقالبه"أرسطو"قديما،وألن"ابنرشد"كان
شارحا"ألرسطو"فإنهقدحافظعلىالرسماملنطقيالصرفلهذااملفهوم،وعلىأساسهذاالرصديمكنالقول
إن مفهوم الهوية كرسم ه ،و ،ي ،ة .هو مصطلح متسرب من الحقل الثقافي واملعرفي العربي وإلاسالمي وليس
أصيال فيه ،وزمان تسربه يعود إلى نهاية القرن التاسع العاشر تماشيا مع حزمة املصطلحات الوافدة من فضاء
لاخرالغربي،كالحريةواملواطنةوالقوميةوالايدولوجياوالثورة،ولعلأولمناستخدممصطلحالهويةفيالعصر
الحديثفيالفكرالعربيهو"سالمةموس ى"حسبمايطلعنابهإبراهيماليازجي،وهذامايدفعناإلىالقولبأنهذا
951
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
يعد من الوافد ضمن سلسلة املصطلحات الوافدة ،ولكن هذا ال يمنعنا من العثور على بعض املصطلح ّ
التعريفات ،أو إن شئنا قلنا مقاربات مفاهيمية لدى بعض املفكرين العرب ،في هذا يعرفها "محمد سبيال" بأنها:
"مجموع السمات النفسية والحضارية والاجتماعية املميزة ألمة من ألامم عبر تاريخها الطويل" ،7ويعتبرها "محي
الدين صابر" بأنها" :الشخصية الثقافية أو الكيان الحضاري ملجموعة من الناس في مكان معين ،وهي تمثل
الخصائصالحضاريةالتيابتدعتهااملجموعةالتيتنتميإليهامناللغةوالدينوالقيمالجماليةوألاخالقية،وأنماط
العالقات الاجتماعية واملهارات التقنية وفلسفة الحياة واملوت" ،1ويعرفها "رشاد عبد هللا الشامي" في مقال له
"إشكالية الهوية في إسرائيل بأنها" ":الشفرة التي يمكن للفرد عن طريقها أن يعرف نفسه وشخصيته الثقافية التي
ينتمي إليها ،والتي عن طريقها يتعرف عليه لاخرون باعتباره منتميا إلى تلك الجماعة" .1أما املفكر املغربي "محمد
عابد الجابري" فيعرف الهوية الثقافية بالقول" :كيان يصير ويتطور ،وليست معطى جاهزا ونهائيا ،هي تصير
وتتطور إما في اتجاه الانكماش ،وإما في اتجاه الانتشار ،وهي تعتني بتجارب أهلها ومعاناتهم وتطلعاتهم وأيضا
باحتكاكاتهاسلباوإيجابامعالهوياتالثقافيةألاخرىالتيتدخلمعهافيتغايرمننوعما".32
من خالل رصدنا للمقاربات حول الهوية الثقافية يمكن القول أن هناك تنوع واختالف في الصياغة
املفهومية؛ من صياغة مفهومية إلى أخرى وهذا الاختالف ال يلغ تقاطع هذه املقاربات في نقطة مفصلية
تجعلنا نقول بأن الهوية الثقافية هي ما يميز كل قوم أو أمة أو جماعة أو شعب من الشعوب عن غيره،
وهذا التميز في العادة تبرزه قسمات الهوية ومكوناتها وهي تختلف من هوية إلى أخرى حيث تتدخل
عناصر مختلفة ،دينية لغوية ،ثقافية ،واجتماعية ...إلخ .وبهذا يصبح الحديث عن هويات بالجمع وليس
هوية باملفرد وألن موضوع هذه الدراسة مرتبط باألساس مع فكر البشير إلابراهيمي فإن السؤال الذي
يستفزنا؛ هل عرفت الهوية الثقافية تعريفا في نصوص إلابراهيمي؟ وهل ورد هذا املصطلح في كتاباته ؟
إن القارئ لنصوص إلابراهيمي ال يعثر على مصطلح الهوية ولكنه باملقابل نجده يوظف مصطلحات
بديلة تشير إلى معنى الهوية مثل مصطلح الذات ،الشخصية ،الكيان ،وهذه املصطلحات تقريبا هي
الغالبة في كتابات املصلحين واملثقفين وحتى السياسيين في تلك الفترة؛ أعني فترة النصف الثاني من القرن
التاسع عشر ،والحقيقة أن الباحث في النص إلابراهيمي سواء في لاثار أو في املقاالت الواردة في الجرائد و
املجالت ال يعثر على تعريف صريح ملفهوم الهوية الثقافية بقدر ما يستنتج هذا املعنى الذي يحيل إلى
مفهوم الهوية ،يقول إلابراهيمي في هذا الاتجاه" :وما ابتلى هللا ألامة الجزائرية به إال بعد أن ضعفت فيها
951
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
تلك املقومات باإلهمال والجهل ،واستبدال الضاللة بالهدى والرق في الدين ،ومحال أن تتسلط أمة وإن
بلغت من القوة ما بلغت على أمة محتفظة بمقوماتها املعنوية والروحية املستمدة من دينها وبمقوماتها
الذاتية املستمدة من لغتها وتاريخها وخصائصها الجنسية وأمجادها املوروثة " ،33وفي السياق نفسه
نجده يدافع عن هوية ألادب الجزائري باعتباره جزءا ال يتجزأ من الهوية الثقافية الجزائرية وفيه يقول:
"فإذا أفلح املستعمرون أو أذنابهم في تشكيكنا في أصالته وتحطيم خصائصه لم يعد ألدبنا هذه الذاتية
القوية العارمة وهذه الخاصية الجامعة التي تميزنا والتي يرهبها أعداؤنا ويعملون على سحقها فيجب أن
يظل أدبنا يستمد شخصيته وأهدافه من حاجاتنا الواقعية ال املفتعلة وال املزيفة ،32هكذا نجد النص
إلابراهيمي يحافظ على مصطلحي الذات والشخصية للتعبير عن معنى الهوية والتميز الذي تحمله هوية
إلانسان الجزائري ألامازييي العربي املسلم بعاداته ،وتقاليده ،وقيمته ،وطريقة عيشه ،وما تحمله هويته
من خصائص ومميزات ،وهذه املصطلحات التي نجدها لدى إلابراهيمي تكاد تكون نفسها لدى رجال
