You are on page 1of 70

‫مبدأ األمن القانوني‬

‫دراسة تحليلية‬
‫في ضوء األنظمة والتطبيقات القضائية‬
‫في القانون السعودي‬

‫هال بنت عبد الله الجربوع‬


‫باحثة قانونية‬

‫‪531‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫العـدد الحادي والثالثون | شوال ‪1444‬هـ | أبريل ‪2023‬م‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المقدمة‬
‫تنبع احلاجة للقوانني واألنظمة التي تصدر يف شتى جماالت احلياة‬
‫املختلفة من رضورة ضبط ترصفات األشخاص‪ ،‬حيث خلق اهلل اإلنسان‬
‫جمبوالً عىل العيش يف مجاعة‪ ،‬غري قادر عىل سد حاجاته بنفسه‪ ،‬بالتايل فهو‬
‫بحاجة لالرتباط بمجتمع ومجاعة يستطيع من خالهلم تبادل املصالح‬
‫وحتقيق رغباته وسد حاجاته‪ ،‬وختتلف عالقة األشخاص مع بعضهم‬
‫حسب احلاجة التي دعت لقيام هذه العالقة‪ ،‬فقد تكون عالقة ذات طابع‬
‫اجتامعي أو اقتصادي أو سيايس وغريها‪ ،‬وحيدث أن تتعارض مصالح‬
‫األطراف وتتقاطع حاجاهتم‪ ،‬وهنا تتجىل احلاجة لوجود قوانني حتكم‬
‫عالقة األشخاص والتزاماهتم وتضبط سلوكهم وتتوىل إزالة الرصاع بينهم‪،‬‬
‫وهتدف مجيع القوانني واألنظمة ‪-‬بشكل عام‪ -‬لتحقيق األمن‪ ،‬إما عن‬
‫طريق تنظيم عالقة األشخاص (طبيعية كانت أو اعتبارية) بني بعضهم كام‬
‫هو احلال يف نظام العمل والقانون املدين‪ ،‬أو عن طريق ردع األفراد وتقييد‬
‫حرياهتم بتجريم بعض الترصفات التي ُخُتل باألمن‪ ،‬كالقانون اجلنائي ونظام‬
‫مكافحة غسل األموال‪.‬‬
‫وال خيفى عىل أحد رسعة التطور يف جوانب حياة اإلنسان‪ ،‬خصوص ًا‬
‫يف املجال االقتصادي والتكنولوجي‪ ،‬األمر الذي يدفع بالقواعد القانونية‬
‫إىل مواكبة هذه التطورات واللحق بركبها‪ ،‬حيث يتم تعديل موادها‪ ،‬أو‬
‫إلغاؤها‪ ،‬أو إنشاء أنظمة ولوائح تنظيمية جديدة تتناول هذه التغريات‬
‫والتطورات‪ ،‬مما قد يؤثر عىل ثبات العالقات القانونية واستقرار املراكز‬
‫القانونية والتي بدورها متثل األمن وهو اهلدف األسايس من إصدار األنظمة‬
‫والقوانني واللوائح‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫و ُيعد مبدأ األمن القانوين من أهم مقومات دولة القانون‪ ،‬وهو‬


‫هيدف بشكل أسايس إىل حتقيق االستقرار للقاعدة القانونية‪ ،‬بحاميتها من‬
‫التعديالت والتغريات املفاجئة‪ ،‬أو االستثناءات املتعددة‪ ،‬وذلك حتى‬
‫يتمكن األشخاص الطبيعيون واالعتباريون من ترتيب أوضاعهم واحلفاظ‬
‫عىل مراكزهم القانونية وعالقاهتم التعاقدية عىل أساس هذه القواعد‪ ،‬دون‬
‫أن يكونوا عرض ًة لقرارات وتعديالت غري متوقعة تؤدي إىل زعزعة استقرار‬
‫أوضاعهم القانونية‪ ،‬األمر الذي من شأنه إشاعة السكينة والطمأنينة‪،‬‬
‫وتعزيز الثقة يف املنظمة القانونية ككل‪.‬‬
‫عليه فإن مبدأ األمن القانوين قائم عىل فكرة االستقرار النسبي للقواعد‬
‫القانونية‪ ،‬ويف سبيل حتقيق هذا االستقرار جيب حتقيق عدد من االعتبارات‪،‬‬
‫منها أن تكون القاعدة القانونية واضحة املدلول‪ ،‬سهلة الفهم بالنسبة‬
‫للمخاطبني هبا‪ ،‬ذات صياغة ترشيعية دقيقة‪ ،‬وذات قواعد معيارية ُمُتكن‬
‫القايض من قياسها وحتديدها‪ ،‬عالوة عىل كوهنا عامة جمردة‪ ،‬وليدة جمتمعها‬
‫وتنبع منه‪ ،‬كذلك جيب أن تكون القاعدة القانونية متاحة للوصول إليها‪،‬‬
‫موائمة لإلشكاالت الواقعية التي ُرُشعت من أجلها‪ ،‬ولتحقيق هذه األخرية‬
‫يتوجب القيام بإعداد دراسة مسبقة مستفيضة قبل َسن أو تعديل أي قاعدة‬
‫قانونية أو نص نظامي‪.‬‬
‫وينطوي مبدأ األمن القانوين عىل عدد من املبادئ التي يرتكز عليها‪،‬‬
‫وهي أساس حتقيق هذا املبدأ‪ ،‬والتي يف جمملها تسعى إىل استقرار القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬وحتقيق الثقة يف املنظومة القانونية والترشيعية‪ ،‬كمبدأ عدم رجعية‬

‫‪533‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫عرَّب عنها‬
‫القوانني‪ ،‬ومبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪ ،‬والثقة املرشوعة والتي ُي َّ‬
‫بقابلية القوانني للتوقع من قبل املخاطبني واملعنيني به‪ ،‬كام يمتد مبدأ األمن‬
‫القانوين إىل القضاء ليشمل مبدأ استقالل القضاء‪ ،‬مبدأ املساواة أمام القضاء‪،‬‬
‫إجراء املحاكمة العادلة‪.‬‬
‫حيف بمبدأ األمن القانوين خماطر هتدد استقراره‪ ،‬كالتضخم‬ ‫إال أنه ُ‬
‫الترشيعي الذي يعني وجود كم هائل من النصوص القانونية والترشيعية‬
‫واللوائح‪ ،‬التي قد تتعارض مع بعضها‪ ،‬وتؤدي إىل التأثري عىل الوعي‬
‫القانوين للناس‪ ،‬ومتتد هذه الصعوبة لتطال حتى املختصني والقانونيني‪،‬‬
‫أيض ًا يعد اإلرساف يف إجراء التعديالت عىل القواعد القانونية‪ ،‬وعدم‬
‫استقرار االجتهاد القضائي‪ ،‬خماطر هتدد بمبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫وبالبحث يف املكتبة القانونية يف موضوع مبدأ األمن القانوين ‪-‬وعىل‬
‫وجه اخلصوص يف األمن القانوين السعودي‪ -‬مل يتبني وجود بحوث أو كتب‬
‫متخصصة يف املوضوع‪ ،‬وإنام وجدت مؤلفات ومقاالت تناولت بعض‬
‫املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين‪ ،‬وهذه البحوث عىل النحو‬
‫اآليت‪:‬‬
‫‪1.‬بحث «إلغاء األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪ :‬دراسة حتليلية‬
‫لألحكام النظامية يف ضوء قضاء ديوان املظامل»‪ ،‬للدكتور أيوب بن منصور‬
‫اجلربوع‪ ،‬وهو بحث منشور يف دورية «اإلدارة العامة» جملة علمية تصدر‬
‫عن معهد اإلدارة العامة‪ ،‬ربيع اآلخر ‪1441‬هـ‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وهذا البحث تناول بشكل مفصل إشكالية عدم وضع األنظمة‬


‫السعودية ملنهجية واضحة وحمددة لإللغاء األنظمة وما ينتج عن ذلك من‬
‫وجود آليتني إللغاء األنظمة يف الواقع التطبيقي‪ ،‬اإللغاء الرصيح واإللغاء‬
‫الضمني وهو املتبع غالب ًا‪ ،‬والعامل املشرتك بني املقالني هو أن عدم حتديد‬
‫األنظمة السعودية آللية موحدة وواضحة إللغاء القوانني هو سبب ‪-‬من‬
‫عدة أسباب تم التطرق هلا يف هذا املقال‪ -‬تؤدي إىل زعزعة األمن القانوين‪.‬‬
‫‪2.‬بحث «االختصاص التنظيمي للملك يف اململكة العربية السعودية»‪،‬‬
‫للدكتور إبراهيم بن حممد احلديثي‪ ،‬وهو بحث منشور يف جملة جامعة امللك‬
‫سعود‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬يف جملدها الثاين والثالثني‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬عام ‪2020‬م‪.‬‬
‫وقد تضمن هذا البحث دراسة وحتليل أعامل السلطة التنظيمية يف‬
‫السعودية بشكل عام‪ ،‬واالختصاص التنظيمي للملك بشكل خاص‪ ،‬بحيث‬
‫تناول أنواع األنظمة يف اململكة‪ ،‬ومكونات السلطة التنظيمية‪ ،‬واختصاص‬
‫امللك بإصدار أنظمة بلوائح وأوامر ملكية‪ ،‬وخيتلف هذا البحث عن موضوع‬
‫هذه املقالة يف كون اختصاص امللك يف إصدار أنظمة ولوائح بأوامر ملكية‪،‬‬
‫والتصديق عىل املشاريع التنظيمية التي ترفعها له السلطة الترشيعية‪ ،‬وسلطته‬
‫يف الظروف االستثنائية‪ ،‬ال يتقاطع مع مبدأ األمن القانوين واستقراره بأي‬
‫شكل‪.‬‬

‫‪535‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪3.‬بحث «االختصاص الترشيعي ملجلس الوزراء يف اململكة العربية‬


‫السعودية»‪ ،‬للدكتور فيصل بن منصور الفاضل‪ ،‬وهو بحث منشور يف جملة‬
‫معهد اإلدارة العامة‪ ،‬املجلد احلادي والستون‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬لعام ‪2021‬م‪.‬‬
‫وقد تطرق هذا البحث إىل السلطة الترشيعية يف اململكة العربية السعودية‬
‫بجميع مكوناهتا‪ ،‬مع تسليط الضوء عىل جملس الشورى بصفة خاصة‪،‬‬
‫ورغم أمهية التعرف عىل السلطة الترشيعية لفهم مبدأ األمن القانوين‪ ،‬إال‬
‫أن السلطة الترشيعية وإصدار األنظمة ال يؤثر بشكل مبارش عىل األمن‬
‫القانوين‪ ،‬إنام ما يؤثر هو صياغة هذه األنظمة واحرتامها للحقوق املكتسبة‪،‬‬
‫وحتقيقها للمساواة‪ ،‬وقابليتها للتوقع واستقرارها عىل املدى البعيد‪،‬‬
‫ومجيع هذه العنارص التي تؤثر سلب ًا أو إجياب ًا عىل األمن القانوين هي حمل‬
‫هذا البحث‪ ،‬كام وجدت بعض املؤلفات يف مبادئ تتعلق باألمن القانوين‬
‫كمبدأ عدم رجعية القوانني‪ ،‬ومبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪ ،‬ومبدأ استقالل‬
‫القضاء‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق هيدف هذا البحث إىل دراسة مبدأ األمن القانوين يف‬
‫اململكة العربية السعودية‪ ،‬وذلك من خالل النصوص النظامية واألحكام‬
‫القضائية ذات العالقة‪ .‬واعتمد البحث منهج الدراسة الوصفية والتحليلية‬
‫للنصوص النظامية واألحكام القضائية ذات العالقة‪ ،‬باإلضافة إىل الرجوع‬
‫إىل الكتب والبحوث القانونية وأحكام القضاء املقارن كلام دعت احلاجة إىل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وتم تقسيم البحث إىل مبحثني‪ ،‬وذلك عىل النحو اآليت‪:‬‬

‫‪536‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم مبدأ األمن القانوين‪:‬‬


‫املطلب األول‪ :‬تعريف مبدأ األمن القانوين وأسسه‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬املخاطر التي تؤثر عىل مبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬تقييم مبدأ األمن القانوين يف القانون السعودي‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مظاهر تكريس مبدأ األمن القانوين يف النصوص‬
‫الترشيعية يف النظام السعودي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مظاهر غياب مبدأ األمن القانوين يف الواقع الترشيعي يف‬
‫النظام السعودي‪.‬‬
‫اخلامتة‪ :‬نتائج وتوصيات البحث‪.‬‬

‫‪537‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المبحث األول‬
‫مفهوم مبدأ األمن القانوني‬
‫تتعدد وظائف الدولة القانونية‪ ،‬بني وظائف اقتصادية ومالية وقضائية‪،‬‬
‫ولكن يبقى حتقيق األمن هو الوظيفة األهم واألبرز‪ ،‬حيث إهنا الغاية‬
‫األساسية للسلطة وجوهر وجودها‪ ،‬وهي وظيفة مقدمة عىل باقي وظائف‬
‫الدولة‪ ،‬فتحقيق األمن رضورة اجتامعية ارتبطت بوجود اجلامعات‪ ،‬ويف‬
‫غياب هذه الوظيفة ال وجود حلريات األفراد وحقوقهم‪ ،‬وبالتايل اهنيار‬
‫اجلامعات والنظام االجتامعي‪ ،‬لذلك ال نتعجب من أن حيتل حتقيق األمن‬
‫مكانة كبرية لدى مفكري العقد االجتامعي‪ ،‬عالوة عىل كون حتقيق األمن‬
‫أداة صان عن طريقها كيان الدولة ونظامها‪ ،‬وذلك ألن غياب عنرص األمن‬
‫يرتتب عليه فقدان النظام واالستقرار وبالتايل فقدان أحد مقومات الدولة‪،‬‬
‫لذلك كان حتقيق األمن مالزم ًا لنشوء الدول‪ ،‬ينشأ مع تكون الدولة ويمثل‬
‫ممارساهتا لسلطاهتا(((‪.‬‬
‫واألمن عكس اخلوف‪ ،‬ونسبة األمن إىل القانون يوحي بأن مصدر‬
‫اخلطر هو القانون نفسه‪ ،‬أي أن اخلطر قادم من القاعدة القانونية‪ ،‬سواء‬
‫كان مصدرها الترشيع أم التنظيم أم االجتهاد القضائي‪ ،‬ومعنى هذا أن عدم‬

‫((( احلنودي‪ ،‬عيل‪2011( .‬م)‪ .‬األمن القانوين‪ :‬مفهومه وأبعاده‪ .‬املجلة املغربية لإلدارة‬
‫املحلية والتنمية‪ ،‬ع ‪ ،96‬ص ‪.117‬‬

‫‪538‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫األمن يشكل جز ًءا من القانون أيض ًا‪ ،‬ولكن إىل أي مدى يؤثر انعدام األمن‬
‫القانوين عىل النظام القانوين؟(((‪.‬‬
‫سيتناول هذا املبحث األمن القانوين من عدة ٍ‬
‫نواح‪ ،‬ففي املطلب األول‬
‫سيتطرق إىل معنى ومفهوم األمن القانوين‪ ،‬مدى دستوريته‪ ،‬وارتباطه‬
‫باألمن القضائي‪ ،‬ويف املطلب الثاين سيبحث املبادئ التي يقوم عليها مبدأ‬
‫األمن القانوين‪ ،‬أما املطلب الثالث فسيتناول أبرز املخاطر التي هتدد مبدأ‬
‫األمن القانون‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف مبدأ األمن القانوني وأسسه‪:‬‬

‫ينحدر األمن القانوين من احلق الطبيعي لإلنسان يف الشعور باألمن‬


‫واالطمئنان‪ ،‬وهذا يقتيض أن كل شخص له احلق يف استقرار القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬وأن يكون يف مأمن من التعديالت املفاجئة التي يمكنها أن تؤثر‬
‫عىل استقرار أوضاعه القانونية(((‪.‬‬
‫وبالبحث عن نشأة مصطلح األمن القانوين‪ ،‬تبني أن أول ظهور له يف‬
‫أملانيا عام ‪1961‬م‪ ،‬حني قامت املحكمة الدستورية الفدرالية بالتأكيد عىل‬
‫دستورية هذا املبدأ‪ ،‬ثم يف عام ‪1962‬م اعرتفت حمكمة العدل للمجموعة‬

‫((( غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪2009( .‬م)‪ .‬مبدأ األمن القانونية ورضورة األمن القضائي‪ .‬جملة‬
‫امللحق القضائي بوزارة العدل واحلريات‪ ،‬املعهد العايل للقضاء‪ ،‬ع ‪ ،42‬ص ‪.9‬‬
‫((( خلداري‪ ،‬عبد املجيد‪2018( .‬م)‪ .‬األمن القانوين واألمن القضائي عالقة تكامل‪ .‬جملة‬
‫شهاب بجامعة الشهيد محة خلرض الوادي‪ ،‬معهد العلوم اإلسالمية‪ ،‬مج‪ ،4‬ع ‪ ،2‬ص‬
‫‪.388‬‬

‫‪539‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫األوروبية هبذا املبدأ‪ ،‬ثم تالها تأكيد املحكمة األوروبية حلقوق اإلنسان عىل‬
‫رضورة التوقع القانوين كمطلب لألمن القانوين وذلك عام ‪1981‬م(((‪.‬‬
‫ويمكن فهم مصطلح (األمن) بأكثر من مفهوم‪ ،‬فهو بمفهومه العام‬
‫والواسع يعني عكس اخلوف‪ ،‬ويرتبط بالسالم والسكينة واهلدوء وحتقيق‬
‫العدل واالطمئنان عىل النفس واملال والعرض(((‪ ،‬وإذا ارتبطت كلمة‬
‫ُعرِّب عن استقرار هذا املجال‪ ،‬فاألمن الغذائي عىل‬
‫(أمن) بمجال معني فهي ت ِّ‬
‫سبيل املثال يعني توافر احلد األدنى من املواد الغذائية الرضورية واألساسية‬
‫للبقاء واالستمرارية يف احلياة كاملعتاد‪ ،‬وهو عكس القلة والندرة يف املواد‬
‫الغذائية للفرد واجلامعة واملجتمع(((‪ ،‬أما األمن االقتصادي فيعني القدرة‬
‫عىل إنتاج االحتياجات األساسية‪ ،‬وعىل وجه اخلصوص الغذاء والطاقة‪ ،‬كام‬
‫يعني اهليمنة عىل املوارد الطبيعية والقدرة عىل تعبئة الطاقات‪ ،‬ويتجىل هذا‬
‫املفهوم يف القدرة الذاتية عىل إنتاج االحتياجات األساسية كاملاء والغذاء‪،‬‬
‫وتوليد مصادر الطاقة ذاتي ًا‪ ،‬والقدرة عىل اإلنتاج من خالل استغالل املوارد‬
‫املحلية(((‪ .‬ويمكن النظر لألمن بمفهومه الضيق‪ ،‬والذي يعني اإلجراءات‬

‫غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬ ‫(((‬


‫اللبيدي‪ ،‬إبراهيم حممود‪2010( .‬م)‪ .‬احلامية اجلنائية ألمن الدولة‪ ،‬دار الكتب القانونية‬ ‫(((‬
‫ودار شتات للنرش والتوزيع والربجميات‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫قظام‪ ،‬حممود سعيد‪1984( .‬م)‪ .‬األمن الغذائي‪ .‬املجلة الثقافية‪ ،‬ع ‪ ،4‬ص‪.171‬‬ ‫(((‬
‫حافظ‪ ،‬سعد الدين‪2003( .‬م)‪ .‬حمددات األمن االقتصادي العريب‪ .‬مركز دراسات‬ ‫(((‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬جملد ‪ ،26‬العدد ‪ 293‬ص ‪.36‬‬

