You are on page 1of 112

‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫تحت اإلشراف‬
‫األستاذ هيغي فجريانتو هريمان‪ ،‬املاجستري‬

‫كتبتها الطالبات من المستوى الخامس ج‬

‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫تحت اإلشراف‪:‬‬
‫األستاذ هيغي فاجريانتو هرمان‪ ،‬املاجستري‬

‫جمع و ترتيب‪:‬‬
‫نور العيش‬

‫شفاء سلسبيال‬
‫كتبتها الطالبات من المستوى الخامس ج‪:‬‬
‫والتفسيرألفي ن &&ور ه &&داييت ‪ -‬أملن &&ا ش &&هيدة‬
‫القرآن&ة الفوزي &&ة ‪-‬‬
‫&ور ‪ -‬عفيف &‬ ‫عفيف &&ة ن &‬
‫علوم‬ ‫قسم‬‫أد ليلى حس &&نة ن &&ور الرمحة ‪-‬‬
‫القرآنية&و غورن&&غ توك&&ان ‪ -‬تش&&وت أوفي&&اء‬
‫للدراساتالكرمية ‪ -‬أي&‬
‫زادي&&زة ‪ -‬أزكى‬
‫كلية&ة عز‬
‫كامل&&ة النس&&اء ‪ -‬عاتك&&ة ن&&ور ألفي&‬

‫‪ 1445‬ه ‪ 2023/‬م‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫صادقة ‪ -‬دال حرديانا ب&وتري ‪ -‬فرح&ة أريق&ة فائق&ة س&اباتيين ‪ -‬فاطم&ة ‪ -‬فاطم&ة ق&رة أعني ‪ -‬غاني&ة‬
‫س&&ري رزقي من&&ورة ‪ -‬غيان&&ا الزه&&راء ‪ -‬حبيب&&ة ‪ -‬حس&&ناء س&&هيلة فه&&دة ‪ -‬حي&&اة نص&&وحا ‪ -‬جيه&&ان‬
‫ن&ور هداي&ة منص&&ور ‪ -‬حّن ا أولي&آء‪ -‬حنيف&&ة احلقيق&&ة ‪ -‬لطفي ألفي&اين ‪ -‬لطفي ألفجري&ايت س&فتريين –‬
‫ماهرة مطمئّنة ‪ -‬نبيلة حصيفة ‪ -‬ندى أولياء الزه&راء ‪ -‬ناض&رة فريوزن&ا ‪ -‬نس&اء فاطم&اوايت ‪ -‬ن&ور‬
‫ثقيلة ‪ -‬نور مشسية أرض اهلل ‪ -‬نور العني مطمئّنة ‪ -‬نور اللطيفة قامال رزقي ‪ -‬بوتري ج&&انوئريت‬
‫‪ -‬رطاي&&ا زي&&ان ص&&فريا ري&&زا ‪ -‬رين&&ا ‪ -‬رش&&يدة األص&&فياء ‪ -‬س&&لمى عفيف&&ة ‪ -‬س&&لمى نبيل&&ة ‪ -‬سلس&&ى‬
‫فرماتا بوتري ‪ -‬سلسبيال فضيلة ‪ -‬ساندرا أنرياين ‪ -‬س&يت فاطم&ة الزه&راء ‪ -‬ش&فاء فطري&ة ‪ -‬ش&فاء‬
‫سلسبيال ‪ -‬ولدى ثانيا ‪ -‬نور العيش‬

‫سجود المخلوقات‬
‫أد ليلى حسنة نور الرمحة و عفيفة نور‬

‫إن السجود يف اللغه له معنيان‪:‬‬

‫‪ .١‬حقيقي هو وضع اجلبهة على االرض العاقل املطيع‪.‬‬

‫‪ .٢‬جمازي هو التعظيم واخلضوع واالنقياد من غري العاقل‬

‫قال الراغب االصفهاين السجود ض&ربان‪ :‬األول س&&جود باختي&&اري اي لالنس&&اين‬


‫وب&ه يس&تحق الث&واب فالس&جود اهلل واعب&دوا‪ .‬والث&اين س&جود تس&خري ه&و الدالل&ه الص&امته‬
‫الناطقه املنبهة على كونه خملوقة‬

‫وهلل يس& & & &&جد م& & & &&ا يف الس& & & &&موات وم& & & &&ا يف االرض من داب& & & &&ه واملالئك& & & &&ة وهم ال‬
‫يستكربون‪ .‬أمل ترى أن اهلل يسجد له ما يف السموات وم&&ا يف االرض والش&&مس والقم&&ر‬
‫والنجو واجلبال والشجر والدواب وكثري من الناس؟‬

‫ق&&د ذهب مجه&&ور املفس&&رين إىل أَّن املراد بس&&جود الس&&موات واألرض والش&&مس‬
‫والقم &&ر والنج &&وم واجلب &&ال والش &&جر وال &&دواب يك &&ون باالنقي &&اد الكام &&ل هلل‪ ،‬ال س &&جود‬

‫‪1‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫الطاعة اخلاصة بالعقالء‪ ،‬والصواب من الق&ول أن&ه س&جوٌد حقيقٌّي ال ن&دري كيفيت&ه‪ ،‬وال‬
‫حقيقته‪ ،‬قال تع&اىل‪َ{ :‬و ِلَّل ِه َيْس ُج ُد َمْن يِف الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َطْو ًع ا َو َك ْر ًه ا} [الرع&د‪:‬‬
‫‪ ،]١٥‬وق&&ال‪َ{ :‬أَو ْمَل َيَر ْو ا ِإىَل َم ا َخ َل َق الَّل ُه ِم ْن َش ٍء َيَتَف َّي ُأ ِظ اَل ُل ُه َعِن اْلَيِم ِني َو الَّش َم اِئِل‬
‫ْي‬
‫ُد ا يِف الَّس ا اِت ا يِف اَأْل ِض ِم اَّب ٍة‬ ‫ِل ِه‬ ‫ِخ‬ ‫ِل ِه‬
‫ْر ْن َد‬ ‫َم َو َو َم‬ ‫ُس َّج ًد ا َّل َو ُه ْم َدا ُر وَن * َو َّل َيْس ُج َم‬
‫ِئ‬
‫َو اْلَم اَل َك ُة َو ُه ْم اَل َيْس َتْك ُرِبوَن } [النح & &&ل‪ .]٤٩ - ٤٨ :‬وق & &&ال‪َ{ :‬و الَّنْج ُم َو الَّش َج ُر‬
‫َيْس ُج َد اِن } [الرمحن‪.]٦ :‬‬

‫وإذا أنت نظ & &&رت يف اآلي & &&ات نظ & &&ر معت& & &ٍرب وج & &&دت املخلوق & &&ات تس & &&جد ل & &&رِّب‬
‫الكائن &&ات س &&جودًا حقيقي& &ًا‪ ،‬ولكن ال ن &&دري كي &&ف تس &&جد‪ ،‬كم &&ا ق &&ال رُّب الع& &َّز ة يف‬
‫تس& &&بيح الكائن& &&ات‪َ{ :‬و ِإْن ِم ْن َش ْي ٍء ِإاَّل ُيَس ِّبُح َحِبْم ِدِه َو َلِكْن اَل َتْف َق ُه وَن َتْس ِبيَحُه ْم }‬
‫[اإلسراء‪ ]٤٤ :‬وقد أخرب رسولنا ‪ -‬صلى اهلل عليه وس&لم ‪ -‬أب&ا ذر أن الش&مس تس&جد‬
‫حتت ع&&رش ال&&رمحن‪ ،‬فعن أيب ذٍّر ‪ -‬رض&&ي اهلل عن&&ه ‪ -‬ق&&ال‪ :‬ق&&ال الن&&يب ‪ -‬ص&&لى اهلل علي&&ه‬
‫وس &&لم ‪ -‬أليب ذٍّر حني غ &&ربت الش &&مس‪« :‬أت &&دري أين ت &&ذهب؟»‪ .‬قلت‪ :‬اهلل ورس &&وله‬
‫أعلم‪ .‬ق&&ال‪« :‬فإهَّن ا ت&&ذهب حىَّت تس&&جد حتت الع&&رش‪ ،‬فتس&&تأذن في&&ؤذن هلا‪ ،‬ويوش&&ك أن‬
‫تس& &&جد فال يقب& &&ل منه& &&ا‪ ،‬وتس& &&تأذن فال ي& &&ؤذن هلا‪ ،‬فيق& &&ال هلا‪ :‬ارجعي من حيث جئت‪.‬‬
‫فتطل&ع من مغرهبا‪ ،‬ف&&ذلك قول&&ه تع&&اىل‪َ{ :‬و الَّش ْم ْجَتِر ي ِلُمْس َتَقٍّر َهَلا َذِلَك َتْق ِدي اْلعَّز ي&ِز‬
‫ُر‬ ‫ُس‬
‫اْلَعِليِم } [يس‪[ »]٣٨ :‬البخاري‪ .٣١٩٩ :‬ومسلم‪.]١٥٩ :‬‬

‫وه &&ذا دلي &&ل على كم &&ال ق &&درة اهلل تع &&اىل‪ ،‬وكم &&ال س &&لطانه‪ ،‬وكم &&ال علم &&ه أن‬
‫تك &&ون ه &&ذه األج &&رام العظيم &&ة تس &&ري س &&ريًا منظم &ًا‪ ،‬ال تتغ &&ري على م &&دى الس &&نني الط &&وال‪،‬‬
‫{والنجم والش &&جر يس &&جدان} النجم اس &&م جنس‪ ،‬واملراد ب &&ه النج &&وم تس &&جد هلل ‪ -‬ع &&ز‬
‫وجل ‪ -‬فهذه النجوم العليا اليت نشاهدها يف الس&ماء تس&جد هلل ‪ -‬ع&ز وج&ل ‪ -‬س&جودًا‬
‫حقيقي &ًا‪ ،‬لكنن&&ا ال نعلم كيفيت&&ه‪ ،‬ألن ه&&ذا من األم&&ور ال&&يت ال ت&&دركها العق&&ول‪ ،‬والش&&جر‬

‫‪2‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫يس&&جد هلل ع&&ز وج&ل س&&جودًا حقيقي&ًا‪ ،‬لكن ال ن&&دري كي&&ف ذل&&ك‪ ،‬واهلل على ك&&ل ش&&يء‬
‫ق &&دير‪ ،‬وانظ &&ر إىل األش &&جار إذا طلعت الش &&مس تتج &&ه أوراقه &&ا إىل الش &&مس تش &&اهدها‬
‫بعينك‪ ،‬وكلما ارتفعت‪ ،‬ارتفعت األشجار‪ ،‬وإذا م&الت للغ&روب م&الت‪ ،‬لكن ه&ذا ليس‬
‫ه& &&و الس& &&جود‪ ،‬إمنا الس& &&جود حقيق& &&ة ال ُيعلم‪ ،‬كم& &&ا ق& &&ال ‪ -‬ع& &&ز وج& &&ل ‪{ :-‬تس& &&بح ل& &&ه‬
‫السماوات السبع واَألرض ومن فيهن وإن من ش&يء إال يس&بح حبم&ده ولكن ال تفقه&ون‬
‫تسبيحهم إنه كان حليًم ا غفوًر ا} فالنجوم كلها تسجد هلل‪ ،‬واألشجار كلها تس&&جد هلل‬
‫‪ -‬ع &&ز وج &&ل ‪ -‬ق &&ال اهلل تع &&اىل‪{ :‬أمل ت &&ر أن اهلل يس &&جد ل &&ه من يف الس &&ماوات ومن يف‬
‫اَألرض والش& &&مس والقم& &&ر والنج& &&وم واجلب& &&ال والش& &&جر وال& &&دواب وكث& &&ري من الن& &&اس}‬
‫ويقابل&&ه‪{ ،‬وكث&&ري ح&&ق علي&&ه الع&&ذاب} فال يس&&جد ‪ -‬والعي&&اذ باهلل ‪{ -‬والس&&ماء رفعه&&ا}‬
‫يع &&ين ورف &&ع الس &&ماء ومل حيدد يف الق &&رآن الك &&رمي مق &&دار ه &&ذا الرف &&ع‪ ،‬لكن ج &&اءت الس &&نة‬
‫بذلك‪ ،‬فهي رفيعة عظيمة ارتفاعًا عظيم&ًا ش&&اهقًا‪{ ،‬ووض&&ع امليزان} أي‪ :‬وض&&ع الع&&دل‪،‬‬
‫والدليل على أن املراد بامليزان‪ .‬و يق&ول ش&يخ اإلس&الم ابن تيمي&ة ‪ " :‬الس&جود من جنس‬
‫القنوت‪ ,‬فإن السجود الشامل جلميع املخلوقات ه&&و متض&&من لغاي&&ة اخلض&&وع و ال&&ذل‪ .‬و‬
‫ك&&ل خمل&&وق فق&&د تواض&&ع لعظم&&ة‪ .‬و ذل و لعظمت&&ه‪ ،‬و ذل لعزت&&ه‪ ,‬و استس&&الم لقدرت&&ه‪ ،‬و‬
‫معل&&وم أن الس&&جود لك&&ل ش&&يء ( خملوق&&ات ) حبس&&به ليس س&&جود ه&&ذه املخلوق&&ات وض&&ع‬
‫جبهتها على األرض‬

‫‪3‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫خلق اإلنس و الجن و الملك و الحيوان و النبات‬


‫عفيفة الفوزية و ألفي نور هداييت‬

‫المالئكة و الجن‬
‫ق &&د ورد يف تفس &&ري قول &&ه تع &&اىل‪َ(:‬أْجَتَع ُل ِفيَه ا َمْن ُيْف ِس ُد ِفيَه ا َو َيْس ِف ُك ال &&ِّد َم اَء)‬
‫[البقرة‪ ]30:‬عدة أقوال ذكرها اإلمام الطربي ومنها‪ :‬أن املالئكة علموا أن اإلفس&&اد يف‬
‫األرض حادث مبا رأوا ممن كان قبل آدم من اجلن‪ .‬قاله قتادة‪ .‬وقال اإلم&&ام ابن كث&&ري يف‬
‫البداي&&ة والنهاي&&ة‪ :‬وق&&ال عب&&د اهلل بن عم&&ر رض&&ي اهلل عنهم&&ا‪ :‬ك&&انت اجلن قب&&ل آدم ب&&ألفي‬
‫ع &&ام فس &&فكوا ال &&دماء‪ ،‬فبعث إليهم جن& &دًا من املالئك &&ة‪ ،‬فط &&ردوهم إىل جزائ &&ر البح &&ور‪،‬‬
‫وعن ابن عباس حنوه‪.‬‬

‫وهذه اآلثار الواردة عن بعض الصحابة مل يثبت رفعه&ا إىل رس&ول اهلل ص&لى اهلل‬
‫علي& &&ه وس& &&لم ال بس& &&ند ص& &&حيح وال حس& &&ن وال ض& &&عيف‪ .‬ومن املعل& &&وم أن طري& &&ق العلم‬
‫بالغيب‪ :‬الوحي‬

‫‪4‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫(َو ِإْذ َقاَل َر ُّبَك ِلْلَم اَل ِئَك ِة ِإيِّن َج اِع ٌل يِف اَأْلْر ِض َخ ِليَف ًة َقاُلوا َأْجَتَع ُل ِفيَه ا َم ن ُيْف ِس ُد ِفيَه ا‬
‫َو َيْس ِف ُك الِّد َم اَء َو ْحَنُن ُنَس ِّبُح َحِبْم ِدَك َو ُنَق ِّد ُس َلَك َقاَل ِإيِّن َأْع َلُم َم ا اَل َتْع َلُم وَن )‪ .‬هك&ذا‬
‫ورد يف اآلية ‪ 30‬من سورة البقرة‪ ،‬عن خلقة لإلنسان‪.‬‬

‫ورغم أن&&ه مل ي&&أت يف الكت&&اب والس&&نة ش&&يء ي&&دل على أن قوم&&ا ك&&انوا يس&&كنون‬
‫األرض قبل آدم عليه السالم‪ ،‬وإمنا جاء ذكر بعض املخلوق&ات ال&ىت عاش&ت األرض قب&ل‬
‫اإلنسان‪ ،‬حسبما ج&اء ىف أق&وال بعض املفس&رين من الص&حابة والت&ابعني‪ ،‬ومن ذل&ك‪ :‬أن‬
‫األرض ك &&ان يس &&كنها اجلن (ب &&اجليم املعجم &&ة)‪ ،‬وهم ال &&ذين خلقهم اهلل تع &&اىل من الن &&ار‪،‬‬
‫وه&ذا الق&ول م&روي عن أك&ثر أه&ل التفس&ري‪ ،‬فيم&ا ي&رى آخ&رون أن&ه مل يكن على األرض‬
‫قب&&ل آدم علي&&ه الس&&الم أح&&د ال من اجلن وال من غ&&ريهم‪ ،‬فيم&&ا ي&&ذكر بعض املفس&&رين أو‬
‫املؤرخني‪ ،‬أن قوم & &&ا امسهم احلن (باحلاء املهمل & &&ة) ك & &&انوا يس & &&كنون األرض‪ ،‬فج& &&اء اجلن‬
‫(ب&&اجليم املعجم&ة) فقتل&وهم وس&&كنوا مك&&اهنم ‪ ،‬فيب&&دو أهنا من القص&&ص ال&&يت ال تس&&تند إىل‬
‫أي سند صحيح‪.‬‬

‫وقال ابن كثري يف كتابه "البداية والنهاية" (‪ :)1/55‬خلقت اجلن قب&&ل آدم علي&&ه‬
‫الس & & & & &&الم‪ ،‬وك & & & & &&ان قبلهم يف األرض (اِحلُّن والُّنِب )‪ ،‬فس & & & & &&لط اهلل اجلن عليهم فقتل & & & & &&وهم‬
‫وأجل&&وهم عنه&&ا وأب&&ادوهم منه&&ا وس&&كنوها بع&&دهم‪ .‬وذك&&ر س&&بط ابن اجلوزي يف كتاب&&ه‬
‫"م&رآة الزم&ان يف ت&اريخ األعي&ان وبذيل&ه (ذي&ل م&رآة الزم&ان) ‪ 22-1‬ج‪ :"1‬روى جماه&د‬
‫عن ابن عب& &&اس ق& &&ال ك& &&ان ب& &&األرض أمم قب& &&ل آدم أيض& &&ا وق& &&ال اجلوهري‪ :‬احلن حي من‬
‫اجلن‪ ،‬ق& &&ال‪ :‬ويق& &&ال احلن خل& &&ق بني اإلنس& &&ان واجلن‪ .‬روى مقات& &&ل عن عكرم& &&ة عن ابن‬
‫عباس أنه قال‪ :‬أول من سكن األرض أمة يق&&ال هلم‪ :‬احلن والنب مث س&&كاهنا اجلن فأق&&اموا‬
‫يعبدون اهلل تعاىل زمانا فطال عليهم األمد فأفسدوا‪ ،‬فأرسل اهلل إليهم نبيا منهم يقال له‬
‫يوسف فلم يطيعوه وقاتلوه فأرسل اهلل املالئكة ف&أجلتهم إىل البح&ار وك&ان م&دة إق&امتهم‬

‫‪5‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫يف األرض أل&ف ع&ام‪ ،‬وق&ال ابن اجلوزي‪ :‬ض&عف العلم&اء رواي&ات مقات&ل‪ ،‬ف&إن اهلل تع&اىل‬
‫مل يبعث نبيا قبل آدم وإمنا قيل بأن يوسف كان ملكا هلم فعصوه‪.‬‬

‫خلق إبليس من نار‬


‫ومن قب &&ل توق &&ف ابن كث &&ري ىف «البداي &&ة والنهاي &&ة» عن &&د ب &&اب خل &&ق اجلان وقص &&ة‬
‫الش &&يطان‪ ،‬وق &&ال فيه &&ا‪ ،‬ق &&ال اهلل تع &&اىل ىف س &&ورة ال &&رمحن « َل اِإْل ْن اَن ِم ْل اٍل‬
‫َخ َق َس ْن َص َص‬
‫َك اْلَف َّخ اِر * َو َخ َل َق اَجْلاَّن ِم ْن َم اِر ٍج ِم ْن َن اٍر * َفِب َأِّي آاَل ِء َر ِّبُك َم ا ُتَك ِّذ َباِن » وق &&ال ابن‬
‫عباس‪ ،‬وعكرمة‪ ،‬وجماهد‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وغري واحد «ِم ْن َم اِر ٍج ِم ْن َناٍر » ق&&الوا‪ :‬من ط&&رف‬
‫اللهب‪ ،‬وىف رواية من خالص&ه‪ ،‬وأحس&نه‪ ،‬وفيم&ا رواه مس&لم «خلقت املالئك&ة من ن&ور‪،‬‬
‫وخلق اجلان من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكم»‪.‬‬

‫كان من المالئكة‬
‫قال كثري من علماء التفسري‪ :‬خلقت اجلن قبل آدم علي&ه الس&الم‪ ،‬وذك&ر الس&دى‬
‫ىف تفس &&ريه‪« :‬ملا ف &&رغ اهلل من خل&&ق م &&ا أحب‪ ،‬اس &&توى على الع &&رش‪ ،‬فجع &&ل إبليس على‬
‫مل &&ك ال &&دنيا‪ ،‬وك &&ان من قبيل &&ة من املالئك &&ة يق &&ال هلم اجلن‪ ،‬وإمنا مسوا اجلن ألهنم ُخ زان‬
‫اجلن&ة‪ ،‬وك&ان إبليس م&ع ملك&ه خازًنا‪ ،‬فوق&ع ىف ص&دره إمنا أعط&اىن اهلل ه&ذا ملزي&ة ىل على‬
‫املالئكة»‪.‬‬

‫وكث &&ري من احلكاي &&ات عن إبليس ىف اإلس &&الم مرده &&ا إىل ابن عب &&اس‪ ،‬ال &&ذى ق &&ال‬
‫«إن اجلن ملا أفسدوا ىف األرض‪ ،‬وس&فكوا ال&دماء‪ ،‬بعث اهلل إليهم إبليس ومع&ه جن&د من‬
‫املالئكة‪ ،‬فقتلوهم‪ ،‬وأجلوهم عن األرض‪ ،‬إىل جزائر البحور»‪ ،‬وقال أيضا‪« :‬كان اسم‬
‫إبليس قب&&ل أن ي&&رتكب املعص&&ية عزازي&&ل‪ ،‬وك&&ان من س&&كان األرض‪ ،‬ومن أش&&د املالئك&&ة‬
‫اجته &&اًدا‪ ،‬وأك &&ثرهم علًم ا‪ ،‬وك &&ان من حى يق &&ال هلم اجلن»‪ ،‬بينم &&ا روى ابن أىب ح &&امت‪،‬‬
‫عن س&&عيد بن جب&&ري‪ ،‬أن إبليس «ك&&ان من أش&&رف املالئك&&ة من أوىل األجنح&&ة األربع&&ة»‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وك &&ل ذل &&ك أك &&ده ابن ج &&ريج نقال عن ابن عب &&اس «ك &&ان إبليس من أش &&رف املالئك &&ة‪،‬‬
‫وأك &&رمهم قبيل &&ة‪ ،‬وك &&ان خازًن ا على اجلن &&ان‪ ،‬وك &&ان ل &&ه س &&لطان مساء ال &&دنيا‪ ،‬وك &&ان ل &&ه‬
‫س&&لطان األرض»‪ ،‬ومما قال&&ه ابن عب&&اس أيض&&ا أن «الش&&يطان ك&&ان يس&&وس م&&ا بني الس&&ماء‬
‫واألرض»‪.‬‬

‫كان من الجن‬
‫بينم &&ا ذهب احلس &&ن البص &&رى ب &&رأى خمالف البن عب &&اس‪« :‬مل يكن من املالئك &&ة‬
‫طرف&&ة عني‪ ،‬وإن&&ه ألص&&ل اجلن‪ ،‬كم&&ا أن آدم أص&&ل البش&&ر»‪ ،‬وق&&ال آخ&&رون‪« :‬ك&&ان إبليس‬
‫من اجلن ال&&ذين ط&&ردهتم املالئك&&ة‪ ،‬فأس&&ره بعض&&هم‪ ،‬وذهب ب&&ه إىل الس&&ماء»‪ .‬بينم&&ا يق&&ول‬
‫الش &&يخ الش &&عراوى ىف كتاب &&ه «معج &&زة الق &&رآن» ىف اجلزء الث &&امن إجاب &&ة عن س &&ؤال‪ :‬ه &&ل‬
‫ك &&ان إبليس يعيش م &&ع املالئك &&ة وقت أن أص &&در اهلل س &&بحانه وتع &&اىل األم &&ر بالس &&جود؟‬
‫بعض الن&&اس ق&&الوا إن اجلن واملالئك&&ة ك&&انت تعيش ذل&&ك ال&&وقت ىف مك&&ان واح&د‪ ،‬ولكن‬
‫هذا القول يضع قيودا على ق&&درات اهلل س&&بحانه وتع&&اىل‪ ،‬ذل&&ك أن اهلل س&&بحانه وتع&&اىل ال‬
‫حيده زم&&ان وال مك&&ان‪ ،‬ول&&ذلك فإن&&ه ليس من موجب&&ات وص&&ول أم&&ر الس&&جود إىل إبليس‬
‫أن يعيش م&&ع املالئك&&ة ىف مك&&ان واح&&د وقت ص&&دور األم&&ر بالس&&جود‪ ،‬ول&&و ك&&ان إبليس‬
‫يعيش ىف آخ &&ر ال &&دنيا‪ ،‬واملالئك &&ة يعيش &&ون ىف الس &&موات العلي &&ا ف &&إن اهلل س &&بحانه وتع &&اىل‬
‫ق& &&ادر على أن يوص& &&ل أم& &&ر الس& &&جود إىل املالئك& &&ة‪ ،‬وإبليس ىف نفس اللحظ& &&ة رغم بع& &&د‬
‫املسافة‪ ،‬واهلل ال زمان عنده وال مكان‪ ،‬ألن الزمان واملكان من خلق اهلل»‪.‬‬

‫فق& & &&د ذك& & &&ر أه& & &&ل العلم أن أول م& & &&ا خل& & &&ق اهلل تع& & &&اىل املاء مث الع& & &&رش مث القلم مث‬
‫الس&&ماوات واألرض‪ ،‬ودلي&&ل ذل&&ك م&&ا أخرج&ه أمحد والرتم&&ذي وص&ححه من ح&ديث أيب‬
‫رزين مرفوع& &ًا‪ :‬إن املاء خل &&ق قب &&ل الع &&رش وروى الس &&ندي بأس &&انيد متع &&دده‪ :‬إن اهلل مل‬
‫خيلق شيئًا مما خل&ق قب&ل املاء‪.‬خل&ق املالئك&ة فك&ان قب&ل خل&ق الس&ماوات واألرض واجلن‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫فق &&د دلت على ذل &&ك بعض اآلث &&ار‪ ،‬وأهنم خلق &&وا بع &&د خل &&ق الع &&رش‪ ،‬ففي كت &&اب العل &&و‬
‫لل&ذهيب ق&ال‪:‬عن بعض املش&يخة ق&ال‪ :‬أول م&ا خل&ق اهلل عرش&ه على املاء‪ ،‬وخل&ق املالئك&ة‬
‫فقالوا‪ :‬ربنا مل خلقتنا؟ قال‪ :‬حلمل عرشي‪ ،‬قالوا‪ :‬ومن يق&وى على ذل&ك؟ ق&ال‪ :‬فقول&وا‪:‬‬
‫ال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم فيحملكم‪.‬‬

‫يتسائل البعض عن أول خملوق حي خلق&ه اهلل س&بحانه وتع&اىل وه&ل هم املالئك&ة‬
‫أم اجلن؟ وق &&د دلت األقاوي &&ل املأخوذة عن بعض املش &&يخة أن خل &&ق املالئك &&ة ك &&ان قب &&ل‬
‫خل &&ق الس &&ماوات واألرض وقب &&ل خل &&ق اجلن ولق &&د خلق &&وا بع &&د خل &&ق الع &&رش‪ ،‬وذك &&ر يف‬
‫كت&&اب العل&&و لل&&ذهيب عن بعض املش&&يخة أن ‪ :‬أول م&&ا خل&&ق اهلل عرش&&ه على املاء‪ ،‬وخل&&ق‬
‫املالئكة فقالوا‪ :‬ربنا مل خلقتنا؟ قال‪ :‬حلمل عرشي‪ ،‬قالوا‪ :‬ومن يق&وى على ذل&ك؟ ق&ال‪:‬‬
‫فقول& &&وا‪ :‬ال ح& &&ول وال ق& &&وة إال باهلل العلي العظيم فيحملكم‪ .‬وهن& &&اك احلديث الش& &&ريف‬
‫ال&&ذي آتى ب&&ذكر املالئك&&ة قب&&ل اجلن وه&&و ح&&ديث مثب&&وت يف ص&&حيح مس&&لم‪ :‬عن عائش&&ة‬
‫ق&&الت‪ :‬ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪(( :‬خلقت املالئك&&ة من ن&&ور‪ ،‬وخل&&ق اجلان‬
‫من مارج من نار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكم ))‬

‫ل&&ذا فاملالئك&&ة الك&&رام هم أول خملوق&&ات حي&&ة خلقه&&ا اهلل س&&بحانه وتع&&اىل أم&&ا عن‬
‫الكائنات احلية اليت خلقها اهلل يف األرض فلقد ذكر رسولنا الكرمي صلى اهلل عليه وس&لم‬
‫أن الش&جر أول الكائن&ات احلي&ة ال&يت مت خلقه&ا على األرض وذل&ك ي&وم األث&نني وق&د ورد‬
‫هذا يف السنة يف ما رواه مسلم عن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬أخذ رسول اهلل صلى‬
‫اهلل علي&&ه وس&&لم بي&&دي فق&&ال‪ :‬خل&&ق اهلل ع&&ز وج&&ل الرتب&&ة ي&&وم الس&&بت‪ ،‬وخل&&ق فيه&&ا اجلب&&ال‬
‫ي&&وم األح&&د‪ ،‬وخل&&ق الش&&جر ي&&وم االث&&نني‪ ،‬وخل&&ق املك&&روه ي&&وم الثالث&&اء‪ ،‬وخل&&ق الن&&ور ي&&وم‬
‫األربع&اء‪ ،‬وبث فيه&ا ال&دواب ي&وم اخلميس‪ ،‬وخل&ق آدم علي&ه الس&الم بع&د العص&ر من ي&وم‬
‫اجلمعة يف آخر اخللق يف آخر ساعة من ساعات اجلمعة يف ما بني العصر إىل الليل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫النبات و الحيوانات‬
‫فق&&د خل&&ق اهلل احليوان&&ات وك&&ذلك النبات&&ات من املاء‪ ،‬ويش&&هد ل&&ذلك قول&&ه تع&&اىل‪:‬‬
‫{َو َجَعْلَن ا ِم َن اْلَم اِء ُك َّل َش ْي ٍء َح ي} [األنبي&&اء‪ .]30:‬ق&&ال الش&&نقيطي يف أض&&واء البي&&ان‪:‬‬
‫الظاهر أن (جعل) هنا مبعىن خلق ألهنا متعدية ملفعول واحد‪ .‬ويدل لذلك قوله تعاىل يف‬
‫سورة النور‪َ:‬و الَّلُه َخ َلَق ُك َّل َداَّبٍة ِم ْن َم اٍء [النور‪.]45:‬‬

‫وق& &&ال ال& &&دكتور وهب& &&ة ال& &&زحيلي يف كتاب& &&ه التفس& &&ري املن& &&ري يف العقي& &&دة والش& &&ريعة‬
‫واملنهج‪َ{ :‬و َجَعْلَن ا ِم َن اْلَم اِء ُك َّل َش ْي ٍء َح ّي } [األنبي &&اء‪ .]30:‬أي وخلقن &&ا من املاء‬
‫كل حيوان‪ ،‬أي في&ه حي&اة‪ ،‬كقول&ه{‪َ:‬و الَّل ُه َخ َل َق ُك َّل َداَّبٍة ِم ْن َم اٍء } [الن&ور‪ .]45:‬فك&ل‬
‫حي&&وان من النطف&&ة ال&&يت هي م&&اء‪ ،‬وال ينبت النب&&ات إال باملاء‪ ،‬وه&&ذا مواف&&ق ملا ي&&راه بعض‬
‫العلم &&اء‪ :‬أن ك &&ل حي &&وان خل &&ق أوًال يف البح &&ر‪ ،‬مث انتق &&ل بعض احلي &&وان إىل ال &&رب‪ ،‬وتطب &&ع‬
‫بطباع الرب مع مرور الزمن‪.‬‬

‫ومما س& & &&بق يعلم أن احليوان& & &&ات والنبات& & &&ات إمنا خلقت& & &&ا من املاء‪.‬ال يوج& & &&د دلي& & &&ل‬
‫ص&حيح ص&ريح ىف األص&ل ال&ذى خلقت من&ه احليوان&ات والبه&ائم‪ ،‬لكن ذهب البعض إىل‬
‫ٍة ِم ٍء ِم‬
‫أهنا خلقت من ماء اس&تدالًال بظ&اهر قول&ه تع&اىل ‪{ :‬والَّل ُه َخ َل َق ُك َّل َداَّب ْن َم ا َف ْنُه ْم‬
‫ِش‬ ‫ِم‬ ‫ِش‬ ‫ِنِه ِم‬ ‫ِش‬
‫َمْن ْمَي ى َعَلى َبْط َو ْنُه ْم َمْن ْمَي ى َعَلى ِر ْج َلِنْي َو ْنُه ْم َمْن ْمَي ى َعَلى َأْر َبٍع ْخَيُل ُق الَّل ُه‬
‫َم ا َيَش اُء ِإَّن الَّلَه َعَلى ُك ِّل َش ْي ٍء َقِديٌر }‪.‬‬

‫لكن ذهب بعض املفس & & & &&رين إىل أن املراد باملاء هن & & & &&ا املّين‪ ،‬وق & & & &&ال بعض & & & &&هم إن‬
‫املقص &&ود أن املاء ج &&زء مما خلقت من &&ه‪ .‬ق &&ال القرط &&ىب ىف تفس &&ريه‪" :‬والداب &&ة ك &&ل م &&ا دب‬
‫على وجه األرض من احليوان‪ ،‬يقال‪ :‬دب يدب فه&&و داب‪ ،‬واهلاء للمبالغ&&ة‪ ..‬مل ي&&دخل‬
‫ىف ه & &&ذا اجلن واملالئك & &&ة‪ ،‬ألنن & &&ا مل نش & &&اهدهم‪ ،‬ومل يثبت أهنم خلق & &&وا من م & &&اء‪ ،‬ب & &&ل ىف‬
‫الصحيح‪ .‬إن املالئكة خلقوا من نور واجلن خلقوا من نار"‪ .‬وقال املفسرون‪" :‬من م&&اء"‬

‫‪9‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أى من نطف &&ة‪ .‬وق &&ال البعض‪ :‬أراد أن خلق &&ة ك &&ل حي &&وان فيه &&ا م &&اء‪ ،‬كم &&ا خل &&ق آدم من‬
‫املاء والطني‪ ،‬وعلى ه&&ذا يتخ&&رج ق&&ول الن&&ىب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم للش&&يخ ال&&ذى س&&أله ىف‬
‫غ&&زاة ب&&در‪ :‬ممن أنتم&&ا؟ فق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪( :‬حنن من م&&اء) احلديث‪.‬‬
‫وق&&ال ق&&وم‪ :‬ال يس&&تثىن اجلن واملالئك&&ة‪ ،‬ب&&ل ك&&ل حي&&وان خل&&ق من املاء‪ ،‬وخل&&ق الن&&ار من‬
‫املاء‪ ،‬وخل&ق ال&&ريح من املاء‪ ،‬إذ أول م&&ا خل&ق اهلل تع&&اىل من الع&&امل املاء‪ ،‬مث خل&ق من&&ه ك&&ل‬
‫شىء‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وي &&دل على ص &&حة ه &&ذا قول &&ه َق ِديٌر {َفِم ْنُه ْم َمْن ْمَيِش ى َعَلى َبْطِن ِه} املش &&ى‬
‫على البطن للحي&&ات واحلوت‪ ،‬وحنوه من ال&&دود وغ&&ريه‪ .‬وعلى ال&&رجلني لإلنس&&ان والط&&ري‬
‫إذا مشى‪ ،‬واألربع لسائر احليوان "‪.‬‬

‫وذهب آخ & &&رون إىل أهنا خلقت من ت & &&راب واس & &&تدلوا ل & &&ذلك مبا روى عن أىب‬
‫هري &&رة رض &&ى اهلل عن &&ه أن &&ه ق &&ال‪" :‬حيش &&ر اخلالئ &&ق كلهم ي &&وم القيام &&ة والبه &&ائم وال &&دواب‬
‫والط&&ري وك&&ل ش&&يء‪ ،‬فيبل&&غ من ع&&دل اهلل أن يأخ&&ذ للجم&&اء من القرن&&اء‪ ،‬مث يق&&ول ك&&وىن‬
‫تراًبا‪ ،‬ف&ذلك حني يق&ول الك&افر ي&ا ليت&ىن كنت تراًبا" فال ش&ك أن اهلل ع&ز وج&ل مل خيل&ق‬
‫ه &&ذا الك &&ون عبث &ًا‪ ،‬وإمنا خلق &&ه حلكم &&ة أراده &&ا س &&بحانه وتع &&اىل‪ ،‬ويف ص &&حيح مس &&لم أن‬
‫احليوان والنبات وغريها خلقت قبل آدم عليه السالم‪.‬‬

‫وخل&&ق ه&&ذه األش&&ياء املذكورة وغريه&&ا قب&&ل خل&&ق اإلنس&&ان ال ش&&ك أن ل&&ه حكم&&ا‬
‫جليل&&ة‪ ..‬علمه&&ا من علمه&&ا وجهله&&ا من جهله&&ا‪ ،‬ولع&&ل من ه&&ذه احلكم أن اهلل ع&&ز وج&&ل‬
‫ملا خل&ق اإلنس&ان لعبادت&ه وح&ده ال ش&ريك ل&ه وكرم&ه على س&ائر خملوقات&ه وجع&ل الك&ون‬
‫كل&&ه يف خدمت&&ه‪ ،‬كم&&ا ق&&ال اهلل تع&&اىل‪َ{ :‬و َلَق ْد َكَّر ْم َن ا َبيِن آَدَم َو َمَحْلَن اُه ْم يِف اْلَبِّر َو اْلَبْح ِر‬
‫َو َر َز ْقَن اُه م ِّم َن الَّطِّيَب اِت َو َفَّض ْلَناُه ْم َعَلى َك ِث ٍري َّمِّمْن َخ َلْق َن ا َتْف ِض يًال} [اإلس&راء‪ ،]70:‬هي&أ‬
‫له األرض وقدر فيها أقواهتا وبث فيها الدواب‪ ....‬ليكون ذلك كله يف خدمة اإلنس&&ان‬

‫‪10‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫املكرم حىت يؤدي الوظيفة اليت من أجله&ا خل&ق وهي عب&ادة اهلل تع&اىل‪ ،‬وش&أن الك&رمي أن‬
‫يهيئ اإلكرام ملن يريد إكرامه قبل قدومه‪ ،‬واهلل سبحانة وتعاىل ال&&ذي ك&&رم اإلنس&&ان ه&&و‬
‫أكرم األكرمني‬

‫املصادر احلديثية‪ ،‬يف هذه العجالة‪ ،‬ولكن جتدر اإلشارة إىل أمور ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن اهلل تع&&اىل يق&&ول ‪ِ { * :‬إَذا َقَض ى َأْم رًا َفِإَمَّنا َيُق وُل َل ُه ُك ن فَف َيُك وُن }‬
‫*‪.‬‬

‫ويقول تعاىل ‪ِ { * :‬إَمَّنا َأْم ُر ُه ِإَذا َأَر اَد َش ْيئًا َأْن َيُقوَل َلُه ُك ْن َفَيُك وُن } *‪.‬‬

‫وقال عز وجل ‪َ { * :‬و َجَعْلَنا ِم َن اْلَم اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي َأَفال ُيْؤ ِم ُنوَن } *‪.‬‬

‫وقال ‪َ { * :‬و الَّلُه َخ َلَق ُك َّل َداَّبٍة ِم ن َّم اء } *‪.‬‬

‫الث &&اين ‪ :‬أن ابن ط &&اووس « رمحه اهلل » ق &&د نق &&ل نص &ًا مط &&وًال عن نس &&خة عتيق &&ة‬
‫ك&انت عن&ده من ص&حف إدريس ج&اء في&ه ‪ « :‬مث ك&ان ص&باح ي&وم األربع&اء ‪ ،‬فخل&ق اهلل‬
‫من املاء أصناف البهائم والطري ‪ ،‬وجعل هلا أرزاقًا يف األرض »‪.‬‬

‫يض&اف إىل ذل&ك ‪ :‬م&ا زعم&ه وهب بن منب&ه ‪ -‬ال&ذي ي&روي اإلس&رائيليات كث&ريًا‬
‫‪ -‬من أن عزي&رًا ذك&&ر يف ح&&ديث طوي&&ل ‪ ،‬أن اهلل تع&&اىل يق&&ول ‪ « :‬مث خلقت من ال&&رتاب‬
‫واملاء دواب األرض‪ ،‬وماش& & &&يتها وس& & &&باعها‪ ،‬فمنهم من ميش& & &&ي على بطن& & &&ه ‪ ،‬ومنهم من‬
‫ميشي على رجلني ‪ ،‬ومنهم من ميشي على أربع ‪ ،‬ومنهم العظيم والصغري »‪.‬‬

‫الث &&الث ‪ :‬ص &&رح ع &&دد من الرواي &&ات ب &&أن اهلل تع &&اىل ق &&د خل &&ق الش &&جر والنب &&ات‬
‫بواس& & &&طة إج& & &&راء املاء على األرض ‪ ،‬واختالط& & &&ه ب& & &&الرتاب ‪ . .‬والرواي& & &&ات موج & &&ودة يف‬
‫الكتاب الشريف « حبار األنوار » للعالمة اجمللسي وغريه ‪ ،‬فيمكن الرجوع إلي&&ه ‪ .‬ومن‬
‫ذلك ‪ :‬ما روي من أن نافعًا سأل أب&ا جعف&ر « علي&ه الس&الم » عن ق&ول اهلل ع&ز وج&ل ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِم‬ ‫ِت‬ ‫َّل ِذ‬


‫* { َأَو ْمَل َيَر ا يَن َك َف ُر وا َأَّن الَّس َم اَو ا َو اَألْر َض َك اَنَت ا َر ْتق & &ًا َفَف َتْق َناَمُها َو َجَعْلَن ا َن‬
‫اْلَم اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي َأَفال ُيْؤ ِم ُنوَن } *‪.‬‬

‫ق &&ال‪ :‬إن اهلل تب &&ارك وتع &&اىل أهب &&ط آدم إىل األرض وك &&انت الس &&ماوات رتق& &ًا ال‬
‫متط&&ر ش&&يئًا ‪ ،‬وك&&انت األرض رتق&ًا ال تنبت ش&&يئًا ‪ ،‬فلم&&ا ت&&اب اهلل ع&&ز وج&&ل على آدم «‬
‫علي &&ه الس &&الم » أم &&ر الس &&ماء فتقط &&رت بالغم &&ام ‪ ،‬مث أمره &&ا ف &&أرخت عزااله &&ا ‪ ،‬مث أم &&ر‬
‫األرض ف &&أنبتت األش &&جار ‪ ،‬وأمثرت الثم &&ار ‪ ،‬و تفهقت باألهنار‪ ،‬فك &&ان ذل &&ك رتقه &&ا ‪،‬‬
‫وهذا فتقها‪ .‬فقال نافع ‪ :‬صدقت يا بن رسول‪.‬‬

‫الراب &&ع ‪ :‬ورد عن الن &&يب « ص &&لى اهلل علي &&ه وآل &&ه » ‪ :‬يف ق &&ول اهلل ع &&ز وج &&ل ‪* :‬‬
‫{ َو َجَعْلَنا ِم َن اْلَم اء ُك َّل َش ْي ٍء َح ٍّي } * قال ‪ :‬كل شيء خلق من املاء‬

‫أنواع الفواكه في القرآن‬


‫أملنا شهيدة كاملة النساء و عاتكة نور ألفية عزيزة‬

‫ذكر الق&&رآن الك&&رمي العدي&&د من الفواك&&ه بالتفص&&يل وبعض&&ها بامسه‪ُ .‬ذك&رت ه&&ذه‬
‫الفواك&&ه يف الق&&رآن الك&&رمي ألس&&باب عدي&&دة‪ ،‬من&&ه لت&&ذكري الن&&اس بنعم اهلل عليهم‪ ،‬إلب&&راز‬
‫اخلص &&ائص الغذائي &&ة والطبي &&ة هلذه الفواك &&ه‪ ،‬حيث متيزت ببعض اخلص &&ائص ال &&يت جعلته &&ا‬

‫‪12‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫تستحق الذكر يف القرآن الكرمي‪ 1.‬و قد ذكر اهلل تعاىل يف القرآن بعض الفواكه؛ مثل ‪:‬‬
‫ال &&تني‪ ،‬ال &&رطب‪ ،‬النح &&ل‪ ،‬و غ &&ري ذل &&ك‪ .‬كم &&ا أن وع &&د عب &&اده املتقني بفواك &&ه اجلن &&ة ال &&يت‬
‫تشبه مبظهرها فاكهة األرض و لكن ال شك أن طعمها سيكون خمتلفا‪ .‬كم&ا ق&&ال تع&&اىل‬
‫َّن اٍت‬ ‫ِت‬ ‫ِم‬ ‫ِذ‬
‫يف س &&ورة البق &&رة اآلي &&ة ‪َ﴿ : 25‬و َبِّش ِر اَّل يَن آَم ُن وا َو َع ُل وا الَّص اَحِلا َأَّن ُهَلْم َج‬
‫َّلِذ ِز ِم‬ ‫َّل ِز ِم ِم ٍة ِر‬ ‫ِر ِم ِت‬
‫ْجَت ي ْن ْحَت َه ا اَأْلْنَه اُر ۖ ُك َم ا ُر ُقوا ْنَه ا ْن َمَثَر ْز ًقاۙ َقاُلوا َٰه َذ ا ا ي ُر ْقَن ا ْن َقْب ُل‬
‫ۖ َو ُأُتوا ِبِه ُمَتَش اًهِباۖ َو ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌةۖ َو ُه ْم ِفيَه ا َخ اِلُد وَن ﴾‬

‫و هذه هي أنواع الفواكه اليت ذكرت يف القرآن‪:32‬‬

‫‪ .1‬التين ‪َ ﴿ :‬و الِّتِني َو الَّز ْيُتوِن (‪َ )1‬و ُطوِر ِس يِنَني (‪َ )2‬و َه َذ ا اْلَبَل ِد اَأْلِم ِني (‪َ )3‬لَقْد‬
‫ِإ َّل ِذ‬ ‫ِفِل‬ ‫ِوٍمي‬ ‫يِف‬
‫َخ َلْق َن ا اِإْل ْنَس اَن َأْح َس ِن َتْق (‪َّ )4‬مُث َر َدْد َن اُه َأْس َف َل َس ا َني (‪ )5‬اَّل ا يَن‬
‫آَم ُن وا َو َعِم ُل وا الَّص اَحِلاِت َفَلُه ْم َأْج ٌر َغْيُر ْمَمُن وٍن (‪َ )6‬فَم ا ُيَك ِّذ ُبَك َبْع ُد ِبال&&ِّديِن (‬
‫‪َ )7‬أَلْيَس الَّلُه ِبَأْح َك ِم اَحْلاِكِم َني (‪﴾ )8‬‬
‫ٍء‬ ‫اَّل ِذي َأن & َل ِم الَّس اِء ا َفَأ َن ا ِب ِه‬
‫ْي‬ ‫َش‬ ‫ِّل‬ ‫ُك‬ ‫َت‬ ‫ا‬ ‫َب‬
‫َن‬ ‫َز َن َم َم ًء ْخ َر ْج‬ ‫‪ .2‬الرم ان ‪َ ﴿ :‬و ُه َو‬
‫َفَأْخ َر ْج َن ا ِم ْن ُه َخ ِض ًر ا ْخُّنِر ُج ِم ْن ُه َح ًّب ا ُّم َتَر اِكًب ا َو ِم َن الَّنْخ ِل ِم ن َطْلِعَه ا ِقْنَو اٌن َداِنَي ٌة‬
‫َو َج َّناٍت ِّم ْن َأْعَناٍب َو الَّز ْيُتوَن َو الُّر َّم اَن ُمْش َتِبًه ا َو َغْيَر ُمَتَش اِبٍهۗ انُظُر وا ِإٰىَل َمَثِرِه ِإَذا‬
‫َأَمْثَر َو َيْنِعِهۚ ِإَّن يِف َٰذ ِلُك ْم آَل َياٍت ِّلَق ْو ٍم ُيْؤ ِم ُنوَن ﴾ [سورة األنعام ‪]99 :‬‬
‫‪ .3‬العنب ‪َ ﴿ :‬فَأْنَبْتَنا ِفيَه ا َح ًّبا (‪َ )27‬و ِعَنًبا َو َقْض ًبا (‪ [ ﴾ )28‬عبس‪]28-27:‬‬

‫"الفواك & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ه نعم & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ة وآي & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ة عظمى من آي & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ات اهلل"‪ ،‬االحتاد‪،2013 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪«/https://www.aletihad.ae/article/68238/2013‬الفواكه»‪-‬نعمة‪-‬وآية‪-‬عظمى‪-‬من‪-‬آيات‪-‬اهلل‪.‬‬
‫جمد مص& & & & & & & & & & & &&طفى أب & & & & & & & & & & & &&و طاع & & & & & & & & & & & &&ه‪" ،‬الفواك & & & & & & & & & & & &&ه ال & & & & & & & & & & & &&يت ذك & & & & & & & & & & & &&رت يف الق& & & & & & & & & & & &&رآن"‪ ،‬موض & & & & & & & & & & & &&وع‪،2021 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪/https://mawdoo3.com‬الفواكه_اليت_ذكرت_يف_القرآن‪.‬‬
‫‪ 3‬حمم & & & & & & & & &&د س & & & & & & & & &&امي حمم & & & & & & & & &&د علي‪" ،‬أمساء الفواك & & & & & & & & &&ه واخلض & & & & & & & & &&راوات املذكورة يف الق & & & & & & & & &&رآن"‪ ،‬موض & & & & & & & & &&وع‪،2022 ،‬‬
‫‪/https://mawdoo3.com‬أمساء_الفواكه_واخلضراوات_املذكورة_يف_القرآن‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ .4‬ال رطب ‪َ ﴿ :‬و ُه ِّز ي ِإَلْي ِك ِجِب ْذِع الَّنْخ َل ِة ُتَس اِقْط َعَلْي ِك ُر َطًب ا َج ِنًّي ا﴾ [ م&&رمي‪:‬‬
‫‪]25‬‬
‫‪ .5‬الطلح ‪ /‬الموز ‪َ ﴿ :‬و َطْلٍح َّم نُضوٍد ﴾ [ الواقعة‪]29 :‬‬
‫وَش اٍت‬ ‫اَّل ِذي َأنَش َأ َّناٍت َّم وَش اٍت‬
‫َل‬ ‫ْخ‬‫َّن‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫َو‬ ‫ُر‬ ‫ْع‬ ‫َم‬ ‫ْي‬
‫َر‬ ‫َغ‬‫و‬
‫َ‬ ‫ْع ُر‬ ‫َج‬ ‫‪ .6‬النخل ‪َ ۞ ﴿ :‬و ُه َو‬
‫َو ال&َّز ْر َع ْخُمَتِلًف ا ُأُك ُل ُه َو الَّز ْيُت وَن َو الُّر َّم اَن ُمَتَش اًهِبا َو َغْيَر ُمَتَش اِبٍهۚ ُك ُل وا ِم ن َمَثِرِه ِإَذا‬
‫َأَمْثَر َو آُت وا َح َّق ُه َيْو َم َحَص اِدِهۖ َو اَل ُتْس ِر ُفواۚ ِإَّن ُه اَل ِحُي ُّب اْلُمْس ِر ِفَني ﴾ [ األنع &&ام‪:‬‬
‫‪]141‬‬

