You are on page 1of 5

‫إعداد الدكتور‪ :‬بن معزو محمد زكريا‬ ‫المالية الدولية )‪(Finance Internationale‬‬

‫استقرار االختالالت الخارجية ‪(La soutenabilité des‬‬


‫) ‪déséquilibres externes‬‬

‫تطرح اليوم مسألة استقرار االختالالت (العجوزات) الخارجية على الدول النامية‪ ،‬وحتى‬
‫على بعض الدول الصناعية بما فيها الواليات المتحدة‪.‬‬

‫‪ ‬يعتبر أن العجز الخارجي غير مستقر إذا أدى تفاقمه إلى إحداث تأثيرات كبيرة على‬
‫بقية المتغيرات االقتصادية (معدل االفائدة‪ ،‬سعر الصرف‪ ،‬االستيعاب)‪.‬‬
‫البد من دراسة مسألة استقرار العجوزات الخارجية لبلد ما من وجهة نظر المقترض من‬
‫جهة‪ ،‬ومقترضيه من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪ .1‬استقرار االختالالت الخارجية من وجهة نظر المقترض ‪(La soutenabilité du point‬‬


‫)‪: de vue de l’emprunteur‬‬
‫نقول أن العجز الخارجي غير مستقر بالنسبة لبلد ما إذا كان تفاقمه (العجز) يغير وبشكل‬
‫عميق في استيعاب هذا البلد‪ .‬فألجل ضمان سداد خدمة (فائدة) الدين الخارجي‪ ،‬يقوم البلد باقتطاع‬
‫مبالغ كبيرة من الدخل‪ ،‬األمر الذي يحدث تراجعا في استهالك األسر وفي استثمار المؤسسات‪.‬‬
‫إن إدراج مفهومي القيد الخارجي )‪ (contrainte externe‬والقيد الميزاني لألمة عبر الزمن‬
‫)‪ (contrainte budgétaire intertemporelle de la nation‬في التحليل سوف يسمح لنا‬
‫بتوضيح هذه المقاربة األولى حول استقرار العجز الخارجي‪.‬‬

‫القيد الخارجي )‪:(La contrainte externe‬‬ ‫‪.1.1‬‬

‫يشترط القيد الخارجي للبلد أن تكون زيادة الدين الخارجي مساوية لمجموع عجزه‬
‫الجاري األولي (هو العجز الجاري خارج مدفوعات الفوائد) وخدمة الدين الخارجي‪ ،‬ويكتب‬
‫القيد وفق الصيغة التالية‪:‬‬

‫)‪𝐵𝑡 − 𝐵𝑡−1 = 𝐵𝐶𝑡 + 𝑟𝐵𝑡−1 … … … (1‬‬

‫حيث أن‪:‬‬

‫𝑡𝐵 ‪ :‬الدين الخارجي في الفترة ‪t‬؛‬

‫𝑡𝐶𝐵 ‪ :‬العجز الجاري األولي في الفترة ‪( t‬عجز (‪ ،)+‬فائض (‪))-‬؛‬

‫𝑟 ‪ :‬متوسط معدل الفائدة على الدين الخارجي؛‬

‫لما كان إجمالي الناتج المحلي )‪ (PIB‬ينمو مع مرور الزمن‪ ،‬فإنه من المالئم دراسة‬
‫نسب المتغيرات المذكورة أعاله إلى هذا الناتج (نرمز إلجمالي الناتج المحلي بــ‪ ،)Y :‬وعليه فإن‬
‫هذه المتغيرات تصبح‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬بن معزو محمد زكريا‬ ‫المالية الدولية )‪(Finance Internationale‬‬

‫𝑡𝐵‬ ‫‪𝐵𝑡−1‬‬ ‫𝑡𝐶𝐵‬


‫= 𝑡𝑏‬ ‫= ‪; 𝑏𝑡−1‬‬ ‫= 𝑡𝑐𝑏 ;‬
‫𝑡𝑌‬ ‫‪𝑌𝑡−1‬‬ ‫𝑡𝑌‬

‫وعليه‪ ،‬فإن القيد الخارجي يكتب كما يلي‪:‬‬

‫)‪𝑏𝑡 − 𝑏𝑡−1 = 𝑏𝑐𝑡 + (𝑟 − 𝑔)𝑏𝑡−1 … … … (2‬‬

‫حيث أن )𝑔( يعبر عم معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الداخلي )‪.(PIB‬‬