إلاصالح املنتمين لجمعية العلماء املسلمين الجزائريين حيث استخدمها ابن باديس و امليلي والعقبى . .إلخ
والسؤال ألاهم في هذا السياق هو ،كيف قرأ النص إلابراهيمي مسألة الهوية الثقافية؟ وهل يمكن أن
نصنف القراءة إلابراهيمية ضمن تيار فكري و رؤية منهجية معينة؟
- 2.2الهوية الجزائرية عند إلابراهيمي املنطلق و املآل :إن الوضع إلاشكالي ملضمون الهوية الثقافية الجزائرية
في إطار الفكر النخبوي الجزائري الحديث واملعاصر بمختلف مشاربه ومصباته يفرض علينا الانطالق من
هذه ألارضية املؤشكلة بغرض الوقوف وإلامساك بمفاصل القراءة التي تناولها إلابراهيمي كمفكر اصطالحي
عايش هذا الصراع الفكري املعقد جدا ،والذي في نظره يحتاج إلى نظر عميق في مسألة الهوية ،كون املسألة
طرحت على مستوى الفكر العربي إلاسالمي في تلك الفترة وكان مفكروه حينها تتجاذبهم الصراعات
إلايديولوجية وفق مرجعيات وقناعات مختلفة ،حيث تعصب البعض للتراث العربي إلاسالمي كمحاولة
لالنغالق على الذات في حين أقبلت فئة أخرى على منجزات الحضارةالغربية معتبرين إياها الحل الوحيد إلعادة
بعثالذات العربيةإلاسالميةوالجزائرية نحواملدنية والحضارة،وبالتالي إعطاءالهويةجرعة أمل التي تجتثهامن
ركام التخلف وهواجس الفوات الحضاري ،وباملقابل كانت هناك فئة ثالثة ترصد هذه القراءات وتبحث في
مضامينها بغرض فهمها وتحليل وجهات نظرها ،وتصنيف نقاط القوة فيها من نقاط الضعف وكل هذا ألجل
تقديم البديل الحضاري الذي من شأنه أن يسهم في خدمة وبناء الهوية ويجعلها قادرة على تحديد مكانتها بين
954
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
الهويات ألاخرى ،ومن هذا املنطلق حاول إلابراهيمي أن يحدد منطلقاته ويستشرف مآالته في قراءته لهذه
املسألة ألن الصراع الفكري الذي عرفه العالم العربي وإلاسالمي حينها لم يكن بمنئى عن الوضع الفكري في
الجزائر؛ فالنخب الجزائرية هي ألاخرى عرفت هذا الصراع ربما ليس بنفس املستوى والحدة في الطرح ولكن
كان هناك صراع حول مضامين الهوية الثقافية الجزائرية هل نتحدث باسم العروبة أم باسم ألامازيغية أم
باسمإلاسالم أمبكل هذهالقسماتوغيرها ؟
لقد انتبه إلابراهيمي لهذا الصراع واعتبره حقيقة وواقع مفروض يجب التعامل معه ،وقد صرح
بذلك" :عندنا ثقافتين مختلفتين تتجاذبان ألامة وهي ألاوروبية وإلاسالمية وفي كال الفريقين عيوبا وأكبر
عيوب املثقفين بالثقافة إلاسالمية جهل مطبق بأحوال العصر ولوازمه ،وأكبر عيوب املثقفين بالثقافة
ألاوروبية جهل فاضح بحقائق إلاسالم وأخالقه وآدابه وبتاريخ ألامة وهو مصباحها املض يء وبلسانها وهو
ترجمانها الصادق " ،31وهذا الكالم يفيدنا بأن إلابراهيمي لم يكن سلفيا راديكاليا في تفكيره كما لم يكن
لبراليا تغريبيا ،وبالتالي كانت له رؤية مغايرة من خاللها حاول تقديم الوجه لاخر الذي يفترض أن تحمله
الهوية الثقافية الجزائرية ،فما هو هذا التصور لهذه املسألة؟
من املؤكد أن إلابراهيمي كما تفيدنا به الكثير من الدراسات والبحوث املهتمة بفكره أنه كان متأثرا
بالرؤية التجديدية التي باشرها مصلحون في املشرق العربي وبالخصوص الشيخ محمد عبده ،والشيخ
محمد رشيد رضا ،بخاصة ما تعلق بمسائل الذات العربية إلاسالمية وقضايا الهوية والانتماء وما اتصل
بهذه الذات من تصحيح للعقيدة ،ومسألة الرجوع إلى مصادر الوحي ،ومحاربة التقليد والجمود ،والدعوة
إلى الاجتهاد املشروط والاستفادة من منجزات املدنية الحديثة وفق خصوصيات الذات العربية
وإلاسالمية ...ولكن تأثر إلابراهيمي بهذه ألافكار إلاصالحية لم تجعل منه مجرد ناقل للمشروع الفكري
الذي رسمه هؤالء املصلحون بقدر ما كان مصلحا مجددا مدركا لخصوصيات الذات الجزائرية،
ومقتضيات الواقع الجزائري ،وحتى خصوصيات الاستعمار الفرنس ي الذي تتخلف في سياسته
الامبريالية عن الاستعمار البريطاني الذي كان في املشرق العربي ،ووفقا لهذه املعطيات الذاتية
واملوضوعية .أسس إلابراهيمي قراءته للهوية الجزائرية.
لقد انتقد ألافكار املتزمتة التي تدعو إلى الارتكاس والدفاع باسم إلاسالم والعروبة والانتماء بعيدا عن
مقتضيات العصر وتحوالته وإفرازاته على مختلف ألاصعدة ،واعتبر ذلك رجعية مقيتة ال تخدم الوضع
955
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
الهوياني الجزائري حينها ،كما انتقد التصور الذي ظل يراهن على فكرة الانسالخ عن التراث ومقدراته
باعتباره سببا مباشرا للتخلف ،وباملقابل الانتصار ملنجزات املدنية الغربية بمختلف فرصها التقنية
والعلمية والثقافية بل حتى الدعوة إلى الاندماج الال مشروط في فلك لاخر املتحضر واملتمدن.