‫إثبات صفة الوجه هلل عز وجل‬


‫أزكى الكرمية وأيو غورنغ توكان‬

‫‪14‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫قْد َعَر ْفَنا أَّن صفاِت اِهلل َتَعاىَل َتْنَق ِس ُم إىل ِقْسَم ِنْي ‪ ،‬ص&&فاُت ذاٍت وص&&فاُت ِفْع ٍل ‪.‬‬
‫وأَّن الِّص فاِت الَّذ اتَّي َة هَي اَّل يت َتْل َزُم ال& &َّذ اَت ‪ ،‬وتك &&وُن ُمَالِز َم ًة للموص &&وِف هبا َداِئًم ا ال‬
‫َتْنَف ُّك وال َتْنَف ِص ُل يف َو ْقٍت من األوق&&اِت ‪ ،‬فهَي ج&&زٌء مْن ذاِت الَّش يِء اَّل يت هَي َم اِه َّيُت ُه‪،‬‬
‫وما َيَتَك َّوُن منُه‪ .‬فمثًال ؛ إذا ُقْلَنا ‪ :‬إَّن هذا اإلنساَن املاثَل َأَم اَم َن ا ُيوَص ُف بص&فاٍت ذاتَّي ٍة‪،‬‬
‫وبص&فاٍت ِفْع ِلَّي ٍة؛ َفَس ْمُعُه‪َ ،‬و َبَص ُر ُه‪ ،‬وِلَس اُنُه‪َ ،‬و َيُد ُه‪ ،‬وِر ْج ُلُه‪َ ،‬و َبْطُنُه‪َ ،‬و َظْه ُر ُه أج&زاٌء من&ُه‪،‬‬
‫وكذا َأْجَز اُؤ ُه الباطنُة‪ ،‬كقلِبِه‪ ،‬وِر ئَتْيِه‪ ،‬وَك ِبِدِه‪َ ،‬و َأْمَعاِئِه ه أجزاٌء منُه‪َ .‬فَنْح ُن نقوُل ‪ :‬إَّن‬
‫َي‬
‫الِّص فاِت ا َالِز َم َة للموص&&وِف هَي ص&&فاٌت ذاتَّي ٌة‪َ .‬فاُهلل س&&بحاَنُه َو َتَع اىَل ل &ُه ا َث ُل اَألْع َلى‪،‬‬
‫َمل‬ ‫ُمل‬
‫ِك‬ ‫ٍة‬ ‫ٍت‬ ‫ِص‬ ‫ِه‬
‫وقْد َأْخ َبَر عْن نف بأَّنُه ُمَّت ٌف بصفا مالزم لُه ال ْمُي ُن أْن َتْنَف َّك عنُه‪.‬‬‫ِس‬

‫فِم ْن ذل& &َك هاَت اِن اآلَيَت اِن ؛ َفِص َفُة الوج& &ِه ِص َفٌة ذاتَّي ٌة ‪ ،‬ال ْمُيِكُن أْن َيُك وَن ِبَال‬
‫ٍه يف ْقٍت من األوقاِت ‪ ،‬وقْد َذَك ا اىَل صفَة الوجِه يف عَّد ِة آياٍت ‪ ،‬منها ه&&ذِه‬
‫َر ُهلل َتَع‬ ‫َو ْج َو‬
‫اآلَي ُة ‪َ{ :‬و َيْبَق ى َو ْج ُه َر ِّب َك ُذو اَجْلَالِل واِإل ْك َر اِم } [ال &َّر َمْحن‪ . ]٢٧:‬ومنه&&ا قوُل ُه َتَع اىَل ‪:‬‬
‫} [الَق ص‪ .]٨٨:‬وَت ِر يف مواض & & كث& &&ريٍة ‪ ،‬كقوِلِه‬ ‫ٍء ِل‬
‫َع‬ ‫ُد‬ ‫َص‬ ‫{ُك ُّل َش ْي َه ا ٌك ِإَّال َو ْجَه ُه‬
‫ِع‬ ‫ِلِه‬ ‫ِه ِه‬ ‫ِت‬
‫َتَع اىَل ‪{ :‬إَّال اْب َغ اَء َو ْج َر ِّب اَألْع َلى} [الَّلي &&ل‪ .]٢٠:‬وكقو َتَع اىَل ‪{ :‬إَمَّنا ُنْط ُم ُك ْم‬
‫ِلِه‬ ‫ِم‬ ‫ِل ِه ِهلل‬
‫َو ْج ا َال ُنرِيُد نُك ْم َج َز اًء َو َال ُش ُك وًر ا} [اإلنس &&ان‪ .]٩:‬وكقو َتَع اىَل ‪َ{ :‬و اْص ْرِب‬
‫َنْف َس َك َمَع اَّلِذيَن َيْد ُعوَن َر َّبُه م ِباْلَغَد اِة َو اْلَعِش ِّي ُيِر يُد وَن َو ْجَهُه} [الكهف‪.]٢٨:‬‬

‫وهذِه اآلياُت ُك ُّلها داَّلٌة على صفِة الوجِه‪ ،‬فإذا َأْثَبَتُه أه&ُل الُّس َّنِة ف&إهَّن م َيُقوُلوَن ‪:‬‬
‫ِهلل ِم‬ ‫ِب‬
‫ُنْث ُت ُه كم &&ا َو َر َد‪ ،‬ولكْن َال ُخَنوُض يف أك &&ثَر مْن ذل &َك ‪ ،‬وال َنُق وُل ‪ :‬إَّن َو ْج َه ا َيْش َت ُل‬
‫على كذا وكذا ؛ َح ْيُث إَّن ذلَك ْحَيَتاُج إىل َدِليٍل ‪ ،‬وهذا هَو القوُل الَّص حيُح ‪.‬‬
‫ِلِه‬ ‫ِة ِه‬ ‫ِث‬
‫وأَّم ا األحاديُث ‪ ،‬فقْد َو َر َد َأْيًض ا فيها َك ًريا ِإْثَباُت ص&ف الوج& ‪ ،‬كقو َص َّلى اُهلل‬
‫َأْن ْنُظ وا ِإىَل ِهِّب ِإَّال ِر ا اْلِكِرْب اِء َلى ِه ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِه َّل‬
‫َد ُء َي َع َو ْج‬ ‫َر ْم‬ ‫َعَلْي َو َس َم ‪َ (( :‬و َم ا َبَنْي اْلَق ْو َو َبَنْي َي ُر‬
‫يِف َج َّن ِة َع ْد ٍن ))‪ ،‬ويف احلديِث املش& & & &&هوِر يف ال& & & &&ُّدعاِء ‪َ (( :‬أْس َأُلَك َل َّذ َة الَّنَظ ِر ِإىَل‬

‫‪15‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِح‬ ‫ِه‬ ‫ِث ِحل ِب‬ ‫ِه‬


‫َو ْج َك ))‪ ،‬ويف ح&&دي ا َج ا يق&&وُل َص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ (( :‬ج اُبُه الُّنوُر ‪َ ،‬ل ْو‬
‫َك َش َف ُه َألْح َر َقْت ُسُبَح اُت َو ْج ِه ِه َم ا اْنَتَه ى ِإَلْيِه َبَص ُر ُه))‪ ،‬وغِري ذلَك ‪.‬‬
‫وه أحاديُث صحيحٌة مشهورٌة َلَّقا ا َق َّبَل ا أه الُّس َّنِة‪ ،‬وآ ُنوا هبذِه الِّص فِة‬
‫َم‬ ‫َت َه َو َت َه ُل‬ ‫َي‬
‫ِل‬ ‫ِه‬
‫كم&&ا َذَك ا ا َأ ا ْف ِس ِه‪ ،‬وق&&الوا ‪ :‬ه&&ذ ص&&فُة كم&&اٍل ‪ .‬وأَّم ا قوُل اىَل ‪َّ { :‬ل ِه‬ ‫ِل‬
‫َو‬ ‫ُه َتَع‬ ‫َر َه ُهلل َو ْثَبَتَه َن‬
‫ِه‬ ‫ِهلل‬
‫اْلَم ْش ِر ُق َو اْلَم ْغِر ُب َفَأْيَنَم ا ُتَو ُّلوا َفَثَّم َو ْجُه ا } [البقرة‪ ، ]١١٥:‬فهذ َتَك َّلَم عليها شيُخ‬
‫ِت‬ ‫ِت‬ ‫ِم‬
‫اإلس& &الِم ابُن َتْي َّي َة و ق &&اَل ‪َ :‬لْيَس ْت مْن آي &&ا الِّص فا ‪ ،‬ف &&إَّن املراَد هن &&ا {َفَثَّم َو ْج ُه‬
‫اِهلل} ‪ ،‬أْي ‪ :‬فثَّم ِج َه ُة اِهلل اَّل يت َو َّج َه ُك م إليه &&ا ِلُتَص ُّلوا إليه &&ا ‪ ،‬فال َيِص ُّح اس &&تدالُل أه &ِل‬
‫ِهِل‬ ‫ٍن‬ ‫ِهلل‬ ‫ِل‬
‫اُحلُل و هبا على أَّن َو ْج َه ا يف ك &ِّل مك&&ا ‪َ -‬تَع اىَل اُهلل عْن َقْو م ‪ -‬ب &ْل نق&&وُل ‪َ :‬و ْج ُه‬
‫اِهلل يف هذِه اآلَيِة ‪ :‬اِجلَه ُة اَّليت ُيَو َّج ُه العبُد إليها ‪ ،‬أْي ‪َ :‬فَثَّم اْلِو ْجَه ُة اَّليت َو َّج َه ُك م إليه&&ا ‪،‬‬
‫َو َأَم َر ُك م ب&&أْن َتَتَو َّج ُه وا إليه&&ا ؛ ِلَق ْو ِل اِهلل َتَع اىَل ‪َ{ :‬و ِلُك ٍّل ِو ْجَه ٌة ُه َو ُمَو ِّليَه ا} [البق&&رة‪:‬‬
‫‪ ، ]١٤٨‬وال ُيَق اُل ‪ :‬إَّن هذا َتَك ُّلٌف ‪ ،‬وإَّن هذا َتْأِو يٌل ؛ ألَّن هذا َتْق َتِض يِه الُّلغُة‪.‬‬

‫وأَّم ا َمْن َأْنَك َر ص&&فَة الوج &ِه ‪ -‬وهْم مجي &ُع ا ْبَتِدَع ِة ؛ كاملعتزل &ِة وَم ن اْنَض َّم إليهم‬
‫ُمل‬
‫كالَّر افض &ِة على عقي &&دِة االع &&تزاِل ‪ ،‬وك &&ذلَك اخلوارُج ؛ و ْنُه م ا َبا َّيُة ‪َ ،‬يْنُف وَن ص &&فَة‬
‫ِض‬ ‫ِإل‬ ‫ِم‬
‫الوجِه ِهلل َتَعاىَل َو ُيَفِّس ُر وَنُه بالَّذ اِت ‪ -‬إذا َج اَءْتُه م اآلياُت اَّليت فيه&&ا إثب&&اُت الوج&ِه َق اُلوا ‪:‬‬
‫املراُد ‪ :‬الَّذ اُت ‪ ،‬قاَل َتَعاىَل ‪َ{ :‬و َيْبَق ى َو ْجُه َر ِّبَك ُذو اَجْلَالِل َو اِإل ْك َر اِم } [ال&َّر محن‪، ]٢٧:‬‬
‫أْي ‪َ :‬ذاُتُه‪ُ{ .‬ك ُّل َش ْي ٍء َه اِلٌك إَّال َو ْجَهُه} [القصص‪ ، ]٨٨:‬أْي ‪َ :‬ذاَتُه‪.‬‬

‫أَّن ه&ذا‪ ،‬وإْن ك&اَن َص ِح يًح ا يف الُّلغ&ِة َأَّنُه ُيْطَل ُق اجلزُء على الك&ِّل ‪َ ،‬لِكْن ال َش َّك‬
‫أهَّن ا َداَّل ٌة على إثب&&اِت ص&&فِة الوج &ِه‪ ،‬وأَّن ُه ُج ْز ٌء من ال &َّذ اِت ؛ ف&&إَّن الَّنَّص على الوج &ِه َي ُد ُّل‬
‫ِث َّل‬ ‫ِه‬ ‫ِب‬ ‫ِت ِه‬
‫على ُثُبو ‪ ،‬وال& &َّذ اُت تا َع ٌة للوج& & ‪َ .‬و ُيَر ُّد عليهم َأْيًض ا باألح &&ادي ا يت فيه &&ا الَّتص &&ريُح‬
‫ِإ ِر‬ ‫ِه ِه‬ ‫ِه‬ ‫ِلِه‬ ‫ِه‬
‫بالوج & & ‪َ ،‬ك َق ْو َص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ(( :‬ألْح َر َقْت ُس ُبَح اُت َو ْج )) ‪َّ (( ،‬ال َداُء‬

‫‪16‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫اْلِكِرْب َي اِء َعَلى َو ْج ِه ِه)) ؛ فإهَّن ا داَّل ٌة علي &ِه ص &&راحًة‪ .‬وحنُن ُنْؤ ِم ُن بإثب &&اِت ه &&ذِه الِّص فِة وال‬
‫ُنَك ِّيُفَه ا ‪ ،‬ومعلوٌم أيًض ا أهَّن ا مْن صفاِت الكماِل ‪.‬‬
‫ِب‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬
‫َو َتَأَّو َهَلا بعُض اُملَت َأِّو َني وق &&اُلوا ‪ :‬املراُد بالوج & عن &َد الع &&ر اجلانُب ‪ ،‬أْو م &&ا ُيَعَّبُر‬
‫ِة‬ ‫ِه‬
‫عن&ُه ب&&البعِض ‪ ،‬أْو حنُو ذل&َك ‪ ،‬ويقول&&وَن مثًال ‪ :‬وج&ُه ه&&ذ املس&&أل ك&&ذا وك&&ذا ‪ ،‬أْو َو ْج ُه‬
‫هذا اجلواِب كذا وكذا ‪َ ،‬فَيْح ِم ُلوَنُه على أَّنُه‪ :‬ما ُيْف َه ُم منُه‪ ،‬أْو ما ُيَفَّس ُر ب&ِه‪ ،‬ولكْن ه&&ذا‬
‫َيْص ُعُب عليهم َتْأِو يُلُه يف األدَّلِة الكثريِة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫إثبات صفة الكالم هلل‬
‫عقيدة أهل السنة واجلماعة‪:‬‬

‫أن اهلل يتكلم بكالم حقيقي‪ ،‬م&&ىت ش&&اء وكي&&ف ش&&اء‪ ،‬مبا ش&&اء‪ ،‬حبرف وص&&وت‪،‬‬
‫ال مياث &&ل أص &&وات‪ .‬وعلى ه &&ذا‪ ،‬فص &&فة الكالم ص &&فة ذات‪ ،‬وهي أيًض ا ص &&فة فع &&ل‪ ،‬فهي‬
‫باعتب&ار أص&له ص&فة ذات؛ ألن اهلل مل ي&زل وال ي&زال متكلًم ا‪ ،‬وباعتب&ار آح&اده فهي ص&فة‬
‫فعل؛ ألنه يتكلم مبا شاء مىت شاء‪.‬‬

‫واألدلة على الصفة كثرية‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ ‬قول& &&ه تع& &&اىل‪َ ﴿ :‬و َك َّلَم الَّل ُه ُموَس ى َتْك ِليًم ا ﴾ [النس& &&اء‪ ،]164 :‬وقول& &&ه تع& &&اىل‪:‬‬
‫﴿ َو َلَّم ا َج اَء ُموَس ى ِلِم يَق اِتَنا َو َك َّلَم ُه َر ُّبُه ﴾ [األعراف‪.]143 :‬‬
‫‪ ‬ويف احلديث عن أيب سعيد اخلدري رضي اهلل عن&&ه ق&&ال‪ :‬ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل‬
‫عليه وسلم‪(( :‬يقول اهلل تعاىل‪ :‬يا آدم‪ ،‬فيقول‪ :‬لبيك وسعديك‪ ،‬فينادي بص&&وت‪:‬‬
‫إن اهلل يأمرك أن خُت ِرج من أمتك بعًثا إىل النار))[‪.]2‬‬

‫‪ 4‬الشيخ عادل يوسف العزازي‪" ،‬إثبات صفة الكالم هلل"‪ ،‬األلوكة‪.2015 ،‬‬

‫‪17‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫القرآن كالم اهلل‪:‬‬


‫عقيدة أهل السنة واجلماعة‪ :‬أن القرآن كالم اهلل‪ ،‬تكلم ب&&ه حقيق&&ة‪ ،‬غ&&ري خمل&وق‪،‬‬
‫من &&ه ب &&دا وإلي &&ه يع &&ود‪ .‬ق &&ال تع &&اىل‪َ ﴿ :‬و ِإْن َأَح ٌد ِم َن اْلُم ْش ِر ِكَني اْس َتَج اَر َك َف َأِج ْر ُه َح ىَّت‬
‫َيْسَمَع َك اَل َم الَّلِه ﴾ [التوبة‪.]6 :‬‬

‫واملقص&&ود بق&&وهلم‪( :‬من&&ه ب&&دا)؛ أي‪ :‬إن&&ه املتكلم ب&&ه س&&بحانه وتع&&اىل‪ ،‬وأم&&ا ق&&وهلم‪:‬‬
‫(إليه يعود) فيحتمل معنيني‪:‬‬

‫األول‪ :‬أن &&ه يرف &&ع؛ كم &&ا ورد يف بعض اآلث &&ار أن &&ه ُيس &َر ى علي &&ه يف ليل &&ة‪ ،‬فيص &&بح‬
‫الناس ليس بني أيديهم قرآن‪ ،‬وال يف صدورهم‪ ،‬وال يف مصاحفهم‪ ،‬يرفعه اهلل‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن&ه يع&ود إىل اهلل وص&ًف ا؛ أي‪ :‬إن&ه ال يوص&ف ب&ه أح&د س&وى اهلل‪ ،‬فيك&ون‬
‫املتكلم ب &&القرآن ه &&و اهلل‪ ،‬وه &&و املوص &&وف ب &&ه‪( .‬أورد ه &&ذين املعن &&يني الش &&يخ ابن ع &&ثيمني‬
‫رمحه اهلل‪ ،‬مث قال‪ :‬وال مانع من أن نقول‪ :‬إن املعنيني كالمها صحيح)‪.‬‬

‫قال الطحاوي ‪ -‬رمحه اهلل ‪ -‬وهو يبني عقيدة أهل السنة واجلماعة‪:‬‬

‫(وأن الق &&رآن كالم اهلل‪ ،‬من &&ه ب &&دأ بال كيفي &&ة ق& &واًل ‪ ،‬وأنزل &&ه على رس &&وله وحًي ا‪،‬‬
‫وص &&دقه املؤمن &&ون على ذل &&ك حًّق ا‪ ،‬وأيقن &&وا أن &&ه كالم اهلل تع &&اىل باحلقيق &&ة‪ ،‬ليس مبخل &&وق‬
‫مث &&ل كالم الربي &&ة‪ ،‬فمن مسعه ف &&زعم أن &&ه كالم البش &&ر‪ ،‬فق &&د كف &&ر‪ ،‬وق &&د ذم &&ه اهلل وعاب &&ه‬
‫وأوع &&ده بس &&قر؛ حيث ق &&ال تع &&اىل‪َ ﴿ :‬س ُأْص ِليِه َس َق َر ﴾ [املدثر‪ ،]26 :‬فلم &&ا أوع &&د اهلل‬
‫بَس َق َر ملن ق&&ال‪ِ ﴿ :‬إْن َه َذ ا ِإاَّل َقْو ُل اْلَبَش ِر ﴾ [املدثر‪ ]25 :‬علمن&&ا وأيقن&&ا أن&&ه ق&&ول خ&الق‬
‫البش&&ر‪ ،‬ومن وص&&ف اهلل مبعىًن من مع&&اين البش&&ر فق&&د كف&&ر‪ ،‬فمن أبص&&ر ه&&ذا اعت&&رب‪ ،‬وعن‬
‫مثل قول الكفار انزجر‪ ،‬وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر)[‪.]3‬‬

‫[‪ ]1‬انظر‪ :‬شرح الواسطية البن عثيمني (‪.)419 /1‬‬

‫‪18‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫[‪ ]2‬رواه البخ& & & & &&اري (‪ ،)7483( ،)4741‬ومس& & & & &&لم (‪ ،)222‬وأمحد (‪/1‬‬
‫‪.)388‬‬

‫[‪ ]3‬العقيدة الطحاوية (‪.)24 /1‬‬

‫صفة اليد والكف واألصابع واألنامل هلل تعالى‬


‫لفظ اليد ورد متواتًر ا يف القرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬ويف كالم الصحابة والتابعني‪:‬‬

‫ق &&ال ابن القيم رمحه اهلل‪َ( :‬و َر َد لف &&ظ الي &&د يف الق &&رآن‪ ،‬والس &&نة‪ ،‬وكالم الص &&حابة‬
‫والتابعني‪ ،‬يف أكثر من مائة موضع وروًدا متنِّو ًعا‪ ،‬متصرًفا فيه‪ ،‬مقروًنا مبا ي&&دل على أهنا‬
‫ي&ٌد حقيقي&&ة‪ ،‬من اإلمس&&اك‪ ،‬والطي‪ ،‬والقبض‪ ،‬والبس&&ط‪ ،‬واملص&&افحة‪ ،‬واحلثي&&ات‪ ،‬والنض&&ح‬
‫بالي&&د‪ ،‬واخلل&&ق بالي&&دين‪ ،‬واملباش&&رة هبم&&ا‪ ،‬وكتب الت&&وراة بي&&ده‪ ،‬وَغ رس جن&&ة ع&&دن بي&&ده‪،‬‬
‫وختم &&ري طين &&ة آدم بي &&ده‪ ،‬ووق &&وف العب &&د بني يدي &&ه‪ ،‬وك &&ون املقس &&طني عن ميين &&ه‪ ،‬وقي &&ام‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم القيامة عن ميينه‪ ،‬وختيري آدم بني ما يف يديه‬

‫قال أب&و احلَس ن األش&َعري رمحه اهلل‪( :‬وأمجع&وا على أن&ه ع&َّز وج&َّل َيْس َمُع وَيَر ى‪،‬‬
‫وأن له تعاىل يدين مبسوطَتنْي )‬

‫معتقد أهل السنة واجلماعة بأن هلل يدين اثنتني‪:‬‬

‫قال اإلمام الش&&افعي رمحه اهلل‪( :‬هلل تب&&ارك وتع&&اىل أمساء وص&فات ج&اء هبا كتاب&&ه‪،‬‬
‫وأخ & &&رب هبا نبي & &&ه ص & &&لى اهلل علي & &&ه وس & &&لم أَّم ت & &&ه‪ ،...‬وأن ل & &&ه ي & &&دين بقول & &&ه‪َ﴿ :‬ب ْل َي َد اُه‬
‫َم ْبُس وَطَتاِن ﴾‪ ،‬وأن له مييًنا بقوله‪َ﴿ :‬و الَّس ماَو اُت َم ْطِو َّياٌت ِبَيِم يِنِه﴾‬

‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل‪( :‬إَّن هلل تعاىل يدين خمتص&&تني ب&&ه‪ ،‬ذاتي&&تني‬
‫له‪ ،‬كما يليق جبالله)‬

‫وصف إحدى يدي اهلل جل وعال بالشمال على قوَلنْي ألهل العلم‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫القائلون بأَّن كلتا يدي اهلل ِمَيني ال مشال وال يسار فيهما‪ ،‬ومنهم‪ :‬اإلم&&ام ابن خزمية‬ ‫‪.1‬‬
‫يف (كت&اب التوحي&د)‪ ،‬واإلم&ام أمحد‪ ،‬وال&بيهقي‪ ،‬واأللب&اين‪ .‬واس&تدلوا حبديث عبداهلل‬
‫بن عم&&رو بن الع&&اص رض&&ي اهلل عنهم&&ا مرفوًع ا‪(( :‬إَّن املقس&&طني عن&&د اهلل على من&&ابر‬
‫من نور عن ِمَيني الرمحن عَّز وجَّل‪ ،‬وكلتا يديه ِمَيني‪))...‬‬
‫القائلون بإثبات صفة الشمال أو اليسار‪ ،‬ومنهم‪ :‬اإلمام عثمان بن س&&عيد ال&&دارمي‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫وأب &&و يعلى الف &&راء‪ ،‬والش &&يخ حمم &&د بن عب &&دالوهاب‪ ،‬وص &&ديق حس &&ن خ &&ان‪ ،‬وحمم &&د‬
‫خلي&&ل اهلَّر اس‪ .‬واس&&تدلوا حبديث عبداهلل بن عم&&ر رض&&ي اهلل عن&&ه مرفوًع ا‪(( :‬يط&&وي‬
‫اهلل عَّز وجَّل السماوات يوم القيام&ة‪ ،‬مث يأخ&ذهن بي&ده اليم&ىن‪ ،‬مث يق&ول‪ :‬أن&ا املل&ك‪،‬‬
‫أين اجلبارون؟ أين املتكربون؟ مث يطوي األرضني بشماله مث يقول‪))...‬‬

‫وس&&ئل الش&&يخ ابن ب&&از رمحه اهلل عن اجلم&ع بني ق&&ول الن&&يب ص&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪:‬‬
‫"كلتا يديه ميني"‪ ،‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬مث يطوي األرضني بشماله"‪.‬‬

‫فأج &&اب رمحه اهلل‪( :‬كله &&ا أح &&اديث ص &&حيحة عن &&د علم &&اء الس &&نة‪ ،‬وح &&ديث ابن‬
‫عم& &&ر مرف& &&وع ص& &&حيح‪ ،‬وليس موقوًف ا‪ ،‬وليس بينه& &&ا اختالف حبم& &&د اهلل‪ ،‬فاهلل س& &&بحانه‬
‫توص&&ف ي&&داه ب&&اليمني والش&&مال من حيث االس&&م؛ كم&&ا يف ح&&ديث ابن عم&&ر‪ ،‬وكلتامها‬
‫ميني مباركة من حيث الشرف والفضل؛ كما يف األحاديث الصحيحة األخرى‬

‫أن اليد ليست مبعىن القدرة بل يد حقيقية‪:‬‬

‫ابن حجر رمحه اهلل‪( :‬لو كانت اليد مبعىن القدرة‪ ،‬مل يكن بني آدم وإبليس فرٌق‬
‫لتش&&اركهما فيم&&ا خل&&ق ك&&ل منهم&&ا ب&&ه وهي قدرت&&ه‪ ،‬ولق&&ال إبليس‪ :‬وأي فض&&يلة ل&&ه علي‬
‫ِم‬ ‫ِم‬
‫وأن&&ا خلقت&&ين بق&&درتك كم&&ا خلقت&&ه بق&&درتك‪ ،‬فلم&&ا ق&&ال‪َ﴿ :‬خ َلْق َتيِن ْن َن اٍر َو َخ َلْق َت ُه ْن‬
‫ِط ٍني ﴾ [األع &&راف‪ ،]12 :‬دَّل على اختص &&اص آدم ب &&أن اهلل خلق &&ه بيدي &&ه‪ ،‬وال ج &&ائز أن‬
‫يراد باليدين النعمتان؛ الستحالة خلق املخلوق مبخلوق؛ ألن النعم خملوقة‬

‫‪20‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫الرد على من ُيَؤ ِّو ل صفة اليدين هلل جل وعال‪:‬‬

‫املخ&&الفون أله&&ل الس&&نة واجلماع&&ة من املعِّطل&&ة ‪ -‬كاجلهمي&&ة واملعتزل&&ة ‪ُ -‬يَؤ ِّو ُل ون‬
‫ص&&فة الي&&دين‪ ،‬ويقول&&ون‪ :‬املراد هبا الق&&درة‪ ،‬أو النعم&&ة‪ ،‬أو الق&&درة والنعم&&ة‪ ،‬وتق&&َّدم أن من‬
‫َأَّو ل ص&&فة من الِّص َف ات فق&&د عَّطله&&ا عن معناه&&ا احلقيقي؛ ول&&ذا نق&&ول‪ :‬هم معِّطل&&ة أيًض ا‪،‬‬
‫وه&&ذا أش&&هر ت&&أويالهتم‪ :‬أن املراد بالي&&دين النعم&&ة والق&&درة‪ ،‬وهن&&اك ت&&أويالٌت أخ&&رى هلم‪،‬‬
‫فيؤولوهنا بـ(الق& & &&وة‪ ،‬واملل & & &&ك‪ ،‬والس& & &&لطان‪ ،‬وال& & &&رزق‪ ،‬واخلزائن‪ ،‬والربك & & &&ة‪ ،‬والكرام& & &&ة‪،‬‬
‫والعناي&&ة)‪ ،‬ولكن كم&&ا تق&&َّدم‪ :‬أن أش&&هر ت&&أويالهتم الِّنعم&&ة والق&&درة‪ ،‬فه&&ذا ق&&ول اجلهمي&&ة‪،‬‬
‫واملعتزلة‪ ،‬ومتأخري األشاعرة‪ ،‬ويسمون (األشاعرة احملض&&ة)‪ ،‬خبالف متق&&دمي األش&&اعرة‬
‫فهم ُيْثِبُتون صفة اليدين وال ُيَؤ ِّو لوهنا‪.‬‬

‫وق & &&ال الش & &&يخ ابن ع & &&ثيمني رمحه اهلل‪( :‬اإلنك & &&ار نوع & &&ان‪ :‬الن & &&وع األول‪ :‬إنك & &&ار‬
‫تك& &&ذيب‪ ،‬وه& &&ذا كف& &&ر بال ش& &&ك‪ ،‬فل& &&و أن أح & &ًد ا أنك& &&ر اًمسا من أمساء اهلل‪ ،‬أو ص& &&فة من‬
‫ص& &&فاته الثابت & &&ة يف الكت & &&اب والس & &&نة؛ مث & &&ل أن يق & &&ول‪ :‬ليس هلل ي & &&د‪ ،‬فه & &&و ك & &&افر بإمجاع‬
‫املسلمني؛ ألن تكذيب خرب اهلل ورسوله كفٌر خُم رٌج عن امللة‪.‬‬

‫الن وع الث اني‪ :‬إنك &&ار تأوي &&ل‪ ،‬وه &&و أال جيح &&دها‪ ،‬ولكن يؤِّو هلا وه &&ذا نوع &&ان‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون هلذا التأويل مسوغ يف اللغة العربية‪ ،‬فهذا ال يوجب الكفر‪ ،‬الثاين‪ :‬أال‬
‫يكون له مسوغ يف اللغة العربية‪ ،‬فهذا موجب للكف&&ر؛ ألن&&ه إذا مل يكن ل&&ه مس&&وغ ص&ار‬
‫تكذيًبا‪ ،‬مثل أن يقول‪ :‬ليس هلل يد حقيقًة‪ ،‬وال مبعىن النعمة‪ ،‬أو القوة‪ ،‬فه&ذا ك&افٌر ؛ ألن&ه‬
‫نفاها نفًيا مطلًق ا‪ ،‬فهو مكذب حقيقًة‪ ،‬ولو قال يف قوله تعاىل‪َ﴿ :‬بْل َيَد اُه َم ْبُس وَطَتاِن ﴾‪:‬‬
‫املراد بيدي &&ه الس &&ماوات واألرض‪ ،‬فه &&و ك &&افٌر ؛ ألن &&ه ال يص &&ح يف اللغ &&ة العربي &&ة‪ ،‬وال ه &&و‬
‫مقتضى احلقيقة الشرعية‪ ،‬فهو منكر مكذب‪ ،‬لكن إن قال‪ :‬املراد باليد النعم&&ة أو الق&&وة‪،‬‬
‫فال يكفر؛ ألن اليد يف اللغة تطلق مبعىن النعمة‬

‫‪21‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫عذاب أهل النار في القرآن‬


‫تشوت أوفياء صادقة و دال حرديانا بوتري‬

‫‪22‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫مفهوم العذاب‬
‫العذاب واألم اجلسدي أو نفسي شديد والعذاب هن&&ا مبع&&ىن العق&&اب وكرم&&ا ش&&ق‬
‫على النفس وكذلك ذك&&ر الع&&ذاب يف الق&&ران مبع&&ىن العقوب&&ه او اس&&م ملا اس&&تمر أمله‪ .‬جع&&ل‬
‫اهلل جل وعال يف نار جهنم أنواعا و أصنافا من العذاب الذي أعده ألهلها‪.‬‬

‫من أنواع العذاب‬


‫‪ .1‬حشر أهل النار وهم عمي وبكم وصم على وجوههم الى نار جهنم‬
‫دليل على ذلك يف قول&&ه تع&&اىل﴿َو َم ن َيۡه ِد ٱلَّل ُه َفُه َو ٱۡل ُم ۡه َتِۖد َو َم ن ُيۡض ِلۡل َفَلن ِجَت َد ُهَلۡم‬
‫َأۡو ِلَي ٓاَء ِم ن ُدوِنِهۖۦ َو َنُش ُر ُه ۡم َيۡو َم ٱۡل ِق َٰي َم ِة َعَلٰى ُوُج وِه ِه ۡم ُعۡم ي& &&ا َو ُبۡك م &&ا َو ُص ّم ۖا َّم ۡأ َو ٰىُه ۡم‬
‫َجَه َّنُۖم ُك َّلَم ا َخ َبۡت ِز ۡد ُهَٰنۡم َس ِعريٗا ‪ [ ﴾٩٧‬اإلسراء‪]97-97:‬‬

‫وكذلك ورد يف احلديث حنشرهم يوم القيام&&ه ق&&ال االم&&ام أمحد ح&دثنا بن عم&ري ح&دثنا‬
‫إمساعيل عن رفي&&ع ق&&ال مسعت أنس بن مال&&ك يق&&ول ي&&ا رس&&ول اهلل كي&&ف حيش&&ر الن&&اس‬
‫على وج& & & &&وههم؟ ق& & & &&ال‪ :‬ال& & & &&ذي امش& & & &&اهم على ارجلهم ف& & & &&ادر على ان ميش& & & &&يهم على‬
‫وجوههم واخرجه صميمني)) (وهذا العذاب ملن يشرك باهلل)‬

‫‪ .٢‬العذاب عن قتل االنسان نفسه عمدا‬

‫ق& &&ال اهلل يف كالم& &&ه ﴿َٰٓيَأُّيَه ا ٱَّل ِذيَن َءاَم ُن وْا اَل َتۡأ ُك ُلٓو ْا َأۡم َٰو َلُك م َبۡي َنُك م ِبٱۡل َٰب ِط ِل ِإٓاَّل َأن‬
‫َتُك وَن َٰجِت َر ًة َعن َتَر اض ِّم نُك ۚۡم َو اَل َتۡق ُتُلٓو ْا َأنُف َس ُك ۚۡم ِإَّن ٱلَّل َه َك اَن ِبُك ۡم َر ِح يم&ا (‪َ )٢٩‬و َم ن‬
‫َيۡف َعۡل َٰذ ِلَك ُعۡد َٰو نا َو ُظۡل ما َفَس ۡو َف ُنۡص ِليِه َنارۚا َو َك اَن َٰذ ِلَك َعَلى ٱلَّلِه َيِس ًريا ( ‪[ ﴾)30‬‬
‫النساء‪]30-29:‬‬

‫بني النيب ﷺ من قتل نفسه االحنار فق&ال‪ (( :‬من ت&رد من جب&ل فقت&ل نفس&ه فه&و‬
‫يف نار جهنم‪ ,‬يرتد فيه خالدا خملدا فيها أبدا و من حتس مسا فقت&ل نفس&ه فس&مه يف ي&ده‬

‫‪23‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫يتمساه يف نار جهنم خالدا خملدا فيه&ا أب&دا و من قت&ل نفس&ه حبدي&دة فحديدت&ه يف ي&ده‪,‬‬
‫جيأ يها يف بطنه يف نار جهنم خالدا خملدا فيها أبدا ( رواه البخاري )‪.‬‬

‫‪ .3‬جر األمعاء ‪:‬‬

‫وذل&&ك حلديث ال&&وارد عن أس&&امه بن زي&&د رض&&ي اهلل عن&&ه‪ :‬إذ ق&&ال‪(( :‬مسعت رس&&ول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬يؤتى برجل يوم القيامه فيلقى يف الن&&ار فتن&&دلق أقط&&اب بطن&&ه‬
‫فيدور هبا كم&ا ي&دور احلم&ار ب&الّر حى فيجتم&ع الي&ه أه&ل الن&ار فيقول&ون ‪ :‬ي&ا فالن مال&ك؟‬
‫أمل تكن ت&أمر ب&املعروف وتنهى عن املنك&ر فيق&ول‪ :‬بال ق&د كنت آم&ر ب&املعروف وال آتي&ه‬
‫وأهنى عن املنكر وآتيه‪.‬‬

‫‪ .4‬انصهار أهل النار في جهنم ‪:‬‬

‫قال تعاىل ‪ ((:‬فالذين كفروا قطعت هلم ثياب من ن&&ار يص&&ب من ف&&وق رؤوس&&هم احلميم‬
‫يصهر به ما يف بطوهنم واجللود )) { احلج ‪}٢٠-١٩‬‬

‫فصلت هلم مقطعه من نار‪ .‬قال سعيد بن جبري‪ :‬من حناس وهو أش&&د األش&&ياء ح&&رارة إذا‬
‫محي‪ .‬إذا ص &&ب على رؤوس &&هم احلميم وه &&و املاء احلر يف غاي &&ة احلرارة‪ .‬وق &&ال س &&عيد بن‬
‫جبري‪ :‬هو النحاس املذاب‪ .‬أذاب ما يف بطوهنم من الشحم واألمعاء‪ .‬وعن أيب هريرة عن‬
‫النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ (( :‬إن احلميم ليصب على رؤوسهم فينف&&ذ اجلمجم&&ة ح&&ىت‬
‫خيلص اىل جوفه فيسلت ما يف جوفه حىت يبلغ قدميه وهي الص&&هر مث يع&&اد كم&ا ك&&ان ))‪.‬‬
‫رواه الرتمذي‬

‫‪ .5‬عذاب لمن أكل الربا (يسبح في نهر من دم في البرزخ حتى تقوم الساعة)‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ق &&ال ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‪ :‬رأيت الليل &&ة رجلني أتي &&اين فأخرج &&اين إىل أرض مقدس &&ة‬
‫فانطلقن &&ا ح &&ىت أتين &&ا على هنر من دم في &&ه رج &&ل ق &&ائم وعلى وس &&ط النه &&ر رج &&ل بني يدي &&ه‬
‫حج&&ارة‪ .‬فأقب&&ل الرج&&ل ال&&ذي يف النه&&ر ف&&إذا أراد الرج&&ل أن خيرج رمى الرج&&ل حبج&&ر يف‬
‫فيه‪ .‬فرده حيث كان فجع&ل ك&ل م&ا ج&اء ليخ&رج رمى يف في&ه حبج&ر ف&ريجع كم&ا ك&ان‪:‬‬
‫فقلت ما هذا ؟ فقال‪ :‬الذي رأيته يف النهر آكل الربا‪( .‬رواه البخاري)‬

‫صفات لباس أهل الجنة و الفراش‬


‫فرحة أريقة فائقة ساباتيين و فاطمة‬

‫‪25‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫لباس أهل الجنة وحليهم ومباخرهم‬


‫أه &&ل اجلن &&ة يلبس &&ون فيه &&ا الف &&اخر من اللب &&اس‪ ،‬وي &&تزينون فيه &&ا ب &&أنواع احللي من‬
‫ال &&ذهب والفض &&ة واللؤل &&ؤ‪ ،‬فمن لباس &&هم احلري &&ر‪ ،‬ومن حالهم أس &&اور ال &&ذهب والفض &&ة‬
‫واللؤل&&ؤ‪ :‬ق&&ال ‪ -‬تع&&اىل ‪( :-‬وج&زاهم مبا ص&ربوا جن&&ة وحري&&را) [اإلنس&&ان‪( ،]12 :‬حيل&ون‬
‫فيه &&ا من أس &&اور من ذهب ولؤل &&ؤًا ولباس &&هم فيه &&ا حري &&ر) [احلج‪( ،]23 :‬جن &&ات ع &&دن‬
‫ي&&دخلوهنا حيل&ون فيه&&ا من أس&&اور من ذهب ولؤل&&ؤًا ولباس&&هم فيه&&ا حري&&ر) [ف&&اطر‪،]33 :‬‬
‫‪5‬‬
‫(وحلوا أساور من فضة وسقاهم رهبم شرابًا طهورا) [اإلنسان‪.]21 :‬‬
‫‪6‬‬
‫ومالبسهم ذات ألوان‪ ،‬ومن أل &&وان الثي &&اب ال &&يت يلبس &&ون اخلض &&ر من الس &&ندس‬
‫واإلس & &&تربق‪( 7‬حيل & &&ون فيه & &&ا من أس & &&اور من ذهب ويلبس & &&ون ثياب& & &ًا خض& & &رًا من س & &&ندس‬
‫وإس &&تربق متك &&ئني فيه &&ا على األرائ &&ك نعم الث &&واب وحس &&نت مرتفق &&ا) [الكه &&ف‪،]31 :‬‬
‫(ع& &&اليهم ثي& &&اب س& &&ندس خض& &&ر وإس& &&تربق وحل &&وا أس& &&اور من فض& &&ة) [اإلنس& &&ان‪.]21 :‬‬
‫ولباس& &&هم أرقى من أي ثي& &&اب ص& &&نعها اإلنس& &&ان‪ ،‬فق& &&د روى البخ& &&اري يف ص& &&حيحه عن‬
‫الرباء بن ع&ازب ‪ -‬رض&ي اهلل عنهم&ا ‪ -‬ق&ال‪ " :‬أتى الرس&ول ‪ -‬ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ‪-‬‬
‫بث&&وب من حري&&ر‪ ،‬فجعل&وا يعجب&&ون من حس&&نه ولين&&ه‪ ،‬فق&&ال رس&&ول اهلل ‪ -‬ص&لى اهلل علي&&ه‬
‫وسلم ‪" :-‬ملناديل سعد بن معاذ يف اجلنة أفضل من هذا"‪.‬‬

‫وق &&د أخربن &&ا الرس &&ول ‪ -‬ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم ‪ -‬أن أله &&ل اجلن &&ة أمش &&اطًا من‬
‫ال&&ذهب والفض&&ة‪ ،‬وأهنم يتبخ&&رون بع&&ود الطيب‪ ،‬م&&ع أن روائح املس&&ك تف&&وح من أب&&داهنم‬
‫الزاكي&&ة‪ ،‬ففي ص&&حيح البخ&&اري عن أيب هري&&رة عن الرس&&ول ‪ -‬ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ‪-‬‬
‫يف ص&&فة ال&&ذين ي&&دخلون اجلن&&ة‪ " :‬آنيتهم ال&&ذهب والفض&&ة‪ ،‬وأمش&&اطهم ال&&ذهب‪ ،‬ووق&&ود‬

‫‪ 5‬عمر بن سليمان بن عبد اهلل األشقر العتييب‪ ،‬اجلنة والنار (األردن‪ :‬دار النفائس للنشر والتوزيع‪ .)1997 ،‬ص‪.236 .‬‬
‫‪ 6‬الديباج النفيس الناعم الرقيق والشفاف له بريٌق أّخ اذ‬
‫‪ 7‬ديباٌج من احلرير الثخني‬

‫‪26‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫جمامرهم األلّو ة قال أبو اليمان‪ :‬عود الطيب ورشحهم املسك "‪.‬ومن حليهم التيج &&ان‪،8‬‬
‫ففي س&&نن الرتم&&ذي ابن ماج&&ة عن املق&&دام بن مع&&دي ك&&رب عن رس&&ول اهلل ‪ -‬ص&&لى اهلل‬
‫علي&&ه وس&&لم ‪ -‬يف ذك&&ر اخلص&&ال ال&&يت ُيعطاه&&ا الش&&هيد‪ :‬ويوض&&ع على رأس&&ه ت&&اج الوق&&ار‪،‬‬
‫الياقوتة منه خري من الدنيا وما فيها "‪ .‬وثياب أهل اجلنة وحليهم ال تبلى وال تفىن‪ ،‬ففي‬
‫صحيح مسلم عن أيب هريرة عن النيب ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪" :‬من يدخل اجلنة‬
‫‪9‬‬
‫ينعم ال يبأس‪ ،‬ال تبلى ثيابه‪ ،‬وال يفىن شبابه "‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫بيوت الجّنة وفراِش ها‬
‫خيربن&&ا الق&&رآن أن املؤم&&نني األتقي&&اء هلم اجلّن ة خال&&دين فيه&&ا‪ ،‬مث ي&&بنّي لن&&ا أن اجلّن ة‬
‫ليس&&ت جمرد روض&ة أو بس&&تان ب&&املفهوم املتع&&ارف علي&&ه‪ ،‬ب&&ل يوج&د فيه&&ا قص&&ور ومس&&اكن‬
‫وبيوت وخي&ام س&يعيش داخله&ا املؤمن&ون أثن&اء حي&اهتم اخلال&دة يف اجلّن ة‪ ،‬ووص&ف الق&رآن‬
‫من &&ازل املؤم &&نني يف اجلّن ة يف س &&ورة التوب &&ة ‪ ﴿ 72 :‬د اهلل املؤم &&ن واملؤمن &&اِت جّن اٍت‬
‫َني‬ ‫َو َع‬
‫جتري من حتته &&ا األهناُر خال &&دين فيه &&ا ومس &&اِكَن طِّيب &&ة يف جّن اٍت ع &&دٍن ورض &&وان من اهلل‬
‫أك & &ُرب ذل& &&ك ه& &&و الف& &&وُز العظيم﴾ فهي مس& &&اكن طّيب& &&ة‪ ،‬أي حس& &&نة البن& &&اء طّيب& &&ة الق& &&رار‪.‬‬
‫ووص &&ف الُق رط &&يب ه &&ذه املس &&اكن بقول &&ه‪" :‬إهَّن ا قص &&ور من الزبرج &&د‪ 11‬وال &&ُّدر والي &&اقوت‬
‫يف &&وح طيبه &&ا من مس &&رية مخس &&مائة ع &&ام"‪ .‬وهك &&ذا س &&ينال املس &&لم الّتقي يف اجلّن ة قص& &رًا‬
‫مص&نوعًا من األحج&ار الكرمية‪ ،‬ب&دًال من اخلي&ام اخلش&نة يف الّص حراء‪ ،‬أو بي&وت الّطني يف‬
‫مّك ة القدمية‪ ،‬أو بي&&وت الب&&اطون املس &ّلح يف الق&&رن العش&&رين‪ ،‬ب&&ل قص&&ور الزبرج&&د وال &ّد ر‬
‫والياقوت‪ ،‬وهو وصف يأخذ بلباب الّس امعني‪.‬‬
‫‪ 8‬حلي أهل اجلنة إما من الذهب أو الفضة أو اجلواهر واألحجار الكرمية كاللؤلؤ والياقوت وحنوه‬
‫‪ 9‬حممد مجعة‪" ،‬لباس أهل اجلنة وحليهم ومباخرهم"‪ ،‬مداد‪/https://midad.com/article/208734 ,2007 ،‬لباس‪-‬‬
‫أهل‪-‬اجلنة‪-‬وحليهم‪-‬ومباخرهم‪.‬‬
‫ِش‬
‫‪ 10‬احلق‪" ،‬وصف اجلّنة يف اإلس& &&الم ‪ -‬بي& &&وت اجلّن ة وفرا ها"‪https://www.elhaq.com/kashef/40- ،2009 ،‬‬
‫‪.paradise-in-islam/257-2009-09-03-13-26-14?start=8‬‬
‫‪ 11‬نوع من األحجار الكرمية‪ ،‬و يتميز بلونه األخضر الشفاف‬

‫‪27‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وأطل &&ق الق &&رآن على مس &&اكن املؤم &&نني يف اجلّن ة اس &&م الغ &&رف‪ ،‬ومفرده &&ا ُغرف &&ة‪،‬‬
‫وهي العلّي ة املش &&رفة‪ .‬وج &&اء ذل &&ك يف س &&ورة العنكب &&وت‪﴿ 58 :‬واَّل ذين آمن &&وا وعمل &&وا‬
‫الّص احلات َلُنب & & & &َّو ئَّنُه ْم من اجلّن ِة ُغَر ف & & & &ًا﴾ ويف س& & & &&ورة س& & & &&بأ ‪﴿37:‬وهم يف الُغُر ف& & & &&ات‬
‫آمنون﴾ ‪.‬ففي غرف اجلّنة‪ ،‬أي قصورها املعدة للمؤم&&نني يت&&وفر األم&&ان ال&&دائم من املوت‬
‫والعذاب واألمراض واألحزان‪ ،‬ألن هذه حال&&ة بي&&وت ال&&دنيا وخيامه&&ا وقص&&ورها‪ .‬ولكن‬
‫القرآن يضيف إعالنًا آخرحول هذه الغرف يف قوله يف سورة الُّز م&َر ‪﴿ 20 :‬لكَّن اّل ذين‬
‫اتق &&وا رَّبُه م ُهَلم ُغ َر ٌف من فوقه &&ا غ &&رٌف َم ْبنّي ٌة﴾ ف &&الغرف على مس &&تويات خمتلف &&ة‪ ،‬ألن‬
‫اجلّنة درجاٍت يعلو بعضها بعضًا كما أمد النيب حممد ومفّس ري القرآن من بعده‪.‬‬

