You are on page 1of 13

‫الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا ‪ ، ‬وبعد‪:‬‬

‫ا‬ ‫ا‬
‫فإن لإلمام مالك ‪ ‬أصول وأدلة إجمالية بنى عليها األحكام الفقهية واستخرج منها‬
‫األحكام الشرعية الفرعية ‪ ،‬وهذه األدلة واألصول لم ينص عليها اإلمام بنفسه ولكن‬
‫استنبطها فقهاء املذهب من خالل تتبع واستقراء فتاوى اإلمام ‪ ، ‬واختلفوا في عدها‬
‫وفي ترتيبها اختالفا كبيرا ‪ ،‬وحتى ل نشتت أنفسنا – كمبتدئين – نكتفي بذكر األصول التي‬
‫ذكرها ابن أبي كف املحجوبي ‪ ‬في نظمه وهي ستة عشر أصال ‪ ،‬ونلتزم بنفس الترتيب‬
‫الذي اعتمده في نظمه ‪ ،‬وسيكون العمل هنا على عدها وتعريفها تعريفا إجماليا وذكر مثال‬
‫لتصور األصل فقط " نقال من شرح الولتي ‪ ‬أو من شرح الكوني – حفظه هللا – " ‪،‬‬
‫ومن أراد الستزادة والتوسع فمحلها كتب األصول املشهورة ‪.‬‬

‫اعلم ‪ -‬رحمك هللا ‪ -‬أن أصول مذهب اإلمام مالك ‪ ‬هي ‪:‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫سن ــة من لــه أتم الن ـة‬ ‫‪ -7‬نص الكتـاب ثم نص السن ـة(‪)1‬‬

‫‪ -1‬نص الكتاب و نص السنة الصحيحة ‪:‬‬


‫ا‬
‫قال الولتي ‪ " :‬والنص‪ :‬هو اللفظ الدال على معنى ل يحتمل غيره أصال (‪،)1‬‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬ويكون معناه شيئا واضحا واحدا ول احتمال أن يدل هذا‬
‫الكالم من هللا على عدة معاني‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)129‬‬

‫‪1‬‬
‫َّ‬ ‫ا َ َ ُ َ َ َ‬
‫مثاله من الكتاب ‪ :‬قوله تعالى في صيام املتمتع الذي لم يجد هديا ‪ ‬ف ِصيام ثَٰلث ِة أياٖم ِِف‬
‫ْ َ َ َ َ‪ٞ‬‬ ‫ْ َ ََ َْ َ َ َ ُْْ ْ َ َ َ َ‪َٞ َ ٞ‬‬
‫ِ۬الح ِج وسبع ٍة إِذا رجعتم تِلك عَشة كا ِملة ۖ‪ (  ٞ‬البقرة ‪ )195 :‬فقوله‪  :‬تِلك عَشة‬
‫َ َ‪ٞ‬‬
‫كا ِملة ۖ‪  ٞ‬نص ل يحتمل غير هذا العدد " ‪.‬‬

‫مثاله في السنة الصحيحة ‪ :‬قوله ‪ (( :‬إن هللا حرم عليكم وأد البنات ))(‪ )1‬قال الولتي‬
‫‪ " :‬فهذا نص في تحريم دفن البنات الذي كان يفعله أهل الجاهلية" (‪. )2‬‬