‫‪540‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫التي تضمن حتقيق األمن للفرد داخل الدولة من األخطار التي تصيب‬
‫النفس واملال‪ ،‬ثم سن الترشيعات واألنظمة واللوائح التي تضمن محايته(((‪.‬‬
‫وبالرجوع ملفهوم األمن القانوين‪ ،‬فإننا ال نجد تعريف ًا واحد ًا وثابت ًا له‪،‬‬
‫إذ إنه مبدأ متعدد املظاهر ومتنوع املدلوالت كثري األبعاد‪ ،‬يمكن ملسه من‬
‫خالل املبادئ التي حتققه‪ ،‬لذلك غالب ًا ما يتم التعبري عنه بمبادئ حمددة مثل‪:‬‬
‫مبدأ فورية رسيان النص‪ ،‬استقرار املراكز القانونية لألشخاص‪ ،‬احرتام‬
‫حجية األمر املقيض فيه‪ ،‬محاية مبدأ الثقة املرشوعة(((‪.‬‬
‫فرَّس مفهوم األمن القانوين بأنه كل ما يؤدي إىل استقرار‬
‫بالتايل يمكن أن ُي َّ‬
‫نصوص األنظمة والقوانني (القواعد القانونية)‪ ،‬استقرار املراكز القانونية‬
‫لألشخاص ومعامالهتم بأن تكون يف مأمن من التعديالت املفاجئة‪ ،‬وأن‬
‫يكون الشخص عىل علم بكافة حقوقه والتزاماته التي كفلها وفرضها‬
‫النظام‪ ،‬ليشعر باالطمئنان عند تعامله مع باقي أفراد املجتمع‪ ،‬بحيث يعي‬
‫ويركن إىل أن تعامالته وعقوده التي يربمها تكون حتت ظل ترشيعات‬
‫وأحكام واضحة‪ ،‬وأن أي نزاع أو خالف يقع يف العالقة التعاقدية‪ ،‬أو يف‬
‫املجتمع عموم ًا فإن ِكال أطرافه خيضعون حلكم قانون واحد دون حصانة‬
‫لطرف عىل آخر‪ ،‬أو متييز لفئة عن أخرى‪.‬‬
‫ولقد تضمن تقرير جملس الدولة الفرنسية لعام ‪2006‬م إقرار ًا ملبدأ‬
‫األمن القانوين‪ ،‬حيث ورد فيه‪« :‬مبدأ األمن القانوين يقتيض أن يكون‬

‫((( احلنودي‪ ،‬عيل‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫((( غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق ص‪.7‬‬

‫‪541‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫املواطنون‪ ،‬ودون عناء كبري‪ ،‬يف مستوى حتديد ما هو مباح وما هو ممنوع‬
‫من طرف القانون املطبق‪ ،‬وللوصول هلذه النتيجة يتعني أن تكون القواعد‬
‫املقررة واضحة ومفهومة‪ ،‬وأن ال ختضع يف الزمان إىل تغيريات متكررة أو‬
‫غري متوقعة»(((‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للمفهوم الفقهي ملبدأ األمن القانوين فيتبني أن بعض‬
‫الفقهاء اجتهدوا يف تعريف األمن القانوين فقالوا بأنه‪« :‬كل ضامنة‪ ،‬وكل‬
‫نظام قانوين للحامية‪ ،‬هيدف إىل التأمني‪ ،‬ودون مفاجآت‪ ،‬حسن تنفيذ‬
‫االلتزامات‪ ،‬وتاليف أو احلد من عدم الوثوق بالقانون»‪ ،‬كام عرفه آخرون‬
‫بأنه‪« :‬جودة نظام قانوين يضمن للمواطنني فه ًام وثقة يف القانون يف وقت‬
‫معني‪ ،‬والذي سيكون ‪ -‬مع كامل االحتامل‪ -‬هو قانون املستقبل»(((‪.‬‬
‫وغالب ًا ما يقرتن بمصطلح األمن القانوين مصطلح آخر وهو األمن‬
‫عرَّب بأحدمها عن اآلخر‪ ،‬وذلك نظر ًا الستغراق األمن‬
‫القضائي‪ ،‬أو أن ُي َّ‬
‫القانوين ملفهوم األمن القضائي‪ ،‬إال أن الفارق بينهام يكمن يف أن األخري‬
‫يرتبط بالقضاء حرص ًا‪ ،‬ويعرب عن مدى ثقة األشخاص بالسلطة القضائية‪.‬‬
‫وكام هو احلال مع األمن القانوين‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء وال ُكتَّاب يف‬
‫فهم بشكل‬ ‫إجياد تعريف موحد لألمن القضائي‪ ،‬فهو بحسب النظر إليه قد ُي َ‬
‫موسع أو ضيق‪ .‬فاملعنى املوسع لألمن القضائي‪ :‬يعكس حجم الثقة يف‬
‫املؤسسة القضائية‪ ،‬والثقة يف تطبيقها للقانون عىل القضايا املنظورة لدهيا‪،‬‬

‫((( غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬


‫((( غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪542‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫واالطمئنان إىل اجتهاد القضاء يف ما يستجد عليه من وقائع‪ ،‬هذا مع تنفيذ‬


‫ضامنات التقايض‪ ،‬وحسب هذا املفهوم فإن السلطة القضائية بكافة أجهزهتا‬
‫ختتص بتطبيق األمن القضائي‪ ،‬فاألمن القضائي طبق ًا هلذا املفهوم يعد‬
‫حاجز ًا وقائي ًا حلقوق ومصالح األشخاص من التجاوزات ضد بعضهم‬
‫البعض أوالً‪ ،‬ومن جتاوز جهة اإلدارة ثاني ًا‪ ،‬كام أنه يشكل محاية للسلطات‬
‫العامة ضد الشكاوى الكيدية والتعسفية‪ ،‬مما ينعكس إجياب ًا عىل مرفق القضاء‬
‫ويزيد من حجم الثقة فيه(((‪ .‬وأما بالنسبة للمعنى الضيق لألمن القضائي‪:‬‬
‫فيقرتن بشكل مبارش بوظائف املحاكم العليا فقط‪ ،‬املتعلقة بصحة تطبيق‬
‫القواعد الرشعية والقانونية‪ ،‬وحماولة توحيد االجتهاد القضائي وخلق‬
‫وحدة قضائية‪ ،‬وذلك من خالل حتقيق اجلودة القضائية عن طريق تطبيق‬
‫مبادئ أساسية حمددة هي‪:‬‬
‫(‪ )1‬واجب القايض البت وفق القانون املطبق يوم تقديم الطلب‪.‬‬
‫(‪ )2‬تطبيق مبدأ عدم رجعية القواعد القانونية‪.‬‬
‫(‪ )3‬التأويل يف أضيق نطاق يف القانون اجلزائي‪.‬‬
‫(‪ )4‬احرتام آجال الطعون والتقادم‪.‬‬
‫(‪ )5‬اآلثار امللزمة التفاقيات األطراف‪.‬‬
‫وتنبع قيمة وقوة أي مبدأ من قوة مصدره‪ ،‬وإذا كان الدستور هو أسمى‬
‫مرجع يف األنظمة القانونية فهل يعترب مبدأ األمن القانوين مبدأ دستور ّي ًا أم‬

‫((( خلداري‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.394‬‬

‫‪543‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫مبدأ قانون ّي ًا؟ ويف أملانيا أن األمن القانوين مبدأ مستقل يف القانون الدستوري‬
‫األملاين‪ ،‬وذلك بتأييد من املحكمة الدستورية األملانية‪ ،‬حيث استقر قضاؤها‬
‫عىل أن «مبدأ األمن القانوين يعني بالنسبة للمواطن يف املقام األول محاية‬
‫الثقة املرشوعة»(((‪ ،‬أما يف الربتغال فلم ينص يف الدستور رصاحة عىل األمن‬
‫القانوين كمبدأ دستوري‪ ،‬ولكن الفقه واالجتهاد الدستوري يذهبان إىل‬
‫أن مبدأ األمن القانوين ينبع من فكرة دولة القانون الديموقراطية‪ ،‬ومن ثم‬
‫يعترب مقرر ًا بالدستور تأسيس ًا عىل رضورة احرتام موثوقية وأمان العالقات‬
‫وحقوق األفراد‪ ،‬أما يف فرنسا فإن املجلس الدستوري الفرنيس مل يضف‬
‫الصبغة الدستورية عىل مبدأ األمن القانوين‪ ،‬وعىل ذلك فإن النظام القانوين‬
‫الفرنيس جيمع بني‪:‬‬
‫(‪ )1‬مبادئ دستورية مطلقة‪ ،‬وهي احلقوق الدستورية األساسية‪.‬‬
‫(‪ )2‬غايات ذات قيمة دستورية أقل حتديد ًا‪.‬‬
‫لذلك فإن املجلس الدستوري الفرنيس يقر بالغايات ذات القيمة‬
‫الدستورية ملبدأ األمن القانوين‪ ،‬وتبع ًا لذلك فهذا املبدأ ليس دستوري ًا‪،‬‬
‫ولكنه جمرد غاية‪ ،‬باعتبار أن األمن القانوين مبدأ عام تندرج حتته عدة مبادئ‬
‫وحقوق أخرى(((‪.‬‬

‫((( عبد اللطيف‪ ،‬حممد حممد‪2004( .‬م)‪ .‬مبدأ األمن القانوين‪ .‬جملة البحوث القانونية‬
‫واالقتصادية بجامعة املنصورة كلية احلقوق‪ ،‬العدد ‪ ،36‬ص‪.91‬‬
‫((( غميجة‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.15‬‬

‫‪544‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوني‪:‬‬

‫إن مبدأ األمن القانوين ال يستقل ويقوم بذاته‪ ،‬بل هو مبدأ يقوم عىل‬
‫عدد من املبادئ القانونية التي تكفلها نصوص الدساتري والقوانني‪ ،‬بالتايل‬
‫ال يمكن ملسه مبارشة إال بتقييم مدى توافر األسس التي يقوم عليها هذا‬
‫املبدأ‪ ،‬والتي بدورها تكفل حتقيق األمن القانوين‪ ،‬وتسهم يف استقرار املراكز‬
‫القانونية وتعامالت األفراد‪ ،‬وتعزز من ثقة األشخاص باملنظومة القانونية‪.‬‬
‫ويمكن إجياز هذه املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(‪ )1‬مبدأ عدم رجعية القوانني‪.‬‬
‫(‪ )2‬مبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬مبدأ قابلية القانون للتوقع (الثقة املرشوعة)‪.‬‬
‫(‪ )4‬مبدأ املساواة أمام القانون والقضاء‪.‬‬
‫(‪ )5‬مبدأ استقرار القواعد القانونية‪.‬‬
‫(‪ )6‬مبدأ وضوح القاعدة القانونية املطبقة‪.‬‬
‫وفيام يأيت بيان ملفهوم هذه املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬مبدأ عدم رجعية القوانني‪:‬‬
‫و ُيقصد هبذا املبدأ‪ ،‬أنه عندما َي ُسن أو ُيعدَّ ل املرشع‪ ،‬قانون أو نظام‪ ،‬فإن‬
‫أثر هذا القانون اجلديد أو التعديل ينطبق فقط عىل املستقبل دون املايض‪ ،‬أي‬
‫أن يتم بدء العمل به من حلظة دخوله حيز التنفيذ‪ ،‬وطبق ًا هلذا املبدأ فجميع‬

‫‪545‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫الترصفات وااللتزامات والعالقات التعاقدية التي سبقت صدور القانون‬


‫اجلديد ال يمكن تطبيقه عليها‪ ،‬وال حيكم إال األفعال واملركز القانونية‬
‫واحلقوق التي ُاكتسبت بعد نرشه‪ .‬و ُيعد مبدأ عدم رجعية القوانني هو‬
‫األساس الذي يقوم عليه حل مشكلة تنازع القوانني يف الزمان‪ ،‬ولكنه ال‬
‫يكفي لوحده‪ ،‬إذ إنه ال يكفي القول إن القانون اجلديد ليس له سلطان عىل‬
‫املايض‪ ،‬بل جيب منع استمرار القانون القديم يف الرسيان بتقرير مبدأ سلطان‬
‫القانون اجلديد ابتدا ًء من نفاذه(((‪.‬‬
‫وانقسمت دساتري الدول من حيث تناوهلا ملبدأ عدم رجعية القوانني إىل‬
‫عدة توجهات‪:‬‬
‫(‪ )1‬دساتري نصت عىل مبدأ عدم رجعية القوانني بشكل عام‪.‬‬
‫(‪ )2‬دساتري نصت عىل مبدأ عدم رجعية القوانني اجلزائية فقط‪،‬‬
‫كالدساتري املغربية‪.‬‬
‫(‪ )3‬دساتري مل تتطرق ملبدأ عدم الرجعية أص ً‬
‫ال(((‪.‬‬
‫و ُيعد هذا املبدأ اهم مبدأ ُيعرَّبَّ عن األمن القانوين وذلك لسببني‪ ،‬أحدمها‬
‫هيم املخاطبني بالقانون بشكل‬
‫أنه يؤثر عىل استقرار املراكز القانونية‪ ،‬أي أنه ُّ‬
‫عام ‪-‬كافة األشخاص‪ ،-‬واآلخر أنه يعكس حجم ثقة األشخاص يف‬

‫((( شاهني‪ ،‬إسامعيل عبد النبي‪2013( .‬م)‪ .‬ضوابط مبدأ عدم رجعية القوانني‪ :‬دراسة‬
‫مقارنة يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،‬ص ‪.33-32‬‬
‫((( لعرسي‪ ،‬جواد‪2005( .‬م)‪ .‬مبدأ عدم رجعية القانون الرضيبي يف القضاء والترشيع‪.‬‬
‫جملة القانون املغريب‪ .‬دار السالم للطباعة والنرش‪ ،‬العدد ‪ ،7‬ص‪.91‬‬

‫‪546‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫القانون‪ ،‬فإذا شعر األشخاص بعدم االطمئنان عىل عالقاهتم التعاقدية‪،‬‬


‫بحيث إن التزاماهتم وحقوقهم الناشئة عنها قد تطرأ عليها تغريات حسب‬
‫تغري القوانني يف املستقبل‪ ،‬فسيكون هناك زعزعة لتلك املعامالت وضياع‬
‫ال عن عدم ارتياحهم ألي قانون سواء كان مطبق ًا‬
‫لتلك املصالح‪ ،‬هذا فض ً‬
‫أم حمتمل الصدور(((‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬مبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪:‬‬
‫ومفاد هذا املبدأ أن احلقوق املكتسبة بالطرق املرشوعة وبموجب القوانني‬
‫والقرارات النافذة‪ ،‬ال جيوز املساس هبا من قبل أي سلطة من سلطات‬
‫الدولة‪ ،‬متى ما كانت هذا احلقوق تتعلق بمامرسة أحد احلريات العامة أو‬
‫تكون من احلقوق املنصوص عليها يف القوانني‪ ،‬أو األحكام املقيض فيها(((‪.‬‬
‫وتعرف احلقوق املكتسبة بأهنا احلق الناشئ عن الترصف القانوين الذي‬ ‫ّ‬
‫ُينشئ مركز ًا قانوني ًا(((‪ ،‬كام يمكن تعريفها بأهنا احلقوق التي تدخل الذمة‪،‬‬
‫أي أهنا حقوق طارئة يف جمرى حياة اإلنسان‪ ،‬ومفاد ذلك أن احلقوق ليست‬
‫متساوية لدى اجلميع‪ ،‬بل إهنا ختتلف باختالف األشخاص وحاجاهتم‪،‬‬
‫املجتمعات واألزمنة‪ ،‬ويرجع هذا االختالف إىل أن منشأ هذه احلقوق‬
‫وهو العالقات املختلفة داخل املجتمع‪ ،‬بالتايل فهي حمل للتغري والتطور‪،‬‬
‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪2020( .‬م)‪ .‬األمن القانوين وتأثريه عىل استقرار املعامالت‬
‫القانونية‪ .‬جملة القانون واألعامل الدولية بجامعة احلسن األول‪.‬‬
‫((( خلداري‪ ،‬عبد املجيد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.390‬‬
‫((( عويس‪ ،‬محدي أبو النور السيد‪2011( .‬م)‪ .‬مبدأ احرتام احلقوق املكتسبة يف القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪547‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وهنا تربز أمهية مبدأ احرتام ومحاية احلقوق املكتسبة كون أن مصدرها هو‬
‫القوانني واألنظمة املرشوعة بالتايل يتوجب محايتها من التعديالت عىل‬
‫األعامل القانونية التي أنشأت هذه احلقوق ابتدا ًء(((‪.‬‬
‫عرَّب عنها بمبدأ‬
‫وفكرة احلقوق املكتسبة متتد إىل القانون اإلداري‪ ،‬و ُي َّ‬
‫التقديس أو مبدأ عدم املساس‪ ،‬والذي يعني أنه ال يمكن لإلدارة املساس‬
‫بالترصف القانوين الذي ينشئ آثار ًا قانونية فردية‪ ،‬سواء بإلغائه أو تعديله‪،‬‬
‫كام ال يمكنها أن تضع هناية آلثاره إال عن طريق ترصف قانوين مضاد وذلك‬
‫يف احلاالت التي يسمح فيها القانون بذلك(((‪ .‬كام يتعلق بمبدأ احرتام احلقوق‬
‫املكتسبة مبدأ آخر ُيعرف باستقرار املراكز التعاقدية‪ ،‬والذي يعني ضامن أن‬
‫املتعاقد لن خيضع لتغريات مكلفة وغري متوقعة يف النظام القانوين الذي تم‬
‫التعاقد يف ظله‪ ،‬ولكن هذا ال حيدّ من سلطة الدولة عىل قانوهنا املحيل يف‬
‫جمال العقود اإلدارية‪ ،‬فلدولة من خالل تدابريها الترشيعية أو التنظيمية أن‬
‫تقوم بتعديل البيئة القانونية التي ينفذ فيها العقد(((‪.‬‬

‫((( الكساسبة‪ ،‬هشام حامد‪2018( .‬م)‪ .‬دور القايض اإلداري األردين يف محاية احلقوق‬
‫املكتسبة دراسة حتليلية مقارنة‪ .‬جملة اجلامعة اإلسالمية للدراسات الرشعية والقانونية‪،‬‬
‫ص ‪.283‬‬
‫((( عويس‪ ،‬محدي أبو النور السيد‪2011( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫((( رايض‪ ،‬مازن ليلو‪2020( .‬م)‪ .‬محاية األمن القانوين يف النظم القانونية املعارصة‪ ،‬املركز‬
‫العريب للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ ،‬ص ‪.188-186‬‬

‫‪548‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ثالث ًا‪ :‬مبدأ قابلية القانون للتوقع (الثقة املرشوعة)‪:‬‬