‫إض&&افة إىل املس&&اكن والقص&&ور والغ&&رف‪ ،‬ذك&&ر الق&&رآن وج&&ود خي&&ام يف اجلّن ة‪ ،‬يف‬
‫سورة الرمحن‪﴿ 72 :‬حوٌر مقصوراٌت يف اخليام﴾ ‪ ،‬وهكذا فاحلور العني مس&&تورات يف‬
‫خيام اجلّنة‪ ،‬وقد وصف النيب حممد خيام اجلّنة يف حديٍث معروف قال فيه‪" :‬إَّن للمؤمن‬
‫يف اجلّن ة خليم &ًة من ُلؤُل ؤٍة واح&&دٍة جمّو ف &ٍة‪ .‬طوهلا ِس ّتون ميًال‪ ،‬للم&&ؤمن فيه&&ا أه &ٌل يط&&وُف‬
‫عليهم املؤمن فال ي&&رى بعُض هم بعض&ًا" ويف رواي&&ة أخ&&رى‪" :‬إن يف اجلّن ة خيم&ٌة من لؤل&&ؤة‬
‫جمّو ف &&ة عرض &&ها س &&تون ميًال يف ك &&ل زاوي &&ة منه &&ا أه &ٌل م &&ا ي &&رون اآلخ &&رين يط &&وف عليهم‬
‫املؤمن" (روامها مس &&لم والبخ&&اري) فاخليم&&ة ليس &&ت من وب &&ر اإلب &&ل أو ص&&وف الغنم‪ ،‬ب &&ل‬
‫من اللؤل &&ؤ الب &&اهر الَّثمني‪ .‬ك &&ذلك وص &&ف الن &&يب غ &&رف اجلّن ة‪ ،‬ومما قال &&ه‪" :‬إن أه &&ل اجلّن ة‬
‫لي&&رتاَءْو َن الغرف&&ة يف اجلّنَة كم&&ا ت&&راَءْو ن الك&&وكب يف الَّس ماء" (رواه مس&&لم) وق&&ال أيض &ًا‬
‫"إَّن يف اجلّنة لغرفًا ُيرى ظاهره&ا من باطنه&ا وباطنه&ا من ظاهره&ا" فق&ام أع&رايب فق&ال‪ :‬ي&ا‬
‫رس& &&ول اهلل ملن هي؟ فق& &&ال‪" :‬ملن طّيب الكالم‪ ،‬وأطعم الطع& &&ام‪ ،‬وأدام الص& &&يام‪ ،‬وص & &ّلى‬
‫بالليل والّناس نيام"‪ .‬فغرف اجلّنة كالبّلور‪ 12‬يف مجاهلا وش &&فافَّيتها‪ .‬ك &&ذلك وص &&ف الن &&يب‬

‫‪ 12‬البلور هو جسم صلب يتكون من جزيئات أو ذرات مصطفة ب& &&رتتيب منتظم وبنم& &&وذج معني‪ ،‬ويتم& &&يز برتتيب& &&ه ال& &&دقيق واملنتظم‬
‫للجزيئات أو الذرات اليت يتكون منها‬

‫‪28‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أحد قصور اجلّنة فقال‪" :‬إَّن يف اجلّنة قصرًا يقال له َعَد ٍن حول&&ه ال&&ربوج واملروجل&&ه مخس&&ة‬
‫آالف باٍب عند كل باٍب مخسة آالِف حربة ال يدخل&ه ـ أوال يس&كنه ـ إال ن&ٌّيب أو ص&ِّديق‬
‫أو ش&&هيد أو إم&&ام ع&&دل"‪ .‬ب&&ل إن اجلّن ة كله&&ا بن&&اء ق&&ائم كم&&ا ق&&ال الن&&يب يف جواب&&ه لس&&ؤاٍل‬
‫طرح& &&ه علي& &&ه بعض ص& &&حابته حيث ق& &&ال‪" :‬لبن & &ُة ذهب ولبن & &ُة فّض ة‪ ،‬ومالطه& &&ا املس& &&ك‬
‫وحص&&باؤها اللؤل&&ؤ والي&&اقوت‪ ،‬وتراهبا الّز عف&&ران‪ .‬من ي&&دخلها ينعم وال يي&&أس وخيل&&د وال‬
‫ميوت‪ ،‬ال تبلى ثياب &&ه وال يف &&ىن ش &&بابه"‪ .‬فاجلّن ة ج &&وهرة‪ ،‬وقص &&ورها ج &&واهر‪ ،‬وس &&كاهنا‬
‫شباب دائم‪.‬‬

‫ومل يتوق &&ف الق &&رآن أو الن &&يب عن &&د ذك &&ر مس &&اكن اجلّن ة‪ ،‬ب &&ل وردت يف الق &&رآن‬
‫جمموع&&ة من اآلي&&ات تص&&ف ف&&راش ه&&ذه املس&&اكن‪ ،‬ك&&ذلك حتدث الن&&يب حمم&&د عن أث&&اث‬
‫بيوت اجلنة‪ ،‬كم&ا كتب حج&ة اإلس&الم الغ&زايل‪" :‬س&ئل رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم‬
‫عن قول &&ه‪﴿ :‬ومس &&اكن طّيب &ٍة يف َج َّن اِت َع ْد ٍن ﴾ ق &&ال‪" :‬قص &&وٌر من لؤل &&ؤ‪ ،‬يف ك &ِّل قص &ٍر‬
‫س&&بعون دارًا من ي&&اقوٍت أمحر‪ ،‬يف ك&&ل داٍر س&&بعون بيت &ًا من زم & د أخض&&ر‪ ،‬يف ك &ِّل بيٍت‬
‫ّر‬
‫س&&رير‪ ،‬على ك&&ل س&&رير س&&بعون فراش &ًا من ك&&ل ل&&ون‪ ،‬على ك&&ل ف&&راٍش زوج&&ة من احلور‬
‫العني‪ ،‬يف كل بيٍت سبعون مائدًة‪ ،‬على كل مائدة سبعون لونًا من الطعام‪ ،‬يف كل بيٍت‬
‫سبعون وصيِف ة‪ ،‬ويعطي املؤمن يف كل غداة ـ يعين من القوة ـ ما ي&&أيت على ذل&&ك أمجع"‪.‬‬
‫ل &&دينا يف ه &&ذا احلديث قص &&ورًا وبيوت &ًا ودورًا‪ ،‬أم &&ا أثاثه &&ا فهي األس &&رة والف &&راش وموائ &&د‬
‫الطع &&ام‪ .‬وعلى الف &&راش تس &&تلقي احلواري يف انتظ &&ار مض &&اجعة احلبيب ال &&ذي لدي &&ه ق &&وًة‬
‫رباني&&ة هائل&&ة ليأك&&ل وميارس اجلنس بال ح&&دود‪ .‬وأك&&ثر م&&ا يلفت الَّنظ&&ر يف ه&&ذا احلديث‬
‫هو ذكر الوصيفات‪ ،‬مما يعين أنه حىت يف جَّنة الَّنعيم يوج&د إم&&اٌء وج&واري خلدم&&ة املؤمن‬
‫من املسلمني‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫يتك& &&ون أث& &&اث مس& &&اكن اجلن& &&ة بش& &&كل خ& &&اص من الُّس رر والف& &&راش واألك& &&واب‬
‫وص &&حاف ال &&ذهب‪ ،‬وهي احلاج &&ات املطلوب &&ة ألهم أعم &&ال األتقي &&اء يف اجلّن ة‪ :‬أي تن &&اول‬
‫الّطع&&ام والّش راب وممارس&&ة اجلنس "َدمَح ًا َدمَح ًا" أي بق&&وة وثب&&ات كم&&ا ق&&ال الّن يب حمم&&د‪.‬‬
‫نق &&رأ يف س &&ورة احلج &&ر‪﴿ 47 :‬إَّن املتقني على ُس ُر ٍر متق &&ابلني﴾ وظاهر مع &&ىن الّنص أَّن‬
‫مجي&&ع األتقي&&اء سيس&&تمتعون بالّتم &ّد د على ُس رر غ&&رف اجلّن ة‪ ،‬ولكن ابن كث&&ري يف تفس&&ريه‬
‫َحَص َر ُه م يف عشرة أشخاص هم‪" :‬أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة‪ ،‬والُّز بري وعبد‬
‫الرمحان بن ع&&وف‪ ،‬وس&&عد بن أيب وّق اص وس&&عيد ابن زي&&د وعبداهلل بن مس&&عود"‪ .‬ولكّن ه‬
‫ا فّس ر نفس العب&&ارة يف س&&ورة الّص افات‪﴿ 44 :‬على ُس ُر ر متق&&ابلني﴾ جعله&&ا تتح&ّد ث‬
‫ّمل‬
‫عن مجيع أتقي&اء اجلّن ة اّلذين ينظ&ر بعض&هم إىل بعض وليس إىل قف&ا بعض‪ .‬ووص&ف ه&ذه‬
‫الُس رر أهّن ا "مص &&فوفٍة" (الّط ور ‪ )20:52‬أي وج &&وه املّتك &&ئني عليه &&ا بعض &&ها إىل بعض‪،‬‬
‫كم&&ا فّس رها ابن كث&&ري‪ ،‬ال&&ذي أورد هن&&ا ح&&ديثًا للن&&يب حمم&&د ق&&ال "أن الَّر ُج ل ليتكئ املتك&&أ‬
‫مق&&دار أربعني س&&نة م&&ا يتج&&ول عن&&ه وال مُي َّل ُه‪ ،‬يأتي&&ه م&&ا اش&&تهت نفس&&ه ول&&ذت عين&&ه"‪ .‬ويف‬
‫رواي &&ة عن ث &&ابت ق &&ال‪" :‬بلغن &&ا أن الرج &&ل ليتكئ يف اجلّن ة س &&بعني س &&نة عن &&ده من أزواج &&ه‬
‫وخدِم ِه‪ ،‬وم &&ا أعط &&اه اهلل من الكرام &&ة والَّنعيم‪ ،‬ف &&أذا ح &&انت من &&ه نظ &&رًة ف &&إذا أزواج ل &&ه مل‬
‫يكن رآهَّن قبل ذلك‪ ،‬فيقلن قد آن لك أن جتعل لن&&ا من&&ك نص&&يبًا"‪ .‬وهك&&ذا يتنعم املؤمن‬
‫مس&&تلقيًا على الس&&رير أربعني أو س&&بعني س&&نة‪ ،‬ل&&ه م&&ا يش&&تهي من الطع&&ام والنس&&اء واخلدم‪.‬‬
‫بل إن نساءه يتزايدن باس&تمرار دون معرفت&ه‪ .‬فاهلل يري&د ل&ه نعيم ف&وق نعيم‪ .‬ك&ذلك ف&إن‬
‫أس &َّر ِة اجلَّنة "موض&&ونة" (الواقع&&ة‪)15 :‬أي منس&&وجة ومض&&فورة بال&&ذهب والآللئ‪ .‬وهي‬
‫س&رر "مرفوع&ة" (الغاش&ية‪ )13 :‬أي عالي&ة ناعم&ة كث&رية الف&رش ومرتفع&ة الُّس مك‪( .‬نظ&ر‬
‫الواقع&&ة‪ .)34 :‬ووص&&ف الف&&رش ال&&ذي على الس&&رر واألرائ&&ك ق&&ائًال ﴿متك&&ئني على ُفُر ٍش‬
‫بطائنه&&ا من إْس تَبْر ٍق ﴾ (ال&&رمحن‪ )54 :‬أي ال&&ديباج املزين بال&ّذ هب‪ .‬وعلى األس&&رة أيض&ًا‬
‫"رف& &&رف ُخ ض & &ٍر وعبق& &&رٍي حس& &&ان" (ال& &&رمحن‪ )76 :‬وهن& &&ا أورد ابن كث& &&ري ع& &&دة مع& &&اين‬

‫‪30‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫للرف &&رف والعبق &&ري نظ &رًا لع &&دم اتف &&اق ال &&رواة واحملِّدثني على املع &&ىن‪ ،‬ومما قال &&ه‪ :‬الَّر ف &&رف‪:‬‬
‫احملابس املتديل أو الوسائد أو رياض اجلّنة‪ .‬و العبقري‪ :‬الزرايب أو الديباج أو ُبُس ط أه&&ل‬
‫اجلَّنة أو املراف&&ق أو ثي&&اب أه&&ل اجلَّنة أو الطن&&افس احململ&&ة إىل الَّر ق&&ة أو الث&&وب املَّو ش&&ى…‬
‫اخل‪.‬‬

‫إضافة إىل الُسُر ْر ‪ ،‬استخدم الق&&رآن كلم&ة "أرائ&&ك" حيث يتكئ األتقي&&اء يف اجلَّنة‬
‫(أنظ&&ر يس‪ 56 :‬واإلنس&&ان‪ 13 :‬واملطففني‪ 23 :‬و‪ )35‬وفس&&ر ابن كث&&ري كلم&&ة أرائ&&ك‬
‫بالُّس رر حتت احلج &&ال‪ ،‬وأح &&دها أريك &&ة‪ ،‬وه &&و الَّس رير يف احلجل &&ة أو الف &&رش فيه &&ا‪ .‬ومن‬
‫ف &&رش اجلَّن ة أيض& &ًا ذك &&ر الق &&رآن يف س &&ورة الغاش &&ية‪﴿ 16- 14 :‬وأك &&واب موض &&وَعٌة‪.‬‬
‫ومناِر ُق مص & & &&فوَفٌة وزرايب مبثوَث ٌة﴾‪ .‬والنم & & &&ارق هي الوس & & &&ائد‪ ،‬وال & & &&زرايب هي البس & & &&ط‬
‫املفروش&&ة‪ .‬أم&&ا األك&&واب فهي أواين الش&&رب املص&&فوفة ملن أراده&&ا من أص&&حاهبا ليش&&رب‬
‫من أهنار اخلم& &&ر واللنب والعس& &&ل‪ .‬وإىل ج& &&انب األك& &&واب توج& &&د "ص& &&حاٌف من ذهب"‬
‫(الزخ& & & &&رف‪ )71 :‬و"أب& & & &&اريق" (الواقع& & & &&ة‪ )18 :‬و"آني & & & &ٍة من ِفَّض ة" (اإلنس& & & &&ان‪)15 :‬‬
‫و"ق&&وارير" (اإلنس&&ان‪ 15 :‬و‪ .)16‬وكّله&&ا آني&&ة من ال&&ذهب والّف ض&&ة واحلج&&ارة الكرمية‪،‬‬
‫وق &&د تع &ّد دت الّر واي &&ات يف وص &&ف مجاهلا وذك &&ر ع &&ددها وأحجامه &&ا‪ ،‬وهي خلدم &&ة أه &&ل‬
‫اجلّنة وإشباعهم‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫فراش أهل الجنة‬
‫ذكر اهلل جل وعال يف القرآن الكرمي أوصاف فراش وسرر أهل اجلنة ما يش&&وق املت&&املني‬
‫واملتدبرين فيها‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ .1‬ق &&ال اُهلل تع &&اىل‪ِ :‬فيَه ا ُس ُر ٌر َّم ْر ُفوَع ٌة َو َأْك َو اٌب َّم ْو ُض وَعٌة َو َمَناِر ُق َم ْص ُفوَفٌة َو َز َر اُّيِب َم ْبُثوَث ة‬
‫[الغاشية‪16-13 :‬‬

‫‪" 13‬ا ْطَلُب الَّس اِد ُس ‪ُ :‬فُر ُش أهِل اَجلَّنِة وَأِس َّر هُت م وأراِئُك هم"‪ ،‬الدرر السنية‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫َمل‬

‫‪31‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫رُفو ٌة ق&&ال اب َّب اس‪ :‬ألوا ه&&ا ِم ن َذ ٍب َك َّلل &ٌة بالَّز بر ِد‬
‫َج‬ ‫َه ُم‬ ‫ُح‬ ‫ُن َع‬ ‫ق&&ال الَبَغ وّي ‪ :‬فيَه ا ُس ُر ٌر َم َع‬
‫والُّد ِّر والياُقوِت ‪ُ ،‬مرَتِف عٌة م&ا مَل جَي يْء أهُله&ا‪ ،‬ف&إذا أراَد أن جَي ِلَس عليه&ا َتواَض َعت َله َح ىَّت‬
‫جَي ِلَس عليه &&ا َّمُث َترَتِف ُع إىل َم واِض ِعها‪َ .‬و َأْك َو اٌب َمْو ُض وَعٌة ِعن& &َد هم‪ ،‬مَج ُع ُك وٍب ‪ ،‬وه &&و‬
‫اإلبري& & &ُق اَّل ذي ال ُع روَة َل ه‪ .‬وَمَناِر ُق وس & &&اِئُد وَم راِف ُق َم ص& & &ُفوفٌة َبعُض ها َجبنب َبعٍض ‪،‬‬
‫واِح َد هِت ا مُن ُر قٌة بَض ِّم الُّنوِن ‪.‬‬

‫َو َز َر اُّيِب َيعين الُبُس َط الَعريضَة‪ ،‬قال ابُن َعَّباس‪ :‬هي الَّطناِفُس اَّليت هَل ا مَح ٌل‪ ،‬واِح َد هُت ا َز َر بيٌة‬
‫َم بُثوثٌة َم بُس وطٌة‪ ،‬وقيَل‪ُ :‬مَتَفِّر قٌة يف ا جاِلِس ‪.‬‬
‫َمل‬
‫وقال ابُن القِّيِم ‪َ :‬تأَّم ل كي&َف وَص َف اُهلل ُس بحاَنه وتع&&اىل الُف ُر َش بأهَّن ا َم رُفوع&ٌة‪ ،‬وال&َّز راَّيب‬
‫بأهَّن ا َم بُثوثٌة‪ ،‬والَّنماِر َق بأهَّن ا َم صُفوفٌة؟!‬
‫هِت‬ ‫ِل‬
‫فَر ْف ُع الُف ُر ِش داٌّل على مُس ِكها و يِنه & & &&ا‪ ،‬وَبُّث ال& & & &َّز راِّيب داٌّل على َك ثَر ا وأهَّن ا يف ُك ِّل‬
‫َم وِض ٍع ‪ ،‬ال خَي َتُّص هبا َص دُر ا ْج ِلِس ُدوَن ُم َؤ َّخ ِر ه وَج واِنب &&ه‪ ،‬وص &ُّف ا س &&اِنِد َي ُد ُّل على‬
‫َمل‬ ‫َمل‬
‫ٍت‬ ‫ٍت‬ ‫ِئ‬ ‫ِلاِل ِت ِد‬ ‫هَّن‬
‫أ ا ُمهَّيأٌة س نا إليها دا ًم ا ليَس ت َخُمَّبأًة ُتَص ُّف يف وق ُدوَن وق ‪ .‬واُهلل أعَلُم‬
‫‪ .2‬وق&&ال اُهلل ُس بحاَنه‪ُ :‬مَّتِكِئَني َعَلى ُفُر ٍش َبَطاِئُنَه ا ِم ْن ِإْس َتْبَر ٍق َو َجىَن اَجْلَّنَتِنْي َداٍن [ال&&رمحن‪:‬‬
‫‪.]54‬‬
‫ق&&ال البيض&&اوُّي ‪َّ ( :‬تِكِئ َلى ٍش َطاِئ ا ِم ِإ َت ٍق ِم ن ديب&&اٍج َثخٍني ‪ ،‬وإذا ك&&اَنِت‬
‫ُم َني َع ُفُر َب ُنَه ْن ْس ْبَر‬
‫الَبطاِئُن َك َذ ِلَك فما َظُّنَك بالَّظهاِئِر ؟!) ‪.‬‬
‫وق &&ال الَّس دُّي ‪َّ ( :‬تِكِئ َلى ٍش َطاِئ ا ِم ِإ َت ٍق ه &&ذه ِص فُة ِش أه& &ِل ا َّن ِة‬
‫َجل‬ ‫ُفُر‬ ‫ُم َني َع ُفُر َب ُنَه ْن ْس ْبَر‬ ‫ْع‬
‫وُج ُلوِس هم عليه&&ا‪ ،‬وأهَّن م ُمَّتِكُئ وَن عليه&&ا‪ ...‬وِتل &َك الُف ُش ال َيعَل وْص َف ها وُحْس َنها إاَّل‬
‫ُم‬ ‫ُر‬
‫اُهلل َع َّز وَج َّل‪َ ،‬ح ىَّت إَّن بطاِئَنه&&ا اَّليت َتلي األرَض ِم نه&&ا‪ِ ،‬م ن إس&َتَربٍق ‪ ،‬وه&&و أح ُن اَحلري&ِر‬
‫َس‬
‫وَأفَخ ُر ه‪ ،‬فكيَف بَظواهِر ها اَّليت َتلي َبَش َر هَت م؟‬

‫‪32‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وق&&ال ابُن ُع ثيمني‪( :‬ق&&ال تع&&اىل‪ُ :‬مَّتِكِئَني َعَلى ُفُر ٍش َبَطاِئُنَه ا ِم ْن ِإْس َتْبَر ٍق أي‪َ :‬يَتَنَّعُم وَن‬
‫هبذه الفاِكه &ِة ح&&اَل َك وهِن م ُمَّتِك ئَني ‪ ،‬وعلى ه &&ذا فَك ِلم &ُة ُمَّتِك ئَني َتُك وُن ح &ااًل ِم ن فاِع ِل‬
‫الِف عِل ا ح&ُذ وِف ‪ ،‬أي‪َ :‬يَتَنَّعُم وَن أو َيَتَف َّك ه&وَن ُمَّتِك ئَني ‪ ...‬على ُفُر ٍش أي‪ :‬جالس&ني على‬
‫َمل‬
‫ٍق‬ ‫ِم‬ ‫ِف‬ ‫ِف‬ ‫ٍق‬
‫ُفُر ِش بطا ُنه&&ا ن إس &َتَرب أي‪ :‬بطان &ُة ال را وه&&و م&&ا حُي ابي&&ه ال راُش ن إس &َتَرب وه&&و‬
‫ِش‬ ‫ِم‬ ‫ِئ‬
‫ِم‬ ‫ِم‬
‫َغلي&ُظ ال&ِّديباِج ‪ ،‬وأَّم ا أعلى ه&ذه الُف ُر ِش فه&و ن َس نُد ٍس ‪ ،‬وه&و َر قي&ُق ال&ِّديباِج ‪ ،‬وُك ُّل ه َن‬
‫اَحلريِر ‪.‬‬

‫وقال اُهلل َعَّز وَج َّل‪ُ :‬مَّتِكِئَني َعَلى ُس ُر ٍر َّم ْص ُفوَفٍة َو َز َّو ْج َناُه م ُحِبوٍر ِعٍني [الطور‪]20 :‬‬ ‫‪.3‬‬

‫قال الَبَغوُّي ‪ُ( :‬مَّتِكئَني َعَلى ُس ُر ٍر َم صُفوفٍة َم وُضوعٍة َبعُضها إىل َج نِب َبعٍض ) ‪.‬‬
‫وق &&ال اب َك ث& &ٍري ‪( :‬وَم ع &&ىن َم ص& &ُفوفٍة أي‪ُ :‬وُج وُه َبعِض هم إىل َبعٍض ‪َ ،‬ك َق وِله‪َ :‬عَلى ُس ٍر‬
‫ُر‬ ‫ُن‬
‫ُمَتَق اِبلَنِي [الصافات‪. ) ]44 :‬‬

‫وق&&ال ابُن ُع ثيمني‪ُ( :‬مَّتِك ئَني ح&&اٌل ‪ ،‬أي‪ :‬ح&&اَل َك وهِن م ُمَّتِك ئَني ‪ ،‬وا َّتِكُئ َتُد ُّل هيَئُت ه على‬
‫ُمل‬
‫أَّنه يف ُس ُر وٍر وانِش راٍح وُطَم أنين &ٍة؛ أِل َّن ااِل ِّتك &&اَء َي ُد ُّل على َذِل َك ‪ .‬والُّس ُرُر مَج ُع َس ري ‪،‬‬
‫ٍر‬
‫وهي‪ :‬الَك راس &ُّي الَف خم &ُة ا هَّي أُة أحَس َن هَت ِيئ &ٍة ِللج &&اِلس عليه &&ا‪َ .‬م ص &ُفوفٌة أي‪َ :‬م ص &ُفوٌف‬
‫ُمل‬
‫َبعُضها إىل َبعٍض ‪َ ،‬يُصُّفها اَخلَد ُم والِو ْلداُن ) ‪.‬‬

‫‪ .4‬وق&&ال اُهلل تع&&اىل‪ُ :‬ثَّل ٌة ِّم َن اَألَّو ِلَني َو َقِلي &ٌل ِّم َن اآلِخ ِر يَن َعَلى ُس ُر ٍر َّم ْو ُض وَنٍة ُمَّتِكِئَني َعَلْيَه ا‬
‫ُمَتَق اِبِلَني [الواقعة‪. ]16-13 :‬‬

‫ق&&ال ابُن اَجلوزي‪( :‬أَّم ا ا وُض ونُة فق&&ال ابُن ُقتيب&َة‪ :‬هي ا نُس وجُة‪َ ،‬ك أَّن َبعَض ها ُأدِخ َل يف‬
‫َمل‬ ‫َمل‬
‫ِم‬ ‫ِل‬ ‫ِم‬
‫َبعٍض ‪ ،‬أو ُنِّض َد َبعُض ها على َبع ‪ ،‬و ن &&ه قي& &َل ل &&ِّدرِع ‪َ :‬م وُض ونٌة‪ ،‬و ن &&ه قي& &َل‪َ :‬و ض& &ُني‬
‫ٍض‬
‫الَّناق &ِة‪ ،‬وه&&و ِبط&&اٌن ِم ن ُس ُيوٍر َي دُخ ُل َبعُض ه يف َبعٍض ‪ .‬ق&&ال الَف َّر اُء‪ِ :‬مَس عُت َبعَض الَع رب‬
‫ُق وُل ‪ :‬اآل ُّر و وٌن ع ه على عٍض ‪ ،‬أي‪ :‬س& و ‪ ،‬وِلل َفِّس ري يف ع&ىن و ونٍة‬
‫َم ُر ٌج ُم َن َم َم ُض‬ ‫َب‬ ‫ُج َم ُض َب ُض‬ ‫َي‬

‫‪33‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫َقوالِن ‪ :‬أَح ُد مها‪َ :‬م رُمولٌة بالَّذ َه ب‪ ،‬أخرجه جُم اِه ٌد َعِن ابِن َعَّباس‪ ،‬وق&&ال ِعكِر م&ُة‪ُ :‬مش&َبكٌة‬
‫بال &&ُّد ِّر والي &&اُقوِت ‪ ،‬وه &&ذا َم ع &&ىن م &&ا َذَك رن &&اه َعِن ابِن ُقتيب &َة‪ ،‬وب &&ه ق &&ال األكَثُر ون‪ .‬والَّث اين‪:‬‬
‫َم صُفوفٌة‪ ،‬أخرجه ابُن أيب َطلحَة َعِن ابِن َعَّباٍس ) ‪.‬‬

‫وق &&ال ابُن ُع ثيمني‪َ( :‬عَلى ُس ُر ٍر َم وُض ونٍة ُس ُر ٌر مَج ُع َس ريٍر ‪ ،‬وه &&و م &&ا َيَّتِخ ُذ ه اإلنس &&اُن‬
‫ِللُج ُلوِس والَّنوِم ‪َ ،‬م وُضونٌة قال الُعَلماُء‪َ :‬م نُس وجٌة ِم َن الَّذ َه ِب ) ‪.‬‬

‫وقال اُهلل ُس بحاَنه‪َ :‬و َنَز ْعَنا َم ا يِف ُص ُد وِر ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل ِإْخ َو اًنا َعَلى ُس ُر ٍر ُّم َتَق اِبِلَني [احلج&ر‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪.]47‬‬

‫قال الَبَغ وُّي ‪( :‬وَنَز ْع ن&ا أخَر ْج ن&ا‪ ،‬م&ا يف ُص ُد وِر هم ِم ن ِغ ٍّل ه&و الَّش حناُء والَع داوُة واِحلق&ُد‬
‫واَحلسُد ‪ِ ،‬إْخ َو اًنا ُنِص َب على احلاِل ‪َ ،‬عَلى ُس ُر ٍر مَج ُع َس ريٍر ُمَتق&اِبِلَني ُيقاب&ُل َبعُض هم َبعًض ا‬
‫ال َينُظ ُر أَح ٌد ِم نهم إىل َقف &&ا ص &&اِح به‪ .‬ويف َبعِض األخب &&اِر ‪ :‬إَّن ا ؤِم ن يف اَجلَّن ِة إذا وَّد أن‬
‫ُمل‬
‫َيلقى أخاه ا ؤِم ن ساَر َس ريُر ُك ِّل واِح ٍد ِم نهما إىل صاِح به‪ ،‬فَيلَتقيا وَيَتَح َّدثا !) ‪.‬‬
‫ِن‬ ‫ِن‬
‫ُمل‬
‫وق&&ال الَّس ْع دُّي ‪َ( :‬و َنَز ْعَن ا َم ا يِف ُص ُد وِر ِه ْم ِم ْن ِغ ٍّل فَتبقى ُقُل وهُب م س&&اِلمًة ِم ن ُك ِّل َدغ &ٍل‬
‫وَح س& & & &ٍد‪ُ ،‬مَتص & & &&افيًة ُمَتحاَّب ًة ِإْخ َو اًن ا على ُس ُر ٍر ُمَتَق اِبِلَني َدَّل َذِل َك على َت زاُو ِر هم‬
‫واجِتماِعهم وُح س&ِن أَدهِب م فيم&ا بيَنهم يف َك وِن ُك ٍّل ِم نهم ُمق&اباًل ِلآلَخ ِر ال ُمس&َتدِبًر ا َله‪،‬‬
‫ُمَّتِكئَني على ِتلَك الُّس ُر ِر ا زَّينِة بالُف ُر ِش والُّلؤُلِؤ وأنواِع اَجلواهِر ‪.‬‬
‫ُمل‬
‫‪ .6‬وقال اُهلل َعَّز وَج َّل‪ُ :‬مَّتِكِئَني َعَلى َر ْفَر ٍف ُخ ْض ٍر َو َعْبَق ِر ٍّي ِح َس اٍن الرمحن‪76 :‬‬

‫ق &&ال البيض &&اوُّي ‪ُ( :‬مَّتِكِئَني َعَلى َر ْفَر ٍف وس &&اِئَد أو مَن اِر َق ‪ ،‬مَج ُع َر فَر ف& &ٍة‪ .‬وقي& &َل‪ :‬الَّر ف& &َر ُف ‪:‬‬
‫َض ر ِم ال ِط ‪ ،‬أو ذي & اخليم &ِة‪ ،‬وَق د ق&&اُل ِلُك ِّل َث وٍب ريٍض ‪َ ...‬ق ِر ٍّي ِح اٍن‬
‫َس‬ ‫َو َعْب‬ ‫َع‬ ‫ُي‬ ‫ُل‬ ‫ٌب َن ُبُس‬
‫ال بَق رُّي ن و إىل بَق ٍر ‪َ ،‬ت ز ال ر أَّنه اس & َل ٍد ِللِج ِّن ف ن وَن إلي&&ه ُك ش&&يٍء‬
‫َّل‬ ‫َي ُس ُب‬ ‫ُم َب‬ ‫ُعُم َع ُب‬ ‫َم ُس ٌب َع‬ ‫َع‬
‫َعجيٍب ‪ ،‬وا راُد به اِجلنُس ؛ وِلَذ ِلَك ِمُج َع ِح َس اٌن مَح اًل على ا عىن‪.‬‬
‫َمل‬ ‫ُمل‬

‫‪34‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وقال الَّس ْع دُّي ‪ُ :‬مَّتِكِئَني على َر ف&َر ٍف ُخ ْض ٍر أي‪ :‬أص&حاُب ه&اتِني اَجلَّنتِني ‪ُ ،‬مَّتَك ُؤ هم على‬
‫الَّر فَر ِف األخَض ِر ‪ ،‬وهي الُف ُر ُش اَّليت فوَق ا جاِلِس العاليِة‪ ،‬اَّليت َقد زاَدت على جَم اِلِس هم‪،‬‬
‫َمل‬
‫فص &&ا هَل ا ف ف& &ٌة ِم ن وراِء جَم اِلِس هم؛ ِلزي &&ادِة البه &&اِء و س& &ِن ا نَظ ِر ‪َ ،‬ق ِر ٍّي ِح اٍن‬
‫َس‬ ‫َو َعْب‬ ‫َمل‬ ‫ُح‬ ‫َر َر َر‬
‫الَعْبَق رُّي ‪ِ :‬نسبٌة ِلُك ِّل َم نُس وٍج َنسًج ا َح َس ًنا فاِخ ًر ا؛ وهِل ذا وصَف ها باُحلسِن الَّشاِم ِل ‪ُ ،‬حِلسِن‬
‫الَّص نعِة وُح سِن ا نَظِر ‪ ،‬وُنُعومِة ا لَم ِس ‪.‬‬
‫َمل‬ ‫َمل‬
‫وق &&ال اب ثيمني‪َ :‬لى ٍف أي‪ :‬على س &&اِنَد ُترْف ِر ُف ِم ث & م &&ا ُك وُن على أط &&راِف‬
‫َل َي‬ ‫َم‬ ‫َع َر ْفَر‬ ‫ُن ُع‬
‫ا س &&اِنِد‪ ،‬وَيُك وُن يف اَألِس َّر ِة‪َ ،‬ه َك ذا ُيرْف ِر ُف ‪ُ .‬مَّتِك ئَني على َر ف& &َر ٍف ُخ ْض ٍر ؛ أِل َّن الَّل وَن‬
‫َمل‬
‫م &&ا ُك وُن ِللَّنَظ ِر ‪ ،‬وأَش ُّد م &&ا ُك وُن هبج& &ًة ِللَق لب‪َ .‬ق ِر ٍّي ِح اٍن‬
‫َس‬ ‫َو َعْب‬ ‫َي‬ ‫األخَض َر أنَس ُب َي‬
‫الَعْبَق رُّي ه&&و الُف ُر ُش اجلِّي دُة ِج ًّدا؛ وهِل ذا ُيَس َّم ى اجلِّي ُد ِم ن ُك ِّل ش&&يٍء َعبَق رًّي ا‪َ ،‬ك م&&ا ق&&ال‬
‫الَّنُّيب صَّلى اُهلل عليه وسَّلم يف الُّر ؤيِة اَّليت َر آها حَني َنزَع ُعَمُر بُن اَخلَّطاِب َر ِض َي اُهلل َعنه‬
‫قال‪« :‬فما َر أيُت َعبَق رًّيا َيْف ِر ي َفْر َيه» أي‪َ :‬ينِز ُع َنزَعه‪ِ :‬م ن ُقَّو ِته َر ِض َي اُهلل َعنه‪.‬‬

‫‪ .7‬وقال اُهلل َعَّز وَج َّل‪ُّ :‬م َّتِكِئَني ِفيَه ا َعَلى اَأْلَر اِئِك الكهف‪.31 :‬‬
‫ِن‬ ‫ِر‬ ‫ِئِك‬ ‫ِك ِف‬
‫ق&&ال البيض&&اوُّي ‪ُ :‬مَّت ئَني يَه ا َعَلى اَألَر ا على الُّس ُر ‪َ ،‬ك م&&ا ه&&و هيئ&ُة اُملَتَنِّعمَني ‪ْ .‬ع َم‬
‫الَّثَو اُب اَجلَّنُة وَنعيُم ها‪َ .‬و َح ُس َنْت ُمْر َتَفًق ا ُمَّتَك ًأ‬

‫صفات حور عين في القرآن‬


‫فاطمة قرة أعني و غانية سري رزقي منورة‬
‫ِص َف ات ال وِر الِعيِن ال ْذكو ِة في الُقرآِن‬
‫َم َر‬ ‫ُح‬
‫َو َع د اُهلل تع & &&اىل‪ ،‬وَبَّش َر ‪َ ،‬مْن آَم َن ‪ ،‬واْهَت َد ى‪ ،‬وَف اَز ِبِر ض & &&واِنه؛ ِب اُحلوِر الِعِني ؛‬
‫ا َطَّه راِت ‪ ،‬الُع ُر ِب ‪ ،‬اَألْت راِب ‪َ ،‬ك اِم اَل ِت الِّص فاِت ‪ ،‬ق&&ال رس&&ول اهلل ص&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‬
‫ُمل‬
‫– عن ِنس&&اِء اَجلَّن ِة‪َ« :‬ل ْو َأَّن اْم َر َأًة ِم ْن َأْه ِل اَجْلَّن ِة اَّطَلَعْت ِإىَل َأْه ِل اَألْر ِض ؛ َألَض اَءْت َم ا‬

‫‪35‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫َبْيَنُه َم ا‪َ ،‬و َلَم َألْتُه ِر ًحيا‪َ ،‬و َلَنِص يُفَه ا [َيْع يِن اِخْلَم اَر ] َعَلى َر ْأِس َه ا َخ ْيٌر ِم َن ال&&ُّد ْنَيا‪َ ،‬و َم ا ِفيَه ا»‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫وَمْن َتَأَّم َل ِص َف اِت اُحلوِر الِعِني اَجلَم اِلَّيِة ال&َو اِر ِد ِذْك ِر ه&ا يف الُق رآِن الَك ِر مي؛ ِجَي ْد أَّن‬
‫ِد ِة‬ ‫ِت ِحل ِة‬
‫َأْك َثَر ها َيَتَعَّلُق ِبالِّص فا ا ِّس َّي أو اَجلَس َّي ؛ ألهَّن ا َص َف اٌت ُتْد ِر ُك ها ُعق&&وُل الَبَش ِر ‪ ،‬وَغ َر َز‬
‫اُهلل تع &&اىل يف اإلنس &&اِن ُح َّبه &&ا؛ ِلُي ِّغ الُّنف &&و ِلني& &ِل ا ْنُف وِس ‪ .‬وِم ْن َأَه ِّم ِص َف اِت اُحلوِر‬
‫ُمل‬ ‫َس‬ ‫َر َب‬
‫الِعِني ا ْذ كوَر ِة يف الُقرآِن الَك رمي‪:‬‬
‫َمل‬
‫‪َ -1‬أَّنُه َّن َأْز واٌج َأِلْه ِل اَجلَّنِة ‪ :‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬و ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ [البق&&رة‪.]25 :‬‬
‫وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬و َز َّو ْج َناُه ْم ُحِبوٍر ِعٍني ﴾ [الدخان‪ .]54 :‬أي‪ :‬أْنَك ْح َناُه ْم ‪ .‬وهذا الَّلْف ُظ‬
‫ِص‬ ‫ِس ِت‬ ‫ِع‬ ‫ِة‬ ‫ِل ِط‬
‫في &&ه َتْك ِر ٌمي ِر ب &&ا الَّز وجي & ‪ ،‬ودالل &ٌة على َظِم أم &ِر ال &َّز واِج وُقْد َّي ه؛ إْذ ُو ْف َن اُحلوُر‬
‫ب &&أَّن َّن َز وج &&اٌت ‪ .‬ق &&ال رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‪ِ« :‬لُك ِّل ا ِر ٍئ ِم َز َت اِن‬
‫ْنُه ْم ْو َج‬ ‫ْم‬ ‫ُه‬
‫ِة‬ ‫ِء‬ ‫ِقِه ِم‬ ‫ِن‬
‫اْثَنَت ا ‪ُ ،‬يَر ى ُمُّخ ُس و َم ا ْن َو َر ا الَّلْح ِم ‪َ ،‬و َم ا يِف اَجْلَّن َأْع َزُب » رواه مس&&لم‪ .‬وال &َّز ْو ُج‬
‫ُه َن ا‪ِ :‬كناَي ٌة َعِن الَق ِر يِن ؛ ألَّن اجلَّن َة َليَس فيه& &&ا َتْك ِلي & &ٌف ؛ فال َعْق ٌد ‪ ،‬وال َتْز ِو يٌج ِب املعىن‬
‫ا ْش هور؛ وإمَّن ا ا راد‪ :‬أهنم ُمؤَنُس وَن ِبُصْح َبِة َحَباِئَب ِم َن الِّنَس اِء ‪.‬‬
‫ُمل‬ ‫َمل‬
‫‪َ -2‬أَّنُه َّن ُمَطَّه َر اٌت ‪َ :‬فِم ْن مَج اِهِلَّن الَّظاِه َر أَّنُه َّن ُمَطَّه راٌت ‪ .‬وق&&د َو َر َد َلْف ُظ ﴿ ُمَطَّه َر ٌة ﴾‬
‫يف الق &&رآِن يف َثالَث ِة َم واِض َع ؛ منه &&ا قول &&ه تع &&اىل‪ُ ﴿ :‬هَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ [النس &&اء‪:‬‬
‫‪ .]57‬وا َطَّه َر ُة‪َ :‬مْن َطُه َر ْت ِم َن اَحليِض والَب وِل والِّنف&اِس ‪ ،‬والَغاِئِط وا َخ اِط والُبَص اق‪،‬‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫وُك ِّل َق َذ ٍر ‪ ،‬وُك ِّل أًذى َيك& &&وُن ِم ْن ِنَس اِء ال& &&ُّدنيا‪ ،‬فَطُه َر باِط ُنه& &&ا من اَألْخ الِق الَّس ِّيَئِة‪،‬‬
‫والِّص َف اِت ا ْذ و ِة‪ ،‬وَط ِل اهُن ا من الُف ِش وال ذاِء ‪ ،‬وَط َط ُفه&&ا ِم َأْن َتْط ِب ِه‬
‫َمَح‬ ‫ْن‬ ‫ُه َر ْر‬ ‫َب‬ ‫ْح‬ ‫ُه َر َس‬ ‫َمل ُم َم‬
‫إىل َغِري َز وِج ها‪ ،‬وَطُه َر ْت أثواهُب ا ِم ْن أْن َيْع ِر َض هلا َدَنٌس أو َو َس ٌخ ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وا ْق ُصوُد ِم ْن هذه الِّص َف ِة‪َ :‬ذَه اُب ُك ِّل َش ٍنْي َعْنُه َّن ؛ ِم َن الُعي&&وِب الَّذ اِتَّي ِة وَغِري ه&&ا‪ ،‬وَز واُل‬
‫َمل‬
‫ِص فاِت الَّنْق ِص ا الِز َم ِة للبشر‪ ،‬اليت قد ال َيْق َبُلها األزواُج ‪ .‬وهذه ِبَش اَر ٌة ‪ِ -‬م َن اِهلل تعاىل‬
‫ُمل‬
‫– ِلِنساِء الّد نيا من املؤمنات‪َ ،‬ك ما يَن َّن يف اآل رة‪.‬‬
‫ِخ‬ ‫ِه‬‫ِت‬ ‫ِز‬ ‫ِل‬ ‫ِب‬

‫‪َ -3‬أَّنُه َّن ُح ْو ٌر ‪ :‬ج &&اءْت َلْف َظ ُة ﴿ ُح ور ﴾ يف أربع& &ِة َم واِض َع من الق &&رآن؛ منه &&ا قوُل ه‬
‫تع &&اىل‪َ ﴿ :‬و َز َّو ْج َن اُه ْم ُحِبوٍر ِعٍني ﴾ ق &&ال البخ &&ارُّي رمحه اهلل يف مع &&ىن اآلي &&ة‪َ( :‬حَياُر ِفيَه ا‬
‫ِد‬ ‫ِد‬ ‫ِد‬
‫الَّط ْر ُف ‪َ ،‬ش يَد ُة َس َو ا اْلَعِنْي ‪َ ،‬ش يَد ُة َبَي اِض اْلَعِنْي )‪ .‬وق &&ال األزه &&رُّي رمحه اهلل‪َ( :‬عٌنْي‬
‫َح ْو َر اُء‪ِ :‬إذا اْش َتَّد َبَي اُض َبَياِض َه ا وَخ ُلَص ‪ ،‬واْش َتَّد َس َو اُد َس َو اِدَه ا‪َ ،‬و اَل ُتَس َّم ى ا ْر َأُة‬
‫َمل‬
‫َحْو َر اَء َح ىَّت َتُك وَن ‪َ -‬مَع َح َو ِر َعْيَنْيَه ا ‪َ -‬بْيَض اَء َلْو ِن اَجلَس ِد)‪ .‬فَس َبُب َتْس ِم َيِتِه َّن "ُحِبوٍر "‬
‫َو ْجَه ان‪َ :‬أَح ُد َمُها‪ِ :‬لَبَي اِض الَبَي اِض ‪ ،‬وَس َو اِد الَّس َو اِد يِف الَعِنْي ‪ .‬والَّث ايِن ‪ :‬ألَّن ه َحَياُر ِفيِه َّن‬
‫الَّطْر ُف ‪.‬‬

‫‪َ -4‬سَعُة َأْع ُيِنِه َّن ‪ :‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬و ُح وٌر ِعٌني ﴾ [الواقعة‪ .]22 :‬قال الط&&ربُّي رمحه اهلل‪:‬‬
‫ِن ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِظ‬ ‫ِس‬
‫(اْلَعْيَن اُء‪ :‬اْلَم ْر َأُة اْلَو ا َعُة اْلَعِنْي َع يَم ُتَه ا‪َ ،‬و َي َأْح َس ُن َم ا َتُك وُن َن اْلُعُي و )‪ .‬ف ْن‬
‫َحَماِس ِن املرأِة اِّتَس اُع َعْيِنها يف ُطوٍل ‪ ،‬وِض يُق الَعِني يف املرأِة ِم َن الُعيوِب ‪.‬‬

‫َو ِص َفُة "اُحلوِر الِعِني " هي األش&&هُر وْص ًف ا ِلِنَس اِء اَجلَّن ِة؛ ألهَّن ا َمَجَعْت بني اَجلَم اِل ا ْع َن ِو ِّي ‪،‬‬
‫َمل‬
‫بني َق اِء الَّس ري ِة وبي &&اِض القل &&وِب ‪ ،‬وبني ي &&اِض ا ِد‬ ‫ِل ِحل‬
‫َجلَس‬ ‫َب‬ ‫َر‬ ‫واَجلَم ا ا ِّس ِّي ‪ .‬فق &&د َمَجَعْت َن‬
‫وَمَجاِل الَعِني ‪ .‬والبياُض يف تلك الِّص َف َتِني َمُها اَألْظَه ُر َمَجااًل ‪ ،‬واَألرَغُب ‪.‬‬

‫‪َ -5‬أَّنُه َّن َأْبَك اٌر ‪ :‬ق &&ال تع &&اىل‪َ ﴿ :‬فَجَعْلَن اُه َّن َأْبَك اًر ا ﴾ [الواقع &&ة‪ .]36 :‬والِبْك ُر – يف‬
‫الُّلغ & & &&ة‪ :‬هي الَع ْذ راُء ال & & &&يت ْمَل ُتْف َتَّض ‪ ،‬وُرُج ٌل ِبْك ٌر ‪ْ :‬مَل َيَتَز َّو ْج ‪ .‬ومع & & &&ىن قوِله تع & & &&اىل‪:‬‬
‫﴿َفَجَعْلَناُه َّن َأْبَك اًر ا﴾ أي‪َ :‬عَذ اَر ى‪ .‬قال ابُن عباٍس رض&ي اهلل عنهم&ا‪( :‬ال َيْأِتيَه ا َز ْو ُجَه ا‬
‫ِم ِإ‬ ‫ِة‬ ‫ِئ‬ ‫ِب‬
‫إَّال وَج َد َه ا ْك ًر ا)‪ .‬مبعىن‪ :‬أهنَّن َدا َم اُت الَبَك اَر ‪ .‬وقال تعاىل‪ْ ﴿ :‬مَل َيْط ْثُه َّن ْنٌس َقْبَلُه ْم‬

‫‪37‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫َو اَل َج اٌّن ﴾ [ال &&رمحن‪ ]56 :‬أي‪ :‬مل ْمَيَس ْس ُه َّن ‪ .‬والَّطْم ُث ‪ :‬ه &&و الِّنَك اُح بالَّتْد ِم َي ِة‪ ،‬ومن &&ه‬
‫ِقيَل للحاِئِض ‪َ :‬طاِم ٌث ‪.‬‬

‫والُبُك وَر ُة ِم َن الِّص فاِت ال& &&يت اْخَتَّص ْت َهِبا اُحلوُر الِعُني ؛ إْذ ْمَل َجُياِم ْع ُه َّن ِإْنٌس وال َج اٌّن ‪.‬‬
‫وِنَس اُء اَجلَّن ِة ِم َن ا ؤمن& &&اِت ِفيِه َّن َمْن ك& &&انْت – يف ال& &&ُّدنيا – ِبْك ًر ا‪ ،‬وِفيِه َّن َمْن َطَم َثُه َّن‬
‫ُمل‬
‫ِة‬ ‫ِق‬
‫اِإل ْنُس ‪ ،‬إَّال أَّنُه َّن َيُع ْدَن َك َم ا َخ َلَق ُه َّن اُهلل تع &&اىل أبك &&اًر ا ي &&وَم ال ياَم ‪َ ،‬ك َم ا َيُع وُد كاَّف ُة‬
‫الَّناِس ‪ ،‬كما َخ َلَق ُه ُم اُهلل تعاىل يف الُّدنيا؛ قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ك َم ا َبَد ْأَنا َأَّو َل َخ ْل ٍق ُنِعي&ُد ُه َو ْع ًد ا‬
‫َعَلْيَنا ِإَّنا ُك َّنا َفاِعِلَني ﴾ [األنبياء‪.]104 :‬‬
‫ِع‬ ‫ِئ‬ ‫ِإ ِل ِق‬ ‫ِع‬
‫‪َ -6‬أَّنُه َّن َك َو ا ُب ‪ :‬ق &&ال تع &&اىل‪َّ ﴿ :‬ن ْلُم َّت َني َم َف اًز ا * َح َد ا َق َو َأْعَناًب ا * َو َك َو ا َب‬
‫َأْتَر اًب ا ﴾ [النب &&أ‪ .]33-31 :‬والَك اِعُب ‪ِ :‬ه َي اَجلاِر َي ُة ال &&يت َك َعَب َث ْد ُيها‪ُ .‬يق &&ال‪َ :‬نَه َد‬
‫الَّث ْد ُي ؛ إذا َك َعَب واْر َتَف َع عن الَّص ْد ِر ‪ ،‬وَص اَر ل &&ه َح ْج ٌم‪ .‬ق &&ال ابُن َك ث &ٍري رمحه اهلل – يف‬
‫معىن‪َ ﴿ :‬ك َو اِعَب ﴾‪َ( :‬أْي ‪َ :‬أْن ُثُد َّيُه َن َنَو اِه َد ‪ْ ،‬مَل َيَتَد َّلَنْي ؛ َأِلَّنُه َّن َأْبَك اٌر ُع ُر ٌب َأْتَر اٌب )‪.‬‬
‫وُيْس َتَف اُد ِم َن اآلَيِة الَك ِر َميِة‪ :‬وجوُب الَّتَس ُّتُر ‪ ،‬وِإْخ َف اُء ا فَاِتِن ال&&يت ِم ْن أْبَيِنَه ا الَّص ْد ُر ‪ ،‬وه&&و‬
‫َمل‬
‫ِم ْن َحَماِس ِن اَجلَم اِل ا ْلِف َتِة للِّر جال‪.‬‬
‫ُمل‬
‫‪َ -7‬أَّنُه َّن َأْتَر اٌب ‪ :‬ق &&ال تع &&اىل‪َ ﴿ :‬قاِص َر اُت الَّط ْر ِف َأْتَر اٌب ﴾ [ص‪ .]52 :‬واَألْتَر اُب ‪:‬‬
‫ِث‬
‫ْمَجُع َت ِر ٍب ؛ ألَّنُه ْم دُّب وا على الرُّت اِب مًع ا‪ .‬وا ْع ىَن ‪ :‬أَّنُه َّن َأْقَر اٌن ‪ُ ،‬مَتس &&اِو َياٌت وُمتَم ا الٌت‬
‫َمل‬
‫يف الِّس ِّن والَّش اِب أزواِج ِه َّن ؛ ق&&ال الن & ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪ْ « :‬د َأ ا َّن ِة‬
‫َي ُخ ُل ْه ُل َجْل‬ ‫ُّيب‬ ‫َب َم َع‬
‫اَجْلَّن َة ُج ْر ًدا‪ُ ،‬م ْر ًدا؛ ُمَك َّح ِلَني َأْبَن اَء َثَالٍث َو َثَالِثَني َس َنًة» حس&&ن – رواه الرتم&&ذي‪ .‬ولع &َّل‬
‫هذه الِّس َّن فيها ِم َن االْك ِتَم اِل الَّتاِّم للُّنْض ِج الَعْق ِلِّي واِجلْسَم اّيِن‪.‬‬