‫قال ابن أبي كف‪: ‬‬

‫سنـة (‪)2‬من بالفضل كلـه قمـن‬ ‫‪ -8‬وظاهر الكتـاب والظاهـر مـن‬

‫‪ -2‬ظاهرالكتاب والسنة الصحيحة ‪:‬‬

‫قال الكوني‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬أي املعنى الظاهر من الكتاب والسنة ‪ ،‬واملعنى الظاهر عند‬
‫األصوليين أن كالم هللا ‪ ‬وكالم رسوله ‪ ‬في املسائل ‪ ،‬يدل دللة ظاهرة املعنى مع احتمال‬
‫م‬
‫وجود معنى آخر ‪ ،‬فيقال املعنى الظاهر هو الراجح واملعنى اآلخر الحتمل هو املعنى املرجوح‬
‫‪ ،‬فإن حصل هذا في كتاب هللا أو كالم رسوله ‪ ‬فإنه يقدم الراجح – وهو الظاهر ‪ ، -‬إل‬
‫إذا وجد دليال يرجح املرجوح " وهو املعنى اآلخر غير الظاهر " على الراجح ‪ -‬وهو الظاهر –‬
‫‪ ،‬ولكن األصل أن الراجح غالبا ل يوجد ما يصرفه إلى املرجوح "‬
‫َ‬
‫ِني ِم ْسكِ ينا ۖ‪(  ٞ‬املجادلة ‪ ،)4 :‬فإن ظاهر‬ ‫مثاله من الكتاب ‪ :‬قوله تعالى ‪  :‬فإ ْط َع ُ‬
‫ام سِ ت َ‬
‫ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫املعنى ‪ ،‬أن من عليه كفارة ‪ ،‬و لم يستطع الصوم يجب عليه إطعام ستين شخصا مسكينا‬
‫‪ ،‬فكل مسكين يعطيه مم ٌّد ‪ ،‬ول يجزي إعطاؤها ملسكين واحد‪ ،‬هذا هو املعنى الظاهر الراجح‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬رواه مسلم (‪)1715‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)130‬‬

‫‪2‬‬
‫ا‬
‫ويحتمل أن املراد باملسكين املد ألنه من أسمائه‪ ،‬ويكون املعنى‪ :‬فإطعام طعام ستين مدا‪،‬‬
‫ا‬
‫وعليه فيجزئ إعطاء جميع الكفارة ملسكين واحد ستين يوما في كل يوم مد ‪ ،‬وهذا هو املعنى‬
‫(‪)1‬‬
‫الحتمل املرجوح ‪ ،‬فيقدم الراجح على املرجوح ‪.‬‬

‫مثاله من السنة ‪ :‬في قوله ‪ ‬الثابت في سنن أبي داود (( من لم يبيت الصيام من الليل فل‬
‫صيام له )) (‪ ،)2‬فإنه ظاهر في أن تبييت النية واجب في كل صيام‪ ،‬ألن املعرف بـ"ال" والنكرة‬
‫ا‬
‫في سياق النفي للعموم ظاهرا ‪،‬هذا هو املعنى الظاهر الراجح‬

‫ويحتمل أن املراد بالصيام صيام النذر والقضاء‪ ،‬فيكون املراد به بعض أفراده‪ ،‬وأن غيرهما‬
‫م‬
‫من الصوم يصح بدون تبييت النية وهذا هو املعنى الحتمل املرجوح ‪ ،‬فيقدم الراجح على‬
‫(‪) 3‬‬
‫املرجوح‬

‫قال ابن أبي كف ‪: ‬‬

‫ثم دلي ــل سن ــة الواه(‪)3‬‬ ‫‪ -9‬ثم الدليل من كتـاب الل ــه‬

‫‪ -3‬دليل الخطاب من الكتاب والسنة الصحيحة ( مفهوم املخالفة ) ‪:‬‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬يعبر علماء األصول عن دليل الخالفة بالدليل ‪" .‬‬

‫وتعريف مفهوم املخالفة هو ‪ " :‬أن يكون املسكوت عنه مخالفا لحكم املنطوق‪ ،‬مثاله ‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قوله ‪ (( : ‬في الغنم السائمة الزكاة ))‬

‫فالنطوق ‪ :‬السائمة ‪ ،‬والسكوت عنه ‪ :‬املعلوفة‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪ )131‬بتصرف يسير‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬رواه أبو داوود ( ‪ )2454‬والنسائي ( ‪ )2334‬وصححه األلباني في صحيح وضعيف سنن النسائي‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪ )132‬بتصرف يسير‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري (‪)1454‬‬

‫‪3‬‬
‫(‪)1‬‬
‫والتقييد بالسوم ‪ -‬أي تقييد الزكاة بالسائمة ‪ ، -‬يفهم منه عدم الزكاة في املعلوفة"‬

‫وهذا األصل يجري في الشرط والغاية والحصر والعدد والعلة والوصف والظرف (‪.)2‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫تنبيـه قرءان وسنـة الرســول(‪)4‬‬ ‫‪ -10‬ومن أصولــه التي بهـا يقـول‬