‫فمبدأ األمن القانوين هيدف إىل حتقيق االستقرار يف العالقات واحلقوق‪،‬‬
‫وأهم وسيلة لتحقيق هذا االستقرار النسبي هو فكرة قابلية القانون للتوقع‪،‬‬
‫أو ما تسمى بالتوقع املرشوع‪ ،‬حيث تركز هذه الفكرة عىل التزام الدولة بعدم‬
‫مباغتة األفراد أو مفاجأهتم بام تصدره من قوانني أو قرارات تنظيمية ختالف‬
‫توقعاهتم املرشوعة‪ ،‬واملبنية عىل أسس موضوعية مستمدة من القوانني‬
‫واألنظمة القائمة التي تتبناها وتعمل هبا سلطات الدولة(((‪.‬‬
‫ويمتد قابلية القانون للتوقع إىل القوانني اجلديدة املنظمة لعالقات‬
‫قانونية مل تكن منظمة من قبل‪ ،‬حيث جيب أن يسبقها إجراءات ومتهيدات‬
‫حتمي التوقعات املرشوعة هلؤالء األفراد حتى ال تصطدم معها‪ ،‬وتؤدي إىل‬
‫ضياع حقوق األفراد بسبب عدم التدرج يف إصدار هذه القواعد القانونية‬
‫اجلديدة‪ ،‬وأيض ًا القواعد املعدّ لة لبعض األنظمة القديمة جيب أن تكون عرب‬
‫مراحل متدرجة‪ ،‬حيث ترتك الفرصة لألشخاص لتعديل توقعاهتم املرشوعة‬
‫وفق هذه التعديالت‪ ،‬وال تكون مفاجئة هلم ألهنم قد أخذوا احتياطاهتم‬
‫بعد صدور مؤرشات مرحلية تسبق صدور هذه القواعد اجلديدة أو املعدلة‬
‫لسابقتها(((‪.‬‬

‫((( خلذاري‪ ،‬عبد املجيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.390‬‬


‫((( بن عامر‪ ،‬بواب‪2020( .‬م)‪ .‬احلق يف التوقع املرشوع «الثقة املرشوعة» كأحد ركائز‬
‫األمن القانوين‪ ،‬جملة الدراسات احلقوقية‪ ،‬جامعة سعيدة‪ ،‬جملد ‪ ،7‬عدد ‪ ،1‬ص ‪.67‬‬

‫‪549‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫رابع ًا‪ :‬مبدأ املساواة أمام القانون والقضاء‪:‬‬


‫وهو ما يعرف بكتب القانون بكون القاعدة القانونية عامة جمردة‪ ،‬أي أهنا‬
‫ختاطب مجيع األشخاص الذين تتوفر فيهم رشوط انطباقها(((‪ ،‬أي ختاطبهم‬
‫بصفاهتم ال بذواهتم أو أسامئهم‪ .‬ويقصد بعمومية القاعدة القانونية‪ ،‬هو أن‬
‫تصاغ القاعدة بصيغة عامة‪ ،‬بحيث تستوعب مجيع الفرضيات واحلاالت‪،‬‬
‫وذلك بتحديد رشوط معينة تنطبق عىل األشخاص املخاطبني بأحكام هذه‬
‫القاعدة القانونية‪ ،‬دون حتديد ألسامئهم أو وقائع معينة بذاهتا‪ ،‬أما التجريد‬
‫فيقيض أن تسمو القاعدة القانونية عن التفاصيل الدقيقة واحلاالت الفردية‪،‬‬
‫بحيث ال تعتد إال بالظروف العامة واالعتبارات الرئيسية التي تنطبق عىل‬
‫مجيع الوقائع(((‪ ،‬وال يقدح يف صفتي العموم والتجريد عدد األشخاص‬
‫املخاطبني بالقاعدة القانونية‪ ،‬كأن تنطبق القاعدة عىل شخص واحد فقط‬
‫كام هو احلال مع تنظيم اختصاصات رئيس الدولة‪ ،‬وال يؤثر يف عمومها‬
‫أن تنطبق ملدة معينة كحاالت الطوارئ واألزمات‪ ،‬وال يقلل من صفتي‬
‫العموم والتجريد كون القاعدة القانونية ال تطبق عىل كل أقاليم الدولة‪،‬‬
‫فهناك أنظمة وقوانني ال تطبق إال يف مناطق احلدود أو املحميات(((‪،‬‬
‫وصفتا العموم والتجريد املالزمتان لكافة القواعد القانونية‪ ،‬وامل َعربتان‬
‫عن مبدأ املساواة أمام القانون‪ ،‬تُشعران أفراد املجتمع باالطمئنان والثقة‬

‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬


‫((( الرويس‪ ،‬خالد‪ .‬الريس‪ ،‬رزق‪2012( .‬م)‪ .‬املدخل لدراسة العلوم القانونية‪ .‬مكتبة‬
‫الشقري‪ ،‬الطبعة‪ :‬اخلامسة‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫((( الرويس‪ ،‬خالد‪ .‬الريس‪ ،‬رزق‪2012( .‬م)ز مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31‬‬

‫‪550‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫اجتاه القاعدة القانونية نفسها‪ ،‬حيث ال يغيب عن وعيهم أن تلك القاعدة‬


‫تطبيق عىل اجلميع دون استثناء‪ ،‬حيث إن هاتني الصفتني تشكالن ضامنة‬
‫ملحاكمة عادلة‪ ،‬ألن ازدواجية املعايري يف تطبيق األنظمة أو العقوبات تؤدي‬
‫إىل زعزعة ثقة املواطن باملنظومة الترشيعية والقضائية(((‪.‬‬
‫خامس ًا‪ :‬مبدأ استقرار القواعد القانونية‪:‬‬
‫ويشرتط يف الترشيعات بمختلف أنواعها وأشكاهلا أن توفر نوع ًا من‬
‫االستقرار والثبات والبعد عن التعديل املستمر للنصوص القانونية‪ ،‬حيث‬
‫إن هذا اإلجراء يؤثر عىل استقرار املراكز القانونية واحلقوق املكتسبة‪ ،‬وليس‬
‫املقصود هنا أن يكون القانون يف قوالب جامدة‪ ،‬إنام املقصود إال يكون تطور‬
‫القانون ميدان ًا للمفاجآت وعدم التوقع‪ ،‬ألن أساس فكرة األمن القانوين‬
‫هو استقرار املراكز القانونية وعدم املساس هبا‪ ،‬بالتايل فاملراكز التي تكونت‬
‫واستقرت جيب أن تتوفر هلا احلامية القانونية عىل الدوام يف حالة تغري القوانني‬
‫أو تبدل أوضاع املجتمع(((‪ ،‬فاالستقرار القانوين يعني أن تكون القواعد‬
‫القانونية مؤكدة وحمددة يف تنظيمها للمراكز القانونية‪ ،‬وأن تضمن تأمني‬
‫النتائج‪ ،‬بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها(((‪.‬‬

‫((( عبد احلميد‪ ،‬مفتاح خليفة‪2012( .‬م)‪ .‬مبدأ املساواة أمام القانون‪ .‬اعامل املؤمتر‬
‫العلمي‪ :‬املصاحلة الوطنية‪ -‬مفهومها‪ -‬أمهيتها‪ -‬ضوابطها‪ -‬آليتها‪ -‬معوقاهتا‪ .‬اجلامعة‬
‫األسمرية للعلوم اإلسالمية زلتني‪ ،‬ص ‪.152‬‬
‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬
‫((( الطباخ‪ ،‬يس حممد حممد‪2012( .‬م)‪ .‬االستقرار كغاية من غايات القانون‪ :‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬املكتب اجلامعي احلديث‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪551‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫واالستقرار املطلوب حتقيقه هنا يكون بالقدر الكايف‪ ،‬القدر الذي ال يعني‬
‫اجلمود وعدم التعديل‪ ،‬بل إن اجلمود وعدم التغري مظهر من مظاهر عدم‬
‫االستقرار‪ ،‬ولكن القدر املطلوب هو الذي ال حيول دون مواكبة التطورات‬
‫التي تعرفها احلياة عىل مجيع األصعدة‪ ،‬فالقاعدة القانونية يف النهاية قاعدة‬
‫اجتامعية‪ ،‬أي أنه ال قانون بال جمتمع وال جمتمع بال قانون‪ ،‬بالتايل جيب أن‬
‫تُساير تطور املجتمع‪ ،‬إذ من غري املقبول أن ُيعمل بقواعد قانونية بالية ال‬
‫تتناسب مع العرص واحتياجاته‪ ،‬مما خيلق وضع ًا حائر ًا بني قانون غري مطبق‬
‫وواقع جديد ال يعرف تنظي ًام قانوني ًا سلي ًام(((‪ ،‬ومسايرة القاعدة القانونية‬
‫للتغريات والتطورات التي حتدث يف املجتمع جيب أن تكون يف حدود التي‬
‫تستبعد معها عنرص التغيري املفاجئ للقوانني‪ ،‬وخطر عدم استقرار املعامالت‬
‫بني األفراد‪ ،‬وما يرتتب عىل ذلك من انعدام األمن القانوين وفقد الثقة يف‬
‫اجلهة املرشعة‪ ،‬لذلك يلجأ املرشع غالب ًا إىل إجراء أسايس يتمثل يف نرش‬
‫القوانني اجلديدة يف اجلريدة الرسمية‪ ،‬مما حيقق معه غايتني مها‪ :‬تفادي مباغتة‬
‫األشخاص بقوانني مل يكونوا عىل علم هبا‪ ،‬بل ويكون القانون املنشور يف‬
‫توقع األشخاص املعنيني والذين سيتأثرون بأحكامه‪ ،‬والغاية األخرى هي‬
‫تطبيق قاعدة ال يعذر أحد بجهله القانون(((‪.‬‬

‫((( بنبنعيسى‪ ،‬فدوى‪2009( .‬م)‪ .‬األمن القانون كضامن حلامية احلقوق واحلريات‬
‫اإلنسانية‪ .‬املجلة املغربية للحكامة القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬ص ‪.25‬‬
‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫سادس ًا‪ :‬مبدأ وضوح القاعدة القانونية املطبقة‪:‬‬


‫من املس َّلم به أن صياغة النص القانوين هلا دور ف َّعال يف حتقيق األمن‬
‫القانوين واستقراره‪ ،‬فكلام كانت القاعدة القانونية واضحة يف صياغتها‬
‫ودقيقة يف مدلوهلا كان ذلك أدعى إىل استيعاهبا وفهم نطاقها‪ ،‬وعىل النقيض‬
‫فإذا كانت القاعدة القانونية مبهمة وغري واضحة وال دقيقة فإن ذلك يثري‬
‫اخلالف حول تفسريها ويؤدي إىل الزعزعة عند تطبيقها‪ ،‬وينصب مبدأ‬
‫وضوح القاعدة القانونية عىل الشكل الذي تعرب فيه السلطة الترشيعية‬
‫عن إرادهتا يف إطار االختصاص الذي منحها إياه الدستور‪ ،‬ويكون هذا‬
‫التعبري بصياغة واضحة سهله الفهم للمخاطبني هبا‪ ،‬وبأسلوب ال حيتمل‬
‫التأويل‪ ،‬ألن احتامل وجود تأويلني جيعل القايض مرشع ًا وناطق ًا للقانون‬
‫مما يتعارض مع اختصاصه بأن يكون من َّفذ ًا ومفرِّسِّ ًا للقانون‪ ،‬وأن تكون‬
‫اللغة املستعملة يف الصياغة سليمة منضبطة ودقيقة حتقق من خالهلا أحكام‬
‫الترشيع ومقاصده(((‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬المخاطر التي تؤثر على مبدأ األمن القانوني‪:‬‬

‫ترتصد باألمن القانوين مجلة من املعوقات التي تؤثر عىل املبدأ سلب ًا‪،‬‬
‫بام تنرشه من شك وارتباك وزعزعة الستقرار األنظمة والقواعد القانونية‪،‬‬
‫ومن أبرز هذه املخاطر واملعوقات التي تؤثر عىل مبدأ األمن القانوين‪ :‬أوالً‪:‬‬

‫((( سامل‪ ،‬هانم أمحد حممود‪2021( .‬م)‪ .‬ضامنات حتقيق مبدأ األمن القانوين‪ :‬دراسة فقهية‬
‫قضائية مقارنة‪ ،‬جملة األمن والقانون‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد األول‪ ،‬ص‪.366‬‬

‫‪553‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫التضخم الترشيعي‪ :‬ثاني ًا‪ :‬الصياغة الترشيعية املعيبة واستعامل لغة غري‬
‫دقيقة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التضخم الترشيعي‪:‬‬
‫غني عن القول أن صياغة القواعد القانونية واألنظمة ليس باألمر اهلني‪،‬‬
‫فهو أمر مرتبط بعدد من الضوابط والرشوط‪ ،‬عىل رأسها حسن الصياغة‬
‫توضح مدى احلاجة هلذا القانون‬ ‫وسهولة التطبيق وإعداد دراسة مسبقة ِّ‬
‫وآثار تطبيقه‪ ،‬غري أن الواقع يكشف لنا عكس ذلك‪ ،‬مما يؤدي إىل صعوبة‬
‫فهم القاعدة القانونية وتعذر تنفيذها‪ ،‬أو تعارضها مع غريها من القوانني‬
‫واألنظمة مما جيعل الترصف الواحد خاضع ًا ألكثر من قاعدة قانونية‪ ،‬ومن ثم‬
‫اللجوء إىل تعديل األنظمة والقوانني أو إصدار أنظمة ولوائح جديدة‪ ،‬وهذا‬
‫يعني تكاثر النصوص القانونية‪ ،‬أو ما يعرب عنه بـ(التضخم الترشيعي)(((‪.‬‬
‫وتتجىل ظاهرة التضخم الترشيعي إما من خالل ازدياد عدد القوانني‬
‫الصادرة يف ميدان معني يف كل سنة‪ ،‬دون وجود رضورة ملحة إليها‪ ،‬أو من‬
‫خالل تكدس النصوص القانونية مع مرور الزمن وتطويل القوانني التي‬
‫ترشد خارج ميداهنا(((‪.‬‬
‫ويشمل مفهوم التضخم الترشيعي ما ييل‪:‬‬
‫‪ .1‬تزايد النصوص القانونية يف القانون الواحد‪.‬‬
‫((( إيراين‪ ،‬نوال‪2018( .‬م)‪ .‬تأثري تضخم الترشيع عىل األمن القانوين‪ .‬املركز اجلامعي‬
‫مرسيل عبد اهلل بتيبازة‪ .‬العدد ‪ ،13‬ص ‪.103‬‬
‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪554‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ .2‬تعدد القوانني املختلفة التي يمكن تطبيقها عىل املسألة الواحدة‪.‬‬


‫‪ .3‬كل احلاالت التي يكون فيها حجم الترشيع كبري ًا بشكل غري مربر‪.‬‬
‫‪ .4‬أن حيتوي الترشيع عىل نصوص تتعارض مع نصوص أخرى‪.‬‬
‫‪ .5‬تعدد االستثناءات الترشيعية التي ترد عىل القاعدة القانونية بحيث‬
‫تستغرق االستثناءات األصل العام للقاعدة(((‪.‬‬
‫ويرجع السبب يف التضخم الترشيعي إىل كثرة وتعدد املجاالت‬
‫احلياتية البرشية واملؤسساتية وتوسعهام املستمر‪ ،‬مما يضطر املرشع إىل كثرة‬
‫الترشيعات والقواعد وإصدار القواعد املنظمة‪ ،‬وينتج عن ذلك سن عدد‬
‫هائل من األنظمة‪ ،‬ويتبعها إجراءات تعديلية‪ ،‬وكثرة التعديالت وتنوعها‬
‫تفقد الترشيع معناه وقيمته‪ ،‬ويودي بالقاعدة القانونية إىل التدهور والتدين‪،‬‬
‫وظهور العديد من املشكالت أبرزها تنازع الترشيعات املتعاقبة‪ ،‬وصعوبة‬
‫إملام اجلهات التنفيذية املختصة بكل القوانني املتداخلة واملرتابطة فيام بينها‬
‫واإلحالة هلا‪ ،‬وأيض ًا صعوبة حتديد النصوص القديمة النافذة أو تلك امللغاة‬
‫نتيجة لصدور نصوص جديدة(((‪.‬‬
‫وبالبحث عن أسباب التضخم الترشيعي يتبني أهنا تتمثل فيام يأيت‪:‬‬
‫(‪ )1‬تراكم التعديالت عىل القواعد القانونية‪.‬‬
‫(‪ )2‬استعامل لغة غري دقيقة عند صياغة النص الترشيعي‪.‬‬

‫((( إيراين‪ ،‬نوال‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.107‬‬


‫((( إيراين‪ ،‬نوال‪ .‬مرجع سابق ص ‪.108‬‬

‫‪555‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫(‪ )3‬عدم وضوح آلية إلغاء القوانني‪.‬‬


‫(‪ )4‬قلة الكفاءات العلمية والفنية لدى اجلهة املرشعة‪.‬‬
‫وينجم عن ظاهرة التضخم الترشيعي ‪-‬غالب ًا‪ -‬تعارض النصوص‬
‫ال بذلك‬‫الترشيعية وتضارب القواعد القانونية فيام بينها وتزامحها‪ ،‬مشك ً‬
‫أحد مظاهر انعدام األمن واالستقرار القانونيني‪ ،‬واللذان يشكالن الغاية‬
‫األوىل للمرشع‪ ،‬ويمكننا القول أن أوىل اخلطوات التي جيب اختاذها حلل‬
‫هذه املشكلة هي بالتشخيص الكيل للترشيع‪ ،‬وحماولة تصنيف النصوص‬
‫سار وملغى وما هو غامض‪ ،‬ثم حتديثها والرفع من‬ ‫الترشيعية بني ما هو ٍ‬
‫جودهتا بحيث ال تتصادم النصوص فيام بينها‪ ،‬هذا باإلضافة إىل رضورة‬
‫دراسة األثر الترشيعي‪ ،‬وتقليل االستثناءات إىل أضيق نطاق‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬الصياغة الترشيعية املعيبة واستعامل لغة غري دقيقة‪:‬‬
‫لعل من أبرز املخاطر واملعوقات التي تؤثر عىل مبدأ األمن القانوين‬
‫ضعف الصياغة التي يظهر هبا النص القانوين‪ ،‬فالصياغة الترشيعية املعيبة‬
‫تُسهم يف عرقلة اجلهود املبذولة لتحقيق األمن واالستقرار والنمو والتطور‬
‫ُعرف الصيغة الترشيعية بأهنا جمموعة الوسائل والقواعد‬ ‫يف املجتمع‪ ،‬وت َّ‬
‫املستخدمة لصياغة األفكار القانونية والنصوص الترشيعية بطريقة تساعد‬
‫يف تطبيق القانون من الناحية العملية‪ ،‬وذلك باستيعاب وقائع احلياة يف‬
‫قوالب ترشيعية لتحقيق الغرض الذي تنشده السياسة القانونية(((‪.‬‬
‫((( نرصاوين‪ ،‬ليث كامل‪2017( .‬م)‪ .‬متطلبات الصياغة الترشيعية اجليدة وأثرها عىل‬
‫اإلصالح القانوين‪ .‬كلية القانون الكويتية العاملية‪ .‬جملد ‪ ،5‬ص‪.386‬‬

‫‪556‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وتتخذ العيوب التي تعرتي بعض النصوص الترشيعية عدد ًا من الصور‪،‬‬


‫كاخلطأ والغموض والنقص والتعارض‪.‬‬
‫‪ .1‬اخلطأ املادي‪ :‬وهو اخلطأ الذي يشوب النص دون أن يقصده املرشع‪،‬‬
‫ويكون إما بأحد األشكال التالية‪:‬‬
‫‪ -‬استبدال لفظ أو كلمة بالنص مكان لفظ أو كلمة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬ذكر عبارة يف النص غري مقصودة‪ ،‬وال يستوي النص إال بحذفها‪.‬‬
‫‪ -‬سقوط عبارة من النص كان جيب ذكرها‪ ،‬وال يستقيم النص إال هبا(((‪.‬‬
‫وغالب ًا ما يظهر اخلطأ املادي يف النصوص القانونية خالل مرحل‬
‫إعدادها وصوالً إىل نرشها يف اجلريدة الرسمية‪ ،‬ويرجع السبب إىل عدم‬
‫مراجعة النص بشكل دقيق أو بسبب الطباعة‪ ،‬كام قد حيدث اخلطأ املادي يف‬
‫الرتمجة بمناسبة وضع ترمجة لنص قانوين بلغة أجنبية‪.‬‬
‫‪ .2‬اخلطأ القانوين‪ :‬ويتمثل هذا اخلطأ يف ذكر أحكام قانونية غري سليمة‬
‫وتتعارض مع نصوص قانونية أخرى أو مع قواعد ومبادئ عامة(((‪.‬‬
‫‪ .3‬الغموض‪ :‬ويكون النص غامض ًا عندما تكون األلفاظ والكلامت‬
‫املستخدمة حتمل أكثر من معنى‪ ،‬ويمكن تأويلها وتفسريها بمعاين غري‬
‫املعنى املقصود منها‪ ،‬وتسمى النصوص التي يشوهبا الغموض بالنصوص‬
‫القابلة للتأويل‪.‬‬