‫توضح المعادلة رقم (‪ )2‬أن الدين الخارجي يمكن أن يتزايد باستمرار بسبب تأثير "كرة‬
‫الثلج" )‪ (effet boule de neige‬للفوائد على الدين الخارجي‪ .‬وعليه‪ ،‬إذا كان 𝑡𝑐𝑏 ثابتا‪ ،‬أي‬
‫̅̅̅ = 𝑡𝑐𝑏( فإن الدين الخارجي يكون انفجاريا )‪ (dette externe explosive‬لما يكون‬ ‫) 𝑐𝑏‬
‫)𝑔 > 𝑟(‪.‬‬

‫بالمقابل‪ ،‬لما يكون )𝑔 < 𝑟( فإن الدين الخارجي سوف يستقر عند المستوى ‪:‬‬
‫̅̅̅‬
‫𝑐𝑏‬
‫= ̅𝑏‬ ‫)‪… … … (3‬‬
‫𝑟‪𝑔−‬‬

‫وعليه فإن الدين الخارجي يكون مستقرا )‪.(la dette externe est soutenable‬‬
‫عموما‪ ،‬لما يكون )𝑔 < 𝑟( فإنه في إمكان البلد مراكمة العجوزات الجارية األولية من دون‬
‫زيادة معدل االستدانة الخارجية‪ .1‬وعليه‪ ،‬إذا كان للبلد معدل استدانة بنسبة ‪ 100%‬من ‪، PIB‬‬
‫فإنه يمكنه تحقيق عجوزات جارية أولية دائمة بنسبة ‪ 2%‬من ‪ ، PIB‬هذا من دون الرفع من‬
‫‪. 𝑔 − 𝑟 = 2%‬‬ ‫معدل االستدانة‪ ،‬بشرط أن تكون ‪:‬‬
‫̅̅̅‬
‫𝑐𝑏‬
‫= ̅𝑏‬
‫𝑟‪𝑔−‬‬
‫‪0.02‬‬
‫= ‪100%‬‬ ‫‪× 100‬‬
‫‪0.02‬‬
‫̅̅̅ الذي يسمح‬
‫تسمح لنا المعادلة رقم (‪ )3‬كذلك بتحديد مستوى الرصيد الجاري األولي 𝑐𝑏‬
‫لنا بضمان استقرار معدل االستدانة الخارجية عند مستوى معين (نسبة معينة من ‪.)PIB‬‬
‫̅̅̅‬
‫𝑐𝑏‬
‫= ̅𝑏‬
‫𝑟‪𝑔−‬‬

‫̅̅̅ ∴‬
‫)‪𝑏𝑐 = 𝑏̅(𝑔 − 𝑟) … … … (4‬‬

‫‪ 1‬نقصد بمعدل االستدانة الخارجية نسبة الدين الخارجي إلى ‪.PIB‬‬

‫‪2‬‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬بن معزو محمد زكريا‬ ‫المالية الدولية )‪(Finance Internationale‬‬

‫وعليه‪ ،‬إذا أرادت الواليات المتحدة مثال ضمان استقرار دينها الخارجي عند مستوى‬
‫‪ 20%‬من ‪ ، PIB‬وباعتبار أن ‪ .𝑟 = 3% 𝑒𝑡 𝑔 = 5% :‬فإن العجز الجاري األولي للواليات‬
‫المتحدة البد أن ال يتجاوز ‪ 0.4%‬من ‪.PIB‬‬
‫̅̅̅‬
‫)𝑟 ‪𝑏𝑐 = 𝑏̅(𝑔 −‬‬
‫̅̅̅‬
‫𝐵𝐼𝑃 𝑢𝑑 ‪𝑏𝑐 = [0.2(0.05 − 0.03)] × 100 = 0.4%‬‬