‫‪َ -8‬أَّنُه َّن َك اْلَي اُقوِت وا ْر َج اِن ‪َ :‬و َص َف اُهلل تع&&اىل َمَجاَل َل ْو ِن َأْج َس اِد اُحلوِر الِعِني ‪ ،‬فق&&ال‬
‫َمل‬
‫س &&بحانه‪َ ﴿ :‬ك َأَّنُه َّن اْلَي اُقوُت َو اْلَمْر َج اُن ﴾ [ال &&رمحن‪ .]58 :‬أي‪َ :‬ك َأَّنُه َّن الَي اُقوُت يف‬
‫َص فاِئه‪ ،‬وا ْر َج اُن يف ْمُحَر ِته‪ .‬وَيُد ُّل على ِش َّد ِة َبَياِض ِه َّن ‪ ،‬وِر َّقِة َأْج َس اِدِه َّن ‪ :‬قوُله ص&لى اهلل‬
‫َمل‬

‫‪38‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫عليه وسلم‪ِ« :‬لُك ِّل َرُج ٍل ِم ْنُه ْم َز ْو َج َتاِن ِم َن اُحْلوِر اْلَعِنْي ‪َ ،‬عَلى ُك ِّل َز ْو َج ٍة َس ْبُعوَن ُح َّل ًة‪،‬‬
‫ى ُّخ وِقِه ا ِم اِء وِم ِه ا َلِلِه ا؛ َك ا ى الَّش ا اَأْل يِف الُّز ا ِة‬
‫َج َج‬ ‫َر ُب َمْحُر‬ ‫ُيَر ُم ُس َم ْن َو َر ُحُل َم َو ُح َم َم ُيَر‬
‫اْلَبْيَض اِء » صحيح لغريه – رواه الطرباين‪.‬‬

‫‪َ -9‬أَّنُه َّن َك الُّلْؤ ُلِؤ ا ْك ُن وِن ‪ُ :‬تَع ُّد ه&&ذه الِّص َفُة ِإْح َد ى َص َف اِت َل ْو ِن َأْج َس اِد اُحلوِر الِعِني ‪،‬‬
‫َمل‬
‫ِنُي‬ ‫ِن‬ ‫ِن‬ ‫ِؤ‬ ‫ُّل‬ ‫ِل‬
‫ق& &&ال تع& &&اىل ﴿ َك َأْم َث ا ال ْؤ ُل اْلَم ْك ُن و ﴾ [الواقع& &&ة‪ .]23 :‬أي‪ :‬ا َص ا َعِن اَألْع ‪،‬‬
‫ُمل‬
‫ال&&ذي َمَتَّس اَأل ِدي‪ ،‬فه&&و أَش ُّد م&&ا يك&&وُن َف ا وَتْأَلُل ا‪ .‬وِم َطِبي ِة الَّنْف ِس البش&&ريِة‬
‫ًؤ ْن َع‬ ‫َص ًء‬ ‫ْمَل ُه ْي‬
‫اِحلْر ُص على َم عرَفِة ُك ْنِه الَّشيِء اَخلِف ي‪.‬‬

‫‪َ -10‬أَّنُه َّن َك اْلَبْيِض ا ْك ُن وِن ‪ :‬ق& &&ال تع& &&اىل‪َ ﴿ :‬ك َأَّنُه َّن َبْيٌض َم ْك ُن وٌن ﴾ [الص& &&افات‪:‬‬
‫َمل‬
‫ِء‬ ‫ِن‬ ‫ِم‬
‫ِهِه‬
‫َتْش َّن‬ ‫ي‬‫ِب‬ ‫ويف‬ ‫‪.‬‬ ‫ِض‬ ‫ا‬ ‫وال‬
‫َّص َف َبَي‬‫ا‬ ‫ال‬ ‫يف‬ ‫ه‬ ‫ِو‬‫وحن‬ ‫ِر‬ ‫&ا‬
‫&‬ ‫ب‬‫ُغ‬‫ال‬ ‫من‬ ‫و‬ ‫‪ُ .]49‬ش ِّبْه َن ِبَبيِض الَّنَع َملُص‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ِئِب‬ ‫ِد‬ ‫ِر ِت‬ ‫ِة‬ ‫ُّل‬ ‫ِن‬ ‫ِب‬
‫الَبْيِض اَملْك ُن و م&&ا ي&&د على َنُعوَم اَملْلَم ِس ‪ ،‬و َّق ه‪ ،‬وُبْع ه عن الَّش َو ا ال&&يت ُتَك ِّد ُر‬
‫الَّل وَن أو ُتفِس ُد ه‪ ،‬وِفي& &ِه ِإَش اَر ٌة‪ :‬إىل أَّن ُك َّل م &&ا ه &&و ْحَمف &&وٌظ ِم ْن َمَجاٍل َأْش َه ى ِللَّنْف ِس ‪،‬‬
‫ِخِب الِف ما كان ُمَعَّر ٌض ِلَأْلْنَظاِر ‪ ،‬وفيه إشارٌة إىل ِح ْف ِظ اَجلَم اِل ‪ ،‬والَّتَس ِرُّت ‪ ،‬والُبع&ِد ب&&ه َعِن‬
‫الِّر جال‪.‬‬

‫‪َ -11‬أَّنُه َّن ِح َس اٌن ‪ :‬ق& & &&ال تع& & &&اىل‪ِ ﴿ :‬فيِه َّن َخ ْيَر اٌت ِح َس اٌن ﴾ [ال& & &&رمحن‪ .]70 :‬أي‪:‬‬
‫ِح َس اُن اَخلْلِق واُخلُلق‪ .‬وصفة اُحلْس ِن ُمَتِّم َم ٌة ِلِص َف ِة َبَي اِض اَجلَس ِد؛ ألَّن الَبَي اَض وْح َد ُه ق&&د‬
‫ال َيُك وُن َم ْق ُب وًال؛ ِلَف ْق ِده اَجلَم اَل والَبَه اَء‪ .‬فق&&د تك&&وُن املرأُة َبْيَض اَء‪ ،‬ولكْن غ &ُري ِمَج يَل ٍة‪،‬‬
‫فِإَمْتاًم ا ِللَم ْطُلوِب ا ْر ُغوِب ‪ ،‬وِإْك َم اًال ِلْلَج َم اِل ؛ َج اَء َو ْصُف اُحلوِر بأهنَّن ﴿ ِح َس اٌن ﴾‪.‬‬
‫َمل‬
‫‪َ -12‬أَّنُه َّن َم ْق ُصوَر اٌت يِف اِخْلَياِم ‪ :‬إَّن ُلُز وَم اِخلْد ِر يف البيوِت ِم ْن َمَتاِم الَّس ِرْت والِعَّف ِة‪ ،‬وه&&و‬
‫َّمِما اَّتَص ْف َن ب &&ه اُحلوُر ؛ ق &&ال تع &&اىل‪ُ ﴿ :‬ح وٌر َم ْق ُص وَر اٌت يِف اِخْلَي اِم ﴾ [ال &&رمحن‪.]72 :‬‬
‫ْق وراٍت ‪َ :‬خُمَّدراٌت ْحَم و اٌت ‪ .‬من اِخلْد ِر وهو الِّسرْت ‪ ،‬وجاري&ٌة خُم َّد ٌة إذا َل ِز ِت‬
‫َم‬ ‫َر‬ ‫ُب َس‬ ‫وَم ْع ىَن َم ُص‬
‫ِخ ْد َر ها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫فاِت‬ ‫ِل ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِت‬ ‫ِغ‬ ‫ِة‬ ‫ِة‬


‫ويف اآلَي الَك ِر َمي ‪ :‬إش& &&ارٌة إىل الَّتْر يِب يف الَق راِر ِب البي وُلُز و ه؛ َجِلْع ه ْن َص‬
‫اُحلوِر الِعني‪َ ،‬فْلَتِعي ِنَس اُء أه &ِل األرِض ه &&ذه الِّص َفَة‪ ،‬وْلَتْق ِص ْر َم ِس َريها‪ ،‬وَتَق َّر يف َبيِته &&ا‪،‬‬
‫َنِو َّي ٌة ِلْل وِر الِعِني ا ِت‬ ‫ِص‬ ‫ِف ِة‬ ‫ِل‬
‫َز َد‬ ‫ُح‬ ‫فه &&و َأْر َغُب ل &َّز ْو ِج ‪ ،‬وَأْبَع ُد َهَلا عن ال ْتَن ‪ .‬وُه ن &&اَك َف اٌت َم ْع‬
‫اُحلْسَن َبَه اًء ‪ -‬ال َيَّتِس ُع ا َج اُل ِلِذْك ِر ها – وِم ْن ِتلَك الِّص َف اِت ا ْع َنِو َّيِة‪:‬‬
‫َمل‬ ‫َمل‬
‫‪َ -13‬أَّنُه َّن َخرْي اُت اَألْخ اَل ِق ؛ ق&&ال تع&&اىل‪ِ ﴿ :‬فيِه َّن َخ ْيَر اٌت ِح َس اٌن ﴾ [ال&&رمحن‪.]70 :‬‬
‫أي‪َ :‬خرْي اُت اَألْخ الِق ‪ِ ،‬ح َس اُن اَألْو ُج ِه؛ َمَجْع َن بني َمَجاِل الَّظاِه ِر والَباِط ِن ‪.‬‬

‫‪َ -14‬أَّنُه َّن ُمِط يَع اٌت َأِلْز واِج ِه َّن ‪ ،‬وُمَتَح ِّبَب اٌت ‪َ ،‬م َع ُحْس ِن الَّتَعُّب ِل ؛ ق &&ال تع &&اىل‪ُ ﴿ :‬عُر ًب ا‬
‫َأْتَر اًب ا ﴾ [الواقع &&ة‪ .]37 :‬والَع ُر وُب ِم َن الِّنَس اِء ‪ :‬هي ا ِط يَع ُة ِلَز وِج َه ا‪ ،‬ا َتَح ِّبَب ُة إلي &&ه‪،‬‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫الَعاِش َقُة له‪ ،‬اَحلَس َنُة الَك الِم والَّتَبُّعِل ‪ ،‬اْلَّلِّيَنُة ا ْنِط ِق ‪.‬‬
‫َمل‬
‫‪َ -15‬أَّنُه َّن َقاِص َر اٌت ِللَّط ْر ِف إَّال َعَلى َأْز َو اِج ِه َّن ؛ ق &&ال تع &&اىل‪َ ﴿ :‬قاِص َر اُت الَّط ْر ِف ﴾‬
‫[ص‪ .]52 :‬أي‪َ :‬عِف يَف اٌت ‪ ،‬ال َيْنُظْر َن إىل َغِري َأْز واِج ِه َّن ‪.‬‬

‫الحور العين جائزة الكاظمين الغيظ‬


‫‪14‬‬

‫فإهَّن ا اجلائزة العظيم & &&ة‪ ،‬وإح & &&دى الِّنعم اجلليل & &&ة‪ ،‬إهَّن ا نعم & &&ة احلور العني‪ ،‬وعن & &&دما‬
‫يتتَّبع املسلم وصَف احلور العني يف القرآن الك&&رمي والس&َّنة النبوَّية‪ ،‬سيس&&ارع بالتس&&بيح هلل‬
‫اخلاِلِق العظيم‪ ،‬واحلمِد هلل الكرمي‪.‬‬

‫ولن جيد املسلم وصًف ا حُي اكي وصفهَّن يف القرآن الكرمي‪ ،‬فتبارك اهلل أحَس ن اخلالقني‪.‬‬

‫‪ 14‬حسني أمحد عبدالقادر‪" ،‬احلور العني جائزة الكاظمني الغيظ"‪ ،‬األلوكة‪,2016 ،‬‬
‫‪/https://www.alukah.net/sharia/0/106883‬احلور‪-‬العني‪-‬جائزة‪-‬الكاظمني‪-‬الغيظ‪#/‬‬
‫‪.ixzz8HWfqZIKA‬‬

‫‪40‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ ‬قال اهلل تع&اىل‪َ ﴿ :‬و ُح وٌر ِعٌني * َك َأْم َثاِل الُّلْؤ ُلِؤ اْلَم ْك ُنوِن ﴾ [الواقع&ة‪ ،]23 ،22 :‬ويف‬
‫اآلية الكرمية يقول اإلمام الَّطربي رمحه اهلل تعاىل‪" :‬هَّن يف صفاء بياض&&هَّن وُح س&&نهَّن ‪،‬‬
‫كاللؤلؤ املكنون الذي قد ِص َني يف ِكٍّن "؛ (تفسري الطربي)‪.‬‬
‫‪ ‬وق &&ال اهلل تع &&اىل‪ِ ﴿ :‬فيِه َّن َقاِص َر اُت الَّط ْر ِف ْمَل َيْطِم ْثُه َّن ِإْنٌس َقْبَلُه ْم َو اَل َج اٌّن * َفِب َأِّي‬
‫ِّذ ِن‬ ‫ِء‬ ‫ِب‬ ‫ِّذ ِن‬ ‫ِء‬
‫آاَل َر ِّبُك َم ا ُتَك َبا * َك َأَّنُه َّن اْلَياُقوُت َو اْلَمْر َج اُن * َف َأِّي آاَل َر ِّبُك َم ا ُتَك َبا * َه ْل‬
‫َج َز اُء اِإْل ْح َس اِن ِإاَّل اِإْل ْح َس اُن * َفِب َأِّي آاَل ِء َر ِّبُك َم ا ُتَك ِّذ َباِن ﴾ [ال& &&رمحن‪- 56 :‬‬
‫ِص‬ ‫ِف‬
‫‪ ،]61‬ويف ذل& & & &&ك يق& & & &&ول اإلم& & & &&ام الس& & & &&عدي رمحه اهلل تع& & & &&اىل‪ ﴿" :‬يِه َّن َقا َر اُت‬
‫الَّط ِف ﴾؛ أي‪ :‬ق &&د قص &&رَن ط &&رفهَّن على أزواجهَّن ؛ ِم ن حس &&نهم ومجاهلم‪ ،‬وكم&&اِل‬
‫ْر‬
‫حمبتهَّن هلم‪ ،‬وَقص & &&رَن أيًض ا ط & &&رف أزواجهَّن عليهن؛ من حس & &&نهن ومجاهلن ول& & &َّذ ة‬
‫وص& &&اهلَّن ‪َ ﴿ ،‬فِب َأِّي آاَل ِء َر ِّبُك َم ا ُتَك ِّذ َباِن ﴾؛ أي‪ :‬فب& &&أِّي ِنَعم اهلل الديني& &&ة والدنيوي& &&ة‬
‫تك& & & &&ذبان؟ ﴿ ْمَل َيْطِم ْثُه َّن ِإْنٌس َقْبَلُه ْم َو اَل َج اٌّن ﴾؛ أي‪ :‬مل ينلهَّن قبلهم أح& & & &&د من‬
‫اإلنس واجلن‪ ،‬ب&&ل هَّن أبك&&ار ُع رب‪ ،‬متحبب&&ات إىل أزواجهَّن ‪ ،‬حبس&&ن التبُّع ل والتغنج‬
‫واملالح & &&ة وال & &&دالل‪َ ﴿ ،‬ك َأَّن َّن اْل اُقوُت اْل اُن ﴾؛ وذل & &&ك لص & &&فائهَّن ومجاِل‬
‫َو َمْر َج‬ ‫ُه َي‬
‫منظ& &&رهن وهبائهن‪َ ﴿ ،‬ه ْل َج َز اُء اِإْل ْح َس اِن ِإاَّل اِإْل ْح َس اُن ﴾؛ أي‪ :‬ه& &&ل ج& &&زاء َم ن‬
‫أحس &&ن يف عب &&ادة اخلالق ونف &&ع عبي &&ده‪ ،‬إال أن حيس &&ن إلي &&ه ب &&الثواب اجلزي &&ل‪ ،‬والف &&وز‬
‫الكب&&ري‪ ،‬والَّنعيم املقيم‪ ،‬والعيش الس&&ليم؟ فهات&&ان اجلَّنت&&ان العاليت&&ان للمق &َّر بني"؛ (تفس&&ري‬
‫السعدي)‪.‬‬
‫ِم‬ ‫ٍت‬ ‫ِت‬ ‫ِم‬ ‫ِذ‬
‫‪ ‬وق &&ال اهلل س &&بحانه‪َ ﴿ :‬و َبِّش ِر اَّل يَن آَم ُن وا َو َع ُل وا الَّص اَحِلا َأَّن ُهَلْم َج َّن ا ْجَتِر ي ْن‬
‫ُأُتوا ِبِه‬ ‫َّلِذ ِز ِم‬ ‫ِز ِم ِم ٍة ِر‬ ‫ِت‬
‫ْحَت َه ا اَأْلْنَه اُر ُك َّلَم ا ُر ُقوا ْنَه ا ْن َمَثَر ْز ًقا َقاُلوا َه َذ ا ا ي ُر ْقَن ا ْن َقْب ُل َو‬
‫ُمَتَش اًهِبا َو ُهَلْم ِفيَه ا َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة َو ُه ْم ِفيَه ا َخ اِل ُد وَن ﴾ [البق&&رة‪ ،]25 :‬ويف تفس&&ري‬
‫ق &&ول اهلل تع &&اىل يق &&ول اإلم &&ام ابن كث &&ري رمحه اهلل تع &&اىل‪" :‬قول &&ه تع &&اىل‪َ ﴿ :‬و ُهَلْم ِفيَه ا‬
‫َأْز َو اٌج ُمَطَّه َر ٌة ﴾ ق&&ال ابن أيب طلح&&ة‪ ،‬عن ابن عب&&اس‪ُ" :‬مطَّه رة ِم ن الَق ذر واألذى"‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وق&&ال جماه&&د‪ِ" :‬م ن احليض والغائ&&ط‪ ،‬والب&&ول والنخ&&ام وال&&بزاق‪ ،‬واملين والول&&د"‪ ،‬وق&&ال‬
‫قت &&ادة‪" :‬مطَّه رة من األذى واملأمث"‪ ،‬ويف رواي& &ٍة عن &&ه‪" :‬ال حيض وال كل &&ف"‪ ،‬وقول &&ه‬
‫تعاىل‪َ ﴿ :‬و ُه ْم ِفيَه ا َخ اِلُد وَن ﴾‪ :‬هذا هو مَت ام الَّس عادة؛ فإهَّن م م&&ع ه&&ذا الَّنعيم يف مق&&ام‬
‫أمني ِم ن املوت واالنقطاع‪ ،‬فال آخر له وال انقضاء‪ ،‬بل يف نعيم سرمدٍّي أبدي على‬
‫ال& &&دوام‪ ،‬واهلل املس& &&ؤول أن حيش& &&رنا يف ُز م& &&رهتم‪ ،‬إَّن ه اجلواد الك& &&رمي‪ ،‬ال & &ُّرب ال& &&رحيم"؛‬
‫(تفسري ابن كثري)‪.‬‬

‫وورد يف السَّنة النبوَّية وصف عجيب حَي تار من مجاله املسلمون‪:‬‬

‫‪ ‬فعن أنس بن مال &&ك رض &&ي اهلل تع &&اىل عن &&ه أَّن أَّم حاِر َث ة أَتت رس &&وَل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه‬
‫وس&&لم‪ ،‬وق&&د هَل ك حاِر َثُة ي&&وَم ب&&دٍر ‪ ،‬أص&&اَبه َغ رُب س&&هٍم ‪ ،‬فق&&اَلت‪ :‬ي&&ا رس&&وَل اهلل‪ ،‬ق&&د‬
‫عِلمَت موِق ع حاِر ث&َة من قل&&يب؛ ف&&إن ك&&ان يف اجلَّنة مل أب&ِك علي&&ه‪ ،‬وإال س&&وف ت&&رى م&&ا‬
‫أصَنُع؟ فقال هلا‪َ(( :‬ه ِبلِت ‪ ،‬أجنٌة واح&&دٌة هي؟! إهَّن ا ِج ن&&اٌن كث&&ريٌة‪ ،‬وإن&&ه لفي الِف رَدوس‬
‫األعلى))؛ (البخاري)‪.‬‬
‫‪ ‬وقال‪َ(( :‬غ دَو ٌة يف س&بيل اهلل أو َر وَح ٌة خ&ٌري من ال&دنيا وم&ا فيه&ا‪ ،‬وَلق&اُب َقوِس أح&ِدكم‪،‬‬
‫أو موِض قدٍم من اجلَّنة‪ ،‬خ من ال&دنيا وم&ا فيه&ا‪ ،‬ول&و أن ام&رأًة من نس&اِء أه&ِل اجلن&ِة‬
‫ٌري‬ ‫ُع‬
‫اَّطلَعت إىل األرِض ألض&&اَءْت م&&ا بينهم&&ا‪ ،‬وملَألْت م&&ا بينهم&&ا ِر ًحيا‪ ،‬ولَنِص يُفها ‪ -‬يع&&ين‬
‫اِخلماَر ‪ -‬خٌري من الدنيا وما فيها))؛ (البخاري)‪.‬‬

‫فم&&ا أمجل ه&&ذا احلديث الَّش ريف وم&&ا في&&ه من اِحلكم واملواع&&ظ‪ ،‬ال&&يت حَن ت&&اج لت &دُّبرها‬
‫يومًّيا وشحِذ عزميتنا مبا فيها من ت&رغيٍب ك&رمي وأج&ر عظيم! ويف احلديث الش&ريف بي&ان‬
‫لفض &&يلة اِجله &&اِد وأَث ره‪ ،‬ووص &&ف للَّنعيم ومجال &&ه‪ ،‬وبالغ &&ة يف وص &&ف مجال احلور العني‪،‬‬
‫فكي &&ف ملس &&لم أن ي &&درك مجاهلَّن إذا ك &&ان مخارهَّن خ& &ًريا من ال &&دنيا كله &&ا وم &&ا فيه &&ا من‬
‫َنعيم؟ فإذا كان هذا وصف نصيفهَّن ‪ ،‬فكيف لنا أن ندرك مجاهلَّن ؟!‬

‫‪42‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫إَّن كظم الغيظ ِعبادة رفيعة الَّش أن‪ ،‬تس&توجب قه&َر الَّنفس لوج&ه اهلل تع&اىل‪ ،‬ق&ال اهلل‬
‫ِع‬ ‫ٍة‬ ‫ِف ِم‬
‫س &&بحانه‪َ ﴿ :‬و َس اِر ُعوا ِإىَل َم ْغ َر ٍة ْن َر ِّبُك ْم َو َج َّن َعْر ُض َه ا الَّس َمَو اُت َو اَأْلْر ُض ُأ َّد ْت‬
‫ِف‬ ‫ِظِم‬ ‫ِء‬ ‫ِء‬ ‫ِذ ِف‬ ‫ِل ِق‬
‫ْلُم َّت َني * اَّل يَن ُيْن ُقوَن يِف الَّسَّر ا َو الَّض َّر ا َو اْلَك ا َني اْلَغْي َظ َو اْلَع ا َني َعِن الَّناِس َو الَّل ُه‬
‫ِحُي ُّب اْلُم ْح ِس ِنَني ﴾ [آل عم&ران‪ ،]134 ،133 :‬ويف اآلي&ة الكرمية بي&اٌن لوص&ف ال&ذين‬
‫يس&اِر عون إىل َم غف&رة اهلل ذي اجلالل واإلك&رام‪ ،‬ويس&ارعون إىل التمُّتع بنعيم اجلَّنة‪ ،‬وهم‬
‫﴿ اَّل ِذيَن ُيْنِف ُق وَن يِف الَّس َّر اِء َو الَّض َّر اِء ﴾‪ ،‬وه&&ذه خصوص&&ية ِلمن ك&&ان اإلنف&&اق هنًج ا يف‬
‫ِظِم‬
‫حيات& & &&ه‪ ،‬ال يعرتي& & &&ه ع& & &&اِر ض من ع& & &&وارض ال& & &&دنيا ليمنع& & &&ه من اإلنف& & &&اق‪َ ﴿ ،‬و اْلَك ا َني‬
‫اْلَغْي َظ ﴾؛ وهم ال&&ذين آَثروا َم رض&&اة اهلل تع&&اىل على انتص&&ارهم ألنفس&&هم‪ ،‬فكبح&&وا مجاَح‬
‫الَّنفس ال&يت ت&أمر باالنتق&ام‪َ ﴿ ،‬و اْلَع اِفَني َعِن الَّناِس ﴾؛ وهم أص&حاب املنزل&ة الكرمية ال&يت‬
‫ي &&دِر ُك ها املخلص &&ون؛ ف &&العفو يتطَّلب عزمية قوَّي ة جلع &&ل مَس احة الَّنفس تعل &&و على ت &&ذُّك ر‬
‫إس&&اءة الغ&&ري‪ ،‬وق&&ال اإلم&&ام الس&&عدي رمحه اهلل تع&&اىل‪" :‬ي&&دخل يف العف&&و عن الن&&اس‪ ،‬العف&&و‬
‫عن كل من أساء إليك بقول أو فعل‪ ،‬والعفو أبلغ من الكظم؛ ألن العف&&و ت&&رك املؤاخ&ذة‬
‫م& &&ع الس& &&ماحة عن املس& &&يء‪ ،‬وه& &&ذا إمَّن ا يك& &&ون َّممن حتَّلى ب& &&األخالق اجلميل& &&ة‪ ،‬وختَّلى عن‬
‫األخالق الرذيل &&ة‪ ،‬وممن ت &&اَج ر م &&ع اهلل‪ ،‬وعف &&ا عن عب &&اد اهلل؛ رمحة هبم‪ ،‬وإحس &&اًنا إليهم‪،‬‬
‫وكراهة حلصول الشِّر عليهم‪ ،‬وليعفو اهلل تع&اىل عن&ه‪ ،‬ويك&ون أج&ره على رِّبه الك&رمي‪ ،‬ال‬
‫على العب & &&د الفق & &&ري؛ كم & &&ا ق & &&ال اهلل تع & &&اىل‪َ ﴿ :‬فَمْن َعَف ا َو َأْص َلَح َف َأْج ُر ُه َعَلى الَّل ِه ﴾‬
‫[الشورى‪"]40 :‬؛ (تفسري السعدي)‪.‬‬

‫وورد يف الس& &َّنة النبوي &&ة أن كظم الَغي &&ظ م &&ع الق &&درة على إنف &&اذه س &&بٌب للحص &&ول على‬ ‫‪‬‬
‫احلور العني؛ فعن مع&&اذ بن أنس اجله&&ين رض&&ي اهلل تع&&اىل عن&&ه ق&&ال‪ :‬ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى‬
‫اهلل علي&&ه وس&&لم‪َ(( :‬م ن َك ظم غيًظ ا‪ ،‬وه&&و يس&&تطيع أن ينف&&ذه‪ ،‬دع&&اه اُهلل ي&&وَم القيام&&ة على‬
‫رؤوس اخلالئ& &&ق‪ ،‬ح& &&ىت خيرِّي ه يف أِّي احلور ش& &&اء))؛ (الرتم& &&ذي واأللب& &&اين)؛ ول& &&ذا فَك ظم‬
‫الغي &&ظ ل &&ه عاقب &&ة كرمية‪ ،‬فعلين &&ا أن َنكظم الغي &&ظ مهم &&ا ك &&انت اإلس &&اءة‪ ،‬ومهم &&ا ت &&وافرت‬

‫‪43‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أس&&باب ال&&رد عليه&&ا‪ ،‬ب&&ل الَّس ماحة والعف&&و؛ طلًب ا لعف&&و اهلل الك&&رمي‪ ،‬وطمًع ا يف ث&&واب اهلل‬
‫العظيم‪ ،‬فك & & & &ُّل البش& & & &&رى والفالح يف ال& & & &&دنيا والق& & & &&رب واآلخ& & & &&رة ِلمن ك& & & &&ان للَغي& & & &&ظ من‬
‫الكاظمني‪ ،‬وحتَّلى بصفات احملسنني‪.‬‬

‫نسأل اَهلل تعاىل العف&َو واملعاف&اة والعافي&ة لن&ا واملس&لمني‪ ،‬وأن جيعلن&ا من احملس&نني‪ ،‬واحلم&د‬
‫هلل رِّب الع&&املني‪ ،‬ونص&ِّلي ونس&ِّلم على س&&يد األنبي&&اء واملرس&&لني عليهم ص&&لوات اهلل تع&&اىل‬
‫وس &&المه‪ ،‬وَم ن اَّتبعهم وس &&ار على هنجهم‪ ،‬وعلى آل رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‬
‫والصحابة أمجعني‪.15‬‬

‫‪ 15‬فكرة املقال مستوحاة من مقال للداعية أبو اهليثم حممد درويش على موقع طريق اإلسالم بعنوان‪" :‬أيها النادر‪ ،‬هنيًئا لك‬
‫احلور"‪ ،‬وأيًض ا من فتوى ملوقع اإلسالم سؤال وجواب بعنوان‪" :‬صفات احلور العني يف الكتاب والسنة"‪ ،‬فجزاهم اهلل تعاىل خًريا‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪16‬‬
‫أنواع العيون في الجنة‬
‫غيانا الزهراء و حبيبة‬

‫عيون الجنة‬
‫لق&د جع&ل اهلل يف اجلن&ة عيوًنا متع&ددة من أج&ل أن يرت&وي منه&ا أه&ل اجلن&ة ‪ ،‬وهي خمتلف&ة‬
‫األوصاف والطع&&وم واملش&ارب ‪ ،‬وق&&د ذكره&&ا اهلل تع&&اىل يف ع&&دة آي&&ات ب&&القرآن الك&&رمي ؛‬
‫حيث يقول املوىل عّز وجل "ِإَّن اْلُم َّتِق َني يِف َج َّناٍت َو ُعُيوٍن " ‪ ،‬كم&ا ق&ال س&بحانه وتع&اىل‬
‫"ِإَّن اْلُم َّتِق َني يِف ِظ اَل ٍل َو ُعُيوٍن " ‪ ،‬وورد يف بعض التفسريات القرآنية أن العي&&ون هي أهنار‬
‫جتري خالل األش&&جار املوج&&ودة باجلن&&ة وال&&يت ورد ذكره&&ا يف قول&&ه تع&&اىل "َم َث ُل اَجْلَّن ِة اَّليِت‬
‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِس‬ ‫ِم ٍء‬ ‫ِف‬ ‫ِع‬
‫ُو َد اْلُم َّتُق وَن يَه ا َأْنَه اٌر ْن َم ا َغِرْي آ ٍن َو َأْنَه اٌر ْن َلٍنَب ْمَل َيَتَغَّيْر َطْع ُم ُه َو َأْنَه اٌر ْن‬
‫ِت ِف ِم‬ ‫ِف ِم‬ ‫ِم‬ ‫ٍة ِل‬
‫ْمَخٍر َل َّذ لَّش اِرِبَني َو َأْنَه اٌر ْن َعَس ٍل ُمَص ّف ًى َو ُهَلْم يَه ا ْن ُك ِّل الَّثَم َر ا َو َم ْغ َر ٌة ْن‬
‫َر ِهِّبْم َك َمْن ُه َو َخ اِلٌد يِف الَّناِر َو ُس ُقوا َم اًء ِمَح يًم ا َفَق َّطَع َأْمَعاَءُه ْم "‪.‬‬

‫أسماء عيون الجنة‬


‫وردت عدة أمساء خمتلفة لعيون اجلنة بالقرآن الكرمي ‪ ،‬وهي‬

‫عين تسنيم‬ ‫‪.1‬‬


‫ٍم‬
‫يق&&ول اهلل ع &ّز وج&&ل يف س&&ورة املطففني "ُيْس َق ْو َن ِم ْن َر ِح ي &ٍق ْخَمُت و (‪ِ )25‬خ َتاُم ُه ِم ْس ٌك‬
‫َو يِف َذِل َك َفْلَيَتَن اَفِس اْلُم َتَناِفُس وَن (‪َ )26‬و ِم َز اُج ُه ِم ْن َتْس ِنيٍم (‪َ )27‬عْيًن ا َيْش َر ُب َهِبا‬
‫اْلُم َقَّر ُبوَن " ‪ ،‬واألص&&ل اللغ&&وي لكلم&&ة تس&&نيم أهنا االرتف&&اع ‪ ،‬ق&&د ذك&&رت التفس&&ريات أن‬
‫عني تسنيم هي عني جتري يف اهلواء من أعلى إىل أس&&فل بق&&درة اخلالق س&&بحانه وتع&&اىل ؛‬
‫مث تنزل يف أواين خمصصة ألهل اجلنة حىت متتلئ دون ان تقع قطرة على األرض‪.‬‬
‫‪ 16‬نيسما‪" ،‬أمساء عيون اجلنة"‪ ،‬املرسال‪.https://www.almrsal.com/post/874178 2020 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫عين كافور‬ ‫‪.2‬‬

‫وذكر اهلل تعاىل هذه العني يف قوله بس&ورة اإلنس&ان "ِإَّن اَأْلْبَر اَر َيْش َر ُبوَن ِم ْن َك ْأٍس َك اَن‬
‫ِم َز اُجَه ا َك اُفوًر ا (‪َ )5‬عْيًن ا َيْش َر ُب َهِبا ِعَب اُد الَّل ِه ُيَف ِّج ُر وَنَه ا َتْف ِج ًريا" ‪ ،‬وق&د ُو ص&فت بأهنا‬
‫عني م&اء جاري&ة يف اجلن&ة ومعروف&ة باس&م عني الك&افور ‪ ،‬ويتص&رف فيه&ا عب&اد اهلل كيفم&ا‬
‫شاءوا‪.‬‬

‫عين زنجبيل‬ ‫‪.3‬‬

‫ق &&ال اهلل تع &&اىل يف س &&ورة اإلنس &&ان أيًض ا "َو ُيْس َق ْو َن ِفيَه ا َك ْأًس ا َك اَن ِم َز اُجَه ا َزَجْنِبيال" ‪،‬‬
‫وُعرف عنها أهنا عني حتتوي على طعم الزجنبيل‪.‬‬

‫عين سلسبيل‬ ‫‪.4‬‬

‫وق&&د ورد يف س&&ورة اإلنس&&ان أيًض ا قول&&ه تع&&اىل "َعْيًن ا ِفيَه ا ُتَس َّم ى َس ْلَس ِبيال" ‪ ،‬وُذك&&ر أهنا‬
‫ق&&د مسيت باس&&م سلس&&بيل لسالس&&ة وح&&دة جريه&&ا ‪ ،‬وهي نابع&&ة من جن&&ة ع&&دن إىل أه&&ل‬
‫اجلنة‪.‬‬

‫عين طهور‬ ‫‪.5‬‬

‫ومما ورد كذلك يف سورة اإلنسان "َو َس َق اُه ْم َر ُّبُه ْم َش َر اًبا َطُه وًر ا" ‪ ،‬وقي&&ل أهنا عني م&&اء‬
‫موجودة على باب اجلنة ونابعة من ساق شجرة‪.‬‬

‫عين الجارية‬ ‫‪.6‬‬

‫ورد يف س&&ورة الغاش&&ية ق&&ول املوىل ع&ّز وج&&ل "ِفيَه ا َعٌنْي َج اِر َيٌة"‪ ،‬مبع&&ىن أهنا عني س&&ارحة‬
‫يف اجلن&&ة ‪ ،‬وق&&د ج&&اءت جاري&&ة نك&&رة يف س&&ياق اإلثب&&ات ؛ حيث أهنا تش&&ري إىل الكث&&ري من‬

‫‪46‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫العيون اجلاريات وليست عني واحدة ‪ ،‬وذكر اهلل أيًض ا يف س&&ورة ال&&رمحن "ِفيِه ا َن اِن‬
‫َم َعْي‬
‫ْجَتِر َياِن " ‪ ،‬مبعىن أهنما تسرحان من أجل سقي األشجار واألغصان لتثمر جبميع األلوان‪.‬‬

‫عين نضاخة‬ ‫‪.7‬‬

‫يق&&ول اهلل تع&&اىل يف س&&ورة ال&&رمحن "ِفيِه َم ا َعْيَن اِن َنَّض اَخ َتاِن "‪ ،‬مبع&&ىن أهنم&&ا عين&&ان فوارت&&ان‬
‫حيث أن املاء يفور منهما‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫طعام أهل الجّنة والنار‬


‫حسناء سهيلة فهدة و حياة نصوحا‬

‫طعام أهل الجنة‬


‫بش& &&ر اهلل ع& &&ز و ج & &ّل املؤم& &&نني باجلن& &&ة و نعيمه& &&ا األب& &&دّي ‪ ،‬و ذك& &&رت النص& &&وص‬
‫الش& &&ريعة أن يف اجلن& &&ة م& &&ا تش& &&تهيه األنفس‪ .‬و من ه& &&ذه النعم ه& &&و الطع& &&ام‪ .‬وال تش& &&رتك‬
‫األشياء اليت يف اجلن&ة م&ع األش&ياء اّليت يف ال&دنيا إال يف االس&م فق&ط‪ .‬فليس اخلبز يف ال&دنيا‬
‫مثل اخلبز يف اجلنة‪ .‬وليس كبد احلوت يف الدنيا مثل كب&د احلوت يف اجلّن ة‪ ،‬ألّن يف اجلّن ة‬
‫ما ال عني رأت وال أذن مسعت وال خطر على قلب بشر‪.‬‬

‫‪ .1‬اللحوم‬
‫ق&&ال تع&&اىل‪َ( :‬و َأْم َدْد َناُه م ِبَف اِكَه ٍة َو ْحَلٍم َّمِّما َيْش َتُه وَن ) ‪-‬س&&ورة الط&&ور‪ -22:‬فلهم من‬
‫أن& & &&واع اللحم م& & &&ا يش& & &&تهون وك& & &&ذلك حلم الط& & &&ري‪ ،‬ق& & &&ال ع & & &ّز و ج & & &ّل (َو ْحَلِم َطٍرْي َّمِّما‬
‫َيْش َتُه وَن ) ‪-‬الواقعة‪ -21:‬و هذه الطيور ناعمة‪ ،‬لذيذة أعناقها كبرية كأعناق اإلب&&ل‪،‬‬
‫كما جاء يف حديث أنس(فيها طري أعناقها كأعناق اجلزر) ‪-‬رواه الرتمذي‪-‬‬
‫‪ .2‬الفواكه‬
‫عن عم&&ر بن اخلط&&اب ق&&ال‪ :‬ج&&اء أن&&اس من اليه&&ود إىل رس&&ول اهلل ﷺ فق&&الوا‪:‬‬
‫(يا حممد‪ ،‬أيف اجلنة فاكهة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فيها فاكهة وخنل ورّم ان‪ ...‬إخل)‬
‫‪ .3‬أّو ل طعام أهل الجّنة‬

‫‪48‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ثبت يف ص &&حيح البخ &&اري و مس &&لم أن زي &&ادة كب &&د احلوت هي أّو ل م &&ا يأكل &&ه أه &&ل‬
‫اجلّنة‪ ،‬واملقصود بزيادة كبد احلوت‪ ،‬أي‪ :‬احلوت وه&و قطع&ة من ط&رف الكب&د‪ ،‬وه&و‬
‫أطيب جزء فيها واألدّلة على ذلك ما يأيت‪:‬‬
‫عن أنس بن مال& &&ك رض& &&ي اهلل عن& &&ه ق& &&ال‪ :‬أّن عب& &&د اهلل بن س& &&الم بلغ& &&ه مق & &ّد م الن& &&يب‬
‫ﷺ املدينة فأتاه يسأله عن أشياء‪ ،‬فقال‪ :‬إين سائلك عن ثالث ال يعلمهّن إاّل‬
‫ن&ّيب‪ ،‬م&&ا أّو ل طع&&ام يأكل&ه أه&&ل اجلّن ة؟ ق&&ال الن&ّيب ﷺ أّم ا أّو ل طع&&ام يأكل&ه أه&&ل‬
‫اجلّنة فزيادة كبد احلوت‪.‬‬

‫طعام أهل النار‬


‫‪ .1‬الضريع (َّلْيَس ُهَلْم َطَعاٌم ِإاَّل ِم ن َض ِر يٍع ) ‪-‬سورة الغاشية‪-6:‬‬
‫ق&&ال علي بن أيب طلح&&ة عن ابن&&ه عب&&اس‪ :‬ش&&جور من الن&&ار‪ ،‬وق&&ال س&&عيد بن جب&&ري‪ :‬ه&&و‬
‫الزقوم و عنه أهّن ا حجارة‪ .‬و قال ابن عباس و جماه&&د و عكرم&&ة و قت&&ادة‪ :‬ه&&و الش&&ربق‪.‬‬
‫ق&&ال قت&&ادة‪ :‬ق&&ريش تس&ّم يه يف الربي&&ع الش&&ربق و يف الص&&يف الض&&ريع‪ .‬ق&&ال عكرم&&ة‪ :‬وه&&و‬
‫شجرة شوٍك الطئة باألرض‪.‬‬
‫‪ .2‬الزّقوم (ِإَّن َش َج َر َت الَّز ُّقوِم ) ‪-‬سورة الدخان‪-43:‬‬
‫طع &&ام األثيم‪ ،‬األثيم أي‪ :‬يف قول &&ه وفعل &&ه وه &&و الك &&افر‪ .‬فق &&ال أب &&و ال &&درداء‪ :‬إّن ش &&جرة‬
‫الزّق وم طع &&ام الف &&اجر‪ .‬أي ليس ل &&ه طع &&ام من غريه &&ا‪ .‬وقول &&ه‪ :‬كامله &&ل‪ ،‬ق &&الوا‪ :‬كعك &&ر‬
‫الزيت‪.‬‬
‫يغلي يف البطون كغلي احلميم‪ ،‬أي‪ :‬من شّد ة حرارهتا‪.‬‬
‫‪ .3‬الغسلين (َفَلْيَس َل ُه اْلَيْو َم َه اُه َن ا ِمَح يٌم َو اَل َطَع اٌم ِإاَّل ِم ْن ِغْس ِلٍني ) ‪-‬س&&ورة احلاق&&ة‪-35 :‬‬
‫‪-36‬‬

‫‪49‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أي‪ :‬ليس ل&&ه الي&&وم من ينق&&ده من ع&&ذاب اهلل ال محيم وال ق&&ريب وال ش&&فيع يط&&اع‪ ،‬وال‬
‫طع &&ام ل &&ه ههن &&ا إاّل من غس &&لني‪ ،‬ق &&ال قت &&ادة‪ :‬ه &&و ش& &ّر طع &&ام أه &&ل الن &&ار و ق &&ال الربي &&ع‬
‫والضحاك‪ :‬هو شجرة من جهّنم‪.‬‬

‫شراب أهل الجنة و النار‬


‫جيهان نور هداية منصور و حّنا أوليآء‬

‫شراب أهل الجنة‪:‬‬

‫أكرم اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬عباده الص&&احلني وج&&زاهم باجلّن ة‪ّ ،‬مث أب&&اح هلم أن يش&&ربوا من ك&ّل‬
‫ِن‬
‫ما فيها من أنواع األشربة املختلفة‪ ،‬كما قال اهلل تعاىل‪ُ( :‬ك ُلوا َو اْش َر ُبوا َه يًئ ا َمِبا َأْس َلْف ُتْم‬
‫يِف اَأْلَّياِم اَخْلاِلَيِة)‪ ،‬ومن شراب أهل اجلّنة‪:17‬‬

‫‪ .1‬الم اء‪ :‬وتتص&&ف بأهنا ص&&افية‪ ،‬ال يعّك ره&&ا ش&&يء يغرّي طعمه&&ا أو رائحته&&ا‪ ،‬فهي أع&&ذب‬
‫وألّذ وأصفى ماء‪ .‬و دليل ذلك قول اهلل تعاىل ‪َ﴿ :‬م َثُل اَجلَّن ِة اَّليِت ُو ِع َد ا َّتُق وَن ِفيَه ا‬
‫ُمل‬
‫َأْنَه اٌر ِم ْن َم اٍء َغِرْي َآِس ٍن ﴾‬
‫‪ .2‬الخمر‪ :‬وهو ما ُيسّم ى أيضًا بالّر حيق املختوم‪ ،‬فخمر أه&ل اجلن&ة خيتل&ف عن مخر ال&دنيا‪،‬‬
‫ومخُر اجلّنة مجيلٌة صافيٌة رائقٌة‪ ،‬مجيل الطعم والرائح&ة‪ ،‬جيد ش&ارهُب ا رائح&َة املس&ك بع&د‬
‫شرهِب ا‪ ،‬ال ُمي شارهُب ا‪ ،‬كما قال تعاىل ﴿ُيْس َق ْو َن ِم ْن َر ِح يٍق ْخَمُتوٍم * ِخ َتاُم ُه ِم ْس ٌك َو يِف‬
‫ّل‬
‫َذِلَك َفْلَيَتَناَفِس ا َتَناِفُس وَن * َو ِم َز اُج ُه ِم ْن َتْس ِنيٍم * َعْيًنا َيْش َر ُب َهِبا ا َقَّر ُبوَن ﴾‪ .‬و ص&&ايف‬
‫ُمل‬ ‫ُمل‬
‫وال ذهب عقُل ه‪ ،‬كم&&ا ق&&ال اهلل تع&&اىل‪َ ﴿ :‬طاُف َل ِه م ِبَك ْأٍس ِّم ن َّم ِعٍني * ا َلَّذ ٍة‬
‫َبْيَض َء‬ ‫َع ْي‬ ‫ُي‬ ‫َي‬

