Professional Documents
Culture Documents
تحت اإلشراف
األستاذ هيغي فجريانتو هريمان ،املاجستري
تحت اإلشراف:
األستاذ هيغي فاجريانتو هرمان ،املاجستري
جمع و ترتيب:
نور العيش
شفاء سلسبيال
كتبتها الطالبات من المستوى الخامس ج:
والتفسيرألفي ن &&ور ه &&داييت -أملن &&ا ش &&هيدة
القرآن&ة الفوزي &&ة -
&ور -عفيف & عفيف &&ة ن &
علوم قسمأد ليلى حس &&نة ن &&ور الرمحة -
القرآنية&و غورن&&غ توك&&ان -تش&&وت أوفي&&اء
للدراساتالكرمية -أي&
زادي&&زة -أزكى
كلية&ة عز
كامل&&ة النس&&اء -عاتك&&ة ن&&ور ألفي&
1445ه 2023/م
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
صادقة -دال حرديانا ب&وتري -فرح&ة أريق&ة فائق&ة س&اباتيين -فاطم&ة -فاطم&ة ق&رة أعني -غاني&ة
س&&ري رزقي من&&ورة -غيان&&ا الزه&&راء -حبيب&&ة -حس&&ناء س&&هيلة فه&&دة -حي&&اة نص&&وحا -جيه&&ان
ن&ور هداي&ة منص&&ور -حّن ا أولي&آء -حنيف&&ة احلقيق&&ة -لطفي ألفي&اين -لطفي ألفجري&ايت س&فتريين –
ماهرة مطمئّنة -نبيلة حصيفة -ندى أولياء الزه&راء -ناض&رة فريوزن&ا -نس&اء فاطم&اوايت -ن&ور
ثقيلة -نور مشسية أرض اهلل -نور العني مطمئّنة -نور اللطيفة قامال رزقي -بوتري ج&&انوئريت
-رطاي&&ا زي&&ان ص&&فريا ري&&زا -رين&&ا -رش&&يدة األص&&فياء -س&&لمى عفيف&&ة -س&&لمى نبيل&&ة -سلس&&ى
فرماتا بوتري -سلسبيال فضيلة -ساندرا أنرياين -س&يت فاطم&ة الزه&راء -ش&فاء فطري&ة -ش&فاء
سلسبيال -ولدى ثانيا -نور العيش
سجود المخلوقات
أد ليلى حسنة نور الرمحة و عفيفة نور
وهلل يس& & & &&جد م& & & &&ا يف الس& & & &&موات وم& & & &&ا يف االرض من داب& & & &&ه واملالئك& & & &&ة وهم ال
يستكربون .أمل ترى أن اهلل يسجد له ما يف السموات وم&&ا يف االرض والش&&مس والقم&&ر
والنجو واجلبال والشجر والدواب وكثري من الناس؟
ق&&د ذهب مجه&&ور املفس&&رين إىل أَّن املراد بس&&جود الس&&موات واألرض والش&&مس
والقم &&ر والنج &&وم واجلب &&ال والش &&جر وال &&دواب يك &&ون باالنقي &&اد الكام &&ل هلل ،ال س &&جود
1
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
الطاعة اخلاصة بالعقالء ،والصواب من الق&ول أن&ه س&جوٌد حقيقٌّي ال ن&دري كيفيت&ه ،وال
حقيقته ،قال تع&اىلَ{ :و ِلَّل ِه َيْس ُج ُد َمْن يِف الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َطْو ًع ا َو َك ْر ًه ا} [الرع&د:
،]١٥وق&&الَ{ :أَو ْمَل َيَر ْو ا ِإىَل َم ا َخ َل َق الَّل ُه ِم ْن َش ٍء َيَتَف َّي ُأ ِظ اَل ُل ُه َعِن اْلَيِم ِني َو الَّش َم اِئِل
ْي
ُد ا يِف الَّس ا اِت ا يِف اَأْل ِض ِم اَّب ٍة ِل ِه ِخ ِل ِه
ْر ْن َد َم َو َو َم ُس َّج ًد ا َّل َو ُه ْم َدا ُر وَن * َو َّل َيْس ُج َم
ِئ
َو اْلَم اَل َك ُة َو ُه ْم اَل َيْس َتْك ُرِبوَن } [النح & &&ل .]٤٩ - ٤٨ :وق & &&الَ{ :و الَّنْج ُم َو الَّش َج ُر
َيْس ُج َد اِن } [الرمحن.]٦ :
وإذا أنت نظ & &&رت يف اآلي & &&ات نظ & &&ر معت& & &ٍرب وج & &&دت املخلوق & &&ات تس & &&جد ل & &&رِّب
الكائن &&ات س &&جودًا حقيقي& &ًا ،ولكن ال ن &&دري كي &&ف تس &&جد ،كم &&ا ق &&ال رُّب الع& &َّز ة يف
تس& &&بيح الكائن& &&اتَ{ :و ِإْن ِم ْن َش ْي ٍء ِإاَّل ُيَس ِّبُح َحِبْم ِدِه َو َلِكْن اَل َتْف َق ُه وَن َتْس ِبيَحُه ْم }
[اإلسراء ]٤٤ :وقد أخرب رسولنا -صلى اهلل عليه وس&لم -أب&ا ذر أن الش&مس تس&جد
حتت ع&&رش ال&&رمحن ،فعن أيب ذٍّر -رض&&ي اهلل عن&&ه -ق&&ال :ق&&ال الن&&يب -ص&&لى اهلل علي&&ه
وس &&لم -أليب ذٍّر حني غ &&ربت الش &&مس« :أت &&دري أين ت &&ذهب؟» .قلت :اهلل ورس &&وله
أعلم .ق&&ال« :فإهَّن ا ت&&ذهب حىَّت تس&&جد حتت الع&&رش ،فتس&&تأذن في&&ؤذن هلا ،ويوش&&ك أن
تس& &&جد فال يقب& &&ل منه& &&ا ،وتس& &&تأذن فال ي& &&ؤذن هلا ،فيق& &&ال هلا :ارجعي من حيث جئت.
فتطل&ع من مغرهبا ،ف&&ذلك قول&&ه تع&&اىلَ{ :و الَّش ْم ْجَتِر ي ِلُمْس َتَقٍّر َهَلا َذِلَك َتْق ِدي اْلعَّز ي&ِز
ُر ُس
اْلَعِليِم } [يس[ »]٣٨ :البخاري .٣١٩٩ :ومسلم.]١٥٩ :
وه &&ذا دلي &&ل على كم &&ال ق &&درة اهلل تع &&اىل ،وكم &&ال س &&لطانه ،وكم &&ال علم &&ه أن
تك &&ون ه &&ذه األج &&رام العظيم &&ة تس &&ري س &&ريًا منظم &ًا ،ال تتغ &&ري على م &&دى الس &&نني الط &&وال،
{والنجم والش &&جر يس &&جدان} النجم اس &&م جنس ،واملراد ب &&ه النج &&وم تس &&جد هلل -ع &&ز
وجل -فهذه النجوم العليا اليت نشاهدها يف الس&ماء تس&جد هلل -ع&ز وج&ل -س&جودًا
حقيقي &ًا ،لكنن&&ا ال نعلم كيفيت&&ه ،ألن ه&&ذا من األم&&ور ال&&يت ال ت&&دركها العق&&ول ،والش&&جر
2
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
يس&&جد هلل ع&&ز وج&ل س&&جودًا حقيقي&ًا ،لكن ال ن&&دري كي&&ف ذل&&ك ،واهلل على ك&&ل ش&&يء
ق &&دير ،وانظ &&ر إىل األش &&جار إذا طلعت الش &&مس تتج &&ه أوراقه &&ا إىل الش &&مس تش &&اهدها
بعينك ،وكلما ارتفعت ،ارتفعت األشجار ،وإذا م&الت للغ&روب م&الت ،لكن ه&ذا ليس
ه& &&و الس& &&جود ،إمنا الس& &&جود حقيق& &&ة ال ُيعلم ،كم& &&ا ق& &&ال -ع& &&ز وج& &&ل { :-تس& &&بح ل& &&ه
السماوات السبع واَألرض ومن فيهن وإن من ش&يء إال يس&بح حبم&ده ولكن ال تفقه&ون
تسبيحهم إنه كان حليًم ا غفوًر ا} فالنجوم كلها تسجد هلل ،واألشجار كلها تس&&جد هلل
-ع &&ز وج &&ل -ق &&ال اهلل تع &&اىل{ :أمل ت &&ر أن اهلل يس &&جد ل &&ه من يف الس &&ماوات ومن يف
اَألرض والش& &&مس والقم& &&ر والنج& &&وم واجلب& &&ال والش& &&جر وال& &&دواب وكث& &&ري من الن& &&اس}
ويقابل&&ه{ ،وكث&&ري ح&&ق علي&&ه الع&&ذاب} فال يس&&جد -والعي&&اذ باهلل { -والس&&ماء رفعه&&ا}
يع &&ين ورف &&ع الس &&ماء ومل حيدد يف الق &&رآن الك &&رمي مق &&دار ه &&ذا الرف &&ع ،لكن ج &&اءت الس &&نة
بذلك ،فهي رفيعة عظيمة ارتفاعًا عظيم&ًا ش&&اهقًا{ ،ووض&&ع امليزان} أي :وض&&ع الع&&دل،
والدليل على أن املراد بامليزان .و يق&ول ش&يخ اإلس&الم ابن تيمي&ة " :الس&جود من جنس
القنوت ,فإن السجود الشامل جلميع املخلوقات ه&&و متض&&من لغاي&&ة اخلض&&وع و ال&&ذل .و
ك&&ل خمل&&وق فق&&د تواض&&ع لعظم&&ة .و ذل و لعظمت&&ه ،و ذل لعزت&&ه ,و استس&&الم لقدرت&&ه ،و
معل&&وم أن الس&&جود لك&&ل ش&&يء ( خملوق&&ات ) حبس&&به ليس س&&جود ه&&ذه املخلوق&&ات وض&&ع
جبهتها على األرض
3
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
المالئكة و الجن
ق &&د ورد يف تفس &&ري قول &&ه تع &&اىلَ(:أْجَتَع ُل ِفيَه ا َمْن ُيْف ِس ُد ِفيَه ا َو َيْس ِف ُك ال &&ِّد َم اَء)
[البقرة ]30:عدة أقوال ذكرها اإلمام الطربي ومنها :أن املالئكة علموا أن اإلفس&&اد يف
األرض حادث مبا رأوا ممن كان قبل آدم من اجلن .قاله قتادة .وقال اإلم&&ام ابن كث&&ري يف
البداي&&ة والنهاي&&ة :وق&&ال عب&&د اهلل بن عم&&ر رض&&ي اهلل عنهم&&ا :ك&&انت اجلن قب&&ل آدم ب&&ألفي
ع &&ام فس &&فكوا ال &&دماء ،فبعث إليهم جن& &دًا من املالئك &&ة ،فط &&ردوهم إىل جزائ &&ر البح &&ور،
وعن ابن عباس حنوه.
وهذه اآلثار الواردة عن بعض الصحابة مل يثبت رفعه&ا إىل رس&ول اهلل ص&لى اهلل
علي& &&ه وس& &&لم ال بس& &&ند ص& &&حيح وال حس& &&ن وال ض& &&عيف .ومن املعل& &&وم أن طري& &&ق العلم
بالغيب :الوحي
4
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
(َو ِإْذ َقاَل َر ُّبَك ِلْلَم اَل ِئَك ِة ِإيِّن َج اِع ٌل يِف اَأْلْر ِض َخ ِليَف ًة َقاُلوا َأْجَتَع ُل ِفيَه ا َم ن ُيْف ِس ُد ِفيَه ا
َو َيْس ِف ُك الِّد َم اَء َو ْحَنُن ُنَس ِّبُح َحِبْم ِدَك َو ُنَق ِّد ُس َلَك َقاَل ِإيِّن َأْع َلُم َم ا اَل َتْع َلُم وَن ) .هك&ذا
ورد يف اآلية 30من سورة البقرة ،عن خلقة لإلنسان.
ورغم أن&&ه مل ي&&أت يف الكت&&اب والس&&نة ش&&يء ي&&دل على أن قوم&&ا ك&&انوا يس&&كنون
األرض قبل آدم عليه السالم ،وإمنا جاء ذكر بعض املخلوق&ات ال&ىت عاش&ت األرض قب&ل
اإلنسان ،حسبما ج&اء ىف أق&وال بعض املفس&رين من الص&حابة والت&ابعني ،ومن ذل&ك :أن
األرض ك &&ان يس &&كنها اجلن (ب &&اجليم املعجم &&ة) ،وهم ال &&ذين خلقهم اهلل تع &&اىل من الن &&ار،
وه&ذا الق&ول م&روي عن أك&ثر أه&ل التفس&ري ،فيم&ا ي&رى آخ&رون أن&ه مل يكن على األرض
قب&&ل آدم علي&&ه الس&&الم أح&&د ال من اجلن وال من غ&&ريهم ،فيم&&ا ي&&ذكر بعض املفس&&رين أو
املؤرخني ،أن قوم & &&ا امسهم احلن (باحلاء املهمل & &&ة) ك & &&انوا يس & &&كنون األرض ،فج& &&اء اجلن
(ب&&اجليم املعجم&ة) فقتل&وهم وس&&كنوا مك&&اهنم ،فيب&&دو أهنا من القص&&ص ال&&يت ال تس&&تند إىل
أي سند صحيح.
وقال ابن كثري يف كتابه "البداية والنهاية" ( :)1/55خلقت اجلن قب&&ل آدم علي&&ه
الس & & & & &&الم ،وك & & & & &&ان قبلهم يف األرض (اِحلُّن والُّنِب ) ،فس & & & & &&لط اهلل اجلن عليهم فقتل & & & & &&وهم
وأجل&&وهم عنه&&ا وأب&&ادوهم منه&&ا وس&&كنوها بع&&دهم .وذك&&ر س&&بط ابن اجلوزي يف كتاب&&ه
"م&رآة الزم&ان يف ت&اريخ األعي&ان وبذيل&ه (ذي&ل م&رآة الزم&ان) 22-1ج :"1روى جماه&د
عن ابن عب& &&اس ق& &&ال ك& &&ان ب& &&األرض أمم قب& &&ل آدم أيض& &&ا وق& &&ال اجلوهري :احلن حي من
اجلن ،ق& &&ال :ويق& &&ال احلن خل& &&ق بني اإلنس& &&ان واجلن .روى مقات& &&ل عن عكرم& &&ة عن ابن
عباس أنه قال :أول من سكن األرض أمة يق&&ال هلم :احلن والنب مث س&&كاهنا اجلن فأق&&اموا
يعبدون اهلل تعاىل زمانا فطال عليهم األمد فأفسدوا ،فأرسل اهلل إليهم نبيا منهم يقال له
يوسف فلم يطيعوه وقاتلوه فأرسل اهلل املالئكة ف&أجلتهم إىل البح&ار وك&ان م&دة إق&امتهم
5
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
يف األرض أل&ف ع&ام ،وق&ال ابن اجلوزي :ض&عف العلم&اء رواي&ات مقات&ل ،ف&إن اهلل تع&اىل
مل يبعث نبيا قبل آدم وإمنا قيل بأن يوسف كان ملكا هلم فعصوه.
كان من المالئكة
قال كثري من علماء التفسري :خلقت اجلن قبل آدم علي&ه الس&الم ،وذك&ر الس&دى
ىف تفس &&ريه« :ملا ف &&رغ اهلل من خل&&ق م &&ا أحب ،اس &&توى على الع &&رش ،فجع &&ل إبليس على
مل &&ك ال &&دنيا ،وك &&ان من قبيل &&ة من املالئك &&ة يق &&ال هلم اجلن ،وإمنا مسوا اجلن ألهنم ُخ زان
اجلن&ة ،وك&ان إبليس م&ع ملك&ه خازًنا ،فوق&ع ىف ص&دره إمنا أعط&اىن اهلل ه&ذا ملزي&ة ىل على
املالئكة».
وكث &&ري من احلكاي &&ات عن إبليس ىف اإلس &&الم مرده &&ا إىل ابن عب &&اس ،ال &&ذى ق &&ال
«إن اجلن ملا أفسدوا ىف األرض ،وس&فكوا ال&دماء ،بعث اهلل إليهم إبليس ومع&ه جن&د من
املالئكة ،فقتلوهم ،وأجلوهم عن األرض ،إىل جزائر البحور» ،وقال أيضا« :كان اسم
إبليس قب&&ل أن ي&&رتكب املعص&&ية عزازي&&ل ،وك&&ان من س&&كان األرض ،ومن أش&&د املالئك&&ة
اجته &&اًدا ،وأك &&ثرهم علًم ا ،وك &&ان من حى يق &&ال هلم اجلن» ،بينم &&ا روى ابن أىب ح &&امت،
عن س&&عيد بن جب&&ري ،أن إبليس «ك&&ان من أش&&رف املالئك&&ة من أوىل األجنح&&ة األربع&&ة»،
6
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وك &&ل ذل &&ك أك &&ده ابن ج &&ريج نقال عن ابن عب &&اس «ك &&ان إبليس من أش &&رف املالئك &&ة،
وأك &&رمهم قبيل &&ة ،وك &&ان خازًن ا على اجلن &&ان ،وك &&ان ل &&ه س &&لطان مساء ال &&دنيا ،وك &&ان ل &&ه
س&&لطان األرض» ،ومما قال&&ه ابن عب&&اس أيض&&ا أن «الش&&يطان ك&&ان يس&&وس م&&ا بني الس&&ماء
واألرض».
كان من الجن
بينم &&ا ذهب احلس &&ن البص &&رى ب &&رأى خمالف البن عب &&اس« :مل يكن من املالئك &&ة
طرف&&ة عني ،وإن&&ه ألص&&ل اجلن ،كم&&ا أن آدم أص&&ل البش&&ر» ،وق&&ال آخ&&رون« :ك&&ان إبليس
من اجلن ال&&ذين ط&&ردهتم املالئك&&ة ،فأس&&ره بعض&&هم ،وذهب ب&&ه إىل الس&&ماء» .بينم&&ا يق&&ول
الش &&يخ الش &&عراوى ىف كتاب &&ه «معج &&زة الق &&رآن» ىف اجلزء الث &&امن إجاب &&ة عن س &&ؤال :ه &&ل
ك &&ان إبليس يعيش م &&ع املالئك &&ة وقت أن أص &&در اهلل س &&بحانه وتع &&اىل األم &&ر بالس &&جود؟
بعض الن&&اس ق&&الوا إن اجلن واملالئك&&ة ك&&انت تعيش ذل&&ك ال&&وقت ىف مك&&ان واح&د ،ولكن
هذا القول يضع قيودا على ق&&درات اهلل س&&بحانه وتع&&اىل ،ذل&&ك أن اهلل س&&بحانه وتع&&اىل ال
حيده زم&&ان وال مك&&ان ،ول&&ذلك فإن&&ه ليس من موجب&&ات وص&&ول أم&&ر الس&&جود إىل إبليس
أن يعيش م&&ع املالئك&&ة ىف مك&&ان واح&&د وقت ص&&دور األم&&ر بالس&&جود ،ول&&و ك&&ان إبليس
يعيش ىف آخ &&ر ال &&دنيا ،واملالئك &&ة يعيش &&ون ىف الس &&موات العلي &&ا ف &&إن اهلل س &&بحانه وتع &&اىل
ق& &&ادر على أن يوص& &&ل أم& &&ر الس& &&جود إىل املالئك& &&ة ،وإبليس ىف نفس اللحظ& &&ة رغم بع& &&د
املسافة ،واهلل ال زمان عنده وال مكان ،ألن الزمان واملكان من خلق اهلل».
فق& & &&د ذك& & &&ر أه& & &&ل العلم أن أول م& & &&ا خل& & &&ق اهلل تع& & &&اىل املاء مث الع& & &&رش مث القلم مث
الس&&ماوات واألرض ،ودلي&&ل ذل&&ك م&&ا أخرج&ه أمحد والرتم&&ذي وص&ححه من ح&ديث أيب
رزين مرفوع& &ًا :إن املاء خل &&ق قب &&ل الع &&رش وروى الس &&ندي بأس &&انيد متع &&دده :إن اهلل مل
خيلق شيئًا مما خل&ق قب&ل املاء.خل&ق املالئك&ة فك&ان قب&ل خل&ق الس&ماوات واألرض واجلن.
7
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
فق &&د دلت على ذل &&ك بعض اآلث &&ار ،وأهنم خلق &&وا بع &&د خل &&ق الع &&رش ،ففي كت &&اب العل &&و
لل&ذهيب ق&ال:عن بعض املش&يخة ق&ال :أول م&ا خل&ق اهلل عرش&ه على املاء ،وخل&ق املالئك&ة
فقالوا :ربنا مل خلقتنا؟ قال :حلمل عرشي ،قالوا :ومن يق&وى على ذل&ك؟ ق&ال :فقول&وا:
ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم فيحملكم.
يتسائل البعض عن أول خملوق حي خلق&ه اهلل س&بحانه وتع&اىل وه&ل هم املالئك&ة
أم اجلن؟ وق &&د دلت األقاوي &&ل املأخوذة عن بعض املش &&يخة أن خل &&ق املالئك &&ة ك &&ان قب &&ل
خل &&ق الس &&ماوات واألرض وقب &&ل خل &&ق اجلن ولق &&د خلق &&وا بع &&د خل &&ق الع &&رش ،وذك &&ر يف
كت&&اب العل&&و لل&&ذهيب عن بعض املش&&يخة أن :أول م&&ا خل&&ق اهلل عرش&&ه على املاء ،وخل&&ق
املالئكة فقالوا :ربنا مل خلقتنا؟ قال :حلمل عرشي ،قالوا :ومن يق&وى على ذل&ك؟ ق&ال:
فقول& &&وا :ال ح& &&ول وال ق& &&وة إال باهلل العلي العظيم فيحملكم .وهن& &&اك احلديث الش& &&ريف
ال&&ذي آتى ب&&ذكر املالئك&&ة قب&&ل اجلن وه&&و ح&&ديث مثب&&وت يف ص&&حيح مس&&لم :عن عائش&&ة
ق&&الت :ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم(( :خلقت املالئك&&ة من ن&&ور ،وخل&&ق اجلان
من مارج من نار ،وخلق آدم مما وصف لكم ))
ل&&ذا فاملالئك&&ة الك&&رام هم أول خملوق&&ات حي&&ة خلقه&&ا اهلل س&&بحانه وتع&&اىل أم&&ا عن
الكائنات احلية اليت خلقها اهلل يف األرض فلقد ذكر رسولنا الكرمي صلى اهلل عليه وس&لم
أن الش&جر أول الكائن&ات احلي&ة ال&يت مت خلقه&ا على األرض وذل&ك ي&وم األث&نني وق&د ورد
هذا يف السنة يف ما رواه مسلم عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال :أخذ رسول اهلل صلى
اهلل علي&&ه وس&&لم بي&&دي فق&&ال :خل&&ق اهلل ع&&ز وج&&ل الرتب&&ة ي&&وم الس&&بت ،وخل&&ق فيه&&ا اجلب&&ال
ي&&وم األح&&د ،وخل&&ق الش&&جر ي&&وم االث&&نني ،وخل&&ق املك&&روه ي&&وم الثالث&&اء ،وخل&&ق الن&&ور ي&&وم
األربع&اء ،وبث فيه&ا ال&دواب ي&وم اخلميس ،وخل&ق آدم علي&ه الس&الم بع&د العص&ر من ي&وم
اجلمعة يف آخر اخللق يف آخر ساعة من ساعات اجلمعة يف ما بني العصر إىل الليل.
8
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
النبات و الحيوانات
فق&&د خل&&ق اهلل احليوان&&ات وك&&ذلك النبات&&ات من املاء ،ويش&&هد ل&&ذلك قول&&ه تع&&اىل:
{َو َجَعْلَن ا ِم َن اْلَم اِء ُك َّل َش ْي ٍء َح ي} [األنبي&&اء .]30:ق&&ال الش&&نقيطي يف أض&&واء البي&&ان:
الظاهر أن (جعل) هنا مبعىن خلق ألهنا متعدية ملفعول واحد .ويدل لذلك قوله تعاىل يف
سورة النورَ:و الَّلُه َخ َلَق ُك َّل َداَّبٍة ِم ْن َم اٍء [النور.]45:
وق& &&ال ال& &&دكتور وهب& &&ة ال& &&زحيلي يف كتاب& &&ه التفس& &&ري املن& &&ري يف العقي& &&دة والش& &&ريعة
واملنهجَ{ :و َجَعْلَن ا ِم َن اْلَم اِء ُك َّل َش ْي ٍء َح ّي } [األنبي &&اء .]30:أي وخلقن &&ا من املاء
كل حيوان ،أي في&ه حي&اة ،كقول&ه{َ:و الَّل ُه َخ َل َق ُك َّل َداَّبٍة ِم ْن َم اٍء } [الن&ور .]45:فك&ل
حي&&وان من النطف&&ة ال&&يت هي م&&اء ،وال ينبت النب&&ات إال باملاء ،وه&&ذا مواف&&ق ملا ي&&راه بعض
العلم &&اء :أن ك &&ل حي &&وان خل &&ق أوًال يف البح &&ر ،مث انتق &&ل بعض احلي &&وان إىل ال &&رب ،وتطب &&ع
بطباع الرب مع مرور الزمن.
ومما س& & &&بق يعلم أن احليوان& & &&ات والنبات& & &&ات إمنا خلقت& & &&ا من املاء.ال يوج& & &&د دلي& & &&ل
ص&حيح ص&ريح ىف األص&ل ال&ذى خلقت من&ه احليوان&ات والبه&ائم ،لكن ذهب البعض إىل
ٍة ِم ٍء ِم
أهنا خلقت من ماء اس&تدالًال بظ&اهر قول&ه تع&اىل { :والَّل ُه َخ َل َق ُك َّل َداَّب ْن َم ا َف ْنُه ْم
ِش ِم ِش ِنِه ِم ِش
َمْن ْمَي ى َعَلى َبْط َو ْنُه ْم َمْن ْمَي ى َعَلى ِر ْج َلِنْي َو ْنُه ْم َمْن ْمَي ى َعَلى َأْر َبٍع ْخَيُل ُق الَّل ُه
َم ا َيَش اُء ِإَّن الَّلَه َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء َقِديٌر }.
لكن ذهب بعض املفس & & & &&رين إىل أن املراد باملاء هن & & & &&ا املّين ،وق & & & &&ال بعض & & & &&هم إن
املقص &&ود أن املاء ج &&زء مما خلقت من &&ه .ق &&ال القرط &&ىب ىف تفس &&ريه" :والداب &&ة ك &&ل م &&ا دب
على وجه األرض من احليوان ،يقال :دب يدب فه&&و داب ،واهلاء للمبالغ&&ة ..مل ي&&دخل
ىف ه & &&ذا اجلن واملالئك & &&ة ،ألنن & &&ا مل نش & &&اهدهم ،ومل يثبت أهنم خلق & &&وا من م & &&اء ،ب & &&ل ىف
الصحيح .إن املالئكة خلقوا من نور واجلن خلقوا من نار" .وقال املفسرون" :من م&&اء"
9
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أى من نطف &&ة .وق &&ال البعض :أراد أن خلق &&ة ك &&ل حي &&وان فيه &&ا م &&اء ،كم &&ا خل &&ق آدم من
املاء والطني ،وعلى ه&&ذا يتخ&&رج ق&&ول الن&&ىب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم للش&&يخ ال&&ذى س&&أله ىف
غ&&زاة ب&&در :ممن أنتم&&ا؟ فق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم( :حنن من م&&اء) احلديث.
وق&&ال ق&&وم :ال يس&&تثىن اجلن واملالئك&&ة ،ب&&ل ك&&ل حي&&وان خل&&ق من املاء ،وخل&&ق الن&&ار من
املاء ،وخل&ق ال&&ريح من املاء ،إذ أول م&&ا خل&ق اهلل تع&&اىل من الع&&امل املاء ،مث خل&ق من&&ه ك&&ل
شىء.
قلت :وي &&دل على ص &&حة ه &&ذا قول &&ه َق ِديٌر {َفِم ْنُه ْم َمْن ْمَيِش ى َعَلى َبْطِن ِه} املش &&ى
على البطن للحي&&ات واحلوت ،وحنوه من ال&&دود وغ&&ريه .وعلى ال&&رجلني لإلنس&&ان والط&&ري
إذا مشى ،واألربع لسائر احليوان ".
وذهب آخ & &&رون إىل أهنا خلقت من ت & &&راب واس & &&تدلوا ل & &&ذلك مبا روى عن أىب
هري &&رة رض &&ى اهلل عن &&ه أن &&ه ق &&ال" :حيش &&ر اخلالئ &&ق كلهم ي &&وم القيام &&ة والبه &&ائم وال &&دواب
والط&&ري وك&&ل ش&&يء ،فيبل&&غ من ع&&دل اهلل أن يأخ&&ذ للجم&&اء من القرن&&اء ،مث يق&&ول ك&&وىن
تراًبا ،ف&ذلك حني يق&ول الك&افر ي&ا ليت&ىن كنت تراًبا" فال ش&ك أن اهلل ع&ز وج&ل مل خيل&ق
ه &&ذا الك &&ون عبث &ًا ،وإمنا خلق &&ه حلكم &&ة أراده &&ا س &&بحانه وتع &&اىل ،ويف ص &&حيح مس &&لم أن
احليوان والنبات وغريها خلقت قبل آدم عليه السالم.
وخل&&ق ه&&ذه األش&&ياء املذكورة وغريه&&ا قب&&ل خل&&ق اإلنس&&ان ال ش&&ك أن ل&&ه حكم&&ا
جليل&&ة ..علمه&&ا من علمه&&ا وجهله&&ا من جهله&&ا ،ولع&&ل من ه&&ذه احلكم أن اهلل ع&&ز وج&&ل
ملا خل&ق اإلنس&ان لعبادت&ه وح&ده ال ش&ريك ل&ه وكرم&ه على س&ائر خملوقات&ه وجع&ل الك&ون
كل&&ه يف خدمت&&ه ،كم&&ا ق&&ال اهلل تع&&اىلَ{ :و َلَق ْد َكَّر ْم َن ا َبيِن آَدَم َو َمَحْلَن اُه ْم يِف اْلَبِّر َو اْلَبْح ِر
َو َر َز ْقَن اُه م ِّم َن الَّطِّيَب اِت َو َفَّض ْلَناُه ْم َعَلى َك ِث ٍري َّمِّمْن َخ َلْق َن ا َتْف ِض يًال} [اإلس&راء ،]70:هي&أ
له األرض وقدر فيها أقواهتا وبث فيها الدواب ....ليكون ذلك كله يف خدمة اإلنس&&ان
10
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
املكرم حىت يؤدي الوظيفة اليت من أجله&ا خل&ق وهي عب&ادة اهلل تع&اىل ،وش&أن الك&رمي أن
يهيئ اإلكرام ملن يريد إكرامه قبل قدومه ،واهلل سبحانة وتعاىل ال&&ذي ك&&رم اإلنس&&ان ه&&و
أكرم األكرمني
املصادر احلديثية ،يف هذه العجالة ،ولكن جتدر اإلشارة إىل أمور :
األول :أن اهلل تع&&اىل يق&&ول ِ { * :إَذا َقَض ى َأْم رًا َفِإَمَّنا َيُق وُل َل ُه ُك ن فَف َيُك وُن }
*.
ويقول تعاىل ِ { * :إَمَّنا َأْم ُر ُه ِإَذا َأَر اَد َش ْيئًا َأْن َيُقوَل َلُه ُك ْن َفَيُك وُن } *.
وقال عز وجل َ { * :و َجَعْلَنا ِم َن اْلَم اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي َأَفال ُيْؤ ِم ُنوَن } *.
الث &&اين :أن ابن ط &&اووس « رمحه اهلل » ق &&د نق &&ل نص &ًا مط &&وًال عن نس &&خة عتيق &&ة
ك&انت عن&ده من ص&حف إدريس ج&اء في&ه « :مث ك&ان ص&باح ي&وم األربع&اء ،فخل&ق اهلل
من املاء أصناف البهائم والطري ،وجعل هلا أرزاقًا يف األرض ».
يض&اف إىل ذل&ك :م&ا زعم&ه وهب بن منب&ه -ال&ذي ي&روي اإلس&رائيليات كث&ريًا
-من أن عزي&رًا ذك&&ر يف ح&&ديث طوي&&ل ،أن اهلل تع&&اىل يق&&ول « :مث خلقت من ال&&رتاب
واملاء دواب األرض ،وماش& & &&يتها وس& & &&باعها ،فمنهم من ميش& & &&ي على بطن& & &&ه ،ومنهم من
ميشي على رجلني ،ومنهم من ميشي على أربع ،ومنهم العظيم والصغري ».
الث &&الث :ص &&رح ع &&دد من الرواي &&ات ب &&أن اهلل تع &&اىل ق &&د خل &&ق الش &&جر والنب &&ات
بواس& & &&طة إج& & &&راء املاء على األرض ،واختالط& & &&ه ب& & &&الرتاب . .والرواي& & &&ات موج & &&ودة يف
الكتاب الشريف « حبار األنوار » للعالمة اجمللسي وغريه ،فيمكن الرجوع إلي&&ه .ومن
ذلك :ما روي من أن نافعًا سأل أب&ا جعف&ر « علي&ه الس&الم » عن ق&ول اهلل ع&ز وج&ل :
11
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ق &&ال :إن اهلل تب &&ارك وتع &&اىل أهب &&ط آدم إىل األرض وك &&انت الس &&ماوات رتق& &ًا ال
متط&&ر ش&&يئًا ،وك&&انت األرض رتق&ًا ال تنبت ش&&يئًا ،فلم&&ا ت&&اب اهلل ع&&ز وج&&ل على آدم «
علي &&ه الس &&الم » أم &&ر الس &&ماء فتقط &&رت بالغم &&ام ،مث أمره &&ا ف &&أرخت عزااله &&ا ،مث أم &&ر
األرض ف &&أنبتت األش &&جار ،وأمثرت الثم &&ار ،و تفهقت باألهنار ،فك &&ان ذل &&ك رتقه &&ا ،
وهذا فتقها .فقال نافع :صدقت يا بن رسول.