هذا التصور الذي ّقدمه إلابراهيمي حول الوضع الذي آلت إليه ألافكار حول مفهوم الهوية
الجزائرية داخل الثقافة الجزائرية جعله يعلن على تصور آخر فحواه "ال إلغاء للماض ي والقطع معه وال
تمجيد له في الوقت نفسه ،بل العمل على إحياء املاض ي الذي يمثل موروث ألامة الثقافي وفق ما يقتضيه
العصر وتتماهى معه املدنية الحديثة ،أي بمعنى إحداث توافق عقالني وواقعي بين الخصوص الذاتي
وبين الوافد الخارجي" ،30وهذا ما نلمسه في النص إلابراهيمي حيث يقول في عيون البصائر ما نصه:
"اليقظة استئناف حياة والحياة املستأنفة ليست وجودا من العدم وإنما هي تجديد ملا انهدم فلها تكاليف
حدد موقفه بوضوح من التجاذبات ثقيلة ولها صعداء مطالبها طويلة " ،31من هنا يظهر أن إلابراهيمي قد ّ
الفكرية التي كانت تناقش مسائل الذات الجزائرية بمختلف أبعادها وبالخصوص البعد الثقافي فيها،
خاصة وأن الوجود الفرنس ي بمعية بعض الرجال الطرقيين قد عملوا بكل الطرق للتشكيك في هوية
إلانسان الجزائري كمحاولة لطمس معالم الهوية الجزائرية الضاربة في التاريخ بأبعادها ألامازيغية العربية
إلاسالمية ،والحقيقة أن هذه الرؤية ارتسمت لدى إلابراهيمي منذ لقائه ألاول مع الشيخ ابن باديس
بالحجاز حيث أجمع الرجالن على أن املخاطر املحدقة بالجزائريين متأتية من شرين كما وصفهما ابن
باديس وهما الاستعمار الفرنس ي بسياساته الهمجية ،وأفكار الطرقيين بأفكارهم الظالمية.
هذه الرؤية بالذات هي التي سمحت لإلبراهيمي بمحاربة هذاالفهم املغلوط واملشوهلحقيقةالذات الجزائرية
واعتبر بداية الحل ألزمة الهوية والتخلف هو تشخيص ألادواء ألنه البداية السليمة ألي مشروع يتوق إلى نتائج
ملموسة ،فالبناء الهوياني الجديد للهوية الجزائرية بعد حالة التشكيك التي بلغتها كما ذكرنا سلفا يتطلب فهما
خاصا وتحليال دقيقا للوضع العام الذي يعيشه إلانسان الجزائري ،فضال عن هذا فإن إلابراهيمي لم يتوقف
عند حدود فهم واقع الذات الجزائرية بل أكد على ضرو ة فهم لاخر الذي ّ
يعد جزءا مهما في املعادلة الحضارية، ر
وهنانتساءلكيففكرإلابراهيميفيلاخر؟وكيفحضرلاخرفيقراءاتهوخطاباته؟
- 2.2الهوية الثقافية الجزائرية وآلاخر عند إلابراهيمي :تفيدنا نصوص إلابراهيمي بأنه ال يمكن
بأي حال من ألاحوال أن نتحدث عن مسألة الهوية الثقافية الجزائرية دون أن نستحضر لاخر ،فالغرب
951
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
الكولونيالي عند إلابراهيمي يجب أن يفهم ويدرج ضمن القراءة السليمة واملوضوعية ألزمة الهوية الثقافية
الجزائرية ،ألن الحاضر في الجغرافيا والتاريخ كواقع ال يمكن إلغاءه وكل محاولة إلقصائه هي بداية
لإلخفاق وتشويه لفعل الفهم والتحليل الصحيح للقضية ،لذلك فإن القارئ للمتن إلابراهيمي في هذه
الوجهة تحديدا ،ال يعثر على إلاقصائية والتغييب للخر بقدر ما نجد لاخر حاضرا بصورة التثاقف
والتقارب والتواصل ،ولكن وفق آلية معينة يراها املفكر جزءا من الحل الذي تقتضيه أدواء الهوية ،ألن
الوجود الفرنس ي في تقديره ليس وجودا عسكريا صرفا بل هناك حالة استعمار للوعي والعقل ،والثقافة،
وإلارادة ،والشخصية الجزائرية وفق مشروع ثقافي وتبشيري يستهدف مكونات الهوية ،وهذه الوضعية
ينبيي أن تدرج ضمن عملية الفهم بشكل موضوعي.
إن هذه القراءة ال تختلف عن تلك القراءات املعاصرة في ثوبها الابستيمي التي فكرت في لاخر
واعتبرت حضوره ضرورة منهجية وهذا ما يبرز الرؤية التقدمية الاستشرافية لفكر إلابراهيمي ،فالرؤية
إلابراهيمية تجاه مسألة الهوية لم تكن متخندقة وارتكاسية مدافعة خلف جدر الثوابت الهويانية بقدر
ما كانت منفتحة على لاخر في محاولة لفهم استراتيجياته وتصوراته وفق منهج نستطيع القول أنه تركيبي
منطلقه من الذات نحو لاخر دون املساس بثوابت الذات ،وفي الوقت ذاته عدم تضييع فرص الحداثة
الغربية التي هي تعبير عن املدنية والتحضر ،وكأن إلابراهيمي يبحث عن أحداث تزاوج منطقي وعقالني
وواقعي بين منجزات املرجعية إلاسالمية ومنجزات املرجعية الغربية ،بعيدا عن الانسالخ أو الذوبان،
ليس من باب التلفيق ،ولكن من جهة أن الذات الجزائرية لها أصولها ومنطلقاتها وخصائصها التي تعبر
عن هويتها وتميزها ،وباملقابل هناك هويات أخرى تعبر هي ألاخرى عن وجودها من خالل ما تملك من
مقدرات وإنجازات علمية وثقافية ،وتقنية ،ينبيي الاستفادة منها وفق مبدأ التثاقف والحوار الحضاري
الذي أصبح اليوم حتمية تاريخية وحضارية ،وقد عبر عن هذه القناعة بقوله" :وهذه املدنية التي تردد
لفظتها ألالسن ،ويصطلح املؤرخون على نسبتها إلى أمم مختلفة ويميزون بينها بطوابع خاصة ويشتد
املتعصبون في احتكارها ألمة دون أمة هي في الحقيقة تراث إنساني تسلمه أمة وتأخذه أمة عن أمة فتزيد
فيه أو تنقص منه بحسب ما تهيأ لها من وسائل وما يؤثر فيها من عوامل" .39
هكذا يظهر الفكر التنويري لدى إلابراهيمي ويظهر بشكل جلي قوله بالتداول الحضاري كسنة كونية يجب
أن تؤمن بها العقول وتسير نحوها التصورات الباحثة عن القراءة الصحيحة لإلشكاالت ،فاإلبراهيمي يدعو
951
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
إلانسان املسلم بعامةوالجزائري بخاصة إلىضرورة التخلص منعقدة لاخر ،ومنعقدة الانتماء إلىدين معين
ولغة معينة وانتماء وثقافة معينة ألن هذا التصور ّ
يعد قتال للهوية وتقزيما لها ،وبالتالي إزاحتها نحو الهوامش دون
املركز ،وقد عاد إلابراهيمي إلى صورة أجدادنا الذين صنعوا حضارة وفكرا وثقافة من ذواتهم من خالل اطالعهم