‫‪ 17‬رميا ربايعه‪" ،‬طعام وشراب أهل اجلنة"‪ ،‬موضوع‪/https://mawdoo3.com 2021 ،‬طعام_وشراب_أهل_اجلنة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِّللَّشاِرِبَني *اَل ِفيَه ا َغْو ٌل َو اَل ُه ْم َعْنَه ا ُينَز ُفوَن ﴾‪ ،‬باإلض&&افة إىل أّن مخر اجلّن ة خالي&ًة من‬
‫العي &&وب واآلف &&ات‪ ،‬ال يوج &&ع ال &&رأس‪ ،‬وال يقلب املع &&دة‪ ،‬وال ي &&ؤمل البطن‪ ،‬عكس مخر‬
‫ال &&دنيا كري &&ه الرائح &&ة‪ ،‬ال &&ذي ُت ذِه ب العق &&ول‪ ،‬وُتص& &َد ع ال &&رؤوس‪ ،‬وجَت ِلب األس &&قام‪،‬‬
‫ومُت ِر ض األب&&دان‪ ،‬جند ش&&اربيه س&&كارى‪ ،‬يتحرك&&ون بفوض&&ى‪ ،‬وق&&د وص&&فها اُهلل تع&&اىل‪،‬‬
‫فق & &&ال‪﴿ :‬يُط وُف َعَلْيِه ْم ِو ْل َد اٌن َخُّمَّل ُد وَن *ِب َأْك اٍب َو َأَب اِر يَق َك ْأٍس ِّم ن َّم ِعٍني * اَّل‬
‫َو‬ ‫َو‬
‫ُيَص َّد ُعوَن َعْنَه ا َو اَل ُينِز ُفوَن ﴾‪ ،‬وقد ن&ّز ه اهلل ‪-‬تع&&اىل‪ -‬مخَر اجلّن ة عن خص&&ال اخلم&&ر يف‬
‫الدنيا‪ ،‬من الّس ْك ر‪ ،‬والصداع‪ ،‬والقيء‪ ،‬والبول‪.‬‬
‫‪ .3‬اللبن ‪ :‬ق &&ال ‪-‬تع &&اىل‪َ﴿ :-‬م َث ُل اَجلَّن ِة اَّليِت ُو ِع َد ا َّتُق وَن ِفيَه ا َأْنَه اٌر ِم ْن َم اٍء َغِرْي َآِس ٍن‬
‫ُمل‬
‫َو َأْنَه اٌر ِم ْن َلٍنَب ْمَل َيَتَغَّيْر َطْع ُم ُه﴾‪.‬‬
‫‪ .4‬العسل ‪ :‬وه&&و ذاك الّش راب احلل&&و والّص ايف الع&&ذب ال&&ذي ال يوج&&د في&&ه ش&&ائبٌة أو مشع‪.‬‬
‫كما قال تعاىل ﴿َو َأْنَه اٌر ِّم ْن َعَس ٍل ُّم َص ًّفى﴾‬
‫‪ .5‬الكافور‪ :‬هي عني املاء طيب&&ة الرائح&&ة‪ ،‬وه&&و ش&&راب األب&&رار يف اجلن&&ة‪ .‬ل&&ه خاص&&ية إض&&افة‬
‫الرائحة والطعم والتربيد‪ِ﴿،‬إَّن اَأْلْبَر اَر َيْش َر ُبوَن ِم ن َك ْأٍس َك اَن ِم َز اُجَه ا َك اُفوًر ا﴾‪.‬‬
‫‪ .6‬زنجبيل ‪ :‬ه&&و ن&&وع من ش&&راب أه&&ل اجلن&&ة‪ ،‬فه&&و خيتل&&ف عن الزجنبي&&ل املع&&روف بال&&دنيا‬
‫والزجنبيل لذي&ذ الطعم‪ ،‬مجي&ل الرائح&ة‪ ،‬يض&يف ل&ذة احلرارة عن&دما ميزج م&ع الش&راب‪،‬‬
‫قال ‪-‬تعاىل‪َ﴿ :-‬و ُيْس َق ْو َن ِفيَه ا َك ْأًس ا َك اَن ِم َز اُجَه ا َزَجْنِبياًل ﴾‪.‬‬
‫‪ .7‬سلسبيل ‪ :‬هو املاء سهل الشرب واملرور من الفم للحل&&ق‪ ،‬وه&&و ينب&&ع من عني يف اجلن&&ة‪،‬‬
‫ومسيت سلس &&بيل ألهنا تس &&يل على أه &&ل اجلن &&ة أينم &&ا وج &&دوا‪ ،‬ويتمث &&ل ذل &&ك يف قول &&ه‬
‫تعاىل‪َ﴿ :‬عْيًنا ِفيَه ا ُتَس َّم ٰى َس ْلَس ِبياًل ﴾‪.‬‬
‫‪ .8‬التسنيم ‪ :‬وهو نبع عٍني خاٌص باملقربني اليت جتري حتت العرش‪ ،‬ملا ورد يف قوله تع&&اىل‪:‬‬
‫﴿ َو ِم َز اُج ۥُه ِم ن َتۡس ِنيٍم ﴾‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪18‬‬
‫شرب أهل النار‬
‫ٍت ِع ٍة‬
‫َلَق ْد َذَك َر اُهلل ‪َ-‬تَع اىَل ‪َ -‬ش َر اَب َأْه ِل الَّن اِر يِف آَي ا َّد ‪َ ،‬و ُه َو َش َر اٌب ُمَنَّو ٌع‬
‫ُمَتَعِّد ٌد؛ ِلَيَتَعَّد َد اْلَعَذ اُب َعَلْيِه ْم ‪َ .‬أْك َث َم ا ُذِك يِف اْلُقْر آِن ِم ْن َش اِهِب اَحْلِم ي ‪َ ،‬فَأْه الَّناِر‬
‫َر ُم ُم ُل‬ ‫َر‬ ‫َو ُر‬
‫ُيَض َّيُفوَن ِعْن َد ُدُخ وَهِلا ِب اَحْلِم يِم َو ُيْس َتْق َبُلوَن ِب ِه (َو َأَّم ا ِإْن َك اَن ِم َن ا َك ِّذ ِبَني الَّض اِّلَني *‬
‫ُمل‬
‫ِد‬
‫َفُنُز ٌل ِم ْن ِمَح يٍم ) [الواقع& & &&ة‪َ ]93:‬أْي ‪َ :‬فِض َياَفٌة ِم ْن ِمَح يٍم ‪َ ،‬و اَحْلِم يُم ه& & &&و‪ :‬اْلَم اُء الَّش يُد‬
‫اَحْلَر اَر ِة‪.‬‬
‫ِل‬ ‫ِم ِمَح‬ ‫ِر َّلِذ‬ ‫ِئ‬
‫َو ُه َو َش َر اُبُه ُم ال&&َّدا ُم يِف الَّنا (َو ا يَن َك َف ُر وا ُهَلْم َش َر اٌب ْن يٍم َو َع َذ اٌب َأ يٌم‬
‫ِذ ِس‬ ‫ِئ‬ ‫ٍة‬
‫َمِبا َك اُنوا َيْك ُف ُر وَن ) [ي &&ونس‪َ ]4:‬و يِف آَي ُأْخ َر ى (ُأوَل َك اَّل يَن ُأْب ُلوا َمِبا َك َس ُبوا ُهَلْم‬
‫ِل‬ ‫ِم ِمَح‬
‫َش َر اٌب ْن يٍم َو َع َذ اٌب َأ يٌم َمِبا َك اُنوا َيْك ُف ُر وَن ) [األنع & & & &&ام‪َ ]70 :‬و اَملْع ىَن ‪َ :‬أَّنُه ْم‬
‫َيْع َطُش وَن َفاَل َيْش َر ُبوَن ِإاَّل َم اًء َح اًّر ا َيِز يُد ُه ْم َح َر اَر ًة َعَلى َح َر اَر ِة اْلَعَطِش ‪.‬‬
‫ِل‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬
‫َو َق ْد ُيَض ُّم ِإىَل اَحْل يِم َغَّس اٌق ‪َ ،‬و َمَع ُه َأْش َك اٌل ُأْخ َر ى َن اْلَع َذ اِب ؛ ُيَض َّعَف‬
‫َعَذ اُبُه ْم ‪َ ،‬و َيْز َداَد َأَلُم ُه ْم َو َه َو اُنُه ْم ؛ َك َم ا َقاَل ‪َ-‬تَع اىَل ‪َ( :-‬ه َذ ا َفْلَي ُذ وُقوُه ِمَح يٌم َو َغَّس اٌق *‬
‫َو َآَخ ُر ِم ْن َش ْك ِلِه َأْز َو اٌج ) [ص‪َ ]58-57:‬و اْلَغَّس اُق ‪َ :‬س اِئٌل َيِس يُل يِف َجَه َّنَم ‪َ ،‬ق اَل َقَت اَدُة‪:‬‬
‫ُه َو َم ا َيِس يُل ِم َن اْلَق ْيِح َو الَّص ِديِد ِم ْن ُج ُلوِد َأْه ِل الَّناِر ‪َ ،‬و ُحُلوِم ِه ْم ‪َ ،‬و ُفُر وِج الُّز َناِة‪.‬‬
‫َغا ُة ا ُك وُن ِم اْل َش ا ِة اْلُق ِح ‪ ،‬ىَّت َق اَل الَّن ‪َّ -‬لى ا َل ِه‬
‫ُّيِب َص ُهلل َع ْي‬ ‫َن َب َع َو ْب َح‬ ‫َو ُه َو َي َم َي‬
‫ٍق‬ ‫ِم‬
‫َو َس َّلَم ‪َ" :-‬لْو َأَّن َدْلًو ا ْن َغَّس ا ُيَه َر اُق يِف ال&ُّد ْنَيا َأَلْنَنَت َأْه َل ال&ُّد ْنَيا" َرَو اُه َأَمْحُد ‪َ .‬فَك ْي َف‬
‫َمِبْن ُه َش اُبُه ْم ؟! َنُع وُذ ِباِهلل َتَع اىَل ِم َن الَّن اِر ‪َ.‬و َق ْد َأْخ َب اُهلل َتَع اىَل َعْن َش اِب اْلَك اِفِر‬
‫َر‬ ‫َر‬ ‫َو َر‬
‫ِديٌد يِف َل ِن ِه ِرِحي ِه‬ ‫ِم ٍء‬ ‫ِم ٍء ِد ٍد‬
‫ْو َو‬ ‫َفَق اَل ُس ْبَح اَنُه‪َ( :‬و ُيْس َق ى ْن َم ا َص ي ) َأْي ‪ْ :‬ن َم ا ُه َو َص‬
‫َو َطْع ِم ِه‪َ ،‬م َع ِش َّد ِة َح َر اَر ِت ِه‪َ ،‬و ُه َو َم ا َيِس يُل ِم ْن َأْب َد اِن اْلُك َّف اِر ِم َن اْلَق ْيِح َو ال &&َّد ِم َح اَل‬
‫ِذ‬
‫َتْع يِبِه ْم ‪َ .‬و ِم ْن ُقْبِح َلْو ِنِه َو ِرِحي ِه َو َطْع ِمِه (َيَتَج َّر ُعُه َو اَل َيَك اُد ُيِس يُغُه َو َيْأِتي&ِه ا ْو ُت ِم ْن ُك ِّل‬
‫َمل‬
‫‪ 18‬الشيخ د إبراهيم بن حممد احلقيل‪" ،‬شراب أهل النار"‪ ،‬اخلطباء‪/https://khutabaa.com/ar/article 2022 ،‬نار‪-‬‬
‫اآلخرة‪-6-‬شراب‪-‬أهل‪-‬النار‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫َأيِب ُأ ا َة ‪ِ -‬ض‬ ‫]‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫&راهيم‪:‬‬ ‫ب‬ ‫[إ‬ ‫)‬ ‫ٌظ‬ ‫&‬ ‫ي‬‫ِّيٍت ِم اِئِه َذ ا َغِل‬ ‫ا‬ ‫َك اٍن‬
‫َي‬ ‫َر‬ ‫َم‬ ‫َم‬ ‫ْن‬ ‫َع‬ ‫َو‬ ‫ٌب‬ ‫َع‬ ‫َر‬ ‫َو‬ ‫ْن‬ ‫َو‬ ‫َمِب‬ ‫َو‬ ‫ُه‬ ‫َم‬ ‫َو‬ ‫َم‬
‫ا ْن ‪ِ -‬ن الَّن ‪َّ -‬لى ا َل ِه َّل ‪ -‬يِف ِلِه‪َ (" :‬ق ى ِم اٍء ِديٍد‬
‫ْن َم َص‬ ‫َو ُيْس‬ ‫َقْو‬ ‫ُهلل َع ُه َع ِّيِب َص ُهلل َع ْي َو َس َم‬
‫ِم‬ ‫ِه‬
‫َيَتَج َّر ُع ُه) [إب& &&راهيم‪َ ]17 :‬ق اَل ‪ُ :‬يَق َّر ُب ِإَلْي َفَيَتَك َّر ُه ُه‪َ ،‬ف ِإَذا ُأْد َيِن ْن ُه َش َو ى َو ْجَه ُه‬
‫َو َو َقَعْت َفْر َو ُة َر ْأِس ِه‪َ ،‬فِإَذا َش ِر َبُه َقَّطَع َأْمَع اَءُه‪َ ،‬ح ىَّت ْخَيُر َج ِم ْن ُدُبِرِه َيُق وُل اُهلل َع َّز َو َج َّل‪:‬‬
‫( ُقوا ا ِمَح ي ا َق َّط َأ ا ) [حممد‪ُ ]15 :‬قوُل ا ‪ِ ( :‬إْن ِغي وا اُثوا اٍء‬
‫َو َي ُهلل َو َيْس َت ُث ُيَغ َمِب‬ ‫َو ُس َم ًء ًم َف َع ْمَع َءُه ْم‬
‫َك اْلُم ْه ِل َيْش ِو ي اْلُو ُج وَه ِبْئَس الَّش َر اُب ) [الكه & & &&ف‪َ( "]29 :‬رَو اُه َأَمْحُد َو َص َّح َحُه‬
‫اَحْلاِكُم)‪.‬‬

‫َو َأِلْه ِل الَّن اِر َعٌنْي ُيْس َق ْو َن ِم ْنَه ا؛ َك َم ا َق اَل اُهلل َتَع اىَل ‪ُ( :‬تْس َق ى ِم ْن َعٍنْي آِنَي ٍة)‬
‫[الغاش &&ية‪َ ]5:‬أْي ‪ُ :‬مَتَناِه َي ٍة يِف اَحْلَر اَر ِة‪َ .‬و ِإَذا َعِط َش َأْه ُل الَّن اِر اْس َتَغاُثوا َو َطَلُب وا الُّس ْق َيا‪،‬‬
‫َفُيَج اُبوَن ِبُس ْق َيا َتِز يُد َعَذ اَبُه ْم َع َذ اًبا (َو ِإْن َيْس َتِغيُثوا ُيَغ اُثوا َمِباٍء َك ا ْه ِل ) َأْي ‪َ :‬ك الَّر َص اِص‬
‫ُمل‬
‫ا َذ اِب ‪َ ،‬أ َك ِكِر الَّز ِت ‪ِ ،‬م ِش َّد ِة ا ِتِه‪ْ ( .‬ش ِو ي ال و ) َفَك ِباَأْل اِء اْل ُطوِن‬
‫ُو ُج َه ْيَف ْمَع َو ُب‬ ‫َح َر َر َي‬ ‫ْي ْن‬ ‫ْو َع‬ ‫ُمل‬
‫(ِبْئَس الَّش َر اُب َو َس اَءْت ُمْر َتَفًق ا) [الكهف‪.]29:‬‬

‫َو ِإَذا َأَك ُلوا الَّز ُّقوَم َفَعِط ُش وا ِبَس َبِب َح َر اَر ِتِه يِف ُبُطوِهِنْم ُس ُقوا َمِبا ُه َو َأَش ُّد ِم ْن ُه َح ًّر ا‬
‫ِم‬ ‫ِإ‬ ‫ِل ِم‬ ‫ِك ِم‬ ‫ِم ِإ‬
‫َو ُه َو اَحْل يُم (َف َّنُه ْم آَل ُل وَن ْنَه ا َفَم ا ُئوَن ْنَه ا الُبُط وَن * َّمُث َّن ُهَلْم َعَلْيَه ا َلَش ْو ًبا ْن‬
‫ِمَح يٍم ) [الَّص فات‪َ .]67-67:‬و َلْيَس َع َذ اُبُه ْم َمِباِء اَحْلِم يِم ُش ْر ًبا َفَق ْط ‪َ ،‬ب ْل َو ُيَص ُّب َعَلى‬
‫ُل و ِم ِش َّد ِة ا ِت ِه ( ُّب ِم ِق‬ ‫ِذ‬ ‫ِس‬
‫ْن َفْو‬ ‫َح َر َر ُيَص‬ ‫ُر ُؤ و ِه ْم ‪َ ،‬ح ىَّت ُي يَب َأْح َش اَءُه ْم َو ُج َدُه ْم ْن‬
‫ُرُءوِس ِه ُم اَحلِم يُم * ُيْص َه ُر ِب ِه َم ا يِف ُبُط وِهِنْم َو اُجلُل وُد) [احلج‪َ ]20:‬و َرَو ى َأُبو ُه َر ْيَر َة ‪-‬‬
‫رض& &&ي اهلل عن& &&ه‪َ -‬عِن الَّنِّيِب ‪َ-‬ص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪َ -‬ق اَل ‪ِ" :‬إَّن اَحلِم يَم َلُيَص ُّب َعَلى‬
‫ِم‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِل‬ ‫ِف ِه‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِس‬
‫ُرُءو ِه ْم َفَيْنُف ُذ اَحل يُم َح ىَّت ْخَيُلَص ىَل َجْو َفَيْس ُت َم ا يِف َجْو ‪َ ،‬ح ىَّت ْمَيُر َق ْن‬
‫ِح‬ ‫ِد‬ ‫ِم ِذ‬ ‫ِه‬
‫َقَد َم ْي َو ُه َو الَّص ْه ُر َّمُث ُيَع اُد َك َم ا َك اَن " (َرَو اُه الِّتْر ُّي َو َق اَل ‪َ :‬ح يٌث َح َس ٌن َص يٌح‬
‫َغِر يٌب )‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِم ِش ِة ِجَي ِم‬ ‫ِب ِء‬ ‫ِإ‬


‫َو َأْه ُل ال &&ُّد ْنَيا َذا اْش َتَّد اَحْلُّر َتَبَّر ُدوا اَملا ‪َ ،‬و َأْه ُل الَّن اِر ْن َّد َم ا ُد وَن ْن‬
‫َح ِّر َه ا َيْلَج ُئ وَن ِلْلَح ِم يِم ِم ْن َأْج ِل الَّتَبُّر ِد‪َ ،‬فَيِز ي&ُد ُه ْم َح ًّر ا ِإىَل َح ِّر ِه ْم ‪َ ،‬و َع َذ اًبا ِإىَل َع َذ اِهِبْم ‪،‬‬
‫(َه ِذِه َجَه َّنُم اَّليِت ُيَك ِّذ ُب َهِبا ا ْج ِر ُم وَن * َيُطوُف وَن َبْيَنَه ا َو َبَنْي ِمَح يٍم َآٍن ) [ال &َّر محن‪]44:‬‬
‫ُمل‬
‫ِر‬ ‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِر‬ ‫ِن‬
‫َو اْلَم ْع ىَن ‪َ :‬أَّنُه ْم ْمَيُش وَن َبَنْي َم َك ا الَّن ا َو َبَنْي اَحْل ي ‪َ ،‬ف َذا َأَص اَبُه ْم َح ُّر الَّن ا َطَلُب وا‬
‫ُّر ‪َ ،‬فاْن ُفوا ِإىَل الَّناِر اَل ‪ِ .‬ذِه‬ ‫ِإ ِه‬
‫َدَو ْي َك َه‬ ‫الَّتَبُّر َد‪َ ،‬فاَل َح ُهَلُم اْلَم اُء َف َذ َه ُبوا َلْي ‪َ ،‬فَأَص اَبُه ْم َح ُه َص َر‬
‫َأْش ِر َبُة َأْه ِل الَّناِر َك َم ا َذَك َر َه ا اُهلل َتَعاىَل يِف اْلُقْر آِن ‪َ ،‬و ِه َي َأْش ِر َبٌة َبَلَغِت اْلَغاَيَة يِف َح َر اَر َهِتا‪،‬‬
‫َو ُخْبِث ِرِحي َه ا‪َ ،‬و ُس وِء َطْع ِم َه ا‪َ ،‬و َبَش اَعِة َم ْنَظِر َه ا‪َ ،‬حِبْيُث َيَتَج َّر ُعَه ا َأْه ُل الَّن اِر َو اَل‬
‫ُيِس يُغوَنَه ا‪َ ،‬و ُتَق ِّطُع َأْمَعاَءُه ْم ِم ْن ِش َّد ِة َح ِّر َه ا‪.‬‬

‫َه َذ ا؛ َو َقْد َتَو َّعَد اُهلل َتَعاىَل َمْن َش ِر َب اَخْلْم َر يِف الُّد ْنَيا ِبَش َر اٍب يِف الَّناِر ؛ َك َم ا َق اَل‬
‫ِل‬ ‫ِهلل‬ ‫ِإ‬ ‫ِك‬ ‫ِه‬
‫الَّنُّيِب ‪َ-‬ص َّلى اُهلل َعَلْي َو َس َّلَم ‪ُ" :-‬ك ُّل ُمْس ٍر َح َر اٌم‪َّ ،‬ن َعَلى ا َع َّز َو َج َّل َعْه ًد ا َمْن‬
‫َيْش َر ُب اْلُمْس ِكَر َأْن َيْس ِق َيُه ِم ْن ِط يَنِة اَخْلَباِل " َقاُلوا‪َ :‬يا َرُس وَل اِهلل‪َ ،‬و َم ا ِط يَنُة اَخْلَب اِل ؟ َقاَل ‪:‬‬
‫"َع َر ُق َأْه ِل الَّناِر " َأْو "ُعَص اَر ُة َأْه ِل الَّناِر " (َرَو اُه ُمْس ِلٌم)‪َ .‬و َك َذ ِلَك ا َتَك ِّبُر وَن َمْو ُع وُدوَن‬
‫ُمل‬
‫ِبَش َر اٍب يِف الَّناِر ؛ َك َم ا يِف َح ِديِث َعْم ِر و ْبِن ُش َعْيٍب ‪َ ،‬عْن َأِبي &ِه‪َ ،‬عْن َج ِّد ‪َ ،‬عِن الَّنِّيِب ‪-‬‬
‫ِه‬
‫ِر الِّر اِل‬ ‫ِق ِة‬ ‫ِه‬
‫َص َّلى الَّلُه َعَلْي َو َس َّلَم ‪َ -‬قاَل ‪ْ" :‬حُيَش ُر اُملَتَك ِّبُر وَن َيْو َم ال َياَم َأْم َثاَل ال&َّذ ِّر يِف ُص َو َج‬
‫ِإ ِس‬ ‫ٍن‬ ‫ُّذُّل ِم‬
‫َيْغَش اُه ُم ال& ْن ُك ِّل َم َك ا ‪َ ،‬فُيَس اُقوَن ىَل ْج ٍن يِف َجَه َّنَم ُيَس َّم ى ُبوَلَس َتْع ُلوُه ْم َناُر‬
‫اَألْنَياِر ُيْس َق ْو َن ِم ْن ُعَص اَر ِة َأْه ِل الَّناِر ِط يَنَة اَخلَباِل " َرَو اُه الِّتْر ِمِذُّي َو َح َّس َنُه‪.‬‬

‫َنْس َأُل اَهلل َتَع اىَل َأْن ُيِعي &َذ َنا ِم َن الَّن اِر ‪َ ،‬و ِم ْن َعَم ِل َأْه ِلَه ا‪َ ،‬و َأْن َيْأُخ َذ ِبَن ا ِإىَل َم ا‬
‫ُيْر ِض يِه َعَّنا‪َ ،‬و َو اِلِديَنا َو ا ْس ِلِم َني (َر َّبَن ا اْص ِر ْف َعَّنا َع َذ اَب َجَه َّنَم ِإَّن َع َذ اَبَه ا َك اَن َغَر اًم ا‬
‫ُمل‬
‫* ِإَّنَه ا َس اَءْت ُمْس َتَقًّر ا َو ُمَق اًم ا) [الفرقان‪.]66-65:‬‬

‫‪54‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫معجزات النبي ﷺ‬
‫حنيفة احلقيقة و لطفي ألفياين‬

‫تعريف المعجزة‬
‫املعج&&زة‪ :‬أم &ٌر خ&&ارق للع&&ادة‪ْ ،‬جُيِر ي&&ه اهلل تع&&اىل على أي&&دي األنبي&&اء واملرَس لني؛ تأيي &ًد ا هلم‪،‬‬
‫وحتدًيا ألق&&وامهم؛ (فت &&اوى ابن تيمي &&ة جـ ‪ 11‬صـ ‪ ،)311 :312‬وس &&وف ن &&ذكر بعض‬
‫معجزات نبينا صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫معجزات النيب ﷺ‪:2019‬‬

‫‪ .1‬القرآن الكريم‬
‫قال اهلل تعاىل ﴿َذِلَك اْلِكَتاُب اَل َر ْيَب ۛ ِفيِهۛ ُه ًد ى ِّلْلُم َّتِق َني ﴾ (البقرة‪)2:‬‬
‫‪ .2‬رحلة اإلسراء والمعراج‬
‫اَن اَّلِذي َأ ى ِب ِدِه َل اًل ِم اْل ِج ِد ا اِم ِإىَل اْل ِج ِد‬
‫َمْس‬ ‫ْس َر َعْب ْي َن َمْس َحْلَر‬ ‫ق&&ال اهلل تع&&اىل‪ُ ﴿ :‬س ْبَح‬
‫اَأْلْقَص ى اَّلِذي َباَر ْك َنا َحْو َلُه ِلُنِر َيُه ِم ْن آَياِتَنا ِإَّنُه ُه َو الَّس ِم يُع اْلَبِص ُري ﴾ (اإلسراء‪)1 :‬‬
‫وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬و الَّنْج ِم ِإَذا َه َو ى * َم ا َض َّل َص اِح ُبُك ْم َو َم ا َغ َو ى * َو َم ا َيْنِط ُق َعِن‬
‫ِم ٍة‬ ‫ِد‬ ‫َّل‬ ‫ِإاَّل‬ ‫ِإ‬
‫اَهْلَو ى * ْن ُه َو َو ْح ٌي ُي وَح ى * َع َم ُه َش يُد اْلُق َو ى * ُذو َّر َفاْس َتَو ى * َو ُه َو‬
‫‪ 19‬الش & & & & & & & & &&يخ ص & & & & & & & & &&الح جنيب ال & & & & & & & & &&دق‪" ،‬معج & & & & & & & & &&زات نبين & & & & & & & & &&ا ص & & & & & & & & &&لى اهلل علي & & & & & & & & &&ه وس & & & & & & & & &&لم"‪ ،‬األلوك & & & & & & & & &&ة‪،2015 ،‬‬
‫‪/https://www.alukah.net/sharia/0/95581‬معجزات‪-‬نبينا‪-‬صلى‪-‬اهلل‪-‬عليه‪-‬وسلم‪./‬‬
‫‪ 20‬س& & & & & & &&جى الفواجلة‪" ،‬م & & & & & &&ا هي معج & & & & & &&زات الن & & & & & &&يب حمم & & & & & &&د"‪ ،‬موض & & & & & &&وع‪/https://mawdoo3.com ،2018 ،‬‬
‫ما_هو_شراب_اهل_اجلنة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِب اُأْلُفِق اَأْلْع َلى * َّمُث َدَن ا َفَتَد ىَّل * َفَك اَن َق اَب َقْو َس ِنْي َأْو َأْد ىَن * َف َأْو َح ى ِإىَل َعْب ِدِه َم ا‬
‫َأْو َح ى * َم ا َك َذ َب اْلُف َؤ اُد َم ا َر َأى * َأَفُتَم اُر وَن ُه َعَلى َم ا َيَر ى * َو َلَق ْد َر آُه َنْز َل ًة‬
‫ُأْخ َر ى * ِعْن َد ِس ْد َر ِة اْلُم ْنَتَه ى * ِعْن َد َه ا َج َّن ُة اْلَم ْأَو ى * ِإْذ َيْغَش ى الِّس ْد َر َة َم ا‬
‫َيْغَش ى * َم ا َز اَغ اْلَبَص ُر َو َم ا َطَغى * َلَق ْد َر َأى ِم ْن آَياِت َر ِّبِه اْلُك ْبَر ى ﴾ (النجم‪1 :‬‬
‫– ‪)18‬‬

‫‪ .3‬انشقاق القمر‬
‫ق &&ال اهلل تع &&اىل‪ ﴿ :‬اْقَتَر َبِت الَّس اَعُة َو اْنَش َّق اْلَق َم ُر * َو ِإْن َيَر ْو ا آَي ًة ُيْع ِر ُض وا َو َيُقوُل وا‬
‫ِم‬ ‫ِق‬ ‫ِم‬ ‫ِس‬
‫ْح ٌر ُمْس َت ٌّر * َو َك َّذ ُبوا َو اَّتَبُع وا َأْه َو اَءُه ْم َو ُك ُّل َأْم ٍر ُمْس َت ٌّر * َو َلَق ْد َج اَءُه ْم َن‬
‫اَأْلْنَباِء َم ا ِفيِه ُمْز َدَجٌر * ِح ْك َم ٌة َباِلَغٌة َفَم ا ُتْغِن الُّنُذ ُر ﴾ (القمر‪)5 – 1 :‬‬
‫‪ .4‬نبع الماء من بين أصابع نبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى البخ&ارُّي عن س&&اٍمل عن ج&ابٍر رض&ي اهلل عن&&ه‪ ،‬ق&&ال‪ :‬عطش الن&&اس ي&&وم احلديبي&&ة‪،‬‬
‫ورس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم بني يدي &&ه رك &&وة (إن &&اء ص &&غري من اجلل &&د)‪ ،‬فتوض &&أ‬
‫منه &&ا‪ ،‬مث أقب &&ل الن &&اس حنوه‪ ،‬فق &&ال رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‪(( :‬م &&ا لكم؟))‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ليس عن&دنا م&اء نتوَّضأ ب&ه وال نش&رب إال م&ا يف ركوت&ك‪ ،‬ق&ال‪:‬‬
‫(فوضع النيب ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ي&ده يف الرك&وة‪ ،‬فجع&ل املاء يف&ور من بني أص&ابعه‬
‫كأمثال العيون)‪ ،‬قال‪ :‬فشربنا وتوَّضأنا‪ ،‬فقلت جلابٍر ‪ :‬كم كنتم يومئٍذ ؟ قال‪ :‬لو كن&&ا‬
‫مائة ألٍف لكفانا‪ ،‬كنا مخس عشرة مائًة؛ (البخاري حديث‪.)4152 :‬‬
‫‪ .5‬تكثير الطعام والشراب بين يدي نبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى البخ&&ارُّي عن جماه &ٍد‪ :‬أن أب&&ا هري&&رة ك&&ان يق&&ول‪ :‬واهلل ال&&ذي ال إل&&ه إال ه&&و‪ ،‬إن‬
‫كنت ألعتم &&د (ُألِص ق) بكب &&دي على األرض من اجلوع‪ ،‬وإن كنت ألُش ُّد (أرب &&ط)‬
‫احلَج َر على بط&&ين من اجلوع‪ ،‬ولق&&د قع&&دت يوًم ا على ط&&ريقهم ال&&ذي خيرج&&ون من&&ه‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫فمر أبو بك&ٍر ‪ ،‬فس&&ألته عن آي&ٍة من كت&&اب اهلل‪ ،‬م&&ا س&&ألُته إال لُيش&ِبعين‪ ،‬فم&ر ومل يفع&&ل‪،‬‬
‫مث مر يب عمر‪ ،‬فسألته عن آيٍة من كتاب اهلل‪ ،‬ما س&&ألته إال ليش&&بعين‪ ،‬فم&&ر فلم يفع&&ل‪،‬‬
‫مث م&&ر يب أب&&و القاس&&م ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪ ،‬فتبَّس م حني رآين‪ ،‬وع&َر ف م&&ا يف نفس&&ي‬
‫وم&&ا يف وجهي‪ ،‬مث ق&&ال‪(( :‬ي&&ا أب&&ا ه&&ر))‪ ،‬قلت‪ :‬لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل‪ ،‬ق&&ال‪(( :‬اَحْلْق ))‪،‬‬
‫ومض &&ى‪ ،‬فتبعت &&ه‪ ،‬ف &&دخل‪ ،‬فاس &&تأذن‪ ،‬ف &&أذن يل‪ ،‬ف &&دخل‪ ،‬فوج &&د لبًن ا يف ق &&دٍح ‪ ،‬فق &&ال‪:‬‬
‫((من أين ه &&ذا اللنب؟)) ق &&الوا‪ :‬أه &&داه ل &&ك فالن أو فالن &ُة‪ ،‬ق &&ال‪(( :‬أب &&ا ه &&ر))‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل‪ ،‬ق&&ال‪(( :‬ا إىل أه&&ل الُّص َّفة ف&&اد هم يل))‪ ،‬ق&&ال‪ :‬وأه& الُّص فِة‬
‫ُل‬ ‫ُع‬ ‫َحْلْق‬
‫أض&&ياف اإلس&&الم‪ ،‬ال ي&&أوون إىل أه &ٍل وال م&&اٍل ‪ ،‬وال على أح &ٍد ‪ ،‬إذا أَتْت ه ص&&دقٌة بعث‬
‫هبا إليهم ومل يتن& & &&اول منه& & &&ا ش& & &&يًئا‪ ،‬وإذا أتت& & &&ه هدي & & &ٌة أرس& & &&ل إليهم‪ ،‬وأص& & &&اب منه & &&ا‪،‬‬
‫وأش& &&ركهم فيه& &&ا‪ ،‬فس& &&اءين (أمهين وأحزن& &&ين) ذل& &&ك‪ ،‬فقلت‪ :‬وم& &&ا ه& &&ذا اللنب يف أه& &&ل‬
‫الص&&فة‪ ،‬كنُت أح &َّق أن&&ا أن أص&&يب من ه&&ذا اللِنب ش&&ربًة أتق &َّو ى هبا‪ ،‬ف&&إذا ج&&اء أم&&رين‪،‬‬
‫فكنت أن & &&ا أعطيهم‪ ،‬وم & &&ا عس & &&ى أن يبلغ & &&ين من ه & &&ذا اللنب‪ ،‬ومل يكن ِم ن طاع & &&ة اهلل‬
‫وطاعة رسوله صلى اهلل عليه وسلم ُبٌّد‪ ،‬ف&&أتيُتهم ف&&دعوهتم‪ ،‬ف&&أقبلوا‪ ،‬فاس&&تأذنوا‪ ،‬ف&&أذن‬
‫هلم‪ ،‬وأخ&&ذوا جمالس&&هم من ال&&بيت‪ ،‬ق&&ال‪(( :‬ي&&ا أب&&ا ه&&ر))‪ ،‬قلت‪ :‬لبي&&ك ي&&ا رس&&ول اهلل‪،‬‬
‫ق &&ال‪ُ(( :‬خ ْذ ف &&أعطهم))‪ ،‬ق &&ال‪ :‬فأخ &&ذت الق &&دح‪ ،21‬فجعلت أعطي &&ه الرج &&ل فيش &&رب‬
‫ح&&ىت َيْر َو ى‪ ،‬مث ي&&رد علَّي الق&&دح‪ ،‬فأعطي&&ه الرج&&ل‪ ،‬فيش&&رب ح&&ىت ي&&روى‪ ،‬مث ي&&رد علَّي‬
‫الق &&دح‪ ،‬فيش&&رب ح&&ىت ي &&روى‪ ،‬مث ي &&رد علَّي الق &&دح‪ ،‬ح&&ىت انتهيت إىل الن &&يب ص&&لى اهلل‬
‫عليه وسلم وقد َر ِو َي القوُم كلهم‪ ،‬فأخذ القدح فوضعه على يده‪ ،‬فنظر إَّيل فتبس&&م‪،‬‬
‫فق &&ال‪(( :‬أب &&ا ه &&ر))‪ ،‬قلت‪ :‬لبي &&ك ي &&ا رس &&ول اهلل‪ ،‬ق &&ال‪(( :‬بِق يُت أن &&ا وأنت))‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫ص & &&دقَت ي & &&ا رس & &&ول اهلل‪ ،‬ق & &&ال‪(( :‬اقع & &&د فاش & &&رب))‪ ،‬فقع & &&دت فش & &&ربت‪ ،‬فق & &&ال‪:‬‬
‫((اش& &&رب))‪ ،‬فش& &&ربُت ‪ ،‬فم& &&ا زال يق& &&ول‪(( :‬اش& &&رب)) ح& &&ىت قلت‪ :‬ال وال& &&ذي بعث& &&ك‬

‫‪ 21‬القدح هو إناء أو كوب من اخلزف أو الُّز جاج وغريه ُيشرب فيه‬

‫‪57‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫باحلق‪ ،‬ما أجد له مسلًك ا‪ ،‬قال‪(( :‬فأرين)) فأعطيته القدح‪ ،‬فَح ِم َد اهلل ومسى وش&&رب‬
‫الَفْض لة؛ (البخاري حديث‪.)6452 :‬‬
‫‪ .6‬رؤية نبينا صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه من وراء ظهره‬
‫روى البخ &&اري عن أنس بن مال& &ٍك ‪ ،‬ق &&ال‪ :‬أقيمت الص &&الة‪ ،‬فأقَب ل علين &&ا رس &&ول اهلل‬
‫ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم بوجه&&ه‪ ،‬فق&&ال‪(( :‬أقيم&&وا ص&&فوفكم‪ ،‬وتراُّص وا؛ ف&&إين أراكم ِم ن‬
‫وراء ظهري))؛ (البخاري حديث‪)719 :‬‬
‫‪ .7‬سجود البعير وشكواه لنبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى أمحُد عن أنس بن مال& &ٍك ق &&ال‪ :‬ك &&ان أه &&ل بيٍت من األنص &&ار هلم مجل َيْس ُنوَن‬
‫علي&&ه‪ ،‬وإن اجلم&&ل اسَتْص َعب عليهم‪ ،‬فمَنعهم ظه&َر ه‪ ،‬وإن األنص&&ار ج&&اؤوا إىل رس&&ول‬
‫اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم فق &&الوا‪ :‬إن &&ه ك &&ان لن &&ا مجل َنْس يِن (حُن ض &&ر املاء) علي &&ه‪ ،‬وإن &&ه‬
‫اسَتص&َعب علين&&ا‪ ،‬ومَنَعن&&ا ظه&َر ه‪ ،‬وق&&د عطش ال&&زرع والنخ&&ل‪ ،‬فق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى‬
‫اهلل علي &&ه وس &&لم ألص &&حابه‪(( :‬قوم &&وا)) فق &&اموا‪ ،‬ف &&دخل احلائ& &َط واجلم& &ُل يف ناحيت &&ه‪،‬‬
‫فمشى النيب صلى اهلل عليه وسلم حنوه‪ ،‬فقالت األنص&ار‪ :‬ي&ا رس&ول اهلل‪ ،‬إن&ه ق&د ص&ار‬
‫مثل الَكْلِب الَك ِلِب ‪ ،‬وإنا خناف عليك صولَته‪ ،‬فق&ال‪ :‬ليس علَّي من&ه ب&أس‪ ،‬فلم&ا نظ&ر‬
‫اجلم&&ل إىل رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪ ،‬أقب&&ل حنوه‪ ،‬ح&&ىت خ&َّر س&&اجًد ا بني يدي&&ه‪،‬‬
‫فأخ&&ذ رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم بناص&&يته أذَّل م&&ا ك&&انت ق&&ط‪ ،‬ح&&ىت أدخل&&ه يف‬
‫العم&&ل‪ ،‬فق&&ال ل&&ه أص&&حابه‪ :‬ي&&ا ن&&يب اهلل‪ ،‬ه&&ذه هبيم&ٌة ال تعِق ُل تس&&جد ل&&ك‪ ،‬وحنن نعِق ُل‪،‬‬
‫فنحن أح &ُّق أن نس &&جد ل &&ك! فق &&ال‪(( :‬ال يص &ُلُح لبش &ٍر أن يس &&جد لبش &ٍر ‪ ،‬ول &&و ص &َلح‬
‫لبش &ٍر أن يس &&جد لبش &ٍر ‪ ،‬ألم &&رُت املرأَة أن تس &&جد لزوجه &&ا؛ من ِعَظِم حق &&ه عليه &&ا))؛‬
‫(حديث صحيح لغريه) (مسند أمحد جـ ‪ 20‬صـ ‪ 64‬حديث‪.)12614 :‬‬
‫‪ .8‬إخبار الذئب بنبَّو ة نبينا صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪58‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫روى أمحُد عن أيب س& &&عيٍد اخلدري ق& &&ال‪ :‬ع& &&دا ال& &&ذئب على ش& &&اٍة‪ ،‬فأخ& &&ذها‪ ،‬فطلب& &&ه‬
‫ال&&راعي‪ ،‬فانتزعه&&ا من&&ه‪ ،‬ف&&أقعى‪ 22‬ال&&ذئب على َذَنِب ه‪ ،23‬ق&&ال‪ :‬أال تتقي اهلل‪ ،‬ت&&نزع م&&ين‬
‫رزًق ا س &&اقه اهلل إَّيل؟! فق &&ال‪ :‬ي &&ا عج&&يب‪ ،‬ذئٌب ُمْق ٍع على َذَنِب ه‪ ،‬يكلم&&ين كالم اإلنس‪،‬‬
‫فقال الذئب‪ :‬أال أخ&ربك ب&أعجَب ِم ن ذل&ك؟ حمم&ٌد ص&لى اهلل علي&ه وس&لم بي&ثرَب خيرب‬
‫الناس بأنباِء ما قد سبق‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل الراعي يُس وُق غَنمه‪ ،‬ح&ىت دخ&ل املدين&ة‪ ،‬فزواه&ا‬
‫إىل زاوي&ٍة من زواياه&ا‪ ،‬مث أتى رس&وَل اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ف&أخربه‪ ،‬ف&أمر رس&ول‬
‫اهلل ص & &&لى اهلل علي & &&ه وس & &&لم‪ ،‬فُن ودي‪ :‬الص & &&الة جامع & &&ة‪ ،‬مث خ & &&رج‪ ،‬فق & &&ال لل & &&راعي‪:‬‬
‫((أخْرِبهم))‪ ،‬ف &&أخربهم‪ ،‬فق &&ال رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‪(( :‬ص& &َد َق وال &&ذي‬
‫نفسي بيده‪ ،‬ال تقوم الساعُة حىت يكِّلَم الس&&باُع اإلنَس ‪ ،‬ويكلَم الرج&َل َعَذ َبُة َس ْو ِط ه‪،‬‬
‫وِش راُك نعِله‪ ،24‬وخيربه فِخ ُذ ه مبا أحدث أهله بعده)) (ح&&ديث ص&&حيح) (مس&&ند أمحد‬
‫جـ ‪ 18‬صـ ‪ 315‬حديث‪.)11792 :‬‬
‫‪ .9‬حنين الجذع شوًقا لنبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى البخ& &&اري عن ج& &&ابر بن عب& &&د اهلل رض& &&ي اهلل عنهم& &&ا‪ :‬أن الن& &&يب ص& &&لى اهلل علي& &&ه‬
‫وس &&لم‪ :‬ك &&ان يق &&وم ي &&وم اجلمع &&ة إىل ش &&جرٍة أو خنل &ٍة‪ ،‬فق &&الت ام &&رأة من األنص &&ار‪ ،‬أو‬
‫رجل‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬أال جنعل لك منًربا؟ قال‪(( :‬إن ش&&ئتم))‪ ،‬فجعل&وا ل&&ه من&ًربا‪ ،‬فلم&ا‬
‫ك&ان ي&وم اجلمع&ة‪ُ ،‬دِف َع إىل املن&رب‪ ،‬فص&احت النخل&ة ص&ياح الص&يب‪ ،‬مث ن&زل الن&يب ص&لى‬
‫اهلل علي &&ه وس &&لم فض &َّم ه إلي &&ه‪ ،‬تئُّن ‪ 25‬أنَني الص &&يب ال &&ذي ُيَس َّك ُن ‪ ،‬ق &&ال‪(( :‬ك &&انت تبكي‬
‫على ما كانت تسَمُع ِم ن الِّذ كِر عندها))؛ (البخاري حديث‪.)3584 :‬‬
‫‪ .10‬انقياد الشجر لنبينا صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪ 22‬جيلس على إليتيه ونصب ساقيه وفخذيه‬


‫‪ 23‬مجعه َم َذ اِنُب ‪ ،‬ويعين الَّذ َنُب الطويُل للحيوانات‬
‫‪ 24‬احلبل الذي يربط به النعل‬
‫‪ 25‬تأوه أملا‪ ،‬توجع‬

‫‪59‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫روى مس &&لم عن ج &&ابر بن عبداهلل ق &&ال‪ِ :‬س ْر نا م &&ع رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‬
‫ح &&ىت نزلن &&ا وادًي ا أفَيَح (واس& &ًعا)‪ ،‬ف &&ذهب رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم يقض &&ي‬
‫حاجته‪ ،‬فاتبعُته ب&إداوٍة (إن&اء) من م&اٍء ‪ ،‬فنظ&ر رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم فلم ي َر&‬
‫شيًئا يسترت ب&ه‪ ،‬ف&إذا ش&جرتان بش&اطئ ال&وادي (جانب&ه)‪ ،‬ف&انطلق رس&ول اهلل ص&لى اهلل‬
‫علي &&ه وس &&لم إىل إح &&دامها‪ ،‬فأخ &&ذ بُغص& &ٍن من أغص &&اهنا‪ ،‬فق &&ال‪(( :‬انق &&اِدي علَّي ب &&إذن‬
‫اهلل))‪ ،‬فانق&&ادت مع&&ه ك&&البعري ا ْخ ُش وِش (ع&&ود جيع&&ل يف أن&&ف البع&&ري ويش&&د في&&ه حب&&ل‬
‫ِن َمل‬
‫لي &&ذَّل وينق &&اد)‪ ،‬ال &&ذي ُيص &&ا ُع قائ &َد ه‪ ،‬ح &&ىت أتى الش &&جرة األخ &&رى‪ ،‬فأخ &&ذ بغص & من‬
‫ٍن‬
‫أغص &&اهنا‪ ،‬فق &&ال‪(( :‬انق &&ادي علَّي ب &&إذن اهلل))‪ ،‬فانق &&ادت مع &&ه ك &&ذلك‪ ،‬ح &&ىت إذا ك &&ان‬
‫با ْنَص ِف (عن &&د نص &&ف املس &&افة) مما بينهم &&ا‪َ ،‬أَلَم بينهم &&ا ‪ -‬يع &&ين مجعهم &&ا ‪ -‬فق &&ال‪:‬‬
‫َمل‬
‫((الَتِئَم ا علَّي ب&&إذن اهلل)) فالتأمَت ا‪ ،‬ق&&ال ج&&ابر‪ :‬فخ&&رجُت ُأحِض ُر (أع&&دو وأس&&عى س&&عًيا‬
‫ش &&ديًد ا)؛ خماف &َة أن ِحُي َّس رس &&وُل اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم بُق ْر يب فيبتع &&د‪ ،‬فجلس &&ت‬
‫أح&&دث نفس&&ي‪ ،‬فح&&انت م&&ين لفت&&ة (النظ&&رة إىل جنب)‪ ،‬ف&&إذا أن&&ا برس&&ول اهلل ص&&لى اهلل‬
‫عليه وسلم مقباًل ‪ ،‬وإذا الشجرتاِن قد افرتقتا‪ ،‬فق&امت ك&ل واح&دٍة منهم&ا على س&اٍق ؛‬
‫(مسلم حديث‪.)3012 :‬‬
‫‪ .11‬تسليم الحَج ر على نبِّينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى البخ &&ارُّي عن عبداهلل بن مس &&عود ق &&ال‪ :‬كن &&ا نُع ُّد اآلي &&اِت (املعج &&زات) برك& &ًة‪،‬‬
‫وأنتم تُعُّدوهنا ختويًف ا (ألجل التخويف)‪ ،‬كنا مع رسول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم يف‬
‫سفٍر ‪ ،‬فقَّل املاء‪ ،‬فقال‪(( :‬اطلبوا فضلًة من ماٍء ))‪ ،‬فجاؤوا بإناٍء فيه ماء قليل‪ ،‬فأدخل‬
‫ي&َد ه يف اإلن&&اء‪ ،‬مث ق&&ال‪َ(( :‬ح َّي على الَّطُه ور (تع&&اَلْو ا وتطَّه روا باملاء) املب&&اَر ِك ‪ ،‬والربك&ُة‬
‫ِم ن اهلل))‪،‬فلقد رأيُت املاء ينُبُع ِم ن بني أصابع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولقد‬
‫كنا نسَمُع تسبيح الطعام وهو يؤكل؛ (البخاري حديث‪.)3579 :‬‬
‫‪ .12‬كالم الشاِة المسمومة لنبينا صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪60‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫روى أب &&و داود عن أيب هري &&رة‪ ،‬ق &&ال‪ :‬ك &&ان رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم يقَب ُل‬
‫اهلدي &&ة‪ ،‬وال يأك &&ل الص &&دقَة‪ ،‬ح &&دثنا وهب بن بقي &&ة يف موض& &ٍع آخ &&ر عن خال& &ٍد‪ ،‬عن‬
‫حممد بن عمٍر و‪ ،‬عن أيب سلمة‪ ،‬ومل يذُك ْر أبا هري&رة ق&ال‪ :‬ك&ان رس&وُل اهلل ص&لى اهلل‬
‫عليه وسلم يقَبُل اهلدية‪ ،‬وال يأكل الصدقَة‪ ،‬زاد‪ :‬فأهَد ْت له يهوديٌة خبيرب شاًة َم ْص ِلَّيًة‬
‫(مش&&وية) َّمسْتها‪ ،‬فأك&&ل رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم منه&&ا‪ ،‬وأك&&ل الق&&وم‪ ،‬فق&&ال‪:‬‬
‫((ارَفع &&وا أي &&ديكم؛ فإهنا أخ ْت ين أهنا مس &&مومة))‪ ،‬فم &&ات ِبش &&ر بن ال &&رباء بن مع &&روٍر‬
‫َرب‬
‫األنص&&اري‪ ،‬فأرس&&ل الن&ُّيب ص&لى اهلل علي&&ه وس&&لم إىل اليهودي&&ة‪(( :‬م&&ا محل&ِك على ال&&ذي‬
‫صنعِت ؟))‪ ،‬ق&&الت‪ :‬إن كنت نبًّي ا‪ ،‬مل يض&&رك ال&&ذي ص&نعت‪ ،‬وإن كنت مِلًك ا أرحت‬
‫الناس منك‪ ،‬فأمر هبا رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فُقِتَلت‪ ،‬مث قال يف وَج ِعه ال&&ذي‬
‫ِم‬
‫م&&ات في&&ه‪(( :‬م&&ا زلُت أج &ُد ن األكل&&ة ال&&يت أكلت خبي&&رب؛ فه&&ذا أوان (وقت) قَطَعْت‬
‫َأْبَه ِر ي "ِع رق مرتبط بالقلب‪ ،‬إذا انقطع مات اإلنسان"))؛ (ح&&ديث حس&&ن ص&&حيح)‬
‫(صحيح أيب داود لأللباين حديث‪.)3784 :‬‬
‫‪ .13‬معجزة ريق نبينا صلى اهلل عليه وسلم‬
‫روى البخ& &&اري عن يزي& &&د بن أيب عبي & &ٍد ق& &&ال‪ :‬رأيت أَثَر ض& &&ربٍة يف س& &&اق س& &&لمة بن‬
‫األكوع‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أبا مسلٍم ‪ ،‬ما هذه الضربة؟ فقال‪ :‬هذه ضربة أصابتين يوم خي&&رب‪،‬‬
‫فق &&ال الن &&اس‪ :‬أص &&يب س &&لمُة‪ ،‬ف &&أتيت الن& &َّيب ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم (فنَف ث في &&ه ثالث‬
‫نفث &&اٍت (ري &&ق خفي &&ف)‪ ،‬فم &&ا اش &&تكيُتها (فم &&ا ت& &أَّلْم ُت منه &&ا) ح &&ىت الس &&اعة)؛ (رواه‬
‫البخاري)‬
‫إخبار في المستقبل ‪:‬‬
‫‪ .1‬إخبار نبِّينا صلى اهلل عليه وسلم عن ظهور اإلسالم وانتشاره‬
‫روى البخ &&اري عن خَّب اب بن األَر ِّت ‪ ،‬ق &&ال‪ :‬ش &&كونا إىل رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه‬
‫وس&&لم وه&&و متوِّس ٌد ب&&ردًة ل&&ه يف ظل الكعب&&ة‪ ،‬قلن&&ا ل&&ه‪ :‬أال تستنص&&ر لن&&ا‪ ،‬أال ت&&دعو اهلل‬
‫لنا؟ قال‪(( :‬كان الرجل فيمن قبلكم حُي َف ُر له يف األرض‪ ،‬فيجعل فيه‪ ،‬فيجاء باملنش&&ار‬

‫‪61‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫فيوضع على رأسه فيشق باثنتني‪ ،‬وما يصده ذل&ك عن دين&ه‪ ،‬وميش&ط بأمش&اط احلدي&د‬
‫ما دون حلمه من عظٍم أو عصٍب ‪ ،‬وما يصده ذلك عن دين&ه‪ ،‬واهلل لَيِتَّمَّن ه&ذا األم&ُر ‪،‬‬
‫ح& &&ىت يس& &&ري ال& &&راكب من ص& &&نعاء إىل حض& &&رموت‪ ،‬ال خياف إال اهلل‪ ،‬أو ال& &&ذئب على‬
‫غَنِم ه‪ ،‬ولكنكم تستعجلون))؛ (البخاري حديث‪.)3612 :‬‬
‫‪ .2‬إخبار نبينا صلى اهلل عليه وسلم بموت النجاشي ملك الحبشة‬
‫روى الشيخان عن جابر بن عبداهلل رضي اهلل عنهما‪ ،‬قال‪ :‬ق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه‬
‫وس&&لم حني م&&ات النجاش&&ي‪(( :‬م&&ات الي&&وم رج&ٌل ص&&احل‪ ،‬فقوم&&وا فص&ُّلوا على أخيكم‬
‫أصحمة‪))26‬؛ (البخاري حديث‪ /3877 :‬مسلم حديث‪.)952 :‬‬
‫‪ .3‬إخبار نبينا صلى اهلل عليه وسلم باستشهاد بعض الصحابة في حياته‬
‫روى البخ &&اري عن أنس بن مال &ٍك رض &&ي اهلل عن &&ه‪ ،‬ق &&ال‪ :‬ق &&ال الن &&يب ص &&لى اهلل علي &&ه‬
‫وس&&لم‪(( :‬أخ&&ذ الراي &َة زي&&د (ابن حارث&&ة)‪ ،‬فأص&&يب (ُقت&&ل)‪ ،‬مث أخ&&ذها جعف&&ر (ابن أيب‬