الراب &&ع :ورد عن الن &&يب « ص &&لى اهلل علي &&ه وآل &&ه » :يف ق &&ول اهلل ع &&ز وج &&ل * :
{ َو َجَعْلَنا ِم َن اْلَم اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي } * قال :كل شيء خلق من املاء
ذكر الق&&رآن الك&&رمي العدي&&د من الفواك&&ه بالتفص&&يل وبعض&&ها بامسهُ .ذك&رت ه&&ذه
الفواك&&ه يف الق&&رآن الك&&رمي ألس&&باب عدي&&دة ،من&&ه لت&&ذكري الن&&اس بنعم اهلل عليهم ،إلب&&راز
اخلص &&ائص الغذائي &&ة والطبي &&ة هلذه الفواك &&ه ،حيث متيزت ببعض اخلص &&ائص ال &&يت جعلته &&ا
12
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
تستحق الذكر يف القرآن الكرمي 1.و قد ذكر اهلل تعاىل يف القرآن بعض الفواكه؛ مثل :
ال &&تني ،ال &&رطب ،النح &&ل ،و غ &&ري ذل &&ك .كم &&ا أن وع &&د عب &&اده املتقني بفواك &&ه اجلن &&ة ال &&يت
تشبه مبظهرها فاكهة األرض و لكن ال شك أن طعمها سيكون خمتلفا .كم&ا ق&&ال تع&&اىل
َّن اٍت ِت ِم ِذ
يف س &&ورة البق &&رة اآلي &&ة َ﴿ : 25و َبِّش ِر اَّل يَن آَم ُن وا َو َع ُل وا الَّص اَحِلا َأَّن ُهَلْم َج
َّلِذ ِز ِم َّل ِز ِم ِم ٍة ِر ِر ِم ِت
ْجَت ي ْن ْحَت َه ا اَأْلْنَه اُر ۖ ُك َم ا ُر ُقوا ْنَه ا ْن َمَثَر ْز ًقاۙ َقاُلوا َٰه َذ ا ا ي ُر ْقَن ا ْن َقْب ُل
ۖ َو ُأُتوا ِبِه ُمَتَش اًهِباۖ َو ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌةۖ َو ُه ْم ِفيَه ا َخ اِلُد وَن ﴾
.1التين َ ﴿ :و الِّتِني َو الَّز ْيُتوِن (َ )1و ُطوِر ِس يِنَني (َ )2و َه َذ ا اْلَبَل ِد اَأْلِم ِني (َ )3لَقْد
ِإ َّل ِذ ِفِل ِوٍمي يِف
َخ َلْق َن ا اِإْل ْنَس اَن َأْح َس ِن َتْق (َّ )4مُث َر َدْد َن اُه َأْس َف َل َس ا َني ( )5اَّل ا يَن
آَم ُن وا َو َعِم ُل وا الَّص اَحِلاِت َفَلُه ْم َأْج ٌر َغْيُر ْمَمُن وٍن (َ )6فَم ا ُيَك ِّذ ُبَك َبْع ُد ِبال&&ِّديِن (
َ )7أَلْيَس الَّلُه ِبَأْح َك ِم اَحْلاِكِم َني (﴾ )8
ٍء اَّل ِذي َأن & َل ِم الَّس اِء ا َفَأ َن ا ِب ِه
ْي َش ِّل ُك َت ا َب
َن َز َن َم َم ًء ْخ َر ْج .2الرم ان َ ﴿ :و ُه َو
َفَأْخ َر ْج َن ا ِم ْن ُه َخ ِض ًر ا ْخُّنِر ُج ِم ْن ُه َح ًّب ا ُّم َتَر اِكًب ا َو ِم َن الَّنْخ ِل ِم ن َطْلِعَه ا ِقْنَو اٌن َداِنَي ٌة
َو َج َّناٍت ِّم ْن َأْعَناٍب َو الَّز ْيُتوَن َو الُّر َّم اَن ُمْش َتِبًه ا َو َغْيَر ُمَتَش اِبٍهۗ انُظُر وا ِإٰىَل َمَثِرِه ِإَذا
َأَمْثَر َو َيْنِعِهۚ ِإَّن يِف َٰذ ِلُك ْم آَل َياٍت ِّلَق ْو ٍم ُيْؤ ِم ُنوَن ﴾ [سورة األنعام ]99 :
.3العنب َ ﴿ :فَأْنَبْتَنا ِفيَه ا َح ًّبا (َ )27و ِعَنًبا َو َقْض ًبا ( [ ﴾ )28عبس]28-27:
"الفواك & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ه نعم & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ة وآي & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ة عظمى من آي & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ات اهلل" ،االحتاد،2013 ، 1
«/https://www.aletihad.ae/article/68238/2013الفواكه»-نعمة-وآية-عظمى-من-آيات-اهلل.
جمد مص& & & & & & & & & & & &&طفى أب & & & & & & & & & & & &&و طاع & & & & & & & & & & & &&ه" ،الفواك & & & & & & & & & & & &&ه ال & & & & & & & & & & & &&يت ذك & & & & & & & & & & & &&رت يف الق& & & & & & & & & & & &&رآن" ،موض & & & & & & & & & & & &&وع،2021 ، 2
/https://mawdoo3.comالفواكه_اليت_ذكرت_يف_القرآن.
3حمم & & & & & & & & &&د س & & & & & & & & &&امي حمم & & & & & & & & &&د علي" ،أمساء الفواك & & & & & & & & &&ه واخلض & & & & & & & & &&راوات املذكورة يف الق & & & & & & & & &&رآن" ،موض & & & & & & & & &&وع،2022 ،
/https://mawdoo3.comأمساء_الفواكه_واخلضراوات_املذكورة_يف_القرآن.
13
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
.4ال رطب َ ﴿ :و ُه ِّز ي ِإَلْي ِك ِجِب ْذِع الَّنْخ َل ِة ُتَس اِقْط َعَلْي ِك ُر َطًب ا َج ِنًّي ا﴾ [ م&&رمي:
]25
.5الطلح /الموز َ ﴿ :و َطْلٍح َّم نُضوٍد ﴾ [ الواقعة]29 :
وَش اٍت اَّل ِذي َأنَش َأ َّناٍت َّم وَش اٍت
َل ْخَّنل ا َو ُر ْع َم ْي
َر َغو
َ ْع ُر َج .6النخل َ ۞ ﴿ :و ُه َو
َو ال&َّز ْر َع ْخُمَتِلًف ا ُأُك ُل ُه َو الَّز ْيُت وَن َو الُّر َّم اَن ُمَتَش اًهِبا َو َغْيَر ُمَتَش اِبٍهۚ ُك ُل وا ِم ن َمَثِرِه ِإَذا
َأَمْثَر َو آُت وا َح َّق ُه َيْو َم َحَص اِدِهۖ َو اَل ُتْس ِر ُفواۚ ِإَّن ُه اَل ِحُي ُّب اْلُمْس ِر ِفَني ﴾ [ األنع &&ام:
]141
14
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
قْد َعَر ْفَنا أَّن صفاِت اِهلل َتَعاىَل َتْنَق ِس ُم إىل ِقْسَم ِنْي ،ص&&فاُت ذاٍت وص&&فاُت ِفْع ٍل .
وأَّن الِّص فاِت الَّذ اتَّي َة هَي اَّل يت َتْل َزُم ال& &َّذ اَت ،وتك &&وُن ُمَالِز َم ًة للموص &&وِف هبا َداِئًم ا ال
َتْنَف ُّك وال َتْنَف ِص ُل يف َو ْقٍت من األوق&&اِت ،فهَي ج&&زٌء مْن ذاِت الَّش يِء اَّل يت هَي َم اِه َّيُت ُه،
وما َيَتَك َّوُن منُه .فمثًال ؛ إذا ُقْلَنا :إَّن هذا اإلنساَن املاثَل َأَم اَم َن ا ُيوَص ُف بص&فاٍت ذاتَّي ٍة،
وبص&فاٍت ِفْع ِلَّي ٍة؛ َفَس ْمُعُهَ ،و َبَص ُر ُه ،وِلَس اُنُهَ ،و َيُد ُه ،وِر ْج ُلُهَ ،و َبْطُنُهَ ،و َظْه ُر ُه أج&زاٌء من&ُه،
وكذا َأْجَز اُؤ ُه الباطنُة ،كقلِبِه ،وِر ئَتْيِه ،وَك ِبِدِهَ ،و َأْمَعاِئِه ه أجزاٌء منُهَ .فَنْح ُن نقوُل :إَّن
َي
الِّص فاِت ا َالِز َم َة للموص&&وِف هَي ص&&فاٌت ذاتَّي ٌةَ .فاُهلل س&&بحاَنُه َو َتَع اىَل ل &ُه ا َث ُل اَألْع َلى،
َمل ُمل
ِك ٍة ٍت ِص ِه
وقْد َأْخ َبَر عْن نف بأَّنُه ُمَّت ٌف بصفا مالزم لُه ال ْمُي ُن أْن َتْنَف َّك عنُه.ِس
فِم ْن ذل& &َك هاَت اِن اآلَيَت اِن ؛ َفِص َفُة الوج& &ِه ِص َفٌة ذاتَّي ٌة ،ال ْمُيِكُن أْن َيُك وَن ِبَال
ٍه يف ْقٍت من األوقاِت ،وقْد َذَك ا اىَل صفَة الوجِه يف عَّد ِة آياٍت ،منها ه&&ذِه
َر ُهلل َتَع َو ْج َو
اآلَي ُة َ{ :و َيْبَق ى َو ْج ُه َر ِّب َك ُذو اَجْلَالِل واِإل ْك َر اِم } [ال &َّر َمْحن . ]٢٧:ومنه&&ا قوُل ُه َتَع اىَل :
} [الَق ص .]٨٨:وَت ِر يف مواض & & كث& &&ريٍة ،كقوِلِه ٍء ِل
َع ُد َص {ُك ُّل َش ْي َه ا ٌك ِإَّال َو ْجَه ُه
ِع ِلِه ِه ِه ِت
َتَع اىَل { :إَّال اْب َغ اَء َو ْج َر ِّب اَألْع َلى} [الَّلي &&ل .]٢٠:وكقو َتَع اىَل { :إَمَّنا ُنْط ُم ُك ْم
ِلِه ِم ِل ِه ِهلل
َو ْج ا َال ُنرِيُد نُك ْم َج َز اًء َو َال ُش ُك وًر ا} [اإلنس &&ان .]٩:وكقو َتَع اىَل َ{ :و اْص ْرِب
َنْف َس َك َمَع اَّلِذيَن َيْد ُعوَن َر َّبُه م ِباْلَغَد اِة َو اْلَعِش ِّي ُيِر يُد وَن َو ْجَهُه} [الكهف.]٢٨:
وهذِه اآلياُت ُك ُّلها داَّلٌة على صفِة الوجِه ،فإذا َأْثَبَتُه أه&ُل الُّس َّنِة ف&إهَّن م َيُقوُلوَن :
ِهلل ِم ِب
ُنْث ُت ُه كم &&ا َو َر َد ،ولكْن َال ُخَنوُض يف أك &&ثَر مْن ذل &َك ،وال َنُق وُل :إَّن َو ْج َه ا َيْش َت ُل
على كذا وكذا ؛ َح ْيُث إَّن ذلَك ْحَيَتاُج إىل َدِليٍل ،وهذا هَو القوُل الَّص حيُح .
ِلِه ِة ِه ِث
وأَّم ا األحاديُث ،فقْد َو َر َد َأْيًض ا فيها َك ًريا ِإْثَباُت ص&ف الوج& ،كقو َص َّلى اُهلل
َأْن ْنُظ وا ِإىَل ِهِّب ِإَّال ِر ا اْلِكِرْب اِء َلى ِه ِه ِم ِه َّل
َد ُء َي َع َو ْج َر ْم َعَلْي َو َس َم َ (( :و َم ا َبَنْي اْلَق ْو َو َبَنْي َي ُر
يِف َج َّن ِة َع ْد ٍن )) ،ويف احلديِث املش& & & &&هوِر يف ال& & & &&ُّدعاِء َ (( :أْس َأُلَك َل َّذ َة الَّنَظ ِر ِإىَل
15
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وأَّم ا َمْن َأْنَك َر ص&&فَة الوج &ِه -وهْم مجي &ُع ا ْبَتِدَع ِة ؛ كاملعتزل &ِة وَم ن اْنَض َّم إليهم
ُمل
كالَّر افض &ِة على عقي &&دِة االع &&تزاِل ،وك &&ذلَك اخلوارُج ؛ و ْنُه م ا َبا َّيُة َ ،يْنُف وَن ص &&فَة
ِض ِإل ِم
الوجِه ِهلل َتَعاىَل َو ُيَفِّس ُر وَنُه بالَّذ اِت -إذا َج اَءْتُه م اآلياُت اَّليت فيه&&ا إثب&&اُت الوج&ِه َق اُلوا :
املراُد :الَّذ اُت ،قاَل َتَعاىَل َ{ :و َيْبَق ى َو ْجُه َر ِّبَك ُذو اَجْلَالِل َو اِإل ْك َر اِم } [ال&َّر محن، ]٢٧:
أْي َ :ذاُتُهُ{ .ك ُّل َش ْي ٍء َه اِلٌك إَّال َو ْجَهُه} [القصص ، ]٨٨:أْي َ :ذاَتُه.
أَّن ه&ذا ،وإْن ك&اَن َص ِح يًح ا يف الُّلغ&ِة َأَّنُه ُيْطَل ُق اجلزُء على الك&ِّل َ ،لِكْن ال َش َّك
أهَّن ا َداَّل ٌة على إثب&&اِت ص&&فِة الوج &ِه ،وأَّن ُه ُج ْز ٌء من ال &َّذ اِت ؛ ف&&إَّن الَّنَّص على الوج &ِه َي ُد ُّل
ِث َّل ِه ِب ِت ِه
على ُثُبو ،وال& &َّذ اُت تا َع ٌة للوج& & َ .و ُيَر ُّد عليهم َأْيًض ا باألح &&ادي ا يت فيه &&ا الَّتص &&ريُح
ِإ ِر ِه ِه ِه ِلِه ِه
بالوج & & َ ،ك َق ْو َص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم َ(( :ألْح َر َقْت ُس ُبَح اُت َو ْج )) َّ (( ،ال َداُء
16
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
اْلِكِرْب َي اِء َعَلى َو ْج ِه ِه)) ؛ فإهَّن ا داَّل ٌة علي &ِه ص &&راحًة .وحنُن ُنْؤ ِم ُن بإثب &&اِت ه &&ذِه الِّص فِة وال
ُنَك ِّيُفَه ا ،ومعلوٌم أيًض ا أهَّن ا مْن صفاِت الكماِل .
ِب ِه ِل
َو َتَأَّو َهَلا بعُض اُملَت َأِّو َني وق &&اُلوا :املراُد بالوج & عن &َد الع &&ر اجلانُب ،أْو م &&ا ُيَعَّبُر
ِة ِه
عن&ُه ب&&البعِض ،أْو حنُو ذل&َك ،ويقول&&وَن مثًال :وج&ُه ه&&ذ املس&&أل ك&&ذا وك&&ذا ،أْو َو ْج ُه
هذا اجلواِب كذا وكذا َ ،فَيْح ِم ُلوَنُه على أَّنُه :ما ُيْف َه ُم منُه ،أْو ما ُيَفَّس ُر ب&ِه ،ولكْن ه&&ذا
َيْص ُعُب عليهم َتْأِو يُلُه يف األدَّلِة الكثريِة.
4
إثبات صفة الكالم هلل
عقيدة أهل السنة واجلماعة:
أن اهلل يتكلم بكالم حقيقي ،م&&ىت ش&&اء وكي&&ف ش&&اء ،مبا ش&&اء ،حبرف وص&&وت،
ال مياث &&ل أص &&وات .وعلى ه &&ذا ،فص &&فة الكالم ص &&فة ذات ،وهي أيًض ا ص &&فة فع &&ل ،فهي
باعتب&ار أص&له ص&فة ذات؛ ألن اهلل مل ي&زل وال ي&زال متكلًم ا ،وباعتب&ار آح&اده فهي ص&فة
فعل؛ ألنه يتكلم مبا شاء مىت شاء.
قول& &&ه تع& &&اىلَ ﴿ :و َك َّلَم الَّل ُه ُموَس ى َتْك ِليًم ا ﴾ [النس& &&اء ،]164 :وقول& &&ه تع& &&اىل:
﴿ َو َلَّم ا َج اَء ُموَس ى ِلِم يَق اِتَنا َو َك َّلَم ُه َر ُّبُه ﴾ [األعراف.]143 :
ويف احلديث عن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عن&&ه ق&&ال :ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل
عليه وسلم(( :يقول اهلل تعاىل :يا آدم ،فيقول :لبيك وسعديك ،فينادي بص&&وت:
إن اهلل يأمرك أن خُت ِرج من أمتك بعًثا إىل النار))[.]2
4الشيخ عادل يوسف العزازي" ،إثبات صفة الكالم هلل" ،األلوكة.2015 ،
17
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
واملقص&&ود بق&&وهلم( :من&&ه ب&&دا)؛ أي :إن&&ه املتكلم ب&&ه س&&بحانه وتع&&اىل ،وأم&&ا ق&&وهلم:
(إليه يعود) فيحتمل معنيني:
األول :أن &&ه يرف &&ع؛ كم &&ا ورد يف بعض اآلث &&ار أن &&ه ُيس &َر ى علي &&ه يف ليل &&ة ،فيص &&بح
الناس ليس بني أيديهم قرآن ،وال يف صدورهم ،وال يف مصاحفهم ،يرفعه اهلل.
الثاني :أن&ه يع&ود إىل اهلل وص&ًف ا؛ أي :إن&ه ال يوص&ف ب&ه أح&د س&وى اهلل ،فيك&ون
املتكلم ب &&القرآن ه &&و اهلل ،وه &&و املوص &&وف ب &&ه( .أورد ه &&ذين املعن &&يني الش &&يخ ابن ع &&ثيمني
رمحه اهلل ،مث قال :وال مانع من أن نقول :إن املعنيني كالمها صحيح).
قال الطحاوي -رمحه اهلل -وهو يبني عقيدة أهل السنة واجلماعة:
(وأن الق &&رآن كالم اهلل ،من &&ه ب &&دأ بال كيفي &&ة ق& &واًل ،وأنزل &&ه على رس &&وله وحًي ا،
وص &&دقه املؤمن &&ون على ذل &&ك حًّق ا ،وأيقن &&وا أن &&ه كالم اهلل تع &&اىل باحلقيق &&ة ،ليس مبخل &&وق
مث &&ل كالم الربي &&ة ،فمن مسعه ف &&زعم أن &&ه كالم البش &&ر ،فق &&د كف &&ر ،وق &&د ذم &&ه اهلل وعاب &&ه
وأوع &&ده بس &&قر؛ حيث ق &&ال تع &&اىلَ ﴿ :س ُأْص ِليِه َس َق َر ﴾ [املدثر ،]26 :فلم &&ا أوع &&د اهلل
بَس َق َر ملن ق&&الِ ﴿ :إْن َه َذ ا ِإاَّل َقْو ُل اْلَبَش ِر ﴾ [املدثر ]25 :علمن&&ا وأيقن&&ا أن&&ه ق&&ول خ&الق
البش&&ر ،ومن وص&&ف اهلل مبعىًن من مع&&اين البش&&ر فق&&د كف&&ر ،فمن أبص&&ر ه&&ذا اعت&&رب ،وعن
مثل قول الكفار انزجر ،وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر)[.]3
18
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
[ ]2رواه البخ& & & & &&اري ( ،)7483( ،)4741ومس& & & & &&لم ( ،)222وأمحد (/1
.)388
ق &&ال ابن القيم رمحه اهللَ( :و َر َد لف &&ظ الي &&د يف الق &&رآن ،والس &&نة ،وكالم الص &&حابة
والتابعني ،يف أكثر من مائة موضع وروًدا متنِّو ًعا ،متصرًفا فيه ،مقروًنا مبا ي&&دل على أهنا
ي&ٌد حقيقي&&ة ،من اإلمس&&اك ،والطي ،والقبض ،والبس&&ط ،واملص&&افحة ،واحلثي&&ات ،والنض&&ح
بالي&&د ،واخلل&&ق بالي&&دين ،واملباش&&رة هبم&&ا ،وكتب الت&&وراة بي&&ده ،وَغ رس جن&&ة ع&&دن بي&&ده،
وختم &&ري طين &&ة آدم بي &&ده ،ووق &&وف العب &&د بني يدي &&ه ،وك &&ون املقس &&طني عن ميين &&ه ،وقي &&ام
رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم القيامة عن ميينه ،وختيري آدم بني ما يف يديه
قال أب&و احلَس ن األش&َعري رمحه اهلل( :وأمجع&وا على أن&ه ع&َّز وج&َّل َيْس َمُع وَيَر ى،
وأن له تعاىل يدين مبسوطَتنْي )
قال اإلمام الش&&افعي رمحه اهلل( :هلل تب&&ارك وتع&&اىل أمساء وص&فات ج&اء هبا كتاب&&ه،
وأخ & &&رب هبا نبي & &&ه ص & &&لى اهلل علي & &&ه وس & &&لم أَّم ت & &&ه ،...وأن ل & &&ه ي & &&دين بقول & &&هَ﴿ :ب ْل َي َد اُه
َم ْبُس وَطَتاِن ﴾ ،وأن له مييًنا بقولهَ﴿ :و الَّس ماَو اُت َم ْطِو َّياٌت ِبَيِم يِنِه﴾
وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل( :إَّن هلل تعاىل يدين خمتص&&تني ب&&ه ،ذاتي&&تني
له ،كما يليق جبالله)
وصف إحدى يدي اهلل جل وعال بالشمال على قوَلنْي ألهل العلم:
19
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
القائلون بأَّن كلتا يدي اهلل ِمَيني ال مشال وال يسار فيهما ،ومنهم :اإلم&&ام ابن خزمية .1
يف (كت&اب التوحي&د) ،واإلم&ام أمحد ،وال&بيهقي ،واأللب&اين .واس&تدلوا حبديث عبداهلل
بن عم&&رو بن الع&&اص رض&&ي اهلل عنهم&&ا مرفوًع ا(( :إَّن املقس&&طني عن&&د اهلل على من&&ابر
من نور عن ِمَيني الرمحن عَّز وجَّل ،وكلتا يديه ِمَيني))...
القائلون بإثبات صفة الشمال أو اليسار ،ومنهم :اإلمام عثمان بن س&&عيد ال&&دارمي، .2
وأب &&و يعلى الف &&راء ،والش &&يخ حمم &&د بن عب &&دالوهاب ،وص &&ديق حس &&ن خ &&ان ،وحمم &&د
خلي&&ل اهلَّر اس .واس&&تدلوا حبديث عبداهلل بن عم&&ر رض&&ي اهلل عن&&ه مرفوًع ا(( :يط&&وي
اهلل عَّز وجَّل السماوات يوم القيام&ة ،مث يأخ&ذهن بي&ده اليم&ىن ،مث يق&ول :أن&ا املل&ك،
أين اجلبارون؟ أين املتكربون؟ مث يطوي األرضني بشماله مث يقول))...
وس&&ئل الش&&يخ ابن ب&&از رمحه اهلل عن اجلم&ع بني ق&&ول الن&&يب ص&لى اهلل علي&&ه وس&&لم:
"كلتا يديه ميني" ،وقوله صلى اهلل عليه وسلم" :مث يطوي األرضني بشماله".
فأج &&اب رمحه اهلل( :كله &&ا أح &&اديث ص &&حيحة عن &&د علم &&اء الس &&نة ،وح &&ديث ابن
عم& &&ر مرف& &&وع ص& &&حيح ،وليس موقوًف ا ،وليس بينه& &&ا اختالف حبم& &&د اهلل ،فاهلل س& &&بحانه
توص&&ف ي&&داه ب&&اليمني والش&&مال من حيث االس&&م؛ كم&&ا يف ح&&ديث ابن عم&&ر ،وكلتامها
ميني مباركة من حيث الشرف والفضل؛ كما يف األحاديث الصحيحة األخرى
ابن حجر رمحه اهلل( :لو كانت اليد مبعىن القدرة ،مل يكن بني آدم وإبليس فرٌق
لتش&&اركهما فيم&&ا خل&&ق ك&&ل منهم&&ا ب&&ه وهي قدرت&&ه ،ولق&&ال إبليس :وأي فض&&يلة ل&&ه علي
ِم ِم
وأن&&ا خلقت&&ين بق&&درتك كم&&ا خلقت&&ه بق&&درتك ،فلم&&ا ق&&الَ﴿ :خ َلْق َتيِن ْن َن اٍر َو َخ َلْق َت ُه ْن
ِط ٍني ﴾ [األع &&راف ،]12 :دَّل على اختص &&اص آدم ب &&أن اهلل خلق &&ه بيدي &&ه ،وال ج &&ائز أن
يراد باليدين النعمتان؛ الستحالة خلق املخلوق مبخلوق؛ ألن النعم خملوقة
20
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
املخ&&الفون أله&&ل الس&&نة واجلماع&&ة من املعِّطل&&ة -كاجلهمي&&ة واملعتزل&&ة ُ -يَؤ ِّو ُل ون
ص&&فة الي&&دين ،ويقول&&ون :املراد هبا الق&&درة ،أو النعم&&ة ،أو الق&&درة والنعم&&ة ،وتق&&َّدم أن من
َأَّو ل ص&&فة من الِّص َف ات فق&&د عَّطله&&ا عن معناه&&ا احلقيقي؛ ول&&ذا نق&&ول :هم معِّطل&&ة أيًض ا،
وه&&ذا أش&&هر ت&&أويالهتم :أن املراد بالي&&دين النعم&&ة والق&&درة ،وهن&&اك ت&&أويالٌت أخ&&رى هلم،
فيؤولوهنا بـ(الق& & &&وة ،واملل & & &&ك ،والس& & &&لطان ،وال& & &&رزق ،واخلزائن ،والربك & & &&ة ،والكرام& & &&ة،
والعناي&&ة) ،ولكن كم&&ا تق&&َّدم :أن أش&&هر ت&&أويالهتم الِّنعم&&ة والق&&درة ،فه&&ذا ق&&ول اجلهمي&&ة،
واملعتزلة ،ومتأخري األشاعرة ،ويسمون (األشاعرة احملض&&ة) ،خبالف متق&&دمي األش&&اعرة
فهم ُيْثِبُتون صفة اليدين وال ُيَؤ ِّو لوهنا.
وق & &&ال الش & &&يخ ابن ع & &&ثيمني رمحه اهلل( :اإلنك & &&ار نوع & &&ان :الن & &&وع األول :إنك & &&ار
تك& &&ذيب ،وه& &&ذا كف& &&ر بال ش& &&ك ،فل& &&و أن أح & &ًد ا أنك& &&ر اًمسا من أمساء اهلل ،أو ص& &&فة من
ص& &&فاته الثابت & &&ة يف الكت & &&اب والس & &&نة؛ مث & &&ل أن يق & &&ول :ليس هلل ي & &&د ،فه & &&و ك & &&افر بإمجاع
املسلمني؛ ألن تكذيب خرب اهلل ورسوله كفٌر خُم رٌج عن امللة.
الن وع الث اني :إنك &&ار تأوي &&ل ،وه &&و أال جيح &&دها ،ولكن يؤِّو هلا وه &&ذا نوع &&ان:
األول :أن يكون هلذا التأويل مسوغ يف اللغة العربية ،فهذا ال يوجب الكفر ،الثاين :أال
يكون له مسوغ يف اللغة العربية ،فهذا موجب للكف&&ر؛ ألن&&ه إذا مل يكن ل&&ه مس&&وغ ص&ار
تكذيًبا ،مثل أن يقول :ليس هلل يد حقيقًة ،وال مبعىن النعمة ،أو القوة ،فه&ذا ك&افٌر ؛ ألن&ه
نفاها نفًيا مطلًق ا ،فهو مكذب حقيقًة ،ولو قال يف قوله تعاىلَ﴿ :بْل َيَد اُه َم ْبُس وَطَتاِن ﴾:
املراد بيدي &&ه الس &&ماوات واألرض ،فه &&و ك &&افٌر ؛ ألن &&ه ال يص &&ح يف اللغ &&ة العربي &&ة ،وال ه &&و
مقتضى احلقيقة الشرعية ،فهو منكر مكذب ،لكن إن قال :املراد باليد النعم&&ة أو الق&&وة،
فال يكفر؛ ألن اليد يف اللغة تطلق مبعىن النعمة
21
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
22
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
مفهوم العذاب
العذاب واألم اجلسدي أو نفسي شديد والعذاب هن&&ا مبع&&ىن العق&&اب وكرم&&ا ش&&ق
على النفس وكذلك ذك&&ر الع&&ذاب يف الق&&ران مبع&&ىن العقوب&&ه او اس&&م ملا اس&&تمر أمله .جع&&ل
اهلل جل وعال يف نار جهنم أنواعا و أصنافا من العذاب الذي أعده ألهلها.
وكذلك ورد يف احلديث حنشرهم يوم القيام&&ه ق&&ال االم&&ام أمحد ح&دثنا بن عم&ري ح&دثنا
إمساعيل عن رفي&&ع ق&&ال مسعت أنس بن مال&&ك يق&&ول ي&&ا رس&&ول اهلل كي&&ف حيش&&ر الن&&اس
على وج& & & &&وههم؟ ق& & & &&ال :ال& & & &&ذي امش& & & &&اهم على ارجلهم ف& & & &&ادر على ان ميش& & & &&يهم على
وجوههم واخرجه صميمني)) (وهذا العذاب ملن يشرك باهلل)
ق& &&ال اهلل يف كالم& &&ه ﴿َٰٓيَأُّيَه ا ٱَّل ِذيَن َءاَم ُن وْا اَل َتۡأ ُك ُلٓو ْا َأۡم َٰو َلُك م َبۡي َنُك م ِبٱۡل َٰب ِط ِل ِإٓاَّل َأن
َتُك وَن َٰجِت َر ًة َعن َتَر اض ِّم نُك ۚۡم َو اَل َتۡق ُتُلٓو ْا َأنُف َس ُك ۚۡم ِإَّن ٱلَّل َه َك اَن ِبُك ۡم َر ِح يم&ا (َ )٢٩و َم ن
َيۡف َعۡل َٰذ ِلَك ُعۡد َٰو نا َو ُظۡل ما َفَس ۡو َف ُنۡص ِليِه َنارۚا َو َك اَن َٰذ ِلَك َعَلى ٱلَّلِه َيِس ًريا ( [ ﴾)30
النساء]30-29:
بني النيب ﷺ من قتل نفسه االحنار فق&ال (( :من ت&رد من جب&ل فقت&ل نفس&ه فه&و
يف نار جهنم ,يرتد فيه خالدا خملدا فيها أبدا و من حتس مسا فقت&ل نفس&ه فس&مه يف ي&ده
23
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
يتمساه يف نار جهنم خالدا خملدا فيه&ا أب&دا و من قت&ل نفس&ه حبدي&دة فحديدت&ه يف ي&ده,
جيأ يها يف بطنه يف نار جهنم خالدا خملدا فيها أبدا ( رواه البخاري ).
وذل&&ك حلديث ال&&وارد عن أس&&امه بن زي&&د رض&&ي اهلل عن&&ه :إذ ق&&ال(( :مسعت رس&&ول اهلل
صلى اهلل عليه وسلم يقول :يؤتى برجل يوم القيامه فيلقى يف الن&&ار فتن&&دلق أقط&&اب بطن&&ه
فيدور هبا كم&ا ي&دور احلم&ار ب&الّر حى فيجتم&ع الي&ه أه&ل الن&ار فيقول&ون :ي&ا فالن مال&ك؟
أمل تكن ت&أمر ب&املعروف وتنهى عن املنك&ر فيق&ول :بال ق&د كنت آم&ر ب&املعروف وال آتي&ه
وأهنى عن املنكر وآتيه.
قال تعاىل ((:فالذين كفروا قطعت هلم ثياب من ن&&ار يص&&ب من ف&&وق رؤوس&&هم احلميم
يصهر به ما يف بطوهنم واجللود )) { احلج }٢٠-١٩
فصلت هلم مقطعه من نار .قال سعيد بن جبري :من حناس وهو أش&&د األش&&ياء ح&&رارة إذا
محي .إذا ص &&ب على رؤوس &&هم احلميم وه &&و املاء احلر يف غاي &&ة احلرارة .وق &&ال س &&عيد بن
جبري :هو النحاس املذاب .أذاب ما يف بطوهنم من الشحم واألمعاء .وعن أيب هريرة عن
النيب صلى اهلل عليه وسلم قال (( :إن احلميم ليصب على رؤوسهم فينف&&ذ اجلمجم&&ة ح&&ىت
خيلص اىل جوفه فيسلت ما يف جوفه حىت يبلغ قدميه وهي الص&&هر مث يع&&اد كم&ا ك&&ان )).
رواه الرتمذي
.5عذاب لمن أكل الربا (يسبح في نهر من دم في البرزخ حتى تقوم الساعة).
24
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ق &&ال ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم :رأيت الليل &&ة رجلني أتي &&اين فأخرج &&اين إىل أرض مقدس &&ة
فانطلقن &&ا ح &&ىت أتين &&ا على هنر من دم في &&ه رج &&ل ق &&ائم وعلى وس &&ط النه &&ر رج &&ل بني يدي &&ه
حج&&ارة .فأقب&&ل الرج&&ل ال&&ذي يف النه&&ر ف&&إذا أراد الرج&&ل أن خيرج رمى الرج&&ل حبج&&ر يف
فيه .فرده حيث كان فجع&ل ك&ل م&ا ج&اء ليخ&رج رمى يف في&ه حبج&ر ف&ريجع كم&ا ك&ان:
فقلت ما هذا ؟ فقال :الذي رأيته يف النهر آكل الربا( .رواه البخاري)
25
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وق &&د أخربن &&ا الرس &&ول -ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم -أن أله &&ل اجلن &&ة أمش &&اطًا من
ال&&ذهب والفض&&ة ،وأهنم يتبخ&&رون بع&&ود الطيب ،م&&ع أن روائح املس&&ك تف&&وح من أب&&داهنم
الزاكي&&ة ،ففي ص&&حيح البخ&&اري عن أيب هري&&رة عن الرس&&ول -ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم -
يف ص&&فة ال&&ذين ي&&دخلون اجلن&&ة " :آنيتهم ال&&ذهب والفض&&ة ،وأمش&&اطهم ال&&ذهب ،ووق&&ود
5عمر بن سليمان بن عبد اهلل األشقر العتييب ،اجلنة والنار (األردن :دار النفائس للنشر والتوزيع .)1997 ،ص.236 .
6الديباج النفيس الناعم الرقيق والشفاف له بريٌق أّخ اذ
7ديباٌج من احلرير الثخني
26
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
جمامرهم األلّو ة قال أبو اليمان :عود الطيب ورشحهم املسك ".ومن حليهم التيج &&ان،8
ففي س&&نن الرتم&&ذي ابن ماج&&ة عن املق&&دام بن مع&&دي ك&&رب عن رس&&ول اهلل -ص&&لى اهلل
علي&&ه وس&&لم -يف ذك&&ر اخلص&&ال ال&&يت ُيعطاه&&ا الش&&هيد :ويوض&&ع على رأس&&ه ت&&اج الوق&&ار،
الياقوتة منه خري من الدنيا وما فيها " .وثياب أهل اجلنة وحليهم ال تبلى وال تفىن ،ففي
صحيح مسلم عن أيب هريرة عن النيب -صلى اهلل عليه وسلم -قال" :من يدخل اجلنة
9
ينعم ال يبأس ،ال تبلى ثيابه ،وال يفىن شبابه ".
10
بيوت الجّنة وفراِش ها
خيربن&&ا الق&&رآن أن املؤم&&نني األتقي&&اء هلم اجلّن ة خال&&دين فيه&&ا ،مث ي&&بنّي لن&&ا أن اجلّن ة
ليس&&ت جمرد روض&ة أو بس&&تان ب&&املفهوم املتع&&ارف علي&&ه ،ب&&ل يوج&د فيه&&ا قص&&ور ومس&&اكن
وبيوت وخي&ام س&يعيش داخله&ا املؤمن&ون أثن&اء حي&اهتم اخلال&دة يف اجلّن ة ،ووص&ف الق&رآن
من &&ازل املؤم &&نني يف اجلّن ة يف س &&ورة التوب &&ة ﴿ 72 :د اهلل املؤم &&ن واملؤمن &&اِت جّن اٍت
َني َو َع
جتري من حتته &&ا األهناُر خال &&دين فيه &&ا ومس &&اِكَن طِّيب &&ة يف جّن اٍت ع &&دٍن ورض &&وان من اهلل
أك & &ُرب ذل& &&ك ه& &&و الف& &&وُز العظيم﴾ فهي مس& &&اكن طّيب& &&ة ،أي حس& &&نة البن& &&اء طّيب& &&ة الق& &&رار.
ووص &&ف الُق رط &&يب ه &&ذه املس &&اكن بقول &&ه" :إهَّن ا قص &&ور من الزبرج &&د 11وال &&ُّدر والي &&اقوت
يف &&وح طيبه &&ا من مس &&رية مخس &&مائة ع &&ام" .وهك &&ذا س &&ينال املس &&لم الّتقي يف اجلّن ة قص& &رًا
مص&نوعًا من األحج&ار الكرمية ،ب&دًال من اخلي&ام اخلش&نة يف الّص حراء ،أو بي&وت الّطني يف
مّك ة القدمية ،أو بي&&وت الب&&اطون املس &ّلح يف الق&&رن العش&&رين ،ب&&ل قص&&ور الزبرج&&د وال &ّد ر
والياقوت ،وهو وصف يأخذ بلباب الّس امعني.
8حلي أهل اجلنة إما من الذهب أو الفضة أو اجلواهر واألحجار الكرمية كاللؤلؤ والياقوت وحنوه
9حممد مجعة" ،لباس أهل اجلنة وحليهم ومباخرهم" ،مداد/https://midad.com/article/208734 ,2007 ،لباس-
أهل-اجلنة-وحليهم-ومباخرهم.