‫‪ -4‬تنبيه الخطاب من القرآن والسنة الصحيحة ( مفهوم الوافقة) ‪:‬‬

‫قال الولتي ‪ " : ‬تنبيه الخطاب من القرآن وتنبيه الخطاب من سنة الرسول ‪ ‬ويسمى‬
‫(‪)3‬‬
‫أيضا بفحوى الخطاب‪ ،‬وهو مفهوم املوافقة "‬
‫ا‬
‫ثم قال ‪ " :‬تعريف مفهوم الوافقة ‪ :‬سمي مفهوم املوافقة لكون املعنى املسكوت عنه موافقا‬
‫للمعنى املنطوق به في الحكم"(‪ ، )4‬و موافقة املعنى املسكوت عنه للمعنى املنطوق به إما أن‬
‫تكون بالتساوي ‪ ،‬أو يكون املعنى املسكوت عنه أولى من املعنى املنطوق به ‪.‬‬
‫َّ ِ َ َ ْ ُ ُ َ‬
‫قال الولتي ‪ " : ‬فمثال مفهوم الساوي ‪ :‬من القرآن قوله تعالى ‪  :‬إِن َ۬اذلين يأكلون‬
‫َ ْ َ َٰ َ ْ َ َ َٰ َ ُ ْ‬
‫أمول َ۬اْلت َٰ‬
‫َم ظلما ‪ ( ‬النساء ‪، ) 10 :‬وتدل باملفهوم املوافق على مساواة إحراقه ألكله‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ظلما في التحريم ألن العلة في التحريم أكله ظلما اإلتالف‪ ،‬وتلك العلة موجودة بتمامها في‬
‫(‪)5‬‬
‫إحراقه"‬
‫َّ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ثم قال ‪ " :‬ومثال مفهوم الولى ‪ :‬من القرآن قوله تعالى‪ :‬فَل َتقل ل ُه َما ُأف‪( ‬اإلسراء‪)23:‬‬
‫فإن اآلية تدل باملنطوق على تحريم التأفيف على الوالدين‪ ،‬وتدل باملفهوم املوافق على أن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد األمين الشنقيطي( ‪)284‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)136‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)136‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق (‪)144‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)145‬‬

‫‪4‬‬
‫ضربه لهما أولى بالتحريم من التأفيف‪ ،‬ألن العلة في تحريم التأفيف عليهما هي اإليذاء‪ ،‬وتلك‬
‫العلة أتم في الضرب منها في التأفيف" (‪.)1‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫وسنة الهادي إلى نهـج الصـواب(‪)5‬‬ ‫‪ -11‬وحجة لديـه مفهوم الكتــاب‬

‫‪ -5‬مفهوم الكتاب والسنة الصحيحة ( داللة االقتضاء ) ‪:‬‬

‫قال الولتي‪ " ‬يعني أن مفهوم الكتاب والسنة ‪ ،‬سنة النبي ‪ ‬الهادي إلى طريق الصواب‬
‫حجة شرعية عند مالك‪ ،‬يعني أنه من أدلة مالك التي يستدل بها وهو الخامس من األدلة‬
‫املعدودة في النظم؛ واملراد باملفهوم عنده دللة القتضاء‪.‬‬

‫واالقتضاء على قسمين تصريحي وتلويحي‪:‬‬

‫فالتصريحي‪ :‬هو أن يدل اللفظ دللة التزام على معنى ل يستقل املعنى األصلي بدونه‬
‫(‪)2‬‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫لتوقف صدقه أو صحته عليه عادة أو عقال أو شرعا‪ ،‬مع أن اللفظ ل يقتضيه‪" .‬‬

‫قال العالمة محمد األمين الشنقيطي ‪": ‬مثال الفهوم التوقف صحة الكلم عليه‬
‫َ ْ َ َ َٰ َ َ َ َّ ‪َّ َ ْ ِ ٞ‬امٍ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ان ِمنكم َّم ِريضا أو لَع سفر فعِدة من أي ُأخر )) ( البقرة ‪:‬‬
‫َ‬ ‫عادة ‪ :‬قوله تعالى ((ف َمن ك‬
‫َ َ (‪)3‬‬ ‫َ َّ ‪َ ْ ٞ‬‬ ‫َ ْ َ َ َٰ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ان ِمنكم َّم ِريضا أو لَع سفر))أي ‪ :‬فأفطر ((فعِدة من أي ُأخر))‬
‫امٍ‬‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ،)183‬أي ((ف َمن ك‬