‫ط &&الب) فأص &&يب (قت &&ل)‪ ،‬مث أخ &&ذها عبداهلل بن رواح &&ة فأص &&يب (قت &&ل) ‪ -‬وإن عيْيَن‬
‫رس&ول اهلل ص&لى اهلل علي&ه وس&لم لت&ذرفاِن ‪ -‬مث أخ&ذها خال&د بن الولي&د من غ&ري إم&رٍة‬
‫(تأمري من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال من اجلند معه) ففتح ل&&ه))؛(البخ&&اري‬
‫حديث‪.)1246 :‬‬

‫عذاب قوم نوح و لوط و عاد و ثمود‬


‫لطفي ألفجريايت سفتريين و ماهرة مطمئّنة‬

‫‪ 26‬ملك احلبشة يف عهد النيب حممد صلى اهلل عليه وسلم‬

‫‪62‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫عذاب قوم نوح‬


‫وفًق ا للقرآن الك&رمي‪ ،‬فاهلل ع&ز وج&ل أهل&ك ق&وم ن&وح بالطوف&ان‪ ،‬حيث ق&ال اهلل يف كتاب&ه‬
‫ٍة ِإاَّل ِس‬ ‫ِإ ِم ِه ِب ِف ِه‬
‫العزي&&ز‪َ" :‬و َلَق ْد َأْر َس ْلَنا ُنوًح ا ىَل َقْو َفَل َث ي ْم َأْل َف َس َن ْمَخ َني َعاًم ا َفَأَخ َذ ُه ُم‬
‫الُّطوَفاُن َو ُه ْم َظاِلُم وَن *َفَأَجْنْيَناُه َو َأْص َح اَب الَّس ِف يَنِة َو َجَعْلَناَه ا آَيًة ِلْلَعاَلِم َني "‪.‬‬

‫وأم &&ر اهلل نبي &&ه ببن &&اء س &&فينة عظيم &&ة مص &&نوعة من خش &&ب الص &&نوبر‪ ،‬وتتك &&ون من‬
‫ثالث&&ة طواب&&ق‪ ،‬حيث محل يف القس&&م األرض&ي احليوان&&ات‪ ،‬ومحل يف القس&&م الث&&اين املؤم&&نني‬
‫من البش&ر مع&ه‪ ،‬ومحل يف القس&م الث&الث الطي&ور‪ .‬عن&د ظه&ور عالم&ة الطوف&ان لن&وح علي&ه‬
‫الس &&الم وهي ف &&وران التن &&ور‪ ،‬محل على منت الس &&فينة من ك &&ل حيوان &&ات األرض زوجني‬
‫وأهله ما عدا زوجته اليت كانت ختونه‪ ،‬فقد كانت خترب جب&&ابرة ق&&وم ن&&وح عن&&د إميان أي‬
‫شخص من القوم برسالة النيب نوح‪ ،‬حيث كانوا يعذبون املؤمنني ويقتلوهم‪.‬‬

‫إض &&افة إىل أح &&د أبنائ &&ه ال &&ذي ك &&ان يب &&دي اإلميان باهلل أم &&ام س &&يدنا ن &&وح علي &&ه‬
‫الس&&الم‪ ،‬وخيفي كف&&ره وكره&&ه هلل‪ ،‬ف&&أىب أن يص&&عد للس&&فينة عن&&دما طلب من&&ه الن&&يب ن&&وح‬
‫ذل &&ك‪ ،‬كم &&ا ص &&عد ع &&دد قلي &&ل من قوم &&ه ال &&ذين آمن &&وا ب &&ه‪ ،‬وال &&ذين ق &&در ع &&ددهم بثم &&انني‬
‫مؤمن&ًا‪ .‬وب&&دأ أم&&ر اهلل ب&&إهالك ق&&وم ن&&وح الك&&افرين‪ ،‬فب&&دأت الس&&ماء هتط&&ل أمط&&ارًا غزي&&رة‪،‬‬
‫وانفج &&رت عي &&ون األرض‪ ،‬وارتفعت املي &&اه حامل& &ًة معه &&ا س &&فينة ن &&وح‪ .‬وبقيت الس &&فينة‬
‫جتري يف املاء ملدة مئ&&ة ومخس&&ني يوم &ًا‪ ،‬ح&&ىت هل&&ك املش&&ركون مجيع &ًا‪ ،‬فأرس&&ل الن&&يب ن&&وح‬
‫محامة لتمرغ قدميها يف الطني ومحلت له غصن زيت&ون‪ .‬فعن&دما رأى ه&ذا ع&رف أن املاء‬
‫‪27‬‬
‫احنسر‪ ،‬واستقرت السفينة على جبل اجلودي بعد أن هلك قوم نوح الكفار مجيعًا‪.‬‬

‫‪" 27‬مبا أهلك اهلل قوم نوح؟"‪ ،‬املغربية‪ ،‬أخبارنا‪،2017 ،‬‬


‫‪.https://www.akhbarona.com/religion/224019.html#ixzz8IIECd88p‬‬

‫‪63‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫عذاب قوم عاد‬


‫ا كّذ ب قوم عاد رسوهلم وسخروا منه ورفضوا اإلذعان لدعوة اهلل تعاىل‬
‫ّمل‬
‫واخلض&&وع ل&&ه كم&&ا أخ&&رب س&&بحانه يف الق&&رآن الك&&رمي‪( :‬وِتْل َك اٌد ُد وا ِبآ اِت ِهِّب‬
‫َي َر ْم‬ ‫َع َجَح‬
‫َو َعَص ْو ا ُرُس َلُه َو اَّتَبُعوا َأْم َر ُك ِّل َج َّباٍر َعِنيٍد )‪ ،‬سورة هود‪ ،‬آية‪.59 :‬‬

‫ش&&اء اهلل أن ي&&نّز ل عليهم الع&&ذاب‪ ،‬فك&&ان ع&&ذاهبم كم&&ا أخ&&رب الق&&رآن ب&&الّر يح ال&&يت‬
‫أرس &&لها اهلل ع &&ز وج &&ل عليهم‪ ،‬حيث أمس &&ك اهلل تع &&اىل املط &&ر عنهم ف &&رتة من ال &&زمن حىّت‬
‫أج& &&دبت أرض& &&هم وص& &&اروا ينتظ& &&رون املط& &&ر ويرتّقبون& &&ه‪ ،‬حينه& &&ا س& &&اق اهلل إليهم س &&حابًة‬
‫أخذت باالقرتاب منهم‪ ،‬فلما رأوها ظّنوا أّن املطر ق&&د أقب&&ل‪ ،‬وفرح&&وا واستبش&&روا ب&&ذلك‬
‫حىّت إهّن م ق &&الوا‪َ( :‬ه َذ ا َع اِر ٌض ْمُمِط ُر َن ا)‪ ،‬س &&ورة األحق &&اف‪ ،‬آي &&ة‪ .24 :‬إال أن اهلل تع &&اىل‬
‫وّض ح أن تل&&ك الس&&حابة مل تكن مط&رًا كم&&ا ظن&&وا وإمنا ع&&ذابًا من عن&&ده‪ ،‬وذل&&ك يف قول&&ه‬
‫‪28‬‬
‫تعاىل‪َ( :‬بْل ُه َو َم ا اْس َتْع َج ْلُتم ِبِه ِر يٌح ِفيَه ا َعَذ اٌب َأِليٌم) ‪-‬سورة األحقاف‪-24 :‬‬
‫‪29‬‬
‫عذاب قوم لوط‬

‫ن &&زل جربي &&ل ‪-‬علي &&ه الس &&الم‪ -‬إىل ق &&وم ل &&وط ليع& &ّذ هبم‪ ،‬فق &&ام بض &&رب وج &&وههم‬
‫جبناحه ضربًة ُطمست فيها أعينهم‪ ،‬واحتم&ل جربي&&ل ‪-‬علي&&ه الس&&الم‪ -‬م&&دائنهم ح&ىت مسع‬
‫أهل السماء الدنيا َنْبح ِكالهبم‪ ،‬مث قلبها عليهم‪ ،‬وأمطر عليهم حجارًة من س&&جيل‪ ،‬ق&&ال‬
‫اهلل ‪-‬تع &&اىل‪ -‬واص &&فًا ذل &&ك‪َ﴿ :‬فَلَّم ا َج اَء َأْم ُر َن ا َجَعْلَن ا َعاِلَيَه ا َس اِفَلَه ا َو َأْم َطْر َن ا َعَلْيَه ا‬
‫ِح َج اَر ًة ِم ْن ِس ِّج يٍل َم ْنُض وٍد﴾‪ ،‬والس &&جيل ه &&و الطني‪ ،‬إاّل أّن لوًط ا ق &&د جنا م &&ع أهل &&ه إاّل‬
‫امرأته كانت من اهلالكني‪ .‬كما ُعّذ بوا بالص&&يحة‪ ،‬لقول&&ه ‪-‬تع&&اىل‪َ﴿ :-‬فَأَخ َذ ْتُه ُم الَّص ْيَح ُة‬
‫ُمْش ِر ِقَني ﴾‪ ،‬واملراد بالَّص يحة‪ :‬العذاب الذي ُيرافقه ص&وت ع&ايل وم&زعج‪ ،‬ويف اآلي&ة بي&اٌن‬
‫ب&&أَّن الع&&ذاب ك&&ان يف وقت ش&&روق الش&&مس‪ .‬ومدين&&ة ق&&وم ل&&وط واقع&ٌة على طري&&ق ميّر ب&&ه‬
‫‪ 28‬عبد العزيز بن أمحد الغامدي‪" ،‬قصة عاد يف القرآن"‪ ،‬د‪.‬ت ‪.www.alukah.net‬‬
‫‪ 29‬لينا عمرية‪" ,‬ما هو عذاب قوم لوط"‪ ,‬موضوع‪/https://mawdoo3.com ,2021 ,‬ما_هو_عذاب_قوم_لوط‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫الناس حىت يومن&ا ه&ذا‪ ،‬وذل&ك ح&ىت يعت&ربوا ويت&ذكروا‪ ،‬ق&ال اهلل تع&اىل‪َ﴿ :‬و ِإَّنُك ْم َلَتُم ُّر وَن‬
‫َعَلْيِه ْم ُمْص ِبِح َني * َو ِبالَّلْيِل ﴾‬

‫عذاب قوم ثمود‬


‫كّذ ب قوم مثود بدعوة ن&&بّيهم ص&&احل ‪-‬علي&&ه الّس الم‪ -‬فاس&&تحّق وا الع&&ذاب واهلالك‬
‫من اهلل ‪-‬تع &&اىل‪ ،-‬ف &&أهلكهم اهلل ‪-‬ع &&ز وج &&ل‪ -‬بص &&اعقٍة ن &&زلت عليهم‪ ،‬ف &&أهلكتهم عن‬
‫بك& &&رة أبيهم‪ ،‬ق& &&ال اهلل ‪-‬تع& &&اىل‪ -‬يف س& &&ورة فص& &&لت‪َ﴿ :‬و َأَّم ا ُمَثوُد َفَه َد ْيَناُه ْم َفاْس َتَح ُّبوا‬
‫اْلَعَم ٰى َعَلى اُهْلَد ٰى َفَأَخ َذ ْتُه ْم َص اِعَقُة اْلَع َذ اِب اُهْلوِن َمِبا َك اُنوا َيْك ِس ُبوَن ﴾‪ ،‬وذل&&ك ألهّن م‬
‫اقرتفوا ذنوبًا وكبائر عظيمة‪ ،‬وعَص وا نيب اهلل‪ .‬وقد جاء ذكر عذاهبم يف موضع آخر من‬
‫آي&&ات الق&&رآن الك&&رمي‪ ،‬فق&&ال اهلل ‪-‬تع&&اىل‪ -‬فيهم‪َ﴿ :‬فَأَّم ا ُمَثوُد َف ُأْه ِلُك وْا ِبالَّطاِغَي ِة﴾‪ ،‬وق&&د‬
‫تب& &&اينت أق& &&وال العلم &&اء واملفّس رين يف تفس& &&ريهم لكلم &&ة الطاغي& &&ة على النح &&و اآليت‪ :‬إن‬
‫املقص &&ود بالّطاغي &&ة أهّن ا جتاوزت احلّد ‪ ،‬أي إّن اهلل ‪-‬تع &&اىل‪ -‬أرس &&ل عليهم ص &&يحة بلغت‬
‫مبلغه&&ا من الق &ّو ة والش &ّد ة‪ ،‬وقي&&ل إّن اهلل ‪-‬تع&&اىل‪ -‬أرس&&ل عليهم رجف&&ة جتاوزت ح &ّد ها‪.‬‬
‫إّن املقص &&ود بالّطاغي &&ة أّن اهلل ‪-‬تع &&اىل‪ -‬أهلكهم بس &&بب طغي &&اهنم واق &&رتافهم ال &&ذنوب‪ .‬إّن‬
‫املراد بالّطاغي&&ة هم اجلماع&&ة اّل ذين عَص وا أم&&ر الرس&&ول من ق&&وم مثود‪ ،‬وهم ال&&ذين ت&&آمروا‬
‫على عق&&ر الناق&&ة وخّطط&&وا هلا‪ ،‬فيك&&ون م&&راد اهلل ‪-‬تع&&اىل‪ -‬من اآلي&&ة أّن ه أهل&&ك ق&&وم مثود‬
‫بس&&بب ط&&واغيتهم وأفع&&اهلم الش&&نيعة‪ .‬ق&&د يك&&ون املقص&&ود بقول&&ه "الطاغي&&ة" ه&&و الش&&خص‬
‫ال&ذي أق&دم على قت&ل الناق&ة‪ ،‬ولكّن الّلف&ظ أطل&ق عليهم مجيعهم؛ وذل&ك ألهّن م أق&ّر وا علي&ه‬
‫فعل&&ه وارتض&&وه‪ .‬س&&بب ع&&ذاب مثود ق&&وم الن&&يب ص&&احل طلب مثود من ن&&بّيهم ص&&احل ‪-‬علي&&ه‬
‫الّس الم‪ -‬آي&&ة ومعج&&زة؛ تك&&ون دليًال على ص&&دقه‪ ،‬ف&&أخرج اهلل ‪-‬تع&&اىل‪ -‬هلم ناق&&ة عظيم&&ة‬
‫من الص &&خر‪ ،‬وأم &&رهم ن &&بّيهم أن ال ميّس وها بس &&وء‪ ،‬وأن يرتكوه &&ا تأك &&ل وتش &&رب‪ ،‬وق &&د‬
‫حّد د اهلل ‪-‬تعاىل‪ -‬هلم يوم تشرب منه الناق&ة‪ ،‬وم&ا تبّق ى من أي&ام يك&ون هلم‪ .‬ق&ال اهلل ‪-‬‬
‫تع&&اىل‪َ﴿ :-‬ه ِذِه َناَقٌة َهَلا ِش ْر ٌب َو َلُك ْم ِش ْر ُب َيْو ٍم َم ْع ُل وٍم ﴾‪ ،‬ولكّنهم مل يؤمن&&وا‪ ،‬وأرادوا‬

‫‪65‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أن جيعل &&وا املاء هلم فق &&ط يف األي &&ام كّله &&ا‪ ،‬فجعل &&وا يت &&آمرون فيم &&ا بينهم‪ ،‬واجتم &&ع تس &&عة‬
‫أفراد منهم وترّص دوا للّناقة فعقروا ناقة صاحل‪ ،‬فاس&&تحّقوا الع&&ذاب الس&&احق من اهلل‪ ،‬ق&&ال‬
‫اهلل ‪-‬تعاىل‪َ﴿ :-‬فَك َّذ ُبوُه َفَعَق ُر وَه ا َفَد ْم َد َم َعَلْيِه ْم َر ُّبُه ْم ِبَذ ْنِبِه ْم َفَس َّو اَه ا﴾‪ .‬معلوم&&ات عن‬
‫مثود ق&وم الن&يب ص&احل ق&وم مثود هم أق&وام من الع&رب‪ ،‬ويع&ود نس&بهم إىل س&ام بن ن&وح ‪-‬‬
‫عايه الّس الم‪ ،-‬وقد سكنوا شبه اجلزيرة العربّية‪ ،‬وّمُسوا بذلك؛ لقّل ة املاء عن&دهم‪ ،‬ونس&بة‬
‫إىل رج& &ٍل عزي &&ز منهم ُي دعى هبذا االس &&م‪ ،‬وق &&د َس َك نوا يف وادي الق &&رى‪ ،‬وامت& &ّد وا حنو‬
‫الساحل وأطراف بالد الشام‪ ،‬وقد كانوا يتمّيزون بطول أعمارهم‪ ،‬وعظمة أجسادهم‪،‬‬
‫وقوة بنيتهم اجلسدّية‪ ،‬ولذلك قاموا بنحت اجلبال‪ ،‬وحتويلها إىل بيوت فارهة‪.‬‬

‫الجو و أحوال أهل الجنة‬


‫نبيلة حصيفة و ندى أولياء الزهراء‬

‫‪66‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪30‬‬
‫كيف يعيش اإلنسان في الجنة؟‬

‫يعيش املؤمن يف الدنيا حبال خمتلف عن عيشه يف اجلنة‪ .‬يعيش اإلنسان يف اجلنة حياة‬
‫خال&&دة بال م&&وت؛ إن أب&&رز البش&&ائر ال&&يت بش&&ر هبا املؤمن&&ون أن اجلن&&ة دار اس&&تقرار و خل&&ود‬
‫ال موت فيها أبدا‪ .‬إذا قال تعاىل يف س&&ورة ال&&دخان ‪ ﴿ 56 :‬ال ي&&ذوقون فيه&&ا املوت إال‬
‫املوت&&ة األوىل و وق&&اهم ع&&ذاب اجلحيم ﴾ و يق&&ال أله&&ل اجلن&&ة خل&ودا ال م&&وت و ال تعب‬
‫و ال شقاء و ال ملل يف اجلنة‪.‬‬

‫‪-‬اجلنة دار ال تف&ىن؛ دار البق&اء ال دار الفن&اء‪ .‬فك&ان ه&ذا وع&د من اهلل بالبق&اء يف اجلن&ة أب&دا‬
‫مث أن ال خيرج&&وا منه&&ا ب&&أي ح&&ال من أح&&وال ﴿ ال ميس&&هم فيه&&ا و ال نص&&ب و م&&ا هم‬
‫منها مبجرمني ﴾ (احلجر ‪)48 :‬‬
‫‪-‬اجلن& &&ة دار م& &&أمن و أم& &&ان من أي نقص أو حرم& &&ان ( فق& &&ر )؛ ف& &&إن يف اجلن& &&ة ال حيرم من‬
‫حاج&&ة و ال ينقص&&ه ش&&يء إذ يكفي&&ه أن ي&&دعو اهلل مبا يش&&اء فيأتي&&ه ب&&إذن اهلل ﴿ ي&&دعون‬
‫فيها بكل فاكهة آمنني ﴾ (الدخان ‪)55 :‬‬
‫‪-‬اجلن&&ة دار ال خ&&وف فيه&&ا و ال ف&&زع؛ بّش ر اهلل املتقني بنعم&&ة األم&&ان سيحص&&لون عليه&&ا يف‬
‫اجلنة ﴿ ادخلوها بسالم آمنني ﴾ (احلجر‪)46:‬‬
‫‪-‬اجلنة دار ال نصب فيها و ال تعب؛ النصب هو التعب و الشقاء‬
‫‪-‬اجلن&ة دار ال ن&وم فيه&ا و ال ج&وع و ال عطش و ال حاج&ة للتغ&وط؛ فأفع&ال أه&ل اجلن&ة ال‬
‫تش &&به أفع &&ال أه &&ل ال &&دنيا يف ش &&يء‪ ،‬و ال حيت &&اجون من أفع &&ال طبيعي &&ة‪ .‬ق &&د أخربن &&ا عن‬
‫ذلك رسول اهلل ﷺ قائال (( أول زم&رة تلج اجلن&&ة ص&ورهتم على ص&ورة القم&ر‬
‫ليلة البدر‪ ،‬ال يبصقون فيها و ال ميتخطون و ال يتغوطون)) رواه البخاري و املسلم‬

‫‪ 30‬طالل مشعل‪" ،‬كيف يعيش اإلنسان يف اجلنة"‪ ،‬موضوع‪،2021 ،‬‬


‫‪/https://mawdoo3.com‬كيف_يعيش_اإلنسان_يف_اجلنة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪-‬اجلنة دار جزاء و نعيم ال دار تكليف؛ إن اجلنة ميسرة لراحة أصحاهبا فال يكلف&ون فيه&ا‬
‫بأي تكاليف و يس&بحون اهلل بك&رة و عش&ية من حبهم ل&ه ق&ال الن&يب ﷺ عنهم‬
‫أهنم (( يلهمون التسبيح و التكبري كما تلهمون النفس )) رواه املسلم‬
‫‪-‬يف اجلن&&ة س&&وقا كم&&ا يف ال&&دنيا س&&وقا؛ و ه&&ذا تش&&بيه للوج&&ود ب&&الوجود ال يل&&زم من ذل&&ك‬
‫املماثل &&ة املش &&اهبة من ك &&ل وج &&ه ‪ :‬عن أنس بن مال &&ك رض &&ي اهلل عن &&ه أن رس &&ول اهلل‬
‫ﷺ قال (( إن يف اجلنة سوقا يأتوهنا كل مجعة فتهب ريح الشمال فتحت يف‬
‫وج& &&وههم و ثي& &&اهبم ف& &&يزدادون حس& &&نا و مجاال و يرجع& &&ون إىل أهلهم و ق& &&د ازدادوا‬
‫حسنا و مجاال فيقول هلم أهلهم و اهلل لقد ازددمت حسنا و مجاال فيقول&&ون ‪ :‬و أنتم و‬
‫اهلل لقد ازددمت بعدنا حس&نا و مجاال )) رواه مس&لم‪ .‬و مع&ىن ( يأتوهنا ك&ل مجع&ة ) يف‬
‫مقدار كل اجلمعة ‪ /‬يقدر الوقت بأسبوع جيتمعون الناس فيها ال يف يوم معني‬
‫‪ -‬أن يف اجلنة زرعا؛ و ذلك البذر منه و هذا أحسن أن تكون األرض معمورة بالش&جر و‬
‫ال&&زرع‪ .‬عن أيب هري&&رة رض&&ي اهلل عن&&ه أن الن&&يب ﷺ ك&&ان يوم&&ا حيدث و عن&&ده‬
‫رج&&ل من أه&&ل البادي&&ة ‪ :‬أن رجالن من أه&&ل اجلن&&ة اس&&تأذن رب&&ه يف ال&&زرع فق&&ال ل&&ه ‪:‬‬
‫ألس&&ت فيم&&ا ش&&ئت ؟ ق&&ال ‪ :‬بلى‪ ،‬و لكن&&ين أحب أن أزرع ق&&ال فب&&ذر فب&&ادر الط&&رف‬
‫نباته و استواءه و استحصاده فكان أمثل اجلبل يقول اهلل ‪ :‬دونك ي&&ا ابن أدام فإن&&ه ال‬
‫يش&&بعك ش&&يء فق&&ال األع&&رايب ‪ :‬و اهلل ال جتده إال قريش&&يا أو أنص&&اريا ف&&إهنم أص&&حاب‬
‫زرع و أم حنن فلسنا بأصحاب الزرع فضحك النيب ﷺ )) رواه البخاري‪.‬‬

‫الخدمات ألهل الجنة‬


‫ناضرة فريوزنا و نساء فاطماوايت‬

‫‪68‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫إن اهلل س &&بحانه و تع &&اىل أمت نعمت &&ه على أه &&ل اجلن &&ة و أعط &&اهم ك &&ل ش &&يء و من‬
‫مجلتها املضيفون الذين خيدموهنم و بأعلى كيفي&&ة‪ .‬و لق&&د حتدث الق&&رآن الك&&رمي يف آي&&ات‬
‫عديدة عن (( الغلم&ان )) و (( الول&دان املخل&دون )) و وص&فهم بأمجل األوص&اف‪ .‬فق&د‬
‫ج &&اء تعب &&ري (( غلم &&ان ))يف قول &&ه تع &&اىل ﴿۞َو َيُط وُف َعَلۡي ِه ۡم ِغۡل َم ان‪ُ ٞ‬هَّلۡم َك َأَّنُه ۡم ُلۡؤ ُل ؤ‪ٞ‬‬
‫ون ‪ [ ﴾٢٣‬الـطور‪ ]23-23:‬تعب &&ري (يط &&وف) م &&ع مالحظ &&ة كون &&ه فع &&ل مض &&ارع‬ ‫َّم ۡك ُن ‪ٞ‬‬
‫يفيد ( االستمرار ) دليل على أن طوافهم حول أهل اجلنة طواف دائمي‪.‬‬

‫(لؤل&&ؤ املكن&&ون) ‪ :‬وص&&ف للخدم&&ة‪ ,‬فهم يف حس&&نهم و ص&&باحتهم و ص&&فائهم و‬


‫بياض &&هم ك &&اللؤلؤ املص &&نون‪ .‬تعب &&ري ب( هلم ) ي &&دل على أن لك &&ل واح &&د من أه &&ل اجلن &&ة‬
‫خ&&دما خاص&&ني ب&&ه و قي&&ل ليس على الغلم&&ان مش&&قة يف خدم&&ة أه&&ل اجلن&&ة ب&&ل هلم يف ذل&&ك‬
‫اللذة و السرور إذا ليست تلك الدار دار حمنة‪ .‬قال القرطيب يف جامعة ‪ :‬خيدمهم ول&&دان‬
‫خمل &&دون؛ ف &&إهنم أخ &&ف يف اخلدم &&ة مث ق &&ال املخل &&دون‪ ،‬أي ‪ :‬ب &&اقون على م &&ا هم علي &&ه من‬
‫الشباب و احلسن‪ .‬و ال يتغرّي ون و يكونون على سن واحدة على مر األزمنة‪.‬‬

‫و ذك &&ر الق &&رآن تعب &&ريا آخ &&ر خبص &&وص اخلدم و ه &&و (( ول &&دان )) ق &&ال تع &&اىل ‪:‬‬
‫﴿َيُط وُف َعَلۡي ِه ۡم ِو ۡل َٰد ن َخُّمَّل ُد وَن ‪ِ ١٧‬ب َأۡك َو اب َو َأَب اِر يَق َو َك ۡأ س ِّم ن َّم ِعني ‪﴾١٨‬‬
‫[ الواقيـة‪ ]18-17:‬و ((ول &&دان)) مجع ولي &&د مبع &&ىن الغالم‪ .‬و تعب &&ري (املخل &&دون) إش &&ارة‬
‫إىل بق &&ائهم على ح &&اهلم فيبق &&ون ص &&غار دائم &&ا ال يك &&ربون‪ .‬و لق &&د ورد نفس ه &&ذا التعب &&ري‬
‫بتوضيح أكثر و ألطف‪ ,‬و قال تع&&اىل ‪َ۞﴿ :‬و َيُطوُف َعَلۡي ِه ۡم ِو ۡل َٰد ن َخُّمَّل ُد وَن ِإَذا َر َأۡي َتُه ۡم‬
‫َح ِس ۡب َتُه ۡم ُلۡؤ ُلؤا َّم نُثورا ‪ [ ﴾١٩‬اإلنسان‪ .]19-19:‬و هذا ش&&اهد آخ&&ر أن املرار من (‬
‫ول&دان ) ه&و ( الغلم&ان ) ال&ذين وص&فهت هم االي&ات الس&ابقة ب (( لؤل&ؤ مكن&ون )) و‬
‫هنا وصفت هم االية ب (( لؤلؤ منثورا ))‬

‫‪69‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ولق& &&د ج& &&اء بص& &&يغة املب& &&ين للمجه& &&ول يش& &&ري إىل املض& &&يفني يف اجلن& &&ة‪ .‬ق& &&ال تع &&اىل‬
‫﴿ُيَط اُف َعَلۡي ِه م ِبَك ۡأ س ِّم ن َّم ِعي ‪ [ ﴾٤٥‬الّص اّفات‪ .]45-45:‬ولق &&د ورد ش &&بيه ه &&ذا‬
‫املع&ىن بش&يء من التف&اوت ك&دليل على تن&وع املوائ&د يف اجلن&ة يف قول&ه تع&اىل ﴿و َو ُيَطاُف‬
‫َعَلْيِه م ِبآِنَي ٍة ِّم ن ِفَّض ٍة َو َأْك َو اٍب َك اَنْت َقَو اِر يَر ا ‪ [ ﴾١٥‬اإلنس &&ان‪ ]15 :‬و بتعب &&ري آخ &&ر‬
‫قوله تعاىل ﴿ُيَطاُف َعَلۡي ِه م ِبِص َح اف ِّم ن َذَه ب َو َأۡك اب َو ِفيَه ا َم ا َتۡش َتِه يِه ٱۡل َأنُف َو َتَل ُّذ‬
‫ُس‬ ‫َو‬
‫ٱۡل َأۡع ُي َو َأنُتۡم ِفيَه ا َٰخ ِل ُد وَن ‪[ ﴾٧١‬الزخ&رف‪ (( ]71-71:‬ص&حاف )) مجع ص&حفة و‬
‫على ق &&ول الزخمش &&ري ( طب &&ق م &&ا ج &&اء يف مص &&باح اللغ &&ة ) ‪ :‬إن &&اء مس &&تطيل ( كب &&ري ) و‬
‫(( أك &&واب )) مجع ك &&وب و ه &&و إن &&اء للش &&رب ال ع &&روة في &&ه ق &&د يع &&رب عن &&ه ب(الق &&دح)‬
‫أحيانا‬

‫هل الولدان المخلدون هم أطفال المسلمين ماتو في صغار ؟‬


‫ق&&ال ابن تيمي&&ة رمحه اهلل‪ .‬فق&&د س&&ئل رمحه اهلل عن الول&&دان ‪ :‬ه&&ل هم ول&&دان أه&&ل‬
‫اجلنة ؟ فأجاب‪ :‬الولدان الذين يطوفون على أهل اجلنة خلق من خل&&ق اجلن&&ة ليس&&و بأبن&&اء‬
‫أه&&ل ال&&دنيا ب&&ل أبن&&اء أه&&ل ال&&دنيا إذا دخل&&وا اجلن&&ة يكم&&ل حلقهم كأه&&ل اجلن&&ة على ص&&ورة‬
‫آدم أبناء ثالثني سنة يف طول سنني ذراع و قد روى أيضا أن العرض سبعة أزرع‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫تسبيح المخلوقات في القرآن‬


‫نور ثقيلة و نور مشسية أرض اهلل‬
‫فهم التسبيح‬
‫التس &&بيح لغ &&ة‪ :‬مص &&در س& &َّبح‪.‬أَّم ا التس &&بيح يف اص &&طالح املفس &&رين‪ ،‬فق &&د ُع ِّر ف‬
‫بتع&&اريف عدي&&دة؛ وأمجع تعري&&ف ل&&ه أَّنه‪« :‬تنزي&&ه اهلل تع&&اىل اعتق&&ادًا وق&&وًال وعمًال عَّم ا ال‬
‫يليق جبنابه»‪.‬‬
‫التسبيح في القران وكيفيته‬
‫تسبيح املخلوقات‬

‫‪ .١‬تسبيح المالئكه عليهم السالم‬

‫﴿ُيَس ِّبُح وَن الَّلْيَل َو الَّنَه اَر اَل َيْف ُتُر وَن ﴾ ‪-‬األنبياء‪-20 :‬‬ ‫‪‬‬
‫﴿َفِإِن اْس َتْك َبُر وا َفاَّلِذيَن ِعْنَد َر ِّبَك ُيَس ِّبُح وَن َلُه ِبالَّلْي ِل َو الَّنَه اِر َو ُه ْم اَل َيْس َأُموَن ﴾‬ ‫‪‬‬
‫‪-‬فّص لت‪-38:‬‬
‫﴿اَّلِذيَن ْحَيِم ُلوَن اْلَعْر َش َو َمْن َحْو َلُه ُيَس ِّبُح وَن َحِبْم ِد َر ِهِّبْم َو ُيْؤ ِم ُن وَن ِبِه َو َيْس َتْغِف ُر وَن‬ ‫‪‬‬
‫ِلَّل ِذيَن آَم ُن وا َر َّبَن ا َو ِس ْعَت ُك َّل َش ْي ٍء َر َمْحًة َو ِعْلًم ا َف اْغ ِف ْر ِلَّل ِذيَن َت اُبوا َو اَّتَبُع وا‬
‫َس ِبيَلَك َو ِقِه ْم َعَذ اَب اَجْلِح يِم ﴾ ‪-‬غافر‪-7:‬‬
‫ِإ َّل‬ ‫ِف ِل يِف‬ ‫ِد ِهِّب‬ ‫ِئ‬
‫﴿َو اْلَم اَل َك ُة ُيَس ِّبُح وَن َحِبْم َر ْم َو َيْس َتْغ ُر وَن َمْن اَأْلْر ِض َأاَل َّن ال َه ُه َو‬ ‫‪‬‬
‫اْلَغُفوُر الَّر ِح يُم﴾ ‪-‬الشورى‪-5:‬‬
‫﴿َو ْحَنُن ُنَس ِّبُح َحِبْم ِدَك َو ُنَق ِّد ُس َلَك ﴾ ‪-‬البقرة‪-30 :‬‬ ‫‪‬‬

‫ان الذين عند ربك ال يستكربون عن عبادته ويسبحون وله يسجدون‬

‫((تس&&بيحهم حبم&د اهلل واس&&تغفارهم للمؤم&&نني)) رواه الرتم&&ذي وابن ماج&ه عن أيب‬ ‫‪‬‬
‫ذر‪ .‬عن الن&&يب م&&ا فيه&&ا موض&&وع أرب&&ع أص&&ابع إال ومل&&ك واض&&ع جهبت&&ه س&&اجدا هلل‬

‫‪71‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ف &&اذا ج &&اءت القيام &&ه ق &&اموا فق &&الوا ‪ :‬س &&بحانك م &&ا عب &&دناك ح &&ق عبادت &&ك ينفه &&ون‬
‫ويقدسون ويصلون مطيعني هلل حاملني رهبم‪.‬‬
‫ِخ ِم ِن ِم ِل ِك‬ ‫ِغ‬
‫‪َ﴿ ‬قاُلوا ُس ْبَح اَنَك َم ا َك اَن َيْنَب ي َلَن ا َأْن َنَّت َذ ْن ُدو َك ْن َأْو َي اَء َو َل ْن َم َّتْع َتُه ْم‬
‫َو آَباَءُه ْم َح ىَّت َنُس وا الِّذ ْك َر َو َك اُنوا َقْو ًم ا ُبوًر ا﴾ ‪-‬الفرقان‪-18 :‬‬
‫خيتلف العلماء وأهل التأويل يف تفسري هذه اآلي&ة‪ ،‬فّس ر ابن مس&عود وابن عب&اس‪:‬‬
‫ص&&الهتم ومن&&ه قول&&ه تع&&اىل ‪ :‬فل&&وال أن&&ه ك&&ان من املس&&بحني (الص&&فات)‪ .‬قي&&ل ‪ :‬رف&&ع‬
‫الصوت بذكر قاله املفضل واستشهد القول جرير سبح احلجيج وكربوا هالال‪.‬‬
‫‪ .2‬تسبيح الرسول‬

‫االملاين عليكن بالتس & &&بيح والتهلي & &&ل‪ ،‬والتقديس& & &&ي وعق & &&دنا باالن & &&ام فان & &&ه مس & &&ؤوالت‬
‫مس &&تنطقات وال تغف &&ر لن &&ا فتنس &&ينا ال &&رمحن‪ .‬ي &&ا ددن &&ا ع &&رض م &&رات التس &&بيح‪ :‬بعق &&دها او‬
‫برؤوس &&ها يس &&الن ي &&وم القيام &&ه القيام &&ه عم &&ا اكتس &&بنا وب &&اي ش &&يء اس &&تعملن متكلم &&ات‪.‬‬
‫بسبب الغفله مراد به نسيان اسباهبا اي ال ترتك الذكر‬

‫نماذج من تسبيح المؤمنين في آيات القرآن الكريم‬


‫التس &&بيح ش &&أن الرس &&ل ‪ -‬عليهم الس &&الم ‪ -‬وَم ن س &&ار على َد رهبم من املؤم &&نني‪،‬‬
‫وجاء التنويه بتسبيح املؤمنني يف عَّدة مواطن يف الذكر احلكيم‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬املوطن األول يأُم ر اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬املؤمنني بتسبيحه‪ ،‬كم ـ ــا ف ـ ــي قولـ ـ ــه‪َ{ :‬يا َأُّيَه ا‬
‫اَّلِذيَن آَم ُنوا اْذُك ُر وا الَّلَه ِذْك ًر ا َك ِثًريا ‪َ41‬و َس ِّبُح وُه ُبْك َر ًة َو َأِص ياًل } [األح&زاب‪،41 :‬‬
‫‪.]42‬‬
‫‪ .2‬ويف املوطن الث&&اين َيق &ِر ن اهلل ‪ -‬ع&&ز وج&&ل ‪ -‬تس&&بيح َم ـــن آَم ـــن ب ـــه بالدعـ ـ ـ ـــاء‪ ،‬كم&&ا‬
‫ِق‬ ‫ِط‬
‫فـ ــي قولـ ــه ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪َ{ :-‬ر َّبَنا َم ا َخ َلْق َت َه َذ ا َبا اًل ُس ْبَح اَنَك َف َن ا َع َذ اَب‬
‫الَّناِر } [آل عمران‪.]١٩١ :‬‬

‫‪72‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ويف املوطن الثالث َيقِر ن اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬تسبيح من آمن به حبمده‪ ،‬كما يف قول&&ه‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪{ :-‬إَمَّنا ُيْؤ ِم ُن ِبآَياِتَنا اَّلِذيَن إَذا ُذِّك ُر وا َهِبا َخ ُّر وا ُس َّج ًد ا َو َس َّبُح وا‬
‫َحِبْم ِد َر ِهِّبْم َو ُه ْم ال َيْس َتْك ُرِبوَن } [السجدة‪.]15 :‬‬
‫ويف املوطن الراب& &&ع حيكي الق& &&ران قص& &&ة أص& &&حاب اجلن& &&ة‪ ،‬كم& &&ا يف قول& &&ه ‪ -‬س& &&بحانه‬ ‫‪.4‬‬
‫وتع&&اىل ‪َ{ :-‬ق اَل َأْو َس ُطُه ْم َأْمَل َأُق ل َّلُك ْم َل ْو ال ُتَس ِّبُح وَن ‪َ 28‬ق اُلوا ُس ْبَح اَن َر ِّبَن ا إَّنا‬
‫ُك َّنا َظاِلـِم َني } [القلم‪.]29 ،28 :‬‬

‫ويعِّل ق ابن عاش &&ور على اآلي &&ة فيق &&ول‪« :‬واالس &&تفهام تقري &&ري و (ل &&وال) ح &&رف‬
‫حتضيض‪ ،‬واملراد بـ (تس&ِّبحون)‪ :‬تنزي&&ه اهلل عن أن ُيعص&&ى أْم ره يف ش&&أن إعط&اء زك&&اة‬
‫مثارهم‪ .‬وك& &&ان ج& &&واهبم يتض& &&من إق& &&رارًا بأن& &&ه َو َعَظهم فعص& &&وه‪ ،‬ودُّل وا على ذل& &&ك‬
‫بالتس &&بيح حني َنَد ِم هم على ع &&دم األخ &&ذ بنص &&يحته فق &&الوا‪ُ{ :‬س ْبَح اَن َر ِّبَن ا إَّنا ُك َّن ا‬
‫َظاِلـِم َني } أرادوا إجابة تقريره ب&إقرار بتس&بيح اهلل عن أن ُيعص&ى أْم ره يف إعط&اء ح&ق‬
‫املساكني؛ فإَّن ِم ن أصول التوبة تداُر ك ما مُي كن تدارك&&ه‪ ،‬واع&&رتافهم بظلم املس&&اكني‬
‫من أص&&ول التوب&&ة؛ ألن&&ه خ &ٌرب مس&&تعمل يف التن&&دم‪ ،‬والتس&&بيح مقِّد مــة االستغفــار مــن‬
‫الذنــب‪ ،‬ق&&ال ‪ -‬تع&&اىل ‪َ{ :-‬فَس ِّبْح َحِبْم ِد َر ِّبَك َو اْس َتْغِف ْر ُه إَّنُه َك اَن َتَّو اًبا} [النص&&ر‪:‬‬
‫‪ ،]٣‬ومجل&&ة {إَّنا ُك َّنا َظاِلـِم َني } إق&&رار بال&&ذنب‪ ،‬والتأكي&&د لتحقي&&ق اِإل ق&&رار واالهتم&&ام‬
‫به»‪.‬‬

‫‪ .5‬ويف املوطن اخلامس يذكر اهلل ‪ -‬عز وج&ل ‪ -‬تس&بيح املؤم&نني يف س&ياق إفاض&ة الِّنعم‬
‫على عباده‪ ،‬كم&ا يف قول&&ه ‪ -‬س&&بحانه وتع&&اىل ‪ِ{ :-‬لَتْس َتُو وا َعَلى ُظُه وِرِه َّمُث َتْذ ُك ُر وا‬
‫ِذ‬ ‫ِه‬ ‫ِن‬
‫ْع َم َة َر ِّبُك ْم إَذا اْس َتَو ْيُتْم َعَلْي َو َتُقوُل وا ُس ْبَح اَن اَّل ي َس َّخ َر َلَن ا َه َذ ا َو َم ا ُك َّن ا َل ُه‬
‫ُمْق ِر ِنَني } [الزخرف‪. ]13 :‬‬

‫‪73‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ويف املوطن السادس ين&ِّو ه اهلل ‪ -‬ع&&ز وج&ل ‪ -‬بتس&&بيح املؤم&&نني ِم ن أه&&ل اجلن&&ة‪ ،‬حيث‬ ‫‪.6‬‬
‫أخرب عنهم بقوله‪َ{ :‬دْع َو اُه ْم ِفيَه ا ُس ْبَح اَنَك الّل›ُه َّم} [يونس‪. ]10 :‬‬
‫ويف املوطن الس&&ابع ميَد ح اهلل ‪ -‬ع&&ز وج&&ل ‪ -‬املؤم&&نني لتس&&بيحهم لذات&&ه العلي&&ة‪ ،‬كم&&ا‬ ‫‪.7‬‬
‫ِف‬ ‫ٍت ِذ‬
‫يف قوله ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪{ :-‬يِف ُبُيو َأ َن الَّلُه َأن ُتْر َفَع َو ُيْذ َك َر يَه ا اُمْسُه ُيَس ِّبُح‬
‫َل ُه ِفيَه ا ِباْلُغ ُد ِّو َو اآلَص اِل } [الن &&ور‪ .]36 :‬واملراد بقول &&ه‪ُ{ :‬يَس ِّبُح َل ُه ِفيَه ا ِباْلُغ ُد ِّو‬
‫َو اآلَص اِل } [الن& &&ور‪« : ]36 :‬يص& &&لي ل& &&ه يف ه& &&ذه ال& &&بيوت بالُغ ُد وات والعش& &&يات‬
‫رج&ال»[‪ ،]4‬ويطل&ق على الص&الة تس&بيحًا يف الق&رآن الك&رمي والس&نة املطه&رة كث&ريًا؛‬
‫فالصالة تنزيه فعلي كما أَّن التسبيح باللسان تنزيه قويل‪.‬‬

‫ويشري القرآن الكرمي إىل عظمة عبادة التسبيح‪ ،‬فيبنِّي أَّن ِم ن ِح َك ـم إرسال النبـي‬
‫حممد صلى اهلل عليه وسلم القيام بتسـبيح اهلل ‪ -‬ع&ز وج&ل ‪ -‬وتنزيه&ه م&ع املؤم&نني‪،‬‬
‫كما يف قوله ‪ -‬سبحانه وتعاىل ‪{ :-‬إَّنا َأْر َس ْلَناَك َش اِه ًد ا َو ُمَبِّش ًر ا َو َنِذيًر ا ‪ِ 8‬لُتْؤ ِم ُنوا‬
‫ِبالَّل ِه َو َرُس وِلِه َو ُتَع ِّز ُر وُه َو ُتَو ِّقُر وُه َو ُتَس ِّبُح وُه ُبْك َر ًة َو َأِص ياًل } [الفتح‪ .]٩ ،٨ :‬ه&&ذه‬
‫اآلية تدّل على تسبيح اجلبال لرهبا وسجودها له‪.‬‬

‫موسوعة موضوعات القرآن الكريم‬


‫ِجْل‬ ‫ِع‬
‫‪َ -‬فَف َّه ْم َناَه ا ُس َلْيَم اَن ۚ َو ُك اًّل آَتْيَن ا ُح ْك ًم ا َو ْلًم اۚ َو َس َّخ ْر َنا َم َع َداُو وَد ا َب اَل ُيَس ِّبْح َن‬
‫َو الَّطْيَر ۚ َو ُك َّنا َفاِعِلَني (سورة األنبياء‪)79 :‬‬
‫يِف‬ ‫ِت‬ ‫يِف‬ ‫َّل‬
‫‪َ -‬أْمَل َتَر َأَّن ال َه َيْس ُج ُد َل ُه َمْن الَّس َم اَو ا َو َمْن اَأْلْر ِض َو الَّش ْم ُس َو اْلَق َم ُر‬
‫َو الُّنُج وُم َو اِجْلَب اُل َو الَّش َج ُر َو ال&&َّد َو اُّب َو َك ِث ٌري ِم َن الَّناِس ۖ َو َك ِث ٌري َح َّق َعَلْي ِه اْلَع َذ اُب ۗ ‬
‫َو َمْن ُيِه ِن الَّلُه َفَم ا َلُه ِم ْن ُمْك ِر ٍم ۚ ِإَّن الَّلَه َيْف َعُل َم ا َيَش اُء ۩ (سورة احلج‪)18 :‬‬
‫‪َ ۞ -‬و َلَقْد آَتْيَنا َداُو وَد ِم َّنا َفْض اًل ۖ َيا ِج َباُل َأِّو يِب َم َعُه َو الَّطْيَر ۖ َو َأَلَّنا َلُه اَحْلِديَد (س&&ورة‬
‫سبأ‪)10 :‬‬

‫‪74‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ِ -‬إَّنا َس َّخ ْر َنا اِجْلَباَل َم َعُه ُيَس ِّبْح َن ِباْلَعِش ِّي َو اِإْل ْش َر اِق (سورة ص‪)18 :‬‬

‫ف&&إن ال&&ذي ت&&دل علي&&ه اآلي&&ة الكرمية أن مجي&&ع الكائن&&ات تس&&بح اهلل تع&&اىل‪ .‬ق&&ال‬
‫تع& &&اىل‪َ :‬و ِإْن ِم ْن َش ْي ٍء ِإاَّل ُيَس ِّبُح َحِبْم ِدِه َو َلِكْن ال َتْف َق ُه وَن َتْس ِبيَحُه م [االس& &&راء‪:‬‬
‫‪ ،]44‬أي‪ :‬وم& &&ا من ش& &&يء من املخلوق& &&ات إال يس& &&بح حبم& &&د اهلل تع& &&اىل‪" ،‬ولكن ال‬
‫تفقه &&ون تس &&بيحهم" أي‪ :‬ال تفقه &&ون تس &&بيحهم أيه &&ا الن &&اس‪ ،‬ألهنا خبالف لغ &&اتكم‪،‬‬
‫وه&&ذا ع&&ام يف احليوان&&ات واجلم&&ادات والنبات&&ات‪ ،‬وه&&ذا أش&&هر الق&&ولني‪ ،‬كم&&ا ثبت يف‬
‫ص&&حيح البخ&&اري عن ابن مس&&عود أن&&ه ق&&ال‪ :‬كن&&ا نس&&مع تس&&بيح الطع&&ام وه&&و يؤك&&ل‪.‬‬
‫ويف حديث أيب ذر‪ :‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم أخذ يف يده حص&&يات فس&&مع هلن‬
‫تسبيح كح&نني النح&ل‪ ،‬وك&ذا يف ي&د أيب بك&ر وعم&ر وعثم&ان رض&ي اهلل عنهم‪ ،‬وه&و‬
‫حديث مشهور يف املسانيد‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫القسم هلل في القرآن الكريم‬


‫نور العني مطمئّنة و نور اللطيفة قامال رزقي‬

‫قسم اهلل تعالى في القران الكريم‬


‫تعريفه لغة‪ :‬احللف و اليمني والقسم مبعىن واحد‪ ،‬واصطالحا‪ :‬ربط النفس باالمتناع‬
‫عن شيء أو اإلقدام عليه أو على صحته أو بطالنه مبعىن معظم عند احلالف حقيقة أو‬
‫اعتقادا‪ .‬صيغه القسم األصليه أن يأيت بالفعل (أقسم) أو (أحلف) متعلما بالباء إىل‬
‫ِنِه‬ ‫ِب ِه‬
‫املقسم به ّمث يأيت املقسم عليه وهو جواب القسم‪ .‬مثاله‪َ( :‬و َأْقَس ُم وْا ٱلَّل َج ْه َد َأَٰمْي ْم‬
‫ِع‬ ‫ِع ِه‬ ‫ِم‬ ‫ِئ‬
‫َل ن َج ٓاَءْتُه ْم َءاَيٌة َّلُيْؤ ُنَّن َهِباۚ ُقْل ِإَمَّنا ٱْل َءاَٰيُت نَد ٱلَّل ۖ َو َم ا ُيْش ُر ُك ْم َأَّنَه ٓا ِإَذا َج ٓاَءْت‬
‫اَل ُيْؤ ِم ُنوَن )‬

‫أركان القسم‬
‫‪.1‬فعل القسم (أقسم) أو (أحلف)‬
‫‪.2‬أداة القسم أو حرف القسم (الباء والواو والتاء والالم ومن)‬
‫‪.3‬املقسم به وهو اهلل عز وجل وال جيوز القسم بغري اهلل وهلل سبحانه يقسم مبا شاء من‬
‫خملوقاته‬
‫‪.4‬املقسم عليه أو جواب القسم‬

