Professional Documents
Culture Documents
استقرار الاختلالات الخارجية
استقرار الاختلالات الخارجية
تطرح اليوم مسألة استقرار االختالالت (العجوزات) الخارجية على الدول النامية ،وحتى
على بعض الدول الصناعية بما فيها الواليات المتحدة.
يعتبر أن العجز الخارجي غير مستقر إذا أدى تفاقمه إلى إحداث تأثيرات كبيرة على
بقية المتغيرات االقتصادية (معدل االفائدة ،سعر الصرف ،االستيعاب).
البد من دراسة مسألة استقرار العجوزات الخارجية لبلد ما من وجهة نظر المقترض من
جهة ،ومقترضيه من جهة أخرى.
يشترط القيد الخارجي للبلد أن تكون زيادة الدين الخارجي مساوية لمجموع عجزه
الجاري األولي (هو العجز الجاري خارج مدفوعات الفوائد) وخدمة الدين الخارجي ،ويكتب
القيد وفق الصيغة التالية:
حيث أن:
لما كان إجمالي الناتج المحلي ) (PIBينمو مع مرور الزمن ،فإنه من المالئم دراسة
نسب المتغيرات المذكورة أعاله إلى هذا الناتج (نرمز إلجمالي الناتج المحلي بــ ،)Y :وعليه فإن
هذه المتغيرات تصبح:
1
إعداد الدكتور :بن معزو محمد زكريا المالية الدولية )(Finance Internationale
حيث أن )𝑔( يعبر عم معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الداخلي ).(PIB
توضح المعادلة رقم ( )2أن الدين الخارجي يمكن أن يتزايد باستمرار بسبب تأثير "كرة
الثلج" ) (effet boule de neigeللفوائد على الدين الخارجي .وعليه ،إذا كان 𝑡𝑐𝑏 ثابتا ،أي
̅̅̅ = 𝑡𝑐𝑏( فإن الدين الخارجي يكون انفجاريا ) (dette externe explosiveلما يكون ) 𝑐𝑏
)𝑔 > 𝑟(.
بالمقابل ،لما يكون )𝑔 < 𝑟( فإن الدين الخارجي سوف يستقر عند المستوى :
̅̅̅
𝑐𝑏
= ̅𝑏 )… … … (3
𝑟𝑔−
وعليه فإن الدين الخارجي يكون مستقرا ).(la dette externe est soutenable
عموما ،لما يكون )𝑔 < 𝑟( فإنه في إمكان البلد مراكمة العجوزات الجارية األولية من دون
زيادة معدل االستدانة الخارجية .1وعليه ،إذا كان للبلد معدل استدانة بنسبة 100%من ، PIB
فإنه يمكنه تحقيق عجوزات جارية أولية دائمة بنسبة 2%من ، PIBهذا من دون الرفع من
. 𝑔 − 𝑟 = 2% معدل االستدانة ،بشرط أن تكون :
̅̅̅
𝑐𝑏
= ̅𝑏
𝑟𝑔−
0.02
= 100% × 100
0.02
̅̅̅ الذي يسمح
تسمح لنا المعادلة رقم ( )3كذلك بتحديد مستوى الرصيد الجاري األولي 𝑐𝑏
لنا بضمان استقرار معدل االستدانة الخارجية عند مستوى معين (نسبة معينة من .)PIB
̅̅̅
𝑐𝑏
= ̅𝑏
𝑟𝑔−
̅̅̅ ∴
)𝑏𝑐 = 𝑏̅(𝑔 − 𝑟) … … … (4
2
إعداد الدكتور :بن معزو محمد زكريا المالية الدولية )(Finance Internationale
وعليه ،إذا أرادت الواليات المتحدة مثال ضمان استقرار دينها الخارجي عند مستوى
20%من ، PIBوباعتبار أن .𝑟 = 3% 𝑒𝑡 𝑔 = 5% :فإن العجز الجاري األولي للواليات
المتحدة البد أن ال يتجاوز 0.4%من .PIB
̅̅̅
)𝑟 𝑏𝑐 = 𝑏̅(𝑔 −
̅̅̅
𝐵𝐼𝑃 𝑢𝑑 𝑏𝑐 = [0.2(0.05 − 0.03)] × 100 = 0.4%
في ظل اقتصاد عالمي متكامل بصورة متزايدة ،نجد أن االختالالت في موازين العمليات
الجارية تمثل انعكاسا لتخصيص االدخار على مستوى العالم :البد أن يتم توظيف االدخار في
الدول أين يكون العائد على رأس المال هو األعلى .إذن فالعجوزات والفوائض الجارية ما هي إال
الطرف المقابل لهذه التحويالت المالية .إذن ليس هناك أدنى سبب ألن يكون الميزان الجاري ألي
بلد متوازنا بصورة دائمة .وعليه ،يكون العجز الجاري مقبوال إذا تمكنت تدفقات الدخول المتأتية
من االستثمارات الممولة من االدخار األجنبي من سداد خدمة الدين الخارجي (فوائد وحصص
أرباح) ،أي أن صافي األصول على الخارج يكون موجبا .إذن فالعجوزات الخارجية ال يمكنها
أن تتزايد بصورة النهائية ،فكل بلد خاضع لقيد ميزاني عبر الزمن.