‫فمفهوم الكالم املتوقف صحة الكالم عليه‪ ،‬أن من كان مريضا أو سافر ثم أفطر فيقض ي‬
‫بعد زوال املانع ‪ ،‬فحذفت أفطر ولكن تتوقف صحة الكالم على وجودها تقديرا‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)145‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪) 149-148‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد األمين الشنقيطي (‪)282‬‬

‫‪5‬‬
‫قال الولتي ‪ " ‬ومثال الفهوم التوقف صدق الكلم عليه عقل ‪ :‬من السنة قوله ‪: ‬‬
‫(( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) (‪،)1‬فإن منطوق الحديث أن الخطأ‬
‫ا‬
‫والنسيان واإلكراه مرفوعة عن هذه األمة‪ ،‬وصدق هذا الكالم متوقف عقال على املؤاخذة ‪-‬‬
‫أي أن املرفوع عن األمة املؤاخذة عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ول يقصد منه‬
‫عدم وقوعه في الواقع ‪ ، -‬أي رفع عن أمتي املؤاخذة بالخطأ الخ؛ ألن نفس الخطأ والنسيان‬
‫واإلكراه غير مرفوع عن هذه األمة ملشاهدة وقوع هذه الثالثة منهم حسا " (‪. )2‬‬

‫ثم قال‪ ":‬وأما االقتضاء التلويحي ( ويعرف بداللة اإلشارة )(‪ : )3‬فهو أن يدل اللفظ دللة‬
‫التزام على معنى يلزم من املعنى األصلي لكن ل يتوقف عليه صدقه ول صحته ل عقال ول‬
‫َّ َ ُ َ َ َ‬
‫شرعا ول عادة‪ ،‬ول يتوجه إليه القصد عادة مثاله من الكتاب قوله تعالى ‪ُ ‬أحِل لك ْم ْلْلة‬
‫َ ِ َّ َ ُ َ َٰ ٓ ُ‬
‫َل ن َِسا ِئك ْ ۖ‪ٞ‬م ‪ ( ‬البقرة ‪ ،)186 :‬فمنطوق اآلية جواز الجماع في كل جزء من‬‫َ۬الصيام ِ۬الرفث إِ‬
‫ِ‬
‫الليل حتى الجزء األخير منه املالقي للصباح‪ ،‬وذلك يلزم منه جواز اإلصباح بالجنابة في‬
‫رمضان" (‪.)4‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫تنبيه سنة الذي جـاها عظــم(‪)6‬‬ ‫‪ -12‬ثمت تنبيــه كتـاب اللــه ثم‬

‫‪ -6‬تنبيه الكتاب والسنة الصحيحة ( داللة اإليماء ) ‪:‬‬

‫قال الولتي ‪ " :‬وهي‪ :‬أن يقرن الوصف بحكم‪ ،‬لو لم يكن اقتران الوصف بذلك الحكم ‪،‬‬
‫لبيان كونه علة له ‪ ،‬لعابه الفطن بمقاصد الكالم‪ ،‬ألنه ل يليق بالفصاحة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أخرجه ابن ماجه ( ‪ )2043‬وصححه األلباني في "صحيح الجامع " (‪)1731‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)150‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد األمين الشنقيطي (‪)282‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)151‬‬

‫‪6‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ َ ُ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫ارقة فاقطعوا أيدِيهما‪ ( ‬الائدة ‪ )40 :‬فإن‬ ‫ارق والس ِ‬
‫مثاله من الكتاب قوله تعالى ‪ :‬والس ِ‬
‫اقتران األمر بقطع يد السارق مع وصفه بالسرقة يدل باللزوم على أن السرقة هي علة‬
‫(‪)1‬‬ ‫ا‬
‫القطع شرعا‪ ،‬إذ لو لم تكن علة له لكان الكالم غير بليغ"‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫مدينة الرسول(‪ )9‬أسـخى من بـذل‬ ‫‪ -13‬ثمت إجمـاع (‪ )7‬وقيـس(‪ )8‬وعمــل‬

‫‪ -7‬اإلجماع ‪:‬‬

‫قال الولتي ‪ " : ‬وهو لغة‪ :‬العزم‪ ،‬واصطلحا‪ :‬اتفاق العلماء الجتهدين من هذه الألمة‬
‫بعد وفاة النبي ‪ ‬في أي عصر سواء كان في عصر الصحابة أم ل‪ ،‬وسواء كان املتفق عليه‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫حكما شرعيا كحلية النكاح‪ ،‬أو لغويا ككون الفاء للتعقيب أو عقليا كحدوث العالم‪ ،‬أو‬
‫(‪)2‬‬ ‫ا‬
‫دنيويا كتدبير الجيوش‪" .‬‬