‫((( إيراين‪ ،‬نوال‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.109‬‬


‫((( عبد الوهاب وهيب مرجع سابق‪.‬‬

‫‪557‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ .4‬النقص‪ :‬ويكون النص ناقص ًا إذا سكت املرشع عن ذكر عبارة أو‬
‫ألفاظ ال يتحقق معنى النص بدون هذه العبارات أو تلك األلفاظ‪ ،‬أو‬
‫غفل املرشع النص عىل أحد احلاالت التي قد حتدث يف الواقع‪ ،‬أي‬ ‫أن ي ِ‬
‫ُ‬
‫أن النقص يقتيض عدم وجود نصوص ترشيعية تعالج النزاع املنظور أمام‬
‫القايض‪ ،‬ويعرب عن النقص يف الترشيع بمصطلح الفراغ الترشيعي‪.‬‬
‫‪ .5‬التعارض‪ :‬وحيصل التعارض عندما يصطدم نص قانوين مع نص‬
‫قانوين آخر‪ ،‬فيستحيل اجلمع بينهام‪ ،‬وقد يكون التعارض بني نصني أو أكثر‬
‫من درجات متفاوتة القوة‪ ،‬أو بني نصني ترشيعيني أو أكثر من نفس الدرجة‪،‬‬
‫وقد يكون التعارض موجود ًا بني أحكام النص عينه(((‪.‬‬
‫وتعد اللغة أهم ركن جيب مراعاته عند الترشيع‪ ،‬فهي جوهر الترشيع‬
‫وأساسه‪ ،‬وال ينبغي النظر إىل الصياغة الترشيعية عىل أهنا نوع من األدب‬
‫والفنون‪ ،‬فالعديد من األساليب اللغوية متاحة ملن يشتغل يف األدب‪ ،‬لكنها‬
‫غري متاحة ملن يقوم بصياغة الترشيع‪ ،‬فاللغة جيب أن تكون واضحة ودقيقة‬
‫ذات دالالت حمددة‪ ،‬كام جيب أن ال تكون معقدة جتعل القانون منغلق ًا‪،‬‬
‫أو غري دقيقة جتعل القانون مبه ًام‪ ،‬بل جيب أن تكون لغة فنية خاصة يكون‬
‫فيها كل لفظ موزون وحمدد املعنى‪ ،‬وال جيوز أن يتغري معنى اللفظ الواحد‬
‫باستعامله يف عبارات خمتلفة‪ ،‬وال يتناىف هذا مع كون لغة التقنني بسيطة تنزل‬
‫إىل فهم املخاطبني هبا(((‪.‬‬
‫((( إيراين‪ ،‬نوال‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.109‬‬
‫((( مسعد‪ ،‬حميي حممد‪2004( .‬م)‪ .‬دور القانون يف تكوين ثقافة اإلنسان‪ ،‬دار املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪558‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وعند صياغة النص الترشيعي جيب األخذ بعدد من االعتبارات‬


‫للوصول إىل نص ُمصاغ بلغة سليمة‪ ،‬من أمهها‪:‬‬
‫‪ .1‬جتنب إطالة النص الترشيعي واعتامد الرتاكيب املتداخلة واملعقدة‪،‬‬
‫فمن املهم أن يكون النص ُمصاغ ًا بلغة بسيطة قريبة ومألوفة من فهم‬
‫املخاطبني هبا وليس املختصني بالقانون فقط‪ ،‬وأن ُيقدم بأقل الكلامت‬
‫واأللفاظ بالشكل الذي ُيفهم معناه واملراد منه وال َيرتك جماالً للتفسريات‬
‫املتعارضة‪.‬‬
‫‪ .2‬جتنب التباعد بني أجزاء اجلملة‪ ،‬كالفعل وفاعله ومفعوله والصفة‬
‫واملوصوف واملبتدأ وخربه‪.‬‬
‫‪ .3‬ينبغي صياغة النص بصيغة العمومية والتجريد‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫باستعامل املفردات التي ال حيرص مفهومها بشخص بعينه بحالة معينة‬
‫بالذات‪.‬‬
‫‪ .4‬وضوح املعنى من النص الترشيعي‪ ،‬فالصياغة اجليدة هي التي تكون‬
‫واضحة املعنى وغري مبتورة‪.‬‬
‫‪ .5‬جتنب الدخول يف التفاصيل بشكل مبالغ ًا فيه؛ جتنب ًا ألثقال النص‬
‫الترشيعي‪ ،‬واالقتصار عىل ما هو رضوري مع إحالة التفاصيل إىل النظام أو‬
‫التعليامت‪.‬‬

‫‪559‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ .6‬أن يكون املخاطب بصيغة الفرد ال اجلمع‪ ،‬ألن صيغة الفرد جتعل‬
‫وخُتصص حكم النص بحيث يرسي‬ ‫عملية الترشيع أكثر بساطة ووضوح ًا‪ُ ،‬‬
‫عىل فرد بعينه‪.‬‬
‫‪ .7‬استخدام صيغة اإلثبات بدالً عن صيغة النفي‪ ،‬والفعل املبني‬
‫للمعلوم بدالً عن الفعل املبني للمجهول(((‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬عدم استقرار االجتهاد القضائي‪:‬‬
‫االجتهاد القضائي سالح ذو حدين‪ ،‬فهو يعد أحد املبادئ التي يرتكز‬
‫عليها األمن القانوين عندما يكون االجتهاد مستقر ًا‪ ،‬وهو أحد املخاطر التي‬
‫هتدده عندما يكون غري مستقر‪ ،‬ويعرف االجتهاد القضائي بأنه احلل الذي‬
‫تتخذه جهة قضائية يف قضية معروضة أمامها‪ ،‬يف حال غياب النص القانوين‬
‫الواجب التطبيق أو غموضه أو عدم كفايته(((‪.‬‬
‫فاالجتهاد القضائي يعني تأويل القاعدة القانونية املكتوبة‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫استقرار االجتهاد القضائي عىل تفسري معني للقاعدة القانونية يساهم يف‬
‫خدمة األمن القانوين‪ ،‬وذلك من خالل حتقيق االطمئنان لالجتهاد القضائي‬
‫والتواتر عليه‪ ،‬بحيث يصبح مستقر وثابت‪ ،‬ويترصف األفراد يف ضوءه دون‬

‫((( اللهيبي‪ ،‬عيل أمحد حسني‪2019( .‬م)‪ .‬قواعد صياغة النص الترشيعي‪ ،‬جملة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫((( اللمتوين‪ ،‬عبد الرمحن‪2014( .‬م)‪ .‬االجتهاد القضائي واألمن القانوين‪ ،‬جملة امللحق‬
‫القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،46‬ص‪.4‬‬

‫‪560‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫خوف(((‪ ،‬ولكن االجتهاد القضائي ليس مستقر ًا يف مجيع األحوال فهو يتميز‬
‫بصفتني عن الترشيع‪:‬‬
‫(‪ )1‬صعوبة معرفة الناس به مقارنة بالترشيع‪.‬‬
‫(‪ )2‬القاعدة التي يتضمنها االجتهاد القضائي ترسي دائ ًام بأثر رجعي‬
‫بينام القاعدة الترشيعية ترسي بأثر فوري‪.‬‬
‫ويضاف عىل ذلك أن االجتهاد القضائي بطبيعته ال يتغري برسعة‪ ،‬فهو‬
‫ال ليتغري‪ ،‬لذلك فإن‬‫تكون‪ ،‬ووقت ًا طوي ً‬‫عىل غرار العرف يتطلب وقت ًا ل َي َّ‬
‫صدور قرار قضائي واحد جيانب الصواب قد حيدث زعزعة قوية واضطراب ًا‬
‫خطري ًا فيام خيص استقرار األوضاع القانونية(((‪.‬‬
‫َراجعه املفاجئ عن تأويله‬
‫ويعيب البعض عىل االجتهاد القضائي ت ُ‬
‫الثابت وتبني تأويل جديد‪ ،‬وهذا يؤدي إىل صعوبة توقع االجتهاد القضائي‬
‫من قبل األفراد الذين يلجؤون للقضاء‪ ،‬إذ إنه مهام طال اعتامد القايض‬
‫عىل قاعدة اجتهادية معينة‪ ،‬فليس هناك ما يمنعه من تبني اجتهاد آخر يراه‬
‫األنسب لتطبيقه عىل وقائع القضية املعروضة عليه‪ ،‬مما يؤثر عىل الثبات‬
‫النسبي لالجتهاد القضائي الذي يعد من أساسيات األمن القانوين‪ ،‬ولكن‬
‫باملقابل ال ينبغي أن نجعل من األمن القانوين مبدأ يفيض إىل منع املحاكم‬
‫من التغيري والتجديد يف اجتهاداهتا بحجة احرتامه(((‪ ،‬وهذا ما قررته حمكمة‬

‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬


‫((( اللمتوين‪ ،‬عبد الرمحن‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.16-13‬‬
‫((( عبد الوهاب‪ ،‬وهيب‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪561‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫النقض الفرنسية يف قرارها الذي جاء فيه‪« :‬األمن القانوين ال يمكن من‬
‫االعتداد بحق مكتسب بواسطة اجتهاد ثابت‪ ،‬ألن تطور االجتهاد مرتوك‬
‫للقايض يف تطبيقه القانون»(((‪.‬‬

‫((( قرار الغرفة األوىل بمحكمة النقض الفرنسية‪ ،‬الغرفة املدنية‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪21‬‬
‫مارس لعام ‪2000‬م أورده عبد املجيد غميجة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪562‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المبحث الثاني‬
‫تقييم مبدأ األمن القانوني في القانون السعودي‬
‫يتناول هذا املبحث تقييم مبدأ األمن القانوين يف النظام السعودي‬
‫من خالل مطلبني‪ :‬املطلب األول‪ ،‬ويركز عىل مظاهر تكريس مبدأ األمن‬
‫القانوين يف النصوص الترشيعية السعودية‪ ،‬وأما املطلب الثاين فريكز عىل‬
‫مظاهر غياب مبدأ األمن القانوين يف النصوص الترشيعية السعودية‪ .‬وفيام‬
‫ييل مناقشة هلذين املطلبني‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مظاهر تكريس مبدأ األمن القانوني في النصوص‬


‫التشريعية في القانون السعودي‪:‬‬

‫يف هذا املطلب سوف يتم التطرق إىل مظاهر تكريس مبدأ األمن القانوين‬
‫يف النصوص الترشيعية السعودية‪ ،‬من خالل استعراض املبادئ التي يرتكز‬
‫عليها مبدأ األمن القانوين يف النظام األسايس للحكم‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين يف النظام األسايس‬
‫للحكم‪:‬‬
‫إن مبدأ األمن القانوين ‪-‬كام سبق بيانه يف املبحث األول ‪ -‬ال يستقل‬
‫ويقوم بذاته‪ ،‬بل هو مبدأ يقوم عىل عدد من املبادئ القانونية التي تكفلها‬
‫نصوص الدساتري والقوانني‪ ،‬بالتايل ال يمكن ملسه مبارشة إال بتقييم مدى‬
‫توافر األسس التي يقوم عليها هذا املبدأ‪ ،‬والتي بدورها تكفل حتقيق األمن‬
‫القانوين‪ ،‬وتسهم يف استقرار املراكز القانونية وتعامالت األفراد‪ ،‬وتعزز من‬

‫‪563‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ثقة األشخاص باملنظومة القانونية‪ .‬ولقد تم بيان املبادئ التي يرتكز عليها‬
‫مبدأ األمن القانوين‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫(‪ )1‬مبدأ عدم رجعية القوانني‪.‬‬
‫(‪ )2‬مبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪.‬‬
‫(‪ )3‬مبدأ قابلية القانون للتوقع (الثقة املرشوعة)‪.‬‬
‫(‪ )4‬مبدأ املساواة‪.‬‬
‫(‪ )5‬مبدأ استقرار القواعد القانونية‪.‬‬
‫(‪ )6‬مبدأ وضوح القاعدة القانونية املطبقة‪.‬‬
‫وفيام يأيت بيان ملفهوم هذه املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫وهذا املطلب يتضمن بيان تلك املبادئ التي أكد عليها النظام األسايس‬
‫للحكم‪.‬‬
‫فلقد أكد النظام األسايس للحكم عىل مبدأ املساواة بصفته ركيزة أساسية‬
‫من ركائز األمن القانوين‪ ،‬حيث نصت املادة الثامنة عىل أن‪« :‬يقوم احلكم‬
‫يف اململكة العربية السعودية عىل أساس العدل والشورى واملساواة‪ ،‬وفق‬
‫الرشيعة اإلسالمية»‪ .‬وألمهية كفالة مبدأ املساواة أمام القضاء بالتساوي‬
‫للمواطنني واملقيمني‪ ،‬نصت املادة السابعة واألربعون من النظام األسايس‬
‫للحكم عىل أن‪« :‬حق التقايض مكفول بالتساوي للمواطنني واملقيمني يف‬
‫اململكة‪ ،‬ويبني النظام اإلجراءات الالزمة لذلك»‪.‬‬

‫‪564‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫من ناحية أخرى فقد أقر النظام األسايس مبدأ عدم رجعية القوانني‬
‫رصاحة‪ ،‬وعىل رضورة تطبيق قاعدة (ال يعذر أحد بجهله بالقانون)‪ ،‬وذلك‬
‫عندما أكد عىل رضورة نرش األنظمة‪ ،‬وحدد آلية نرشها عن طريق اجلريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬ووضع طريقتني لبدء رسيان هذه األنظمة‪ ،‬إما من تاريخ النرش‪ ،‬أو‬
‫أن ينص النظام عىل بدء تاريخ رسيانه‪ ،‬حيث نصت املادة احلادية والسبعون‬
‫عىل أن‪« :‬تنرش األنظمة يف اجلريدة الرسمية‪ ،‬وتكون نافذة املفعول من‬
‫تاريخ نرشها‪ ،‬ما مل ينص عىل تاريخ آخر»‪ .‬كام أن مبدأ عدم الرجعية فقد‬
‫تم التأكيد عليه فيام يتعلق بالنصوص التي تتضمن عقوبات‪ ،‬بأن ال تنطبق‬
‫عىل األعامل السابقة لصدور النص‪ ،‬حيث نصت املادة الثامنة والثالثون من‬
‫النظام األسايس عىل أن‪« :‬العقوبة شخصية‪ ،‬وال جريمة وال عقوبة إال بناء‬
‫عىل نص رشعي‪ ،‬أو نص نظامي‪ ،‬وال عقاب إال عىل األعامل الالحقة للعمل‬
‫بالنص النظامي»‪.‬‬
‫كام أكد النظام األسايس للحكم عىل أمهية احرتام احلقوق املكتسبة‪،‬‬
‫وأن هلا حرمتها وال جيوز مساسها من قبل السلطات العامة إال بالرشوط‬
‫املحددة وفق أحكام هذا النظام‪ ،‬ومن ذلك ما ورد يف نص املادة الثامنة‬
‫عرشة‪« :‬تكفل الدولة حرية امللكية اخلاصة وحرمتها‪ ،‬وال ينزع من أحد‬
‫ملكه إال للمصلحة العامة عىل أن يعوض املالك تعويض ًا عادالً»‪ .‬واملادة‬
‫التاسعة عرشة‪« :‬حتظر املصادرة العامة لألموال‪ ،‬وال تكون عقوبة املصادرة‬
‫اخلاصة إال بحكم قضائي»‪ .‬وهذا ينعكس إجياب ًا عىل ثقة أفراد املجتمع‬
‫بسلطات الدولة واملنظومة الترشيعية هلا‪ .‬وأما املادة السادسة العرشون من‬
‫النظام األسايس للحكم فقد نصت عىل أن «حتمي الدولة حقوق اإلنسان‪،‬‬

‫‪565‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وفق الرشيعة اإلسالمية»‪ .‬كام أكد النظام عىل أمهية حقوق العامل وصاحب‬
‫العمل ورضورة محايتهام يف نص املادة الثامنة والعرشين‪« :‬تيرس الدولة‬
‫جماالت العمل لكل قادر عليه‪ ،‬وتسن األنظمة التي حتمي العامل وصاحب‬
‫العمل»‪ .‬والنص عىل مثل هذه احلقوق يف النظام األسايس للحكم ‪-‬والذي‬
‫يعد بمثابة دستور الدولة‪ -‬يعزز من األمن القانوين ببناء ثقة املواطن واملقيم‬
‫يف املنظومة الترشيعية وأجهزهتا‪ ،‬واالطمئنان عىل حقوقه العاملية وإن كان‬
‫متعاقد ًا مع جهة خاصة‪.‬‬
‫كام أكد النظام األسايس للحكم عىل أن اململكة دولة قانون‪ ،‬خيضع‬
‫أفرادها وسلطاهتا وأجهزهتا لألنظمة والقوانني عىل حد سواء‪ ،‬حيث‬
‫نصت املادة السادسة والثالثون عىل أن «توفر الدولة األمن جلميع مواطنيها‬
‫واملقيمني عىل إقليمها‪ ،‬وال جيوز تقييد ترصفات أحد‪ ،‬أو توقيفه‪ ،‬أو حبسه‪،‬‬
‫إال بموجب أحكام النظام»‪ .‬فتقييد الترصفات والتوقيف واحلبس الوارد‬
‫يف املادة يعود عىل الدولة‪ ،‬عالوة عىل كونه من اختصاص اجلهات التنفيذية‬
‫هلا‪ ،‬وأيض ًا ينطبق ذلك عىل املادة السابعة والثالثني‪« :‬للمساكن حرمتها‪،‬‬
‫وال جيوز دخوهلا بغري إذن صاحبها‪ ،‬وال تفتيشها‪ ،‬إال يف احلاالت التي يبينها‬
‫النظام»‪ ،‬وما ورد يف نص املادة األربعني‪« :‬املراسالت الربقية‪ ،‬والربيدية‪،‬‬
‫واملخابرات اهلاتفية‪ ،‬وغريها من وسائل االتصال‪ ،‬مصونة‪ ،‬وال جيوز‬
‫مصادرهتا‪ ،‬أو تأخريها‪ ،‬أو االطالع عليها‪ ،‬أو االستامع إليها‪ ،‬إال يف احلاالت‬
‫التي يبينها النظام»‪ ،‬واملواد املشار إليها تؤكد عىل أال يكون الترصف إال‬
‫بموجب النظام‪ ،‬مما يدل عىل خضوع السلطات حلكم القانون‪.‬‬

‫‪566‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ولقد كفلت املادة الثالثة واألربعون بشكل استثنائي حق املواطن يف‬