ِش
10احلق" ،وصف اجلّنة يف اإلس& &&الم -بي& &&وت اجلّن ة وفرا ها"https://www.elhaq.com/kashef/40- ،2009 ،
.paradise-in-islam/257-2009-09-03-13-26-14?start=8
11نوع من األحجار الكرمية ،و يتميز بلونه األخضر الشفاف
27
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وأطل &&ق الق &&رآن على مس &&اكن املؤم &&نني يف اجلّن ة اس &&م الغ &&رف ،ومفرده &&ا ُغرف &&ة،
وهي العلّي ة املش &&رفة .وج &&اء ذل &&ك يف س &&ورة العنكب &&وت﴿ 58 :واَّل ذين آمن &&وا وعمل &&وا
الّص احلات َلُنب & & & &َّو ئَّنُه ْم من اجلّن ِة ُغَر ف & & & &ًا﴾ ويف س& & & &&ورة س& & & &&بأ ﴿37:وهم يف الُغُر ف& & & &&ات
آمنون﴾ .ففي غرف اجلّنة ،أي قصورها املعدة للمؤم&&نني يت&&وفر األم&&ان ال&&دائم من املوت
والعذاب واألمراض واألحزان ،ألن هذه حال&&ة بي&&وت ال&&دنيا وخيامه&&ا وقص&&ورها .ولكن
القرآن يضيف إعالنًا آخرحول هذه الغرف يف قوله يف سورة الُّز م&َر ﴿ 20 :لكَّن اّل ذين
اتق &&وا رَّبُه م ُهَلم ُغ َر ٌف من فوقه &&ا غ &&رٌف َم ْبنّي ٌة﴾ ف &&الغرف على مس &&تويات خمتلف &&ة ،ألن
اجلّنة درجاٍت يعلو بعضها بعضًا كما أمد النيب حممد ومفّس ري القرآن من بعده.
إض&&افة إىل املس&&اكن والقص&&ور والغ&&رف ،ذك&&ر الق&&رآن وج&&ود خي&&ام يف اجلّن ة ،يف
سورة الرمحن﴿ 72 :حوٌر مقصوراٌت يف اخليام﴾ ،وهكذا فاحلور العني مس&&تورات يف
خيام اجلّنة ،وقد وصف النيب حممد خيام اجلّنة يف حديٍث معروف قال فيه" :إَّن للمؤمن
يف اجلّن ة خليم &ًة من ُلؤُل ؤٍة واح&&دٍة جمّو ف &ٍة .طوهلا ِس ّتون ميًال ،للم&&ؤمن فيه&&ا أه &ٌل يط&&وُف
عليهم املؤمن فال ي&&رى بعُض هم بعض&ًا" ويف رواي&&ة أخ&&رى" :إن يف اجلّن ة خيم&ٌة من لؤل&&ؤة
جمّو ف &&ة عرض &&ها س &&تون ميًال يف ك &&ل زاوي &&ة منه &&ا أه &ٌل م &&ا ي &&رون اآلخ &&رين يط &&وف عليهم
املؤمن" (روامها مس &&لم والبخ&&اري) فاخليم&&ة ليس &&ت من وب &&ر اإلب &&ل أو ص&&وف الغنم ،ب &&ل
من اللؤل &&ؤ الب &&اهر الَّثمني .ك &&ذلك وص &&ف الن &&يب غ &&رف اجلّن ة ،ومما قال &&ه" :إن أه &&ل اجلّن ة
لي&&رتاَءْو َن الغرف&&ة يف اجلّنَة كم&&ا ت&&راَءْو ن الك&&وكب يف الَّس ماء" (رواه مس&&لم) وق&&ال أيض &ًا
"إَّن يف اجلّنة لغرفًا ُيرى ظاهره&ا من باطنه&ا وباطنه&ا من ظاهره&ا" فق&ام أع&رايب فق&ال :ي&ا
رس& &&ول اهلل ملن هي؟ فق& &&ال" :ملن طّيب الكالم ،وأطعم الطع& &&ام ،وأدام الص& &&يام ،وص & &ّلى
بالليل والّناس نيام" .فغرف اجلّنة كالبّلور 12يف مجاهلا وش &&فافَّيتها .ك &&ذلك وص &&ف الن &&يب
12البلور هو جسم صلب يتكون من جزيئات أو ذرات مصطفة ب& &&رتتيب منتظم وبنم& &&وذج معني ،ويتم& &&يز برتتيب& &&ه ال& &&دقيق واملنتظم
للجزيئات أو الذرات اليت يتكون منها
28
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أحد قصور اجلّنة فقال" :إَّن يف اجلّنة قصرًا يقال له َعَد ٍن حول&&ه ال&&ربوج واملروجل&&ه مخس&&ة
آالف باٍب عند كل باٍب مخسة آالِف حربة ال يدخل&ه ـ أوال يس&كنه ـ إال ن&ٌّيب أو ص&ِّديق
أو ش&&هيد أو إم&&ام ع&&دل" .ب&&ل إن اجلّن ة كله&&ا بن&&اء ق&&ائم كم&&ا ق&&ال الن&&يب يف جواب&&ه لس&&ؤاٍل
طرح& &&ه علي& &&ه بعض ص& &&حابته حيث ق& &&ال" :لبن & &ُة ذهب ولبن & &ُة فّض ة ،ومالطه& &&ا املس& &&ك
وحص&&باؤها اللؤل&&ؤ والي&&اقوت ،وتراهبا الّز عف&&ران .من ي&&دخلها ينعم وال يي&&أس وخيل&&د وال
ميوت ،ال تبلى ثياب &&ه وال يف &&ىن ش &&بابه" .فاجلّن ة ج &&وهرة ،وقص &&ورها ج &&واهر ،وس &&كاهنا
شباب دائم.
ومل يتوق &&ف الق &&رآن أو الن &&يب عن &&د ذك &&ر مس &&اكن اجلّن ة ،ب &&ل وردت يف الق &&رآن
جمموع&&ة من اآلي&&ات تص&&ف ف&&راش ه&&ذه املس&&اكن ،ك&&ذلك حتدث الن&&يب حمم&&د عن أث&&اث
بيوت اجلنة ،كم&ا كتب حج&ة اإلس&الم الغ&زايل" :س&ئل رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم
عن قول &&ه﴿ :ومس &&اكن طّيب &ٍة يف َج َّن اِت َع ْد ٍن ﴾ ق &&ال" :قص &&وٌر من لؤل &&ؤ ،يف ك &ِّل قص &ٍر
س&&بعون دارًا من ي&&اقوٍت أمحر ،يف ك&&ل داٍر س&&بعون بيت &ًا من زم & د أخض&&ر ،يف ك &ِّل بيٍت
ّر
س&&رير ،على ك&&ل س&&رير س&&بعون فراش &ًا من ك&&ل ل&&ون ،على ك&&ل ف&&راٍش زوج&&ة من احلور
العني ،يف كل بيٍت سبعون مائدًة ،على كل مائدة سبعون لونًا من الطعام ،يف كل بيٍت
سبعون وصيِف ة ،ويعطي املؤمن يف كل غداة ـ يعين من القوة ـ ما ي&&أيت على ذل&&ك أمجع".
ل &&دينا يف ه &&ذا احلديث قص &&ورًا وبيوت &ًا ودورًا ،أم &&ا أثاثه &&ا فهي األس &&رة والف &&راش وموائ &&د
الطع &&ام .وعلى الف &&راش تس &&تلقي احلواري يف انتظ &&ار مض &&اجعة احلبيب ال &&ذي لدي &&ه ق &&وًة
رباني&&ة هائل&&ة ليأك&&ل وميارس اجلنس بال ح&&دود .وأك&&ثر م&&ا يلفت الَّنظ&&ر يف ه&&ذا احلديث
هو ذكر الوصيفات ،مما يعين أنه حىت يف جَّنة الَّنعيم يوج&د إم&&اٌء وج&واري خلدم&&ة املؤمن
من املسلمني.
29
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
يتك& &&ون أث& &&اث مس& &&اكن اجلن& &&ة بش& &&كل خ& &&اص من الُّس رر والف& &&راش واألك& &&واب
وص &&حاف ال &&ذهب ،وهي احلاج &&ات املطلوب &&ة ألهم أعم &&ال األتقي &&اء يف اجلّن ة :أي تن &&اول
الّطع&&ام والّش راب وممارس&&ة اجلنس "َدمَح ًا َدمَح ًا" أي بق&&وة وثب&&ات كم&&ا ق&&ال الّن يب حمم&&د.
نق &&رأ يف س &&ورة احلج &&ر﴿ 47 :إَّن املتقني على ُس ُر ٍر متق &&ابلني﴾ وظاهر مع &&ىن الّنص أَّن
مجي&&ع األتقي&&اء سيس&&تمتعون بالّتم &ّد د على ُس رر غ&&رف اجلّن ة ،ولكن ابن كث&&ري يف تفس&&ريه
َحَص َر ُه م يف عشرة أشخاص هم" :أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة ،والُّز بري وعبد
الرمحان بن ع&&وف ،وس&&عد بن أيب وّق اص وس&&عيد ابن زي&&د وعبداهلل بن مس&&عود" .ولكّن ه
ا فّس ر نفس العب&&ارة يف س&&ورة الّص افات﴿ 44 :على ُس ُر ر متق&&ابلني﴾ جعله&&ا تتح&ّد ث
ّمل
عن مجيع أتقي&اء اجلّن ة اّلذين ينظ&ر بعض&هم إىل بعض وليس إىل قف&ا بعض .ووص&ف ه&ذه
الُس رر أهّن ا "مص &&فوفٍة" (الّط ور )20:52أي وج &&وه املّتك &&ئني عليه &&ا بعض &&ها إىل بعض،
كم&&ا فّس رها ابن كث&&ري ،ال&&ذي أورد هن&&ا ح&&ديثًا للن&&يب حمم&&د ق&&ال "أن الَّر ُج ل ليتكئ املتك&&أ
مق&&دار أربعني س&&نة م&&ا يتج&&ول عن&&ه وال مُي َّل ُه ،يأتي&&ه م&&ا اش&&تهت نفس&&ه ول&&ذت عين&&ه" .ويف
رواي &&ة عن ث &&ابت ق &&ال" :بلغن &&ا أن الرج &&ل ليتكئ يف اجلّن ة س &&بعني س &&نة عن &&ده من أزواج &&ه
وخدِم ِه ،وم &&ا أعط &&اه اهلل من الكرام &&ة والَّنعيم ،ف &&أذا ح &&انت من &&ه نظ &&رًة ف &&إذا أزواج ل &&ه مل
يكن رآهَّن قبل ذلك ،فيقلن قد آن لك أن جتعل لن&&ا من&&ك نص&&يبًا" .وهك&&ذا يتنعم املؤمن
مس&&تلقيًا على الس&&رير أربعني أو س&&بعني س&&نة ،ل&&ه م&&ا يش&&تهي من الطع&&ام والنس&&اء واخلدم.
بل إن نساءه يتزايدن باس&تمرار دون معرفت&ه .فاهلل يري&د ل&ه نعيم ف&وق نعيم .ك&ذلك ف&إن
أس &َّر ِة اجلَّنة "موض&&ونة" (الواقع&&ة)15 :أي منس&&وجة ومض&&فورة بال&&ذهب والآللئ .وهي
س&رر "مرفوع&ة" (الغاش&ية )13 :أي عالي&ة ناعم&ة كث&رية الف&رش ومرتفع&ة الُّس مك( .نظ&ر
الواقع&&ة .)34 :ووص&&ف الف&&رش ال&&ذي على الس&&رر واألرائ&&ك ق&&ائًال ﴿متك&&ئني على ُفُر ٍش
بطائنه&&ا من إْس تَبْر ٍق ﴾ (ال&&رمحن )54 :أي ال&&ديباج املزين بال&ّذ هب .وعلى األس&&رة أيض&ًا
"رف& &&رف ُخ ض & &ٍر وعبق& &&رٍي حس& &&ان" (ال& &&رمحن )76 :وهن& &&ا أورد ابن كث& &&ري ع& &&دة مع& &&اين
30
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
للرف &&رف والعبق &&ري نظ &رًا لع &&دم اتف &&اق ال &&رواة واحملِّدثني على املع &&ىن ،ومما قال &&ه :الَّر ف &&رف:
احملابس املتديل أو الوسائد أو رياض اجلّنة .و العبقري :الزرايب أو الديباج أو ُبُس ط أه&&ل
اجلَّنة أو املراف&&ق أو ثي&&اب أه&&ل اجلَّنة أو الطن&&افس احململ&&ة إىل الَّر ق&&ة أو الث&&وب املَّو ش&&ى…
اخل.
إضافة إىل الُسُر ْر ،استخدم الق&&رآن كلم&ة "أرائ&&ك" حيث يتكئ األتقي&&اء يف اجلَّنة
(أنظ&&ر يس 56 :واإلنس&&ان 13 :واملطففني 23 :و )35وفس&&ر ابن كث&&ري كلم&&ة أرائ&&ك
بالُّس رر حتت احلج &&ال ،وأح &&دها أريك &&ة ،وه &&و الَّس رير يف احلجل &&ة أو الف &&رش فيه &&ا .ومن
ف &&رش اجلَّن ة أيض& &ًا ذك &&ر الق &&رآن يف س &&ورة الغاش &&ية﴿ 16- 14 :وأك &&واب موض &&وَعٌة.
ومناِر ُق مص & & &&فوَفٌة وزرايب مبثوَث ٌة﴾ .والنم & & &&ارق هي الوس & & &&ائد ،وال & & &&زرايب هي البس & & &&ط
املفروش&&ة .أم&&ا األك&&واب فهي أواين الش&&رب املص&&فوفة ملن أراده&&ا من أص&&حاهبا ليش&&رب
من أهنار اخلم& &&ر واللنب والعس& &&ل .وإىل ج& &&انب األك& &&واب توج& &&د "ص& &&حاٌف من ذهب"
(الزخ& & & &&رف )71 :و"أب& & & &&اريق" (الواقع& & & &&ة )18 :و"آني & & & &ٍة من ِفَّض ة" (اإلنس& & & &&ان)15 :
و"ق&&وارير" (اإلنس&&ان 15 :و .)16وكّله&&ا آني&&ة من ال&&ذهب والّف ض&&ة واحلج&&ارة الكرمية،
وق &&د تع &ّد دت الّر واي &&ات يف وص &&ف مجاهلا وذك &&ر ع &&ددها وأحجامه &&ا ،وهي خلدم &&ة أه &&ل
اجلّنة وإشباعهم.
13
فراش أهل الجنة
ذكر اهلل جل وعال يف القرآن الكرمي أوصاف فراش وسرر أهل اجلنة ما يش&&وق املت&&املني
واملتدبرين فيها ،منها:
.1ق &&ال اُهلل تع &&اىلِ :فيَه ا ُس ُر ٌر َّم ْر ُفوَع ٌة َو َأْك َو اٌب َّم ْو ُض وَعٌة َو َمَناِر ُق َم ْص ُفوَفٌة َو َز َر اُّيِب َم ْبُثوَث ة
[الغاشية16-13 :
" 13ا ْطَلُب الَّس اِد ُس ُ :فُر ُش أهِل اَجلَّنِة وَأِس َّر هُت م وأراِئُك هم" ،الدرر السنية ،د.ت.
َمل
31
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
رُفو ٌة ق&&ال اب َّب اس :ألوا ه&&ا ِم ن َذ ٍب َك َّلل &ٌة بالَّز بر ِد
َج َه ُم ُح ُن َع ق&&ال الَبَغ وّي :فيَه ا ُس ُر ٌر َم َع
والُّد ِّر والياُقوِت ُ ،مرَتِف عٌة م&ا مَل جَي يْء أهُله&ا ،ف&إذا أراَد أن جَي ِلَس عليه&ا َتواَض َعت َله َح ىَّت
جَي ِلَس عليه &&ا َّمُث َترَتِف ُع إىل َم واِض ِعهاَ .و َأْك َو اٌب َمْو ُض وَعٌة ِعن& &َد هم ،مَج ُع ُك وٍب ،وه &&و
اإلبري& & &ُق اَّل ذي ال ُع روَة َل ه .وَمَناِر ُق وس & &&اِئُد وَم راِف ُق َم ص& & &ُفوفٌة َبعُض ها َجبنب َبعٍض ،
واِح َد هِت ا مُن ُر قٌة بَض ِّم الُّنوِن .
َو َز َر اُّيِب َيعين الُبُس َط الَعريضَة ،قال ابُن َعَّباس :هي الَّطناِفُس اَّليت هَل ا مَح ٌل ،واِح َد هُت ا َز َر بيٌة
َم بُثوثٌة َم بُس وطٌة ،وقيَلُ :مَتَفِّر قٌة يف ا جاِلِس .
َمل
وقال ابُن القِّيِم َ :تأَّم ل كي&َف وَص َف اُهلل ُس بحاَنه وتع&&اىل الُف ُر َش بأهَّن ا َم رُفوع&ٌة ،وال&َّز راَّيب
بأهَّن ا َم بُثوثٌة ،والَّنماِر َق بأهَّن ا َم صُفوفٌة؟!
هِت ِل
فَر ْف ُع الُف ُر ِش داٌّل على مُس ِكها و يِنه & & &&ا ،وَبُّث ال& & & &َّز راِّيب داٌّل على َك ثَر ا وأهَّن ا يف ُك ِّل
َم وِض ٍع ،ال خَي َتُّص هبا َص دُر ا ْج ِلِس ُدوَن ُم َؤ َّخ ِر ه وَج واِنب &&ه ،وص &ُّف ا س &&اِنِد َي ُد ُّل على
َمل َمل
ٍت ٍت ِئ ِلاِل ِت ِد هَّن
أ ا ُمهَّيأٌة س نا إليها دا ًم ا ليَس ت َخُمَّبأًة ُتَص ُّف يف وق ُدوَن وق .واُهلل أعَلُم
.2وق&&ال اُهلل ُس بحاَنهُ :مَّتِكِئَني َعَلى ُفُر ٍش َبَطاِئُنَه ا ِم ْن ِإْس َتْبَر ٍق َو َجىَن اَجْلَّنَتِنْي َداٍن [ال&&رمحن:
.]54
ق&&ال البيض&&اوُّي َّ ( :تِكِئ َلى ٍش َطاِئ ا ِم ِإ َت ٍق ِم ن ديب&&اٍج َثخٍني ،وإذا ك&&اَنِت
ُم َني َع ُفُر َب ُنَه ْن ْس ْبَر
الَبطاِئُن َك َذ ِلَك فما َظُّنَك بالَّظهاِئِر ؟!) .
وق &&ال الَّس دُّي َّ ( :تِكِئ َلى ٍش َطاِئ ا ِم ِإ َت ٍق ه &&ذه ِص فُة ِش أه& &ِل ا َّن ِة
َجل ُفُر ُم َني َع ُفُر َب ُنَه ْن ْس ْبَر ْع
وُج ُلوِس هم عليه&&ا ،وأهَّن م ُمَّتِكُئ وَن عليه&&ا ...وِتل &َك الُف ُش ال َيعَل وْص َف ها وُحْس َنها إاَّل
ُم ُر
اُهلل َع َّز وَج َّلَ ،ح ىَّت إَّن بطاِئَنه&&ا اَّليت َتلي األرَض ِم نه&&اِ ،م ن إس&َتَربٍق ،وه&&و أح ُن اَحلري&ِر
َس
وَأفَخ ُر ه ،فكيَف بَظواهِر ها اَّليت َتلي َبَش َر هَت م؟
32
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وق&&ال ابُن ُع ثيمني( :ق&&ال تع&&اىلُ :مَّتِكِئَني َعَلى ُفُر ٍش َبَطاِئُنَه ا ِم ْن ِإْس َتْبَر ٍق أيَ :يَتَنَّعُم وَن
هبذه الفاِكه &ِة ح&&اَل َك وهِن م ُمَّتِك ئَني ،وعلى ه &&ذا فَك ِلم &ُة ُمَّتِك ئَني َتُك وُن ح &ااًل ِم ن فاِع ِل
الِف عِل ا ح&ُذ وِف ،أيَ :يَتَنَّعُم وَن أو َيَتَف َّك ه&وَن ُمَّتِك ئَني ...على ُفُر ٍش أي :جالس&ني على
َمل
ٍق ِم ِف ِف ٍق
ُفُر ِش بطا ُنه&&ا ن إس &َتَرب أي :بطان &ُة ال را وه&&و م&&ا حُي ابي&&ه ال راُش ن إس &َتَرب وه&&و
ِش ِم ِئ
ِم ِم
َغلي&ُظ ال&ِّديباِج ،وأَّم ا أعلى ه&ذه الُف ُر ِش فه&و ن َس نُد ٍس ،وه&و َر قي&ُق ال&ِّديباِج ،وُك ُّل ه َن
اَحلريِر .
وقال اُهلل َعَّز وَج َّلُ :مَّتِكِئَني َعَلى ُس ُر ٍر َّم ْص ُفوَفٍة َو َز َّو ْج َناُه م ُحِبوٍر ِعٍني [الطور]20 : .3
قال الَبَغوُّي ُ( :مَّتِكئَني َعَلى ُس ُر ٍر َم صُفوفٍة َم وُضوعٍة َبعُضها إىل َج نِب َبعٍض ) .
وق &&ال اب َك ث& &ٍري ( :وَم ع &&ىن َم ص& &ُفوفٍة أيُ :وُج وُه َبعِض هم إىل َبعٍض َ ،ك َق وِلهَ :عَلى ُس ٍر
ُر ُن
ُمَتَق اِبلَنِي [الصافات. ) ]44 :
وق&&ال ابُن ُع ثيمنيُ( :مَّتِك ئَني ح&&اٌل ،أي :ح&&اَل َك وهِن م ُمَّتِك ئَني ،وا َّتِكُئ َتُد ُّل هيَئُت ه على
ُمل
أَّنه يف ُس ُر وٍر وانِش راٍح وُطَم أنين &ٍة؛ أِل َّن ااِل ِّتك &&اَء َي ُد ُّل على َذِل َك .والُّس ُرُر مَج ُع َس ري ،
ٍر
وهي :الَك راس &ُّي الَف خم &ُة ا هَّي أُة أحَس َن هَت ِيئ &ٍة ِللج &&اِلس عليه &&اَ .م ص &ُفوفٌة أيَ :م ص &ُفوٌف
ُمل
َبعُضها إىل َبعٍض َ ،يُصُّفها اَخلَد ُم والِو ْلداُن ) .
.4وق&&ال اُهلل تع&&اىلُ :ثَّل ٌة ِّم َن اَألَّو ِلَني َو َقِلي &ٌل ِّم َن اآلِخ ِر يَن َعَلى ُس ُر ٍر َّم ْو ُض وَنٍة ُمَّتِكِئَني َعَلْيَه ا
ُمَتَق اِبِلَني [الواقعة. ]16-13 :
ق&&ال ابُن اَجلوزي( :أَّم ا ا وُض ونُة فق&&ال ابُن ُقتيب&َة :هي ا نُس وجُةَ ،ك أَّن َبعَض ها ُأدِخ َل يف
َمل َمل
ِم ِل ِم
َبعٍض ،أو ُنِّض َد َبعُض ها على َبع ،و ن &&ه قي& &َل ل &&ِّدرِع َ :م وُض ونٌة ،و ن &&ه قي& &َلَ :و ض& &ُني
ٍض
الَّناق &ِة ،وه&&و ِبط&&اٌن ِم ن ُس ُيوٍر َي دُخ ُل َبعُض ه يف َبعٍض .ق&&ال الَف َّر اُءِ :مَس عُت َبعَض الَع رب
ُق وُل :اآل ُّر و وٌن ع ه على عٍض ،أي :س& و ،وِلل َفِّس ري يف ع&ىن و ونٍة
َم ُر ٌج ُم َن َم َم ُض َب ُج َم ُض َب ُض َي
33
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َقوالِن :أَح ُد مهاَ :م رُمولٌة بالَّذ َه ب ،أخرجه جُم اِه ٌد َعِن ابِن َعَّباس ،وق&&ال ِعكِر م&ُةُ :مش&َبكٌة
بال &&ُّد ِّر والي &&اُقوِت ،وه &&ذا َم ع &&ىن م &&ا َذَك رن &&اه َعِن ابِن ُقتيب &َة ،وب &&ه ق &&ال األكَثُر ون .والَّث اين:
َم صُفوفٌة ،أخرجه ابُن أيب َطلحَة َعِن ابِن َعَّباٍس ) .
وق &&ال ابُن ُع ثيمنيَ( :عَلى ُس ُر ٍر َم وُض ونٍة ُس ُر ٌر مَج ُع َس ريٍر ،وه &&و م &&ا َيَّتِخ ُذ ه اإلنس &&اُن
ِللُج ُلوِس والَّنوِم َ ،م وُضونٌة قال الُعَلماُءَ :م نُس وجٌة ِم َن الَّذ َه ِب ) .
وقال اُهلل ُس بحاَنهَ :و َنَز ْعَنا َم ا يِف ُص ُد وِر ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل ِإْخ َو اًنا َعَلى ُس ُر ٍر ُّم َتَق اِبِلَني [احلج&ر: .5
.]47
قال الَبَغ وُّي ( :وَنَز ْع ن&ا أخَر ْج ن&ا ،م&ا يف ُص ُد وِر هم ِم ن ِغ ٍّل ه&و الَّش حناُء والَع داوُة واِحلق&ُد
واَحلسُد ِ ،إْخ َو اًنا ُنِص َب على احلاِل َ ،عَلى ُس ُر ٍر مَج ُع َس ريٍر ُمَتق&اِبِلَني ُيقاب&ُل َبعُض هم َبعًض ا
ال َينُظ ُر أَح ٌد ِم نهم إىل َقف &&ا ص &&اِح به .ويف َبعِض األخب &&اِر :إَّن ا ؤِم ن يف اَجلَّن ِة إذا وَّد أن
ُمل
َيلقى أخاه ا ؤِم ن ساَر َس ريُر ُك ِّل واِح ٍد ِم نهما إىل صاِح به ،فَيلَتقيا وَيَتَح َّدثا !) .
ِن ِن
ُمل
وق&&ال الَّس ْع دُّي َ( :و َنَز ْعَن ا َم ا يِف ُص ُد وِر ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل فَتبقى ُقُل وهُب م س&&اِلمًة ِم ن ُك ِّل َدغ &ٍل
وَح س& & & &ٍدُ ،مَتص & & &&افيًة ُمَتحاَّب ًة ِإْخ َو اًن ا على ُس ُر ٍر ُمَتَق اِبِلَني َدَّل َذِل َك على َت زاُو ِر هم
واجِتماِعهم وُح س&ِن أَدهِب م فيم&ا بيَنهم يف َك وِن ُك ٍّل ِم نهم ُمق&اباًل ِلآلَخ ِر ال ُمس&َتدِبًر ا َله،
ُمَّتِكئَني على ِتلَك الُّس ُر ِر ا زَّينِة بالُف ُر ِش والُّلؤُلِؤ وأنواِع اَجلواهِر .
ُمل
.6وقال اُهلل َعَّز وَج َّلُ :مَّتِكِئَني َعَلى َر ْفَر ٍف ُخ ْض ٍر َو َعْبَق ِر ٍّي ِح َس اٍن الرمحن76 :
ق &&ال البيض &&اوُّي ُ( :مَّتِكِئَني َعَلى َر ْفَر ٍف وس &&اِئَد أو مَن اِر َق ،مَج ُع َر فَر ف& &ٍة .وقي& &َل :الَّر ف& &َر ُف :
َض ر ِم ال ِط ،أو ذي & اخليم &ِة ،وَق د ق&&اُل ِلُك ِّل َث وٍب ريٍض َ ...ق ِر ٍّي ِح اٍن
َس َو َعْب َع ُي ُل ٌب َن ُبُس
ال بَق رُّي ن و إىل بَق ٍر َ ،ت ز ال ر أَّنه اس & َل ٍد ِللِج ِّن ف ن وَن إلي&&ه ُك ش&&يٍء
َّل َي ُس ُب ُم َب ُعُم َع ُب َم ُس ٌب َع َع
َعجيٍب ،وا راُد به اِجلنُس ؛ وِلَذ ِلَك ِمُج َع ِح َس اٌن مَح اًل على ا عىن.
َمل ُمل
34
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وقال الَّس ْع دُّي ُ :مَّتِكِئَني على َر ف&َر ٍف ُخ ْض ٍر أي :أص&حاُب ه&اتِني اَجلَّنتِني ُ ،مَّتَك ُؤ هم على
الَّر فَر ِف األخَض ِر ،وهي الُف ُر ُش اَّليت فوَق ا جاِلِس العاليِة ،اَّليت َقد زاَدت على جَم اِلِس هم،
َمل
فص &&ا هَل ا ف ف& &ٌة ِم ن وراِء جَم اِلِس هم؛ ِلزي &&ادِة البه &&اِء و س& &ِن ا نَظ ِر َ ،ق ِر ٍّي ِح اٍن
َس َو َعْب َمل ُح َر َر َر
الَعْبَق رُّي ِ :نسبٌة ِلُك ِّل َم نُس وٍج َنسًج ا َح َس ًنا فاِخ ًر ا؛ وهِل ذا وصَف ها باُحلسِن الَّشاِم ِل ُ ،حِلسِن
الَّص نعِة وُح سِن ا نَظِر ،وُنُعومِة ا لَم ِس .
َمل َمل
وق &&ال اب ثيمنيَ :لى ٍف أي :على س &&اِنَد ُترْف ِر ُف ِم ث & م &&ا ُك وُن على أط &&راِف
َل َي َم َع َر ْفَر ُن ُع
ا س &&اِنِد ،وَيُك وُن يف اَألِس َّر ِةَ ،ه َك ذا ُيرْف ِر ُف ُ .مَّتِك ئَني على َر ف& &َر ٍف ُخ ْض ٍر ؛ أِل َّن الَّل وَن
َمل
م &&ا ُك وُن ِللَّنَظ ِر ،وأَش ُّد م &&ا ُك وُن هبج& &ًة ِللَق لبَ .ق ِر ٍّي ِح اٍن
َس َو َعْب َي األخَض َر أنَس ُب َي
الَعْبَق رُّي ه&&و الُف ُر ُش اجلِّي دُة ِج ًّدا؛ وهِل ذا ُيَس َّم ى اجلِّي ُد ِم ن ُك ِّل ش&&يٍء َعبَق رًّي اَ ،ك م&&ا ق&&ال
الَّنُّيب صَّلى اُهلل عليه وسَّلم يف الُّر ؤيِة اَّليت َر آها حَني َنزَع ُعَمُر بُن اَخلَّطاِب َر ِض َي اُهلل َعنه
قال« :فما َر أيُت َعبَق رًّيا َيْف ِر ي َفْر َيه» أيَ :ينِز ُع َنزَعهِ :م ن ُقَّو ِته َر ِض َي اُهلل َعنه.
.7وقال اُهلل َعَّز وَج َّلُّ :م َّتِكِئَني ِفيَه ا َعَلى اَأْلَر اِئِك الكهف.31 :
ِن ِر ِئِك ِك ِف
ق&&ال البيض&&اوُّي ُ :مَّت ئَني يَه ا َعَلى اَألَر ا على الُّس ُر َ ،ك م&&ا ه&&و هيئ&ُة اُملَتَنِّعمَني ْ .ع َم
الَّثَو اُب اَجلَّنُة وَنعيُم هاَ .و َح ُس َنْت ُمْر َتَفًق ا ُمَّتَك ًأ
35
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َبْيَنُه َم اَ ،و َلَم َألْتُه ِر ًحياَ ،و َلَنِص يُفَه ا [َيْع يِن اِخْلَم اَر ] َعَلى َر ْأِس َه ا َخ ْيٌر ِم َن ال&&ُّد ْنَياَ ،و َم ا ِفيَه ا»
رواه البخاري.
وَمْن َتَأَّم َل ِص َف اِت اُحلوِر الِعِني اَجلَم اِلَّيِة ال&َو اِر ِد ِذْك ِر ه&ا يف الُق رآِن الَك ِر مي؛ ِجَي ْد أَّن
ِد ِة ِت ِحل ِة
َأْك َثَر ها َيَتَعَّلُق ِبالِّص فا ا ِّس َّي أو اَجلَس َّي ؛ ألهَّن ا َص َف اٌت ُتْد ِر ُك ها ُعق&&وُل الَبَش ِر ،وَغ َر َز
اُهلل تع &&اىل يف اإلنس &&اِن ُح َّبه &&ا؛ ِلُي ِّغ الُّنف &&و ِلني& &ِل ا ْنُف وِس .وِم ْن َأَه ِّم ِص َف اِت اُحلوِر
ُمل َس َر َب
الِعِني ا ْذ كوَر ِة يف الُقرآِن الَك رمي:
َمل
َ -1أَّنُه َّن َأْز واٌج َأِلْه ِل اَجلَّنِة :قال تعاىلَ ﴿ :و ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ [البق&&رة.]25 :
وقال تعاىلَ ﴿ :و َز َّو ْج َناُه ْم ُحِبوٍر ِعٍني ﴾ [الدخان .]54 :أي :أْنَك ْح َناُه ْم .وهذا الَّلْف ُظ
ِص ِس ِت ِع ِة ِل ِط
في &&ه َتْك ِر ٌمي ِر ب &&ا الَّز وجي & ،ودالل &ٌة على َظِم أم &ِر ال &َّز واِج وُقْد َّي ه؛ إْذ ُو ْف َن اُحلوُر
ب &&أَّن َّن َز وج &&اٌت .ق &&ال رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لمِ« :لُك ِّل ا ِر ٍئ ِم َز َت اِن
ْنُه ْم ْو َج ْم ُه
ِة ِء ِقِه ِم ِن
اْثَنَت ا ُ ،يَر ى ُمُّخ ُس و َم ا ْن َو َر ا الَّلْح ِم َ ،و َم ا يِف اَجْلَّن َأْع َزُب » رواه مس&&لم .وال &َّز ْو ُج
ُه َن اِ :كناَي ٌة َعِن الَق ِر يِن ؛ ألَّن اجلَّن َة َليَس فيه& &&ا َتْك ِلي & &ٌف ؛ فال َعْق ٌد ،وال َتْز ِو يٌج ِب املعىن
ا ْش هور؛ وإمَّن ا ا راد :أهنم ُمؤَنُس وَن ِبُصْح َبِة َحَباِئَب ِم َن الِّنَس اِء .
ُمل َمل
َ -2أَّنُه َّن ُمَطَّه َر اٌت َ :فِم ْن مَج اِهِلَّن الَّظاِه َر أَّنُه َّن ُمَطَّه راٌت .وق&&د َو َر َد َلْف ُظ ﴿ ُمَطَّه َر ٌة ﴾
يف الق &&رآِن يف َثالَث ِة َم واِض َع ؛ منه &&ا قول &&ه تع &&اىلُ ﴿ :هَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ [النس &&اء:
.]57وا َطَّه َر ُةَ :مْن َطُه َر ْت ِم َن اَحليِض والَب وِل والِّنف&اِس ،والَغاِئِط وا َخ اِط والُبَص اق،
ُمل ُمل
وُك ِّل َق َذ ٍر ،وُك ِّل أًذى َيك& &&وُن ِم ْن ِنَس اِء ال& &&ُّدنيا ،فَطُه َر باِط ُنه& &&ا من اَألْخ الِق الَّس ِّيَئِة،
والِّص َف اِت ا ْذ و ِة ،وَط ِل اهُن ا من الُف ِش وال ذاِء ،وَط َط ُفه&&ا ِم َأْن َتْط ِب ِه
َمَح ْن ُه َر ْر َب ْح ُه َر َس َمل ُم َم
إىل َغِري َز وِج ها ،وَطُه َر ْت أثواهُب ا ِم ْن أْن َيْع ِر َض هلا َدَنٌس أو َو َس ٌخ .
36
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وا ْق ُصوُد ِم ْن هذه الِّص َف ِةَ :ذَه اُب ُك ِّل َش ٍنْي َعْنُه َّن ؛ ِم َن الُعي&&وِب الَّذ اِتَّي ِة وَغِري ه&&ا ،وَز واُل
َمل
ِص فاِت الَّنْق ِص ا الِز َم ِة للبشر ،اليت قد ال َيْق َبُلها األزواُج .وهذه ِبَش اَر ٌة ِ -م َن اِهلل تعاىل
ُمل
– ِلِنساِء الّد نيا من املؤمناتَ ،ك ما يَن َّن يف اآل رة.