على علوم وثقافات الغير كالحضارة الصينية ،والهندية ،واليونانية ..الخ ،و لكن دون الذوبان فيها أو سحبها على ما
كانت عليه ،وهذه الصورة التي يجب أن يكون عليها إلانسان املسلم الحديث واملعاصر ألنها في النهاية استجابة
للنص القرآني في قوله تعالى" :قل سيروا في ألارض فانظروا " ،37وهذا الذي يفترض أن يكون في إطار ما يعرف
بالتوظيف التراثي وفق ما يخدم املرحلة واملعطيات التي يعيشها إلانسان املسلم ،وهكذا أسس أجدادنا في
ألاندلس حضارةوفق هذا املنحنى الفهمي املوضوعي العقالني بماأتاح لهم فهم العالم بمختلف تداخالتهاللغوية
وإلاثنية والعلمية وألادبية ..الخ ،وألن فئة الشباب لدى إلابراهيمي تمثل الشخصية القاعدية ألي مجتمع ،فهي
الجزء الحساس في أي بناء اجتماعي فإنه يستحضرها في نصوصه بشكل ملفت معتبرا هذه الطاقة نقطة ارتكاز
يوجه نداءا واضحا وصريحا لهذه الفئة مخاطبا إياها بالقول" :إن عصركم الهوية الوطنية الجزائرية ،لذلك نجده ّ
بطلفمنالبرأنتكونواأبطاال،إنجيلكمسماويالتشوففالتخلدواإلىألارضوإنحاضركمجديدفالتكونوا
منهفيموضعالرقعةالبالية..وإندينكمينهاكمأنتأخذواألاموربالضعفوالهوانفخذوهابالقوةوالغالب".31
هكذا نرصد مع إلابراهيمي صوت املتنور املستوعب لحقيقة العصر وتحوالت الزمن ودور الشباب
فيه كعنصر فاعل ال منفعل ،وفي الاتجاه ذاته نجد نصا آخرا لإلبراهيمي يشعرك وأنت تقرؤه بأن الرجل
كان متحسسا لفكرة الانفتاح الثقافي والعولمي الذي عرفه العالم اليوم محذرا من التغيرات التي تحدث
دونما توقف باعتبارها سنة تطورية يقول إلابراهيمي" :فالعالم اليوم سائر لالتصال تحثه الحياة وتدفعه
املصلحة شئنا أم أبينا وتوشك أن تصبح الكرة ألارضية دارا واحدة فال تكونوا عرضة لسيره" ،31هذا
الخطاب الدقيق يجعلنا نستشف بل نالمس النظرة الاستشرافية الواضحة في فكره التي رسمت لنا
املعالم الحقيقية للتحوالت املستقبلية للكون وضرورة استيعاب هذه التحوالت بمنطق املشاركة ال
بمنطق املدافعة ،ألن العالم اليوم ال مكان فيه للضعفاء ،وبهذه الصورة فقط يمكن القول أن القراءة
إلابراهيمية ملسألة الهوية الثقافية الجزائرية كانت مؤسسة على رؤية توفيقية يكون فيها املنطلق الذات
بثوابتها اللغوية والدينية والانتمائية نحو لاخر بمنجزاته ومقدراته وفق منطق العقالنية والواقعية .وهذا
املسلك الذي ّقدمه إلابراهيمي يعتبره مسلك تجاوزي لألطروحات املتطرفة سواء التي رسمت معالم
951
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
الهوية الجزائرية بشكل نهائي ومنجز ،أو تلك التي جعلتها مستودعا الستقبال الطاقات الوافدة من خارج
الذات ،وهذا ما يجعلنا نصنف الرؤية إلابراهيمية ضمن الخط التجديدي في ثوبه العقالني الواقعي،
فهل يمكن أن نراهن على هذه القراءة فهما وتحليال في إطار الوضع الهوياني الثقافي الجزائري الراهني ؟
- 2.2الراهن الهوياني الجزائري وخطاب إلابراهيمي :كنا قد أشرنا سلفا بأن محددات الهوية الثقافية الجزائرية
تتألف من قسمات ثابتة وأصيلة تحيل إلى الانتماء إلى ألامة العربية وإلاسالمية من خالل اللغة والدين ،فضال عن
تلك الخصائص ألاخرى التي هي متغيرات كالعادات والتقاليد ومختلف ألانماط التي يحوز عليها املجتمع الجزائري،
وعليه فالهوية الثقافية الجزائرية بمفهومها الحضاري هي انتماء للعالم العربي وإلاسالمي من جهة ،وتفرد و ّتميز من
جهةثانيةعنالهوياتألاخرىحتىفيإطارالعالمالعربيوإلاسالميمنمنطلقالهويةالثقافيةالقطرية،واملتتبعلواقع
الهويةالثقافيةالجزائريةاليوماليجدهمختلفاعنالواقعالذيكتبفيهإلابراهيميإلىجانبثلةمنرجاالتجمعية
العلماء املسلمين الجزائريين ،وفي تصورنا أن ما نعيشه اليوم من تقلبات على مستوى الهوية الثقافية شبيه بالوضع
الهوياني الذي كتب عنه إلابراهيمي ،والاستثناء الوحيد هو غياب عنصر الاستعمار أما امللمح العام للهوية فإننا نراه
يكاديكونمتطابقا؛فعلىالصعيدالفيلولوجياليزالسؤالالهويةاللغويةمطروحابحدةبينالتيارينالفرنكوفنوني،
والتعريبي فضال عن أصحابالاتجاه ألامازيييالذييطالبدعاته بضرورة الحديثعن ألاصل ألامازييي كمنطلق
لغوي أصيل لهوية إلانسان الجزائري ،فبالرغم من الجهود املبذولة في إطار الدولة الوطنية املستقلة نحو رسم
مشروع التعريب الذي اعتبرته السياسة الجزائرية أولية في إلاصالح اللغوي داخل املنظومة الثقافية والاجتماعية
والتربوية والتعليمية الجزائرية ،وبالرغم من الاعتراف باللغة ألامازيغية كلغة رسمية بكفالة دستورية إال أن الوضع
اللغوي في الجزائر غير مستقر تماما ويعيش إلى اليوم أزمة وصراع مواقع مختلفة عادة ما تبرزه أصوات املثقفين
والسياسيين والفاعلين الاجتماعيين من هذا الطرف أو ذاك ،فاملتتبع لوضع هذه القطعة الحساسة من الهوية
الجزائرية ،يدرك حجم التجاذبات والتنافرات إلايديولوجية القائمة بين أقطاب املدرسة الفرنكوفونية واملدرسة
ألاصلية ،فضال عن طموحات املدرسة ألامازيغية املستندة إلى ألارضية التاريخية لشعوب املنطقة ،وهذا الوضع
الذي تعيشه اللغة العربية الذي يفترض أنها لغة رسمية هو ما حذر منه إلابراهيمي واعتبره خطرا كبير على مصير
الهوية ،ألن املساس باللغة العربية يحيل في تقديره إلى املساس باإلسالم كدين يمثل القناعة إلايمانية ألغلب سكان
الوطنخاصة وأناللغةالعربيةتظلتواجهخطراكبيرامن طرفأعدائهامنالداخلوالخارجألنهم يدركونوظيفتها
العظيمةوموقعهاالجوهريفيقلبالهويةالثقافية.