‫رفع الظلم عن نفسه‪ ،‬وحرص الدولة عىل حقوق أفرادها‪ ،‬وذلك عندما‬
‫سمحت دون قيود لكل من له مظلمة أو شكوى برفع مظلمته إىل أعىل‬
‫سلطة يف الدولة وهي امللك‪ ،‬وذلك يف سبيل زرع الطمأنينة والثقة يف نفوس‬
‫املواطنني واملقيمني‪ ،‬حيث ورد يف نصها‪« :‬جملس امللك وجملس ويل العهد‪،‬‬
‫مفتوحان لكل مواطن‪ ،‬ولكل من له شكوى أو مظلمة‪ ،‬ومن حق كل فرد‬
‫خماطبة السلطات العامة فيام يعرض له من الشئون»‪.‬‬
‫باإلضافة إىل ما أشري إليه من مبادئ سابقة يرتكز عليها مبدأ األمن‬
‫القانوين فقد أكد النظام األسايس عىل استقالل القضاء‪ ،‬وهو من مقومات‬
‫سيادة القانون‪ ،‬حيث تنص املادة السادسة واألربعون من النظام األسايس‬
‫للحكم عىل أن‪« :‬القضاء سلطة مستقلة‪ ،‬وال سلطان عىل القضاة يف قضائهم‬
‫لغري سلطان الرشيعة اإلسالمية»‪ ،‬كام كفل النظام حق التقايض بالتساوي‬
‫بني املواطن واملقيم يف نص املادة السابعة واألربعني‪« :‬حق التقايض مكفول‬
‫بالتساوي للمواطنني واملقيمني يف اململكة‪ ،‬ويبني النظام اإلجراءات الالزمة‬
‫لذلك»‪ .‬وكل ذلك يسهم يف تعزيز الثقة لدى املواطن واملقيم عىل حد سواء‬
‫باملنظومة العدلية والقضاء‪ ،‬مما يصب يف تقوية واستقرار األمن القانوين‪.‬‬
‫وألمهية حتقيق االستقرار ألحكام املعاهدات واالتفاقيات الدولية‬
‫فقد جعل النظام األسايس للحكم صدورها بذات األداة التي تصدر هبا‬
‫األنظمة‪ ،‬حيث نصت املادة السبعون من النظام األسايس عىل أن‪« :‬تصدر‬

‫‪567‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫األنظمة‪ ،‬واملعاهدات‪ ،‬واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واالمتيازات‪ ،‬ويتم تعديلها‬


‫بموجب مراسيم ملكية»‪.‬‬
‫وألمهية استقرار املراكز القانونية بام يعزز من األمن القانوين يف األنظمة‬
‫السعودية‪ ،‬فقد أكدت املادة احلادية والثامنون من النظام األسايس للحكم‬
‫رصاحة بأن ال خيل تطبيق النظام األسايس للحكم بام ارتبطت به اململكة‬
‫مع الدول واهليئات واملنظامت الدولية من معاهدات واتفاقيات‪ .‬كام أن‬
‫البند (ثاني ًا) من األمر امللكي رقم (أ‪ )90/‬وتاريخ ‪1412/8/27‬هـ‬
‫القايض باملوافقة عىل النظام األسايس للحكم نص عىل أن‪« :‬يستمر العمل‬
‫بكل األنظمة واألوامر والقرارات املعمول هبا عند نفاذ هذا النظام حتى‬
‫تعدل بام يتفق معه»‪ .‬وهذا النص هيدف إىل احلفاظ عىل األوضاع القانونية‬
‫والتعامالت واملراكز التي نشأت قبل صدور النظام األسايس للحكم‪ ،‬مما‬
‫له دور كبري يف احلفاظ عىل األمن القانوين لدى أطراف هذه التعامالت‪،‬‬
‫ولكن ليس بام خيالف النظام األسايس للحكم‪ ،‬فالنص وضع رشط ًا معيار ّي ًا‬
‫الستمرار هذه املراكز التي نشأت يف ظل األنظمة واألوامر والقرارات‬
‫السابقة عىل صدور النظام األسايس للحكم‪ ،‬وهذا الرشط هو أن تستمر‬
‫حتى يتم تعديل مصدر االلتزام هلذه التعامالت ومنشأ هذه املراكز القانونية‬
‫بام يتامشى مع صحيح النظام األسايس‪.‬‬

‫‪568‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ثاني ًا‪ :‬املبادئ التي يرتكز عليها مبدأ األمن القانوين يف الضوابط املطلوب‬
‫مراعاهتا عند إعداد ودراسة مرشوعات األنظمة واللوائح وما يف حكمها‪:‬‬
‫انطالق ًا من مرتكزات مبدأ األمن القانوين فقد أكدت الضوابط املطلوب‬
‫مراعاهتا عند إعداد ودراسة مرشوعات األنظمة واللوائح وما يف حكمها‪،‬‬
‫الصادرة بقرار جملس الوزراء رقم (‪ )713‬وتاريخ ‪1438/11/30‬هـ‪،‬‬
‫عىل معايري ورشوط يتوجب عىل اجلهات احلكومية التي ترغب يف التقدم‬
‫بمقرتح نظام أو الئحة مراعاهتا‪ ،‬ومنها إعداد دراسة تتضمن‪ :‬أهدافه والفئة‬
‫املستهدفة منه‪ ،‬مدى احلاجة إليه‪ ،‬السند النظامي الذي خول اجلهة إصدار‬
‫اقرتاح‪ ،‬األسباب التي دعت القرتاحه‪ ،‬نبذة عن ترشيعات وجتارب الدول‬
‫فيام خيص املرشوع املقرتح‪ ،‬أثر هذا االقرتاح عىل النواحي املالية واالقتصادية‬
‫واالجتامعية والصحية والوظيفية‪ ،‬عالوة عىل األنظمة واألحكام التي‬
‫ستتقاطع وتتأثر باملرشوع املقرتح‪ ،‬حيث نصت الفقرة عىل أنه‪« :‬عىل اجلهة‬
‫احلكومية ‪-‬عند رفع مقرتح إىل رئيس جملس الوزراء ملرشوعات أنظمة‬
‫ولوائح وما يف حكمها أو تعديل النافذ منها‪ -‬التأكد من توافق املقرتح مع‬
‫الرؤى واخلطط واإلسرتاتيجيات املعتمدة‪ ،‬ومراعاة اختصاص اجلهات‬
‫املعنية األخرى‪ ،‬واختاذ اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان املقرتح يتضمن فكرة جديدة ملرشوع نظام أو الئحة أو ما يف‬
‫حكمهام‪ ،‬فعىل اجلهة ‪-‬قبل البدء يف إعداده‪ -‬رفع تصور متكامل عنه‪ ،‬بام يف‬
‫ذلك توضيح أهدافه والفئة املستهدفة من تطبيقه ومدى احلاجة إليه‪ ،‬وذلك‬
‫لعرضه عىل جملس الشؤون السياسية واألمنية أو جملس الشؤون االقتصادية‬

‫‪569‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫والتنمية ‪-‬بحسب االختصاص‪ -‬ألخذ التوجه املبدئي‪ ،‬ومن ثم إعادته إىل‬


‫اجلهة الستكامل ما يلزم حياله وفق ًا هلذه الضوابط‪.‬‬
‫‪ -2‬مع مراعاة ما ورد يف الفقرة (‪ )1‬أعاله تقدم اجلهة مذكرة توضيحية‬
‫تتضمن بيان السند النظامي الختصاصها بطلب إصدار املقرتح‪ ،‬واهلدف‬
‫منه‪ ،‬وعنارصه الرئيسية‪ ،‬واألسباب التي دعت إىل إعداده‪ ،‬ورشح مواده‬
‫بشكل واضح‪ ،‬باإلضافة إىل ما يأيت‪:‬‬
‫أ‪ .‬نبذة عن الترشيعات والتجارب الدولية التي استُفيد منها عند إعداده‪،‬‬
‫وأهم النصوص النظامية الواردة يف تلك الترشيعات‪.‬‬
‫ب‪ .‬بيان اآلثار املالية واالقتصادية والوظيفية املتوقعة التي قد تنتج‬
‫عند تطبيقه بشكل ُحُمدَّ د‪ ،‬بام يف ذلك ما يقع منها عىل منشآت القطاع العام‬
‫والقطاع اخلاص‪ ،‬باإلضافة إىل بيان اآلثار االجتامعية‪ ،‬والتنسيق مع اجلهات‬
‫ذات العالقة يف هذا الشأن‪.‬‬
‫ج‪ .‬إرفاق جدول يتضمن بيانًا باألنظمة واألحكام النظامية الواردة‬
‫يف األنظمة واللوائح وما يف حكمها‪ ،‬واألوامر امللكية‪ ،‬وقرارات جملس‬
‫الوزراء‪ ،‬واألوامر السامية‪ ،‬التي سيرتتب عىل صدور هذا املقرتح إلغاؤها‬
‫أو تعديلها‪ ،‬وما يقابلها من أحكام مقرتحة‪ ،‬مع ذكر أسباب ذلك‪.‬‬
‫د‪ .‬االتفاقيات الدولية (وما يف حكمها) التي تكون اململكة طر ًفا فيها‬
‫ذات العالقة املبارشة بمقرتح املرشوع أو التعديل‪ ،‬وما تضمنته من التزامات‬
‫عىل اململكة»‪.‬‬

‫‪570‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر غياب مبدأ األمن القانوني في الواقع‬


‫التشريعي في القانون السعودي‪:‬‬

‫بعد تناول مظاهر تكريس الترشيعات السعودية ملبدأ األمن القانوين‪،‬‬


‫وجب علينا التطرق للجانب األهم وهو مظاهر غياب األمن القانوين يف‬
‫هذه الترشيعات‪ ،‬ودراسة الواقع التطبيقي آلثار غياب األمن القانوين‪ ،‬ومن‬
‫أبرز مظاهر غياب األمن القانوين يف الترشيعات السعودية‪ :‬التعديالت‬
‫الرسيعة لألنظمة مما يؤدي إىل عدم االستقرار الترشيعي‪ ،‬عدم استقرار‬
‫االجتهاد القضائي‪ ،‬الصياغة الترشيعية والكوادر املتخصصة‪ ،‬عدم تضمن‬
‫القواعد القانونية لقواعد معيارية‪ ،‬وأخري ًا أن مرشوع النظام املقرتح من ِقبل‬
‫جملس الشورى ال ُيلزم بدراسة تأثر مواد األنظمة النافذة به‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬التعديالت الرسيعة لألنظمة مما يؤدي إىل عدم االستقرار الترشيعي‪:‬‬
‫األصل يف الترشيعات هو استقرارها وبقاؤها دون تغيري‪ ،‬إال عندما‬
‫تستدعي احلاجة وذلك بتغري وتطور املجال الذي يتناوله هذا الترشيع‪ ،‬أو‬
‫تأثره بترشيعات أخرى جديدة‪ ،‬ولكن بدراسة الواقع الترشيعي يف القانون‬
‫السعودي‪ ،‬خصوص ًا احلديث منها‪ ،‬نالحظ رسعة إجراء التعديالت عىل‬
‫املواد‪ ،‬بام يؤثر سلب ًا عىل استقرارها واستقرار املركز القانونية الناشئة عنها‪،‬‬
‫ليصل مستوى رسعة إجراء التعديالت إىل تعديل ذات املادة خالل أسبوع‬
‫لنظام مل يتجاوز عمره ستة سنوات‪ ،‬ويف أحيان أخرى يتم تعديل األنظمة‬
‫بكاملها وليس تعديل مواد حمددة خالل أول سنة أو سنتني من إصدار‬

‫‪571‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫النظام‪ .‬وفيام ييل استعراض لبعض األنظمة حديثة الصدور نسبي ًا‪ ،‬وطرأت‬
‫عليها تعديالت متسارعة خالل فرتات تعد متقاربة يف عمر تلك األنظمة(((‪.‬‬
‫‪ .1‬نظام الرشكات‪:‬‬
‫‪ -‬صدر نظام الرشكات باملرسوم امللكي رقم (م‪ )3/‬بتاريخ‬
‫‪1437/1/28‬هـ‪ ،‬وقىض يف املادة السادسة والعرشين بعد املائتني منه بأن‬
‫حيل هذا النظام حمل نظام الرشكات الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪)6/‬‬
‫وتاريخ ‪1385/3/22‬هـ وما يتعارض معه من أحكام‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ ‪1439/7/25‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)79/‬‬
‫متضمن ًا تعديل نص املواد والفقرات (الثانية عرشة‪ ،‬والفقرة رقم (‪ )1‬من‬
‫املادة احلادية والسبعني‪ ،‬والثانية والسبعني‪ ،‬واحلادية والتسعني‪ ،‬والرابعة‬
‫بعد املائة‪ ،‬والفقرة رقم (‪ )3‬من املادة السادسة والعرشين بعد املائة‪ ،‬واحلادية‬
‫والستني بعد املائة‪ ،‬والفقرة رقم (‪ )3‬من املادة السابعة والستني بعد املائة)‪،‬‬
‫إضافة فقرتني (‪ )3‬و(‪ )4‬إىل نص املادة احلادية والسبعني‪ ،‬إضافة مادة‬
‫جديدة الثامنون مكرر‪ ،‬حذف الفقرة رقم (‪ )1‬من املادة السابعة واخلمسني‬
‫بعد املائة‪ ،‬من نظام الرشكات‪.‬‬

‫((( مجيع األنظمة واللوائح والتنظيامت املذكورة مع التعديالت‪ ،‬تم احلصول عليها من‬
‫املوقع اإللكرتوين للمركز الوطني للوثائق واملحفوظات‪)(https://ncar.gov.sa ،‬‬
‫وموقع هيئة اخلرباء بمجلس الوزراء (‪https://www.boe.gov.sa/ar/Pages/default.‬‬
‫‪.)aspx‬‬

‫‪572‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ -‬وبتاريخ ‪1443/12/1‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)132/‬‬


‫متضمن ًا املوافقة عىل نظام جديد للرشكات‪ ،‬وقىض يف املادة الثامنني بعد‬
‫املائتني منه بأن حيل هذا النظام حمل نظام الرشكات الصادر باملرسوم امللكي‬
‫رقم (م‪ )3/‬وتاريخ ‪1437/1/28‬هـ وما يتعارض معه من أحكام‪.‬‬
‫‪ -2‬نظام الرشكات املهنية‪:‬‬
‫‪ -‬صدر نظام الرشكات املهنية باملرسوم امللكي رقم (م‪ )17/‬بتاريخ‬
‫‪1441/1/26‬هـ‪ ،‬وقىض يف املادة الثامنني بعد املائتني منه بأن حيل هذا‬
‫النظام حمل نظام الرشكات الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )3/‬وتاريخ‬
‫‪1437/1/28‬هـ وما يتعارض معه من أحكام‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ ‪1443/12/1‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)132/‬‬
‫متضمن ًا املوافقة عىل نظام للرشكات‪ ،‬وقىض يف املادة السابعة والعرشين منه‬
‫بأن حيل هذا النظام حمل نظام الرشكات املهنية الصادر باملرسوم امللكي رقم‬
‫(م‪ )4/‬وتاريخ ‪1412/2/18‬هـ وما يتعارض معه من أحكام‪.‬‬
‫‪ -3‬نظام االتصاالت وتقنية املعلومات‪:‬‬
‫‪ -‬صدر نظام االتصاالت باملرسوم امللكي رقم (م‪ )12/‬بتاريخ‬
‫‪1422/3/12‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ ‪1426/2/20‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪ )3/‬باملوافقة‬
‫عىل إضافة فقرة جديدة برقم (‪ )14‬إىل املادة (‪ )37‬من نظام االتصاالت‬
‫لعام ‪1422‬هـ‪.‬‬

‫‪573‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ -‬وبتاريخ ‪1434/3/7‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪ )4/‬باملوافقة‬


‫عىل تعديل املواد (‪ )38 ،37 ،1‬من نظام االتصاالت لعام ‪1422‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ ‪1440/2/22‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)15/‬‬
‫باملوافقة عىل تعديل املادتني الرابعة واخلامسة من نظام االتصاالت لعام‬
‫‪1422‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ ‪1443/11/2‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)106/‬‬
‫باملوافقة عىل نظام االتصاالت وتقنية املعلومات‪ ،‬وقىض يف املادة احلادية‬
‫واألربعني منه بأن حيل هذا النظام حمل نظام االتصاالت الصادر باملرسوم‬
‫امللكي رقم (م‪ )12/‬وتاريخ ‪1422/3/12‬هـ وما يتعارض معه من‬
‫أحكام‪.‬‬
‫‪ -4‬نظام السياحة‪:‬‬
‫‪ -‬صدر نظام السياحة رقم (م‪ )2/‬بتاريخ ‪1436/1/9‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬وبتاريخ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪ )15/‬وتضمن إضافة فقرة‬
‫جديدة حتمل الرقم (‪ )3‬إىل املادة الثالثة عرشة من نظام السياحة‪ ،‬الصادر‬
‫باملرسوم امللكي رقم (م‪ )2/‬بتاريخ ‪1436/1/9‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬بتاريخ ‪1442/2/5‬هـ صدر قرار جملس الوزراء رقم (‪ )96‬متضمن ًا‬
‫تعديل املادتني األوىل والثامنة عرشة من نظام السياحة لعام ‪1436‬هـ‪،‬‬
‫وإحالل كلمتي (الوزارة‪ ،‬الوزير) حمل كلمتي (اهليئة‪ ،‬الرئيس) أينام وردتا‬
‫يف النظام‪.‬‬

‫‪574‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ -‬وبتاريخ ‪1444/1/26‬هـ صدر املرسوم امللكي رقم (م‪)18/‬‬


‫باملوافقة عىل نظام جديد للسياحة‪ ،‬وقىض يف املادة الثامنة عرشة منه بأن حيل‬
‫هذا النظام حمل نظام السياحة الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )2/‬بتاريخ‬
‫‪1436/1/9‬هـ ويلغي ما يتعارض معه من أحكام‪.‬‬
‫وبالنظر إىل هذه األنظمة وما طرأ عليها من تعديالت يتبني أن املدة‬
‫الزمنية بني صدور أول نظام وإصدار نظام جديد قليلة نسبي ًا مما قد يكون له‬
‫أثر عىل استقرارها واستقرار املركز القانونية الناشئة عنها‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬تعدد األدوات القانونية إلصدار األحكام النظامية وعدم نرش بعضها‪:‬‬
‫باإلضافة إىل األنظمة التي تصدر بمراسيم ملكية بعد دراستها من كل‬
‫من جملس الشورى وجملس الوزراء‪ ،‬فإن القواعد القانونية تنشأ من خالل‬
‫أوامر ملكية أو أوامر سامية‪ ،‬ويف بعض األحيان ينص عىل أن هذه األوامر‬
‫ذات طابع رسي‪ ،‬واإلشكالية يف هذا املنهجية أهنا ال تتناغم مع النظام‬
‫األسايس للحكم فيام يتعلق بااللتزام بنرش األحكام النظامية‪ ،‬فاملادة احلادية‬
‫والسبعون من النظام األسايس تنص عىل أن‪« :‬تنرش األنظمة يف اجلريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬وتكون نافذة املفعول من تاريخ نرشها‪ ،‬ما مل ينص عىل تاريخ‬
‫آخر»‪ ،‬لذا فإنه من الرضوري أن يتم نرش أي وثيقة تتضمن قواعد قانونية‬
‫ختاطب األشخاص وتوجب عليهم االلتزام بأحكامها‪ ،‬وأال تكون رسية‪.‬‬