ِخ ِهِت ِز ِل ِب
َ -3أَّنُه َّن ُح ْو ٌر :ج &&اءْت َلْف َظ ُة ﴿ ُح ور ﴾ يف أربع& &ِة َم واِض َع من الق &&رآن؛ منه &&ا قوُل ه
تع &&اىلَ ﴿ :و َز َّو ْج َن اُه ْم ُحِبوٍر ِعٍني ﴾ ق &&ال البخ &&ارُّي رمحه اهلل يف مع &&ىن اآلي &&ةَ( :حَياُر ِفيَه ا
ِد ِد ِد
الَّط ْر ُف َ ،ش يَد ُة َس َو ا اْلَعِنْي َ ،ش يَد ُة َبَي اِض اْلَعِنْي ) .وق &&ال األزه &&رُّي رمحه اهللَ( :عٌنْي
َح ْو َر اُءِ :إذا اْش َتَّد َبَي اُض َبَياِض َه ا وَخ ُلَص ،واْش َتَّد َس َو اُد َس َو اِدَه اَ ،و اَل ُتَس َّم ى ا ْر َأُة
َمل
َحْو َر اَء َح ىَّت َتُك وَن َ -مَع َح َو ِر َعْيَنْيَه ا َ -بْيَض اَء َلْو ِن اَجلَس ِد) .فَس َبُب َتْس ِم َيِتِه َّن "ُحِبوٍر "
َو ْجَه انَ :أَح ُد َمُهاِ :لَبَي اِض الَبَي اِض ،وَس َو اِد الَّس َو اِد يِف الَعِنْي .والَّث ايِن :ألَّن ه َحَياُر ِفيِه َّن
الَّطْر ُف .
َ -4سَعُة َأْع ُيِنِه َّن :قال تعاىلَ ﴿ :و ُح وٌر ِعٌني ﴾ [الواقعة .]22 :قال الط&&ربُّي رمحه اهلل:
ِن ِم ِم ِه ِظ ِس
(اْلَعْيَن اُء :اْلَم ْر َأُة اْلَو ا َعُة اْلَعِنْي َع يَم ُتَه اَ ،و َي َأْح َس ُن َم ا َتُك وُن َن اْلُعُي و ) .ف ْن
َحَماِس ِن املرأِة اِّتَس اُع َعْيِنها يف ُطوٍل ،وِض يُق الَعِني يف املرأِة ِم َن الُعيوِب .
َو ِص َفُة "اُحلوِر الِعِني " هي األش&&هُر وْص ًف ا ِلِنَس اِء اَجلَّن ِة؛ ألهَّن ا َمَجَعْت بني اَجلَم اِل ا ْع َن ِو ِّي ،
َمل
بني َق اِء الَّس ري ِة وبي &&اِض القل &&وِب ،وبني ي &&اِض ا ِد ِل ِحل
َجلَس َب َر واَجلَم ا ا ِّس ِّي .فق &&د َمَجَعْت َن
وَمَجاِل الَعِني .والبياُض يف تلك الِّص َف َتِني َمُها اَألْظَه ُر َمَجااًل ،واَألرَغُب .
َ -5أَّنُه َّن َأْبَك اٌر :ق &&ال تع &&اىلَ ﴿ :فَجَعْلَن اُه َّن َأْبَك اًر ا ﴾ [الواقع &&ة .]36 :والِبْك ُر – يف
الُّلغ & & &&ة :هي الَع ْذ راُء ال & & &&يت ْمَل ُتْف َتَّض ،وُرُج ٌل ِبْك ٌر ْ :مَل َيَتَز َّو ْج .ومع & & &&ىن قوِله تع & & &&اىل:
﴿َفَجَعْلَناُه َّن َأْبَك اًر ا﴾ أيَ :عَذ اَر ى .قال ابُن عباٍس رض&ي اهلل عنهم&ا( :ال َيْأِتيَه ا َز ْو ُجَه ا
ِم ِإ ِة ِئ ِب
إَّال وَج َد َه ا ْك ًر ا) .مبعىن :أهنَّن َدا َم اُت الَبَك اَر .وقال تعاىلْ ﴿ :مَل َيْط ْثُه َّن ْنٌس َقْبَلُه ْم
37
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َو اَل َج اٌّن ﴾ [ال &&رمحن ]56 :أي :مل ْمَيَس ْس ُه َّن .والَّطْم ُث :ه &&و الِّنَك اُح بالَّتْد ِم َي ِة ،ومن &&ه
ِقيَل للحاِئِض َ :طاِم ٌث .
والُبُك وَر ُة ِم َن الِّص فاِت ال& &&يت اْخَتَّص ْت َهِبا اُحلوُر الِعُني ؛ إْذ ْمَل َجُياِم ْع ُه َّن ِإْنٌس وال َج اٌّن .
وِنَس اُء اَجلَّن ِة ِم َن ا ؤمن& &&اِت ِفيِه َّن َمْن ك& &&انْت – يف ال& &&ُّدنيا – ِبْك ًر ا ،وِفيِه َّن َمْن َطَم َثُه َّن
ُمل
ِة ِق
اِإل ْنُس ،إَّال أَّنُه َّن َيُع ْدَن َك َم ا َخ َلَق ُه َّن اُهلل تع &&اىل أبك &&اًر ا ي &&وَم ال ياَم َ ،ك َم ا َيُع وُد كاَّف ُة
الَّناِس ،كما َخ َلَق ُه ُم اُهلل تعاىل يف الُّدنيا؛ قال تعاىلَ ﴿ :ك َم ا َبَد ْأَنا َأَّو َل َخ ْل ٍق ُنِعي&ُد ُه َو ْع ًد ا
َعَلْيَنا ِإَّنا ُك َّنا َفاِعِلَني ﴾ [األنبياء.]104 :
ِع ِئ ِإ ِل ِق ِع
َ -6أَّنُه َّن َك َو ا ُب :ق &&ال تع &&اىلَّ ﴿ :ن ْلُم َّت َني َم َف اًز ا * َح َد ا َق َو َأْعَناًب ا * َو َك َو ا َب
َأْتَر اًب ا ﴾ [النب &&أ .]33-31 :والَك اِعُب ِ :ه َي اَجلاِر َي ُة ال &&يت َك َعَب َث ْد ُيهاُ .يق &&الَ :نَه َد
الَّث ْد ُي ؛ إذا َك َعَب واْر َتَف َع عن الَّص ْد ِر ،وَص اَر ل &&ه َح ْج ٌم .ق &&ال ابُن َك ث &ٍري رمحه اهلل – يف
معىنَ ﴿ :ك َو اِعَب ﴾َ( :أْي َ :أْن ُثُد َّيُه َن َنَو اِه َد ْ ،مَل َيَتَد َّلَنْي ؛ َأِلَّنُه َّن َأْبَك اٌر ُع ُر ٌب َأْتَر اٌب ).
وُيْس َتَف اُد ِم َن اآلَيِة الَك ِر َميِة :وجوُب الَّتَس ُّتُر ،وِإْخ َف اُء ا فَاِتِن ال&&يت ِم ْن أْبَيِنَه ا الَّص ْد ُر ،وه&&و
َمل
ِم ْن َحَماِس ِن اَجلَم اِل ا ْلِف َتِة للِّر جال.
ُمل
َ -7أَّنُه َّن َأْتَر اٌب :ق &&ال تع &&اىلَ ﴿ :قاِص َر اُت الَّط ْر ِف َأْتَر اٌب ﴾ [ص .]52 :واَألْتَر اُب :
ِث
ْمَجُع َت ِر ٍب ؛ ألَّنُه ْم دُّب وا على الرُّت اِب مًع ا .وا ْع ىَن :أَّنُه َّن َأْقَر اٌن ُ ،مَتس &&اِو َياٌت وُمتَم ا الٌت
َمل
يف الِّس ِّن والَّش اِب أزواِج ِه َّن ؛ ق&&ال الن & ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لمْ « :د َأ ا َّن ِة
َي ُخ ُل ْه ُل َجْل ُّيب َب َم َع
اَجْلَّن َة ُج ْر ًداُ ،م ْر ًدا؛ ُمَك َّح ِلَني َأْبَن اَء َثَالٍث َو َثَالِثَني َس َنًة» حس&&ن – رواه الرتم&&ذي .ولع &َّل
هذه الِّس َّن فيها ِم َن االْك ِتَم اِل الَّتاِّم للُّنْض ِج الَعْق ِلِّي واِجلْسَم اّيِن.
َ -8أَّنُه َّن َك اْلَي اُقوِت وا ْر َج اِن َ :و َص َف اُهلل تع&&اىل َمَجاَل َل ْو ِن َأْج َس اِد اُحلوِر الِعِني ،فق&&ال
َمل
س &&بحانهَ ﴿ :ك َأَّنُه َّن اْلَي اُقوُت َو اْلَمْر َج اُن ﴾ [ال &&رمحن .]58 :أيَ :ك َأَّنُه َّن الَي اُقوُت يف
َص فاِئه ،وا ْر َج اُن يف ْمُحَر ِته .وَيُد ُّل على ِش َّد ِة َبَياِض ِه َّن ،وِر َّقِة َأْج َس اِدِه َّن :قوُله ص&لى اهلل
َمل
38
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
عليه وسلمِ« :لُك ِّل َرُج ٍل ِم ْنُه ْم َز ْو َج َتاِن ِم َن اُحْلوِر اْلَعِنْي َ ،عَلى ُك ِّل َز ْو َج ٍة َس ْبُعوَن ُح َّل ًة،
ى ُّخ وِقِه ا ِم اِء وِم ِه ا َلِلِه ا؛ َك ا ى الَّش ا اَأْل يِف الُّز ا ِة
َج َج َر ُب َمْحُر ُيَر ُم ُس َم ْن َو َر ُحُل َم َو ُح َم َم ُيَر
اْلَبْيَض اِء » صحيح لغريه – رواه الطرباين.
َ -9أَّنُه َّن َك الُّلْؤ ُلِؤ ا ْك ُن وِن ُ :تَع ُّد ه&&ذه الِّص َفُة ِإْح َد ى َص َف اِت َل ْو ِن َأْج َس اِد اُحلوِر الِعِني ،
َمل
ِنُي ِن ِن ِؤ ُّل ِل
ق& &&ال تع& &&اىل ﴿ َك َأْم َث ا ال ْؤ ُل اْلَم ْك ُن و ﴾ [الواقع& &&ة .]23 :أي :ا َص ا َعِن اَألْع ،
ُمل
ال&&ذي َمَتَّس اَأل ِدي ،فه&&و أَش ُّد م&&ا يك&&وُن َف ا وَتْأَلُل ا .وِم َطِبي ِة الَّنْف ِس البش&&ريِة
ًؤ ْن َع َص ًء ْمَل ُه ْي
اِحلْر ُص على َم عرَفِة ُك ْنِه الَّشيِء اَخلِف ي.
َ -10أَّنُه َّن َك اْلَبْيِض ا ْك ُن وِن :ق& &&ال تع& &&اىلَ ﴿ :ك َأَّنُه َّن َبْيٌض َم ْك ُن وٌن ﴾ [الص& &&افات:
َمل
ِء ِن ِم
ِهِه
َتْش َّن يِب ويف . ِض ا وال
َّص َف َبَيا ال يف ه ِووحن ِر &ا
& بُغال من و ُ .]49ش ِّبْه َن ِبَبيِض الَّنَع َملُص
ا ا
ِئِب ِد ِر ِت ِة ُّل ِن ِب
الَبْيِض اَملْك ُن و م&&ا ي&&د على َنُعوَم اَملْلَم ِس ،و َّق ه ،وُبْع ه عن الَّش َو ا ال&&يت ُتَك ِّد ُر
الَّل وَن أو ُتفِس ُد ه ،وِفي& &ِه ِإَش اَر ٌة :إىل أَّن ُك َّل م &&ا ه &&و ْحَمف &&وٌظ ِم ْن َمَجاٍل َأْش َه ى ِللَّنْف ِس ،
ِخِب الِف ما كان ُمَعَّر ٌض ِلَأْلْنَظاِر ،وفيه إشارٌة إىل ِح ْف ِظ اَجلَم اِل ،والَّتَس ِرُّت ،والُبع&ِد ب&&ه َعِن
الِّر جال.
َ -11أَّنُه َّن ِح َس اٌن :ق& & &&ال تع& & &&اىلِ ﴿ :فيِه َّن َخ ْيَر اٌت ِح َس اٌن ﴾ [ال& & &&رمحن .]70 :أي:
ِح َس اُن اَخلْلِق واُخلُلق .وصفة اُحلْس ِن ُمَتِّم َم ٌة ِلِص َف ِة َبَي اِض اَجلَس ِد؛ ألَّن الَبَي اَض وْح َد ُه ق&&د
ال َيُك وُن َم ْق ُب وًال؛ ِلَف ْق ِده اَجلَم اَل والَبَه اَء .فق&&د تك&&وُن املرأُة َبْيَض اَء ،ولكْن غ &ُري ِمَج يَل ٍة،
فِإَمْتاًم ا ِللَم ْطُلوِب ا ْر ُغوِب ،وِإْك َم اًال ِلْلَج َم اِل ؛ َج اَء َو ْصُف اُحلوِر بأهنَّن ﴿ ِح َس اٌن ﴾.
َمل
َ -12أَّنُه َّن َم ْق ُصوَر اٌت يِف اِخْلَياِم :إَّن ُلُز وَم اِخلْد ِر يف البيوِت ِم ْن َمَتاِم الَّس ِرْت والِعَّف ِة ،وه&&و
َّمِما اَّتَص ْف َن ب &&ه اُحلوُر ؛ ق &&ال تع &&اىلُ ﴿ :ح وٌر َم ْق ُص وَر اٌت يِف اِخْلَي اِم ﴾ [ال &&رمحن.]72 :
ْق وراٍت َ :خُمَّدراٌت ْحَم و اٌت .من اِخلْد ِر وهو الِّسرْت ،وجاري&ٌة خُم َّد ٌة إذا َل ِز ِت
َم َر ُب َس وَم ْع ىَن َم ُص
ِخ ْد َر ها.
39
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َ -14أَّنُه َّن ُمِط يَع اٌت َأِلْز واِج ِه َّن ،وُمَتَح ِّبَب اٌت َ ،م َع ُحْس ِن الَّتَعُّب ِل ؛ ق &&ال تع &&اىلُ ﴿ :عُر ًب ا
َأْتَر اًب ا ﴾ [الواقع &&ة .]37 :والَع ُر وُب ِم َن الِّنَس اِء :هي ا ِط يَع ُة ِلَز وِج َه ا ،ا َتَح ِّبَب ُة إلي &&ه،
ُمل ُمل
الَعاِش َقُة له ،اَحلَس َنُة الَك الِم والَّتَبُّعِل ،اْلَّلِّيَنُة ا ْنِط ِق .
َمل
َ -15أَّنُه َّن َقاِص َر اٌت ِللَّط ْر ِف إَّال َعَلى َأْز َو اِج ِه َّن ؛ ق &&ال تع &&اىلَ ﴿ :قاِص َر اُت الَّط ْر ِف ﴾
[ص .]52 :أيَ :عِف يَف اٌت ،ال َيْنُظْر َن إىل َغِري َأْز واِج ِه َّن .
فإهَّن ا اجلائزة العظيم & &&ة ،وإح & &&دى الِّنعم اجلليل & &&ة ،إهَّن ا نعم & &&ة احلور العني ،وعن & &&دما
يتتَّبع املسلم وصَف احلور العني يف القرآن الك&&رمي والس&َّنة النبوَّية ،سيس&&ارع بالتس&&بيح هلل
اخلاِلِق العظيم ،واحلمِد هلل الكرمي.
ولن جيد املسلم وصًف ا حُي اكي وصفهَّن يف القرآن الكرمي ،فتبارك اهلل أحَس ن اخلالقني.
14حسني أمحد عبدالقادر" ،احلور العني جائزة الكاظمني الغيظ" ،األلوكة,2016 ،
/https://www.alukah.net/sharia/0/106883احلور-العني-جائزة-الكاظمني-الغيظ#/
.ixzz8HWfqZIKA
40
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
قال اهلل تع&اىلَ ﴿ :و ُح وٌر ِعٌني * َك َأْم َثاِل الُّلْؤ ُلِؤ اْلَم ْك ُنوِن ﴾ [الواقع&ة ،]23 ،22 :ويف
اآلية الكرمية يقول اإلمام الَّطربي رمحه اهلل تعاىل" :هَّن يف صفاء بياض&&هَّن وُح س&&نهَّن ،
كاللؤلؤ املكنون الذي قد ِص َني يف ِكٍّن "؛ (تفسري الطربي).
وق &&ال اهلل تع &&اىلِ ﴿ :فيِه َّن َقاِص َر اُت الَّط ْر ِف ْمَل َيْطِم ْثُه َّن ِإْنٌس َقْبَلُه ْم َو اَل َج اٌّن * َفِب َأِّي
ِّذ ِن ِء ِب ِّذ ِن ِء
آاَل َر ِّبُك َم ا ُتَك َبا * َك َأَّنُه َّن اْلَياُقوُت َو اْلَمْر َج اُن * َف َأِّي آاَل َر ِّبُك َم ا ُتَك َبا * َه ْل
َج َز اُء اِإْل ْح َس اِن ِإاَّل اِإْل ْح َس اُن * َفِب َأِّي آاَل ِء َر ِّبُك َم ا ُتَك ِّذ َباِن ﴾ [ال& &&رمحن- 56 :
ِص ِف
،]61ويف ذل& & & &&ك يق& & & &&ول اإلم& & & &&ام الس& & & &&عدي رمحه اهلل تع& & & &&اىل ﴿" :يِه َّن َقا َر اُت
الَّط ِف ﴾؛ أي :ق &&د قص &&رَن ط &&رفهَّن على أزواجهَّن ؛ ِم ن حس &&نهم ومجاهلم ،وكم&&اِل
ْر
حمبتهَّن هلم ،وَقص & &&رَن أيًض ا ط & &&رف أزواجهَّن عليهن؛ من حس & &&نهن ومجاهلن ول& & &َّذ ة
وص& &&اهلَّن َ ﴿ ،فِب َأِّي آاَل ِء َر ِّبُك َم ا ُتَك ِّذ َباِن ﴾؛ أي :فب& &&أِّي ِنَعم اهلل الديني& &&ة والدنيوي& &&ة
تك& & & &&ذبان؟ ﴿ ْمَل َيْطِم ْثُه َّن ِإْنٌس َقْبَلُه ْم َو اَل َج اٌّن ﴾؛ أي :مل ينلهَّن قبلهم أح& & & &&د من
اإلنس واجلن ،ب&&ل هَّن أبك&&ار ُع رب ،متحبب&&ات إىل أزواجهَّن ،حبس&&ن التبُّع ل والتغنج
واملالح & &&ة وال & &&داللَ ﴿ ،ك َأَّن َّن اْل اُقوُت اْل اُن ﴾؛ وذل & &&ك لص & &&فائهَّن ومجاِل
َو َمْر َج ُه َي
منظ& &&رهن وهبائهنَ ﴿ ،ه ْل َج َز اُء اِإْل ْح َس اِن ِإاَّل اِإْل ْح َس اُن ﴾؛ أي :ه& &&ل ج& &&زاء َم ن
أحس &&ن يف عب &&ادة اخلالق ونف &&ع عبي &&ده ،إال أن حيس &&ن إلي &&ه ب &&الثواب اجلزي &&ل ،والف &&وز
الكب&&ري ،والَّنعيم املقيم ،والعيش الس&&ليم؟ فهات&&ان اجلَّنت&&ان العاليت&&ان للمق &َّر بني"؛ (تفس&&ري
السعدي).
ِم ٍت ِت ِم ِذ
وق &&ال اهلل س &&بحانهَ ﴿ :و َبِّش ِر اَّل يَن آَم ُن وا َو َع ُل وا الَّص اَحِلا َأَّن ُهَلْم َج َّن ا ْجَتِر ي ْن
ُأُتوا ِبِه َّلِذ ِز ِم ِز ِم ِم ٍة ِر ِت
ْحَت َه ا اَأْلْنَه اُر ُك َّلَم ا ُر ُقوا ْنَه ا ْن َمَثَر ْز ًقا َقاُلوا َه َذ ا ا ي ُر ْقَن ا ْن َقْب ُل َو
ُمَتَش اًهِبا َو ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة َو ُه ْم ِفيَه ا َخ اِل ُد وَن ﴾ [البق&&رة ،]25 :ويف تفس&&ري
ق &&ول اهلل تع &&اىل يق &&ول اإلم &&ام ابن كث &&ري رمحه اهلل تع &&اىل" :قول &&ه تع &&اىلَ ﴿ :و ُهَلْم ِفيَه ا
َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ ق&&ال ابن أيب طلح&&ة ،عن ابن عب&&اسُ" :مطَّه رة ِم ن الَق ذر واألذى"،
41
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وق&&ال جماه&&دِ" :م ن احليض والغائ&&ط ،والب&&ول والنخ&&ام وال&&بزاق ،واملين والول&&د" ،وق&&ال
قت &&ادة" :مطَّه رة من األذى واملأمث" ،ويف رواي& &ٍة عن &&ه" :ال حيض وال كل &&ف" ،وقول &&ه
تعاىلَ ﴿ :و ُه ْم ِفيَه ا َخ اِلُد وَن ﴾ :هذا هو مَت ام الَّس عادة؛ فإهَّن م م&&ع ه&&ذا الَّنعيم يف مق&&ام
أمني ِم ن املوت واالنقطاع ،فال آخر له وال انقضاء ،بل يف نعيم سرمدٍّي أبدي على
ال& &&دوام ،واهلل املس& &&ؤول أن حيش& &&رنا يف ُز م& &&رهتم ،إَّن ه اجلواد الك& &&رمي ،ال & &ُّرب ال& &&رحيم"؛
(تفسري ابن كثري).
فعن أنس بن مال &&ك رض &&ي اهلل تع &&اىل عن &&ه أَّن أَّم حاِر َث ة أَتت رس &&وَل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه
وس&&لم ،وق&&د هَل ك حاِر َثُة ي&&وَم ب&&دٍر ،أص&&اَبه َغ رُب س&&هٍم ،فق&&اَلت :ي&&ا رس&&وَل اهلل ،ق&&د
عِلمَت موِق ع حاِر ث&َة من قل&&يب؛ ف&&إن ك&&ان يف اجلَّنة مل أب&ِك علي&&ه ،وإال س&&وف ت&&رى م&&ا
أصَنُع؟ فقال هلاَ(( :ه ِبلِت ،أجنٌة واح&&دٌة هي؟! إهَّن ا ِج ن&&اٌن كث&&ريٌة ،وإن&&ه لفي الِف رَدوس
األعلى))؛ (البخاري).
وقالَ(( :غ دَو ٌة يف س&بيل اهلل أو َر وَح ٌة خ&ٌري من ال&دنيا وم&ا فيه&ا ،وَلق&اُب َقوِس أح&ِدكم،
أو موِض قدٍم من اجلَّنة ،خ من ال&دنيا وم&ا فيه&ا ،ول&و أن ام&رأًة من نس&اِء أه&ِل اجلن&ِة
ٌري ُع
اَّطلَعت إىل األرِض ألض&&اَءْت م&&ا بينهم&&ا ،وملَألْت م&&ا بينهم&&ا ِر ًحيا ،ولَنِص يُفها -يع&&ين
اِخلماَر -خٌري من الدنيا وما فيها))؛ (البخاري).
فم&&ا أمجل ه&&ذا احلديث الَّش ريف وم&&ا في&&ه من اِحلكم واملواع&&ظ ،ال&&يت حَن ت&&اج لت &دُّبرها
يومًّيا وشحِذ عزميتنا مبا فيها من ت&رغيٍب ك&رمي وأج&ر عظيم! ويف احلديث الش&ريف بي&ان
لفض &&يلة اِجله &&اِد وأَث ره ،ووص &&ف للَّنعيم ومجال &&ه ،وبالغ &&ة يف وص &&ف مجال احلور العني،
فكي &&ف ملس &&لم أن ي &&درك مجاهلَّن إذا ك &&ان مخارهَّن خ& &ًريا من ال &&دنيا كله &&ا وم &&ا فيه &&ا من
َنعيم؟ فإذا كان هذا وصف نصيفهَّن ،فكيف لنا أن ندرك مجاهلَّن ؟!
42
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
إَّن كظم الغيظ ِعبادة رفيعة الَّش أن ،تس&توجب قه&َر الَّنفس لوج&ه اهلل تع&اىل ،ق&ال اهلل
ِع ٍة ِف ِم
س &&بحانهَ ﴿ :و َس اِر ُعوا ِإىَل َم ْغ َر ٍة ْن َر ِّبُك ْم َو َج َّن َعْر ُض َه ا الَّس َمَو اُت َو اَأْلْر ُض ُأ َّد ْت
ِف ِظِم ِء ِء ِذ ِف ِل ِق
ْلُم َّت َني * اَّل يَن ُيْن ُقوَن يِف الَّسَّر ا َو الَّض َّر ا َو اْلَك ا َني اْلَغْي َظ َو اْلَع ا َني َعِن الَّناِس َو الَّل ُه
ِحُي ُّب اْلُم ْح ِس ِنَني ﴾ [آل عم&ران ،]134 ،133 :ويف اآلي&ة الكرمية بي&اٌن لوص&ف ال&ذين
يس&اِر عون إىل َم غف&رة اهلل ذي اجلالل واإلك&رام ،ويس&ارعون إىل التمُّتع بنعيم اجلَّنة ،وهم
﴿ اَّل ِذيَن ُيْنِف ُق وَن يِف الَّس َّر اِء َو الَّض َّر اِء ﴾ ،وه&&ذه خصوص&&ية ِلمن ك&&ان اإلنف&&اق هنًج ا يف
ِظِم
حيات& & &&ه ،ال يعرتي& & &&ه ع& & &&اِر ض من ع& & &&وارض ال& & &&دنيا ليمنع& & &&ه من اإلنف& & &&اقَ ﴿ ،و اْلَك ا َني
اْلَغْي َظ ﴾؛ وهم ال&&ذين آَثروا َم رض&&اة اهلل تع&&اىل على انتص&&ارهم ألنفس&&هم ،فكبح&&وا مجاَح
الَّنفس ال&يت ت&أمر باالنتق&امَ ﴿ ،و اْلَع اِفَني َعِن الَّناِس ﴾؛ وهم أص&حاب املنزل&ة الكرمية ال&يت
ي &&دِر ُك ها املخلص &&ون؛ ف &&العفو يتطَّلب عزمية قوَّي ة جلع &&ل مَس احة الَّنفس تعل &&و على ت &&ذُّك ر
إس&&اءة الغ&&ري ،وق&&ال اإلم&&ام الس&&عدي رمحه اهلل تع&&اىل" :ي&&دخل يف العف&&و عن الن&&اس ،العف&&و
عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ،والعفو أبلغ من الكظم؛ ألن العف&&و ت&&رك املؤاخ&ذة
م& &&ع الس& &&ماحة عن املس& &&يء ،وه& &&ذا إمَّن ا يك& &&ون َّممن حتَّلى ب& &&األخالق اجلميل& &&ة ،وختَّلى عن
األخالق الرذيل &&ة ،وممن ت &&اَج ر م &&ع اهلل ،وعف &&ا عن عب &&اد اهلل؛ رمحة هبم ،وإحس &&اًنا إليهم،
وكراهة حلصول الشِّر عليهم ،وليعفو اهلل تع&اىل عن&ه ،ويك&ون أج&ره على رِّبه الك&رمي ،ال
على العب & &&د الفق & &&ري؛ كم & &&ا ق & &&ال اهلل تع & &&اىلَ ﴿ :فَمْن َعَف ا َو َأْص َلَح َف َأْج ُر ُه َعَلى الَّل ِه ﴾
[الشورى"]40 :؛ (تفسري السعدي).
وورد يف الس& &َّنة النبوي &&ة أن كظم الَغي &&ظ م &&ع الق &&درة على إنف &&اذه س &&بٌب للحص &&ول على
احلور العني؛ فعن مع&&اذ بن أنس اجله&&ين رض&&ي اهلل تع&&اىل عن&&ه ق&&ال :ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى
اهلل علي&&ه وس&&لمَ(( :م ن َك ظم غيًظ ا ،وه&&و يس&&تطيع أن ينف&&ذه ،دع&&اه اُهلل ي&&وَم القيام&&ة على
رؤوس اخلالئ& &&ق ،ح& &&ىت خيرِّي ه يف أِّي احلور ش& &&اء))؛ (الرتم& &&ذي واأللب& &&اين)؛ ول& &&ذا فَك ظم
الغي &&ظ ل &&ه عاقب &&ة كرمية ،فعلين &&ا أن َنكظم الغي &&ظ مهم &&ا ك &&انت اإلس &&اءة ،ومهم &&ا ت &&وافرت
43
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أس&&باب ال&&رد عليه&&ا ،ب&&ل الَّس ماحة والعف&&و؛ طلًب ا لعف&&و اهلل الك&&رمي ،وطمًع ا يف ث&&واب اهلل
العظيم ،فك & & & &ُّل البش& & & &&رى والفالح يف ال& & & &&دنيا والق& & & &&رب واآلخ& & & &&رة ِلمن ك& & & &&ان للَغي& & & &&ظ من
الكاظمني ،وحتَّلى بصفات احملسنني.
نسأل اَهلل تعاىل العف&َو واملعاف&اة والعافي&ة لن&ا واملس&لمني ،وأن جيعلن&ا من احملس&نني ،واحلم&د
هلل رِّب الع&&املني ،ونص&ِّلي ونس&ِّلم على س&&يد األنبي&&اء واملرس&&لني عليهم ص&&لوات اهلل تع&&اىل
وس &&المه ،وَم ن اَّتبعهم وس &&ار على هنجهم ،وعلى آل رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم
والصحابة أمجعني.15
15فكرة املقال مستوحاة من مقال للداعية أبو اهليثم حممد درويش على موقع طريق اإلسالم بعنوان" :أيها النادر ،هنيًئا لك
احلور" ،وأيًض ا من فتوى ملوقع اإلسالم سؤال وجواب بعنوان" :صفات احلور العني يف الكتاب والسنة" ،فجزاهم اهلل تعاىل خًريا.
44
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
16
أنواع العيون في الجنة
غيانا الزهراء و حبيبة
عيون الجنة
لق&د جع&ل اهلل يف اجلن&ة عيوًنا متع&ددة من أج&ل أن يرت&وي منه&ا أه&ل اجلن&ة ،وهي خمتلف&ة
األوصاف والطع&&وم واملش&ارب ،وق&&د ذكره&&ا اهلل تع&&اىل يف ع&&دة آي&&ات ب&&القرآن الك&&رمي ؛
حيث يقول املوىل عّز وجل "ِإَّن اْلُم َّتِق َني يِف َج َّناٍت َو ُعُيوٍن " ،كم&ا ق&ال س&بحانه وتع&اىل
"ِإَّن اْلُم َّتِق َني يِف ِظ اَل ٍل َو ُعُيوٍن " ،وورد يف بعض التفسريات القرآنية أن العي&&ون هي أهنار
جتري خالل األش&&جار املوج&&ودة باجلن&&ة وال&&يت ورد ذكره&&ا يف قول&&ه تع&&اىل "َم َث ُل اَجْلَّن ِة اَّليِت
ِم ِم ِس ِم ٍء ِف ِع
ُو َد اْلُم َّتُق وَن يَه ا َأْنَه اٌر ْن َم ا َغِرْي آ ٍن َو َأْنَه اٌر ْن َلٍنَب ْمَل َيَتَغَّيْر َطْع ُم ُه َو َأْنَه اٌر ْن
ِت ِف ِم ِف ِم ِم ٍة ِل
ْمَخٍر َل َّذ لَّش اِرِبَني َو َأْنَه اٌر ْن َعَس ٍل ُمَص ّف ًى َو ُهَلْم يَه ا ْن ُك ِّل الَّثَم َر ا َو َم ْغ َر ٌة ْن
َر ِهِّبْم َك َمْن ُه َو َخ اِلٌد يِف الَّناِر َو ُس ُقوا َم اًء ِمَح يًم ا َفَق َّطَع َأْمَعاَءُه ْم ".
45
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وذكر اهلل تعاىل هذه العني يف قوله بس&ورة اإلنس&ان "ِإَّن اَأْلْبَر اَر َيْش َر ُبوَن ِم ْن َك ْأٍس َك اَن
ِم َز اُجَه ا َك اُفوًر ا (َ )5عْيًن ا َيْش َر ُب َهِبا ِعَب اُد الَّل ِه ُيَف ِّج ُر وَنَه ا َتْف ِج ًريا" ،وق&د ُو ص&فت بأهنا
عني م&اء جاري&ة يف اجلن&ة ومعروف&ة باس&م عني الك&افور ،ويتص&رف فيه&ا عب&اد اهلل كيفم&ا
شاءوا.
ق &&ال اهلل تع &&اىل يف س &&ورة اإلنس &&ان أيًض ا "َو ُيْس َق ْو َن ِفيَه ا َك ْأًس ا َك اَن ِم َز اُجَه ا َزَجْنِبيال" ،
وُعرف عنها أهنا عني حتتوي على طعم الزجنبيل.
وق&&د ورد يف س&&ورة اإلنس&&ان أيًض ا قول&&ه تع&&اىل "َعْيًن ا ِفيَه ا ُتَس َّم ى َس ْلَس ِبيال" ،وُذك&&ر أهنا
ق&&د مسيت باس&&م سلس&&بيل لسالس&&ة وح&&دة جريه&&ا ،وهي نابع&&ة من جن&&ة ع&&دن إىل أه&&ل
اجلنة.
ومما ورد كذلك يف سورة اإلنسان "َو َس َق اُه ْم َر ُّبُه ْم َش َر اًبا َطُه وًر ا" ،وقي&&ل أهنا عني م&&اء
موجودة على باب اجلنة ونابعة من ساق شجرة.
ورد يف س&&ورة الغاش&&ية ق&&ول املوىل ع&ّز وج&&ل "ِفيَه ا َعٌنْي َج اِر َيٌة" ،مبع&&ىن أهنا عني س&&ارحة
يف اجلن&&ة ،وق&&د ج&&اءت جاري&&ة نك&&رة يف س&&ياق اإلثب&&ات ؛ حيث أهنا تش&&ري إىل الكث&&ري من
46
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
العيون اجلاريات وليست عني واحدة ،وذكر اهلل أيًض ا يف س&&ورة ال&&رمحن "ِفيِه ا َن اِن
َم َعْي
ْجَتِر َياِن " ،مبعىن أهنما تسرحان من أجل سقي األشجار واألغصان لتثمر جبميع األلوان.
يق&&ول اهلل تع&&اىل يف س&&ورة ال&&رمحن "ِفيِه َم ا َعْيَن اِن َنَّض اَخ َتاِن " ،مبع&&ىن أهنم&&ا عين&&ان فوارت&&ان
حيث أن املاء يفور منهما.
47
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
.1اللحوم
ق&&ال تع&&اىلَ( :و َأْم َدْد َناُه م ِبَف اِكَه ٍة َو ْحَلٍم َّمِّما َيْش َتُه وَن ) -س&&ورة الط&&ور -22:فلهم من
أن& & &&واع اللحم م& & &&ا يش& & &&تهون وك& & &&ذلك حلم الط& & &&ري ،ق& & &&ال ع & & &ّز و ج & & &ّل (َو ْحَلِم َطٍرْي َّمِّما
َيْش َتُه وَن ) -الواقعة -21:و هذه الطيور ناعمة ،لذيذة أعناقها كبرية كأعناق اإلب&&ل،
كما جاء يف حديث أنس(فيها طري أعناقها كأعناق اجلزر) -رواه الرتمذي-
.2الفواكه
عن عم&&ر بن اخلط&&اب ق&&ال :ج&&اء أن&&اس من اليه&&ود إىل رس&&ول اهلل ﷺ فق&&الوا:
(يا حممد ،أيف اجلنة فاكهة؟ قال :نعم ،فيها فاكهة وخنل ورّم ان ...إخل)
.3أّو ل طعام أهل الجّنة
48
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ثبت يف ص &&حيح البخ &&اري و مس &&لم أن زي &&ادة كب &&د احلوت هي أّو ل م &&ا يأكل &&ه أه &&ل
اجلّنة ،واملقصود بزيادة كبد احلوت ،أي :احلوت وه&و قطع&ة من ط&رف الكب&د ،وه&و
أطيب جزء فيها واألدّلة على ذلك ما يأيت:
عن أنس بن مال& &&ك رض& &&ي اهلل عن& &&ه ق& &&ال :أّن عب& &&د اهلل بن س& &&الم بلغ& &&ه مق & &ّد م الن& &&يب
ﷺ املدينة فأتاه يسأله عن أشياء ،فقال :إين سائلك عن ثالث ال يعلمهّن إاّل
ن&ّيب ،م&&ا أّو ل طع&&ام يأكل&ه أه&&ل اجلّن ة؟ ق&&ال الن&ّيب ﷺ أّم ا أّو ل طع&&ام يأكل&ه أه&&ل
اجلّنة فزيادة كبد احلوت.