951
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
إن يبرر هذا هو أن الاستعمار ّكرس مختلف جهوده ألجل قتل اللغة العربية ،وهو الدور الذي يقوم به
دعاة الغزو الثقافي باسم الانفتاح والعوملة وهناك ندرك حقيقة الصراع حول البعد اللغوي للهوية؛ يقول
إلابراهيمي في هذا الصدد" :وإنما يتعمد العربية بالحرب ألنها عماد العروبة ،وممسكة بالدين أن يزول ،وألن لها
كتابة ومع الكتابة العلم وألادب ومع ألادب التاريخ ومع كل ذلك البقاء والخلود " ،22بهذا يجزم إلابراهيمي بأن
ّ
نواة الهوية الثقافية الجزائرية هي اللغة العربية واملساس باللسان العربي يحيل حتما إلى املساس باإلسالم كونها
الوعاء الذي يحمل الدين ومختلف قسمات الهوية وواقع العربية راهنيا يشهد تراجعا رهيبا في بالدنا سواء أمام
اللغات ألاخرى وبالخصوص اللغة الفرنسية وهذا راجع العتبارات تاريخية معروفة التي ال تزال تفرض وجودها
إلى اليوم ،أو من خالل طريقة توظيفها في املدارس والجامعات وإلادارات ووسائل إلاعالم حيث يتم توظيفها
بشكلمشوه وغيرمؤسسعلىقواعد لغوية نطقاوكتابة.
هذا املستوى املتدني الذي بلغته اللغة العربية يطرح جملة من الاستفهامات والتساؤالت املقلقة ألن
مصير الهوية متعلق بقوة اللغة ،وفاعليتها ،وقوة حضورها ،فعلى سبيل املثال لو أخذنا فضاء التربية
والتعليم في بالدنا نجده اليوم يعاني أزمة فعلية غير مصطنعة فيما تعلق باملستوى اللغوي للتلميذ واملكون
على حد سواء ،فالتلميذ في املدرسة و الطالب بالجامعة يعانون عجزا لغويا مخيفا يظهر بوضوح من
خالل الحوار أو من خالل الكتابة التي في الغالب يشترك فيها اللسان العربي باللسان غير العربي مع
مختلف التعبيرات التي تفرضها اللهجات العامية التي تشعرك بأن اللغة العربية تعيش ارتيابية حقيقة في
نفوس الجزائريين وفي مواقع يفترض أن تكون اللغة العربية الفصحى هي الوسيلة املثلى ألداء الوظيفة
التعليمية والتعلمية ،وألامر ال يختلف مع املكون فحاله ال يختلف عن الوضع الذي يعانيه املتعلم ،بل
ضعف املتعلم لغويا ناجم في تقديرنا عن ضعف املستوى اللغوي للمعلم وهنا تعظم البلية ،وألن املناهج
واملحتويات الدراسية في املدرسة الجزائرية وفي جامعاتنا أغلبها مستورد إن لم نقل كله فإنها حتما تخضع
ملنطق اللغات التي صنعتها ،فالذي يستورد املناهج واملقررات الدراسية يستحيل عليه أن يفرض منطق
لغته ،وقد حذرنا إلابراهيمي من هذا الضياع الهوياني في التربية والتعليم فكرا ومنهجا ولغة ،حيث يقول:
"فالعلم هو الجزء الضروري في الحياة الذي إما أن تنقله إليك فيكون قوة فيك أو أن تنتقل إليه في لغة
غيرك فتكون قوة لغيرك " ،23فإدراك إلابراهيمي ألسرار العربية وقوتها الذاتية الكامنة فيها جعله يراهن
عليها كحامل للهوية الثقافية ،كما راهن عليها كآلية لبناء الهوية الثقافية الحضارية القوية القادرة على
911
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
فرض نفسها أمام الهويات ألاخرى ،فالدور التاريخي الذي قدمته العربية في خضم الحضارة العربية
إلاسالمية باإلمكان تكراره واستثماره لصالح الهوية في كنف الدورة الحضارية ،ألن العربية تملك
مواصفات اللغات الحية القادرة على فرض نفسها في سلم اللغات الرائدة.