‫‪575‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ثالث ًا‪ :‬عدم نرش املبادئ القضائية رغم أهنا أصبحت تنشئ قواعد قانونية‪:‬‬
‫للمبادئ التي تنشئها املحاكم يف اململكة العربية السعودية قيمتها‬
‫القانونية يف القضايا الالحقة‪ ،‬فاملادة الرابعة عرشة من نظام القضاء الصادر‬
‫باملرسوم امللكي رقم (م‪ )78/‬وتاريخ ‪1428/9/19‬هـ تنص عىل أنه‪:‬‬
‫«إذا رأت إحدى دوائر املحكمة العليا ‪-‬يف شأن قضية تنظرها‪ -‬العدول‬
‫عن مبدأ سبق أن أخذت به أو أخذت به دائرة أخرى يف املحكمة نفسها يف‬
‫قضايا سابقة‪ ،‬أو رأت إحدى دوائر حمكمة االستئناف العدول عن مبدأ سبق‬
‫أن أخذت به إحدى دوائر املحكمة العليا يف قضايا سابقة‪ ،‬فريفع األمر إىل‬
‫رئيس املحكمة العليا إلحالته إىل اهليئة العامة للمحكمة العليا للفصل فيه»‪.‬‬
‫وتنص الفقرة (‪ )4‬من املادة العارشة من نظام ديوان املظامل الصادر‬
‫باملرسوم امللكي رقم (م‪ )78/‬وتاريخ ‪1428/9/19‬هـ عىل أنه‪« :‬إذا‬
‫رأت إحدى دوائر املحكمة اإلدارية العليا ‪-‬عند نظرها أحد االعرتاضات‪-‬‬
‫العدول عن مبدأ تقرر يف حكم صادر منها أو من إحدى دوائر املحكمة؛‬
‫تعنَّي عىل الدائرة رفع االعرتاض إىل رئيس املحكمة؛ ليحيله إىل اهليئة العامة‬
‫َّ‬
‫للمحكمة للفصل فيه»‪.‬‬
‫ولقد جعلت املادة احلادية عرشة من نظام الديوان من بني اختصاصات‬
‫املحكمة اإلدارية العليا النظر يف االعرتاضات عىل األحكام التي تصدرها‬
‫حماكم االستئناف اإلدارية‪ ،‬إذا كان حمل االعرتاض عىل احلكم (أ) خمالفة‬
‫أحكام الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬أو األنظمة التي ال تتعارض معها‪ ،‬أو اخلطأ يف‬

‫‪576‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫تطبيقها أو تأويلها‪ ،‬بام يف ذلك خمالفة مبدأ قضائي تقرر يف حكم صادر من‬
‫املحكمة اإلدارية العليا‪.‬‬
‫وتقيض الفقرة (‪/2‬أ) من املادة الثالثة عرشة باختصاص اهليئة العامة‬
‫للمحكمة العليا‪ ،‬والتي تتكون برئاسة رئيس املحكمة وعضوية مجيع قضاهتا‬
‫بتقرير مبادئ عامة يف املسائل املتعلقة بالقضاء‪.‬‬
‫كام أن املادة الثامنة والثامنني من نظام املحاكم التجارية (م‪ )93/‬وتاريخ‬
‫‪1441/8/15‬هـ نصت عىل ذات احلكم الوارد يف املادة احلادية عرشة من‬
‫نظام ديوان املظامل‪ ،‬حيث نصت عىل أن‪« :‬ختتص الدائرة التجارية يف املحكمة‬
‫العليا بالنظر يف االعرتاضات عىل األحكام والقرارات التي تصدرها دوائر‬
‫االستئناف يف املحكمة؛ إذا كان حمل االعرتاض عىل احلكم ما يأيت‪( :‬أ) خمالفة‬
‫أحكام الرشيعة اإلسالمية أو األنظمة‪ ،‬أو اخلطأ يف تطبيقها أو تأويلها‪ ،‬أو‬
‫خمالفة مبدأ قضائي صادر من املحكمة العليا»‪.‬‬
‫إال أنه من املالحظ وعىل الرغم من أن املبادئ التي تنشئها املحاكم‬
‫وفق ًا لآللية املبينة أعاله إال أنه ال يتم نرشها بطريقة حمددة لكي يلتزم هبا‬
‫املخاطبون هبا‪ ،‬ويظل احلصول عليها مسألة اجتهادية بني املهتمني باألمور‬
‫العدلية من قضاة وحمامني ومستشارين قانونيني وأعضاء هيئة تدريس يف‬
‫القانون‪ ،‬وهذه الطريقة ال تتوافق مع مقتضيات مبدأ األمن القانوين‪ ،‬ومن‬
‫ثم فإنه من الواجب أن يتم استحداث طريقة حمددة لنرش هذه املبادئ وما‬
‫يطرأ عليها من تعديالت‪.‬‬

‫‪577‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫رابع ًا‪ :‬آلية تطبيق األنظمة اجلديدة‪:‬‬


‫سبق اإلشارة عىل أنه يشرتط يف الترشيعات بمختلف أنواعها وأشكاهلا‬
‫أن توفر نوع ًا من االستقرار والثبات‪ ،‬والبعد عن التعديل املستمر للنصوص‬
‫القانونية‪ ،‬حيث أن هذا اإلجراء يؤثر عىل استقرار املراكز القانونية واحلقوق‬
‫املكتسبة‪ ،‬وليس املقصود هنا أن يكون القانون يف قوالب جامدة‪ ،‬إنام املقصود‬
‫أال يكون تطور القانون ميدان ًا للمفاجآت وعدم التوقع‪ ،‬ألن أساس فكرة‬
‫األمن القانوين هو استقرار املراكز القانونية وعدم املساس هبا‪ ،‬بالتايل فاملراكز‬
‫التي تكونت واستقرت جيب أن تتوفر هلا احلامية القانونية عىل الدوام يف حالة‬
‫تغري القوانني أو تبدل أوضاع املجتمع‪ ،‬فاالستقرار القانوين يعني أن تكون‬
‫القواعد القانونية مؤكدة وحمددة يف تنظيمها للمراكز القانونية‪ ،‬وأن تضمن‬
‫تأمني النتائج‪ ،‬بحيث يستطيع كل فرد أن يتوقع هذه النتائج ويعتمد عليها‪.‬‬
‫كام سبق اإلشارة إىل أن النظام األسايس أقر مبدأ عدم رجعية القوانني‬
‫رصاحة‪ ،‬وعىل رضورة تطبيق قاعدة أن ال يعذر أحد بجهله بالقانون‪،‬‬
‫وذلك عندما أكد عىل رضورة نرش األنظمة‪ ،‬وحدد آلية نرشها عن طريق‬
‫اجلريدة الرسمية‪ ،‬ووضع طريقتني لبدء رسيان هذه األنظمة‪ ،‬إما من تاريخ‬
‫النرش‪ ،‬أو أن ينص النظام عىل بدء تاريخ رسيانه‪ ،‬حيث نصت املادة احلادية‬
‫والسبعون عىل أن‪« :‬تنرش األنظمة يف اجلريدة الرسمية‪ ،‬وتكون نافذة املفعول‬
‫من تاريخ نرشها‪ ،‬ما مل ينص عىل تاريخ آخر»‪ ،‬كام أن مبدأ عدم الرجعية تم‬
‫التأكيد عليه فيام يتعلق بالنصوص التي تتضمن عقوبات‪ ،‬بأن ال تنطبق عىل‬
‫األعامل السابقة لصدور النص‪ ،‬حيث نصت املادة الثامنة والثالثون من‬

‫‪578‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫النظام األسايس عىل أن‪« :‬العقوبة شخصية‪ ،‬وال جريمة وال عقوبة إال بناء‬
‫عىل نص رشعي‪ ،‬أو نص نظامي‪ ،‬وال عقاب إال عىل األعامل الالحقة للعمل‬
‫بالنص النظامي»‪.‬‬
‫وتناغ ًام مع مبدأ عدم رسيان النصوص النظامية بأثر رجعي عادة يتم‬
‫النص يف األنظمة عىل مرحلة انتقالية يتوجب خالهلا عىل املخاطبني بأحكام‬
‫النظام تعديل أوضاعهم القانونية وفق ًا ألحكامه‪ ،‬ومما صدر متضمن ًا مثل هذا‬
‫النص االنتقايل املرسوم امللكي رقم (م‪ )106/‬وتاريخ ‪1443/11/2‬هـ‬
‫الذي بموجبه متت املوافقة عىل نظام االتصاالت وتقنية املعلومات‪ ،‬حيث‬
‫نص يف البند (ثان ًيا) منه عىل‪« :‬ال ختل أحكام النظام ‪-‬املشار إليه يف البند‬
‫(أوالً) من هذا املرسوم‪ -‬برسيان الرتاخيص الصادرة قبل العمل به‪ ،‬وعىل‬
‫كل من يقدم خدمات اتصاالت أو تقنية معلومات ‪-‬وقت العمل بالنظام‪-‬‬
‫تصحيح أوضاعه بام يتفق مع أحكامه خالل (اثني عرش) شهر ًا من تاريخ‬
‫العمل به»‪ .‬إال أنه عىل الرغم من وجود مثل هذه الفرتة االنتقالية فقد تنشأ‬
‫مشكلة تتمثل يف عدم مقدرة املرخص هلم وفق ًا ألحكام النظام السابق يف‬
‫حتقيق متطلبات النظام اجلديد‪ ،‬مما يعني تأثر استثامراهتم‪ ،‬وهذا األمر يف‬
‫هناية املطاف يؤدي إىل عدم االستقرار القانوين بام ال يتوافق مع مبدأ األمن‬
‫القانوين‪.‬‬
‫خامس ًا‪ :‬املنهجية واآللية املعتمدة عىل إلغاء األنظمة‪:‬‬
‫وضح النظام األسايس للحكم بشكل واضح ودقيق آلية إصدار‬ ‫َّ‬
‫األنظمة‪ ،‬حيث نصت املادة السبعون من النظام األسايس للحكم عىل أن‪:‬‬

‫‪579‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫«تصدر األنظمة‪ ،‬واملعاهدات‪ ،‬واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واالمتيازات‪ ،‬ويتم‬


‫تعديلها بموجب مراسيم ملكية»‪ .‬ولكن املشكلة الفعلية تتجىل يف أن النظام‬
‫األسايس للحكم ونظام جملس الشورى ونظام جملس الوزراء مل توضح‬
‫آلية إلغاء هذه األنظمة‪ ،‬والوقع العميل يعكس لنا صورتني إللغاء األنظمة‬
‫مطبقة يف اململكة مها‪ :‬اإللغاء الرصيح‪ ،‬واإللغاء الضمني‪ ،‬بل أن املستقر‬
‫عليه األخذ باإللغاء الضمني لألنظمة(((‪.‬‬
‫النص النظامي يعني قيام املنظم بإهناء رسيان هذا النص وجتريده‬
‫وإلغاء ِّ‬
‫من قوته القانونية اإللزامية ابتدا ًء من تاريخ هذا اإلهناء‪ ،‬سواء أكان ذلك‬
‫نص نظامي جديد مكانه‪ ،‬أو االستغناء عن النص النظامي‬ ‫نتيجة إحالل ٍّ‬
‫نص نظامي آخر مكانه‪ ،‬ومن ثم فال يلتزم‬ ‫يتم إحالل ٍّ‬‫القائم دون أن َّ‬
‫األشخاص طبيعيني كانوا أم اعتباريني بحكم النص النظامي ا ُمللغى بعد‬
‫ذلك‪ ،‬كام أن القايض ال ُيط ِّبقه‪ ،‬وهنا تكمن أمهية وخطورة اإللغاء‪ ،‬حيث‬
‫أن قوة القاعدة القانونية تكون خالل مدة رسياهنا فقط‪ ،‬وتفقد هذه القوة‬
‫امللزمة بمجرد إلغائها‪.‬‬
‫أما اجلهة املختصة بإلغاء األنظمة‪ ،‬وباستحضار نص املادة السبعني من‬
‫تنص عىل أن‪« :‬تصدر األنظمة‪ ،‬واملعاهدات‪،‬‬‫النظام األسايس للحكم فإهنا ُّ‬
‫ويتم تعديلها بموجب مراسيم ملكية»‪،‬‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واالمتيازات‪ُّ ،‬‬
‫وتنص املادة العرشون من نظام جملس الوزراء عىل أنه‪« :‬مع مراعاة ما ورد‬
‫ُّ‬
‫((( اجلربوع‪ ،‬أيوب بن منصور‪2019( .‬م)‪ .‬إلغاء األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪:‬‬
‫دراسة حتليلية لألحكام النظامية يف ضوء قضاء ديوان املظامل‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،60‬العدد‪ ،2‬ص‪.203‬‬

‫‪580‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫يف نظام جملس الشورى تصدر األنظمة‪ ،‬واملعاهدات‪ ،‬واالتفاقيات الدولية‬


‫واالمتيازات‪ ،‬وتُعدَّ ل بموجب مراسيم ملكية بعد دراستها من جملس‬
‫الوزراء»‪ ،‬واملادة الثامنة عرشة من نظام جملس الشورى تنص عىل أن‪:‬‬
‫«تصدر األنظمة‪ ،‬واملعاهدات واالتفاقيات الدولية‪ ،‬واالمتيازات‪ ،‬وتُعدل‪،‬‬
‫بموجب مراسيم ملكية‪ ،‬بعد دراستها من جملس الشورى»‪ .‬وبنا ًء عىل هذه‬
‫يتم باإلجراءات ذاهتا ومن قبل‬
‫املواد يتبني أن إلغاء النص النظامي ال بد أن َّ‬
‫قرار من‬
‫السلطة التنظيمية؛ إذ ال بد أن يصدر ٌ‬‫السلطة املختصة نفسها وهي ُّ‬ ‫ُّ‬
‫وقرار من جملس الشورى‪ ،‬ويصادق عليهام بمرسوم ملكي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫جملس الوزراء‪،‬‬
‫أي باألداة ذاهتا(((‪.‬‬
‫وهناك فرق بني اإللغاء الرصيح واإللغاء الضمني‪ ،‬فاإللغاء الرصيح‬
‫يتحقق بأن َينُص النظام اجلديد رصاح ًة عىل إلغاء النص النظامي القديم‬
‫إلغا ًء كلي ًا أو جزئي ًا‪ ،‬ويتميز اإللغاء الرصيح بأنه ُحُمدَّ د ويمكن من خالله‬
‫بشكل واضح عىل النصوص التي تم إلغاؤها بموجب النظام‬ ‫ٍ‬ ‫التعرف‬
‫ُّ‬
‫اجلديد‪ ،‬وتاريخ نفاذ النص النظامي اجلديد واحلاالت التي حيكمها‪ ،‬وهو‬
‫أمر ال يواجه املخاطبون به وال اجلهات القضائية واحلكومية أية مشكلة يف‬ ‫ٌ‬
‫معرفة النص امللغى والنص اجلديد وتاريخ الرسيان والنفاذ(((‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫ما ورد يف املرسوم امللكي (م‪ )165/‬وتاريخ ‪1441/11/19‬هـ والذي‬
‫نص يف الفقرة األوىل من البند أوالً عىل أن‪« :‬يلغي نظام البيئة ‪-‬املشار إليه‬
‫يف البند أوالً‪ -‬بعد نفاذه ما ييل‪ )1( :‬نظام اهليئة السعودية للحياة الفطرية‬
‫((( اجلربوع‪ ،‬أيوب بن منصور‪2019( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212‬‬
‫((( اجلربوع‪ ،‬أيوب بن منصور‪2019( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.209‬‬

‫‪581‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )22/‬وتاريخ ‪1406/9/12‬هـ‪ )2( .‬نظام‬


‫صيد احليوانات والطيور الربية الصادر باملرسوم امللكي (م‪ )8/‬وتاريخ‬
‫‪1420/4/16‬هـ»‪.‬‬
‫وأما اإللغاء الضمني فهو اإللغاء الذي ال يتم بنص رصيح‪ ،‬وإنام يستنتج‬
‫من استحالة اجلمع بني قواعد نظامني لتعارضهام‪ ،‬أو عندما يصدر تنظيم‬
‫جديد متكامل شامل لنفس موضوع النظام القديم(((‪ ،‬كأن ترد عبارة يف آخر‬
‫كل ما يتعارض معه من أحكام»‪.‬‬ ‫النظام اجلديد تقيض بأن « ُيلغي هذا النظام َّ‬
‫واإللغاء الضمني قد يتحقق من خالل التعارض بني النصوص‪ ،‬ويرجع‬
‫األساس يف اإللغاء عن طريق التعارض إىل أنه عند صدور ترشيع الحق‬
‫يتضمن قواعد قانونية تقرر أحكام ًا تتناقض مع الترشيع السابق‪ ،‬فإنه جيب‬
‫احرتام رغبة املرشع األخرية التي يتعني معها األخذ بام ارتضاه من تنظيم‪،‬‬
‫وجيب أيض ًا التأكد من أن إلغاء القانون القديم ال يكون إال يف حدود ما‬
‫يتعارض مع القانون اجلديد فقط‪ ،‬أي أن أحكام القانون القديم تظل نافذة‬
‫فيام ال يتعارض مع القانون اجلديد‪ ،‬وجتدر اإلشارة إىل أنه يتوجب مراعاة‬
‫طبيعة قواعد الترشيع من حيث العمومية واخلصوصية‪ ،‬بمعنى أنه إذا كان‬
‫الترشيع القديم يتضمن أحكام ًا عامة‪ ،‬وصدر الترشيع اجلديد بأحكام‬
‫خاصة‪ ،‬فهنا ال يلغي الترشيع اجلديد أي ًا من الترشيع القديم‪ ،‬بل يقيده فقط‬
‫طبق ًا للقاعدة «اخلاص يقيد العام»‪ ،‬والعكس صحيح عندما يكون الترشيع‬

‫((( الرويس‪ ،‬خالد بن عبد العزيز‪ .‬الريس‪ ،‬رزق بن مقبول‪2012( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‬
‫‪.152‬‬

‫‪582‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫القديم يتضمن أحكام ًا خاصة وأتى الترشيع اجلديد بأحكام عامة(((‪.‬‬


‫كام أن اإللغاء الضمني قد يتحقق عن طريق إعادة التنظيم‪ ،‬ويكون هذا‬
‫يعمد واضع الترشيع إىل إصدار تنظيم الحق يتناول بصورة‬ ‫اإللغاء عندما َ‬
‫شاملة ومتكاملة موضوع تفرد به ترشيع سابق‪ ،‬دون البحث يف التعارض‬
‫بني نصوص الترشيعني وإمكانية اجلمع بينهام‪ ،‬والسبب يف ذلك يرجع إىل‬
‫ال ُيستخلص منه إرادة‬‫أن تناول املرشع لتنظيم موضوع معني مجلة وتفصي ً‬
‫وتوجه املرشع إىل استبعاد قواعد القانون القديم بشكل كيل واالستغناء‬
‫عنه‪ ،‬فاإللغاء الضمني ال ُيستنتج عن طريق التعارض بني األحكام‪ ،‬بل‬
‫يستشعر من جمرد اإلتيان بتنظيم موضوع سابق عىل نحو شامل ومتكامل‪،‬‬
‫رصح بإلغاء القانون القديم‬
‫وبنا ًء عليه فإن القانون اجلديد ال يستلزم أن ُي ِّ‬
‫يف متهيده أو ديباجة إصداره أو ضمن نصوصه‪ ،‬وال يستلزم أيض ًا أن حيمل‬
‫الترشيع اجلديد نفس مسمى الترشيع القديم؛ ألن العربة باملوضوع واملسائل‬
‫التي ينظمها‪ ،‬غري أن واضع الترشيع غالب ًا ما يميل إىل االحتياط والتحرز‪،‬‬
‫فيورد نص رصيح يفيد بإلغاء الترشيع القديم(((‪.‬‬
‫واملالحظ أنه يف اململكة العربية السعودية وعند إصدار نظام جديد‪ ،‬فإن‬
‫كل ما يتعارض معه من أحكام»‪،‬‬‫املرشع يستخدم عبارة «يلغي هذا النظام َّ‬
‫ورغم أن استخدام مثل هذه العبارة ُيعد األسهل يف الصياغة واألسلم‬