49
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أي :ليس ل&&ه الي&&وم من ينق&&ده من ع&&ذاب اهلل ال محيم وال ق&&ريب وال ش&&فيع يط&&اع ،وال
طع &&ام ل &&ه ههن &&ا إاّل من غس &&لني ،ق &&ال قت &&ادة :ه &&و ش& &ّر طع &&ام أه &&ل الن &&ار و ق &&ال الربي &&ع
والضحاك :هو شجرة من جهّنم.
أكرم اهلل -تعاىل -عباده الص&&احلني وج&&زاهم باجلّن ةّ ،مث أب&&اح هلم أن يش&&ربوا من ك&ّل
ِن
ما فيها من أنواع األشربة املختلفة ،كما قال اهلل تعاىلُ( :ك ُلوا َو اْش َر ُبوا َه يًئ ا َمِبا َأْس َلْف ُتْم
يِف اَأْلَّياِم اَخْلاِلَيِة) ،ومن شراب أهل اجلّنة:17
.1الم اء :وتتص&&ف بأهنا ص&&افية ،ال يعّك ره&&ا ش&&يء يغرّي طعمه&&ا أو رائحته&&ا ،فهي أع&&ذب
وألّذ وأصفى ماء .و دليل ذلك قول اهلل تعاىل َ﴿ :م َثُل اَجلَّن ِة اَّليِت ُو ِع َد ا َّتُق وَن ِفيَه ا
ُمل
َأْنَه اٌر ِم ْن َم اٍء َغِرْي َآِس ٍن ﴾
.2الخمر :وهو ما ُيسّم ى أيضًا بالّر حيق املختوم ،فخمر أه&ل اجلن&ة خيتل&ف عن مخر ال&دنيا،
ومخُر اجلّنة مجيلٌة صافيٌة رائقٌة ،مجيل الطعم والرائح&ة ،جيد ش&ارهُب ا رائح&َة املس&ك بع&د
شرهِب ا ،ال ُمي شارهُب ا ،كما قال تعاىل ﴿ُيْس َق ْو َن ِم ْن َر ِح يٍق ْخَمُتوٍم * ِخ َتاُم ُه ِم ْس ٌك َو يِف
ّل
َذِلَك َفْلَيَتَناَفِس ا َتَناِفُس وَن * َو ِم َز اُج ُه ِم ْن َتْس ِنيٍم * َعْيًنا َيْش َر ُب َهِبا ا َقَّر ُبوَن ﴾ .و ص&&ايف
ُمل ُمل
وال ذهب عقُل ه ،كم&&ا ق&&ال اهلل تع&&اىلَ ﴿ :طاُف َل ِه م ِبَك ْأٍس ِّم ن َّم ِعٍني * ا َلَّذ ٍة
َبْيَض َء َع ْي ُي َي
50
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ِّللَّشاِرِبَني *اَل ِفيَه ا َغْو ٌل َو اَل ُه ْم َعْنَه ا ُينَز ُفوَن ﴾ ،باإلض&&افة إىل أّن مخر اجلّن ة خالي&ًة من
العي &&وب واآلف &&ات ،ال يوج &&ع ال &&رأس ،وال يقلب املع &&دة ،وال ي &&ؤمل البطن ،عكس مخر
ال &&دنيا كري &&ه الرائح &&ة ،ال &&ذي ُت ذِه ب العق &&ول ،وُتص& &َد ع ال &&رؤوس ،وجَت ِلب األس &&قام،
ومُت ِر ض األب&&دان ،جند ش&&اربيه س&&كارى ،يتحرك&&ون بفوض&&ى ،وق&&د وص&&فها اُهلل تع&&اىل،
فق & &&ال﴿ :يُط وُف َعَلْيِه ْم ِو ْل َد اٌن َخُّمَّل ُد وَن *ِب َأْك اٍب َو َأَب اِر يَق َك ْأٍس ِّم ن َّم ِعٍني * اَّل
َو َو
ُيَص َّد ُعوَن َعْنَه ا َو اَل ُينِز ُفوَن ﴾ ،وقد ن&ّز ه اهلل -تع&&اىل -مخَر اجلّن ة عن خص&&ال اخلم&&ر يف
الدنيا ،من الّس ْك ر ،والصداع ،والقيء ،والبول.
.3اللبن :ق &&ال -تع &&اىلَ﴿ :-م َث ُل اَجلَّن ِة اَّليِت ُو ِع َد ا َّتُق وَن ِفيَه ا َأْنَه اٌر ِم ْن َم اٍء َغِرْي َآِس ٍن
ُمل
َو َأْنَه اٌر ِم ْن َلٍنَب ْمَل َيَتَغَّيْر َطْع ُم ُه﴾.
.4العسل :وه&&و ذاك الّش راب احلل&&و والّص ايف الع&&ذب ال&&ذي ال يوج&&د في&&ه ش&&ائبٌة أو مشع.
كما قال تعاىل ﴿َو َأْنَه اٌر ِّم ْن َعَس ٍل ُّم َص ًّفى﴾
.5الكافور :هي عني املاء طيب&&ة الرائح&&ة ،وه&&و ش&&راب األب&&رار يف اجلن&&ة .ل&&ه خاص&&ية إض&&افة
الرائحة والطعم والتربيدِ﴿،إَّن اَأْلْبَر اَر َيْش َر ُبوَن ِم ن َك ْأٍس َك اَن ِم َز اُجَه ا َك اُفوًر ا﴾.
.6زنجبيل :ه&&و ن&&وع من ش&&راب أه&&ل اجلن&&ة ،فه&&و خيتل&&ف عن الزجنبي&&ل املع&&روف بال&&دنيا
والزجنبيل لذي&ذ الطعم ،مجي&ل الرائح&ة ،يض&يف ل&ذة احلرارة عن&دما ميزج م&ع الش&راب،
قال -تعاىلَ﴿ :-و ُيْس َق ْو َن ِفيَه ا َك ْأًس ا َك اَن ِم َز اُجَه ا َزَجْنِبياًل ﴾.
.7سلسبيل :هو املاء سهل الشرب واملرور من الفم للحل&&ق ،وه&&و ينب&&ع من عني يف اجلن&&ة،
ومسيت سلس &&بيل ألهنا تس &&يل على أه &&ل اجلن &&ة أينم &&ا وج &&دوا ،ويتمث &&ل ذل &&ك يف قول &&ه
تعاىلَ﴿ :عْيًنا ِفيَه ا ُتَس َّم ٰى َس ْلَس ِبياًل ﴾.
.8التسنيم :وهو نبع عٍني خاٌص باملقربني اليت جتري حتت العرش ،ملا ورد يف قوله تع&&اىل:
﴿ َو ِم َز اُج ۥُه ِم ن َتۡس ِنيٍم ﴾.
51
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
18
شرب أهل النار
ٍت ِع ٍة
َلَق ْد َذَك َر اُهلل َ-تَع اىَل َ -ش َر اَب َأْه ِل الَّن اِر يِف آَي ا َّد َ ،و ُه َو َش َر اٌب ُمَنَّو ٌع
ُمَتَعِّد ٌد؛ ِلَيَتَعَّد َد اْلَعَذ اُب َعَلْيِه ْم َ .أْك َث َم ا ُذِك يِف اْلُقْر آِن ِم ْن َش اِهِب اَحْلِم ي َ ،فَأْه الَّناِر
َر ُم ُم ُل َر َو ُر
ُيَض َّيُفوَن ِعْن َد ُدُخ وَهِلا ِب اَحْلِم يِم َو ُيْس َتْق َبُلوَن ِب ِه (َو َأَّم ا ِإْن َك اَن ِم َن ا َك ِّذ ِبَني الَّض اِّلَني *
ُمل
ِد
َفُنُز ٌل ِم ْن ِمَح يٍم ) [الواقع& & &&ةَ ]93:أْي َ :فِض َياَفٌة ِم ْن ِمَح يٍم َ ،و اَحْلِم يُم ه& & &&و :اْلَم اُء الَّش يُد
اَحْلَر اَر ِة.
ِل ِم ِمَح ِر َّلِذ ِئ
َو ُه َو َش َر اُبُه ُم ال&&َّدا ُم يِف الَّنا (َو ا يَن َك َف ُر وا ُهَلْم َش َر اٌب ْن يٍم َو َع َذ اٌب َأ يٌم
ِذ ِس ِئ ٍة
َمِبا َك اُنوا َيْك ُف ُر وَن ) [ي &&ونسَ ]4:و يِف آَي ُأْخ َر ى (ُأوَل َك اَّل يَن ُأْب ُلوا َمِبا َك َس ُبوا ُهَلْم
ِل ِم ِمَح
َش َر اٌب ْن يٍم َو َع َذ اٌب َأ يٌم َمِبا َك اُنوا َيْك ُف ُر وَن ) [األنع & & & &&امَ ]70 :و اَملْع ىَن َ :أَّنُه ْم
َيْع َطُش وَن َفاَل َيْش َر ُبوَن ِإاَّل َم اًء َح اًّر ا َيِز يُد ُه ْم َح َر اَر ًة َعَلى َح َر اَر ِة اْلَعَطِش .
ِل ِم ِم
َو َق ْد ُيَض ُّم ِإىَل اَحْل يِم َغَّس اٌق َ ،و َمَع ُه َأْش َك اٌل ُأْخ َر ى َن اْلَع َذ اِب ؛ ُيَض َّعَف
َعَذ اُبُه ْم َ ،و َيْز َداَد َأَلُم ُه ْم َو َه َو اُنُه ْم ؛ َك َم ا َقاَل َ-تَع اىَل َ( :-ه َذ ا َفْلَي ُذ وُقوُه ِمَح يٌم َو َغَّس اٌق *
َو َآَخ ُر ِم ْن َش ْك ِلِه َأْز َو اٌج ) [صَ ]58-57:و اْلَغَّس اُق َ :س اِئٌل َيِس يُل يِف َجَه َّنَم َ ،ق اَل َقَت اَدُة:
ُه َو َم ا َيِس يُل ِم َن اْلَق ْيِح َو الَّص ِديِد ِم ْن ُج ُلوِد َأْه ِل الَّناِر َ ،و ُحُلوِم ِه ْم َ ،و ُفُر وِج الُّز َناِة.
َغا ُة ا ُك وُن ِم اْل َش ا ِة اْلُق ِح ،ىَّت َق اَل الَّن َّ -لى ا َل ِه
ُّيِب َص ُهلل َع ْي َن َب َع َو ْب َح َو ُه َو َي َم َي
ٍق ِم
َو َس َّلَم َ" :-لْو َأَّن َدْلًو ا ْن َغَّس ا ُيَه َر اُق يِف ال&ُّد ْنَيا َأَلْنَنَت َأْه َل ال&ُّد ْنَيا" َرَو اُه َأَمْحُد َ .فَك ْي َف
َمِبْن ُه َش اُبُه ْم ؟! َنُع وُذ ِباِهلل َتَع اىَل ِم َن الَّن اِر َ.و َق ْد َأْخ َب اُهلل َتَع اىَل َعْن َش اِب اْلَك اِفِر
َر َر َو َر
ِديٌد يِف َل ِن ِه ِرِحي ِه ِم ٍء ِم ٍء ِد ٍد
ْو َو َفَق اَل ُس ْبَح اَنُهَ( :و ُيْس َق ى ْن َم ا َص ي ) َأْي ْ :ن َم ا ُه َو َص
َو َطْع ِم ِهَ ،م َع ِش َّد ِة َح َر اَر ِت ِهَ ،و ُه َو َم ا َيِس يُل ِم ْن َأْب َد اِن اْلُك َّف اِر ِم َن اْلَق ْيِح َو ال &&َّد ِم َح اَل
ِذ
َتْع يِبِه ْم َ .و ِم ْن ُقْبِح َلْو ِنِه َو ِرِحي ِه َو َطْع ِمِه (َيَتَج َّر ُعُه َو اَل َيَك اُد ُيِس يُغُه َو َيْأِتي&ِه ا ْو ُت ِم ْن ُك ِّل
َمل
18الشيخ د إبراهيم بن حممد احلقيل" ،شراب أهل النار" ،اخلطباء/https://khutabaa.com/ar/article 2022 ،نار-
اآلخرة-6-شراب-أهل-النار.
52
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َأيِب ُأ ا َة ِ -ض ]. 17 &راهيم: ب [إ ) ٌظ & يِّيٍت ِم اِئِه َذ ا َغِل ا َك اٍن
َي َر َم َم ْن َع َو ٌب َع َر َو ْن َو َمِب َو ُه َم َو َم
ا ْن ِ -ن الَّن َّ -لى ا َل ِه َّل -يِف ِلِهَ (" :ق ى ِم اٍء ِديٍد
ْن َم َص َو ُيْس َقْو ُهلل َع ُه َع ِّيِب َص ُهلل َع ْي َو َس َم
ِم ِه
َيَتَج َّر ُع ُه) [إب& &&راهيمَ ]17 :ق اَل ُ :يَق َّر ُب ِإَلْي َفَيَتَك َّر ُه ُهَ ،ف ِإَذا ُأْد َيِن ْن ُه َش َو ى َو ْجَه ُه
َو َو َقَعْت َفْر َو ُة َر ْأِس ِهَ ،فِإَذا َش ِر َبُه َقَّطَع َأْمَع اَءُهَ ،ح ىَّت ْخَيُر َج ِم ْن ُدُبِرِه َيُق وُل اُهلل َع َّز َو َج َّل:
( ُقوا ا ِمَح ي ا َق َّط َأ ا ) [حممدُ ]15 :قوُل ا ِ ( :إْن ِغي وا اُثوا اٍء
َو َي ُهلل َو َيْس َت ُث ُيَغ َمِب َو ُس َم ًء ًم َف َع ْمَع َءُه ْم
َك اْلُم ْه ِل َيْش ِو ي اْلُو ُج وَه ِبْئَس الَّش َر اُب ) [الكه & & &&فَ( "]29 :رَو اُه َأَمْحُد َو َص َّح َحُه
اَحْلاِكُم).
َو َأِلْه ِل الَّن اِر َعٌنْي ُيْس َق ْو َن ِم ْنَه ا؛ َك َم ا َق اَل اُهلل َتَع اىَل ُ( :تْس َق ى ِم ْن َعٍنْي آِنَي ٍة)
[الغاش &&يةَ ]5:أْي ُ :مَتَناِه َي ٍة يِف اَحْلَر اَر ِةَ .و ِإَذا َعِط َش َأْه ُل الَّن اِر اْس َتَغاُثوا َو َطَلُب وا الُّس ْق َيا،
َفُيَج اُبوَن ِبُس ْق َيا َتِز يُد َعَذ اَبُه ْم َع َذ اًبا (َو ِإْن َيْس َتِغيُثوا ُيَغ اُثوا َمِباٍء َك ا ْه ِل ) َأْي َ :ك الَّر َص اِص
ُمل
ا َذ اِب َ ،أ َك ِكِر الَّز ِت ِ ،م ِش َّد ِة ا ِتِهْ ( .ش ِو ي ال و ) َفَك ِباَأْل اِء اْل ُطوِن
ُو ُج َه ْيَف ْمَع َو ُب َح َر َر َي ْي ْن ْو َع ُمل
(ِبْئَس الَّش َر اُب َو َس اَءْت ُمْر َتَفًق ا) [الكهف.]29:
َو ِإَذا َأَك ُلوا الَّز ُّقوَم َفَعِط ُش وا ِبَس َبِب َح َر اَر ِتِه يِف ُبُطوِهِنْم ُس ُقوا َمِبا ُه َو َأَش ُّد ِم ْن ُه َح ًّر ا
ِم ِإ ِل ِم ِك ِم ِم ِإ
َو ُه َو اَحْل يُم (َف َّنُه ْم آَل ُل وَن ْنَه ا َفَم ا ُئوَن ْنَه ا الُبُط وَن * َّمُث َّن ُهَلْم َعَلْيَه ا َلَش ْو ًبا ْن
ِمَح يٍم ) [الَّص فاتَ .]67-67:و َلْيَس َع َذ اُبُه ْم َمِباِء اَحْلِم يِم ُش ْر ًبا َفَق ْط َ ،ب ْل َو ُيَص ُّب َعَلى
ُل و ِم ِش َّد ِة ا ِت ِه ( ُّب ِم ِق ِذ ِس
ْن َفْو َح َر َر ُيَص ُر ُؤ و ِه ْم َ ،ح ىَّت ُي يَب َأْح َش اَءُه ْم َو ُج َدُه ْم ْن
ُرُءوِس ِه ُم اَحلِم يُم * ُيْص َه ُر ِب ِه َم ا يِف ُبُط وِهِنْم َو اُجلُل وُد) [احلجَ ]20:و َرَو ى َأُبو ُه َر ْيَر َة -
رض& &&ي اهلل عن& &&هَ -عِن الَّنِّيِب َ-ص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم َ -ق اَل ِ" :إَّن اَحلِم يَم َلُيَص ُّب َعَلى
ِم ِف ِه ِل ِف ِه ِإ ِم ِس
ُرُءو ِه ْم َفَيْنُف ُذ اَحل يُم َح ىَّت ْخَيُلَص ىَل َجْو َفَيْس ُت َم ا يِف َجْو َ ،ح ىَّت ْمَيُر َق ْن
ِح ِد ِم ِذ ِه
َقَد َم ْي َو ُه َو الَّص ْه ُر َّمُث ُيَع اُد َك َم ا َك اَن " (َرَو اُه الِّتْر ُّي َو َق اَل َ :ح يٌث َح َس ٌن َص يٌح
َغِر يٌب ).
53
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َه َذ ا؛ َو َقْد َتَو َّعَد اُهلل َتَعاىَل َمْن َش ِر َب اَخْلْم َر يِف الُّد ْنَيا ِبَش َر اٍب يِف الَّناِر ؛ َك َم ا َق اَل
ِل ِهلل ِإ ِك ِه
الَّنُّيِب َ-ص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ُ" :-ك ُّل ُمْس ٍر َح َر اٌمَّ ،ن َعَلى ا َع َّز َو َج َّل َعْه ًد ا َمْن
َيْش َر ُب اْلُمْس ِكَر َأْن َيْس ِق َيُه ِم ْن ِط يَنِة اَخْلَباِل " َقاُلواَ :يا َرُس وَل اِهللَ ،و َم ا ِط يَنُة اَخْلَب اِل ؟ َقاَل :
"َع َر ُق َأْه ِل الَّناِر " َأْو "ُعَص اَر ُة َأْه ِل الَّناِر " (َرَو اُه ُمْس ِلٌم)َ .و َك َذ ِلَك ا َتَك ِّبُر وَن َمْو ُع وُدوَن
ُمل
ِبَش َر اٍب يِف الَّناِر ؛ َك َم ا يِف َح ِديِث َعْم ِر و ْبِن ُش َعْيٍب َ ،عْن َأِبي &ِهَ ،عْن َج ِّد َ ،عِن الَّنِّيِب -
ِه
ِر الِّر اِل ِق ِة ِه
َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم َ -قاَل ْ" :حُيَش ُر اُملَتَك ِّبُر وَن َيْو َم ال َياَم َأْم َثاَل ال&َّذ ِّر يِف ُص َو َج
ِإ ِس ٍن ُّذُّل ِم
َيْغَش اُه ُم ال& ْن ُك ِّل َم َك ا َ ،فُيَس اُقوَن ىَل ْج ٍن يِف َجَه َّنَم ُيَس َّم ى ُبوَلَس َتْع ُلوُه ْم َناُر
اَألْنَياِر ُيْس َق ْو َن ِم ْن ُعَص اَر ِة َأْه ِل الَّناِر ِط يَنَة اَخلَباِل " َرَو اُه الِّتْر ِمِذُّي َو َح َّس َنُه.
َنْس َأُل اَهلل َتَع اىَل َأْن ُيِعي &َذ َنا ِم َن الَّن اِر َ ،و ِم ْن َعَم ِل َأْه ِلَه اَ ،و َأْن َيْأُخ َذ ِبَن ا ِإىَل َم ا
ُيْر ِض يِه َعَّناَ ،و َو اِلِديَنا َو ا ْس ِلِم َني (َر َّبَن ا اْص ِر ْف َعَّنا َع َذ اَب َجَه َّنَم ِإَّن َع َذ اَبَه ا َك اَن َغَر اًم ا
ُمل
* ِإَّنَه ا َس اَءْت ُمْس َتَقًّر ا َو ُمَق اًم ا) [الفرقان.]66-65:
54
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
معجزات النبي ﷺ
حنيفة احلقيقة و لطفي ألفياين
تعريف المعجزة
املعج&&زة :أم &ٌر خ&&ارق للع&&ادةْ ،جُيِر ي&&ه اهلل تع&&اىل على أي&&دي األنبي&&اء واملرَس لني؛ تأيي &ًد ا هلم،
وحتدًيا ألق&&وامهم؛ (فت &&اوى ابن تيمي &&ة جـ 11صـ ،)311 :312وس &&وف ن &&ذكر بعض
معجزات نبينا صلى اهلل عليه وسلم.
معجزات النيب ﷺ:2019
.1القرآن الكريم
قال اهلل تعاىل ﴿َذِلَك اْلِكَتاُب اَل َر ْيَب ۛ ِفيِهۛ ُه ًد ى ِّلْلُم َّتِق َني ﴾ (البقرة)2:
.2رحلة اإلسراء والمعراج
اَن اَّلِذي َأ ى ِب ِدِه َل اًل ِم اْل ِج ِد ا اِم ِإىَل اْل ِج ِد
َمْس ْس َر َعْب ْي َن َمْس َحْلَر ق&&ال اهلل تع&&اىلُ ﴿ :س ْبَح
اَأْلْقَص ى اَّلِذي َباَر ْك َنا َحْو َلُه ِلُنِر َيُه ِم ْن آَياِتَنا ِإَّنُه ُه َو الَّس ِم يُع اْلَبِص ُري ﴾ (اإلسراء)1 :
وقال سبحانهَ ﴿ :و الَّنْج ِم ِإَذا َه َو ى * َم ا َض َّل َص اِح ُبُك ْم َو َم ا َغ َو ى * َو َم ا َيْنِط ُق َعِن
ِم ٍة ِد َّل ِإاَّل ِإ
اَهْلَو ى * ْن ُه َو َو ْح ٌي ُي وَح ى * َع َم ُه َش يُد اْلُق َو ى * ُذو َّر َفاْس َتَو ى * َو ُه َو
19الش & & & & & & & & &&يخ ص & & & & & & & & &&الح جنيب ال & & & & & & & & &&دق" ،معج & & & & & & & & &&زات نبين & & & & & & & & &&ا ص & & & & & & & & &&لى اهلل علي & & & & & & & & &&ه وس & & & & & & & & &&لم" ،األلوك & & & & & & & & &&ة،2015 ،
/https://www.alukah.net/sharia/0/95581معجزات-نبينا-صلى-اهلل-عليه-وسلم./
20س& & & & & & &&جى الفواجلة" ،م & & & & & &&ا هي معج & & & & & &&زات الن & & & & & &&يب حمم & & & & & &&د" ،موض & & & & & &&وع/https://mawdoo3.com ،2018 ،
ما_هو_شراب_اهل_اجلنة.
55
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ِب اُأْلُفِق اَأْلْع َلى * َّمُث َدَن ا َفَتَد ىَّل * َفَك اَن َق اَب َقْو َس ِنْي َأْو َأْد ىَن * َف َأْو َح ى ِإىَل َعْب ِدِه َم ا
َأْو َح ى * َم ا َك َذ َب اْلُف َؤ اُد َم ا َر َأى * َأَفُتَم اُر وَن ُه َعَلى َم ا َيَر ى * َو َلَق ْد َر آُه َنْز َل ًة
ُأْخ َر ى * ِعْن َد ِس ْد َر ِة اْلُم ْنَتَه ى * ِعْن َد َه ا َج َّن ُة اْلَم ْأَو ى * ِإْذ َيْغَش ى الِّس ْد َر َة َم ا
َيْغَش ى * َم ا َز اَغ اْلَبَص ُر َو َم ا َطَغى * َلَق ْد َر َأى ِم ْن آَياِت َر ِّبِه اْلُك ْبَر ى ﴾ (النجم1 :
– )18
.3انشقاق القمر
ق &&ال اهلل تع &&اىل ﴿ :اْقَتَر َبِت الَّس اَعُة َو اْنَش َّق اْلَق َم ُر * َو ِإْن َيَر ْو ا آَي ًة ُيْع ِر ُض وا َو َيُقوُل وا
ِم ِق ِم ِس
ْح ٌر ُمْس َت ٌّر * َو َك َّذ ُبوا َو اَّتَبُع وا َأْه َو اَءُه ْم َو ُك ُّل َأْم ٍر ُمْس َت ٌّر * َو َلَق ْد َج اَءُه ْم َن
اَأْلْنَباِء َم ا ِفيِه ُمْز َدَجٌر * ِح ْك َم ٌة َباِلَغٌة َفَم ا ُتْغِن الُّنُذ ُر ﴾ (القمر)5 – 1 :
.4نبع الماء من بين أصابع نبينا صلى اهلل عليه وسلم
روى البخ&ارُّي عن س&&اٍمل عن ج&ابٍر رض&ي اهلل عن&&ه ،ق&&ال :عطش الن&&اس ي&&وم احلديبي&&ة،
ورس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم بني يدي &&ه رك &&وة (إن &&اء ص &&غري من اجلل &&د) ،فتوض &&أ
منه &&ا ،مث أقب &&ل الن &&اس حنوه ،فق &&ال رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم(( :م &&ا لكم؟))
قالوا :يا رسول اهلل ،ليس عن&دنا م&اء نتوَّضأ ب&ه وال نش&رب إال م&ا يف ركوت&ك ،ق&ال:
(فوضع النيب ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ي&ده يف الرك&وة ،فجع&ل املاء يف&ور من بني أص&ابعه
كأمثال العيون) ،قال :فشربنا وتوَّضأنا ،فقلت جلابٍر :كم كنتم يومئٍذ ؟ قال :لو كن&&ا
مائة ألٍف لكفانا ،كنا مخس عشرة مائًة؛ (البخاري حديث.)4152 :
.5تكثير الطعام والشراب بين يدي نبينا صلى اهلل عليه وسلم
روى البخ&&ارُّي عن جماه &ٍد :أن أب&&ا هري&&رة ك&&ان يق&&ول :واهلل ال&&ذي ال إل&&ه إال ه&&و ،إن
كنت ألعتم &&د (ُألِص ق) بكب &&دي على األرض من اجلوع ،وإن كنت ألُش ُّد (أرب &&ط)
احلَج َر على بط&&ين من اجلوع ،ولق&&د قع&&دت يوًم ا على ط&&ريقهم ال&&ذي خيرج&&ون من&&ه،
56
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
فمر أبو بك&ٍر ،فس&&ألته عن آي&ٍة من كت&&اب اهلل ،م&&ا س&&ألُته إال لُيش&ِبعين ،فم&ر ومل يفع&&ل،
مث مر يب عمر ،فسألته عن آيٍة من كتاب اهلل ،ما س&&ألته إال ليش&&بعين ،فم&&ر فلم يفع&&ل،
مث م&&ر يب أب&&و القاس&&م ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ،فتبَّس م حني رآين ،وع&َر ف م&&ا يف نفس&&ي
وم&&ا يف وجهي ،مث ق&&ال(( :ي&&ا أب&&ا ه&&ر)) ،قلت :لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل ،ق&&ال(( :اَحْلْق ))،
ومض &&ى ،فتبعت &&ه ،ف &&دخل ،فاس &&تأذن ،ف &&أذن يل ،ف &&دخل ،فوج &&د لبًن ا يف ق &&دٍح ،فق &&ال:
((من أين ه &&ذا اللنب؟)) ق &&الوا :أه &&داه ل &&ك فالن أو فالن &ُة ،ق &&ال(( :أب &&ا ه &&ر)) ،قلت:
لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل ،ق&&ال(( :ا إىل أه&&ل الُّص َّفة ف&&اد هم يل)) ،ق&&ال :وأه& الُّص فِة
ُل ُع َحْلْق
أض&&ياف اإلس&&الم ،ال ي&&أوون إىل أه &ٍل وال م&&اٍل ،وال على أح &ٍد ،إذا أَتْت ه ص&&دقٌة بعث
هبا إليهم ومل يتن& & &&اول منه& & &&ا ش& & &&يًئا ،وإذا أتت& & &&ه هدي & & &ٌة أرس& & &&ل إليهم ،وأص& & &&اب منه & &&ا،
وأش& &&ركهم فيه& &&ا ،فس& &&اءين (أمهين وأحزن& &&ين) ذل& &&ك ،فقلت :وم& &&ا ه& &&ذا اللنب يف أه& &&ل
الص&&فة ،كنُت أح &َّق أن&&ا أن أص&&يب من ه&&ذا اللِنب ش&&ربًة أتق &َّو ى هبا ،ف&&إذا ج&&اء أم&&رين،
فكنت أن & &&ا أعطيهم ،وم & &&ا عس & &&ى أن يبلغ & &&ين من ه & &&ذا اللنب ،ومل يكن ِم ن طاع & &&ة اهلل
وطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ُبٌّد ،ف&&أتيُتهم ف&&دعوهتم ،ف&&أقبلوا ،فاس&&تأذنوا ،ف&&أذن
هلم ،وأخ&&ذوا جمالس&&هم من ال&&بيت ،ق&&ال(( :ي&&ا أب&&ا ه&&ر)) ،قلت :لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل،
ق &&الُ(( :خ ْذ ف &&أعطهم)) ،ق &&ال :فأخ &&ذت الق &&دح ،21فجعلت أعطي &&ه الرج &&ل فيش &&رب
ح&&ىت َيْر َو ى ،مث ي&&رد علَّي الق&&دح ،فأعطي&&ه الرج&&ل ،فيش&&رب ح&&ىت ي&&روى ،مث ي&&رد علَّي
الق &&دح ،فيش&&رب ح&&ىت ي &&روى ،مث ي &&رد علَّي الق &&دح ،ح&&ىت انتهيت إىل الن &&يب ص&&لى اهلل
عليه وسلم وقد َر ِو َي القوُم كلهم ،فأخذ القدح فوضعه على يده ،فنظر إَّيل فتبس&&م،
فق &&ال(( :أب &&ا ه &&ر)) ،قلت :لبي &&ك ي &&ا رس &&ول اهلل ،ق &&ال(( :بِق يُت أن &&ا وأنت)) ،قلت:
ص & &&دقَت ي & &&ا رس & &&ول اهلل ،ق & &&ال(( :اقع & &&د فاش & &&رب)) ،فقع & &&دت فش & &&ربت ،فق & &&ال:
((اش& &&رب)) ،فش& &&ربُت ،فم& &&ا زال يق& &&ول(( :اش& &&رب)) ح& &&ىت قلت :ال وال& &&ذي بعث& &&ك
57
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
باحلق ،ما أجد له مسلًك ا ،قال(( :فأرين)) فأعطيته القدح ،فَح ِم َد اهلل ومسى وش&&رب
الَفْض لة؛ (البخاري حديث.)6452 :
.6رؤية نبينا صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه من وراء ظهره
روى البخ &&اري عن أنس بن مال& &ٍك ،ق &&ال :أقيمت الص &&الة ،فأقَب ل علين &&ا رس &&ول اهلل
ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم بوجه&&ه ،فق&&ال(( :أقيم&&وا ص&&فوفكم ،وتراُّص وا؛ ف&&إين أراكم ِم ن
وراء ظهري))؛ (البخاري حديث)719 :
.7سجود البعير وشكواه لنبينا صلى اهلل عليه وسلم
روى أمحُد عن أنس بن مال& &ٍك ق &&ال :ك &&ان أه &&ل بيٍت من األنص &&ار هلم مجل َيْس ُنوَن
علي&&ه ،وإن اجلم&&ل اسَتْص َعب عليهم ،فمَنعهم ظه&َر ه ،وإن األنص&&ار ج&&اؤوا إىل رس&&ول
اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم فق &&الوا :إن &&ه ك &&ان لن &&ا مجل َنْس يِن (حُن ض &&ر املاء) علي &&ه ،وإن &&ه
اسَتص&َعب علين&&ا ،ومَنَعن&&ا ظه&َر ه ،وق&&د عطش ال&&زرع والنخ&&ل ،فق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى
اهلل علي &&ه وس &&لم ألص &&حابه(( :قوم &&وا)) فق &&اموا ،ف &&دخل احلائ& &َط واجلم& &ُل يف ناحيت &&ه،
فمشى النيب صلى اهلل عليه وسلم حنوه ،فقالت األنص&ار :ي&ا رس&ول اهلل ،إن&ه ق&د ص&ار
مثل الَكْلِب الَك ِلِب ،وإنا خناف عليك صولَته ،فق&ال :ليس علَّي من&ه ب&أس ،فلم&ا نظ&ر
اجلم&&ل إىل رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ،أقب&&ل حنوه ،ح&&ىت خ&َّر س&&اجًد ا بني يدي&&ه،
فأخ&&ذ رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم بناص&&يته أذَّل م&&ا ك&&انت ق&&ط ،ح&&ىت أدخل&&ه يف
العم&&ل ،فق&&ال ل&&ه أص&&حابه :ي&&ا ن&&يب اهلل ،ه&&ذه هبيم&ٌة ال تعِق ُل تس&&جد ل&&ك ،وحنن نعِق ُل،
فنحن أح &ُّق أن نس &&جد ل &&ك! فق &&ال(( :ال يص &ُلُح لبش &ٍر أن يس &&جد لبش &ٍر ،ول &&و ص &َلح
لبش &ٍر أن يس &&جد لبش &ٍر ،ألم &&رُت املرأَة أن تس &&جد لزوجه &&ا؛ من ِعَظِم حق &&ه عليه &&ا))؛
(حديث صحيح لغريه) (مسند أمحد جـ 20صـ 64حديث.)12614 :
.8إخبار الذئب بنبَّو ة نبينا صلى اهلل عليه وسلم
58
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
روى أمحُد عن أيب س& &&عيٍد اخلدري ق& &&ال :ع& &&دا ال& &&ذئب على ش& &&اٍة ،فأخ& &&ذها ،فطلب& &&ه
ال&&راعي ،فانتزعه&&ا من&&ه ،ف&&أقعى 22ال&&ذئب على َذَنِب ه ،23ق&&ال :أال تتقي اهلل ،ت&&نزع م&&ين
رزًق ا س &&اقه اهلل إَّيل؟! فق &&ال :ي &&ا عج&&يب ،ذئٌب ُمْق ٍع على َذَنِب ه ،يكلم&&ين كالم اإلنس،
فقال الذئب :أال أخ&ربك ب&أعجَب ِم ن ذل&ك؟ حمم&ٌد ص&لى اهلل علي&ه وس&لم بي&ثرَب خيرب
الناس بأنباِء ما قد سبق ،قال :فأقبل الراعي يُس وُق غَنمه ،ح&ىت دخ&ل املدين&ة ،فزواه&ا
إىل زاوي&ٍة من زواياه&ا ،مث أتى رس&وَل اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ف&أخربه ،ف&أمر رس&ول
اهلل ص & &&لى اهلل علي & &&ه وس & &&لم ،فُن ودي :الص & &&الة جامع & &&ة ،مث خ & &&رج ،فق & &&ال لل & &&راعي:
((أخْرِبهم)) ،ف &&أخربهم ،فق &&ال رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم(( :ص& &َد َق وال &&ذي
نفسي بيده ،ال تقوم الساعُة حىت يكِّلَم الس&&باُع اإلنَس ،ويكلَم الرج&َل َعَذ َبُة َس ْو ِط ه،
وِش راُك نعِله ،24وخيربه فِخ ُذ ه مبا أحدث أهله بعده)) (ح&&ديث ص&&حيح) (مس&&ند أمحد
جـ 18صـ 315حديث.)11792 :
.9حنين الجذع شوًقا لنبينا صلى اهلل عليه وسلم
روى البخ& &&اري عن ج& &&ابر بن عب& &&د اهلل رض& &&ي اهلل عنهم& &&ا :أن الن& &&يب ص& &&لى اهلل علي& &&ه
وس &&لم :ك &&ان يق &&وم ي &&وم اجلمع &&ة إىل ش &&جرٍة أو خنل &ٍة ،فق &&الت ام &&رأة من األنص &&ار ،أو