يتم الحصول على هذا القيد الميزاني بتجميع القيود الميزانية الخاصة بالقطاعين العام
والخاص عبر الزمن .ويشترط هذا القيد أن تكون القيمة الحالية للفوائض الجارية األولية
المستقبلية مساوية لقيمة الدين الخارجي المبدئي (إلتزامات تجاه الخارج).
كما يشترط هذا القيد أن تكون القيمة الحالية للعجوزات الجارية األولية المستقبلية مساوية
للقيمة المبدئية لصافي الحقوق على الخارج.
إذا اعتبرنا 𝐵0يمثل قيمة صافي األصول المبدئية ،وإذا اعتبرنا فترتين (الفترة 1تعبر
عن المدى القصير ،والفترة 2تعبر عن المدى الطويل) فإن القيد الميزاني لألمة يكتب كما يلي:
𝐵𝐶2
𝐵𝐶1 + )= −(1 + 𝑟)𝐵𝑜 … … … (5
𝑟1+
حيث أن:
:𝐵0قيمة الدين الخارجي المبدئي (االلتزامات تجاه الخارج) ) (𝐵0 < 0أو القيمة المبدئية
لصافي األصول (الحقوق) على الخارج ).(𝐵0 > 0
3
إعداد الدكتور :بن معزو محمد زكريا المالية الدولية )(Finance Internationale
نتيجة :لما يكون للبلد دين خارجي مبدئي ) ، (𝐵0 < 0فإن شرط استقراره يفرض أن
تسمح القيمة الحالية للفوائض الجارية األولية المستقبلية بسداد هذا الدين الخارجي
وفوائده مستقبال.
يعتبر العجز الجاري غير مستقر من وجهة نظر المقرضين عندما يمتنع هؤوالء عن
تمويل هذا العجز عند سعر الصرف أو معدل الفائدة السائدين.
وحده دفع عمولة خطر (prime de risque)2سوف يقود غير المقيمين لالكتتاب في
سندات الدين الخارجي للبلد المعني .تجد السلطات النقدية لهذا البلد نفسها مدفوعة لرفع أسعار
الفائدة ألجل استمرار تمويل العجوزات الخارجية من طرف بقية العالم .إال أنه ونتيجة لهذه
التأثيرات االنكماشية (يحدث إرتفاع أسعار الفائدة من الناحية النظرية إرتفاعا في االدخار
وتراجعا في االستثمار الذي يصبح مكلفا) ،فإن آلية التعديل عبر سعر الفائدة ال تعمل سوى على
المدى القصير.
في المدى الطويل ،وفي غياب تدخل البنوك المركزية ،فإن مواجهة بين عرض متنام
لألصول المحررة بالعملة الوطنية نتيجة زيادة حجم العجز الجاري للبلد المحلي من جهة ،وطلب
دولي خاص ضعيف بسبب رغبة غير المقيمين في تنويع محافظهم االستثمارية من جهة أخرى،
سوف تسفر (هذه المواجهة) عن تراجع في قيمة العملة الوطنية.
إذا كان هذا التراجع كبيرا ،فإن المستثمرين الخواص غير المقيمين ،والذين يتوقعون
إرتفاعا مستقبليا في قيمة العملة الوطنية ،3يمكن أن يقوموا من جديد باقتناء أصول محررة
بالعملة الوطنية ألنهم سيكونون متأكدين من أنهم سوف يحققون أرباحا على رأس المال إذا كانت
توقعاتهم صحيحة.
4
إعداد الدكتور :بن معزو محمد زكريا المالية الدولية )(Finance Internationale
5