‫ثم قال ‪ " :‬ول ينعقد مع مخالفة إمام معتبر كابن عباس من الصحابة‪ ،‬والزهري من‬
‫(‪)3‬‬
‫التابعين‪ ،‬وكاألوزاعي من تابع التابعين‪" .‬‬

‫ثم قال ‪ " :‬وهو على قسمين‪ :‬نطقي وسكوتي‪:‬‬

‫فالنطقي ‪ :‬هو أن يكون اجتماع الجتهدين على الحكم بالنطق به من كل واحد منهم‪.‬‬

‫والسكوتي ‪ :‬هو أن ينطق به بعضهم ويسكت الباقون‪ ،‬وهو حجة ظنية " (‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)153‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)154 -153‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)155‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)157 -156‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -8‬القياس ‪:‬‬

‫قال العالمة محمد األمين الشنقيطي‪ " : ‬لغة ‪ :‬التقدير ‪ ،‬قست الثوب بالذراع إذا‬
‫قدرته به‪ ، )1("...........‬ثم قال ‪ " :‬وهو في الشرع ‪ :‬حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫واملراد بالحمل اإللحاق "‬

‫قال الكوني‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬فالخمر أصل ‪ ،‬وهذه الخمر في عهده ‪ ‬على ما عرف في كالم‬
‫العرب هو ما يغطي العقل من عصير العنب أو من عصير التمر إذا عمل على طريقة يسكر‬
‫املاء الذي وضع فيه ‪ ،‬هذا هو األصل ويكون فيه علة اإلسكار ‪ ،‬ولو وجد شيئا آخر حتى ولو‬
‫أكل أو شرب أو كان حبوبا إذا أكل أو شرب فيكون إذن أسكر كما الخمر يسكر فهذا الفرع‬
‫يأخذ حكم األصل وهو الخمر املائي"‬

‫ومثال أركان القياس على الخمر‪:‬‬

‫الصل الذي يقاس عليه ‪ :‬الخمر‬

‫حكم الصل ‪ :‬التحريم‬

‫الفرع الذي يبنى على الصل ‪ :‬الحبوب الخدرة‬

‫العلة الشتركة ‪ :‬اإلسكار وذهاب العقل‬

‫‪ -9‬عمل أهل الدينة ‪:‬‬

‫قال الولتي‪" :‬يعني أن عمل مدينة النبي ‪ ‬الذين أجمعوا عليه من أهل مذهب مالك‪،‬‬

‫واملراد بهم الصحابة والتابعون ‪،‬لكن بشرط أن يكون فيما ل مجال للرأي فيه من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر للشيخ محمد األمين الشنقيطي (‪)289‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)289‬‬

‫‪8‬‬
‫األحكام الشرعية وقيل إن عملهم حجة مطلقا أي ولو في الحكم الجتهادي‪.‬‬

‫وحجة القولين قوله ‪ (( : ‬الدينة كالكير تنفي خبثها ))(‪) 1‬والخطأ خبث فوجب نفيه عنهم‪،‬‬
‫وألنهم أعرف بالوحي لسكناهم بمحله‪ ،‬وهو مقدم عند مالك على الخبر اآلحادي"(‪. )2‬‬
‫ا‬
‫قال الكوني‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬ول يكون إل فيما نقلوه ‪ -‬أي عمل أهل الدينة ‪ -‬تواترا ‪ ،‬فينقله‬
‫جماعة من التابعين عن جماعة من الصحابة وهكذا هو عمل أهل املدينة "‬

‫قال الولتي ‪ " : ‬مثاله عند مالك احتجاجه على نفي خيار الجلس في البيع بأنه وجد‬
‫عمل أهل املدينة على نفيه‪ ،‬وقدمه على الحديث الصحيح وهو قوله ‪" :‬البائعان بالخيار‬
‫ما لم يتفرقا "(‪. )3‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫وهو اقتفـاء ما لـه رجحــان‬ ‫‪ -14‬وقول صحبـه(‪ )10‬واالستحســان(‪)11‬‬