ّ
وقددلتالدراساتالتربويةاملعاصرة"علىأنأصلحلغةللتعليمهياللغةالتييفكربهاالطالبوالتلميذكي ال
يفكر بلغة أخرى" ،22وهذا الذي نعيشه لألسف اليوم حيث نشعر في كل مرة بأننا غير قادرين على فرض منطق
لغتنا باعتبارها املمثل الشرعي لهويتنا ،وهذا ما يعكس الواقع اللغوي املر الذي ضاعفت من مراراته التجاذبات
إلايديولوجية بين مختلفالتيارات املتخندقة سواءا باسمالتاريخ أو باسمإلانتفاحية..الخ ،وال أدلعلىذلك من
تضارب الخطاب الرسمي الجزائري حول ضرورة توظيف العربية كلغة رسمية ،وبين العراقيل والحواجز
املوضوعية التي تقف ضد هذه الرغبة ،بل إلارادة السياسية املنبثقة من بنود الدستور الجزائري وهذا ما جعل
العربية لغة مهمشة إن لم نقل منبوذة لدى شريحة واسعة من املجتمع الجزائري بمختلف اختصاصاته وهو ما
جعل املسألة اللغوية في بالدنا تضفي حالة من القلق على الهوية الثقافية الجزائرية وتجعلها تبحث عن نفسها في
فضاء الهويات التي تناضل من أجل فرض منطقها ،لغة ،وعلما ،وتربية ،ومناهجا ،وعادات ،وإذا نحن انتقلنا إلى
ثابت من ثوابت ألامة الجزائرية نقصد بذلك إلاسالم الذي يعتبر دين الغالبية العظمى من املجتمع الجزائري فإننا
نجده هو لاخر يعيش حالة الالتوافق بين مختلف التيارات الفكرية املشكلة للمشهد الثقافي الجزائري وحتى على
الصعيد السياس ي ،وإذا كان إلاسالم في نظر إلابراهيمي كما أسلفنا ثابتا من الثوابت سواء إلاسالم العقدي أو
إلاسالم الحضاري فإن هذا لم يكن محل اتفاق لدى بعض النخب املحسوبة على التيار املاركس ي أو الليبرالي
الالئكي ،أو إن شئنا املثقفون املتأثرون بالفكر التنويري املقتنع باإلصالح الديني الكالفيني واللوثري الذي باشره
الفكر الغربي مع املسيحية ،مؤكدين على ضرورة التعامل مع إلاسالم كعنصر ثقافي بعيدا على صفة التقديس
القائمة في نفوسوعقولوهوية الجزائريينمنذ الفتح إلاسالميالذي شهدتهاملنطقة منذ قرون،وفي هذا الصدد
يحضرني ذلك الخطاب السياس ي الذي ألقاه رئيس حزب سياس ي معروف بالجزائر اقصد "حزب التجمع من
أجلالثقافةوالديمقراطية"السيد"محسنبلعباس"بمناسبةافتتاحمخيمالشبابالتقدمي بوالية بجايةحيث
يقول":إنإقرارإلاسالمديناللدولةومنعتدريستاريخألاديانفيالبرامجاملدرسيةغداةالاستقاللأدىإلىتوظيفه
ألغراضالسلطة"،21واستطردفيكالمهمؤكداخطورةاعتبارإلاسالمرمزامنرموزالهويةبهذاالشكلالتعميمي
فيحين أن هذا الدينعامل معرقل للحداثة التي ينشدهاالجيل الحالي ،أو كما يقول" :هناكمواضيع هامة تعرقل
919
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
تطورنا والوصول إلى الحداثة التي تفرض وجود قدرة جماعية على استيعاب هذه العقبات بالعقالنية املطلوبة
ويعتبرإلاسالمواحدمنهذهالعقبات".20
يعبر عن رؤية اديولوجية لها جذورها التاريخية في إن هذا التصور الذي يسوقه لنا هذا السياس ي ّ
املسار الثقافي والهوياني الجزائري ،فهو ال يختلف عن تلك القراءة التي كانت سائدة إبان الحقبة
الاستعمارية مع جيل املثقفين الجزائريين املتأثرين باملشروع املاركس ي والعلماني الليبرالي على شاكلة
صاحب مجلة "صوت املستضعفين" " "la voix des humblesاملعروف بالسيد "رابح زناتي" ،عندما كان
يكتب فيها مقاالت يرفض من خاللها تدخل إلاسالم في الحياة السياسية والاجتماعية للجزائريين بل
يذهب إلى ضرورة محاربة هذا الدين املعيق للتطلع نحو الحضارة واملدنية ،وهذا ما يستدعي مقاومته
بشتى الطرق حتى يفتح املجال للحرية والعقالنية كأسس لبناء مجتمع جزائري متحضر ،وقد طالب
بسياسة الاندماج مع املجتمع الفرنس ي وبدون أية شروط ،وفي السياق نفسه" :أنشأ هذا املثقف في العام
3121مجلة أخرى بعنوان صوت ألاهالي " "la voix des indigènesوالتي لم تكن مختلفة عن سابقتها في
املضمون فكالهما كان يحمل نظرة عدائية لإلسالم باعتباره عائقا من عوائق الحداثة املأمولة " .21
وغيربعيد عن طموحات هذااملثقفالتغريبي نجدالسيد"سعيدفاس ي"ينشركتابابعنوان –الجزائر تحت
الرعايةالفرنسيةوضدإلاقطاعيةالجزائرية –يدعوفيهصراحةإلىالاندماجالكليمعفرنسا،معضرورةتوعية
ألاهاليبمشروعالثورةالفرنسيةوتحريرهم منقيودالالهوتالتيفرضهاالدجالوناملسلمونباسمإلاسالمكما
ينعتهم هو؛ "لقد تهجم على علماء الدين الذين يسعون لتقوية الدين في النفوس ويشبههم برجال الكنيسة التي
قاومتهمالثورةالفرنسية".29
وقد رد ابن باديس عن هذا الطرح املتشبع بالثقافة الفرنسية في أحد مقاالته بجريدة الشهاب جاء
فيها" :إن هؤالء لم يقدموا على ما أقدموا عليه من رفض إلاسالم كثابت من الثوابت التي تحوز عليها ألامة
الجزائرية إال ببواعث الرغبة في عرض الدنيا ولكن هذه الرغبة لم تتم وبقي القوم ويا لألسف معلقين ال
هم من ملة آبائهم وال من امللة ألاخرى" ،27والحقيقة أن الغرض من هذه العودة ملثل هذه الحقائق
التاريخية هو التنبيه ملسألة مهمة في إطار الهوية الجزائرية وهي مسألة الصراع إلايديولوجي الذي كان بين
النخب الجزائرية وال يزال قائما إلى اليوم أحيانا باسم إلاسالم ،وأحيانا باسم العروبة والقومية ،وأحيانا