‫‪(La contrainte budgétaire‬‬ ‫القيد الميزاني لألمة عبر الزمن‬ ‫‪.2.1‬‬


‫)‪:intertemporelle de la nation‬‬

‫في ظل اقتصاد عالمي متكامل بصورة متزايدة‪ ،‬نجد أن االختالالت في موازين العمليات‬
‫الجارية تمثل انعكاسا لتخصيص االدخار على مستوى العالم‪ :‬البد أن يتم توظيف االدخار في‬
‫الدول أين يكون العائد على رأس المال هو األعلى‪ .‬إذن فالعجوزات والفوائض الجارية ما هي إال‬
‫الطرف المقابل لهذه التحويالت المالية‪ .‬إذن ليس هناك أدنى سبب ألن يكون الميزان الجاري ألي‬
‫بلد متوازنا بصورة دائمة‪ .‬وعليه‪ ،‬يكون العجز الجاري مقبوال إذا تمكنت تدفقات الدخول المتأتية‬
‫من االستثمارات الممولة من االدخار األجنبي من سداد خدمة الدين الخارجي (فوائد وحصص‬
‫أرباح)‪ ،‬أي أن صافي األصول على الخارج يكون موجبا‪ .‬إذن فالعجوزات الخارجية ال يمكنها‬
‫أن تتزايد بصورة النهائية‪ ،‬فكل بلد خاضع لقيد ميزاني عبر الزمن‪.‬‬

‫يتم الحصول على هذا القيد الميزاني بتجميع القيود الميزانية الخاصة بالقطاعين العام‬
‫والخاص عبر الزمن‪ .‬ويشترط هذا القيد أن تكون القيمة الحالية للفوائض الجارية األولية‬
‫المستقبلية مساوية لقيمة الدين الخارجي المبدئي (إلتزامات تجاه الخارج)‪.‬‬

‫كما يشترط هذا القيد أن تكون القيمة الحالية للعجوزات الجارية األولية المستقبلية مساوية‬
‫للقيمة المبدئية لصافي الحقوق على الخارج‪.‬‬

‫إذا اعتبرنا ‪ 𝐵0‬يمثل قيمة صافي األصول المبدئية‪ ،‬وإذا اعتبرنا فترتين (الفترة ‪ 1‬تعبر‬
‫عن المدى القصير‪ ،‬والفترة ‪ 2‬تعبر عن المدى الطويل) فإن القيد الميزاني لألمة يكتب كما يلي‪:‬‬
‫‪𝐵𝐶2‬‬
‫‪𝐵𝐶1 +‬‬ ‫)‪= −(1 + 𝑟)𝐵𝑜 … … … (5‬‬
‫𝑟‪1+‬‬
‫حيث أن‪:‬‬

‫𝐶𝐵 ‪ :‬الرصيد الجاري األولي (عجز (‪ ،)-‬فائض (‪))+‬؛‬

‫𝑟 ‪ :‬معدل التحيين (تحسب على أساسه القيمة الحالية)؛‬

‫‪ :𝐵0‬قيمة الدين الخارجي المبدئي (االلتزامات تجاه الخارج) )‪ (𝐵0 < 0‬أو القيمة المبدئية‬
‫لصافي األصول (الحقوق) على الخارج )‪.(𝐵0 > 0‬‬

‫‪3‬‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬بن معزو محمد زكريا‬ ‫المالية الدولية )‪(Finance Internationale‬‬

‫‪ ‬نتيجة‪ :‬لما يكون للبلد دين خارجي مبدئي )‪ ، (𝐵0 < 0‬فإن شرط استقراره يفرض أن‬
‫تسمح القيمة الحالية للفوائض الجارية األولية المستقبلية بسداد هذا الدين الخارجي‬
‫وفوائده مستقبال‪.‬‬

‫‪ .2‬استقرار االختالالت الخارجية من وجهة نظر المقرضين ‪(La soutenabilité du‬‬


‫)‪: point de vue des créanciers‬‬

‫يعتبر العجز الجاري غير مستقر من وجهة نظر المقرضين عندما يمتنع هؤوالء عن‬
‫تمويل هذا العجز عند سعر الصرف أو معدل الفائدة السائدين‪.‬‬