رجل :يا رسول اهلل ،أال جنعل لك منًربا؟ قال(( :إن ش&&ئتم)) ،فجعل&وا ل&&ه من&ًربا ،فلم&ا
ك&ان ي&وم اجلمع&ةُ ،دِف َع إىل املن&رب ،فص&احت النخل&ة ص&ياح الص&يب ،مث ن&زل الن&يب ص&لى
اهلل علي &&ه وس &&لم فض &َّم ه إلي &&ه ،تئُّن 25أنَني الص &&يب ال &&ذي ُيَس َّك ُن ،ق &&ال(( :ك &&انت تبكي
على ما كانت تسَمُع ِم ن الِّذ كِر عندها))؛ (البخاري حديث.)3584 :
.10انقياد الشجر لنبينا صلى اهلل عليه وسلم
59
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
روى مس &&لم عن ج &&ابر بن عبداهلل ق &&الِ :س ْر نا م &&ع رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم
ح &&ىت نزلن &&ا وادًي ا أفَيَح (واس& &ًعا) ،ف &&ذهب رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم يقض &&ي
حاجته ،فاتبعُته ب&إداوٍة (إن&اء) من م&اٍء ،فنظ&ر رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم فلم ي َر&
شيًئا يسترت ب&ه ،ف&إذا ش&جرتان بش&اطئ ال&وادي (جانب&ه) ،ف&انطلق رس&ول اهلل ص&لى اهلل
علي &&ه وس &&لم إىل إح &&دامها ،فأخ &&ذ بُغص& &ٍن من أغص &&اهنا ،فق &&ال(( :انق &&اِدي علَّي ب &&إذن
اهلل)) ،فانق&&ادت مع&&ه ك&&البعري ا ْخ ُش وِش (ع&&ود جيع&&ل يف أن&&ف البع&&ري ويش&&د في&&ه حب&&ل
ِن َمل
لي &&ذَّل وينق &&اد) ،ال &&ذي ُيص &&ا ُع قائ &َد ه ،ح &&ىت أتى الش &&جرة األخ &&رى ،فأخ &&ذ بغص & من
ٍن
أغص &&اهنا ،فق &&ال(( :انق &&ادي علَّي ب &&إذن اهلل)) ،فانق &&ادت مع &&ه ك &&ذلك ،ح &&ىت إذا ك &&ان
با ْنَص ِف (عن &&د نص &&ف املس &&افة) مما بينهم &&اَ ،أَلَم بينهم &&ا -يع &&ين مجعهم &&ا -فق &&ال:
َمل
((الَتِئَم ا علَّي ب&&إذن اهلل)) فالتأمَت ا ،ق&&ال ج&&ابر :فخ&&رجُت ُأحِض ُر (أع&&دو وأس&&عى س&&عًيا
ش &&ديًد ا)؛ خماف &َة أن ِحُي َّس رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم بُق ْر يب فيبتع &&د ،فجلس &&ت
أح&&دث نفس&&ي ،فح&&انت م&&ين لفت&&ة (النظ&&رة إىل جنب) ،ف&&إذا أن&&ا برس&&ول اهلل ص&&لى اهلل
عليه وسلم مقباًل ،وإذا الشجرتاِن قد افرتقتا ،فق&امت ك&ل واح&دٍة منهم&ا على س&اٍق ؛
(مسلم حديث.)3012 :
.11تسليم الحَج ر على نبِّينا صلى اهلل عليه وسلم
روى البخ &&ارُّي عن عبداهلل بن مس &&عود ق &&ال :كن &&ا نُع ُّد اآلي &&اِت (املعج &&زات) برك& &ًة،
وأنتم تُعُّدوهنا ختويًف ا (ألجل التخويف) ،كنا مع رسول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم يف
سفٍر ،فقَّل املاء ،فقال(( :اطلبوا فضلًة من ماٍء )) ،فجاؤوا بإناٍء فيه ماء قليل ،فأدخل
ي&َد ه يف اإلن&&اء ،مث ق&&الَ(( :ح َّي على الَّطُه ور (تع&&اَلْو ا وتطَّه روا باملاء) املب&&اَر ِك ،والربك&ُة
ِم ن اهلل))،فلقد رأيُت املاء ينُبُع ِم ن بني أصابع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،ولقد
كنا نسَمُع تسبيح الطعام وهو يؤكل؛ (البخاري حديث.)3579 :
.12كالم الشاِة المسمومة لنبينا صلى اهلل عليه وسلم
60
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
روى أب &&و داود عن أيب هري &&رة ،ق &&ال :ك &&ان رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم يقَب ُل
اهلدي &&ة ،وال يأك &&ل الص &&دقَة ،ح &&دثنا وهب بن بقي &&ة يف موض& &ٍع آخ &&ر عن خال& &ٍد ،عن
حممد بن عمٍر و ،عن أيب سلمة ،ومل يذُك ْر أبا هري&رة ق&ال :ك&ان رس&وُل اهلل ص&لى اهلل
عليه وسلم يقَبُل اهلدية ،وال يأكل الصدقَة ،زاد :فأهَد ْت له يهوديٌة خبيرب شاًة َم ْص ِلَّيًة
(مش&&وية) َّمسْتها ،فأك&&ل رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم منه&&ا ،وأك&&ل الق&&وم ،فق&&ال:
((ارَفع &&وا أي &&ديكم؛ فإهنا أخ ْت ين أهنا مس &&مومة)) ،فم &&ات ِبش &&ر بن ال &&رباء بن مع &&روٍر
َرب
األنص&&اري ،فأرس&&ل الن&ُّيب ص&لى اهلل علي&&ه وس&&لم إىل اليهودي&&ة(( :م&&ا محل&ِك على ال&&ذي
صنعِت ؟)) ،ق&&الت :إن كنت نبًّي ا ،مل يض&&رك ال&&ذي ص&نعت ،وإن كنت مِلًك ا أرحت
الناس منك ،فأمر هبا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فُقِتَلت ،مث قال يف وَج ِعه ال&&ذي
ِم
م&&ات في&&ه(( :م&&ا زلُت أج &ُد ن األكل&&ة ال&&يت أكلت خبي&&رب؛ فه&&ذا أوان (وقت) قَطَعْت
َأْبَه ِر ي "ِع رق مرتبط بالقلب ،إذا انقطع مات اإلنسان"))؛ (ح&&ديث حس&&ن ص&&حيح)
(صحيح أيب داود لأللباين حديث.)3784 :
.13معجزة ريق نبينا صلى اهلل عليه وسلم
روى البخ& &&اري عن يزي& &&د بن أيب عبي & &ٍد ق& &&ال :رأيت أَثَر ض& &&ربٍة يف س& &&اق س& &&لمة بن
األكوع ،فقلت :يا أبا مسلٍم ،ما هذه الضربة؟ فقال :هذه ضربة أصابتين يوم خي&&رب،
فق &&ال الن &&اس :أص &&يب س &&لمُة ،ف &&أتيت الن& &َّيب ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم (فنَف ث في &&ه ثالث
نفث &&اٍت (ري &&ق خفي &&ف) ،فم &&ا اش &&تكيُتها (فم &&ا ت& &أَّلْم ُت منه &&ا) ح &&ىت الس &&اعة)؛ (رواه
البخاري)
إخبار في المستقبل :
.1إخبار نبِّينا صلى اهلل عليه وسلم عن ظهور اإلسالم وانتشاره
روى البخ &&اري عن خَّب اب بن األَر ِّت ،ق &&ال :ش &&كونا إىل رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه
وس&&لم وه&&و متوِّس ٌد ب&&ردًة ل&&ه يف ظل الكعب&&ة ،قلن&&ا ل&&ه :أال تستنص&&ر لن&&ا ،أال ت&&دعو اهلل
لنا؟ قال(( :كان الرجل فيمن قبلكم حُي َف ُر له يف األرض ،فيجعل فيه ،فيجاء باملنش&&ار
61
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
فيوضع على رأسه فيشق باثنتني ،وما يصده ذل&ك عن دين&ه ،وميش&ط بأمش&اط احلدي&د
ما دون حلمه من عظٍم أو عصٍب ،وما يصده ذلك عن دين&ه ،واهلل لَيِتَّمَّن ه&ذا األم&ُر ،
ح& &&ىت يس& &&ري ال& &&راكب من ص& &&نعاء إىل حض& &&رموت ،ال خياف إال اهلل ،أو ال& &&ذئب على
غَنِم ه ،ولكنكم تستعجلون))؛ (البخاري حديث.)3612 :
.2إخبار نبينا صلى اهلل عليه وسلم بموت النجاشي ملك الحبشة
روى الشيخان عن جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما ،قال :ق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه
وس&&لم حني م&&ات النجاش&&ي(( :م&&ات الي&&وم رج&ٌل ص&&احل ،فقوم&&وا فص&ُّلوا على أخيكم
أصحمة))26؛ (البخاري حديث /3877 :مسلم حديث.)952 :
.3إخبار نبينا صلى اهلل عليه وسلم باستشهاد بعض الصحابة في حياته
روى البخ &&اري عن أنس بن مال &ٍك رض &&ي اهلل عن &&ه ،ق &&ال :ق &&ال الن &&يب ص &&لى اهلل علي &&ه
وس&&لم(( :أخ&&ذ الراي &َة زي&&د (ابن حارث&&ة) ،فأص&&يب (ُقت&&ل) ،مث أخ&&ذها جعف&&ر (ابن أيب
ط &&الب) فأص &&يب (قت &&ل) ،مث أخ &&ذها عبداهلل بن رواح &&ة فأص &&يب (قت &&ل) -وإن عيْيَن
رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم لت&ذرفاِن -مث أخ&ذها خال&د بن الولي&د من غ&ري إم&رٍة
(تأمري من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ،وال من اجلند معه) ففتح ل&&ه))؛(البخ&&اري
حديث.)1246 :
62
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وأم &&ر اهلل نبي &&ه ببن &&اء س &&فينة عظيم &&ة مص &&نوعة من خش &&ب الص &&نوبر ،وتتك &&ون من
ثالث&&ة طواب&&ق ،حيث محل يف القس&&م األرض&ي احليوان&&ات ،ومحل يف القس&&م الث&&اين املؤم&&نني
من البش&ر مع&ه ،ومحل يف القس&م الث&الث الطي&ور .عن&د ظه&ور عالم&ة الطوف&ان لن&وح علي&ه
الس &&الم وهي ف &&وران التن &&ور ،محل على منت الس &&فينة من ك &&ل حيوان &&ات األرض زوجني
وأهله ما عدا زوجته اليت كانت ختونه ،فقد كانت خترب جب&&ابرة ق&&وم ن&&وح عن&&د إميان أي
شخص من القوم برسالة النيب نوح ،حيث كانوا يعذبون املؤمنني ويقتلوهم.
إض &&افة إىل أح &&د أبنائ &&ه ال &&ذي ك &&ان يب &&دي اإلميان باهلل أم &&ام س &&يدنا ن &&وح علي &&ه
الس&&الم ،وخيفي كف&&ره وكره&&ه هلل ،ف&&أىب أن يص&&عد للس&&فينة عن&&دما طلب من&&ه الن&&يب ن&&وح
ذل &&ك ،كم &&ا ص &&عد ع &&دد قلي &&ل من قوم &&ه ال &&ذين آمن &&وا ب &&ه ،وال &&ذين ق &&در ع &&ددهم بثم &&انني
مؤمن&ًا .وب&&دأ أم&&ر اهلل ب&&إهالك ق&&وم ن&&وح الك&&افرين ،فب&&دأت الس&&ماء هتط&&ل أمط&&ارًا غزي&&رة،
وانفج &&رت عي &&ون األرض ،وارتفعت املي &&اه حامل& &ًة معه &&ا س &&فينة ن &&وح .وبقيت الس &&فينة
جتري يف املاء ملدة مئ&&ة ومخس&&ني يوم &ًا ،ح&&ىت هل&&ك املش&&ركون مجيع &ًا ،فأرس&&ل الن&&يب ن&&وح
محامة لتمرغ قدميها يف الطني ومحلت له غصن زيت&ون .فعن&دما رأى ه&ذا ع&رف أن املاء
27
احنسر ،واستقرت السفينة على جبل اجلودي بعد أن هلك قوم نوح الكفار مجيعًا.
63
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ش&&اء اهلل أن ي&&نّز ل عليهم الع&&ذاب ،فك&&ان ع&&ذاهبم كم&&ا أخ&&رب الق&&رآن ب&&الّر يح ال&&يت
أرس &&لها اهلل ع &&ز وج &&ل عليهم ،حيث أمس &&ك اهلل تع &&اىل املط &&ر عنهم ف &&رتة من ال &&زمن حىّت
أج& &&دبت أرض& &&هم وص& &&اروا ينتظ& &&رون املط& &&ر ويرتّقبون& &&ه ،حينه& &&ا س& &&اق اهلل إليهم س &&حابًة
أخذت باالقرتاب منهم ،فلما رأوها ظّنوا أّن املطر ق&&د أقب&&ل ،وفرح&&وا واستبش&&روا ب&&ذلك
حىّت إهّن م ق &&الواَ( :ه َذ ا َع اِر ٌض ْمُمِط ُر َن ا) ،س &&ورة األحق &&اف ،آي &&ة .24 :إال أن اهلل تع &&اىل
وّض ح أن تل&&ك الس&&حابة مل تكن مط&رًا كم&&ا ظن&&وا وإمنا ع&&ذابًا من عن&&ده ،وذل&&ك يف قول&&ه
28
تعاىلَ( :بْل ُه َو َم ا اْس َتْع َج ْلُتم ِبِه ِر يٌح ِفيَه ا َعَذ اٌب َأِليٌم) -سورة األحقاف-24 :
29
عذاب قوم لوط
ن &&زل جربي &&ل -علي &&ه الس &&الم -إىل ق &&وم ل &&وط ليع& &ّذ هبم ،فق &&ام بض &&رب وج &&وههم
جبناحه ضربًة ُطمست فيها أعينهم ،واحتم&ل جربي&&ل -علي&&ه الس&&الم -م&&دائنهم ح&ىت مسع
أهل السماء الدنيا َنْبح ِكالهبم ،مث قلبها عليهم ،وأمطر عليهم حجارًة من س&&جيل ،ق&&ال
اهلل -تع &&اىل -واص &&فًا ذل &&كَ﴿ :فَلَّم ا َج اَء َأْم ُر َن ا َجَعْلَن ا َعاِلَيَه ا َس اِفَلَه ا َو َأْم َطْر َن ا َعَلْيَه ا
ِح َج اَر ًة ِم ْن ِس ِّج يٍل َم ْنُض وٍد﴾ ،والس &&جيل ه &&و الطني ،إاّل أّن لوًط ا ق &&د جنا م &&ع أهل &&ه إاّل
امرأته كانت من اهلالكني .كما ُعّذ بوا بالص&&يحة ،لقول&&ه -تع&&اىلَ﴿ :-فَأَخ َذ ْتُه ُم الَّص ْيَح ُة
ُمْش ِر ِقَني ﴾ ،واملراد بالَّص يحة :العذاب الذي ُيرافقه ص&وت ع&ايل وم&زعج ،ويف اآلي&ة بي&اٌن
ب&&أَّن الع&&ذاب ك&&ان يف وقت ش&&روق الش&&مس .ومدين&&ة ق&&وم ل&&وط واقع&ٌة على طري&&ق ميّر ب&&ه
28عبد العزيز بن أمحد الغامدي" ،قصة عاد يف القرآن" ،د.ت .www.alukah.net
29لينا عمرية" ,ما هو عذاب قوم لوط" ,موضوع/https://mawdoo3.com ,2021 ,ما_هو_عذاب_قوم_لوط.
64
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
الناس حىت يومن&ا ه&ذا ،وذل&ك ح&ىت يعت&ربوا ويت&ذكروا ،ق&ال اهلل تع&اىلَ﴿ :و ِإَّنُك ْم َلَتُم ُّر وَن
َعَلْيِه ْم ُمْص ِبِح َني * َو ِبالَّلْيِل ﴾
65
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أن جيعل &&وا املاء هلم فق &&ط يف األي &&ام كّله &&ا ،فجعل &&وا يت &&آمرون فيم &&ا بينهم ،واجتم &&ع تس &&عة
أفراد منهم وترّص دوا للّناقة فعقروا ناقة صاحل ،فاس&&تحّقوا الع&&ذاب الس&&احق من اهلل ،ق&&ال
اهلل -تعاىلَ﴿ :-فَك َّذ ُبوُه َفَعَق ُر وَه ا َفَد ْم َد َم َعَلْيِه ْم َر ُّبُه ْم ِبَذ ْنِبِه ْم َفَس َّو اَه ا﴾ .معلوم&&ات عن
مثود ق&وم الن&يب ص&احل ق&وم مثود هم أق&وام من الع&رب ،ويع&ود نس&بهم إىل س&ام بن ن&وح -
عايه الّس الم ،-وقد سكنوا شبه اجلزيرة العربّية ،وّمُسوا بذلك؛ لقّل ة املاء عن&دهم ،ونس&بة
إىل رج& &ٍل عزي &&ز منهم ُي دعى هبذا االس &&م ،وق &&د َس َك نوا يف وادي الق &&رى ،وامت& &ّد وا حنو
الساحل وأطراف بالد الشام ،وقد كانوا يتمّيزون بطول أعمارهم ،وعظمة أجسادهم،
وقوة بنيتهم اجلسدّية ،ولذلك قاموا بنحت اجلبال ،وحتويلها إىل بيوت فارهة.
66
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
30
كيف يعيش اإلنسان في الجنة؟
يعيش املؤمن يف الدنيا حبال خمتلف عن عيشه يف اجلنة .يعيش اإلنسان يف اجلنة حياة
خال&&دة بال م&&وت؛ إن أب&&رز البش&&ائر ال&&يت بش&&ر هبا املؤمن&&ون أن اجلن&&ة دار اس&&تقرار و خل&&ود
ال موت فيها أبدا .إذا قال تعاىل يف س&&ورة ال&&دخان ﴿ 56 :ال ي&&ذوقون فيه&&ا املوت إال
املوت&&ة األوىل و وق&&اهم ع&&ذاب اجلحيم ﴾ و يق&&ال أله&&ل اجلن&&ة خل&ودا ال م&&وت و ال تعب
و ال شقاء و ال ملل يف اجلنة.
-اجلنة دار ال تف&ىن؛ دار البق&اء ال دار الفن&اء .فك&ان ه&ذا وع&د من اهلل بالبق&اء يف اجلن&ة أب&دا
مث أن ال خيرج&&وا منه&&ا ب&&أي ح&&ال من أح&&وال ﴿ ال ميس&&هم فيه&&ا و ال نص&&ب و م&&ا هم
منها مبجرمني ﴾ (احلجر )48 :
-اجلن& &&ة دار م& &&أمن و أم& &&ان من أي نقص أو حرم& &&ان ( فق& &&ر )؛ ف& &&إن يف اجلن& &&ة ال حيرم من
حاج&&ة و ال ينقص&&ه ش&&يء إذ يكفي&&ه أن ي&&دعو اهلل مبا يش&&اء فيأتي&&ه ب&&إذن اهلل ﴿ ي&&دعون
فيها بكل فاكهة آمنني ﴾ (الدخان )55 :
-اجلن&&ة دار ال خ&&وف فيه&&ا و ال ف&&زع؛ بّش ر اهلل املتقني بنعم&&ة األم&&ان سيحص&&لون عليه&&ا يف
اجلنة ﴿ ادخلوها بسالم آمنني ﴾ (احلجر)46:
-اجلنة دار ال نصب فيها و ال تعب؛ النصب هو التعب و الشقاء
-اجلن&ة دار ال ن&وم فيه&ا و ال ج&وع و ال عطش و ال حاج&ة للتغ&وط؛ فأفع&ال أه&ل اجلن&ة ال
تش &&به أفع &&ال أه &&ل ال &&دنيا يف ش &&يء ،و ال حيت &&اجون من أفع &&ال طبيعي &&ة .ق &&د أخربن &&ا عن
ذلك رسول اهلل ﷺ قائال (( أول زم&رة تلج اجلن&&ة ص&ورهتم على ص&ورة القم&ر
ليلة البدر ،ال يبصقون فيها و ال ميتخطون و ال يتغوطون)) رواه البخاري و املسلم
67
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
-اجلنة دار جزاء و نعيم ال دار تكليف؛ إن اجلنة ميسرة لراحة أصحاهبا فال يكلف&ون فيه&ا
بأي تكاليف و يس&بحون اهلل بك&رة و عش&ية من حبهم ل&ه ق&ال الن&يب ﷺ عنهم
أهنم (( يلهمون التسبيح و التكبري كما تلهمون النفس )) رواه املسلم
-يف اجلن&&ة س&&وقا كم&&ا يف ال&&دنيا س&&وقا؛ و ه&&ذا تش&&بيه للوج&&ود ب&&الوجود ال يل&&زم من ذل&&ك
املماثل &&ة املش &&اهبة من ك &&ل وج &&ه :عن أنس بن مال &&ك رض &&ي اهلل عن &&ه أن رس &&ول اهلل
ﷺ قال (( إن يف اجلنة سوقا يأتوهنا كل مجعة فتهب ريح الشمال فتحت يف
وج& &&وههم و ثي& &&اهبم ف& &&يزدادون حس& &&نا و مجاال و يرجع& &&ون إىل أهلهم و ق& &&د ازدادوا
حسنا و مجاال فيقول هلم أهلهم و اهلل لقد ازددمت حسنا و مجاال فيقول&&ون :و أنتم و
اهلل لقد ازددمت بعدنا حس&نا و مجاال )) رواه مس&لم .و مع&ىن ( يأتوهنا ك&ل مجع&ة ) يف
مقدار كل اجلمعة /يقدر الوقت بأسبوع جيتمعون الناس فيها ال يف يوم معني
-أن يف اجلنة زرعا؛ و ذلك البذر منه و هذا أحسن أن تكون األرض معمورة بالش&جر و
ال&&زرع .عن أيب هري&&رة رض&&ي اهلل عن&&ه أن الن&&يب ﷺ ك&&ان يوم&&ا حيدث و عن&&ده
رج&&ل من أه&&ل البادي&&ة :أن رجالن من أه&&ل اجلن&&ة اس&&تأذن رب&&ه يف ال&&زرع فق&&ال ل&&ه :
ألس&&ت فيم&&ا ش&&ئت ؟ ق&&ال :بلى ،و لكن&&ين أحب أن أزرع ق&&ال فب&&ذر فب&&ادر الط&&رف
نباته و استواءه و استحصاده فكان أمثل اجلبل يقول اهلل :دونك ي&&ا ابن أدام فإن&&ه ال
يش&&بعك ش&&يء فق&&ال األع&&رايب :و اهلل ال جتده إال قريش&&يا أو أنص&&اريا ف&&إهنم أص&&حاب
زرع و أم حنن فلسنا بأصحاب الزرع فضحك النيب ﷺ )) رواه البخاري.
68
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
إن اهلل س &&بحانه و تع &&اىل أمت نعمت &&ه على أه &&ل اجلن &&ة و أعط &&اهم ك &&ل ش &&يء و من
مجلتها املضيفون الذين خيدموهنم و بأعلى كيفي&&ة .و لق&&د حتدث الق&&رآن الك&&رمي يف آي&&ات
عديدة عن (( الغلم&ان )) و (( الول&دان املخل&دون )) و وص&فهم بأمجل األوص&اف .فق&د
ج &&اء تعب &&ري (( غلم &&ان ))يف قول &&ه تع &&اىل ﴿۞َو َيُط وُف َعَلۡي ِه ۡم ِغۡل َم انُ ٞهَّلۡم َك َأَّنُه ۡم ُلۡؤ ُل ؤٞ
ون [ ﴾٢٣الـطور ]23-23:تعب &&ري (يط &&وف) م &&ع مالحظ &&ة كون &&ه فع &&ل مض &&ارع َّم ۡك ُن ٞ
يفيد ( االستمرار ) دليل على أن طوافهم حول أهل اجلنة طواف دائمي.
و ذك &&ر الق &&رآن تعب &&ريا آخ &&ر خبص &&وص اخلدم و ه &&و (( ول &&دان )) ق &&ال تع &&اىل :
﴿َيُط وُف َعَلۡي ِه ۡم ِو ۡل َٰد ن َخُّمَّل ُد وَن ِ ١٧ب َأۡك َو اب َو َأَب اِر يَق َو َك ۡأ س ِّم ن َّم ِعني ﴾١٨
[ الواقيـة ]18-17:و ((ول &&دان)) مجع ولي &&د مبع &&ىن الغالم .و تعب &&ري (املخل &&دون) إش &&ارة
إىل بق &&ائهم على ح &&اهلم فيبق &&ون ص &&غار دائم &&ا ال يك &&ربون .و لق &&د ورد نفس ه &&ذا التعب &&ري
بتوضيح أكثر و ألطف ,و قال تع&&اىل َ۞﴿ :و َيُطوُف َعَلۡي ِه ۡم ِو ۡل َٰد ن َخُّمَّل ُد وَن ِإَذا َر َأۡي َتُه ۡم
َح ِس ۡب َتُه ۡم ُلۡؤ ُلؤا َّم نُثورا [ ﴾١٩اإلنسان .]19-19:و هذا ش&&اهد آخ&&ر أن املرار من (
ول&دان ) ه&و ( الغلم&ان ) ال&ذين وص&فهت هم االي&ات الس&ابقة ب (( لؤل&ؤ مكن&ون )) و
هنا وصفت هم االية ب (( لؤلؤ منثورا ))
69
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ولق& &&د ج& &&اء بص& &&يغة املب& &&ين للمجه& &&ول يش& &&ري إىل املض& &&يفني يف اجلن& &&ة .ق& &&ال تع &&اىل
﴿ُيَط اُف َعَلۡي ِه م ِبَك ۡأ س ِّم ن َّم ِعي [ ﴾٤٥الّص اّفات .]45-45:ولق &&د ورد ش &&بيه ه &&ذا
املع&ىن بش&يء من التف&اوت ك&دليل على تن&وع املوائ&د يف اجلن&ة يف قول&ه تع&اىل ﴿و َو ُيَطاُف
َعَلْيِه م ِبآِنَي ٍة ِّم ن ِفَّض ٍة َو َأْك َو اٍب َك اَنْت َقَو اِر يَر ا [ ﴾١٥اإلنس &&ان ]15 :و بتعب &&ري آخ &&ر
قوله تعاىل ﴿ُيَطاُف َعَلۡي ِه م ِبِص َح اف ِّم ن َذَه ب َو َأۡك اب َو ِفيَه ا َم ا َتۡش َتِه يِه ٱۡل َأنُف َو َتَل ُّذ
ُس َو
ٱۡل َأۡع ُي َو َأنُتۡم ِفيَه ا َٰخ ِل ُد وَن [ ﴾٧١الزخ&رف (( ]71-71:ص&حاف )) مجع ص&حفة و
على ق &&ول الزخمش &&ري ( طب &&ق م &&ا ج &&اء يف مص &&باح اللغ &&ة ) :إن &&اء مس &&تطيل ( كب &&ري ) و
(( أك &&واب )) مجع ك &&وب و ه &&و إن &&اء للش &&رب ال ع &&روة في &&ه ق &&د يع &&رب عن &&ه ب(الق &&دح)
أحيانا
70
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
﴿ُيَس ِّبُح وَن الَّلْيَل َو الَّنَه اَر اَل َيْف ُتُر وَن ﴾ -األنبياء-20 :
﴿َفِإِن اْس َتْك َبُر وا َفاَّلِذيَن ِعْنَد َر ِّبَك ُيَس ِّبُح وَن َلُه ِبالَّلْي ِل َو الَّنَه اِر َو ُه ْم اَل َيْس َأُموَن ﴾
-فّص لت-38:
﴿اَّلِذيَن ْحَيِم ُلوَن اْلَعْر َش َو َمْن َحْو َلُه ُيَس ِّبُح وَن َحِبْم ِد َر ِهِّبْم َو ُيْؤ ِم ُن وَن ِبِه َو َيْس َتْغِف ُر وَن
ِلَّل ِذيَن آَم ُن وا َر َّبَن ا َو ِس ْعَت ُك َّل َش ْي ٍء َر َمْحًة َو ِعْلًم ا َف اْغ ِف ْر ِلَّل ِذيَن َت اُبوا َو اَّتَبُع وا
َس ِبيَلَك َو ِقِه ْم َعَذ اَب اَجْلِح يِم ﴾ -غافر-7:
ِإ َّل ِف ِل يِف ِد ِهِّب ِئ
﴿َو اْلَم اَل َك ُة ُيَس ِّبُح وَن َحِبْم َر ْم َو َيْس َتْغ ُر وَن َمْن اَأْلْر ِض َأاَل َّن ال َه ُه َو
اْلَغُفوُر الَّر ِح يُم﴾ -الشورى-5:
﴿َو ْحَنُن ُنَس ِّبُح َحِبْم ِدَك َو ُنَق ِّد ُس َلَك ﴾ -البقرة-30 :
((تس&&بيحهم حبم&د اهلل واس&&تغفارهم للمؤم&&نني)) رواه الرتم&&ذي وابن ماج&ه عن أيب
ذر .عن الن&&يب م&&ا فيه&&ا موض&&وع أرب&&ع أص&&ابع إال ومل&&ك واض&&ع جهبت&&ه س&&اجدا هلل
71
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ف &&اذا ج &&اءت القيام &&ه ق &&اموا فق &&الوا :س &&بحانك م &&ا عب &&دناك ح &&ق عبادت &&ك ينفه &&ون
ويقدسون ويصلون مطيعني هلل حاملني رهبم.
ِخ ِم ِن ِم ِل ِك ِغ
َ﴿ قاُلوا ُس ْبَح اَنَك َم ا َك اَن َيْنَب ي َلَن ا َأْن َنَّت َذ ْن ُدو َك ْن َأْو َي اَء َو َل ْن َم َّتْع َتُه ْم
َو آَباَءُه ْم َح ىَّت َنُس وا الِّذ ْك َر َو َك اُنوا َقْو ًم ا ُبوًر ا﴾ -الفرقان-18 :
خيتلف العلماء وأهل التأويل يف تفسري هذه اآلي&ة ،فّس ر ابن مس&عود وابن عب&اس:
ص&&الهتم ومن&&ه قول&&ه تع&&اىل :فل&&وال أن&&ه ك&&ان من املس&&بحني (الص&&فات) .قي&&ل :رف&&ع
الصوت بذكر قاله املفضل واستشهد القول جرير سبح احلجيج وكربوا هالال.
.2تسبيح الرسول
االملاين عليكن بالتس & &&بيح والتهلي & &&ل ،والتقديس& & &&ي وعق & &&دنا باالن & &&ام فان & &&ه مس & &&ؤوالت
مس &&تنطقات وال تغف &&ر لن &&ا فتنس &&ينا ال &&رمحن .ي &&ا ددن &&ا ع &&رض م &&رات التس &&بيح :بعق &&دها او
برؤوس &&ها يس &&الن ي &&وم القيام &&ه القيام &&ه عم &&ا اكتس &&بنا وب &&اي ش &&يء اس &&تعملن متكلم &&ات.
بسبب الغفله مراد به نسيان اسباهبا اي ال ترتك الذكر
.1املوطن األول يأُم ر اهلل -عز وجل -املؤمنني بتسبيحه ،كم ـ ــا ف ـ ــي قولـ ـ ــهَ{ :يا َأُّيَه ا
اَّلِذيَن آَم ُنوا اْذُك ُر وا الَّلَه ِذْك ًر ا َك ِثًريا َ41و َس ِّبُح وُه ُبْك َر ًة َو َأِص ياًل } [األح&زاب،41 :
.]42
.2ويف املوطن الث&&اين َيق &ِر ن اهلل -ع&&ز وج&&ل -تس&&بيح َم ـــن آَم ـــن ب ـــه بالدعـ ـ ـ ـــاء ،كم&&ا
ِق ِط
فـ ــي قولـ ــه -سبحانه وتعاىل َ{ :-ر َّبَنا َم ا َخ َلْق َت َه َذ ا َبا اًل ُس ْبَح اَنَك َف َن ا َع َذ اَب
الَّناِر } [آل عمران.]١٩١ :
72
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ويف املوطن الثالث َيقِر ن اهلل -عز وجل -تسبيح من آمن به حبمده ،كما يف قول&&ه .3
-سبحانه وتعاىل { :-إَمَّنا ُيْؤ ِم ُن ِبآَياِتَنا اَّلِذيَن إَذا ُذِّك ُر وا َهِبا َخ ُّر وا ُس َّج ًد ا َو َس َّبُح وا
َحِبْم ِد َر ِهِّبْم َو ُه ْم ال َيْس َتْك ُرِبوَن } [السجدة.]15 :
ويف املوطن الراب& &&ع حيكي الق& &&ران قص& &&ة أص& &&حاب اجلن& &&ة ،كم& &&ا يف قول& &&ه -س& &&بحانه .4
وتع&&اىل َ{ :-ق اَل َأْو َس ُطُه ْم َأْمَل َأُق ل َّلُك ْم َل ْو ال ُتَس ِّبُح وَن َ 28ق اُلوا ُس ْبَح اَن َر ِّبَن ا إَّنا
ُك َّنا َظاِلـِم َني } [القلم.]29 ،28 :
ويعِّل ق ابن عاش &&ور على اآلي &&ة فيق &&ول« :واالس &&تفهام تقري &&ري و (ل &&وال) ح &&رف
حتضيض ،واملراد بـ (تس&ِّبحون) :تنزي&&ه اهلل عن أن ُيعص&&ى أْم ره يف ش&&أن إعط&اء زك&&اة
مثارهم .وك& &&ان ج& &&واهبم يتض& &&من إق& &&رارًا بأن& &&ه َو َعَظهم فعص& &&وه ،ودُّل وا على ذل& &&ك
بالتس &&بيح حني َنَد ِم هم على ع &&دم األخ &&ذ بنص &&يحته فق &&الواُ{ :س ْبَح اَن َر ِّبَن ا إَّنا ُك َّن ا
َظاِلـِم َني } أرادوا إجابة تقريره ب&إقرار بتس&بيح اهلل عن أن ُيعص&ى أْم ره يف إعط&اء ح&ق
املساكني؛ فإَّن ِم ن أصول التوبة تداُر ك ما مُي كن تدارك&&ه ،واع&&رتافهم بظلم املس&&اكني
من أص&&ول التوب&&ة؛ ألن&&ه خ &ٌرب مس&&تعمل يف التن&&دم ،والتس&&بيح مقِّد مــة االستغفــار مــن
الذنــب ،ق&&ال -تع&&اىل َ{ :-فَس ِّبْح َحِبْم ِد َر ِّبَك َو اْس َتْغِف ْر ُه إَّنُه َك اَن َتَّو اًبا} [النص&&ر:
،]٣ومجل&&ة {إَّنا ُك َّنا َظاِلـِم َني } إق&&رار بال&&ذنب ،والتأكي&&د لتحقي&&ق اِإل ق&&رار واالهتم&&ام
به».