‫((( الرويس‪ ،‬خالد بن عبد العزيز‪ .‬الريس‪ ،‬رزق بن مقبول‪2012( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‬
‫‪.153-152‬‬
‫((( الرويس‪ ،‬خالد بن عبد العزيز‪ .‬الريس‪ ،‬رزق بن مقبول‪2012( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‬
‫‪.154‬‬

‫‪583‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫واألحوط؛ إال أنه يرتتب عليها العديد من اإلشكاالت التي أوردها‬


‫الدكتور أيوب بن منصور اجلربوع يف مقالته (إلغاء األنظمة يف اململكة‬
‫العربية السعودية‪ :‬دراسة حتليلية لألحكام النظامية يف ضوء قضاء ديوان‬
‫املظامل) يمكن إجيازها فيام ييل‪:‬‬
‫‪ -‬أن ذكر عبارة «يلغي هذا النظام كل ما يتعارض معه من أحكام» ال‬
‫تأخذ بعني االعتبار احتاملية أن يكون أحد النصني عام واآلخر خاص‪ ،‬أو‬
‫العكس‪ ،‬بالتايل فاخلاص يقيد العام وال يلغيه لتعارضه معه‪.‬‬
‫‪ -‬أن استخدم عبارة «يلغي هذا النظام كل ما يتعارض معه من أحكام»‬
‫ال يوضح بشكل قاطع ما يلغيه النظام اجلديد من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫فإنه يرتك عبء تت ُّبع ما يلغيه النظام اجلديد من أحكام إىل اجتهادات اجلهات‬
‫احلكومية واملحامني والباحثني وغريهم‪ ،‬وقد ينتهي األمر إىل تدخل القضاء؛‬
‫وذلك يف حال وجود منازعة معروضة عليه‪.‬‬
‫النص يف النظام اجلديد عىل «يلغي هذا النظام كل ما يتعارض‬ ‫‪ -‬إن َّ‬
‫معه من أحكام» ال يتطرق إىل االتفاقيات واملعاهدات الدولية النافذة التي‬
‫صادقت عليها اململكة‪ ،‬فام هو احلال يف حال تعارض النص اجلديد معها‪،‬‬
‫نص يقيض بأن أحكام االتفاقيات واملعاهدات‬ ‫وجد يف اململكة ٌّ‬‫إذ إنه ال ُي َ‬
‫الدولية تسود عىل أحكام األنظمة‪ ،‬لذلك فمن املناسب أن تراعي األنظمة‬
‫اجلديدة أحكام االتفاقيات واملعاهدات الدولية التي صادقت عليها اململكة‪.‬‬
‫‪ -‬إن إيراد عبارة «يلغي هذا النظام كل ما يتعارض معه من أحكام»‬
‫قد تتعارض مع الضوابط املطلوب مراعاهتا عند إعداد ودراسة مرشوعات‬

‫‪584‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫األنظمة واللوائح وما يف حكمها‪ ،‬الصادرة بقرار جملس الوزراء رقم (‪)713‬‬
‫وتاريخ ‪1438 /11 /30‬هـ؛ حيث أن الفقرة (ج‪ )2/‬من البند (أوالً) من‬
‫تلك الضوابط ألزمت اجلهة احلكومية ‪-‬عند رفعها إىل رئيس جملس الوزراء‬
‫مقرتح ًا ملرشوعات أنظمة أو لوائح وما يف حكمها‪ -‬بأن تضع جدوالً‬
‫يتضمن بيان ًا باألنظمة واألحكام النظامية الواردة يف األنظمة واللوائح وما‬
‫َّ‬
‫يف حكمها‪ ،‬واألوامر امللكية‪ ،‬وقرارات جملس الوزراء‪ ،‬واألوامر السامية‪،‬‬
‫التي سيرتتب عىل صدور النظام املقرتح إلغاؤها‪ ،‬أو تعديلها‪ ،‬وما يقابلها‬
‫من أحكام مقرتحة مع ذكر أسباب ذلك(((‪ ،‬التايل فإن إلغاء النظام لكل‬
‫ما يتعارض معه يؤثر عىل جدوى وكفاءة الدراسة املسبقة ملرشوع النظام‬
‫اجلديد‪ ،‬بحيث إنه قد تنص الدراسة عىل األنظمة التي حتتاج إىل تعديل بعد‬
‫صدور النظام اجلديد‪ ،‬بينام نص النظام عىل إلغاء كل ما يتعارض معه يعني‬
‫بالرضورة إلغاءها‪.‬‬
‫سادس ًا‪ :‬عدم استقرار االجتهاد القضائي‪:‬‬
‫إن لالجتهاد القضائي رابطة قوية وعالقة متينة باألمن القانوين‪،‬‬
‫فاستقرار االجتهادات القضائية يف املسائل التي مل تتناوهلا التنظيامت املختلفة‬
‫يؤدي إىل استقرار األمن القانوين‪ ،‬بينام اختالف االجتهادات القضائية يف‬
‫املسائل املتامثلة يف وقائعها يؤدي إىل زعزعة األمن القانوين‪ ،‬وينعكس سلب ًا‬
‫عىل علم الناس بالقانون واإلجراءات‪ ،‬حيث إن األحكام القضائية ليست‬
‫واجبة اإلعالن والنرش كام هو احلال مع األنظمة والترشيعات‪.‬‬

‫((( اجلربوع‪ ،‬أيوب بن منصور‪2019( .‬م)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211-210‬‬

‫‪585‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وباستقراء األحكام القضائية‪ ،‬نجد أن النزاعات التي ال حيكمها نص‬


‫نظامي واضح‪ ،‬ويلجأ القايض إىل االجتهاد للبت فيها‪ ،‬ختتلف حك ًام وتنطبق‬
‫من ناحية احليثيات‪ ،‬ومن ذلك األحكام املتعلقة باعتبار األوامر امللكية من‬
‫أعامل السيادة‪ ،‬ويرجع منبع هذه املسائل إىل املادة الرابعة عرشة من نظام‬
‫ديوان املظامل((( والتي تنص عىل أنه‪« :‬ال جيوز ملحاكم ديوان املظامل النظر يف‬
‫الدعاوى املتعلقة بأعامل السيادة‪ ،‬أو النظر يف االعرتاضات عىل ما تصدره‬
‫املحاكم ‪-‬غري اخلاضعة هلذا النظام‪ -‬من أحكام داخلة يف واليتها‪ ،‬أو ما‬
‫يصدره املجلس األعىل للقضاء وجملس القضاء اإلداري وجملس النيابة‬
‫العامة من قرارات»‪ ،‬وبالبحث يف قضايا ديوان املظامل تبني وجود قضيتني‬
‫متامثلتني من حيث الوقائع وطلبات املدعني فيهام‪ ،‬إال أن إحدامها عَدَّ ت‬
‫األوامر امللكية داخل نطاق أعامل السيادة‪ ،‬بالتايل تشملها أحكام املادة‬
‫الرابعة عرشة الواردة أعاله‪ ،‬وخترج من اختصاص ديوان املظامل‪ ،‬أما القضية‬
‫األخرى فلم تعد األوامر امللكية من أعامل السيادة لعدم نص املادة رصاحة‬
‫عىل ذلك‪.‬‬
‫فالقضية ذات الرقم (‪/1/7046‬ق لعام ‪1433‬هـ) لدى املحكمة‬
‫االبتدائية (اإلدارية)(((‪ ،‬وتتلخص وقائها بأن املدعي تقدم بصحيفة دعوى‬

‫((( نظام ديوان املظامل الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ )78/‬بتاريخ ‪1428/9/19‬هـ‬
‫واملعدل بموجب املرسوم امللكي رقم (م‪ )126/‬وتاريخ ‪14/9/1441‬هـ‪.‬‬
‫((( املصدر مدونة األحكام القضائية لدى ديوان املظامل‪ ،‬يمكن االطالع عليها عرب‬
‫الرابط التايل (‪https://www.bog.gov.sa/ScientificContent/JudicialBlogs/Pages/‬‬
‫‪.)AdvancedSearch.aspx‬‬

‫‪586‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ذكر فيها أنه صدر األمر امللكي رقم (أ‪ )69/‬وتاريخ ‪1432/4/13‬هـ‬
‫برتقية مجيع العسكريني من ضباط وأفراد‪ ،‬وقد متت ترقية زمالئه من رتبة‬
‫عميد إىل رتبة لواء يف القطاعات األخرى‪ ،‬إال أنه تفاجأ بإحالته إىل التقاعد‬
‫بموجب األمر امللكي رقم (أ‪ )80/‬وتاريخ ‪1432/4/20‬هـ‪ ،‬وختم‬
‫صحيفته بطلب ترقيته إىل رتبة لواء‪ .‬ولقد حكمت الدائرة بعدم جواز نظر‬
‫الدعوى‪ ،‬ألن ما يطالب به املدعي متعلق باألمر امللكي رقم (أ‪ )80/‬وتاريخ‬
‫‪1432/4/20‬هـ واملتضمن إحالته للتقاعد اعتبار ًا من تارخيه‪ ،‬فإن املحاكم‬
‫اإلدارية استقرت عىل أن األوامر امللكية تعترب من أعامل السيادة وفق ًا للامدة‬
‫(‪ )14‬من نظام ديوان املظامل‪ ،‬وقد أيدت حمكمة االستئناف بحكمها رقم‬
‫(‪/40‬إس‪ 6/‬لعام ‪1429‬هـ) ورقم (‪/42‬إس‪ 6/‬لعام ‪1429‬هـ) حكم‬
‫الدائرة اإلدارية‪.‬‬
‫وأما القضية رقم (‪/5/108‬ق لعام ‪1429‬هـ) لدى املحكمة االبتدائية‬
‫(اإلدارية)‪ ،‬فاملدعي يطالب إلزام املدعى عليها بتعويضه عام حلقه من أرضار‬
‫بسبب إحالته إىل التقاعد قبل بلوغه السن النظامية‪ ،‬وقبل إكامله املدة املقررة‬
‫للرتبة‪ .‬املدعي من مواليد ‪1375‬هـ‪ ،‬والتحق باخلدمة العسكرية بتاريخ‬
‫‪1398/7/16‬هـ‪ .‬صدر األمر امللكي برتقية املدعي إىل رتبة عميد اعتبار‬
‫من تاريخ ‪1423/1/16‬هـ‪ .‬صدر األمر امللكي بإحالته للتقاعد بتاريخ‬
‫‪1428/2/20‬هـ‪ .‬بينام املدعي مل يبلغ السن النظامي ومل يكمل السنوات‬
‫املقررة يف الرتبة‪ .‬وحكمت الدائرة بإلزام املدعى عليها بأن تدفع للمدعي‬
‫مبلغ ًا وقدره (‪ )....‬رياالً‪ ،‬السبب‪ :‬أن املادة (‪ )14‬من نظام الديوان نصت‬

‫‪587‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫عىل أنه‪« :‬ال جيوز ملحاكم ديوان املظامل النظر يف الدعاوى املتعلقة بأعامل‬
‫السيادة‪ ،‬أو النظر يف االعرتاضات عىل ما تصدره املحاكم ‪-‬غري اخلاضعة‬
‫هلذا النظام‪ -‬من أحكام داخلة يف واليتها‪ ،‬أو ما يصدره املجلس األعىل‬
‫للقضاء وجملس القضاء اإلداري وجملس النيابة العامة من قرارات»‪ .‬ومل‬
‫تنص عىل عدم جواز النظر يف الدعوى املتعلقة باألوامر امللكية‪ ،‬ومل يغب‬
‫عن بال املنظم النص عليها هاهنا‪ ،‬ومن ثم حجب القضاء عن نظرها‪ ،‬وإنام‬
‫كان إدخال األوامر امللكية يف أعامل السيادة من باب االجتهاد القضائي‬
‫القابل إلعادة النظر‪ ،‬كام أن من املقرر أن معيار التفرقة بني األعامل اإلدارية‬
‫التي تبارشها احلكومة يف حدود وظيفتها اإلدارية‪ ،‬وبني أعامل السيادة‬
‫التي تبارشها باعتبارها سلطة حكم‪ ،‬مرده إىل القضاء الذي ترك له املنظم‬
‫سلطة تقدير الوصف النظامي للعمل املطروح عليه‪ ،‬وما إذا كان يعد عم ً‬
‫ال‬
‫ال من أعامل السيادة يمتنع عن النظر فيه‪،‬‬ ‫إداري ًا عادي ًا خيتص بنظره‪ ،‬أم عم ً‬
‫كام أن الفقهاء القائلني بنظرية أعامل السيادة متفقون عىل عدم جواز نظر‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬لكن خمتلفون يف نظر دعوى التعويض‪ .‬ولقد أيدت حمكمة‬
‫االستئناف اإلدارية احلكم الصادر من املحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫فبالرغم من أن كال القضيتني متشاهبتني من ناحية املوضوع (طلب‬
‫تعويض عن أمر ملكي صدر بتقاعد عسكري) ويف فرتتني زمنيتني متقاربتني‬
‫(‪1428‬هـ‪1433 ،‬هـ) ولدى نفس املحكمة‪ ،‬وكالمها تم تأييدمها من‬
‫االستئناف‪ ،‬وباالستناد إىل نفس املادة‪ ،‬إال أن احلكمني اختلفا‪ ،‬فاألول عدَّ‬
‫األوامر امللكية من أعامل السيادة وبالتايل خيرج من اختصاص ديوان املظامل‪،‬‬

‫‪588‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫أما احلكم اآلخر فأخرج األوامر امللكية من أعامل السيادة وذكر أنه اجتهاد‬
‫قضائي غري ملزم‪ ،‬وجتاوز إىل تأييد الفقهاء القائلني بجواز نظر دعاوى‬
‫التعويض عن أعامل السيادة‪ .‬بالتايل فرتك املسائل غري الواضحة يف نصوص‬
‫األنظمة لالجتهاد القضائي يتوسع هبا ويضيقها دون معايري واضحة‪ ،‬يؤدي‬
‫إىل اختالف األحكام بني دائرة واألخرى بالتايل يفقد املواطنني ثقتهم يف‬
‫املنظومة القضائية ويتأثر بذلك استقرار األمن القانوين‪.‬‬
‫سابع ًا‪ :‬عدم تضمن بعض األحكام النظامية لقواعد معيارية واضحة‪:‬‬
‫واملقصود بالقواعد املعيارية هنا أن تكون القاعدة القانونية قابلة للقياس‬
‫والتقييم بمعايري حمددة‪ ،‬وهذا ال يتعارض مع مبدأ العمومية والتجريد‪،‬‬
‫فالعمومية والتجريد تقترص عىل املخاطبني بالقاعدة القانونية‪ ،‬أما املعيار فهو‬
‫طريقة لقياس مدى انطباق وحتقق رشوط القاعدة القانونية حتى يتم العمل‬
‫هبا‪ ،‬وبالبحث يف األنظمة السعودية نجد جمموعة من القواعد القانونية ال‬
‫حتمل أي معيار أو حدود لفهم حاالت انطباقها‪.‬‬
‫فعىل سبيل املثال فيام خيص (أعامل السيادة) والتي تعرف بأهنا جمموعة‬
‫أعامل السلطة التنفيذية التي ال يمكن الطعن فيها أمام القضاء اإلداري أو‬
‫العادي‪ ،‬وهلا سامت مميزة كأن تتعلق هذه األعامل باحلرب‪ ،‬أو األمن الداخيل‪،‬‬
‫أو تلك األعامل التي تنظم عالقة السلطة الترشيعية بالتنفيذية‪ ،‬أو األعامل‬
‫التي تتعلق بالعالقات الدولية الدبلوماسية(((‪ ،‬وبالرغم من أن هذه املعايري‬

‫((( ابن هندي‪ ،‬هدية عبد احلفيظ مفتاح‪2008( .‬م)‪ .‬نظرية أعامل السيادة‪ ،‬جملة اجلامعة‬
‫األسمرية اإلسالمية‪ ،‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪ ،10‬ص‪.395‬‬

‫‪589‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫معروفة لدى املختصني قضا ًء أو قانون ًا‪ ،‬يوجد شبه اتفاق دويل عليها‪ ،‬إال‬
‫أن املرشع السعودي مل يضع أي قاعدة معيارية ألعامل السيادة عندما تطرق‬
‫إليها يف نظام ديوان املظامل املادة الرابعة عرشة‪« :‬ال جيوز ملحاكم ديوان املظامل‬
‫النظر يف الدعاوى املتعلقة بأعامل السيادة‪ ،‬أو النظر يف االعرتاضات عىل ما‬
‫تصدره املحاكم ‪-‬غري اخلاضعة هلذا النظام‪ -‬من أحكام داخلة يف واليتها‪،‬‬
‫أو ما يصدره املجلس األعىل للقضاء وجملس القضاء اإلداري وجملس‬
‫النيابة العامة من قرارات»‪ ،‬بالتايل فعدم وجود مقياس ثابت ُي َمكن القايض‬
‫اإلداري من تقييم أعامل السلطة التنفيذية ما إذا كانت تدخل ضمن أعامل‬
‫السيادة أم ال‪ ،‬يضفي الغموض عىل أعامل السيادة ويثري التساؤالت عن‬
‫معايريها‪.‬‬
‫أيض ًا بالبحث يف نصوص نظام جملس الوزراء‪ ،‬نجد أن من اختصاصات‬
‫املجلس يف الشؤون التنفيذية (إحداث وترتيب املصالح العامة)‪ ،‬وتأيت‬
‫التساؤالت بعد قراءة النص‪ ،‬ماهي معايري املصالح العامة؟ ومتى يمكن‬
‫للقايض متييزها عن غريها من املصالح؟ هي باملنفعة التي حتققها؟ أم بنوع‬
‫وعدد املنتفعني باخلدمة؟ هل الرسوم أو العوائد املالية معيار للمصالح‬
‫العامة؟ استخدام كلمة (ترتيب) هل يعني تنظيم بمعنى ترشيع وبالتايل‬
‫يدخل ضمن األعامل الترشيعية ملجلس الوزراء؟ أم يقترص عىل اجلوانب‬
‫التنفيذية؟‬

‫‪590‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫وفيام خيص نظام مكافحة جرائم املعلوماتية(((‪ ،‬ورد يف املادة السادسة‬


‫ما نصه‪« :‬يعاقب بالسجن مدة ال تزيد عىل مخس سنوات وبغرامة ال تزيد‬
‫كل شخص يرتكب أ ًّيا‬ ‫عىل ثالثة ماليني ريال‪ ،‬أو بإحدى هاتني العقوبتني ُّ‬
‫من اجلرائم املعلوماتية اآلتية‪ )1( :‬إنتاج ما من شأنه املساس بالنظام العام‪،‬‬
‫أو القيم الدينية‪ ،‬أو اآلداب العامة‪ ،‬أو حرمة احلياة اخلاصة‪ ،‬أو إعداده‪ ،‬أو‬
‫إرساله‪ ،‬أو ختزينه عن طريق الشبكة املعلوماتية‪ ،‬أو أحد أجهزة احلاسب‬
‫اآليل»‪ .‬وهذه الفقرة ال تتضمن معايري حمددة ملفهوم النظام العام ُمُتكن‬
‫القايض من متييزه وحتديد املساس أو الرضر الناتج عن املساس به‪ ،‬خصوص ًا‬
‫أن املادة تتعلق بتجريم املساس بالنظام العام عن طريق التكنولوجيا‪ ،‬وفرض‬
‫عقوبات شديدة عىل هذا الفعل الذي تم جتريمه‪.‬‬

‫((( نظام مكافحة جرائم املعلوماتية الصادر باملرسوم ملكي رقم (م‪ )17/‬بتاريخ ‪/3 /8‬‬
‫‪1428‬هـ‪.‬‬