‫أنواع القسم‬
‫قسم ظاهر‪ ،‬مثل‪( :‬صۚ َو اْلُقْر آِن ِذي الِّذ ْك ِر )‬

‫‪76‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫قسم مضمر‪ ،‬مثل‪َ ۞( :‬لُتْبَلُو َّن يِف َأْم َو اِلُك ْم َو َأنُف ِس ُك ْم َو َلَتْسَم ُعَّن ِم َن اَّلِذيَن ُأوُتوا‬
‫ِإ َٰذ ِل ِم‬ ‫ِث ِإ‬ ‫ِك ِم ِل ِم ِذ‬
‫اْل َتاَب ن َقْب ُك ْم َو َن اَّل يَن َأْش َر ُك وا َأًذى َك ًرياۚ َو ن َتْص ُرِبوا َو َتَّتُقوا َف َّن َك ْن‬
‫َعْز ِم اُأْلُموِر )‬

‫المقسم به في القران الكريم‬


‫القسم باهلل تعاىل (َفَو َر ِّبَك َلَنْح ُش َر َّنُه ْم َو الَّش َياِط َني َّمُث َلُنْح ِض َر َّنُه ْم َحْو َل َجَه َّنَم ِج ِثًّيا)‬

‫قسم اهلل تعاىل مبخلوقاته (اَل ُأْقِس ُم َٰهِبَذ ا اْلَبَلِد) و (َو الِّتِني َو الَّز ْيُتوِن َو ُطوِر ِس يِنَني ) و (قۚ ‬
‫َو اْلُقْر آِن اْلَم ِج يِد)‬

‫المقسم عليه في القران الكريم عن‪:‬‬


‫ِإ ِإ‬ ‫ِل ِت ِذ‬ ‫ِج ِت‬ ‫ِت‬
‫‪.1‬التوحيد‪ ،‬مثال‪َ( :‬و الَّص اَّفا َص ًّفا * َفالَّز ا َر ا َز ْج ًر ا * َفالَّتا َيا ْك ًر ا * َّن َهَلُك ْم‬
‫َلَو اِح ٌد )‬
‫‪ .2‬أن القران حق‪( :‬فال أقسم مبواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كرمي)‬
‫‪.3‬أن الرسول صلى اهلل عليه وسلم حق (يس والقرآن احلكيم إنك ملن املرسلني على‬
‫صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم)‬
‫‪.4‬أّن القيامه حق (َو اْلُمْر َس الِت ُعْر ًفا َفاْلَعاِص َف اِت َعْص ًف ا َو الَّناِش َر اِت َنْش ًر ا َفاْلَف اِر َقاِت َفْر ًقا‬
‫َفاْلُم ْلِق َياِت ِذْك ًر ا ُعْذ ًر ا َأْو ُنْذ ًر ا ِإَمَّنا ُتوَعُد وَن َلَو اِقٌع)‬
‫‪.5‬بعض أحوال االنسان وما فطره اهلل عليه من صفات (َو ٱَّلۡي ِل ِإَذا َيۡغ َشٰى ‪َ ١‬و ٱلَّنَه اِر ِإَذا‬
‫َجَتَّلٰى ‪َ ٢‬و َم ا َخ َلَق ٱلَّذ َك َر َو ٱۡل ُأنَثٰٓى ‪ِ ٣‬إَّن َس ۡع َيُك ۡم َلَشٰىَّت ‪)٤‬‬

‫‪77‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أنواع مخلوقات هللا في السماء‬


‫بوتري جانوئريت رطايا زيان صفريا ريزا‬

‫خلق السماء‬
‫لف &&ظ الس &&ماء م &&أخوذ من‪ :‬مسا يس &&مو مسًّو ا أي‪ :‬عال ‪ ،‬والس &&ماء يف اللغ &&ة‪ :‬يق &&ال‬
‫لكل ما ارتف&ع وعال ق&د مسا يس&مو‪ ،‬وك&ل س&قف فه&و مساء‪ 31 .‬فهي ك&ل م&ا عال وارتف&ع‬
‫و ك&&ان ف&&وق رأس&&ك وأص&&لها الس&&ماء املعروف&&ة‪ .‬ويف االص&&طالح ‪ :‬اس&&م جنس للع&&ايل ال‬

‫‪ 31‬هتذيب اللغة‪ ،‬األزهري ‪١٣/١١٥‬‬

‫‪78‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫خيص ش&&يًئا‪ ،‬فهي متعب&&د املالئك&&ة ومس&&تقر ال&&وحي وفيه&&ا أن&&وار الطاع&&ات‪ 32،‬فهي عموًم ا‬
‫‪33‬‬
‫كل ما يف اجلهة العليا فوق رءوسنا‪ ،‬وكل ما عالك فأظلك يقال له مساء‪.‬‬

‫ومن آي& & &&ات اهلل العظ& & &&ام خل& & &&ق الس& & &&ماوات‪ ،‬فهي من أعظم اآلي& & &&ات يف علوه& & &&ا‬
‫وارتفاعه&&ا وس&&عتها وقراره&&ا‪ ،‬حبيث ال تص&&عد عل&&وًا كالن&&ار وال هتب&&ط نازل &ًة كاألجس&&ام‬
‫الثقيلة وال عمد حتتها وال عالقة فوقها‪ .‬خلق اهلل السماواِت واألرَض يف ستة أي&ام‪ .‬كم&ا‬
‫ق &&ال تع &&اىل ﴿َو ُه َو ٱَّل ِذي َخ َل َق ٱلَّس َٰم َٰو ِت َو ٱۡل َأۡر َض يِف ِس َّتِة َأَّي ام َو َك اَن َعۡر ُش ۥُه َعَلى‬
‫‪34‬‬
‫ٱۡل َم ٓاِء ‪ ...‬اآلية ﴾ ‪-‬هود‪.-7:‬‬

‫وذكر اهلل تعاىل يف سورة فصلت اآلية ‪ 12-9‬أن&ه َخ ل&َق األرَض قب&ل الس&ماوات‬
‫(۞ُقۡل َأِئَّنُك ۡم َلَتۡك ُف ُر وَن ِبٱَّل ِذي َخ َل َق ٱۡل َأۡر َض يِف َيۡو َم ۡي ِن َو َتَعُل وَن َل ۥُه‪َ ،‬أن &َد ادۚا َٰذ ِل َك َر ُّب‬
‫ٱۡل َٰع َلِم َني َو َجَعَل ِفيَه ا َر َٰو ِس َي ِم ن َفۡو ِقَه ا َو َٰبَر َك ِفيَه ا َو َقَّد َر ِفيَه ٓا َأۡق َٰو َتَه ا ِف َأۡر َبَع ِة َأَّيام َس َو ٓاء‬
‫ِّللَّس ٓاِئِلَني َّمُث ٱۡس َتَو ٰٓى ِإىَل ٱلَّس َم ٓاِء َو ِه َي ُدَخ ان َفَق اَل َهَلا َو ِلۡل َأۡر ِض ٱۡئ ِتَي ا َطۡو ًع ا َأۡو َك ۡر ه&&ا‬
‫َقاَلَت ٓا َأَتۡي َن ا َط ٓاِئِعَني َفَق َض ٰىُه َّن َس ۡب َع َٰمَسَو ات يِف َيۡو َم ۡي ِن َو َأۡو َح ٰى يِف ُك ِّل َمَسٓاٍء َأۡم َر َه ۚا َو َز َّيَّنا‬
‫ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا َمِبَٰص ِبيَح َو ِح ۡف ظۚا َٰذ ِلَك َتۡق ِديُر ٱۡل َعِز يِز ٱۡل َعِليِم )‬

‫ق&د عرفن&ا أن ع&دد الس&موات س&بع‪ُ ،‬ذِك ر يف الق&رآن تس&ع م&رات‪ .‬وس&أذكر مث&اال‬
‫واح &&دا ﴿َفَس َّو اُه َّن َس ْبَع َمَسَو اٍت َو ُه َو ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم ﴾ ‪-‬البق &&رة ‪ .-29 :‬غ &&ريه يف‬
‫س &&ورة اإلس &&راء ‪ ،44 :‬واملؤمن &&ون ‪ ،86 :‬وفص &&لت ‪ ،12 :‬والطالق ‪ ،12 :‬واملل &&ك ‪:‬‬
‫‪ ،3‬واملؤمنون ‪ ،17 :‬و النبأ ‪ ،12 :‬ونوح ‪.15 :‬‬

‫‪ 32‬الوابل الصيب‪ ،‬ابن القيم ص‪.٥٣‬‬


‫‪ 33‬تفسري املراغي ‪.١٠/١٠٩‬‬
‫‪ 34‬إسالم ويب‪" ،‬قدر األيام اليت خلق اهلل فيها السماوات واألرض"‪,2012 ,‬‬
‫‪/https://www.islamweb.net/ar/fatwa/190003‬قدر‪-‬األيام‪-‬اليت‪-‬خلق‪-‬اهلل‪-‬فيها‪-‬السماوات‪-‬واألرض‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫َعْن أيِب َذٍّر ق&&اَل ‪ :‬ق&&اَل َرُس وُل الَّل ِه ﷺ‪« :‬م&&ا َبَنْي الَّس ماِء واألْر ِض َم ِس َريُة‬
‫ْمَخِس ِم اَئِة ع &اٍم ‪ ،‬وِغَل ُظ ُك ِّل مَس اٍء َم ِس َريُة ْمَخِس ِم اَئِة ع &اٍم ‪ ،‬وم &&ا َبَنْي الَّس ماِء إىل اَّليِت َتِليه &&ا‬
‫ِس ُة ْمَخِس ِم ا ِة عاٍم َك َذ ِل إىل الَّس ماِء ال اِب ِة‪ ،‬واأل وَن ِم ْث َذِل ‪ ،‬وما الَّس ماِء‬
‫َبَنْي‬ ‫ُل َك‬ ‫ْر ُض‬ ‫ّس َع‬ ‫َك‬ ‫َئ‬ ‫َم َري‬
‫الّس اِبَعِة إىل الَع ْر ِش ِم ْث ُل ِمَج ي &ِع َذِل َك ‪ ،‬وَل ْو َح َف ْر ْمُت ِلص&&اِح ِبكم َّمُث َدَّلْيُتُم وُه َلَو َج َد الَّل َه َّمَثَة‪.‬‬
‫َيْع يِن ِعْلَم ُه»‬
‫علمن& &&ا من ه& &&ذا احلديث أن الس& &&ماوات َبْع ُض ُه َّن َفْو َق َبْع ٍض وَبَنْي ُك ِّل مَس اَءْيِن‬
‫َم ِس َريُة ْمَخِس ِم اَئِة عاٍم ‪ 35 .‬واهلل تعاىل أعلم‪.‬‬

‫النجوم والكواكب‬
‫الف&&رق بني النجم والك&&وكب ‪ ،‬أن الك&&وكب اس&&م للكب&&ري من النج&&وم وك&&وكب‬
‫ك&&ل ش&&يء معظم&&ه‪ ،‬والنجم ع&&ام يف ص&&غريها وكبريه&&ا‪ ،‬وجيوز أن يق&&ال‪ :‬الك&&واكب هي‬
‫الث &&وابت ومن &&ه يق &&ال في &&ه ك &&وكب من ذهب أو فض &&ة الن &&ه ث &&ابت ال ي &&زول والنجم ال &&ذي‬
‫يطل &&ع منه &&ا ويغ &&رب وهلذا قي &&ل للمنجم منجم الن &&ه ينظ &&ر فيم &&ا يطل &&ع منه &&ا وال يق &&ال ل &&ه‬
‫‪36‬‬
‫كوكب‪.‬‬

‫وذك &&ر اهلل النج &&وم يف ع &&دة مواق &&ع يف الق &&رآن الك &&رمي ال &&يت توض &&ع مكان &&ة النج &&وم‬
‫‪37‬‬
‫وتوضع أسباب خلق النجوم‪ .‬ومن هذه األسباب‪:‬‬

‫أن تكون زينة للسماء‪ .‬قال تعاىل ‪ِ﴿ :‬إَّنا َز َّيَّنا ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا ِبِز يَن ٍة ٱۡل َك َو اِكِب ﴾ ‪-‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الصافات‪-6:‬‬
‫ِب‬ ‫ۡن‬ ‫ۡد‬
‫أن تك& &&ون رجوم & &ًا للش& &&ياطني‪ .‬ق& &&ال تع& &&اىل ‪َ﴿ :‬و َلَق َز َّيَّن ا ٱلَّس َم ٓاَء ٱل& &&ُّد َيا َمِبَٰص يَح‬ ‫‪.2‬‬
‫َو َجَعۡل َٰن َه ا ُرُج وما ِّللَّش َٰي ِط ي َو َأۡع َتۡد َنا ُهَلۡم َعَذ اَب ٱلَّس ِعِري ﴾ ‪-‬امللك‪-5:‬‬
‫‪ 35‬جالل الدين السيوطي‪ ،‬الدر املنثور‪.1:108 ،‬‬
‫‪ 36‬معجم الفروق اللغوية‬
‫‪ 37‬لينه محود‪" ,‬ملاذا خلق اهلل النجوم"‪ ،‬موضوع‪/https://mawdoo3.com ,2021 ،‬ملاذا_خلق_اهلل_النجوم‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫أن تك&&ون دليال للمس&&افر‪ .‬ق&&ال تع&&اىل ‪َ﴿ :‬و ُه َو ٱَّلِذي َجَع َل َلُك ُم ٱلُّنُج وَم ِلَتۡه َتُد وْا َهِبا‬ ‫‪.3‬‬
‫يِف ُظُلَٰم ِت ٱۡل َبِّر َو ٱۡل َبۡح ِۗر َقۡد َفَّصۡل َنا ٱٓأۡلَٰيِت ِلَق ۡو م َيۡع َلُم وَن ﴾ ‪-‬األنعام‪-97:‬‬
‫‪38‬‬
‫وأما الكواكب ذكر اهلل مخس مرات يف القرآن الكرمي‪:‬‬
‫‪ِ﴿ .1‬إۡذ َقاَل ُيوُس ُف َأِلِبيِه َٰٓيَأَبِت ِإيِّن َر َأۡي ُت َأَح َد َعَش َر َك ۡو َك ب&&ا َو ٱلَّش ۡم َو ٱۡل َق َم َر َر َأۡي ُتُه ۡم يِل‬
‫َس‬
‫َٰس ِج ِديَن ﴾ ‪ -‬يوسف ‪-4 :‬‬
‫‪َ ﴿ .2‬فَلَّم ا َج َّن َعَلْيِه الَّلْيُل َر َأٰى َك ْو َك ًباۖ َقاَل َٰه َذ ا َر يِّب ۖ َفَلَّم ا َأَف َل َق اَل اَل ُأِح ُّب اآْل ِفِلَني ﴾ ‪-‬‬
‫األنعام ‪-76 :‬‬
‫‪ِ﴿ .3‬إَّنا َز َّيَّنا ٱلَّس َم ٓاَء ٱلُّد ۡن َيا ِبِز يَنٍة ٱۡل َك َو اِكِب ﴾ ‪-‬الصافات‪-6:‬‬
‫‪ ۞ ﴿ .4‬الَّل ُه ُنوُر الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض ۚ َم َث ُنوِرِه َك ِم ْش َك اٍة ِفيَه ا ِم ْص َباٌح ۖ اْلِم ْص َباُح يِف‬
‫ُل‬
‫ا ٍةۖ الُّز ا ُة َك َأَّن ا َك َك ِّرٌّي وَق ُد ِم ن َش ٍة ُّم ا َك ٍة ُتوَن ٍة اَّل َش ِقَّيٍة‬
‫ْر‬ ‫َج َر َب َر َز ْي‬ ‫َه ْو ٌب ُد ُي‬ ‫َج َج‬ ‫ُز َج َج‬
‫َو اَل َغْر ِبَّيٍة َيَك اُد َز ْيُتَه ا ُيِض يُء َو َلْو ْمَل ْمَتَس ْس ُه َناٌر ۚ ُّنوٌر َعَلٰى ُنوٍر ۗ َيْه ِدي الَّلُه ِلُنوِرِه َم ن‬
‫َيَش اُءۚ َو َيْض ِر ُب الَّلُه اَأْلْم َثاَل ِللَّناِس ۗ َو الَّلُه ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم﴾ ‪-‬النور ‪-35 :‬‬
‫‪َ ﴿ .5‬و ِإَذا اْلَك َو اِكُب انَتَثَر ْت ﴾ ‪-‬االنفطار ‪-2 :‬‬

‫ق &&ال ابن عاش &&ور رمحه اهلل يف كتاب &&ه التح &&وير والتن &&وير‪ ” :‬الك &&واكب هي الُك َر َّي اُت‬
‫السماويُة اليت َتْلَمُع يف اللي&ل ع&دا الش&مَس والقم&َر ‪ ،‬وتس&مى النج&وم ‪ ،‬وهي أقس&ام منه&ا‬
‫العظيم‪ ،‬ومنها دونه‪ ،‬فمنها الكواكب السيارة‪ ،‬ومنه&ا الث&وابت‪ ،‬ومنه&ا قط&ع ت&دور ح&ول‬
‫‪39‬‬
‫الشمس“‪.‬‬

‫من عقيدة أهل الس&نة و اجلماع&ة ‪ :‬اإلميان ب&أن اهلل تع&اىل مس&تو على عرش&ه‪ ،‬و عرش&ه‬
‫فوق مسواته‪ ،‬و أنه سبحانه ال حيويه شيء من خملوقاته‪.‬‬
‫‪" 38‬الكواكب والنجوم يف القرآن"‪ ،‬اإلسالم‪ ،‬القرآن والتفسری‪ ،‬د‪.‬ت‪https://islamqt.com/ar/show- ،‬‬
‫‪.article.php?aid=395‬‬
‫‪ 39‬ابن عاشور‪ ،‬التحرير والتنوير‪.23:87 ،‬‬

‫‪81‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ق&&ال ش&&يخ اإلس&&الم ابن تيمي&&ة رمحه اهلل‪" :‬الع&&رش خمل&&وق‪ :‬ف&&إن اهلل يق&&ول ( و ه&&و‬
‫رب العرش العظيم ) و هو خالق كل شيء العرش و غ&&ريه‪ .‬و رب ك&&ل ش&&يء الع&&رش و‬
‫غريه‪.‬‬

‫أم&&ا إنف&&اق الس&&لف و أه&&ل الس&&نة و اجلماع&&ة أن اهلل وح&&ده خ&&الق ك&&ل ش&&يء فه&&ذا‬
‫حق‬

‫وذكر يف العديدة من املواضع حجج عرش الرمحن و اتساعه‪ ،‬حيث قيل عن&&ه أن‬
‫عرض السموات السبع ما هي إال حلقة بسيطة يف الكرسي‪ ،‬و كذلك ه&&ذا الكرس&&ي م&&ا‬
‫ه&&و إال حلق&&ة بس&&يطة يف الص&&حراء‪ ،‬و ه&&ذه الص&&حراء م&&ا هي إال ج&&زء ص&&غري من الع&&رش‪،‬‬
‫وذلك اعتمادا على قول رسول اهلل‪.‬‬

‫فعن أيب ذر الغفاري قال‪ :‬قلت للنيب‪ :‬يا رسول اهلل اميا أنزل عليك أعظم؟ ق&&ال‪:‬‬
‫أي&&ة الكرس&&ي مث ق&&ال‪ :‬ي&&ا ب&&ذر م&&ا الس&&ماوات الس&&بع م&&ع الكرس&&ي‪ ،‬اال حبلق&&ة ملق&&اة ب&&ارض‬
‫فالة‪ ،‬وفضل العرش على الكرسي كفضل الفالة على احللقة‪ .‬وق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه‬
‫وس&&لم‪ :‬إذا س&&ألتم اهلل فس&&لوه ف&&ردوس فان&&ه أوس&&ط اجلن&&ة‪ ،‬وفوق&&ه عن وج&&ه ال&&رمحن ومن&&ه‬
‫توجر النهار اجلنه)) أخرجه البخاري ))‬

‫يف موضع آخر ذكر ان العرش يعلو املاء وأن&&ه بين&&ه وبني ال&&دنيا ‪ 500‬ع&&ام وذل&&ك‬
‫على قول &&ه رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم م &&ا بني الس &&ماء القس &&وه وال &&دنيا ‪ 500‬ع &&ام‬
‫وبني الكرس&&ي واملاء ك&&ذلك ه&&و الع&&رش ف&&وق املاء واهلل ف&&وق الع&&رش ال خيفى علي&&ه ش&&يء‬
‫من أعمالكم‪.‬‬

‫أم &&ا عن مك &&ان الع &&رش فه &&و ف &&وق الف &&ردوس االعلى وذل &&ك ملا ثبت يف ص &&حيح‬
‫البخاري عن الرسول صلى اهلل عليه وس&لم ان&ه ق&ال اذا س&ألتم اهلل اجلن&ه فس&لوه الف&ردوس‬
‫فانه اعلى اجلنه واوسط اجلنه وفوق عرش الرمحن‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وعن عروس الرمحن ذك&ر عن األرض ان&ه اثق&ل املخلوق&ات من حيث ال&وزن ورد‬
‫ذلك يف احلديث من االدعيه اليت حتدث عنها رس&&ول اهلل ان وزهنا يص&&ل اىل وزن الع&&رش‬
‫يف مكاهنا محل&&ه ع&&رش ال&&رمحن ام&&ا من ع&&دد محل&&ه الع&&رش فه&&و مثاني&&ه ص&&فوف من املالئك&&ة‬
‫بس&&م اهلل ال&&رمحن ال&&رحيم واملل&&ك على ارجائه&&ا وحيم&&ل ع&&رش رب&&ك ف&&وقهم يومئ&&ذ مثاني&&ه‬
‫وكذلك قول رسول اهلل ‪ 500‬صفوف من املالئكه ال يعلم عدهتم اال اهلل‬

‫وقد خلق اهلل عز وجل العرش قبل خلق السماوات واالرض وقبل القلم بل قب&&ل‬
‫سائر املخلوقات قال اهلل تع&&اىل وه&&و ال&&ذي خل&ق الس&&ماوات واالرض يف س&&ته اي&&ام وك&&ان‬
‫عرش&&ه على املاء ليبل&&وكم ايكم احس&&ن عمال وق&&ال الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم كتب اهلل‬
‫مق&&ادر الغالئ&&ق قب&&ل ان خيل&&ق الس&&ماوات واالرض ب ‪ 50,000‬س&&نه ق&&ال وعرش&&ه على‬
‫املاء (أخرجه مسلم)‪.‬‬

‫تعريف المالئكة‬

‫املالئكة يف االصطالح هو خملوقات اهلل تعاىل مساويه عظيمه فوقيه عاقله متكلم&&ه‬
‫مريضه جمبور بالطاعه واهلل تع&اىل اعطيت&ك ق&درة على التش&كلي بالص&ور احلس&نة فمان&دت‬
‫خلقهم الن &&ور ومس &&كنهم الس &&ماوات‪ .‬دلي &&ل ان مالئك &&ه خملوق &&ات مساويه ن &&ورا بني &&ه قول &&ه‬
‫تع&&اىل وكم من مل&&ك يف الس&&ماوات ال تغ&&ين ش&&فاعتهم ش&&يئا اال من بع&&د ان ي&&ؤذن اهلل ملن‬
‫يشاء ويرضى‬

‫من أي شيء خلقت المالئكة؟‬

‫ما ثبت يف صحيح املسلمني عن عائشه رضي اهلل عنها قالت قال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم خلقت املالئكه من النور‬

‫متى خلقت المالئكة‬

‫‪83‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ليس لن & &&ا علم على وج & &&ه التحدي & &&د ب & &&وقت خلقهم لع & &&دم ورود النص يف ذل & &&ك‬
‫لكنهم س &&ابقون خلل &&ق االنس ق &&ال تع &&اىل واذ ق &&ال رب &&ك للمالئك &&ه اين جاع &&ل يف االرض‬
‫خليفه واخربهم بايران اليت هي خلق االنسان فدل على انه موجودون قبله‬

‫صفات المالئكة‬

‫هلم اجنحه بقوله تعاىل احلمد هلل فاطر السماوات واالرض جاعل املالئكه رس&&ال‬
‫اوليجنحه مثىن وثالثه ورباع يزيد يف خلقه من يشاء‬

‫مجال املالئك &&ه ق &&ال تع &&اىل واص &&غا جربي &&ل علي &&ه الس &&الم علم &&ه ش &&ديد الق &&وى م &&ره‬
‫فاستوى قال ابن عباس ذو مره ذو منظر حسن قال قتاده ذو خلقه طويل حسن‬

‫ال ي&&أكلون وال يش&&ربون فق&&رى فقرب&&ه إليهم وال ت&&أكلون ﴿َف َأْو َج َس ِم ْنُه ْم ِخ يَف ًة‬
‫َق اُلوا اَل َخَتْف َو َبَّش ُر وُه ِبُغاَل ٍم َعِليٍم ﴾ ‪-‬ال& &&ذاريات‪ -28:‬ي& &&دل على ه& &&ذا م& &&ا ج &&رى بني‬
‫خليل الرمحن إبراهيم وضيافه من املالئكه ملا زاروه‪.‬‬

‫مس المصحف لغير طاهر‬


‫رينا و رشيدة األصفياء‬

‫أّو ال‪ ،‬نفهم م & & &&ا ه & & &&و املص & & &&حف؟ نأخ & & &&ذ من كالم الش & & &&يخ عثم & & &&ان اخلميس أّن‬
‫املص &&حف ه &&و الق &&رآن الك &&رمي أو قط &&ر اجلزء من الق &&رآن‪ ،‬وم &&ا ه &&و غالب &&ه الق &&رآن‪ .‬ولكن‬
‫كتاب التفسري أو كالم البشر إذا أكثر من كالم اهلل فليس مصحفا‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫اتفق الفقهاء على عدم جواز مّس املصحف مباشرًة للحائض إن ك&&ان مّس ها ل&&ه‬
‫دون حائ&&ل حيول بينه&&ا وبني املص&&حف‪ ،‬ف&&إن ك&&ان أم&&ا إن ك&&ان مّس ها للمص&&حف حبائ&&ل‬
‫وليس مّس ا مباشًر ا‪ ،‬فقد تعددت أقوال الفقهاء يف ذلك‪ ،‬و فيما يأيت أقواهلم‪:‬‬

‫عدم جواز مّس المصحف حّتى بحائل‬


‫ذهب املالكّي ة والش&&افعّية إىل أن&&ه ال جيوز للمح&&دث واحلائض والنفس&&اء واجلنب‬
‫مّس املصحف مطلقا‪ ،‬سواء كان ذلك اللمس حبائل أو من غري حائل ل&&ورود النهي عن‬
‫ذلك‪ ،‬مستدّلني بقوله تعاىل يف كتابه العزي&ز‪( :‬ال ميّس ه إاّل املطه&رون)‪ .‬ف&النهي ال&وارد يف‬
‫اآلي &&ة مل ميّي ز بني إن ك &&ان اللمس حبائ &&ل أو بغ &&ري حائ &&ل‪ ،‬ب &&ل جعل &&ه مطلق &&ا‪ ،‬فيبقى على‬
‫إطالقه حبرمة ملس املصحف لغري الطاهر‪ ،‬كاحلائض والنفساء واحملدث اجلنب وغريهم‪.‬‬

‫جواز مّس المصحف بحائل‬


‫ذهب احلنفّي ة و احلنابل&&ة إىل ج&&واز مّس املص&&حف للمح&&دث واحلائض والنفس&&اء‬
‫إن ك& &&ان بينهم وبني املص& &&حف حائ& &&ل‪ ،‬ك& &&أن يلبس كّف ا أو حيمل& &&ه بكيس‪ ،‬أو يلمس& &&ه‬
‫بوج&ود حائ&&ل يفص&&ل بني ي&&ده وبني ملس ص&فحات املص&&حف مباش&&رًة‪ ،‬وق&&د ف&ّر ق احلنفّي ة‬
‫بني إن ك&&ان احلائ&&ل منفص&&ال عن املص&&حف أو متص&&ال ب&&ه‪ ،‬ف&&إن ك&&ان منفص&&ال عن&&ه ج&&از‬
‫للحائض واحملدث مّس ه‪ ،‬وإن كان احلائل مّتصال كجلد املصحف اّلذي يك&&ون يف أص&&له‬
‫و مّتصال به‪ ،‬فإّنه ال يعّد حائال‪ ،‬ومينع من مّس احلائض للمصحف‪.‬‬

‫أحوال يجوز فيها للحائض مّس المصحف‬


‫نّص بعض أه& &&ل العلم ك& &&ابن تيمي& &&ة و املرداوي و غريمها من العلم& &&اء احلنابل& &&ة أّن ه جيوز‬
‫للحائض مّس املصحف حبائل والقراءة من&ه إن ك&ان ذل&ك لض&رورة و حاج&ة‪ ،‬ومن ه&ذه‬
‫األحوال ما يأيت‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ .1‬أن يك&&ون غرض&&ها من مس املص&&حف حف&&ظ ش&&يء من الق&&رآن أو مراجع&&ة ش&&يء‬


‫ّمما حفظت‬
‫أن تك&&ون غرض&&ها من مّس الق&&رآن الدراس&&ة أو الت&&دريس‪ ،‬ك&&أن تك&&ون طالب&&ة يف‬ ‫‪.2‬‬
‫إحدى املدارس أو اجلامعات‪ ،‬أو تكون معّلمة للقرآن‪ ،‬أو ما شابه ذلك‪.‬‬
‫أن يغلب على ظّنها أهّن ا ستنسى القرآن إن تركت&&ه تل&&ك الف&&رتة‪ ،‬ب&&ل إّن ابن تيمي&&ة‬ ‫‪.3‬‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬ذهب إىل أبعد من ذلك‪ ،‬حيث ي&رى وج&وب ذل&ك عليه&ا يف ح&ال‬
‫غلب عليها الظّن بأهّن ا ستنسى القرآن إن ابتع&دت عن&ه ف&رتة حيض&ها أو نفاس&ها‪،‬‬
‫بس&&بب ع&&دم مراجعته&&ا ل&&ه لع&&دم ج&&واز مّس املص&&حف يف تل&&ك الف&&رتة و نق&&ل عن‬
‫املرداوي أّنه رّج ح ذلك واعتمده يف فتواه‪.‬‬

‫معنى صفة هللا األول و آلخر و الظاهر و الباطن ومعية هللا‬


‫سلمى عفيفة و سلمى نبيلة‬

‫‪86‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫معنى معية اهلل لخلقه وأقسامها‬


‫قول &&ه‪َ(( :‬و ُه َو َمَعُك ْم َأْيَن َم ا ُك ْنُتْم )) يع &&ين‪ :‬ه &&و مس &&تٍو على الع &&رش وه &&و معكم‬
‫أينم& & &&ا كنتم‪ ،‬ق& & &&ال ابن جري& & &&ر‪ :‬أي‪ :‬وه& & &&و ش& & &&اهد عليكم أينم& & &&ا كنتم يعلمكم ويعلم‬
‫أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم‪ ،‬وهو على عرشه فوق مساواته السبع‪ .‬ونشري إشارة عابرة‬
‫إىل موض&وع املعي&ة‪ ،‬فق&د ج&اءت آي&ات يف الق&رآن الك&رمي ت&دل على أن معي&ة اهلل س&بحانه‬
‫وتعاىل خاصة باملتقني واحملسنني واملؤمنني‪ ،‬كقوله تبارك وتعاىل‪َ{ :‬فال ِهَتُن وا َو َتْد ُعوا ِإىَل‬
‫الَّس ْلِم َو َأْنُتُم اَألْع َل ْو َن َو الَّل ُه َمَعُك ْم َو َلْن َيَرِتُك ْم َأْع َم اَلُك ْم } [حمم&&د‪ ،]٣٥:‬وه&&ذا خط&&اب‬
‫للمؤمنني‪ ،‬فيفهم منه املعية للمؤمنني‪.‬‬

‫وكذلك قال تعاىل‪ِ{ :‬إَّن الَّلَه َمَع اَّلِذيَن اَّتَق ْو ا َو اَّلِذيَن ُه ْم ْحُمِس ُنوَن } [النحل‪.]١٢٨:‬‬

‫وق &&ال تع &&اىل‪َ{ :‬ق اَل ال َخَتاَف ا ِإَّنيِن َمَعُك َم ا َأَمْسُع َو َأَر ى} [ط &&ه‪ ،]٤٦:‬وق &&ال موس &&ى علي &&ه‬
‫السالم‪َ{ :‬قاَل َك اَّل ِإَّن َم ِعَي َر يِّب َس َيْه ِديِن } [الشعراء‪.]٦٢:‬‬

‫وقال تعاىل‪ِ{ :‬إْذ ُيوِح ي َر ُّبَك ِإىَل اْلَم الِئَك ِة َأيِّن َمَعُك ْم } [األنفال‪.]١٢:‬‬
‫ِل ِح ِه‬
‫وق&ال تع&اىل حاكي&ًا عن الن&يب ص&لى اهلل علي&ه وس&لم‪ِ{ :‬إْذ َيُق وُل َص ا ِب ال ْحَتَز ْن ِإَّن الَّل َه‬
‫َمَعَنا} [التوبة‪.]٤٠:‬‬

‫يف حني جاءت آيات أخ&رى ت&&دل على أن املعي&&ة عام&&ة لك&&ل املخلوق&&ات‪ ،‬كقول&&ه‬
‫ِد‬ ‫ٍة ِإ‬ ‫ِب‬ ‫ٍة ِإ‬ ‫ِم‬
‫تب&&ارك وتع&&اىل‪َ{ :‬م ا َيُك وُن ْن ْجَنَو ى َثالَث اَّل ُه َو َر ا ُعُه ْم َو ال ْمَخَس اَّل ُه َو َس ا ُس ُه ْم‬
‫َو ال َأْد ىَن ِم ْن َذِل َك َو ال َأْك َثَر ِإاَّل ُه َو َمَعُه ْم َأْيَن َم ا َك اُنوا} [اجملادل &&ة‪ ،]٧:‬وق &&ال تب &&ارك‬
‫وتعاىل‪َ{ :‬و ُه َو َمَعُك ْم َأْيَن َم ا ُك ْنُتْم } [احلديد‪.]٤:‬‬

‫وقال تعاىل‪َ{ :‬فَلَنُقَّص َّن َعَلْيِه ْم ِبِعْلٍم َو َم ا ُك َّنا َغاِئِبَني } [األعراف‪.]٧:‬‬

‫‪87‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وقال عز وجل‪َ{ :‬و َم ا َتُك وُن يِف َش ْأٍن َو َم ا َتْتُلوا ِم ْن ُه ِم ْن ُقْر آٍن َو ال َتْع َم ُلوَن ِم ْن َعَم ٍل ِإاَّل‬
‫ُك َّنا َعَلْيُك ْم ُش ُه وًدا ِإْذ ُتِف يُضوَن ِفيِه} [يونس‪.]٦١:‬‬

‫إذًا‪ :‬ه ل اآلي ات ال تي دلت على أن المعي ة عام ة لك ل الن اس وك ل المخل وقين‪،‬‬
‫تعارض اآليات التي دلت على معية خاصة باألنبياء والصالحين؟‬

‫اجلواب‪:‬‬

‫ال تع &&ارض؛ وبي &&ان ذل &&ك كم &&ا ي &&أيت‪ :‬أن املعي &&ة اخلاص &&ة من اهلل تك &&ون بالنص &&ر والتوفي &&ق‬
‫واإلعان&&ة‪ ،‬وه&&ذه خلص&&وص املتقني احملس&&نني‪ ،‬ول&&ذلك نالح&&ظ أن ه&&ذه املعي&&ة اخلاص&&ة أتت‬
‫مع األنبياء والصديقني {ال ْحَتَز ْن ِإَّن الَّلَه َمَعَنا} [التوبة‪.]٤٠:‬‬

‫ومع املالئكة‪ِ{ :‬إْذ ُيوِح ي َر ُّبَك ِإىَل اْلَم الِئَك ِة َأيِّن َمَعُك ْم } [األنفال‪.]١٢:‬‬

‫ومع املؤمنني‪َ{ :‬فال ِهَتُنوا َو َتْد ُعوا ِإىَل الَّس ْلِم َو َأْنُتُم اَألْع َل ْو َن َو الَّل ُه َمَعُك ْم } [حمم&د‪،]٣٥:‬‬
‫ِذ‬ ‫ِذ‬ ‫ِإ‬
‫ومن أوض & &&ح األدل & &&ة على ذل & &&ك قول & &&ه تع & &&اىل‪َّ { :‬ن الَّل َه َم َع اَّل يَن اَّتَق ْو ا َو اَّل يَن ُه ْم‬
‫ْحُمِس ُنوَن } [النحل‪.]١٢٨:‬‬

‫هذه هي املعية اخلاصة بالتوفيق والتسديد والنصر واإلعانة‪.‬‬

‫أم &&ا املعي &&ة العام &&ة فهي املعي &&ة باإلحاط &&ة والعلم؛ ألن &&ه تع &&اىل أعظم وأك &&رب من ك &&ل ش &&يء‪،‬‬
‫وهو حميط بكل شيء‪ ،‬فجميع اخلالئق يف يده أص&غر من حب&ة خ&ردل يف ي&د أح&دنا‪ ،‬ول&ه‬
‫ع &&ز وج &&ل املث &&ل األعلى‪ ،‬وه &&ذه املعي &&ة عام &&ة لك &&ل اخلالئ &&ق كم &&ا دلت علي &&ه اآلي &&ات ال &&يت‬
‫ذكرناها‪.‬‬

‫كونه األول واآلخر والظاهر والباطن‬


‫مث قال‪[ :‬وقوله سبحانه‪ُ{ :‬ه َو اَألَّو ُل َو اآلِخ ُر َو الَّظاِه ُر َو اْلَب اِط ُن َو ُه َو ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم}‬
‫[احلديد‪. ]]٣:‬‬

‫‪88‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫هذه اآلية فيها إثبات صفة األولية هلل سبحانه وتعاىل وصفة اآلخرية‪ ،‬والظاهرية‬
‫والباطني&&ة‪ ،‬وه&&ذه أرب&&ع ص&&فات فس&&رها الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم تفس&&ريًا ي&&بني معناه&&ا‪،‬‬
‫وذل&&ك فيم&&ا ثبت يف ص&&حيح مس&&لم من قول&&ه ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪( :‬اللهم أنت األول‬
‫فليس قبلك شيء)‪.‬‬

‫فاألول هو السابق لكل شيء‪ ،‬وليس قبله شيء‪ ،‬ق&&ال‪( :‬اللهم أنت األول فليس‬
‫قبلك شيء‪ ،‬وأنت اآلخر فليس بعدك شيء) ‪ ،‬فهو اآلخر سبحانه وتعاىل‪ ،‬فله اآلخري&&ة‬
‫املطلق &&ة؛ ألن &&ه ال &&دائم بال انته &&اء س &&بحانه وتع &&اىل‪ ،‬وه &&و الظ &&اهر ال &&ذي ليس فوق &&ه ش &&يء‪،‬‬
‫والب&&اطن ال&&ذي ليس دون&&ه ش&&يء‪ ،‬وك&&ل اث&&نني من ه&&ذه األمساء األربع&&ة مرتبط&&ان‪ ،‬ف&&األول‬
‫واآلخ&&ر مرتبط&&ان وهبم&&ا حيص&&ل كم&&ال املع&&ىن‪ ،‬والظ&&اهر والب&&اطن مرتبط&&ان وهبم&&ا حيص&&ل‬
‫كم &&ال املع &&ىن املراد إثبات &&ه هلل س &&بحانه وتع &&اىل‪ ،‬ف &&األول واآلخ &&ر فيهم &&ا إثب &&ات اإلحاط &&ة‬
‫الزماني &&ة ل &&ه س &&بحانه وتع &&اىل‪ ،‬والظ &&اهر والب &&اطن فيهم &&ا إثب &&ات اإلحاط &&ة املكاني &&ة ل &&ه ج &&ل‬
‫وعال‪.‬‬

‫مث أكد هذه اإلحاطة بقوله سبحانه وتعاىل‪َ{ :‬و ُه َو ِبُك ِّل َش ْي ٍء َعِليٌم} [احلدي&&د‪:‬‬
‫‪ ، ]٣‬و (الظ&&اهر) مض&&من مع&&ىن (العلي) ‪ ،‬فه&&و ظاهر على ك&&ل ش&&يء ظه&&ورًَا مكاني&ًا ‪-‬‬
‫فهو فوق كل شيء سبحانه وتعاىل‪ -‬وظهورًا معنويًا‪.‬‬

‫وأم&&ا الب&&اطن فق&&د فس&&ره بعض&&هم ب&&القريب‪ ،‬فق&&الوا‪ :‬ه&&و الق&&ريب من ك&&ل ش&&يء‪،‬‬
‫والق&&رب هن&&ا ليس الق&&رب ال&&ذي ذك&&ره اهلل ع&&ز وج&&ل ألوليائ&&ه‪ ،‬كقرب&&ه ممن دع&&اه‪ ،‬وقرب&&ه‬
‫من الساجد؛ فإن ذلك قرب خاص‪ ،‬وإمنا القرب هن&&ا ق&&رب ع&&ام‪ ،‬وه&&ذا على الق&&ول ب&&أن‬
‫الق &&رب ينقس &&م إىل ع &&ام وخ &&اص‪ ،‬وس &&يأيت رأي ش &&يخ اإلس &&الم رمحه اهلل يف ه &&ذه املس &&ألة‬
‫فيما يذكره من ص&فة الق&رب‪ ،‬وأن الق&رب ال ينقس&م إىل ق&رب ع&ام وخ&اص‪ ،‬ب&ل الق&رب‬
‫ال يكون إال خاصًا‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫وعلي &&ه فيك &&ون مع &&ىن الب &&اطن ال &&ذي ال ختفى علي &&ه من خلق &&ه خافي &&ة‪ ،‬فال حيجب‬
‫س&&بحانه وتع&&اىل خلق&&ه عن&&ه ش&&يء‪ ،‬ب&&ل ه&&و املطل&&ع على ظواهرهم وب&&واطنهم‪ ،‬وق&&د أط&&ال‬
‫الكالم على ه &&ذا ابن القيم رمحه اهلل يف (طري &&ق اهلج &&رتني) ‪ ،‬وملا أفهم وبني وخش &&ي أن‬
‫يكون القارئ غ&ري م&درك ملا ذك&ر‪ ،‬ق&ال‪ :‬ف&إذا مل تس&تطع فهم ه&ذا فدع&ه وج&اوزه إىل م&ا‬
‫تس&&تطيع‪ ،‬يع&&ين أن اإلنس&&ان ال يل&&زم أن يك&&ون م&&دركًا ملع&&ىن ك&&ل اس&&م من أمساء اهلل ع&&ز‬
‫وج &&ل على وج &&ه الكم &&ال‪ ،‬ف &&إذا خفي علي &&ه ش &&يء‪ ،‬أو ض &&اق ذهن &&ه أو فهم &&ه عن إدراك‬
‫مع &&ىن ش &&يء من أمساء اهلل ع &&ز وج&&ل‪ ،‬ف &&الواجب علي &&ه أن ي &&ؤمن مبا أخ&&رب اهلل ب &&ه ورس &&وله‬
‫على مراد اهلل ورسوله وميضي‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪40‬‬
‫معنى االستواء‬
‫سلسى فرماتا بوتري و سلسبيال فضيلة‬

‫إذا ج &&اء لف &&ظ (االس &&تواء) مقي &&دا ب(على) معن &&اه يف لغ &&ة الع &&رب ‪ :‬العل &&و على‬
‫ِذ‬
‫الشيء و االس&&تقرار علي&&ه كم&ا يف قول&&ه تع&&اىل ﴿َو اَّل ي َخ َل َق اَأْلْز َو اَج ُك َّلَه ا َو َجَع َل َلُك ْم‬
‫ِم َن اْلُف ْل ِك َو اَأْلْنَع اِم َم ا َتْر َك ُب ون ِلَتْس َتُو وا َعَلى ُظُه وِرِه َّمُث َت ْذ ُك ُر وا ِنْع َم َة َر ِّبُك ْم ِإَذا‬
‫اْس َتَو ْيُتْم َعَلْي ِه﴾ و املع&&ىن لتعل&&وا على ظهوره&&ا و تس&&تقروا عليه&&ا‪ .‬و كم&&ا يف قول&&ه تع&&اىل‬
‫عن سفينة نوح علي&ه الس&الم ﴿َو اْس َتَو ْت َعَلى اُجْلوِدِّي َو ِقي&َل ُبْع ًد ا ِلْلَق ْو ِم الَّظاِلِم َني ﴾ أي‬
‫اس &&تقرت على جب &&ل اجلودي‪ ،‬و كم &&ا يف قول &&ه تع &&اىل ﴿َف ِإَذا اْس َتَو ْيَت َأْنَت َو َمْن َمَع َك‬
‫َعَلى اْلُف ْلِك ﴾ أي استقرت عليه‪ .‬و يقال ‪( :‬اس&&توى فالن على س&&طح املنزل ) إذا ص&&عد‬
‫عليه و عاله واستقر عليه‪.‬‬

‫أم &&ا الع &&رش فه &&و يف اللغ &&ة ‪ :‬الس &&رير ال &&ذي للمل&&ك كم&&ا ق &&ال تع &&اىل عن بلقيس ‪:‬‬
‫﴿َو َهَلا َع ْر ٌش َعِظ يٌم﴾ فاس &&توى هلل تع &&اىل على الع &&رش معن &&اه ‪ :‬عل &&وه علي &&ه‪ ،‬واس &&تقراره‬
‫عليه علًو ا و اس&تقراًر ا حقيًق ا يلي&ق جبالل&ه‪ .‬و ه&ذا االس&تواء ال مياث&ل اس&تواء املخل&وقني‪.‬‬
‫و ع&&رش اهلل س&&رير ذو ق&وائم حتمل&ه املالئك&&ة‪ ،‬كم&ا ورد يف النص&&وص الش&&رعية‪ .‬فاس&&تواء‬
‫اهلل على عرش &&ه من ص &&فاته الفعلي &&ة ال &&يت دل عليه &&ا الكت &&اب و الس &&نة و إمجاع الس &&لف‪.‬‬
‫فمن أدلة القرآن ‪ :‬قوله تع&&اىل ﴿ِإَّن َّبُك الَّل اَّلِذي َل الَّس ا اِت اَأْل يِف ِس َّتِة‬
‫َخ َق َم َو َو ْر َض‬ ‫َر ُم ُه‬
‫َأَّياٍم َّمُث اْس َتَو ى َعَلى اْلَعْر ِش ﴾ [األعراف ‪﴿ ] 54 :‬الَّر َمْحُن َعَلى اْلَع ْر ِش اْس َتَو ى﴾ [ط&&ه‬
‫‪]5:‬‬

‫‪ 40‬عبد اهلل بن عبد العزيز بن محادة اجلربين‪ ،‬تسهيل العقيدة اإلسالمية (دار العصيمي للنشر والتوزيع‪ ,‬د‪.‬ت)‪ .‬ص‪134-121 .‬‬

‫‪91‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫من أدلة السنة‬


‫ما رواه ابن عباس عن الن&يب ص&لى اهلل علي&ه وس&لم أن&ه ق&ال ملا ذك&ر الش&فاعة ي&وم‬
‫القيام &&ة (( ف &&آيت ب &&اب اجلن &&ة فُيفَتح يل‪ ،‬ف &&آيت ريب تب &&ارك و تع &&اىل و ه &&و على كرس &&يه أو‬
‫سريره‪ ،‬فَأَخ ُّر له ساجًد ا))‬

‫وكالم املعتزل&&ة يف ه&&ذا الب&&اب‪ .‬ق&&ال أب&&و احلس&&ن األش&&عري يف كت&&اب اإلبان&&ة (( و‬
‫ق&&د ق&&ال ق&&ائلون من املعتزل&&ة و اجلهمي&&ة و احلروري&&ة ‪ :‬إن ق&&ول اهلل ع&&ز و ج&&ل ﴿ال &َّر َمْحُن‬
‫َعَلى اْلَعْر ِش اْس َتَو ى﴾ إنه استوىل و ملك و قهر و إن اهلل عز و جل يف كل مكان‪ ،‬و‬
‫جحدوا أن يكون اهلل عز و جل على عرشه‪.‬‬

‫قول السلف عنها‬


‫وق&&د أمجع الس&&لف ه&&ذه األم&&ة من أص&&حاب الن&&يب ﷺ و من بع&&دهم على أن اهلل‬
‫تع &&اىل ف &&وق عرش &&ه مس &&تو علي &&ه و مل يق &&ل أح &&د من الس &&لف ‪ :‬إن اهلل تع &&اىل ليس على‬
‫العرش‪.‬‬

‫وق& & &&د نق& & &&ل إمجاعهم و إمجاع مجي& & &&ع أه& & &&ل الس& & &&نة على ذل& & &&ك مجع من أه& & &&ل العلم من‬
‫املتقدمني واملتأخرين‪.‬‬

‫وقد ثبت عن إمام دار اهلجرة – و هو من تابعي التابعني – أنه سأل الرجل‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫أبا عبد اهلل ‪﴿ :‬ٱلَّر ۡح َٰم ُن َعَلى ٱۡل َعۡر ِش ٱۡس َتَو ٰى ‪ [ ﴾٥‬طه‪]5:‬‬

‫كي &&ف اس &&توى ؟ ف &&أطرق مال &&ك برأس &&ه ح &&ىت عاله الرحض &&اء ( أي ‪ :‬الع &&رق ) مث ق &&ال‪:‬‬
‫((االس &&تواء غ &&ري جمه &&ول‪ ،‬و الكي &&ف غ &&ري معق &&ول‪ ،‬و اإلميان ب &&ه واجب‪ ،‬و الس &&ؤال عن &&ه‬
‫بدعة‪ ،‬و ما أراك إال مبتدعا)) مث أمر به أن خيرج‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫و قال احلافظ الذهيب الشافعي ‪ (( :‬هذا ثابت عن مالك‪ ,‬و تقدم حنوه عن ربيعة ش&&يخ‬
‫مالك‪ ,‬و هو قول أهل السنة قاطبة ))‬

‫و مع &&ىن قول &&ه (( االس &&تواء غ &&ري جمه &&ول )) أي غ &&ري جمه &&ول مع &&ىن يف اللغ &&ة‪ ،‬ف &&إن مع &&ىن‬
‫املعل &&وم االس &&تقرار‪ .‬و قول &&ه ‪ (( :‬و الكي &&ف غ &&ري معق &&ول )) معن &&اه أنن &&ا الن &&درك كيفي &&ة‬
‫اس&تواء اهلل على عرش&ه بعقولن&ا‪ ،‬فال ميكن معرفته&ا إال بطري&ق الس&مع‪ ،‬و مل ي&رد الس&مع‬
‫ب&&ذكر الكيفي&&ة‪ ،‬فيجب الك&&ف عن&&ه عن ذكره&&ا‪ .‬و قول&&ه ‪ (( :‬اإلميان ب&&ه واجب )) ألن‬
‫اهلل أخرب به عن نفسه‪ ,‬فوجب تصديقه و اإلميان به على الوجه الالئق باهلل عز و جّل‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪41‬‬
‫صفات المنافقين‬
‫ساندرا أنرياين و سيت فاطمة الزهراء‬