‫قول الصحابي ‪:‬‬ ‫‪-10‬‬

‫قال الكوني‪ -‬حفظه هللا ‪" : -‬إذا لم يوجد في املسألة نص من الكتاب أو السنة ووجد قول‬
‫لصحابي ولم يخالفه غيره وسلموا به ‪ ،‬فمثل هذا من أدلته – أي أدلة مالك‪ -‬اإلجمالية ‪،‬‬
‫فيقدمه على الحديث الضعيف وأحرى إذا لم يكن هناك حديث البتة "‬

‫االستحسان ‪:‬‬ ‫‪-11‬‬


‫يعرف بأنه طلب الحسن والجودة في الش يء ‪َّ ،‬‬
‫ويعرف بأنه‬ ‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪َّ " : -‬‬
‫مخالفة الدليل العام لتخصيص العرف له ‪ ،‬ومثاله‪ :‬الحمام ‪ ،‬كان عند العرب حمامات‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري (‪)1883‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪) 163‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)164 -163‬‬

‫‪9‬‬
‫لالغتسال وأخذ الهندام فيدخل كل أح إلى الحمام فيغتسل ويستحم ويعطي مبلغا معينا‬
‫لغتساله واستحمامه ‪ ،‬ويأتي غيره ويعطي نفس املبلغ مع أنهما يختلفان في ضخامة الجسم‬
‫أو إكثار صب املاء أو تقليل صب املاء ‪ ،‬ومع ذلك يعطونه أجرة واحدة فيمثلون هذا‬
‫بالستحسان ‪ ،‬فيستحسن أن تكون األجور واحدة مع اختالف العمل الذي يعملونه في‬
‫الحمام "‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫فمالـك لـه على ذه اعتمــاد‬ ‫‪ -17‬وسـد أبواب ذرائـع الفســاد(‪)12‬‬

‫سد الذرائع ‪:‬‬ ‫‪-12‬‬

‫قال الكوني‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬أما هذا األصل فقد اشتهر به مالك من بين سائر األئمة وإن‬
‫كان سائر األئمة يعملون بمقتضاه ‪ ،‬فالوسيلة – للش يء – قد تكون جائزة في حد ذاتها‬
‫شرعا مباحة ‪ ،‬إل أنها إذا استعملت للوصول إلى مقصد حرام فتكون هذه الوسيلة حراما‬
‫تبعا لحرمة الغاية "‬

‫ومثاله ‪ :‬سب األصنام عند عابديه الذين يسبون هللا عند سبه ‪ ،‬فسب األصنام جائز ولكن‬
‫ملا أوصلت هذه الوسيلة إلى أمر محرم وهو أن يسب املشركون هللا‪ ،‬فحرمة الوسيلة وهي‬
‫سب األصنام سدا للذريعة ‪.‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫ورأيــه في ذاك ال يع ــاب‬ ‫‪ -18‬وحجـة لديـه االستصحــاب(‪)13‬‬

‫‪10‬‬
‫االستصحاب ‪:‬‬ ‫‪-13‬‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬هو طلب الصحبة ‪ ،‬وهو املراد به في هذا األصل املالكي أن‬
‫يستصحب حكم الش يء ما يقتضيه حالة الش يء سابقا "‬

‫قال الولتي ‪ " :‬وهو على قسمين‪ -1 :‬استصحاب العدم األصلي ‪ -2 ،‬واستصحاب ثبوت‬
‫ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه حتى يثبت نفيه‪.‬‬

‫فالول هو السمى بالبراءة الصلية‪ :‬وهو انتفاء األحكام الشرعية في حقنا حتى يدل دليل‬
‫على ثبوتها‪ ،‬ول يكون حجة شرعية إل بعد البحث عن دليل من كتاب أو سنة يدل على‬
‫خالف العدم األصلي‪ ،‬فإن لم يوجد مح ِكم ببراءة الذمة من التكليف وهذه إباحة عقلية‪،‬‬
‫َّ ُ َ َ َ َّ َٰ َ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ّت ببْ َعث َرس ۖ‪ٞ‬‬
‫ول)) ( اإلسراء‪.)1( " )15:‬‬ ‫واألصل فيه قوله تعالى (( َو َما كنا مع ِذبِني ح‬