‫‪591‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫النتائج والتوصيات‬
‫من خالل هذا البحث تبني أن مبدأ األمن القانوين ُيعد من أهم مقومات‬
‫دولة القانون‪ ،‬التي تقوم عىل فكرة سيادة القانون‪ ،‬فتحقيق األمن هو الغاية‬
‫النهائية من إصدار القواعد القانونية والنصوص الترشيعية والتنظيمية‬
‫واللوائح‪ ،‬وهدفه هذا حتقيق االستقرار للقاعدة القانونية‪ ،‬بحاميتها من‬
‫التعديالت والتغريات املفاجئة‪ ،‬أو االستثناءات املتعددة‪ ،‬وذلك حتى‬
‫تتمكن الشخصيات الطبيعية واالعتبارية من ترتيب أوضاعها واحلفاظ‬
‫عىل مراكزها القانونية وعالقاهتا التعاقدية عىل أساس هذه القواعد‬
‫القانونية‪ ،‬دون أن يكونوا عرض ًة لقرارات وتعديالت غري متوقعة تؤدي إىل‬
‫زعزعة استقرار أوضاعهم القانونية‪ ،‬األمر الذي من شأنه إشاعة السكينة‬
‫والطمأنينة‪ ،‬وتعزيز الثقة يف املنظمة القانونية ككل‪.‬‬
‫كام تبني أن مبدأ األمن القانوين ينطوي عىل عدد من املبادئ التي يرتكز‬
‫عليها‪ ،‬وهي أساس حتقيق هذا املبدأ‪ ،‬والتي يف جمملها هتدف إىل استقرار‬
‫القاعدة القانونية‪ ،‬وحتقيق الثقة يف املنظومة القانونية والترشيعية‪ ،‬كمبدأ عدم‬
‫عرَّب‬
‫رجعية القوانني‪ ،‬ومبدأ احرتام احلقوق املكتسبة‪ ،‬والثقة املرشوعة والتي ُي َّ‬
‫عنها بقابلية القوانني للتوقع من قبل املخاطبني واملعنيني به‪ ،‬كام يمتد مبدأ‬
‫األمن القانوين إىل القضاء ليشمل مبدأ استقالل القضاء‪ ،‬مبدأ املساواة أمام‬
‫حيف بمبدأ األمن‬ ‫القضاء‪ ،‬إجراء املحاكمة العادلة‪ .‬من ناحية أخرى فإنه ُ‬
‫القانوين خماطر هتدد استقرار القاعدة القانونية‪ ،‬كالتضخم الترشيعي الذي‬
‫يعني وجود كم هائل من النصوص القانونية والترشيعية واللوائح‪ ،‬التي قد‬

‫‪592‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫تتعارض مع بعضها‪ ،‬وتؤدي إىل التأثري عىل الوعي القانوين للناس‪ ،‬ويمتد‬
‫هذه الصعوبة لتطال حتى املختصني والقانونيني‪ ،‬أيض ًا يعد اإلرساف يف‬
‫إجراء التعديالت عىل القواعد القانونية‪ ،‬وعدم استقرار االجتهاد القضائي‬
‫خماطر هتدد بمبدأ األمن القانوين‪.‬‬
‫وبالنسبة للترشيعات القانونية يف اململكة فقد تبني أهنا قطعت شوط ًا يف‬
‫حتقيق األمن القانوين‪ ،‬حيث تضمنت يف نصوصها الترشيعية مجلة من مبادئ‬
‫األمن القانونية منها‪ :‬عدم رجعية القوانني‪ ،‬إعداد الدراسة املسبقة ملشاريع‬
‫األنظمة اجلديدة‪ ،‬النص عىل استقالل القضاء‪ ،‬احرتام احلقوق املكتسبة‪ ،‬كام‬
‫أكدت عىل مبدأ املساواة والعدل‪ ،‬إال أن هناك بعض اجلوانب السلبية التي‬
‫تؤثر عىل مبدأ األمن القانوين والتي تتمثل باآليت‪:‬‬
‫‪ -‬وجود تعديالت رسيعة لألنظمة مما يؤدي إىل عدم االستقرار‬
‫الترشيعي‪ ،‬وأن هذه التعديالت ال تقترص عىل تعديل مواد حمدد يف األنظمة‬
‫بل يشمل أنظمة بكاملها‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد األدوات القانونية إلصدار األحكام النظامية وعدم نرش بعضها‬
‫كاألوامر امللكية واألوامر السامية‪.‬‬
‫‪ -‬عىل الرغم من إمكانية نشوء قواعد قانونية من خالل املبادئ التي‬
‫تنشئها املحاكم‪ ،‬إال أن هذه املبادئ القضائية ال نرش وفق ًا آللية دقيقة‬
‫وواضحة‪.‬‬

‫‪593‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ -‬عدم وجود آلية دقيقة لتطبيق األنظمة اجلديدة تراعي املراكز واحلقوق‬
‫القانونية التي نشأت واكتملت يف ظل األنظمة امللغاة‪.‬‬
‫‪ -‬وجود تفاوت يف االجتهاد القضائي يف القضايا املتامثلة‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود قواعد معيارية واضحة بعض األحكام النظامية‪.‬‬
‫وبناء عليه فمن املناسب تبني التوصيات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬أمهية تقليل التعديالت الرسيعة لألنظمة لضامن االستقرار الترشيعي‪.‬‬
‫‪ -‬قرص تعديالت األنظمة عىل املواد التي تتطلب التعديل وأال يشمل‬
‫التعديل كامل النظام‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية نرش الوثائق القانونية التي تتضمن أحكام ًا نظامية كاألوامر‬
‫امللكية واألوامر السامية‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية استحداث آلية دقيقة لنرش املبادئ القضائية التي تنشئ قواعد‬
‫ومبادئ قانونية بشكل واضح‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة وضع آلية دقيقة لتطبيق األنظمة اجلديدة تراعي املراكز‬
‫واحلقوق القانونية التي نشأت واكتملت يف ظل األنظمة امللغاة‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية توحيد االجتهاد القضائي يف القضايا املتامثلة‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية األخذ بالتعديل الرصيح لألحكام النظامية عند إصدار أنظمة‬
‫جديدة‪.‬‬

‫‪594‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫‪ -‬أمهية تضمن بعض األحكام النظامية لقواعد معيارية واضحة متى ما‬
‫كانت تتطلب ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬رضورة التقليل من األخذ باإللغاء الضمني‪ ،‬والتوجه إىل اإللغاء‬
‫الرصيح للنصوص القانونية‪ ،‬هبدف التقليل من أخطار وعيوب اإللغاء‬
‫الضمني‪ ،‬والتي تتجسد يف عدم وضوح القواعد والنصوص امللغاة بموجب‬
‫عاَّم يلغيه هذا‬
‫النص اجلديد‪ ،‬بالتايل ُحُي َّمل القانونيون والقضاة عبء البحث َّ‬
‫وعاَّم يبقى نافذ ًا‪.‬‬
‫النص اجلديد‪َّ ،‬‬

‫‪595‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫المصادر والمراجع‬
‫أوالً‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫‪1.‬إسامعيل عبد النبي شاهني‪ ،‬ضوابط مبدأ عدم رجعية القوانني‪ :‬دراسة مقارنة‬
‫يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬الطبعة األوىل‪2013 ،‬م‪.‬‬
‫‪2.‬محدي أبو النور السيد عويس‪ ،‬مبدأ احرتام احلقوق املكتسبة يف القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫‪3.‬خالد بن عبد العزيز الرويس‪ ،‬رزق بن مقبول الريس‪ .‬املدخل لدراسة العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬مكتبة الشقري‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪2012 ،‬م‪.‬‬
‫‪4.‬عيل جميد العكييل‪ ،‬مبدأ األمن القانوين بني النص الدستوري والواقع العميل‪،‬‬
‫املركز العريب للنرش والتوزيع‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫‪5.‬مازن ليلو رايض‪ ،‬محاية األمن القانوين يف النظم القانونية املعارصة‪ ،‬املركز‬
‫العريب للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪2020 ،‬م‪.‬‬
‫‪6.‬حميي حممد مسعد‪ ،‬دور القانون يف تكوين ثقافة اإلنسان‪ ،‬دار املطبوعات‬
‫اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫‪7.‬يس حممد حممد الطباخ‪ ،‬االستقرار كغاية من غايات القانون‪ :‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫املكتب اجلامعي احلديث‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬املقاالت العلمية‪:‬‬


‫‪8.‬إبراهيم حممد احلديثي‪ ،‬االختصاص التنظيمي للملك يف اململكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬جملة جامعة امللك سعود‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد‪،‬‬
‫‪ 32‬العدد ‪2020 ،1‬م‪.‬‬
‫‪9.‬إبراهيم حممود اللبيدي‪ ،‬احلامية اجلنائية ألمن الدولة‪ ،‬دار الكتب القانونية‬
‫ودار شتات للنرش والتوزيع والربجميات‪2010 ،‬م‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ ‪10.‬أيوب بن منصور اجلربوع‪ ،‬إلغاء األنظمة يف اململكة العربية السعودية‪ :‬دراسة‬


‫حتليلية لألحكام النظامية يف ضوء قضاء ديوان املظامل‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،60‬العدد‪2019 ،2‬م‪.‬‬
‫ ‪11.‬بجواد لعرسي‪ ،‬مبدأ عدم رجعية القانون الرضيبي يف القضاء والترشيع‪ ،‬جملة‬
‫القانون املغريب‪ ،‬دار السالم للطباعة والنرش‪ ،‬العدد ‪.7‬‬
‫ ‪12.‬بواب بن عامر‪ -‬هنان عيل‪ ،‬احلق يف التوقع املرشوع «الثقة املرشوعة» كأحد‬
‫ركائز األمن القانوين‪ ،‬جملة الدراسات احلقوقية‪ ،‬جامعة سعيدة‪ ،‬جملد ‪ ،7‬عدد‬
‫‪2020 ،1‬م‪.‬‬
‫ ‪13.‬سعد الدين حافظ‪ ،‬حمددات األمن االقتصادي العريب‪ ،‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬جملد ‪ ،26‬العدد ‪2003 ،293‬م‪.‬‬
‫ ‪14.‬عبد الرمحن اللمتوين‪ ،‬االجتهاد القضائي واألمن القانوين‪ ،‬جملة امللحق‬
‫القضائي‪ ،‬العدد ‪2014 ،46‬م‪.‬‬
‫ ‪15.‬عبد املجيد غميجة‪ ،‬مبدأ األمن القانوين ورضورة األمن القضائي‪ ،‬جملة امللحق‬
‫القضائي بوزارة العدل واحلريات‪ -‬املعهد العايل للقضاء‪2009 ،‬م‪ ،‬ع ‪.42‬‬
‫ ‪16.‬عبد املجيد خلداري‪ ،‬األمن القانوين واألمن القضائي عالقة تكامل‪ ،‬جملة‬
‫محه خلرض الوادي ‪ -‬معهد العلوم اإلسالمية‪ ،‬مج‪،4‬‬
‫شهاب بجامعة الشهيد ّ‬
‫ع ‪2018 ،2‬م‪.‬‬
‫ ‪17.‬عيل أمحد حسني اللهيبي‪ ،‬قواعد صياغة النص الترشيعي‪ ،‬جملة العلوم القانونية‪،‬‬
‫العدد األول‪2019 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪18.‬عيل احلنودي‪ ،‬األمن القانوين‪ :‬مفهومه وأبعاده‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬ع ‪2011 ،96‬م‪.‬‬
‫ ‪19.‬فدوى بنبنعيسى‪ ،‬األمن القانون كضامن حلامية احلقوق واحلريات اإلنسانية‪،‬‬
‫املجلة املغربية للحكامة القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪2009 ،6‬م‪.‬‬

‫‪597‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ ‪20.‬فيصل بن منصور الفاضل‪ ،‬االختصاص الترشيعي ملجلس الوزراء يف اململكة‬


‫العربية السعودية‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬املجلد ‪ ،61‬العدد ‪2021 ،3‬م‪.‬‬
‫ ‪21.‬كوثر دباش‪ ،‬الدور الترشيعي للنائب‪ ،‬إصدارات مؤسسة وستمنسرت‬
‫للديموقراطية‪ ،‬اجلزء الثاين‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪22.‬ليث كامل نرصاوين‪ ،‬متطلبات الصياغة الترشيعية اجليدة وأثرها عىل اإلصالح‬
‫القانوين‪ ،‬كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬جملد ‪2017 ،5‬م‪ .‬ص‪.442-381‬‬
‫ ‪23.‬حممد زالجيي‪ ،‬إصالح القضاء دعامة لتحقيق األمن القانوين وضامنة حلق‬
‫النقد‪ ،‬هيئة املحامني بوجدة‪ ،‬العدد ‪2014 ،17-16‬م‪.‬‬
‫ ‪24.‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬مبدأ األمن القانوين‪ ،‬جملة البحوث القانونية‬
‫واالقتصادية بجامعة املنصورة كلية احلقوق‪ ،‬العدد ‪2004 ،36‬م‪.‬‬
‫ ‪25.‬حممود سعيد قظام‪ ،‬األمن الغذائي‪ ،‬املجلة الثقافية‪ ،‬ع ‪.4‬‬
‫ ‪26.‬نوال إيراين‪ ،‬تأثري تضخم الترشيع عىل األمن القانوين‪ ،‬املركز اجلامعي مرسيل‬
‫عبد اهلل بتيبازة‪ ،‬العدد ‪2018 ،13‬م‪.‬‬
‫ ‪27.‬هانم أمحد حممود سامل‪ ،‬ضامنات حتقيق مبدأ األمن القانوين‪ :‬دراسة فقهية‬
‫قضائية مقارنة‪ ،‬جملة األمن والقانون‪ ،‬املجلد ‪ ،29‬العدد األول‪2021 ،‬م‪.‬‬
‫ ‪28.‬هدية عبد احلفيظ مفتاح ابن هندي‪ ،‬نظرية أعامل السيادة‪ ،‬جملة اجلامعة‬
‫األسمرية اإلسالمية‪ ،‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪2008 ،10‬م‪.‬‬
‫ ‪29.‬هشام حامد الكساسبة‪ ،‬دور القايض اإلداري األردين يف محاية احلقوق املكتسبة‬
‫دراسة حتليلية مقارنة‪ ،‬جملة اجلامعة اإلسالمية للدراسات الرشعية والقانونية‪،‬‬
‫‪2018‬م‪.‬‬
‫ ‪30.‬وهيب عبد الوهاب‪ ،‬األمن القانوين وتأثريه عىل استقرار املعامالت القانونية‪،‬‬
‫جملة القانون واألعامل الدولية بجامعة احلسن األول‪2020 ،‬م‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫ثالث ًا‪ :‬الندوات واملؤمترات‪:‬‬


‫ ‪31.‬مفتاح خليفة عبد احلميد‪ ،‬مبدأ املساواة أمام القانون‪ .‬أعامل املؤمتر العلمي‪:‬‬
‫املصاحلة الوطنية‪ -‬مفهومها‪ -‬أمهيتها‪ -‬ضوابطها‪ -‬آليتها‪ -‬معوقاهتا‪ ،‬اجلامعة‬
‫األسمرية للعلوم اإلسالمية زلتني‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬الرسائل اجلامعية‪:‬‬


‫ ‪32.‬حنان عبد اهلل الدغيشم‪ ،‬أطروحة دكتوراه بعنوان‪ :‬دور القضاء الدستوري يف‬
‫محاية مبدأ األمن القانوين‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة البحرين‪ ،‬البحرين‪2020 ،‬م‪.‬‬

‫خامس ًا‪ :‬األنظمة والقوانني‪:‬‬


‫ ‪33.‬النظام األسايس للحكم‪ ،‬الصادر باألمر امللكي (رقم أ‪ ،)90/‬بتاريخ ‪/27‬‬
‫‪1412/8‬هـ‪.‬‬
‫ ‪34.‬نظام جملس الشورى‪ ،‬الصادر باألمر امللكي رقم (أ‪ ،)91/‬بتاريخ ‪/8/27‬‬
‫‪1412‬هـ‪.‬‬
‫ ‪35.‬نظام جملس الوزراء‪ ،‬الصادر باألمر امللكي رقم (أ‪ ،)13/‬بتاريخ ‪/3/3‬‬
‫‪1414‬هـ‪.‬‬
‫ ‪36.‬نظام مكافحة جرائم املعلوماتية‪ ،‬الصادر باملرسوم ملكي رقم (م‪،)17/‬‬
‫بتاريخ ‪1428/3/8‬هـ‪.‬‬
‫ ‪37.‬نظام ديوان املظامل‪ ،‬الصادر باملرسوم امللكي رقم (م‪ ،)78/‬بتاريخ ‪/9/19‬‬
‫‪1428‬هـ‪.‬‬

‫سادس ًا‪ :‬املراسيم امللكية والقرارات الوزارية‪:‬‬


‫ ‪38.‬املرسوم امللكي (م‪ )165/‬وتاريخ ‪1441/11/19‬هـ‪.‬‬
‫ ‪39.‬قرار جملس الوزراء رقم (‪ )713‬والصادر بتاريخ ‪1438/11/30‬هـ‪.‬‬
‫ ‪40.‬قرار جملس الوزراء رقم (‪ )476‬وتاريخ ‪1441/7/15‬هـ‪.‬‬

‫‪599‬‬
‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬ ‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬
‫نوناقلا نمألا أدبم‬

‫سابع ًا‪ :‬األحكام القضائية‪:‬‬


‫ ‪41.‬رقم القضية االبتدائية ‪/1/7046‬ق لعام ‪1433‬هـ‪.‬‬
‫ ‪42.‬رقم احلكم االبتدائي ‪/10‬إ‪ 1/13/‬لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬
‫ ‪43.‬رقم قضية االستئناف ‪/1428‬ق لعام ‪1434‬هـ‪.‬‬
‫ ‪44.‬رقم حكم االستئناف ‪ 1/850‬لعام‪1434‬هـ‪.‬‬
‫ ‪45.‬رقم القضية االبتدائية ‪/5/108‬ق لعام ‪1429‬هـ‪.‬‬
‫ ‪46.‬رقم احلكم االبتدائي ‪/138‬د‪/‬ف‪/‬إ‪ 43/‬لعام ‪1431‬هـ‪.‬‬
‫ ‪47.‬رقم قضية االستئناف ‪/6407‬ق لعام ‪1431‬هـ‪.‬‬

‫ثامن ًا‪ :‬املواقع اإللكرتونية‪:‬‬


‫ ‪48.‬قواعد عمل املجلس واللجان املتخصصة‪ ،‬يمكن االطالع عليها عن‬
‫طريق الرابط التايل (‪https://www.shura.gov.sa/wps/wcm/connect/‬‬

‫‪shuraarabic/internet/laws+and+regulations/rules+and+executive/‬‬

‫‪.rules+of+work+of+the+council+and+the+specialized+committees‬‬
‫ ‪49.‬املصدر مدونة األحكام القضائية لدى ديوان املظامل‪ ،‬يمكن االطالع عليها عرب‬
‫الرابط التايل (‪https://www.bog.gov.sa/ScientificContent/JudicialBlogs/‬‬

‫‪.)Pages/AdvancedSearch.aspx‬‬
‫(‪https://ncar.gov.‬‬ ‫ ‪50.‬املوقع اإللكرتوين للمركز الوطني للوثائق واملحفوظات‬
‫‪.)sa‬‬
‫ ‪51.‬منصة استطالع الرأي (‪.)https://istitlaa.ncc.gov.sa/ar/Pages/default.aspx‬‬

‫‪600‬‬
‫لاوش | نوثالثلاو يداحلا ددـعلاـعلااحلا ددـعلاـعلاا‬ ‫مجلة قضاء | مجلة علمية محكمة‬

You might also like