‫تعريف النفاق‬
‫ُيطلق مصطلح الّنفاق على األشخاص الذين يّد عون اإلس&&الم‪ ،‬وُيظه&&رون عكس‬
‫ما خُي فون‪ ،‬وفيما يأيت تعريف الّنفاق يف الّلغة واالصطالح‪.‬‬

‫الّنفاق لغ ًة ه&&ذا الّلف&&ظ يف الّلغ&&ة م&&أخوٌذ من الفع&&ل ن&&اَفَق ‪ ،‬وأص&&له من الّنف&&ق؛ ألّن ا ن&&افق‬
‫ُمل‬
‫خُي في أم&َر ه‪ ،‬كمن ي&&دخل وخيت&&بئ يف الّنف&&ق‪ ،‬وقي&&ل إّن اللف&&ظ م&&أخوٌذ من نافق&&اء ال&&ريبوع‪،‬‬
‫وهو ُج ْح ره الذي حيفر األرض ليخرج منه‪ ،‬حىّت يوش&ُك أْن يبل&َغ س&&طح األرض‪ ،‬في&&رتك‬
‫طبقًة خفيفة لكي ال يعلَم أحد مبكان خمرجه‪ .‬وإذا خ&&اف من ش&&يٍء ‪ ،‬أو ش&ّك يف وج&&ود‬
‫ش&&يٍء ‪ ،‬رف&&ع رأس&&ه ل بع&&د ه&&ذه القش&&رة وخيرج منه&&ا‪ ،‬فك&&ان الّنف&&اق ش&&تًق ا منه&&ا؛ لك & ِن‬
‫ْو‬ ‫ُم‬ ‫ُي‬
‫ا ن&افق خُي في أم&ًر ا وُيظه&ر غ&ريه‪ ،‬ف&اُجلحر ال&ذي خيرج من&ه ال&ريبوع يف الّظاهر يك&ون تراًبا‬
‫ُمل‬
‫ُيغطي مكاًن ا ص &&غًريا من األرض‪ ،‬وحتت ه& &&ذا ال& &&رتاب حف& &&رة ال يراه& &&ا أح &&د‪ ،‬وك &&ذلك‬
‫الّنفاق‪.‬‬

‫الّنف اق اص طالًح ا ُيع &ّر ف الّنف&&اق اص&&طالًح ا بأّن ه‪ :‬إظه&&ار اإلس&&الم وإخف&&اء الكف&&ر‪ ،‬وق&&د‬
‫ّمسى بعض الفقهاء املنافَق زنديًق ا‪.‬‬

‫وقد ذكر كثيرا في القرآن الكريم عن صفات المنافقين‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ 41‬سندس املومين‪" ،‬ما معىن النفاق"‪ ،‬موضوع‪/https://mawdoo3.com ,2021 ،‬ما_معىن_النفاق‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ .1‬الكذب‬

‫يع&&ُّد الك&&ذب من الص&&فات ال&&يت يش&&تهر هبا املن&&افقون‪ ،‬وق&&د ذك&&ر ذل&&ك رس&&ول اهلل ‪-‬ص&&لى‬
‫اهلل علي &&ه وس &&لم‪ -‬وح &&ذر من &&ه‪ ،‬حيث ق &&ال‪) :‬آَي ُة الُم َن اِفِق َثاَل ٌث ‪ :‬إَذا َح َّد َث َك َذ َب ‪،‬‬
‫وإَذا وَعَد أْخ َلَف ‪ ،‬وإَذا اْؤ ُتِم َن َخ ان)‪.‬‬

‫التكاسل في أداء العبادات‬ ‫‪.2‬‬

‫الص &&فُة الثاني &ُة من ص &&فاِت املن &&افقَني أَّن ط &&اعتهم قليل &&ة‪ ،‬وإذا ق &&اموا إىل الطاع &&اِت الواجب &&ة‬
‫قاموا إليها بتكاسٍل وثقل‪ ،‬وقد بنَّي اهلل ‪-‬عَّز وجَّل‪ -‬هذه الصفة يف قوله ‪-‬تعاىل‪ِ﴿:-‬إَّن‬
‫اْلُم َن اِفِق يَن ُيَخ اِد ُعوَن الَّل َه َو ُه َو َخ اِد ُعُه ْم َو ِإَذا َق اُموا ِإَلى الَّص اَل ِة َق اُموا ُك َس اَلٰى‬
‫ُيَر اُءوَن الَّناَس َو اَل َيْذ ُك ُر وَن الَّلَه ِإاَّل َقِلياًل ﴾‪.‬‬

‫‪ .3‬الُج بن وشدة الخوف‬

‫ُع رف املن&&افقون ب&&اخلوِف وش&&دة اهلل&ِع ‪ ،‬واجلِنب ‪ ،‬وم&&ا يؤك&&د على ذل&&ك خ&&وفهم من القت&ِل‬
‫وسلب األموال بسبب كفرهم‪ ،‬وهذا اخلوف واجلِنب هو الذي دع&&اهم إلظه&&ار اإلس&الِم‬
‫ِم‬ ‫ِه‬ ‫ِل‬ ‫ِء‬
‫وإخف&&ا الكف&ِر ‪ ،‬وق&&د دَّل قول&&ه ‪-‬تع&&اىل‪َ﴿:-‬و َيْح ُف وَن ِبالَّل ِإَّنُه ْم َل نُك ْم َو َم ا ُه م ِّم نُك ْم‬
‫َو َٰلِكَّنُه ْم َقْو ٌم َيْف َر ُق وَن ﴾‪ ،‬على ص &&فة اخلوِف ال &&يت ُع رف املن &&افقون هبا؛ إذ أَّن يفرق &&ون‬
‫تعين خيافونكم‪.‬‬

‫السفه والتبعية وانعدام التفكير‬ ‫‪.4‬‬

‫أك &&ثر املن &&افقني يعلم &&ون أَّن اإلس &&الَم ه &&و ال &&ديُن احلَّق ‪ ،‬لكَّنهم ينك &&رون ذل &&ك؛ جملالس &&تهم‬
‫للكف &&اِر وانبه &&ارهم باحلض &&ارات الغربي &&ة واملادي &&ة‪ ،‬كم &&ا أَّن ك &&ثرة مساعهم للش &&بهات ال &&يت‬
‫ُتث&&ار ح&&ول اإلس &الِم ‪ ،‬يس&&بُب هلم البغض لإلس &الِم وأهل&&ه‪ ،‬ويكفي ه&&ذا لي&&دَّل على تبيعي&&ة‬
‫املن&&افق وانع&&داِم تفك&&ريه وقل&&ة عقل&&ه‪ ،‬وق&&د ج&&اء وص&&ف الس&&فه هلم يف قول&&ه ‪-‬تع&&اىل﴿َو ِإَذا‬

‫‪95‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِإ‬ ‫ِم‬ ‫ِم‬ ‫ِق‬


‫ي َل َلُه ْم آ ُن وا َك َم ا آَمَن الَّن اُس َق اُلوا َأُنْؤ ُن َك َم ا آَمَن الُّس َف َه اُءۗ َأاَل َّنُه ْم ُه ُم‬
‫الُّسَف َه اُء َو َٰلِكن اَّل َيْع َلُم وَن ﴾‪.‬‬

‫كره اإلسالم وحب الكفر‬ ‫‪.5‬‬

‫معل&&وٌم أَّن من ع&&رى اإلمياِن أن حيَّب املس&&لَم باِهلل وُيبغض في&&ه‪ ،‬ودلي&&ل ذل&&ك م&&ا ُر وي عن‬
‫رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حيث قال‪﴿ :‬إَّن َأوثَق ُعرى اإليماِن أْن ُتِح َّب في‬
‫اِهلل‪ ،‬وُتبِغَض في اِهلل﴾‪ ،‬ومن هذه النقطُة مُي كن استنباُط صفٍة من صفاِت املنافقَني وهي‬
‫كره اإلسالِم وأهله وحَّب الكفِر وأهله‪.‬‬

‫إظهار عكس ما يبطنون‬ ‫‪.6‬‬

‫من صفاِت املنافِق أيًض ا أَّنه ُيظهر للمسلمَني عكس م&ا ُيبطن‪ ،‬فيظه&َر هلم إس&المه وخيفي‬
‫عنهم كف&&ره‪ ،‬كم&&ا أَّنه ُيظه&&ر هلم احملب &َة واملودَة وخُي في عنهم الع&&داوة والبغض&&اَء‪،‬وق&&د ق&&ال‬
‫فيهم اهلل ‪-‬تع &&اىل‪ُ﴿ :‬يَخ اِد ُعوَن الَّل َه َو اَّل ِذ يَن آَم ُن وا َو َم ا َيْخ َد ُعوَن ِإاَّل َأنُفَس ُه ْم َو َم ا‬
‫َيْش ُعُر وَن ﴾‪.‬‬

‫مرض القلب‬ ‫‪.7‬‬

‫لق&&د ذك&&ر اهلل يف كتاب&&ه اجملي&&د ص&&فًة من ص&&فاِت املن&&افق وهي م&&رض القلِب حيث ق&&ال ‪-‬‬
‫تع & &&اىل ‪ِ﴿:‬في ُقُل وِبِه م َّم َر ٌض َفَز اَدُه ُم الَّل ُه َمَر ًض اۖ َو َلُه ْم َع َذ اٌب َأِليٌم ِبَم ا َك اُنوا‬
‫َيْك ِذ ُبوَن ﴾‪ ،‬وه &&ذا املرُض يع &&ُّد فس &&اًدا يف قلِب املن &&افِق جيع &&ل إدراك &&ه خمتاًل ‪ ،‬ف &&رتاه حيُّب‬
‫الباط&َل ويك&&رَه احلَّق ‪ ،‬باإلض&&افِة إىل أَّن أدىن الش&&بهات والش&&هواِت ت&&ؤثر يف قلب&&ه‪ .‬كم&&ا أَّن‬
‫املنافَق يكوُن متشكًك ا يف كِّل شيْء وفاقد اإلمياِن بأِّي ش&يٍء ‪ ،‬فيك&ون يف غرب&ٍة عن احلِّق‬
‫وأهله‪ ،‬كما أَّنه يغتَّم ويهتَّم بظهوِر أمِر رسول اهلل ‪-‬ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ونص&رته على‬
‫أعدائه وأعداء الديِن ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫االستهزاء بالمؤمنين‬ ‫‪.8‬‬

‫ومن ص&&فاِت املن&&افقني ال&&يت حتَّدث الق&&رآن الك&&رَمي عنه&&ا هي اس&&تهزائهم ب&&املؤمنني‪ ،‬حيث‬
‫ق &&ال ‪-‬تع &&اىل ﴿ِإَذا َلُق وا اَّل ِذ يَن آَم ُن وا َق اُلوا آَم َّن ا َو ِإَذا َخ َل ْو ا ِإَلى َش َياِط يِنِه ْم َق اُلوا ِإَّن ا‬
‫َمَعُك ْم ِإَّنَم ا َنْح ُن ُمْس َتْه ِز ُئوَن ﴾‪ ،‬فهم ُيظه&&روَن إمياهنم للمؤم&&نَني وخيف&&وَن كف&&رهم‪ ،‬وم&&ا‬
‫أن خيتلي املن &&افقون برؤس &&اء الكف &&ار خيربوهنم أهَّن م معهم وأَّن إظه &&ار إمياهنم إمَّن ا ه &&و من‬
‫باب االستهزاِء باملؤمنني‪ ،‬وه&دفهم من ذل&ك األمن من القت&اِل وحتقي&ق مص&اٍحل مادي&ٍة عن‬
‫طريق الصدقاِت والغنائم‪.‬‬

‫ومن ص &&ور اس &&تهزاِء املن &&افقني ب &&املؤمنَني أهَّن م عن &&د ن &&زوِل آي& &ِة قرآني& &ٍة جدي &&دًة يتس &&ائلوَن‬
‫اس &&تهزاًء أيكُم زادت &&ه ه &&ذه اآلي &&ة إمياًن ا؛ واهلدف من ذل &&ك ص &&رف املس &&لمني عن دينهم‬
‫وتزهي &&دهم في &&ه‪ ،‬وق &&د ُذك &&رت ه &&ذه الص &&ورة يف قول &&ه ‪-‬تع &&اىل ﴿َو ِإَذا َم ا ُأن ِز َلْت ُس وَر ٌة‬
‫ِذ‬ ‫ِذِه‬ ‫ِم‬
‫َف ْنُه م َّمن َيُق وُل َأُّيُك ْم َز اَدْت ُه َٰه ِإيَم اًن اۚ َفَأَّم ا اَّل يَن آَم ُن وا َفَز اَدْتُه ْم ِإيَم اًن ا َو ُه ْم‬
‫َيْس َتْبِش ُر وَن ﴾‪.‬‬

‫‪ .9‬الَّتَذ ْبُذ ُب والَّتَر ُّدد‬


‫ق&&ال تع&&اىل‪ُ ﴿ :‬مَذ ْب َذ ِبيَن َبْيَن َذِل َك اَل ِإَلى َه ُؤ اَل ِء َو اَل ِإَلى َه ُؤ اَل ء ﴾ [النس&&اء‪.]143 :‬‬
‫َفُه ْم ُمَتَح رِّي ون يف ِديِنهم‪ .‬ق &&ال رس &&ول اهلل ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم‪َ« :‬م َث ُل ا َن اِفِق َك َم َث ِل‬
‫ُمل‬
‫الَّش اِة الَع اِئَر ِة َبَنْي الَغَنَم ِنْي ؛ َتِع ُري ِإىَل َه ِذِه َم َّر ًة‪َ ،‬و ِإىَل َه ِذِه َم َّر ًة» رواه مس&&لم‪ .‬والَع ا َر ُة‪:‬‬
‫ِئ‬
‫ُع‪.‬‬ ‫ا َتْت َب‬ ‫ِه‬ ‫ِر‬
‫ْد ي َأِلِّي َم‬ ‫ا َتَر ِّدَدُة اَحلاِئَر ُة اَل َت‬
‫ُمل‬

‫‪ .10‬الَّتَكُّبُر واالْس ِتْك بار‬

‫‪97‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِه‬ ‫ِف‬ ‫ِإ ِق‬


‫قال اُهلل تع&&اىل‪َ ﴿ :‬و َذا ي&َل ُهَلْم َتَع اَلْو ا َيْس َتْغ ْر َلُك ْم َرُس وُل الَّل َلَّو ْو ا ُرُءوَس ُه ْم َو َر َأْيَتُه ْم‬
‫َيُص ُّدوَن َو ُه ْم ُمْس َتْك ُرِبوَن ﴾ [املن & &&افقون‪ .]5 :‬أي‪َ :‬ص ُّدوا وَأْع َر ُض وا عَّم ا قي & &&ل هلم‬
‫ا ِقي & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ل‪.‬‬ ‫ِل‬
‫اس & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&تكباًر ا عن ذل & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&ك‪ ،‬واحتق & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & & &&اًر ا َم‬

‫هل توجد الرهبانية في اإلسالم؟‬


‫شفاء فطرية و شفاء سلسبيال‬

‫تحقيق معنى الرهبانية‪:‬‬

‫ي& &&رى ابن األث& &&ري يف "هنايت& &&ه" أن أص& &&ل الرهبن& &&ة من اخلوف؛ إذ ك& &&ان النص& &&ارى‬
‫ي&&رتَّه بون ب&&التخِّلي من أش&&غال ال&&دنيا‪ ،‬وت&&رك مالِّذه &&ا‪ ،‬والزه&&د فيه&&ا‪ ،‬والعزل&&ة عن أهله&&ا‪،‬‬
‫وتعم&&د مش&&اقها‪ ،‬ح&&ىت إن منهم َم ن ك&&ان خيص&&ي نفس&&ه‪ ،‬ويض&&ع السلس&&لة يف عنق&&ه‪ ،‬وغ&&ري‬
‫ذل&&ك من أن&&واع التع&&ذيب‪ .‬والرهب&&اُن ‪ :‬مجع راهٍب ‪ ،‬وق&&د يق&&ع على الواح&&د‪ ،‬وجُي م&&ع على‬
‫َر ه& &&ابني ورهابن & &ٍة‪ .‬والرهبن& &&ة فعَلن & &ٌة من& &&ه‪ ،‬أو فعَلل& &&ة؛ على تق& &&دير أص & &لَّية الن& &&ون وزيادهتا‪.‬‬
‫والرهبانية‪ :‬منسوبة إىل الرهبنة؛ بزيادة األلف‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ج &&اء يف تفس &&ري الفخ &&ر ال &&رازي‪" :‬الَّر هباني &&ة معناه &&ا الفعل &&ة املنس &&وبة إىل الَّر هب &&ان‪،‬‬
‫وهو اخلائف‪َ ،‬فعالٌن من رهب‪ ،‬كَخ شيان من خشي‪ ،‬وُقرئ‪َ( :‬و ُر ْه َباِنَّيًة) بالضم؛ كأهنا‬
‫نسبٌة إىل الُّر هب&ان‪ ،‬وه&و مجع راهٍب ؛ ك&راكٍب وُر كب&اٍن ‪ ،‬واملراد من الَّر هباني&ة ت&رُّه بهم يف‬
‫اجلبال‪ ،‬فاِّر ين من الفتنة يف الدين‪ ،‬خُم لصني أنفسهم للعبادة‪ ،‬ومتحملني َك لًف ا زائ&&دًة على‬
‫العبادات اليت كانت واجبًة عليهم؛ من اخلل&&وة‪ ،‬واللب&&اس اخلش&&ن‪ ،‬واالع&&تزال عن النس&&اء‪،‬‬
‫والتعبد يف الغريان والكهوف"‪.‬‬

‫أما الرهبانية املنهي عنها وال&&يت ختالف اإلس&&الم فهي ت&&رك االش&&تغال ب&&أمر املع&&اش‪،‬‬
‫واالنقط&&اع الكام&&ل للعب&&ادة‪ ،‬وق&&د تك&&ون بتح&&رمي بعض املباح&&ات لالس&&تعانة على العب&&ادة‪،‬‬
‫كما يف احلديث املتفق عليه عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه قال‪ :‬ج&&اء ثالث&&ة ره&&ط إىل‬
‫بيوت أزواج النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬يسألون عن عبادة الن&&يب ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪،‬‬
‫فلما أخربوا كأهنم تقاُّلوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين حنن من النيب صلى اهلل عليه وسلم؟ قد غف&&ر اهلل‬
‫له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬ق&ال أح&دهم‪ :‬أم&ا أن&ا ف&إين أص&لي اللي&ل أب&دا‪ ،‬وق&ال آخ&ر‪:‬‬
‫أنا أصوم ال&دهر وال أفط&ر‪ ،‬وق&ال آخ&ر‪ :‬أن&ا أع&تزل النس&اء فال أت&زوج أب&دا‪ ،‬فج&اء رس&ول‬
‫اهلل صلى اهلل علي&ه وس&لم فق&ال‪ :‬أنتم ال&ذين قلتم ك&ذا وك&ذا؟ أم&ا واهلل إين ألخش&اكم هلل‬
‫وأتقاكم له‪ ،‬لكين أصوم وأفطر‪ ،‬وأص&لي وأرق&&د‪ ،‬وأت&&زوج النس&&اء‪ ،‬فمن رغب عن س&&نيت‬
‫فليس مين‪ .‬أما عبارة "ال رهبانية يف اإلس&&الم" فهي مش&&هورة على أهنا ح&&ديث‪ ،‬وليس&&ت‬
‫حبديث‪ ،‬وقد ذكرها العجلوين يف كشف اخلف&اء ومزي&ل اإللب&اس عم&ا ي&دور من احلديث‬
‫على ألسنة الناس‪ .‬حيث قال هناك‪( :‬ال رهبانية يف اإلسالم) قال ابن حجر‪ :‬مل أره هبذا‬
‫اللف& &&ظ‪ ،‬لكن يف ح& &&ديث س& &&عد بن أيب وق& &&اص عن& &&د ال& &&بيهقي‪ :‬إن اهلل أب& &&دلنا بالرهباني& &&ة‬
‫‪42‬‬
‫احلنيفية السمحة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫‪ 42‬ال تناقض بني عبارة رهبان بالليل وال رهبانية (‪)islamweb.net‬‬

‫‪99‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫حكم الرهبانية‬
‫يوضح الشيخ ابن تيمية ب&أن ه&ذه الرهباني&ة مل ُيش&ِّر عها اهلل‪ ،‬ومل جيعله&ا مش&روعًة‬
‫هلم؛ بل نفى جْع َله عنها كما نفى ذلك عَّم ا ابتدعه املش&ركون؛ بقول&&ه‪َ ﴿ :‬م ا َجَع َل الَّل ُه‬
‫ِم ْن ِحَب َريٍة َو اَل َس اِئَبٍة َو اَل َو ِص يَلٍة َو اَل َح اٍم ﴾ [املائدة‪.]103 :‬‬

‫وه &&ذا اَجلع &&ل املنفُّي عن الب &&دع ه &&و اَجلع& &ُل ال &&ذي أثبت &&ه للمش &&روع بقول &&ه تع &&اىل‪:‬‬
‫﴿ ِلُك ٍّل َجَعْلَن ا ِم ْنُك ْم ِش ْر َعًة َو ِم ْنَه اًج ا ﴾ [املائ &&دة‪ ،]48 :‬وقول &&ه‪ِ ﴿ :‬لُك ِّل ُأَّم ٍة َجَعْلَن ا‬
‫َم ْنَس ًك ا ُه ْم َناِس ُك وُه ﴾ [احلج‪]67 :‬؛ فالرهبانية ابتدعوها‪ ،‬مل يشرعها اهلل للناس‪.‬‬

‫وبنَّي الفخر الرازي بأن رهبانيًة منص&&وبٌة بفع&ٍل مض&&مر‪ ،‬يفِّس ره الظ&اهر‪ ،‬تق&&ديره‪:‬‬
‫ابتَد عوا رهبانيًة ابتدعوها‪ ،‬مث ذكر بأَّن يف قول&ه‪ ﴿ :‬ا َك َت َنا ا َل ِه ِإاَّل ا ِتَغ ا ِر ْض اِن‬
‫َم ْب َه َع ْي ْم ْب َء َو‬
‫الَّلِه ﴾ [احلديد‪ ]27 :‬قوَلني‪ :‬أحدمها‪ :‬أنه استثناٌء منقطٌع ؛ أي‪ :‬ولكنهم ابتدعوها ابتغاء‬
‫رضوان اهلل‪.‬‬

‫وه &&ذا م &&ا أك &&ده الش &&يخ ابن تيمَّي ة بقول &&ه‪ :‬مث ق &&ال‪ِ ﴿ :‬إاَّل اْبِتَغ اَء ِر ْض َو اِن الَّل ِه ﴾‬
‫[احلدي&&د‪]27 :‬؛ أي‪ :‬مل َيكتب عليهم إال ابتغ&&اَء رض&&واِن اهلل‪ ،‬وابتغ&&اُء رض&&وان اهلل بِف ع&&ل‬
‫م&&ا أم&&ر ب&&ه ال مبا ُيبت&َد ع‪ ،‬وه&&ذا يس&&مى اس&&تثناًء منقطًع ا‪ .‬وال جيوز أن يك&&ون املع&&ىن أن اهلل‬
‫كتبه &&ا عليهم ابتغ &&اَء رض &&وان اهلل؛ ف &&إَّن اهلل ال َيفع &&ل ش &&يًئا ابتغ &&اَء رض &&وان نفس &&ه‪ ،‬وال أن‬
‫املعىن أهنم ابتَد عوها ابتغاء رض&وانه كم&ا َيظن ه&ذا وه&ذا بعُض الغ&الطني؛ كم&ا ق&د بس&ط‬
‫‪43‬‬
‫يف موضٍع ‪.‬‬

‫وثبت يف الصحيحني أن نفرا من أصحاب النيب ‪ -‬ص&لى اهلل علي&ه وس&لم ‪ -‬ق&ال‬
‫أحدهم‪ :‬أما أنا فأصوم ال أفطر وقال آخر‪ :‬أما أن&ا ف&أقوم ال أن&ام وق&ال آخ&ر‪ :‬أم&ا أن&ا فال‬
‫أتزوج النساء وقال آخر‪ :‬أما أنا فال آكل اللحم‪ .‬فق&&ام الن&&يب ‪ -‬ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ‪-‬‬

‫‪ 43‬عمر عيسى عمران‪" ،‬قوانني قرآنية"‪ ،‬األلوكة الشرعية‪.2015،‬‬

‫‪100‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫خطيب&&ا فق&&ال‪ :‬م&&ا ب&&ال رج&&ال يق&&ول أح&&دهم ك&&ذا وك&&ذا لك&&ين أص&&وم وأفط&&ر وأق&&وم وأن&&ام‬
‫وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنيت فليس مين‪.‬‬

‫ويف ص&&حيح البخ&&اري أن الن&&يب ‪ -‬ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ‪ -‬رأى رجال قائم&&ا يف‬
‫الش&&مس فق&&ال‪ :‬م&&ا ه&&ذا؟ ق&&الوا‪ :‬ه&&ذا أب&&و إس&&رائيل ن&&ذر أن يق&&وم يف الش&&مس وال يس&&تظل‬
‫‪44‬‬
‫وال يتكلم ويصوم ‪ .‬فقال‪ :‬مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه‪.‬‬

‫وسع الجنة والنار‬


‫ولدى ثانيا و نور العيش‬

‫ط&&ول اجلن&&ة وعرض&&ها للعلم&&اء يف تفس&&ري ع&&رض اجلن&&ة رأي&&ان‪ ،‬فق&&ال ابن عباس ‪:‬‬
‫ُتقَر ن الّس مواُت واألرض بعضها إىل بعض‪ ،‬كم&ا ُتبس&&ط الِّثي&&اب وُيوَص ل بعض&&ها ببعض‪،‬‬
‫ف& &&ذلك ع& &&رض اجلّن ة‪ ،‬وال يعلم طوهُل ا إال اهلل‪ .‬وه& &&و ق& &&ول جمه ور العلم اء‪ .‬ونّب ه اهلل‬
‫بالَعرض على الطول؛ ألّن الغالب أن الُّطول يكون أكثَر من العرض‪.‬‬

‫وقال قوم ‪ :‬ا راد بعرض اجلّنة َس عتها‪ ،‬ماال يقاِبل طوهلا‪ ،‬فلّم ا كانت اَجلّنة من‬
‫ُمل‬
‫ِع‬
‫االِّتس&&اع واالْنفس&&اح يف غاي&&ة ُقص&َو ى حُس نت ال ب&&ارة عنه&&ا بع&&رض الس&&موات واألرض‪،‬‬

‫‪ 44‬هل كانت الرهبانية مشروعة عند النصارى؟ ‪ -‬اإلسالم سؤال وجواب (‪)islamqa.info‬‬

‫‪101‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫كم&&ا تق&&ول للرج&&ل‪ ،‬ه&&ذا حبر‪ .‬ومل تقص&&د اآلي&&ة ب&&ذلك حتدي&&د الع&&رض‪ ،‬ولكن أراد التعب&&ري‬
‫بذلك أهّن ا أوسع شيٍء رأيتموه‪.‬‬

‫فق &&د ت &&بني أن للعلم &&اء ق &&ولني يف تفس &&ري اآلي &&ة ‪ :‬ق &&ول اجلمه &&ور ‪ :‬أن املراد هن &&ا‬
‫العرض احلقيقي‪ ،‬ويف ضمنه تنبيه على الطول ‪ ،‬والقول الثاين أن املراد بيان سعة اجلن&&ة ‪،‬‬
‫دون خصوص ذكر الطول والعرض ‪ ،‬وإمنا جرى التعبري على عادة العرب يف مثل ذلك‬
‫‪ .‬وأيا ما كان األمر ‪ ،‬فال وجه ملا ذكر يف السؤال من التمثي&ل مبس&احة ‪ ، ...‬فه&ذا كل&ه‬
‫بعي &&د عن الوج &&ه املذكور يف اآلي &&ة ‪ ،‬والري &&اض ال &&يت مث &&ل هبا ‪ :‬هي ج &&زء من الس &&عودية ‪،‬‬
‫وأما السماوات واألرض فأمران مستقالن متاما ‪.‬‬

‫وق&&د ج&&رت ع&&ادة البي&&ان الش&&رعي يف مث&&ل ذل&&ك ‪ ،‬ب&&التعبري عن املع&&اين الغيبي&&ة ‪ ،‬مبا‬
‫يفهمون &&ه الن &&اس من لغتهم ‪ ،‬ويعتادون &&ه من خط &&اهبم ‪ ،‬وال ش &&ك أن ذك &&ر األرض ال &&يت‬
‫يعرفوهنا ‪ ،‬ويشاهدون سعتها ‪ ،‬وامت&&داد أطرافه&&ا ‪ ،‬أدل على املقص&&ود ‪ ،‬وأق&&رب إىل فهم‬
‫‪45‬‬
‫املراد من طي ذكرها باملرة‬
‫‪46‬‬
‫وسع حوض النبي صّلى اهلل عليه وسّلم‬

‫عن أنس بن مال&&ك ‪ -‬رض&&ي اهلل عن&&ه ‪ -‬أن رس&&ول اهلل – ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‬
‫– ق &&ال‪ ( :‬إن ق &&در حوض &&ي كم &&ا بني أيل &&ة اىل ص &&نعاء من اليمن‪ ،‬وإن في &&ه من األب &&اريق‬
‫كعدد جنوم السماء ) رواه البخاري ‪.‬‬
‫مسافة بين أبواب الجنة‬
‫وَيِص ُف لن&&ا الّن ُّيب ص &ّلى اهلل علي&&ه وس &ّلم تل&&ك األب&&واب وس&&عتها‪ ،‬فيق&&ول كم&&ا يف‬
‫ح &&ديث أيب هري &&رة رض &&ي اهلل عن &&ه‪( :‬واّل ذي نفس حمّم د بي &&ده‪ ،‬إّن م &&ا بني اِملْص راعني ‪-‬‬

‫‪https://islamqa.info/ar/answers/201529 45‬‬
‫‪https://muslim.or.id/35819-kutunggu-engkau-di-telagaku-02.html 46‬‬

‫‪102‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫ِم ْص راعا الباب جانباه‪ -‬من مصاريع اجلّنة لكما بني مّك ة وَه َج ر‪- 47‬أو‪َ -‬ه َج َر ومك&&ة)‪،‬‬
‫ويف لفظ‪( :‬لكما بني مّك ة وُبصرى) مّتفق عليه‬
‫ِد ِه‬ ‫ِل ِد‬
‫روى الرتم &&ذي (‪َ )2548‬عْن َخ ا ْبِن َأيِب َبْك ٍر ‪َ ،‬عْن َس اِمِل ْبِن َعْب الَّل ‪َ ،‬عْن‬
‫َأِبيِه‪َ ،‬قاَل ‪َ :‬قاَل َرُس وُل الَّل ِه َص َّلى الَّل ُه َعَلْي ِه َو َس َّلَم ‪َ :‬باُب ُأَّم يِت اَّلِذي َيْد ُخ ُلوَن ِم ْن ُه اَجلَّن َة‬
‫َعْر ُضُه َم ِس َريُة الَّر اِكِب ا َج ِّو ِد َثاَل ًثا‪َّ ،‬مُث ِإَّنُه ْم َلُيْض َغُطوَن َعَلْي ِه َح ىَّت َتَك اَد َم َن اِكُبُه ْم َتُز وُل‬
‫ُمل‬
‫ِث‬ ‫ِد‬ ‫ِد‬
‫مث ق&&ال الرتم&&ذي‪َ " :‬ه َذ ا َح يٌث َغ ِر يٌب ‪َ .‬س َأْلُت َحُمَّم ًد ا‪َ ،‬عْن َه َذ ا اَحل ي ‪َ ،‬فَلْم َيْع ِر ْف ُه‪،‬‬
‫وَقاَل ‪َ :‬خِلاِلِد ْبِن َأيِب َبْك ٍر َم َن اِكُري َعْن َس اِمِل ْبِن َعْب ِد الَّل ِه " انتهى‪ .‬وض&عفه الش&يخ األلب&اين‬
‫يف "ضعيف سنن الرتمذي"‪.‬‬

‫سعة جهنم‬
‫ما حصل أهل جهّنم من الضيق معنوًّيا‬
‫الض&يق يف جهنم إح&دى وس&ائل الع&ذاب ال&يت يص&بها اهلل على الكف&ار والعص&اة‪..‬‬
‫فالض & &&يق يش & &&مل ظواهرهم وب & &&واطنهم‪ ،‬وكي & &&ف ال ونفوس & &&هم أص & &&اهبا من اهلم والغم‬
‫واحلس &&رة م &&اال يوص &&ف مما هم في &&ه من الع &&ذاب والنك &&ال‪ ..‬ح &&ر ومحيم ومسوم وحيم &&وم‬
‫سالس & &&ل وأص & &&فاد وظلم & &&ة وس & &&واد‪ ..‬وق & &&د اجتمعت عليهم أل & &&وان الع & &&ذاب وأش & &&كاله‬
‫فنفوسهم ضيقة ض&نكة‪ ،‬وف&وق ذل&ك كل&ه جتدهم حمش&ورين يف أض&يق األم&اكن يف جهنم‬
‫ِن‬ ‫ِم‬
‫تنكيًال هبم وزي &&اد هلم يف الغم واهلم ق &&ال تع &&اىل‪َ﴿ :‬و ِإَذا ُأْلُق وا ْنَه ا َم َك ان &ًا َض ِّيقًا ُمَق َّر َني‬
‫َدَعْو ا ُه َناِلَك ُثُبور﴾ [الفرقان ‪ ]13‬فهم ملقون يف أضيق األماكن‪ ،‬وق&&د ك&&انوا يف ال&&دنيا‬
‫ينحت&&ون من اجلب&&ال القص&&ور ف&&رحني هبا‪ ،‬فم&&ا أح&&وجهم ي&&وم القيام&&ة إىل ش&&رب من األرض‬
‫ِك‬
‫يعب&&دون اهلل في&&ه فينج&&ون من ذل&&ك الض&&يق وذل&&ك الع&&ذاب‪ .‬ق&&ال تع&&اىل‪َ﴿ :‬ك اَّل ِإَّن َت اَب‬
‫اْلُف َّج اِر َلِف ي ِس ِّج ٍني ﴾ قال أبو عبدة‪ ":‬أي لفي حبس وضيق شديد" [فتح القدير]‪.‬‬
‫‪ 47‬أطلقت عليها اسم هجر وهي عاصمة إلقليم البحرين‪ ،‬وأيضا يطلق هذا االسم على املنطقة املمتدة من البصرة إىل سلطنة عمان‬
‫مث حتوا امسها ‪https://mawdoo3.com‬إ ىل اإلحساء حديثا‬

‫‪103‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫سعتها‪:‬‬

‫وجهنم م&&ع م&&ا حيص&&ل ألهله&&ا من الض&&يق‪ ،‬فهي واس&&عة ض&&خمة‪ ،‬ي&&دل على ذل&&ك‬
‫ما رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم‪ ،‬إذ مسع‬
‫وجب &&ة (أي س &&قطة) فق &&ال الن &&يب ص &&لى اهلل علي &&ه وس &&لم ‪ ":‬ت &&درون م &&ا ه &&ذا؟ قلن &&ا‪ :‬اهلل‬
‫ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬هذا حج&ر رمي ب&ه يف الن&ار من&ذ س&بعني خريف&ًا‪ ،48‬فه&و يه&وى‪ 49‬يف‬
‫الن&&ار إىل اآلن" [مس&&لم]‪ .‬وعن مع&&اذ بن جب&&ل ‪ :‬أن&&ه ك&&ان خيرب أن رس&&ول اهلل ﷺ‬
‫قال‪ :‬وال&ذي نفس&ي بي&ده إن بع&د م&ا بني ش&فري‪ 50‬الن&ار إىل أن يبل&غ قعره&ا‪ 51‬لص&خرة زن&ة‬
‫س &&بع خلف &&ات‪ ،‬وهي الن &&وق احلامالت بش &&حومهن وحلومهن وأوالدهن‪ ،‬هتوي فيم &&ا بني‬
‫ش&&فري الن&&ار إىل أن تبل&&غ قعره&&ا س&&بعني خريًف ا [رواه الط&&رباين يف الكب&&ري‪ ،16774:‬وق&&ال‬
‫األلب &&اين‪" :‬ص &&حيح لغ &&ريه" كم &&ا يف ص &&حيح ال &&رتغيب وال &&رتهيب‪.]3674 :‬يع &&ين ه &&ذا‬
‫الصخرة الكبرية جدًا‪ ،‬إذا هوت تصل بعد سبعني سنة‪.‬‬

‫ومما ي&&دل على س&&عة الن&&ار وعظمه&&ا ك&&ثرة ال&&داخلني إليه&&ا على م&&ا هم علي&&ه من ض&&خامة‬
‫اجلس&م وعظم اهليئ&ة‪ ،‬وك&ذلك ق&ذف الش&مس والقم&ر فيه&ا على ض&خامة الش&مس وس&عة‬
‫القم&&ر‪ ،‬ق&&ال رس&&ول اهلل ص&&لى اهلل علي&&ه وس&&لم ‪ ":‬الش&&مس والقم&&ر ث&&وران‪ 52‬مك&&وران يف‬
‫الن &&ار ي &&وم القيام &&ة‪[ "53‬السلس &&لة الص &&حيحة]‪ .‬و ج &&اء احلديث عن أيب هري &&رة عن الن &&يب‬
‫ﷺ قال‪ :‬ما بني منكيب‪ 54‬الك &&افر مس &&رية ثالث &&ة أي &&ام لل &&راكب املس &&رع‪[ 55‬رواه‬
‫‪ 48‬خريفا هو كلمة عربية تعين فصل اخلريف‪ ،‬وهو فصل من فصول السنة ميتد من ‪ 22‬أو ‪ 23‬أيلول (سبتمرب) إىل ‪ 21‬كانون‬
‫األول (ديسمرب)‪ ،‬مبعىن سنًة‬
‫‪ 49‬يعين امليل أو االحندار حنو شيء ما‪ ،‬وميكن استخدامها يف الداللة على سرعة وصول شيء ما إىل مكان ما‬
‫‪ 50‬ناحية الوادي من أعاله‬
‫‪ 51‬القعر هو اجلزء األسفل من شيء ما‪ ،‬وميكن أن يشري إىل أقصى عمق أو هناية أسفل أي شيء‬
‫‪ 52‬مصطلح يشري إىل انبعاث مادة ما بشكل مفاجئ وعنيف‬
‫‪ 53‬هذا يعين أهنما سيكونان مطويان وملتفني على نفسهما‪ ،‬وسيذهب ما فيهما من الضوء واإلنارة‬
‫‪ 54‬املنكب هو جمتمع رأس العضد والكتف‬
‫‪ 55‬مبعىن املسافة اليت متر هبا النار اليت يعاقب فيها الكافرين يف اآلخرة بني منكبيهما تساوي مسافة ثالثة أيام للراكب املسرع‬

‫‪104‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫البخاري‪ ،6551:‬ومسلم‪ .]7365 :‬فأجسامهم تتضخم جدًا‪ ،‬ليعظم العذاب‪ .‬وجاء‬


‫يف حديث أيب سعيد عن&&د احلاكم‪ :‬أن رس&&ول اهلل ﷺ ق&&ال‪ :‬مقع&&د الك&&افر يف الن&&ار‬
‫مس&&رية ثالث&&ة أي&&ام ه&&ذا املك&&ان ال&&ذي يقع&&د في&&ه وك&&ل ض&&رس‪ 56‬مث&&ل أح&&د ك&&ل ض&&رس من‬
‫أضراس &&ه مث &&ل جب &&ل أح &&د وفخ &&ذه مث &&ل ورق &&ان حجم الفخ &&ذ‪ ،‬ه &&و اآلن يش &&به هلم جبب &&ال‬
‫يعرفوهنا وجلده سوى حلمه وعظامه اجلل&د فق&ط أربع&ون ذراًع ا [رواه أمحد‪،11250 :‬‬
‫واحلاكم‪ ،8771 :‬وحسنه األلباين كما يف صحيح الرتغيب والرتهيب‪.]3683 :‬‬

‫ولِك أن تتصوري ضخامة جهنم وعظمها‪ ،‬فهي واس&&عة عظيم&&ة‪ ،‬كب&&رية مهول&&ة‪،‬‬
‫وم &&ع ذل &&ك جيد فيه &&ا اجملرم &&ون من الض &&يق والحبس م &&ا يعض &&ون علي &&ه األنام &&ل من ن &&دم‬
‫التفري&&ط يف ال&&دنيا‪ ،‬ول&&ك أن تتص&&وري جس&&رها وكي&&ف أن&&ه يكفي حلم&&ل اخلالئ&&ق كلهم‬
‫يوم القيامة‪ ،‬فكيف جبهنم نفسها؟ قال ابن رجب ‪-‬رمحه اهلل‪" :-‬وأما سعة جهنم ط&وًال‬
‫وعرًض ا‪ ،‬فروى جماهد عن ابن عباس قال‪ :‬أتدرون م&ا س&عة جهنم؟ قلن&ا‪ :‬ال‪ ،‬ق&ال‪ :‬أج&ل‬
‫واهلل م &&ا ت &&درون أن بني ش &&حمة أذن‪ 57‬أح &&دهم وأنف &&ه مس &&رية س &&بعني خريًف ا‪ ،‬جتري في &&ه‬
‫أودي&&ة‪ 58‬القيح وال&&دم‪ ،‬قلن&&ا‪ :‬أهنار؟ ق&&ال‪ :‬ال ب&&ل أودي&&ة‪ ،‬مث ق&&ال‪ :‬أت&&درون م&&ا س&&عة جهنم؟‬
‫قلن & &&ا‪ :‬ال‪ ،‬ق & &&ال‪ :‬ح & &&دثتين عائش & &&ة أهنا س & &&ألت رس & &&ول اهلل ﷺ عن قول & &&ه تع & &&اىل‪:‬‬
‫َو اَأْلْر ُض ِمَج يًع ا َقْبَض ُتُه َيْو َم اْلِق َياَم ِة َو الَّس ماَو اُت َم ْطِو َّي اٌت ِبَيِم يِن ِه ُس ْبَح اَنُه َو َتَع اىَل َعَّم ا‬
‫ُيْش ِر ُك وَن [الزمر‪ ]67 :‬ف&أين الن&اس يومئ&ذ؟ عائش&ة س&ألت الن&يب ﷺ إذا اهلل قبض‬
‫األرض والسموات‪ ،‬األرض والسموات قبضهن بيده‪ ،‬فأين الناس يومئذ؟ أين يكونون؟‬
‫أين مك &&اهنم؟ ق &&ال ﷺ‪ :‬على جس &&ر‪ 59‬جهنم وه &&و ح &&ديث ص &&حيح [رواه أمحد‪:‬‬

‫‪ 56‬الضرس هو سن من األسنان اخللفية‬


‫‪ 57‬اجلزء اللحمي املتديل أسفل صيوان األذن‬
‫‪ 58‬منخفضات طبيعية متتد بني اجلبال أو التالل أو السهول‬
‫‪ 59‬هو جسر الصراط الذي ميتد على منت جهنم ويصعدون عليه إىل اجلنة‪ ،‬وَم ن سقط سقط يف النار‬

‫‪105‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫‪ ،24900‬وقال حمققو املس&ند‪" :‬إس&ناده ص&حيح"‪ ،‬وص&حح إس&ناده األلب&اين يف السلس&لة‬


‫الصحيحة‪ .]561 :‬فكل الناس اجتمعوا على جسرها العظيم‪ ،‬ينتظرون نتيجة املصري‪.‬‬

‫ومما يدل على سعة جهنم كثرة املالئكة الذين يأتون هبا ي&وم القيام&ة‪ .‬ق&ال ص&لى‬
‫اهلل علي&&ه وس&&لم ‪ ":‬ي&&ؤتى جبهنم يومئ&&ذ هلا س&&بعون أل&&ف زم&&ام‪ ،60‬م&&ع ك&&ل زم&&ام س&&بعون‬
‫أل &&ف مل &&ك" [مس &&لم] وق &&ال اهلل ج &&ل وعال‪َ ﴿ :‬و ِج يَء َيْو َم ِئ ٍذ َجِبَه َّنَم ﴾ (الفج &&ر ‪)23‬‬
‫وه&&ذا م&&ا ي&&دل على عظمه&&ا وأهنا تس&&ع الكف&&ار واجملرمني والعص&&اة‪ .‬ول&&ك أن تتص&&ور ه&&ذا‬
‫الع& &&دد اهلائ& &&ل من املالئك& &&ة وهم ي& &&أتون ي& &&وم القيام& &&ة‪ ،‬وك& &&ل مل& &&ك ال يعلم عظم قوت& &&ه‬
‫وضخامته وشكله إال اهلل‪ .‬واهلل أعلم بالصواب‪.‬‬

‫و الحمد هلل رّب العالمين‬

‫‪ 60‬الزمام هو اخليط الذي يشد يف الربة أو يف اخلشاش مث يشد إىل طرف املقّو د‪ ،‬ويستخدم لقيادة احليوانات أو إلمساكها بإحكام‬

‫‪106‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫فهرس‬

‫سجود املخلوقات ‪...........................................................................‬‬


‫خلق اإلنس و اجلن و امللك و احليوان و النبات ‪................................................‬‬
‫املالئكة و اجلن ‪.........................................................................‬‬
‫خلق إبليس من نار ‪........................................................................‬‬
‫كان من املالئكة ‪.........................................................................‬‬
‫……………………………………‪................‬‬ ‫كان من اجلن‬
‫النبات و احليوانات ‪........................................................................‬‬
‫أنواع الفواكه يف القرآن ‪....................................................................‬‬
‫إثبات صفة الوجه هلل عز وجل ‪..............................................................‬‬
‫إثبات صفة الكالم هلل ‪....................................................................‬‬
‫القرآن كالم اهلل ‪......................................................................‬‬

‫‪107‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫صفة اليد والكف واألصابع واألنامل هلل تعاىل ‪..............................................‬‬


‫عذاب أهل النار يف القرآن ‪.................................................................‬‬
‫مفهوم العذاب ‪.......................................................................‬‬
‫من أنواع العذاب ‪..................................................................‬‬
‫صفات لباس أهل اجلنة و الفراش ‪............................................................‬‬
‫لباس أهل اجلنة وحليهم ومباخرهم ‪.......................................................‬‬
‫بيوت اجلّنة وفراِش ها ‪.....................................................................‬‬
‫فراش أهل اجلنة ‪.......................................................................‬‬
‫صفات حور عني يف القرآن ‪................................................................‬‬
‫ِص َف ات اُحلوِر الِعِني ا ْذ كوَر ِة يف الُقرآِن ‪....................................................‬‬
‫َمل‬
‫احلور العني جائزة الكاظمني الغيظ ‪........................................................‬‬
‫أنواع العيون يف اجلنة ‪......................................................................‬‬
‫‪........................................................................‬‬ ‫عيون اجلنة‬
‫أمساء عيون اجلنة ‪........................................................................‬‬
‫طعام أهل اجلّنة والنار ‪......................................................................‬‬
‫‪......................................................................‬‬ ‫طعام أهل اجلنة‬
‫طعام أهل النار ‪.......................................................................‬‬
‫شراب أهل اجلنة و النار ‪....................................................................‬‬

‫‪108‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫شراب أهل اجلنة‪......................................................................... :‬‬


‫شرب أهل النار ‪.......................................................................‬‬
‫معجزات النيب ﷺ ‪...................................................................‬‬
‫‪......................................................................‬‬ ‫تعريف املعجزة‬
‫معجزات النيب ﷺ ‪................................................................‬‬
‫عذاب قوم نوح و لوط و عاد و مثود ‪.......................................................‬‬
‫عذاب قوم نوح ‪......................................................................‬‬
‫عذاب قوم عاد… ‪....................................................................‬‬
‫عذاب قوم لوط‪...................................................................... ...‬‬
‫عذاب قوم مثود‪....................................................................... ..‬‬
‫اجلو و أحوال أهل اجلنة ‪....................................................................‬‬
‫كيف يعيش اإلنسان يف اجلنة ‪.............................................................‬‬
‫اخلدمات ألهل اجلنة ‪.......................................................................‬‬
‫هل الولدان املخلدون هم أطفال املسلمني ماتو يف صغار ؟ ‪..................................‬‬
‫تسبيح املخلوقات يف القرآن ‪................................................................‬‬
‫فهم التسبيح‪....................................................................... .....‬‬
‫التسبيح يف القران وكيفيته ‪................................................................‬‬
‫مناذج من تسبيح املؤمنني يف آيات القرآن الكرمي ‪...........................................‬‬

‫‪109‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫القسم هلل يف القرآن الكرمي ‪.................................................................‬‬


‫قسم اهلل تعاىل يف القران الكرمي ‪...........................................................‬‬
‫أركان القسم‪...................................................................... .....‬‬
‫أنواع القسم‪...................................................................... ......‬‬
‫املقسم به يف القران الكرمي ‪...............................................................‬‬
‫املقسم عليه يف القران الكرمي عن‪......................................................... :‬‬
‫أنواع خملوقات اهلل يف السماء ‪...............................................................‬‬
‫خلق السماء‪....................................................................... .....‬‬
‫النجوم والكواكب ‪......................................................................‬‬
‫مس املصحف لغري طاهر ‪...................................................................‬‬
‫عدم جواز مّس املصحف حىّت حبائل ‪......................................................‬‬
‫جواز مّس املصحف حبائل ‪...............................................................‬‬
‫أحوال جيوز فيها للحائض مّس املصحف ‪..................................................‬‬
‫معىن صفة اهلل األول و آلخر و الظاهر و الباطن ومعية اهلل‪.....................................‬‬
‫معىن معية اهلل خللقه وأقسامها ‪.............................................................‬‬
‫كونه األول واآلخر والظاهر والباطن ‪......................................................‬‬
‫معىن االستواء ‪.............................................................................‬‬
‫من أدلة السنة ‪....................................................................... ...‬‬

‫‪110‬‬
‫المقاالت المتعلقة بموضوعات التفسير‬

‫قول السلف عنها ‪.......................................................................‬‬


‫صفات املنافقني ‪...........................................................................‬‬
‫تعريف النفاق‪...................................................................... .....‬‬
‫هل توجد الرهبانية يف اإلسالم؟ ‪.............................................................‬‬
‫حتقيق معىن الرهبانية ‪.....................................................................‬‬
‫حكم الرهبانية‪....................................................................... ...‬‬
‫وسع حوض النيب صّلى اهلل عليه وسّلم ‪..................................................‬‬
‫مسافة بني أبواب اجلنة ‪.................................................................‬‬
‫سعة جهنم ‪..............................................................................‬‬
‫ما حصل أهل جهّنم من الضيق معنوًّيا ‪...................................................‬‬
‫سعتها‪..................................................................... ...........‬‬
‫فهرس ‪..................................................................................‬‬

‫‪111‬‬

You might also like