باسم التاريخ وغيرها من التصورات التي غالبا ما تطفوا إلى السطح عندما يثار النقاش حول الهوية ليبقى
911
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
العامل الاستعماري له دور حقيقي في مثل هذه القضايا ،فاالستعمار الذي رحل عنا جغرافيا ال يزال
يسكن تاريخنا وهويتنا ولغتنا وعاداتنا وتقاليدنا ،وال أدل على ذلك من واقع الهوية الثقافية على مستوى
العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية في اللباس وطريقة العيش والنمط ألاسري ،والعالقات العامة،
وبهذا "أضحى إلاسالم والعروبة في فكر إلابراهيمي زوجان يستحيل الفصل بينهما في مشروع إلاصالح
والتجديد ،وهذا ما جعل املستعمر يوجه سهام الحقد نحوهما" .21
لقد ظهرت مفاهيم جديدة وقيم مستوردة لم تكن تعرفها الهوية الثقافية الجزائرية حتى في ظل الوجود
الاستعماري ،وهذا ما يؤكد بأننا نتغير من الخارج دون رغبة منا وعن غير فهم ملا يحدث لهويتنا ،على هذا
ألاساس كان "الخط إلاصالحي التجديدي الذي رسمه إلابراهيمي يهدف إلى بناء الذات الجزائرية بعيدا عن
الخرافات والبدع ،وهذا ديدن جمعية العلماء املسلمين منذ نشأتها" ،21لقد أصبح واقع الهوية الثقافية
الجزائرية اليوم على املحك في ظل الانفتاح الالمشروط لوسائل الاتصال وسهولة الحصول عليها في عالم
الرقمنة الذي تنبأ له إلابراهيمي وحذرنا من خطورة ما سيحدث من تغيرات تصبح فيها الهوية أمام تحديات
صعبة ليس من السهل التوافق معها ،وعلى هذا ألاساس نرى بأن الهوية الثقافية الجزائرية ليست هوية
مكتملة ومنجزة كما يدعي البعض ،وهي ليست بمنأى عن التحوالت الجذرية التي لفظتها موجة العوملة ونهاية
التاريخ وصراع الحضارات وتباشير الليبرالية وغيرها من املفاهيم الرائجة في هذا العصر ،ومنه يظل النص
إلابراهيمي في هذا السياق نصا لالستئناس حيث أتاح لنا ألاخذ منه والاستفادة من الوجه املشرق فيه خدمة
للهوية الثقافية الجزائرية التي تحتاج إلى مختلف النصوص الجزائرية التراثية منها أو الحديثة واملعاصرة في زمن
عرف بعصر الهوياتاملنفتحةواملتحركةوفقمنطقالزمنالذيالمكانفيهللضعفاء.
.2خاتمة :إنالعودةإلىإلابراهيميمنخاللنصوصهونحنبصددالاشتغالعلىمسألةالهويةالثقافيةالجزائرية
يجعلنا حتماوبالضرورة نلمس تلكالرؤية املستبقةوالقراءةاملستقبلية لهذا املفكرسواء علىمستوىالرؤيةأوعلى
مستوى املنهج ،فاالطالع على الخطاب الذي أفادنا به إلابراهيمي كما ّمر بنا ضمن حيثيات هذا البحث ،جعلنا
نستلهمتلكالجرأةاملنهجيةفيحلحلةمختلفأشكالالفهمالتيعاصرتهوهيتقدمتصوراتهاحولالشكلأوالقالب
الهويانيالذيينبييأنيتشكلفيإطارهمفهومالشخصيةالجزائريةثقافيا.
لقداستوعبإلابراهيميبحسبقراءتنالهمقاصدالصراعإلايديولوجيوأمسكبخلفياتهودوافعه،وحاولأن
يستثمر هذا الصراع ألجل تقديم الحلول املمكنة التي تخدم الهوية الجزائرية التي عرفت أزمة حقيقية والتي عززها
911
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
جيل مفتون بلغة املستعمر وثقافته ،وهذه الوضعية املحرجة املقلقة وجدنا فيها الطرح إلابراهيمي متجاوزا للصفة
إلايديولوجيةسواءفيبعدهاالفيلولوجيأوفيبعدهاالدينيمنمنطلقأنأكبروأعمقإشكالطرحتهالهويةالثقافية
الجزائريةكانمنجهةاللسانومنجهةالدين،وهذاهواملدخلالذيوجدناالاستعماريراهنعليهويعتبرهاملسلك
الصحيحإلعادةصياغةمفاهيمجديدةلإلنسانالجزائرياملسلمألامازيييباألصلواملعربباإلسالم.
إن العودة إلى إلابراهيمي في اعتقادنا فرصة ممكنة ألجل إعادة النظر في جملة املسائل املؤشكلة التي تطرحها
الهوية الثقافية الجزائرية ،ال أقول إن الخطاب الذي حمله املشروع إلاصالحي لإلبراهيمي حول مضامين الهوية
الثقافية يتلخص في اللغة والدين بل هناك مقومات أخرى تتعلق بالعادات والقيم والتقاليد والطبوع الثقافية
املختلفة،وألن هذهألاخيرةتتميزبالتغير والتحولوفقمقتضياتاملرحلةوعاملالزمنوإفرازاتالتحوالتالعاملية
التيبشرتبهاالعوملةوالانفتاحالثقافيمنخاللوسائلإلاعالموالاتصالالتيالتؤمنبالخصوص يواملحليفإننا
حاولنامنخاللهذهالورقةأننركزبالتحليلعلىالثوابتفيالهويةالجزائريةوماتخللهذهالثوابتمنإشكاالت
وسجاالت بين مختلف النخب الفكرية داخل الفضاء الفكري الجزائري ،وبالعودة إلى التحوالت التي تشهدها
الهوية الثقافية الجزائرية الراهنة ندرك حجم التحديات التي تعانيها هذه الهوية في مقابل الزخم الهوياني الذي ال
مكان فيه لصوت الضعفاء ،فالوجود الهوياني اليوم لم يعد يؤمن بالثوابت والتخندق وراءها ،بل يؤمن بالتغيير
واملشاركة واملثاقفة وصناعة ألافكار وتبني الحلول ،واملساهمة في إغناء الهوية وفق ما تقتضيه املرحلة ،وهذا في
تقديرنا ما حملته نصوص الشيخ إلابراهيمي في بعض جوانبها ،فهو يدعونا إلى بناء هوية منطلقاتها ثوابت ألامة
ومآالتها الانفتاح على منجزات العصر دونما انسالخ وتميع ،أي بمعنى ال وجود لهوية جاهزة مكتملة كما يدعي
البعضبقدرماتوجدهويةمنفتحةتقبلإلاضافةوالتعديلفيكلمرةحسبمعطياتومقتضياتاملرحلة.