‫وحده دفع عمولة خطر ‪ (prime de risque)2‬سوف يقود غير المقيمين لالكتتاب في‬
‫سندات الدين الخارجي للبلد المعني‪ .‬تجد السلطات النقدية لهذا البلد نفسها مدفوعة لرفع أسعار‬
‫الفائدة ألجل استمرار تمويل العجوزات الخارجية من طرف بقية العالم‪ .‬إال أنه ونتيجة لهذه‬
‫التأثيرات االنكماشية (يحدث إرتفاع أسعار الفائدة من الناحية النظرية إرتفاعا في االدخار‬
‫وتراجعا في االستثمار الذي يصبح مكلفا)‪ ،‬فإن آلية التعديل عبر سعر الفائدة ال تعمل سوى على‬
‫المدى القصير‪.‬‬

‫في المدى الطويل‪ ،‬وفي غياب تدخل البنوك المركزية‪ ،‬فإن مواجهة بين عرض متنام‬
‫لألصول المحررة بالعملة الوطنية نتيجة زيادة حجم العجز الجاري للبلد المحلي من جهة‪ ،‬وطلب‬
‫دولي خاص ضعيف بسبب رغبة غير المقيمين في تنويع محافظهم االستثمارية من جهة أخرى‪،‬‬
‫سوف تسفر (هذه المواجهة) عن تراجع في قيمة العملة الوطنية‪.‬‬

‫إذا كان هذا التراجع كبيرا‪ ،‬فإن المستثمرين الخواص غير المقيمين‪ ،‬والذين يتوقعون‬
‫إرتفاعا مستقبليا في قيمة العملة الوطنية‪ ،3‬يمكن أن يقوموا من جديد باقتناء أصول محررة‬
‫بالعملة الوطنية ألنهم سيكونون متأكدين من أنهم سوف يحققون أرباحا على رأس المال إذا كانت‬
‫توقعاتهم صحيحة‪.‬‬

‫الشكل ‪ :1‬مناطق الدعم والمقاومة )‪(support and resistance zones‬‬

‫‪ 2‬زيادة على سعر الفائدة المبدئي‪.‬‬


‫‪ 3‬يتوقع المستثمرون في أسواق المال الدولية تحركات أسعار صرف العمالت واألصول عموما وفقا لعدة طرق‪ ،‬ومن بين هذه الطرق‬
‫نجد تقنيات التحليل الفني )‪ (Technical analysis‬التي تعنى بدراسة الرسوم البيانية ألسعار األصول‪ ،‬وبالتالي تتنبأ باتجاهات هذه‬
‫األسعار مستقبال‪ .‬ومن بين الطرق التي يستخدمها التحلي الفني نذكر مناطق الدعم والمقاومة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫إعداد الدكتور‪ :‬بن معزو محمد زكريا‬ ‫المالية الدولية )‪(Finance Internationale‬‬

‫‪ ‬شرح لمناطق الدعم والمقاومة‪:‬‬


‫‪ ‬نقطة المقاومة )‪ :(resistance point‬عندما تمر األسعار بحالة تتصاعد فيها ثم تنقلب‬
‫هابطة فإن أعلى سعر تحقق في أثناء الصعود – الذروة – يشار إليه على أنه نقطة المقاومة‪،‬‬
‫إنه المستوى الذي يصطدم عنده التقدم السعري بمقاومة بيعية‪ .‬إنه المستوى الذي يصبح‬
‫البائعون عنده بنفس قوة وشراسة المشترين وهو ما يؤدي إلى توقف االرتفاع‪ .‬حينما يصبح‬
‫البائعون (العرض) أكثر قوة وشراسة من المشترين (الطلب) ينتج عن ذلك تراجع األسعار‬
‫من عند نقطة الذروة‪ .‬يصبح مستوى المقاومة منطقة مقاومة حينما يتحقق أكثر من مستوى‬
‫مقاومة عند السعر ذاته تقريبا‪.‬‬
‫‪ ‬نقطة الدعم )‪ :(support point‬هي نقيض نقطة المقاومة‪ ،‬إذ عند هذه النقطة يصبح‬
‫المشترون بنفس قوة وشراسة البائعين وهو ما يوقف تراجع األسعار‪ .‬حينما يصبح المشترون‬
‫(الطلب) أكثر قوة وشراسة من البائعين (العرض) ينتج عن ذلك ارتفاع األسعار من عند‬
‫نقطة القاع‪ .‬يصبح مستوى الدعم منطقة دعم حينما يتحقق أكثر من مستوى دعم عند السعر‬
‫ذاته تقريبا‪.‬‬

‫‪5‬‬

You might also like