.5ويف املوطن اخلامس يذكر اهلل -عز وج&ل -تس&بيح املؤم&نني يف س&ياق إفاض&ة الِّنعم
على عباده ،كم&ا يف قول&&ه -س&&بحانه وتع&&اىل ِ{ :-لَتْس َتُو وا َعَلى ُظُه وِرِه َّمُث َتْذ ُك ُر وا
ِذ ِه ِن
ْع َم َة َر ِّبُك ْم إَذا اْس َتَو ْيُتْم َعَلْي َو َتُقوُل وا ُس ْبَح اَن اَّل ي َس َّخ َر َلَن ا َه َذ ا َو َم ا ُك َّن ا َل ُه
ُمْق ِر ِنَني } [الزخرف. ]13 :
73
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ويف املوطن السادس ين&ِّو ه اهلل -ع&&ز وج&ل -بتس&&بيح املؤم&&نني ِم ن أه&&ل اجلن&&ة ،حيث .6
أخرب عنهم بقولهَ{ :دْع َو اُه ْم ِفيَه ا ُس ْبَح اَنَك الّل›ُه َّم} [يونس. ]10 :
ويف املوطن الس&&ابع ميَد ح اهلل -ع&&ز وج&&ل -املؤم&&نني لتس&&بيحهم لذات&&ه العلي&&ة ،كم&&ا .7
ِف ٍت ِذ
يف قوله -سبحانه وتعاىل { :-يِف ُبُيو َأ َن الَّلُه َأن ُتْر َفَع َو ُيْذ َك َر يَه ا اُمْسُه ُيَس ِّبُح
َل ُه ِفيَه ا ِباْلُغ ُد ِّو َو اآلَص اِل } [الن &&ور .]36 :واملراد بقول &&هُ{ :يَس ِّبُح َل ُه ِفيَه ا ِباْلُغ ُد ِّو
َو اآلَص اِل } [الن& &&ور« : ]36 :يص& &&لي ل& &&ه يف ه& &&ذه ال& &&بيوت بالُغ ُد وات والعش& &&يات
رج&ال»[ ،]4ويطل&ق على الص&الة تس&بيحًا يف الق&رآن الك&رمي والس&نة املطه&رة كث&ريًا؛
فالصالة تنزيه فعلي كما أَّن التسبيح باللسان تنزيه قويل.
ويشري القرآن الكرمي إىل عظمة عبادة التسبيح ،فيبنِّي أَّن ِم ن ِح َك ـم إرسال النبـي
حممد صلى اهلل عليه وسلم القيام بتسـبيح اهلل -ع&ز وج&ل -وتنزيه&ه م&ع املؤم&نني،
كما يف قوله -سبحانه وتعاىل { :-إَّنا َأْر َس ْلَناَك َش اِه ًد ا َو ُمَبِّش ًر ا َو َنِذيًر ا ِ 8لُتْؤ ِم ُنوا
ِبالَّل ِه َو َرُس وِلِه َو ُتَع ِّز ُر وُه َو ُتَو ِّقُر وُه َو ُتَس ِّبُح وُه ُبْك َر ًة َو َأِص ياًل } [الفتح .]٩ ،٨ :ه&&ذه
اآلية تدّل على تسبيح اجلبال لرهبا وسجودها له.
74
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ِ -إَّنا َس َّخ ْر َنا اِجْلَباَل َم َعُه ُيَس ِّبْح َن ِباْلَعِش ِّي َو اِإْل ْش َر اِق (سورة ص)18 :
ف&&إن ال&&ذي ت&&دل علي&&ه اآلي&&ة الكرمية أن مجي&&ع الكائن&&ات تس&&بح اهلل تع&&اىل .ق&&ال
تع& &&اىلَ :و ِإْن ِم ْن َش ْي ٍء ِإاَّل ُيَس ِّبُح َحِبْم ِدِه َو َلِكْن ال َتْف َق ُه وَن َتْس ِبيَحُه م [االس& &&راء:
،]44أي :وم& &&ا من ش& &&يء من املخلوق& &&ات إال يس& &&بح حبم& &&د اهلل تع& &&اىل" ،ولكن ال
تفقه &&ون تس &&بيحهم" أي :ال تفقه &&ون تس &&بيحهم أيه &&ا الن &&اس ،ألهنا خبالف لغ &&اتكم،
وه&&ذا ع&&ام يف احليوان&&ات واجلم&&ادات والنبات&&ات ،وه&&ذا أش&&هر الق&&ولني ،كم&&ا ثبت يف
ص&&حيح البخ&&اري عن ابن مس&&عود أن&&ه ق&&ال :كن&&ا نس&&مع تس&&بيح الطع&&ام وه&&و يؤك&&ل.
ويف حديث أيب ذر :أن النيب صلى اهلل عليه وسلم أخذ يف يده حص&&يات فس&&مع هلن
تسبيح كح&نني النح&ل ،وك&ذا يف ي&د أيب بك&ر وعم&ر وعثم&ان رض&ي اهلل عنهم ،وه&و
حديث مشهور يف املسانيد.
75
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أركان القسم
.1فعل القسم (أقسم) أو (أحلف)
.2أداة القسم أو حرف القسم (الباء والواو والتاء والالم ومن)
.3املقسم به وهو اهلل عز وجل وال جيوز القسم بغري اهلل وهلل سبحانه يقسم مبا شاء من
خملوقاته
.4املقسم عليه أو جواب القسم
أنواع القسم
قسم ظاهر ،مثل( :صۚ َو اْلُقْر آِن ِذي الِّذ ْك ِر )
76
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
قسم مضمر ،مثلَ ۞( :لُتْبَلُو َّن يِف َأْم َو اِلُك ْم َو َأنُف ِس ُك ْم َو َلَتْسَم ُعَّن ِم َن اَّلِذيَن ُأوُتوا
ِإ َٰذ ِل ِم ِث ِإ ِك ِم ِل ِم ِذ
اْل َتاَب ن َقْب ُك ْم َو َن اَّل يَن َأْش َر ُك وا َأًذى َك ًرياۚ َو ن َتْص ُرِبوا َو َتَّتُقوا َف َّن َك ْن
َعْز ِم اُأْلُموِر )
قسم اهلل تعاىل مبخلوقاته (اَل ُأْقِس ُم َٰهِبَذ ا اْلَبَلِد) و (َو الِّتِني َو الَّز ْيُتوِن َو ُطوِر ِس يِنَني ) و (قۚ
َو اْلُقْر آِن اْلَم ِج يِد)
77
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
خلق السماء
لف &&ظ الس &&ماء م &&أخوذ من :مسا يس &&مو مسًّو ا أي :عال ،والس &&ماء يف اللغ &&ة :يق &&ال
لكل ما ارتف&ع وعال ق&د مسا يس&مو ،وك&ل س&قف فه&و مساء 31 .فهي ك&ل م&ا عال وارتف&ع
و ك&&ان ف&&وق رأس&&ك وأص&&لها الس&&ماء املعروف&&ة .ويف االص&&طالح :اس&&م جنس للع&&ايل ال
78
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
خيص ش&&يًئا ،فهي متعب&&د املالئك&&ة ومس&&تقر ال&&وحي وفيه&&ا أن&&وار الطاع&&ات 32،فهي عموًم ا
33
كل ما يف اجلهة العليا فوق رءوسنا ،وكل ما عالك فأظلك يقال له مساء.
ومن آي& & &&ات اهلل العظ& & &&ام خل& & &&ق الس& & &&ماوات ،فهي من أعظم اآلي& & &&ات يف علوه& & &&ا
وارتفاعه&&ا وس&&عتها وقراره&&ا ،حبيث ال تص&&عد عل&&وًا كالن&&ار وال هتب&&ط نازل &ًة كاألجس&&ام
الثقيلة وال عمد حتتها وال عالقة فوقها .خلق اهلل السماواِت واألرَض يف ستة أي&ام .كم&ا
ق &&ال تع &&اىل ﴿َو ُه َو ٱَّل ِذي َخ َل َق ٱلَّس َٰم َٰو ِت َو ٱۡل َأۡر َض يِف ِس َّتِة َأَّي ام َو َك اَن َعۡر ُش ۥُه َعَلى
34
ٱۡل َم ٓاِء ...اآلية ﴾ -هود.-7:
وذكر اهلل تعاىل يف سورة فصلت اآلية 12-9أن&ه َخ ل&َق األرَض قب&ل الس&ماوات
(۞ُقۡل َأِئَّنُك ۡم َلَتۡك ُف ُر وَن ِبٱَّل ِذي َخ َل َق ٱۡل َأۡر َض يِف َيۡو َم ۡي ِن َو َتَعُل وَن َل ۥُهَ ،أن &َد ادۚا َٰذ ِل َك َر ُّب
ٱۡل َٰع َلِم َني َو َجَعَل ِفيَه ا َر َٰو ِس َي ِم ن َفۡو ِقَه ا َو َٰبَر َك ِفيَه ا َو َقَّد َر ِفيَه ٓا َأۡق َٰو َتَه ا ِف َأۡر َبَع ِة َأَّيام َس َو ٓاء
ِّللَّس ٓاِئِلَني َّمُث ٱۡس َتَو ٰٓى ِإىَل ٱلَّس َم ٓاِء َو ِه َي ُدَخ ان َفَق اَل َهَلا َو ِلۡل َأۡر ِض ٱۡئ ِتَي ا َطۡو ًع ا َأۡو َك ۡر ه&&ا
َقاَلَت ٓا َأَتۡي َن ا َط ٓاِئِعَني َفَق َض ٰىُه َّن َس ۡب َع َٰمَسَو ات يِف َيۡو َم ۡي ِن َو َأۡو َح ٰى يِف ُك ِّل َمَسٓاٍء َأۡم َر َه ۚا َو َز َّيَّنا
ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا َمِبَٰص ِبيَح َو ِح ۡف ظۚا َٰذ ِلَك َتۡق ِديُر ٱۡل َعِز يِز ٱۡل َعِليِم )
ق&د عرفن&ا أن ع&دد الس&موات س&بعُ ،ذِك ر يف الق&رآن تس&ع م&رات .وس&أذكر مث&اال
واح &&دا ﴿َفَس َّو اُه َّن َس ْبَع َمَسَو اٍت َو ُه َو ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم ﴾ -البق &&رة .-29 :غ &&ريه يف
س &&ورة اإلس &&راء ،44 :واملؤمن &&ون ،86 :وفص &&لت ،12 :والطالق ،12 :واملل &&ك :
،3واملؤمنون ،17 :و النبأ ،12 :ونوح .15 :
79
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
َعْن أيِب َذٍّر ق&&اَل :ق&&اَل َرُس وُل الَّل ِه ﷺ« :م&&ا َبَنْي الَّس ماِء واألْر ِض َم ِس َريُة
ْمَخِس ِم اَئِة ع &اٍم ،وِغَل ُظ ُك ِّل مَس اٍء َم ِس َريُة ْمَخِس ِم اَئِة ع &اٍم ،وم &&ا َبَنْي الَّس ماِء إىل اَّليِت َتِليه &&ا
ِس ُة ْمَخِس ِم ا ِة عاٍم َك َذ ِل إىل الَّس ماِء ال اِب ِة ،واأل وَن ِم ْث َذِل ،وما الَّس ماِء
َبَنْي ُل َك ْر ُض ّس َع َك َئ َم َري
الّس اِبَعِة إىل الَع ْر ِش ِم ْث ُل ِمَج ي &ِع َذِل َك ،وَل ْو َح َف ْر ْمُت ِلص&&اِح ِبكم َّمُث َدَّلْيُتُم وُه َلَو َج َد الَّل َه َّمَثَة.
َيْع يِن ِعْلَم ُه»
علمن& &&ا من ه& &&ذا احلديث أن الس& &&ماوات َبْع ُض ُه َّن َفْو َق َبْع ٍض وَبَنْي ُك ِّل مَس اَءْيِن
َم ِس َريُة ْمَخِس ِم اَئِة عاٍم 35 .واهلل تعاىل أعلم.
النجوم والكواكب
الف&&رق بني النجم والك&&وكب ،أن الك&&وكب اس&&م للكب&&ري من النج&&وم وك&&وكب
ك&&ل ش&&يء معظم&&ه ،والنجم ع&&ام يف ص&&غريها وكبريه&&ا ،وجيوز أن يق&&ال :الك&&واكب هي
الث &&وابت ومن &&ه يق &&ال في &&ه ك &&وكب من ذهب أو فض &&ة الن &&ه ث &&ابت ال ي &&زول والنجم ال &&ذي
يطل &&ع منه &&ا ويغ &&رب وهلذا قي &&ل للمنجم منجم الن &&ه ينظ &&ر فيم &&ا يطل &&ع منه &&ا وال يق &&ال ل &&ه
36
كوكب.
وذك &&ر اهلل النج &&وم يف ع &&دة مواق &&ع يف الق &&رآن الك &&رمي ال &&يت توض &&ع مكان &&ة النج &&وم
37
وتوضع أسباب خلق النجوم .ومن هذه األسباب:
أن تكون زينة للسماء .قال تعاىل ِ﴿ :إَّنا َز َّيَّنا ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا ِبِز يَن ٍة ٱۡل َك َو اِكِب ﴾ - .1
الصافات-6:
ِب ۡن ۡد
أن تك& &&ون رجوم & &ًا للش& &&ياطني .ق& &&ال تع& &&اىل َ﴿ :و َلَق َز َّيَّن ا ٱلَّس َم ٓاَء ٱل& &&ُّد َيا َمِبَٰص يَح .2
َو َجَعۡل َٰن َه ا ُرُج وما ِّللَّش َٰي ِط ي َو َأۡع َتۡد َنا ُهَلۡم َعَذ اَب ٱلَّس ِعِري ﴾ -امللك-5:
35جالل الدين السيوطي ،الدر املنثور.1:108 ،
36معجم الفروق اللغوية
37لينه محود" ,ملاذا خلق اهلل النجوم" ،موضوع/https://mawdoo3.com ,2021 ،ملاذا_خلق_اهلل_النجوم.
80
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
أن تك&&ون دليال للمس&&افر .ق&&ال تع&&اىل َ﴿ :و ُه َو ٱَّلِذي َجَع َل َلُك ُم ٱلُّنُج وَم ِلَتۡه َتُد وْا َهِبا .3
يِف ُظُلَٰم ِت ٱۡل َبِّر َو ٱۡل َبۡح ِۗر َقۡد َفَّصۡل َنا ٱٓأۡلَٰيِت ِلَق ۡو م َيۡع َلُم وَن ﴾ -األنعام-97:
38
وأما الكواكب ذكر اهلل مخس مرات يف القرآن الكرمي:
ِ﴿ .1إۡذ َقاَل ُيوُس ُف َأِلِبيِه َٰٓيَأَبِت ِإيِّن َر َأۡي ُت َأَح َد َعَش َر َك ۡو َك ب&&ا َو ٱلَّش ۡم َو ٱۡل َق َم َر َر َأۡي ُتُه ۡم يِل
َس
َٰس ِج ِديَن ﴾ -يوسف -4 :
َ ﴿ .2فَلَّم ا َج َّن َعَلْيِه الَّلْيُل َر َأٰى َك ْو َك ًباۖ َقاَل َٰه َذ ا َر يِّب ۖ َفَلَّم ا َأَف َل َق اَل اَل ُأِح ُّب اآْل ِفِلَني ﴾ -
األنعام -76 :
ِ﴿ .3إَّنا َز َّيَّنا ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا ِبِز يَنٍة ٱۡل َك َو اِكِب ﴾ -الصافات-6:
۞ ﴿ .4الَّل ُه ُنوُر الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض ۚ َم َث ُنوِرِه َك ِم ْش َك اٍة ِفيَه ا ِم ْص َباٌح ۖ اْلِم ْص َباُح يِف
ُل
ا ٍةۖ الُّز ا ُة َك َأَّن ا َك َك ِّرٌّي وَق ُد ِم ن َش ٍة ُّم ا َك ٍة ُتوَن ٍة اَّل َش ِقَّيٍة
ْر َج َر َب َر َز ْي َه ْو ٌب ُد ُي َج َج ُز َج َج
َو اَل َغْر ِبَّيٍة َيَك اُد َز ْيُتَه ا ُيِض يُء َو َلْو ْمَل ْمَتَس ْس ُه َناٌر ۚ ُّنوٌر َعَلٰى ُنوٍر ۗ َيْه ِدي الَّلُه ِلُنوِرِه َم ن
َيَش اُءۚ َو َيْض ِر ُب الَّلُه اَأْلْم َثاَل ِللَّناِس ۗ َو الَّلُه ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم﴾ -النور -35 :
َ ﴿ .5و ِإَذا اْلَك َو اِكُب انَتَثَر ْت ﴾ -االنفطار -2 :
ق &&ال ابن عاش &&ور رمحه اهلل يف كتاب &&ه التح &&وير والتن &&وير ” :الك &&واكب هي الُك َر َّي اُت
السماويُة اليت َتْلَمُع يف اللي&ل ع&دا الش&مَس والقم&َر ،وتس&مى النج&وم ،وهي أقس&ام منه&ا
العظيم ،ومنها دونه ،فمنها الكواكب السيارة ،ومنه&ا الث&وابت ،ومنه&ا قط&ع ت&دور ح&ول
39
الشمس“.
من عقيدة أهل الس&نة و اجلماع&ة :اإلميان ب&أن اهلل تع&اىل مس&تو على عرش&ه ،و عرش&ه
فوق مسواته ،و أنه سبحانه ال حيويه شيء من خملوقاته.
" 38الكواكب والنجوم يف القرآن" ،اإلسالم ،القرآن والتفسری ،د.تhttps://islamqt.com/ar/show- ،
.article.php?aid=395
39ابن عاشور ،التحرير والتنوير.23:87 ،
81
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ق&&ال ش&&يخ اإلس&&الم ابن تيمي&&ة رمحه اهلل" :الع&&رش خمل&&وق :ف&&إن اهلل يق&&ول ( و ه&&و
رب العرش العظيم ) و هو خالق كل شيء العرش و غ&&ريه .و رب ك&&ل ش&&يء الع&&رش و
غريه.
أم&&ا إنف&&اق الس&&لف و أه&&ل الس&&نة و اجلماع&&ة أن اهلل وح&&ده خ&&الق ك&&ل ش&&يء فه&&ذا
حق
وذكر يف العديدة من املواضع حجج عرش الرمحن و اتساعه ،حيث قيل عن&&ه أن
عرض السموات السبع ما هي إال حلقة بسيطة يف الكرسي ،و كذلك ه&&ذا الكرس&&ي م&&ا
ه&&و إال حلق&&ة بس&&يطة يف الص&&حراء ،و ه&&ذه الص&&حراء م&&ا هي إال ج&&زء ص&&غري من الع&&رش،
وذلك اعتمادا على قول رسول اهلل.
فعن أيب ذر الغفاري قال :قلت للنيب :يا رسول اهلل اميا أنزل عليك أعظم؟ ق&&ال:
أي&&ة الكرس&&ي مث ق&&ال :ي&&ا ب&&ذر م&&ا الس&&ماوات الس&&بع م&&ع الكرس&&ي ،اال حبلق&&ة ملق&&اة ب&&ارض
فالة ،وفضل العرش على الكرسي كفضل الفالة على احللقة .وق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه
وس&&لم :إذا س&&ألتم اهلل فس&&لوه ف&&ردوس فان&&ه أوس&&ط اجلن&&ة ،وفوق&&ه عن وج&&ه ال&&رمحن ومن&&ه
توجر النهار اجلنه)) أخرجه البخاري ))
يف موضع آخر ذكر ان العرش يعلو املاء وأن&&ه بين&&ه وبني ال&&دنيا 500ع&&ام وذل&&ك
على قول &&ه رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم م &&ا بني الس &&ماء القس &&وه وال &&دنيا 500ع &&ام
وبني الكرس&&ي واملاء ك&&ذلك ه&&و الع&&رش ف&&وق املاء واهلل ف&&وق الع&&رش ال خيفى علي&&ه ش&&يء
من أعمالكم.
أم &&ا عن مك &&ان الع &&رش فه &&و ف &&وق الف &&ردوس االعلى وذل &&ك ملا ثبت يف ص &&حيح
البخاري عن الرسول صلى اهلل عليه وس&لم ان&ه ق&ال اذا س&ألتم اهلل اجلن&ه فس&لوه الف&ردوس
فانه اعلى اجلنه واوسط اجلنه وفوق عرش الرمحن.
82
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وعن عروس الرمحن ذك&ر عن األرض ان&ه اثق&ل املخلوق&ات من حيث ال&وزن ورد
ذلك يف احلديث من االدعيه اليت حتدث عنها رس&&ول اهلل ان وزهنا يص&&ل اىل وزن الع&&رش
يف مكاهنا محل&&ه ع&&رش ال&&رمحن ام&&ا من ع&&دد محل&&ه الع&&رش فه&&و مثاني&&ه ص&&فوف من املالئك&&ة
بس&&م اهلل ال&&رمحن ال&&رحيم واملل&&ك على ارجائه&&ا وحيم&&ل ع&&رش رب&&ك ف&&وقهم يومئ&&ذ مثاني&&ه
وكذلك قول رسول اهلل 500صفوف من املالئكه ال يعلم عدهتم اال اهلل
وقد خلق اهلل عز وجل العرش قبل خلق السماوات واالرض وقبل القلم بل قب&&ل
سائر املخلوقات قال اهلل تع&&اىل وه&&و ال&&ذي خل&ق الس&&ماوات واالرض يف س&&ته اي&&ام وك&&ان
عرش&&ه على املاء ليبل&&وكم ايكم احس&&ن عمال وق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم كتب اهلل
مق&&ادر الغالئ&&ق قب&&ل ان خيل&&ق الس&&ماوات واالرض ب 50,000س&&نه ق&&ال وعرش&&ه على
املاء (أخرجه مسلم).
تعريف المالئكة
املالئكة يف االصطالح هو خملوقات اهلل تعاىل مساويه عظيمه فوقيه عاقله متكلم&&ه
مريضه جمبور بالطاعه واهلل تع&اىل اعطيت&ك ق&درة على التش&كلي بالص&ور احلس&نة فمان&دت
خلقهم الن &&ور ومس &&كنهم الس &&ماوات .دلي &&ل ان مالئك &&ه خملوق &&ات مساويه ن &&ورا بني &&ه قول &&ه
تع&&اىل وكم من مل&&ك يف الس&&ماوات ال تغ&&ين ش&&فاعتهم ش&&يئا اال من بع&&د ان ي&&ؤذن اهلل ملن
يشاء ويرضى
ما ثبت يف صحيح املسلمني عن عائشه رضي اهلل عنها قالت قال صلى اهلل عليه
وسلم خلقت املالئكه من النور
83
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ليس لن & &&ا علم على وج & &&ه التحدي & &&د ب & &&وقت خلقهم لع & &&دم ورود النص يف ذل & &&ك
لكنهم س &&ابقون خلل &&ق االنس ق &&ال تع &&اىل واذ ق &&ال رب &&ك للمالئك &&ه اين جاع &&ل يف االرض
خليفه واخربهم بايران اليت هي خلق االنسان فدل على انه موجودون قبله
صفات المالئكة
هلم اجنحه بقوله تعاىل احلمد هلل فاطر السماوات واالرض جاعل املالئكه رس&&ال
اوليجنحه مثىن وثالثه ورباع يزيد يف خلقه من يشاء
مجال املالئك &&ه ق &&ال تع &&اىل واص &&غا جربي &&ل علي &&ه الس &&الم علم &&ه ش &&ديد الق &&وى م &&ره
فاستوى قال ابن عباس ذو مره ذو منظر حسن قال قتاده ذو خلقه طويل حسن
ال ي&&أكلون وال يش&&ربون فق&&رى فقرب&&ه إليهم وال ت&&أكلون ﴿َف َأْو َج َس ِم ْنُه ْم ِخ يَف ًة
َق اُلوا اَل َخَتْف َو َبَّش ُر وُه ِبُغاَل ٍم َعِليٍم ﴾ -ال& &&ذاريات -28:ي& &&دل على ه& &&ذا م& &&ا ج &&رى بني
خليل الرمحن إبراهيم وضيافه من املالئكه ملا زاروه.
أّو ال ،نفهم م & & &&ا ه & & &&و املص & & &&حف؟ نأخ & & &&ذ من كالم الش & & &&يخ عثم & & &&ان اخلميس أّن
املص &&حف ه &&و الق &&رآن الك &&رمي أو قط &&ر اجلزء من الق &&رآن ،وم &&ا ه &&و غالب &&ه الق &&رآن .ولكن
كتاب التفسري أو كالم البشر إذا أكثر من كالم اهلل فليس مصحفا.
84
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
اتفق الفقهاء على عدم جواز مّس املصحف مباشرًة للحائض إن ك&&ان مّس ها ل&&ه
دون حائ&&ل حيول بينه&&ا وبني املص&&حف ،ف&&إن ك&&ان أم&&ا إن ك&&ان مّس ها للمص&&حف حبائ&&ل
وليس مّس ا مباشًر ا ،فقد تعددت أقوال الفقهاء يف ذلك ،و فيما يأيت أقواهلم:
85
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
86
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وكذلك قال تعاىلِ{ :إَّن الَّلَه َمَع اَّلِذيَن اَّتَق ْو ا َو اَّلِذيَن ُه ْم ْحُمِس ُنوَن } [النحل.]١٢٨:
وق &&ال تع &&اىلَ{ :ق اَل ال َخَتاَف ا ِإَّنيِن َمَعُك َم ا َأَمْسُع َو َأَر ى} [ط &&ه ،]٤٦:وق &&ال موس &&ى علي &&ه
السالمَ{ :قاَل َك اَّل ِإَّن َم ِعَي َر يِّب َس َيْه ِديِن } [الشعراء.]٦٢:
وقال تعاىلِ{ :إْذ ُيوِح ي َر ُّبَك ِإىَل اْلَم الِئَك ِة َأيِّن َمَعُك ْم } [األنفال.]١٢:
ِل ِح ِه
وق&ال تع&اىل حاكي&ًا عن الن&يب ص&لى اهلل علي&ه وس&لمِ{ :إْذ َيُق وُل َص ا ِب ال ْحَتَز ْن ِإَّن الَّل َه
َمَعَنا} [التوبة.]٤٠:
يف حني جاءت آيات أخ&رى ت&&دل على أن املعي&&ة عام&&ة لك&&ل املخلوق&&ات ،كقول&&ه
ِد ٍة ِإ ِب ٍة ِإ ِم
تب&&ارك وتع&&اىلَ{ :م ا َيُك وُن ْن ْجَنَو ى َثالَث اَّل ُه َو َر ا ُعُه ْم َو ال ْمَخَس اَّل ُه َو َس ا ُس ُه ْم
َو ال َأْد ىَن ِم ْن َذِل َك َو ال َأْك َثَر ِإاَّل ُه َو َمَعُه ْم َأْيَن َم ا َك اُنوا} [اجملادل &&ة ،]٧:وق &&ال تب &&ارك
وتعاىلَ{ :و ُه َو َمَعُك ْم َأْيَن َم ا ُك ْنُتْم } [احلديد.]٤:
87
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وقال عز وجلَ{ :و َم ا َتُك وُن يِف َش ْأٍن َو َم ا َتْتُلوا ِم ْن ُه ِم ْن ُقْر آٍن َو ال َتْع َم ُلوَن ِم ْن َعَم ٍل ِإاَّل
ُك َّنا َعَلْيُك ْم ُش ُه وًدا ِإْذ ُتِف يُضوَن ِفيِه} [يونس.]٦١:
إذًا :ه ل اآلي ات ال تي دلت على أن المعي ة عام ة لك ل الن اس وك ل المخل وقين،
تعارض اآليات التي دلت على معية خاصة باألنبياء والصالحين؟
اجلواب:
ال تع &&ارض؛ وبي &&ان ذل &&ك كم &&ا ي &&أيت :أن املعي &&ة اخلاص &&ة من اهلل تك &&ون بالنص &&ر والتوفي &&ق
واإلعان&&ة ،وه&&ذه خلص&&وص املتقني احملس&&نني ،ول&&ذلك نالح&&ظ أن ه&&ذه املعي&&ة اخلاص&&ة أتت
مع األنبياء والصديقني {ال ْحَتَز ْن ِإَّن الَّلَه َمَعَنا} [التوبة.]٤٠:
ومع املالئكةِ{ :إْذ ُيوِح ي َر ُّبَك ِإىَل اْلَم الِئَك ِة َأيِّن َمَعُك ْم } [األنفال.]١٢:
ومع املؤمننيَ{ :فال ِهَتُنوا َو َتْد ُعوا ِإىَل الَّس ْلِم َو َأْنُتُم اَألْع َل ْو َن َو الَّل ُه َمَعُك ْم } [حمم&د،]٣٥:
ِذ ِذ ِإ
ومن أوض & &&ح األدل & &&ة على ذل & &&ك قول & &&ه تع & &&اىلَّ { :ن الَّل َه َم َع اَّل يَن اَّتَق ْو ا َو اَّل يَن ُه ْم
ْحُمِس ُنوَن } [النحل.]١٢٨:
أم &&ا املعي &&ة العام &&ة فهي املعي &&ة باإلحاط &&ة والعلم؛ ألن &&ه تع &&اىل أعظم وأك &&رب من ك &&ل ش &&يء،
وهو حميط بكل شيء ،فجميع اخلالئق يف يده أص&غر من حب&ة خ&ردل يف ي&د أح&دنا ،ول&ه
ع &&ز وج &&ل املث &&ل األعلى ،وه &&ذه املعي &&ة عام &&ة لك &&ل اخلالئ &&ق كم &&ا دلت علي &&ه اآلي &&ات ال &&يت
ذكرناها.
88
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
هذه اآلية فيها إثبات صفة األولية هلل سبحانه وتعاىل وصفة اآلخرية ،والظاهرية
والباطني&&ة ،وه&&ذه أرب&&ع ص&&فات فس&&رها الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم تفس&&ريًا ي&&بني معناه&&ا،
وذل&&ك فيم&&ا ثبت يف ص&&حيح مس&&لم من قول&&ه ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم( :اللهم أنت األول
فليس قبلك شيء).
فاألول هو السابق لكل شيء ،وليس قبله شيء ،ق&&ال( :اللهم أنت األول فليس
قبلك شيء ،وأنت اآلخر فليس بعدك شيء) ،فهو اآلخر سبحانه وتعاىل ،فله اآلخري&&ة
املطلق &&ة؛ ألن &&ه ال &&دائم بال انته &&اء س &&بحانه وتع &&اىل ،وه &&و الظ &&اهر ال &&ذي ليس فوق &&ه ش &&يء،
والب&&اطن ال&&ذي ليس دون&&ه ش&&يء ،وك&&ل اث&&نني من ه&&ذه األمساء األربع&&ة مرتبط&&ان ،ف&&األول
واآلخ&&ر مرتبط&&ان وهبم&&ا حيص&&ل كم&&ال املع&&ىن ،والظ&&اهر والب&&اطن مرتبط&&ان وهبم&&ا حيص&&ل
كم &&ال املع &&ىن املراد إثبات &&ه هلل س &&بحانه وتع &&اىل ،ف &&األول واآلخ &&ر فيهم &&ا إثب &&ات اإلحاط &&ة
الزماني &&ة ل &&ه س &&بحانه وتع &&اىل ،والظ &&اهر والب &&اطن فيهم &&ا إثب &&ات اإلحاط &&ة املكاني &&ة ل &&ه ج &&ل
وعال.
مث أكد هذه اإلحاطة بقوله سبحانه وتعاىلَ{ :و ُه َو ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم} [احلدي&&د:
، ]٣و (الظ&&اهر) مض&&من مع&&ىن (العلي) ،فه&&و ظاهر على ك&&ل ش&&يء ظه&&ورًَا مكاني&ًا -
فهو فوق كل شيء سبحانه وتعاىل -وظهورًا معنويًا.
وأم&&ا الب&&اطن فق&&د فس&&ره بعض&&هم ب&&القريب ،فق&&الوا :ه&&و الق&&ريب من ك&&ل ش&&يء،
والق&&رب هن&&ا ليس الق&&رب ال&&ذي ذك&&ره اهلل ع&&ز وج&&ل ألوليائ&&ه ،كقرب&&ه ممن دع&&اه ،وقرب&&ه
من الساجد؛ فإن ذلك قرب خاص ،وإمنا القرب هن&&ا ق&&رب ع&&ام ،وه&&ذا على الق&&ول ب&&أن
الق &&رب ينقس &&م إىل ع &&ام وخ &&اص ،وس &&يأيت رأي ش &&يخ اإلس &&الم رمحه اهلل يف ه &&ذه املس &&ألة
فيما يذكره من ص&فة الق&رب ،وأن الق&رب ال ينقس&م إىل ق&رب ع&ام وخ&اص ،ب&ل الق&رب
ال يكون إال خاصًا.
89
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وعلي &&ه فيك &&ون مع &&ىن الب &&اطن ال &&ذي ال ختفى علي &&ه من خلق &&ه خافي &&ة ،فال حيجب
س&&بحانه وتع&&اىل خلق&&ه عن&&ه ش&&يء ،ب&&ل ه&&و املطل&&ع على ظواهرهم وب&&واطنهم ،وق&&د أط&&ال
الكالم على ه &&ذا ابن القيم رمحه اهلل يف (طري &&ق اهلج &&رتني) ،وملا أفهم وبني وخش &&ي أن
يكون القارئ غ&ري م&درك ملا ذك&ر ،ق&ال :ف&إذا مل تس&تطع فهم ه&ذا فدع&ه وج&اوزه إىل م&ا
تس&&تطيع ،يع&&ين أن اإلنس&&ان ال يل&&زم أن يك&&ون م&&دركًا ملع&&ىن ك&&ل اس&&م من أمساء اهلل ع&&ز
وج &&ل على وج &&ه الكم &&ال ،ف &&إذا خفي علي &&ه ش &&يء ،أو ض &&اق ذهن &&ه أو فهم &&ه عن إدراك
مع &&ىن ش &&يء من أمساء اهلل ع &&ز وج&&ل ،ف &&الواجب علي &&ه أن ي &&ؤمن مبا أخ&&رب اهلل ب &&ه ورس &&وله
على مراد اهلل ورسوله وميضي.
90
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
40
معنى االستواء
سلسى فرماتا بوتري و سلسبيال فضيلة
إذا ج &&اء لف &&ظ (االس &&تواء) مقي &&دا ب(على) معن &&اه يف لغ &&ة الع &&رب :العل &&و على
ِذ
الشيء و االس&&تقرار علي&&ه كم&ا يف قول&&ه تع&&اىل ﴿َو اَّل ي َخ َل َق اَأْلْز َو اَج ُك َّلَه ا َو َجَع َل َلُك ْم
ِم َن اْلُف ْل ِك َو اَأْلْنَع اِم َم ا َتْر َك ُب ون ِلَتْس َتُو وا َعَلى ُظُه وِرِه َّمُث َت ْذ ُك ُر وا ِنْع َم َة َر ِّبُك ْم ِإَذا
اْس َتَو ْيُتْم َعَلْي ِه﴾ و املع&&ىن لتعل&&وا على ظهوره&&ا و تس&&تقروا عليه&&ا .و كم&&ا يف قول&&ه تع&&اىل
عن سفينة نوح علي&ه الس&الم ﴿َو اْس َتَو ْت َعَلى اُجْلوِدِّي َو ِقي&َل ُبْع ًد ا ِلْلَق ْو ِم الَّظاِلِم َني ﴾ أي
اس &&تقرت على جب &&ل اجلودي ،و كم &&ا يف قول &&ه تع &&اىل ﴿َف ِإَذا اْس َتَو ْيَت َأْنَت َو َمْن َمَع َك
َعَلى اْلُف ْلِك ﴾ أي استقرت عليه .و يقال ( :اس&&توى فالن على س&&طح املنزل ) إذا ص&&عد
عليه و عاله واستقر عليه.
أم &&ا الع &&رش فه &&و يف اللغ &&ة :الس &&رير ال &&ذي للمل&&ك كم&&ا ق &&ال تع &&اىل عن بلقيس :
﴿َو َهَلا َع ْر ٌش َعِظ يٌم﴾ فاس &&توى هلل تع &&اىل على الع &&رش معن &&اه :عل &&وه علي &&ه ،واس &&تقراره
عليه علًو ا و اس&تقراًر ا حقيًق ا يلي&ق جبالل&ه .و ه&ذا االس&تواء ال مياث&ل اس&تواء املخل&وقني.
و ع&&رش اهلل س&&رير ذو ق&وائم حتمل&ه املالئك&&ة ،كم&ا ورد يف النص&&وص الش&&رعية .فاس&&تواء
اهلل على عرش &&ه من ص &&فاته الفعلي &&ة ال &&يت دل عليه &&ا الكت &&اب و الس &&نة و إمجاع الس &&لف.