‫ثم قال ‪ " :‬والنوع الثاني من االستصحاب هو معنى قول الفقهاء‪ :‬الصل بقاء ما كان على‬
‫ما كان‪ :‬ومعناه أن الش يء الذي دل الشرع على ثبوته لوجود سببه يجب الحكم باستصحابه‬
‫(‪)2‬‬
‫حتى يدل دليل على نفيه"‬

‫ومثاله ‪ :‬كمن أصابه ش يء وشك في نجاسته فال ش يء عليه ‪ ،‬ألن األصل في األشياء الطهارة‪.‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫بعض فروع الفقـه تنبني عليــه‬ ‫‪ -19‬وخبر الواحد(‪ )14‬حجـة لدي ــه‬

‫خبرالواحد ‪:‬‬ ‫‪-14‬‬

‫قال الولتي ‪ " :‬يعني أن الخبر أي الحديث والفعل والتقرير الذي رواه واحد عدل فطن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)176‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ( ‪)179 - 178‬‬

‫‪11‬‬
‫مأمون ثقة أو من في حكمه عن رسول هللا ‪ ‬حجة شرعية عند مالك بنى عليه بعض فروع‬
‫(‪)1‬‬
‫الفقه في مذهبه "‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬ويعمل اإلمام مالك بخبر الواحد في العبادات واملعامالت‬
‫والعقائد "‬
‫(‪)2‬‬
‫ومثاله‪ :‬العمل بحديث عمر بن الخطاب ‪ ‬عن النبي ‪ (( : ‬إنما العمال بالنيات ))‬
‫وهو خبر واحد ‪.‬‬

‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫لـه احتجاج حفظتـه النقل ـة‬ ‫‪ -20‬وبالصالـح عنيـت الرسل ـة (‪)15‬‬

‫الصالح الرسلة ‪:‬‬ ‫‪-15‬‬

‫قال الولتي ‪ " :‬الصالح الرسلة‪ :‬أي املطلقة من العتبار واإللغاء‪ ،‬أي التي لم يرد عن‬
‫الشارع أمر بجلبها ول نهي عنها بل سكت عنها "(‪. )3‬‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬يعني أن توجد مسألة ل يوجد عند الشارع فيها دليل على‬
‫الجواز أو بالتشريع أو على حكم فيها باملنع لكن لو نظر في هذه املسألة أو عمل بمقتضاها‬
‫م‬
‫لتحصلت بالعمل بها مصلحة في الشرع فعندئذ يعمل بهذه املسألة وتق َّرر "‬

‫ومثاله ‪ :‬جمع عثمان ‪ ‬املسلمين على مصحف واحد وحرق باقي املصاحف وذلك لحفظه‬
‫و خوفا على ضياعه‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)180 – 179‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬رواه البخاري ( ‪ )1‬ومسلم ( ‪)1907‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪)184‬‬

‫‪12‬‬
‫قال ابن أبي كف ‪:‬‬

‫بـه وعنـه كان طورا يعــدل‬ ‫‪ -21‬ورعي خلف (‪ )16‬كان طورا يعمــل‬

‫مراعاة الخلف ‪:‬‬ ‫‪-16‬‬

‫قال الكوني ‪ -‬حفظه هللا ‪ " : -‬هو مراعاة خالف عالم آخر في مسألة اجتهادية ‪ ،‬فيقول‬
‫بمقتض ى قول ذلك العالم في املسألة ويخالف مقتض ى أصله هو ‪ ،‬فيعمل بمقتض ى قول‬
‫الخالف "‬

‫قال الولتي ‪ " :‬مثاله‪ :‬إعمال مالك دليل خصمه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار في لزم‬
‫مدلوله الذي هو ثبوت اإلرث بين الزوجين املتزوجين بالشغار إذا مات أحدهما‪ ،‬وهذا‬
‫املدلول هو عدم الفسخ‪ ،‬وأعمل مالك في نقيضه وهو الفسخ دليال آخر‪ ،‬فمذهبه وجوب‬
‫(‪)1‬‬
‫فسخ نكاح الشغار وثبوت اإلرث بين املتزوجين به إذا مات أحدهما"‬

‫جمع وترتيب ‪ :‬أبو أحمد عبد الحفيظ جويلي الجبري‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إيصال السالك لمحمد يحي الوالتي ( ‪) 189‬‬

‫‪13‬‬

You might also like