إنالنصالذيقدمهإلابراهيميفيهذاإلاطاراليمكناعتبارهحالجذرياملسألةنراها منأعقداملسائلالتي
يعد من القضايا املؤشكلة التي عادة ما طرحها الفكر إلانساني برمته وبمختلف مشا به ومصباته ،فسؤال الهوية ّ
ر
تطرح في فضاء إشكالي مفتوح على قراءات وتصورات ال يمكن اختزالها في تصور معين ،ألن القراءة الصحيحة
ملوضوع الهوية الثقافية الجزائرية في نظرنا يتطلب استحضار مختلف النصوص والخطابات مهما كان لونها وهذا
ما يسمح بتقديم قراءة متكاملة الجوانب ملثل هذه املواضيع املعقدة بعيدا عن الانتقائية والاختزالية التي ال يمكنها
أنتستوعبحجمالقضاياالتيتطرحهاالهوية.
914
املجلد / 31الع ــدد( 3 :جوان ،)2222ص 166 -149 مجـ ـ ـلة دراسـ ـ ـ ــات
الهوامش:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - Jeruwan . sabek. Dictionnaire Anglaise Francais.Arabe.Maisom sabek.Paris. p556.
-2روزونتال،بيوديناملوسوعةالفلسفية،ترجمةيوسفكرم،دارالطباعة،بيروت،ط،0ص،ص.919،190
- 1جميلصليبيا,املعجمالفلسفي,ج2دارالكتاباللبناني,بيروت,3112,ص.121
- 0عبدهللاالحافظمجدي،مجلةالحوارالفكري،العددألاول،جويلية،2223ص.92
- 1املرجعنفسه،ص.93
- 9املرجعنفسه،ص.92
- 7املرجعنفسه،ص.92
- 1املرجعالسابق،ص.93
- 1رشادعبدهللاالشامي،إشكاليةالهويةفيإسرائيل،سلسلةعالماملعرفة،رقم،220سنة،3117ص7.
- 32محمدعابدالجابري،العربوالعوملة،بحوثومناقشاتالندوةالفكريةالتينظمهامركزدراساتالوحدةالعربية،بيروت،ط،2
،3111ص.211
- 33محمدالبشيرإلابراهيمي،عيونالبصائر،العدد،10السنةالثالثة7،نوفمبر،3101ج،0ص.231
- 32املصدرالسابق،ص.227
- 31إلابراهيميمحمدالبشير،آثارإلابراهيمي،ج،3املؤسسةالوطنيةللكتاب،الجزائر،3111،ص.111
– 30إلابراهيمي،عيونالبصائر،ص.210
– 31املصدرنفسه،ص.211
- 39إلابراهيمي،آثارالشيخمحمدالبشيرإلابراهيمي،ج،3ص.211
- 37القرآنالكريم،سورةالروم،لاية.02
- 31إلابراهيمي،لاثار،الجزءالثالث.ص.101
- 31إلابراهيمي،عيونالبصائر،ص.012
- 22إلابراهيمي،آثارالشيخإلابراهيمي،ج،3ص.391
- 23املصدرنفسه،ص.293
- 22صالحبلعيد،اللغةالجامعة،مخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر،منشوراتمخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر،2231،ص.72
23 - /https:/www.echorookonline.com.
- 20رابح لونيس ي ،التيارات الفكرية في الجزائر املعاصرة بين الاتفاق والاختالف ( ،)3110/3122دار كوكب العلوم ,الجزائر ،ط ,2
،2232ص.01
-21املرجعنفسه،ص.373
915
الهوية الثقافية الجزائرية في نصوص إلابراهيمي والراهن الهوياتي الثقافي الجزائري.............عبد املالك عيادي ،رضا شريف
- 29املرجعالسابق،ص01
- 27ابنباديس،الشهاب،عددأكتوبر،3113ص.27
– 21بشيرفايد،قضاياالعربواملسلمينفيآثارالشيخالبشيرإلابراهيميوألاميرشكيبأرسالن،رسالةدكتوراهعلومفيالتاريخالحديث
واملعاصر،إشرافألاستاذالدكتورعبدالكريمبوصفصاف،جامعةمنتوري،قسنطينة،2232،2221،ص.133
– 21عبدالرحمانشيبان،الغزوالثقافيبينالحصانةالذاتيةوالبناءالحضاري،مجلةالثقافة،العدد،11سبتمبر،أكتوبر،3111ص.31
قائمةاملراجع:
-3القرآنالكريم،سورةالروم،لاية02.
-2إلابراهيميمحمدالبشير،آثارإلابراهيمي،ج،3املؤسسةالوطنيةللكتاب،الجزائر.3111،
-1محمدالبشيرإلابراهيمي،عيونالبصائر،العدد،10السنةالثالثة7،نوفمبر،3101،ج0.
-0إلابراهيمي،لاثار،الجزءالثالث.
-1رشادعبدهللاالشامي،إشكاليةالهويةفيإسرائيل،سلسلةعالماملعرفة،رقم،220سنة3117.
- 9محمدعابدالجابري،العربوالعوملة،بحوثومناقشاتالندوةالفكريةالتينظمهامركزدراساتالوحدةالعربية،بيروت،ط3111.،2
- 7عبدهللاالحافظمجدي،مجلةالحوارالفكري،العددألاول،جويلية2223.،
- 1صالحبلعيد،ألاممالحيةأممقويةبلغتها(مقال)،منشوراتمخبراملمارساتاللغويةفيالجزائر،دط،الجزائر.2232،
-1رابحلونيس ي،التياراتالفكريةفيالجزائراملعاصرةبينالاتفاقوالاختالف()3110/3122داركوكبالعلوم،لجزائر،ط.2232،2
-32ابنباديس،الشهاب،عددأكتوبر.3113،
-33روزونتال،بيوديناملوسوعةالفلسفية،تريوسفكرم،دارالطباعة،بيروت،ط0.
-12جميلصليبيا،املعجمالفلسفي،ج،2دارالكتاباللبناني،بيروت3112.،
– 21بشيرفايد،قضاياالعربواملسلمينفيآثارالشيخالبشيرإلابراهيميوألاميرشكيبأرسالن،رسالةدكتوراهعلومفيالتاريخالحديث
واملعاصر،إشرافألاستاذالدكتورعبدالكريمبوصفصاف،جامعةمنتوري،قسنطينة.2232،2221،
– 21عبدالرحمانشيبان،الغزوالثقافيبينالحصانةالذاتيةوالبناءالحضاري،مجلةالثقافة،العدد،11سبتمبر،أكتوبر.3111
13-Jeruwan.sabek.Dictionnaireanglisefrancais.arabe.Maisomsabek.paris.
14-/https:/www.echorookonline.com.
911