فمن أدلة القرآن :قوله تع&&اىل ﴿ِإَّن َّبُك الَّل اَّلِذي َل الَّس ا اِت اَأْل يِف ِس َّتِة
َخ َق َم َو َو ْر َض َر ُم ُه
َأَّياٍم َّمُث اْس َتَو ى َعَلى اْلَعْر ِش ﴾ [األعراف ﴿ ] 54 :الَّر َمْحُن َعَلى اْلَع ْر ِش اْس َتَو ى﴾ [ط&&ه
]5:
40عبد اهلل بن عبد العزيز بن محادة اجلربين ،تسهيل العقيدة اإلسالمية (دار العصيمي للنشر والتوزيع ,د.ت) .ص134-121 .
91
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
وكالم املعتزل&&ة يف ه&&ذا الب&&اب .ق&&ال أب&&و احلس&&ن األش&&عري يف كت&&اب اإلبان&&ة (( و
ق&&د ق&&ال ق&&ائلون من املعتزل&&ة و اجلهمي&&ة و احلروري&&ة :إن ق&&ول اهلل ع&&ز و ج&&ل ﴿ال &َّر َمْحُن
َعَلى اْلَعْر ِش اْس َتَو ى﴾ إنه استوىل و ملك و قهر و إن اهلل عز و جل يف كل مكان ،و
جحدوا أن يكون اهلل عز و جل على عرشه.
وق& & &&د نق& & &&ل إمجاعهم و إمجاع مجي& & &&ع أه& & &&ل الس& & &&نة على ذل& & &&ك مجع من أه& & &&ل العلم من
املتقدمني واملتأخرين.
وقد ثبت عن إمام دار اهلجرة – و هو من تابعي التابعني – أنه سأل الرجل ،فقال :يا
أبا عبد اهلل ﴿ :ٱلَّر ۡح َٰم ُن َعَلى ٱۡل َعۡر ِش ٱۡس َتَو ٰى [ ﴾٥طه]5:
كي &&ف اس &&توى ؟ ف &&أطرق مال &&ك برأس &&ه ح &&ىت عاله الرحض &&اء ( أي :الع &&رق ) مث ق &&ال:
((االس &&تواء غ &&ري جمه &&ول ،و الكي &&ف غ &&ري معق &&ول ،و اإلميان ب &&ه واجب ،و الس &&ؤال عن &&ه
بدعة ،و ما أراك إال مبتدعا)) مث أمر به أن خيرج.
92
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
و قال احلافظ الذهيب الشافعي (( :هذا ثابت عن مالك ,و تقدم حنوه عن ربيعة ش&&يخ
مالك ,و هو قول أهل السنة قاطبة ))
و مع &&ىن قول &&ه (( االس &&تواء غ &&ري جمه &&ول )) أي غ &&ري جمه &&ول مع &&ىن يف اللغ &&ة ،ف &&إن مع &&ىن
املعل &&وم االس &&تقرار .و قول &&ه (( :و الكي &&ف غ &&ري معق &&ول )) معن &&اه أنن &&ا الن &&درك كيفي &&ة
اس&تواء اهلل على عرش&ه بعقولن&ا ،فال ميكن معرفته&ا إال بطري&ق الس&مع ،و مل ي&رد الس&مع
ب&&ذكر الكيفي&&ة ،فيجب الك&&ف عن&&ه عن ذكره&&ا .و قول&&ه (( :اإلميان ب&&ه واجب )) ألن
اهلل أخرب به عن نفسه ,فوجب تصديقه و اإلميان به على الوجه الالئق باهلل عز و جّل.
93
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
41
صفات المنافقين
ساندرا أنرياين و سيت فاطمة الزهراء
تعريف النفاق
ُيطلق مصطلح الّنفاق على األشخاص الذين يّد عون اإلس&&الم ،وُيظه&&رون عكس
ما خُي فون ،وفيما يأيت تعريف الّنفاق يف الّلغة واالصطالح.
الّنفاق لغ ًة ه&&ذا الّلف&&ظ يف الّلغ&&ة م&&أخوٌذ من الفع&&ل ن&&اَفَق ،وأص&&له من الّنف&&ق؛ ألّن ا ن&&افق
ُمل
خُي في أم&َر ه ،كمن ي&&دخل وخيت&&بئ يف الّنف&&ق ،وقي&&ل إّن اللف&&ظ م&&أخوٌذ من نافق&&اء ال&&ريبوع،
وهو ُج ْح ره الذي حيفر األرض ليخرج منه ،حىّت يوش&ُك أْن يبل&َغ س&&طح األرض ،في&&رتك
طبقًة خفيفة لكي ال يعلَم أحد مبكان خمرجه .وإذا خ&&اف من ش&&يٍء ،أو ش&ّك يف وج&&ود
ش&&يٍء ،رف&&ع رأس&&ه ل بع&&د ه&&ذه القش&&رة وخيرج منه&&ا ،فك&&ان الّنف&&اق ش&&تًق ا منه&&ا؛ لك & ِن
ْو ُم ُي
ا ن&افق خُي في أم&ًر ا وُيظه&ر غ&ريه ،ف&اُجلحر ال&ذي خيرج من&ه ال&ريبوع يف الّظاهر يك&ون تراًبا
ُمل
ُيغطي مكاًن ا ص &&غًريا من األرض ،وحتت ه& &&ذا ال& &&رتاب حف& &&رة ال يراه& &&ا أح &&د ،وك &&ذلك
الّنفاق.
الّنف اق اص طالًح ا ُيع &ّر ف الّنف&&اق اص&&طالًح ا بأّن ه :إظه&&ار اإلس&&الم وإخف&&اء الكف&&ر ،وق&&د
ّمسى بعض الفقهاء املنافَق زنديًق ا.
94
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
.1الكذب
يع&&ُّد الك&&ذب من الص&&فات ال&&يت يش&&تهر هبا املن&&افقون ،وق&&د ذك&&ر ذل&&ك رس&&ول اهلل -ص&&لى
اهلل علي &&ه وس &&لم -وح &&ذر من &&ه ،حيث ق &&ال) :آَي ُة الُم َن اِفِق َثاَل ٌث :إَذا َح َّد َث َك َذ َب ،
وإَذا وَعَد أْخ َلَف ،وإَذا اْؤ ُتِم َن َخ ان).
الص &&فُة الثاني &ُة من ص &&فاِت املن &&افقَني أَّن ط &&اعتهم قليل &&ة ،وإذا ق &&اموا إىل الطاع &&اِت الواجب &&ة
قاموا إليها بتكاسٍل وثقل ،وقد بنَّي اهلل -عَّز وجَّل -هذه الصفة يف قوله -تعاىلِ﴿:-إَّن
اْلُم َن اِفِق يَن ُيَخ اِد ُعوَن الَّل َه َو ُه َو َخ اِد ُعُه ْم َو ِإَذا َق اُموا ِإَلى الَّص اَل ِة َق اُموا ُك َس اَلٰى
ُيَر اُءوَن الَّناَس َو اَل َيْذ ُك ُر وَن الَّلَه ِإاَّل َقِلياًل ﴾.
ُع رف املن&&افقون ب&&اخلوِف وش&&دة اهلل&ِع ،واجلِنب ،وم&&ا يؤك&&د على ذل&&ك خ&&وفهم من القت&ِل
وسلب األموال بسبب كفرهم ،وهذا اخلوف واجلِنب هو الذي دع&&اهم إلظه&&ار اإلس&الِم
ِم ِه ِل ِء
وإخف&&ا الكف&ِر ،وق&&د دَّل قول&&ه -تع&&اىلَ﴿:-و َيْح ُف وَن ِبالَّل ِإَّنُه ْم َل نُك ْم َو َم ا ُه م ِّم نُك ْم
َو َٰلِكَّنُه ْم َقْو ٌم َيْف َر ُق وَن ﴾ ،على ص &&فة اخلوِف ال &&يت ُع رف املن &&افقون هبا؛ إذ أَّن يفرق &&ون
تعين خيافونكم.
أك &&ثر املن &&افقني يعلم &&ون أَّن اإلس &&الَم ه &&و ال &&ديُن احلَّق ،لكَّنهم ينك &&رون ذل &&ك؛ جملالس &&تهم
للكف &&اِر وانبه &&ارهم باحلض &&ارات الغربي &&ة واملادي &&ة ،كم &&ا أَّن ك &&ثرة مساعهم للش &&بهات ال &&يت
ُتث&&ار ح&&ول اإلس &الِم ،يس&&بُب هلم البغض لإلس &الِم وأهل&&ه ،ويكفي ه&&ذا لي&&دَّل على تبيعي&&ة
املن&&افق وانع&&داِم تفك&&ريه وقل&&ة عقل&&ه ،وق&&د ج&&اء وص&&ف الس&&فه هلم يف قول&&ه -تع&&اىل﴿َو ِإَذا
95
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
معل&&وٌم أَّن من ع&&رى اإلمياِن أن حيَّب املس&&لَم باِهلل وُيبغض في&&ه ،ودلي&&ل ذل&&ك م&&ا ُر وي عن
رسول اهلل -صلى اهلل عليه وسلم -حيث قال﴿ :إَّن َأوثَق ُعرى اإليماِن أْن ُتِح َّب في
اِهلل ،وُتبِغَض في اِهلل﴾ ،ومن هذه النقطُة مُي كن استنباُط صفٍة من صفاِت املنافقَني وهي
كره اإلسالِم وأهله وحَّب الكفِر وأهله.
من صفاِت املنافِق أيًض ا أَّنه ُيظهر للمسلمَني عكس م&ا ُيبطن ،فيظه&َر هلم إس&المه وخيفي
عنهم كف&&ره ،كم&&ا أَّنه ُيظه&&ر هلم احملب &َة واملودَة وخُي في عنهم الع&&داوة والبغض&&اَء،وق&&د ق&&ال
فيهم اهلل -تع &&اىلُ﴿ :يَخ اِد ُعوَن الَّل َه َو اَّل ِذ يَن آَم ُن وا َو َم ا َيْخ َد ُعوَن ِإاَّل َأنُفَس ُه ْم َو َم ا
َيْش ُعُر وَن ﴾.
لق&&د ذك&&ر اهلل يف كتاب&&ه اجملي&&د ص&&فًة من ص&&فاِت املن&&افق وهي م&&رض القلِب حيث ق&&ال -
تع & &&اىل ِ﴿:في ُقُل وِبِه م َّم َر ٌض َفَز اَدُه ُم الَّل ُه َمَر ًض اۖ َو َلُه ْم َع َذ اٌب َأِليٌم ِبَم ا َك اُنوا
َيْك ِذ ُبوَن ﴾ ،وه &&ذا املرُض يع &&ُّد فس &&اًدا يف قلِب املن &&افِق جيع &&ل إدراك &&ه خمتاًل ،ف &&رتاه حيُّب
الباط&َل ويك&&رَه احلَّق ،باإلض&&افِة إىل أَّن أدىن الش&&بهات والش&&هواِت ت&&ؤثر يف قلب&&ه .كم&&ا أَّن
املنافَق يكوُن متشكًك ا يف كِّل شيْء وفاقد اإلمياِن بأِّي ش&يٍء ،فيك&ون يف غرب&ٍة عن احلِّق
وأهله ،كما أَّنه يغتَّم ويهتَّم بظهوِر أمِر رسول اهلل -ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ونص&رته على
أعدائه وأعداء الديِن .
96
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ومن ص&&فاِت املن&&افقني ال&&يت حتَّدث الق&&رآن الك&&رَمي عنه&&ا هي اس&&تهزائهم ب&&املؤمنني ،حيث
ق &&ال -تع &&اىل ﴿ِإَذا َلُق وا اَّل ِذ يَن آَم ُن وا َق اُلوا آَم َّن ا َو ِإَذا َخ َل ْو ا ِإَلى َش َياِط يِنِه ْم َق اُلوا ِإَّن ا
َمَعُك ْم ِإَّنَم ا َنْح ُن ُمْس َتْه ِز ُئوَن ﴾ ،فهم ُيظه&&روَن إمياهنم للمؤم&&نَني وخيف&&وَن كف&&رهم ،وم&&ا
أن خيتلي املن &&افقون برؤس &&اء الكف &&ار خيربوهنم أهَّن م معهم وأَّن إظه &&ار إمياهنم إمَّن ا ه &&و من
باب االستهزاِء باملؤمنني ،وه&دفهم من ذل&ك األمن من القت&اِل وحتقي&ق مص&اٍحل مادي&ٍة عن
طريق الصدقاِت والغنائم.
ومن ص &&ور اس &&تهزاِء املن &&افقني ب &&املؤمنَني أهَّن م عن &&د ن &&زوِل آي& &ِة قرآني& &ٍة جدي &&دًة يتس &&ائلوَن
اس &&تهزاًء أيكُم زادت &&ه ه &&ذه اآلي &&ة إمياًن ا؛ واهلدف من ذل &&ك ص &&رف املس &&لمني عن دينهم
وتزهي &&دهم في &&ه ،وق &&د ُذك &&رت ه &&ذه الص &&ورة يف قول &&ه -تع &&اىل ﴿َو ِإَذا َم ا ُأن ِز َلْت ُس وَر ٌة
ِذ ِذِه ِم
َف ْنُه م َّمن َيُق وُل َأُّيُك ْم َز اَدْت ُه َٰه ِإيَم اًن اۚ َفَأَّم ا اَّل يَن آَم ُن وا َفَز اَدْتُه ْم ِإيَم اًن ا َو ُه ْم
َيْس َتْبِش ُر وَن ﴾.
97
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ي& &&رى ابن األث& &&ري يف "هنايت& &&ه" أن أص& &&ل الرهبن& &&ة من اخلوف؛ إذ ك& &&ان النص& &&ارى
ي&&رتَّه بون ب&&التخِّلي من أش&&غال ال&&دنيا ،وت&&رك مالِّذه &&ا ،والزه&&د فيه&&ا ،والعزل&&ة عن أهله&&ا،
وتعم&&د مش&&اقها ،ح&&ىت إن منهم َم ن ك&&ان خيص&&ي نفس&&ه ،ويض&&ع السلس&&لة يف عنق&&ه ،وغ&&ري
ذل&&ك من أن&&واع التع&&ذيب .والرهب&&اُن :مجع راهٍب ،وق&&د يق&&ع على الواح&&د ،وجُي م&&ع على
َر ه& &&ابني ورهابن & &ٍة .والرهبن& &&ة فعَلن & &ٌة من& &&ه ،أو فعَلل& &&ة؛ على تق& &&دير أص & &لَّية الن& &&ون وزيادهتا.
والرهبانية :منسوبة إىل الرهبنة؛ بزيادة األلف.
98
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ج &&اء يف تفس &&ري الفخ &&ر ال &&رازي" :الَّر هباني &&ة معناه &&ا الفعل &&ة املنس &&وبة إىل الَّر هب &&ان،
وهو اخلائفَ ،فعالٌن من رهب ،كَخ شيان من خشي ،وُقرئَ( :و ُر ْه َباِنَّيًة) بالضم؛ كأهنا
نسبٌة إىل الُّر هب&ان ،وه&و مجع راهٍب ؛ ك&راكٍب وُر كب&اٍن ،واملراد من الَّر هباني&ة ت&رُّه بهم يف
اجلبال ،فاِّر ين من الفتنة يف الدين ،خُم لصني أنفسهم للعبادة ،ومتحملني َك لًف ا زائ&&دًة على
العبادات اليت كانت واجبًة عليهم؛ من اخلل&&وة ،واللب&&اس اخلش&&ن ،واالع&&تزال عن النس&&اء،
والتعبد يف الغريان والكهوف".
أما الرهبانية املنهي عنها وال&&يت ختالف اإلس&&الم فهي ت&&رك االش&&تغال ب&&أمر املع&&اش،
واالنقط&&اع الكام&&ل للعب&&ادة ،وق&&د تك&&ون بتح&&رمي بعض املباح&&ات لالس&&تعانة على العب&&ادة،
كما يف احلديث املتفق عليه عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال :ج&&اء ثالث&&ة ره&&ط إىل
بيوت أزواج النيب صلى اهلل عليه وسلم ،يسألون عن عبادة الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم،
فلما أخربوا كأهنم تقاُّلوها ،فقالوا :أين حنن من النيب صلى اهلل عليه وسلم؟ قد غف&&ر اهلل
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،ق&ال أح&دهم :أم&ا أن&ا ف&إين أص&لي اللي&ل أب&دا ،وق&ال آخ&ر:
أنا أصوم ال&دهر وال أفط&ر ،وق&ال آخ&ر :أن&ا أع&تزل النس&اء فال أت&زوج أب&دا ،فج&اء رس&ول
اهلل صلى اهلل علي&ه وس&لم فق&ال :أنتم ال&ذين قلتم ك&ذا وك&ذا؟ أم&ا واهلل إين ألخش&اكم هلل
وأتقاكم له ،لكين أصوم وأفطر ،وأص&لي وأرق&&د ،وأت&&زوج النس&&اء ،فمن رغب عن س&&نيت
فليس مين .أما عبارة "ال رهبانية يف اإلس&&الم" فهي مش&&هورة على أهنا ح&&ديث ،وليس&&ت
حبديث ،وقد ذكرها العجلوين يف كشف اخلف&اء ومزي&ل اإللب&اس عم&ا ي&دور من احلديث
على ألسنة الناس .حيث قال هناك( :ال رهبانية يف اإلسالم) قال ابن حجر :مل أره هبذا
اللف& &&ظ ،لكن يف ح& &&ديث س& &&عد بن أيب وق& &&اص عن& &&د ال& &&بيهقي :إن اهلل أب& &&دلنا بالرهباني& &&ة
42
احلنيفية السمحة .واهلل أعلم.
99
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
حكم الرهبانية
يوضح الشيخ ابن تيمية ب&أن ه&ذه الرهباني&ة مل ُيش&ِّر عها اهلل ،ومل جيعله&ا مش&روعًة
هلم؛ بل نفى جْع َله عنها كما نفى ذلك عَّم ا ابتدعه املش&ركون؛ بقول&&هَ ﴿ :م ا َجَع َل الَّل ُه
ِم ْن ِحَب َريٍة َو اَل َس اِئَبٍة َو اَل َو ِص يَلٍة َو اَل َح اٍم ﴾ [املائدة.]103 :
وه &&ذا اَجلع &&ل املنفُّي عن الب &&دع ه &&و اَجلع& &ُل ال &&ذي أثبت &&ه للمش &&روع بقول &&ه تع &&اىل:
﴿ ِلُك ٍّل َجَعْلَن ا ِم ْنُك ْم ِش ْر َعًة َو ِم ْنَه اًج ا ﴾ [املائ &&دة ،]48 :وقول &&هِ ﴿ :لُك ِّل ُأَّم ٍة َجَعْلَن ا
َم ْنَس ًك ا ُه ْم َناِس ُك وُه ﴾ [احلج]67 :؛ فالرهبانية ابتدعوها ،مل يشرعها اهلل للناس.
وبنَّي الفخر الرازي بأن رهبانيًة منص&&وبٌة بفع&ٍل مض&&مر ،يفِّس ره الظ&اهر ،تق&&ديره:
ابتَد عوا رهبانيًة ابتدعوها ،مث ذكر بأَّن يف قول&ه ﴿ :ا َك َت َنا ا َل ِه ِإاَّل ا ِتَغ ا ِر ْض اِن
َم ْب َه َع ْي ْم ْب َء َو
الَّلِه ﴾ [احلديد ]27 :قوَلني :أحدمها :أنه استثناٌء منقطٌع ؛ أي :ولكنهم ابتدعوها ابتغاء
رضوان اهلل.
وه &&ذا م &&ا أك &&ده الش &&يخ ابن تيمَّي ة بقول &&ه :مث ق &&الِ ﴿ :إاَّل اْبِتَغ اَء ِر ْض َو اِن الَّل ِه ﴾
[احلدي&&د]27 :؛ أي :مل َيكتب عليهم إال ابتغ&&اَء رض&&واِن اهلل ،وابتغ&&اُء رض&&وان اهلل بِف ع&&ل
م&&ا أم&&ر ب&&ه ال مبا ُيبت&َد ع ،وه&&ذا يس&&مى اس&&تثناًء منقطًع ا .وال جيوز أن يك&&ون املع&&ىن أن اهلل
كتبه &&ا عليهم ابتغ &&اَء رض &&وان اهلل؛ ف &&إَّن اهلل ال َيفع &&ل ش &&يًئا ابتغ &&اَء رض &&وان نفس &&ه ،وال أن
املعىن أهنم ابتَد عوها ابتغاء رض&وانه كم&ا َيظن ه&ذا وه&ذا بعُض الغ&الطني؛ كم&ا ق&د بس&ط
43
يف موضٍع .
وثبت يف الصحيحني أن نفرا من أصحاب النيب -ص&لى اهلل علي&ه وس&لم -ق&ال
أحدهم :أما أنا فأصوم ال أفطر وقال آخر :أما أن&ا ف&أقوم ال أن&ام وق&ال آخ&ر :أم&ا أن&ا فال
أتزوج النساء وقال آخر :أما أنا فال آكل اللحم .فق&&ام الن&&يب -ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم -
100
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
خطيب&&ا فق&&ال :م&&ا ب&&ال رج&&ال يق&&ول أح&&دهم ك&&ذا وك&&ذا لك&&ين أص&&وم وأفط&&ر وأق&&وم وأن&&ام
وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنيت فليس مين.
ويف ص&&حيح البخ&&اري أن الن&&يب -ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم -رأى رجال قائم&&ا يف
الش&&مس فق&&ال :م&&ا ه&&ذا؟ ق&&الوا :ه&&ذا أب&&و إس&&رائيل ن&&ذر أن يق&&وم يف الش&&مس وال يس&&تظل
44
وال يتكلم ويصوم .فقال :مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه.
ط&&ول اجلن&&ة وعرض&&ها للعلم&&اء يف تفس&&ري ع&&رض اجلن&&ة رأي&&ان ،فق&&ال ابن عباس :
ُتقَر ن الّس مواُت واألرض بعضها إىل بعض ،كم&ا ُتبس&&ط الِّثي&&اب وُيوَص ل بعض&&ها ببعض،
ف& &&ذلك ع& &&رض اجلّن ة ،وال يعلم طوهُل ا إال اهلل .وه& &&و ق& &&ول جمه ور العلم اء .ونّب ه اهلل
بالَعرض على الطول؛ ألّن الغالب أن الُّطول يكون أكثَر من العرض.
وقال قوم :ا راد بعرض اجلّنة َس عتها ،ماال يقاِبل طوهلا ،فلّم ا كانت اَجلّنة من
ُمل
ِع
االِّتس&&اع واالْنفس&&اح يف غاي&&ة ُقص&َو ى حُس نت ال ب&&ارة عنه&&ا بع&&رض الس&&موات واألرض،
44هل كانت الرهبانية مشروعة عند النصارى؟ -اإلسالم سؤال وجواب ()islamqa.info
101
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
كم&&ا تق&&ول للرج&&ل ،ه&&ذا حبر .ومل تقص&&د اآلي&&ة ب&&ذلك حتدي&&د الع&&رض ،ولكن أراد التعب&&ري
بذلك أهّن ا أوسع شيٍء رأيتموه.
فق &&د ت &&بني أن للعلم &&اء ق &&ولني يف تفس &&ري اآلي &&ة :ق &&ول اجلمه &&ور :أن املراد هن &&ا
العرض احلقيقي ،ويف ضمنه تنبيه على الطول ،والقول الثاين أن املراد بيان سعة اجلن&&ة ،
دون خصوص ذكر الطول والعرض ،وإمنا جرى التعبري على عادة العرب يف مثل ذلك
.وأيا ما كان األمر ،فال وجه ملا ذكر يف السؤال من التمثي&ل مبس&احة ، ...فه&ذا كل&ه
بعي &&د عن الوج &&ه املذكور يف اآلي &&ة ،والري &&اض ال &&يت مث &&ل هبا :هي ج &&زء من الس &&عودية ،
وأما السماوات واألرض فأمران مستقالن متاما .
وق&&د ج&&رت ع&&ادة البي&&ان الش&&رعي يف مث&&ل ذل&&ك ،ب&&التعبري عن املع&&اين الغيبي&&ة ،مبا
يفهمون &&ه الن &&اس من لغتهم ،ويعتادون &&ه من خط &&اهبم ،وال ش &&ك أن ذك &&ر األرض ال &&يت
يعرفوهنا ،ويشاهدون سعتها ،وامت&&داد أطرافه&&ا ،أدل على املقص&&ود ،وأق&&رب إىل فهم
45
املراد من طي ذكرها باملرة
46
وسع حوض النبي صّلى اهلل عليه وسّلم
عن أنس بن مال&&ك -رض&&ي اهلل عن&&ه -أن رس&&ول اهلل – ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم
– ق &&ال ( :إن ق &&در حوض &&ي كم &&ا بني أيل &&ة اىل ص &&نعاء من اليمن ،وإن في &&ه من األب &&اريق
كعدد جنوم السماء ) رواه البخاري .
مسافة بين أبواب الجنة
وَيِص ُف لن&&ا الّن ُّيب ص &ّلى اهلل علي&&ه وس &ّلم تل&&ك األب&&واب وس&&عتها ،فيق&&ول كم&&ا يف
ح &&ديث أيب هري &&رة رض &&ي اهلل عن &&ه( :واّل ذي نفس حمّم د بي &&ده ،إّن م &&ا بني اِملْص راعني -
https://islamqa.info/ar/answers/201529 45
https://muslim.or.id/35819-kutunggu-engkau-di-telagaku-02.html 46
102
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ِم ْص راعا الباب جانباه -من مصاريع اجلّنة لكما بني مّك ة وَه َج ر- 47أوَ -ه َج َر ومك&&ة)،
ويف لفظ( :لكما بني مّك ة وُبصرى) مّتفق عليه
ِد ِه ِل ِد
روى الرتم &&ذي (َ )2548عْن َخ ا ْبِن َأيِب َبْك ٍر َ ،عْن َس اِمِل ْبِن َعْب الَّل َ ،عْن
َأِبيِهَ ،قاَل َ :قاَل َرُس وُل الَّل ِه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم َ :باُب ُأَّم يِت اَّلِذي َيْد ُخ ُلوَن ِم ْن ُه اَجلَّن َة
َعْر ُضُه َم ِس َريُة الَّر اِكِب ا َج ِّو ِد َثاَل ًثاَّ ،مُث ِإَّنُه ْم َلُيْض َغُطوَن َعَلْي ِه َح ىَّت َتَك اَد َم َن اِكُبُه ْم َتُز وُل
ُمل
ِث ِد ِد
مث ق&&ال الرتم&&ذيَ " :ه َذ ا َح يٌث َغ ِر يٌب َ .س َأْلُت َحُمَّم ًد اَ ،عْن َه َذ ا اَحل ي َ ،فَلْم َيْع ِر ْف ُه،
وَقاَل َ :خِلاِلِد ْبِن َأيِب َبْك ٍر َم َن اِكُري َعْن َس اِمِل ْبِن َعْب ِد الَّل ِه " انتهى .وض&عفه الش&يخ األلب&اين
يف "ضعيف سنن الرتمذي".
سعة جهنم
ما حصل أهل جهّنم من الضيق معنوًّيا
الض&يق يف جهنم إح&دى وس&ائل الع&ذاب ال&يت يص&بها اهلل على الكف&ار والعص&اة..
فالض & &&يق يش & &&مل ظواهرهم وب & &&واطنهم ،وكي & &&ف ال ونفوس & &&هم أص & &&اهبا من اهلم والغم
واحلس &&رة م &&اال يوص &&ف مما هم في &&ه من الع &&ذاب والنك &&ال ..ح &&ر ومحيم ومسوم وحيم &&وم
سالس & &&ل وأص & &&فاد وظلم & &&ة وس & &&واد ..وق & &&د اجتمعت عليهم أل & &&وان الع & &&ذاب وأش & &&كاله
فنفوسهم ضيقة ض&نكة ،وف&وق ذل&ك كل&ه جتدهم حمش&ورين يف أض&يق األم&اكن يف جهنم
ِن ِم
تنكيًال هبم وزي &&اد هلم يف الغم واهلم ق &&ال تع &&اىلَ﴿ :و ِإَذا ُأْلُق وا ْنَه ا َم َك ان &ًا َض ِّيقًا ُمَق َّر َني
َدَعْو ا ُه َناِلَك ُثُبور﴾ [الفرقان ]13فهم ملقون يف أضيق األماكن ،وق&&د ك&&انوا يف ال&&دنيا
ينحت&&ون من اجلب&&ال القص&&ور ف&&رحني هبا ،فم&&ا أح&&وجهم ي&&وم القيام&&ة إىل ش&&رب من األرض
ِك
يعب&&دون اهلل في&&ه فينج&&ون من ذل&&ك الض&&يق وذل&&ك الع&&ذاب .ق&&ال تع&&اىلَ﴿ :ك اَّل ِإَّن َت اَب
اْلُف َّج اِر َلِف ي ِس ِّج ٍني ﴾ قال أبو عبدة ":أي لفي حبس وضيق شديد" [فتح القدير].
47أطلقت عليها اسم هجر وهي عاصمة إلقليم البحرين ،وأيضا يطلق هذا االسم على املنطقة املمتدة من البصرة إىل سلطنة عمان
مث حتوا امسها https://mawdoo3.comإ ىل اإلحساء حديثا
103
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
سعتها:
وجهنم م&&ع م&&ا حيص&&ل ألهله&&ا من الض&&يق ،فهي واس&&عة ض&&خمة ،ي&&دل على ذل&&ك
ما رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال :كنا مع رسول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ،إذ مسع
وجب &&ة (أي س &&قطة) فق &&ال الن &&يب ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم ":ت &&درون م &&ا ه &&ذا؟ قلن &&ا :اهلل
ورسوله أعلم .قال :هذا حج&ر رمي ب&ه يف الن&ار من&ذ س&بعني خريف&ًا ،48فه&و يه&وى 49يف
الن&&ار إىل اآلن" [مس&&لم] .وعن مع&&اذ بن جب&&ل :أن&&ه ك&&ان خيرب أن رس&&ول اهلل ﷺ
قال :وال&ذي نفس&ي بي&ده إن بع&د م&ا بني ش&فري 50الن&ار إىل أن يبل&غ قعره&ا 51لص&خرة زن&ة
س &&بع خلف &&ات ،وهي الن &&وق احلامالت بش &&حومهن وحلومهن وأوالدهن ،هتوي فيم &&ا بني
ش&&فري الن&&ار إىل أن تبل&&غ قعره&&ا س&&بعني خريًف ا [رواه الط&&رباين يف الكب&&ري ،16774:وق&&ال
األلب &&اين" :ص &&حيح لغ &&ريه" كم &&ا يف ص &&حيح ال &&رتغيب وال &&رتهيب.]3674 :يع &&ين ه &&ذا
الصخرة الكبرية جدًا ،إذا هوت تصل بعد سبعني سنة.
ومما ي&&دل على س&&عة الن&&ار وعظمه&&ا ك&&ثرة ال&&داخلني إليه&&ا على م&&ا هم علي&&ه من ض&&خامة
اجلس&م وعظم اهليئ&ة ،وك&ذلك ق&ذف الش&مس والقم&ر فيه&ا على ض&خامة الش&مس وس&عة
القم&&ر ،ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ":الش&&مس والقم&&ر ث&&وران 52مك&&وران يف
الن &&ار ي &&وم القيام &&ة[ "53السلس &&لة الص &&حيحة] .و ج &&اء احلديث عن أيب هري &&رة عن الن &&يب
ﷺ قال :ما بني منكيب 54الك &&افر مس &&رية ثالث &&ة أي &&ام لل &&راكب املس &&رع[ 55رواه
48خريفا هو كلمة عربية تعين فصل اخلريف ،وهو فصل من فصول السنة ميتد من 22أو 23أيلول (سبتمرب) إىل 21كانون
األول (ديسمرب) ،مبعىن سنًة
49يعين امليل أو االحندار حنو شيء ما ،وميكن استخدامها يف الداللة على سرعة وصول شيء ما إىل مكان ما
50ناحية الوادي من أعاله
51القعر هو اجلزء األسفل من شيء ما ،وميكن أن يشري إىل أقصى عمق أو هناية أسفل أي شيء
52مصطلح يشري إىل انبعاث مادة ما بشكل مفاجئ وعنيف
53هذا يعين أهنما سيكونان مطويان وملتفني على نفسهما ،وسيذهب ما فيهما من الضوء واإلنارة
54املنكب هو جمتمع رأس العضد والكتف
55مبعىن املسافة اليت متر هبا النار اليت يعاقب فيها الكافرين يف اآلخرة بني منكبيهما تساوي مسافة ثالثة أيام للراكب املسرع
104
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ولِك أن تتصوري ضخامة جهنم وعظمها ،فهي واس&&عة عظيم&&ة ،كب&&رية مهول&&ة،
وم &&ع ذل &&ك جيد فيه &&ا اجملرم &&ون من الض &&يق والحبس م &&ا يعض &&ون علي &&ه األنام &&ل من ن &&دم
التفري&&ط يف ال&&دنيا ،ول&&ك أن تتص&&وري جس&&رها وكي&&ف أن&&ه يكفي حلم&&ل اخلالئ&&ق كلهم
يوم القيامة ،فكيف جبهنم نفسها؟ قال ابن رجب -رمحه اهلل" :-وأما سعة جهنم ط&وًال
وعرًض ا ،فروى جماهد عن ابن عباس قال :أتدرون م&ا س&عة جهنم؟ قلن&ا :ال ،ق&ال :أج&ل
واهلل م &&ا ت &&درون أن بني ش &&حمة أذن 57أح &&دهم وأنف &&ه مس &&رية س &&بعني خريًف ا ،جتري في &&ه
أودي&&ة 58القيح وال&&دم ،قلن&&ا :أهنار؟ ق&&ال :ال ب&&ل أودي&&ة ،مث ق&&ال :أت&&درون م&&ا س&&عة جهنم؟
قلن & &&ا :ال ،ق & &&ال :ح & &&دثتين عائش & &&ة أهنا س & &&ألت رس & &&ول اهلل ﷺ عن قول & &&ه تع & &&اىل:
َو اَأْلْر ُض ِمَج يًع ا َقْبَض ُتُه َيْو َم اْلِق َياَم ِة َو الَّس ماَو اُت َم ْطِو َّي اٌت ِبَيِم يِن ِه ُس ْبَح اَنُه َو َتَع اىَل َعَّم ا
ُيْش ِر ُك وَن [الزمر ]67 :ف&أين الن&اس يومئ&ذ؟ عائش&ة س&ألت الن&يب ﷺ إذا اهلل قبض
األرض والسموات ،األرض والسموات قبضهن بيده ،فأين الناس يومئذ؟ أين يكونون؟
أين مك &&اهنم؟ ق &&ال ﷺ :على جس &&ر 59جهنم وه &&و ح &&ديث ص &&حيح [رواه أمحد:
105
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
ومما يدل على سعة جهنم كثرة املالئكة الذين يأتون هبا ي&وم القيام&ة .ق&ال ص&لى
اهلل علي&&ه وس&&لم ":ي&&ؤتى جبهنم يومئ&&ذ هلا س&&بعون أل&&ف زم&&ام ،60م&&ع ك&&ل زم&&ام س&&بعون
أل &&ف مل &&ك" [مس &&لم] وق &&ال اهلل ج &&ل وعالَ ﴿ :و ِج يَء َيْو َم ِئ ٍذ َجِبَه َّنَم ﴾ (الفج &&ر )23
وه&&ذا م&&ا ي&&دل على عظمه&&ا وأهنا تس&&ع الكف&&ار واجملرمني والعص&&اة .ول&&ك أن تتص&&ور ه&&ذا
الع& &&دد اهلائ& &&ل من املالئك& &&ة وهم ي& &&أتون ي& &&وم القيام& &&ة ،وك& &&ل مل& &&ك ال يعلم عظم قوت& &&ه
وضخامته وشكله إال اهلل .واهلل أعلم بالصواب.
60الزمام هو اخليط الذي يشد يف الربة أو يف اخلشاش مث يشد إىل طرف املقّو د ،ويستخدم لقيادة احليوانات أو إلمساكها بإحكام
106
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
فهرس
107
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
108
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
109
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
110
المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير
111